العبر في خبر من غبر، من سنة 101 إلى 110

سنة إحدى ومئة
في رجب توفي الامامُ العادلُ أميرُ المومنين وخامسُ الخلفاء الراشدين أبو حفص عمر بن عبد العزيز بن مروان الأموي بدير سمعان من أرض المعرة وله أربعون سنة. وكانت خلافته سنتين وخمسة أَشهر. كمثل خلافة الصديق. وكان أَبيض جميلاً، نحيفَ الجسم، حسن الحية، بجبهته أثر حافر فرس، شجه وهو صغير. فكان يقال له أشجُّ بني أمية. وحفظ القرآن في صغره فبعثه أبوه من مصر، فتفَقه بالمدينة حتى بلغ رتبة الاجتهاد. ومناقبُه كثيرة رضي الله عنه. وجدُّه لأُمه عاصم بن عمر بن الخطاب.
وفيها توفي أبو صالح السمان ذكوان، صاحب أَبي هريرة. قال أحمد بن حنبل: كان ثقةَ من أجل الناس.
وفيها أو في سنة مئة، ربعي بن حراش أَحد علماء الكوفة وعبادها. وقد شهد خطبة عمر بالجابية. قيل إِنه لم يكذب قط. رحمه الله عليه. وكان قد آلى أن لا يضحك حتى يعلم أفي الجنة هو أَو في النار.
وفيها مقسم مولى ابن عباس. ولم يكن مولاه بل مَولى عبد الله بن الحارث بن نَوفَل، وأضيف إلى ابن عبّاس لملازمته له.
وفيها محمد بن مروان بن الحكم الأمير، والد الخليفة مروان. وكان بطلاً شجاعاً شديد البأس. له عدة مصافات مع الروم. وكان متولي الجزيرة وغيرها.

(1/91)


وفيها وقيل في سنة خمس وتسعين، الحسنُ بن محمد بن الحنفية الهاشمي العلوي ورد أنه صنف كتاباً في الإرجاء ثم ندم عليه. وكان من عقلاء ِبني هاشم وعلمائهم.
وفيها استعمل يزيد بن عبد الملك أخاه مسلمة على إمرة العراقين، وامره بمحاربة يزيد بن المهلب، وكان قد خرج عليه، فحاربه حتى قتل في السنة الآتية.
وممن توفي بعد المئة: ابراهيم بن عبد الله بن حنين المدني، له عن أبي هريرة.
وابراهيم بن عبد الله بن معبد بن عباس الهاشمي المدني، له ابن عباس، وميمونة.
وعبد الله بن شقيق العقيلي البصري، سمع من عُمر والكبار.
والقطامي الشاعر المشهور.
ومُعاذةْ العدوية الفقيهة العابدة بالبصرة. وعراك بن مالك المدني.
ومُورق العجلي.
وبشير بن يسار المدني الفقيه.

(1/92)


وأبو السوار العدويّ البَصري الفقيه، صاحب عمران بن حنين.
وعبد الرحمن بن كعب بن مالك الأنصاري.
وابن أخيه عبد الرحمن بن عبد الله.
وحفصة بنت سيرين الفقيهة العابدة.
وعائشة بنت طلحة التيمية التي أصدَقَها مصعبُ بن الزبير مئة ألف دينار.
وعبد الرحمن بن أبي بكرة أول من ولد بالبصرة.
ومعبد بن كعب بن مالك.
وذو الرمة الشاعر المشهور.
وأبو الأشعث الصنعاني الشامي.
وزيادٌ الأعجم الشاعر.
وسعد بن أبي هند.
وأبو سلام ممطور الحبشي الأسود.
وأبو بكر بن أبي موسى الأشعري القاضي.
سنة اثنتين ومئة
كان يزيد بن المهلب بن أبي صُفرةَ أمير الصلاة لسليمان. فولي عمر، فعزله وسجنه. فلما توفي عمر أخرجه خواصه من السجن. وتوثب على البصرة، وفرّ منه عاملها. عدي بن أرطاة الفَزَاري. ونصب يزيد رايات سوداً وتسمى بالقحطاني، وقال: أدعو إلى سيرة عمر بن الخطاب. فجاء مسلمة وحاربه. ثم قتل في صفر. وكان جواداً ممدحَاً كثير العزو والفتوح.

(1/93)


وفيها توفي بخراسان الضحاك بن مزاحم الهلاليَ صاحب التفسير.
وثقه الامام أحمد وغيره. وورد أنه كان فقيه مكتب عظيم فيه ثلاثة آلاف صبي. وكان يركب حماراً ويدور عليهم إذا عيي.
وفيها توفي أبو المتوكل الناجي بالبصرة. واسمه علي بن داود.
روى عن عائشة وجماعة.
وفيها توفي افريقية أبو العلاء.
ولما قتل يزيد بن المهلب في المعركة عهد لابنه معاوية.
فأخرج من الجيش عدي بن أرطاة في جماعة فذبحهم صبراً.
سنة ثلاث ومئة
فيها توفي عطاءُ بن يسار المدني الفقيه. مَولى مَيمونة أم المؤمنين. ثقة إمام كان يقص بالمدينة. روى عن كبار الصحابة.
وفيها مجاهد بن جبر، أبو الحجاج المكي، عن نيف وثمانين سنة.
قال خصيف: كان أعلمهم بالتفسير.

(1/94)


وعن مجاهد قال: عرضت القرآن على ابن عباس ثلاثين مرة وقال لي ابن عمر: وددت أَن نافعاً يحفظ كحفظك.
قال سلمة بن كهيل: ما رأيت أَحداً أراد بهذا العلم وجه الله إلا عطاءً وطاوساً ومجاهداً.
وفيها مصعب بن سعد بن أبي وقاَص الزهري المدني. وكان فاضلاً كثير الحديث. روى عن علي والكبار.
وفيها موسى بن طلحة بن عبيد الله التيمي بالكوفة. روى عن والده وعثمان.
وقال أبو حاتم: هو أفضل إخوته بعد محمد. وكان يسمى في زمانه المهدي.
وفيها مقرئ الكوفة يحيى بن وثاب الأسدي، مولاهم. أَخذ عن ابن عباس وطائفة.
قال الاعمش: كنت إذا رأَيته قد جاء قلتُ: هذا قد وقف للحساب. كان يعدد ذنوبه رحمه الله. وفيها يزيد بن الأصم العامري ابن خالة ابن عباس. نزل الرقة. وروى عن خالته ميمونة وطائفة.

(1/95)


سنة أربع ومئة
فيها وقعة بهرازان دون الباب بفرسخين. التقى المسلمون وعليهم الجراح الحكمي هم والخاقان. فهزموه بعد قتال عظيم. وقتل خلق من الكفار.
وفيها توفي خالد بن معدان الكلاعي الحمصي الفقيه العابدْ. سمعه صفوان يقول: لقيت سبعين من الصحابة. وقال يحيى بن سعيد: ما رأيتُ ألزم للعلم منه.
وقال الثوري: ما أقدم عليه أحداً.
وروي عنه أَنه كان يسبح في اليوم أربعين ألف تسبيحة.
وفيها، وقيل قبل المئة، عامر بن سعد بن أبي وقاص الزُهري، أحد الإخوة التسعة. وكان ثقةَ كثير العلم.
وفيها، وقيل سنة ثلاث، الحبر العَلاَمة أبو عمرو عامر بن شراحيل الشعبي الكوفي، عن بضع وثمانين سنة. وقال: ما كتبت سوداء في بيضاء.
وقال ابن المديني: ابن عباس في زمانه، وسفيان الثوري في زمانه، والشعبي في زمانه.

(1/96)


وفيها، وقيل في سنة سبع، أبو قلابة الجرمي عبد الله بن زيد البصري الإمام. وقد طُلب للقضاء فهرب. وقدم الشام فنزل بدارَيا. وكان رأساً في العلم والعمل. سمع من سمرة وجماعة. وفيها أبو بردة عامر بن أبي موسى الأشعري، قاضي الكوفة وأحد الأئمة. لقي علياً والكبار.
سنة خمس ومئة
في رمضان التقى الجراحِ الحكَمي وخاقان ملك الترك. ودام الحرب أياماً، ثم نصر الله دينه، وهزم الترك شر هزيمة. وكان المصاف بناحية إرمينية.
وفيها غزا الرومَ عثمانْ بن حيان المري الذي ولي المدينة للوليد بن عبد الملك. وكان ظالماً، يقول الشعر على المنبر في خطبته. وقد روى له مسلم.
وفي شعبان توفي الخليفة أبو خالد يزيد بن عبد الملك بن مروان.
وجدُّه لأمه يزيد بن معاوية. عاش أربعاً وثلاثين سنة. وَولي أربع سنين وشهراً. وكان أبيض جسيماً مدور الوجه.
قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلَم: لما استخلفَ قال: سيروا سيرة عمر ابن عبد العزيز فأتوه بأربعين شيخاً شهدوا له أن الخلفاء لاحساب عليهم ولا عذاب.

(1/97)


وفيها، على الأصح، أبو رجاء العطاردي، بالبصرة، عن مئة وعشرين سنة أو أقل. واسمه عمران بن ملحان. أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وأخذ عن عمر وطائفة.
وفيها المسيب بن رافع الكوفي. سمع البراء وجماعة.
وفيها عمارة بن خزيمة بن ثابت. روى عن أبيه ذي الشهادتين وجماعة يسيرة. وهو مدني. وفيها توفي الأخوان عبيد الله وعبد الله ابنا عبد الله بن عمر بن الخطاب. وكان عبد الله وصي أبيه. وروايتهما قليلة.
وفيها سليمان بن بريدة بن الحصيب الأسلمي، روى عن أبيه وعائشة وغيرهما.
وفيها أبان بن عثمان بن عفان الأموي المدني الفقيه. روى عن أبيه. قال ابن سعد: كان به صمم ووضح كثير. وأصابه فالج قبل موته بسنة.؟
سنة ست ومئة
فيها استعمل هشام بن عبد الملك على العراق خالد بن عبد الله القسري [فدخلها وقبض على متوليها عمر بن عبد الله القسري] . فدخلها

(1/98)


وقبض على متوليها عمر بن هبيرََة الفزاري وسجنه. فعمد غلمانه فنقبوا سرباً إلى السجن أخرجوه منه. وهرب إلى الشام. وأجاره مسلمة بن عبد الملك. مات قريباً من ذلك.
وفيها غزا المسلمون فرغانة والتقوا الترك، فقتل في الوقعة ابن خاقان. وانهزموا ولله الحمد. وفيها غزا الجراح الحكَمي ووغل في بلاد الخزر. فصالحوه وأعطوه الجزية. وحج بالناس خليفتهم هشام.
وفيها توفي سالم بن عبد الله بن عمر العَدَوِي المدني الفقيهُ القدوة.
وكان شديد الأَدمة، خشن العيش، يلبس الصوف ويخدم نفسه.
قال مالك: ثم يكن في زمانه أشبه بمن مضى من الصالحين في الفضلِ والزهد منه.
قال أحمد وإسحاق: أصح الأسانيد: الزهري عن سالم عن أبيه.
وفيها توفي طاوس بن كَيسان اليماني الجندي، أحَدُ الأعلام علماً وعملاً. أخذ عن عائشة وطائفة. توفي بمكة.
وفيها: قاله خليفةُ: أبو مجلز لاحق بن حُمَيد البصريّ. أحد علماء البصرة. لقِي كبارَ الصحابة كأَبي موسى وابن عباس.
قال هشام بن حبان: كان قليلَ الكلام، فإذا تكلم كان من الرجال.

(1/99)


سنة سبع ومئة
فيها عزل هشام الجرَاح بن عبد الله الحكَمي عن أذربيجان وإرمينية، واستعمل أخاه مَسلمةََ. فغزا وافتتح في رمضان قَيسارية عنوةً.
وفيها توفي سلَيمان بن يسار المدني أخو عطاء وهم عدة إخوة. وكان أحدَ الفقهاء السبعة. أخد عن عائشة وطائفة.
قال الحسن بن محمد بن الحنفية: سليمان بن يسار عندنا أفهم من سعيد بن المسيب.
وفيها عكرِمة بن عبد الله أبو عبد الله البربري ثم المدني مولى ابن عباس أحد الأعلام. وقيل توفي في العام الماضي. وكان كثير التنقل في الأقاليم. دخل اليمن وخُراسان وَالمغرب. وكانت الأمراء تكرمه وتصله.
وقال عِكرِمة: طلبتُ العلم أربعين سنة.
وفيها وقيل سنة خمسٍ عطاءُ بن يزيد الليثِي المدنيّ، صاحبُ نميم الداري.
وفيها، وقيل في سنة ثمان، القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق التيميّ المدني، الإمام.
نشأ في حجر عمته عائشة فأكثر عنها.

(1/100)


قال يحيى بن سعيد: ما أدركنا أحداً نفضله بالمدينة على القاسم.
وعن أبي الزناد قال: ما رأيت فقيهاً أَعلم منه.
وقال ابن عيينة: كان القاسم أفضل أهل زمانه.
وعن عمر بن عبد العزيز قال: لو كان أمر الخلافة إلي لما عدلت عن القاسم.
قلت: لأن سليمان بن عبد الملك عهد إلى عمر بالخلافة وليزيد من بعده.
وفيها مات كثير عزة، أبو صخر الخزاعي المدني الشاعر المشهور.
كان شيعياً غالياً يؤمن بالرجعة.
سنة ثمان ومئة
فيها غزا أسد بن عبد الله القسرِِيّ أمير خراسان فالتقاه الغوز في جمع عظيم فهزمهم.
وفيها زحف ابن خاقان إلى اذربَيجان وحاصر مدينة ديان كذا ونصَب عليها المجانيق. فساد إليه المسلمون فهزموه، وقتلوا من جيشه خلقاً، ولكن استشهد أميرهم الحارث بن عمرو.
وفيها توفي أبو عبد الله بَكرُ بن عبد الله المُزَني البصري الفقيه. روى عن المغيرة بن شعبة وجماعة. وقيل توفي سنة ست.

(1/101)


وفيها، وقيل سنة تسع، أبو نضرة العبدي. واسمه المنذر بن مالك. أحد شيوخ البصرة. أدرك علياً وطلحة والكبار.
وفيها يزيد بن عبد الله بن الشخير البصري، أخو مطَرِّف. كان جليل القدر ثقة مشهوراً. لقي عمران بن حصين وجماعة. وعاش نحواً من تسعين سنة. وقيل بقي إلى سنة إحدى عشرة. وفيها. وقيل في سنة سبع عشرة، محمد بن كعب القرظي الكوفي المولد والمنشإ، ثم المدني. روى عن كَبار الصحابة. وبعضهم يقول: ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وكان كبير القدرِ، موصوفاً بالعلم والورع والصلاح.
سنة تسع ومئة
فيها غزا معاوية ابن الخليفة هشام فافتتح حصين القطاسين كذا. وفيها توفي أبو نجَيح يسار المكيّ، مولى ثقيف ووالد عبد الله بن أبي نجيح. روى عن أَبي سعيد وجماعة.
قال أحمد بن حنبل: كان من خيار عباد الله.
وفيها أبو حَرب بن أبي الأسود الدّؤلي البصري. روى عن عبد الله ابن عمر وجماعة.

(1/102)


سنة عشر ومئة
فيها افتتح معاوية ولد هشام قلعتين من أرض الروم.
وفيها كانت وقعة الطين التقى مسلمة وطاغية الخزر بقرب باب الأبواب. فاقتتلوا أياماً كثيرةَ. ثم كان النصر ولله الحمد في جُمادى الآخرة.
وفيها كانت وقعة بالمغرب أسر فيها بطريقُ المشركين.
وفيها توفي إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله التيمي، وكان يُسمى أسد قُريش. روى عن عائشة وجماعة. وولي خراجَ الكوفة لابن الزبير.
وفيها في شوال محمد بن سيرين أبو بكر، شيخ البصرة مع الحسن. سمع عمران بن حصين، وأبا هريرَة، وطائفة.
قال أيوب: أريدَ للقضاء َففَر إلى الشام وإلى اليمامة.
وقال مؤرق العجلي: ما رأَيت أفقه في ورعه من محمد بن سيرين.
وقال هشام بن حبان: حدثني أصدق من رأَيتُ من البشر محمد بن سيرين.
قال ابن عَون: لم أرَ مثل محمد بن سيرين. وكان الشعبِيّ يقول: عليكم بذاك الأصم، يعني ابن سيرين.
وتوفي قبله بمئة يوم الحسن بن أَبي الحسن البصري أبو سعيد، إمامُ أهل البصرة وَحَبر زمانه. وْلد لسنتين بقيتا من خلافة عمر. وسمع خطبةَ عثمان، وشهد يوم الدار وشهرتُه تغني عن التعريف به.

(1/103)


قال ابن سعد في الطبقات: كان جامعاً عالماً رفيعاً. فقيها حجة مأموناً عابداً ناسكاً كثير العلم فصيحاً جميلاً وسيماً رحمه الله.
وفيها توفي بمكة أبو الطفيل عامر بن واثلة. قاله جرير بن حازم. وقد مر سنة مئة.
وفيها توفي نعيم بن أبي هند الأشجعي الكوفي، وهو أقدم شيخ لشعبة. ولأبيه صحبة.
وفيها توفي الفرزدق وجرير شاعر العصر.