العبر في خبر من غبر، من سنة 151 إلى 160

سنة إحدى وخمسين ومئة
فيها قدم المهدي من الري إلى بغداد ليراها. فأمر أبوه ببناء الرصافة المهدي في الجانب الشرقي مقابلة بغداد. وجعل له حاشية وحشم وآلة في زي الخلافة. وجدد البيعة بالخلافة للمهدي من بعده، ومن بعد المهدي لعيسى بن موسى.
وفي رجب توفي الإمام عبد الله بن عون شيخ أهل البصرة وعالمهم.
روى عن أبي وائل والكبار.
قال هشام بن حبان: لم تر عيناي مثل ابن عون.
وقال قرة: كنا نعجب من ورع ابن سيرين فأنساناه ابن عون.
وقال عبد الرحمن بن مهدي: ما كان بالعراق أعلم بالسنة من ابن عون.
وفيها، على الصحيح، محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي، مولاهم،

(1/165)


المدني صاحب السيرة. رأى أنساً. وسمع الكثير من المقبري والأعرج وهذه الطبقة.
وكان بحراً من بحور العلم. ذكياً حافظاً طالباً للعلم أخبارياً نسابة علامة.
قال شعبة: هو أمير المؤمنين في الحديث.
وقال ابن معين: هو ثقة وليس بحجة.
وقال أحمد بن حنبل: هو حسن الحديث.
وفيها حنظلة بن أبي سفيان بن عبد الرحمن بن صفوان بن أمية الجمحي المكي. روى عن مجاهد وطبقته.
فيها الوليد بن كثير المدني بالكوفة. روى عن بشير بن يسار وطائفة. وكان عارفاً بالمغازي والسير. ولكنه إباضي.
وفيها سيف بن سليمان المكي. روى عن مجاهد وغيره.
وفيها أو في التي تليها، صالح بن علي الأمير عم المنصور، وأمير الشام، وهو الذي أمر ببناء أذنة التي في يد صاحب سيس. وقد هزم الروم نوبة دابق، وكانوا في مئة ألف.
وفيها قتلت الخوارج غيلة معن بن زائدة الشيباني الأمير بسجستان. وكان قد وليها عام أول. وكان أحد الأبطال والأجواد.

(1/166)


سنة اثنتين وخمسين ومئة
فيها توفي إبراهيم بن أبي عبلة أحد الأشراف والعلماء بدمشق. عن سن عالية. روى عن أبي أمامة وواثلة الأسقع وخلق كثير.
وفيها عباد بن منصور الناجي. روى عن عكرمة وجماعة. وولي قضاء البصرة تلك الأيام لإبراهيم بن عبد الله بن حسن الحسني وليس بالقوي في الحديث.
وفيها أبو حرة واصل بن عبد الرحمن البصري. روى عن الحسن وطبقته.
قال شعبة: هو أصدق الناس.
وقال أبو داود الطيالسي: كان يختم في كل ليلتين.
وفيها، وقيل بعدها، يونس بن يزيد الأيلي صاحب الزهري وأوثق أصحابه. وقد روىعن القاسم وسالم وجماعة. وتوفي بالصعيد.
سنة ثلاث وخمسين ومئة
فيها غلبت الخوارج الإباضية على إفريقية، وهزمواعسكرها، وقتلوا متوليها عمر بن حفص الأزدي وكان على رأسهم ثلاثة: أبو حاتم الإباضي، وأبو محمد. وأبو قرة الصفري. وكان أبو قرة في أربعين

(1/167)


ألفاً من الصفرية قد بايعوه بالخلافة. وكان أبو حاتم وصاحبه في مئتي ألف فارس وأمم لا يحصون من الرجالة.
وفيها ألزم المنصور الناس بلبس القلانس المفرطة الطول. وتسمى الدنية لشبهها بالدن. وكانت تعمل من كاغد ونحوه على قصب ويعمل عليها السواد. وفيها شبه من الشربوش.
وفيها توفي أبو زيد أسامة بن زيد الليثي مولاهم المدني. روى عن سعيد بن المسيب فمن بعده. وفيها أبو خالد ثور بن يزيد الكلاعي الحافظ محدث حمص. روى عن خالد بن معدان وطبقته. قال يحيى القطان: ما رأيت شامياً أوثق منه.
وقال أحمد: كان يرى القدر. ولذلك نفاه أهل حمص.
وفيها الفقيه أبو محمد الحسن بن عمارة الكوفي قاضي بغداد. روى عن ابن أبي ملكية والحكم وطبقتهما. وهو واه باتفاقهم.
وفيها الضحاك بن عثمان الحزامي المدني. روى عن نافع وجماعة.
وفيها عبد الحميد بن جعفر الأنصاري المدني. روى عن المقبري وجماعة.
وفيها، وقيل سنة خمس، فطر بن خليفة أبو بكر الكوفي الحناط.

(1/168)


روى عن أبي الطفيل وأبي وائل وخلق. وهو مكثر حسن الحديث، روى له البخاري مقرونا بآخر.
وفيها محل بن محرز الضبي الكوفي. قال أبو حاتم: كان آخر من بقي من أصحاب إبراهيم. ما بحديثه بأس. ولا يحتج به.
قلت: لم يخرجوا له في الكتب الستة شيئاً. وقد روى أيضا عن أبي وائل والشعبي. ووثقه أحمد. وفي رمضان معمر بن راشد الأزدي، مولاهم، البصري الحافظ أبو غزوة صاحب الزهري، كهلاً. روى عن أبي جبارة والحسن. وأقدم شيوخه موتاً قتادة.
قال أحمد: ليس يضم معمر إلى أحد إلا وجدته فوقه.
وقال غيره: كان معمر صالحاً خيراً وهو أول من ارتحل إلى اليمن في طلب الحديث، فلقي بها همام بن منبه صاحب أبي هريرة.
وفيها موسى بن عبيدة الربذي بالمدينة روى عن نافع وطبقته. وكان صالحاً ضعيفاً باتفاق. وفيها على الأصح، وقيل سنة أربع، هشام بن أبي عبد الله الحافظ

(1/169)


البصري الدستوائي ويقال صاحب الدستوائي لأنه كان يتجر في الثياب المجلوبة من دستوا. وهي من الأهواز. روى عن قتادة وطبقته.
قال شعبة: ما من الناس أحد أقول إنه طلب الحديث لله إلا هشام الدستوائي. وهو أعلم بحديث قتادة مني.
وقال أبو داود الطيالسي: كان أمير المؤمنين في الحديث.
قال شاذ بن فياض: بكى هشام حتى فسدت عيناه.
وفيها هشام بن الغاز الجرشي الدمشقي متولي بيت المال للمنصور. روى عن مكحول وطبقته. وكان من ثقات الشاميين وعلمائهم.
وفيها وهيب بن الورد المكي العابد، صاحب المواعظ والرقائق روى عن حميد بن قيس الأعرج وجماعة.
سنة أربع وخمسين ومئة
فيها أهم المنصور أمر الخوارج واستيلاؤهم على المغرب، فسار إلى الشام، وزار القدس. وجهز يزيد بن حاتم في خمسين ألف فارس، وعقد له على المغرب. فبلغنا أنه أنفق على ذلك الجيش ثلاثة وستين ألف ألف درهم. ومر بدمشق فاستعمل على قضائها يحيى بن حمزة، فبقي قاضياً ثلاثين سنة.
وفيها توفي فقيه الجزيرة وعالمها جعفر بن برقان الجزري صاحب ميمون بن مهران.

(1/170)


وفيها توفي أشعب الطامع. ويعرف بابن أم حميد المدني. روى عن عكرعة وسالم. وله نوادر وملح في الطمع والتطفل سائدة.
وفيها عبد الرحمن بن يزيد بن جابر الدمشقي. محدث دمشق. روى عن أبي الأشعث الصنعاني وخلق من التابعين.
وفيها قرة بن خالد السدوسي البصري صاحب الحسن وابن سيرين.
قال يحيى القطان: كان من أثبت شيوخنا.
وفيها معمر في قول وقد مر.
وفيها الحكم بن أبان العدني. روى عن طاوس وجماعة. وكان شيخ أهل اليمن وعالمَهم بعد مَعْمر.
قال أحمد العجلي: ثقة صاحب سنة. كان إذا هدأت العيون وقف في البحر إلى ركبتيه، فيذكر الله حتى يُصبج.
وفيها مقرىء البصرة الإمام أبوعمرو بن العلاء المازني، أحد السبعة، وله أربع وثمانون سنة قرأ على أبي العَالية الرياحيّ وجماعة. وروى عن أنس وإياس.
قال أبو عمرو: كنت رأساً والحسن حي. ونظرت في العلم قبل أن أختن.

(1/171)


وقال أبو عبيدة: كان أبو عمرو أعلم الناس بالقرآن والعربية والشعر وأيام العرب. قال: وكانت دفاتره ملء بيت إلى السقف، ثم تنسك فأحرقها.
سنة خمس وخمسين ومئة
فيها افتتح يزيد بن حاتم إفريقية واستعادها من الخوارج وهزمهم وقتل كبارهم: أبا حاتم وأبا عاد وطائفة. ومهد قواعدها.
وفيها أو سنة ثمان، توفي. محدث حمص صفوان بن عمرو السكسكي. أدرك أبا أمامة. وروى عن عبد الله بن بسر وعن جبير بن نفير والكبار.
وفيها مسعر بن كدام الحافظ، أبو سلمة الهلالي الكوفي. أخذ عن الحكم وقتادة وخلق. وكان عنده نحو ألف حديث.
وقال يحيى القطان: ما رأيت أثبت منه.
وقال شعبة: كنا نسمي مسعراً المصنف.
وقال أبو نعيم: مسعر أثبت من سفيان وشعبة.
وفيها عثمان بن أبي العاتكة الدمشقي القاضي. روى عن عميربن هانئ العنسي وجماعة.

(1/172)


سنة ست وخمسين ومئة
فيها توفي سعيد بن أبي عروبة الإمام أبو النضر العدوي. شيخ البصرة وعالمها. وأول من دون العلم بها. وكان قد تغير حفظه قبل موته بعشر سنين. روى عن أبي رجاء العطاردي وابن سيرين والكبار. وقيل توفي سنة سبع وخمسين.
وفي آخر السنة عبد الله بن شوذب البلخي ثم البصري نزيل بيت المقدس. روى عن الحسن وطبقته. وكان كثير العلم جليل القدر.
قال كثير بن الوليد: كنت إذا رأيت ابن شوذب ذكرت الملائكة.
قلت: عاش سبعين سنة.
وفيها شيخ إفريقية وقاضيها وأول من ولد بها من المسلمين عبد الرحمن ابن زياد بن أنعم الشّعبْاني الإفريقيّْ الزاهد الواعظ. روى عن أبي عبد الرحمن الحُبُلي وطبقته. وقد وفد على المنصور فوعظه بكلام خشن فاحتمله، وليس بقوي في الحديث.
وفيها عمر بن ذر الهمداني الكوفي الواعظ البليغ. روى عن أبيه وأبي وائل والكبار.
وفيها علي بن أبي حملة الدمشقي المعمر. أدرك معاوية وروى عن أبي

(1/173)


إدريس الخولاني والكبار. وقد وثقه أحمد وغيره.
وفيها، وقيل سنة ثمان، فارسُ الكوفة أبو عُمارة حمزة بن حبيب التيمي. مولى تيم الله بن ربيعة، الكوفي الزيات الزاهد. أحد السبعة. قرأ على التابعين. وتصدر للإقراء. فقرأ عليه جُل أهل الكوفة. وحدث عن الحكم ابن عُييَنة وطبقته. وكان رأسا في القرآن والفرائض، قدوة في الورع.
سنة سبع وخمسين ومئة
فيها توفي الحُسينُ بن واقد المروزي قاضي مرو. روى عن عبد الله ابن بريدة وطبقته.
وفي صفر إمام الشاميين أبو عَمْرو عبدُ الرحمن بن عمرو الأْوزاعيُ الفقيهُ. روى عن القاسم مُخَيْمَرة، وعطاء، وخلق كثيرمن التابعين. وكان رأساً في العلم والعمل، جم المناقب. ومع علمه كان بارعاً في الكتابة والترسل.
قال الهقل بن زياد: أجاب الأوزاعي في سبعين ألف مسألة.
وقال إسماعيل بن عياش: سمعتُ الناس سنة أربعين ومائة يقولون: الأوزاعي اليوم عالم الأمة.

(1/174)


وقال عبد الله الخريبي: كان الأوزاعي أفضل أهل زمانه.
وقال الوليد بن مسلم: ما رأيت أكثر اجتهاداً في العبادة من الأوزاعي.
وقال أبو مسْهَر: كان يُحيي الليل صلاة وقرآناً وبُكاءً.
ومات في الحمام، أغلقت عليه امرأته باب الحمام ونسيتْهُ فمات. رحمه الله.
وفيها محمد بن عبد الله ابن أخي الزُهّري المدني. روى عن عمه وأبيه.
وفيها مُصْعَبُ بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام بالمدينة. روى عن أبيه وعطاء وطائفة. ضعفه ابن معين.
وفيها يوسفُ بن إسحاق بن أبي إسحاق السبيعي. روى عن جده وعن الشعبي. قال ابن عُيَبْنَة: لم يكن في ولد أبي إسحاق أحَفظ منه.
سنة ثمان وخمسين ومئة
فيها صادر المنصور خالد بن برمك وأخذ منه ثلاثة آلاف ألف درهم، ثم رضي عليه وأمَّرّه على الموصل.
وفيها توفي أفْلَحُ بن حُمَيْد الأنصاري المدني. روى عن القاسم أبي بكر بن حزْم.
وفيها توجه المنصور للحج. فأدركه أجله يوم سادس ذي الحجة عند بئر ميمون بظاهر مكة مُحْرماً. فأقام الموسم إبراهيمُ بن يحيى بن محمد، صبيّ أمرد. وهو ابن أخي المنصور. واستخلف المهدي.

(1/175)


وفيها توفي الفقيه أبوعمرو معاوية بن صالح الحضرمي الحمصي نزيل الأندلس. وقاضي الجماعة بها. حج فأدركه الأجل بمكة. صلى عليه الثوري روى عن مكحول وطبقته. وأكثر عنه في هذا العام المصريون والحجاج. وقيل مات سنة تسع.
وفيها، على الصحيح، حيوة بن شريح التجيبي المصري الفقيه أحَدُ الزهاد والعلماء السادة. صحب يزيد بن أبي حبيب. وروى عن أبي يونس مَولى أبي هريرة وطبقته. وكان مجاب الدعوة.
وفيها زُفَرَ بن الهذيل العنبري الفقيه صاحب أبي حنيفة، وله ثمان وأربعون سنة. وكان ثقة في الحديث، موصوفاً بالعبادة. نزل البصرة وتفقهواعليه.
وفيها عبيد الله بن أبي زياد الرصافي الشامي صاحب الزهري. وثقة الدارقطني لصحة كتابه. وما روى عنه إلا حفيدُه حجاج بن أبي منيع.
وفيها توفي أخباريان كبيران: عبدُ الله بن عياش الهمداني الكوفي صاحب الشعبي ويعرف بالمنتوف.
وعوانة بن الحكم البصريُ.
وفيها في ذي الحجة بمكة المنصور أبو جعفر عبد الله بن محمد بن علي

(1/176)


ابن عبد الله بن عباس الهاشمي العباسي وله ثلاث وستون سنة وكانت خلافته اثنتين وعشرين سنة. وكانت أمة بربرية. وكان طويلاً مهيباً أسمرَ خفيف اللحية. رحب الجبهة. كأن عينيه لسانان ناطقان، تقبله النُفوس. وكان يُخالط أبهة الملك بزي أولي النسك. ذا حزمٍ وعزمٍ ودهاءٍ ورأي وشجاعة وعَقْل. وفيه جبروت وظلم.
وفيها مات طاغية الروم قسطنطين بن إليون عليه اللعنة.
سنة تسع وخمسين ومئة
فيها ألحّ المهدي على ولي العهد عيسى بن موسى بكل ممكن، بالرغبة والرهبة، في خلع نفسه، ليولي العهد لولده موسى الهادي فأجاب خوفاً على نفسه. فأعطاه المهدى عشرة آلاف ألف درهم وإقطاعات.
وفيها تُوفي الإمام أبو الحارث محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث ابن أبي ذئب هشام بن شعبة القرشي العامري المدني الفقيه.
ومولده سنة ثمانين. روى عن عكْرمة ونافع وخلق.
قال أحمد بن حنبل: كان يشبه بسعيد بن المسيب. وما خلَفَ مثله. كان أفضل من مالك إلا أن مالكاً أشد تنقية للرجال.
وقال الواقدي: كان ابن أبي ذئب يصلي الليل أجمع، ويجتهد في العبادة، فلو قيل إن القيامة تقوم غداً ما كان فيه مزيد من الإجتهاد. وأخبرني أخوه أنه كان يصوم يوماً ويفطر يوماً. ثم سرده. وكان شديد الحال يتعشى بالخبز والزيت. وكان من رجال العالم صرامة وقولاً بالحق. وكان يحفظ حديثه لم يكن له كتاب.

(1/177)


وقال أحمد: دخل ابن أبي ذئب على أبي جعفر يعني المنصور فلم يؤهله أن قال: الظلم ببابك فاش وأبو جعفر أبو جعفر.
وفيها عبد العزيز بن أبي رواد بمكة. روى عن عكرمة وسالم وطائفة.
قال ابن المبارك: كان من أعبد الناس.
وقال غيره: كان مرجئاً.
وفيها عكرمة بن عمار اليمامي. روى عن طاوس وجماعة وسمع من الهرماس بن زياد الصحابي.
قال عاصم بن علي: كان مستجاب الدعوة.
قلت: آخر من روى عنه يزيد بن عبد الله اليمامي شيخ ابن ماجه.
وفيها عمار بن زريق الضبي الكوفي. روى عن منصور والأعمش.
وكان كبير القدر عالماً خيراً. قال أبو أحمد الزبيري لبعضهم: لو كنت اختلفت إلى عمار بن زريق لكفاك بأهل الدنيا.
وفيها، أو في سنة سبع عيسى بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب المدني. ولقبه رباح. روى عن أبيه، وعن سعيد بن المسيب. وهو أكبر شيخ للقعنبي.
وفيها في أولها مالك بن مغول البجلي الكوفي روى عن الشعبي

(1/178)


وطبقته. وكان كثير الحديث ثقة حجة.
قال ابن عيينة: قال له رجل اتق الله فوضع خده بالأرض.
وفيها يونس بن أبي إسحاق السبيعي عن سن عالية. روى عن أنسٍ وكبار التابعين. وكان صدوقاً كثيرالحديث قال عبد الرحمن بن مهدي، وغيُره: لم يكن به بأس.
وفيها أميرُ خراسان حمُيد بن قُحْطبة بن شبيب الطائيّ. وقد ولي أيضاً الجزيرة ومصر.
سنة ستين ومئة
في أولها كان خلع عيسى بن موسى. وقد ذكرنا ابتداء ذلك في السنة الماضية.
وفيها افتتح المسلمون وعليهم عبد الملك المسمعي مدينة كبيرة بالهند.
وفيها فرق المهدي في الحرمين أموالاً عظيمة إلى الغاية قيل إنها بلغت ثلاثين ألف ألف درهم. وفرق من الثياب مئة ألف وخمسين ألف ثوب. وحمل محمد بن سليمان الأمير الثلج حتى وافى به مكة للمهديَ، وهذا شيء لم يتهيأ لأحد.
وتُوفي في غزوة الهند في الرجعة بالبحر الربيع بن صبيح البصري صاحب الحسن. وقد قال فيه شُعبةُ: هو عندي من سادات المسلمين.
وقال أحمد: لا بأس به.

(1/179)


وفيها لثلاث بقين من جُمادى الآخرة شعبة بن الحجاح بن الورد، الإمام أبو بسطام العتكي الازدي. مولاهم، الواسطي، شيخ البصرة. وأمير المؤمنين في الحديث روى عن معاوية بن قرة وعمرو بن مرة وخلق من التابعين.
قال الشافعي: لولا شعبة ما عرف الحديث بالعراق.
وقال ابن المدني: له نحو ألفي حديث.
وقال سفيان لما بلغه موت شعبة: مات الحديث.
وقال أبو زيد الهروي: رأيت شعبة يصلي حتى تورم قدماه. وقد أثنى جماعة من كبار الأئمة على شعبة ووصفوه بالعلم والزهد والقناعة والرحمة والخير. وكان رأساً في العربية والشعر سوى الحديث.
وفيها توفي المسعودي عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود الكوفي. روى عن الحكم بن عيينة وعمرو بن مرة وخلق.
قال أبو حاتم: كان أعلم أهل زمانه بحديث ابن مسعود. وتغير قبل موته بسنة أو سنتين.