العبر في خبر من غبر، من سنة 751 إلى 760
سنة إحدى وخمسين
وسبعمائة
فيها مات الشيخ الإمام العلامة ذو الفنون شمس الدين أبو عبد الله محمد
بن أبي بكر بن أيوب الزرعي الدمشقي الحنبلي المشهور بابن قيم الجوزية.
تفقه بشيخ الإسلام تقي الدين بن تيمية، وكان من عيون أصحابه. وأفتى،
ودرس، وناظر، وصنف، وأفاد. وحدث عن شيخه التعبير، وغيره. ومصنفاته
سائرة مشهورة، توفي في رجب.
ومات شيخنا العلم المسند سليمان بن عسكر الخواصي ثم الدمشقي المؤذن.
حدث عن عمر بن القواس، والشرف بن عساكر، وجماعة. حج كثيراً
(4/155)
بوظيفة أذان الركب. وكان ينشد في التهاني
والتعازي بما يناسب ذلك. وقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام
سنة خمس وخمسين وشيخنا هذا واقف بين يديه يقرأ: " وما محمدٌ إلا رسول
قد خلت من قبله الرسل ".
ومات القاضي تقي الدين عبد الله ابن العلامة أقضى القضاة زين الدين ابن
المرحل الشافعي. درس بالعذراوية بعد أبيه وخطب بالشامية. توفي بحلب.
ومات بأطرابلس الرئيس الكبير النبيل فخر الدين بن الحريري ناظر الجيش
بها.
ومات بدمشق في شعبان شيخنا الإمام الثقة الكبير المعمر شمس الدين أبو
المظفر يوسف بن يحيى بن عبد الرحمن بن نجم بن الحنبلي الشيرازي الأصل
الصالحي الحنبلي. حدث عن أبيه، والشيخ شمس الدين، وطائفة. ودرس بمدرسة
الصاحبة بالجبل، ولد سنة خمس وستين. وكان عبداً صالحاً.
ومات بدمشق الإمام العلامة مفتي الشام فخر الدين محمد بن علي المصري
الأصل الدمشقي الشافعي، كهلاً، حدث عن ابن الجرائدي، وبنت شكر وجماعة.
وناب في الحكم عن القاضي جلال
(4/156)
الدين القزويني. وأفتى ودرس بالرواحية
والدولعية وغيرهما. وكان يلقي دروساً حافلة، ويورد في دروسه من
الأحاديث الطوال حفظاً سرداً من غير توقف. وكان كثير التلاوة، مغتراً
بالتجارة رحمه الله.
سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة
اتفق المصريون على خلع السلطان الملك الناصر حسن، فخلعوه في رجب.
وأقاموا أخاه الملك الصالح صالح. وكان الناصر حسن قد أقام الأمير سيف
الدين منجك وزيراً، وبيبغاروس نائباً بالقاهرة، ومغلطاي البوري رأس
نوبة. وكان إليهم الحل والعقد، فلما حج بيبغا في العام الماضي توهم
الأمراء أنه حج لأمر يريده، فأردفوه بالأمير طاز، فلما قضوا أمر الحج
قبض طاز على بيبغا واحتفظ عليه، فقدم به، وبالملك المجاهد صاحب اليمن،
وبرميثة صاحب مكة، وبطفيل صاحب المدينة، فهؤلاء أربعة ملوك قدم بهم طاز
حتى وطئوا بساط السلطان الملك الناصر، فأنعم على صاحب اليمن ومن معه،
وعظم أمر طاز عند الأمراء، فأرادوا إنشاء دولة من جهتهم، فخلعوا الناصر
واعتقلوه فكانت دولته نحواً من ثلاث سنين وتسعة أشهر، وسلطنوا الملك
الصالح، وقام بتدبير الملك: شيخو، وطاز، وصرغتمش، ولم يكن بهم بأس،
فاعتقلوا الوزير منجك، ومغلطاي رأس نوبة، وعزلوا أيتمش من نيابة دمشق
في آخر رجب وأحضروه إلى مصر، وأخرجوا بيبغاروس من القاهرة على نيابة
حلب في أوائل شعبان.
وولي أرغون الكاملي نيابة دمشق فدخلها من حلب في حادي عشر رمضان.
وفيها مات شيخنا الزاهد عماد الدين أحمد بن عبد الهادي المقدسي الحنبلي
والد الحافظ شمس الدين. ثنا عن الشيخ، والفخر.
(4/157)
ومات المولى الصاحب الأثير علاء الدين علي
بن الحراني بالقدس في رمضان، ولي نظر الشام مرات، وكان عفيفاً، ديناً،
متصوناً، مطرح التكلف. انقطع بأخرة بالقدس والرملة حتى مات، رحمه الله.
ومات شيخنا الإمام العلامة قاضي القضاة، ناصر الدين أبو عبد الله محمد
بن قاضي القضاة كمال الدين عمر بن قاضي القضاة عز الدين عبد العزيز
العقيلي الحلبي الحنفي المعروف بابن العديم. ولد سنة تسع وثمانين. وحدث
عن الأبرقوهي. وولي قضاء حلب بعد أبيه. توفي بحلب في شعبان.
وفي غرة ذي الحجة
مات شيخنا الأمير السيد الشريف علاء الدين علي بن الخطيب شرف الدين
أحمد بن محمد بن علي العباسي، أحد أمراء العشرات بدمشق. ولد بشيزر إذ
كان أبوه خطيبها، في سنة إحدى وثمانين، وأحضر على شامية بنت البكري، ثم
قدم دمشق، وولي القدس، ثم استادارية تنكز نائب الشام. ثم ولي شاد
الأوقاف وكان شكلاً حسناً، مهيباً، خليقاً للإمارة. حدثنا عن شامية.
وماتت أخته الشريفة ست الفقهاء بعده بثمانية أيام. روت عن شامية أيضاً.
ومات المقرىء المجيد شمس الدين محمد بن شيخنا سعيد بن فلاح بن أبي
الوحش النابلسي الأصل، الدمشقي، رئيس المؤذنين بالجامع الأموي. توفي
بدرب الحجاج، وصار قبره منزلة للحاج معروفة.
ومات شيخنا المعمر الثقة أبو سليمان داوود ابن إبراهيم بن داوود بن
العطار الدمشقي الشافعي. ولد في شوال سنة خمس وستين،
(4/158)
وتفقه، وجود الخط، وحدث عن الشيخ شمس
الدين، وابن أبي الخير، وابن علان، وطائفة. وأجاز له شيخ الإسلام محيي
الدين النووي، وابن عبد الدايم، وابن أبي اليسر، وآخرون. ولي مشيخة
القليجية بعد أخيه الشيخ علاء الدين، توفي في جمادى الآخرة.
سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة
وفي رجب
خرج بيبغاروس من حلب إلى دمشق ومعه نائب طرابلس، ونائب حماة، ونائب
الرحبة، واجتمع معهم طوائف التركمان، وغيرهم، فنزلوا ظاهر دمشق بميدان
الحصا، ومعهم نائب صفد الأمير أحمد مشد الشربخاناه، فغلقت أبواب البلد
دونهم. وكان نائب الشام أرغون الكاملي، لما بلغه أن بيبغا نائب حلب قد
حشد وجمع وعزم على القدوم إلى دمشق، نادى في الناس بالاحتراز على
أنفسهم وأموالهم، وحصن أهله وأولاده بالقلعة، وخرج بالعسكر حتى نزلوا
بالرملة، وغالبهم ليس معه زاد. فلما قدم بيبغا دمشق بمن معه فتح حواصل
نائب الشام أرغون من الغلال وغيرها واستخدم في الجهات السلطانية، وعاث
من معه في أرض الغوطة بالنهب والفسق، فلما تحققوا خروج السلطان
بالعساكر من أجلهم كروا راجعين إلى جهة حلب، وقدم السلطان الملك
الصالح، والخليفة المعتضد، والوزير العلم بن زنبور، وعسكر مصر والشام
من الرملة إلى دمشق، فدخلوها في أواخر شعبان، ومضى الأمير سيف الدين
شيخو وجماعةٌ من الأمراء إلى حلب، فأحضروا النواب الذين كانوا مع بيبغا
إلى دمشق، فقتلوا صبراً، وتغيب بيبغا فلم يقدر عليه، واستكمل المصريون
صيام شهر رمضان بدمشق، وخرجوا في ثالث شوال إلى القاهرة.
(4/159)
وفي هذا العام مات الخليفة أمير المؤمنين
الحاكم بأمر الله أبو العباس أحمد بن المستكفي بالله أبي الربيع سليمان
بن الحاكم بأمر الله أبي العباس أحمد بن أبي علي بن علي بن المسترشد
بالله العباسي. توفي بالقاهرة، وبويع لأخيه المعتضد بالله أبي الفتح
أبي بكر بعهد من أخيه.
وفيه مات جماعة بالطاعون بالشام وغيرها.
ومات الشيخ الزاهد أبو سلطان بالمزة. كان فقيراً حسناً، صاحب حال وكشف،
وله أتباع ومريدون.
ومات بدمشق القاضي الرئيس النبيل شهاب الدين يحيى بن إسماعيل بن
القيسراني الخالدي المخزومي، من بيت الحديث والرواية. ولي كتابة السر
بدمشق في الدولة الناصرية.
ومات الإمام العالم بهاء الدين أبو عبد الله محمد بن علي بن سعيد
الأنصاري الدمشقي الشافعي المعروف بابن إمام المشهد. تفقه، وبرع، وطلب
الحديث بنفسه، وأسمع أولاده. وحدث عن السخاوي وغيره. ودرس بالأمينية
قديماً، وبغيرها. وأفتى وناظر، وولي حسبة دمشق، وخطب بجامع التوبة.
وتوفي بدمشق في رمضان كهلاً.
ومات في شوال القاضي شمس الدين محمد بن سليمان بن أحمد القفصي نائب
الحكم المالكي. وولي بعده شهاب الدين أحمد بن البيع الإسكندراني.
وفي ذي الحجة
مات شيخنا المعمر شهاب الدين أحمد بن المحدث عماد الدين إبراهيم بن
(4/160)
الكيال الحنفي الكاتب، عن سن عالية. حدث عن
الشيخ، والفخر.
وفي هذا الشهر قدم الأمير علاء الدين المارداني من القاهرة إلى دمشق
على نيابتها عوضاً عن أرغون الكاملي، فدخلها في حاشية. واستقر أرغون
على نيابة حلب.
سنة أربع وخمسين وسبعمائة
وفي المحرم
توجه الأمير عز الدين طقطاي الدوادار إلى حلب، فأخذ أرغون نائبها
وساروا نحو بيبغاروس إلى أرض الروم فأمكنهم الله منه، فأمسكوه ورجعوا
به إلى حلب، واحتمل رأسه إلى القاهرة، وأراح الله العباد منه.
وفي ربيع الآخر
مات الأمير الكبير المعمر سيف الدين ألجي بغا العادلي، توفي بدمشق.
ومات الأمير الكبير أتابك الجيوش بدر الدين مسعود بن الأمير أوحد ابن
مسعود بن خطير، أحد أمراء الألوف بدمشق. ولد سنة ثلاث وثمانين. وحدث عن
الحافظ تقي الدين بن دقيق العيد بأربعينه، وولي حجوبية مصر، ثم نقل إلى
دمشق، وولي نيابة طرابلس غير مرة. توفي بدمشق في سابع شوال، وخلف عدة
أولاد أمراء.
ومات الشيخ المسند المعمر مسند الدنيا، صدر الدين أبو الفتح محمد ابن
محمد بن إبراهيم بن أبي القاسم الميدومي المصري، خاتمة أصحاب النجيب
عبد اللطيف
(4/161)
توفي في القاهرة عن تسعين سنة. خرجت له
جزءاً من عواليه، حدث به غير مرة.
ومات الوزير الصاحب الأمير علم الدين عبد الله بن زنبور القبطي. وكان
قبض عليه في ذي القعدة من العام الماضي عند وصول السلطان إلى القاهرة،
فصودر حتى هلك في هذا العام، واستصفيت حواصله. ووزر بعده الصاحب موفق
الدين عبد الله القبطي وكان خيراً ممن تقدمه.
سنة خمس وخمسين وسبعمائة
وفي شهر رجب
ألزمت الذمية بالعهد العمري، وأن تلبس نساؤهم الأزر الملونة، وأن لا
يستخدموا. فأسلم منهم طائفة طوعاً وكرهاً. وممن أسلم من المعروفين؛ علم
الدين داوود الإسرائيلي كاتب الجيش، والرشيد بن حباشة الكركي المستوفي،
والمعلم رزق الله صاحب الديوان.
وفي شوال
خلع السلطان الملك الصالح، فكانت دولته نحو ثلاث سنين، وثلاثة أشهر.
وأعيد الملك الناصر حسن؛ وذلك أن الصالح كان يحب الأمير طاز ويقدمه في
المشورة، فلما طلع طاز إلى الصيد اغتنموا غيبته ووثبوا على الصالح
فأخذوا سيفه وأخرجوا الناصر فأجلسوه على الكرسي، وحلفوا له. واعتقلوا
الصالح مكانه فلما بلغ طاز الخبر حضر إلى القاهرة فرأى الأمور قد تغيرت
فرسم له الناصر بنيابة حلب، فخرج بأهله وحواصله بعد فتنة جرت بينهم،
فقدم إلى دمشق مجتازاً إلى حلب في شوال، وطلب الأمير سيف الدين أرغون
الكاملي نائب حلب إلى القاهرة، فاجتاز بدمشق في غرة ذي القعدة ومضى
فاعتقل بالإسكندرية.
(4/162)
وولي الوزير منجك نيابة طرابلس فدخلها في
شوال.
وكان قدم من طرابلس إلى دمشق الأمير علاء الدين مغلطاي النوري، رأس
نوبة فمات في اليوم الثالث.
ومات بعده بثمانية أيام بأطرابلس نائبها الذي كان نائب دمشق الأمير سيف
الدين أيتمش الناصري.
وفي جمادى الأولى
ضربت عنق الشيخ الضال حسين بن عبد الله الحلي بدمشق، وأحرق لسبه
الصحابة وإعلانه بلعن الشيخين، وشهادته أنهما ظلما أهل البيت حقهم.
وفي شعبان
وسط بأطرابلس ناظر الجيش بها كريم الدين عبد الله القبطي، لما تكرر منه
من الأفاظ المؤدية إلى الانحلال والتلاعب بدين الإسلام ثم أحرق.
وفي ربيع الآخر
مات الوزير موفق الدين عبد الله بن سعيد الدولة القبطي بالقاهرة.
ومات بطيبة المشرفة القاضي شمس الدين محمد بن محمد بن محمد بن أبي
القاسم بن محمد بن فرحون.
وفي ثاني رمضان
مات بدمشق القاضي الإمام جمال الدين أبو الطيب الحسين بن شيخ
(4/163)
الإسلام قاضي القضاة تقي الدين أبي الحسن
علي بن عبد الكافي السبكي الشافعي، ولد سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة
بالقاهرة، وسمع من يونس الدبابيسي وجماعة. وقدم دمشق مع والده، فناب
عنه في الحكم، ودرس، وأفتى، وناظر، وكان من قضاة العدل رحمه الله.
ومات في ذي القعدة القاضي جمال الدين إبراهيم بن محمد بن يوسف الحسباني
الشافعي، نائب الحكم، عن نيف وثمانين سنة. وأمّ بالناس عليه نائب دمشق
الأمير علاء الدين المارداني.
ومات الصدر شرف الدين سليمان بن حسن بن أحمد بن عمرون البعلي ثم
الدمشقي، عن نحو ثمانين سنة. ولد بحماة وسمع أبا الحسين اليونيني
وغيره. وولي نظر طرابلس وغيره، وبعلبك وعدة قلاع، ثم انقطع إلى
الشهادة، ثم اختلط في أوائل سنة أربع وخمسين. ومات في آخر جمادى الآخرة
من هذا العام.
وفي هذا الشهر وقع شيخنا غازي بن عثمان بن غازي المادح من طاقة فمات.
له نظم حسن، وحدث عن الشهاب القرافي.
ومات بعده بيوم شيخنا سابق الدين عثمان بن علي بن بشارة الشبلي الحنفي
عن ثلاث وثمانين سنة. حدث عن ابن البخاري وغيره، وولي نظر خانقاه
الشبلية. توفي في ثامن عشرين جمادى الآخرة.
ومات بالصالحية خطيبها البليغ نجم الدين أبو العباس أحمد بن قاضي
(4/164)
القضاة عز الدين محمد بن قاضي القضاة تقي
الدين سليمان بن حمزة المقدسي. سمع جده وكان من فرسان المنابر. توفي في
رجب عن بضع وأربعين سنة، وقل من رأينا مثله في سمته.
ومات القاضي الإمام العالم المعمر شهاب الدين أبو العباس أحمد بن عبد
الرحمن بن عبد الله الظاهري الدمشقي الشافعي في عشر الثمانين. تفقه،
وأفتى، ودرس، وحكم بالركب غير مرة. وحدث عن الشرف بن عساكر، وجماعة.
وحج بضعاً وثلاثين حجة. وشد الرحل غعلى المسجد الأقصى نحو ستين كرة.
حدث عنه البرزالي، والذهبي. وتوفي في شعبان.
ومات الإمام العلامة ذو الفنون فخر الدين أبو طالب أحمد بن علي ابن
أحمد الهمداني الكوفي، ثم الدمشقي الحنفي، المعروف بابن الفصيح. ولد
بالكوفة سنة ثمان وستمائة. وسمع من الدواليبي وغيره. وتفقه وبرع. ثم
قدم دمشق ودرس بالريحانية، وأفتى وناظر، وظهرت فضائله، وله النظم
ةوالنثر والمصنفات المفيدة. وكان رفيقي بالحج عام خمسين. وتوفي في
شعبان من ذا العام، رحمه الله.
ومات بمصر المعمر تاج الدين فخر الذوات محمد ابن الزكي أبي بكر بن أبي
البركات النعماني عن بضع وثمانين سنة. حدث عن العز الحراني وشامية
وجماعة. وأجاز له يحيى بن الصيرفي، والشيخ محيي الدين النووي، وطائفة.
توي في رمضان.
ومات المعمر مسعود بن عبد الرحمن بن صالح الجعبري عن نحو تسعين سنة.
لبس الخرقة من الشيخ قطب الدين بن القسطلاني. وتوفي ببئر طي من الجيزة.
(4/165)
ومات بمكة عالمها الإمام شهاب الدين أحمد
بن قاسم الحرازي. ولد سنة خمس وسبعين وسمع من الرضي الطبري، والتوزري،
وجماعة باعتنائه. توفي في شوال.
ومات بالقاهرة الإمام قطب الدين أبو بكر بن عامر بن شيخ الإسلام تقي
الدين بن دقيق العيد. حدث عن جده، وابن الصواف، وجماعة. وولي قضاء
المحلة. ودرس بالمسرورية. وتوفي في صفر.
ومات بدمشق القاضي الئيس الصدر النبيل شهاب الدين أبو العباس أحمد بن
عبد الله بن أحمد بن إبراهيم بن المسلم بن البارزي الحموي الشافعي،
ناظر الأوقاف بدمشق، ولد في شوال سنة أربع وسبعين وستمائة، وتوفي في
شوال من ذا العام. حدث بالغيلانيات عن غازي الحلاوي. وكان فيه تودد،
وسكون، وديانة متينة، رحمه الله.
ومات بالصالحية الشيخ الصالح المعمر القدوة علاء الدين علي بن محمد بن
إبراهيم الأرموي. حدث عن الفخر بن البخاري. وتوفي في شوال، ودفن بزاوية
جده.
ومات بصفد المقرىء الصالح الخير شمس الدين محمد بن عمر بن أبي بكر
الخابوري الأصل الدمشقي، الصالحي، الكاتب. ولد بدمشق في سنة خمس
وسبعين، وسمع ابن البخاري، وابن الواسطي، وجماعة. ونسخ عدة كتب ووقفها،
ثم نزل صفد ومات بها رحمه الله.
وفي شوال
صرف المولى الصاحب تاج الدين أحمد بن عبد الله أبو الفضائل ابن المولى
الصاحب الوزير أمين الملك أبي سعيد القبطي من نظر الجيوش بالقاهرة،
(4/166)
وصودر وضرب حتى هلك، وكان ولي نظر الشام.
وعنده عقل، وسكون، وعفة.
وفي هذا العام قصد عرب البحرين التغلب على البصرة، فالتقاهم عسكرها
المغل فعجزوا عنهم، فأمدهم صاحب بغداد الشيخ حسن الكبير بالأمير فواز
بن مهنا، فالتقاهم وهزمهم وأسر منهم طائفة من الرجال والنساء، بعد أن
قتل من الفريقين عدد كثير ثم منّ عليهم فواز وأطلق النساء.
سنة ست وخمسين وسبعمائة
استهلت وسطان الإسلام الملك الناصر حسن بن محمد بن قلاوون. وخليفة
الوقت المعتضد بالله بن المستكفي العباسي.
وفي هذا العام أخذ الفرنج أطرابلس المغرب يوم الجمعة غدراً، وهو أنهم
دخلوا البلد قبل ذلك بهيئة التجار، فلما اطمأن بهم الوقت خرجوا على
الناس يوم الجمعة وبذلوا السيف فقتلوا وأسروا، ثم استنقذها المسلمون
بعد ذلك ولله الحمد.
وفي ربيع الآخر
أمطرت السماء برداً شظايا بأرض الروم، أهلكت نحو مائة وخمسين قرية،
فجعلتها حصيداً. وكان وزن الواحدة من ذلك نحو رطل وثلث بالحلبي، وذلك
في نيسان. وفيها جاء الجراد إلى الشام فأهلك جملة من الأشجار وغيرها.
وفي صفر
ولي الإمام نور الدين علي بن عبد البصير بن علي
(4/167)
السخاوي قضاء المالكية بالقاهرة. ومات في
جمادى الأولى، فكانت ولايته ثلاثة أشهر.
وفي أواخر شهر ربيع الأول
ولي قضاء الشافعية بدمشق الإمام العلامة قاضي القضاة تاج الدين أبو نصر
عبد الوهاب السبكي، عوضاً عن والده شيخ الإسلام تقي الدين أبي الحسن
علي.
ثم توجه شيخنا قاضي القضاة تقي الدين علي بن عبد الكافي بن علي المذكور
إلى القاهرة بعد أيام، ومات بها في ثالث جمادى الآخرة، ودفن هناك عن
ثلاث وسبعين سنة. وقد حدث عن الحافظ شرف الدين الدمياطي، ويحيى بن
الصواف، وابن الموازيني، وابن المشرف، وخلق، وعني بالحديث أتم عناية،
وكتب بخطه المليح الصحيح شيئاً كثيراً في سائر علوم الإسلام، وهو ممن
طبق الممالك ذكره، وسارت بتصانيفه وفتاويه الركبان في أقطار البلدان،
وكان ممن جمع فنون العلم من الفقه، والأدب، والنحو، واللغة، والزهد،
والورع، والعبادة، وكثرة التلاوة، والشجاعة، والشدة في البدن واطراح
التكلف. وكان رأساً في كل علم. ولي قضاء الشام سنة تسع وثلاثين
وسبعمائة. وخطب بالجامع الأموي في سنة اثنتين وأربعين. وتخرج به أئمة،
وحمل عنه أممٌ، ولم يخلف بعده مثله رحمه الله.
ومات ببعلبك المعمر شجاع الدين عبد الرحمن بن علي بن إبراهيم خادم
الشيخ الفقيه اليونيني. حدث عن ابن البخاري، وابن علان، وطائفة. ولد
سنة ست وستين، ومات في سادس عشر ربيع الآخر.
ومات بدمشق العدل بدر الدين محمد بن محمد بن عبد الغني ابن قاضي حران
الحنبلي المعروف بابن البطايني، عن ثمانٍ وسبعين سنة. حدث عن ابن
(4/168)
شيبان، وغيره. وولي قضاء الركب، والعقود،
توفي في رجب.
ومات بالقدس الشيخ الصالح العارف شرف الدين محمد بن حجاج الكاشغري
المعروف بالجيتي حدث عن شيخ الشيوخ صدر الدين بن حمويه، وغيره.
ومات مسند الشام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن الخباز.
خاتمة أصحاب ابن عبد الدايم، وابن أبي اليسر، وابن عبد، وغيرهم. وهو
ابن سبعين سنة.
ومات بحلب قاضي المالكية بها، زين الدين أبو حفض عمر بن سعيد ابن يحيى
التلمساني المالكي. وكان جهولاً.
ومات الشاعر المفلق شمس الدين محمد بن يوسف الخياط المعروف بالضفدع، عن
ثلاث وستين سنة. حج هذا العام وهجا الحجاج بعد عوده كعوايده، فحلقوا
لحيته وعزروه، فتعلل أيام. ومات بمعان في أوائل المحرم. أخذ صناعة
الأدب عن الشهاب محمود.
ومات بالقدس الإمام الأديب الموقع تاج الدين محمد بن محمد بن عبد
المنعم بن البرنباري.
ومات يوم عرفة شيخنا التاجر الصالح عبد المؤمن ابن الوزير. حدثنا عن ست
الوزراء. وحج ثلاثاً وثلاثين حجة رحمه الله.
ومات في هذا العام خلق من الأمراء، منهم: المعمر نغيه الجمدار الناصري،
وقردم، وملك آص، وسيفاه، وابن طبال، وقجا البريدي، ووالي
(4/169)
الولاة ناصر الدين محمد بن داوود ابن
الزيبق.
ومات بالقاهرة الصدر زين الدين الخضر بن محمد بن الخضر الشافعي الموقع،
كهلاً، حدث عن الشريف عز الدين وغيره.
ومات بمصر المعمر صدر الدين محمد بن أحمد بن أبي الربيع سليمان
الدلاصي. حدث عن ابن خطيب المزة، وجاوز الثمانين.
ومات بدمشق القاضي شهاب الدين أحمد بن سيدهم بن البيع المالكي. سمع
بالإسكندرية من محيي الدين بن جماعة، وناب في الحكم بدمشق عن قاضي
القضاة جمال الدين المسلاتي، وحكم بعده نيابة الإمام فخر الدين الزواوي
شيخنا.
ومات بالقاهرة المسند ناصر الدين محمد بن إسماعيل بن عبد العزيز بن
عيسى بن أبي بكر بن أيوب الصوفي المعروف بابن ملوك، عن نحو ثمانين سنة.
حدث عن العز الحراني، وابن الأنماطي، وابن خطيب المزة، وغازي، وطائفة،
وتفرد.
ومات العلامة شهاب الدين أحمد بن يوسف بن عبد الدايم الحلبي، عرف بابن
السمين، سمع بأخرة من يونس الدبوسي، وقرأ على ابن الصايغ. وعمل تفسير
القرآن في عشرين سفراً، والإعراب وله شروح على كتب أخر، توفي بالقاهرة
في شعبان.
(4/170)
سنة سبع وخمسين
وسبعمائة
وفي رابع ربيع الآخر
هبت ريح من جهة الغرب، وامتدت من مصر إلى الشام في يوم وليلة، فغرق
ببولاق نحو ثلاثمائة مركب واقتلعت من النخيل والجميز ببلاد مصر وبلبيس
وغيرها شيئاً كثيراً، فكانت آية.
وفيها أفرج عن الأمير سيف الدين أرغون الكاملي من الإسكندرية، وأقام
بالقدس.
وفيها احترقت القيسارية خراج باب الفرج وما حولها من الحوانيت فكانت
جملة الحوانيت المحترقة نحو سبعمائة حانوت سوى البيوت، وعدم الناس فيها
ما لا يحصى.
وفيها احترق سوق الصالحية عن آخره.
وفيها غارت الفرنج ومن تبعهم من المسلمين العجز المتحربين في السواحل،
واستباحوا بلد صيدا، وآياس، وغير ذلك من البلاد الساحلية.
ومات بدمشق في شوال المعمر ناصر الدين محمد بن محمد بن أبي القاسم شاهد
القيمة المعروف بابن الدجاجية ثنا عن الأبرقوهي.
ومات بحلب قاضيها الفقيه نجم الدين محمد بن عثمان بن أحمد بن عمرو
الزرعي الشافعي ابن شمرنوح.
ومات بالقاهرة العدل الكبير شهاب الدين أحمد بن الحسن بن الفرات
الشروطي. حدث عن الدمياطي، والرضي الطبري، وطائفة.
ومات الإمام كمال الدين أحمد ابن العلامة عز الدين عمر بن أحمد بن
(4/171)
مهدي النشائي خطيب الجامع الخطيري ومدرسه.
حدث عن الدمياطي وغيره. وطلب الحديث بنفسه، وكتب الطباق، وصنف، وأفاد.
ومات بدمشق صفي الدين أحمد بن قاضي القضاة شمس الدين محمد بن عثمان ابن
الحريري الحنفي مدرس الصادرية. وكان مغفلاً يحكى عنه نوادر رحمه الله.
ومات ببغداد حاكمها وسلطانها الشيخ حسن بن آقبغا الكبير ابن القآن أبي
سعيد بن خربندا بن أرغون بن آبغا بن هولاكو المغلي. وكانت دولته نحواً
من عشرين سنة كأبيه. وكان أحد أئمة العدل. وولي بعده ابنه أويس.
ومات الأمير فواز بن الملك مهنا الطائي أحد الشجعان.
ومات بدمشق الأمير الكبير بدر الدين بكتاش المنكورسي الظاهري نائب
بعلبك، كان، عن سن عالية.
ومات بالقاهرة شيخنا السيد الشريف شرف الدين أبو الحسن علي بن الحسن بن
علي بن الحسين الحسيني الأرموي ثم المصري الشافعي، نقيب العلويين،
ووكيل بيت المال، وقاضي العساكر. حدث عن ست الوزراء، ودرس بمشهد
الحسين، وكان من سروات الناس، رحمه الله.
ومات بدمشق المعمر الصالح الثقة عز الدين أبو الفضل محمد بن
(4/172)
إسماعيل بن عمر بن الحموي الدمشقي، عن سبع
وسبعين سنة. حدث بالمسند، والصحيحين، والسنن الكبير للبيهقي، مسند
الطيالسي، ومسند الحميدي. وشيئاً كثيراً، وتفرد. توفي في جمادى الآخرة.
ومات في رجب الشيخ الرئيس يوسف بن الديان عبد السيد بن المهذب
الإسرائيلي المتطبب. سمع في يهوديته من الشمس ابن مؤمن، وثنا عنه في
الإسلام.
ومات الإمام العالم أقضى القضاة فخر الدين محمد بن مسعود بن سليمان بن
سومر الزواوي المالكي. حدث عن ست الوزراء، وكان من قضاة العدل. توفي في
ذي الحجة، وناب بعده صاحبنا القاضي أمين الدين أبو حيان.
ومات في شهريذ المعمر سيف الدين أبو بكر بن رمضان الشروطي عن سن عالية.
حدث عن ابن النشبي وابن علان، وهو خاتمة أصحاب الخشوعي، يعنى بالسماع.
ومات المعمر الفاضل محيي الدين يحيى بن علي بن مجلى الحنفي، المعروف
بابن الحداد، خاتمة أصحاب الشيخ محيي الدين النووي. ثنا عن ابن
البخاري.
ومات بالصالحية شيخنا التقي عبد الله بن أحمد بن عبد الرحمن ابن الناصح
الحنبلي، والد المفتي شمس الدين بن الناصح. حدثنا عن الفخر أيضاً.
(4/173)
سنة ثمان وخمسين
وسبعمائة
وفي شعبان
وثب بعض الجند على الأمير سيف الدين شيخون الناصري فضربه بوجهه بحضرة
السلطان والأمراء بالقصر، وحصل بذلك خبطة، وكادت تثور فتن، فحمل إلى
منزله مجروحاً فخاطوه وتعلل منها أياماً، ومات في العشر الآخر من ذي
القعدة. وكان ذا حزم، وعزم، وعقل، ومهابة، وسياسة، وآثار وله حسنة،
وكان فيه صدقة، وبر، وسكون، وقضاء حوائج الناس.
ومات بالقاهرة شيخنا الرئيس النبيل علاء الدين علي بن أحمد بن أسد
الحنفي ابن الأطروش محتسب القاهرة. حدث عن الأبرقوهي. وولي حسبة دمشق
أيضاً. وكانت فيه شهامة، وقوة نفس، وإقدام، وبعض علم.
ومات الحافظ المفيد شهاب الدين أبو العباس أحمد بن المظفر بن أبي محمد
بن المظفر بن النابلسي سبط الزين خالد، ولد سنة خمس وسبعين في رمضان،
وسمع زينب بنت مكي، وابن الواسطي، وخلق، ورحل، وقرأ، وكتب، وعني بهذا
الشأن. وولي مشيخة العزية وغيرها. توفي في ربيع الأول بدمشق، وكان من
أئمة هذا الشأن.
ومات الإمام العلامة قاضي القضاة نجم الدين إبراهيم بن قاضي القضاة
عماد الدين علي بن الطرسوسي الحنفي. ولد بالمزة، وتفقه بوالده وغيره،
وبرع في
(4/174)
الفقه والأصول، ودرس، وأفتى، وناظر، وأفاد،
مع الديانة، والصيانة، والتعفف، والمهابة. ناب في الحكم عن والده ثم
ولي استقلالاً بعده. وحدث عن ابن الشيرازي، وغيره. توفي في شعبان، وولي
بعده نائبه القاضي شرف الدين الكفري.
ومات بظاهر دمشق الشيخ الصالح المعمر أبو العباس أحمد بن عبد الرحمن بن
محمد بن عبد الله المرداوي ثم الصالحي، المعروف بالحريري، عن نحو ست
وتسعين سنة. حدث عن الكرماني، والشيخ، والفخر، وطائفة. وهو آخر من حدث
عن ابن عبد الدايم، والنجيب عبد اللطيف، وابن علان، وابن أبي اليسر،
وهذه الطبقة بالإجازة في الدنيا. وتوفي في شعبان.
ومات بالقدس الأمير الكبير العادل سيف الدين أرغون الكاملي نائب دمشق
وحلب، وكان رجلاً حازماً عادلاً، له فهم ومعرفة على صغر سنه. توفي في
شوال، ودفن بتربته بالقدس رحمه الله.
ومات بالقاهرة الشيخ قوام الدين لطف الله الحنفي، أحد الدهاة. وقد ولي
مشيخة الظاهرية بدمشق أياماً.
ومات المعمر الصالح أبو عبد الله محمد بن أحمد بن رمضان الجزري الأصل
الدمشقي الحنبلي إمام مسجد الجزيرة. ولد سنة تسع وستين وستمائة. وحضر
الشيخ مشمس الدين ابن أبي عمر، وسمع من غيره. وتوفي في دمشق في ثاني ذي
الحجة.
(4/175)
سنة تسع وخمسين
وسبعمائة
فيها عاثت الفرنج بأطراف السواحل، وقصدتهم العساكر، وثارت العربان،
وقطعوا السبل، وقام العشير في النواحي، واشتد وتفاقم أمره ببلاد حوران،
وتزايد واستمر أياماً، فجهزت إليهم العساكر فخمدوا، بعد أن أفنى بعضهم
بعضاً واغتيل مقدمهم، الشهاب أحمد بن البسرية بزرع.
ولما مات الأمير شيخون في العام الماضي استقل السلطان الملك الناصر
بالأمور، وقام بسياسة الملك وتدبير الممالك الأمير سيف الدين صرغتمش،
وخلا له الجو وترحل عنه فيالة الأمير شيخون، وأرسل إلة نائب دمشق
الأمير علاء الدين المارداني خلعةً وتقليداً بالاستمرار، وإلى غيره من
النواب، واستدعى الأمير سيف الدين طاز نائب حلب إلى مصر، فخرج من حلب
وتوجهت إليه العساكر، ثم خرج إليه نائب دمشق فعسكر بخان لاجين، وآخر
الأمر أن الأمير طاز استسلم وسلم نفسه فقبض عليه نائب الشام وأرسل به
فاعتقل بالكرك، ونقل سيف الدين منجك من نيابة طرابلس إلى نيابة حلب،
وقبض على حاجب دمشق الإسماعيلي، واعتقل بقلعة صرخد ثم أفرج عنه، وقدم
دمشق متوجهاً إلى القاهرة فاعتقل بقلعة دمشق أياماً ثم أفرج عنه بعد
كشفٍ وتعنت، ومضى إلى القاهرة ثم رجع على حجوبيته وعادته فبقي إلى ذي
الحجة ثم أخرج إلى حماة فاعتقل بها.
وفي يوم السبت خامس عشرين جمادى الأولى. صرف الأمير علاء الدين
المارديني عن نيابة دمشق إلى نيابة حلب، وقدم
(4/176)
الأمير سيف الدين منجك من حلب على نيابة
دمشق، فدخلها يوم الخميس رابع عشر جمادى الآخرة، وباشر نظر ديوانه
شيخنا الصاحب تقي الدين بن مراجل.
وفي العشر الآخر من رجب
توجه شيخنا الإمام صلاح الدين الصفدي إلى حلب على كتابة السر بها.
وفيه صرف شيخنا قاضي القضاة عز الدين بن جماعة عن قضاء الشافعية بمصر،
ثم أعيد بعد شهرين.
وفي العشر الآخر من شعبان
صرف قاضي القضاة تاج الدين السبكي الشافعي، وقاضي القضاة شرف الدين
الكفري الحنفي، وقاضي القضاة جمال الدين المسلاتي المالكي عن القضاء
بدمشق.
وولي قضاء الشافعية، قاضي القضاة بهاء الدين أبو البقاء. وقضاء
الحنفية، قاضي القضاة جمال الدين محمود بن السراج، فحكما نحواً من
ثلاثين يوماً، ثم صرفا في أول شوال، وأعيد قاضي القضاة تاج الدين
السبكي، وقاضي القضاة شرف الدين الكفري وخلع عليهما يوم الاثنين خامس
شوال.
وفي يوم الأربعاء ثاني رمضان
قدم شيخنا قاضي القضاة شرف الدين أحمد بن الحسين العراقي من القاهرة
على قضاء المالكية بدمشق، عوضاً عن القاضي جمال الدين المسلاتي، ثم من
الغد قدم القاضي أمين الدين بن عبد الحق على حسبة دمشق عوضاً عن علاء
الدين الأنصاري، وكانت هذه التنقلات بأسرها صادرة عن رأي صرغتمش.
(4/177)
وفي رمضان
قبض على الأمير سيف الدين صرغتمش الناصري، وعلى القاضي ضياء الدين محمد
بن خطيب بيت الابار، فصودر الضياء، وأهين، واعتقل بقوص، وخفي أمر
صرغتمش وزالت نعمته، وخمدت كلمته بحول الله وقوته.
وفي ذي القعدة
قبض إلى الأمير ناصر الدين محمد بن الأقوش نائب حمص وعلى أخويه سيف
الدين كجك الحاجب، وأمير حاج، فأدوا في المصادرة نحو ثلاثمائة ألف
درهم، ثم أفرج عنهم وفرقوا في البلاد.
وفي ذي الحجة
صرف ابن عبد الحق من حسبة دمشق، ووليها شيخنا عماد الدين بن الشيرجي.
وفي سادسه
قبض على أسندمر العمري نائب حماة كان، واعتقل بقلعة دمشق.
وفي صبيحة يوم عرفة
صرف الأمير سيف الدين منجك من نيابة دمشق إلى نيابة صفد.
وقدم الأمير شهاب الدين أحمد بن صالح حاجبا إلى دمشق عوضاً عن
الإسماعيلي.
ومات القاضي الكبير الصدر الرئيس النبيل شرف الدين خالد بن
(4/178)
إسماعيل بن محمد بن عبد الله القيسراني أحد
الموقعين. ثنا عن القاسم ابن عساكر، وغيره. وقد كان ولي وكالة بيت
المال بدمشق في أيام الفخري. توفي في ثاني جمادى الآخرة.
وفيها مات صاحب بلاد المغرب السلطان أبو عنان ابن السلطان أبي الحسن
المريني.
ومات بدمشق الحافظ شمس الدين محمد بن يحيى بن محمد بن سعد المقدسي ثم
الصالحي الحنبلي. ولد سنة ثلاث وسبعمائة، وسمع أباه، والقاضي، وعيسى،
وخلقاً كثيراً وجماً غفيراً، وجمع فأوعى، وكتب ما لا يحصى، وخرج لخلق
من شيوخه وأقرانه. توفي في ثالث ذي القعدة.
ومات الإمام شمس الدين أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن داوود الكردي
الشافعي إمام مشهد علي. حدث عن التقي بن الواسطي، وغيره. وتوفي في تاسع
ذي القعدة.
ومات في سادس عشرينه شيخنا الزاهد بهاء الدين محمد بن أحمد بن المرجاني
صاحب جامع المزة وغيره من المآثر الحسنة. حدث عن ابن مؤمن وغيره.
ومات المقرىء المعمر أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الصالحي المعروف
(4/179)
بالحفيفة عن سن عالية. حدث بمشيخة الفخر
عنه، وأقرأ خلقاً بالجامع المظفري رحمه الله.
سنة ستين وسبعمائة
في يوم الأربعاء ثاني المحرم دخل الأمير علاء الدين المارداني إلى دمشق
على نيابتها، قدمها من حلب فأقام إلى ثاني عشرين رجب. فقبض عليه
وتوجهوا به إلى القاهرة، فأعيد من الطريق إلى نيابة صفد. وولي بعده
نيابة دمشق الأمير سيف الدين أسندمر الزيني أخو يلبغا اليحياوي فدخلها
يوم الاثنين حادي عشر شعبان.
وفي سادس صفر
قدم الأمير سيف الدين بيدمر الخوارزمي من مصر إلى دمشق، يتقدمه ألف
فارس وولده بطبلخاناه، وأضيف إليه عدة جهات، وحجوبية الحجاب.
في جمادى الأولى
رسم بتحويله من الوقوف بسوق الخيل تجاه النائب، فركب إلى جانبه فوق
الأمراء، وورمت لذلك أنوف.
وفي ليلة سادس صفر
قبض على الأمير شهاب الدين بن صبح الحاجب، واعتقل هو وأولاده بقلعة
دمشق، ثم نقل هو إلى القاهرة فاعتقل بالإسكندرية.
وفي العشر الأول من صفر
صرف الأمير سيف الدين منجك من نيابة صفد، وأخذ إلى القاهرة فانفلت منهم
بقرب غزة ومضى بسبيله، فلم يوقع له على خبر، وأوذي بسببه خلق وجرى لأهل
القدس أمور.
(4/180)
وفي ثالث عشر صفر
قدم الأمير سيف الدين آقطمر بن عبد الله بن عبد الغني نائب طرابلس إلى
دمشق واعتقل بالقلعة مقيداً ثم أخذ إلى القاهرة فاعتقل بالإسكندرية.
وفيه حضر الإسماعيلي من حماة واعتقل بقلعة دمشق، ثم أخذ فأودع
الإسكندرية.
وفي يوم الأحد رابع ربيع الأول
صرف قاضي القضاة شرف الدين بن العراقي عن قضاء المالكية بدمشق، وأعيد
قاضي القضاة جمال الدين المسلاتي.
وفيه صرف القاضي ناصر الدين محمد بن الشرف يعقوب الحلبي من كتابة السر
بدمشق، ومشيخة الشيوخ إلى كتابة سر حلب.
وولي بعده السر بدمشق شيخنا وكيل بيت المال القاضي أمين الدينمحمد بن
أحمد بن القلانسي مع تدريس الناصرية، والشامية الجوانية، ومشيخة
الشيوخ.
وفيه قدم المعين ابن الكريدي المستوفي من القاهرة بتذكرة سلطانية
بإهدار المتأخرات الديوانية جميعها إلى آخر العام الماضي، واستقرار
الرواتب الدرهم ثلث، والجوامك الدرهم ثلثا درهم.
وفي مستهل ربيع الآخر
قدم القاضي صلاح الدين الصفدي من كتابة سر حلب على وكالة بيت المال
بدمشق وتوقيع الدست، عوضاً عن القاضي أمين الدين بن القلانسي.
وفيه قدم قاضي القضاة تاج الدين السبكي من القاهرة، وكان توجه إليها في
الشهر الماضي ومعه ابن عمه القاضي بدر الدين محمد أبي الفتح، فأكرمه
السلطان ورتب له معلوماً على الإفتاء بمدرسته التي أنشأها بالقاهرة.
(4/181)
وفي رجب
قبض على الأمير قطليجا الدوادار، وطيبغا حاجي، وأيدغمش، واعتقلوا بقلعة
دمشق ثم فرقوهم في البلاد وأخرج ألدمر السليماني الذي كان حاجباً إلى
طرابلس.
وفي ليلة نصف شعبان
أخرج قاضي القضاة بهاء الدين أبو البقاء محمد بن عبد البر السبكي إلى
طرابلس.
وفي ليلة حادي عشرينه
قدم الأمير شهاب الدين أحمد بن القيمري من حلب إلى دمشق أمير حاجب
عوضاً عن الأمير سيف الدين بيدمر، ونقل بيدمر إلى حلب لنيابتها.
وفي ليلة الجمعة عاشر ربيع الأول
مات شيخنا الإمام شهاب الدين أبو العباس أحمد بن علي بن أبي بكر بن
بحتر بن خولان الصالحي الحنفي مدرس الميطورية، وخطيب القلعة، ولد سنة
أربع وثمانين وستمائة. حضر ابن البخاري، وزينب بنت العلم. وولي العقود،
وتوفي في عشر ربيع الأول.
ومات القاضي الرئيس الصدر الكبير علم الدين محمد بن القطب أحمد بن مفضل
بن فضل الله المستوفي، ناظر الجيش بدمشق. وكان وجيه الشام في وقته. ولي
كتابة السر بدمشق في الدولة الناصرية، ثم نظر الدواوين ثم نظر الجيوش.
وسمع من القاضي تقي الدين سليمان، وعيسى المطعم، وطائفة.
(4/182)
توفي في ثاني جمادى الأولى. وولي بعده نظر
الجيش نائبه القاضي علم الدين داوود الإسرائيلي فلبس يوم الاثنين سادس
جمادى الآخرة.
ومات شيخنا الزاهد أبو العباس أحمد بن محمد بن أبي الزهر الغسولي ثم
الصالحي. جاوز الثمانين، وحدث بمشيخة الفخر عنه. توفي في جمادى الأولى.
ومات بمكة قاضيها الإمام شهاب الدين أحمد ابن القاضي الإمام الأريب نجم
الدين محمد بن جمال الدين محمد بن الحافظ محب الدين الطبري الآملي.
توفي في العشر الآخر من شعبان.
ومات بدمشق المعمر الصالح أحد الامرين بالمعروف والناهين عن المنكر
الفقيه عمر بن عثمان بن سالم بن خلف بن فضل الله المقدسي، ثم الصالحي
الحنبلي. حدث عن ابن البخاري، وابن الواسطي، وجماعة. وولد في شعبان سنة
ثلاث وسبعين، وتوفي في ذي القعدة.
ومات في ذي الحجة الأمير صفي الدين البصراوي بالقدس ناظر الحرم.
ومات بحلب شيخنا جمال الدين إبراهيم بن القاضي الإمام شهاب الدين محمود
بن سليمان بن فهد الحلبي. ثنا عن الأبرقوهي وغيره.
ومات بدمشق المعمر صلاح الدين محمد بن أحمد بن أفتكين كبير شهود
القيمة.
(4/183)
|