المحن
ذِكْرُ الشَّعْبِيِّ وَأَبِي السَّوَّارِ
إِذْ أَتَى بِهِمَا الْحَجَّاجُ أَسِيرَيْنِ
قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُعَتِّبٍ وَمُحَمَّدُ
بْنُ بِسْطَامٍ قَالا حَدَّثَنَا أَبُو الْحسن الْكُوفِي وَحَدَّثَنِي
أَيْضًا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو
الْحَسَنِ وَبَعْضُهُمْ يَزِيدُ عَلَى بَعْضٍ قَالَ حَدثنَا عَمْرو
ابْن خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ يُونُسَ قَالَ
حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ مُوسَى عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ أُتِي بِي
الْحَجَّاجِ مُوَثَّقًا فَلَمَّا أُتِيَ بِي بَابَ الْقَصْرِ لَقِيَنِي
يزِيد بن أبي أسلم فَقَالَ لِي إِنَّا للَّهِ يَا شَعْبِيُّ لِمَا
بَيْنَ رَقَبَتِكَ مِنَ الْعِلْمِ وَلَيْسَ يَوْمَ شَفَاعَةٍ قِرَّ
لِلأَمِيرِ بِالشِّرْكِ وَالنِّفَاقِ فَبِالْحَرِيِّ أَنْ تَنْجُوَ
ثُمَّ لَقِيَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَجَّاجٍ فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ
فَلَمَّا دَخَلْتُ عَلَى الْحَجَّاجِ قَالَ وَأَنْتَ يَا شعبي فِيمَن
خرج وَكفر فَقُلْتُ أَصْلَحَ اللَّهُ الأَمِيرَ أَحْزَنَ بِنَا
الْمَنْزِلُ وَأَجْدَبَ الْجَنَابُ وَضَاقَ الْمَسْلَكُ وَاكْتَحَلْنَا
السَّهَرَ وَاسْتَحْلَسْنَا الْخَوْفَ فَوَقَعْنَا فِي خِزْيَةٍ لَمْ
نَكُنْ فِيهَا بَرَرَةً أَتْقِيَاءَ وَلا فَجَرَةً أَقْوِيَاءَ قَالَ
صَدَقَ وَاللَّهِ مَا بَرُّوا بِخُرُوجِهِمْ عَلَيْنَا وَلا قَوُوا
عَلَيْنَا إِذْ فَجَرُوا أَطْلِقُوا عَنْهُ
وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُعَتِّبٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ
الْكُوفِيِّ قَالَ أَبُو سَوَّارٍ الْعَدَوِيُّ كَانَ مِمَّنْ خَرَجَ
عَلَى الْحَجَّاجِ فَأُتِيَ بِهِ أَسِيرًا وَكَانَ إِذَا أُتِيَ
بِأَحَدٍ مِمَّنْ خَرَجَ
(1/417)
عَلَيْهِ قَالَ لَهُ أَكَفَرْتَ
بِخُرُوجِكَ عَلَيَّ فَإِنْ قَالَ نَعَمْ خَلَّى سَبِيلَهُ وَإِنْ
قَالَ لَا ضربت عُنُقه قَالَ فَأتى بِأبي السوار فَقَالَ لَهُ
الْحجَّاج كَافِر قَالَ لَهُ أَبُو السوار كَافِر مُنَافِق قَالَ
وَالله مَا عَنَيْتُ غَيْرَهُ
قَالَ مُحَمَّدٌ وَقَدْ ضَرَبَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بِالسِّيَاطِ فِي
سَبَبٍ غَيْرِ هَذَا قَدْ ذَكرْنَاهُ
(1/418)
ذِكْرُ مَا امْتُحِنَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ
بْنُ عمر بن حَفْص بن عَاصِم ابْن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ
قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ
بَقِيِّ بْنِ مَخْلَدٍ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ وَحَسَنِ بْنِ يُونُسَ عَنْ
حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ الأَعْوَرِ وَكَانَ مُؤَدِّبًا لآلِ
سُلَيْمَانَ بْنِ مُجَالِدٍ قَالَ قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُ اللَّهِ
بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ
وَكَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَقْدَمَهُ فَلَقِيَهُ سُلَيْمَانُ
بْنُ مُجَالِدٍ وَهُوَ قَدْ دَخَلَ الْقَصْرَ قَالَ فَسلم قَالَ
فَقَالَ لَهُ مَا لي غير هَذَا الرَّجُلِ قَالَ فَقَالَ مَا أَرَى لَكَ
عِنْده خيرا فَإِنَّهُ أبلغ مَا أَبْلَغَ قَالَ فَمَا عِنْدَكَ
فَأَشِرْ بِهِ عَلَيَّ قَالَ مَا أَرَى لَكَ شَيْئًا إِلَّا أَنْ
تُذَكِّرَهُ إِدْنَاءَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ
عَبَّاسٍ وَتَقْدِيمَهُ عَلَى غَيْرِهِ قَالَ فَدَخَلَ فَلَمَّا رَآهُ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ
قَالَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ فَعَلْتَ مَا فَعَلْتَ قَالَ يَا أَمِيرَ
الْمُؤْمِنِينَ لَسْتُ بِعَدُوِّ اللَّهِ وَلَكِنِّي عَدُوُّ مَنْ
عَادَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَيْسَ كَمَا
بَلَغَكَ عَنِّي فَاذْكُرْ إِدْنَاءَ أَبِي أَبَاكَ وَتَقْدِيمَهُ
إِيَّاهُ عَلَى بَعْضِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا كَانَ لأبي على أَبِيك فَهُوَ لي عنْدك من
الْحق قَالَ فَأَمَرَ بِهِ فَضُرِبَ لَهُ فِي وَسَطِ الْمُطَبَّقِ
خَيْمَةٌ وَتُرِكَ فِيهَا قَالَ فَكَانَ يَدْخُلُ إِلَى الْمُطَبَّقِ
بَعْضُ أُولَئِكَ التَّابِعِينَ فَرُبَّمَا ذَكَرُوا الصَّحَابَةَ
قَالَ فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ عَمِدَ
(1/419)
إِلَى عَمُودِ الْخِبَاءِ فَأَخَذَهُ ثُمَّ
وَثَبَ عَلَيْهِمْ فَكَسَرَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ قَالَ
فَحُمِلُوا فَأُدْخِلُوا عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ مَنْ
فَعَلَ بِهِمْ هَذَا قَالَ مَدِينِيٌّ فِي الْمُطَبَّقِ فَقَالَ
عَلَّيَ بِهِ فَأُتِيَ بِهِ فَاسْتَقْبَلَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ
مُجَالِدٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَقَالَ لَهُ إِنْ كُنْتَ نَجَوْتَ مِنَ
الأُولَى فَمَا أَحْسِبُكَ تَنْجُو مِنْ هَذِهِ قَالَ فَقَالَ
وَاللَّهِ لأُصَدِّقَنَّهُ ثُمَّ لِيَفْعَلْ مَا شَاءَ قَالَ فَلَمَّا
دخل عَلَيْهِ قَالَ لَهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ نَعَمْ
قَالَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ مَا نَهَتْكَ الأُولَى عَنْ أُخْرَاكَ قَالَ
يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَسْتُ بِعَدُوِّ اللَّهِ وَلَكِنِّي
عَدُوُّ مَنْ عَادَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ اسْمَعْ مِنِّي يَا أَمِيرَ
الْمُؤْمِنِينَ مَا أَقُولُ ثمَّ أَنْتَهِي إِلَى مَا أَحْبَبْتَ مِنْ
أَمْرِي قَالَ تَكَلَّمْ قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي
كُنْتُ بِمَوْضِعٍ لوكنت بِهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ كُنْتَ
أَشَدَّ نُكْرَةً عَلَيْهِمْ مِنِّي وَأَشَدَّ تَغْيِيرًا لِمَا كَانَ
مِنْهُمْ إِنِّي رَأَيْتُ هَؤُلاءِ يَشْتِمُونَ عُمُومَتَكَ مِنَ
الْمُهَاجِرِينَ قَالَ فَقَالَ أَخْرِجُوهُ إِلَى الْمَدِينَةِ
فَأَخْرَجُوهُ إِلَى الْمَدِينَة
(1/420)
ذكر هروب مُجَاهِد بن جُبَير الْمَكِّيِّ
وَهِلالِ بْنِ خَبَّابٍ
قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ الْفَرَجِ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى
بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ سَمِعْتُ
هِلالَ بْنَ خَبَّابٍ قَالَ مَرَّ بِي مُجَاهِدٌ فَقَالَ إِنِّي
أُرِيدُ الْهُرُوبَ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ فِي زَمَانِ الْحَجَّاجِ
قَالَ قُلْتُ وَأَنَا أُرِيدُ الْهُرُوبَ مِنْهُ قَالَ فَإِنْ شِئْتَ
خَرَجْنَا إِلَى مَكَّةَ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ نَعَمْ فَزَامَلْتُهُ
إِلَى مَكَّةَ
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ تَمِيمٍ مُجَاهِدٌ مَكِّيٌّ
وَأَحْسَبُهُ يَوْمَئِذٍ كَانَ لَمَّا أَرَادَ الهروب إِلَى (2)
بالعراق
(1/421)
|