المحن
ذِكْرُ مَا امْتُحِنَ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ
عَجْلانَ
قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ أَن بعض
الْوُلَاة أَرَادَ أَن يقطع يَدِ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلانَ فِي شَيْءٍ
ذَكَرَهُ بَكْرٌ قَالَ فَكَلَّمَهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ فَأَعْفَاهُ
قَالَ مُحَمَّدٌ أَحْسَبُ أَنَّ ذَلِكَ لَمَّا كَانَ قَدْ خَرَجَ ابْنُ
عَجْلانَ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الَّذِي كَانَ خَرَجَ
بِالْمَدِينَةِ فِي أَيَّامِ مَالِكٍ فَخَرَجَ مَعَهُ ابْنُ عَجْلانَ
وَغَيْرُهُ وَهَرَبَ مَالِكٌ وَلَمْ يَخْرُجْ مَعَهُ
وَقَدْ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ عَنْ أَبِي زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنِ
مَعْمَرٍ قَالَ قَرَأْتُ عَلَى أَبِي زَيْدِ بْنِ أَبِي الْغَمْرِ
قَالَ قُلْتُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ أَخَرَجَ مَالِكٌ
يَوْمَ خَرَجَ قَالَ قُلْتُ لَمْ يَخْرُجْ قَالَ لَا أَرَاهُ رَأَى مَا
يُعْجِبُهُ قُلْتُ أَفَكَانَ يَقُولُ تَجْزِينَا الصَّلاةُ خَلْفَهُمْ
وَالْجُمُعَةُ قَالَ نَعَمْ
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حمودٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَزِيدَ بْنِ
يُوسُفَ بْنِ عُمَرَ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَجْلانَ
وَعَظَ وَالِيًا كَانَ عَلَى الْمَدِينَةِ فِي طُولِ ثِيَابِهِ
(1/422)
فَأَمَرَ بِهِ الْوَالِي فَحُبِسَ
فَكَلَّمَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ الْوَالِي فَخَلاهُ قَالَ ابْنُ أَبِي
ذِئْبٍ للوالي إِنَّه وَالله مَا أعلمهُ إِلَّا ضَعِيف فَأَعْجَبَ
الْوَالِي قَوْلُهُ وَقَالَ لَهُ فِيمَا ذَاكَ قَالَ إِذْ نَهَاكَ عَنْ
جَرِّ ثِيَابِكَ فَلْيَتْرُككَ جررتها إِلَى الْمَوْت أَو لَا
يَنْهَاكَ عَنْ ظُلْمِكَ النَّاسَ وَأَحْكَامِكَ الْجَائِرَةِ فِيهِمْ
(1/423)
ذِكْرُ سَبَبِ حَبْسِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
إِدْرِيسَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ
قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ
الْفَارِسِيُّ عَنْ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي المصعب قَالَ
قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ فَصَلَّى وَوَضَعَ رِدَاءَهُ
بَيْنَ الصُّفُوفِ فَلَمَّا أَنْ سَلَّمَ الإِمَامُ رَمَقَهُ أَهْلُ
الْمَسْجِدِ بِأَبْصَارِهِمْ وَجَعَلُوا يَرْمُقُونَ مَالِكَ بْنَ
أَنَسٍ وَكَانَ قَدْ صَلَّى خَلْفَ الإِمَامِ فَلَمَّا أَنْ سَلَّمَ
الإِمَامُ قَالَ مَالِكٌ من هَهُنَا مِنَ الْحَرَسِ فَجَاءَهُ
نَفْسَانِ فَقَالَ خُذَا صَاحِبَ الثَّوْبِ فَاحْبِسَاهُ فَأُخِذَ
فَحُبِسَ فَقِيلَ لَهُ بَعْدَ أَنْ حُبِسَ إِنَّهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بْنُ مَهْدِيٍّ فَوَجَّهَ إِلَيْهِ فَدَعَاهُ وَقَالَ أَمَا خِفْتَ
اللَّهَ وَاتَّقَيْتَهُ أَنْ وَضَعْتَ ثَوْبَكَ بَيْنَ يَدَيْكَ فِي
الصَّفِّ وَأَشْغَلْتَ الْمُصَلِّينَ بِالنَّظَرِ إِلَيْهِ
وَأَحْدَثْتَ فِي مَسْجِدِنَا شَيْئًا مَا كُنَّا نَعْرِفُهُ وَقَدْ
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَحْدَثَ فِي
مَسْجِدِنَا حَدَثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ
وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ فَبَكَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَآلَى عَلَى
نَفْسِهِ أَلا يَضَعَ ثَوْبَهُ بَيْنَ يَدَيِ الصَّفِّ أَبَدًا فِي
مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلا
غَيْرِهِ
وَبَلَغَنِي عَنْ عَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدٍ الدُّورِيِّ قَالَ سَمِعْتُ
يَحْيَى بْنَ
(1/424)
مَعِينٍ يَقُولُ قَضَى شَرِيكٌ الْقَاضِي
عَلَى ابْنِ إِدْرِيسَ الْقَاضِي بِشَيْءٍ قَالَ ابْنُ إِدْرِيسَ
الْقَضَاءُ فِيهَا بِكَذَا فَقَالَ لَهُ شَرِيكٌ أَفت بِهَذَا حاكة
الزَّعَافِر وَكَانَ ابْنُ إِدْرِيسَ فِي الزّعَافِرِ وَعِنْدَهُ حاكة
وَحُبِسَ ابْنُ إِدْرِيسَ فِي الْقَضِيَّةِ
(1/425)
ذِكْرُ مَا نَزَلَ بِعَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ
قَالَ أَبُو الْعَرَبِ بَلَغَنِي عَنْ عَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدٍ
الدُّورِيِّ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ وَلِيَ
عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ قَضَاءَ أَرْمِينِيَةَ فَلَمَّا صَارَ إِلَى
أَرْمِينِيَةَ اشْتَكَى عَيْنَيْهِ فَجَعَلَ يَخْتَلِفُ إِلَى
مُتَطَبِّبٍ فَقَالَ الْقَاضِي الَّذِي كَانَ لأَرْمِينِيَةَ قبله
للمتطبب أَكْحِلْهُ بِشَيْءٍ يَذْهَبُ بِعَيْنَيْهِ حَتَّى أُعْطِيَكَ
كَذَا وَكَذَا فكحله بذلك الْكُحْلِ فَذَهَبَ بِعَيْنَيْهِ فَرَجَعَ
إِلَى الْكُوفَةِ
قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ ثِقَةٌ
(1/426)
ذِكْرُ ضَرْبِ قَابُوسَ بْنِ أَبِي
ظَبْيَانَ وَابْنِ كَاسِبٍ
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بِسْطَامٍ عَنْ أَحْمَدَ بن سعد بن أبي
مَرْيَم أَنَّ ابْنَ أَبِي لَيْلَى ضَرَبَ قَابُوسَ بْنَ أبي ظبْيَان
الْجَنبي
وَقَالَ عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ
قَابُوسُ بْنُ أَبِي ظَبْيَانَ ضَرَبَهُ بَعْضُ الْوُلاةِ فِي شَيْءٍ
كَانَ لَهُ ظَالِمًا فَقُلْتُ من أَيْنَ قُلْت ذَلِكَ قَالَ لأَنَّهُ
مَحْدُودٌ قُلْتُ وَلَيْسَ هُوَ فِي سَمَاعِهِ ثِقَة قَالَ بلَى
فَأخْبرت بذلك مُصْعَب الزبيرِي فَقَالَ لَيْسَ مَا قَالَ ابْن معِين
إِنَّمَا حَده الفلانيون فِي التحامل وَلَيْسَ حدودهم عندنَا بِشَيْء
نجوزهم وَإِن كَانَ ثِقَة مَأْمُونا صَاحب حَدِيث
(1/427)
ذكر اختفاء الْحسن الْبَصْرِيّ وَهُرُوبِهِ
قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي
زَكَرِيَّا الْحفرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أبي معشر عَن الْحسن قَالَ
كنت مختفيا مِنَ الْحَجَّاجِ وَكُنْتُ أَدْعُو بِدُعَاءٍ قَدْ ذَكَرَهُ
فَحَبَسَهُ اللَّهُ عَنِّي وَلَقَدْ دَخَلُوا عَلَيَّ سِتَّ مَرَّات
فدعوت الله عز وَجل فَأخذ بِأَبْصَارِهِمْ
وحَدثني يحيى بن مُحَمَّد بْنِ سَلامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ
هَمَّامٍ يَعْنِي ابْنَ يَحْيَى قَالَ لَمَّا كَانَ زَمَنُ ابْنِ
الأَشْعَثِ بَعَثَ إِلَى الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فَأَخْرَجَهُ كَرْهًا
فَرَمَى بِنَفْسِهِ فِي دِجْلَةَ عَلَى طُرٍّ مِنْ قصبٍ فَانْفَلَتَ
وَحَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ أَبِيه عَن جده عَن يَحْيَى بْنِ سَلامٍ
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أُمِّهِ قَالَ سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَوْمَ
أُخِذَ يَقُولُ الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ
قَالَ مُحَمَّدٌ وَقَدِ امتحن الْحسن بِأُمُور كَثِيرَة وَكَانَ مِنْهُ
إِلَيْهِ وعيدا شَدِيدا يَطُولُ بِذِكْرِهِ الْكِتَابَ
(1/428)
|