العبر في خبر من غبر، من سنة 211 إلى 220
سنة إحدى عشرة
ومئتين
فيها أمر المأمون فنودي برئت الذمة من ذكر معاوية بخير، وأن أفضل الخلق
بعد النبي صلى الله عليه وسلم علي رضي الله عنه.
وفيها توفي أبو الجواب أحوص بن جواب الكوفي. روى عن يونس ابن أبي إسحاق
وسفيان الثوري وجماعة.
وفيها أبو العتاهية الشاعر المشهور واسمه إسماعيل بن القاسم العنزي
(1/282)
الكوفي ببغداد.
وفيها أبو زيد الهروي سعد بن الربيع البصري. وكان يبيع الثياب الهروية.
روى عن قرة بن خلد وطائفة.
وفيها طلق بن غنام النخعي الكوفي، كاتب حكم شريك القاضي. روى عن مالك
بن مغول وطبقته. وهو والذي قبله أقدم من مات بن شيوخ البخاري.
وفيها عبد الله بن صالح العجلي الكوفي المقرىء المحدث، والد الحافظ
أحمد بن عبد الله العجلي نزيل المغرب. قرأ عبد الله القرآن على حمزة،
وسمع عن إسرائيل وطبقته، وأقرأ وحدث ببغداد.
وفيها عبد الرزاق بن همام، العلامة الحافظ أبو بكر الصنعاني صاحب
المصنفات. روى عن معمر وابن جريح وطبقتهما، ورحل الأئمة إليه إلى
اليمن، وله أوهام مغمورة في سعة علمه. عاش بضعاً وثمانين سنة، وتوفي في
شوال.
وفيها علي بن الحسين بن واقد، محدث مرو وابن محدثها. روى عن أبيه، وعن
أبي حمز ة الكوفي.
وفيها معلى بن منصور الرازي الفقيه نزيل بغداد. روى عن الليث
(1/283)
ابن سعد وغيره. روي أنه كان يصلي. فوقع
عليه كور الزنابير فأتم صلاته. فنظروا فإذا رأسه قد صار هكذا من
الإنتفاح.
سنة اثنتي عشرة ومئتين
فيها جهز المأمو ن جيشاً عليهم محمد بن حميد الطوسي لمحاربة بابك
الخرمي.
وفيها أظهر المأمون القول بخلق القرآن ما أظهر في العام الماضي من
التشيع. فاشمأزت منه القلوب وقدم دمشق، فصام بها رمضان، ثم حج بالناس.
وفيها توفي الحافظ أسد بن موسى الأموي نزيل مصر، ويقال له أسد السنة.
روى عن شعبة وطبقته. ورحل في طلب الحديث وصنف التصانيف.
وفيها الفقيه أبو حيان إسماعيل بن حماد بن الإمام أبي حنيفة. روى عن
مالك بن مغول وجماعة. وولي قضاء الجانب الشرقي ببغداد، وولي قضاء
البصرة وكان موصوفاً بالزهد والعبادة والعدل في الأحكام.
وفيها الحسين بن حفص الهمداني. قاضي إصبهان ومفتيها. أكثر عن سفيان
الثوري وغيره وكان دخله في العام مئة ألف درهم، فما وجبت عليه زكاة.
وفيها المحدث خلاد بن يحيى الكوفي بمكة. روى عن عيسى بن طهمان
(1/284)
وطبقته وهو من كبار شيوخ البخاري.
وفيها زكريا بن عدي الكوفي. روى عن جعفر بن سليمان وطائفة.
قال ابن عوف: ما كنت عن أحد أفضل منه.
قلت: حديثه في الصحيحين.
وفيها أبو عاصم النبيل الضحاك بن مخلد الشيباني الحافظ محدث البصرة.
توفي في ذي الحجة وقد نيف على التسعين. سمع من يزيد بن أبي عبيد.
وجماعة من التابعين وكان واسع العلم، ولم ير في يده كتاب قط.
قال عمر بن شبة: والله ما رأيت مثله.
وقال البخاري: سمعت أبا عاصم يقول: ما أغتبت أحداً قط منذ عقلت. إن
الغيبة حرام.
وفيها أبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاح الخولاني الحمصي. سمع الأوزاعي
وطبقته. أدركه البخاري.
وفيها الفقيه أبو مروان عبد الملك بن عبد العزيز بن الماجشون صاحب
مالك. وكان فصيحاً مفوهاً. وعليه دارت الفتيا في زمانه بالمدينة.
وفيها مفتي الأندلس عيسى بن دينار الغافقي صاحب ابن القاسم. وكان
صالحاً ورعاً مجاب الدعوة، متقدماً في الفققه على يحيى بن يحيى.
وفيها أبو عبد الله محمد بن يوسف الفريابي الحافظ، في أول السنة،
(1/285)
بقيسارية. أكثر عن الأوزاعي والثوري. أدركه
البخاري، ورحل إليه الإمام أحمد، فلم يدركه، بل بلغه موته بحمص.
سنة ثلاث عشرة ومئتين
فيها توفي أسد بن الفرات الفقيه. أبو عبد الله المغربي، صاحب مالك
وصاحب المسائل الأسدية التي كتبها أبي القاسم.
وفيها خالد بن مخلد القطواني، أحد الحفاظ بالكوفة. رحل وأخذ عن مالك
وطبقته.
قال أبو داود: صدوق شيعي.
وفيها عبد الله بن داود الخريبي: الحافظ الزاهد. سمع الأعمش والبكار،
وكان بن أعبد أهل زمانه. توفي بالكوفة في شوال، وقد نيف على التسعين.
وفيها أبو عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرىء، شيخ مكة وقارئها
ومحدثها. روى عن ابن عون والكبار، ومات في عشر المئة. وأقرأ القرآن
سبعين سنة.
وفيها عمرو بن عاصم الكلابي. روى عن طبقة شعبة.
(1/286)
وفيها عبيد الله بن موسى العنسي الكوفي،
الحافظ. روى عن هشام بن عروة والكبار. وقرأ على حمزة. وكان إماماً في
الحديث والفقه والقرآن. موصوفاً بالعبادة والصلاح. لكنه من رؤوس
الشيعة.
وفيها عمرو بن أبي سلمة التنيسي الفقيه. وأصله دمشقي. روى عن الأوزاعي
وطبقته.
وفيها محمد بن سابق البغدادي. روى عن مالك بن مغول وجماعة. وقيل توفي
في السنة الآتية. وفيها محمد بن عرعرة بن البرند الشامي المصري. روى عن
شعبة وطائفة. توفي في شوال. وفيها الهيثم بن جميل البغدادي الحافظ،
نزيل أنطاكية. روى عن جرير وطبقته، وكان من صلحاء المحدثين وأثباتهم.
وفيها يعقوب بن محمد الزهري الفقيه الحافظ روى عن إبراهيم بن سعد
وطبقته. وهو ضعيف يكتب حديثه.
سنة أربع عشرة ومئتين
فيها التقى محمد بن حميد الطوسي وبابك الخرمي. فهزمهم بابك وقتل
الطوسي.
وفيها وجه عبد الله بن طاهر بن الحسين على إمرة خراسان. وأعطاه المأمون
خمس مئة ألف دينار.
(1/287)
وفيها توفي أحمد بن خالد الذهبي بن الحمصي،
راوي المغازي عن ابن إسحاق. وكان مكثراً حسن الحديث.
وفيها أبو أحمد الحسين بن محمد المروزي المؤدب ببغداد. وكان من حفاظ
الحديث. روى عن ابن أبي ذئب وسفيان وخلق.
وفيها الفقيه عبد الله بن عبد الحكم، أبو محمد المصري، وله ستون سنة.
وكان من جلة أصحاب مالك. أفضت إليه رئاسة مصر بعد أشهب. وقيل إنه وصل
الشافعي بألف دينار، وله مصنفات في الفقه. وهو مدفون إلى جنب الشافعي.
وفيها أبو عمرو معاوية بن عمرو الأزدي بن البغدادي الحافظ المجاهد.
روى عن زائدة وطبقته. وأدركه البخاري. وكان بطلاً شجاعاً معروفاً
بالإقدام والرباط.
سنة خمس عشرة ومئتين
فيها دخل المأمون من درب المصيصة إلى الروم، وافتتح حصن قرة عنوة،
وتسلم ثلاثة حصون بالأمان، ثم قدم دمشق.
وفيها توفي الحافظ إسحاق بن عيسى بن الطباع البغدادي، نزيل أدنة، سمع
الحمادين وطائفة.
(1/288)
وفيها مفتي أهل بلخ أبو سعيد خلف بن أيوب
العامري صاحب أبي يوسف. سمع من عوف الأعرابي، وجماعة من الكبار. وكان
زاهداً قدوة. روى عن يحيى بن معين والكبار.
وفيها العلامة أبو زيد الأنصاري سعيد بن أوس الأنصاري اللغوي. وله ثلاث
وتسعون سنة. روى عن سليمان التيمي، وحيد الطويل، والكبار. وصنف
التصانيف.
وقال بعض العلماء: كان الأصمعي يحفظ ثلث اللغة، وكان أبو زيد يحفظ ثلثي
اللغة.
وكان صدوقاً صالحاً.
وفيها محمد بن عبد الله الأنصاري أبو عبد الله، قاضي البصرة وعالمها
ومسندها. سمع سليمان التيمي وحميداً والكبار، وعاش سبعاً وتسعين سنة.
وهو من كبار شيوخ البخاري. وفيها محمد بن المبارك الصوري، أبو عبد الله
الحافظ صاحب سعيد ابن عبد العزيز.
قال يحيى بن معين: كان شيخ دمشق بعد أبي مسهر.
وقال أبو داود: كان رجل السنة بعد أبي مسهر.
(1/289)
وفيها أبو السكن مكي بن إبراهيم البلخي
الحافظ. روى عن هشام بن حبان والكبار وهو آخر من روي من الثقات عن يزيد
بن أبي عبيد. عاش نيفاً وتسعين سنة. وهو من كبار شيوخ البخاري.
وفيها أبو عامر قبيصة بن عقبة السوائي الكوفي العابد، أحد الحفاظ. روى
عن قطر بن خليفة وطبقته. فأكثر عن الثوري.
قال إسحاق بن سيار: ما رأيت شيخاً أحفظ منه.
وقال آخر: كان يقال له زاهد أهل الكوفة. وكان هناد بن السري إذا ذكره
دمعت عيناه وقال: الرجل الصالح.
وفيها محدث مرو علي بن الحسن بن سفيان روى عن أبي حمزة السكري وطائفة.
وكان حافظاً كثير العلم. كتب الكثير حتى كتب التوراة والإنجيل وجادل
اليهود.
وفيها يحيى بن حماد البصري الحافظ، ختن أبي عوانة. سمع شعبة وطبقته.
سنة ست عشرة ومئتين
فيها غزا المأمون فدخل الروم، وأقام بها ثلاثة أشهر، وافتتح أخوه عدة
حصون. وأغار جيشه فغنموا وسبوا، ثم رجع إلى دمشق، ودخل الديار المصرية.
(1/290)
وفيها توفي حبان بن هلال البصري الحافظ.
روى عن شعبة وطبقته.
قال أحمد: إليه المنتهى في التثبت بالبصرة.
توفي في رمضان. وكان قد امتنع من التحديث قبل موته بأعوام.
وفيها الحسن بن سوار، أبو العلاء البغوي ببغداد. روى عن عكرمة بن عمار
وأقرانه وكان ثقة صاحب حديث.
وفيها عبد الله بن نافع الأسدي الزبيري المدني الفقيه. روى عن هلال
وجماعة. ووصفه الزبير بن بكار بالفقه والعبادة والصوم رحمه الله.
وفيها عبد الصمد بن نعمان البزاز. روى عن عيسى بن طهمان وطبقته. وكان
أحد الثقات ولم تقع له رواية في الكتب الستة.
وفيها الأصمعي العلامة، وهو أبو سعيد عبد الملك بن قريب الباهلي البصري
اللغوي الأخباري. سمع ابن عون والكبار. وأكثر عن أبي عمرو بن العلاء.
وكانت الخلفاء تجالسه وتحب منادمته. وعاش ثمانياً وثمانين سنة. له عدة
مصنفات.
(1/291)
وفيها قاضي دمشق أبو عبد الله محمد بن بلال
العاملي. أخذ عن سعيد بن عبد العزيز وطبقته. وكان من العلماء الثقات.
وفيها محمد بن سعيد بن سابق الرازي، محدث قزوين. روى عنأبي جعفر الرازي
وطبقته. وفيها محمد بن كثير الصنعاني ثم المصيصي. روى عن الأوزاعي
ومعمر. وكان محدثاً حسن الحديث.
وفيها هوذة بن خليفة الثقفي البكراوي البصري الأصم وله إحدى وتسعون
سنة. روى عن يونس وعقبة وسليمان التيمي والكبار.
قال الإمام أحمد: ما كان أضبطه عن عوف الأعرابي.
وقال ابن معين: ضعيف.
سنة سبع عشرة ومئتين
وفي وسطها دخل المأمون بلاد الروم، فنازل لؤلؤة مئة يوم ولم يظفر بها.
فترك على حصارها عجيفا فخدعه أهلها وأسروه. ثم اطلقوه بعد جمعة.
وأقبل عظيم الروم توفيل فأحاط بالمسلمين، فجهز المأمون نجدة وغضب وهم
بغزو قسطنطينية، ثم فتر لشدة الشتاء.
وفيها كان الفناء العظيم بالبصرة حتى أتى على أكثرها فيما قيل.
وفيها توفي وقيل في التي مضت حجاج بن منهال البصري أبو محمد
(1/292)
الأنماطي الحافظ. سمع شعبة وطائفة. وكان
دلالاً في الأنماط، ثقة صاحب سنة.
وفيها شريح بن النعمان الجوهري البغدادي الحافظ، يوم الأضحى. روى عن
حماد بن سلمة وطبقته. وكان ثقة مبرزاً.
وفيها موسى بن داود الضبي، أبو عبد الله الكوفي بن الحافظ. سمع شعبة
وخلقاً.
قال الدارقطني: كان مصنفاً مكثراً مأموناً.
وقال ابن عمار: كان ثقة زاهداً صاحب حديث.
قلت: ولي قضاء طرسوس حتى مات.
وفيها هشام بن إسماعيل الدمشقي العطار، أبو عبد الملك الخزاعي الزاهد
القدوة. روى عن إسماعيل بن عياش. وكان ثقة.
سنة ثمان عشرة ومئتين
فيها احتفل المأمون لبناء مدينة طوانة من أرض الروم، وحشد لها الصناع
من البلاد وأمر ببنائها ميلاً في ميل. وولى ولده العباس أمر بنائها.
وفيها امتحن المأمون العلماء بخلق القرآن. وكتب في ذلك إلى نائبه
ببغداد. وبالغ في ذلك. وقام في هذه البدعة قيام معتقد متعبد بها.
فأجاب أكثر العلماء على سبيل الإكراه، وتوقف طائفة. ثم أجابوا وناظروا،
فلم يلتفت إلى قولهم، وعظمت المصيبة بذلك، وهدد على ذلك بالقتل، ولم
يصب أحد من علماء العراق إلا الإمام أحمد بن حنبل ومحمد بن نوح، فقيدا
وارسلا
(1/293)
إلى المأمون وهو بطرسوس. فلما بلغا إلى
الرقة جاءهم الفرج بموت المأمون وعهد بالخلافة إلى أخيه المعتصم. فأمر
بهدم طوانة وبنقل ما فيها. وصرف أهلها إلى بلادهم.
وفيها دخل خلق من بلاد همذان إلى دين الخرمية وعسكروا.
فندب المعتصم لهم أمير بغداد إسحاق بن إبراهيم بن مصعب فالتقاهم في ذي
الحجة بأرض همذان فكسرهم. وقتل منهم ستين ألفاً. وانهزم من بقي إلى
ناحية الروم.
وفيها توفي بمصر إسحاق بن بكر بن مضر الفقيه. وكان يجلس في حلقة الليث
فيفتي ويحدث. قلت: لا أعلمه روى عن غير أبيه.
وفيها بشر المريسي الفقيه المتكلم. وكان داعية إلى القول بخلق القرآن.
هلك في آخر السنة ولم يشيعه أحد من العلماء. وحكم بكفره طائفة من
الأئمة.
روى عن حماد بن سلمة، وعاش سبعاً وسبعين سنة.
وفيها عبد الله بن يوسف الحافظ أبو محمد أحد الأثبات.
أصله دمشقي. سمع من سعيد بن عبد العزيز ومالك والليث.
وفيها عالم أهل الشام أبو مسهر الغساني الدمشقي عبد الأعلى بن مسهر،
(1/294)
في حبس المأمون ببغداد، في حين محنة
القرآن. سمع سعيد بن عبد العزيز وتفقه عليه. وولد سنة أربعين ومئة.
وكان علامة بالمغازي والأثر، كثير العلم رفيع الذكر.
قال يحيى بن معين: منذ خرجت من باب الأنبار إلى أن رجعت لم أر مثل أبي
مسهر.
وقال أبو حاتم: ما رأيت أصح منه، وما رأيت أحداً في كورة من الكور أعظم
قدراً ولا أجل عند أهلها من أبي مسهر بدمشق، إذا خرج اصطف الناس يقبلون
يده.
وفيها أبو محمد عبد الملك بن هشام البصري النحوي صاحب المغازي، الذي
هذب السيرة ونقلها عن البكائي صاحب ابن إسحاق. وكان أديباً أخبارياً
نسابة. سكن مصر وبها توفي. وفيها في رجب مات المأمون أبو العباس محمد
بن الرشيد هارون ابن المهدي محمد بن المنصور العباسي بالبدندون من أرض
الروم، في العزاة بقرحة طلعت في حلقه، وله ثمان وأربعون سنة، وقد وخطه
الشيب.
وكان أبيض، ربعة، حسن الوجه، طويل اللحية، دقيقها، ضيق الجبين. وكان ذا
رأي وعقل ودهاء وشجاعة وكرم وحلم وتضلع من العلم والآداب.
سمع من هشام وغيره. وكان من أذكياء العالم، ذا همة عالية في الجهاد.
وكان يقول: معاوية بعمره. وعبد الملك بحجاجه، وأنا بنفسي.
(1/295)
وكان شيعياً جهمياً نازع أخاه الأمر لما
خلعه واستقل بالخلافة عشرين سنة.
وفيها محمد بن نوح العجلي ناصر السنة. حمل مقيداً مع الإمام أحمد بن
حنبل متزاملين، فمرض ومات بغابة في الطريق. فوليه الإمام أحمد ودفنه.
وكان في الطريق يثبت أحمد ويشجعه.
قال أحمد: ما رأيت أقوم بأمر الله منه.
روى عن إسحاق الأزرق، ومات شاباً رحمه الله.
وفيها معلى بن أسد البصري أخو بهز بن أسد. روى عن وهيب بن الورد
وطبقته. وكان ثقة. وفيها يحيى بن عبد الله النابلسي روى عن الأوزاعي
وابن أبي ذئب، وطائفة.
سنة تسع عشرة ومئتين
فيها، وقيل في التي بعدها، امتحن المعتصم الإمام أحمد بن حنبل، وضرب
بين يديه بالسبط حتى غشي عليه. فلما صمم ولم يجب أطلقه وندم على ضربه.
وفيها توفي علي بن عياش الألهاني الحمصي الحافظ. محدث حمص وعابدها. سمع
من جرير بن عثمان وطبقته. وذكر فيمن يصلح للقضاء.
(1/296)
وفيها أبو أيوب سليمان بن داود بن علي
الهاشمي العباسي. سمع إسماعيل بن جعفر وطبقته. وكان إماماً فاضلاً
شريفاً. روي أن الإمام أحمد بن حنبل أثنى عليه وقال: يصلح للخلافة.
وفيها عالم أهل مكة الحافظ أبو بكر عبد الله بن الزبير القرشي الحميدي.
روى عن فضل بن عياض وطبقته. وكان إماماً حجة.
قال الإمام أحمد بن حنبل: الحميدي إمام والشافعي إمام وابن راهويه
إمام.
وفيها الإمام أبو نعيم الفضل بن دكين الملائي الحافظ محدث الكوفة. روى
عن الأعمش وزكريا بن أبي زائدة والكبار.
قال ابن معين. ما رأيت أثبت من أبي نعيم وعفان.
وقال الإمام أحمد: كان يقظان في الحديث عارفاً، وقام في أمر الامتحان
بما لم يقم غيره عافاه الله. وكان أعلم من وكيع بالرجال وأنسابهم،
ووكيع أفقه منه.
وقال غيره: لما امتحن قال: والله عنقي أهون من زري هذا. ثم قطع زره
ورماه.
وفيها أبو غسان مالك بن إسماعيل النهدي الكوفي الحافظ. روى عن إسرائيل
وطبقته.
قال ابن معين: ليس بالكوفة أتقن منه وقال أبو حاتم الرازي كان ذا فضل
(1/297)
وصلاح وعبادة كانت عليه سجادتان كنت إذا
نظرت كأنه خرج من برد له ولم أر بالكوفة أتقن منه لا أبو نعيم ولا
غيره.
وقال أبو داود: كان شديد التشيع.
وفيها أبو الأسود النضر بن عبد الجبار المرادي الزاهد المصري. روى عن
الليث وطبقته.
قال أبو حاتم: صدوق عابد وشبهته بالقعنبي رحمه الله.
سنة عشرين ومئتين
فيها عقد المعتصم للأفشين على حرب بابك الخرمي الذي هزم الجيوش وخرب
البلاد منه عشرين سنة. ثم جهز محمد بن يوسف الأمير ليبني الحصون التي
خربها بابك. فالتقى الأفشين ببابك فهزمه وقتل من الخرمية نحو الألف،
وهرب بابك إلى موقان، ثم جرت لهما أمور يطول شرحها.
وفيها أمر المعتصم بإنشاء مدينة مكان القاطول ليتخذها دار للخلافة،
وسميت سر من رأى. وفيها غضب المعتصم على وزيره الفضل بن مروان وأخذ منه
عشرة آلاف ألف دينار. ثم نفاه واستوزر محمد بن عبد الملك الزيات.
وفيها توفي آدم بن أبي إياس الخرساني ثم البغدادي نزيل
(1/298)
عسقلان. سمع ابن أبي ذئب وشعبة. وروى
الكثير. وكان صالحاً قانتاً لله. ولما احتضر قرأ الختمة ثم قال: لا إله
إلا الله، ثم فارق. قال أبو حاتم: ثقة مأمون متعبد.
وفيها خلاد بن خالد الصيرفي الكوفي الأحول، قارىء الكوفة وتلميذ سليم.
تصدر للإقراء وحمل عنه طائفة، وحدث عن الحسن بن صالح بن حي ابن جماعة.
قال أبو حاتم: صدوق.
وفيها عاصم بن يوسف اليربوعي الكوفي الخياط. روى عن إسرائيل وجماعة.
وروى البخاري عن أصحابه.
وفيها عبد الله بن جعفر الرقي الحافظ. روى عن عبد الله بن عمرو وطبقته.
وقد تغير حفظه قبل موته بسنتين.
وفيها أبو عمرو عبد الله بن رجاء الغداني بالبصرة يوم آخر السنة. وكان
ثقة حجة. روى عن عكرمة بن عمار وطبقته.
وفيها عثمان بن الهيثم مؤذن جامع البصرة، في رجب. روى عن هشام بن حبان
وابن جريج والكبار.
وفيها بن مسلم الحافظ البصري. أحد أركان الحديث. نزل بغداد ونشر بها
علمه. وحدث بن شعبة وأقرانه.
(1/299)
قال ابن معين: أصحاب الحديث خمسة: ابن
جريج، ومالك، والثوري، وشعبة، وعفان.
وقال حنبل: كتب المأمون إلى متولي بغداد ليمتحن الناس. فامتحن عفان.
وكتب المأمون: فإن لم يجب عفان فاقطع رزقه. وكان له في الشهر خمس مئة
درهم. فلم يجبهم وقال: " وفي السماء رزقكم وما توعدون ".
وفيها قالون قارىء أهل المدينة، صاحب نافع. وهو أبو موسى عيسى ابن مينا
الزهري. مولاهم، المدني.
وفيها الشريف أبو جعفر محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم
الحسيني. أحد الاثني عشر إماماً الذين يدعي الرافضة فيهم العصمة. وله
خمس وعشرون سنة. وكان المأمون قد نوه بذكره وزوجه بابنته، وسكن بها
بالمدينة. فكان المأمون ينفذ إليه في السنة ألف ألف درهم أداء كريم،
وفد على المعتصم فأكرم مورده توفي ببغداد في آخر السنة ودفن عند جده
موسى. ومشهدهما ينتابه العامة بالزيارة.
وفيها أبو حذيفة النهدي موسى بن مسعود البصري المؤدب، في جمادى الآخرة.
سمع أيمن بن بابك وطبقته.
قال أبو حاتم: روى عن سفيان الثوري بضعة عشر ألف حديث، وكان يصحف.
(1/300)
|