أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار، ت: علي عمر

ج / 2 ص -144-        باب: أهل الحرم
ما ذكر من أهل مكة أنهم أهل الله عز وجل:
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي حدثنا عبد الجبار بن الورد المكي قال: سمعت ابن أبي مليكة يقول: إن النبي -صلى الله عليه وسلم، قال: لقد رأيت أسيدًا في الجنة، وأنى يدخل أسيد الجنة، فعرض له عتاب بن أسيد فقال: هذا الذي رأيت أدعوه لي فدعا، فاستعمله يومئذ على مكة ثم قال لعتاب: أتدري على من استعملتك؟ استعملتك على أهل الله فاستوص بهم خيرًا، يقولها ثلاثًا.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي عن الزنجي، عن ابن جريج عن عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة، أنه كان يقول: كان أهل مكة فيما مضى يلقون فيقال لهم: يا أهل الله، وهذا من أهل الله.
حدثنا أبو الوليد، حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن سلمة، عن حميد عن الحسن بن مسلم المكي، قال: استعمل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه، نافع بن عبد الحارث الخزاعي على مكة، قال: فلما قدم عمر استقبله، فقال عمر: من استخلفت على أهل مكة؟ فقال: ابن أبزى قال: استعملت على أهل الله رجلًا من الموالي، فغضب عمر حتى قام في الغرز، قال فقال: إني وجدته أقرأهم لكتاب الله، وأعلمهم بدين الله، قال: فتواضع عمر بن الخطاب، حتى لصق بالرحل ثم قال لئن قلت ذلك: لقد سمعت رسول الله

 

ج / 2 ص -145-        صلى الله عليه وسلم، يقول: "إن الله تعالى يرفع بهذا الدين أقوامًا، ويضع به آخرين".
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي، حدثنا داود بن عبد الرحمن قال: سمعت معمرًا يحدث عن الزهري، عن نافع بن عبد الحارث أنه يلقى عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، فقال: مر خلفت على أهل مكة؟ قال: ابن أبزى، قال عمر: مولى؟ قال: نعم إنه قارئ لكتاب الله، فقال عمر -رضي الله عنه: إن الله يرفع بهذا القرآن أقوامًا ويضع به آخرين.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي، عن إبراهيم بن سعيد الزهري عن ابن شهاب، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة أن نافع بن عبد الحارث، لقي عمر بن الخطاب بعسفان، وكان عمر استعمله على مكة، فقال له عمر: من استخلفت على أهل الوادي؟ قال: استخلفت عليهم ابن أبزى، قال: ومن ابن أبزى؟ قال: رجل من موالينا، فقال عمر -رضي الله عنه: استخلفت عليهم مولى، فقال: إنه قارئ لكتاب الله، عالم بالفرايض، قاض، قال عمر: أما إن نبيكم -صلى الله عليه وسلم، قد قال: إن الله سبحانه يرفع بهذا القرآن أقوامًا، ويضع به آخرين، قال أبو محمد الخزاعي حدثنا أبو مروان العثماني، حدثنا إبراهيم بن سعد الزهري بإسناده مثله.
حدثنا أبو الوليد، حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا هشام بن سليم، عن ابن جريج عن عبد الله بن عبيد الله أنه كان يقول: كان أهل مكة فيما مضى يلقون، فيقال لهم: يا أهل الله، وهذا من أهل الله.
حدثنا أبو الوليد حدثني جدي، عن سعيد بن سالم عن عثمان بن ساج، عن ابن جريج مثله.
حدثنا أبو الوليد، حدثنا ابن أبي عمر حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر عن الزهري عن القاسم بن محمد، عن أسماء ابنة عميس قالت: دخل رجل من المهاجرين على أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- وهو شاك، فقال: استخلفت علينا عمر وقد عتا علينا ولا سلطان له، فلو قد ملكنا كان أعتى

 

ج / 2 ص -146-        وأعتى، فكيف تقول لله سبحانه إذا لقيته؟ فقال أبو بكر: أجلسوني فأجلسوه، فقال: هل تفرقني إلا بالله عز وجل، فإني أقول إذا لقيته استخلفت عليهم خير أهلك: قال معمر: فقلت للزهري: وما قوله خير أهلك؟ قال: خير أهل مكة. حدثنا أبو الوليد، قال: حدثني جدي، حدثنا سعيد بن سالم عن ابن جريج، أخبرني معاذ بن أبي الحارث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حين استعمل عتاب بن أسيد على مكة قال: هل تدري على من استعملتك؟ استعملتك على أهل الله.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي حدثنا سعيد بن سالم عن عثمان بن ساج عن وهب بن منبه، أنه قال في حديث حدث به في الحرم، قال: ومن آمن أهله استوجب بذلك أماني، ومن أخافهم فقد أخفرني في ذمتي، ولكل ملك حيازة مما حواليه، وبطن مكة حوزتي التي احتزت لنفسي دون خلقي، أنا الله ذو بكة، أهلها خيرتي، وجيران بيتي، وعمارها وزوارها وفدي، وأضيافي، وفي كنفي، وأماني، ضامنون علي في ذمتي، وجواري.
تذكر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه مكة:
حدثنا أبو الوليد، قال: حدثني جدي حدثنا مسلم بن خالد، عن ابن أبي نجيح قال قالت عائشة: لولا الهجرة لسكنت مكة، إني لم أر السماء بمكان قط أقرب إلى الأرض منها بمكة، ولم يطمئن قلبي ببلد قط ما اطمأن بمكة، ولم أر القمر بمكان أحسن منه بمكة.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي، حدثنا داود بن عبد الرحمن، عن هشام بن عروة، عن أبيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم، قال:
"اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا

 

ج / 2 ص -147-        مكة وأشد، وصححها، وبارك لنا في صاعها ومدها، وانقل حماها فاجعلها بالجحفة" حين رأى شكوى أصحابه من وباء المدينة.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي حدثنا داود بن عبد الرحمن العطار، عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها قالت: لما قدم النبي -صلى الله عليه وسلم، المدينة وعك أبو بكر -رضي الله عنه، وبلال فكان أبو بكر -رضي الله عنه، إذا أخذته الحمى يقول:

كل امرئ مصبّح في أهله                     والموت أدنى من شراك نعله

وكان بلال إذا أقلع عنه يرفع عقيرته ويقول:

ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة                 بفخ وحولي إذخر وجليل

وهل أردن يومًا مياه مجنة                      وهل يبدون لي شامة وطفيل1

اللهم العن شيبة بن ربيعة، وعتبة بن ربيعة، وأمية بن خلف، كما أخرجونا من مكة.
وحدثني جدي قال: حدثنا داود بن عبد الرحمن قال: سمعت طلحة بن عمرو يقول: قال ابن أم مكتوم، وهو آخذ بخطام ناقة رسول الله -صلى الله عليه وسلم، وهو يطوف:

حبذا مكة من وادي                              بها أرضي وعوادي

بها ترسخ أوتادي                                 بها أمشي بلا هادي

قال داود: ولا أدري يطوف بالبيت، أو بين الصفا والمروة.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي، عن محمد بن إدريس عن محمد بن عمر الواقدي قال: حدثني معمر وابن أبي ذئب، عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن ابن عمر بن عدي بن أبي الحمراء

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 البيتان لدى ابن هشام في السيرة 2/ 589.

 

ج / 2 ص -148-        قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم، يقول وهو في الحزورة: "والله إنك لخير أرض الله إلى الله، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت".
حدثنا أبو الوليد، حدثنا مهدي بن أبي المهدي، حدثنا أبو أيوب البصري حدثنا أبو يونس، عن عبد الرحمن بن سابط قال: لما أراد النبي -صلى الله عليه وسلم- أن ينطلق إلى المدينة، واستلم الحجر، وقام وسط المسجد التفت إلى البيت فقال:
"إني لأعلم ما وضع الله عز وجل في الأرض بيتًا أحب إليه منك، وما في الأرض بلد أحب إلي منك، وما خرجت عنك رغبة، ولكن الذين كفروا هم أخرجوني، ثم نادى: يا بني عبد مناف لا يحل لعبد منع عبدًا صلى في هذا المسجد أية ساعة شاء من ليلة أو نهار".
حدثنا أبو الوليد، حدثنا هارون بن أبي بكر، حدثنا إسماعيل بن يعقوب بن عزيز الزهري قال: أخبرني إبراهيم بن محمد بن عبد العزيز، عن ابن شهاب قال: قدم أصيل الغفاري قبل أن يضرب الحجاب على أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم، فدخل على عائشة، رضي الله عنه، فقالت له: يا أصيل كيف عهدت مكة؟ قال: عهدتها قد أخصب جنابها، وابيضت بطحاؤها، قالت: أقم حتى يأتيك النبي -صلى الله عليه وسلم- فلم يلبث أن دخل النبي -صلى الله عليه وسلم، فقال له:
"يا أصيل كيف عهدت مكة؟" قال: والله عهدتها قد أخصب جنابها وابيضت بطحاؤها، وأغدق إذخرها، وأسلت ثمامها، وأمش سلمها، فقال: "حسبك يا أصيل لا تحزنا" يعني بقوله: أمش سلمها يعني نواميه الرخصة التي في أطراف أغصانه.
حدثنا أبو الوليد حدثني جدي، حدثنا سعيد بن سالم، عن عثمان بن ساج قال: أخبرني طلحة بن عمرو الحضرمي، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم، لما أخرج من مكة:
"أما والله إني لأخرج منك وإني لأعلم أنك أحب البلاد إلى الله، وأكرمها على الله، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت، يا بني عبد مناف إن كنتم ولاة هذا الأمر بعدي فلا تمنعن طائفًا، يطوف ببيت الله عز وجل أي ساعة شاء من ليل، أو

 

ج / 2 ص -149-        نهار، ولولا أن تطغى قريش لأخبرتها بما لها عند الله عز وجل، اللهم أذقت أولها وبالا، فأذق آخرها نوالا".
به عن عثمان بن ساج قال: أخبرني محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم، وقف عام الفتح على الحجون، ثم قال:
"والله إنك لخير أرض الله، وإنك لأحب أرض الله إلى الله، ولو لم أخرج منك ما خرجت، إنها لم تحل لأحد كان قبلي، ولا تحل لأحد كائن بعدي، وما أحلت لي إلا ساعة من نهار، ثم هي من ساعتي هذه حرام، لا يعضد شجرها، ولا يحتش خلاها، ولا تلتقط ضالتها إلا لمنشد"، فقال رجل يقال له أبو شاة: يا رسول الله إلا الإذخر، فإنه لقبورنا ولبيوتنا فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "إلا الإذخر".
قال أبو الوليد: حدثنا جدي، عن سفيان عن هشام بن عروة، عن أبيه عن عائشة قالت: لما قدم المهاجرون المدينة اشتكوا بها فعاد النبي -صلى الله عليه وسلم- أبا بكر فقال:
"كيف تجدك؟" فقال أبو بكر -رضي الله عنه:

كل امرئ مصبّح في أهله                     والموت أدنى من شراك نعله

ثم دخل على عامر بن فهيرة فقال: "كيف تجدك يا عامر؟" فقال:

إني وجدت الموت قبل ذوقه

إن الجبان حتفه من فوقه

كالثور يحمي جلده بروقه

ثم دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على بلال، فقال: "كيف تجدك يا بلال؟" فقال بلال:

ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة                  بفخ وحولي إذخر وجليل

وهل أردن يومًا مياه مجنة                       وهل يبدون لي شامة وطفيل

 

ج / 2 ص -150-        حد من هو حاضر المسجد الحرام:
حدثنا أبو الوليد، قال: حدثني جدي، قال: حدثنا مسلم بن خالد، عن ابن جريج قال قلت لعطاء: من له المتعة؟ فقال: قال الله عز وجل: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 196]، فأما القرى الحاضرة للمسجد الحرام التي لا يتمتع أهلها فالمطينة1 بمكة، المظلة عليها2 نخلتان، ومر الظهران وعرنة وضجنان3 والرجيع4، وأما القرى التي ليست بحاضرة المسجد الحرام التي يتمتع أهلها إن شاءوا فالسفر، والسفر ما يقصر إليه الصلاة، قال عطاء: وكان ابن عباس يقول: تقصر الصلاة إلى الطائف وعسفان وجدة والرهاط، وما كان من أشباه ذلك.
ما جاء في ذكر الدابة ومخرجها:
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني محمد بن يحيى، حدثنا عبد العزيز بن عمران عن إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، عن داود بن الحصين عن ابن عباس قال: الدابة التي يخرج الله سبحانه للناس تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون، هو الثعبان الذي كان في البيت، فأرسل الله عقابًا فاختطفه.
وبه حدثنا عبد العزيز بن عمران، عن إسماعيل بن شيبة، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: اختطف العقاب الثعبان فألقاه نحو المخسف العماليق

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 كذا في الأصل، ومثله في تصحيحات الطبعة الأوربية، وفي أ، ب: "فالمطنبة".
2 كذا في الأصل، وفي أ، ب: "المظلة عليه".
3 جبل بناحية تهامة.
4 ماء لهذيل.

 

ج / 2 ص -151-        بقية عاد، قال: مجاهد قال ابن عباس: ألقاه العقاب بأجياد فمن أجياد تخرج الدابة.
وبه حدثنا محمد بن يحيى عن عبد العزيز بن عمران عن الحصين بن عبد الله النوفلي قال: الدابة تشتو بمكة وتصيف ببسل1.
وبه حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا عبد العزيز بن عمران عن عبد الملك بن عبد العزيز، عن ليث، عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو، قال: تخرج الدابة من تحت الصفا فتستقبل المشرق، فتصرخ صرخة حتى تبلغ صرختها منقطع الأرض من المشرق، ثم تستقبل المغرب فتصرخ صرخة، حتى تبلغ صرختها منقطع الأرض من المغرب، ثم تستقبل اليمن، فتصرخ صرخة تبلغ صرختها منقطع الأرض من اليمن، ثم تستقبل الشام، فتصرخ صرخة تبلغ صرختها منقطع الأرض من الشام، ثم تغدو فتقيل بعسفان، قال قلنا: زدنا، قال: ليس عندي غير هذا.
وبه حدثنا محمد بن يحيى، عن عبد العزيز بن عمران، عن إبراهيم بن إسماعيل عن داود بن الحصين، عن عكرمة قال: الدابة لا تكلم الناس، ولكنها تكلمهم.
حدثنا أبو الوليد، حدثنا محمد بن يحيى عن عبد العزيز بن عمران، عن إبراهيم بن إسماعيل، عن داود بن الحصين، عن عكرمة عن ابن عباس قال: إنما جعل المسبق من أجل الدابة أنها تخرج قبل التروية بيوم أو يوم التروية، أو يوم عرفة أو يوم النحر. أو الغد من يوم النحر، وبه عن عبد العزيز بن عمران، عن محمد بن عبد العزيز، عن أبيه عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، قال: مر أبو داود البدري من بني مازن على رجل، وهو يغرس ودية فاستحيا من أبي داود، فقال أبو داود: يا ابن أخي إن سمعت

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 كذا في الأصل، أ، ب. وفي الأصل: "سبل". وبسل: واد من أودية الطائف.

 

ج / 2 ص -152-        بالدجال قد خرج، وأنت على ودية تغرسها، فلا تعجل عن إثباتها فإن للناس مدة بعد ذلك.
قال أبو داود: تخرج الدابة فتسم من شاء الله سبحانه، ثم يقيم الناس دهرًا فيلقى الرجل الرجل ينشد ضالته فيقول: سمعت رجلًا من المخلصين ينشدها بمكان كذا وكذا.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني محمد بن يحيى، عن عبد العزيز بن عمران عن إبراهيم بن إسماعيل، عن داود بن الحصين، عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم:
"خمس يبتدرون الساعة لا أدري أيهن قبل، وأيهن جاء لم ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرًا، الدابة، ويأجوج، ومأجوج، والدجال، وطلوع الشمس من مغربها، وعيسى بن مريم عليه السلام".
ما ذكر من المحصب وحدوده:
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس، قال: المحصب ليس بشيء إنما هو منزل نزله رسول الله -صلى الله عليه وسلم، وبه قال سفيان عن عمرو بن دينار، عن صالح بن كيسان، عن سليمان بن يسار، عن أبي رافع، وكان على ثقل النبي -صلى الله عليه وسلم، قال: لم يأمرني النبي -صلى الله عليه وسلم، أن أنزل الأبطح ولكن ضربت فيه قبته فجاء فنزل.
قال سفيان: ثم سمعته من صالح بن كيسان بعد ذلك فحدث بمثله، قال: أخبرنا سفيان أخبرنا عمرو بن دينار، اذهبوا إلى صالح بن كيسان فاسئلوه عن حديث يذكره في المحصب، وقدم معتمرًا فجئناه فحدثنا به، وكان عمرو قد حدثنا به عنه.

 

ج / 2 ص -153-        وبه حدثنا سفيان، عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر، أن عائشة وأسماء ابنتي أبي بكر الصديق -رضي الله عنهم لم تكونا تحصبان، حدثنا أبو الوليد حدثنا جدي حدثنا الزنجي، عن ابن جريج قال: قال عطاء: لا تحصب ليلتئذ إنما هو مناخ الركبان قال: وكان أهل الجاهلية يحصبون، قال ابن جريج: وكنت أسمع الناس يقولون لعطاء: إنما نزل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليلتئذ المحصب ينتظر عائشة فيقول: لا، ولكن إنما هو مناخ للركبان فيقول: من شاء حصب، ومن شاء لم يحصب.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي عن مسلم بن خالد، عن ابن جريج أخبرني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها قالت: إنما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- ينزل به؛ لأنه كان أسمح لخروجه حين يخرج فمن شاء نزله، ومن شاء تركه، وحد المحصب من الحجون مصعدًا في الشق الأيسر، وأنت ذاهب إلى منى إلى حائط خرمان مرتفعًا عن بطن الوادي، فذلك كله المحصب، وربما كان الناس يكثرون حتى يكونوا في بطن الوادي، قال أبو محمد الخزاعي: الحجون الجبل المشرف على مسجد الحرس بأعلى مكة على يمينك وأنت مصعد، وهو أيضًا مشرف على شعب الجزارين في أصله، دار ابن أبي ذر إلى موضع القبة بمسجد سلسبيل أم زبيدة بنت جعفر بن أبي جعفر.