العبر في خبر من غبر، من سنة 651 إلى 660
سنة إحدى وخمسين وست
مائة
دخلت وسلطان مصر هو الملك الأشرف يوسف بن صلاح الدين يوسف بن الملك
المسعود أقسس بن الكامل وأتابكه المعز أيبك.
وفيها توفي الجمال بن النجار إبراهيم بن سليمان بن حمزة القرشي الدمشقي
المجود.
كتب للأمجد صاحب بعلبك مدة.
وله شعر وأدب.
أخذ عن الكندي وفتيان الشاغوري.
توفي بدمشق في ربيع الآخر.
والملك الصالح صلاح الدين أحمد بن الملك الظاهر غازي بن صلاح الدين
يوسف بن أيوب صاحب عين تاب.
ولد سنة ست مائة وإنما أخروه عن سلطنة حلب لأنه ابن أمة ولأن أخاه
العزيز ابن بنت العادل.
وقد تزوج بعد أخيه العزيز بفاطمة بنت الملك العادل.
وكان مهيبًا وصالح بن شجاع بن محمد بن سيدهم أبو التقا المدلجي المصري
المالكي الخياط راوي صحيح مسلم عن أبي المفاخر المأموني.
كان صالحًا متعففًا.
توفي في المحرم.
(3/266)
والسبط جمال الدين أبو القاسم عبد الرحمن
بن مكي بن عبد الرحمن الطرابلسي المغربي ثم الإسكندراني.
ولد سنة سبع وسبعين وخمس مائة وسمع من جده السلفي الكثير ومن بدر
الجذداذي وعبد المجيد بن دليل وجماعة وأجاز له عبد الحق وشهدة وخلق
وانتهى إليه علو الإسناد بالديار المصرية.
وكان عريًا من العلم.
توفي في رابع شوال بمصر.
وابن الزملكاني العلامة كمال الدين عبد الواحد ابن خطيب زملكا أبي محمد
عبد الكريم بن خلف الأنصاري السماكي الشافعي.
صاحب علم المعاتي والبيان.
كان قوي المشاركة في فنون العلم خيرًا متميزًا وكان سريًا.
ولي قضاء صرخد ودرس مدة ببعلبك.
وتوفي بدمشق في المحرم.
وله نظم رائق.
والشيخ عثمان شيخ دير ناعس ابن محمد بن عبد الحميد البعلبكي الزاهد
القدوة العدوي.
صاحب أحوال وكرامات ومجاهدات من مريدي الشيخ عبد الله اليونيني.
توفي في شعبان.
وأبو الحسن بن قطرال بن عبد الله بن محمد الأنصاري القرطبي.
سمع عبد الحق بن توبة وأبا القاسم ابن الشراط وناظر على ابن أبي العباس
بن مضاء وقرأ العربية وولي قضاء شاطبة.
ثم ولي قضاء قرطبة وولي قضاء فاس.
وكان يشارك في عدة علوم وينفرد ببراعة البلاغة.
توفي بمراكش في ربيع الأول وله ثمان وثمانون سنة.
والشيخ محمد ابن الشيخ الكبير عبد الله اليونيني.
خلف أباه في
(3/267)
المشيخة ببعلبك مدة.
وكان زاهدًا عابدًا متواضعًا كبير القدر.
توفي في رجب.
سنة اثنتين وخمسين وست مائة
فيها تسلطن الملك المعز أيبك
وشال من الوسط الملك الأشرف.
وذلك بعد ما قتل الفارس أقطايا وهربت البحرية إلى الشام ورأسهم سيف
الدين بلبان الرشيدي وركن الدين بيبرس البندقداري.
فبالغ الملك الناصر في إكرامهم وقووا عزمه ولزوه في المسير إلى مصر
ليأخذها فإن العسكر مختبط.
فجهز جيشًا عليهم تورانشاه ابن السلطان صلاح الدين.
فساروا إلى غزة فخرج صاحب مصر المعز وقصدهم فلم يتم حال.
وفيها توفي الرشيد العراقي أبو الفضل إسماعيل بن أحمد بن الحسين
الحنبلي الجابي بدار الطعم.
كان أبوه فقيهًا مشهورًا.
سكن دمشق واستجاز لابنه من شهدة والسلفي وطائفة.
فروى الكثير بالإجازة.
توفي قينصف جمادى الأولى.
وأقطايا الأمير فارس الدين التركي الصالحي النجمي.
كان موصوفًا بالشجاعة والكرم.
اشتراه الصالح بألف دينار.
فلما اتصلت السلطنة إلى رفيقه الملك المعز بالغ أقطايا في الإدلال
والتجبر وبقي يركب ركبة ملك تزوج بابنة صاحب حماة وقال للمعز: أريد
أعمل العرس في قلعة الجبل فأخلها لي.
وكان يدخل الخزائن ويتصرف في الأموال.
فاتفق المعز وزوجته شجرة الدر عليه ورتبا من قتله.
وأغلقت أبواب القلعة فركبت مماليكه وكانوا سبع مائة وأحاطوا بالقلعة
فألقي إليهم رأسه فهربوا وتفرقوا.
وكان قتله في شعبان.
وشمس الدين الخسروشاهي أبو محمد عبد الحميد بن عيسى التبريزي المتكلم.
ولد سنة ثمانين وخمس مائة ورحل فاشتغل على فخر الدين الرازي
(3/268)
وسمع من المؤيد الطوسي وتقدم في علم الأصول
والعقليات وقدم الشام وأقام مدة بالكرك عند الناصر.
وله يد طولى في الفلسفة.
توفي في الخامس والعشرين من شوال.
ومجد الدين بن تيمية شيخ الإسلام أبو البركات عبد السلام بن عبد الله
بن أبي القاسم بن محمد الحراني الحنبلي.
ولد على رأس التسعين وخمس مائة ورحل إلى بغداد وهو مراهق في صحبة ابن
عمه السيف عبد الغني.
فقرأ القراءات على عبد الواحد بن سلطان وسمع من عبد الوهاب بن سكينة
وضياء ابن الخريف وطائفة.
وتفقه على أبي بكر ابن غنيمة وانتهى إليه
وعيسى بن سلامة بن سالم ابو الفضل الحراني الخياط المعمر.
ولد في آخر شوال سنة إحدى وخمسين وخمس مائة وسمع من أحمد بن الوفاء
الصائغ.
وأجاز له ابن البطي وأبو بكر بن النقور ومحمد بن محمد بن السكن وجماعة.
وانفرد بالرواية عنهم.
نوفي في أواخر هذه السنة.
والناصح فرج بن عبد الله الحبشي الخادم مولى أبي حعفر القرطبي وعتيق
المجد البهنسي.
سمع الكثير من الخشوعي والقاسم وعدة.
وكان صالحًا كيسًا متيقظًا.
وقف كتبه وعاش قريبًا من ثمانين سنة.
توفي في شوال.
والكمال محمد بن طلحة أبو سالم النصيبيني الشافعي المفتي.
رحل وسمع بنيسابور من المؤيد وزينب الشعرية وكان رئيسًا محتشمًا بارعًا
في الفقه والخلاف.
ولي الوزارة مرة ثم زهد وجمع نفسه.
توفي بحلب في رجب وقد جاوز السبعين وله دائرة الحروف ضلال وبلية.
(3/269)
ومحمد بن علي بن بقاء أبو البقاء بن السباك
البغدادي.
سمع من أبي الفتح بن شاتيل ونصر الله القزاز وجماعة.
توفي في شعبان.
والسديد مكي بن المسلم بن مكي بن خلف بن علان القيسي الدمشقي المعدل
آخر أصحاب الحافظ أبي القاسم بن عساكر وفاة.
وتفرد أيضًا عن أبي الفهم عبد الرحمن بن أبي العجائز وأبي المعالي بن
خلدون.
توفي في العشرين من صفر عن تسع وثمانين سنة.
سنة ثلاث وخمسين وست مئة
فيها توفي الشهاب القوصي أبو المحامد وابو العرب إسماعيل بن حامد بن
عبد الرحمن الأنصاري الخزرجي الشافعي وكيل بيت المال.
ولد في المحرم سنة أربع وسبعين بقوص ورحل إلى مصر سنة تسعين ثم إلى
دمشق فسكنها.
روى عن إسماعيل بن ياسين والأرتاحي والخشوعي وخلق كثير.
وخرج لنفسه معجمًا في أربع مجلدات كبار فيه غلظ كثيرز وكان أديبًا
أخباريًا فصيحًا مفوهًا بصيرًا بالفقه.
توفي في ربيع الأول ودفن بداره التي وقفها دار حديث.
وسيف الدين القيمري صاحب المارستان بالجبل.
كان من جملة الأمراء وأبطالهم المذكورين.
توفي بنابلس ونقل فدفن بقبته التي بإزاء المارستان.
وصقر بن يحيى بن سالم بن يحيى بن عيسى بن صقر المفتي الإمام
(3/270)
المعمر ضياء الدين أبو محمد الكلبي
الشافعي.
ولد قبل الستين وخمس مائة وروى عن يحيى الثقفي وجماعة.
نوفي في صفر بحلب.
والنظام البلخي محمد بن محمد بن محمد بن عثمان الحنفي نزيل حلب.
ولد ببغداد سنة ثلاث وسبعين وتفقه بخراسان وسمع صحيح مسلم من المؤيد
الطوسي.
وكان فقيهًا مفتيًا بصيرًا بالمذهب.
توفي بحلب في جمادى الآخرة.
والنور البلخي أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أحمد بن خلف المقرئ
بالألحان.
ولد بدمشق سنة سبع وخمسين وخمس مائة وسمع بالقاهرة من التاج المسعودي
واجتمع بالسلفي وأجاز له.
وسمع بالإسكندرية في سنة خمس وسبعين من المطهر الشحامي.
توفي في الرابع والعشرين من ربيع الآخر وكان صالحًا خيرًا.
سنة أربع وخمسين وست مائة
فيها كان ظهور النار بظاهر المدينة النبوية.
وكانت آية من آيات ربنا الكبرى.
لم يكن لها حر على عظمها وشدة ضوئها.
وهي التي أضاءت لها أعناق الإبل ببصرى وبقيت أيامًا وظن أهل المدينة
أنها القيامة وضجوا إلى الله بالدعاء وتواتر أمر هذه الاية.
وفيها كان غرق بغداد.
وزادت دجلة زيادة ما سمع بمثلها وغرق خلق كثير ووقع شيء كثير من الدور
وأهلها وأشرف الناس على الهلاك وبقيت المراكب تمر في أزقة بغداد وركب
الخليفة في مركب وابتهل الخلق إلى الله بالدعاء.
(3/271)
وفي أول رمضان احترق مسجد النبي ـ صلى الله
عليه وسلم ـ من مسرجة القوام وأتت النار على جميع سقوفه ووقعت بعض
السواري وذاب الرصاص وذلك قبل أن ينام الناس.
واحترق سقف الحجرة ووقع بعضه في الحجرة.
وفيها كان خروج الطاغية هولاوو.
فاخذ قلعة الألموت وغيرها وغاث بنواحي الري وسار ناجونورين بأمره إلى
الروم.
فهرب صاحبها.
وملكت التتار سائر الروم بالسيف.
وتوجه الكامل محمد بن غازي صاحب ميافارقين إلى خدمة هولاوو فأكرمه
وأعطاه الفرمان.
ثم نزل هولاوو أذربيجان عازمًا على قصد العلااق.
فجاء رسول الخلافة الباذرائي إلى الناصر بأن يصالح المعز ويتفقا على
حرب التتار.
فأجاب الناصر وأمر عسكره بالمجيء من غزة.
وفيها توفي ابن وثيق شيخ القراء أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن عبد
الرحمن الأموي الإشبيلي المجود الحاذق.
ولد سنة سبع وستين وخمس مائة وذكر أنه قرأ القراءات السبع بالكافي
وغيره سنة سبع وتسعين علي غير واحد من أصحاب أبي الحسن شريح وأن أبا
عبد الله بن زرقون أجاز له.
فروى عنه التيسير بالإجازة.
قال: أنبأنا أحمد بن سسمحمد الخولاني عن الداني.
تنقل ابن وثيق في البلاد وأقرأ بالموصل والشام ومصر.
وكان عالي الإسناد.
توفي بالإسكندرية في ربيع الآخر.
والعماد بن النحاس الأصم أبو بكر بن عبد الله بن أبي المجد الحسن ابن
الحسن بن علي الأنصاري الدمشقي.
ولد سنة اثنتين وسبعين وخمس مائة وسمع من أبي سعد بن أبي عصرون.
وكان آخر من روى عنه ومن الفضل ابن البانياسي ويحيى الثقفي وجماعة.
وسمع بنيسابور من منصور الفراوي
(3/272)
وبإصبهان من علي بن منصور الثقفي , وكان
ثقة خيرًا نبيلًا به صمم مفرط.
سمع الناس من لفظه ومات في الثاني والعشرين من صفر.
ونجم الدين الرازي العارف شيخ الطريق أبو بكر عبد الله بن محمد بن
شاهاور الأسدي الصوفي.
ولد سنة ثلاث وسبعين وخمس مائة وأكثر التطواف والأسفار وصحب الشيخ نجم
الدين الكبرى الخيوقي وسمع الكثير من منصر الفراوي وأبي بكر عبد الله
بن إبراهيم الشحاذي وطبقتهما.
وهو من شيوخ الدمياطي توفي ببغداد في شوال.
وشمس الدين عبد الرحم بن نوح بن محمد المقدسي مدرس الرواحية وأجل أصحاب
ابن الصلاح وأعرفهم بالمذهب.
توفي في ربيع الآخر وقد تفقه به جماعة.
والشيخ عيسى بن أحمد بن إلياس اليونيني الزاهد صاحب الشيخ عبد الله.
زاهد عابد صوام قوام خائف قانت متبتل منقطع القرين صاحب أحوال وإخلاص
غلا أنه كان حاد النفس.
ولذلك قيل له سلاب الأحوال.
وكان خشن العيش في ملبسه ومأكله.
توفي في ذي القعدة ودفن بزاويته بيونين.
وكان كلمة إجماع بين البعلبكيين.
وابن المقدسية شرف الدين أبو بكر محمد بن الحسن بن عبد السلام التميمي
السفاقسي الأصل الإسكندراني المالكي.
ولد في أول سنة ثلاث وسبعين وأحضره خاله الحافظ ابن المفضل
قراءة المسلسل بالأولية عند
(3/273)
السلفي.
واستجازه له ثم أسمعه من أحمد بن عبد الرحمن الحضرمي وغيره.
توفي في جمادى الولى.
وله مشيخة خرجها منصور بن سليم الحافظ.
والكمال بن الشعار أبو البركات المبارك بن أبي بكر بن حمدان الموصلي
مؤلف عقود الجمان في شعراء الزمان توفي بحلب.
ومجير الدين يعقوب ابن الملك العادل.
أجاز له أبو روح الهروي وطائفة ويلقب باملك المعز.
توفي في ذي القعدة.
ودفن بالتربة عند أبيه.
وابن الجوزي العلامة الواعظ المؤرخ شمس الدين أبو المظفر يوسف بن
قزأغلي التركي ثم البغدادي العوني الهبيري الحنفي سبط الشيخ جمال الدين
أبي الفرج بن الجوزي.
سمعه جده منه ومن ابن كليب وجماعة.
وقدم دمشق سنة سبع وست مائة فوعظ بها وحصل له القبول العظيم للطف
شمائله وعذوبة وعظه.
وله تفسير في تسعة وعشرين مجلدًا وشرح الجامع الكبير وجمع مجلدًا في
مناقب أبي حنيفة ودرس وأفتى وكان في شبيبته حنبليًا.
توفي في الحادي والعشرين من ذي الحجة.
وكان وافر الحرمة عند الملوك.
سنة خمس وخمسين وست مائة
وفيها ترددت رسل هولاوو وفر أمينه إلى بغداد إلى ناس بعد ناس والمستعصم
لايدري بشيء ولو درى لما درأ.
(3/274)
وفي رمضان بعث الملك الناصر ولده الملك
العزيز وهو صبي مع ثقة الدين الحافظي في الرسلية إلى هولاوو بتحف
وتقادم.
وفيها كانت فتنة السنة والرافضة ببغداد أدت إلى نهب وخراب وقتل جماعة
وذلت الرافضة وأوذوا.
وفيها غضب الملك الناصر من البحرية وتخوفهم وقطع أخبازهم ففارقوه
وساروا إلى غزة وانتموا إلى الملك المغيث صاحب الكرك وخطبوا له بالقدس.
ثم حصل انتصار عليهم فانهزموا إلى البلقاء ثم ساروا إلى مصر وخربوا
بلادها.
وفيها توفي ابن باطيش العلامة عماد الدين أبو المجد إسماعيل بن هبة
الله بن سعيد الموصلي الشافعي.
ولد سنة خمس وسبعين وسمع ببغداد من ابن الجوزي وطائفة وبحلب من حنبل
ودرس وأفتى وصنف.
له كتاب طبقات الشافعية وكتاب المغني في غريب المهذب.
وكان عارفًا بالأصول قوي المشاركة في العلوم.
توفي في جمادى الآخرة.
والمعز عز الدين أيبك التركماني الصالحي صاحب مصر جهاشنكير الملك
الصالح.
كان ذا عقل ودين وترك للمسكر.
تملك في ربيع اآخر سنة ثمان وأربعين.
ثم أقاموا معه باسم السلطنة الأشرف يوسف بن أقسيس وله عشر سنين , وبقي
المعز أتابكه.
وهذا بعد خمسة أيام من سلطنة المعز.
فكان يخرج التوقيع وصورته: رسم بالأمر العالي السلطاني الأشرفي والملكي
المعزي.
ثم بطل أمر الأشرف بعد مديدة وجرت لأيبك أمور إلى أن خطب ابنة صاحب
الموصل.
فعادت أم خليل وقتلته في الحمام فقتلوها وملكوا ولده
(3/275)
عليًا وله خمس عشرة سنة.
وصار أتابكه علم الدين سنجر الحلبي.
وذلك في ربيع الأول ومات المعز كهلًا.
وشجرة الدر أم خليل كانت بارعة الحسن ذات ذكاء وعقل ودهاء.
فأحبها الملك الصالح.
ولما توفي أخفت موته وكان تعلم بخطها علامته.
ونالت من السعادة اعلى الرتب بحيث إنها خطب لها على المنابر وملكوها
عليهم أيامًا فلم يتم ذلك.
وتملك المعز وتزوج بها.
وكانت ربما تحكم عليه.
وكانت تركية ذات شهامة وإقدام وجرأة.
وآل أمرها إلى أن قتلت وألقيت تحت قلعة مصر مسلوبة ثم دفنت بتربتها.
والباذرائي العلامة نجم الدين أبو محمد عبد الله بن أبي الوفاء محمد بن
الحسن الشافعي الفرضي.
ولد سنة أربع وتسعين وسمع من عبد العزيز بن منينا وجماعة.
وبرع في المذهب ودرس بالنظامية ثم ترسل عن الخلافة غير مرة.
وبنى بدمشق مدرسة كبيرة.
وولي في آخر ايامه قضاء العراق خمسة عشر يومًا.
ومات في أول ذي القعدة.
وكان متواضعًا دمث الأخلاق واليلداني المحدث المسند تقي الدين عبد
الرحمن بن أبي الفهم عبد المنعم بن عبد الرحمن الشافعي.
ولد بيلدان في أول سنة ثمان وستين وطلب الحديث وقد كبر فرحل وسمع من
ابن كليب وابن بوش وطبقتهما.
وكتب الكثير وذكر أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال له في النوم:
أنت رجل جيد.
توفي بقريته وكان خطيبها في ثامن ربيع الأول.
(3/276)
والمرسي العلامة شرف الدين أبو عبد الله
محمد بن علي بن محمد بن عبد الله بن محمد بن أبي الفضل اسلمي الأندلسي
المحدث المفسر النحوي.
ولد سنة سبعين في أولها وسمع الموطأ من أبي محمد بن عبيد الله ورحل إلى
أن وصل إلى أقصى خراسان وسمع الكثير من منصور الفراوي وأبي روح
والكبار.
وكان كثير الأسفار والتطواف جماعة لفنون العلم ذكيًا ثاقب الذهن وله
تصانيف كثيرة مع زهد وورع وفقر وتعفف.
سئل عنه الحافظ الضياء فقال: فقيه مناظر نحوي من أهل السنة.
صحبنا وما رأينا منه إلا خيرًا.
قلت: توفي في نصف ربيع الأول في الطريق ودفن بتل الزعقة.
سنة ست وخمسين وست مائة
كان المؤيد بن العلقمي قد كاتب التتار وحرضهم على قصد بغداد لأجل ما
جرى على إخوانه الرافضة من النهب والخزي.
وظن المخذول أن الأمر تم وأنه يقيم خليفة علويًا.
فارسل أخاه ومملوكه إلى هولاوو وسهل عليه أخذ بغداد وطلب أن يكون
نائبًا لهم عليها فوعدوهبالأماني.
وساروا.
فأخذ لؤلؤ صاحب الموصل يهيء للتتار الإقامات ويكاتب الخليفة سرًا.
فكان ابن العلقمي قبحه الله لا يدع تلك المكاتبات تصل إلى الخليفة مع
أنها لو وصلت لما أجدت لأن الخليفة كان يرد الأمر إليه.
فلما تحقق الأمر بعث ولد محيي الدين بن الجوزي رسولًا إلى هولاوو يعده
بالأموال.
فركب هولاوو في خلق من التتار والكرج ومدد من صاحب الموصل مع ولده
الصالح إسماعيل.
فخرج ركن الدين الدويدار فالتقى ناجوانوين وكان على مقدمة هولاوو
فانكسر المسلمون ثم
(3/277)
سار ناجو فنزل من غربي بغداد ونزل هولاوو
من شرقيها.
فأشار ابن العلقمي على المستعصم بالله أني أخرج إليهم في تقرير الصلح.
فخرج الخبيث وتوثق لنفسه ورجع.
فقال: إن الملك قد رغب في أن يزوج بنته بابنك الأمير أبي بكر وأن تكون
الطاعة له كما كان أجدادك مع الموك السلجوقية ثم يترحل.
فخرج إليه المستعصم في أعيان الدولة.
ثم استدعى الوزير العلماء والرؤساء ليحضروا العقد بزعمه فخرجوا.
فضربت رقاب الجميع.
وصار كذلك تخرج طائفة بعد طائفة فتضرب أعناقهم حتى بقيت الرعية بلا
راع.
ثم دخلت حينئذ التتار بغداد وبذلوا السيف واستمر القتل والسبي نيفًا
وثلاثين يومًا.
فقل من نجا.
فيقال إن هولاوو أمر بعد القتلى فبلغوا ألف ألف وثمان مائة ألف وكسر
فعند ذلك نودي بالأمان.
ثم أمر هولاوو بناجونوين فضربت عنقه لأنه بلغه أنه كاتب الخليفة.
وأرسل رسولًا إلى الناصر صاحب الشام يهدده إن لم يخرب أسوار بلاده.
واشتد الوباء بالشام ولاسيما بدمشق وحلب لفساد الهواء.
وفيها توفي أبو العباس القرطبي أحمد بن عمر بن إبراهيم الأنصاري
المالكي المحدث الشاهد نزيل الإسكندرية.
كان من كبار الأئمة.
ولد سنة ثمان وسبعين وخمس مائة وسمع بالمغرب من جماعة واختصر الصحيحين
وصنف كتاب المفهم في شرح مختصر مسلم.
توفي في ذي القعدة.
وابن الحلاوي الأديب شرف الدين أبو الطيب أحمد بن محم بن أبي الوفاء
الربعي الموصلي الجندي الشاعر المشهور.
مدح الملوك والكبار وعاش ثلاثًا وخمسين سنة.
وكان في خدمة صاحب الموصل.
والكمال إسحاق بن أحمد بن عثمان المقدسي الشافعي المفتي الذي تفقه
(3/278)
عليه الشيخ محيي الدين النوري.
كان عالمًا عاملًا.
توفي في ذي القعدة.
والزعبي أبو إسحاق إبراهيم بن أبي بكر بن إسماعيل بن علي المراتبي
الحمامي.
روى كتاب الشكر عن ابن شاتيل ومات في المحرم ببغداد.
والصدر البكري أبو علي الحسن بن محمد بن محمد بن محمد بن عمروك بن محمد
التميمي النيسابوري ثم الدمشقي الصوفي الحافظ.
ولد سنة أربع وسبعين وخمس مائة وسمع بمكة من عمر الميانشي وبدمشق من
ابن طبرزد وبخراسان من أبي روح وبإصبهان من أبي الفرج بن الجنيد.
وكتب الكثير وعني بهذا الشأن أتم عناية.
وجمع وصنف.
وشرع في مسودة ذيل على تاريخ ابن عساكر.
وولي مشيخة الشيوخ وحسبة دمشق.
وعظم في دولة المعظم ثم فتر سوقه وابتلى بالفالج قبل موته بأعوام.
ثم تحول إلى مصر فتوفي بها في حادي عشر ذي الحجة.
ضعفه بعضهم.
وقال الزكي البرزالي: كان كثير التخليط.
والشرف الإربلي العلامة أبو عبد الله الحسين بن غبراهيم الهذباني
الشافعي اللغوي.
ولد سنة ثمان وستين بإربل وسمع بدمشق من الخشوعي وطائفة وحفظ على
الكندي خطب ابن نباتة وديوان المتنبي ومقامات الحريري.
وكان يعرف اللغة ويقرئها.
توفي في ثاني ذي القعدة.
والعماد داود بن عمر بن يوسف أبو المعالي الزبيدي المقدسي ثم الدمشقي
اآباري خطيب بيت الآبار.
ولد سنة ست وثمانين وخمس مائة وسمع
(3/279)
من الخشوعي والفتن وطائفة.
وكان فصيحًا خطيبًا بليغًا.
ولي خطابة دمشق وتدريس الغزالية بعد ابن عبد السلام صثم عزل بعد ست
سنين وعاد إلى خطابة القرية.
وبها توفي في شعبان ودفن هناك.
والملك الناصر داود بن المعظم بن العادل صاحب الكرك صلاح الدين أبو
المفاخر.
ولد سنة ثلاث وست مائة.
وأجاز له المؤيد الطوسي وسمع ببغداد من أبي الحسن القطيعي.
وكان حنفيًا فاضلًا مناظرًا ذكيًا بصيرًا بالآداب بديع النظم كثير
المحاسن.
ملك دمشق بعد أبيه ثم أخذها منه عمه الأشرف فتحول إلى مدينة الكرك
فملكها إحدى وعشرين سنة ثم عمل عليه ابنه وسلمها إلى صاحب مصر الصالح.
وزالت مملكته.
توفي بظاهر دمشق بقرية البويضا ودفن عند والده الملك المعظم في جمادى
الأولى.
وكانت أمه خوارزمية عاشت بعده مدة.
وكان جوادًا ممدحًا.
والبهاء زهير بن محمد بن علي بن يحيى الصاحب المنشىء أبو الفضل وأبو
العلاء الأزدي المهلبي المكي ثم القوصي الكاتب.
وله ديوان مشهور.
ولد سنة إحدى وثمانين وخمس مائة بمكة.
كتب الإنشاء للملك الصالح نجم الدين ببلاد الشرق فلما تسلطن بلغه أرفع
المراتب ونفذه رسولًا.
ولما مرض بالمنصورة تغير عليه وأبعده.
وكان سريع التخيل والغضب والمعاقبة عى الوهم ثم اتصل البهاء بالناصر
صاحب الشام وله فيه مدائح.
وكان ذا مروءة ومكارم.
توفي بمصر في ذي القعدة.
والمستعصم بالله أبو أحمد عبد الله بن المستنصر بالله أبي جعفر منصور
ابن الظاهر محمد بن الناصر العباسي آخر الخلفاء العراقيين.
وكانت دولتهم
(3/280)
خمس مائة سنة وأربعًا وعشرين سنة.
ولد أبو أحمد سنة تسع وست مائة في خلافة جد أبيه وأجاز له المؤيد
الطوسي وجماعة وسمع من علي بن النيار الذي لقنه الختمة.
روى عنه محيي الدين ابن الجوزي ونجم الدين الباذرائي بالإجازة.
واستخلف في جمادى الأولى سنة أربعين.
وكان حليمًا كريمًا سليم الباطن قليل الرأي حسن الديانة مبغضًا للبدعة
في الجملة.
وختم له بخير فإن الكافر هولاوو أمر به وبولده أبي بكر فرفسا حتى ماتا
وذلك في حدود آخر المحرم.
وكان الأمر أشغل من أن يوجد مؤرخ لموته أو موار لجسده وبقي الوقت بلا
خليفة ثلاث سنين.
والكفر طابي أبو الفضل عبد العزيز بن عبد الوهاب بن بيان القواس الرامي
الأستاذ.
ولد سنة سبع وسبعين وسمع الكثير من يحيى الثقفي وعمر دهرًا.
توفي في الحادي والعشرين من شوال بدمشق.
وابن صديق أبو العز عبد العزيز بن محمد بن أحمد الحراني المؤدب وهو
بكنيته أشهر ولهذا سماه بعضهم ثابتًا.
سمع من عبد الوهاب بن أبي حبة وحدث بدمشق وبها توفي في جمادى الأولى.
وعبد العظيم بن عبد القوي بن عبد الله بن سلامة الحافظ الكبير زكي
الدين ابو محمد المنذري الشامي ثم المصري الشافعي صاحب التصانيف , ولد
سنة إحدى وثمانين وخمس مائة وسمع من الأرتاحي وأبي الجود وابن طبرزد
وخلق.
وتخرج بأبي الحسن علي بن المفضل ولزمه مدة.
وله معجم كبير مروي.
ولي مشيخة الكاملية مدة وانقطع بها نحوًا من عشرين سنة مكبًا على العلم
والإفادة وكان ثبتًا حجة متبحرًا في علوم الحديث عارفًا بالفقه والنحو
مع
(3/281)
الزهد والورع والصفات الحميدة.
توفي في رابع ذي القعدة.
وابن خطيب القرافة أبو عمر عثمان بن علي بن عبد الواحد القرشي الأسدي
الدمشقي الناسخ.
كان له إجازة من السلفي فروى بها الكثير وتوفي في ثالث ربيع اآخر عن
أربع وثمانين سنة.
والشاذلي أبو الحسن علي بن عبد الله بن عبد الجبار المغربي الزاهد شيخ
الطائفة الشاذلية.
سكن الإسكندرية وصحبه بها جماعة.
وله عبارات في التصوف مشكلة توهم ويتكلف له في الإعتذار عنها وعنه أخذ
الشيخ أبو العباس المرسي.
توفي الشاذلي بصحراء عيذاب متوجهًا إلىبيت الله في أوائل ذي القعدة.
وسيف الدين المشد صاحب الديوان المشهور الأمير أبو الحسن علي بن المظفر
بن القاسم الربعي النشبي الدمشقي نائب الحسبة.
سمع الكثير من الخشوعي والقاسم بن عساكر وخلق.
وكان فصيحًا طيب الصوت بالقراءة كتب الكثير وكان يؤدب.
ثم صار شاهدًا.
توفي في ربيع الأول وقد جاوز التسعين.
والشيخ علي الخباز الزاهد أحد مشايخ العراق.
له زاوية وأتباع وأحوال وكرامات.
قتل شهيدًا.
(3/282)
وابن عوة أبوحفص عمر بن أبي نصر بن أبي
الفتح الجزري التاجر السفار العدل.
حدث بدمشق عن البوصيري.
توفي في ذي الحجة.
وكان صالحًا.
والموفق بن أبي الحديد أبو المعالي القاسم بن هبة الله بن محمد بت محمد
المدائني المتكلم الأشعري الكاتب المنشىء البليغ.
توفي ببغداد في رجب.
وله شعر جيد.
وشعلة الإمام أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن الحسين
الموصلي الحنبلي المقرئ العلامة الذي اختصر الشاطبية.
كان شابًا فاضلًا صالحًا محققًا يتوقد ذكاء.
عاش ثلاثًا ومانين سنة , وتوفي بالموصل في صفر.
وابن الجرج أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن الأنصاري
التلمساني المالكي.
نزيل الثغر.
كان من صلحاء العلماء.
سمع بسبتة الموطأ من أبي محمد بن عبيد الله الحجري.
توفي في ذي القعدة عن اثنتين وتسعين سنة.
وخطيب مردا الفقيه أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن أحمد بت أبي الفتح
المقدسي النابلسي الحنبلي.
ولد بمردا سنة ست وستين وخمس مائة ظنًا وتفقه بدمشق وسمع من يحيى
الثقفي وأحمد الموازيني وبمصر من البوصيري وغير واحد.
وتوفي بمردا في أوائل ذي الحجة.
والفاسي الإمام أبو عبد الله محمد بن حسن بن محمد بن يوسف المغربي
(3/283)
المقرئ مصنف شرح الشاطبية.
قرأ على رجلين قرءا على الشاطبي.
وكان فقيهًا بارعًا متفننًا متين الديانة جليل القدر.
تصدر للإقراء بحلب مدة.
وتوفي في ربيع الآخر.
وابن العلقمي الوزير المبير مؤيد الدين محمد بن محمد بن علي بن أبي
طالب البغدادي الرافضي.
ولي وزارة العراق أربع عشرة سنة.
وكان ذا حقد وغل على أهل السنة.
قرر مع التتار أمورًا انعكست عليه وأكل يده ندمًا وبقي بعد تلك الرتبة
الرفيعة يركب إكديشًا فصاحت امرأة: يا ابن العلقمي: أهكذا كنت تركب في
أيام أمير المؤمنين ولي وزارة التتار على بغداد مشاركًا لغيره ثم مرض
بعد قليل ومات غمًا وغبنا.
وكان الذي حمله على مكاتبة هولاوو عداوة الدويدار وأبي بكر بن المستعصم
وما اعتمداه من نهب الكرخ وأذية الشيعة.
هلك قبل رجب من السنة ومات بعده ابنه.
وابن صلايا الصاحب تاج الدين أبو المكارم محمد بن نصر بن يحيى الهاشمي
العلوي نائب الخليفة بإربل.
كان من رجال الدهر عقلًا ورأيًا وهيبة وحزمًا وجودًا سؤددًا.
قتله هولاوو في ربيع الآخر بقرب تبريز.
وابن شقير الشيخ عفيف الدين أبو الفضل المرجي بن الحسن بت علي ابن هبة
الله بن غزال الواسطي المقرئ التاجر السفار.
ولد سنة إحدى وستين وخمس مائة بواسط قرأ القراءات على أبي بكر بن
الباقلاني وأتقنها.
وتفقه وكان آخر من حدث عن أبي طالب الكتاني.
ذكر الفاروثي أنه عاش إلى حدود هذه السنة.
وابن الشقيشقة المحدث نجيب الدين أبو الفتح نصر الله بن أبي العز مظفر
بن عقيل الشيباني الدمشقي الصفار الشاهد.
ولد بعد الثمانين وخمس مائة
(3/284)
وسمع من حنبل وابن طبرزد وخلق كثير وروى
مسند أحمد.
وكان أديبًا ظريفًا مليح البزة.
رماه أبو شامة بالكذب ورقة الدين توفي في جمادى الآخرة ووقف داره بدمشق
دار حديث.
والصرصري الشيخ العلامة القدوة ابو زكريا يحيى بن يوسف بن يحيى الصرصري
الأصل البغدادي الحنبلي الضرير.
كان إليه المنتهى فيورفة اللغة وحسن الشعر.
وديوانه ومدائحه سائرة.
قيل إنه قتل تتاريًا بعكازه ثم استشهد.
وله ثمان وستون سنة.
ومحيي الدين بن الجوزي الصاحب العلامة سفير الخلافة أبو المحاسن يوسف
ابن الشيخ أبي
الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد التيمي البكري البغدادي الحنبلي أستاذ
دار المستعصم بالله.
ولد سنة ثمان وخمس مائة سمع من ذاكر بن كامل وابن بوش وطائفة.
قرأ القرآن بواسط على ابن الباقلاني.
وكان كثير المحفوظ قوي المشاركة في العلوم وافر الحشمة.
ضربت عنقه هو وأولاده تاج الدين والمحتسب جمال الدين وشرف الدين في
صفر.
سنة سبع وخمسين وست مائة
فيها نزل هولاووعلى آمد وبعث رسله إلى صاحب ماردين.
فبعث ولده الملك المظفر بالتقادم فقبض عليه هولاوو.
وفي آخرها اشتدت الأراجيف بحركة هولاوو إلى الشام وهرب الخلق.
فقبض قطز المعزي على ابن أستاذه الملك المنصور علي وتسلطن ولقب بالملك
المظفر لحاجة الوقت إلى ملك كاف.
وأول من جاوز الفرات أشموط ابن هولاوو في ذي الحجة.
ثم نازلوا حلب فناوشهم أهلها وجندها القتال.
فهربوا لهم ثم كروا عليه فقتلوا خلقًا واشتد الخطب وحار الناصر في
نفسه.
(3/285)
وفيها توفي أبو العباس بن مامتيت أحمد بن
محمد بن الحسن اللواتي الفاسي المحدث المعمر نزيل القاهرة.
كان صالحًا عالمًا خيرًا.
روى بالإجازة العامة عن أبي الوقت.
قال الشريف عز الدين:
وأبو الحسين بن السراج المحدث الكبير مسند المغرب احمد بن محمد بن أحمد
بن عبد الله الأنصاري الإشبيلي.
ولد سنة ست وخمس مائة.
وسمع من ابن بشكوال وأبي عبد الله بن زرقون وعبد الحق بن بونة وطائفة.
وتفرد في زمانه.
وكانت الرحلة إليه بالمغرب.
توفي في سابع صفر.
والصدر بن المنجا واقف المدرسة الصدرية الرئيس أبو الفتح أسعد ابن
عثمان بن وجيه الدين أسعد بن المنجا التنوخي الحنبلي المعدل.
ولد سنة ثمان وتسعين وخمس مائة وروى عن ابن طبرزد.
توفي في رمضان ودفن بمدرسته.
وابن اللمط شمس الدين أبو محمد عبد الله بن يوسف الجذامي المصري.
رحل وسمع من ابن دحية وسمع من أبي جعفر الصيدلاني وعبد الوهاب بن
سكينة.
توفي في ربيع الآخر وله خمس وثمانون سنة.
وصاحب الموصل الملك الرحيم بدر الدين لؤلؤ الأرمني الأتابكي مملوك نور
الدين أرسلان شاه بن عز الدين مسعود صاحب الموصل.
كان مدبر دولة أستاذه وبدولة ولده القاهر مسعود.
فلما مات القاهر سنة خمس عشرة أقام بدر الدين ولدي القاهر صورة وبقي
أتابكًا لهما مدة ثم استقل بالسلطنة وكان
(3/286)
حازمًا شجاعًا مدبرًا خبيرًا.
توفي في شعبان وقد نيف على الثمانين وانخرم نظام بلده من بعده.
وابن الشيرجي الصدر نجم الدين مظفر بن محمد بن إلياس الأنصاري الدمشقي.
ولي تدريس العصرونية والوكالة.
وحدث عن الخشوعي وجماعة.
وولي أيضًا الحسبة ونظر الجامع.
توفي في آخر السنة.
ويوسف القميني الموله الذي يعتقد فيه العامة أنه ولي وحجتهم الكشف
والكلام على الخواطر.
وهذا شيء يقع من الكاهن والراهب والمجنون الذي له قرين من الجن.
وقد كثر هذا في عصرنا والله المستعان.
وكان يوسف يتنجس ببوله ويمشي حافيًا ويأوي إلى قمين حمام نور الدين ولا
يصلي.
سنة ثمان وخمسين وست مائة
في المحرم قطع هولاوو الفرات
ونهب نواحي حلب.
فراسل متوليها المعظم تورانشاه ابن السلطان صلاح الدين: بأنكم تضعفون
عنا ونحن نقصد سلطانكم الناصر.
فاجعلوا لنا عندكم شحنة بالقلعة وشحنة بالبلد.
فإن انتصر عليها السلطان فاقتلوا الشحنتين أو ابقوهما وإن انتصرنا
فحلب والبلاد لنا ويكونون آمنين.
فأبى عليه تورانشاه فنزل على حلب في ثاني صفر فلم يصبح عليهم الصباح
إلا وقد حفروا عليهم خندقًا عمق قامة وعرض أربعة أذرع.
وبنوا حائطًا ارتفاع خمسة أذرع ونصبوا عشرين منجنيقًا وألحوا بالرمي
وشرعوا في نقب السور.
وفي تاسع صفر ركبوا الأسوار ووضعوا السيف يومهم ومن الغد.
وأحمى في حلب أماكن سلم فيها نحو خمسين ألفًا واستتر خلق وقتل أمم لا
يحصون وبقي القتل والسبي خمسة أيام.
ثم نودي برفع السيف وأذن المؤذن يومئذ يوم الجمعة بالجامع وأقيمت
الجمعة بأناس ثم أحاطوا بالقلعة وحاصروها.
(3/287)
ووصل الخبر يوم السبت إلى دمشق فهرب الناصر
ودخلت يومئذ رسل هولاوو وقرىء الفرمان بأمان دمشق.
ثم وصل نائب هولاوو فتلقاه الكبراء وحملت أيضًا مفاتيح حماة إلى هولاوو
فسير إليهم شحنة.
وسار صاحبها والناصر إلى نحو غزة وعصت قلعة دمشق فحاصرتها التتار
وألحوا بعشرين منجنيقًا على برج الطارمة فتشقق.
وطلب أهلها الأمان فأمنوهم وسكنها النائب كتبغا وتسلموا بعلبك وقلعتها
وأخذوا نابلس ونواحيها بالسيف ثم ظفروا بالملك وأخذوه بالأمان وساروا
به إلى هولاوو فرعى له مجيئه وبقي في خدمته أشهرًا ثم قطع الفرات
راجعًا وترك الشام فرقة من التتار.
وأما المصريون فتأهبوا وشرعوا في المسير من نصف شعبان.
وثارت النصارى بدمشق ورفعت رؤوسها ورفعوا الصليب ومروا به وألزموا
الناس بالقيام له من حوانيتهم في الثاني والعشرين من رمضان ووصل جيش
الإسلام عليهم الملك المظفر وعلى مقدمتهم ركن الدين البندقداري.
فالتقى الجمعان على عين جالوت غربي بيسان.
ونصر الله دينه وقتل في المصاف مقدم التتار كتبغا وطائفة من أمراء
المغول.
ووقع بدمشق النهب والقتل في النصارى وإحرقت كنيسة لهم.
وعيد المسلمون على خير عظيم وساق البندقداري وراء التتار إلى حلب وخلت
من القوم الشام وطمع البندقداري في أخذ حلب.
كان وعده بها الملك المظفر ثم رجع فتأثر وأضمر الشر.
فلما رجع المظفر بعد شهر إلى مصر مضمرًا للبندقداري أيضًا الشر فوافق
ركن الدين على مراده عدة أمراء.
وكان الذي ضربه بالسيف فحل كتفه بكتوت الجوكندار المعزي ثم رماه بهادر
المعزي بسهم قضى عليه وذلك يوم سادس عشر ذي القعدة بقرب قطية.
وتسلطن ركن الدين البندقداري الملك الظاهر.
وأما نائب دمشق علم الدين الحلبي فحلف الأمراء لنفسه ولقب الملك
المجاهد.
وخطب له بدمشق مع الملك الظاهر.
وفي آخر السنة كرت التتار على حلب واندفع عسكرها بين أيديهم.
فدخلوا إليها وأخرجوا من بها إلى قربين وأحاطوا بهم ووضعوا فيهم السيف.
(3/288)
وفيها توفي ابن سني الدولة قاضي القضاة صدر
الدين أبو العباس أحمد بن يحيى بن هبة الله بن
الحسن الدمشقي الشافعي.
ولد سنة تسعين وخمس مائة وسمع من الخشوعي وجماعة.
وتفقه على أبيه قاضي القضاة شمس الدين وعلى فخر الدين بن عساكر.
وقل من نشأ مثله في صيانته وديانته واشتغاله.
ناب عن أبيه وولي نيابة بيت المال ودرس بالإقبالية والجاروخية.
وولي القضاء مدة.
رجع من عند هولاوو متمرضًا وأدركه الموت ببعلبك في جمادى الآخرة.
وله ثمان وستون سنة.
وإبراهيم بن خليل نجيب الدين أبو إسحاق الدمشقي الأدمي.
ولد سنة خمس وسبعين وسمعه أخوه من عبد الرحمن بن علي الخرقي ويحيى
الثقفي وجماعة وحدث بدمشق وحلب وعدم بها في صفر.
وتمام المسروري أبو طالب بن أبي بكر بن أبي طالب الدمشقي الجندي ولد
سنة سبع وسبعين وسمع من يحيى الثقفي.
توفي في رجب.
وتورانشاه المعظم أبو المفاخر ابن السلطان الكبير صلاح الدين.
ولد سنة سبع وسبعين وسمع من يحيى الثقفي وابن صدقة الحراني وأجاز له
عبد الله بن بري وكان السلطان يجله ويتأدب معه.
سلم قلعة حلب.
لما عجز بالأمان.
أدركه الموت إثر ذلك.
فتوفي في ربيع الأول وله ثمانون سنة.
والملك السعيد حسن بن العزيز عثمان بن العادل صاحب الصبيبة
(3/289)
وبانياس.
تملك سنة إحدى وثلاثين بعد أخيه الملك الظاهر إلى سنةبضع وأربعين.
فأخذ الصبيبة منه الملك الصالح وأعطاه إمرة بمصر , فلما قتل المعظم بن
الصالح ساق إلى غزة وأخذ ما فيها وأتى الصبيبة فتسلمها.
فلما تملك الناصر دمشق قبض عليه وسجنه بالبيرة فلما أخذ هولاوو البيرة
أحضر إليه بقيوده وخلع عليه بسراقوس وصار منهم.
وسلموا إليه الصبيبة.
وبقي في خدمته كتبغابدمشق.
وكان بطلًا شجاعًا.
قاتل يوم عبن جالوت.
فلما انهزمت التتار جيء به إلى الملك المظفر فضرب عنقه.
والمحب عبد الله بن أحمد بن أبي بكر محمد بن إبراهيم السعدي المقدسي
الصالحي الحنبلي المحدث مفيد الجبل.
روى عن الشيخ الموفق وابن البن وابن الزبيدي.
ورحل إلى بغداد فسمع من ابن القبيطي وعلي بن أبي الفخار وطبقتهما.
وكتب الكثير وعني بالحديث أتم عناية.
توفي في جمادى الآخرة وله أربعون سنة.
وابن الخشوعي أبو محمد عبد الله بن بركات بن إبراهيم الدمشقي.
سمع من يحيى الثقفي وابيه وعبد الرزاق النجار واجاز له السلفي وطائفة.
توفي في أواخر صفر.
والعماد عبد الحميد بن عبد الهادي بن يوسف المقدسي الجماعيلي الحنبلي
المؤدب.
سمع من وابن العجمي أبو طالب عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن عبد الرحمن
ابن الحسين الحلبي الشافعي.
روى عن يحيى الثقفي وابن طبرزد.
ودرس وافتى.
عذبه التتار على المال حتى هلك في الرابع والعشرين من صفر.
(3/290)
والملك المظفر سيف الدين قطز المعزي.
كان بطلًا شجاعًا دينًا مجاهدًا.
انكسرت التتار على يده واستعاد منهم الشام.
وكان أتابك الملك المنصور على ولد أستاذه فلما رآه لايغني شيئًا عزله
وقام في السلطنة.
وكان شابًا أشقر وافر اللحية ذكر أنه قال: أنا محمود بن ممدود ابن اخت
السلطان خوارزم شاه.
وأنه كان لتاجر في القصاعين بدمشق.
وقبره بالقصير من رمل مصر قد عفر أثره.
وكتبغا المغلي نوين مقدم التتار ونائب الشام لهولاوو.
قتله أقوش الشمسي في المصاف.
وكان عظيمًا عند التتار معتمدًا عليه لشجاعته ورأيه ودهائه وحزامنه
وخبرته بالحروب والحسارات كان هولاكو يتيمن برأيه ويحترمه.
وكان شيخًا مسنًا كافرًا يميل إلى النصارى.
والفقيه شيخ الإسلام أبو عبد اله محمد بن أبي الحسين أحمد بن عبد الله
بن عيسى اليونيني الحنبلي الحافظ.
ولد سنة اثنتين وسبعين وخمس مائة بيونين.
ولبس الخرقة من الشيخ عبد الله البطائحي عن الشيخ عبد القادر ورباه
الشيخ عبد الله اليونيني وتفقه على الشيخ الموفق وسمع من الخشوعي
وحنبل.
وكان يكرر على الجمع بين الصحيحين وكان يكرر على أكثر مسند أحمد.
ونال من الحرمة والتقدم ما لم ينله أحد.
وكانت الملوك تقبل يده.
وتقدم مداسه.
وكان إمامًا عالمًا علامة زاهدًا خاشعًا قانتًا لله عظيم الهيبة منور
الشيبة مليح الصورة حسن السمت والوقار توفي في تاسع عشر رمضان ببعلبك.
والأكال الشيخ محمد بن خليل الحوراني ثم الدمشقي.
عاش ثمانيًا وخمسين سنة.
وكان صالحًا خيرًا مؤثرًا لا يكاد يأكل لأحد شيئًا إلابأجرة.
(3/291)
وله في ذلك حكايات.
وابن الأبار الحافظ العلامة أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أبي بكر
القضاعي البلنسي الكاتب الأديب أحد أئمة الحديث.
قرأ القراءات وعني بالأثر وبرع في البلاغة والنظم والنثر.
وكان ذا جلالة ورئاسة.
قتله صاحب تونس ظلمًا في العشرين من المحرم وله ثلاث وستون سنة.
ومحمد بن عبد الهادي بن يوسف بن محمد بن قدامة أبو عبد الله المقدسي
الجماعيلي.
سمع من محمد بن حمزة بن أبي الصقر وعبد الرزاق النجار ويحيى الثقفي
وطائفة.
وكان آخر من روى بالإجازة عن شهدة.
وهو شيخ صالح متعفف تال لكتاب الله يؤم بمسجد ساوية من عمل نابلس ,
فاستشهد على يد التتار في جمادى الأولى وقد نيف على التسعين.
والملك الكامل ناصر الدين محمد ابن الملك المظفر شهاب الدين غازي ابن
العادل صاحب ميافارقين.
ملك سنة خمس وأربعين.
وكان عالمًا فاضلًا شجاعًا عادلًا محسنًا إلى الرعية ذا عبادة وورع.
ولم يكن في بيته من يضاهيه.
حاصرته التتار عشرين شهرًا حتى فني أهل البلد بالوباء والقحط ثم دخلوا
وأسروه.
فضرب هولاوو عنقه بعد أخذ حلب وطيف برأسه ثم علق على باب الفراديس ثم
دفنه المسلمون بمسجد الرأس داخل الباب.
بلغني أن التتار دخلوا البلد فوجدوا به سبعين نفسًا بعد ألوف كثيرة.
والضياء القزويني الصوفي أبو عبد الله محمد بن أبي القاسم بن محمد.
ولد سنة اثنتين وسبعين وخمس مائة.
بحلب.
وروى عن يحيى الثقفي.
توفي في ربيع الآخر.
(3/292)
وابن قوام الشيخ الزاهد الكبير أبو بكر بن
قوام بن علي بن قوام البالسي.
جد شيخنا أبي عبد الله محمد بن عمر.
كات زاهدًا عابدًا قدوة صاحب حال وكشف وكرامات.
وله رواية وأتباع.
ولد سنة أربع وثمانين وخمس مائة وتوفي في سلخ رجب سنة ثمان ببلاد حلب.
ثم نقل تابوته ودفن بجبل قاسيون في أول سنة سبعين.
وقبره ظاهر يزار.
وحسام الدين أبو علي بن محمد بن أبي علي الهذباني الكردي.
من كبار الدولة وأجلائها.
وكان له اختصاص زائد بالملك الصالح نجم الدين.
ناب في سلطنة دمشق له ثم في سلطنة مصر وحج سنة تسع وأربعين ثم أصابه في
آخر عمره صرع.
وتزايد به حتى مات.
ولد بحلب سنة اثنتين وتسعين وخمس مائة وله شعر جيد.
وأبو الكرم لاحق بن عبد المنعم بن قاسم الأنصاري الأرتاحي ثم المصري
الحنبلي اللبان.
سمع من عم جده أبي عبد الله الأرتاحي وتفرد بالإجازة من المبارك بن
الطباخ.
وكان صالحًا متعففًا.
روى عنه الزكي عبد العظيم مع تقدمه.
توفي بمصر في جمادى الآخرة.
سنة تسع وخمسين وست مائة
في المحرم اجتمع خلق من التتار نجوا من يوم عين جالوت والذين كانوا
بالجزيرة فأغاروا على حلب ثم ساقوا إلى حمص لما بلغهم مصرع الملك
المظفر فصادفوا على حمص حسام الدين الجوكندار والمنصور صاحب حماة
والأشرف صاحب حمص في ألف وأربع مائة والتتار في ستة ألاف.
فالتقوهم وحمل المسلمون حملة صادقة.
وكان النصر.
ووضعوا السيف في
(3/293)
الكفار قتلًا حتى أبادوا أكثرهم وهرب
مقدمهم بيدرا بأسوأ حال.
ولم يقتل من المسلمين سوى رجل واحد.
وأما دمشق فإن الحلبي دخل القلعة فنازله عسكر مصر وبرز إليهم وقاتلهم
ثم رد.
فلما كان في الليل هرب وقصد قلعة بعلبك وعصى بها.
فقدم علاء الدين قيبرسالوزيري وقبض على الحلبي من بعلبك.
وقيده.
فحبسه الملك الظاهر مدة طويلة.
وفي رجب بويع المستنصر بالله أحمد بن الظاهر محمد بن الناصر لدين الله
العباسي الأسود وفوض الأمر إلى الملك الظاهر بيبرس.
ثم قدما دمشق.
فعزل عن القضاء نجم الدين ابن سني الدولة بابن خلكان.
ثم سار المستنصر ليأخذ بغداد ويقيم بها.
وكان أقواش البرلو قد بايع بحلب الحاكم بأمر الله.
فلما قدم السلطان تسحب الحاكم ثم اجتمع بالمستنصر وبايعه.
وكان فيآخر العام مصاف بينه وبين التتار الذين بالعراق فعدم المستنصر
في الوقعة وانهزم الحاكم فنجا.
وفيها توفي الأرتاحي أبو العباس أحمد بن حامد بن أحمد بن حمد الأنصاري
المصري الحنبلي.
قرأ القراءات لى والده وسمع من جده لأمه أبي عبد الله الأرتاحي وابن
ياسين والبوصيري.
ولازم الحافظ عبد الغني فأكثر عنه.
توفي في رجب.
وإبراهيم بن سهل الإشبيلي اليهودي شاعر زمانه بالأندلس.
غرق في البحر.
(3/294)
والصفي بن مرزوق إبراهيم بن عبد الله بن
هبة الله العسقلاني الكاتب.
ولد سنة سيع وسبعين وخمس مائة وكان متمولًا وافر الحرمة وزر مرة وتوفي
بمصر في ذي القعدة.
والشرف حسن بن الحافظ أبي موسى عبد الله ابن الحافظ عبد الغني أبو محمد
المقدسي الحنبلي.
ولد سنة خمس وست مائة وسمع من الكندي ومن بعده وبرع في المذهب ودرس
بالجوزية مدة.
توفي في المحرم.
والباخرزي الإمام القدوة الحافظ العارف سيف الدين أبو المعالي سعيد ابن
المطهر صاحب الشيخ نجم الدين الكبري.
كان إمامًا في السنة رأسًا في التصوف روى عن نجم الدين أبي الجناب وعلي
بن محمد الموصلي وأبي رشيد الغزال.
وخرج أربعين حديثًا.
والشارعي العالم الواعظ جمال الدين عثمان بن مكي بن عثمان بن إسماعيل
السعدي الشافعي.
سمع الكثير من قاسم بن إبراهيم المقدسي والبوصيري وطبقتهما.
وكان صالحًا متعففًا مشهورًا جليلًا.
توفي في ربيع الآخر.
وصاحب صهيون مظفر الدين عثمان بن منكورس.
تملك صهيون بعد والده ثلاثًا وثلاثين سنة.
وكان حاومًا سائسًا مهيبًا.
عمر تسعين سنة.
ودفن بقلعة صهيون.
وتملك بعده ابنه سيف الدين محمد.
والملك الظاهر غازي شقيق السلطان الملك الناصر يوسف.
وأمهما تركية.
كان مليح الصورة شجاعًا جوادًا.
قتل مع أخيه بين يدي هولاكو.
(3/295)
وابن سيد الناس الخطيب الحافظ أبو بكر محمد
بن أحمد بن عبد الله ابن محمد اليعمري الإشبيلي.
ولد سنة سبع وتسعين وعني بالحديث فأكثر وحصل الأصول النفسية وختم به
معرفة الحديث بالمغرب.
توفي بتونس في رجب.
والصائن النعال أبو الحسن محمد بن الأنجب بن أبي عبد الله البغدادي
الصوفي ولد سنة خمس وسبعين وسمع من جده لأمه هبة الله بن رمضان وظاعن
الزبيري وأجاز له وفاء بن اليمني وابن شاتيل وطائفة.
وله مشيخة توفي في رجب.
والمتيجي محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن عيسى بن مغنين ضياء الدين
الإسكندراني الفقيه المالكي المحدث الرجل الصالح أحد من عنى بالحديث.
روى عن عبد الرحمن بن موقا فمن بعده وكتب الكثير.
توفي في جمادى الآخرة.
وابن درباس القاضي كمال الدين أبو حامد محمد ابن قاضي القضاة صدر الدين
عبد الملك الماراني المصري الشافعي الضرير.
ولد سنة ست وسبعين وخمس مائة فأجاز له السلفي وسمع من البوصيري والقاسم
بن عساكر.
ودرس وأفتى واشتغل وجالس الملوك.
توفي في شوال.
ومكي بن عبد الرزاق بن يحيى بن عمر بن كامل أبو الحرم الزبيدي المقدسي
ثم العقرباني. أجاز له عبد الرزاق النجار وسمع من الخشوعي وأبو أبيه
يحيى يعيش بعد مات في شوال
(3/296)
والملك الناصر صلاح الدين بن يوسف بن
العزيز محمد بن الظاهر غازي ابن السلطان صلاح الدين صاحب الشام.
ولد سنة سبع وعشرين وست مائة وسلطنوه بعد أبيه سنة أربع وثلاثين ودبر
المملكة شمس الدين لؤلؤ والأمر كله راجح إلى جدته الصاحبة صفية ابنة
العادل.
ولهذا سكت الملك الكامل لأنها أخته.
فلما ماتت سنة أربعين اشتد الناصر واشتغل عنه الكامل بعمه الصالح.
ثم فتح عسكره له حمص سنة ست وأربعين ثم سار هو وتملك دمشق بلا قتال سنة
ثمان وأربعين فوليها عشر سنين وفي سنة اثنتين وخمسين دخل بابنة السلطان
علاء الدين صاحب الروم وهي بنت خالة أبيه العزيز.
وكان حليمًا جوادًا موطأ الأكتاف حسن الأخلاق محببًا إلى الرعية فيه
عدل في الجملة وقلة جور وصفح.
وكان الناس معه في بلهنية من العيش لكن مع إدارة الخمر والفواحش وكان
للشعراء دولة بأيامه لأنه كان يقول الشعر ويجيز عليه.
ومجلسه مجلس ندماء وأدباء.
خدع وعمل عليه حتى وقع في قبضة التتار فذهبوا به إلى هلاوو فأكرمه فلما
بلغه كسرة جيشه على عين جالوت غضب وتنمر وأمر بقتله.
فتذلل له وقال: ماذنبي فأمسك عن قتله.
فلما بلغه كسرة بيدراعلى حمص استشاط غضبًا وأمر بقتله وقتل أخيه
الظاهر.
وقيل بل قتله في الخامس والعشرين من شوال عام ثمانية.
وكان شاباص أبيض مليحًا حسن الشكل بعينه قبل.
سنة ستين وست مئة
في أوائل رمضان أخذت التتار الموصل بخديعة بعد حصار أشهر وطمنوا الناس
وخربوا السور.
ثم بذلوا السيف تسعة أيام وأبقوا على صاحبها الملك الصالح إسماعيل بن
لولو أيامًا ثم قتلوه وقتلوا ولده علاء الدين.
(3/297)
وفيها وقع الخلف بين بركة صاحب دست القفجاق
وابن عمه هولاوو.
وفيها توفي أحمد بن عبد المحسن بن محمد الأنصاري أخو شيخ شيوخ حماة.
روى عن عبد الله ابن أبي المجد الحربي وغيره.
والمستنصر بالله أبو القاسم أحمد بن الظاهر بأمر الله محمد بن الناصر
لدين الله العباسي الأسود.
قدم مصر وعقد له مجلس فأثبتوا نسبه.
ثم بدأ الملك الظاهر بمبايعته ثم الأعيان على مراتبهم.
ولقب بلقب أخيه صاحب بغداد.
ثم صلى بالناس يوم الجمعة وخطب ثم ألبس السلطان خلعة بيده وطوقه وأمر
له بكتابة تقليد بالأمر.
وركب السلطان بتلك الخلعة الخليفة وزينت القاهرة وهوالثامن والثلاثون
من خلفاء بني العباس.
وكان جسيمًا شجاعًا عالي الهمة.
رتب له السلطان أتابك وأستاذ دار وحاجبًا وكاتب إنشاء وجعل له خزانة
ومائة فرس وثلاثين بغلًا وستين حملًا وعدة مماليك.
فلما قدم دمشق وسار إلى العراق وجد بهجانة الحاكم في سبع مائة نفس.
فاستماله وأنزله معه في دهليزه.
فتجمعت المغول بالعراق في نحو خمسة آلاف
ثم دخل المستنصر هيت في ذي الحجة في التاسع والعشرين ونهب من بها من
الذمة.
ثم التقى المسلمون والتتار في ثالث المحرم فانهزم التركمان والعرب
وأحاطت التتار بعسكر المستنصر.
فحرقوا وساقوا على حمية.
فنجا طائفة منهم الحاكم.
وقتل المستنصر.
وأضمرته البلاد.
وقيل إنه قتل ثلاثة من التتار ثم تكاثروا عليه فاستشهد.
والعز الضرير الفيلسوف الرافضي حسن بن محمد بن أحمد بن نجا الإربلي.
كان بصيرًا بالعربية رأسًا في العقليات.
كان يقرىء المسلمين والذمة بمنزله.
وله حرمة وهيبة مع فساد عقيدته وتركه للصلاة ووساخة هيئته.
مات في
(3/298)
ربيع الآخر عن أربع وسبعين سنة بدمشق.
وعز الدين شيخ الإسلام أبو محمد عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي
القاسم السلمي الدمشقي الشافعي.
ولد سنة ثمان وسبعين وحضر أحمد بن حمزة ابن الموازيني وسمع من عبد
اللطيف بن أبي سعد والقاسم بن عساكر.
وبرع في الفقه والأصول والعربية ودرس وأفتى وصنف وبلغ رتبة الإجتهاد.
وانتهت إليه رئاسة المذهب مع الزهد والورع والأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر والصلابة في الدين.
قال قطب الدين: كان مع شدته فيه حسن محاضرة بالنوادر والأشعار.
يحضر السماع ويرقص.
مات في عاشر جمادى الأولى وشيعه الملك الظاهر.
والتاج عبد الوهاب بن زين الأمناء أبي البركات الحسن بن محمد الدمشقي
بن عساكر.
سمع الكثير من الخشوعي وطبقته.
وولي مشيخة النورية بعد والده.
وحج وزار ولده أمين الدين عبد الصمد وجاور قليلًا.
ثم توفي في حادي عشر جمادى الأولى بمكة.
ونقيب الأشراف بهاء الدين أبو الحسن علي بن محمد بن إبراهيم بن محمد
الحسيني بن أبي الجن.
سمع حضورًا وله أربع سنين من يحيى الثقفي وابن صدقة.
توفي في رجب.
(3/299)
وابن العديم الصاحب العلامة كمال الدين أبو
القاسم عمر بن أحمد بن هبة الله بن أبي جرادة العقيلي الحلبي.
من بيت القضاء والحشمة.
ولد سنة بضع وثمانين وخمس مائة وسمع من ابن طبرزد وبدمشق من الكندي
وببغداد والقدس والنواحي.
وأجاز له المؤيد وخلق.
وكان قليل المثل عديم النظير فضلًا ونبلًا ورأيًا وحزمًا وذكاء وبهاء
وكتابة وبلاغة.
ودرس وأفتى وصنف.
وجمع تاريخًا لحلب في نحو ثلاثين مجلدًا.
وولي خمسة من آبائه على نسق القضاء.
وقد ناب في سلطنة دمشق وعلم عن الملك الناصر.
توفي بمصر في العشرين من جمادى الأولى.
والضياء عيسى بن سليمان بن رمضان أبو الروح التغلبي المصري القرافي
الشافعي.
آخر من روى صحيح البخاري عن منجب المرشدي مولى مرشد المديني.
توفي في رمضان عن تسعين سنة.
والشمس الصقلي أبو عبد الله محمد بن سليمان أبو الفضل الدمشقي الدلال
في الأملاك.
سمع من ابن صدقة الحراني وإسماعيل الجنزوري وأبي الفتح المندائي.
وقرأ الختمة على أبي الجود.
ولد سنة ثلاث وسبعين وتوفي في أواخر صفر.
وابن عرق الموت أبو بكر محمد بن فتوح بن خلوف بن يخلف ابن مصال
الهمذاني الإسكندراني.
سمع من التاج المسعودي وابن موقا وأجازه أبو سعد بن أبي عصرون والكبار.
وتفرد عن جماعة.
توفي في جمادى الأولى.
(3/300)
وابن زبلاق الشاعر المشهور الأجل محيي الدين يوسف بن يوسف بن يوسف بن
سلامة الموصلي العباسي الكاتب.
قتله التتار بالموصل في آخر شعبان.
وأبو بكر بن علي بن مكارم بن فتيان الأنصاري المصري.
روى عن البوصيري وجماعة وتوفي في المحرم. |