العبر في خبر من غبر، من سنة 131 إلى 140

سنة إحدى وثلاثين ومئة
فيها استولى أبو مسلم صاحب الدعوة على ممالك خراسان.
وهزم الجيوش. واقبلت سعادة بني العباس، وَولت الدنيا عن بني أمية.
وفيها توفي علي بن زيد بن جدعان؛ وقد مرّ.
وفيها قتل أبو مسلم الخراساني إبراهيم بن ميمون الصائغ ظلماً. روى عن عطاء ونافع.
وفيها تُوفي بالبصرة إسحاق بن سُويد التميمي. روى عن ابن عمر وجماعة.
وفيها إسماعيلُ بن عبيد الله بن أَبي المهاجر الدمشقيّ، مؤدّبُ أولاد عبد الملك بن مروان. وكان زاهداً عابداً. روى عن أنس وطائفة.
وفيها فقيه أهل البصرة أَيوب السختيَاني أحد الأعلام. وكان من

(1/132)


صغار التابعين.
قال شعبة: كان سيد الفقهاء.
وقال ابن عُيينة: لم ألق مثله.
وقال حماد بن زيد: كان أفضل من جالسته وِأشدهم اتباعاً للسنة.
وقال ابن المديني: له نحو ثمان مئة حديث.
وفيها الزبير بن عدي قاضي الري يروى عن أنس وجماعة.
وفيها سمَي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث المخزومي المدني. لقي كبار التابعين وفيها أبو الزناد الفقيه. أحد علماء المدينة. وهو أبو عبد الرحمن عبد الله بن ذكوان. لقي عبد الله بن جعفر. وأنساً.
قال الليثَ: رأيت أبا الزناد وخلفه ثلاث مئة تابعٍ من طالب فقهِ وعلم وشعرِ وصنوفٍ، ثم لم يلبث أن بقي وحده، وأقبلوا على ربيعة.
قال أبو حنيفة: كَان أبو الزناد أفقه من ربيعة.
وفيها عبدَ الله بن أبي نجيح المكي المفسر. صاحبَ مجاهد.
وفيها فرقد السبخي. أحد الزهاد بالبصرة. حدث عن أنس وجماعة. وفيه ضعف.
وفيها محمد بن جحادة الكوفي. يروي عن أنس وطائفة. توفي في رمضان.

(1/133)


وفيها منصور بن زاذان زاهد البصرة وشيخُها. روى عن أنس وجماعة. وكان يصلي من بكرةِ إلى العصر، ثم يُسبحُ إلى المغرب.
وفيهَا همام بن منبه اليماني صاحب أبي هُريرة. وكان من أبناء المئة.
قال أحمد: كان يغزو فجالس أبا هريرة. وكان يشتري الكتب لأخيه وهب.
سنة اثنتين وثلاثين ومئة
فيها ابتدا أمر دولة العباسية بني العباس. وبويع السفاح بالكوفة. وِجهز عمه عبدَ الله بن علي لمحاربة مروان. فزحف مروان إليه في مئة ألف إلى أن نزل بالزاب دون الموصل. فالتقوا في جمادى الآخرة. فانكسر مروان واستولى عبد الله على الجزيرة، وطلب الشام. فهرب مروان إلى مصر وخْذل. وانقضت أيامه.
فنزل عبد الله على دمشق وحاصرها. وبها ابن عم مروان الوليد بن معاوية ابن مروان. فأخذت بالسيف. وقتل بها من الأمويين عدة ألوف، منهم أميرها الوليد وسليمان بن هشام بن عبد الملك.
وزرعة بن إبراهيم.

(1/134)


وفيها توفي بمكة إبراهيم بن ميسرة الطائفي صاحب أنس.
قال ابن عيينة: أنَا إبراهيم بن ميسرة: من لم تر عيناك والله مثله.
وفيها توفي بالمدينة. إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاريُ الفقيه وكان مالك لا يقدم عليه أحداً لنبله عنده.
وفيها قتل خالد بن سلمة بن العاص المخزومي الكوفي. وكان قد هرب إلى واسط مع يزيد بن عمر بن هبيرة، فقتله بنو العباس.
وفيها توفي سالم الأفطس الحراني الفقيه، مولى بني أمية. قتله عبد الله بن علي. روى عن سعيد بن جبير وجماعة.
وممن قتل عمر بن أَبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهرِي.
وفيها توفي أبو عبد الله صَفوانُ بن سُليم المدني الفقيه القدوَة. روى عن ابن عمر وجابر وعدة. قال أحمد بن حنبل: ثقة من خيارِ عباد الله، يستنزلُ بذكره القطر.
وفيها عبد الله بن طاوس اليماني ابن كَيسان اليماني النحوي.

(1/135)


روى عن أبيه.
قال معمر: كان من أعلم الناس بالعربية وأحسنهم خلقاً. ما رأيت ابن فقيهٍ مثله.
وفيها عبد الله بن عثمان بن خيثم المكي. روى عن أبي الطفيل وعدة.
وفيها منصور بن المعتمر أبو عتاب السلمي الكوفي الحافظ. أحد الأعلام. أخذ عن أبي وائل، وكبار التابعين. وقال: ما كتبت حديثاً قط.
وقال عبد الرحمن بن مهدي: لم يكن بالكوفة أحفظ منه.
وقال زايدة: صام منصور أربعين سنة، وقام ليلها. وكان يبكي الليل كله.
وقيل: كان قد عمي من البكاء. وقد أكره على قضاء الكوفة فقضى شهرين.
ومناقبه كثيرة، يقال فيه يسير تشيع.
وقتل بجامع دمشق يونس بن ميسرة بن حلبس المقرأ الأعمى وله مئة وعشرين سنة. روى عن معاوية والكبار. وكان موصوفاً بالفضل والزهد كبير القدر.
وقتل بنهر أبي فطرس من الأردن الأمير محمد بن عبد الملك بن مروان الأموي. وله رواية عن أبيه.
وفي ذي القعدة قتل الأمير أبو خالد يزيد بن عمر بن هبيرة

(1/136)


الفزاري أمير العراقين لمروان، وله خمس وأربعون سنة. وكان طويلاً شهماً شجاعاً خطيباً مفوهاً جواداً، مفرط الأكل واقع بني العباس فهزموه. فتحصن بواسط. فحاصره أبو جعفر المنصور أخو السفاح مدة ثم آمنه وغدر به وقتله.
وفيها كانت وقعة المسناة فقتل الأمير قحطبة بن شبيب الطائي المروزي أحد دعاة بني العباس. وتأمر على الجيش في الحال ولده.
وفيها قتل مروان الخليفة الملقب بالجعدي وبالحمار، عبر النيل طالباً بلاد الحبشة. فلحقه صالح بن علي عم السفاح وبيتوه ببوصير. وقاتل حتى قتل وكان بطلاً شجاعاً ظالماً، أبيض، ضخم الهامة، ربع، أشهل العين، كث اللحية، أسرع إليه الشيب. وعاش بضعاً وخمسين سنة. ذكره المنصور مرة فقال: لله دره ما كان أحزمه وأسوسه وأعفه عن الفيء. وقتل معه زبان أخو عمر بن عبد العزيز. وكان أحد الفرسان ولكن تقنطر به فرسه فقتلوه.
وفيها قتل سليمان بن كثير الخزاعي المروزي الأمير، أحد نقباء بني العباس. قتله أبو مسلم الخراساني.
وفي ذي الحجة قتل بمصر عبيد الله بن أبي جعفر الليثي، مولاهم، المصري الفقيه. أحد العلماء والزهاد. ولد سنة ست.
قال محمد بن سعد: كان ثقة بقية في زمانه.
سنة ثلاث وثلاثين ومئة
فيها نازل طاغية الروم اليون بن قسطنطين ملطية، وألح عليهم بالقتال حتى سلموها بالأمان. فهدم المدينة والجامع. ووجه مع المسلمين

(1/137)


عسكرا حتى يبلغوهم مأمنهم.
وفيها بعث أبو مسلم الخرساني مراراً الضبي فقتل الوزير أبا سلمة الخلال حفص بن سليمان السبيعي، مولاهم الكوفي وزير آل محمد. وفيه قيل هذا البيت:
إن الوزيرَ وزير آل محمدٍ ... أودى فمن يشناك كان وزيراً
وفيها توفي أيوب بن موسى بن الأشدق عمرو بن سعيد الأموي المكي الفقيه. روى عن عطاء ومكحول.
ومات بمكة داود بن علي بن عبد الله بن عباس. وكَان فصيحاً مفوّهاً. ولي إمرة المدينة. وروى عن جماعة أحاديث.
وفيها وقيل سنة خمس، سعيد بن أبي هلال الليثي، مولاهم، المصري، كهلاً. يروي عن التابعين.
وفيها عمار الدهني دهن بن معاوية من بحيلة أبو معاوية الكوفي. روى عن أبي الطفَيل وعدة. وفيها عيّاش بن عباس القتباني المصري. روى عن التابعين.
وفيها مغيرة بن مقسم الضبي، مولاهم، الكوفيّ الفقيهُ الأعمى أحد الأئمة. روى عن أَبي وائل وطبقته.

(1/138)


قال شعبة: كان أحفظ من حماد بن أبي سليمان.
وقال مغيرة: ما وقع في مسامعي شيء فنسيته.
ذكره أحمد بن حنبل فقال: ذكي حافظٌ صاحب سنة.
وفيها أو في الماضية، يحيى بن يحيى بن قيس الغساني سيد أهل دمشق في وقته. وقد ولي قضاء الموصل لعمر بن عبد العزيز. وأخذ عن أبي إدريس الخولاني وغيره. وكان ثقةَ إماماً. ولا رواية له في الكتب الستة.
سنة أربع وثلاثين ومئة
فيها تحول الخليفةُ السفّاح عن الكوفة فنزل الأنبار.
وفيها توفي بالبصرة أبو هارون العبديّ صاحب أبي سعيد الخدري. أحد الضعفاء.
والفقيه يزيد بن يزيد بن جابر الأزدي الدمشقيّ. روى عن مكحول وطائفة.
قال أَبو داود: أجازه الوليد بن يزيد مرةً بخمسين ألف دينار. وذكر للقضاء فإذا هو أكبر من القضاء.
وعن ابن عيينَة قال: لا أعلم مكحولاً خلف بالشام مثل يزيد بن يزيد إِلا ما ذكره ابن جرَيح من سلمان بن موسى.
وفيها توجّه من العراق موسى بن كعب إلى حرب منصور بن جمهور الكلبي الدمشقي، حتى أتى السّند فالتقى منصوراً في اثني عشر ألفاً. فهُزم منصورٌ ومات في البرية عَطَشاً. وكان قَدَريّاً.

(1/139)


سنة خمس وثلاثين ومئة
فيها توفي أبو العلاء بُرد بن سنان الدمشقي، نزيلُ البصرة. روى عن وِاثلة فمن بَعده.
وداود بن الحصين المدني مولى بني أمية. روى عن عكرمة وجماعة.
وفيها، على الأصح أبو عقيل زهرَةُ بن معبد التميي بالاسكندرية عن سن عالية.
قال الدارمي: زعموا أنه كاَن من الأبدال.
قلتُ: روىَ عن ابن عمرو ابن الزبير.
وفيها، على الأصح. عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حَزم الأنصاري المدني، شيخ مالك والسفيانين. روى عن أنَس وجماعة. وكان كثير العلم.
وفيها عطاءُ الخراساني نزيل بيت المقدس. وهو كثير الإِرسال عن الصحابة. وإنما سمع من ابن بريدة والتابعين وَولد سنة خمس. وكان يقول: أوثق عمل في نفسي نشر العلم.
وقال ابنُ جابر: كنا نغزو معه، وكان يُحي الليلَ صلاةَ إلاّ نومة السحر.

(1/140)


وكان يعظنا ويحثنا على التهجد.
سنة ست وثلاثين ومئة
فيها توفي الأشعَت بن سوار الكندي الأفرق النجار بالكوفة. لقي الشعبي ونحوه.
وجعفر بن ربيعة الكِندي المصريَ. له عن أبي سامة والأعرج وطائفة.
وحصين بن عبد الرحمن السلمي الكوفي الحافظُ، على ثلاث وتسعين سنة. لقي جابر بن سمُرة، والكبار.
وربيعة بن أبي عبد الرحمن فروخ، الفقيه أبو عثمان المدنيّ. عالم المدينة. ويقال له ربيعة الرأْي. سمع أنَساً وابنَ المسيب، وكانت له حَلقةٌ للفتوى أخذ عنه مالك.
وفيها زيدُ بن أسلم العَدوي، مولاهم، الفقيهُ العابد. لقي ابنَ عمر وجماعةَ وكان له حلقةّ للفتوى والعلم بالمدينة.
قال أبو حازم الأعرج: لقد رأيتنا في حلقة زيد بن أسلم أربعين فقيهاً أدنى خصلة فينا التواسي بما في أَيدينا.
ونقل البخاري أن زين العابدبن علي بن الحسين كان يجلس إلى زيد بن أسلم.

(1/141)


وفيها العلاءُ بن الحارث الحضرمي الفقيه الشامي، صَاحب مكحوِل.
روى عن عبد الله بن بسر وطائفة. وكَان ثقة مفتياً جليلاً.
وفيها عبد الملك بن عمير اللخمي الكوفي، عن مئة وبضع سنين.
رأى علياً رضي الله عنه. وروى عن عدي بن حاتم والكبار، وولي قضاء الكوفة.
وفيها عطاءُ بن السائب بن مالك الثقفي الكوفي الصالح. روى عن عبد الله بن أبي أوفى وطائفة.
قال أحمد بن حنبل: وهو ثقة رجل صالح، كان يختم كل ليلةٍ. من سمع منه قديماً كان صحيحاً. وفيها يحيى بن أبي إسحاق الحضرمي. سمع أنساً وجماعة. قال ابن سعد: له أحاديث، وكان صاحب قرآن وعربية.
وفي ذي الحجة مات أبو العباس السفاح عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس الهاشمي بالأنبار عن اثنتين وثلاثين سنة. وهو أول خلفاء بني العباس. وكان طويلاً أبيض جميلاً حسن اللحية. مات بالجدري. وكانت دولته دون الخمس سنين.
وفي أيامه تفرقت الكلمة وخرج عن طاعته الناحية الغربية من بلاد السودان، وإقليم الأندلس. وتغلبت على هذه الممالك خوارج وجماعة. وولي بعده أخوه أبو جعفر المنصوِر.

(1/142)


سنة سبع وثلاثين ومئة
وفي أولها بلغ عبد الله بن علي موت ابن أخيه السفاح فدعى بالشام إلى نفسه. وعسكر بدابق وزعم أن السفاح عهد إليه بالأمر. وأقام شوراً بذلك. فجهز المنصور لحربه أبا مسلم الخراساني. فالتقى الجمعان بنصيبين في جمادى الآخرة. فاشتد القتال. ثم انهزم جيش عبد الله، وهرب هو إلى البصرة، وبها أخوه، وحاز أبو مسلم خزائنه، وكانت شيئاً عظيماً، لأنه استولى على جميع نعمة بني أمية فبعث المنصور إلى أبي مسلم: أن احتفظ بها في يدك، فصعب ذلك على أبي مسلم، وعزم على خلع المنصور. وسار نحو خراسان، فأرسل إليه المنصور يستعطفه ويمنيه وما زال به حتى وقع في براثنه، فأقدم على قتله.
وفي شعبان قتل أبو مسلم عبد الرحمن بن مسلم صاحب دعوة بني العباس، ومنشىءُ دولتهم. وكان قد دخل خراسان على بهيمة، وهو شابٌّ طري له ذؤابة فما زال يتحيل بإعانة وجوِه شيعة بني العباس ونقبائهم، حتى توثب على مرو ومَلَكَهَا. وحاصل الأمر أنه خرج من خراسان بعد أَن حكم عليها وضبطها. فقاد جيشاً هائلاً ومهد لبني العباس، بعد أن قتل خلقاً لا يحصون محاربة وصبراً. وكَان حجاج زمانه.
وفيها، وقيل في غيرها، توفي خصيف بن عبد الرحمن الجزَري الحراني. روى عن مجاهد، وسعيد بن جبير.
وفيها، أو في التي تليها، منصور بن عبد الرحمن العبدري الحجبي

(1/143)


المكي. ولد صفية بنت شيبة.
قال ابن عيينة: كان يبكي عند كل صَلاة. فكانوا يرون أنه يذكر الموت.
وفيها يزيد بن أبي زياد الكوفي عن نحو تسعين سنة. روى عن مولاه عبد الله بن الحارث بن نوفل الهاشمي وطائفة. وهو لين الحديث. روى له مسلم مقروناً بآخر.
وفيها قُتل أحد الأشراف بدمشق وهو عثمان بن سراقة الأزدي. وكان قد توثب عند موِت السفاح، وسب بني العباس على منبر دمشق. وأقام في الخلافة هاشم بن يزيد بن خالد بن يزيد بن معاوية الأموِي. فبغتهم مجيء صالح عم السفاح، فلم يَقو لحربه. واختفى هاشم وضربت عنقُ ابن سراقة.
سنة ثمان وثلاثين ومئة
فيها أقبل طاغية الروم قسطنطين بن اليون بن قسطنطين في مئة الف حتى نزل بدابق. فالتقاه صالح بن علي عم المنصور فهزمه. وللَه الحمد.
وفيها توفي زَيد بن واقِد الدمشقي. روى عن جُبير بن نفَير، وكثير ابن مرة، وخلق.
وفيها أبو شبل العلاءُ بن عبد الرحمن بن يعقوب المدني مولى الحرقَة. روى عن أبيه وأَنس وطائفة.

(1/144)


قال أبو حاتم: ما أنكر من حديثه شيئاً.
وفيها ليث بن أبي سليم الكوفي. ورخه فطَين وسيعاد.
سنة تسع وثلاثين ومئة
فيها سار عسكر المنصور فنزلوا مَلَطية. وهي خراب، فزرعوا أرضها وطبخوا كلساً لبنائها ورجعوا فبعث طاغية الروم من حرق الزرع.
وفيها توفي خالد بن يزيد المصري الفقيه كهلاً. يروى عن عطاء والزهريَ وطبقتهما.
ويزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد الليثي المدني الفقيه الأعرجِ يروي عن شرَحبيل بن سعد وطبقته من التابعين.
ويونس بن عبيد شيخ البصرة، رأى أنَساً وأخَذَ عن الحسن وطبقته.
قال سعيد بن عامر الضبعي: ما رأَيت رجلاً قط أفضل منه. وأهل البصرة على ذاك.
وقال أبو حاتم: هو أَكبر من سليمان التيمي. ولا يبلُغ سليمان منزلته.
وقال يونس: ما كَتَبَت شيئاً قط، يعني لذكائه وحفظه.

(1/145)


سنة أربعين ومئة
فيها نزل جبريل بن يحيى الأمير من جهة صالح بن علي مرابطاً بالمصيصة. فأقام بها سنة حتى بناها حصنها.
وفيها توفي فقيه واسط أبو العلاء أيوب بن أبي مسكين القصاب كهلاً. أخد عن قتادة وجماعة. وفيها داود بن أبي هند البصري الفقيه. وكان حافظاً مفتياً نبيلاً.
روى عن سعيد بن المسيب وأبي العالية.
وفيها أبو حازم سلمة بن دينار المدني الأعرج. عالم أهل المدينة وزاهدهم وواعظًهم. سمع سَهل بن سَعد وطائفة. وكان أشقر فارسياً. وأمه رومية. وولاؤه لبني مخزوم.
قال ابن خزيمة: ثقة لم يكن في زمانه مثله. له حكم ومواعظ.
وفيها أبو يزيد سهَيل بن أبي صالح السمان المدني. روى عن أبيه وطبقته. وكَان كثير الحديث، تقةً مشهوراً. أخد عنه مالك والكبار.
وفيها عمارة بن غَزية المازني المدني. يروي عن الشعبي وطبقته.
قال ابن سعد: ثقة كثير الحديث.

(1/146)


وفيها عمرو بن قيس الكندي السكوني الحمصي. وله مئة سنة تامة.
روى عن عبد الله بن عمرو والكبار. وذكر إسماعيل بن عياش أنه أدرك سبعين صحابياً. وقال غيره: كان عمرو بن قيس أميراً من دولة عبد الملك بن مروان. وكان سيد أهل حمص وشريفهم. ولي غزو الروم لعمر بن عبد العزيز.