المحن

ذِكْرُ سَبَبِ ضَرْبِ الضَّحَّاكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن مُحَمَّد بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ حَزْمِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ بَقِيِّ بْنِ مَخْلَدٍ عَنِ ابْنِ دِينَارٍ قَالَ سَمِعت حبيب الْحَاكَّ وَكَانَ يَحُكُّ الْجَوْهَرَ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ مَالك الَّذين يقرأون قَالَ أَخَذَ الضَّحَّاكَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّد بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَالِي الْمَدِينَةِ فَقَالَ لَهُ فَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا قَالَ نَعَمْ قَالَ وَلم قَالَ ولينا قُضَاة مِنْ قُضَاتِكَ فَرَأَيْنَا مُنْكَرًا بِبَابِكَ فَغَيَّرْنَاهُ قَالَ فَقَالَ أَفَلا رَفَعْتَ ذَلِكَ إِلَيَّ قَالَ وَلِمَ أَرْفَعُ ذَلِكَ إِلَيْكَ وَهُوَ جَلِيسُكَ قَالَ أَمْضَيْتُ فِيهِ أَمْرَ اللَّهِ قَالَ لأَقُصَّنَّهُ مِنْكَ قَالَ لَيْسَ ذَلِكَ لَكَ قَالَ لأَفْعَلَنَّ ذَلِكَ بِكَ قَالَ شَأْنَكَ يَقُصُّنِي مِنْكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ مَا اؤمل أَن أخد ذَلِكَ مِنْكَ بِتَغَيُّرِ مَنْ يُنْكِرُهُ عَلَيْكَ قَالَ فَضَربهُ خَمْسَة وَعشْرين سَوْطًا ثمَّ خلا عَنْهُ قَالَ فَبَلَغَ ذَلِكَ الْوَلِيدَ بْنَ عَبْدِ الْملك فَكتب إِلَيْهِ أتضرب حَاكِمًا مِنْ حُكَّامِي فِي أَمْرٍ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ بِهِ قَالَ وَكَتَبَ إِلَى الضَّحَّاكِ أَنْ يَضْرِبَ الْوَالِيَ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ سَوْطًا فَأَتَاهُ الْوَالِي فَقَالَ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَمَرَ بِأَنْ تَضْرِبَنِي خَمْسَةً وَعِشْرِينَ سَوْطًا قَالَ لَا أَفْعَلُ ذَلِك قدرت فعفوت وَمَا مِثْلِي يَقْتَصُّ مِنْ مِثْلِكَ قَالَ فَبَلَغَ ذَلِكَ الْوَلِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ يَجْزِيهِ خَيْرًا وَعَزَلَ الأَمِيرَ عَنِ الْمَدِينَةِ

(1/378)


ذِكْرُ ضْرِب أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُعَتِّبٍ عَنْ أَبِي أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ الْكُوفِيِّ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ كُوفِيٌّ اسْمُهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ نَزَلَ الْمِصِّيصَةَ وَكَانَ ثِقَةً رَجُلا صَالِحًا صَاحِبَ سُنَّةً وَهُوَ الَّذِي أَدَّبَ أَهْلَ الثَّغْرِ وَعَلَّمَهُمُ السُّنَّةَ وَكَانَ يَأْمُرُ وَيَنْهَى وَإِذَا دَخَلَ الثَّغْرَ رَجُلٌ مُبْتَدِعٌ أَخْرَجَهُ وَكَانَ كَثِيرَ الْحَدِيثِ وَكَانَ لَهُ فِقْهٌ وَكَانَ عَرَبِيًّا فَزَارِيًّا أَمَرَ سُلْطَانًا يَوْمًا وَنَهَاهُ فَضَرَبَهُ مِائَتَيْ سَوْطٍ فَغَضِبَ لَهُ الأَوْزَاعِيُّ فَتَكَلَّمَ فِي أَمْرِهِ
وَقَالَ مُحَمَّدٌ هُوَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَسْمَاءَ بْنِ خَارِجَةَ بْنِ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ الْفَزَارِيُّ بَلَغَنِي عَنِ الأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَيْهِ فَقَالَ لِكَاتِبِه ابْدَأْ بِهِ فَإِنَّهُ خَيْرٌ مِنِّي وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ لِلْكَاتِبِ اكْتُبْ وَابْدَأْ بِهِ فَإِنَّهُ وَالله خير مني ذكر ذَلِك كُله ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ

(1/379)


ذِكْرُ ضَرْبِ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ الإِسْكَنْدَرَانِيِّ صَاحِبِ مَالك وَالنّسب إِلَيْهِ

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ زِيَادٍ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ تَمِيمٍ هُوَ الْمُحْتَسِبُ إِسْكَنْدَرَانِيٌّ قَامَ إِلَى هَارُونَ الرَّشِيدِ وَهُوَ يَخْطُبُ بِمَكَّةَ فَقَالَ {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} فَأخذ فَضرب مِائَتَيْ سَوْطٍ
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ فَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ كَانَ نَازِلا مَعَهُ فِي الْبَيْتِ قَالَ فَكُنْتُ أَسْمَعُهُ يَتَأَوَّهُ فِي اللَّيْلِ مِنَ الضَّرْبِ يَقُول الْمَوْت فَأخْبر هرون أَنَّهُ رَجُلٌ صَالِحٌ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَاسْتَحَلَّهُ فَأَحَلَّهُ
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ تَمِيمٍ وَكَانَ هَذَا يُعْرَفُ بِالْمُحْتَسِبِ الإِسْكَنْدَرَانِيِّ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَهُوَ عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ التُّونُسِيُّ وَلَقَدْ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ قَالَ مَا رَأَيْتُ شَيْخًا أَفْضَلَ مِنْ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ وَهُوَ الإِسْكَنْدَرَانِيُّ أَبُو الْحسن

(1/380)


ذِكْرُ سَبَبِ ضَرْبِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن رَافع

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنِي بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ مُصْعَبٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ الَّذِي رَوَى عَنْهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ قَالَ كَانَتْ أُمُّهُ مَوْلاةً لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ أَبوهُ مولى لِسَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ فَدَعَا بِهِ سَعِيدٌ وَقَالَ لَهُ مَوْلَى مَنْ أَنْتَ قَالَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَلَسْتَ بمولاي قَالَ لَا قَالَ ضَعُوا عَنْهُ ثِيَابَهُ قَالَ فَوَضَعُوا عَنْهُ ثِيَابَهُ فَضَرَبَهُ مِائَةَ سَوْطٍ أُخْرَى فَلَمَّا فَرَغُوا مِنْهَا قَالَ لَهُ يَا عُثْمَانُ مَوْلَى مَنْ أَنْتَ قَالَ مَوْلاكَ فَأَطْلَقَهُ
تَمَّ الْجُزْءُ الرَّابِعُ بِحَمْدِ اللَّهِ وَعَوْنِهِ وَإِحْسَانِهِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآله
يتلوه أول الْخَامِس

(1/381)