العبر في خبر من غبر، من سنة 481 إلى 490
سنة إحدى وثمانين
وأربعمئة
فيها توفي أبو بكر الغورجي، أحمد بن عبد الصمد الهروي، راوي جامع
الترمذي عن الجراحي في ذي الحجة.
وأبو إسحاق الطيّان، إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الأصبهاني القفّال،
صاحب إبراهيم بن خرشيذ قوله، في صفر.
وأبو إسماعيل الأنصاري شيخ الإسلام، عبد الله بن محمد بن علي بن مت
الهروي الصوفي القدوة الحافظ، أحد الأعلام، في ذي الحجة، وله ثمانون
سنة وأشهر، سمع من عبد الجبار الجراحي، وأبي منصور محمد بن محمد ابن
الأزدي، وخلق كثير، وبنيسابور من أبي سعيد الصيرفي، وأحمد السليطي،
صاحبي الأصم، وكان جذعاً في أعين المبتدعة، وسيفاً على الجهمية، وقد
امتحن مرّات، وصنّف عدّة مصنفات، وكان شيخ خراسان في زمانه غير مدافع!
وعثمان بن محمد بن عبيد الله المحمي، أبو عمر المزكّي، بنيسابور، في
صفر. روى عن أبي نعيم الإسفراييني والحاكم.
وابن ماجة الأبهري، أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد بن الحسن الأصبهاني -
وأبهر أصبهان قرية، وأما أبهر زنجان فمدينة - عاش خمساً وتسعين سنة،
وتفرد في الدنيا بجزء لوين، عن ابن المرزبان الأبهري.
(2/343)
سنة اثنتين وثمانين
وأربعمئة
فيها سار السلطان ملكشاه بجيوشه من أصبهان، وعبر النهر، فملك سمرقند
بعد قتال وحصار، وسار نحو كاشغر، فدخل ملكها في الطاعة، فرجع إلى
خراسان، ونكث أهل سمرقند، فكر راجعاً إلى سمرقند، وجرت أمور طويلة.
وفيها توفي أحمد بن محمد بن صاعد بن محمد، أبو نصر الحنفي، رئيس
نيسابور وقاضيها وكبيرها. روى عن جدّه، والقاضي أبي بكر الحيري وطائفة.
وكان يقال له شيخ الإسلام، وكان مبالغاً في التعصب في المذهب، فأغرى
بعضاً ببعض، حتى لعنت الخطباء أكثر الطوائف في دولة طغرلبك، فلما مات
طغرلبك، خمد هذا ولزم بيته مدّة، ثم ولي القضاء.
وأبو إسحاق الحبّال، الحافظ إبراهيم بن سعيد النعماني مولاهم المصري،
عن تسعين سنة، سمع أحمد بن ثرثال، والحافظ عبد الغني، ومنير بن أحمد
وطبقتهم.
وكان يتّجر في الكتب، وكانت بنو عبيد قد منعوه من التحديث في أواخر
عمره، وكان ثقة حجّة صالحاً ورعاً كبير القدر.
والحسن بن أحمد بن عبد الواحد بن محمد بن أحمد بن عثمان بن الوليد بن
أبي الحديد، أبو عبد الله السلمي الدمشقي الخطيب، نائب الحكم بدمشق،
روى عن عبد الرحمن بن الطبيز وطائفة، وعاش ستّاً وستين سنة.
(2/344)
والقاضي أبو منصور بن شكرويه، محمد بن أحمد
بن علي الأصبهاني، توفي في شعبان، وله تسع وثمانون سنة، وهو آخر من روى
عن أبي علي البغداديّ، وابن خرَّشيذ قوله، ورحل وأخذ بالبصرة، عن أبي
عمر القاسمي بعض السنن أو كله، وفيه ضعف.
وأبو الخير، محمد بن أحمد بن عبد الله بن ورا الأصبهاني. روى عن عثمان
البرجي وطبقته، وكان واعظاً زاهداً، أمَّ مدة بجامع أصبهان.
والطبسي، محمد بن أحمد بن أبي جعفر المحدّث، مؤلف كتاب " بستان
العارفين " روى عن الحاكم وطائفة، توفي في رمضان، وكان صوفياً عابداً
ثقة صاحب حديث.
سنة ثلاث وثمانين وأربعمئة
فيها كانت فتنة هائلة، لم يسمع بمثلها بين السنّة والرافضة، وقتل بينهم
عدد كثير، وعجز والي البلد، واستظهرت السنَّة بكثرة من معهم من أعوان
الخليفة، واستكانت الشّيعة وذلّوا، ولزموا التقيّة، وأجابوا إلى أن
كتبوا على مساجد الكرخ: خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم،
أبو بكر فاشتدّ البلاءُ على غوغائهم، وخرجوا عن عقولهم، واشتدّوا
فنهبوا شارع ابن أبي عوف، ثم جرت أمور مزعجة، وعاد القتال، حتى بعث
صدقة بن مزيد عسكراً تتبّعوا المفسدين، إلى أن فتر الشرّ قليلاً.
وفيها توفي خواهرزاده الحنفي، شيخ الطائفة بما وراء النهر، وهو أبو بكر
بن محمد بن الحسين البخاري القديدي، روى عن منصور الكاغدي
(2/345)
وطائفة، وبرع في المذهب، وفاق الأقران،
وطريقته أبسسط الأصحاب وكان يحفظها، توفي في جمادى الأولى ببخارى.
وعاصم بن الحسن، أبو الحسين العاصمي الكرخي الشاعر المشهور.
روى عن ابن المتيم، وأبي عمر بن مهدي، وكان شاعراً محسناً ظريفاً، صاحب
ملح ونوادر، مع الصلاح والعفّة والصدق، مرض في أواخر عمره، فغسل ديوان
شعره، ومات في جمادى الآخرة، عن ستٍ وثمانين سنة.
وأبو نصر الترياقي، عبد العزيز بن محمد الهروي، راوي التّرمذي، سوى آخر
جزء منه، عن الجرَّاحي، ثقة أديب، عاش أربعاً وتسعين سنة.
وترياق من قرى هراة.
والتَّفليسي، أبو بكر محمد بن إسماعيل بن بن محمد النيسابوري المولد،
الصوفي المقرئ، روى عن حمزة المهلَّبي، وعبد الله بن يوسف الأصبهاني
وطائفة، ومات في شوال.
ومحمد بن ثابت الخجندي، العلامة أبو بكر الشافعي الواعظ، نزيل أصبهان،
ومدرّس نظاميتها، وشيخ الشافعية بها ورئيسها، وكان إليه المنتهى في
الوعظ، توفي في ذي القعدة.
وأبو نصر محمد بن سهل السرّاج الشاذياخي، آخر أصحاب أبي نعيم عبد الملك
الإسفراييني، روى عن جماعة، وكان ظريفاً نظيفاً لطيفاً، توفي في صفر،
عن تسعين سنة.
(2/346)
وأبو الغنائم بن أبي عثمان محمد بن علي بن
حسن الدقاق، بغدادي متميز صدوق. روى عن أبي عمر بن مهدي وجماعة.
وفخر الدولة بن جهير الوزير، أبو نصر محمد بن محمد بن جهير التغلبي،
ولي نظر حلب ثم وزر لصاحب ميّافارقين، ثم وزر للقائم بأمر الله مدّة،
ثم ولاّه ملكشاه نيابة ديار بكر، توفي بالموصل، في ثامن صفر، وكان من
رجال العالم ودهاة بني آدم.
سنة أربع وثمانين وأربعمئة
فيها استولى يوسف بن تاشفين أمير المسلمين على الأندلس، وقبض على
المعتمد بن عبّاد، وأخذ كل شيء يملكه، وترك أولاده فقراء.
وفيها استولت الفرنج على جزيرة صقلِّيّة.
وفيها توفي أبو الحسن أحمد بن عبد الرحمن الذكواني الأصبهاني، يوم
عرفة، وله تسعون سنة. روى عن جدّه أبي بكر بن أبي علي، وعثمان البرجي
وطبقتهما، وكان ثقة.
وأبو الحسن طاهر بن مفوّز المعافري الشاطبي، تلميذ أبي مر بن عبد البرّ
وكان من أئمة هذا الشأن، مع الورع والتقى والاستبحار في العلم، توفي في
شعبان، وله خمس وخمسون سنة، وكان أخوه عبد الله، زاهداً أهل الأندلس.
(2/347)
وعبد الملك بن علي بن شغبة، أبو القاسم
الأنصاري البصري الحافظ الزاهد، استشهد بالبصرة، وكان يروي جملة من سنن
أبي داود، عن أبي عمر الهاشمي أملى عدّة مجالس، وكان من العبادة
والخشوع بمحل.
وأبو نصر الكركانجي، محمد بن أحمد بن علي، شيخ المقرئين لمرو، ومسند
الآفاق، في ذي الحجة، وله أربع وتسعون سنة، وكان إماماً في علوم
القرآن، كثير التصانيف، متين الديانة، انتهى إليه على الإسناد. قرأ
ببغداد على أبي الحسن الحمَّامي، وبحرَّان على الشريف الزيدي، وبمصر
على إسماعيل بن عمر الحداد، وبدمشق والموصل وخراسان.
وفيها حدَّث أبو منصور المقوِّمي، محمد بن الحسين بن أحمد بن الهيثم
القزويني، راوي سنن ابن ماجة، عن القاسم بن أبي المنذر، توفي فيها أو
بعدها، عن بضع وثمانين سنة.
وفي رجب قاضي القضاة، أبو بكر النَّاصحي، محمد بن عبد الله بن الحسين
النيسابوري، روى عن أبي بكر الحيري وجماعة. قال عبد الغافر: هو أفضل
عصره في أصحاب أبي حنيفة، وأعرفهم بالمذهب، وأوجههم في المناظرة، مع حظ
وافر من الأدب والطبّ ولم تحمد سيرته في القضاء.
والمعتصم محمد بن معن بن محمد بن أحمد بن صمادح، أبو يحيى التجيبي
الأندلسي، صاحب المريَّة، توفي وجيش ابن تاشفين، محاصرون له.
(2/348)
سنة خمس وثمانين
وأربعمئة
فيها وقة جيَّان بالأندلس، أقبل الإذفونش في جموع عظيمة، فالتقاه
المسلمون فانهزموا. ثم تراجع الناس وثبتوا ونزل النصر، فانزم الملاعين.
وقتل منهم خلق عظيم، وكان ملحمةً كبرى.
وفي عاشر رمضان قتل نظام الملك.
وفيها أخذت خفاجة ركب العراق، وكان الحريق العظيم ببغداد، فاحترق من
الناس عدد كثير، واحترق عدة أسواق كبار، من الظهر إلى العصر.
وفيها توفي أبو الفضل، جعفر بن يحيى الحكّاك، محدّث مكة، وكان متقناً،
حجّة صالحاً. روى عن أبي ذرّ الهروي وطائفة، وعاش سبعين سنة.
ونظام الملك، الوزير أبو علي الحسن بن علي بن إسحاق الطوسي، قوام
الدين، كان من جلَّة الوزراء، ذكره أبو سعد السمعاني فقال: كعبة المجد،
ومنبع الجود، كان مجلسه عامراً بالقرّاء والفقهاء، أنشأ المدارس
بالأمصار، ورغب في العلم، وأملى وحدَّث، وعاش ثمانياً وسبعين سنة، أتاه
شاب صوفيّ الشكل من الباطنية، ليلة عاشر رمضان، فناوله قصّة، ثم ضربه
بسكين في صدره، قضى عليه، فيقال إنّ ملكشاه، دسّ عليه هذا، فالله أعلم.
وأبو عبد الله بن المرابط، قاضي المريّة وعالمها محمد بن خلف بن سعيد
الأندلسي، روى عن المهلَّب بن أبي صفرة وجماعة، وصنّف شرحاً للبخاري،
وكان رأساً في مذهب مالك، ارتحل الناس إليه، وتوفي في شوال.
وأبو بكر الشاشي، محمد بن علي بن حامد الفقيه، شيخ الشافعية،
(2/349)
وصاحب الطريقة المشهورة، والمصنفات
المليحة، درّس مدّة بغزنة ثم بهراة ونيسابور، وحدَّث عن منصور الكاغدي،
وتفقه ببلاده على أبي بكر السنجي، وعاش نيّفا وتسعين سنة. توفي بهراة.
ومحمد بن عيسى بن فرج، أبو عبد الله التجيبي المغامي الطليطلي، مقرئ
الأندلس، أخذ عن أبي عمرو الدَّاني، ومكّي بن أبي طالب وجماعة. أقرأ
الناس مدّة.
وابو عبد الله البانياسي، مالك بن أحمد بن علي بن الفرّاء البغدادي
واحترق في الحريق الذكور في جمادى الآخرة، له سبع وثمانون سنة، وهو آخر
من حدَّث عن أبي الحسن بن الصلت المجبر، وسمع من جماعة.
والسلطان ملكشاه، أبو الفتح جلال الدولة بن السلطان ألب أرسلان محمد
ابن داود السلجوقي التركي، تملك بلاد ما وراء النهر، وبلاد الهياطلة،
وبلاد الروم، والجزيرة، والشام، والعراق، وخراسان، وغير ذلك. قال بعض
المؤرخين: ملك من مدينة كاشغر الترك، إلى بيت المقدس طولاً، ومن
القسطنطينية وبلاد الخزر، إلى بحر الهند عرضاً، وكان حسن السيرة،
محسناً إلى الرعية، وكانوا يلقّبونه بالسلطان العادل، وكان ذا غرامٍ
بالعمائر وبالصيد، مات في شوال، بعد وزيره النظام بشهر، فقيل إنه سم في
في خلال، ونقل في تابوت، فدفن بأصبهان، في مدرسة كبيرة له.
سنة ست وثمانين وأربعمئة
لما علم تتش بدمشق موت أخيه، أنفق الأموال، وتوجّه ليأخذ السلطنة، فسار
معه من حلب، قسيم الدولة، آقسنقر، ودخل في طاعته باغبسان
(2/350)
صاحب أنطاكية وبوزان صاحب الرُّها وحرَّان،
ثم سار فأخذ الرَّحبة، في أول سنة ستّ، ثم نازل نصيبين، فأخذها عنوة،
وقتل بها خلقاً ثم سار إلى الموصل، فالتقاه إبراهيم بن قريش العقيلي،
في ثلاثين ألفاً، وتعرف بوقعة المضيع، فانهزموا وأسر إبراهيم، فقتله
صبراً، وأقرَّ أخاه علياً على الموصل، لأنه ابن عمة تتش، ثم أرسل إلى
بغداد يطلب تقليداً، وساعده كوهرابين، ثم سار فتملّك ميّافارقين، وديار
بكر، وقصد أذربيجان، فغلب على بعضها، فبادر السلطان بركياروق بن
ملكشاه، ليدفع عمه تتش، فلما تقارب العسكران، قال قسيم الدولة آقسنقر
لبوزان: إنما أطعنا هذا الرجل لننظر ما يكون من أولاد السلطان، والآن
فقد قام ابنه هذا، فينبغي أن نكون معه على تتش فخامرا إليه، فضعف تتش،
وردّ إلى الشام.
ولم يحجّ ركب العراق، وحجّ ركب الشام، فنهبهم صاحب مكة، محمد بن أبي
هاشم، ونهبتهم العربان عشر مرات، وتوصّل من سلم في حال عجيبة.
ودخل السلطان بركياروق بغداد.
وفيها توفي حمد بن أحمد بن الحسن، أبو الفضل الأصبهاني الحداد، روى
ببغداد وأصبهان عن علي بن ماشاذه، وعلي بن عبد كويه وطائفة، وروى "
الحلية " ببغداد، توفي في جمادى الأولى.
وسليمان بن إبراهيم الحافظ، أبو مسعود الأصبهاني. قال السمعاني: جمع
وصنَّف وخرَّج على الصحيحين، وروى عن محمد بن إبراهيم الجرجاني، وأبي
بكر بن مردويه وخلق، ولقي ببغداد أبا بكر المنقِّي وطبقته، وقد تكلِّم
(2/351)
فيه، توفي في ذي القعدة، عن تسع وثمانين
سنة وشهر ين.
وأبو الفضل الدقاق، عبد الله بن علي بن أحمد بن محمد بن ذكرى البغدادي
الكاتب، روى عن أبي الحسين بن بشران وغيره، وكان صالحاً ثقة.
والشيخ أبو الفرج الشيرازي الحنبلي، عبد الواحد بن علي الواعظ الفقيه
القدوة، سمع بدمشق من أبي الحسن بن السمسار، وأبي عثمان الصابوني،
وتفقه ببغداد زماناً، على القاضي أبي يعلى، ونشر بالشام مذهب أحمد،
وتخرّج به الأصحاب، وكان إماماً عارفاً بالفقه والأصول، صاحب حال
وعبادة وتألّهٍ، وكان تتش صاحب الشام يعظّمه، لأنه كاشفه مرّة، توفي في
ذي الحجة، وفي ذريته مدرسون وعلماء.
وأبو القاسم عبد الواحد بن علي بن محمد بن فهد العلاف البغدادي، الرجل
الصالح. روى عن أبي الفتح بن أبي الفوارس، وأبي الفرج الغوري، وبه ختم
حديثهما، وكان ثقةً مأموناً خيّراً.
وشيخ الإسلام الهكَّاري، أبو الحسن علي بن أحمد بن يوسف الأموي، من
ذرية عتبة بن أبي سفيان بن حرب، وكان صالحاً زاهداً ربانياً، ذا وقارٍ
وهيبة وأتباع ومريدين، رحل في الحديث، وسمع من أبي عبد الله بن نظيف
الفرّاء، وأبي القاسم بن بشران وطائفة. قال ابن ناصر: توفي في أوّل
السنة، وقال ابن عساكر: لم يكن موثَّقاً في راويته.
قلت: ولد سنة تسع وأربعمئة.
(2/352)
وأبو الحسن الأنباري، علي بن محمد بن محمد
بن الأخضر الخطيب، في شوال، عن أربع وتسعين سنة. وكان آخر من حدَّث عن
أبي أحمد الفرضي، وسمع أيضاً من أبي عمر بن مهدي وطائفة، وتفقه لأبي
حنيفة، وكان ثقة نبيلاً، عالي الإسناد.
وأبو المظفَّر موسى بن عمران الأنصاري النيسابوري، مسند خراسان، في
ربيع الأول، وله ثمان وتسعون سنة، روى عن أبي الحسن العلوي والحاكم،
وكان من كبار الصوفية.
وأبو الفتح نصر بن الحسن التنكتي الشاشي، نزيل سمرقند، وله ثمانون سنة.
روى " صحيح مسلم " عن عبد الغافر، وسمع بمصر من الطفَّال وجماعة، ودخل
الأندلس للتجارة، فحدّث بها، وكان ثقة.
وهبة الله بن عبد الوارث الشيرازي، أبو القاسم الحافظ محدّث جوّال، سمع
بخراسان والعراق وفارس واليمن ومصر والشام، وحدَّث عن أحمد ابن عبد
الباقي بن طوق، وأبي جعفر بن المسلمة وطبقتهما، ومات كهلاً، وكان
صوفياً صالحاً متقشفاً.
سنة سبع وثمانين وأربعمئة
في أوّلها علّمن المقتدي بالله على تقليد السلطان بركياروق، وخطب له
ببغداد، ولقِّب ركب الدين، ومات الخليفة من الغد فجأةً، ورجع قسيم
الدولة آقسنقر، ببعض جيش بركياروق، فالتقاه تتش بقرب حلب، فانهزم
الحلبيون، وأسر آقسنقر، فذبحه تتش صبراً، وساق فحاصر حلب،
(2/353)
فافتتحها. وأسر بوزان وكربوقا، فذبح بوزان
وبعث برأسه إلى أهل حرّان، فسلّموا له البلد، ثم سار فأخذ الجزيرة
وخلاط، وأذربيجان جميعها، وكثرت جيوشه، واستفحل شأنه، فقصده بركياروق،
فكبس عسكر تتش بركياروق فانهزم، ونهبت خزائنه وأثقاله.
وفيها توفي أبو بكر بن خلف الشيرازي ثم النيسابوري، مسند خراسان، أحمد
بن علي بن عبد الله بن بن عمر بن خلف، روى عن الحاكم، وعبد الله بن
يوسف وطائفة، قال عبد الغافر: هو شيخنا الأديب المحدّث المتقن الصحيح
السماع، ما رأينا شيخاً أروع منه، ولا أشدّ إتقاناً، توفي في ربيع
الأول، وقد نيَّف على التسعين.
وآقسنقر، قسيم الدولة أبو الفتح مولى السلطان ملكشاه، وقيل هو لصيق به،
وقيل اسم أبيه الترعان، لمّا افتتح ملكشاه حلب، استناب عليها آفسنقر في
سنة ثمانين وأربعمئة، فأحسن السياسة وضبط الأمور، وتتبّع المفسدين، حتى
صار دخله من البلد كل يوم، ألفاً وخمسمئة دينار. ذكرنا أنه أسر في
المصاف ثم قتل في جمادى الأولى، ودفن بمشهد قريبا مدّة، ثم نقله ولده
الأتابك زنكي فدفنه بالمدرسة الزجاجية داخل حلب.
وأبو نصر، الحسن بن أسد الفارقي الأديب، صاحب النظم والنثر، وله الكتاب
المعروف في الألغاز، توثَّب بميّافارقين على الإمرة، ونزل بقصر الإمرة،
وحكم أياماً، ثم ضعف وهرب، ثم قبض عليه وشنق.
والمقتدي بالله، أبو القاسم عبد الله بن الأمير ذخيرة الدين محمد بن
(2/354)
القائم بأمر الله عبد الله بن القادر بالله
بن الأمير إسحاق بن المقتدر العباسي، بويع بالخلافة بعد جدّه، في ثالث
عشر شعبان، سنة سبع وستين، وله تسع عشرة سنة وثلاثة أشهر، ومات فجأة في
ثامن عشر المحرم، عن تسع وثلاثين سنة، وبويع بعده ابنه المستظهر بالله
أحمد، وقيل إن جاريته سمَّته، وكان ديّناً خيراً، أمر بنفي الحواظي
والمغنيات من بغداد. وكانت الخلافة في أيامه باهرةً وافرة الحرمة.
وأبو القاسم بن أبي العلاء المصيِّصي، عليّ بن محمد بن علي الفقيه
الشافعي الدمشقي الفرضي، في جمادى الآخرة، وله سبع وثمانون سنة. روى عن
أبي محمد بن أبي نصر، وممد بن عبد الرحمن القطّان والكبار، وأدرك
ببغداد أبا الحسن الحمَّامي وببلد، ابني الصَّيّاح وبمصر أبا عبد الله
بن نظيف، وكان فقيهاً ثقةً.
وابن ماكولا الحافظ الكبير، الأمير أبو نصر علي بن هبة الله بن علي ابن
جعفر العجلي الجرباذقاني ثم البغدادي، النسّابة، صاحب التصانيف، ولم
يكن ببغداد بعد الخطيب أحفظ منه، ولد بعكبرت سنة اثنتين وعشرين
وأربعمئة، ووزر أبوه للقائم وولي عمه الحسين، قضاء القضاة، سمع من أبي
طالب بن غيلان وطبقته، قال الحميدي: ما راجعت الخطيب في شيء، إلا
وأحالني على الكتاب، وقال: حتى أكشفه، وما راجعت ابن ماكولا، إلا
وأجابني حفظاً، كأنه يقرأ من كتاب، وقال أبو سعد السمعاني: كان لبيبا
عارفاً، ونحواً مجوّداً، وشاعراً مبرّزاً.
قلت: اختلف في وفاته على أقوال، قتله مماليكه بالأهواز، وأخذوا ماله،
في هذه السنة على بعض الأقوال.
(2/355)
وأبو عامر الأزدي القاضي محمود بن القاسم
بن القاضي أبي منصور محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد المهلَّبي
الهروي الفقيه الشافعي، راوي " جامع الترمذي " عن الجرّاحي قال أبو نصر
الفامي عديم النظير زهداً وصلاحاً، وعفة، ولد سنة أربعمئة، وتوفي في
جمادى الآخرة، رحمه الله.
والمستنصر بالله، أبو تميم معدّ بن الظاهر علي بن الحاكم منصور بن
العزيز بن المعزّ العبيدي الرافضي، صاحب مصر، وكانت أيامه ستّين سنة
وأربعة أشهر،، وقد خطب له ببغداد، في سنة إحدى وخمسين، ومات في ذي
الحجة، عن ثمان وستين سنة، وبويع بعده ابنه المستعلي.
سنة ثمان وثمانين وأربعمئة
فيها قامت الدولة على أحمد خان، صاحب سمرقند، وشهدوا عليه بالزَّندقة
والانحلال، فأفتى الأئمة بقتله، فخنقوه، وملّكوا ابن عمه.
وفيها التقي تتش وابن أخيه بركياروق بنواحي الريّ، فانهزم عسكر تتش،
وقاتل هو حتى قتل، واستوثق الأمر لبركياروق، وكان رصوان بن تتش، قد سار
إلى بغداد لينزل بها، فلما قارب هيت، جاءه نعي أبيه، فردَّ ودخل حلب،
ثم قدم عليه من الوقعة أخوه دقاق، فأرسله متولِّي قلعة دمشق الخادم
ساوتكين، فسار سرّاً من أخيه، وتملّك دمشق، ثم توصّل طغتكين، وبعض جيش
تتش، فأكرمهم دقاق، وتزوج طغتكين بأم دقاق.
(2/356)
وفيها قدم الغزالي دمشق متزهداً، وصنّف "
الإحياء " وأسمعه بدمشق، وأقام بها سنتين، ثم حجّ وردَّ إلى وطنه.
وفيها توفي أبو الفضل، أحمد بن الحسن بن خيرون البغدادي الحافظ، في
رجب، عن اثنتين وثمانين سنة وشهر، روى عن أبي علي بن شاذان، والبرقاني
وطبقتهما، وكتب مالا يوصف، وكان ثقةً ثبتاً، صاحب حديث. قال أبو منصور
بن خيرون، كتب عمّي عن أبي علي بن شاذان ألف جزء، وقال السِّلفي: كان
يحيى بن معين وقته: رحمه الله.
وأمير الجيوش بدر الأرمني، ولي إمرة دمشق، في سنة خمس وخمسين وأربعمئة،
وانفصل بعد عام، ثم وليها والشام كلّه في سنة ثمان وخمسين، ثم صار إلى
الديار المصرية، والمستنصر في غاية الضعف، فشدَّ دولته، وتصرّف في
الممالك، وولي وزارة السيف والقلم، وامتدَّت أيامه، ولما أيس منه، ولي
الأمر بعده الأفضل، توفي في ذي القعدة.
وتتش السلطان تاج الدولة، أبو سعيد بن السلطان ألب أرسلان بن داود بن
مكائيل بن سلجوق التركي السلجوقي، كان شهماً شجاعاً مقداماً فاتكأ،
واسع الممالك، كاد أن يستولي على ممالك أخيه ملكشاه، قتل بنواحي الريّ،
وتملّك بعده ابناه، بحلب ودمشق.
ورزق الله بن عبد الوهاب بن عبد العزيز بن الحارث، الإمام أبو محمد
التميمي البغدادي، الفقيه الواعظ شيخ الحنابلة، قرأ القرآن على أبي
الحسن
(2/357)
الحمّامي، وتقدّم في الفقه والتفسير
وألأصول والعربية واللغة، وحدّث عن أبي الحسن بن المتيّم وأبي عمر بن
مهدي والكبار، توفي في نصف جمادى الأوّل، عن ثمان وثمانين سنة. قال أبو
علي ابن سكرة: قرأت عليه ختمة لقالون، وكان كبير بغداد وجليلها، وكان
يقول: كل الطوائف تدَّعيني.
وأبو يوسف القزويني، عبد السلام بن محمد بن يوسف بن بندار، شيخ
المعتزلة وصاحب التفسير الكبير، الذي هو أزيد من ثلاثمئة مجلد، درس
الكلام على القاضي عبد الجبار بالريّ، وسمع منه ومن أبي عمر بن مهدي
الفارسي، وتنقل في البلاد، ودخل مصر، وكان صاحب كتب كثيرة، وذكاء مفرط،
وتبحُّرٍ في المعارف، واطلاع كثير، إلاّ أنه كان داعيةً إلى الاعتزال،
مات في ذي القعدة، وله خمس وتسعون سنة وأشهر.
وأبو الحسن الحصري المقرئ الشاعر، نزيل سبتةّ، علي بن عبد الغني
الفهري، وكان مقرئاً محققاً، وشاعراً مفلقاً، مدح ملوكاً ووزراء.
والمعتمد على الله، أبو القاسم محمد بن المعتضد عبّاد بت القاضي محمد
ابن إسماعيل اللَّخمي الأندلسي، صاحب الأندلس، كان ملكاً جليلاً،
وعالماً ذكياً، وشاعراً محسناً، وبطلاً شجاعاً، وجواداً ممدّحاً، كان
بابه محطَّ الرِّحال، وكعبة الآمال، وشعره في الذروة العليا، ملك من
الأندلس، من الرِّحال، وكعبة الآمال، وشعره في الذروة العليا، ملك من
الأندلس، من المدائن والحصون والمعاقل، مئة وثلاثين مسوّراً، وبقي في
المملكة نيِّفاً وعشرين سنة، وقبض عليه أمير المسلمين ابن تاشفين، لمّا
قهره وغلب على ممالكه،
(2/358)
وسجنه بأغمات، حتى مات في شوال، بعد أربع
سنين من زوال ملكه، وخلع من ملكه عن ثمانمئة سربَّة، ومئة وثلاثة
وسبعين ولداً، وكان راتبه في اليوم، ثمانمئة رطل لحم.
ومحمد بن علي بن أبي صالح البغوي الدبّاس، آخر من روى " الترمذي " عن
الجرّاحي، توفي ببغشور، في ذي القعدة، وكان من الفقهاء.
وقاضي القضاة الشامي، أبو بكر محمد بن المظفر بن بكران الحموي الشافعي،
كان من أزهد القضاة وأورعهم، وأتقاهم لله، وأعرفهم بالمذهب ولد بحماة
سنة أربعمئة، وسمع ببغداد من عثمان بن دوست وطائفة، وولي بعد أبي عبد
الله الدَّامغاني، وكان من أصحاب القاضي أب الطيّب الطبري، لم يأخذ على
القضاء رزقاً، ولا غيَّر ملبسه، كان له كارك في الشهر بدينار ونصف،
يتقنع به قال أبو علي بن سكّرة: أما العلم، فكان يقال: لو رفع المذهب
أمكنه أن يمليه من صدره.
قلت: تفي في عاشر شعبان رحمه الله.
وأبو عبد الله الحميدي، محمد بن أبي نصر فتّوح ابن عبد الله بن فتّوح
ابن حميد بن يصل الميورقي الأندلسي الحافظ العلامة مؤلف " الجمع بين
الصحيحين " توفي في ذي الحجة، عن نحو سبعين سنة، وكان أحد أوعية العلم،
صحب أبا محمد بن حزم مدّة بالأندلس، وابن عبد البرّ، ورحل في حدود
الخمسين، وسمع بالقيروان والحجاز ومصر والشام والعراق، وكتب عن خلق
كثير، وكان ظاهريّ المذهب، دؤوباً على طلب العلم، كثير الاطلاع، ذكياً
(2/359)
فطناً صيِّناً ورعاً أخبارياً متفنِّناً،
كثير التصانيف، حجة ثقة رحمه الله.
ونجيب بن ميمون، أبو سهل الواسطي ثم الهروي، روى عن أبي علي الخالدي
وجماعة، وعاش بضعاً وتسعين سنةً.
سنة تسع وثمانين وأربعمئة
فيها حاصر كربوقاً الموصل تسعة أشهر، وأخذها وفارقها صاحبها إبراهيم،
فسار إلى الأمير صدقة ملك العرب.
وفيها توفي أبو طاهر أحمد بن الحسن بن أحمد الباقلاني الكرجي ثم
البغدادي، في ربيع الآخر، وله ثلاث وسبعون سنة، تفرَّد بسنن سعيد بن
منصور، عن أبي علي بن شاذان، وكان صالحاً زاهداً، منقبضاً عن الناس،
ثقةً حجَّة، حسن السيرة.
وأبو منصور الشِّيحي، عبد المحسن بن محمد بن علي البغدادي، المحدّث
التاجر السفّار. روى عن ابن غيلان والعتيقي وطبقتهما، ولد سنة إحدى
وعشرين، وسمع بدمشق ومصر والرحبة، وكتب وحصّل الأصول.
وعبد الملك بن سراج، أبو مروان الأموي مولاهم القرطبي، لغويّ الأندلس
بلا مدافعة، توفي في ذي الحجة، عن تسعين سنة. روى عن يونس بن مغيث،
ومكِّي بن أبي طالب وطائفة، وكان من أوعية العلم.
وأبو عبد الله الثقفي، القاسم بن الفضل بن أحمد، رئيس أصبهان
(2/360)
ومسندها، عن اثنتين وتسعين سنة. روى عن
محمد بن إبراهيم الجرجاني، وابن محمش وطبقتهما، بأصبهان ونيسابور
وبغداد والحجاز.
وأبو بكر بن الخاضبة، محمد بن أحمد بن عبد الباقي البغدادي الحافظ،
مفيد بغداد. روى عن أبي بكر الخطيب، وابن المسلمة وطبقتهما، ورحل إلى
الشام، وسمع من طائفة، وكان محبّباً إلى الناس كلهم، لدينه وتواضعه
ومروءته، ومسارعته في قضاء حوائج الناس، مع الصِّق والورع والصيانة
التامة وطيب القراءة.
قال ابن طاهر: ما كان في الدنيا أحدٌ أحسن قراءة للحديث منه. وقال أبو
الحسن الفصيحي: ما رأيت في المحدّثين أقوم باللغة من ابن الخاضبة، توفي
في ربيع الأول، وشيَّعه خلائق.
وابو عبد الله العميري، محمد بن علي بن محمد الهروي العبد الصالح، في
المحرم، وله إحدى وتسعون سنة، وأوّل سماعه، سنة سبع وأربعمئة، وقد رحل
إلى نيسابور وبغداد، وروى عن أبي بكر الحيري وطبقته، وكان من أولياء
الله تعالى، قال الدقّاق: ليس له نظير بهراة. قال أبو النصر الفامي:
توحّد عن أقرانه بالعلم والزهد في الدنيا، وإتقان في الرواية، والتجرد
من الدنيا.
وأبو المظفّر السمعاني، منصور بن محمد بن عبد الجبار التميمي المروزي
العلامة الحنفي، ثم الشافعي، برع على والده أبي منصور في المذهب، وسمع
أبا غانم الكراعي وطائفة، ثم تحوّل شافعياً، وصنّف التصانيف، وخرّج له
الأصحاب، توفي في ربيع الأول، عن ثلاث وستين سنة.
(2/361)
سنة تسعين وأربعمئة
فيها قتل أرسلان أرغون بن السلطان ألب أرسلان السلجوقي، صاحب مرو وبلخ
ونيسابور وترمذ، وكان جبّاراً عنيداً، قتله غلام له، وكان بركياروق، قد
جهّز الجيش مع أخيه سنجر لقتال عمه أرغون، فبلغهم قتله بالدامغان،
فلقيهم بركياروق، وسار فتسلّم نيسابور وغيرها بلا قتال، ثم تسلّم بلخ
وخطبوا له بسمر قند، ودانت له الممالك، واستخلف سنجر على خراسان، وكانن
حدثاً، فرتّب في خدمته من يسوس المملكة، واستعمل على خوارزم محمد بن
أنشتكين، مولى الأمير ملكايل السلجوقي، ولقّبه خوارزم شاه، وكان عادلاً
محبّاً للعلماء، وبعده ولي ابنه أتسز.
وفيها التقى الأخوان، دقاق ورضوان، ابنا تتش بقنّ؟ سرين، فانكسر دقاق،
ونهب عسكره، ثم تصالحا على أن أن يقدّم أخاه في الخطبة بدمشق.
وفيها أقام رضوان بحلب، دعوة العبيدين، وخطب للمستعلي برأي منجمه أسعد
الباطني، ثم بعد شهر، أنكر عليه صاحب أنطاكية وغيره، فأعاد الخطبة
العباسيّة.
وفيها خرجت الفرنج بجموعها، ونازلت باغي سان بأنطاكية، ووصلوا إلى
فامية وكفرطاب، واستباحوا تلك النواحي.
وفيها توفي أبو يعلى العبدى، أحمد بن محمد بن الحسن البصري الفقيه،
ويعرف بابن الصوّاف، شيخ مالكية العراق، وله تسعون سنة. تفقّه على
القاضي
(2/362)
على ابن هارون، وحدّث عن البرقاني وطائفة،
وكان علامة زاهداً مجدّاً في العبادة، عارفاً بالحديث. قال بعضهم: كان
إماماً في عشرة أنواع من العلم، توفي في رمضان، بالبصرة.
وأبو نصر السمسار، عبد الرحمن بن محمد الأصبهاني، توفي في المحرم، وهو
آخر من حدّث عن محمد بن إبراهيم الجرجاني.
وأبو الفتح عبدوس بن عبد الله بن محمد بن عبدوس، رئيس همذان ومحدّثها.
أجاز له أبو بكر بن لال، وسمع محمد بن أحمد بن حمدويه الطوسي والحسين
بن فتحويه، مات في جمادى الآخرة، عن خمس وتسعين سنة. روى عنه أبو زرعة.
والفقيه نصر بن إبراهيم بن نصر المقدسي النابلسي، أبو الفتح الزاهد،
شيخ الشافعية بالشام، وصاحب التصانيف، كان إماماً علامة مفتياً محدّثاً
حافظاً زاهداً متبتلاً ورعاً كبير القدر عديم النظير، سمع بدمشق من عبد
الرحمن بن الطبيز، وأبي الحسن بن السمسار وطائفة، وبغزّة من محمد بن
جعفر الميماسي، وبآمد وصور والقدس وآمل، وصنّف. وكان يقتات من غلّة
تحمل إليه من أرض له بنابلس، وهو بدمشق، فيخبز له كل ليلة قرصة في جانب
الكانون. عاش أكثر من ثمانين سنة، وتوفي يوم عاشوراء.
ويحيى بن أحمد السيبي، أبو القاسم القصري المقرئ ببغداد، وله مئة
وسنتان. قرأ القرآن على أبي الحسن الحمّامي، وسمع أبا الحسن بن
الصَّلت،
(2/363)
وأبا الحسين بن بشران وجماعة، ختم عليه خلق، وكان خيّراً ثقة، توفي في
ربيع الآخر، وكان يمشي ويتصرّف في مصالحه في هذا السنّ. |