المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

باب ذكر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وكرمه
ذكر نسبه [1]
هو مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد المطلب بْن هاشم بْن عَبْد مناف بْن قصي بْن كلاب بْن مرة بْن كعب بْن لؤي بْن غالب بْن فهر [2] بْن مالك بْن النضر بْن كنانة بْن خزيمة بْن مدركة بْن إلياس بْن مضر بْن نزار بْن معد بْن عدنان [3] [ولا يختلف النسابون إِلَى عدنان] [4] .
ثم يختلفون فيما بعده، فبعضهم يقول: عدنان بْن أد بْن أدد بْن الهميسع بْن حميل بْن النبت بْن قيذار بْن إسماعيل بْن إِبْرَاهِيم.
وبعضهم يقول: عدنان بْن أدد، من غير ذكر: أد.
وَمِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنِ النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم أنه قَالَ: « [مَعْدٌ] عَدْنَانُ بْنُ أَدَدِ بْنِ زَنْدِ بن يرى بن أعراق الثرى» [5] .
__________
[1] بياض في ت مكان: «باب: ذكر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ونسبه» .
[2] وإلى فهر جماع قريش، وما كان فوق فهر فليس يقال له قرشيّ، يقال كنانيّ. (طبقات ابن سعد 1/ 55) .
[3] تاريخ الطبري 2/ 271. الطبقات الكبرى لابن سعد 1/ 55. والبداية والنهاية 2/ 252- 255. والسيرة النبويّة لابن هشام 1/ 1، 2.
[4] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل، وأثبتناه من ت، ومن ألوفا بأحوال المصطفى للمصنف (الباب السابع: ذكر نسب نبينا صلى الله عليه وسلم.
[5] حديث: «مَعْدٌ عَدْنَانُ بْنُ أَدَدِ بْنِ زَنْدِ بْنِ يرى بن أعراق الثرى» .
أخرجه الطبري في تاريخه 2/ 271 عن أم سلمة. وابن سعد في الطبقات الكبرى 1/ 56 عن كريمة بنت المقداد بن الأسود. وابن الجوزي في ألوفا (برقم 62) .

(2/195)


قالت أم سلمة فزند هو: الهميسع، ويرى هو: نبت، وأعراق الثرى: هو إسماعيل، كذلك حكى الزبير بْن بكار.
وحكي أيضا أن أعراق الثرى: إِبْرَاهِيم، لأنهم لما رأوه لم تحرقه النار [1] قالوا:
ما هو إلا أعراق الثرى.
قَالَ مؤلف الكتاب: [2] هكذا ضبطه أَبُو زيد.
وقد حَدَّثَنَا عَنْ أبي أحمد العسكري قَالَ: إنما هو زند بالنون، مثل اسم أبي دلامة.
وَقَالَ ابن إِسْحَاق: [3] عدنان بْن أدد بْن مقوم بْن ناحور بْن يترح بْن يعرب بْن يشجب [4] بْن أيوب بْن قيذار بْن [5] إسماعيل بْن إِبْرَاهِيم.
وقد ذكر بعضهم بين معد وإسماعيل أربعين أبا [6] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْدِ الْبَاقِي الْبَزَّازُ قَالَ: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أَبُو عَمْرو بْن حيوية قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن معروف قال: أخبرنا الحارث بن أبي أسامة قال: أخبرنا محمد بن سعد قال: أخبرنا خالد بن خداش قال: أخبرنا عبد الله بن وهب قال: أَخْبَرَنَا ابن لهيعة، عَنْ أبي الأسود، عَنْ عروة قَالَ:
ما وجدنا أحدا يعرف ما وراء معدّ بن عدنان [7] .
__________
[1] في ت: «لم يحترق بالنار» ، وكذلك في ألوفا (برقم 62) .
[2] «قال مؤلف الكتاب» سقط من ت.
[3] في ت: «وقال إسحاق» .
[4] في ت: «يشخب» .
[5] في تاريخ الطبري 2/ 272 عن ابن إسحاق: « ... بن يشجب بن نابت بن إسماعيل بن إبراهيم» .
ولعل ما أورده المصنف رواية أخرى عن ابن إسحاق.
[6] انظر تفصيل ما ورد في ذلك في: السيرة النبويّة لابن هشام 1/ 1- 4. وتاريخ الطبري 2/ 272- 276.
والطبقات الكبرى لابن سعد 1/ 56- 59. والبداية والنهاية 2/ 252- 257. ومروج الذهب 1/ 20.
[7] هذا الخبر بسنده سقط من ت.
وقد أخرجه ابن سعد من الطبقات الكبرى 1/ 58.
وابن الجوزي في ألوفا (برقم 63) .

(2/196)


قَالَ عروة: وسمعت أبا بكر بْن سليمان بْن [أبي] [1] حثمة/ يقول: ما وجدنا فِي علم عالم، ولا شعر شاعر أحدا يعرف ما وراء معد بْن عدنان بثبت [2] .
وقد سبق [3] نسب الخليل إِلَى آدم عليهما السلام.
فصل
[4] وبين [5] مولد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وبين آدم عليهما السلام مدة مختلف [6] فيها.
فعلى ما روى الواقدي: أربعة آلاف وستمائة [سنة] [7] .
وَقَالَ قوم: ستة آلاف ومائة وثلاث عشرة سنة [8] .
وَفِي رواية أبي صالح عَنِ ابن عباس: خمسة آلاف سنة وخمسمائة سنة [9] .
قَالَ [10] : وكان من آدم [11] إِلَى نوح ألفا سنة ومائتا سنة.
[ومن نوح إِلَى إِبْرَاهِيم ألف سنة ومائة سنة] [12] وثلاث وأربعون [13] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[2] الخبر أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى 1/ 58.
وابن الجوزي في ألوفا (رقم 64) .
[3] «سبق» سقطت من ت.
[4] بياض في ت مكان: «فصل» .
[5] في ت: «بين» .
[6] في الأصل: «يختلف» .
[7] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل، وأثبتناه في ت.
وأورد الطبري حكاية الواقدي في تاريخه 2/ 237.
[8] تاريخ الطبري 2/ 237، 238.
[9] «سنة» سقطت من ت.
وانظر هذه الرواية في الطبري 2/ 237.
[10] يعني ابن عباس.
[11] في ت: «وبين» .
[12] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل، ت، وأثبتناه من الطبري 2/ 238.
[13] من أول: «وثلاث وأربعون ... » حتى « ... قال مؤلف الكتاب» سقط من ت.

(2/197)


ومن إبراهيم إلى موسى خمسمائة سنة وخمس وسبعون [سنة] [1] .
ومن موسى إِلَى داود مائة سنة وتسع وسبعون سنة.
ومن داود إِلَى عِيسَى ألف سنة وثلاث وخمسون سنة.
ومن عيسى إلى محمد صلى الله عليه وسلم ستمائة سنة [2]
. ذكر آباء رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ مؤلف الكتاب أما عَبْد اللَّه أَبُو رسول اللَّه صلى اللَّه عَلَيْهِ وسلم فهو أصغر ولد أبيه [3] ، وكان عَبْد اللَّه، والزبير، وأبو طالب: بنو عَبْد المطلب لأم واحدة: واسمها [4] فاطمة بنت عمرو بْن عائذ بن عمران بْن مخزوم. هكذا قَالَ ابن إِسْحَاق [5] .
وَرَوَى هشام بْن مُحَمَّد عَنْ أبيه قَالَ: عَبْد اللَّه، وأبو طالب- واسمه عَبْد مناف- والزبير، وعَبْد الكعبة، وعاتكة، وبرة [6] ، وأميمة، ولد عَبْد المطلب إخوة لأم، أمهم فاطمة المذكورة [7] .
وَقَالَ [8] ابن إِسْحَاق: كان عَبْد المطلب قد نذر حين لقي من قريش عند حفر زمزم ما لقي لئن [9] ، ولد له عشرة نفر ثم بلغوا معه حَتَّى يمنعوه، لينحرن [10] أحدهم للَّه عند الكعبة، فلما تموا عشرة عرف [11] أنهم سيمنعونه، فأخبرهم بنذره، فأطاعوه، وقالوا:
__________
[1] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[2] تاريخ الطبري 2/ 238. وطبقات ابن سعد 1/ 53.
[3] في الأصل: «أولاد أمه» .
[4] في ت: «اسمها» بدون الواو.
[5] تاريخ الطبري 2/ 239.
[6] في الأصل: «مرة» .
[7] تاريخ الطبري 2/ 239.
[8] في ت: «قال ابن إسحاق» .
[9] في الأصل: «إن» . وفي ت: «لأن» .
[10] في ت: «ثم بلغوا عنه حتى يمنعوه ليسخرن» .
[11] في ت: «عرفوا» .

(2/198)


كيف نصنع؟ قَالَ: [1] يأخذ كل رجل منكم قدحا، ثم ليكتب فيه اسمه، ثم ائتوني به.
ففعلوا، ثم أتوه فدخل عَلَى هبل وَقَالَ [2]- يعني لقيم الصنم-: اضرب [3] بقداح هَؤُلاءِ. وكان عَبْد اللَّه أصغر بني أَبِيهِ، وكان أحبهم إِلَى عَبْد المطلب. فلما [4] أخذها/ ليضرب بها [5] ، قام عَبْد المطلب عند الكعبة يدعو اللَّه، ثم ضرب صاحب القداح، فخرج القدح عَلَى عَبْد اللَّه، فأخذه [6] عَبْد المطلب بيده، وأخذ الشفرة، ثم أقبل به إِلَى إساف ونائلة، فقامت إليه قريش من أنديتها، وَقَالُوا: ما تريد أن تصنع؟ قَالَ:
أذبحه. قالوا: لا تذبحه أبدا حَتَّى تعذر فيه، انطلق به فأت [به] [7] عرافة [لها تابع فسلها] [8] . فانطلق، فقالت [له] : كم الدية فيكم؟ [9] قالوا: عشرة من الإبل. قالت:
فارجعوا ثم قربوا [10] صاحبكم، وقربوا عشرا [11] من الإبل، ثم اضربوا عَلَيْهِ وعليها بالقداح [12] ، فإن خرجت عَلَى صاحبكم فزيدوا من الإبل حَتَّى يرضى ربكم، فإن خرجت عَلَى الإبل فقد رضي ونجا صاحبكم.
فقربوا عَبْد اللَّه وعشرا [13] من الإبل فخرجت عَلَى عَبْد اللَّه، فزادوا عشرا فخرجت عَلَى عَبْد اللَّه [14] ، فلم يزالوا عَلَى هَذَا إِلَى أن جعلوها مائة، فخرج القدح على الإبل.
__________
[1] في ت: «قالوا» .
[2] في ت: «قال» .
[3] في ت: «وضرب» .
[4] في ت: «ولما» .
[5] «بها» سقطت من ت.
[6] في أ: «فأخذ» وكذلك في الطبري 2/ 241. وما أثبتناه موافق لسيرة ابن هشام والأصل.
[7] في الأصل: «فأت عرافة» . وفي ت: «إلى عرافة» . وما بين المعقوفتين أضفناه من ابن هشام.
[8] ما بين المعقوفتين: زيادة من ابن هشام 1/ 154 ليستقيم المعنى.
[9] «فيكم» سقطت من ت.
[10] في الأصل: «فقربوا» .
[11] في ت: «عشرة» .
[12] في ت: «ثم أخرجوا بقداحكم عليه وعليها» .
[13] في ت: «فقربوا عبد الله عشرا» .
[14] «فخرجت على عبد الله» سقطت من ت.

(2/199)


فقالوا: قد رضي ربك. فَقَالَ: لا والله حَتَّى أضرب [1] عليها وعليه ثلاث مرات. ففعل فخرج القدح عَلَى الإبل، فنحرت، ثم تركت لا يصد عنها إنسان ولا سبع [2] .
ثم انصرف عَبْد المطلب بابنه فمر عَلَى امرأة من بني أسد يقال لها: أم قتال بنت [3] نوفل بن أسد بن عبد العزى وهي أخت ورقة. فقالت: يا عَبْد اللَّه، أين تذهب؟ قَالَ: مع أبي، فقالت [4] : لك عندي مثل الإبل التي نحرت عنك، وقع علي.
فَقَالَ إني مع أبي لا أستطيع فراقه [5] .
فخرج به [6] عَبْد المطلب حَتَّى أتى وهب بْن عَبْد مناف بْن زهرة، وهو يومئذ سيد بني زهرة نسبا [7] فزوجه آمنة [8] ، وهي يومئذ أفضل امرأة فِي قريش نسبا.
فدخل عليها [9] ، فوقع عليها مكانه، فحملت بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ثم خرج من عندها حَتَّى أتى المرأة التي كانت عرضت عَلَيْهِ نفسها، فَقَالَ: مالك لا تعرضين عليّ
__________
[1] من أول: «على هذا إلى أن جعلوها ... » حتى « ... حتى أضرب» ساقط من ت.
[2] إلى هنا الخبر في السيرة النبويّة 1/ 151- 153.
وتاريخ الطبري 2/ 240- 243. والبداية والنهاية 2/ 248.
وأخرجه البيهقي في دلائل النبوة 1/ 98- 101.
وفي السيرة النبويّة: «لا يصد عنها إنسان ولا يمنع» بدلا من «ولا سبع» من قول ابن هشام وأورده كذلك ابن الجوزي في ألوفا، باب: في ذكر عبد الله أبي نبينا صلى الله عليه وسلم) .
[3] في ت: «من بني أسيد يقال لها أم فقال بنت نوفل» .
هذا وقد أغفل ابن الجوزي غلطا منه قول ابن إسحاق، «فيما يزعمون» لأن عادة ابن هشام- وكذلك الطبري- أن يورد هذا اللفظ عند شكه في الخبر. فهذا خطأ لأن هذا الخبر بصفة خاصة يكثر الكلام عنه، وسنوضح ذلك في نهاية الخبر إن شاء الله.
[4] في ت: «قالت» .
[5] في ابن هشام: «لا أستطيع خلافه ولا فراقه» .
[6] «به» سقطت من ت.
[7] في ت: «سنا» .
[8] في ت: «فتزوجته آمنة» .
[9] في الأصل: «ودخل بها» .

(2/200)


اليوم ما كنت [1] عرضت علي بالأمس؟ قالت [2] له: فارقك النور الذي كان معك بالأمس، فليس [اليوم] [3] لي بك حاجة. وقد كانت تسمع من أخيها ورقة بْن نوفل، وكان قد تنصر واتبع الكتب، فكان فيما ذكر [4] : أنه كائن فِي هَذِهِ [5] الأمة نبي من بني إسماعيل.
قَالَ مؤلف الكتاب [6] : فإن قَالَ قائل قد [7] ذكرت فِي هَذَا الحديث أن عبد الله كان أصغر بني أبيه، وقد صح أن العباس أكبر من رسول اللَّه صلى اللَّه عَلَيْهِ وسلم.
فالجواب: أنه كان أصغر الموجودين [8] يومئذ من ولد عَبْد المطلب، ثم ولد العباس بعد ذلك.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي الْبَزَّارُ قَالَ: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أَبُو عَمْرو بْن حيوية قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن معروف قال: أخبرنا الحارث بن أبي أسامة قال: أخبرنا محمد بن سعد قال: أخبرنا هشام بْن مُحَمَّد الكلبي، عَنْ أبي الغياض الخثعمي [9] قَالَ:
مر عَبْد اللَّه بْن عَبْد المطلب بامرأة من خثعم يقال لها: فاطمة بنت مرة [10] ، وكانت أجمل الناس وأعفّهم [11] [وكانت] قد [12] قرأت الكتب، وكان شباب قريش
__________
[1] «ما كنت» سقطت من ت.
[2] في ت: «فقالت له» .
[3] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل، وأثبتناه من ت. وفي ت: «فليس اليوم لي فيك حاجة» .
[4] في ت: «فكان فيما أدرك» .
[5] في ت: «لهذه الأمة» وكذلك في الطبري 2/ 244.
[6] «قال مؤلف الكتاب» سقطت من ت.
[7] «قد» سقطت من ت.
[8] في ت: «الموجود» .
[9] حذف السند من ت وكتب بدلا منه: «أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الباقي بإسناد لَهُ عن أبي العاص الخثعميّ قال» .
[10] في الطبقات الكبرى 1/ 96: «فاطمة بنت مرّ» .
[11] في الأصل: «وأعف» . وفي ت: «وكانت من أجمل الناس» .
وفي الطبقات الكبرى 1/ 96: «وكانت من أجمل الناس وأشبّه وأعفّه» .
[12] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.

(2/201)


يتحدثون إليها [1] ، فرأت نور النبوة فِي وجه عَبْد اللَّه بْن عَبْد المطلب، فقالت: يا فتى، من أنت؟ فأخبرها. فقالت: هل لك أن تقع علي وأعطيك مائة من الإبل؟ [فنظر إليها] [2] وَقَالَ:
أما الحرام فالممات دونه ... والحل لا حل فأستبينه
فكيف بالأمر الذي تبغينه [3] ... يحمي الكريم عرضه ودينه
[4] ثم مضى إِلَى امرأته آمنة بنت وهب، فكان معها، ثم ذكر الخثعمية وجمالها وما عرضت عَلَيْهِ، فأقبل عليها فلم ير منها [5] من الإقبال عَلَيْهِ [آخرا] [6] كما رآه منها أولا، فَقَالَ: هل لك فيما قلت لي [7] ؟ فقالت: قد كان ذلك مرة فاليوم لا، فذهبت مثلا. ثم قالت: [8] أي شَيْء صنعت بعدي؟ قَالَ: وقعت عَلَى زوجتي آمنة بنت وهب. فقالت:
إني والله لست بصاحبة ريبة، ولكني رأيت نور النبوة فِي وجهك، فأردت أن يكون ذلك فِي، وأبى اللَّه إلا أن يجعله حيث جعله.
وبلغ شباب قريش ما عرضت عَلَى/ عَبْد اللَّه بْن عَبْد المطلب وتأبيه عليها [9] ، فذكروا ذلك لها، فأنشأت تقول:
إني رأيت مخيلة عرضت [10] ... فتلألأت بحناتم القطر
فلمائها نور يضيء له ... ما حوله كإضاءة الفجر
__________
[1] «وكان شباب قريش يتحدثون إليها» سقط من ت.
[2] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[3] في ت، والطبقات 1/ 96: «تنوينه» وما أثبتناه موافق لما في الطبري 2/ 224. والروض الأنف 1/ 104.
[4] «يحمي الكريم عرضه ودينه» سقط من ت، والطبقات الكبرى، والطبري. وقد وردت في الأصل، والطبقات الكبرى، والطبري. وقد وردت في الأصل، والروض الأنف 1/ 104.
[5] في الأصل: «فلم ير لها» .
[6] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[7] «لي» سقطت من ت.
[8] في ت: «وقالت» .
[9] «عليها» سقطت من ت.
[10] في الأصل، ت: «لمعت» وما أثبتناه من الطبقات.

(2/202)


ورأيته شرفا أبوء به ... ما كل قادح زيح زنده يوري
للَّه ما زهرية سلبت ... ثوبيك ما استلبت وما تدري
وَقَالَت أيضا:
بني هاشم قد غادرت من أخيكم ... أمينة إذ للباه يعتلجان
كما غادر المصباح بعد خبوه ... فتائل قد ميثت له بدهان
وما كل ما يحوي الفتى من تلاده ... بحزم ولا ما فاته لتوان
فأجمل إذا طالبت أمرا فإنه ... سيكفيكه جدان يصطرعان
[سيكفيكه إما يد مقفعلة ... وإما يد مبسوطة ببنان]
ولما قضت منه أمينة ما قضت ... نبا بصري عنه وكلّ لساني
[1]
__________
[1] جاءت الأبيات مضطربة وبها سقط وتحريف في الأصل، ت فأثبتناها من الطبقات 1/ 97، وهذه القصة- التي أوردها المصنف دون تعقيب على صحتها من عدمه- أوردها الطبري 1/ 243- 246، وابن هشام في السيرة النبويّة 1/ 155- 157 كلاهما قال: «فيما يزعمون» ، وهذه اللفظة كما سبق أن أشرنا، تدلنا إلى عدم اليقين، بل الشك المائل إلى التكذيب، وهذه هي عادة الطبري وابن هشام وغيرهما فيما يروون من أخبار ليس لها سند قوي، بل ليس لها حتى سند ضعيف.
ودليلنا في تكذيب هذا الخبر عدة أشياء:
1- أن هذه القصة تخالف ما جاء من أحاديث صحيحة في طهارة وشرف نسب الأنبياء، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:
«إن الله عز وجل اصطفى بني كنانة من بني إسماعيل، واصطفى من بني كنانة قريشا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم» . فهذه القصة تعارض الاصطفاء، وهذا ما أراد أعداء الإسلام بدسهم مثل هذه القصة الموضوعة.
2- كيف لرجل مثل عبد الله- بن عبد المطلب- صاحب النسب المصطفى من بني هاشم- أن يعود لهذه المرأة بعد أن أتى زوجته آمنة بنت وهب، فيطلب منها ما عرضت عليه هي بالأمس من زنا!؟ مع العلم بأنه حديث عهد بالزواج.
3- أن كل الروايات مختلفة في اسم هذه المرأة، فمرة ذكرت أنها أم قتال أخت ورقة بن نوفل، وأخرى أنها امرأة من خثعم، وثالثة أنها ليلى العلوية، ورابعة أنها كاهنة من أهل تبالة، وخامسة أنها فاطمة بنت مر الخثعمية. وقد نص على هذا الاختلاف كل من نقل الخبر منهم ابن سعد في الطبقات 1/ 95- 96.
والبيهقي في الدلائل 1/ 102- 108. وابن هشام 1/ 156- 157، وغيرهم فمن هذا يتضح لنا أن هذا الخبر كذب وافتراء، والله تعالى أعلم.

(2/203)


وأما عَبْد المطلب
فاسمه: شيبة [الحمد] [1] ، سمي بذلك لأنه ولد وَفِي رأسه شيبة.
أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُصَيْنِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو طالب مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بن عَسَاكِرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ يُونُسَ قَالَ:
أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِيهِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ: قَالَ أَبِي عَبْدُ الْمُطَّلِبِ [2] :
خَرَجْتُ إِلَى الْيَمَنِ فِي رِحْلَةِ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ، فَنَزَلْتُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ يَقْرَأُ الزَّبُورَ. فَقَالَ: يَا عَبْدَ الْمُطَّلِبِ، ائْذَنْ لِي فَأَنْظُرُ فِي بَعْضِ جَسَدِكَ. فَقُلْتُ [3] : انْظُرْ مَا لَمْ يَكُنْ [4] عَوْرَةٌ. فَنَظَرَ فِي مِنْخَرِي فَقَالَ: أَجِدُ فِي أَحَدِ مِنْخَرَيْكَ مُلْكًا وفي الأخرى نبوّة، فهل [لك] [5] ما شَاعَةٍ؟ قُلْتُ: وَمَا الشَّاعَةُ؟ قَالَ: الزَّوْجَةُ. قُلْتُ: أَمَّا الْيَوْمَ فَلا. قَالَ:
فَإِذَا قَدِمْتَ مَكَّةَ فَتَزَوَّجَ. فَقَدِمَ فَتَزَوَّجَ هَالَةَ، فَوَلَدَتْ لَهُ حَمْزَةَ، وَصَفِيَّةَ، وَتَزَوَّجَ عَبْدُ اللَّهِ آمِنَةَ، فَوَلَدَتْ/ لَهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَتْ قُرَيْشٌ تَقُولُ: فَلَجَ عَبْدُ اللَّهِ عَلَى أَبِيهِ [6] .
قَالَ مؤلف الكتاب [7] : يقول العرب: فلج فلان على خصمه، أي: فاز وغلب.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[2] حذف السند من ت، وكتب بدلا منه: «أخبرنا هبة الله بن الحصين بإسناد له عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِيهِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ: قَالَ أَبِي عَبْدُ الْمُطَّلِبِ.
[3] في الأصل: «فقال» .
[4] في ت: «ما لم تر عورة» .
[5] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[6] الخبر أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى 1/ 86. وأبو نعيم في دلائل النبوة 88، 89. والبيهقي في الدلائل 1/ 106، 107. وأورده السيوطي في الخصائص الكبرى 1/ 40. وابن كثير في البداية والنهاية 2/ 251. وابن الجوزي في ألوفا رقم 79.
[7] «قال مؤلف الكتاب» سقطت من ت.

(2/204)


فصل
قَالَ مؤلف الكتاب [1] : وإنما قيل له عَبْد المطلب، لأن هاشما خرج إِلَى الشام فِي تجارة، فمر بالمدينة، فرأى سلمى بنت عمر- وبعضهم يقول: بنت زيد بْن عمرو بْن لبيد [2] بْن حرام بْن خداش بْن جندب بْن عدي بْن النجار فأعجبته، فخطبها إِلَى أبيها فأنكحها منه [3] ، وشرط عَلَيْهِ أن لا تلد ولدا إلا فِي أهلها [4] ، ثم مضى هاشم لوجهه قبل أن يبني بها، ثم انصرف راجعا من الشام، فبنى بها [5] فِي أهلها بيثرب، فحملت منه، ثم ارتحل إِلَى مكة وحملها معه، فلما أثقلت ردها إِلَى أهلها، ومضى إِلَى الشام فمات بغرة، فولدت له عَبْد المطلب، فمكثت بيثرب سبع سنين أو ثماني سنين [6] ، ثم إن رجلا من بني الحارث بْن عَبْد مناة مر بيثرب [7] ، فإذا غلمان ينتضلون [8] ، فجعل شيبة إذا خسق [9] قال: أنا ابن هاشم، أنا ابن سيد البطحاء [10] . فَقَالَ له الحارثي: من أنت؟
قَالَ: أنا شيبة بْن هاشم بْن عَبْد مناف. فلما أتى الحارثي مكة قَالَ للمطلب وهو جالس فِي الحجر: [يا أبا الحارث] [11] ، تعلم أني وجدت صبيانا ينتضلون [12] بيثرب، وفيهم غلام إذا خسق قَالَ: أَنَا ابن هاشم أنا ابن سيد البطحاء. فَقَالَ المطلب [13] : والله لا أرجع إِلَى أهلي حَتَّى آتي به. فَقَالَ له الحارثي: هَذِهِ راحلتي بالفناء فأركبها [14] .
__________
[1] بياض في ت مكان: «فصل: قال مؤلف الكتاب» .
[2] في الأصل: «بن أسد» .
[3] في ت: «فأنكحها إياها» .
[4] في ت: «ولدا من غير أهلها» .
[5] في الأصل: «فابتنى بها» .
[6] «أو ثماني سنين» سقطت من ت.
[7] في الأصل: «قدم من يثرب» .
[8] في ت: «يتصدون» .
[9] خسق: أصاب ونفذ.
[10] في ت: «أنا ابن هاشم سيد البطحاء» .
[11] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[12] في ت: «غلمانا يتناضلون» .
[13] «المطلب» سقطت من ت.
[14] في الأصل: «فأدركها» .

(2/205)


فجلس المطلب [1] عليها، فورد يثرب عشاء، حَتَّى أتى عدي بْن النجار، فإذا غلمان يضربون كرة بين ظهري المدينة، فجلس فعرف ابن أخيه. فَقَالَ للقوم: أهذا ابن هاشم؟ قالوا: نعم، هَذَا ابن أخيك، فإن كنت تريد أخذه فالساعة قبل أن تعلم [به] [2] أمه، فإنها إن علمت لم تدعك وحلنا بينك [3] وبينه. فدعاه فَقَالَ: يا ابن أخي أنا عمك.
وقد أردت الذهاب بك إِلَى قومك. وأناخ راحلته، فما كذب أن جلس عَلَى عجز الناقة/، فانطلق به، ولم تعلم أمه حَتَّى [4] كان الليل، فقامت تدعوه فأخبرت أن عمه ذهب به، وقدم به المطلب ضحوة، والناس فِي مجالسهم، فجعلوا يقولون [5] : من هَذَا وراءك؟ فيقول: عَبْد لي [6] ، حَتَّى أدخله منزله عَلَى امرأته خديجة بنت سَعِيد بْن سهم، فقالت: من هَذَا؟ قَالَ: عَبْد لي. ثم خرج المطلب [7] حَتَّى أتى الحزورة، فاشترى حلة فألبسها شيبة، ثم خرج به حَتَّى كان العشي أتى مجلس بني عَبْد مناف، فجعل بعد ذلك يطوف فِي سكك مكة في تلك الحلة. فيقال [8] هَذَا عَبْد المطلب، لقوله: «هَذَا عَبْدي» حين سأله قومه، فَقَالَ المطلب: فِي ذلك [9] :
عرفت شيبة والنجار قد جعلت ... أبناؤها حوله بالنبل تنتضل
[10] قَالَ مؤلف الكتاب: [11] هَذَا حديث الواقدي، وهشام عَنْ أبيه. وقد رواه علي بْن حرب الموصلي، عن ابن معن [12] عَنْ مُحَمَّد بْن أبي بكر الأنصاري عن مشايخ الأنصار، قالوا:
__________
[1] في الأصل: «فجلس عبد المطلب» .
[2] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[3] في ت: «وقد خلينا بينك» .
[4] في الأصل: «حتى إذا كان الليل» .
[5] في ت: «فجعلوا يقولون له» . وما أثبتناه موافق للطبري.
[6] في ت: «هذا عبد لي» وما أثبتناه موافق للطبري والأصل.
[7] «ثم خرج المطلب» سقطت من ت.
[8] في الأصل: «فقيل» .
[9] «في ذلك» سقطت من ت.
[10] أخرجه الطبري في التاريخ 2/ 247، 248.
[11] «قال مؤلف الكتاب» سقطت من ت.
[12] في ت: «أبي معشر» .

(2/206)


تزوج هاشم امرأة من بني عدي بْن النجار ذات شرف، وكانت تشرط عَلَى من خطبها المقام بدار قومها فولدت له شيبة الحمد، فربي [1] فِي أخواله مكرما. فبينا هو يناضل فتيان الأنصار إذ أصاب [خصلة] [2] قَالَ: أنا ابن هاشم. وسمعه رجل مجتاز، فلما قدم مكة قال لعمه المطّلب: [قد] [3] مررت بدار بني قيلة فرأيت فتى من صفته كذا، يناضل فتيانهم فاعتزى إِلَى أخيك، وما ينبغي ترك مثله فِي الغربة [4] . فرحل المطلب حَتَّى ورد المدينة، فأراده عَلَى الرحلة [5] . فَقَالَ: ذاك إِلَى الوالدة، فلم يزل بها حَتَّى أذنت له، فأقبل به قد أردفه، فإذا لقيه اللاقي [6] ، وَقَالَ: من هَذَا يا مطلب؟ قَالَ:
عَبد لي [7] فسمي عَبْد المطلب، فلما قدم مكة وقفه عَلَى ملك أبيه، وسلمه إليه [8] .
فصل
[9] وكان إِلَى عَبْد المطلب بعد هلاك [عمه] المطلب ما كان [10] إِلَى من قبله من بني [11] عَبْد مناف من أمر السقاية والرفادة، وشرف فِي قومه، وعظم خطره، فلم يكن يعدل به منهم أحد [12] .
وكان إذا أهل رمضان/ دخل حراء فبقي فيه طول الشهر، وكان يطعم المساكين، ويعظم الظلم، ويكثر الطواف بالبيت [13] .
__________
[1] في الأصل: «فنشأ» .
[2] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل، ت وأثبتناه من الطبري 2/ 248.
[3] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[4] في ت: «وما ينبغي لك ترك مثله في القرية» .
[5] في الأصل، وت: «الراحلة» .
[6] في ت: «الملاقي» .
[7] في ت: «هذا عبد لي» وما أثبتناه من الأصل والطبري.
[8] تاريخ الطبري 2/ 246- 248.
[9] بياض في ت مكان: «فصل» .
[10] في ت: «وكان عبد المطلب بعد هلاك عمه صار إليه ما كان» . وما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[11] «من قبله من بني» سقط من ت.
[12] السيرة النبويّة لابن هشام 1/ 142. والطبري 2/ 251.
[13] من أول: «وكان إذا أهل رمضان ... » حتى « ... الطواف بالبيت» سقط من ت.

(2/207)


فصل
وعَبْد المطلب [هو] [1] الذي أتي فِي منامه فقيل له: احفر زمزم، قَالَ: وما زمزم [2] ؟ قيل: لا تنزح ولا تذم، [3] تسقي الحجيج الأعظم، وهي بين الفرث والدم، عَنْ نقرة الغراب الأعصم [وهي شرب لك ولولدك، وكان غراب أعصم] [4] لا يبرح عند الذبائح مكان الفرث والدم، فحفرها ثلاثة أيام فبدأ [له] [5] الطوي [6] ، فكبر، وَقَالَ:
هَذَا طوي إسماعيل. فقالت له قريش: أشركنا فيه فَقَالَ: ما أنا بفاعل، هَذَا شَيْء خصصت به دونكم، فاجعلوا بيني وبينكم من شئتم أحاكمكم إليه [7] ، قالوا: كاهنة بني سعد. فخرجوا إليها، فعطشوا فِي الطريق حتى أيقنوا بالموت، فقال عبد المطلب: والله إن إلقاءنا هكذا بأيدينا لعجز، [8] ألا نضرب فِي الأرض، فعسى اللَّه أن يرزقنا ماء. وقام إِلَى راحلته فركبها [9] فلما انبعثت به انفجر [10] من تحت خفها عين ماء عذب، فكبّر عبد المطّلب، وكبر أصحابه [وشربوا] [11] . وَقَالُوا: [قد] [12] قضى لك الّذي سقاك، فو الله لا نخاصمك فيها أبدا. [فرجعوا] [13] . وخلوا بينه وبين زمزم. [14] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[2] «قال: وما زمزم» سقط من ت.
[3] في ت: «لا ينزع ولا يرم» . وفي ابن هشام: «لا تنزف أبدا ولا تذم» . وفي دلائل النبوة للبيهقي 1/ 94:
«لا تنزف ولا تذم» .
[4] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[5] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[6] الطوي: الحجارة التي بها البئر.
[7] «إليه» سقط من ت.
[8] في ت: «إن إلقاءنا بأيدينا هكذا أيعجز أن» .
[9] «فركبها» سقطت من ت.
[10] في الأصل: «تفجر» .
[11] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[12] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[13] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[14] انظر الخبر في: طبقات ابن سعد 1/ 83- 84. وسيرة ابن هشام 1/ 145، 146. ودلائل النبوة للبيهقي 1/ 93- 95.

(2/208)


وكان عَبْد المطلب قد وجد فِي زمزم غزالين من ذهب كانت جرهم دفنتهما فيه [1] حين أخرجت من مكة، وأسيافا وأدرعا، فجعل الأسياف [2] بابا للكعبة، وضرب الغزالين صفائح في الباب فكان أول ذهب حليتها الكعبة.
وقد روى ابن حبيب فِي حديث الغزالين [3] شيئا آخر، قَالَ: كان معين بْن عَبْد القيس مالقا لشباب قريش يسقون عنده ويشربون وكان عيادة فتاك قريش وحلفاؤهم، منهم: أبو لهب، والحكم بن أبي العاص، والحارث بْن عامر بْن نوفل وغيرهم، وأقبلت عير من الشام تحمل خمرا، فقال لهم أَبُو لهب: ويلكم أما عندكم نفقة.
قالوا: لا. قَالَ: فعليكم بغزال الكعبة، فإنما هو غزال أَبِي، وكان عَبْد المطلب استخرجه من زمزم ووجد بها سيوفا والغزال، فحمله للكعبة. فانطلقوا بالَّليلِ فحمل أَبُو مسافع [4] ، والحارث بْن عامر عَلَى ظهورهما حَتَّى ألقياه/ عَلَى الكعبة، فضرب الغزال فوقع، فتناوله أَبُو لهب ثم أقبلوا به فكسروه فأخذوا الذهب وعينيه، وكانت من ياقوت، وطرحوا طوقه، وكان عَلَى خشب فِي منزل شيخ من بني عامر، فأخذ أَبُو لهب العنق والرأس والقرنين، وانطلق فلم تقربهم وذهبوا فاشتروا كل خمر كان [معهم] وأعطوا الشنف والقرط القسيس، فافتقدت قريش الغزال، فتكلموا فيه، وجد فِي لبرة عَبْد اللَّه بْن جدعان، فمر الْعَبَّاس، وهو شاب بدور بني سهم وهم يغنون ويقولون:
إن الغزال الذي كلتم وحليته ... يعنونه بخطوب الدهر والعثر
طافت به عصبة من سر قومهم ... أهل العلا والندا والبيت ذي الستر
فأخبر أَبُو طَالِبٍ [5] فجاءوا ابن جدعان وغيرهم فسمعوا الغناء، وأقبلوا من الغد ووجدوا العينين: إحداهما مقرط قرط الغزال والأخرى مشنفة بالمنفد، فهرب الحارث بْن عامر، وقطعت يد الرجل، وصولح القوم على خمسين ناقة ففدوا بها الكعبة.
__________
[1] «فيه» سقط من ت.
[2] في الأصل «وأسياف وأدرعة فجعل للأسياف» وهذا خطأ لغويّ «فاقتضى» التصحيح.
[3] من أول: «وضرب الغزالين صفائح في الباب ... » حتى آخر الفصل سقط في ت.
[4] هكذا بالأصل، وكتب تحتها: «أبو لهب» .
[5] هكذا في الأصل، والخبر ساقط من ت.

(2/209)


فصل
وكانت كنية عَبْد المطلب: أبا الحارث، كني بذلك لأن الأكبر من ولده الذكور كان اسمه الحارث [1] .
قَالَ هشام بْن مُحَمَّد بْن السائب: ولد لعَبْد المطلب عشرة بنين منهم: عبد الله أبو نبينا صلى الله عليه وسلم [2] ، وأبو طالب، والزبير: أمهم فاطمة بنت عمرو مخزومية، والعباس، وضرار: أمهما نتيلة النمرية، وَحَمْزَة، والمقوم: أمهما: هالة بنت وهب، وأبو لهب أمه: لبني خزاعية، والحارث: أمه صفية من بني عامر بْن صعصعة، والغيداق: أمه من خزاعة.
وأما هاشم فاسمه عمرو. وإنما قيل له هاشم لأنه أول من هشم الثريد [لقومه] [3] وأطعمه.
فَقَالَ ابن الزبعري فيه:
عمرو العلا هشم الثريد لقومه ... ورجال مكة مسنتون عجاف
[4] ذلك أن قومه من قريش أصابهم قحط، فرحل إِلَى فلسطين، فاشترى الدقيق، فقدم به/ مكة، فأمر بِهِ فخبز له ثم نحر جزورا، ثم اتخذ لقومه من مرقه ثريدا بذلك الخبز.
وهو أول من سن الرحلتين لقريش رحلة الشتاء والصيف [5] .
أَخْبَرَنَا المبارك بْن علي الصيرفي قَالَ: أخبرتنا فاطمة بنت عَبْد اللَّه بْن الحرثة قالت: أَخْبَرَنَا علي بْن الحسن بْن الفضل قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّد بْن خالد قَالَ:
أَخْبَرَنَا ابن المغيرة الجوهري قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيد الدمشقي قال: حدّثنا الزبير
__________
[1] تاريخ الطبري 2/ 251.
[2] «أبو نبينا صلى الله عليه وسلم» سقطت من ت.
[3] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل، وأثبتناه من ت.
[4] أمالي المرتضى 2/ 269. وتاريخ الطبري 2/ 252 والمسنتون: الذين أصابتهم سنة، أي: جوع.
[5] في ت: «ورحلة الصيف» وما أثبتناه من الطبري 2/ 252، والأصل.

(2/210)


ابن بكار قَالَ: حدثني مُحَمَّد بْن يحيى قَالَ حدثني عمران بْن عَبْد العزيز قَالَ [1] :
كانت [2] قريش فِي الجاهلية تعتقد وكان اعتقادها أن أهل البيت منهم كانوا إذا هلكت أموالهم خرجوا إِلَى براز من الأرض فضربوا عَلَى أنفسهم الأخبية، ثم تناوموا فيها حَتَّى يموتوا من قبل أن يعلم بحالتهم، حَتَّى نشأ هاشم بْن عَبْد مناف، فلما عظم قدره قال: يا معشر قريش، إن العز مع كثرة العدد، وقد أصبحتم أكثر العرب أموالا وأعزها نفرا، وإن هَذَا الاعتقاد قد أتى عَلَى كثير منكم، وقد رأيت رأيا. قالوا: رأيك رشد فمرنا نأتمر [3] . قال: رأيت أن أخلط فقراءكم بأغنيائكم وأعمد إِلَى رجل غني فأضم إليه فقيرا [أجمع] [4] عياله بعدد عياله، وأذره فِي الرحلتين، فما كان من مال الغني من فضل [5] عاش الفقير وعياله فِي ظله، وكان ذلك قاطعا للأحقاد قالوا: نعم ما رأيت. فألف بين الناس، فلما بعث اللَّه تعالى رسوله عَلَيْهِ السلام، كان فيما أنزل عَلَيْهِ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ 105: 1 [6] ثم نزلت: [7] لِإِيلافِ قُرَيْشٍ 106: 1 [8] أي: لتراحمهم وتواصلهم، وإن كانوا عَلَى شرك
. فصل
وكان هاشم وعَبْد شمس أكبر ولد عَبْد مناف، وقيل: ولدا توأمين، وإن أحدهما ولد قبل صاحبه [9] ، وأصبع أحدهما ملتصقة بجبهة صاحبه [10] ، فنحيت عنها، فسال من ذلك دم فتطيّر من ذلك [11] . فقيل: يكون بينهما دم.
__________
[1] حذف السند من ت وكتب بدلا منه: «أنبأنا المبارك بن علي بإسناد له عن عمران بن عبد العزيز قال» .
[2] في ت: «كان قريش» .
[3] في ت: «رأيك أشد فمرنا نأتم» .
[4] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[5] في ت: «من فضل مال» .
[6] سورة: الفيل، الآية: 1.
[7] في الأصل: «ثم قال: ولم فعلت ذلك» .
[8] سورة: قريش، الآية: 1.
[9] في ت: «قبل الآخر» .
[10] في الأصل: «وإصبعه ملتصقة له بجبهة صاحبه» .
[11] في الأصل: «فنظر في ذلك» .

(2/211)


وأخوهما المطلب أصغرهم [1] ، وأم الثلاثة: عاتكة بنت نمرة السلمية، وأخوهم:
نوفل، وأمه واقدة، فسادوا كلهم بعد أبيهم عَبْد مناف، وكان يقال لهم: المجبرون، فلهم يقول/ القائل:
يا أيها الرجل المحول رحله ... ألا نزلت بآل عَبْد مناف!
[2] وكان أول من أخذ [3] لقريش العصم [4] ، فانتشروا من الحرم، أخذ لهم هاشم حبلا من ملوك الشام والروم وغسان [5] ، وأخذ لهم عَبْد شمس من النجاشي الأكبر، فاختلفوا بذلك السبب إِلَى أرض الحبشة، وأخذ لهم نوفل حبلا من الأكاسرة، فاختلفوا بذلك السبب إِلَى [العراق وأرض الشام، وأخذ لهم المطلب حبلا من ملوك حمير، فاختلفوا بذلك السبب إِلَى] [6] اليمن فجبر اللَّه لهم قريش فسموا المجبرين [7]
. فصل
وولي هاشم بعد أبيه عَبْد مناف السقايه والرفادة، وأطعم الناس، فحسده أمية بْن عَبْد شمس بْن عَبْد مناف، وكان ذا مال فتكلف [8] ، أن يصنع صنيع هاشم، فعجز عنه، فشمت به ناس من قريش، فغضب ونال من هاشم، فدعاه إِلَى المنافرة، فكره هاشم ذلك، فلم تدعه قريش، واحفظوه، قَالَ: فإني أنافرك عَلَى خمسين ناقة سود الحدق، تنحرها [ببطن] [9] مكة، والجلاء عَنْ مكة عشر سنين. فرضي بذلك أمية، وجعلا بينهما الكاهن الخزاعي، فنفر هاشما عَلَيْهِ، فأخذ هاشم الإبل فنحرها، وأطعمها من حضره،
__________
[1] في الأصل: «وأصغر» .
[2] أمالي المرتضى 2/ 268.
[3] في الأصل: «واتخذ» .
[4] العصم: الحبال، ويراد بها العهود.
[5] في الأصل: «أخذ لهم هاشم من ملوك الشام والروم وغسان حبلا.
[6] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[7] تاريخ الطبري 2/ 252.
[8] في الأصل: «فكلف» .
[9] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.

(2/212)


وخرج أمية إِلَى الشام، فأقام بها عشر سنين فكانت هَذِهِ أول عداوة وقعت بين هاشم وأميّة [1] .
أنبأنا يحيى بن الحسن البناء. قَالَ: أخبرنا ابن المسلمة قَالَ: أخبرنا المخلص قال: أخبرنا أحمد بن سليمان الطوسي قال: أَخْبَرَنَا الزُّبَيْر بْن بكار قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَر بْن أبي بكر الْمَوْصِليّ قَالَ: حدثني يزيد بْن عَبْد الملك بْن المغيرة، عَنْ نوفل، عَنْ أبيه قَالَ [2] :
اصطلحت قريش عَلَى أن يولي هاشم بْن عَبْد مناف السقاية والرفادة، وذلك أن عَبْد شمس كان يسافر قبل ما يقيم بمكة، وكان رجلا مقلا، وكان هاشم رجلا موسرا، وكان إذا حضر الحج قام فِي قريش، وَقَالَ: يا معشر قريش، إنكم جيران اللَّه، وأهل بيته، وإنه يأتيكم في هذا الموسم نفار اللَّه، يعظمون حرمة/ بيته، وهم ضيف اللَّه، وأحق الضيف بالكرامة [ضيفه] [3] وقد خصكم اللَّه بذلك، وأكرمكم به، فأكرموا ضيفه، فإنهم يأتون شعثا غبرا من كل بلد، وقد أوجفوا وثقلوا وأرملوا، فأقروهم وأعينوهم، فكانت قريش ترافد عَلَى ذلك حَتَّى إن كان أهل البيت ليرسلون بالشَّيْء اليسير عَلَى قدرهم، وكان هاشم يخرج كل سنة مالا كثيرا، فكان يأمر بحياض من أدم فيجعل فِي موضع زمزم قبل أن تحفر [4] ، ثم يستقي [5] فيها من الآبار [6] التي بمكة فيشرب الحاج، وكان يطعمهم قبل التروية بيوم بمكة وبمنى وبجمع وبعرفة، وكان يثرد لهم الخبز والشحم والسمن والسويق [والتمر] [7] ويحمل لهم الماء، وكان هاشم أول من سن الرحلتين: رحلة إِلَى أرض الحبشة إِلَى النجاشي ورحلة إِلَى أرض الشام، وربما دخل عَلَى قيصر فيكرمه، فمات بغزة.
__________
[1] تاريخ الطبري 2/ 252، 253.
[2] حذف السند من ت وكتب بدلا منه: «أخبرنا يحيى بن الحسن بن البناء بإسناد له عن يزيد بن عبد الملك بن المغيرة بن نوفل عن أبيه قال» .
[3] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[4] في ت: «قبل أن تحتفر» .
[5] في ت: «يستسقي» .
[6] في الأصل: «البيار» .
[7] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.

(2/213)


قَالَ الزُّبَيْرُ وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَسَنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ [قَالَ] [1] : قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:
وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمَتْ قُرَيْشٌ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ أَخَذَ لَهَا الإِيلافَ وَأَجَازَ لَهَا الْعِيرَاتِ هَاشِمٌ، وَاللَّهِ مَا نَبَذَتْ قُرَيْشٌ خَيْلا، وَلا أَنَاخَتْ بَعِيرًا بِحَضَرٍ [2] إِلا لِهَاشِمٍ، وَاللَّهِ إِنَّ أَوَّلَ مَنْ سَقَى بِمَكَّةَ مَاءً عَذْبًا وَجَعَلَ بَابَ الْكَعْبَةِ ذَهَبًا لَعَبْدُ الْمُطَّلِبِ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْمُبَارك قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال: أَخْبَرَنَا أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ محمد جعفر الأزدي قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ: أَخْبَرَنَا [3] سُلَيْمَان بْن حَرْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو هِلالٍ الرَّاسِبِيُّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ قَالَ:
تَفَاخَرَ رَجُلانِ مِنْ قُرَيْشٍ رَجُلٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَرَجُلٌ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ، فَقَالَ هَذَا:
قَوْمِي أَسْخَى مِنْ قَوْمِكَ. وَقَالَ هَذَا: قَوْمِي أَسْخَى مِنْ قَوْمِكَ. فَقَالَ: سَلْ فِي قَوْمِكَ حَتَّى أَسْأَلَ فِي قَوْمِي. فَافْتَرَقَا عَلَى ذَلِكَ فَسَأَلَ الأُمَوِيُّ عَشْرَةً مِنْ قَوْمِهِ فَأَعْطَوْهُ مِائَةَ أَلْفٍ، كُلُّ وَاحِدٍ [مِنْهُمْ] [4] عَشْرَةَ آَلافٍ. قَالَ: وَجَاءَ/ الْهَاشِمِيُّ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فَأَعْطَاهُ مِائَةَ أَلْفٍ، ثُمَّ أَتَى الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ فسأله: هل أتيت أحدا قبلي؟ نَعَمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْعَبَّاسِ فَأَعْطَانِي مِائَةَ أَلْفٍ. قَالَ [5] : فَأَعْطَاهُ الْحَسَنُ مِائَةَ أَلْفٍ وَثَلاثِينَ أَلْفًا، ثُمَّ أَتَى الْحُسَيْنَ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: هَلْ أَتَيْتَ أَحَدًا قَبْلِي قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي [6] ؟ قَالَ: نَعَمْ، أَخَاكَ الْحَسَنَ، فَأَعْطَانِي مِائَةَ أَلْفٍ وَثَلاثِينَ أَلْفًا، قَالَ: لَوْ أَتَيْتَنِي قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَ أَخِي [7] أَعْطَيْتُكَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَكِنْ لا أَزِيدُ عَلَى [8] سَيِّدِي [قَالَ] [9] : فَأَعْطَاهُ مِائَةَ أَلْفٍ وثلاثين ألفا.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[2] «بحضر» سقطت من ت.
[3] في ت: «حدثني» .
[4] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[5] «قال» سقطت من ت.
[6] «قبل أن تأتيني» سقطت من ت.
[7] في ت: «قبل أن تأتيه» .
[8] في ت: «لم أكن لأزيد على» .
[9] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.

(2/214)


قَالَ: فَجَاءَ الأُمَوِيُّ بِمِائَةِ أَلْفٍ مِنْ عَشْرَةٍ. وجاء الهاشمي بثلاثمائة أَلْفٍ وَسِتِّينَ أَلْفٍ مِنْ ثَلاثَةٍ. فَقَالَ الأُمَوِيُّ: سَأَلْتُ عَشْرَةً مِنْ قَوْمِي فَأَعْطَوْنِي مِائَةَ أَلْفٍ. وَقَالَ الْهَاشِمِيُّ: سَأَلْتُ ثَلاثَةً مِنْ قَوْمِي فَأَعْطَوْنِي ثلاثمائة أَلْفٍ وَسِتِّينَ أَلْفًا. قَالَ: فَعَجَزَ الْهَاشِمِيُّ [عَلَى] [1] الأُمَوِيُّ، فَرَجَعَ الأُمَوِيُّ إِلَى قَوْمِهِ فَأَخْبَرَهُمُ الْخَبَرَ [2] ، وَرَدَّ عَلَيْهِمِ الْمَالَ فَقَبِلُوهُ، وَرَجَعَ الْهَاشِمِيُّ إِلَى قَوْمِهِ فَأَخْبَرَهُمُ الْخَبَرَ وَرَدَّ عَلَيْهِمِ الْمَالَ فَأَبَوْا أَنْ يَقْبَلُوهُ، وَقَالُوا: لَمْ نَكُنْ [3] لِنَأْخُذَ شَيْئًا قَدْ أَعْطَيْنَاهُ. [4] .
وقد روى هشام عَنْ أشياخ له: أن عَبْد المطلب بْن هاشم وحرب بن أميّة رحلا [5] إلى النجاشي [الحبشي] [6] فأبى أن ينفر بينهما فجعلا بينهما نفيل بْن عَبْد العزى بْن رباح فَقَالَ لحرب: يا أبا عمرو، أتنافر رجلا هو أطول منك قامة، وأعظم منك هامة، وأوسم منك وسامة وأكثر منك ولدا، فنفره عَلَيْهِ، فَقَالَ له حرب: إن من انتكاث [الزمان] [7] أن جعلناك حكما [8] .
وكان أول من مات من ولد عَبْد مناف ابنه هاشم، مات [9] بغزة من أرض الشام، ثم مات عبد شمس بمكة فقبر بأجياد، ثم مات نوفل بالسلمان من طريق العراق، ثم مات المطلب بردمان من أرض اليمن، وكانت الرفادة، والسقاية بعد هاشم إِلَى أخيه المطّلب [10] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[2] «الخبر» سقطت من ت.
[3] في ت: «ما كنا» .
[4] في ت: «قد أعطيناك» .
وهذا الخبر أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب «قضاء الحوائج» .
[5] في ت: «وخلا إلى» .
[6] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[7] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[8] الخبر في تاريخ الطبري 2/ 253. وابن سعد 1/ 87.
[9] «مات» سقطت من ت.
[10] تاريخ الطبري 2/ 254.

(2/215)


فصل
[1] قَالَ هشام بْن مُحَمَّد السائب [2] الكلبي، انتهى الشرف من قريش فِي الجاهلية ووصل في الإسلام إلى عشرة رهط من عشرة أبطن وهم:
هاشم، وأمية، ونوفل، وعَبْد/ الدار، وأسد، وتيم، ومخزوم، وعدي، وجمح، وسهم.
وكان من بني هاشم العباس بْن عَبْد المطلب، يسقي الحجيج فِي الجاهلية، وبقي ذلك له [3] فِي الْإسْلَام، وكانت له العمادة، وهي أن لا يتكلم أحد فِي المسجد الحرام برفث ولا هجر، ولا يرفع صوت [4] ، كان العباس رضي اللَّه عنه ينهاهم عَنْ ذلك [5] .
ومن بني أمية أَبُو سفيان بْن حرب. كانت عنده العقاب راية قريش، وإذا كانت عند رجل أخرجها إذا حميت الحرب، فإن اجتمعت قريش عَلَى أحد أعطوه العقاب، وإن لم يجتمعوا عَلَى أحد رأسوا صاحبها وقدموه.
ومن بني نوفل الحارث بْن عامر وكانت إليه الرفادة، وهي مال كانت [6] تخرجه من أموالها وترفد بِهِ منقطعي الحاج.
ومن بني عَبْد الدار عثمان بْن طلحة كان إليه اللواء والسدانة مع الحجابة، ويقال والندوة فِي بني عَبْد الدار.
ومن بني أسد يزيد بْن ربيعة بْن الأسود، وكانت إِلَيْهِ المشورة، وذَلِكَ أن رؤساء قريش لم يكونوا يجتمعون عَلَى أمر حَتَّى يعرضوه عَلَيْهِ، فإن وافقه والاهم عَلَيْهِ، وإلا تخير [7] فكانوا أعوانا، واستشهد مَعَ رسول اللَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالطائف.
__________
[1] بياض في ت مكان: «فصل» .
[2] «السائب» سقطت من ت.
[3] «له» سقطت من ت.
[4] في ت: «صوته» .
[5] في ت: «عن هذا» .
[6] في ت: «ما كانت» .
[7] في ت: «وإلا ترك» .

(2/216)


ومن بني تيم: أَبُو بكر الصديق [رضي اللَّه عنه] [1] كانت إليه فِي الجاهلية الإساف، وهي الديات والمغرم [وكان إذا احتمل شيئا يسأل فيه قريش سدنة وإحماله من ينظر فيه] [2] وإن أحمله غيره خذلوه.
ومن بني مخزوم: خالد بْن الوليد كانت [إليه] [3] القبة والأعنة، فأما القبة فإنهم [4] كانوا يضربونها، ثم يجمعون إليها ما يجهزون به الجيش، وأما الأعنة فإنه كان يكون على خيل قريش فِي الحرب.
ومن بني عدي: عمر بْن الخطاب رضي اللَّه عنه، كانت إليه السفارة فِي الجاهلية وذلك إذا وقعت بين قريش وغيرهم [حرب] [5] بعثوه سفيرا أو إن نافرهم حي المفاخرة بعثوه مفاخرا، ورضوا به.
ومن بني جمح: صفوان بْن أمية، وكانت إليه الأيسار، وهي الأزلام كان هو الذي يجري [6] ذلك عَلَى يديه.
ومن بني/ سهم: الحارث بْن قيس، وكانت [إليه] [7] الحكومة والأموال التي يسمونها لآلهتهم إِلَيْهِ.
فهذه مكارم قريش التي كانت فِي الجاهلية، وهي السقاية [والعمادة والعقاب والرفادة والحجابة والندوة واللواء والمشورة والإساف] [8] والقبة والأعنة والأيسار والحكومة والأموال المحجرة للآلهة، وكانت إِلَى هَؤُلاءِ العشرة [من البطون العشرة] [9] ، وجاء الإسلام فوصل ما يصلح وصله، وكذلك كل شرف من شرف الجاهلية أدركه الإسلام فوصله، وكانوا إذا كانت حرب اقترعوا [10] بين أهل الرئاسة،
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] هكذا وردت هذه الزيادة في النسخة ت وهي غير مقروءة بسبب تناثر بعض الحبر عليها. والمعنى لا ينقص بدونها) .
[3] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[4] في ت: «وكانوا» .
[5] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[6] في ت: «يجرون» .
[7] ما بين المعقوفتين: سقط من ت.
[8] ما بين المعقوفتين: سقط من ت.
[9] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[10] في ت: «أقرعوا» .

(2/217)


فمن [1] خرجت القرعة عَلَيْهِ أحضروه صغيرا كان أو كبيرا، فلما كان يوم الفجار اقترعوا بين بني هاشم، فخرج منهم العباس، وكان صغيرا فأجلسوه [2] عَلَى الفرس
. وأما عَبْد مناف
فاسمه المغيرة، وكان يقال له: القمر من جماله وحسنه، وكان قصي فيما زعموا يقول: ولد لي أربعة فسميت اثنين بصنمي، [وواحدا بداري، وواحدا بنفسي، وهم:
عَبْد مناف، وعَبْد العزّى) ، [3] وعبد الدار، وعَبْد قصي، أمهم جميعا: حبى بنت حليل بْن حبشية [4] الخزاعي.
ودفعت ولدها عَبْد مناف إِلَى مناف [5] ، وكان أعظم أصنام مكة تدينا بذلك، فغلب عَلَيْهِ عَبْد مناف، وله قيل:
كانت قريش بيضة فتفلقت ... فالمح خالصة لعَبْد مناف
[6] وكانت الرئاسة فِي بني عَبْد مناف، والحجابة فِي بني عبد الدار، فأراد بنو عَبْد مناف أن يأخذوا ما بيدي بني عَبْد الدار، فحالف بنو عَبْد الدار بني سهم وَقَالُوا لهم: امنعونا من بني عَبْد مناف، فلما رأت ذلك أم حكيم بنت عَبْد المطلب عمدت إِلَى جفنة فملأتها خلوقا، ثم وضعتها فِي الحجرة وَقَالَت: من تطيب بهذا فهو منا. فتطيب به بنو عَبْد مناف، وأسد، وزهرة، وبنو تيم، فسموا المطيبين. فلما سمعت بذلك بنو سهم نحروا جزورا وَقَالُوا: من أدخل يده [فِي دمها] [7] فهو منها. فأدخلت أيديها: بنو عَبْد الدار، وبنو سهم، وجمح، وعدي، ومخزوم، فلما فعلوا ذلك وقع الشر، وسموا
__________
[1] في ت: «فيمن» .
[2] في ت: «وهو صغير فأجلس» .
[3] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[4] في الأصل: حبّى بنت الحليل بن حبيب.
[5] «إلى مناف» سقط من ت.
[6] تاريخ الطبري 2/ 254. والبيت في أمالي المرتضى 2/ 268. والروض الأنف 1/ 94.
[7] في الأصل: «من أدخل يده فهو منا» . وفي ت: «من أدخل في دمها» .

(2/218)


أحلافا. وكان عمر بْن الخطاب من الأحلاف، / فلما قتل صاحب [1] الصابحة، واشتد الاختلاف فَقَالَ ابن عباس: ويحك والمختلف عليهم [2]
. وأما قصي
فله ثلاثة أسماء: زيد، وقصي، ومجمعا.
وفيه يقول الشاعر:
همام له أسماء صدق ثلاثة ... قصي وزيد ذو الندى ومجمع
فأما اسمه الأصلي فزيد، وإنما قيل له: قصي لأن أباه كلاب بْن مرة، وكان [قد] [3] تزوج أم قصي: فاطمة بنت سعد، فولدت لكلاب: زهرة وزيدا، فهلك كلاب وزيد صغير، وقد شب زهرة وكبر فقدم ربيعة بْن حران بْن ضنة فتزوج فاطمة أم زهرة وقصي، وزهرة رجل قد بلغ، وقصيّ فطيم أو قريب من ذلك فاحتملها إِلَى بلاده من أرض بني عذره من أشراف الشام، فاحتملت معها قصيا لصغره، وتخلف زهرة فِي قومه فلم يبرح من مكة، فسمي زيد: قصيا [4] لبعد داره عَنْ دار قومه، فبينا قصي بأرض قضاعة لا ينتمي إلا إِلَى ربيعة بْن حرام وقع بينه وبين رجل [من قضاعة] [5] شَيْء. فَقَالَ له ألا تلحق بقومك، فإنك لست منا! فرجع قصي إِلَى أمه فسألها عمّا قال له ذلك [الرجل] [6] . فقالت [له] [7] : أنت والله أكرم منه نفسا ووالدا، أنت ابن كلاب بْن مرة بْن كعب بْن لؤي بْن غالب، وقومك بمكة عند البيت الحرام وحوله. فأجمع قصي الخروج إِلَى قومه واللحوق بهم، وكره الغربة، فقالت له أمه: لا تعجل بالخروج حتى يدخل عليك الشهر الحرام فتخرج فِي حاج العرب، فإني أخشى عليك أن يصيبك بعض البأس، فأقام حَتَّى دخل الشهر الحرام، فخرج في حاج [العرب من] [8] قضاعة، فقدم
__________
[1] من أول: «فلما قتل صاحب ... » حتى نهاية الفقرة: سقط من ت.
[2] السيرة النبويّة لابن هشام 1/ 132. وطبقات ابن سعد 1/ 77.
[3] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[4] في ت: «قسمي قصيا» .
[5] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل، ت. وأثبتناه من الطبري 2/ 255.
[6] ، (7) ، (8) ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.

(2/219)


مكة فلما فرغ من الحج [1] أقام بها، فخطب إِلَى [2] حليل بْن حبشية الخزاعي ابنته حبى، فزوجه وكان حليل يلي أمر مكة، فولدت له: عَبْد الدار، وعَبْد مناف، وعَبْد العزى، وعَبْد قصي، فلما انتشر ولده، وكثر ماله، وعظم شرفه/ هلك حليل [بْن حبشية] [3] فرأى قصي أنه أولى بالكعبة وأمر مكة من خزاعة وبني بكر، وأن قريشا صريح ولد إسماعيل بْن إِبْرَاهِيم، فكلم رجالا من قريش وبني كنانة ودعاهم إِلَى إخراج خزاعة وبني بكر من مكة، فلما قبلوا منه دعاهم إليه وبايعوه عَلَى ذلك، كتب إِلَى أخيه من أمه رزاح بْن ربيعة- وهو ببلاد [4] قومه- يدعوه إِلَى نصرته والقيام معه، فقام رزاح فِي قضاعة، فدعاهم إِلَى نصر أخيه فأجابوه.
وبعض الرواة يقول: إن حليلا لما ثقل [جعل] [5] ولاية البيت إِلَى ابنته حبى فقالت: إني لا أقدر عَلَى فتح الباب وإغلاقه. قَالَ: فإني أجعل الفتح والإغلاق إِلَى رجل. فجعله إِلَى أبي غبشان- وهو سليم بْن عمرو- فاشترى قصي ولاية البيت منه بزق خمر وبعود [6] .
وقيل: بل [7] بزق وكبش. فَقَالَ الناس: أخسر من صفقة أبي غبشان فذهبت مثلا، قَالَ الشاعر:
أَبُو غبشان أظلم من قصي ... وأظلم من بني فهر خزاعة
فلا تلحوا قصيا فِي شراة ... ولوموا شيخكم إن كان باعه
ثم إن قصيا قاتل [8] خزاعة فجلت عَنْ مكة، فولي قصي البيت وأمر مكة والحكم
__________
[1] في الأصل: «الحاج» .
[2] في الأصل: «فخطب الناس إلى» .
[3] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[4] في ت: «ببادية» .
[5] في الأصل: «أن حليلا لم يقل ولاية» .
وفي ت: «أن حليلا لما قتل ولاية» .
[6] العود: المسنّ من الإبل. وإلى هنا ما في الطبري 2/ 255- 256.
[7] «بل» سقطت من ت.
[8] في الأصل: «عامل» .

(2/220)


بِهَا، وجمع قبائل قريش فأنزلهم أبطح مكة، وكان بعضهم فِي الشعاب ورءوس جبال مكة فقسم منازلهم بينهم [1] ، فسمي مجمعا وملكه قومه عليهم، وفيه قيل:
وزيد أبوكم كان يدعى مجمعا ... به جمع اللَّه القبائل من فهر
وبعضهم يقول: إن حليل بْن حبشية أوصى قصيا حين انتشر له من ابنته الأولاد وَقَالَ: أنت أولى بالكعبة وبأمر مكة من خزاعة. فلذلك كان طلب قصي ما طلب [2] .
وكانت صوفة تدفع بالناس من عرفة، وإذا أرادوا النفر من منى أخذت صوفة بناحيتي العقبة [3] ، فحبسوا الناس، / وَقَالُوا: أجيزي صوفة. فلم يجز أحد من الناس حَتَّى ينفذوا، فإذا مضت صوفة خلى سبيل الناس بعدهم، والعرب قد عرفت هَذَا لصوفة من عهد جرهم وخزاعة.
فلما كان العام أتى قصي بمن معه من قريش وكنانة وقضاعة عند العقبة وَقَالُوا:
نحن أولى بهذا منكم. فباكرهم فقاتلوه واقتتل الناس، وانهزمت صوفة، وغلبهم قصي عَلَى ذلك.
وانحازت خزاعة وبنو بكر عَنْ قصي، وعرفوا أنه سيمنعهم مثل ما [4] منع صوفة، وأنه سيحول بينهم وبين الكعبة، وأمر مكة، فلما انحازوا عنه باداهم وأجمع لحربهم (فالتقوا] [5] فاقتتلوا حَتَّى كثرت القتلى فِي الفريقين، ثم أنهم تداعوا للصلح، فحكموا عمرو بْن عوف الكناني، فقضى بأن قصيا أولى بالكعبة وأمر مكة من خزاعة، وأن كل دم أصابه قصى من خزاعة [6] وبني بكر موضوع، وما أصابته خزاعة وبنو بكر من قريش وبنى كنانة وقضاعة ففيه الدية [فولي قصي البيت وأمر مكة، وجمع قومه من منازلهم إلى
__________
[1] في ت: «بينهم منازلهم» .
[2] في الأصل: «فلذلك كان طلب قصي ما طلب» . وإلى هنا الخبر في السيرة النبويّة لابن هشام 1/ 117- 118.
[3] في الأصل: «بناحيتي الكعبة» .
[4] في ت والطبري 1/ 258: «كما منع» .
[5] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[6] في ت: «قضاعة» .

(2/221)


مكة] [1] وتملك عَلَى قومه وأهل مكة، فملكوه، فكان قصي أول ولد كعب بْن لؤي أصاب ملكا أطاع له به قومه، فكانت إليه الحجابة والسقاية والرفادة والندوة [واللواء] [2] . فحاز شرف مكة كله، وقطع مكة أرباعا بين قومه، فأنزل كل قوم من قريش منازلهم من مكة [3] التي أصبحوا عليها [4] .
ويزعم الناس أن قريشا هابت قطع شجر الحرم فِي منازلهم، فقطعها قصي بيده، وما كانت تنكح امرأة ولا رجل من قريش إلا فِي دار قصي، ولا يتشاورون فِي أمر نزل بهم إلا من داره، ولا يعقدون لواء لحرب قوم [5] إلا فِي داره، يعقدها لهم بعض ولده، وكان أمره [6] فِي قومه من قريش فِي حياته وبعد موته كالدين المتبع، لا يعمل بغيره تيمنا بأمره، ومعرفة بفضله وشرفه، واتخذ قصي لنفسه دار الندوة، وجعل بابها إِلَى مسجد الكعبة ففيها كانت قريش تقضي أمورها [7] .
وسميت/ دار الندوة لأنهم كانوا ينتدون فيها، أي: يجتمعون للخير والشر، والندى: مجمع القوم.
فأقام قصي عَلَى شرفه لا ينازع فِي شَيْء من أمر مكة، إلا أنه قد أقر للعرب فِي شأن حجهم ما كانوا عَلَيْهِ، وللنسأة من بني مالك بْن كنانة، إِلَى أن جاء الإسلام، وهو أول من أوقد النار بالمزدلفة، حيث وقف بها حَتَّى يراها من دفع عرفه، فلم تزل توقد فِي تلك الليلة فِي الجاهلية، ولم تزل توقد عَلَى عهد رسول الله صلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسلم وأبي بكر وعمر.
قَالَ الواقدي: وهي توقد إِلَى اليوم.
قالوا: فلما جمع [8] قريشا إِلَى الحرم سميت حينئذ لجمعه إياهم وكان يقال لهم قبل ذلك بنو النضر.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل، ت وأثبتناه من الطبري 2/ 258.
[3] «من مكة» سقطت من ت.
[4] تاريخ الطبري 2/ 257- 258.
[5] في الأصل: «لواء الحرب قوم» . وفي ت: «لواء الحرب» .
[6] في الأصل: «أمرهم» .
[7] الطبري 2/ 258 259. وابن هشام 1/ 123- 125.
[8] من أول: «قالوا: فلما جمع قريشا ... » حتى نهاية الفصل: سقط من ت.

(2/222)


أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْد اللَّه الْبَارِعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُسْلِمَةِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمُخَلِّصُ قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ الطُّوسِيُّ قال: أخبرنا الزبير بن بكار قال: حدثني إبراهيم بن المنذر، عَنِ الواقدي، عَنِ ابْنِ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْن سهيل بْن عوف بْن الحارث:
أن قريشا شكوا إِلَى قصي كثرة الشجر، وأنهم لا [يستطيعون] [1] أن يبنوا منه، واستأذنوه فِي قطعه، فنهاهم وَقَالَ: قد رأيتم من استخف بأمر الحرم كيف صار أمره.
فكانوا يبنون دورهم والشجر فيها، وكذلك كانوا يحرمون الصيد فِي الحرم.
قَالَ مؤلف الكتاب: وقد ذكرنا أنه قطع الشجر بيده.
فصل
فلما كبر قصي ورق [عظمه] [2] ولد، كان عَبْد الدار بكره أكبر ولده وكان أضعف ولده، فقال له: والله لألحقنك بالقوم، وإن كانوا قد شرفوا عليك، لا يدخل أحد منهم الكعبة حَتَّى تكون أنت تفتحها، ولا يعقد لقريش لواء الحرب إلا أنت بيدك، ولا يشرب رجل بمكة ماء إلا من سقايتك ولا تقطع قريش أمرا إلا فِي دارك. فأعطاه دار الندوة التي لا تقضي قريش أمرا [3] إلَّا فيها، وأعطاه الحجابة واللواء والسقاية والرفادة، وكانت الرفادة خرجا تخرجه قريش فتطعم الحاج عَلَى ما سبق ذكره [4] .
ومات قصي فدفن بالحجون فتدافن الناس بعده بالحجون.
وَقَالَ الشرقي بْن قطامي لأصحابه يوما: من منكم يعرف علي بْن عَبْد مناف بْن شيبة بْن عمرو بْن المغيرة [5] بْن زيد؟ قالوا: ما نعرفه. قَالَ: هو علي بْن أبي طالب [رضي اللَّه عنه] اسم أبي طالب: عَبْد مناف، وعَبْد المطلب: شيبة، وهاشم: عمرو، وعَبْد مناف: المغيرة، وقصيّ: زيد.
__________
[1] في الأصل: «وأنهم لا يقطعون» . والخبر ساقط من ت.
[2] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل، ت، وأثبتناه من ابن هشام.
[3] «أمرا» سقطت من ت.
[4] الطبري 2/ 259- 260.
[5] «بن زيد» سقطت من ت.

(2/223)


وأما كلاب
فأمه: هند بنت سرير بْن ثعلبة، وله أخوان من أبيه، وهما: تيم، ويقظة: أمهما- فيما قَالَ ابن هِشَام بْن الكلبي- أسماء بنت عدي بْن حارثة [1] .
وَفِي قول ابن إِسْحَاق: هند بنت حارثة [البارقية] [2] .
قَالَ: ويقال: يقظة لهند بنت سرير، أم كلاب
. وأما مرة
فأمه وحشية بنت شيبان بْن محارب بْن فهر، وأخواه لأبيه [وأمه] [3] : عدي وهصيص
. وأما كعب
فأمه ماوية [4] بنت كعب بْن القين، وله أخوان من أبيه [وأمه: عامر وسامة، وله أخوان من أَبِيهِ] [5] : خزيمة وسعد.
أَنْبَأَنَا يحيى بْن الحسين [6] بْن الغيا قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو جعفر بْن المسلمة قال:
أخبرنا الْمُخَلِّصُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ الطُّوسِيّ قَالَ: حَدَّثَنَا الزبير بْن بكار قَالَ:
حدثني إِبْرَاهِيم بْن المنذر، عَنْ عَبْد العزيز بْن عمران، عَنْ عَبْد اللَّه بْن عثمان بْن أبي سليمان بْن جُبَيْر بْن مطعم قَالَ: [7] .
[كان أول من سمى يوم الجمعة كعب بْن لؤي] [8] وكان يوم الجمعة يسمى
__________
[1] الطبري 2/ 260.
[2] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل. وأثبتناه من ت والطبري 2/ 260.
[3] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[4] في ت: «واثلة» .
[5] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[6] في ت: «يحيى بن بكر» .
[7] حذف السند من ت، وكتب بدلا منه: «أنبأ يحيى بن بكر بن البناء بإسناد له عَنْ عَبْد اللَّه بْن عثمان بْن أبي سليمان بن جبير بن مطعم.
[8] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.

(2/224)


عروبة، فسماه يوم الجمعة، لاجتماع قريش فيه إِلَى كعب بْن لؤي وخطبته.
قَالَ إِبْرَاهِيم فحدثني عَنْ عَبْد العزيز بْن عمران عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز عَنْ أبيه عَنْ أبي سلمة بْن عَبْد الرحمن قَالَ:
أول من قَالَ: أما بعد، كعب بْن لؤي. قَالَ الزبير: كان يقول: أما بعد فاسمعوا وتعلموا وافهموا، واعلموا ليل ساج، ونهار ضاح، [والأرض عماد] [1] والسماء بناء، والجبال أوتاد، والنجوم أعلام وليلي يلي ما يهيج، فصلوا أرحامكم، والدار أمامكم والظن غير ما تقولون، حرمكم زينوه وعظموه، وتمسكوا به، فسيأتي له بناء عظيم، وسيخرج به نبي كريم، لو كنت ذا سَمِعَ وبصر ورجل تنصيت [له] [2] تنصت/ الفحل وأرقلت له إرقال الجمل فرحا بدعوته، جذلا بصرخته
. وأما لؤي
فأمه: عاتكة بنت يخلد بْن النضر بْن كنانة، وهي أول العواتك اللائي ولدن، رسول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [من قريش] ، وله أخوان من أبيه وأمه: تيم وقيس
. وأما غالب
فأمه: ليلى بنت الحارث بْن تميم بْن سعد بْن هذيل بْن مدركة، وإخوانه من أبيه وأمه: الحارث، [ومحارب] [3] ، وأسد، وعوف [وجون، وذئب] [4]
. وأما فهر
فأمه جندلة بنت عامر بْن الحارث بْن مضاض الجرهميّ كذلك قال هشام [5] .
__________
[1] ، (2) ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل، ت وأثبتناه من الطبري 2/ 262.
[5] الطبري 2/ 262.

(2/225)


وَقَالَ ابن إِسْحَاق: جندلة بنت الحارث [1] .
وَقَالَ أَبُو عبيدة: إنها هي سلمى بنت أد بْن طابخة.
وَقَالَ علماء النسب: وإلى فهر جماع قريش، لأنه من لم يكن من ولد فهر لا يدعى قرشيا، وقيل: بل اسم فهر قريش.
أَنْبَأَنَا يحيى بْن الحسين بن البناء قال: أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة قال: أخبرنا المخلص قال: أخبرنا أحمد بن سليمان الطوسي قال: أخبرنا [2] الزُّبَيْر بْن بكار قَالَ:
حَدَّثَنِي عُمَر بْن أبي [بكر] [3] الموصلي، عَنْ جدي عَبْد اللَّه بْن مصعب أنه سمعه يقول:
اسم فهر قريش وإنما فهر لقب.
قَالَ الزبير وحدثني الموصلي قَالَ: قَالَ عثمان بْن أبي سليمان: اسم فهر قريش.
قَالَ الموصلي: وَقَالَ أَبُو عبيدة بْن عَبْد اللَّه: كذلك قَالَ الزبير.
وحدثني إِبْرَاهِيم بْن المنذر قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو البختري وهب [بْن وهب] [4] قَالَ:
حدثني ابن أخي ابن شهاب، عَنْ عمه: أن اسم فهر الذي سمته أمه قريش، وإنما نبزته فهرا.
قَالَ: وقد اجتمع نساب قريش وغيرهم أن قريشا إنما [5] تفرقت عَنْ فهر.
فصل
[6] وكان فهر فِي زمانه رئيس الناس بمكة، وكان قد أقبل من اليمن حسان بْن عَبْد كلال الحميري يريد أن ينقل أحجار الكعبة من مكة [7] إِلَى اليمن، ليجعل الناس عنده، فنزل بنخلة، فأغار عَلَى سرح الناس، فخرجت إليه قريش وقبائل كنانة وخزيمة
__________
[1] الطبري 2/ 262.
[2] حذف السند من ت، وكتب بدلا منه: «قال الزبير بن بكار ... » .
[3] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[5] «إنما» سقطت من ت.
[6] بياض في ت مكان: «فصل» .
[7] في الأصل: «من الكعبة» .

(2/226)


وأسد وجذام، ورئيسهم يومئذ هو [فهر] [1] بْن مالك. فاقتتلوا قتالا شديدا فهزمت حمير وأسر حسان، أسره الحارث/ بْن فهر، فأقام فِي الأسر بمكة ثلاث سنين حَتَّى افتدى نفسه منهم، فأخرج، فمات بين مكة واليمن [2]
. وأما مالك
[3] فَقَالَ هشام: أمه عكرشة بنت عدوان.
وَقَالَ ابن إِسْحَاق: عاتكة بنت عدوان. وقيل: إن عكرشة لقب عاتكة. وكان له أخوان يقال لأحدهما: يخلد، والآخر: الصلت
. وأما النضر
[4] فاسمه: قيس، وأمه: برة بنت مر بْن [أد] بْن طابخة.
فصل
واختلف العلماء فِي تسمية [5] قريش قريشا عَلَى ستة أقوال:
أحدها: أنها سميت بذلك بدابة تكون فِي البحر تأكل دوابّ البحر تدعى القرش، فشبه بنو النضر بْن كنانة بها لأنها أعظم دواب البحر قوة وأنشدوا:
وقريش هي التي تسكن البحر بها سميت قريش قريشا أَنْبَأَنَا يَحْيَى بْنُ الحسن بن البناء قال: أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة قال: أخبرنا أحمد بن سليمان الطوسي قال: حدثنا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ المنذر،
__________
[1] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[2] الطبري 2/ 262- 263.
[3] بياض في ت مكان: «وأما مالك» .
[4] بياض في ت مكان: «وأما النضر» .
[5] في ت: «لم سميت» .

(2/227)


وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ قَالا: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ الْمَكِّيُّ عَنْ مَنْ حَدَّثَهُ [1] :
أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ دَخَلَ عَلَى مَعُونَةَ وَعِنْدَهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فَقَالَ لَهُ عَمْرُو: إِنَّ قُرَيْشًا تَزْعُمُ أَنَّكَ أَعْلَمُهَا، فَبِمَ سُمِّيَتْ قُرَيْشٌ قُرَيْشًا؟ قَالَ: بِأَمْرَيْنِ. قَالَ: فَأَبِنْ لَنَا، وَهَلْ قَالَ أَحَدٌ فِيهِ شِعْرًا؟ قَالَ: نَعَمْ، سُمِّيَتْ قُرَيْشٌ [2] بِدَابَّةٍ فِي الْبَحْرِ تُسَمَّى قُرَيْشًا، وَقَدْ قَالَ الْمُشَمْرِخُ بْنُ عَمْرٍو الْحِمْيَرِيُّ:
وَقُرَيْشٌ هِيَ الَّتِي تَسْكُنُ الْبَحْرَ ... بِهَا سُمِّيَتْ قُرَيْشٌ قُرَيْشا
تَأْكُلُ الْغَثَّ وَالسَّمِينَ وَلا تَتْرُكُ ... فِيهِ لَدَى جَنَاحَيْنِ رِيشا
هَكَذَا فِي الْبِلادِ حَيُّ قُرَيْشٍ ... يَأْكُلُونَ أَكْلا حَشِيشًا
وَلَهُمْ آخِرُ الزَّمَانِ نَبِيٌّ ... يُكْثِرُ الْقَتْلَ فِيهِمْ وَالْحُمُوشَا
تَمْلأُ الأَرْضَ خَيْلُهُ وَرِجَالٌ ... يَنْحَرُونَ الْمُطِيَّ سَيْرًا قَمِيشَا/
وَالثَّانِي: أَنَّهَا سُمِّيَتْ بذلك لأجل فهر، وقد ذكرنا أَنَّ اسْمَهُ قُرَيْشٌ فَنُسِبَتْ إِلَيْهِ، إِذْ لَيْسَ مِنْ وَلَدِهِ مَنْ لا [3] يُسَمَّى قُرَيْشًا.
قَالَ مُؤَلِّفُ الْكِتَابِ [4] : وَهَذَا اخْتِيَارُ الزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّهَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنَّ النَّضْرَ كَانَ يُسَمَّى قُرَيْشًا.
أَنْبَأَنَا يحيى بْن الحسن بْن البناء قال: أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: أخبرنا أحمد بن سلمان الطوسي قال: أخبرنا الزبير بن بكار قَالَ:
قَالَ مُحَمَّدً بْن الحسن، عَنْ نصر بْن مزاحم، عَنْ عمرو بْن مُحَمَّد الشعبي [5] قَالَ:
النضر بْن كنانة هو قريش وإنما سمي قريشا لأنه كان يقرش عَنْ خلّة الناس وحاجاتهم فيسد ذلك بماله.
__________
[1] حذف السند من ت وكتب بدلا منه: «أنبأنا يحيى بن الحسن البناء بإسناد له عن عبد الله بن عباس» .
[2] من أول: «بأمرين. قال فابن ... » حتى « ... سميت قريش» سقط من ت.
[3] في ت: «من ولده واحدا لا يسمى» .
[4] «قال مؤلف الكتاب» سقطت من ت.
[5] حذف السند من ت، وكتب بدلا منه: «أنبأنا يحيى بن الحسن البناء بإسناد له عن الشعبي قال» .

(2/228)


والتقريش: هو التفتيش، وكان بنوه يقرشون أهل الموسم عَنِ الحاجة فيزودونهم بما يبلغهم، فسموا بذلك من فعلهم: قريشا.
وقد قَالَ الحارث بْن حلزة فِي بيان القرش: إنه التفتيش حيث يقول [1] :
أيها الناطق المقرش عنا ... عند عمرو فهل لنا إبقاء
قَالَ الزبير: وحدثني أَبُو الحسن الأثرم عَنْ أبي عبيدة معمر بن مثنى قال: منتهى من وقع عليه اسم قريش: النضر بْن كنانة فولده قريش [2] دون سائر بني كنانة، فأما من ولد كنانة سوى النضر فلا يقال لهم قريش.
والرابع: أنها سميت بذلك بقريش بْن بدر بْن مخلد بْن النضر بْن كنانة.
وقيل: هو قريش بْن الحارث بْن يخلد.
وكان قريش هَذَا دليل بني النضر فِي أسفارهم، وكان له ابن يسمى بدرا احتفر بئر بدر.
والخامس: أن النضر خرج يوما عَلَى نادي قومه فَقَالَ بعضهم لبعض: انظروا [3] إِلَى النضر كأنه حمل قريش. ذكره ابن جرير.
والسادس: أنه من الجمع، وذلك أن قصيا جمع بني النضر فِي الحرم من تفرقهم، فذلك المتجمع هو التقرش. قاله مُحَمَّد بْن جُبَيْرِ بْن مطعم.
وَقَالَ أَبُو سلمة بْن عَبْد الرحمن: لما نزل قصي الحرم فعل أفعالا جميله، فقيل له: القرشي، فهو أول من سمي به.
وأَنْبَأَنَا يحيى بْن الحسن الفقيه قَالَ: / أَخْبَرَنَا ابن المسلمة قَالَ: أَخْبَرَنَا المخلص قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سلمان قَالَ: أَخْبَرَنَا الزبير قَالَ: حدثني أَبُو الحسن الأثرم عَنْ أبي عبيدة معمر بن المثنى قال: [4]
__________
[1] «حيث يقول» سقطت من ت.
[2] في ت: «فولده من» .
[3] في ت: «انظر» .
[4] في ت: «وروي عن معمر بن المثنى أنه قال» .

(2/229)


فإنما سمي بنو النضر قريشا لتجمعهم لأن التقرش هو التجمع.
قَالَ الزبير: ويدل عَلَى اضطراب [1] هَذَا القول أن قريشا لم يجتمعوا حَتَّى جمعهم قصي بْن كلاب.
وقد حدثني مُحَمَّد بْن الحسن المخزومي عَنْ عبد الحكم بْن سفيان عَنْ أبي نمر قَالَ: إنما سميت قريش قريشا لجمع قصي بْن كلاب إياهم [2]
. وأما كنانة
فأمه عوانة بنت سعد بْن [قيس بْن] [3] عيلان. وقيل: بل أمه هند بنت عمرو بْن قيس [4]
. وأما خزيمة
[5] فأمه: سلمى بنت أسلم بْن الحاف بْن قضاعة [6]
وأما مدركة
[7] واسمه: عمرو فِي قول ابن إِسْحَاق.
وَقَالَ هشام بْن مُحَمَّد: اسمه [8] : عمرو، وأمه: خندف، وهي: ليلى بنت حلوان بْن عمران بْن الحاف بْن قضاعة، وأخو مدركة لأبيه وأمه: عامر- وهو طابخة- وعمير- وهو قمعة- ويقال له: أبو خزاعة [9] .
__________
[1] في ت: «اضطرار» .
[2] هذا الخبر سقط من ت. وانظر تفصيل ذلك في طبقات ابن سعد 1/ 70- 72.
[3] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[4] الطبري 2/ 266.
[5] بياض في ت مكان: «وأما خزيمة» .
[6] تاريخ الطبري 2/ 266.
[7] بياض في ت مكان: «وأما مدركة» .
[8] «واسمه» سقطت من ت. وفي ت، والأصل: «عامر» بدلا من عمرو.
[9] تاريخ الطبري 2/ 266، 267.

(2/230)


قَالَ ابن إِسْحَاق: كان مدركة وطابخة فِي إبل لهما، فاقتنصا صيدا، فقعدا يطبخانه، وعدت عادية عَلَى إبلهما [1] ، فَقَالَ عامر لعمرو: أتدرك الإبل أو تطبخ الصيد [فَقَالَ عمرو: بل أطبخ الصيد] [2] فلحق عامر الإبل فجاء بها، فلما راحا عَلَى أبيهما فحدثاه شأنهما قَالَ لعامر: أنت مدركة، وَقَالَ لعمرو [3] : وأنت طابخة.
وذكر هشام بْن مُحَمَّد [بْن السائب] [4] : أن إلياس خرج فِي نجعة له، فنفرت إبله من أرنب، فخرج إليها عمرو فأدركها فسمي: مدركة، وأخذها عامر فطبخها فسمي:
طابخة، وانقمع عمير فِي الخباء فلم يخرج فسمي قمعة، وخرجت أمهم تمشي فَقَالَ إلياس لها: أين [5] تخندفين؟ فسمّيت خندف، والخندفة: ضرب من المشي.
قَالَ إلياس لعمرو ابنه:
إنك قد أدركت ما طلبتا
وَقَالَ لعامر:
وأنت قد أنضجت ما طبختا
وَقَالَ لعمير:
وأنت قد أسأت وانقمعتا
وقد قَالَ/ قصي بْن كلاب: أمي خندف، وإلياس أبي [6] .
وأما إلياس
[7] فأمه الرباب بنت حيدة بْن معد.
وذكر الزبير بْن بكار: أن إلياس لما أدرك أنكر عَلَى بني إسماعيل ما غيروا من سنن
__________
[1] في الأصل: «إبل لهما» .
[2] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[3] في ت: «لعمر» .
[4] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[5] في ت، والأصل: «أنت» .
[6] تاريخ الطبري 2/ 2/ 267.
[7] بياض في ت مكان «وأما إلياس» .

(2/231)


آبائهم وسيرتهم وكان [1] فضله عليهم، فجمعهم برأيه، وردهم إِلَى سنن آبائهم [2] ، وهو أول من أهدى البدن إِلَى البيت- أو فِي زمانه- وهو أول من وضع الركن للناس بعد هلاكه، حَتَّى غرق البيت وانهدم فوضعه فِي زاوية البيت [3] ، ولم تبرح العرب تعظم إلياس تعظيم أهل الحكمة كتعظيمها لقمان، وهو أول من مات بالنبل فأسفت عَلَيْهِ زوجته خندف أسفا شديدا، وكانت قد نذرت فِي مرضه أنه إن هلك لا تقيم فِي بلد مات فيه أبدا، ولا يظلها [سقف] [4] بيت وأن تسيح فِي الأرض فخرجت سائحة حَتَّى هلكت حزنا.
فصل
قَالَ مؤلف الكتاب: وكان من أولاد إلياس: قمعة، وولد لقمعة لحي، وولد له [5] : عمرو، وهو أول من غير دين الحنفية دين إِبْرَاهِيم، وأول من نصب الأوثان حول الكعبة، وجعل البحيرة، والسائبة، والوصاية، والحام، واستخراج إساف ونائلة فنصبهما.
قَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: «أريت النار فإذا فيها عمرو ولد لحي يتأذى أهل النار بريحه وهو أول من غير دين إِبْرَاهِيم [6] ورأيته يجر قصبه فِي النار» . وَقَالَ ابن عباس رضي اللَّه عنه: قدم عمرو بْن لحي بهبل من الشام فنصبه عَلَى الأخشب، وأمر النَّاس بعبادته، وأخرج إسافا ونائلة من البيت فنصب إسافا مقابل الركن الأسود وبين زمزم، ونصب نائلة إليه جانب البيت وتجاه المقام، ونصب بمنى سبعة أصنام، ونصب مناة عَلَى ساحل البحر، واتخذ للعزى بنخلة بيتا يطوفون به كطوافهم
__________
[1] في ت: «وبان» .
[2] في ت: «آبائه» .
[3] من أول: «أو في زمانه ... » حتى «في زاوية البيت سقط من ت.
[4] في ت: «يظلها سقف» وفي الأصل: «يظلها بيت» .
[5] في ت: «للحس» .
[6] «وهو أول من غير «دين إبراهيم» . سقطت من ت.

(2/232)


بالكعبة، فكانوا إذا طافوا بالبيت لم يحلوا [1] حَتَّى يأتوا العزى، فيطوفون به
. وأما مضر
[2] فأمه سودة بنت عك، وأخوه لأبيه وأمه: إياد، ولهما أخوان من أبيهما واسمهما: / ربيعة وأنمار [3] .
وقد قَالَ الزبير بْن بكار: إن نزار بْن معد لما حضرته الوفاة أوصى بنيه، وقسم ماله بينهم، فَقَالَ: يا بني، هَذِهِ القبة [4]- وهي من أدم حمراء- وما أشبهها من مالي لمضر [5] ، فسمي مضر الحمراء. وهذا الخباء الأسود وما أشبهه من مالي لربيعة فخلف خيلا دهما [6] ، فسمي ربيعة الفرس [7] . وهذه الخادم وما أشبهها من مالي لإياد- وكانت شمطاء- فأخذ البلق والنّقد من غنمه [8] وهذه البدرة، والمجلس لأنمار يجلس فيه [9] ، فأخذ أنمار ما أصابه. وَقَالَ: فإن أشكل عليكم فِي ذلك شَيْء واختلفتم فِي القسمة فعليكم بالأفعى الجرهمي. فاختلفوا فِي القسمة، فذهبوا إِلَى الأفعى. فبينما هم فِي مسيرتهم إذ رأى مضر كلأ قد رعي، فَقَالَ: إن البعير الَّذِي قد رعى [10] هَذَا الكلأ لأعور، وَقَالَ ربيعة: إنه أزور، وَقَالَ إياد: هو أبتر. وَقَالَ أنمار: هو شرود.
فلم يسيروا إلا قليلا حَتَّى لقيهم رجل توضع به راحلته، فسألهم عَنِ البعير، فَقَالَ مضر: هو أعور؟ قَالَ: نعم. وَقَالَ ربيعة: هو أزور؟ قَالَ: نعم. وقال إياد: هو أبتر؟
__________
[1] في ت: «لم يخرجوا» .
[2] في الأصل: «وأما النضر» .
[3] الطبري 2/ 268.
[4] في ت: «هذه وهو قية» .
[5] في ت: «من مال المضر» .
[6] في ت: «لربيعة بن خلف خيلا وسهما» .
[7] في ت: «القرش» .
[8] في الأصل: «من غنمها» .
[9] في ت: «فيه يجلس» .
[10] «رعى» سقطت من ت.

(2/233)


قال: نعم. وقال أنبار: هو شرود؟ قَالَ: نعم، هَذِهِ والله صفة بعيري، دلّوني عليه، فحلفوا: ما رأوه [1] . فلزمهم وَقَالَ: كيف أصدقكم وأنتم تصفون بعيري! فساروا جميعا حَتَّى قدموا نجران، فنزلوا بالأفعى الجرهمي، فنادى [2] صاحب البعير: إن بعيري عند هَؤُلاءِ الأقوام لأنهم [3] وصفوا لي صفته. ثم قالوا: لم نره. فَقَالَ الجرهمي: كيف وصفتموه ولم تروه؟ فَقَالَ مضر: رأيته يرعى جانبًا [ويدع جانبا] [4] ، فعرفت أنه أعور. وَقَالَ ربيعة رأيت إحدى يديه ثابتة الأثر والأخرى فاسدة الأثر، فعرفت أنه أفسدها بشدة وطئه لازوراره. وَقَالَ إياد: عرفت أنه أبتر باجتماع بعره، فلولا ذلك لمصع [5] به. وَقَالَ أنمار:
عرفت أنه شرود، لأنه يرعى بالمكان الملتف نبته، ثُمَّ يجوزه إِلَى مكان آخر أرق [منه] [6] نبتا وأخبث [7] . فَقَالَ الجرهمي: ليسوا بأصحاب بعيرك، فاطلبه/، ثُمَّ سألهم فأخبروه فرحب بهم، ثم قَالَ: أتحتاجون إلي وأنتم كما أرى! ثم دعا لهم بطعام فأكلوا وأكل، وشربوا وشرب، فَقَالَ مضر: لم أر كاليوم خمرا أجود [8] ، لولا أنها نبتت عَلَى قبر، وَقَالَ ربيعة: لم أر كاليوم لحما أطيب، لولا أنه ربي [9] بلبن كلبة. وَقَالَ إياد: لم أر كاليوم رجلًا أسرى لولا أنه لغير أبيه الذي يدعى له [10] . وَقَالَ أنمار: لم أر كاليوم كلاما أنفع فِي حاجتنا [11] . [من كلامنا] [12] .
وسمع الجرهمي الكلام فتعجب من قولهم وأتى أمّه فسألها وهددها [13] ، فأخبرته
__________
[1] في ت: «رواه» .
[2] في ت: «فنادوا» .
[3] في ت: «فنادى صاحب البعير: أصحاب بعيري وصفوا لي ... » .
[4] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[5] مصع: مصعت الناقة بذنبها: أي جوكته وضربت به.
[6] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل. و «أخبث» سقطت من ت.
[7] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل. وفي الطبري 2/ 269: «وسألهم: من عهم؟» .
[8] في ت: «أجود منه» . وما أثبتناه من الطبري والأصل.
[9] في ت: «أطيب منه، لولا أنه غذي» .
[10] في ت: «إليه» .
[11] في ت: «لحاجتنا» .
[12] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل وت، وأصفناه من مجمع الأمثال 1/ 16 لا تساق المعنى.
[13] «وحددها» سقط من ت، الأصل.

(2/234)


أنها كانت تحت ملك لا يولد له، وكرهت أن يذهب الملك، فأمكنت رجلا من نفسها كان نزل بِهَا، فوطئها فحملت به، وسأل القهرمان عَنِ الخمر، فَقَالَ: من حبلة [1] غرستها عَلَى قبر أبيك، وسأل الراعي عَنِ اللحم، فَقَالَ: شاة أرضعتها بلبن كلبة، ولم يكن ولد فِي الغنم شاة غيرها. فقيل لمضر: من أين عرفت الخمر ونباتها عَلَى قبر؟ قَالَ:
لأنه أصابني عليها عطش شديد، وقيل لربيعة: فبم؟ قَالَ: فذكر كلاما.
فأتاهم الجرهمي فَقَالَ: صفوا لي صفتكم. فقصوا عَلَيْهِ ما أوصاهم به أبوهم، فقضى بالقبة الحمراء والدنانير والإبل- وهي حمر- لمضر، وقضى بالخباء الأسود والخيل الدهم لربيعة، وقضي بالخادم- وكانت شمطاء- وبالماشية البلق لإياد، وقضى بالأرض والدراهم لأنمار.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ: أخبرنا الجوهري قال: أخبرنا ابن حيوية قال:
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَعْرُوفٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أبي أسامة قال: أخبرنا محمد بن سعد قال: أخبرنا خالد بن خداش قال: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [2] .
«لا تَسُبُّوا مُضَرَ فَإِنَّهُ كَانَ قَدْ أَسْلَمَ» [3]
. وأما نزار:
فإنه يكنى: أبا إياد، وقيل: أبا ربيعة، أمه: معانة بنت جوشم [4]
. وأما معد
[5] فأمه/: مهدد.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي الْبَزَّازُ: قَالَ: أخبرنا الجوهري قال: أخبرنا أبو محمد
__________
[1] الحبلة: شجرة الكرم.
[2] حذف السند من ت: وكتب بدلا منه: «أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الباقي بإسناد لَهُ عن عبد الله بن خالد قال....» .
[3] أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى 1/ 58.
[4] تاريخ الطبري 2/ 270.
[5] بياض في ت مكان: «وأما معد» .

(2/235)


عَمْرو بْن حيوية قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن معروف قال: أخبرنا الحارث بن أبي أسامة قال:
أخبرنا محمد بن سعد قال: أخبرنا هشام بن محمد بن السائب، عن أبيه [1] قَالَ:
كان معد مع بخت نصر حين غزا حصون [2] اليمن.
قَالَ ابن سعد: ولم أر بينهم اختلافا أن معدا من ولد قيذار بْن إسماعيل [3] .
أَنْبَأَنَا الحسن بْن [4] عَبْد الْوَهَّابِ الْبَارِعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو جعفر بْن المسلمة قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو طاهر المخلص قَالَ: أَخْبَرَنَا أحمد بن سليمان الطوسي قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: حدثني علي بن المغيرة قَالَ:
لما بلغ بنو معد عشرين رجلا أغاروا عَلَى عسكر موسى فدعا عليهم فلم يجب فيهم ثلاث مرات، فَقَالَ: يا رب دعوتك عَلَى قوم فلم تجبني فيهم بشَيْء. فَقَالَ: «يا موسى دعوتني عَلَى قوم هم خيرتي فِي آخر الزمان» .
قَالَ: الزبير: وحدثني عَبْد العزيز بْن يحيى بْن زيد الباهلي، عَنْ سليمان بْن رفاعة، عَنْ مكحول قَالَ:
أغار الضحاك بْن معد عَلَى بني إسرائيل فِي أربعين رجلا من بني معد [5] عليهم دراريع الصوف خاطمي خيلهم بحبال الليف، فقتلوا وسبوا وظفروا. [فَقَالَ بنو إسرائيل: يا موسى، إن بني معد أغاروا علينا وهم قليل، فكيف لو كانوا كثيرا، وأغاروا علينا وأنت نبينا، فادع اللَّه عليهم. فتوضأ موسى وصلى ثم قَالَ: يا رب إن بني معد أغاروا عَلَى بني إسرائيل، فقتلوا وسبوا وظفروا] [6] فسألوني أن أدعوك عليهم.
قَالَ: فَقَالَ اللَّه عز وجل: «يا موسى لا تدع عليهم فإنهم عبادي وإنهم ينتهون عند أول أمري وإن فيهم نبيا أحبه وأحب أمته» .
__________
[1] حذف السند من ت وكتب بدلا منه: «أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الباقي بإسناد لَهُ عن هشام بن السائب عن أبيه» .
[2] أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى 1/ 58.
[3] الطبقات الكبرى 1/ 57.
[4] في ت: «أبو الحسين» .
[5] في ت: «من معد» .
[6] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.

(2/236)


فَقَالَ: يا رب ما بلغ من محبتك له؟
قَالَ: أغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
قَالَ: يا رب ما بلغ من محبتك لأمته.
قَالَ: يستغفرني مستغفرهم فأغفر له، ويدعوني داعيهم فأستجيب له.
قَالَ: يا رب فاجعلهم من أمتي قَالَ: ثلثهم منهم. قَالَ: رب اجعلني منهم. قَالَ:
تقدمته واستأخروا/
. وأما عدنان
[1] فإليه اتفاق النسابين عَلَى ما تقدم، ويختلفون فِي الأسماء التي بعده عَلَى ما سبق بيانه