البداية والنهاية، ط. دار إحياء التراث العربي

غزوة ذات السلاسل (4) ذكرها الحافظ البيهقي هاهنا قبل غزوة الفتح، فساق من طريق موسى بن عقبة وعروة بن الزبير قالا: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص إلى ذات السلاسل من مشارف الشام في بلي وعبد الله (5) ومن يليهم من قضاعة.
قال عروة بن الزبير: وبنو بلي أخوال العاص بن وائل، فلما صار إلى هناك خاف من كثرة عدوه فبعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستمده، فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم المهاجرين الاولين فانتدب أبو بكر وعمر في جماعة من سراة المهاجرين رضي الله عنهم أجمعين، وأمر عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة بن الجراح [ قال عروة: وعمرو يومئذ في سعد الله وتلك الناحية من قضاعة ] قال موسى بن عقبة: لما قدموا على عمرو قال أنا أميركم وأنا
أرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أستمده بكم، فقال المهاجرون: بل أنت أمير أصحابك وأبو عبيدة أمير المهاجرين، فقال عمرو: إنما أنتم مدد أمددته، فلما رأى ذلك أبو عبيدة - وكان رجلا حسن
__________
(1) انظر ترجمته في الاصابة ج 3 / 334 ترجمته رقم 7581.
(2) بياض في الاصل، وفي الاصابة: رواه مسلم من طريق حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس بن مالك.
(3) العبارة في ابن هشام 4 / 254: وبعث سليط بن عمرو أحد بني عامر بن لؤي إلى ثمامة بن أثال وهوذة بن علي الحنفيين ملكي اليمامة.
وبعث العلاء بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوى العبدي ملك البحرين وبعث عمرو بن العاص السهمي إلى جيفر وعياذ ابني الجلندي الازديين، ملكي عمان وفي ابن سعد: بعث عمرو بن العاص في ذي القعدة سنة ثمان إلى جيفر وعبد ابني الجلندي، والملك منهما جيفر.
(4) انظر في غزوة ذات السلاسل: طبقات ابن سعد (2 / 131) سيرة ابن هشام (4 / 272) مغازي الواقدي (2 / 769) تاريخ الطبري (3 / 104) عيون الاثر (2 / 204) الروض الانف (2 / 359) السيرة الحلبية (3 / 190) شرح المواهب (3 / 278).
والسلاسل: السين الاولى مفتوحة جزم به أبو عبيد البكري: رمل بالبادية.
قال ابن سعد كانت في جمادى الآخرة سنة ثمان.
(5) في البيهقي: وسعد الله.
(*)

(4/311)


الخلق لين الشيمة [ سعى لامر رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه وعهده ] قال: تعلم يا عمرو أن آخر ما عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قال: " إذا قدمت على صاحبك فتطاوعا " وإنك إن عصيتني لاطيعنك.
فسلم أبو عبيدة الامارة لعمرو بن العاص (1).
وقال محمد بن اسحاق: حدثني محمد ابن عبد الرحمن بن عبد الله بن الحصين التميمي قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص يستنفر العرب إلى الاسلام (2) وذلك أن أم العاص بن وائل كانت من بني بلي فبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم يتألفهم بذلك، حتى إذا كان على ماء بأرض جذام يقال له السلاسل - وبه سميت تلك الغزوة ذات السلاسل - قال: فلما كان عليه وخاف بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستمده فبعث إليه
أبا عبيدة بن الجراح في المهاجرين الاولين فيهم أبو بكر وعمر، وقال لابي عبيدة حين وجهه " لا تختلفا " فخرج أبو عبيدة حتى إذا قدم عليه، قال له عمرو: إنما جئت مددا لي، فقال له أبو عبيدة: لا، ولكني على ما أنا عليه، وأنت على ما أنت عليه.
وكان أبو عبيدة رجلا لينا سهلا، هينا عليه أمر الدنيا.
فقال له عمرو: أنت مددي، فقال له أبو عبيدة: يا عمرو إن رسول الله ص قد قال لي " لا تختلفا " وإنك إن عصيتني أطعتك، فقال له عمرو: فإني أمير عليك وإنما أنت مدد لي، قال: فدونك فصلى عمرو بن العاص بالناس (3).
وقال الواقدي: حدثني ربيعة ابن عثمان، عن يزيد بن رومان: أن أبا عبيدة لما آب إلى عمرو بن العاص فصاروا خمسمائة فساروا الليل والنهار حتى وطئ بلاد بلي ودوخها (4)، وكلما انتهى إلى موضع بلغه أنه قد كان بهذا الموضع جمع فلما سمعوا بك تفرقوا حتى انتهى إلى أقصى بلاد بلي وعذرة وبلقين ولقي في آخر ذلك جمعا ليس بالكثير، فاقتتلوا ساعة، وتراموا بالنبل ساعة، ورمي يومئذ عامر بن ربيعة وأصيب ذراعه، وحمل المسلمون عليهم فهزموا، وأعجزوا هربا في البلاد وتفرقوا ودوخ عمرو ما هناك، وأقام أياما لا يسمع لهم بجمع ولا مكان صاروا فيه، وكان يبعث أصحاب الخيل فيأتون بالشاء والنعم.
فكانوا ينحرون ويذبحون، ولم يكن في ذلك أكثر من ذلك، ولم تكن [ لهم ] غنائم تقسم (5).
وقال أبو داود: ثنا ابن المثنى، ثنا وهب بن جرير، ثنا أبي، سمعت يحيى بن أيوب يحدث عن يزيد بن أبي حبيب عن عمران بن أبي أنس، عن عبد الرحمن بن جبير، عن عمرو بن العاص.
قال: احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل فاشفقت إن اغتسلت أن أهلك، قال: فتيممت ثم صليت بأصحابي الصبح فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب ؟ " قال: فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال وقلت: إني سمعت
__________
(1) ما بين معكوفين من البيهقي، والخبر في الدلائل ج 4 / 398 - 399.
(2) في ابن هشام إلى الشام، وفي دلائل البيهقي عن ابن اسحاق إلى الاسلام وهو الصواب.
(3) سيرة ابن هشام ج 4 / 272.
(4) دوخ البلاد: قهرها واستولى على أهلها (الصحاح).
(5) مغازي الواقدي 2 / 771 وما بين معكوفين من رواية البيهقي عن الواقدي 4 / 401 (*).

(4/312)


الله يقول (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما) [ النساء: 29 ] فضحك نبي الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئا، حدثنا محمد بن سلمة [ حدثنا ابن وهب ] ثنا ابن لهيعة وعمرو بن الحارث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عمران بن أبي أنس، عن عبد الرحمن بن جبير عن أبي قيس مولى عمرو ابن العاص - وكان على سرية - ذكر الحديث بنحوه قال: فغسل مغابنه وتوضأ وضوءه للصلاة ثم صلى بهم، فذكر نحوه ولم يذكر التيمم.
قال أبو داود: وروى هذه القصة عن الاوزاعي عن حسان بن عطية وقال فيه فتيمم (1).
وقال الواقدي (2): حدثني أفلح بن سعيد، عن ابن عبد الرحمن بن رقيش، عن أبي بكر بن حزم قال: كان عمرو بن العاص حين قفلوا احتلم في ليلة باردة كأشد ما يكون من البرد، فقال لاصحابه: ما ترون ؟ والله احتلمت فإن اغتسلت مت، فدعا بماء فتوضأ وغسل فرجه وتيمم، ثم قام فصلى بهم، فكان أول من بعث عوف بن مالك بريدا، قال عوف: فقدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في السحر وهو يصلي في بيته فسلمت عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " عوف بن مالك ؟ " فقلت عوف بن مالك يا رسول الله، قال " صاحب الجزور ؟ " قلت: نعم.
ولم يزد على هذا بعد ذلك شيئا ثم قال " أخبرني " فأخبرته بما كان من مسيرنا وما كان من أبي عبيدة وعمرو ومطاوعة أبي عبيدة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يرحم الله أبا عبيدة بن الجراح " قال: ثم أخبرته أن عمرا صلى بالناس وهو جنب ومعه ماء لم يزد على أن غسل فرجه وتوضأ (3)، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قدم عمرو على رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله عن صلاته فأخبره فقال: والذي بعثك بالحق إني لو اغتسلت لمت، لم أجد بردا قط مثله.
وقد قال تعالى (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما) قال: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبلغنا أنه قال شيئا (4).
وقال ابن اسحاق: حدثني يزيد بن أبي حبيب، عن عوف بن مالك الاشجعي، قال: كنت في الغزوة التي بعث فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص، وهي غزوة ذات السلاسل، فصحبت أبا بكر وعمر، فمررت بقوم وهم على جزور قد نحروها، وهم لا يقدرون
على أن يبعضوها، وكنت امرءا جازرا، فقلت لهم: تعطوني منها عشرا (5) على أن أقسمها بينكم ؟ قالوا: نعم، فأخذت الشفرة فجزأتها مكاني، وأخذت منها جزءا، فحملته إلى أصحابي فاطبخناه وأكلناه، فقال أبو بكر وعمر: أنى لك هذا اللحم يا عوف ؟ فأخبرتهما، فقالا: لا والله ما أحسنت حين أطعمتنا هذا، ثم قاما يتقيآن ما في بطونهما منه، فلما أن قفل الناس من ذلك
__________
(1) الخبر نقله البيهقي في الدلائل من طريق أبي بكر بن داسة عن أبي داود ج 4 / 402 و 403 وما بين معكوفين زيادة من سنن أبي داود (1 / 56).
(2) في المغازي: 2 / 769: حدثني أفلح بن سعد، عن سعيد بن عبد الرحمن بن رقيش..(3) في الواقدي: وتيمم.
(4) مغازي الواقدي 2 / 773 - 774 ورواه البيهقي عنه في الدلائل 4 / 402، وفيه أفلح بن سعيد.
(5) في ابن هشام: عشيرا، والعشير النصيب، فالجزور كانت تقسم على عشرة أجزاء، كل جزء منها عشير.
(*)

(4/313)


السفر، كنت أول قادم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئته وهو يصلي في بيته فقلت: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، فقال " أعوف بن مالك ؟ " فقلت: نعم بأبي أنت وأمي فقال " صاحب الجزور ؟ " ولم يزدني على ذلك شيئا.
هكذا رواه محمد بن اسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن عوف بن مالك وهو منقطع بل معضل.
قال الحافظ البيهقي: وقد رواه ابن لهيعة وسعيد بن أبي أيوب، عن يزيد بن أبي حبيب عن ربيعة بن لقيط عن مالك بن زهدم (1) أظنه عن عوف بن مالك فذكر نحوه إلا أنه قال: فعرضته على عمر فسألني عنه، فأخبرته فقال: قد تعجلت أجرك ولم يأكله.
ثم حكى عن أبي عبيدة مثله ولم يذكر فيه أبا بكر وتمامه كنحو ما تقدم.
وقال الحافظ البيهقي: أنبأنا أبو عبد الله الحافظ أبو سعيد بن أبي عمرو قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الاصم، ثنا يحيى بن أبي طالب، ثنا علي بن عاصم، ثنا خالد الحذاء، عن أبي عثمان النهدي: سمعت عمرو بن العاص يقول: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم على جيش ذات السلاسل وفي القوم أبو بكر وعمر، فحدثت نفسي أنه لم يبعثني على أبي بكر وعمر إلا لمنزلة لي
عنده، قال: فأتيته حتى قعدت بين يديه فقلت: يا رسول الله من أحب الناس إليك قال " عائشة ؟ " قلت: إني لست أسألك عن أهلك قال " فأبوها " قلت: ثم من ؟ قال " عمر " قلت: ثم من ؟ حتى عدد رهطا قال: قلت في نفسي لا أعود أسأل عن هذا (2)، وهذا الحديث مخرج في الصحيحين من طريق خالد بن مهران الحذاء عن أبي عثمان النهدي، وأسمه عبد الرحمن ابن مل، حدثني عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه على جيش ذات السلاسل، فأتيته فقلت: أي الناس أحب إليك ؟ قال " عائشة " قلت فمن الرجال ؟ قال " أبو ها " قلت ثم من ؟ قال " ثم عمر بن الخطاب " فعدد رجالا (3).
وهذا لفظ البخاري وفي رواية قال عمرو.
فسكت مخافة أن يجعلني في آخرهم ".
سرية أبي عبيدة إلى سيف البحر قال الامام مالك عن وهب بن كيسان عن جابر قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثا قبل الساحل وأمر عليهم أبا عبيدة بن الجراح وهم ثلثمائة قال جابر: وأنا فيهم، فخرجنا حتى إذا كنا ببعض الطريق فني الزاد فأتوا أبا عبيدة بأزواد ذلك الجيش فجمع كله فكان مزودي تمر، فكان يفوتنا كل يوم قليلا قليلا حتى فني ولم يكن يصيبنا إلا تمرة تمرة، قال: فقلت: وما تغني تمرة ؟ فقال: لقد وجدنا فقدها حين فنيت.
قال: ثم انتهينا إلى البحر فإذا حوت مثل الظرب، قال:
__________
(1) في الدلائل: هدم انظر الخبر ج 4 / 404 في باب ما جاء في الجزور التي نحرت في غزوة ذات السلاسل.
(2) دلائل النبوة ج 4 / 401.
(3) أخرجه البخاري في المناقب باب فضائل أبي بكر، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل أبي بكر الحديث (8) ص (1856).
(*)

(4/314)


فأكل منه ذلك الجيش ثماني عشرة ليلة، ثم أمر أبو عبيدة بضلعين من أضلاعه فنصبا، ثم أمر براحلته فرحلت ثم مر تحتها فلم يصبهما.
أخرجاه في الصحيحين (1) من حديث مالك بنحوه.
وهو في الصحيحين أيضا من طريق سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن جابر قال: بعثنا رسول
الله صلى الله عليه وسلم في ثلثمائة راكب وأميرنا أبو عبيدة بن الجراح، نرصد عيرا لقريش، فأصابنا جوع شديد حتى أكلنا الخبط، فسمي ذلك الجيش جيش الخبط (2)، قال: ونحر رجل ثلاث جزائر ثم نحر ثلاث جزائر ثم ثلاثا فنهاه أبو عبيدة، قال: وألقى البحر دابة يقال لها العنبر، فأكلنا منها نصف شهر وادهنا حتى ثابت إلينا أجسامنا وصلحت ثم ذكر قصة الضلع (3) فقوله في الحديث نرصد عيرا لقريش دليل على أن هذه السرية كانت قبل صلح الحديبية (4) والله أعلم.
والرجل الذي نحر لهم الجزائر هو قيس بن سعد بن عبادة رضي الله عنهما.
وقال الحافظ البيهقي: أنبأنا أبو بكر بن إسحاق، ثنا إسماعيل بن قتيبة، ثنا يحيى بن يحيى، ثنا أبو خيثمة، وهو زهير بن معاوية، عن أبي الزبير عن جابر قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر علينا أبا عبيدة نتلقى عيرا لقريش وزودنا جرابا من تمر لم يجد لنا غيره، فكان أبو عبيدة يعطينا تمرة تمرة.
قال: فقلت كيف كنتم تصنعون بها ؟ قال: كنا نمصها كما يمص الصبي، ثم نشرب عليها الماء فتكفينا يومنا إلى الليل، وكنا نضرب بعصينا الخبط ثم نبله بالماء فنأكله، قال: فانطلقنا إلى ساحل البحر فرفع لنا على ساحل البحر كهيئة الكثيب الضخم، فأتيناه فإذا به دابة تدعى العنبر، فقال أبو عبيدة: ميتة، ثم قال: لا بل نحن رسل رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي سبيل الله وقد اضطررتم فكلوا، قال: فأقمنا عليه شهرا ونحن ثلثمائة حتى سمنا، ولقد كنا نغرف من وقب عينه بالقلال الدهن، ونقتطع منه القدر كالثور أو كقدر الثور، ولقد أخذ منا أبو عبيدة ثلاثة عشر رجلا فأقعدهم في عينه، وأخذ ضلعا من أضلاعه، فأقامها ثم رحل أعظم بعير منها فمر تحتها وتزودنا من لحمها وشايق (5) فلما قدمنا المدينة أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرنا ذلك له، فقال " هو رزق أخرجه الله لكم فهل معكم شئ من لحمه تطعمونا ؟ " قال: فأرسلنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكل منه (6).
__________
(1) الحديث رواه البيهقي في الدلائل ج 4 / 407 من طريق اسماعيل بن أبي أويس.
وأخرجه البخاري في الذبائح، ومسلم في الصيد والذبائح (4) باب (ح: 21).
(2) وردت في ابن سعد والواقدي تحت عنوان: سرية الخبط، والخبط ورق ينفض بالمخابط ويجفف ويطحن ويخلط بدقيق أو غيره ويوخف بالماء.
(القاموس).
وكانت إلى سيف البحر، إلي حي من جهينة، قال ابن سعد:
بالقبلية وبينها وبين المدينة خمس ليال.
(3) البخاري في كتاب المغازي (65) باب (الحديث 4361) فتح الباري (8 / 77) ومسلم في الذبائح (4) باب الحديث (18) ص (1536).
(4) في ابن سعد: كانت في رجب سنة ثمان.
(5) وشايق: هي من اللحم يؤخذ فيغلى، دون أن ينضج ويحمل في الاسفار.
(6) رواه البيهقي في الدلائل ج 4 / 408.
ومسلم في (31) كتاب الصيد.
(4) باب.
الحديث 17 (*)

(4/315)


ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى وأحمد بن يونس وأبو داود عن النفيلي ثلاثتهم عن أبي خيثمة، زهير ابن معاوية الجعفي الكوفي، عن أبي الزبير، محمد بن مسلم بن تدرس المكي، عن جابر بن عبد الله الانصاري به.
قلت: ومقتضى أكثر هذه السياقات أن هذه السرية كانت قبل صلح الحديبية ولكن أوردناها ها هنا تبعا للحافظ البيهقي رحمه الله فإنه أوردها بعد مؤتة وقبل غزوة الفتح والله أعلم.
وقد ذكر البخاري بعد غزوة مؤتة سرية أسامة بن زيد إلى الحرقات من جهينة فقال: حدثنا عمرو بن محمد ثنا هشيم، أنبأنا حصين بن جندب، ثنا أبو ظبيان قال: سمعت أسامة بن زيد يقول: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة فصبحنا القوم فهزمناهم، ولحقت أنا ورجل من الانصار رجلا منهم فلما غشيناه قال: لا إله إلا الله، فكف الانصاري وطعنته برمحي حتى قتلته، فلما قدمنا بلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال " يا أسامة أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله ؟ " قلت كان متعوذا، فما زال يكررها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم.
وقد تقدم هذا الحديث والكلام عليه فيما سلف.
ثم روى البخاري من حديث يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الاكوع قال: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات وخرجت فيما يبعث من البعوث تسع غزوات علينا مرة أبو بكر ومرة أسامة بن زيد رضي الله عنهما.
ثم ذكر الحافظ البيهقي ها هنا موت النجاشي صاحب الحبشة على الاسلام ونعي رسول الله صلى الله عليه وسلم له إلى المسلمين وصلاته عليه.
فروى: من طريق مالك، عن الزهري،
عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى إلى الناس النجاشي في اليوم الذي مات فيه، وخرج بهم إلى المصلى فصف بهم وكبر أربع تكبيرات.
أخرجاه من حديث مالك وأخرجاه أيضا من حديث الليث عن عقيل عن الزهري عن سعيد وأبي سلمة عن أبي هريرة بنحوه.
وأخرجاه من حديث ابن جريج عن عطاء عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " مات اليوم رجل صالح فصلوا على أصحمة " (2) وقد تقدمت هذه الاحاديث أيضا والكلام عليها ولله الحمد.
قلت: والظاهر أن موت النجاشي كان قبل الفتح بكثير فإن في صحيح مسلم أنه لما كتب إلى ملوك الآفاق كتب إلى النجاشي وليس هو بالمسلم، وزعم آخرون كالواقدي أنه هو.
والله أعلم.
وروى الحافظ البيهقي من طريق مسلم بن خالد الزنجي (3)، عن موسى بن عقبة، عن أبيه، عن
__________
(1) دلائل النبوة 4 / 410 وأخرجه البخاري في 23 كتاب الجنائز (4) باب ومسلم في (11) كتاب الجنائز (22) باب (ح: 62).
ومالك في الموطأ: كتاب الجنائز.
(2) أخرجه البخاري في 23 كتاب الجنائز (65) باب.
ومسلم في (11) كتاب الجنائز (22) باب.
(3) مسلم بن خالد الزنجي، وهو مسلم بن خالد بن سعيد بن قرفة وإنما سمي الزنجي لحمرته وكان هو الذي يفتي بمكة بعد ابن جريج.
(*)

(4/316)


أم كلثوم قالت: لما تزوج النبي صلى الله عليه وسلم أم سلمة قال " قد أهديت إلى النجاشي أواق من مسك وحلة وإني لاراه قد مات، ولا أرى الهدية إلا سترد علي فإن ردت علي - أظنه قال - قسمتها بينكن أو فهي لك " قال فكان كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، مات النجاشي وردت الهدية فلما ردت عليه أعطى امرأة من نسائه أوقية، من ذلك المسك، وأعطى سائره أم سلمة، وأعطاها الحلة.
والله أعلم (1).