البداية والنهاية، ط. دار إحياء التراث العربي
ثم دخلت سنة ثلاث عشرة ومائتين فيها ثار رجلان عبد السلام وابن جليس
فخلعا المأمون واستحوذا على الديار المصرية، وتابعهما طائفة من القيسية
واليمانية، فولى المأمون أخا أبا إسحاق نيابة الشام، وولى ابنه العباس
نيابة الجزيرة والثغور والعواصم، وأطلق لكل منهما ولعبد الله بن طاهر
ألف ألف دينار وخمسمائة ألف دينار (5).
__________
(1) في وفيات الاعيان 1 / 223: ولقد.
(2) الشيباني محدث البصرة سمع من يزيد بن أبي عبيد وجماعة من التابعين
كان واسع العلم روى عنه أحمد والبخاري وغيرهما وهو ثقة متقن توفي في ذي
الحجة وله أكثر من تسعين سنة.
(3) أدركه البخاري وهو ثقة.
محدث حمص سمع الاوزاعي.
(4) من ابن الاثير، وفي الاصل يونس.
مات بقيسارية وهو ثقة ثبت.
(5) في ابن الاثير 6 / 409 درهم، وفي الطبري فكالاصل.
(*)
(10/291)
فلم ير يوم
أكثر إطلاقا منه، أطلق فيه لهؤلاء الامراء الثلاثة ألف ألف دينار
وخمسمائة ألف دينار.
وفيها ولى السند غسان بن عباد.
وحج بالناس أمير السنة الماضية.
وفيها توفي عبد الله بن داود
الجريني (1).
وعبد الله بن يزيد المقري المصري.
وعبد الله (2) بن موسى العبسي.
وعمرو بن أبي سلمة الدمشقي.
وحكى ابن خلكان أن بعضهم قال: وفيها توفي إبراهيم بن ماهان الموصلي
النديم.
وأبو العتاهية وأبو عمرو الشيباني النحوي في يوم واحد ببغداد، ولكنه
صحح أن إبراهيم النديم توفي سنة ثمان وثمانين ومائة.
قال السهيلي: وفيها توفي عبد الملك بن هشام راوي السيرة عن ابن إسحاق.
حكاه ابن خلكان عنه، والصحيح أنه توفي سنة ثمان عشرة ومائتين.
كما نص عليه أبو سعيد بن يونس في تاريخ مصر.
العكوك الشاعر
أبو الحسن بن علي بن جبلة الخراساني يلقب بالعكوك، وكان من الموالي ولد
أعمى وقيل بل أصابه جدري وهو ابن سبع سنين، وكان أسود أبرص، وكان شاعرا
مطبقا فصيحا بليغا، وقد أثنى عليه في شعره الجاحظ فمن بعده.
قال: ما رأيت بدويا ولا حضريا أحسن إنشاء منه.
فمن ذلك قوله: بأبي من زارني متكتما * حذرا (3) من كل شئ جزعا زائرا نم
عليه حسنه * كيف يخفي الليل بدرا طلعا
رصد الخلوة (4) حتى أمكنت * ورعى السامر حتى هجعا ركب الاهوال في زورته
* ثم ما سلم حتى رجعا وهو القائل في أبي دلف القاسم بن عيسى العجلي:
إنما الدنيا أبو دلف * بين مغزاه ومحتضره فإذا ولى أبو دلف * ولت
الدنيا على أثره كل من في الارض من عرب * بين باديه إلى حضره يرتجيه
نيل مكرمة * يأتسيها (5) يوم مفتخره
__________
(1) في تقريب التهذيب: الخريبي، والخريبي ينسب إلى خريبة: محلة بالبصرة
كما في المغني.
كوفي ثقة.
(2) في التقريب: عبيد الله، الكوفي أبو محمد، كان إماما في الفقه
والحديث والقرآن موصوفا بالعبادة والصلاح.
(3) في وفيات الاعيان 3 / 350: خائفا.
(4) في الوفيات: الغفلة.
(5) في الوفيات: مستعير منك مكرمة يكتسيها...(انظر الاغاني 20 / 41).
(*)
(10/292)
ولما بلغ
المأمون هذه الابيات - وهي قصيدة طويلة - عارض فيها أبا نواس فتطلبه
المأمون فهرب منه ثم أحضر بين يديه فقال له: ويحك فضلت القاسم بن عيسى
علينا.
فقال: يا أمير المؤمنين أنتم أهل بيت اصطفاكم الله من بين عباده،
وآتاكم ملكا عظيما، وإنما فضلته على أشكاله وأقرانه.
فقال: والله ما أبقيت أحدا حيث تقول: كل من في الارض من عرب * بين
باديه إلى حضره ومع هذا فلا أستحل قتلك بهذا، ولكن بشركك وكفرك حيث
تقول في عبد ذليل: أنت الذي تنزل الايام منزلها * وتنقل الدهر من حال
إلى حال وما مددت مدى طرف إلى أحد * إلا قضيت بأرزاق وآجال ذاك الله
يفعله، أخرجوا لسانه من قفاه.
فأخرجوا لسانه في هذه السنة فمات.
وقد امتدح حميد
ابن عبد الحميد الطوسي: إنما الدنيا حميد * وأياديه جسام * فإذا ولى
حميد * فعلى الدنيا السلام ولما مات حميد هذا رثاه أبو العتاهية بقوله:
أبا غانم أما ذراك فواسع * وقبرك معمور الجوانب محكم وما ينفع المقبور
عمران قبره * إذا كان فيه جسمه يتهدم وقد أورد ابن خلكان لعكوك هذا
أشعارا جيدة تركناها اختصارا.
ثم دخلت سنة أربع عشرة ومائتين في يوم
السبت لخمس بقين من ربيع الاول منها التقى محمد بن حميد وبابك الخرمي
لعنه الله، فقتل الخرمي خلقا كثيرا من جيشه، وقتله أيضا وانهزم بقية
أصحاب ابن حميد، فبعث المأمون إسحاق بن إبراهيم ويحيى بن أكثم إلى عبد
الله بن طاهر يخيرانه بين خراسان، ونيابة الجبال وأذربيجان وأرمينية
ومحاربة بابك، فاختار المقام بخراسان لكثرة احتياجها إلى الضبط، وللخوف
من ظهور الخوارج.
وفيها دخل أبو إسحاق بن الرشيد الديار المصرية فانتزعها من يد عبد
السلام وابن جليس وقتلهما.
وفيها خرج رجل يقال له بلال الضبابي فبعث إليه المأمون ابنه العباس في
جماعة من الامراء فقتلوا بلالا ورجعوا إلى بغداد.
وفيها ولى المأمون علي بن هشام الجبل وقم وأصبهان وأذربيجان.
وفيها حج بالناس إسحاق بن العباس بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس.
وفيها توفي أحمد بن خالد الموهبي
(1).
__________
(1) في تقريب التهذيب الذهبي، ويقال الواهبي.
الحمصي الكندي أبو سعيد راوي المغازي عن ابن إسحاق وكان = (*)
(10/293)
أحمد بن يوسف
بن القاسم بن صبيح أبو جعفر الكاتب ولي ديوان الرسائل المأمون.
ترجمه ابن عساكر وأورد من شعره قوله: قد يرزق المرء من غير حيلة صدرت *
ويصرف الرزق عن ذي الحيلة الداهي ما مسني من غنى يوما ولا عدم * إلى
وقولي عليه الحمد لله
وله أيضا: إذا قلت في شئ نعم فأتمه * فإن نعم دين على الحر واجب وإلا
فقل لا تستريح بها * لئلا يقول الناس إنك كاذب وله: إذا المرء أفشى سره
بلسانه * فلام عليه غيره فهو أحمق إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه * فصدر
الذي يستودع السر أضيق وحسن بن محمد المروزي شيخ الامام أحمد.
وعبد الله بن الحكم المصري (1).
ومعاوية بن عمرو (2) أبو محمد عبد الله بن أعين بن ليث بن رافع المصري
أحد من قرأ الموطأ على مالك وتفقه بمذهبه، وكان معظما ببلاد مصر، وله
بها ثروة وأموال وافرة.
وحين قدم الشافعي مصر أعطاه ألف دينار، وجمع له من أصحابه ألفي دينار،
وأجرى عليه وهو والد محمد بن عبد الله بن [ عبد ] (3) الحكم الذي صحب
الشافعي.
ولما توفي في هذه السنة دفن إلى جانب قبر الشافعي.
ولما توفي ابنه عبد الرحمن دفن إلى جانب قبر أبيه من القبلة.
قال ابن خلكان فهي ثلاثة أقبر الشافعي شاميها.
وهما قبلته.
رحمهم الله.
__________
= مكثرا حسن الحديث.
(1) في التقريب وشذرات الذهب 2 / 35: عبد الله بن عبد الحكم بن أعين
المصري، أبو محمد الفقيه المالكي أفضت إليه الرياسة بمصر، أنكر عليه
ابن معين شيئا.
(2) من التقريب والشذرات، وفي الاصل عمر، وهو ابن عمرو بن المهلب بن
عمرو الازدي، أبو عمرو البغدادي الحافظ المجاهد ويعرف بابن الكرماني
ثقة أدركه البخاري.
(3) انظر حاشية رقم 1.
(*)
(10/294)
ثم دخلت سنة خمس عشرة ومائتين
في أواخر المحرم منها ركب المأمون في العساكر من بغداد قاصدا بلاد
الروم لغزوهم.
واستخلف على بغداد وأعمالها إسحاق بن إبراهيم بن مصعب، فلما كان بتكريت
تلقاه محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن
أبي طالب من المدينة النبوية، فأذن له المأمون في الدخول على ابنته أم
الفضل بنت المأمون.
وكان معقود العقد عليها في حياة أبيه علي بن موسى، فدخل بها، وأخذها
معه إلى بلاد الحجاز.
وتلقاه أخوه أبو إسحاق بن الرشيد من الديار المصرية قبل وصوله إلى
الموصل.
وسار المأمون في جحافل كثيرة إلى بلاد طرسوس فدخلها في جمادى الاولى،
وفتح حصنا هناك عنوة وأمر بهدمه، ثم رجع إلى دمشق فنزلها وعمر دير مرات
بسفح قسيون، وأقام بدمشق مدة.
وحج بالناس فيها عبد الله بن عبيد الله بن العباس العباسي.
وفيها توفي أبو زيد الانصاري، ومحمد
بن المبارك الصوري (1)، وقبيصة بن عقبة (2)، وعلي بن الحسن بن شقيق،
ومكي بن إبراهيم (3).
أبو زيد الانصاري فهو سعيد بن أوس بن ثابت البصري اللغوي أحد الثقات
الاثبات ويقال إنه كان يرى ليلة القدر.
قال أبو عثمان المازني: رأيت الاصمعي جاء إلى أبي زيد الانصاري وقبل
رأسه وجلس بين يديه وقال: أنت رئيسنا وسيدنا منذ خمسين سنة.
قال ابن خلكان: وله مصنفات كثيرة، منها خلق الانسان، وكتاب الابل،
وكتاب المياه، وكتاب الفرس والترس، وغير ذلك.
توفي في هذه السنة، وقيل في التي قبلها أو التي بعدها، وقد جاوز
التسعين، وقيل إنه قارب المائة.
وأما أبو سليمان (4) فقد قدمنا ترجمته.
ثم دخلت سنة ست عشرة ومائتين فيها عدا ملك
الروم وهو توفيل بن ميخائيل على جماعة من المسلمين فقتلهم في أرض طرسوس
نحوا من ألف وستمائة إنسان، وكتب إلى المأمون فبدأ بنفسه، فلما قرأ
المأمون كتابه نهض من فوره إلى بلاد الروم عودا على بدء وصحبته أخوه
أبو إسحاق بن الرشيد نائب الشام ومصر، فافتتح بلدانا كثيرة
__________
(1) أبو عبد الله الحافظ شيخ دمشق صاحب سعيد بن عبد العزيز.
(2) السوائي الكوفي العابد الثقة أحد الحفاظ وهو أحد شيوخ الامام أحمد
بن حنبل، قال اسحاق بن سيار: ما رأيت شيخا أحفظ منه.
(3) البلخي الحافظ روى عن هشام بن حسان والكبار وهو آخر من روى من
الثقات عاش نيفا وتسعين سنة.
(4) يعني الداراني، انظر وفيات سنة 205 ه.
(*)
(10/295)
؟ عا وعنوة،
وافتتح أخوه ثلاثين حصنا، وبعث يحيى بن أكثم في سرية إلى طوانة فافتتح
بلادا كثيرة خلقا وحرق حصونا عدة، ثم عاد إلى العسكر.
وأقام المأمون ببلاد الروم من نصف جمادى رة إلى نصف شعبان، ثم عاد إلى
دمشق وقد وثب رجل يقال له عبدوس الفهري في شعبان من السنة ببلاد مصر،
فتغلب على نواب أبي إسحاق بن الرشيد واتبعه خلق كثير، فركب المأمون من
ق يوم الاربعاء لاربع عشرة ليلة خلت من ذي الحجة إلى الديار المصرية،
فكان من أمره ما كره.
وفيها كتب المأمون إلى إسحاق بن إبراهيم نائب بغداد يأمره أن يأمر
الناس بالتكبير عقيب لموات الخمس، فكان أول ما بدئ بذلك في جامع بغداد
والرصافة يوم الجمعة لاربع عشر ليلة ت من رمضان، وذلك أنهم كانوا إذا
قضوا الصلاة قام الناس قياما فكبروا ثلاث تكبيرات، ثم مروا على ذلك في
بقية الصلوات.
وهذه بدعة أحدثها المأمون أيضا بلا مستند ولا دليل ولا مد، فإن هذا لم
يفعله قبله أحد، ولكن ثبت في الصحيح عن ابن عباس أن رفع الصوت بالذكر
على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعلم حين ينصرف الناس من
المكتوبة، وقد استحب هذا طائفة من ماء كابن حزم وغيره.
وقال ابن بطال: المذاهب الاربعة على عدم استحبابه.
قال النووي: وقد عن الشافعي أنه قال: إنما كان ذلك ليعلم الناس أن
الذكر بعد الصلوات مشروع، فلما علم لم يبق للجهر معنى.
وهذا كما روى عن ابن عباس أنه كان يجهر في الفاتحة في صلاة الجنازة
ليعلم ؟ أنها سنة، ولهذا نظائر والله أعلم.
وأما هذه البدعة التي أمر بها المأمون فإنها بدعة محدثة لم يعمل بها
أحد من السلف.
وفيها وقع
شديد جدا.
وفيها حج بالناس الذي حج بهم في العام الماضي (1)، وقيل غيره والله
أعلم.
وفيها حبان بن هلال (2).
وعبد الملك بن قريب الاصمعي صاحب اللغة والنحو والشعر وغير ذلك.
مد بن بكار بن هلال (3).
وهوذة بن خليفة (4).
زبيدة امرأة الرشيد وابنة عمه وهي ابنة جعفر أم العزيز الملقبة زبيدة
بنت جعفر بن المنصور العباسية الهاشمية القرشية،
__________
(1) في الطبري وابن الاثير: حج بالناس سليمان بن عبد الله بن سليمان بن
علي بن عبد الله بن عباس.
(2) البصري الحافظ الثقة، امتنع عن القول بالتحديث قبل موته بأعوام،
روى عن شعبة وطبقته.
(3) في تقريب التهذيب بلال، وهو أبو عبد الله الدمشقي، العاملي، قاضي
دمشق صدوق أخذ عن سعيد بن عبد العزيز وهو من العلماء الثقات.
مات وله أربع وسبعون سنة.
(4) هوذة بن خليفة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكرة الثقفي
البكراوي - أبو الاشهب البصري الاصم نزيل بغداد.
ضعفه ابن معين.
(*)
(10/296)
كانت أحب الناس
إلى الرشيد، وكانت ذات حسن باهر وجمال طاهر، وكان له معها من الحظايا
والجواري والزوجات غيرها كثيرا كما ذكرنا ذلك في ترجمته، وإنما لقبت
زبيدة لان جدها أبا جعفر المنصور كان يلاعبها ويرقصها وهي صغيرة ويقول:
إنما أنت زبيدة، لبياضها، فغلب ذلك عليها فلا تعرف إلا به، وأصل اسمها
أم العزيز.
وكان لها من الجمال والمال والخير والديانة والصدقة والبر شئ كثير.
وروى الخطيب أنها حجت فبلغت نفقتها في ستين يوما أربعة وخمسين ألف ألف
درهم.
، ولما هنأت المأمون بالخلافة قالت: هنأت نفسي بها عنك قبل أن أراك،
ولئن كنت فقدت ابنا خليفة لقد عوضت ابنا خليفة لم ألده، وما خسر من
اعتاض مثلك، ولا ثكلت أم ملات يدها منك، وأنا أسأل الله أجرا على ما
أخذ، وإمتاعا بما عوض.
توفيت ببغداد في جمادى الاولى سنة ست عشرة ومائتين.
ثم قال الخطيب: حدثني الحسين بن محمد الخلال لفظا قال: وحدث أبا الفتح
القواس قال ثنا صدقة بن هبيرة الموصلي، ثنا محمد بن عبد الله الواسطي
قال: قال عبد الله بن المبارك: رأيت زبيدة في
المنام فقلت: ما فعل الله بك ؟ فقالت غفر لي في أول معول ضرب في طريق
مكة.
قلت: فما هذه الصفرة ؟ قالت: دفن بين ظهرانينا رجل يقال له بشر المريسي
زفرت عليه جهنم زفرة فاقشعر لها جسدي فهذه الصفرة من تلك الزفرة.
وذكر ابن خلكان: أنه كان لها مائة جارية كلهن يحفظن القرآن العظيم، غير
من قرأ منه ما قدر له وغير من لم يقرأ، وكان يسمع لهن في القصر دوي
كدوي النحل، وكان ورد كل واحدة عشر القرآن، وورد أنها رؤيت في المنام
فسئلت: عما كانت تصنعه من المعروف والصدقات وما عملته في طريق الحج
فقالت: ذهب ثواب ذلك كله إلى أهله، وما نفعنا إلا ركعات كنت أركعهن في
السحر.
وفيها جرت حوادث وأمور يطول ذكرها.
ثم دخلت سنة سبع عشرة ومائتين في المحرم
منها دخل المأمون مصر وظفر بعبدوس الفهري فأمر فضربت عنقه، ثم كر راجعا
إلى الشام.
وفيها ركب المأمون إلى بلاد الروم أيضا فحاصر لؤلؤة مائة يوم، ثم ارتحل
عنها واستخلف على حصارها عجيفا فخدعته الروم فأسروه فأقام في أيديهم
ثمانية أيام، ثم انفلت منهم واستمر محاصرا لهم، فجاء ملك الروم بنفسه
فأحاط بجيشه من ورائه، فبلغ المأمون فسار إليه، فلما أحس توفيل بقدومه
هرب وبعث وزيره صنغل فسأله الامان والمصالحة، لكنه بدأ بنفسه قبل
المأمون (1) فرد عليه المأمون كتابا بليغا مضمونه التقريع والتوبيخ،
وإني إنما أقبل منك الدخول في الحنيفية وإلا فالسيف والقتل والسلام على
من اتبع الهدى وفيها حج بالناس سليمان بن عبد الله بن سليمان بن علي.
وفيها توفي الحجاج بن منهال (2).
وشريح بن النعمان (3).
وموسى بن داود الضبي (4) والله سبحانه أعلم.
__________
(1) نسخة الكتاب في الطبري.
10 / 283.
(2) أبو محمد الانماطي، كان سمسارا حدث عنه البخاري وغيره وسمع شعبة
وطائفة وكان ثقة صاحب سنة.
(*)
(10/297)
|