البداية والنهاية، ط. دار إحياء التراث العربي
ثم دخلت سنة ست وعشرين ومائتين في شعبان منها توفي الافشين في الحبس
فأمر به المعتصم فصلب ثم أحرق وذري رماده في دجلة واحتيط على أمواله
وحواصله فوجدوا فيها أصناما مكللة بذهب وجواهر، وكتبا في فضل دين
المجوس وأشياء كثيرة كان يتهم بها، تدل على كفره وزندقته، وتحقق بسببها
ما ذكر عنه من الانتماء إلى دين آبائه المجوس.
وحج بالناس فيها محمد بن داود.
وفيها توفي إسحاق الفروي، وإسماعيل
بن أبي أويس (1)، ومحمد بن داود صاحب التفسير، وغسان بن الربيع (2)،
ويحيى بن يحيى التميمي شيخ مسلم بن الحجاج، ومحمد بن عبد الله بن
طاهر بن الحسين.
__________
(1) الحافظ، أبو عبد الله الاصبحي المدني سمع من خاله مالك.
قال ابن ناصر الدين: أثنى عليه أحمد والبخاري وتكلم فيه النسائي وغيره.
(2) الازدي روى عن الرحمن بن ثابت بن ثوبان وطبقته وكان ورعا كبير
القدر ليس بحجة.
(*)
(10/322)
وأبو دلف
العجلي عيسى (1) بن إدريس بن معقل بن عمير بن شيخ بن معاوية بن خزاعي
بن عبد العزيز (2) بن دلف بن جشم بن قيس بن سعد بن عجل بن لحيم الامير
أبو دلف العجلي أحد قواد المأمون والمعتصم وإليه ينسب الامير أبو نصر
بن ماكولا، صاحب كتاب الاكمال.
وكان القاضي جلال الدين خطيب دمشق القزويني يزعم أنه من سلالته، ويذكر
نسبه إليه، وكان أبو دلف هذا كريما جوادا ممدحا، قد قصده الشعراء من كل
أوب، وكان أبو تمام الطائي من جملة من يغشاه ويستمنح نداه، وكانت لديه
فضيلة في الادب والغناء، وصنف كتبا منها سياسة الملوك، ومنها في الصيد
والبزاة.
وفي السلاح وغير ذلك.
وما أحسن ما قيل فيه بكر بن النطاح الشاعر: يا طالبا للكيمياء وعلمه *
مدح ابن عيسى الكيمياء الاعظم لو لم يكن في الارض إلا درهم * ومدحته
لاتاك ذاك الدرهم فيقال: إنه أعطاه على ذلك عشرة آلاف درهم، وكان شجاعا
فاتكا، وكان يستدين ويعطي، وكان أبوه قد شرع في بناء مدينة الكرخ فمات
ولم يتمها فأتمها أبو دلف، وكان فيه تشيع، وكان يقول: من لم يكن
متغاليا في التشيع فهو ولد زنا.
فقال له ابنه دلف: لست على مذهبك يا أبة.
فقال: والله لقد وطئت أمك قبل أن أشتريها، فهذا من ذاك.
وقد ذكر ابن خلكان: أن ولده رأى في المنام بعد وفاة أبيه أن آتيا أتاه
فقال: أجب الامير ! قال فقمت معه فأدخلني دارا وحشة وعرة سوداء الحيطان
مغلقة السقوف والابواب.
ثم أصعدني في درج منها ثم أدخلني غرفة، وإذا في حيطانها أثر النيران،
وفي أرضها أثر الرماد، وإذا بأبي فيها وهو عريان واضع رأسه بين ركبتيه
فقال لي كالمستفهم: أدلف ؟ فقلت
دلف.
فأنشأ يقول: أبلغن أهلنا ولا تخف عنهم * ما لقينا في البرزخ الخناق قد
سئلنا عن كل ما قد فعلنا * فارحموا وحشتي وما قد ألاقي ثم قال: أفهمت ؟
قلت: نعم ! ثم أنشأ يقول: فلو أنا إذا متنا تركنا * لكان الموت راحة كل
حي ولكنا إذا متنا بعثنا * ونسأل بعده عن كل شي ثم قال: أفهمت ؟ قلت:
نعم.
وانتبهت.
__________
(1) في ابن الاثير ومروج الذهب وابن خلكان: اسمه قاسم بن عيسى.
ذكروه في وفيات سنة 225 ه.
(2) في ابن خلكان: عبد العزى.
(*)
(10/323)
ثم دخلت سنة سبع وعشرين ومائتين فيها خرج رجل من أهل الثغور بالشام (1)
يقال له أبو حرب المبرقع اليماني، فخلع الطاعة ودعا إلى نفسه.
وكان سبب خروجه أن رجلا من الجند أراد أن ينزل في منزله عند امرأته في
غيبته فمانعته المرأة فضربها الجندي في يدها فأثرت الضربة في معصمها.
فلما جاء بعلها أبو حرب أخبرته فذهب إلى الجندي وهو غافل فقتله ثم تحصن
في رؤوس الجبال وهو مبرقع، فإذا جاء أحد دعاه إلى الامر بالمعروف
والنهي عن المنكر ويذم من السلطان، فاتبعه على ذلك خلق كثير من
الحراثين وغيرهم، وقالوا: هذا هو السفياني المذكور أنه يملك الشام،
فاستفحل أمره جدا، واتبعه نحو من مائة ألف مقاتل، فبعث إليه المعتصم
وهو في مرض موته جيشا نحوا من (2) مائة ألف مقاتل، فلما قدم أمير
المعتصم بمن معه وجدهم أمة كثيرة وطائفة كبيرة، قد اجتمعوا حول أبي
حرب، فخشي أن يواقعه والحالة هذه، فانتظر إلى أيام حرث الاراضي فتفرق
عنه الناس إلى أراضيهم، وبقي في شرذمة قليلة فناهضه فأسره وتفرق عن
أصحابه، وحمله أمير السرية وهو رجاء بن أيوب حتى قدم به على المعتصم،
فلامه المعتصم في تأخره عن مناجزته أول ما قدم الشام، فقال: كان معه
مائة ألف أو يزيدون، فلم أزل أطاوله حتى
أمكن الله منه، فشكره على ذلك.
وفيها في يوم الخميس الثامن عشر من ربيع الاول من هذه السنة كانت وفاة
أبي إسحاق محمد المعتصم بالله بن هارون الرشيد بن المهدي بن المنصور.
وهذه ترجمته هو أمير المؤمنين أبو إسحاق محمد المعتصم بن هارون الرشيد
بن المهدي بن المنصور العباسي يقال له المثمن لانه ثامن ولد العباس،
وأنه ثامن الخلفاء من ذريته، ومنها أنه فتح ثمان فتوحات، ومنها أنه
أقام في الخلافة ثماني سنين وثمانية أشهر وثمانية أيام.
وقيل ويومين، وأنه ولد سنة ثمانين ومائة في شعبان وهو الشهر الثامن من
السنة، وأنه توفي وله من العمر ثمانية وأربعون سنة، ومنها أنه خلف
ثمانية بنين وثماني بنات، ومنها أنه دخل بغداد من الشام في مستهل رمضان
سنة ثمان عشرة ومائتين بعد استكمال ثمانية أشهر من السنة بعد موت أخيه
المأمون، قالوا: وكان أميالا يحسن الكتابة، وكان سبب ذلك أنه كان يتردد
معه إلى الكتاب غلام فمات الغلام فقال له أبو الرشيد: ما فعل غلامك ؟
قال: مات فاستراح من الكتاب، فقال الرشيد: وقد بلغ منك كراهة الكتاب
إلى أن تجعل الموت راحة منه ؟ والله يا بني لا تذهب بعد اليوم إلى
الكتاب.
فتركوه فكان أميا، وقيل بل كان يكتب كتابة
__________
(1) في الطبري وابن الاثير: بفلسطين.
(2) في الطبري 11 / 6: ألف رجل (انظر ابن الاثير 6 / 523).
(*)
(10/324)
ضعيفة.
وقد أسند الخطيب من طريقه عن آبائه حديثين منكرين أحدهما في ذم بني
أمية ومدح بني العباس من الخلفاء.
والثاني في النهي عن الحجامة يوم الخميس.
وذكر بسنده عن المعتصم أن ملك الروم كتب إليه كتابا يتهدده فيه فقال
للكاتب اكتب: قد قرأت كتابك وفهمت خطابك والجواب ما ترى لا ما تسمع،
وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار.
قال الخطيب: غزا المعتصم بلاد الروم في سنة ثلاث وعشرين ومائتين، فأنكى
نكاية عظيمة في العدو، وفتح عمورية وقتل من أهلها ثلاثين ألفا وسبى
مثلهم، وكان في سبيه ستون بطريقا، وطرح النار في عمورية في سائر
نواحيها فأحرقها وجاء
بنائبها إلى العراق وجاء ببابها أيضا معه وهو منصوب حتى الآن على أحد
أبواب دار الخلافة مما يلي المسجد الجامع في القصر.
وروي عن أحمد بن أبي دؤاد القاضي أنه قال: ربما أخرج المعتصم ساعده إلي
وقال لي: عض يا أبا عبد الله بكل ما تقدر عليه، فأقول إنه لا تطيب نفسي
يا أمير المؤمنين أن أعض ساعدك، فيقول: إنه لا يضرني.
فأكدم بكل ما أقدر عليه فلا يؤثر ذلك في يده.
ومر يوما في خلافة أخيه بمخيم الجند فإذا امرأة تقول: ابني ابني، فقال
لها: ما شأنك ؟ فقالت: ابني أخذه صاحب هذه الخيمة.
فجاء إليه المعتصم فقال له: أطلق هذا الصبي، فامتنع عليه فقبض على جسده
بيده فسمع صوت عظامه مت تحت يده، ثم أرسله فسقط ميتا وأمر بإخراج الصبي
إلى أمه.
ولما ولي الخلافة كان شهما وله همة عالية في الحرب ومهابة عظيمة في
القلوب، وإنما كانت نهمته في الانفاق في الحرب لا في البناء ولا في
غيره.
وقال أحمد بن أبي دؤاد: تصدق المعتصم على يدي ووهب ما قيمته مائة ألف
ألف درهم.
وقال غيره: كان المعتصم إذا غضب لا يبالي من قتل ولا ما فعل.
وقال إسحاق بن إبراهيم الموصلي: دخلت يوما على المعتصم وعنده قينة له
تغنيه فقال لي: كيف تراها ؟ فقلت له: أراها تقهره بحذق، وتجتله برفق،
ولا تخرج من شئ إلا إلى أحسن منه، وفي صوتها قطع شذور، أحسن من نظم
الدر على النحور.
فقال: والله لصفتك لها أحسن منها ومن غنائها.
ثم قال لابنه هارون الواثق ولي عهده من بعده: اسمع هذا الكلام.
وقد استخدم المعتصم من الاتراك خلقا عظيما كان له من المماليك الترك
قريب من عشرين ألفا، وملك من آلات الحرب والدواب ما لم يتفق لغيره.
وما حضرته الوفاة جعل يقول (حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا
هم مبلسون) [ الانعام: 44 ] وقال: لو علمت أن عمري قصير ما فعلت.
وقال: إني أحدث هذا الخلق، وجعل يقول: ذهبت الحيل فلا حيلة.
وروى عنه أنه قال في مرض موته: اللهم إني أخافك من قبلي ولا أخافك من
قبلك، وأرجوك من قبلك ولا أرجوك من قبلي.
كانت وفاته بسر من رأي في يوم الخميس ضحى لسبع عشرة ليلة خلت من ربيع
الاول من هذه السنة - أعني سنة سبع وعشرين ومائتين - وكان مولده يوم
الاثنين لعشر خلون من شعبان سنة ثمانين
ومائة، وولي الخلافة في رجب سنة ثمان عشرة ومائتين، وكان أبيض أصهب
اللحية طويلها مربوعا
(10/325)
مشرب اللون،
أمه أم ولد اسمها ماردة، وهو أحد أولاد ستة من أولاد الرشيد، كل منهم
أسمه محمد، وهم أبو إسحاق محمد المعتصم، وأبو العباس محمد الامين، وأبو
عيسى محمد، وأبو أحمد، وأبو يعقوب، وأبو أيوب.
قاله هشام بن الكلبي.
وقد ولي الخلافة بعده ولده هارون الواثق.
وقد ذكر ابن جرير أن وزيره محمد بن عبد الملك بن الزيات رثاه فقال: قد
قلت إذ غيبوك واصطفقت * عليك أيدي التراب (1) والطين إذهب فنعم الحفيظ
(2) كنت على ال * دنيا ونعم الظهير (2) للدين لا جبر الله أمة فقدت *
مثلك إلا بمثل هارون وقال مروان بن أبي الجنوب - وهو ابن أخي (3) حصفة
-: أبو إسحاق مات ضحى فمتنا * وأمسينا بهارون حيينا لئن جاء الخميس بما
كرهنا * لقد جاء الخميس بما هوينا خلافة هارون الواثق بن المعتصم بويع
له بالخلافة قبل موت أبيه يوم الاربعاء لثمان خلون من ربيع الاول (4)
من هذه السنة - أعني سنة سبع وعشرين ومائتين - ويكنى أبا جعفر، وأمه أم
ولد رومية يقال لها قراطيس، وقد خرجت في هذه السنة قاصدة الحج فماتت
بالحيرة ودفن بالكوفة في دار داود بن عيسى، وذلك لاربع خلون من ذي
القعدة من هذه السنة، وكان الذي أقام للناس الحج فيها جعفر بن المعتصم.
وفيها توفي ملك الروم توفيل بن
ميخائيل، وكان مدة ملكه ثنتي عشرة سنة، فملكت الروم بعده امرأته تدورة.
وكان ابنها ميخائيل بن توفيل صغيرا.
وفيها توفي: بشر الحافي الزاهد المشهور وهو بشر بن الحارث بن عبد
الرحمن بن عطاء بن هلال بن ماهان بن عبد الله المروزي أبو نصر الزاهد
المعروف بالحافي، نزيل بغداد.
قال ابن خلكان: وكان اسم جده عبد الله الغيور (5)، أسلم
__________
(1) في الطبري 11 / 7: أيد بالترب، وفي الفخري ص 234: أيد بالماء.
(2) في الفخري: في الموضعين: المعين.
(3) في الطبري: ابن أبي حفصة، وهو مروان الاصغر أبو السمط حفيد مروان
الاكبر ابن أبي حفصة.
(4) في ابن الاثير 6 / 528 ومروج الذهب 4 / 75: بويع في اليوم الذي
توفي فيه أبوه، يوم الخميس لثماني عشرة ليلة.
خلت من ربيع الاول.
(5) في ابن خلكان المطبوع 1 / 274: بعبور.
(*)
(10/326)
على يدي علي بن
أبي طالب.
قلت: وكان مولده ببغداد سنة خمسين ومائة، وسمع بها شيئا كثيرا من حماد
بن زيد، وعبد الله بن المبارك، وابن مهدي، ومالك، وأبي بكر بن عياش،
وغيرهم.
وعنه جماعة منهم أبو خيثمة، وزهير بن حرب، وسري السقطي، والعباس بن عبد
العظيم، ومحمد بن حاتم.
قال محمد بن سعد: سمع بشر كثيرا ثم اشتغل بالعبادة واعتزل الناس ولم
يحدث.
وقد أثنى عليه غير واحد من الائمة في عبادته وزهادته وورعه ونسكه
وتقشفه.
قال الامام أحمد يوم بلغه موته: لم يكن له نظير إلا عامر بن عبد قيس،
ولو تزوج لتم أمره.
وفي رواية عنه أنه قال: ما ترك بعده مثله.
وقال إبراهيم الحربي: ما أخرجت بغداد أتم عقلا منه، ولا أحفظ للسانه
منه، ما عرف له غيبة لمسلم، وكان في كل شعرة منه عقل.
ولو قسم عقله على أهل بغداد لصاروا عقلاء وما نقص من عقله شئ.
وذكر غير واحد أن بشرا كان شاطرا في بدء أمره، وأن سبب توبته أنه وجد
رقعة فيها اسم الله عزوجل في أتون حمام فرفعها ورفع طرفه إلى السماء
وقال: سيدي اسمك ههنا ملقى يداس ! ثم ذهب إلى عطار فاشترى بدرهم غالية
وضمخ تلك الرقعة منها ووضعها حيث لا تنال، فأحيى الله قلبه وألهمه رشده
وصار إلى ما صار إليه من العبادة والزهادة.
ومن كلامه: من أحب الدنيا فليتهيأ للذل.
وكان بشر يأكل الخبز وحده فقيل له: أما لك أدم ؟ فقال: بل أذكر العافية
فأجعلها أدما.
وكان لا يلبس نعلا بل يمشي حافيا فجاء يوما إلى باب فطرقه فقيل من ذا ؟
فقال: بشر الحافي.
فقالت له جارية صغيرة: لو اشترى نعلا بدرهم لذهب عنه اسم
الحافي.
قالوا: وكان سبب تركه النعل أنه جاء مرة إلى حذاء فطلب منه شراكا لنعله
فقال: ما أكثر كلفتكم يا فقراء على الناس ؟ فطرح النعل من يده وخلع
الاخرى من رجله وحلف لا يلبس نعلا أبدا.
قال ابن خلكان: وكانت وفاته يوم عاشوراء، وقيل في رمضان ببغداد، وقيل
بمرو.
قلت: الصحيح ببغداد في هذه السنة، وقيل في سنة ست وعشرين والاول أصح
والله أعلم.
وحين مات اجتمع في جنازته أهل بغداد عن بكرة أبيهم، فأخرج بعد صلاة
الفجر فلم يستقر في قبره إلا بعد العتمة.
وكان على المدائني وغيره من أئمة الحديث يصيح بأعلا صوته في الجنازة:
هذا والله شرف الدنيا قبل شرف الآخرة.
وقد روي أن الجن كانت تنوح عليه في بيته الذي كان يسكنه.
وقد رآه بعضهم في المنام فقال: ما فعل الله بك ؟ فقال غفر لي ولكل من
أحبني إلى يوم القيامة.
وذكر الخطيب أنه كان له أخوات ثلاث وهن: مخة، ومضغة، وزبدة.
وكلهن عابدات زاهدات مثله وأشد ورعا أيضا.
ذهبت إحداهن إلى الامام أحمد بن حنبل فقالت: إني ربما طفئ السراج وأنا
أغزل على ضوء القمر فهل علي عند البيع أن أميز هذا من هذا ؟ فقال: إن
كان بينهما فرق فميزي للمشتري.
وقالت له مرة إحداهن: ربما تمر بنا مشاعل بني طاهر في الليل ونحن نغزل
فنغزل الطاق والطاقين والطاقات فخلصني من ذلك.
فأمرها أن تتصدق بذلك الغزل كله لما اشتبه عليها من معرفة ذلك المقدار.
وسألته عن أنين المريض أفيه شكوى ؟ قال لا ! إنما هو شكوى إلى الله عز
وجل.
ثم خرجت فقال لابنه عبد
(10/327)
الله: يا بني
اذهب خلفها فاعلم لي من هذه المرأة ؟ قال عبد الله: فذهبت وراءها فإذا
هي قد دخلت دار بشر، وإذا هي أخته مخة.
وروى الخطيب أيضا عن زبدة قالت: جاء ليلة أخي بشر فدخل برجله في الدار
وبقيت الاخرى خارج الدار، فاستمر كذلك ليلته حتى أصبح، فقيل له فيم
تفكرت ليلتك ؟ فقال: تفكرت في بشر النصراني وبشر اليهودي وبشر المجوسي
وفي نفسي لان أسمي بشر، فقلت في نفسي: ما الذي سبق لي من الله حتى خصني
بالاسلام من بينهم ؟ فتفكرت في فضل الله علي وحمدته أن هداني للاسلام،
وجعلني ممن خصه به، وألبسني لباس أحبابه وقد ترجمه ابن عساكر فأطنب
وأطيب وأطال من غير
ملال، وقد ذكر له أشعارا حسنة، وذكر أنه كان يتمثل بهذه الابيات: تعاف
القذى في الماء لا تستطيعه * وتكرع من حوض الذنوب فتشرب وتؤثر من أكل
الطعام ألذه * ولا تذكر المختار من أين يكسب وترقد يا مسكين فوق نمارق
* وفي حشوها نار عليك تلهب فحتى متى لا تستفيق جهالة * وأنت ابن سبعين
بدينك تلعب وممن توفي فيها أحمد بن
يونس (1)، وإسماعيل بن عمرو البجلي (2)، وسعيد بن منصور صاحب السنن
المشهورة التي لا يشاركه فيها إلا القليل، ومحمد بن الصباح الدولابي.
وله سنن أيضا.
وأبو الوليد الطيالسي (3)، وأبو الهذيل العلاف المتكلم المعتزلي.
والله أعلم.
ثم دخلت سنة ثمان وعشرين ومائتين في رمضان
منها خلع الواثق على أشناس الامير، وتوجه وألبسه وشاحين من جوهر وحج
بالناس فيها محمد بن داود الامير.
وغلا السعر على الناس في طريق مكة جدا، وأصابهم حر شديد وهم بعرفة، ثم
أعقبه برد شديد ومطر عظيم، كل ذلك في ساعة واحدة، ونزل عليهم وهم بمنى
مطر لم ير مثله، وسقطت قطعة من الجبل عند جمرة العقبة فقتلت جماعة من
الحجاج.
قال ابن جرير: وفيها مات أبو الحسن المدائني أحد أئمة هذا الشأن في
منزل إسحاق بن إبراهيم الموصلي.
وحبيب بن أوس الطائي أبو تمام الشاعر.
__________
(1) أحمد بن عبد الله بن يونس أبو عبد الله اليربوعي الكوفي الحافظ سمع
الثوري وطبقته وعاش 94 سنة وهو من الثقات الاثبات.
(2) محدث أصبهان وهو كوفي وثقه ابن حبان وغيره وضعفه الدار قطني وهو
مكثر عالي الاسناد.
(3) واسمه هشام بن عبد الملك الباهلي مولاهم البصري الحافظ أحد أركان
الحديث.
قال أبو حاتم: إمام فقيه عاقل ثقة.
قال ابن وارة: ما أراني أدركت مثله.
مات وله 94 سنة.
(*)
(10/328)
قلت أما أبو
الحسن المدائني فاسمه علي بن المدائني أحد أئمة هذا الشأن، وإمام
الاخباريين في
زمانه، وقد قدمنا ذكر وفاته قبل هذه السنة.
وأما: أبو تمام الطائي الشاعر صاحب الحماسة التي جمعها في فضل النساء
بهمدان في دار وزيرها.
فهو حبيب بن أوس بن الحارث بن قيس بن الاشج بن يحيى أبو تمام الطائي
الشاعر الاديب.
ونقل الخطيب عن محمد بن يحيى الصولي: أنه حكى عن بعض (1) الناس أنهم
قالوا: أبو تمام حبيب بن تدرس (2) النصراني، فسماه أبوه حبيب أوس بدل
تدرس.
قال ابن خلكان: وأصله من قرية جاسم من عمل الجيدور بالقرب من طبرية،
وكان بدمشق يعمل عند حائك، ثم سار به إلى مصر في شبيبته.
وابن خلكان أخذ ذلك من تاريخ ابن عساكر، وقد ترجم له أبو تمام ترجمة
حسنة.
قال الخطيب: وهو شامي الاصل، وكان بمصر في حداثته يسقي الماء في المسجد
الجامع، ثم جالس بعض الادباء فأخذ عنهم وكان فطنا فهما، وكان يحب الشعر
فلم يزل يعانيه حتى قال الشعر فأجاد، وشاع ذكره وبلغ المعتصم خبره
فحمله إليه وهو بسر من رأى، فعمل فيه قصائد فأجازه وقدمه على شعراء
وقته، قدم بغداد فجالس الادباء وعاشر العلماء، وكان موصوفا بالظرف وحسن
الاخلاق.
وقد روى عنه أحمد بن أبي طاهر أخبارا بسنده.
قال ابن خلكان: كان يحفظ أربعة عشر ألف أرجوزة للعرب غير القصائد
والمقاطيع وغير ذلك، وكان يقال: في طئ ثلاثة: حاتم في كرمه (3)، وداود
الطائي في زهده، وأبو تمام في شعره.
وقد كان الشعراء في زمانه جماعة فمن مشاهيرهم أبو الشيص، ودعبل، وابن
أبي قيس، وكان أبو تمام من خيارهم دينا وأدبا وأخلاقا.
ومن رقيق شعره قوله: يا حليف الندى وما معدن الجود * ويا خير من حويت
القريضا ليت حماك بي وكان لك الاج * ر فلا تشكي وكنت المريضا وقد ذكر
الخطيب عن إبراهيم بن محمد بن عرفة أن أبا تمام توفي في سنة إحدى
وثلاثين ومائتين وكذا قال ابن جرير (4).
وحكى عن بعضهم أنه توفي في سنة إحدى وثلاثين، وقيل سنة ثنتين وثلاثين
فالله أعلم.
وكانت وفاته بالموصل، وبنيت على قبره قبة، وقد رثاه الوزير محمد بن عبد
الملك الزيات فقال:
__________
(1) في الموازنة للآمدي 1 / 534: عند أكثر الناس.
(2) في ابن خلكان 2 / 11 والموازنة: تدوس.
(3) في ابن خلكان 2 / 14: جوده.
(4) لم يأت ابن جرير في حوادث سنة 231 على ذكر أبي تمام، بل ذكر وفاته
في سنة 228 وقد تقدم ذلك.
(*)
(10/329)
نبأ أتى من
أعظم الانباء * لما ألم مقلقل الاحشاء قالوا حبيب قد ثوى فأجبتهم *
ناشدتكم لا تجعلوه الطائي وقال غيره: فجع القريض بخاتم الشعراء * وغدير
روضتها حبيب الطائي ماتا معا فتجاروا في حفرة * وكذاك كانا قبل في
الاحياء وقد جمع الصولي شعر أبي تمام على حروف المعجم.
قال ابن خلكان: وقد امدتح أحمد بن المعتصم ويقال ابن المأمون بقصيدته
التي يقول فيها: إقدام عمرو في سماحة حاتم * في حلم أحنف في ذكاء إياس
فقال له بعض الحاضرين: أتقول هذا لامير المؤمنين وهو أكبر قدرا من
هؤلاء ؟ فإنك ما زدت على أن شبهته بأجلاف من العرب البوادي.
فأطرق إطراقة ثم رفع رأسه فقال: لا تنكروا ضربي له من دونه * مثلا
شرودا في الندى والباس فالله قد ضرب الاقل لنوره * مثلا من المشكاة
والنبراس قال: فلما أخذوا القصيدة لم يجدوا فيها هذين البيتين، وإنما
قالهما ارتجالا.
قال: ولم يعش بعد هذا إلا قليلا حتى مات.
وقيل إن الخليفة أعطاه الموصل لما مدحه بهذه القصيدة، فأقام بها أربعين
يوما ثم مات.
وليس هذا بصحيح، ولا أصل له، وإن كان قد لهج به بعض الناس كالزمخشري
وغيره.
وقد أورد له ابن عساكر أشياء من شعره مثل قوله: ولو كانت الارزاق تجرى
على الحجا * هلكن إذا من جهلهن البهائم
ولم يجتمع شرق وغرب لقاصد * ولا المجد في كف امرئ والدراهم ومنه قوله:
وما أنا بالغيران من دون غرسه * إذا أنا لم أصبح غيورا على العلم طبيب
فؤادي مذ ثلاثين حجة * ومذهب همي والمفرج للغم
وفيها توفي أبو نصر الفارأبي (1).
والعيشي (2)، وأبو الجهم (3)، ومسدد (4)، وداود بن عمرو
__________
(1) كذا بالاصل، وهو عبد الملك بن مالك بن عبد العزيز أبو نصر التمار
الزاهد وكان ثقة عابدا عالما قانتا ورعا وله 91 سنة.
(2) من تقريب التهذيب، وفي الاصل العبسي تحريف، واسمه عبيد الله بن
محمد بن عائشة، والعيشي نسبة إلى عائشة = (*)
(10/330)
الضبي (1)،
ويحيى بن عبد الحميد الحماني (2).
ثم دخلت سنة تسع وعشرين ومائتين فيها أمر
الواثق بعقوبة الدواوين وضربهم واستخلاص الاموال منهم، لظهور خياناتهم
وإسرافهم في أمورهم، فمنهم من ضرب ألف سوط وأكثر من ذلك وأقل، ومنهم من
أخذ منه ألف ألف دينار، ودون ذلك، وجاهر الوزير محمد بن عبد الملك
لسائر ولاة الشرط بالعداوة فعسفوا وحبسوا ولقوا شرا عظيما، وجهدا
جهيدا، وجلس إسحاق بن إبراهيم للنظر في أمرهم، وأقيموا للناس وافتضحوهم
والدواوين فضحية بليغة.
وكان سبب ذلك أن الواثق جلس ليلة في دار الخلافة وجلسوا يسمرون عنده،
فقال: هل منكم أحد يعرف سبب عقوبة جدي الرشيد للبرامكة ؟ فقال بعض
الحاضرين: نعم يا أمير المؤمنين ! سبب ذلك أن الرشيد عرضت له جارية
فأعجبه جمالها فساوم سيدها فيها فقال: يا أمير المؤمنين إني أقسمت بكل
يمين أن لا أبيعها بأقل من مائة ألف دينار، فاشتراها منه بها وبعث إلى
يحيى بن خالد الوزير ليبعث إليه بالمال من بيت المال، فاعتل بأنها ليست
عنده، فأرسل الرشيد إليه يؤنبه ويقول: أما في بيت مالي مائة ألف دينار
؟ وألح في طلبها فقال يحيى بن خالد: أرسلوها إليه دراهم ليستكثرها،
ولعله يرد الجارية.
فبعثوا بمائة ألف دينار دراهم ووضعوها في طريق
الرشيد وهو خارج إلى الصلاة، فلما اجتاز به رأى كوما من دراهم، فقال:
ما هذا قالوا: ثمن الجارية، فاستكثر ذلك وأمر بخزنها عند بعض خدمه في
دار الخلافة، وأعجبه جمع المال في حواصله، ثم شرع في تتبع أموال بيت
المال فإذا البرامكة قد استهلكوها، فجعل يهم بهم تارة يريد أخذهم
وهلاكهم، وتارة يحجم عنهم، حتى إذا كان في بعض الليالي سمر عنده رجل
يقال له أبو العود فأطلق له ثلاثين ألفا من الدراهم، فذهب إلى الوزير
يحيى بن خالد بن برمك فطلبها منه فماطله مدة طويلة، فلما كان في بعض
الليالي في السمر عرض أبو العود بذلك للرشيد في قول عمر بن أبي ربيعة:
وعدت هند وما كادت تعد * ليت هندا أنجزتنا ما تعد واستبدت مرة واحدة *
إنما العاجز من لا يستبد
__________
= بنت طلحة لانه من ذريتها ثقة أحد الفصحاء الاجواد.
(3) أبو الجهم واسمه العلاء بن موسى الباهلي.
قال الخطيب: صدوق روى عن الليث بن سعد وجماعة.
(4) مسدد بن مسرهد بن مسربل بن مغربل بن مرعبل بن مطربل بن ارندل بن
سرندل بن عرندل بن ماسك بن المستورد الاسدي.
أحد الحفاظ الثقات.
(1) البغدادي وكان ثقة مبرزا على أصحابه.
سمع نافع بن عمر الجمحي وطائفة.
(2) أبو زكريا الكوفي الحافظ أحد أركان الحديث، وثقه ابن معين وضعفه
غيره.
(*)
(10/331)
فجعل الرشيد
يكرر قوله: إنما العاجز من لا يستبد، ويعجبه ذلك.
فلما كان الصباح دخل عليه يحيى بن خالد فأنشده الرشيد هذين البيتين وهو
يستحسنهما، ففهم ذلك يحيى بن خالد وخاف وسأل عن من أنشد ذلك للرشيد ؟
فقيل له أبو العود.
فبعث إليه وأعطاه الثلاثين ألفا وأعطاه من عنده عشرين ألفا، وكذلك
ولداه الفضل وجعفر، فما كان عن قريب حتى أخذ الرشيد البرامكة، وكان من
أمرهم ما كان.
فلما سمع ذلك الواثق أعجبه وجعل يكرر قول الشاعر: إنما العاجز من لا
يستبد.
ثم بطش بالكتاب وهم الدواوين على إثر ذلك، وأخذ منهم أموالا عظيمة جدا.
وفيها حج بالناس أمير
السنة الماضية وهو أمير الحجيج في السنتين الماضيتين.
وفيها توفي خلف بن هشام البزار أحد
مشاهير القراء، وعبد الله بن محمد المسندي (1)، ونعيم بن حماد الخزاعي
أحد أئمة السنة بعد أن كان من أكابر الجهمية، وله المصنفات في السنن
وغيرها، وبشار بن عبد الله المنسوب إليه النسخة المكذوبة عنه أو منه،
ولكنها عالية الاسناد إليه، ولكنها موضوعة.
ثم دخلت سنة ثلاثين ومائتين في جمادى منها
خرجت بن سليم حول المدينة النبوية فعاثوا في الارض فسادا، وأخافوا
السبيل، وقاتلهم أهل المدينة فهزموا أهلها واستحوذوا على ما بين
المدينة ومكة من المناهل والقرى، فبعث إليهم الواثق بغا الكبير أبا
موسى التركي في جيش فقاتلهم في شعبان فقتل منهم خمسين فارسا وأسر منهم
وانهزم بقيتهم، فدعاهم إلى الامان وأن يكونوا على حكم أمير المؤمنين،
فاجتمع إليه منهم خلق كثير، فدخل بهم المدينة وسجن رؤوسهم في دار يزيد
بن معاوية وخرج إلى الحج في هذه السنة، وشهد معه الموسم إسحاق بن
إبراهيم بن مصعب نائب العراق.
وفيها حج بالناس محمد بن دواد المتقدم.
وفيها توفي: عبد الله بن طاهر بن الحسين نائب خراسان وما والاها.
وكان خراج ما تحت يده في كل سنة ثمانية وأربعين ألف ألف درهم، فولى
الواثق مكانه ابنه طاهر.
وتوفي قبله أشناس التركي بتسعة أيام، يوم الاثنين لاحدى عشرة ليلة خلت
من شهر ربيع الاول من هذه السنة.
وقال ابن خلكان: توفي سنة ثمان وعشرين بمرو، وقيل بينسابور، وكان كريما
جوادا، وله شعر حسن، وقد ولي نيابة مصر بعد العشرين ومائتين.
__________
(1) لقب بالمسندي لانه تتبع المسند وجمعه، وهو أبو جعفر الجعفي
البخاري، ثقة حافظ روى عنه البخاري وغيره.
(*)
(10/332)
وذكر الوزير
أبو القاسم بن المغربي: أن البطيخ العبد لاوي الذي بمصر منسوب إلى عبد
الله بن طاهر هذا.
قال ابن خلكان: لانه كان يستطيبه، وقيل لانه أول من زرعه هناك والله
أعلم.
ومن جيد
شعره: اغتفر زلتي لتحرز فضل الش * كر مني ولا يفوتك أجبري لا تلكني إلى
التوسل بالعذ * ر لعلي أن لا أقوم بعذري ومن شعره قوله: نحن قوم يليننا
الخد والنح * ر (1) على أننا نلين الحديدا طوع أيدي الصبا تصيدنا العي
* ن ومن شأننا نصيد الاسودا (2) نملك الصيد ثم تملكنا البي * ض
المضيئات أعينا وخدودا تتقي سخطنا الاسود ونخشى * سقط الخشف حين تبدي
القعودا (3) قترانا يوم الكريهة أحرا * را وفي السلم للغواني عبيدا قال
ابن خلكان: وكان خزاعيا من موالي طلحة الطلحات الخزاعي، وقد كان أبو
تمام يمدحه، فدخل إليه مرة فأضافه الملح بهمدان فصنف له كتاب الحماسة
عند بعض نسائه.
ولما ولاه المأمون نيابة الشام ومصر صار إليها وقد رسم له بما في ديار
مصر من الحواصل، فحمل إليه وهو في أثناء الطريق ثلاثة آلاف ألف دينار،
ففرقها كلها في مجلس واحد، وأنه لما واجه مصر نظر إليها فاحتقرها وقال:
قبح الله فرعون، ما كان أخسه وأضعف همته حين تبجح وتعاظم بملك هذه
القرية، وقال: أنا ربكم الاعلى.
وقال: أليس لي ملك مصر.
فكيف لو رأى بغداد وغيرها.
وفيها توفي علي بن جعد الجوهري (4)،
ومحمد بن سعد كاتب الواقدي مصنف كتاب الطبقات وغيره.
وسعيد بن محمد الجرمي (5).
__________
(1) في وفيات الاعيان 3 / 85: يليننا الحدق النجل.
(2) في ابن خلكان:...تقتادنا العي * ن ونقتاد بالطعان الاسودا (3) في
الوفيات: سخط الخشف حين يبدي الصدودا.
وقال ابن خلكان: (وقيل: انها لاصرم بن حميد ممدوح أبي تمام).
والابيات في ديوانه 3 / 270.
(4) أبو الحسن الهاشمي مولاهم البغدادي الحافظ محدث بغداد.
وكان ثقة عجبا في حفظه لم يرو عنه مسلم.
مات وله 96 سنة.
(5) الكوفي كان صاحب حديث خرج له الشيخان وأبو داود.
وثقة أبو داود خلق.
(*)
(10/333)
ثم دخلت سنة إحدى وثلاثين ومائتين فيها وقعت مفاداة الاسارى المسلمين
الذين كانوا في أيدي الروم على يدي الامير خاقان الخادم وذلك في المحرم
من هذه السنة، وكان عدة الاسارى أربعة آلاف وثلثمائة واثنين وستين
أسيرا (1).
وفيها كان مقتل أحمد بن نصر الخزاعي رحمه الله وأكرم مثواه.
وكان سبب ذلك أن هذا الرجل وهو أحمد بن نصر بن مالك بن الهيثم الخزاعي
وكان جده مالك بن الهيثم من أكبر الدعاة إلى دولة بني العباس الذين
قتلوا ولده هذا، وكان أحمد بن نصر هذا له وجاهة ورياسة، وكان أبوه نصر
بن مالك يغشاه أهل الحديث، وقد بايعه العامة في سنة إحدى ومائتين على
القيام بالامر والنهي حين كثرت الشطار والدعار في غيبة المأمون عن
بغداد كما تقدم ذلك، وبه تعرف سويقة نصر ببغداد، وكان أحمد بن نصر هذا
من أهل العلم والديانة والعمل الصالح والاجتهاد في الخير، وكان من أئمة
السنة الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، وكان ممن يدعو إلى القول
بأن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق، وكان الواثق من أشد الناس في
القول بخلق القرآن، يدعو إليه ليلا ونهارا، سرا وجهارا، اعتمادا على ما
كان عليه أبوه قبله وعمه المأمون، من غير دليل ولا برهان، ولا حجة ولا
بيان، ولا سنة ولا قرآن فقام أحمد بن نصر هذا يدعو إلى الله وإلى الامر
بالمعروف والنهي عن المنكر والقول بأن القرآن كلام الله منزل غير
مخلوق، في أشياء كثيرة دعا الناس إليها.
فاجتمع عليه جماعة من أهل بغداد، والتف عليه من الالوف أعداد، وانتصب
للدعوة إلى أحمد بن نصر هذا رجلان وهما أبو هارون السراج (2) يدعو أهل
الجانب الشرقي، وآخر يقال له طالب يدعو أهل الجانب الغربي فاجتمع عليه
من الخلائق ألوف كثيرة، وجماعات غزيرة، فلما كان شهر شعبان من هذه
السنة انتظمت البيعة لاحمد بن نصر الخزاعي في السر على القيام بالامر
بالمعروف والنهي عن المنكر، والخروج على
السلطان لبدعته ودعوته إلى القول بخلق القرآن، ولما هو عليه وأمراؤه
وحاشيته من المعاصي والفواحش وغيرها.
فتواعدوا على أنهم في الليلة الثالثة من شعبان - وهي ليلة - الجمعة
يضرب طبل في الليل فيجتمع الذين بايعوا في مكان اتفقوا عليه، وأنفق
طالب أبو هارون في أصحابه دينارا دينارا، وكان من جملة من أعطوه رجلان
من بني أشرس، وكانا يتعاطيان الشراب، فلما كانت ليلة الخميس شربا في
قوم من أصحابهم واعتقدا أن تلك الليلة هي ليلة الوعد، وكان ذلك قبله
بليلة، فقاما يضربان على طبل في الليل ليجتمع إليهما الناس، فلم يجئ
أحد وانحزم النظام وسمع الحرس في الليل فأعلموا نائب السلطنة، وهو محمد
بن إبراهيم بن مصعب، وكان نائبا لاخيه إسحاق بن إبراهيم، لغيبته عن
بغداد، فأصبح الناس متخبطين، واجتهد نائب السلطنة على إحضار ذينك
الرجلين فأحضرا فعاقبهما فأقرا على أحمد بن نصر، فطلبه وأخذ خادما له
فاستقره فأقر بما أقر به الرجلان،
__________
(1) في ابن الاثير 7 / 24: وأربع مائة وستين نفسا، والنساء والصبيان
ثمانمائة وأهل ذمة المسلمين مائة نفس.
(2) في ابن الاثير 7 / 21: الشداخ.
(*)
(10/334)
فجمع جماعة من
رؤوس أصحاب أحمد بن نصر معه وأرسل بهم إلى الخليفة بسر من رأى، وذلك في
آخر شعبان، فأحضر له جماعة من الاعيان وحضر القاضي أحمد بن أبي دؤاد
المعتزلي، وأحضر أحمد بن نصر ولم يظهر منه على أحمد بن نصر عتب، فلما
أوقف أحمد بن نصر بين يدي الواثق لم يعاتبه على شئ مما كان منه في
مبايعته العوام على الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيره، بل أعرض عن
ذلك كله وقال له: ما تقول في القرآن ؟ فقال: هو كلام الله.
قال: أمخلوق هو ؟ قال هو كلام الله.
وكان أحمد بن نصر قد استقل وباع نفسه وحضر وقد تحنط وتنور وشد على
عورته ما يسترها فقال له: فما تقول في ربك، أتراه يوم القيامة ؟ فقال:
يا أمير المؤمنين قد جاء القرآن والاخبار بذلك، قال الله تعالى (وجوه
يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة) [ القيامة: 22 - 23 ] وقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: (إنكم ترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في
رؤيته) (1).
فنحن على الخبر.
زاد الخطيب قال الواثق: ويحك ! أيرى كما يرى المحدود المتجسم ؟ ويحويه
مكان ويحصره الناظر ؟ أنا أكفر برب هذه صفته.
قلت: وما قاله الواثق لا يجوز ولا يلزم ولا يرد به هذا الخبر الصحيح
والله أعلم.
ثم قال أحمد بن نصر للواثق: وحدثني سفيان بحديث يرفعه (إن قلب ابن آدم
بأصبعين من أصابع لله يقلبه كيف شاء) (2) وكان النبي صلى الله عليه
وسلم يقول: " يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك " (3).
فقال له إسحاق بن إبراهيم: ويحك، انظر ما تقول.
فقال: أنت أمرتني بذلك.
فأشفق إسحاق من ذلك وقال: أنا أمرتك ؟ قال: نعم، أنت أمرتني أن أنصح
له.
فقال الواثق لمن حوله: ما تقولون في هذا الرجل ؟ فأكثروا القول فيه.
فقال عبد الرحمن بن إسحاق - وكان قاضيا على الجانب الغربي فعزل وكان
موادا لا حمد بن نصر قبل ذلك - يا أمير المؤمنين هو حلال الدم.
وقال أبو عبد الله الارمني صاحب أحمد بن أبي دؤاد: اسقني دمه يا أمير
المؤمنين.
فقال الواثق: لا بد أن يأتي ما تريد.
وقال ابن أبي دؤاد: هو كافر يستتاب لعل به عاهة أو نقص عقل.
فقال الواثق: إذا رأيتموني قمت إليه فلا يقومن أحد معي، فإني أحتسب
خطاي.
ثم نهض إليه بالصمصامة - وقد كانت سيفا لعمرو بن معد يكرب الزبيدي
أهديت لموسى الهادي في أيام خلافته وكانت صفيحة مسحورة في أسفلها
مسمورة بمسامير - فلما انتهى إليه ضربه بها على عاتقه وهو مربوط بحبل
قد أوقف على نطع، ثم ضربه أخرى على رأسه ثم طعنه بالصمصامة في بطنه
فسقط صريعا رحمه الله على النطع ميتا، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
رحمه الله وعفا
__________
(1) أخرجه البخاري في التوحيد (24) والمواقيت باب 16، 26 وفي تفسير
سورة (ق) آية (2) ومسلم في المساجد ح (211) وأبو داود في السنة (19)
والترمذي في الجنة (16) (17) وابن ماجه في المقدمة باب (13).
والامام أحمد في المسند 4 / 360، 362، 365.
(2) أخرجه الترمذي في الدعوات باب (89).
وأخرج نحوه الامام أحمد في المسند 2 / 173.
(3) أخرجه ابن ماجه في المقدمة (13) والبخاري في التوحيد باب (11)
والترمذي في القدر (7) والدعوات (89) والامام أحمد في المسند 4 / 182،
418، 6 / 91، 251، 294، 302.
(*)
(10/335)
عنه.
ثم انتضى سيما الدمشقي سيفه فضرب عنقه وحز رأسه وحمل معترضا حتى أتى به
الحظيرة التي فيها بابك الخرمي فصلب فيها، وفي رجليه زوج قيود وعليه
سراويل وقميص، وحمل رأسه إلى بغداد
فنصب في الجانب الشرقي أياما، وفي الغربي أياما، وعنده الحرس في الليل
والنهار، وفي أذنه رقعة مكتوب فيها: هذا رأس الكافر المشرك الضال أحمد
بن نصر الخزاعي، ممن قتل على يدي عبد الله هارون الامام الواثق بالله
أمير المؤمنين بعد أن أقام عليه الحجة في خلق القرآن، ونفي التشبيه
وعرض عليه التوبة ومكنه من الرجوع إلى الحق فأبى إلا المعاندة
والتصريح، فالحمد لله الذي عجله إلى ناره وأليم عقابه بالكفر، فاستحل
بذلك أمير المؤمنين دمه ولعنه.
ثم أمر الواثق بتتبع رؤوس أصحابه فأخذ منهم نحوا من تسع وعشرين رجلا
فأودعوا في السجون وسموا الظلمة، ومنعوا أن يزورهم أحد وقيدوا بالحديد،
ولم يجر عليهم شئ من الارزاق التي كانت تجري على المحبوسين وهذا ظلم
عظيم.
وقد كان أحمد بن نصر هذا من أكابر العلماء العالمين القائمين بالامر
بالمعروف والنهي عن المنكر، وسمع الحديث من حماد بن زيد، وسفيان بن
عيينة، وهاشم بن بشير، وكانت عنده مصنفاته كلها، وسمع من الامام مالك
بن أنس أحاديث جيدة (1)، ولم يحدث بكثير من حديثه، وحدث عنه أحمد بن
إبراهيم الدورقي، وأخوه يعقوب بن إبراهيم ويحيى بن معين، وذكره يوما
فترحم عليه وقال: قد ختم الله له بالشهادة، وكان لا يحدث ويقول إني لست
أهلا لذلك.
وأحسن يحيى بن معين الثناء عليه جدا.
وذكره الامام أحمد بن حنبل يوما فقال: رحمه الله ما كان أسخاه بنفسه
لله، لقد جاد بنفسه له.
وقال جعفر بن محمد الصائغ: بصرت عيناي وإلا فقئتا وسمعت أذناي وإلا
فصمتا أحمد بن نصر الخزاعي حين ضربت عنقه يقول رأسه: لا إله إلا الله.
وقد سمعه بعض الناس وهو مصلوب على الجذع ورأسه يقرأ (آلم أحسب الناس أن
يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون) [ العنكبوت: 1 - 2 ] قال: فاقشعر
جلدي.
ورآه بعضهم في النوم فقال له: ما فعل بك ربك ؟ فقال: ما كانت إلا غفوة
حتى لقيت الله عز وجل فضحك إلي.
ورأى بعضهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام ومعه أبو بكر وعمر،
قد مروا على الجذع الذي عليه رأس أحمد بن نصر، فلما جاوزوه أعرض رسول
الله صلى الله عليه وسلم بوجهه الكريم عنه فقيل له: يا رسول الله ما لك
أعرضت عن أحمد بن نصر ؟ فقال: " أعرضت عنه استحياء منه حين قتله رجل
يزعم أنه من أهل بيتي ".
ولم يزل رأسه منصوبا من يوم الخميس الثامن والعشرين من شعبان من هذه
السنة - أعني سنة إحدى وثلاثين ومائتين - إلى بعد عيد الفطر بيوم أو
يومين من سنة سبع وثلاثين ومائتين، فجمع بين رأسه وجثته ودفن بالجانب
الشرقي من بغداد بالمقبرة المعروفة بالمالكية رحمه الله.
وذلك بأمر المتوكل
__________
(1) زيد في المنهج الاحمد 1 / 152: وحماد بن زيد ورباح بن زيد وهشيم بن
بشير.
(*)
(10/336)
على الله الذي
ولي الخلافة بعد أخيه الواثق، وقد دخل عبد العزيز بن يحيى الكتاني -
صاحب كتاب الحيدة - على المتوكل وكان من خيار الخلفاء لانه أحسن الصنيع
لاهل السنة، بخلاف أخيه الواثق وأبيه المعتصم وعمه المأمون، فإنهم
أساؤوا إلى أهل السنة وقربوا أهل البدع والضلال من المعتزلة وغيرهم،
فأمره أن ينزل جثة أحمد بن نصر ويدفنه ففعل، وقد كان المتوكل يكرم
الامام أحمد بن حنبل إكراما زائدا جدا كما سيأتي بيانه في موضعه.
والمقصود أن عبد العزيز صاحب كتاب الحيدة قال للمتوكل: يا أمير
المؤمنين ما رأيت أو ما رئي أعجب من أمر الواثق، قتل أحمد بن نصر وكان
لسانه يقرأ القرآن إلى أن دفن.
فوجل المتوكل من كلامه وساءه ما سمع في أخيه الواثق، فلما دخل عليه
الوزير محمد بن عبد الملك بن الزيات قال له المتوكل: في قلبي شئ من قتل
أحمد بن نصر.
فقال: يا أمير المؤمنين أحرقني الله بالنار إن قتله أمير المؤمنين
الواثق إلا كافرا ودخل عليه هرثمة فقال له في ذلك فقال: قطعني الله
إربا إربا إن قتله إلا كافرا.
ودخل عليه القاضي أحمد بن أبي دؤاد فقال له مثل ذلك فقال: ضربني الله
بالفالج إن قتله الواثق إلا كافرا.
قال المتوكل: فأما ابن الزيات فأنا أحرقته بالنار.
وأما هرثمة فإنه هرب فاجتاز بقبيلة خزاعة فعرفه رجل من الحي فقال: يا
معشر خزاعة هذا الذي قتل ابن عمكم أحمد بن نصر فقطعوه.
فقطعوه إربا إربا.
وأما ابن أبي دؤاد فقد سجنه الله في جلده - يعني بالفالج - ضربه الله
قبل موته بأربع سنين، وصودر من صلب ماله بمال جزيل جدا كما سيأتي بيانه
في موضعه.
وروى أبو داود في كتاب المسائل عن أحمد بن إبراهيم الدورقي عن أحمد بن
نصر قال: سألت سفيان بن عيينة " القلوب بين إصبعين من أصابع الله، وإن
الله يضحك ممن يذكره في الاسواق ".
فقال: اروها كما جاءت بلا كيف.
وفيها أراد الواثق أن يحج واستعد لذلك فذكر له أن الماء بالطريق قليل
فترك الحج عامئذ.
وفيها تولى جعفر بن دينار نائب اليمن فسار إليها في أربعة آلاف فارس
(1).
وفيها عدا قوم من العامة على بيت المال فأخذوا منه شيئا من الذهب
والفضة، فأخذوا وسجنوا.
وفيها ظهر خارجي (2) ببلاد ربيعة فقاتله نائب الموصل فكسره وانهزم
أصحابه.
وفيها قدم وصيف الخادم بجماعة من الاكراد نحو من خمسمائة في القيود،
كانوا قد أفسدوا في الطرقات وقطعوها، فأطلق الخليفة لوصيف الخادم خمسة
وسبعين ألف دينار، وخلع عليه.
وفيها قدم خاقان الخادم من بلاد الروم وقد تم الصلح والمفاداة بينه
وبين الروم، وقدم معه جماعة من رؤوس الثغور، فأمر الواثق بامتحانهم
بخلق القرآن وأن الله لا يرى في الآخرة فأجابوا إلا أربعة فأمر بضرب
أعناقهم إن لم يجيبوا بالقول بخلق القرآن وأن الله لا يرى في الآخرة.
وأمر الواثق أيضا بامتحان الاسارى الذين فودوا من أسر الفرنج بالقول
بخلق القرآن وأن الله
__________
(1) زيد في الطبري 11 / 18 وابن الاثير 7 / 23: وألفا راجل.
(2) ذكره الطبري 11 / 18: محمد بن عمرو الخارجي من بني زيد بن تغلب.
وذكره ابن الاثير 7 / 23: محمد بن عبد الله الخارجي الثعلبي.
(*)
(10/337)
لا يرى في الآخرة فمن أجاب إلى القول بخلق القرآن وأن الله لا يرى في
الآخرة فودي وإلا ترك في أيدي الكفار، وهذه بدعة صلعاء شنعاء عمياء
صماء لا مستند لها من كتاب ولا سنة ولا عقل صحيح، بل الكتاب والسنة
والعقل الصحيح بخلافها كما هو مقرر في موضعه.
وبالله المستعان وكان وقوع المفاداة عند نهر يقال له اللامس، عند
سلوقية بالقرب من طرسوس، بدل كل مسلم أو مسلمة في أيدي الروم أو ذمي أو
ذمية كان تحت عقد المسلمين أسير من الروم كان بأيدي المسلمين ممن لم
يسلم، فنصبوا جسرين على النهر فإذا أرسل الروم مسلما أو مسلمة في جسرهم
فانتهى إلى المسلمين كبر وكبر المسلمون، ثم يرسل المسلمون أسيرا من
الروم على جسرهم فإذا انتهى إليهم تكلم بكلام يشبه التكبير أيضا.
ولم يزالوا كذلك مدة أربعة أيام بدل كل نفس نفس، ثم بقي مع خاقان جماعة
من الروم الاسارى فأطلقهم للروم حتى يكون له الفضل عليهم.
قال ابن جرير: وفيها مات الحسن بن الحسين أخو طاهر بطبرستان في شهر
رمضان.
وفيها مات الخطاب بن وجه الفلس وفيها مات أبو عبد الله بن الاعرابي
الراوية يوم الاربعاء لثلاث عشرة خلت من شعبان، وهو ابن ثمانين سنة.
وفيها ماتت أم أبيها بنت موسى أخت علي بن موسى الرضا.
وفيها مات مخارق المغني.
وأبو نصر أحمد بن حاتم راوية الاصمعي.
وعمرو بن أبي عمرو الشيباني.
ومحمد بن سعدان النحوي.
قلت: وممن توفي فيها أيضا أحمد بن
نصر الخزاعي كما تقدم.
وإبراهيم بن محمد بن عرعرة (1).
وأمية بن بسطام (2).
وأبو تمام الطائي في قول.
والمشهور ما تقدم.
وكامل بن طلحة (3).
ومحمد بن سلام الجمحي (4).
وأخوه عبد الرحمن.
ومحمد بن منهال الضرير (5).
ومحمد بن منهال أخو حجاج.
وهارون بن معروف (6).
والبويطي صاحب الشافعي مات في السجن مقيدا على القول بخلق القرآن
فامتنع من ذلك.
ويحيى بن بكير راوي الموطأ عن مالك. |