المغرب في حلى المغرب
176 - أَبُو بكر مُحَمَّد بن أَحْمد بن
الْبناء الإشبيلى
سَاد بِبَلَدِهِ وَصَارَ يكْتب عَن ملوكه وَهُوَ أهل لذَلِك لما أحرزه
من الصيانة والادب والبلاغة وَهُوَ ذُو غرام فِي اقتناء نفائس الْكتب
ونسخها وَمن أحسن شعره قَوْله من قصيدة فِي رثاء أبي عيد الله بن أبي
حَفْص بن عبد الْمُؤمن وَقد عزل عَن بلنسية وَهِي فِي سرق الأندلس
وَولي إشبيلية وَهِي فِي غربها فَمَاتَ ... كَأَنَّك من جنس
الْكَوَاكِب كنت لم ... تفارق طلوعاً حَالهَا وتواريا
تحليت من شَرق يروق تلألؤا ... فَلَمَّا انتحيت الغرب أَصبَحت هاويا
...
وَمن = كتاب الإحكام فِي حلى الْحُكَّام
177 - القَاضِي أَبُو بكر مُحَمَّد بن عبد الله بن الْعَرَبِيّ
الإشبيلي
قَالَ الحجاري لَو لم ينْسب لإشبيلية إِلَّا هَذَا الإِمَام الْجَلِيل
لَكَانَ لَهَا بِهِ من الْفَخر مَا يرجع عَنهُ الطّرف وَهُوَ كليل
(1/254)
وَقَالَ ابْن الْأَمَام بَحر الْعُلُوم
ومام كل مَحْفُوظ وَمَعْلُوم ولد أشعار تشوق فِيهَا إِلَى بَغْدَاد
وَإِلَى الْحجاز وَهُوَ مَذْكُور فِي كتاب السمط وَاجْتمعَ مَعَ عبد
الْمُؤمن
وَمن أظرف شعره وألطفه قَوْله وَقد داعبه ابْن أَمِير من أُمَرَاء
الملثمين بِأَن ركض فرسه وهز عَلَيْهِ رمحه ... يهز على الرمْح ظَبْي
مهفهف ... لعوب بألباب الْبَريَّة عابث
فَلَو انه رمح إِذا لَا تقيته ... وَلكنه رمح وثان وثالث ...
وَقَوله وَقد دخل عَلَيْهِ غُلَام جميل الصُّورَة فِي ثِيَاب خشنة ...
لبس الصُّوف لكَي أنكرهُ ... وأتانا شاحباً قد عبسا
قلت إيه قد عرفناك وَذَا ... جلّ سوء لَا يعيب الفرسا
كل شَيْء أَنْت فِيهِ حسن ... لَا نبالي حسن مَا قد لبسا ...
وَقَالَ وَقد كتب كتابا فَأَشَارَ أحد من حضر أَن يتربه ... لَا تشنه
بِمَا تذر عَلَيْهِ ... فكفاه هبوب هَذَا الْهَوَاء
فَكَأَن الَّذِي تذر عَلَيْهِ ... جدري بوجنة حسناء ...
وَمن = كتاب نُجُوم السَّمَاء فِي حلى الْعلمَاء
178 - النَّحْوِيّ اللّغَوِيّ أَبُو بكر مُحَمَّد بن الْحُسَيْن
الزبيدِيّ الاشبيلي
وَمن الجذوة أَنه إِمَام فِي النَّحْو واللغة وَله فِي النَّحْو كتاب
الْإِيضَاح
(1/255)
وَاخْتصرَ كتاب الْعين للخليل وَأنْشد لَهُ
قَوْله يُخَاطب جَارِيَة كَانَ يُحِبهَا وَقد اسْتَأْذن الْمُسْتَنْصر
فِي الْعود إِلَى إشبيلية فَلم يَأْذَن لَهُ ... وَيحك يَا سلم لَا
تراعي ... لَا بُد للبين من زماع
لَا يحسبني صبرت إِلَّا ... كصبر ميت على النزاع
مَا خلق الله من عَذَاب ... أَشد من وَقْفَة الْوَدَاع
إِن يفْتَرق شملنا سَرِيعا ... من بعد مَا كَانَ ذَا اجْتِمَاع
فَكل شَمل إِلَى افْتِرَاق ... وكل شعب إِلَى انصداع ...
توفّي قَرِيبا من الثَّمَانِينَ والثلاثمائة
179 - أَبُو عمر أَحْمد بن مُحَمَّد بن حجاج
وَمن الذَّخِيرَة أَنه كَانَ بَحر عُلُوم وسابق ميدان منثور ومنظموم
بنه على سلفه
وَمن نثره لَو قرنت أيده الله بذوي التأميل لَهُ لفضلت أَو وزنت بذوي
الْمحبَّة فِيهِ لرجحت وَقد بعثت أعزه الله بِمَا يجمل فقرى قدرته
وضراعتي إِلَى علاهُ فِي الْأَمر بقبوله تَشْرِيفًا وتنويهاً من
مُنَازعَة الْكَرِيمَة لإعلاء شأني وترفيع مَكَاني وَقَوله وَلما
ترادفت على تَكُ الأمواج وأغرقني ذَلِك الْبَحْر العجاج أَظْفرنِي
بسفينة الدُّعَاء فوصلت إِلَيْهَا ونجوت عَلَيْهَا
(1/256)
180 - النَّحْوِيّ أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد
بن سيد اللص
أثنى عَلَيْهِ ابْن الإِمَام وَذكر أَنه كَانَ من انشد عبد الْمُؤمن
بِحَبل الْفَتْح عِنْد جَوَازه الْبَحْر إِلَى الأندلس
وَأنْشد لَهُ ... اللَّيْل إِن هجرت كالليل إِن وصلت ... اشكو من الطول
مَا اشكوا من الْقصر ...
وَقَوله ... كلني إِلَى أدمع تسح ... تكْتب شرح الْهوى وتمحو
أفدي الَّتِي لَو بَغت فَسَادًا ... مَا كَانَ بَين الْأَنَام صلح
صاحية والجفوف سكرى ... من أسكرته فَلَيْسَ يصحو
جَار عَلَيْك الْأَنَام ظلما ... سموك ليلى وَأَنت صبح ...
وَقَوله من قصدة فِي مدح أبي بكر بن مزدلى ... نداك الْغَيْث إِن مَحل
توالى ... وَأَنت اللَّيْث إِن شهدُوا القتالا
غصبت اللَّيْث شدَّة ساعديه ... نعم وسلبت عَيْنَيْهِ الغزالا ...
وَمِنْهَا ... مَا أفنى السُّؤَال لكم نوالا ... وَلَكِن جودكم أفنى
السؤالا
نوال طبق الْآفَاق حَتَّى ... جرى مثلا بهَا وَغدا مِثَالا ... 4
(1/257)
181 - النَّحْوِيّ أَبُو بكر مُحَمَّد بن
طَلْحَة الإشبيلي
وَكَانَ مصدر للإقراء بإشبيلية اجْتمع وَالِدي وَأَخْبرنِي أَنه كَانَ
لطيفاً كثير الْحبّ للغلمان والتعزل فيهم وَمن شعره قَوْله ... بدا
الْهلَال فَلَمَّا ... بدا نقصت وتما
كَأَن جسمي فعل ... وسحر عَيْنَيْهِ لما ...
182 - الأديب أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن الْأَبَّار الْخَولَانِيّ
ذكر ابْن بسام أَنه مِمَّن صنف وأبدع وَكَانَ فِي زمن المعتضد بن عباد
وَأنْشد لَهُ فِيهِ ... ملك إِذا الهبوات أظلم جنحها ... جعل الحسام
إِلَى الْحمام دَلِيلا
أَن كَانَت الْأسد الضواري لم تخف ... من بأسه فَلم اتخذن الغيلا
أَو كَانَت الْبيض الصوارم لم تهم ... فِي حبه فَلم اكتسين نحولاً ...
(1/258)
183 - الأديب أَبُو الْقَاسِم بن
الْعَطَّار
ذكر صَاحب القلائد أَنه أحد أدباء إشبيلية وَوَصفه بِكَثْرَة الارتياح
والفرح والانتهاك فِي حب الغلمان وَبِذَلِك وَصفه الحجاري وَأنْشد لَهُ
قَوْله ... ركبنَا على اسْم الله نَهرا كَأَنَّهُ ... جمان على عطفيه
وشي حباب
وَإِلَّا حسام جال فِيهِ فرنده ... لَهُ من مديد الظل أَي قرَاب ...
وَقَوله ... لله بهجة منزه ضربت بِهِ ... فَوق الغدير رواقها الأنسام
فَمَعَ الْأَصِيل النَّهر درع سابغ ... وَمَعَ الضُّحَى يلتاح فِيهِ
حسام ...
وَقَوله ... لحاظه أسْهم وحاجبه ... قَوس وإنسان عينه رامى ...
وَقَوله فِي أبي حَفْص الْهَوْزَنِي وَقد مَاتَ فِي نهر طلبيرة ... فيا
عجبا للبحر غالته نُطْفَة وللأسد الضرغام أرداه أَرقم ...
184 - الأديب أَبُو نصر الْفَتْح بن مُحَمَّد بن عبيد الله الْقَيْسِي
من المسهب الدَّهْر من رُوَاة قلائده وَحَملَة وسائطه وفرائده وَجعل
(1/259)
ابْن بسام أَكثر تقييداً وعلماً مُفِيدا
وَالْفَتْح أقدر على البلاغة وَكَلَامه أَكثر تعلقاً بالأنفس وَذكر
أَنه عرف بِابْن خاقَان لاتهامه فِي الْخلْوَة وَأَن ذَلِك وَمَا
اشْتهر بِهِ من الْوُقُوع فِي الْأَعْرَاض صده عَن أَن يكون علما من
أَعْلَام = كتاب الدولة المرابطية قَالَ وَقد رَمَاه الله بِمَا رمى
بِهِ إِمَام عُلَمَاء الاندلس ابْن باجه فَوَجَبَ فِي فندق بمراكش قد
ذبحه عبد أسود خلا مَعَه وَتَركه
وَمن سمط الجمان أَن التَّكَلُّم فِي شَأْنه وإعمال الْقَلَم فِي وصف
تجلفه وخذلانه إخلال بِالْبَيَانِ وإضاعة للزمان فآثرنا فِي أمره
الِاخْتِصَار وتمثلنا قَول الْقَائِل كل الثِّمَار وخل الْعود للنار
وَأما سَهْمه فِي الْكِتَابَة وَعلمه الْمَرْفُوع فِي ميادين الخطابة
فسهم اصابة وَعلم عرابة وَمَا أحسن مَا أنْشدهُ من شعره قَوْله ... سقى
أَرض حمص بالاصيل بالضحى ... سَحَاب كدمعي يستهل ويسجم
ومدت بهَا للروض أبراد سندس ... تطرزها كف الْغَمَام وترقم
وَحيا الحيا أَرض الغروس وروضها ... بِحَيْثُ التوى فِيهِ من النَّهر
أَرقم ...
وَمَا ورد وَيرد فِي أثْنَاء كتاب الْمغرب من نثره فِي القلائد عنوان
بلاغته
185 - الأديب الْأُسْتَاذ أَبُو الْحسن عَليّ بن جَابر الدباج
شيخ جليل الْقدر قدمه أهل إشبيلية للصَّلَاة بهم فِي جَامع الْعَدَبَّس
(1/260)
مَشْهُور بِالْفَضْلِ وَهُوَ مَعَ هَذَا فِي نِهَايَة من اللطافة
والمداعبة للغلمان والتندير فِي شَأْنهمْ قَرَأت عَلَيْهِ بإشبيلية
وَمن شعره قَوْله ... لما تبدت وشمس الْأُفق بادية ... أَبْصرت شمسين
من قرب وَمن بعد
من عَادَة الشَّمْس تعشي عين ناظرها ... وَهَذِه نورها يشفي من الرمد
...
وَقَوله فِي المجبنات ... أحلى مواقعها إِذا قربتها ... وبخارها فَوق
الموائد سامي
إِن أحرقت لمساً فَإِن أوارها ... فِي دَاخل الأحشاء برد سَلام ...
وَتركته فِي قيد الْحَيَاة |