شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام

ج / 1 ص -234-    الباب الثاني عشر:
ذكر ما ورد في ثواب الطواف عموما من غير تقييد بزمن:
أخبرني ابن أبي المجد الخطيب، عن الدشتي قال: أخبرنا ابن خليل الحافظ قال: أنبأنا الداراني قال: أنبأنا الحداد، قال: أنبأنا أبو نعيم الحافظ قال: أنبأنا ابن فارس قال: أنبأنا يونس بن حبيب قال: أخبرنا أبو داود الطيالسي قال: حدثنا همام، عن عطاء بن السائب، عن عبد الله بن عبيد بن عمير، عن أبيه، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من طاف بهذا البيت سبعا يحصيه كتب له بكل خطوة حسنة، ومحيت عنه سيئة، ورفعت له درجة، وكان له عدل رقبة" أخرجه الترمذي وحسنه1.
وأخرج النسائي بعضه، ولفظه:
"من طاف بالبيت سبعا فهو كعدل رقبة"2 وكذلك أخرجه ابن ماجه، إلا أنه قال: "من طاف بالبيت وصلى ركعتين"3 وفي بعض طرق الحديث: "خلف المقام". ومعنى يحصيه: أي يتحفظ فيه لئلا يغلط، قاله ابن وضاح وغيره.
وروينا في صحيح ابن حبان وغيره عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد الخيف، فأتاه رجل من الأنصار ورجل من ثقيف فسلما عليه، ودعوا له دعاء حسنا، ثم قالا: جئناك يا رسول الله نسألك... الحديث بطوله، وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للأنصاري:
"وأما طوافك بالبيت: فإنك لا تضع قدما ولا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أخرجه الترمذي "2/ 292 استلام الركنين، والبيهقي في الشعب "4041".
2 أخرجه النسائي "5/ 21".
3 أخرجه ابن ماجه "2956".

 

ج / 1 ص -235-    ترفعها إلا كتب الله تعالى لك بها حسنة، ومحا بها عنك خطيئة، ورفعك بها درجة، وأما ركعتيك1 بعد الطواف فكعتق رقبة. وأما طوافك بالبيت بعد ذلك يعني الحج: فإنك تطوف ولا ذنب عليك"2.
وأنبأني أبو بكر بن محمد بن عبد الرحمن المزي ابن أخي الحافظ أبي الحجاج المزي، أن أحمد بن أبي طالب الصالحي الحجار أخبره سماعا، وأخبرني المفتي أبو بكر بن الحسين الشافعي سماعا بطيبة، عن أحمد بن أبي طالب إذنا قال: أنبأنا أحمد بن يعقوب المارستاني قال: قال أنبأنا ابن النحاس، عن أبي القاسم بن التسري قال: أنبأنا ابن النحاس، عن أبي القاسم بن التسري قال: أنبأنا أبو طاهر قال: حدثنا يحيى هو ابن صاعد قال: حدثنا سفيان بن وكيع قال: حدثنا ابن يحيى بن يمان، عن شريك، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن سعيد بن جبير، عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"من طاف بالبيت خمسين مرة خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه" أخرجه الترمذي عن سفيان بن وكيع فوقع لنا موافقة له عليه، وقال: حسن غريب3... انتهى.
والمراد بالخمسين مرة: خمسون أسبوعا، لأنا روينا عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"من طاف بالبيت خمسين أسبوعا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه" وهذه الرواية في معجم الطبراني، وساقها عنه المحب الطبري بسنده، وعزا ذلك أيضا لمصنف عبد الرزاق وقال: قال أهل العلم: وليس المراد أن يأتي بها متوالية في آن واحد، وإنما المراد أن يوجد في صحيفة حسناته ولو في عمره كله4... انتهى.
وذكر المحب الطبري أن بعض أهل العلم ذكر أن لعدد الطواف سبع مراتب:
الأول: خمسون أسبوعا في اليوم والليلة، للحديث المتقدم.
الثاني: إحدى وعشرون، فقد قيل: سبعة أسابيع بعمرة، ورود ثلاث عمر بحجة.
الثالث: أربعة عشر، فقد ورد عمرتان بحجة، وهذا في غير عمرة رمضان، لأن العمرة فيه كحجة.
الرابع: اثنا عشر أسبوعا، خمسة بالنهار، وسبعة بالليل كما تقدم من فعل آدم عليه السلام، وفعل ابن عمر رضي الله عنهما.
الخامس: سبعة أسابيع.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 كذا في الأصل، والصحيح: "ركعتاك".
2 وأخرجه الأزرقي 2/ 5، والأصبهاني في الترغيب "1060، 1036"، وسنده قوي.
3 سنن الترمذي 3/ 219، ورسالة الحسن البصري.
4 القرى "ص: 324".

 

ج / 1 ص -236-    السادس: ثلاثة أسابيع.
السابع: أسبوع واحد، والله أعلم.
نقل هذا عن المحب الطبري: القاضي عز الدين بن جماعة في "منسكه"، وهذا لفظه بحروفه1.
والأحاديث الواردة في فضل الطواف أكثر من هذا، وإنما اقتصرنا على هذه الأحاديث الثلاثة، لأنها أجود إسنادا من غيرها، وفي "أخبار مكة " للأزرقي، وأخبارها للفاكهي، وفضائلها للجندي، ورسالة الحسن البصري، جمل كثيرة من فضائل الطواف، وقد ذكرنا بعض ذلك في أصل هذا الكتاب وفيما ذكرناه هنا كفاية.
ما جاء في فضل الطواف في الحر:
روينا في "أخبار مكة" للجندي عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من طاف حول البيت سبعا في يوم صائف شديد حره، وحسر على رأسه، وقارب بين خطاه، وقل التفاته، وغض بصره، وقل كلامه إلا بذكر الله تعالى، واستلم الحجر في كل طواف من غير أن يؤذي أحدا، كتب الله له بكل قدم يرفعها ويضعها سبعين ألف حسنة، ويعتق عنه سبعين رقبة، ثمن كل رقبة عشرة آلاف، ويعطيه الله سبعين ألف شفاعة إن شاء في أهل بيته من المسلمين، وإن شاء في العامة، وإن شاء عجلت له في الدنيا، وإن شاء أخرت له في الآخرة" هذا حديث ضعيف الإسناد جدًّا2.
ما جاء في الطواف في المطر:
أخبرني ابن الذهبي قال: أنبأني المطعم حضورا وإجازة، قال: أنبأنا ابن اللَّتِّي قال: أنبأنا أبو الوقت قال: أخبرتنا لُبنى قالت: أنبأنا ابن أبي شريح قال: حدثنا يحيى هو ابن صاعد قال حدثنا عبد الله بن عمر أن العايدي قال: حدثنا داود بن عجلان، عن أبي عقل قال: طفت مع أنس بن مالك رضي الله عنه في يوم مطير، فقال أنس رضي الله عنه: طفت مع النبي صلى الله عليه وسلم في يوم مطير، فقال: "ائتنفوا3 للعمل فقد كُفِيتُم ما مضى" أخرجه ابن ماجه، وأخرجه الأزرقي عن جده، وابن أبي عمر عن داود. فوقع لنا بدلا له عاليا بدرجتين، وهو حديث ضعيف الإسناد جدا، لمكان أبي عقال وهو هلال بن يزيد4.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 هداية المسالك 1/ 56، القرى "ص: 323".
2 أخرجه الأصبهاني في الترغيب "1041" وابن الجوزي في مثير الغرام الساكن بتحقيقنا "ص: 284"، وأخبار مكة للأزرقي 2/ 4.
3 في أخبار مكة للأزرقي 2/ 21، "استأنفوا".
4 سنن ابن ماجه 2/ 1041، وأخبار مكة للأزرقي 2/ 21.

 

ج / 1 ص -237-    ما جاء في الطواف إذا وقع بعد صلاة الصبح أو العصر وانقضى مع طلوع الشمس أو غروبها:
روينا في تاريخ الأزرقي بالسند المتقدم إليه قال: حدثني جدي، عن عبد الرحمن بن زيد العمي عن أبيه، عن أنس بن مالك وسعيد بن المسيب قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "طوافان لا يوافقهما عبد مسلم إلا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، فيغفر له ذنوبه كلها بالغة ما بلغت: طواف بعد صلاة الصبح وفراغه مع طلوع الشمس، وطواف بعد صلاة العصر وفراغه مع غروب الشمس"1.
قال المحب الطبري بعد إخراجه لهذا الحديث: ويحتمل أن يريد بالبعدية ما بعد الطلوع والغروب ولو بلحطة لتسع أسبوعا، ويحتمل أن يريد استيعاب الزمنين بالعبادة ولعله الأظهر، وإلا لقال طواف قبل الطلوع وقبل الغروب، وعلى هذا فيكون حجة، على من كرهه في الوقتين2... انتهى.
وقال المحب الطبري لما ترجم على هذا الحديث: "ما جاء في فضل الطواف عند طلوع الشمس وغروبها"، وهكذا ترجم عليه الأزرقي: "ما جاء في تفضيل الطواف على الصلاة".
قال الفاكهي: حدثنا محمد بن نصر المصري قال: حدثنا أيوب بن سويد الرملي قال: حدثنا محمد بن جابر، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: كان أحب الأعمال إلى النبي صلى الله عليه وسلم إذا قدم مكة الطواف بالبيت3... انتهى.
وروينا عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثا يدل على تفضيل الطواف على الصلاة ولكن الحديث لا تقوم به حجة لضعف إسناده، فإن فيه يوسف بن السفر وهو متروك4.
وقد تقدم هذا الحديث في الباب الحادي عشر، وهو حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إن لله عز وجل في كل يوم وليلة عشرين ومائة رحمة تنزل على أهل البيت، فستون للطائفين، وأربعون للمصلين، وعشرون للناظرين"5.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أخبار مكة للفاكهي 1/ 253، والأزرقي 2/ 22، والحديث إسناده ضعيف جدا، وفيه عبد الرحيم بن زيد العمي، وهو متروك الحديث، والقرى "ص: 33" والجامع الأزهر للمناوي 2/ 11 وعزاه للطبراني في الكبير.
2 القرى "ص: 330".
3 أخبار مكة للفاكهي 2/ 238، والحديث ذكره المحب الطبري في القرى "ص: 323" وعزاه لأبي ذر، وكذلك في هداية المسالك 1/ 55.
4 الجرح والتعديل 9/ 223.
5 أخبار مكة للأزرقي 2/ 8.

 

ج / 1 ص -238-    وقد استدل به على تفضيل الطواف على الصلاة: الماوردي، وسليمان بن خليل.
وقال المحب الطبري لما تكلم على هذا الحديث بعد أن ذكر كيفية قسمة الرحمات بين كل فريق: إذا تقرر ذلك، فالتفضيل في الرحمات بين المتعبدين بأنواع العبادات الثلاث أدل دليل على أفضلية الطواف على الصلاة، والصلاة على النظر إذا تساووا في الوصف، هذا هو المتبادر إلى الفهم عند سماع ذلك فيختص به1.
ومما ورد من الأحاديث المتقدمة في ذكر فضل الطواف عموم قوله صلى الله عليه وسلم:
"واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة"، "الصلاة خير موضوع". أو يقول: الطواف نوع من الصلاة بشهادة ما تقدم من الأحاديث في أركان الشروط، فيكون داخلا في عموم حديث تفضيل الضلاة على سائر أعمال البدن، ولا ينكر أن بعض الصلاة أفضل من بعض، وأورد على ذلك سؤالا وأجاب عنه، ثم قال: ووجه تفضيل هذا النوع من الصلاة وهو الطواف على غيره من الأنواع: ثبوت الأخصية له بمتعلق الثلاثة، وهو البيت الحرام ولا خفاء بذلك، ولذلك بدأ في الذكر هنا وفي قوله تعالى: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ} في الآيتين، ولما كانت الصلاة على تنويعها لم تشرع إلا عبادة، والنظر قد يكون عبادة إذا قصد التعبد به، وقد لا يكون، وذلك إذا لم يقترن به قصد التعبد به تأخر في المرتبة.
وقولنا: إذا تساووا في الوصف يحترز مما إذا اختلف وصف المتعبدين، فكان الطائف ساهيا غافلا، والمصلي والناظر خاشعا يعبد الله كأنه يراه، أو كأن الله يراه، كان المتصف بذلك أفضل من غير المتصف به، إذ ذلك الوصف لا يعد له عمل جارحة خاليا منه وهو المشار إليه -والله أعلم- في قوله تعالى:
{إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا} [الأعراف: 170]. وسئل صلى الله عليه وسلم عن الإحسان فقال: "أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك"، وكثير من العلماء يذهب في توجيه اختلاف القسم بين الطائفين، والمصلين، والناظرين: بأن الرحمات المائة والعشرين قسمت ستة أجزاء، فجعل جزء للناظرين، وجزآن للمصلين، لأن المصلي ناظر في الغالب، فجزء للنظر، وجزء للصلاة، والطائف لما اشتمل على المعاني الثلاثة، كان له ثلاثة أجزاء: جزء للنظر، وجزء الصلاة وجزء للطواف، وهذا القائل لا يثبت للطواف أفضلية على الصلاة وإنما يثبت بقوله: "كثرة الرحمات له"! بسبب اشتماله على الصلاة وما ذكرناه أولى، وفيما ذكره نظر، فإن الطائف الأعمى، وكذلك المصلي ينالهما ما يثبت للطائف والمصلي، وإن لم ينظرا، وكذا المتعمد ترك النظر فيها لا ينتقص قسمه بسبب ذلك، فدل ذلك على أن المراد صلاة غير ركعتي الطواف. فإن كثرة الطواف منسوبة إليه إما وجوبا أو ندبا، فهي منه. وأما النظر فيه: فإن لم يقترن بقصد التعبد فلا أثر له، وإن قصد به التعبد، فالظاهر أنه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 القرى "ص: 326".

 

ج / 1 ص -239-    ينال به أجر الناظر زائدا على أجر الطواف، والله أعلم... انتهى كلام المحب الطبري1 وهو كلام نفيس متجه شاف في هذه المسألة.
وفرق فيها بعض العلماء بين الغرباء وأهل مكة فقال: إن الطواف للغرباء أفضل، لعدم تأتيه لهم كل وقت، والصلاة لأهل مكة أفضل لتمكنهم من الأمرين، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة وغير واحد من العلماء والله أعلم.
ما جاء في تفضيل الطواف على العمرة:
روينا بالسند المتقدم إلى الأزرقي قال: حدثنا جدي، قال: حدثنا الزنجي، عن ابن جريج قال: أخبرني قدامة بن موسى بن قدامة بن مظعون قال: إن أنس بن مالك رضي الله عنه قدم المدينة، فركب إليه عمر بن عبد العزيز، فسأله عن الطواف للغرباء أفضل أم العمرة؟ فقال: بل الطواف2.
قال المحب الطبري بعد إخراجه لهذا الحديث ومراد أنس والله أعلم أن تكرار الطواف أفضل من العمرة، ولا يريد به طواف أسبوع واحد، فإنه موجود في العمرة. وقد ذهب قوم من أهل عصرنا إلى تفضيل العمرة عليه، ويرون الاشتغال بها أفضل من تكراره والاشتغال به، ويستفرغون وسعهم فيها بحيث لا يبقى في أحدهم من يستعين بها على الطواف، وذلك خطأ ظاهر، وأول دليل على خطئه: مخالفة السلف الصالح في ذلك قولا وفعلا، إذ لم ينقل تكرارها والإكثار منها عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين، واستدل على ذلك المحب الطبري ثم قال: وقد أفردنا الكلام في هذه المسألة تأليفا، وبسطنا القول فيه على أن لا يدعى كراهة تكرارها بل يقول: إنها عبادة كثيرة الفضل، عظيمة الخطر، لكن الاشتغال بتكرار الطواف في مثل مدتها أفضل من الاشتغال بها3، والله أعلم... انتهى كلام المحب الطبري. وتأليفه المشار إليه هو المسمى: "عواطف النصرة في تفضيل الطواف على العمرة".
وقال القاضي عز الدين بن جماعة في "منسكه" بعد أن ذكر كلام المحب الطبري هذا: وهو حسن، ثم قال: وكيف يكون حال من يجعل نفسه قصيا متعبدا لينال فضيلة القصد والزيارة، أفضل من حال من هو بالحضرة مشاهد مقيم يتردد حول المقصود والمزار بخطوات ترفع الدرجات، وتكسب الحسنات، وتمحو الأوزار؟ ولهذا كان رأي السلف الصالح تعهد العمرة دون الإشتغال بها عن الطواف بحيث لا تصير مهجورة، والله أعلم.والخير في اتباعهم... انتهى كلام ابن جماعة4.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 القرى "ص: 327: 328".
2 أخبار مكة للأزرقي 2/ 3.
3 القرى "ص: 334-336".
4 هداية السالك "2/ 927.

 

ج / 1 ص -240-    وقد أخبرني عنه خالي سماعا، وقد جنح إلى ذلك أيضا على ما بلغني بعض العلماء المعاصرين لابن جماعة وهو العلامة شمس الدين أبو أمامة محمد بن علي المعروف بابن النقاش الشافعي، وألفيت بخط بعض أصحابنا أن لأبي أمامة بن النقاش هذا تأليفا جليلا في المنع في العمرة من مكة لمن هو مقيم بها... انتهى. وأستبعد أن يكون لأبي أمامة تأليف في منع المقيم بمكة من العمرة، فإنه لا وجه لذلك، ولعل تأليفه في عدم استحباب تكرار العمرة، والله أعلم.
وللإمام الكبير تقي الدين ابن تيمية كلام يقتضي عدم استحباب تكرار العمرة من مكة وإنكاره؛ لأنه قال: ولم يكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين أحد يخرج من مكة ليعتمر إلا لعذر، لا في رمضان، ولا في غير رمضان والذين حجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم ليس فيهم من اعتمر بعد الحج إلا عائشة رضي الله عنها ولا كان هذا من فعل الخلفاء الراشدين... انتهى.
وخالف في ذلك من أهل عصره على ما بلغني خطيب دمشق: جمال الدين محمود بن جملة الشافعي، والشيخ العلامة الولي العارف عبد الله اليافعي، وصنف في ذلك كتابا سماه: الدرة المستحسنة في تكرار العمرة في السنة".
وسئل شيخنا شيخ الإسلام سراج الدين البلقيني عن العمرة والطواف أيهما أفضل؟ وما الذي يفتي به في ذلك؟ فقال: والمفتى به في ذلك: أن تكرار العمرة أفضل ولا سيما في رمضان انتهى.
وكذلك قال تلميذه العلامة زين الدين الفارسكوري، وصنف في ذلك كتابا سماه "الإنصاف في تفضيل العمرة على الطواف".
وسمعت بعض مشايخنا يحكي عن بعض العلماء أن المعتمر يمتاز عن الطائف بأمرين: أحدهما: الدخول في دعوة النبي صلى الله عليه وسلم بالرحمة للمحلقين والمقصرين.
والآخر: دعوته صلى الله عليه وسلم للحاج والمعتمر بزيادة التشريف والتكريم والتعظيم والبر.
هذا معنى ما سمعته من مشايخنا، وهو كلام متجه، لأنه كلما اعتمر فاز بذلك، ويعظم الفوز بذلك بتكراره، والله أعلم.
ولعل محل الخلاف فيما إذا اشتغل إنسان بالعمرة حتى فرغ منها، وآخر بالطواف مدة اشتغال المعتمر بالعمرة، وليس في محل الخلاف الاشتغال عن الطواف بالعمرة في جميع الزمن أو أكثره بأن يكرر الخروج للتنعيم للعمرة في اليوم الواحد أو الليلة فلا يبقى فيه بعد ترويح بدنه للطواف إلا نشاط قليل، ولا سيما إن كرر ذلك في الأيام والليالي كما يصنع كثير من الناس في شهر رمضان، حتى أن بعضهم يخرج إلى التنعيم للعمرة في اليوم الواحد ثلاث مرات، ويحكى عن بعضهم أكثر من ذلك، وكل هذا لا

 

ج / 1 ص -241-    يعرف مثله عن السلف المقتدى بهم فهذا سيد الأولين والآخرين صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم أقاموا بمكة بعد أن فتح الله عليهم، بضع عشرة ليلة، أولها العشر الأخير من رمضان، فما نقل أخباري عنه صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه أنه خرج في هذه المدة إلى التنعيم للاعتمار، ولو وقع ذلك لنقل كما نقل غيره من أفعالهم، ولم ينقل عمن كان بمكة بعد النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة والتابعين تكرار الخروج في اليوم الواحد إلى التنعيم، ولا الخروج إليه للعمرة في كل يوم إلا ما يروى عن علي وابن عمر رضي الله عنهم أنهما كانا يعتمران في كل يوم، وهذا عنهما في بعض كتب الفقه فيما ذكره القاضي عز الدين بن جماعة في "منسكه الكبير" قال: وليس لذلك أصل في كتب الحديث1... انتهى.
والذي صح عن بعض الصحابة والتابعين رضي الله عنهم: الخروج إلى التنعيم للعمرة من غير تكرار، فالاقتصار على فعل مثل ما نقل عنهم أولى، لأنهم أعرف الناس بأفضل العبادات، وأشدهم حرصا على فعل أفضلها، والله أعلم بالصواب.
ما جاء في فضل الطائفين:
أخبرني ابن الذهبي بقراءتي عليه قال: أنبأنا الأمين بن النحاس حضورا إجازة قال: أنبأنا الساوي قال: أنبأنا السلفي قال: أنبأنا العلاف قال: أنبأنا ابن بشر قال: أنبأنا الأجري قال: حدثنا أبو جعفر أحمد بن يحيى الحلواني قال: حدثنا يحيى بن أيوب العابد قال: حدثنا محمد بن صبيح بن السماك، عن عائذ بن بشير، عن عطاء قال: قالت عائشة رضي الله عنها: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إن الله تعالى يباهي بالطائفين"2.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"أكرم سكان السماء على الله تعالى: الذين يطوفون حول عرشه، وأكرم سكان الأرض الذين يطوفون حول بيته" ذكر هذا الحديث هكذا سليمان بن خليل في "منسكه"، ورويناه في "رسالة الحسن البصري عن النبي صلى الله عليه وسلم، وروينا فيها من قول الحسن: وإن الله عز وجل ليباهي بالطائفين ملائكته، ولو أن الملائكة صافحت أحدا لصافحت الطائفين حول بيت الله3... انتهى باختصار.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 هداية السالك 2/ 927.
2 أخرجه: أبو يعلى "4589"، والبيهقي في الشعب "4097" وابن عدي في الكامل "2/ 2992"، والأصبهاني في الترغيب "1062"، وأخبار مكة للفاكهي 1/ 194، وذكره السيوطي في الجامع الكبير 1/ 182، وعزاه لأبي نعيم في الحلية.
3 هداية السالك 1/ 53.

 

ج / 1 ص -242-    قلت: إذا كان الطائف بهذه المزية، فينبغي له إخلاص النية، وحفظ اللسان عما يؤدي إلى النقصان، وما أحسن قول الشيخ محب الدين الطبري: واعلم أن التحدث في الطواف على غير النحو المتقدم في الفصل قبله خطأ كبير وغفلة عظيمة، ومن لابس ذلك فقد لابس ما يمقت عليه، خصوصا أنه صدر ممن ينسب إلى العلم والدين فإنه إذا أنكر على من دونه واحتج به فصار فتنة لكل مفتون، ومن أمر محادثة المخلوق في أمر الدنيا، والإقبال عليه، والإصغاء لحديثه على ذكر خالقه، والإقبال عليه وعلى ما هو متلبس به عبادته، فهو عين الرأي، لأن طوافه بجسده، وقلبه لاه ساه، وقد غلب الخوض فيما لا يعنيه حتى استرسل في عبادته، كذلك فهو إلى الخسران أقرب منه إلى الربح، ومثل هذا خليق بأن يشكوه إلى الله عز وجل وإلى جبريل عليه السلام ولعل الملائكة تتأذى به، وكثير من الطائفين يتبرءون منه، فعلى الطائف أن يبذل جهده في مجانبة ذلك1... انتهى.
وقال سليمان بن خليل: وليحذر أن يكون ممن وصفه بعض العلماء العاملين فقال:

يا من يطوف ببيت الله بالجسد   والجسم في بلد والروح في بلد!

ماذا فعلت وماذا أنت فاعله؟   بهرج في اللقا للواحد الصمد

إن الطواف بلا قلب ولا بصر   على الحقيقة لا يشفي من الكمد


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 القرى "ص: 324، 325".

ذكر بدء الطواف بهذا البيت العظيم وما ورد من طواف الملائكة:
روينا في تاريخ الأزرقي أن بعض أهل الشام سأل بمكة زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عن بدء الطواف بهذا البيت، فقال له علي بن الحسين: أما بدء الطواف بهذا البيت: فإن الله تعالى قال للملائكة: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: 30].
قالت الملائكة: يا رب، أخليفة من غيرنا ممن يفسد فيها ويسفك الدماء ويتحاسدون ويتباغضون ويتنازعون؟ أي رب اجعل ذلك الخليفة منا، فنحن لا نفسد فيها، ولا نسفك الدماء، ولا نتحاسد ولا نتباغض1 ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك، ونطيعك ولا نعصيك. قال الله تعالى:
{إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 30] قال: فظنت الملائكة إنما قالوا ردًّا على ربهم عز وجل وأنه قد غضب من قولهم، فلاذوا بالعرش، ورفعوا رءوسهم، وأشاروا بالأصابع يتضرعون ويبكون إشفاقا لغضبه، وطافوا بالعرش ثلاث ساعات، فنظر

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 في أخبار مكة للأزرقي قدم "تباغض" على تحاسد وزاد "ولا نتباغى".

 

ج / 1 ص -243-    الله إليهم، فنزلت الرحمة عليهم، فوضع الله تعالى تحت العرش بيتا على أربع أساطين من زبرجد، وكساهن بياقوتة حمراء، وسمى البيت الضراح، ثم قال الله عز وجل للملائكة: طوفوا بهذا البيت ودعوا العرش. قال: فطافت الملائكة بالبيت وتركوا العرش، وصار أهون عليهم. وهو البيت المعمور الذي ذكره الله عز وجل يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه أبدا، ثم إن الله عز وجل بعث ملائكة فقال: ابنوا لي بيتًا في الأرض بمثاله وقدره، وأمر الله من في الأرض من خلقه أن يطوفوا بهذا البيت كما يطوف أهل السماء بالبيت المعمور، فقال الرجل: صدقت يا ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم1... انتهى.
وروينا نحوه بالمعنى مختصرا في كتاب "النسب" للزبير بن بكار قاضي مكة.
وروينا في "تاريخ الأزرقي" وغيره أخبارا أُخر تدل على طواف الملائكة بالبيت منها: ما رواه الأزرقي بسنده إلى وهب بن منبه قال: وقرأت في كتاب من الكتب الأولى ذكر فيه الكعبة، فوجد فيه، أنه ليس من ملك بعثه الله تعالى إلى الأرض إلا أمره بزيارة البيت فينقضّ من تحت العرش محرما ملبيا حتى يستلم الحجر، ثم يطوف سبعًا، ويركع في جوفه ركعتين ثم يصعد2.
ومنها: ما رواه بسنده عن محمد بن المنكدر قال: كان أول شيء عمله آدم عليه السلام حين أهبط من السماء طاف بالبيت الحرام، فلقيته الملائكة فقالوا: بر نسكك يا آدم فإنا قد طفنا بهذا البيت قبلك بألفي سنة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الروض الأنف 1/ 22، 222، أخبار مكة للأزرقي 1/ 33، 34.
2 أخبار مكة للأزرقي 1/ 39.

ذكر طواف بعض الجن والدواب والطير بالكعبة:
روينا في تاريخ الأزراقي خبرا فيه أن الجن طاف بالبيت سبعا، وصلى خلف المقام، ثم انقلب إلى أهله فقتله شاب من بني سهم، فثارت بمكة غيرة وفتنة بين الجن وبين بني سهم1.
وروينا في تاريخ الأزرقي أيضا خبرًا فيه: أن أنمار وهي الحية الذكر طاف بالبيت سبعا وصلى ركعتين وراء المقام، ثم كوم برأسه كومة بطحاء فوضع ذنبه عليها، فسما إلى السماء فما رُئي.
وروين في تاريخ الأزرقي: أن طيرا طاف على منكب بعض الحجاج أسابيع والناس ينظرون إليه وهو مستأنس منهم، ثم طار وخرج من المسجد الحرام، وذلك في السابع والعشرين من ذي القعدة سنة ست وعشرين ومائتين2.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أخبار مكة للأزرقي 2/ 15، 19. 
2 أخبار مكة للأزرقي 2/ 17، 18، وإتحاف الورى 2/ 294، 295.

 

ج / 1 ص -244-    ما جاء من أن شرعية الطواف لإقامة ذكر الله:
روينا في مسند الدارمي بسند صحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت: إنما جعل الطواف بالبيت، ورمي الجمار، والسعي بين الصفا والمروة، لإقامة ذكر الله، وروينا فيه عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه1، وأخرج المحب الطبري في "القرى" عنها مرفوعا، وزاد بعد قوله: "ذكر الله تعالى": وإن لم يقترن بها ذكر بالقول، ثم قال: وينبغي للذاكر في الطواف والتالي أن لا يزيد في رفع صوته على إسماع نفسه لئلا يشوش على غيره، واستدل على ذلك بما يقوم به الحجبة، ثم قال: وفي معنى الطائف من كان في المسجد قريبا من الطواف، ينبغي له أن لا يرفع صوته بتلاوة ولا ذكر؛ لئلا يشوش على الطائفين2... انتهى باختصار، وهو كلام متجه، والله أعلم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أخرجه أبو داود "باب في الرمل 2/ 179 بلفظه"، والترمذي "ما جاء كيف يرمي الجمار" 3/ 246، ولفظه "إنما جعل رمي الجمار والحصى بين الصفا والمروة لإقامة ذكر الله" وقال الترمذي: "حسن صحيح".
2 القرى "ص: 312".

ذكر ثواب النظر إلى الكعبة:
تقدم في هذا المعنى حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم في تنزل الرحمات، وفيه: "عشرون للناظرين".
وروينا في تاريخ الأزرقي عن عطاء قال: سمعت ابن عباس رضي الله عنهما يقول: النظر إلى الكعبة محض الإيمان1.
وروينا فيه عن إبراهيم النخعي: أن حماد بن أبي سلمة قال: الناظر إلى الكعبة كالمجتهد في العبادة في غيرها. وروينا فيه عن يونس بن حبان قال: النظر إلى الكعبة عبادة فيما سواها من الأرض، عبادة الصائم القائم الدائم القانت2.
وروينا فيه عن مجاهد قال: النظر إلى الكعبة عبادة3.
وروينا عن سعيد بن المسيب قال: من نظر إلى الكعبة إيمانا وتصديقا خرج من الخطايا كيوم ولدته أمه4.
وروينا عن أبي السائب المديني، قال: من نظر إلى الكعبة إيمانا وتصديقا تحاتت عنه الذنوب كما يتحات الورق من الشجر5.
وروينا فيه عن زهير بن محمد قال: الجالس في المسجد ينظر إلى البيت لا يطوف به ولا يصلي أفضل من المصلي في بيته لا ينظر إلى البيت6.
وروينا فيه عن عطاء قال: النظر إلى البيت عبادة، والنظر إلى البيت كمنزلة الصائم القائم الدائم المخبت المجاهد في سبيل الله عز وجل7.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أخبار مكة للأزرقي 2/ 9.
2 أخبار مكة للأزرقي 2/ 8. 
3 أخبار مكة للأزرقي 2/ 9.
4 أخبار مكة للأزرقي 2/ 9.
5 أخبار مكة للأزرقي 2/ 9.
6 أخبار مكة للأزرقي 2/ 9.
7 أخبار مكة للأزرقي 2/ 9.

 

ج / 1 ص -245-    ذكر ثواب الحج والعمرة:
وروينا في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وغيرهم أخبارا كثيرة مشهورة ثابتة، منها: ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من حج لله عز وجل فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه" متفق عليه، واللفظ للبخاري1.
وفي رواية لمسلم:
"من أتى هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كما ولدته أمه"2. ورواه النسائي3 فقال: "من حج أو اعتمر"... الحديث.
والرفث: الجماع، قاله ابن عمر، وابن عباس رضي الله عنهم. وقيل: اسم لكل لهو وخِنا وزُور وفجور بغير حق. والفسوق: المعاصي، قاله ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم.
ومنها: ما روينا عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة" متفق عليه4، ومعنى ليس له جزاء إلا الجنة: أنه لا يقتصر فيه على تكفير الذنوب بل لا بد أن يبلغ به الجنة.
ومنها: ما رويناه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"الحجة المبرورة تكفر خطايا سنة" أخرجه ابن حبان في صحيحه5.
ومنها: ما رويناه عن عمرو بن العاص رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"إن الحج يهدم ما قبله". رواه مسلم.
ومنها: ما رويناه عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب، كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أخرجه البخاري "1521"، ومسلم "1350"، وأحمد 2/ 484، والدارقطني "2519"، والبغوي في شرح السنة "1814"، والبيهقي 5/ 262، والطيالسي "2519"، وابن حبان "3694"، وابن ماجه "2889"، النسائي "2626". 
2 أخرجه مسلم "الحج: 1349". 
3 أخرجه النسائي 5/ 112، 115 في الحج باب "فضل الحج المبرور، وباب فضل العمرة". 
4 أخرجه البخاري "باب العمرة" 3/ 2، مسلم 4/ 107. 
5 أخرجه أحمد 2/ 258.

 

ج / 1 ص -246-    والفضة، وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة" رواه الترمذي، وصححه النسائي، وابن ماجه، في سننهما1.
وفي رواية لابن أبي خيثمة والطبراني: "تابعوا بين الحج والعمرة فإن متابعة ما بينهما يزيد في العمر والرزق"2.
ومنها: ما رويناه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"وفد الله تعالى ثلاثة: الغازي، والحاجّ، والمعتمر" أخرجه النسائي، وابن حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه، وصححه على شرط مسلم، وزاد ابن حبان في بعض طرقه: "دعاهم فأجابوه، وسألوه فأعطاهم"3.
وفي رواية لابن ماجه:
"الحاج والمعتمر وفد الله، إن دعوه أجابهم، وإن استغفروه غفر لهم"4.
ومنها: ما رويناه في سنن البيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم:
"اللهم اغفر للحاج ولمن استغفر له الحاج" صححه الحاكم5 رضي الله عنهما.
ومنها: ما رويناه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم
"عمرة في رمضان تعدل حجة معي" كذا رويناه عن الطبراني6، وقال الحاكم: إن هذه الرواية صحيحة على شرط البخاري ومسلم، والحديث في الصحيحين بغير لفظة: "معي" إلا أنه في طريق لمسلم: "عمرة في رمضان تقضي حجة. أو حجة معي"، والأخبار الواردة في فضل العمرة والحج كثيرة جدا فلا نطوّل عليها، وفيما ذكرناه من ذلك كفاية إذ القصد الاختصار، والله الموفق.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أخرجه: الترمذي "807"، أحمد 1/ 387، والنسائي "2630"، والطبراني في الكبير "10406"، وابن خزيمة "2512"، وأبو نعيم في الحلية 4/ 110، وابن ماجه "2886"، وابن حبان "3693".
2 أخرجه: الطبراني في الكبير 10/ 230، وابن ماجه "2887"، وأبو يعلى "4955"، والبيهقي في الشعب "4095"، وأخبار مكة للفاكهي "1/ 404، وأحمد 1/ 25، وابن عدي في الكامل 5/ 186، وذكره السيوطي في الكبير 1/ 463، وعزاه لأبي يعلى، والضياء المقدسي، وابن أبي عمر في مسنده.
3 أخرجه ابن حبان "3693".
4 أخرجه: ابن ماجه "2892"، وموارد الظمآن "ص: 240"، الحاكم في مستدركه 1/ 441، ووافقه الذهبي.
5 أخرجه: البيهقي في مسنده 5/ 261 من طريق الحاكم، والمستدرك 1/ 441.
6 أخرجه: الطبراني في الكبير "11299"، والبخاري "1782"، ومسلم 3/ 200، وابن ماجه "2992"، وأبو داود "1990"، وابن خزيمة "3077"، وابن حبان "3700".