المغرب في حلى المغرب

كتاب الفصوص المنقوشة فِي حلي مملكة طرطوشة

(2/421)


بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد
أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّالِث من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب شَرق الأندلس وَهُوَ كتاب الفصوص المنقوشة فِي حلى مملكة طُرْطُوشَة مملكة فِي شرقيّ بلنسية وَقد حصلت بأسرها لِلنَّصَارَى من مدينتها
612 - الْوَزير الْكَاتِب أَبُو الرّبيع سُلَيْمَان ابْن أَحْمد الْقُضَاعِي
من الذَّخِيرَة من قدماء الأدباء بذلك الثَّغْر وَمن كتّاب الْعَصْر المتصرفين فِي النّظم والنثر وَكَلَامه يجمع بَين الْحَلَاوَة والجزالة وَمن شعره قَوْله يُخَاطب أحد وزراء قُرطبة وَقد قَالَ لَهُ فِي تِلْكَ الْفِتْنَة لَو كنت عندنَا فِي قرطبة حصلت بهَا على الْوَزير

(2/423)


.. هَبْكَ كَمَا تدَّعي وزيراً ... وزيرُ من أَنْت يَا وزيرُ
وَالله مَا للأمير مَعْنىً ... فَكيف من وزَّر الأميرُ ...

وَأنْشد لَهُ الحِجاريّ ... مَا السحر إِلَّا من جفونك يُتَّقى ... يَا غصنَ بَان قد تَثَنّى فِي نَقا
كم رُمْتُ أَن أرْقَى إِلَيْك وَأَنت فِي ... أُفق الْجمال هلالُ تِمٍّ أشرقا ...
613 - الْفَقِيه أَبُو بكر مُحَمَّد بن الْوَلِيد الفهريّ الطرطوشيّ ... صحب أَبَا الْوَلِيد الباجيّ بسَرقُسطة وَسكن الشَّام ومصر وَكَانَ إِمَامًا عَالما زاهداً كثيرا مَا يُنشد ... إِن لله عباداً فُطُنا ... طَلَّقُوا الدُّنْيَا وخافوا الفِتَنا
فكّروا فِيهَا فَلَمَّا علمُوا ... أَنَّهَا لَيست لحيٍّ وطنا
جعلوها لُجّةً وَاتَّخذُوا ... صالحَ الْأَعْمَال فِيهَا سُفُنا ... وتوفِّي بالإسكندرية سنة عشْرين وَخَمْسمِائة والأبيات منسوبة لَهُ

(2/424)


كتاب النَّهْلَة فِي حلى مملكة السَّهْلة

(2/425)


بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد
أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الرَّابِع من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب شَرق الأندلس وَهُوَ كتاب النَّهْلة فِي حُلى مملكة السَّهْلَة هِيَ بَين مملكة بَلَنْسِية وجهات ثغر سرقسطة وحضرتها مَدِينَة شَنْتمرية
التَّاج ملكهَا فِي مُدَّة مُلُوك الطوائف
614 - هُذَيل بن خلف بن رزين البَرْبريّ
ذكر ابْن حَيَّان أَنه كَانَ من أكَابِر برابر الثغر واقتطع هَذِه المملكة فِي مُدَّة مُلُوك الطوائف

(2/427)


قَالَ الحِجاريّ وَلما مَاتَ هُذَيْل وَليهَا ابْنه عَبود بن هُذَيْل فاقتفى طَرِيق وَالِده إِلَى أَن مَاتَ فولي بعده ابْنه
615 - ذُو الرياستين أَبُو مَرْوَان عبد الْملك بن رزين من القلائد ورِثَ الرياسة عَن مُلُوك عَضَدوا مُؤازِرَهم وشدوا دون الْمَحَارِم مآزِرَهم لم يتوشحوا إِلَّا بالحمائل وَلَا جَنَحوا للبأس إلاّ فِي أعِنَّة الصّبا وَالشَّمَائِل وَكَانَ ذُو الرياستين مُنْتَهى فخارهم وقُطْب مدارهم ثمَّ قَالَ وَرُبمَا عَاد إنعامه بوسا وانقلب ابتسامه عبوسا وَذَلِكَ فِي مجْلِس شرابه وَمَعَ هَذَا فَإِنَّهُ كَانَ غَيْثاً فِي الندى ولَيْثاً فِي العِدا وَكتب إِلَى الْوَزير ابْن عمّار ... ضمانٌ على الْأَيَّام أَن أبلغ المنى ... إِذا كنت فِي ودّي مُسِرّاً ومُعلِنا
فَلَو تسْأَل الأيامُ من هُوَ مُفْرَدٌ ... بودِّ ابْن عمّارٍ لَقلت لَهَا أَنا
فَإِن حَالَتْ الْأَيَّام بيني وبينهُ ... فَكيف يطيب الْعَيْش أَو تحسُنُ المُنى ... وَمن شعره قَوْله ... وروضٍ كَسَاه الطَّلُّ وَشْياً مُجَدَّداً ... فأضحى مُقيما للنفوس ومقعدا
إِذا صافحته الرّيح خلْت غُصُونَه ... رواقِصَ فِي خُضرٍ من القُضْب مُيَّدا
إِذا مَا انسكابُ المَاء عَايَنت خِلْتَهُ ... وَقد كَسرته راحةُ الرَّاح مِبْرَدا ...

(2/428)


.. وَإِن سكنَتْ عَنهُ حَسِبْت صفاءهُ ... حُساماً صقيلاً صافيَ المَتْن جُرِّدا
وغنَّت بِهِ وُرْقُ الحمائم حولنا ... غناء ينسِّيك الغَريضَ ومعبدا
فَلَا تجفوَنَّ الدَّهْر مَا دَامَ مُسْعِداً ... ومُدَّ إِلَى مَا قد حَباك بِهِ يدا
وخُذها مُدَاماً من غزالٍ كَأَنَّهُ ... إِذا مَا سقى بَدْرٌ تحمَّل فَرْقَدا ...

وَقَوله ... دعِ الجفْنَ يُفْنِي الدمع لَيْلَة وَدَّعوا ... إِذا انقلبوا بِالْقَلْبِ لَا كَانَ مَدْمَعُ
سَرَوا كاغتداء الطير لَا الصبرُ بعدهمْ ... جميلٌ وَلَا طولُ الندامة يَنْفعُ
أضيقُ بحمْل الفادحات من النَّوَى ... وصدري من الأَرْض البسيطة أوْسَعُ
وَإِن كنت خلاع الْعذر فإنني ... لبستُ من العلياءِ مَا لَيْسَ يُخْلَعُ
إِذا سلَّت الألحاظُ سيْفاً خشيتُه ... وَفِي الْحَرْب لَا أخْشَى وَلَا أتوقَّعُ ...

وَقَوله ... أتُرى الزمانُ يسرُّنا بتلاقي ... ويضمُّ مشتاقاً إِلَى مُشتاقِ
وتَعَضُّ تفَّاحَ الخدود شفاهُنَا ... ونرى سَنا الأحْداق بالأحْداقِ
وتعودُ أَنْفُسنَا إِلَى أجسامها ... من بَعْدَمَا شَرَدَتْ على الآفاقِ ...

وَقَوله فِي شمعة ... ربَّ صفراءَ تردّتْ ... بِرداء العاشقينا
مثلَ فعل النَّار فِيهَا ... تفعل الآجالُ فِينَا ...

(2/429)


616 - الْوَزير الْكَاتِب أَبُو بكر سر راى وَزِير ذِي الرياستسن وكاتبه
أنْشد لَهُ الحِجاريّ ... مَا ضَرَّكُمْ لَو بَعَثْتُمْ ... وَلَو بأدْنى تحيَّهْ
تهزُّني من شَذَاها ... إليكمُ الأرْيحيَّهْ
خُذُوا سلامي إِلَيْكُم ... مَعَ الرِّيَاح النَّدِيَّهْ
فِي كل غُرَّة يَوْم ... تَتْرَى وكلّ عَشِيَّة ...

(2/430)