البداية والنهاية، ط. دار الفكر

بَابُ ذِكْرِ خَلْقِ الْجَانِّ وَقِصَّةِ الشَّيْطَانِ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ 55: 14- 16 وَقَالَ تَعَالَى وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ. وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ من نارِ السَّمُومِ 15: 26- 27 وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةُ وَمُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ (مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ) 55: 15 قَالُوا مِنْ طَرَفِ اللَّهَبِ وَفِي رِوَايَةٍ مِنْ خَالِصِهِ وَأَحْسَنِهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا آنِفًا مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُلِقَتِ الْمَلَائِكَةُ مِنْ نور وخلق الجان مِنْ نَارٍ وَخُلِقَ آدَمُ مِمَّا وُصِفَ لَكُمْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ قَالَ كَثِيرٌ مِنْ عُلَمَاءِ التَّفْسِيرِ خُلِقَتِ الْجِنُّ قَبْلَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَكَانَ قَبْلَهُمْ فِي الْأَرْضِ الْحِنُّ وَالْبِنُّ فَسَلَّطَ اللَّهُ الْجِنَّ عَلَيْهِمْ فَقَتَلُوهُمْ وَأَجْلَوْهُمْ عَنْهَا وَأَبَادُوهُمْ مِنْهَا وسكنوها بعدهم. وَذَكَرَ السُّدِّيُّ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ أَبِي مَالِكٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَنْ مُرَّةَ عن ابن مسعود وعن ناس مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا فَرَغَ اللَّهُ مِنْ خَلْقِ مَا أَحَبَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ فَجَعَلَ إِبْلِيسَ عَلَى مُلْكِ الدُّنْيَا وَكَانَ مِنْ قَبِيلَةٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ يُقَالُ لَهُمُ الْجِنُّ وَإِنَّمَا سُمُّوا الْجِنَّ لِأَنَّهُمْ خَزَّانُ الْجَنَّةِ. وَكَانَ إِبْلِيسُ مَعَ مُلْكِهِ خَازِنًا فَوَقَعَ فِي صَدْرِهِ إِنَّمَا أَعْطَانِي اللَّهُ هَذَا لِمَزِيَّةٍ لِي عَلَى الْمَلَائِكَةِ. وَذَكَرَ الضَّحَّاكُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْجِنَّ لَمَّا أَفْسَدُوا فِي الْأَرْضِ وَسَفَكُوا الدِّمَاءَ بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ إِبْلِيسَ وَمَعَهُ جُنْدٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَقَتَلُوهُمْ وَأَجْلَوْهُمْ عَنِ الْأَرْضِ إِلَى جَزَائِرِ الْبُحُورِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ خَلَّادٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَانَ اسْمُ إِبْلِيسَ قَبْلَ أَنْ يَرْتَكِبَ الْمَعْصِيَةَ عَزَازِيلَ. وَكَانَ مِنْ سُكَّانِ الْأَرْضِ وَمِنْ أَشَدِّ الْمَلَائِكَةِ اجْتِهَادًا وَأَكْثَرِهِمْ عِلْمًا وَكَانَ مِنْ حَيٍّ يُقَالُ لَهُمُ الْجِنُّ وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْهُ كَانَ اسْمُهُ عَزَازِيلَ وَكَانَ مِنْ أَشْرِفِ الْمَلَائِكَةِ من أولى الاجنحة الأربعة وقد أسند عَنْ حَجَّاجٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ كَانَ إِبْلِيسُ مِنْ أَشْرَفِ الْمَلَائِكَةِ وَأَكْرَمِهِمْ قَبِيلَةً وَكَانَ خَازِنًا عَلَى الْجِنَانِ وَكَانَ لَهُ سُلْطَانُ سَمَاءِ الدُّنْيَا. وَكَانَ لَهُ سُلْطَانُ الْأَرْضِ وَقَالَ صَالِحٌ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَانَ يَسُوسُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَقَالَ قَتَادَةُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ كَانَ إِبْلِيسُ رَئِيسَ مَلَائِكَةِ سَمَاءِ الدُّنْيَا وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْمَلَائِكَةِ طَرْفَةَ عَيْنٍ وَإِنَّهُ لَأَصْلُ الْجِنِّ كَمَا أَنَّ آدم أصل البشر وقال شهر ابن حَوْشَبٍ وَغَيْرُهُ كَانَ إِبْلِيسُ مِنَ الْجِنِّ الَّذِينَ طردوهم الملائكة فأسره بعضهم وذهب بِهِ إِلَى السَّمَاءِ. رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ قَالُوا فلما

(1/55)


أَرَادَ اللَّهُ خَلْقَ آدَمَ لِيَكُونَ فِي الْأَرْضِ هُوَ وَذُرِّيَّتُهُ مِنْ بَعْدِهِ وَصَوَّرَ جُثَّتَهُ مِنْهَا جَعَلَ إِبْلِيسُ وَهُوَ رَئِيسُ الْجَانِّ وَأَكْثَرُهُمْ عِبَادَةً إِذْ ذَاكَ وَكَانَ اسْمُهُ عَزَازِيلَ يُطِيفُ بِهِ فَلَمَّا رَآهُ أَجْوَفَ عَرَفَ أَنَّهُ خَلْقٌ لَا يَتَمَالَكُ وَقَالَ أَمَا لَئِنْ سُلِّطْتُ عَلَيْكَ لَأَهْلِكَنَّكَ وَلَئِنْ سُلِّطْتَ عَلَيَّ لِأَعْصِيَنَّكَ فَلَمَّا أَنْ نَفَخَ اللَّهُ فِي آدَمَ مِنْ رُوحِهِ كَمَا سَيَأْتِي وَأَمَرَ الْمَلَائِكَةَ بِالسُّجُودِ لَهُ دَخَلَ إِبْلِيسَ مِنْهُ حَسَدٌ عَظِيمٌ وَامْتَنَعَ مِنَ السُّجُودِ لَهُ وَقَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي من نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ 7: 12 فَخَالَفَ الْأَمْرَ وَاعْتَرَضَ عَلَى الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ وَأَخْطَأَ فِي قَوْلِهِ وَابْتَعَدَ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ وَأُنْزِلَ مِنْ مَرْتَبَتِهِ الَّتِي كَانَ قَدْ نَالَهَا بِعِبَادَتِهِ وَكَانَ قَدْ تَشَبَّهَ بِالْمَلَائِكَةِ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِهِمْ لِأَنَّهُ مَخْلُوقٌ مِنْ نَارٍ وَهُمْ مِنْ نُورٍ فَخَانَهُ طَبْعُهُ فِي أَحْوَجِ مَا كَانَ إِلَيْهِ وَرَجَعَ إِلَى أَصْلِهِ النَّارِيِّ فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكانَ من الْكافِرِينَ 38: 73- 74 وَقَالَ تَعَالَى وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا 18: 50 فَأَهْبَطَ إِبْلِيسَ مِنَ الْمَلَأِ الْأَعْلَى وَحَرَّمَ عَلَيْهِ قدر أَنْ يَسْكُنَهُ فَنَزَلَ إِلَى الْأَرْضِ حَقِيرًا ذَلِيلًا مذءوما حورا مُتَوَعِّدًا بِالنَّارِ هُوَ وَمَنِ اتَّبَعَهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِلَّا أَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ جَاهَدَ كُلَّ الْجَهْدِ عَلَى إِضْلَالِ بَنِي آدَمَ بِكُلِّ طَرِيقٍ وَبِكُلِّ مَرْصَدٍ كَمَا قَالَ أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا. قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ جَزاءً مَوْفُوراً وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً. إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلًا 17: 62- 66 وَسَنَذْكُرُ الْقِصَّةَ مُسْتَفَاضَةً عِنْدَ ذِكْرِ خَلْقِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الْجَانَّ خُلِقُوا مِنَ النَّارِ وَهُمْ كَبَنِي آدَمَ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ وَيَتَنَاسَلُونَ وَمِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَمِنْهُمُ الْكَافِرُونَ كَمَا أَخْبَرَ تَعَالَى عنهم في صورة الجن في قَوْلِهِ تَعَالَى وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ قالُوا يَا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ يَا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ وَمن لَا يُجِبْ داعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءُ أُولئِكَ في ضَلالٍ مُبِينٍ 46: 29- 32 وَقَالَ تَعَالَى قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً. وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَلا وَلَداً. وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا عَلَى اللَّهِ شَطَطاً. وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِباً. وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً. وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَما ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَداً وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً. وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً

(1/56)


رَصَداً. وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً. وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً. وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقاسِطُونَ. فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً. وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ مَاءً غَدَقاً لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ. وَمن يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً 72: 1- 17 وَقَدْ ذَكَرْنَا تَفْسِيرَ هَذِهِ السُّورَةِ وَتَمَامَ الْقِصَّةِ فِي آخِرِ سُورَةِ الْأَحْقَافِ وَذَكَرْنَا الْأَحَادِيثَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِذَلِكَ هُنَالِكَ وَأَنَّ هَؤُلَاءِ النَّفَرَ كَانُوا مِنْ جِنِّ (نَصِيبِينَ) وَفِي بَعْضِ الْآثَارِ مِنْ جِنِّ (بُصْرَى) وَأَنَّهُمْ مَرُّوا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ بِبَطْنِ نَخْلَةٍ مِنْ أَرْضِ مَكَّةَ فَوَقَفُوا فَاسْتَمَعُوا لِقِرَاءَتِهِ. ثُمَّ اجْتَمَعَ بِهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً كَامِلَةً فَسَأَلُوهُ عَنْ أَشْيَاءَ أَمَرَهُمْ بها ونهاهم عنها وسألوه الزاد فقال لهم (كُلُّ عَظْمٍ ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ تَجِدُونَهُ أَوْفَرَ مَا يَكُونُ لَحْمًا وَكُلُّ رَوْثَةٍ عَلَفٌ لِدَوَابِّكُمْ) وَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُسْتَنْجَى بِهِمَا وَقَالَ (إِنَّهُمَا زَادُ إِخْوَانِكُمُ) الْجِنِّ.
وَنَهَى عَنِ الْبَوْلِ فِي السَّرَبِ لِأَنَّهَا مَسَاكِنُ الْجِنِّ. وَقَرَأَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُورَةَ الرَّحْمَنِ فَمَا جَعَلَ يَمُرُّ فِيهَا بِآيَةِ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ 55: 13 إِلَّا قَالُوا وَلَا بِشَيْءٍ مِنْ آلَائِكَ رَبَّنَا نُكَذِّبُ فَلَكَ الْحَمْدُ.
وَقَدْ أَثْنَى عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ لَمَّا قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ عَلَى النَّاسِ فَسَكَتُوا. فَقَالَ (الْجِنُّ كَانُوا أَحْسَنَ مِنْكُمْ رَدًّا مَا قَرَأْتُ عليهم فبأي آلاء ربكما تكذبان إِلَّا قَالُوا وَلَا بِشَيْءٍ مِنْ آلَائِكَ رَبَّنَا نكذب فلك الحمد) . رواه الترمذي عن جبير وَابْنِ جَرِيرٍ وَالْبَزَّارِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَقَدِ اختلف فِي مُؤْمِنِي الْجِنِّ هَلْ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ أَوْ يَكُونُ جَزَاءُ طَائِعِهِمْ أَنْ لَا يُعَذَّبَ بِالنَّارِ فَقَطْ. عَلَى قَوْلَيْنِ الصَّحِيحُ أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ لِعُمُومِ الْقُرْآنِ وَلِعُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ.
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ 55: 46- 47 فَامْتَنَّ تَعَالَى عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ فَلَوْلَا أَنَّهُمْ يَنَالُونَهُ لَمَا ذَكَرَهُ وَعَدَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النِّعَمِ وَهَذَا وحده دليل مستقل كاف في المسألة وحده وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَالَ لَهُ (إِنِّي أَرَاكَ تُحِبُّ الْغَنَمَ وَالْبَادِيَةَ فَإِذَا كُنْتَ فِي غَنَمِكَ وَبَادِيَتِكَ فَأَذَّنْتَ بِالصَّلَاةِ فَارْفَعْ صَوْتَكَ بِالنِّدَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلَا إِنْسٌ وَلَا شَيْءٌ إِلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) قَالَ أَبُو سَعِيدٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انفرد به البخاري دون مسلم وأما كافر والجن فَمِنْهُمُ الشَّيَاطِينُ وَمُقَدِّمُهُمُ الْأَكْبَرُ إِبْلِيسُ عَدُوُّ آدَمَ أَبِي الْبَشَرِ وَقَدْ سَلَّطَهُ هُوَ وَذُرِّيَّتَهُ عَلَى آدَمَ وَذُرِّيَّتِهِ. وَتَكَفَّلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِعِصْمَةٍ مَنْ آمَنَ بِهِ وَصَدَّقَ رُسُلَهَ وَاتَّبَعَ شَرْعَهُ مِنْهُمْ.
كَمَا قَالَ إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلًا 17: 65 وَقَالَ تَعَالَى وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. وَما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْها

(1/57)


فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ 34: 20- 21 وقال تعالى يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ من الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما لِيُرِيَهُما سَوْآتِهِما إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ من حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ 7: 27 وَقَالَ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً من صَلْصالٍ من حَمَإٍ مَسْنُونٍ. فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ. فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ. إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصالٍ من حَمَإٍ مَسْنُونٍ قال فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلى يَوْمِ الدِّينِ. قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ.
قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ. إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ. قَالَ رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ. إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ قَالَ هَذَا صِراطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ. إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ. وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ. لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ 15: 28- 44 وَقَدْ ذَكَرَ تَعَالَى هَذِهِ الْقِصَّةَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَفِي الْأَعْرَافِ وَهَاهُنَا وَفِي سُورَةِ سُبْحَانَ وَفِي سُورَةِ طه وَفِي سُورَةِ ص وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ فِي مَوَاضِعِهِ فِي كِتَابِنَا التَّفْسِيرِ وللَّه الْحَمْدُ وَسَنُورِدُهَا فِي قِصَّةِ آدَمَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَالْمَقْصُودُ أَنَّ إِبْلِيسَ أنظره الله إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مِحْنَةً لِعِبَادِهِ وَاخْتِبَارًا مِنْهُ لَهُمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى وَما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْها فِي شَكٍّ.
وَرَبُّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ 34: 21 وَقَالَ تَعَالَى وَقال الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ) 14: 22- 23 فَإِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللَّهُ حَيٌّ الْآنَ مُنْظَرٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَلَهُ عَرْشٌ عَلَى وَجْهِ الْبَحْرِ وَهُوَ جَالِسٌ عَلَيْهِ وَيَبْعَثُ سَرَايَاهُ يُلْقُونَ بَيْنَ النَّاسِ الشَّرَّ وَالْفِتَنَ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً 4: 76 وَكَانَ اسْمُهُ قَبْلَ مَعْصِيَتِهِ الْعَظِيمَةِ عَزَازِيلَ قَالَ النَّقَّاشُ وَكُنْيَتُهُ (أَبُو كُرْدُوسٍ) وَلِهَذَا لَمَّا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِابْنِ صَيَّادٍ مَا تَرَى قَالَ أَرَى عَرْشًا عَلَى الْمَاءِ. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (اخْسَأْ فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ) فَعَرَفَ أَنَّ مَادَّةَ مُكَاشَفَتِهِ الَّتِي كَاشَفَهُ بِهَا شَيْطَانِيَّةٌ مُسْتَمَدَّةٌ مِنْ إِبْلِيسَ الَّذِي هُوَ يُشَاهِدُ عَرْشَهُ عَلَى الْبَحْرِ وَلِهَذَا قَالَ لَهُ اخْسَأْ فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ أَيْ لَنْ تُجَاوِزَ قِيمَتَكَ الدَّنِيَّةَ الْخَسِيسَةَ الْحَقِيرَةَ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ عَرْشَ إِبْلِيسَ عَلَى الْبَحْرِ الَّذِي رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ حَدَّثَنَا صَفْوَانُ حدثني معاذ التَّمِيمِيُّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (عَرْشُ إِبْلِيسَ فِي الْبَحْرِ يَبْعَثُ

(1/58)


سَرَايَاهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ يَفْتِنُونَ النَّاسَ فَأَعْظَمُهُمْ عنده منزلة أعظمهم فتنة للناس» ورواه [1] وقال أَحْمَدُ حَدَّثَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (عَرْشُ إِبْلِيسَ عَلَى الْبَحْرِ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ فَيَفْتِنُونَ النَّاسَ فَأَعْظَمُهُمْ عِنْدَهُ أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً) تَفَرَّدَ بِهِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَقَالَ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِابْنٍ صَائِدٍ (مَا تَرَى. قَالَ أَرَى عَرْشًا عَلَى الْمَاءِ أَوْ قَالَ عَلَى الْبَحْرِ حَوْلَهُ حَيَّاتٌ) قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاكَ عَرْشُ إِبْلِيسَ هَكَذَا رَوَاهُ فِي مُسْنَدِ جَابِرٍ وَقَالَ فِي مُسْنَدِ أَبِي سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِابْنِ صَائِدٍ (مَا تَرَى قَالَ أَرَى عَرْشًا عَلَى الْبَحْرِ حَوْلَهُ الْحَيَّاتُ) فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَ ذَاكَ عَرْشُ إِبْلِيسَ وَرَوَى الإمام أحمد من طريق معاذ التَّمِيمِيِّ وَأَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ يَئِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ [2] بَيْنَهُمْ وَرَوَى الْإِمَامُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ طَلْحَةَ بْنِ نَافِعٍ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «إن الشَّيْطَانَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ فِي النَّاسِ فَأَقْرَبُهُمْ عِنْدَهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ عِنْدَهُ فِتْنَةً. يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ مَا زِلْتُ بِفُلَانٍ حَتَّى تَرَكْتُهُ وَهُوَ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا. فَيَقُولُ إِبْلِيسُ لَا وَاللَّهِ مَا صَنَعْتَ شَيْئًا. وَيَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بينه وبين أهله. قال فيقربه ويدنيه وَيَقُولُ نَعَمْ أَنْتَ. يُرْوَى بِفَتْحِ النُّونِ بِمَعْنَى نَعَمْ أَنْتَ ذَاكَ الَّذِي تَسْتَحِقُّ الْإِكْرَامَ. وَبِكَسْرِهَا أَيْ نِعْمَ مِنْكَ وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُ النُّحَاةِ عَلَى جَوَازِ كَوْنِ فَاعِلِ نَعَمْ مُضْمَرًا وَهُوَ قَلِيلٌ وَاخْتَارَ شَيْخُنَا الْحَافِظُ أَبُو الْحَجَّاجِ الْأَوَّلَ وَرَجَّحَهُ وَوَجَّهَهُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ أَوْرَدْنَا هَذَا الْحَدِيثَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى ما يُفَرِّقُونَ به بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ 2: 102 يَعْنِي أَنَّ السِّحْرَ الْمُتَلَقَّى عَنِ الشَّيَاطِينِ مِنَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْمُتَآلِفِينَ غَايَةَ التَّآلُفِ الْمُتَوَادِّينَ الْمُتَحَابِّينَ وَلِهَذَا يَشْكُرُ إِبْلِيسُ سَعْيَ مَنْ كَانَ السَّبَبَ فِي ذَلِكَ. فَالَّذِي ذَمَّهُ اللَّهُ يَمْدَحُهُ وَالَّذِي يَغْضَبُ اللَّهُ يُرْضِيهِ عَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ سُورَتَيِ الْمُعَوِّذَتَيْنِ مُطَّرِدَةً لِأَنْوَاعِ الشَّرِّ وَأَسْبَابِهِ وَغَايَاتِهِ. وَلَا سِيَّمَا سُورَةُ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلهِ النَّاسِ مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ من الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ 114: 1- 6. وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ. وَفِي صَحِيحِ البخاري عن صفية بنت حسين أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنِ ابْنِ آدَمَ مجرى الدم»
__________
[1] بياض بالأصلين مقداره ما ترى
[2] قوله في التحرش متعلق بمقدر أي سعى بينهم في التحريش بالخصومات والشحناء والحروب والفتن ونحوها محمود الإمام

(1/59)


وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن جبير حَدَّثَنَا عَدِيُّ بْنُ أَبِي عِمَارَةَ حَدَّثَنَا زِيَادٌ النُّمَيْرِيُّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِنَّ الشَّيْطَانَ وَاضِعٌ خَطْمَهُ عَلَى قَلْبِ ابْنِ آدَمَ فَإِنْ ذَكَرَ اللَّهَ خَنَسَ وَإِنْ نَسِيَ الْتَقَمَ قَلْبَهُ فَذَلِكَ الْوَسْوَاسُ الْخَنَّاسُ وَلَمَّا كَانَ ذِكْرُ اللَّهِ مَطَرَدَةً للشيطان عن القلب كان فيه تذكار للناس كَمَا قَالَ تَعَالَى وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ 18: 24 «وقال صاحب مُوسَى «وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ 18: 63 وقال تعالى فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ 12: 42 يَعْنِي السَّاقِي لَمَّا قَالَ لَهُ يُوسُفُ اذْكُرْنِي عند ربك نَسِيَ السَّاقِي أَنْ يَذْكُرَهُ لِرَبِّهِ يَعْنِي مَوْلَاهُ الْمَلِكَ. وَكَانَ هَذَا النِّسْيَانُ مِنَ الشَّيْطَانِ فَلَبِثَ يُوسُفُ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ وَلِهَذَا قَالَ بَعْدَهُ وَقال الَّذِي نَجا مِنْهُما وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ 12: 45 أي مُدَّةٍ وَقُرِئَ بَعْدَ أَمَهٍ أَيْ نِسْيَانٍ. وَهَذَا الَّذِي قُلْنَا مِنْ أَنَّ النَّاسِيَ هُوَ السَّاقِي هُوَ الصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلَيْنِ كَمَا قَرَّرْنَاهُ فِي التَّفْسِيرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَاصِمٍ سَمِعْتُ أَبَا تَمِيمَةَ يُحَدِّثُ عَنْ رَدِيفِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عَثَرَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِمَارُهُ فَقُلْتُ نفس الشَّيْطَانُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا تقل نفس الشيطان فإنك إذا قلت نفس الشَّيْطَانُ تَعَاظَمَ وَقَالَ بِقُوَّتِي صَرَعْتُهُ وَإِذَا قُلْتَ بِسْمِ اللَّهِ تَصَاغَرَ حَتَّى يَصِيرَ مِثْلَ الذُّبَابِ) تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ وَهُوَ إِسْنَادٌ جَيِّدٌ وَقَالَ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا كَانَ فِي المسجد جاء الشيطان فأيس به كما يئس الرَّجُلُ بِدَابَّتِهِ فَإِذَا سَكَنَ لَهُ زَنَقَهُ أَوْ أَلْجَمَهُ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَأَنْتُمْ تَرَوْنَ ذَلِكَ. أَمَّا الْمَزْنُوقُ فَتَرَاهُ مَائِلًا كَذَا لَا يَذْكُرُ الا اللَّهَ وَأَمَّا الْمُلْجِمُ فَفَاتِحٌ فَاهُ لَا يَذْكُرُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا ثَوْرٌ يَعْنِي ابْنَ يَزِيدَ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الْعَيْنُ حَقٌّ وَيَحْضُرُهَا الشَّيْطَانُ وَحَسَدُ ابْنِ آدَمَ» وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ ذَرِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُحَدِّثُ نَفْسِي بِالشَّيْءِ لَأَنَّ أَخِرَّ مِنَ السَّمَاءِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَكَلَّمَ بِهِ) فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «اللَّهُ أَكْبَرُ الْحَمْدُ للَّه الَّذِي رَدَّ كَيْدَهُ إِلَى الْوَسْوَسَةِ» وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ مَنْصُورٍ زَادَ النَّسَائِيُّ وَالْأَعْمَشُ كلاهما عن أبى ذر به وقال البخاري حدثنا يحى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عَقِيلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ مَنْ خَلَقَ كَذَا مَنْ خَلَقَ كَذَا حَتَّى يَقُولَ مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ باللَّه وَلِيَنْتَهِ وَهَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ اللَّيْثِ وَمِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ كِلَاهُمَا عَنْ عُرْوَةَ بِهِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ 7: 201 وَقَالَ تَعَالَى وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ 23: 97- 98 وَقَالَ تَعَالَى وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ 7: 200 وقال تعالى

(1/60)


فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ. إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ به مُشْرِكُونَ 16: 98- 100. وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَهْلُ السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (أَعُوذُ باللَّه السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ مِنْ هَمْزِهِ وَنَفْخِهِ وَنَفْثِهِ) . وَجَاءَ مِثْلُهُ مِنْ رِوَايَةِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي أُسَامَةَ الْبَاهِلِيِّ. وَتَفْسِيرُهُ فِي الْحَدِيثِ (فَهَمْزُهُ الْمَوْتَةُ وَهُوَ الْخَنْقُ الَّذِي هُوَ الصَّرْعُ. وَنَفْخُهُ الْكِبْرُ. وَنَفْثُهُ الشِّعْرُ) وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ قَالَ «أَعُوذُ باللَّه مِنَ الْخُبْثِ وَالْخَبَائِثِ» قَالَ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ اسْتَعَاذَ مِنْ ذُكْرَانِ الشَّيَاطِينِ وَإِنَاثِهِمْ وروى الامام أحمد عن شريح عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ عَنْ ثَوْرٍ عَنِ الحسين عن ابن سَعْدٍ الْخَيْرِ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ عُمَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم (ومن أَتَى الْغَائِطَ فَلْيَسْتَتِرْ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إِلَّا أَنْ يَجْمَعَ كَثِيبًا فَلْيَسْتَدْبِرْهُ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَلْعَبُ بِمَقَاعِدِ بَنِي آدَمَ مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ) وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ بِهِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ اسْتَبَّ رَجُلَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ عِنْدَهُ جُلُوسٌ فَأَحَدُهُمَا يَسُبُّ صَاحِبَهُ مُغْضَبًا قَدِ احْمَرَّ وَجْهُهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنِّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ. لَوْ قَالَ أَعُوذُ باللَّه مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) فَقَالُوا لِلرَّجُلِ أَلَا تَسْمَعُ مَا يَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي لَسْتُ بِمَجْنُونٍ. وَرَوَاهُ أَيْضًا مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طُرُقٍ عَنْ الأعمش وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (لَا يَأْكُلُ أَحَدُكُمْ بِشِمَالِهِ وَلَا يَشْرَبُ بِشِمَالِهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ) وَهَذَا عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحَيْنِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَهُوَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ (مَنْ أَكَلَ بِشِمَالِهِ أَكَلَ مَعَهُ الشَّيْطَانُ وَمَنْ شَرِبَ بِشِمَالِهِ شَرِبَ مَعَهُ الشَّيْطَانُ) وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي زِيَادٍ الطَّحَّانِ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يَشْرَبُ قَائِمًا فَقَالَ لَهُ (قِهْ) قَالَ لِمَ. قَالَ (أَيَسُرُّكَ أَنْ يَشْرَبَ مَعَكَ الْهِرُّ. قَالَ لَا قَالَ (فَإِنَّهُ قَدْ شَرِبَ مَعَكَ مَنْ هُوَ شَرُّ مِنْهُ الشَّيْطَانُ تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. وَقَالَ أَيْضًا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَوْ يَعْلَمُ الَّذِي يَشْرَبُ وَهُوَ قَائِمٌ مَا فِي بَطْنِهِ لَاسْتَقَاءَ) قَالَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا ابْنُ لهيعة عن ابن الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَأَلَ جَابِرًا

(1/61)


سَمِعْتُ النَّبِيَّ [1] صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ فَذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ حِينَ يَدْخُلُ وَحِينَ يَطْعَمُ قَالَ الشَّيْطَانُ لَا مَبِيتَ لَكُمْ وَلَا عَشَاءَ هَاهُنَا. وَإِنْ دَخَلَ وَلَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عِنْدَ دُخُولِهِ قَالَ أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ. وَإِنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ وَالْعَشَاءَ. قَالَ نَعَمْ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِذَا طَلَعَ حاجب الشمس فدعوا الصلاة حتى يبرز وَإِذَا غَابَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَدَعُوا الصَّلَاةَ حَتَّى يغيب وَلَا تَحَيَّنُوا بِصَلَاتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبَهَا فَإِنَّهَا تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ» أَوِ (الشَّيَاطِينِ) لَا أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ قَالَ هِشَامٌ وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ هِشَامٍ بِهِ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُشِيرُ إِلَى الْمَشْرِقِ فَقَالَ «هَا إِنَّ الْفِتْنَةَ هَاهُنَا إِنَّ الْفِتْنَةَ هَاهُنَا مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ» هَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مُنْفَرِدًا بِهِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَفِي السُّنَنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يَجْلِسَ بَيْنَ الشَّمْسِ وَالظِّلِّ. وَقَالَ إِنَّهُ مَجْلِسُ الشَّيْطَانِ» وَقَدْ ذَكَرُوا فِي هَذَا مَعَانِي. مِنْ أَحْسَنِهَا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْجُلُوسُ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ فِيهِ تَشْوِيهٌ بِالْخِلْقَةِ فِيمَا يَرَى كَانَ يُحِبُّهُ الشَّيْطَانُ لِأَنَّ خلقته في نفسه مشوه وَهَذَا مُسْتَقِرٌّ فِي الْأَذْهَانِ. وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ 37: 65 الصَّحِيحُ أَنَّهُمُ الشَّيَاطِينُ لَا ضَرْبٌ مِنَ الْحَيَّاتِ كَمَا زَعَمَهُ مَنْ زَعْمَهُ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَإِنَّ النُّفُوسَ مَغْرُوزٌ فِيهَا قُبْحُ الشَّيَاطِينِ وحسن خلق الملائكة وان لم يشاؤا. ولهذا قال تعالى طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ 37: 65 وَقَالَ النِّسْوَةُ لَمَّا شَاهَدْنَ جَمَالَ يُوسُفَ (حاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَراً إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ) 12: 31. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (إِذَا اسْتَجْنَحَ) أَوْ (كَانَ جُنْحُ اللَّيْلِ) فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ فَإِذَا ذَهَبَ سَاعَةٌ مِنَ العشاء فحلوهم [2] وَأَغْلِقْ بَابَكَ وَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ وَأَطْفِئْ مِصْبَاحَكَ وَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ وَأَوْكِ سِقَاءَكَ وَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ وَخَمِّرْ إِنَاءَكَ وَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ وَلَوْ تَعْرُضُ عَلَيْهِ شَيْئًا» وَرَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ يَحْيَى عن ابن جريج وعنده فان الشيطان لا يفتح مُغْلَقًا. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ قط [3] عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَغْلِقُوا أَبْوَابَكُمْ وَخَمِّرُوا آنِيَتَكُمْ وَأَوْكُوا أَسْقِيَتَكُمْ وَأَطْفِئُوا سُرُجَكُمْ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا وَلَا يَكْشِفُ غِطَاءً وَلَا يَحِلُّ وِكَاءً وَإِنَّ الْفُوَيْسِقَةَ تُضْرِمُ الْبَيْتَ عَلَى أَهْلِهِ يَعْنِي الْفَأْرَةَ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ [4] عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إذا أراد أن يأتى
__________
[1] قوله سمعت النبي إلخ بفتح التاء وهو استفهام من جابر عن الحديث الآتي فهو بيان لسؤال ابن الزبير جابرا. وجوابه قوله الآتي نعم
[2] المراد من الحل بالحاء المهملة المفتوحة أخلاء سبيلهم
[3] قوله عن قط كذا بالأصول وليس من الرواة من تسمى هذا
[4] نسخة حدثنا منصور عن سالم محمود الامام.

(1/62)


أَهْلَهُ قَالَ اللَّهمّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنِي فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ لَمْ يَضُرَّهُ الشَّيْطَانُ وَلَمْ يُسَلَّطْ عَلَيْهِ» . وَحَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ سَالِمٍ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (أَمَا لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهمّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا فَرُزِقَا وَلَدًا لَمْ يَضُرَّهُ الشَّيْطَانُ) وَقَالَ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا أَخِي عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ. يَضْرِبُ عَلَى كُلِّ عُقْدَةٍ مَكَانَهَا» عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ «فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ. فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ. فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقَدُهُ كُلُّهَا فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ» هَكَذَا رَوَاهُ مُنْفَرِدًا بِهِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا إبراهيم عن حَمْزَةَ حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ يَزِيدَ يَعْنِي ابْنَ الْهَادِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَنَامِهِ فَتَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْثِرْ ثَلَاثًا فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَبِيتُ عَلَى خَيْشُومِهِ) وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ بِشْرِ بْنِ الْحَكَمِ عَنِ الدراوَرْديّ. وَالنَّسَائِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زُنْبُورٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ كِلَاهُمَا عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِي بِهِ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجل نام ليله ثم أَصْبَحَ قَالَ ذَاكَ رَجُلٌ بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنَيْهِ» أَوْ قَالَ (فِي أُذُنِهِ) وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ عُثْمَانَ وَإِسْحَاقَ كِلَاهُمَا عَنْ جَرِيرٍ بِهِ. وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ بِهِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ أَنْبَأَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ يحيى ابن أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِذَا نُودِيَ بِالصَّلَاةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ وَلَهُ ضُرَاطٌ فَإِذَا قُضِيَ أَقْبَلَ فَإِذَا ثُوِّبَ بِهَا أَدْبَرَ فَإِذَا قُضِيَ أَقْبَلَ حَتَّى يَخْطُرَ بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَقَلْبِهِ. فَيَقُولُ اذْكُرْ كَذَا وَكَذَا حَتَّى لَا يَدْرِيَ أَثْلَاثًا صَلَّى أَمْ أَرْبَعًا فَإِذَا لَمْ يَدْرِ أَثْلَاثًا صَلَّى أَمْ أَرْبَعًا سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ» هَكَذَا رَوَاهُ مُنْفَرِدًا بِهِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ يَعْنِي الْأَحْمَرَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم «راصوا الصفوف فان الشيطان يقوم في الخلل» وقال أحمد حَدَّثَنَا أَبَانُ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يقول راصوا الصفوف وقاربوا بينها وحاذوا بين الأعناق فو الّذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنِّي لِأَرَى الشَّيْطَانُ يَدْخُلُ مِنْ خَلَلِ الصَّفِّ كَأَنَّهُ الْحَذْفُ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِذَا مَرَّ بَيْنَ يَدَيْ أَحَدِكُمْ شَيْءٌ فَلْيَمْنَعْهُ فَإِنْ أَبَى فَلْيَمْنَعْهُ فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ» وَرَوَاهُ أَيْضًا مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ

(1/63)


حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ بِهِ وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ حدثنا بشير بن معبد حدثنا أبو عبيد حاجب سُلَيْمَانَ قَالَ رَأَيْتُ عَطَاءَ بْنَ يَزِيدَ اللَّيْثِيَّ قَائِمًا يُصَلِّي فَذَهَبْتُ أَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ فَرَدَّنِي ثُمَّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ يصلى صلاة الصبح وهو خلفه يقرأ فَالْتَبَسَتْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صِلَاتِهِ قَالَ «لَوْ رَأَيْتُمُونِي وَإِبْلِيسَ فَأَهْوَيْتُ بِيَدِي فَمَا زِلْتُ أَخْنُقُهُ حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ لُعَابِهِ بَيْنَ إِصْبَعَيَّ هَاتَيْنِ الْإِبْهَامِ وَالَّتِي تَلِيهَا وَلَوْلَا دَعْوَةُ أَخِي سُلَيْمَانَ لَأَصْبَحَ مَرْبُوطًا بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ يَتَلَاعَبُ بِهِ صِبْيَانُ الْمَدِينَةِ فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ لَا يَحُولَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ أَحَدٌ فَلْيَفْعَلْ وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ مِنْهُ فَمَنِ اسْتَطَاعَ إِلَى آخِرِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي سُرَيْجٍ عَنْ أَبِي أَحْمَدَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الزبير بِهِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَنَّهُ صَلَّى صَلَاةً فَقَالَ إِنَّ الشَّيْطَانَ عرض لي فسد عَلَيَّ لِقَطْعِ الصَّلَاةِ عَلَيَّ فَأَمْكَنَنِي اللَّهُ مِنْهُ» فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ بِهِ مُطَوَّلًا وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ عِنْدَ تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنْ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ 38: 35 مِنْ حَدِيثِ رَوْحٍ وَغُنْدُرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ محمد ابن زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (إِنَّ عِفْرِيتًا مِنَ الْجِنِّ تَفَلَّتَ عَلَيَّ الْبَارِحَةَ) أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا لِيَقْطَعَ عَلَيَّ الصَّلَاةَ فَأَمْكَنَنِي اللَّهُ مِنْهُ فَأَرَدْتُ أَنْ أَرْبِطَهُ إِلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ حَتَّى تُصْبِحُوا وَتَنْظُرُوا إِلَيْهِ كُلُّكُمْ فَذَكَرْتُ قَوْلَ أَخِي سُلَيْمَانَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ 38: 35 قَالَ رَوْحٌ فَرَدَّهُ خَاسِئًا وَرَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي إِدْرِيسَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فَسَمِعْنَاهُ يَقُولُ (أَعُوذُ باللَّه مِنْكَ) ثُمَّ قَالَ (أَلْعَنُكَ بِلَعْنَةِ اللَّهِ ثَلَاثًا وَبَسَطَ يَدَهُ كَأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ شَيْئًا فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الصَّلَاةِ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ سَمِعْنَاكَ تَقُولُ فِي الصَّلَاةِ شَيْئًا لَمْ نَسْمَعْكَ تَقُولُهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَرَأَيْنَاكَ بَسَطْتَ يَدَكَ فَقَالَ إِنْ عَدُوَّ الله إبليس جاء بشهاب من نار ليجمله فِي وَجْهِي فَقُلْتُ أَعُوذُ باللَّه مِنْكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. ثُمَّ قُلْتُ أَلْعَنُكَ بِلَعْنَةِ اللَّهِ التَّامَّةِ فَلَمْ يَسْتَأْخِرْ ثُمَّ أَرَدْتُ أَخْذَهُ وَاللَّهِ لَوْلَا دَعْوَةُ أَخِينَا سُلَيْمَانَ لَأَصْبَحَ مُوثَقًا يَلْعَبُ بِهِ وِلْدَانُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ. وَقَالَ تَعَالَى فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ 31: 33 يعنى الشيطان وقال تَعَالَى إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا من أَصْحابِ السَّعِيرِ 35: 6 فَالشَّيْطَانُ لَا يَأْلُو الْإِنْسَانَ خَبَالًا جَهْدَهُ وَطَاقَتَهُ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ وَحَرَكَاتِهِ وَسَكَنَاتِهِ كَمَا صَنَّفَ الحافظ أبو بكر بن أبى الدنيا كِتَابًا فِي ذَلِكَ سَمَّاهُ (مَصَائِدَ الشَّيْطَانِ) وَفِيهِ فَوَائِدُ جَمَّةٌ وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ. وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ يَتَخَبَّطَنِي الشَّيْطَانُ عِنْدَ الْمَوْتِ. وَرَوَيْنَا فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ أَنَّهُ قَالَ (يَا رَبِّ وَعِزِّكَ وَجَلَالِكَ لَا أَزَالُ أُغْوِيهِمْ مَا دَامَتْ أَرْوَاحُهُمْ فِي أَجْسَادِهِمْ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَعِزَّتِي وَجَلَالِي وَلَا أَزَالُ أَغْفِرُ لَهُمْ مَا اسْتَغْفَرُونِي) وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى الشَّيْطانُ

(1/64)


يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ وَالله يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَالله واسِعٌ عَلِيمٌ 2: 268 فوعد الله هو الحق المصدق وَوَعْدُ الشَّيْطَانِ هُوَ الْبَاطِلُ. وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِهِ مِنْ حَدِيثِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم ان للشيطان للمة بِابْنِ آدَمَ وَلِلْمَلَكِ لَمَّةً. فَأَمَّا لَمَّةُ الشَّيْطَانِ فَإِيعَادٌ بِالشَّرِّ وَتَكْذِيبٌ بِالْحَقِّ. وَأَمَّا لَمَّةُ الْمَلَكِ فَإِيعَادٌ بِالْخَيْرِ وَتَصْدِيقٌ بِالْحَقِّ. فَمَنْ وَجَدَ ذَلِكَ فَلْيَعْلَمْ أَنَّهُ مِنَ اللَّهِ فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ. وَمِنْ وَجَدَ الْأُخْرَى فَلْيَتَعَوَّذْ مِنَ الشَّيْطَانِ ثُمَّ قَرَأَ الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ وَالله يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَالله واسِعٌ عَلِيمٌ 2: 268 وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي فَضْلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ أَنَّ الشَّيْطَانَ يَفِرُّ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِي تَقْرَأُ فِيهِ. وَذَكَرْنَا فِي فَضْلِ آيَةِ الْكُرْسِيِّ أَنَّ مَنْ قَرَأَهَا فِي لَيْلَةٍ لَا يَقْرَبُهُ الشَّيْطَانُ حَتَّى يُصْبِحَ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَنْبَأَنَا مَالِكٌ عَنْ سُمَيٍّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ. لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كل شيء قدير مِائَةَ مَرَّةٍ كَانَتْ لَهُ عِدْلُ عَشْرِ رِقَابٍ وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذلك حتى يمسى ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به الا رجل عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ أَنْبَأَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَنْبَأَنَا شُعَيْبٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم كل ابن آدَمَ يَطْعَنُ الشَّيْطَانُ فِي جَنْبَيْهِ بِإِصْبَعِهِ حِينَ يولد غير عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ ذَهَبَ يَطْعَنُ فَطَعَنَ فِي الْحِجَابِ. تَفَرَّدَ بِهِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ حدثنا عاصم بن على حدثنا بن أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «التَّثَاؤُبُ مِنَ الشَّيْطَانِ فَإِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَالَ (هَا) ضَحِكَ الشَّيْطَانُ» . وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ بِهِ وَفِي لَفْظٍ (إِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَكْظِمْ مَا اسْتَطَاعَ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ) وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِنِ اللَّهَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ وَيُبْغِضُ أَوْ يكره التثاؤب فإذا قال أحدكم هاها فَإِنَّمَا ذَلِكَ الشَّيْطَانُ يَضْحَكُ مِنْ جَوْفِهِ. وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ بِهِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ أَشْعَثَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْتِفَاتِ الرَّجُلِ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ هُوَ اخْتِلَاسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلَاةِ أَحَدِكُمْ. وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ سُلَيْمِ بْنِ أَسْوَدَ الْمُحَارِبِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَسْرُوقٍ بِهِ وَرَوَى الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ

(1/65)


أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنَ اللَّهِ وَالْحُلْمُ من الشيطان فإذا حلم أحدكم حلما بخافه فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ وَلِيَتَعَوَّذْ باللَّه مِنْ شَرِّهَا فَإِنَّهَا لَا تَضُرُّهُ» . وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم «لا يشيرن أَحَدُكُمْ إِلَى أَخِيهِ بِالسِّلَاحِ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَحَدُكُمْ لَعَلَّ الشَّيْطَانَ أَنْ يَنْزِعَ فِي يَدِهِ فَيَقَعُ فِي حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ» . أَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ وَأَعْتَدْنا لَهُمْ عَذابَ السَّعِيرِ 67: 5 وَقَالَ إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ. لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ دُحُوراً وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ. إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ 37: 6- 10 وقال تعالى وَلَقَدْ جَعَلْنا في السَّماءِ بُرُوجاً وَزَيَّنَّاها لِلنَّاظِرِينَ. وَحَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ. إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ 15: 16- 18 وقال تعالى وَما تَنَزَّلَتْ به الشَّياطِينُ. وَما يَنْبَغِي لَهُمْ وَما يَسْتَطِيعُونَ إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ 26: 210- 212 وَقَالَ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنِ الْجَانِّ «وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً. وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً» 72: 8- 9 وَقَالَ الْبُخَارِيُّ وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ أَنَّ أَبَا الْأَسْودِ أَخْبَرَهُ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمَلَائِكَةُ تَحَدَّثُ فِي الْعَنَانِ (وَالْعَنَانُ الْغَمَامُ) بِالْأَمْرِ يَكُونُ فِي الْأَرْضِ فَتَسْمَعُ الشَّيَاطِينُ الْكَلِمَةَ فَتُقِرُّهَا فِي أُذُنِ الْكَاهِنِ كَمَا تُقَرُّ الْقَارُورَةُ فَيَزِيدُونَ معها مائة كلمة [1] . هَكَذَا رَوَاهُ فِي صِفَةِ إِبْلِيسَ مُعَلَّقًا عَنِ اللَّيْثِ بِهِ. وَرَوَاهُ فِي صِفَةِ الْمَلَائِكَةِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ بِنَحْوِهِ تَفَرَّدَ بِهَذَيْنِ الطَّرِيقَيْنِ دُونَ مُسْلِمٍ وَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قَالَتْ عَائِشَةُ سَأَلَ نَاسٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْكُهَّانِ فَقَالَ «إِنَّهُمْ لَيْسُوا بِشَيْءٍ» فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَنَا أَحْيَانًا بِشَيْءٍ فَيَكُونُ حَقًّا فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تلك الكلمة من الحق يخطفها من الْجِنِّيُّ فَيُقَرْقِرُهَا فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ كَقَرْقَرَةِ الدَّجَاجَةِ فَيَخْلِطُونَ مَعَهَا مِائَةَ كَذِبَةٍ هَذَا لَفْظُ الْبُخَارِيِّ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرٌو قَالَ سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «إِذَا قَضَى اللَّهُ الْأَمْرَ فِي السَّمَاءِ ضَرَبَتِ الْمَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانٍ. فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا لِلَّذِي قَالَ. الْحَقُّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ. فَيَسْمَعُهَا مُسْتَرِقُ السَّمْعِ. وَمُسْتَرِقُ السَّمْعِ هَكَذَا بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ. وَوَصَفَ سُفْيَانُ بِكَفِّهِ فَحَرَّفَهَا وَبَدَّدَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ. فَيَسْمَعُ الْكَلِمَةَ فَيُلْقِيهَا إِلَى مَنْ تَحْتَهُ ثُمَّ يُلْقِيهَا الْآخَرُ إِلَى مَنْ تَحْتَهُ حَتَّى يُلْقِيَهَا عَلَى لِسَانِ السَّاحِرِ أَوِ الْكَاهِنِ. فَرُبَّمَا أَدْرَكَ الشِّهَابَ قَبْلَ أَنْ يُلْقِيَهَا وَرُبَّمَا أَلْقَاهَا قَبْلَ أن يدركه فيكذب معها مائة
__________
[1] في نسخة مائة كذبة

(1/66)


كِذِبَةٍ فَيُقَالُ أَلَيْسَ قَدْ قَالَ لَنَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا. فَيُصَدِّقُ بِتِلْكَ الْكَلِمَةِ الَّتِي سُمِعَتْ مِنَ السَّمَاءِ انْفَرَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ وَرَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ زَيْنِ الْعَابِدِينَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رِجَالٍ مِنَ الْأَنْصَارِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَ هَذَا. وَقَالَ تَعَالَى وَمن يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ. وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ. حَتَّى إِذا جاءَنا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ 43: 36- 38 وقال تعالى وَقَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ 41: 25 الْآيَةَ وَقَالَ تَعَالَى قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلكِنْ كانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ. قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ. مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) 50: 27- 29 وَقَالَ تَعَالَى وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً. وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ. وَلِتَصْغى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ 6: 112- 113 وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي صِفَةِ الْمَلَائِكَةِ مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ مَنْصُورٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ أَبِيهِ وَاسْمُهُ رَافِعٌ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الْجِنِّ وَقَرِينُهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ قَالُوا وَإِيَّاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَإِيَّايَ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَلَا يَأْمُرُنِي إِلَّا بِخَيْرٍ وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ قَابُوسَ عَنْ أَبِيهِ وَاسْمُهُ حُصَيْنُ بْنُ جُنْدُبٍ وَهُوَ أَبُو ظَبْيَانَ الْجَنْبِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الشَّيَاطِينِ قَالُوا وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ وَهُوَ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحِ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا هَارُونُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي أَبُو صَخْرٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ قُسَيْطٍ حَدَّثَهُ أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا لَيْلًا قَالَتْ فَغِرْتُ عَلَيْهِ قَالَتْ فَجَاءَ فَرَأَى مَا أَصْنَعُ فَقَالَ مَالَكِ يَا عَائِشَةُ أَغِرْتِ قَالَتْ فَقُلْتُ وما لي أَنْ لَا يَغَارَ مِثْلِي عَلَى مِثْلِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَفَأَخَذَكِ شيطانك قالت يا رسول الله أومعى شَيْطَانٌ. قَالَ نَعَمْ. قُلْتُ وَمَعَ كُلِّ إِنْسَانٍ. قَالَ نَعَمْ. قُلْتُ وَمَعَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ وَلَكِنَّ رَبِّي أَعَانَنِي عَلَيْهِ حَتَّى أَسْلَمَ وَهَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ هَارُونَ وَهُوَ ابْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ وَرْدَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «ان المؤمن لينصى شيطانه كما ينصى أَحَدُكُمْ بِعِيرَهُ فِي السَّفَرِ» تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ من هذا الوجه ومعنى لينصى شَيْطَانَهُ لَيَأْخُذُ بِنَاصِيَتِهِ فَيَغْلِبُهُ وَيَقْهَرُهُ كَمَا يَفْعَلُ بِالْبَعِيرِ إِذَا شَرَدَ ثُمَّ غَلَبَهُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنْ إِبْلِيسَ قَالَ فَبِما أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ. ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمن خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ 7: 16- 17

(1/67)


قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا أَبُو عَقِيلٍ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عقيل الثقفي حدثنا موسى ابن الْمُسَيَّبِ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ سَبْرَةَ بْنِ أَبِي فَاكِهٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «إِنَّ الشَّيْطَانَ قَعَدَ لِابْنِ آدَمَ بِأَطْرُقِهِ فَقَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الْإِسْلَامِ فَقَالَ أَتُسْلِمُ وَتَذْرُ دِينَكَ وَدِينَ آبَائِكَ. قَالَ فَعَصَاهُ وَأَسْلَمَ قَالَ وَقَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الْهِجْرَةِ فَقَالَ أَتُهَاجِرُ وَتَذْرُ أَرْضَكَ وَسَمَاءَكَ وَإِنَّمَا مَثَلُ الْمُهَاجِرِ كَالْفَرَسِ فِي الطُّولِ فَعَصَاهُ وَهَاجَرَ. ثُمَّ قَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الْجِهَادِ وَهُوَ جَهْدُ النَّفْسِ وَالْمَالِ فَقَالَ أَتُقَاتِلُ فَتُقْتَلُ فَتُنْكَحُ الْمَرْأَةُ وَيُقَسَّمُ الْمَالُ قَالَ فَعَصَاهُ وَجَاهَدَ» قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْهُمْ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ. وَإِنْ قُتِلَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ وَإِنْ كَانَ غَرِقَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ وَإِنْ وَقَصَتْهُ دَابَّتُهُ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يَدْخُلَهُ الْجَنَّةَ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا عُبَادَةُ بْنُ مُسْلِمٍ الْفَزَارِيُّ حدثني جبير بن ابى سليمان ابن جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَعُ هَذِهِ الدَّعَوَاتِ حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِي «اللَّهمّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ اللَّهمّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي اللَّهمّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي وَآمِنْ رَوْعَاتِي اللَّهمّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي وَمِنْ فَوْقِي وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي» قَالَ وَكِيعٌ يَعْنِي الْخَسْفَ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ مُسْلِمٍ بِهِ. وقال الحاكم صحيح الاسناد