العبر في خبر من غبر، من سنة 281 إلى 290
سنة إحدى وثمانين
ومئتين
فيها توفي إبراهيم بن الحسين الكسائي الهمذاني بن ديزيل، ويعرف بدابة
عفان للزومه له ويلوسيفينه، وكان ثقة جوالاً صالحاً. يصوم صوم داود،
سمع أيضا أبا مسهر، وأبا اليمان وطبقتهما، وكان من أكثر الحفاظ حديثاً.
(1/403)
وفيها الإمام أبو بكر عبد الله بن محمد بن
عبيد بن أبي الدنيا القرشي مولاهم البغدادي، صاحب التصانيف، في جمادى
الأولى، وقد نيف على الثمانين. وكان صدوقاً أديباً أخبارياً كثير
العلم. روى عن خالد بن خداش، وسعيد بن سليمان سعدويه وطبقتهما.
وفيها الإمام أبو زرعة عبد الرحمن عمرو البصري الدمشقي الحافظ في جمادى
الآخرة، سمع أبا مسهر وأبا نعيم وطبقتهما، وصنف التصانيف. وكان محدث
الشام في زمنه.
وفيها الحافظ أبو عمرو، عثمان بن عبد الله بن خرزاذ الانطاكي، أحد
أركان الحديث، سمع عفان، وسعيد بن عفير، والكبار. وقال محمد بن
خميرويه: هو أحفظ من رأيت، توفي في آخر السنة.
وفيها العلامة أبو عبد الله. محمد بن إبراهيم بن المواز الاسكندراني
المالكي. صاحب التصانيف. أخذ عن أصبغ بن الفرج، وعبد الله بن عبد
الحكم، وانتهت إليه رئاسة المذهب، وإليه كان المنتهى في تفريع المسائل.
سنة اثنتين وثمانين ومئتين
فيها وقع الصلح بين المعتضد وخمارويه، وتزوج المعتضد بابنة. خمارويه،
على مهر مبلغه ألف ألف درهم، فأرسلت إلى بغداد، وبنى بها المعتضد، وقوم
جهازها بألف ألف دينار، وأعطت ابن الجصاص، الذي مشى في الدلالة، مائة
ألف درهم.
(1/404)
وفيها توفي إبراهيم بن إسماعيل. الحافظ أبو
إسحاق الطوسي العنبري. سمع يحيى بن يحيى التميمي. فمن بعده، وكان محدث
الوقت وزاهده. بعد محمد بن أسلم بطوس، صنف المسند الكبير في مئتي جزء.
وفيها العلامة أبو إسحاق إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد ابن زيد
الأزدي مولاهم. البصري الفقيه المالكي القاضي ببغداد. في ذي الحجة
فجأة، وله ثلاث وثمانون سنة وأشهر، سمع الأنصاري، ومسلم بن إبراهيم
وطبقتهما، وصنف التصانيف في القراءات والحديث وبالفقه وأحكام القرآن
والأصول. وتفقه على أحمد بن المعدل. وأخذ علم الحديث عن ابن المديني،
وكان إماماً في العربية، حتى قال المبرد: هو أعلم بالتصريف مني.
وفيها الحافظ أبو الفضل. جعفر بن محمد بن أبي عثمان الطيالسي البغدادي،
في رمضان. سمع عفان وطبقته. وكان ثقة متحرياً إلى الغاية في التحديث.
وفيها الحافظ أبو محمد الحارث بن محمد بن أبي أسامة التميمي البغدادي،
صاحب المسند، يوم عرفة، وله ست وتسعون سنة. سمع علي بن عاصم، وعبد
الوهاب بن عطاء وطبقتهما. قال الدارقطني: صدوق.
(1/405)
وفيها الحسين بن الفضل بن عمير البجلي
الكوفي المفسر نزيل نيسابور، وكان آية في معاني القرآن، صاحب فنون
وتعبد، قيل إنه كان يصلي في اليوم والليلة ستمائة ركعة، وعاش مائة
وأربع سنين، روى عن يزيد بن هارون والكبار.
وفيها خمارويه بن أحمد بن طولون، الملك أبو الجيش، متولي مصر والشام،
وحمو المعتضد بالله، فتك به غلمان له راودهم في ذي القعدة بدمشق، وعاش
اثنتين وثلاثين سنة، وكان شهما صارماً كأبيه.
وفيها الحافظ أبو محمد، الفضل بن المسيب البيهقي الشعراني، طوف
الأقاليم، وكتب الكثير، وجمع وصنف. روى عن سليمان بن حرب وسعيد بن أبي
مريم وطبقتهما.
وفيها محمد بن الفرج الأزرق أبو بكر، في المحرم ببغداد، سمع حجاح بن
محمد، وأبا النضر وطبقتهما.
وفيها العلامة أبو العيناء محمد بن القاسم بن خلاد البصري الضرير
اللغوي الأخباري، وله إحدى وتسعون سنة، وأضر وله أربعون سنة، أخذ عن
أبي عبيدة، وأبي عاصم النبيل وجماعة. وله نوادر وفصاحة وأجوبة مسكتة.
سنة ثلاث وثمانين ومئتين
فيها ظفر المعتضد بهرون الشاري رأس الخوارج بالجزيرة وأدخل
(1/406)
راكباً فيلاً. وزينت بغداد. وفيها أمر
المعتضد في سائر البلاد، بتوريث ذوي الأرحام، وإبطال دواوين المواريث
في ذلك، وكثر الدعاء له وكان قبل ذلك من أبطال السرورود من السراك
رامان من المجوس.
وفيها التقى عمرو بن الليث الصفار، ورافع بن هرثمة، فانهزمت جيوش رافع
وهرب، وساق الصفار وراءه، فأدركه بخوارزم فقتله، وكان المعتضد قد عزل
رافعا عن خراسان، واستعمل عليها عمرو بن الليث، في سنة تسع وسبعين،
فبقي رافع بالري، وهادن الملوك المجاورين له، ودعا الى العلوي.
وفيها وصلت تقادم عمرو بن الليث إلى المعتضد، من جملتها مائتا حمل مال.
وفيها توفي القدوة العارف سهل بن عبد الله التستري الزاهد، في المحرم،
عن نحو من ثمانين سنة، وله مواعظ وأحوال وكرامات وكان من أكبر مشايخ
القوم.
وفيها أبو محمد عبد الرحمن بن يوسف بن خراش المروزي ثم البغدادي
الحافظ، صاحب الجرح والتعديل، أخذ عن أبي حفص الفلاس وطبقته.
قال أبو أحمد بن عدي: ما رأيت أحفظ منه. وقال بكر بن محمد
(1/407)
البصري: سمعته يقول: شربت بولي في طلب هذا
الشأن خمس مرات.
فيها توفي قاضي القضاة. أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الملك بن أبي
الشوارب الأموي البصري، وكان رئيساً معظماً ديناً خيراً. روى عن أبي
الوليد الطياليسي وجماعة.
وفيها محمد بن سليمان بن الحارث، أبو بكر الباغندي، محدث واسط، مشهور.
نزل بغداد وحدث بن محمد بن عبد الله الأنصاري وعبيد الله بن موسى. وكان
صدوقا، وهو والد الحافظ محمد بن محمد.
وفيها تمتام، الحافظ أبو جعفر محمد بن غالب بن حرب الضبي البصري، في
رمضان ببغداد. روى عن أبي نعيم وعفان وطبقتهما وصنف وجمع.
سنة أربع وثمانين ومئتين
قال محمد بن جرير: فيها عزم المعتضد على لعنة معاوية رضي الله عنه على
المنابر. فخوفه الوزير عبيد الله من اضطراب العامة. فلم يلتفت وتقدم
إلى العامه بلزوم أشغالهم وترك الاجتماع، ومنع القصاص من الكلام، ومن
اجتماع الخلق في الجوامع، وكتب كتاباً في ذلك، واجتمع
(1/408)
له الناس يوم الجمعة بناء على أن الخطيب
يقرؤه، فما قرئ، وكان من إنشاء الوزير عبيد الله بن سليمان بن وهب، وهو
طويل، فيه مصائب ومعائب، فقال القاضي يوسف بن يعقوب: يا أمير المومنين،
أخاف الفتنة عند سماعه، فقال: إن تحركت العامة وضعت فيهم السيف، قال:
فما تصنع بالعلوية الذين هم في كل ناحية قد خرجوا عليك، وإذا سمع الناس
هذا من فضائل أهل البيت، مالوا إليهم وصاروا أبسط ألسنة، فأمسك
المعتضد.
وفيها توفي محدث نيسابور ومفيدها، أبو عمرو أحمد بن المبارك المستملي
الحافظ، سمع قتيبة وطبقته، وكان من سعة روايته راهب عصره، مجاب الدعوة.
وفيها أبو يعقوب إسحاق بن الحسن الحربي، سمع أبا نعيم والقعنبي
وطبقتهما، وكان ثقة صاحب حديث.
وفيها أبو عبادة البحتري، أمير شعراء العصر، وحامل لواء القريض، واسمه
الوليد بن عبادة الطائي المنبجي، أخذ عن أبي تمام الطائي، ولما سمع أبو
تمام شعره قال: نعيت إلى نفسي. وقال المبرد: أنشدنا شاعر دهره ونسيج
وحده أبو عبادة البحتري. وقيل مات في السنة الماضية، وقيل في السنة
الآتية، وله بضع وسبعون سنة.
سنة خمس وثمانين ومئتين
فيها وثب صالح بن مدرك الطائي في طي، فانتهبوا الركب
(1/409)
العراقي، وبدعو وسبوا النسوان، وراح للناس
ما قيمته ألف ألف دينار.
وفيها مات الإمام الحبر إبراهيم بن إسحاق بن بشير. أبو إسحاق الحربي
الحافظ. أحد الأئمة الأعلام ببغداد. في ذي الحجة. وله سبع وثمانون سنة.
سمع أبا نعيم وعفان وطبقتهما، وتفقه على الإمام أحمد. وبرع في العلم
والعمل. وصنف التصانيف الكثيرة. وكان يشبه بأحمد بن حنبل في وقته.
وفيها إسحاق بن إبراهيم الدبري المحدث. راوية عبد الرزاق بصنعاء. عن سن
عالية. اعتنى به أبوه واسمعه الكتب من عبد الرزاق، في سنة عشر ومائتين،
وكان صدوقاً.
وفيها أبو العباس المبرد، محمد بن يزيد الأزدي البصري، إمام أهل النحو
في زمانه، وصاحب التصانيف.
أخذ عن أبي عثمان المازني، وأبي حاتم السجستاني، وتصدر للاشتغال
ببغداد، وكان وسيما مليح الصورة، فصيحاً مفوهاً أخبارياً علامة ثقة،
توفي في آخر السنة.
سنة ست وثمانين ومئتين
فيها التقى إسماعيل بن أحمد بن أسد الأمير، عمرو بن الليث الصفار بما
وراء النهر، فانهزم أصحاب عمرو، وكانوا قد ضجروا منه، ومن ظلم خواصه،
ولا سيما أهل بلخ، فإنهم نالهم بلاء شديد من الجند، فانهزم عمرو
(1/410)
إلى بلخ، فوجدها مغلوقة، ففتحوا له ولجماعة
يسيرة، ثم وثبوا عليه، فقيدوه وحملوه إلى إسماعيل، أمير ما وراء النهر،
فلما دخل عليه، قام إليه واعتنقه وتأدب معه، فإنه كان في أمراء عمر
وغير واحد مثل إسماعيل وأكبر، وبلغ ذلك المعتضد ففرح، وخلع على إسماعيل
خلع السلطنة، وقلده خراسان وما وراء النهر، وغير ذلك، وأرسل إليه، يلح
عليه في إرسال عمرو بن الليث، فدافع، فلم ينفع، فبعثه وأدخل بغداد على
جمل، بعد أن كان يركب في مائة ألف، وسجن ثم خنق وقت موت المعتضد.
وفيها ظهر بالبحرين، أبو سعيد الجنابي القرمطي، وقويت شوكته، وانضم
إليه جمع من الأعراب، فعاث وأفسد وقصد البصرة، فحصنها المعتضد، وكان
أبو سعيد كيالاً بالبصرة، وجنابة قرية من قرى الأهواز.
قال الصولي: كان أبو سعيد فقيراً يرفو أعدال الدقيق، فخرح إلى البحرين،
وانضم إليه طائفة من بقايا الزنج واللصوص، حتى تفاقم أمرم، وهزم جيوش
الخليفة مرات.
وقال غيره: ذبح أبو سعيد الجنابي في حمام بقصره، وخلفه ابنه أبو طاهر
الجنابي القرمطي، الذي أخذ الحجر الأسود.
(1/411)
وفيها توفي أحمد بن سلمة النيسابوري الحافظ
أبو الفضل، رفيق مسلم في الرحلة إلى قتيبة. وفيها الزاهد الكبير أحمد
بن عيسى. أبو سعيد الخراز شيخ الصوفية، وهو أول من تكلم في علم الفناء،
والبقاء، قال الجنيد: لو طالبنا الله بحقيقة ما عليه أبو سعيد الخراز
لهلكنا.
وفيها عبد الرحيم بن عبد الله بن عبد الرحيم بن البرقي أبو سعيد. مولى
الزهريين، روى السيرة عن ابن هشام، وكان ثقة، وهو أخو المحدثين أحمد
ومحمد.
وفيها محمد بن وضاح الحافظ، الإمام أبو عبد الله الأندلسي، محدث قرطبة.
وهو في عشر التسعين. رحل مرتين إلى المشرق. وسمع إسماعيل ابن أبي أويس،
وسعيد منصور، والكبار، وكان فقيراً زاهداً قانتاً لله صابراً بصيراً
بعلل الحديث.
وفيها علي بن عبد العزيز، أبو الحسن البغوي المحدث، بمكة، وقد جاوز
التسعين، سمع أبا نعيم وطبقته، وهو عم أبو القاسم البغوي عبد الله بن
محمد.
(1/412)
وفيها الكديمي، وهو أبو العباس محمد بن
يونس القرشي العامي البصري الحافظ، في جمادى الآخرة، وقد جاوز المائة
بيسير. روى عن أبي داود الطيالسي، وزوج أمه، روح بن عبادة وطبقتهما،
وله مناكير ضعف بها.
سنة سبع وثمانين ومئتين
في المحرم، قصدت طي ركب العراق لتأخذه كعام أول بالمعدن، وكانوا في
ثلاثة آلاف، وكان أمير الحاج أبو الأغر، فواقعوهم يوماً وليلة، والتحم
القتال، وجدلت الأبطال، ثم أيد الله الوفد، وقتل رئيس طي صالح بن مدرك،
وجماعة من أشراف قومه، وأسر خلق وانهزم الباقون، ثم دخل الركب بالأسدي
والرؤوس على الرماح.
وفيها سار العباس الغنوي في عسكره، فالتقى أبا سعيد الجنابي، فأسر
العباس، وانهزم عسكره، وقيل بل أسر سائر العسكر وضربت رقابهم، وأطلق
العباس فجاء وحده إلى المعتضد برسالة الجنابي، أن كف عنا واحفظ حرمتك.
وفيها غزا المعتضد وقدم طرسوس ورد إلى أنطاكية وحلب.
وفيها سار الأمير بدر، فبيت القرامطة وقتل منهم مقتلة عظيمة.
وفيها توفي الإمام أبو بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم الضحاك ابن مخلد
الشيباني البصري الحافظ، قاضي أصبهان وصاحب المصنفات، وهو في عشر
التسعين، في ربيع الآخر، سمع من جده لأمه موسى بن إسماعيل، وأبي الوليد
الطيالسي وطبقتهما، وكان إماماً فقيهاً ظاهريا صالحاً ورعاً، كبير
(1/413)
القدر، صاحب مناقب.
وفيها زكريا بن يحيى السجزي الحافظ أبو عبد الرحمن. خياط السنة بدمشق،
وقد نيف على التسعين، روى عن شيبان بن فروخ وطبقته، وكان من علماء
الأثر وقيل توفي سنة تسع وثمانين.
وفيها يحيى بن منصور، أبو سعد الهروي الحافظ. شيخ هراة ومحدثها
وزاهدها، في شعبان. وقيل توفي سنة اثنتين وتسعين.
وفيها في رجب. قطر الندى، بنت الملك خمارويه بن أحمد بن طولون. زوجة
المعتضد. وكانت شابة بديعة الحسن عاقلة.
سنة ثمان وثمانين ومئتين
فيها ظهر أبو عبد الله الشيعي بالمغرب، فدعا العامة إلى الإمام المهدي
عبيد الله، فاستجابوا له.
وفيها كان الوباء المفرط بأذربيجان، حتى فقدت الأكفان. وكفنوا في
اللبود، ثم بقوا مطرحين في الطرق.
ومات أمير أذربيجان محمد بن أبي الساج وسبعمئة من خواصه وأقاربه، ومات
ابنه الأفشين.
وفيها بشر بن موسى أبو علي الأسدي المحدث في ربيع الأول ببغداد روى عن
هوذة بن خليفة والأصمعي وسمع من روح بن عبادة حديثا واحداً وكان ثقة
رئيساً محتشما كثير الرواية عاش ثمانيا وتسعين سنة.
(1/414)
وفيها توفي مفتي بغداد، الفقيه عثمان بن
سعيد بن بشار، أبو القاسم البغدادي الأنماطي، صاحب المزني، في شوال،
وهو الذي نشر مذهب الشافعي ببغداد، وعليه تفقه أبو العباس بن سريج.
وفيها توفي معلى بن المثنى بن معاذ بن معاذ العنبري البصري المحدث، روى
عن القعنبي وطبقته، وسكن بغداد، وكان ثقة عارفا بالحديث.
وفيها الفقيه العلامة، أبو عمرو يوسف بن يحيى المغامي الأندلس، تلميذ
عبد الملك بن حبيب، وصاحب التصانيف، ألف كتابا في الرد على الشافعي،
واستوطن القيروان، وتفقه به خلق.
سنة تسع وثمانين ومئتين
فيها خرج بالشام، يحيى بن زكرويه القرمظي، وقصد دمشق، فحاربه طغج بن جف
متوليها غير مرة، إلى أن قتل يحيى في أول سنة تسعين.
وفيها توفي المعتضد بالله أبو العباس أحمد بن الموفق ولي عهد المسلمين
أبي أحمد طلحة بن المتوكل على الله جعفر بن المعتصم العباسي، في ربيع
الآخر، ومرض أياماً، وكانت خلافته أقل من عشر سنين، وعاش ستاً وأربعين
سنة، وكان أسمر نحيفاً معتدل الخلق، تغير مزاجه من إفراط الجماع، وعدم
الحمية في مرضه، وكان شجاعا مهيباً حازما، فيه تشيع.
(1/415)
وفيها توفي بدر التركي، مولى المعتضد ومقدم
جيوشه، عمل الوزير عبيد الله عليه، ووحش قلب المتكفي بالله عليه. وكان
في جهة فارس يحارب، فطلبه المكتفي بالله وبعث له أماناً وغدر به. وقتله
في رمضان.
وفيها بكر بن سهل الدمياطي المحدث، في ربيع الأول. سمع عبد الله ابن
يوسف التينسي وطائفة. ولما قدم القدس، جمعوا له ألف دينار. حتى روى لهم
التفسير.
وفيها حسين بن محمد، أبو علي القباني النيسابوري الحافظ. صاحب المسند
والتاريخ، سمع إسحاق بن راهويه وخلقا من طبقته وكان إليه يجتمع أصحاب
الحديث بنيسابور. بعد مسلم. وفيها الحسين بن محمد بن فهم، أبو علي
البغدادي الحافظ، أحد أئمة الحديث. أخذ عن يحيى بن معين، وروى الطبقات
عن ابن سعد.
وفيها علي بن عبد الصمد الطيالسي، ولقبه علان ما غمه. روى عن أبي عمر
الهذلي وطبقته.. وفيها عمرو بن الليث الصفار، الذي كان ملك خراسان، قتل
في
(1/416)
الحبس عند موت المعتضد، لأنه كان له أياد
على المكتفي بالله، فخاف الوزير أن يخرجه ويتمكن، فينتقم من الوزير.
وفيها يحيى بن أيوب العلاف المصري، صاحب سعيد بن أبي مريم والعباس بن
الفضل الأسفاطي صاحب أبي الوليد الطيالسي وفيها يوسف بن يزيد بن كامل،
أبو يزيد القراطيسي المصري، صاحب أسد بن موسى يقال له أسد السنة.
وفيها محمد بن محمد أبو جعفر التمار البصري، صاحب أبي الوليد الطيالسي.
وفيها محمد بن هشام بن أبي الدميك، أبو جعفر الحافظ، صاحب سليمان بن
حرب، ببغداد. وهؤلاء من كبار شيوخ الطبراني.
سنة تسعين ومئتين
فيها حاصرت القرامطة دمشق، فقتل طاغيتهم يحيى بن زكرويه فخلفه أخوه
الحسين صاحب الشامة، فجهز المكتفي عشرة آلاف لحربهم، عليهم الأمير أبو
الأغر، فلما قاربوا حلب، كبستهم القرامطة ليلاً، ووضعوا فيهم السيوف،
فهرب أبو الأغر في ألف نفس، فدخل حلب وقتل تسعة آلاف، ووصل المكتفي إلى
الرقة، وجهز الجيوش إلى أبي الأغر، وجاءت من مصر العساكر الطولونية مع
بدر الحمامي، فهزموا القرامطة، وقتلوا منهم خلقا، وقيل بل كانت الوقعة
بين القرامطة والمصريين بأرض مصر، وأن القرمطي صاحب الشامة، انهزم إلى
الشام، ومر على الرحبة وهب
(1/417)
ينهب ويسبي الحرم، حتى دخل الأهواز. وكان
زكرويه القرمطي. يكذب ويزعم أنه من آل الحسين بن علي رضي الله عنهما.
وفيها دخل عبيد الله الملقب بالمهدي المغرب متنكرا. والطلب عليه من كل
وجه. فقبض عليه متولي سجلماسة وعلى ابنه. فحاربه، أبو عبيد الشيعي داعي
المهدي. فهزمه ومزق جيوشه، وجرت بالمغرب أمور هائلة. واستولى على
المغرب المهدي المنتسب إلى الحسين بن علي أيضاً بكذبه وكان باطني
الاعتقاد وهو الذي بنى المهدية بالمغرب.
وفيها توفي الحافظ أبو العباس، أحمد بن علي الأبار ببغداد، روى عن
مسدد، وعلي بن الجعد وطبقتهما.
وفيها الحافظ أبو عبد الرحمن عبد الله بن الإمام أحمد بن محمد بن حنبل
الذهلي الشيباني، ببغداد. في جمادى الآخرة، وله سبع وسبعون سنة كأبيه،
وكان إماماً خبيراً بالحديث وعلله مقدما فيه. وكان من أروى الناس عن
أبيه وقد سمع من صغار شيوخ أبيه، وهو الذي رتب مسند والده.
وفيها محمد بن زكريا الغلابي الأخباري أبو جعفر، بالبصرة روى عن عبد
الله بن رجاء الغداني وطبقته. قال ابن حبان: يعتبر بحديثه إذا روى عن
الثقات.
وفيها محمد بن يحيى بن المنذر أبو سليمان القزاز مصري معمر
(1/418)
توفي في رجب، وقد قارب المائة أو كملها، روى عن سعيد بن عامر الضبعي،
وأبي عاصم، والكبار. |