المنتظم في تاريخ الأمم والملوك
ذكر خمس من النبوة
[4] من ذلك:
الهجرة إِلَى [أرض] [5] الحبشة.
لما ظهر رسول اللَّه صلى اللَّه عَلَيْهِ وسلم بالنبوة لم تنكر
عَلَيْهِ قريش، فلما سب آلهتها أنكروا عَلَيْهِ، وبالغوا فِي إيذاء
المسلمين فأمرهم رسول الله بالخروج إِلَى أرض الحبشة، فخرج قوم وستر
[القوم] [6] الباقون إسلامهم، فكانت أرض الحبشة متجر قريش، فخرج فِي
الهجرة الأولى أحد عشر رجلا وأربع نسوة سرا، فصادف وصولهم إِلَى البحر
سفينتين للتجارة فحملوهم فيهما إلى أرض الحبشة، وكان مخرجهم فِي رجب
فِي السنة الخامسة من حين تنبأ رسول اللَّه صلى اللَّه عَلَيْهِ وسلم
[7] ، وخرجت قريش فِي آثارهم فقاتلوهم، وهذه تسميتهم:
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] في ت: «إذ دان الشعوب له والجن والإنس تجري بينهما برد» .
[3] هذا البيت والّذي يليه سقطا من ت.
[4] بياض في ت مكان: «ذكر الحوادث في سنة خمس من النبوة من ذلك» .
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[7] «فِي السنة الخامسة من حين تنبأ رسول الله صلى الله عليه وسلم» سقط
من ت.
(2/374)
عثمان بْن عفان وامرأته رقية بنت رَسُول
اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسلم. وأبو حذيفة بْن عتبة، ومعه امرأته
سهلة بنت سهيل بْن عمرو، والزبير بْن العوام. ومصعب بْن عمير.
وعَبْد الرحمن بْن عوف. وأبو سلمة بن عبد الأسد، ومعه امرأته سلمة بنت
أبي أمية.
وعثمان بْن مظعون، وعامر بْن ربيعة، ومعه امرأته ليلى بنت أبي خيثمة.
وأبو سبرة بْن أبي رهم. وحاطب بْن عمرو بْن عَبْد شمس. وسهيل بْن
بيضاء. وعبد الله بْن بيضاء [1] . وعبد الله بْن مسعود.
فأقاموا عند النجاشي آمنين، فلما نزلت سورة النجم، وسجد رسول اللَّه
صلى اللَّه عَلَيْهِ وسلم سجد معه المشركون، فبلغ ذلك أهل الحبشة
فقالوا: إذا كانوا قد آمنوا فلنرجع إِلَى عشائرنا.
وكانوا قد خرجوا فِي رجب، فأقاموا شعبان ورمضان، وقدموا فِي شوال
فلقيهم ركب فسألوهم، فقالوا: ذكر مُحَمَّد آلهتهم فتابعوه، ثم عاد/
عَنْ ذكرها فعادوا له بالشر، فلم يدخل أحد منهم مكة إلا عَبْد اللَّه
بْن مسعود، فإنه مكث قليلا ثم رجع إِلَى أرض الحبشة فسطت بهم عشائرهم
وآذوهم، فأذن لهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي
الخروج [2] مرة أخرى إِلَى أرض الحبشة، فخرج خلق كثير وهذه تسميتهم:
أسماؤهم عَلَى حروف المعجم [3] الأسود بْن نوفل. أسماء بنت عميس. بركة
بْن يسار. تميم بن الحارث، ويقال: بن نمير، وانفرد بْن إِسْحَاق
فَقَالَ: بشر. جابر بْن سفيان بْن معمر. جعفر بْن أبي طالب، جنادة بْن
سفيان. جهم بْن قيس. الحارث بْن حاطب. الحارث بْن خالد التميمي. الحارث
بْن عَبْد قيس بْن عامر [4] . حاطب بْن الحارث، ومات بالحبشة.
حاطب بْن عمرو. الحجاج بْن الحارث السهمي. حرملة بنت عَبْد الأسود.
حطاب بْن الحارث، ومات بالحبشة [5] . حسنة أم شرحبيل. خالد بْن سفيان
الجمحي. خالد بْن سَعِيد بْن العاص. خالد بْن حرام بْن خويلد. خزيمة بن
جهم. خنيس بن جذامة.
__________
[1] «وعبد الله بن بيضاء» سقط من ت.
[2] «في الخروج» سقطت من ت.
[3] بياض في ت مكان: «وهذه تسميتهم. أسماؤهم على حروف المعجم» .
[4] «بن عامر» سقطت من ت.
[5] «ومات بالحبشة» سقطت من ت.
(2/375)
ربيعة بْن هلال. رقية بنت رَسُول اللَّه
صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسلم. رملة بنت أبي عوف. ريطة بنت الحارث.
الزُّبَيْر بْن العوام. السائب بْن الحارث. السائب بْن عثمان بْن
مظعون. سَعِيد بْن خولة.
سَعِيد بْن الحارث بْن قيس. سَعِيد بْن عَبْد قيس الفهري [1] . سَعِيد
بْن عمرو التميمي، ويقال: اسمه معيد. سفيان بْن معمر الجمحي. السكران
بْن عمرو. سلمة بْن هشام بْن المغيرة المخزومي. سليط بْن عمرو العامري.
سويبط العَبْدري. سودة بنت زمعة زوج رسول اللَّه صَلى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ. سهل بْن بيضاء. سهلة بنت سهيل. شرحبيل بْن حسنة. شماس بْن
عثمان. طليب بْن أزهر. طليب بْن عمير. عامر بْن ربيعة. عامر بْن أبي
وقاص.
عامر بْن عَبْد اللَّه. أَبُو عبيدة بْن الجراح. / عَبْد اللَّه بْن
جحش. عَبْد اللَّه بْن الحارث ابن قيس. عَبْد اللَّه بْن حذافة السهمي.
عَبْد اللَّه بْن سفيان. عَبْد اللَّه بْن سهيل بْن عمرو. عَبْد اللَّه
بْن شهاب. عَبْد اللَّه بْن عَبْد الأسد. أَبُو سلمة عَبْد اللَّه بْن
قيس بْن موسى. عَبْد اللَّه بْن مخرمة بْن عَبْد العزى. عَبْد اللَّه
بْن مسعود. عَبْد الرحمن بْن عوف. عَبْد اللَّه بْن مظعون. عتبة بْن
غزوان. عبيد بْن مسعود. عثمان بْن عفان.
عثمان بْن مظعون. عثمان بْن ربيعة بْن وهبان. عثمان بن عبد غنم الفهري.
عدي بْن نضلة. عروة بْن أبي أثابة. عمار بن ياسر. عمر بْن رباب. عمرو
بْن أمية بْن الحارث.
عمرو بْن جهم. عمرو بْن الحارث بْن زهير [2] . عمرو بْن سَعِيد بْن
العاص. عمرو بْن عثمان بْن كعب التيمي. عمرو بْن أبي سرح، وقيل: اسمه
معمر. عمير بْن رباب السهمي. عميرة بنت السعدي. عياض بْن زهير. عياش
بْن أبي ربيعة. فاطمة بنت صفوان [بْن أمية] [3] . فاطمة بنت المجلل.
وقيل: المحلل. فراس بْن النضر بْن الحارث. فكيهة بنت يسار. قدامة بْن
مظعون. قيس بْن حذافة السهمي [4] . قيس بْن عَبْد اللَّه. من بني أسد
بْن خزيمة. ليلى بنت أبي خيثمة. مالك بْن ربيعة. مُحَمَّد بْن حاطب.
محمية بنت جزء السهمي. مصعب بْن عمير. المطلب بْن أزهر. معَبْد بْن
الحارث السهمي، ويقال: ابن معمر. معتب بْن عوف. معمر بن عبد الله بن
نضلة.
__________
[1] في الأصل: «الزهري» .
[2] «عروة بن أبي أثابة ... عمرو بن الحارث بن زهير» . ساقط من ت.
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] «قيس بن حذافة السهمي» سقط من ت.
(2/376)
ومعيقيب بْن [أبي] [1] فاطمة. المقداد بْن
الأسود. نبيه بْن عثمان بْن ربيعة. [هاشم بْن أبي حذيفة المخزومي. هبار
بْن سفيان. هشام بْن أبي العاص بْن وائل] [2] هاشم بْن عتبة بْن ربيعة.
همينة بنت خلف، ويقال: أمينة. هند بنت أبي أمية. يزيد بْن زمعة الأسود.
أَبُو الروم بْن عمير. أَبُو سبرة بْن أبي رهم. أَبُو قليهة. أَبُو قيس
بْن الحارث. أم كلثوم بنت سهيل بْن عمرو. فهؤلاء [3] جملة الذين هاجروا
إِلَى الحبشة/ الهجرتين الأولى والآخرة عَلَى خلاف فِي بعضهم
. ذكر من ولد بالحبشة للمسلمين
[4] عَبْد اللَّه، وعوف، ومُحَمَّد: أولاد جعفر بْن أبي طالب. سَعِيد
وأمه: ابنا خالد بْن سَعِيد بْن العاص. عَبْد اللَّه بْن المطلب،
مُحَمَّد بْن أبي جعفر، مُحَمَّد بْن حاطب، زينب بنت أبي سلمة، موسى،
وعائشة، وزينب: أولاد الحارث بْن خالد.
قَالَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق: كان جميع من لحق بأرض الحبشة من المسلمين
سواء أبناؤهم الذين خرجوا بهم صغارا أو ولدوا بها نيفا وثمانين رجلا
[إن كان عمار منهم، وابن إِسْحَاق يشك فِي عمار. وذكر الواقدي] [5]
أنهم كانوا ثلاثة وثمانين رجلا، ومن النساء إحدى عشرة قرشية، وسبع
غرائب، فلما سمعوا بمهاجرة النبي صلى اللَّه عَلَيْهِ وسلم إِلَى
المدينة رجع منهم ثلاثة وثلاثون رجلا، وثمان نسوة، فمات منهم رجلان
بمكة، وحبس منهم سبعة، وشهد بدرا منهم أربعة وعشرون رجلا [6] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] في ت: «فهذه جملة» .
[4] بياض في ت مكان: «ذكر من ولد بالحبشة للمسلمين» .
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] «رجلا» سقط من ت.
(2/377)
فصل
قَالَ مؤلف الكتاب [1] : ولما خرج المسلمون إِلَى الحبشة ومنع اللَّه
تعالى نبيه عَلَيْهِ السلام بعمه أبي طالب، ورأت قريش أن لا سبيل لهم
عَلَيْهِ رموه بالسحر والكهانة والجنون، وَقَالُوا: شاعر، ثم بالغوا
فِي أذاه.
فمما فعلوه:
ما روى عَبْد اللَّه بْن عمرو بْن العاص قَالَ: حضرت قريشا وقد اجتمع
أشرافهم يوما فِي الحجر، فذكروا رسول اللَّه [صلى اللَّه عَلَيْهِ
وسلم] فقالوا: ما رأينا مثل ما صرنا إليه من هَذَا الرجل، قد سفه
أحلامنا، وشتم آباءنا وعاب آلهتنا- وقيل: ديننا [2]- وفرق جماعتنا وسب
آلهتنا، لقد صبرنا منه عَلَى أمر عظيم، فبينما هم كذلك إذ طلع رَسُول
اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأقبل يمشي حَتَّى استلم
الركن، ثُمَّ مر طائفا بالبيت، فلما مر غمزوه ببعض القول، قَالَ فعرفت
ذلك فِي وجه رسول الله [3] ، ثم مضى فلما مر بهم الثانية غمزوه
[بمثلها] [4] فعرفت ذلك فِي وجه رسول اللَّه [5] ، ثم مر بهم الثالثة
فغمزوه/ بمثلها فوقف [6] فَقَالَ:
«ألا تسمعون يا معاشر قريش، أما والذي نفس مُحَمَّد بيده لقد جئتكم
بالذبح» .
قَالَ: فأخذت القوم كلمته حَتَّى ما بينهم [7] رجل إلا كأنما عَلَى
رأسه طائر واقع، وحتى أن أشدهم فيه وصاة [8] قبل ذلك ليلقاه بأحسن ما
كان يجد من القول حَتَّى أنه ليقول: انصرف يا أبا القاسم راشدا، فو
الله ما كنت جهولا.
فانصرف رسول الله حَتَّى إذا كان من الغد اجتمعوا [فِي الحجر] [9] وأنا
معهم.
__________
[1] بياض في ت مكان: «فصل. قال مؤلف الكتاب» . هذه الأخبار في الطبري
1/ 548 ط. الدار.
[2] في ت: «وعاب ديننا» .
[3] «رسول الله» سقطت من ت.
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] في ت: «في وجهه» .
[6] «فوقف» سقط من ت.
[7] في ت: «ما منهم» .
[8] «وصاة» سقطت من ت.
[9] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
(2/378)
فَقَالَ بعضهم لبعض: ذكرتم ما بلغ منكم
حَتَّى إذا باداكم بما تكرهون تركتموه، فبينما هم كذلك إذ طلع رسول
اللَّه صلى اللَّه عَلَيْهِ وسلم فوثبوا إليه وثبة رجل واحد وأحاطوا به
يقولون: أنت الذي تَقُولُ كذا وكذا؟ لما [كان] [1] يبلغهم من عيب
آلهتهم ودينهم، فيقول رَسُولُ اللَّه [صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ] : «نَعَمْ أنا الّذي أقول ذلك» فلقد رأيت رجلا منهم أخذ
مجمع ردائه، وقام أَبُو بكر دونه وهو يقول: أتقتلون رجلا أن يقول ربي
اللَّه. ثم انصرفوا [عنه] [2] . أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ قَالَ:
أخبرنا ابن المذهب قال: أخبرنا أحمد بْن جَعْفَرٍ قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ:
حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: أَخْبَرَنَا عبد الرزاق قال: حدّثنا معمر بن
أبي خَيْثَمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ [3] عَبَّاسٍ:
أَنَّ الْمَلأَ مِنْ قُرَيْشٍ اجْتَمَعُوا فِي الْحِجْرِ فَتَعَاهَدُوا
بِاللاتِ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى: لَوْ قَدْ
رَأَيْنَا مُحَمَّدًا قُمْنَا إِلَيْهِ قِيَامَ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَلَمْ
نُفَارِقْهُ حَتَّى نَقْتُلَهُ، فَأَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ تَبْكِي حَتَّى
دَخَلَتْ عَلَى أَبِيهَا رَسُولِ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ] فَقَالَتْ: هَؤُلاءِ الْمَلأُ مِنْ قُرَيْشٍ [4] مِنْ
قَوْمِكَ فِي الْحِجْرِ قَدْ تَعَاهَدُوا أَنْ لَوْ رَأَوْكَ قَامُوا
إِلَيْكَ يَقْتُلُونَكَ، فَلَيْسَ مَعَهُمْ رَجُلٌ إِلا قَدْ عَرَفَ
نصيبه من بدنك. فقال: «يا بنية أرني وُضُوءًا» فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ
دَخَلَ عَلَيْهِمُ الْمَسْجِدَ، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا: هُوَ
هَذَا، هُوَ هَذَا. فَخَفَضُوا أَبْصَارَهُمْ وَعَقَرُوا فِي
مَجَالِسِهِمْ فَلَمْ يَرْفَعُوا إِلَيْهِ أَبْصَارَهُمْ، وَلَمْ
يَقُمْ مِنْهُمْ رَجُلٌ فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/ حَتَّى قَامَ عَلَى رُءُوسِهِمْ فَأَخَذَ قَبْضَةً
مِنْ تُرَابٍ فَحَصَبَهُمْ بها. وقال: «شاهت الوجوه» فما أصاب رجل
مِنْهُمْ حَصَاةٌ إِلا قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ كَافِرًا [5] . قَالَ
أحمد: وَحَدَّثَنَا علي بْن عَبْد اللَّه- هو ابن المديني- قَالَ:
أَخْبَرَنَا الوليد بْن مسلم قَالَ: حدَّثَنِي الأوزاعي قَالَ: حدثني
يحيى بْن أبي كثير قَالَ: حدثني مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم التيمي
قَالَ: حدَّثَنِي عروة بْن الزبير قَالَ: قلت لعَبْد الله بْن عمرو بْن
العاص:
أخبرني بأشد شَيْء صنعه المشركون برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ.
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ت.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل في مسند أحمد 1/ 368.
[3] حذف السند من ت.
[4] «قريش» سقطت من ت.
[5] الحديث في مسند أحمد 1/ 368.
(2/379)
قَالَ: بينا رسول اللَّه بفناء الكعبة إذ
أقبل عقبة بْن أبي معيط، فأخذ بمنكب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولوى
به فِي عنقه، فخنقه به خنقا شديدا، فأقبل أَبُو بكر فأخذ بمنكبه ودفعه
عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وَقَالَ: أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا
أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ، وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ من
رَبِّكُمْ 40: 28 [1] .
قَالَ أَحْمَدُ: وَحَدَّثَنَا وَهْبُ بْن جَرِيرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا
شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاق، عَنْ عَمْرِو بْن مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْد
اللَّه قَالَ: مَا رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
دَعَا عَلَى قُرَيْشٍ غَيْرَ يَوْمٍ وَاحِدٍ، فَإِنَّهُ كَانَ يُصَلِّي
وَرَهْطٌ مِنْ قُرَيْشٍ جُلُوسٌ وَسَلا جَزُورٍ قَرِيبٌ مِنْهُمْ
فَقَالُوا: مَنْ يَأْخُذُ هَذَا السَّلا فَيُلْقِيَهُ عَلَى ظَهْرِهِ؟
فَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ: أنا. فَأَخَذَهُ فَأَلْقَاهُ
عَلَى ظَهْرِهِ فَلَمْ يَزَلْ سَاجِدًا حَتَّى جَاءَتْ فَاطِمَةُ
فَأَخَذَتْهُ عن ظهره، فَقَالَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: «اللَّهمّ عَلَيْكَ بِالْمَلأِ مِنْ قُرَيْشٍ، اللَّهمّ
عَلَيْكَ بِعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، اللَّهمّ عَلَيْكَ بِشَيْبَةَ
بْنِ رَبِيعَةَ. اللَّهمّ عَلَيْكَ بِأَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ،
اللَّهمّ عَلَيْكَ بِعُقَبْةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، اللَّهمّ عَلَيْكَ
بِأُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ» - أَوْ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ» .
فَقَالَ عَبْد اللَّه: فَلَقَدْ رَأَيْتُهُمْ قُتِلُوا يَوْمَ بَدْرٍ
جَمِيعًا، ثُمَّ سُحِبُوا إِلَى الْقَلِيبِ غَيْرُ أُبَيٍّ- أَوْ
أُمَيَّةَ- فَإِنَّهُ كَانَ رَجُلا ضَخْمًا فَتَقَطَّعَ. أخرجه البخاري
ومسلم [2] . وانفرد بالذي قبله البخاري [رحمه اللَّه]
. فصل
قَالَ مؤلف الكتاب [3] : فلما كثرت أنواع الأذى التي لقيها رسول الله
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/ من المشركين استتر فِي دار الأرقم
بْن أبي الأرقم وهي التي تسمى الآن دار الخيزران
. فصل
قَالَ مؤلف الكتاب [4] : فلما استقر قرار المهاجرين إلى الحبشة اجتهد
المشركون
__________
[1] سورة: غافر، الآية: 28. أخرجه البخاري وانظر تاريخ الطبري 1/ 548
ط. الدار.
[2] البخاري: أبواب سترة المصلي (20) كتاب الوضوء (73) كتاب الجهاد
(97) باب الجزية (21) باب بنيان الكعبة (5) ومسلم كتاب الجهاد وباب
(39) .
[3، 4] بياض في ت مكان: «فصل. قال مؤلف الكتاب» .
(2/380)
فِي كيدهم، فبعثوا عمرو بْن العاص وعبد
الله بْن أبي ربيعة إِلَى النجاشي بهدايا ليسلمهم إليهم.
أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُصَيْنِ قَالَ:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْن علي قَالَ: أَخْبَرَنَا
أَبُو بَكْر بْن مالك قَالَ: حدثنا عبد الله بن أحمد قَالَ: حَدَّثَنِي
أَبِي قَالَ:
أَخْبَرَنِي يَعْقُوبُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ
قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ:
لَمَّا نَزَلْنَا أَرْضَ [1] الْحَبَشَةِ جَاوَرْنَا بِهَا خَيْرَ
جَارٍ النَّجَاشِيَّ أَمِنَّا عَلَى دِينِنَا وَعَبَدْنَا اللَّهَ لا
نُؤْذَى، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ قُرَيْشًا ائْتَمَرُوا أَنْ
يَبْعَثُوا إِلَى النَّجَاشِيِّ فِينَا رَجُلَيْنِ جَلْدَيْنِ، وَأَنْ
يُهْدُوا له [2] هدايا مما يَسْتَطْرِفُ مِنْ مَتَاعِ مَكَّةَ
وَأَمَرُوهُمْ أَمْرَهُمْ وَكَانَ أَعْجَبَ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْهَا
الأَدَمُ [3] ، فَجَمَعُوا لَهُ أَدَمًا كَثِيرًا، وَلَمْ يَتْرُكُوا
مِنْ بَطَارِقَتِهِ بَطْرِيقًا إِلا أَهْدَوْا إِلَيْهِ هَدِيَّةً،
ثُمَّ بَعَثُوا بِذَلِكَ عمرو بن العاص، وعبد الله بن أبي ربيعة
المخزومي، وأمروهم أمرهم [4] ، وقالوا لهما:
ادْفَعُوا إِلَى كُلِّ بِطْرِيقٍ هَدِيَّتَهُ قَبْلَ أَنْ تُكَلِّمُوا
النَّجَاشِيَّ فِيهِمْ، ثُمَّ قَدِّمُوا إِلَى النَّجَاشِيِّ
هَدَايَاهُ، ثُمَّ سَلُوهُ أَنْ يُسَلِّمَهُمْ إِلَيْكُمْ قَبْلَ أَنْ
يُكَلِّمَهُمْ، فَخَرَجَا فَقَدِمَا عَلَى النَّجَاشِيِّ فَدَفَعَا
إِلَى كُلِّ بَطْرِيقٍ هَدِيَّتَهُ وَقَالا لَهُمْ: إِنَّهُ قَدْ
صَبَأَ إِلَى بِلادِ الْمَلِكِ مِنَّا غِلْمَانٌ سُفَهَاءُ فَارَقُوا
دِينَ قَوْمِهِمْ، وَلَمْ يَدْخُلُوا فِي دِينِكُمْ، وَجَاءُوا بِدِينٍ
مُبْتَدَعٍ، وَقَدْ بَعَثَنَا إِلَى الْمَلِكِ فِيهِمْ أَشْرَافُ
قَوْمِهِمْ [5] لِيَرُدُّوهُمْ إِلَيْهِمْ، فَإِذَا كَلَّمْنَا
الْمَلِكَ فِيهِمْ فَأَشِيرُوا عَلَيْهِ تَسْلِيمَهُمْ إِلَيْنَا وَلا
نُكَلِّمُهُمْ، فَإِنَّ قَوْمَهُمْ أَعْلَى بِهِمْ عَيْبًا. فَقَالُوا:
نَعَمْ. ثُمَّ قَرَّبَا هَدَايَاهُمْ إِلَى النَّجَاشِيِّ، فَقَبِلَهَا
مِنْهُمْ، ثُمَّ تَكَلَّمَا، فَقَالا لَهُ: إِنَّهُ [6] قَدْ صَبَأَ
إِلَى بَلَدِكَ مِنَّا غِلْمَانٌ سُفَهَاءُ فارقوا دين قومهم، ولم
يدخلوا في دِينَكَ، وَجَاءُوا بِدِينٍ مُبْتَدَعٍ، لا نَعْرِفُهُ
نَحْنُ وَلا أَنْتَ، وَقَدْ بَعَثَنَا إِلَيْكَ أَشْرَافُ قَوْمِهِمْ
مِنْ/ آبَائِهِمْ وَأَعْمَامِهِمْ وَعَشَائِرِهِمْ لِنَرُدَّهُمْ
إِلَيْهِمْ، فَهُمْ أعلى بهم
__________
[1] «أرض» سقطت من ت.
[2] في ت: «إلى النجاشي» .
[3] «وَأَمَرُوهُمْ أَمْرَهُمْ، وَكَانَ أَعْجَبَ مَا يَأْتِيهِمْ
مِنْهَا الأدم» سقط من ت.
[4] «وأمروهم أمرهم» سقط من ت.
[5] «قومهم» سقط من ت.
[6] في ت: «فقالا أيها الملك إنه ... » .
(2/381)
وَأَعْلَمُ بِمَا عَابُوا عَلَيْهِمْ.
فَقَالَ بَطَارِقَتُهُ: صَدَقُوا فَأَسْلِمْهِمْ إِلَيْهِمَا. فَغَضِبَ
النَّجَاشِيُّ وَقَالَ: لا وَايْمُ اللَّهِ، إِذَنْ لا أُسْلِمُهُمْ
إِلَيْهِمَا وَلا أُكَادُّ قوما جاورني وَنَزَلُوا بِلادِي
وَاخْتَارُونِي عَلَى مَنْ سِوَايَ حَتَّى أَدْعُوَهُمْ فَأَسْأَلَهُمْ
مَا يَقُولُ هَذَانِ فِي أَمْرِهِمْ، فَإِنْ كَانُوا كَمَا يَقُولانِ
سَلَّمْتُهُمْ إِلَيْهِمَا، وَإِنْ كَانُوا عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ
مَنَعْتُهُمْ مِنْهُمْ وَأَحْسَنْتُ جِوَارَهُمْ مَا جَاوَرُونِي.
ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى أَصْحَابِ رسول الله صلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ [فَدَعَاهُمْ] [1] فَلَمَّا أَنْ جَاءَهُمْ رَسُولُهُ
اجْتَمَعُوا، ثُمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: مَا تَقُولُونَ
لِلرَّجُلِ إِذَا جِئْتُمُوهُ؟ فَقَالُوا: نَقُولُ وَاللَّهِ مَا
عَلِمْنَا وَمَا أمرنا به نبينا صلى الله عليه وسلم كَائِنٌ فِي ذَلِكَ
مَا هُوَ كَائِنٌ، فَلَمَّا جاءوه وقد دعي النَّجَاشِيُّ أَسَاقِفَتَهُ
فَنَشَرُوا مَصَاحِفَهُمْ حَوْلَهُ سَأَلَهُمْ، فَقَالَ: مَا هَذَا
الدِّينُ الَّذِي فَارَقْتُمْ فِيهِ قَوْمَكُمْ وَلَمْ تَدْخُلُوا فِي
دِينِي وَلا فِي دِينٍ آخَرَ مِنْ هَذِهِ الأُمَمِ؟ قَالَتْ: وَكَانَ
الَّذِي كَلَّمَهُ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. فَقَالَ لَهُ:
أَيُّهَا الْمَلِكُ كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ نَعْبُدُ
الأَصْنَامَ، وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ، وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ،
وَنَقْطَعُ الأَرْحَامَ، وَنُسِيءُ الْجِوَارَ، يَأْكُلُ الْقَوِيُّ
مِنَّا الضَّعِيفَ، وَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ
تَعَالَى [2] إِلَيْنَا رسولا منا نعرف صدقه وأمانته وَعَفَافَهُ
فَدَعَانَا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِنُوَحِّدَهُ وَنَعْبُدَهُ،
وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاءُنَا [3] مِنْ دُونِهِ
مِنَ الْحِجَارَةِ وَالأَوْثَانِ، وَأَمَرَنَا بِصِدْقِ الْحَدِيثِ،
وَأَدَاءِ الأَمَانَةِ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ، وَحُسْنِ الْجِوَارِ،
وَالْكَفِّ عَنِ الْمَحَارِمِ وَالدِّمَاءِ، وَنَهَانَا عَنِ:
الْفَوَاحِشِ، وَقَوْلِ الزُّورِ وَأَكْلِ مَالِ الْيَتِيمِ، وَقَذْفِ
الْمُحْصَنَاتِ، وَأَمَرَنَا: أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ لا نُشْرِكَ بِهِ
شيئا وأمرنا بالصلاة والزكاة وَالصِّيَامِ، فَصَدَّقْنَاهُ وَآمَنَّا
بِهِ وَاتَّبَعْنَاهُ عَلَى مَا جَاءَنَا بِهِ [4] فَعَبَدْنَا اللَّهَ
عَزَّ وَجَلَّ وَحْدَهُ، فَلَمْ نُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا، وَحَرَّمْنَا
مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْنَا، وَأَحْلَلْنَا مَا أَحَلَّ لَنَا،
فَعَدَى عَلَيْنَا قَوْمُنَا فَعَذَّبُونَا وَفَتَنُونَا عَنْ دِينِنَا
لِيَرُدُّونَا إلى عبادة الأوثان، وأن يستحل مَا كُنَّا نَسْتَحِلُّ
مِنَ الْخَبَائِثِ، فَلَمَّا قَهَرُونَا وَظَلَمُونَا وَشَقُّوا
عَلَيْنَا، وَحَالُوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ دِينِنَا خَرَجْنَا إِلَى
بِلادِكَ وَاخْتَرْنَاكَ عَلَى مَنْ سِوَاكَ، وَرَغِبْنَا فِي
جِوَارِكَ، وَرَجَوْنَا أَنْ لَا نُظْلَمَ عندك أيها الملك. قالت:
فَقَالَ [5] لَهُمُ النَّجَاشِيُّ: هَلْ مَعَكَ مِمَّا جَاءَ
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] في ت: «عز وجل» .
[3] في ت: «ما كنا فيه نحن وآباءنا نعبد من دونه» .
[4] «واتبعناه على ما جاءنا به» سقط من ت.
[5] في ت: «فقالت لهم» .
(2/382)
بِهِ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ فَقَالَ
لَهُ جَعْفَرٌ: نَعَمْ: قَالَ: فَاقْرَأْهُ عَلَيَّ فَقَرَأَ عَلَيْهِ
صدرا من كهيعص 19: 1 فَبَكَى النَّجَاشِيُّ حَتَّى اخْضَلَّتْ
لِحْيَتُهُ، وَبَكَتْ أَسَاقِفَتُهُ حَتَّى اخْضَلُّوا مَصَاحِفَهُمْ.
ثُمَّ قَالَ النَّجَاشِيُّ: إِنَّ هَذَا وَالَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى،
لَيَخْرُجُ مِنْ مشكاة واحدة، انطلقا فو الله لا أسلمكم إليهما أبدا.
قالت: فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ، قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ:
وَاللَّهِ لآتِيَنَّهُ غَدًا أَعِيبُهُمْ عِنْدَهُ بِمَا أَسْتَأْصِلُ
بِهِ خَضْرَاءَهُمْ. فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي
رَبِيعَةَ، وَكَانَ أَتْقَى الرَّجُلَيْنِ فِينَا: لا تفعل، فإن لهم
أرحاما. قال: فو الله لأُخْبِرَنَّهُ أَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ
عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ عَبْدٌ، قَالَتْ: ثُمَّ غَدَا عَلَيْهِ الْغَدَ،
فَقَالَ لَهُ: أَيُّهَا الْمَلِكُ، إِنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي عِيسَى
ابن مَرْيَمَ قَوْلا عَظِيمًا، فَأَرْسِلْ إِلَيْهِمْ، فَاسْأَلْهُمْ
عَمَّا يَقُولُونَ فِيهِ.
قَالَتْ: فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ، فَسَأَلَهُمْ عَنْهُ؟ قَالَتْ: وَلَمْ
يَزَلْ بِنَا مِثْلُهَا، فَاجْتَمَعَ الْقَوْمُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ
لِبَعْضٍ: مَاذَا تَقُولُونَ فِي عِيسَى إذا سألكم عنه؟ قالوا: نقول
والله فيه مَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَمَا جَاءَ بِهِ
نَبِيُّنَا، كَائِنٌ فِي ذَلِكَ مَا هُوَ كَائِنٌ، فَلَمَّا دَخَلُوا
عَلَيْهِ قَالَ لَهُمْ: مَا تَقُولُونَ فِي عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ؟
قَالَ لَهُ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: نَقُولُ فِيهِ الَّذِي جاء به
نبينا صلى الله عليه وسلم: «هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَرُوحُهُ
وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ الْعَذْرَاءَ الْبَتُولِ»
قَالَتْ: فَضَرَبَ النَّجَاشِيُّ يَدَهُ إِلَى الأَرْضِ، فَأَخَذَ
مِنْهَا عُودًا ثُمَّ قَالَ: مَا عَدَا عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ مَا
قُلْتَ هَذَا الْعُودَ. ثُمَّ قَالَ: اذْهَبُوا فَأَنْتُمْ سُيُومٌ
بِأَرْضِي- وَالسُّيُومُ الآمِنُونَ- مَنْ سَلِمَ عَزَمَ، مَنْ سَلِمَ
[عَزَمَ، مَنْ سَلِمَ عَزَمَ، مَا أُحِبُّ أن أدير ذَهَبًا وَأَنِّي
آذَيْتُ مِنْكُمْ رَجُلا. وَالدِّيرُ بِلِسَانِ الحبشة: الحبل] [1]
ردّوا عليهما هداياهما، فلا حاجة لنا بها، فو الله مَا أَخَذَ اللَّهُ
مِنِّي الرِّشْوَةَ حِينَ رَدَّ عَلَيَّ مُلْكِي، فَآخُذَ الرِّشْوَةَ
فِيهِ، وَمَا أَطَاعَ النَّاسَ فِيَّ فَأُطِيعُهُمْ فِيهِ.
قَالَتْ: / فَخَرَجَا مِنْ عِنْدِهِ مَقْبُوحَيْنَ، مَرْدُودًا
عَلَيْهِمَا مَا جَاءَا بِهِ [2] ، وَأَقَمْنَا عِنْدَهُ بِخَيْرِ
دَارٍ وَخَيْرِ جَارٍ.
قَالَتْ: فو الله إِنَّا عَلَى ذَلِكَ فَأَنْزَلَ بِهِ مَنْ
يُنَازِعُهُ في ملكه.
قالت: فو الله مَا عَلِمْنَا قَطُّ كَانَ أَشَدَّ مِنْ حُزْنٍ
حَزِنَّاهُ عِنْدَ ذَلِكَ تَخَوُّفًا أَنْ يَظْهَرَ ذَلِكَ الْمَلِكُ
عَلَى النَّجَاشِيِّ [فَلا يَعْرِفُ مِنْ حَقِّنَا ما كان يعرفه] [3] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] ورد في الأصل فخرجنا من عنده مقبوحين مردودا عليهم ما جاءوا به.
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ت وأضفناه من البداية 3/ 75.
(2/383)
قَالَ: فَسَارَ النَّجَاشِيُّ وَبَيْنَهُمَا عَرْضُ النِّيلِ، فَقَالَ
أصحاب رسول الله صلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
[هَلْ] [1] مِنْ رَجُلٍ يَخْرُجُ حَتَّى يَحْضُرَ وَقْعَةَ الْقَوْمِ
ثُمَّ يَأْتِينَا بِالْخَبَرِ؟.
قَالَتْ: فَقَالَ الزُّبَيْرُ: أَنَا. قَالَتْ: وَكَانَ مِنْ أَحْدَثِ
الْقَوْمِ سِنًّا. قَالَتْ: فَنَفَخُوا لَهُ قِرْبَةً فَجَعَلَهَا فِي
صَدْرِهِ، ثُمَّ سَبَحَ عَلَيْهَا حَتَّى خَرَجَ إِلَى نَاحِيَةِ
النِّيلِ الَّتِي بِهَا مُلْتَقَى الْقَوْمِ، ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى
حَضَرَهُمْ.
قَالَتْ: وَدَعَوْنَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لِلنَّجَاشِيِّ
بِالظُّهُورِ عَلَى عَدُوِّهِ وَالتَّمْكِينِ لَهُ فِي بِلادِهِ،
فَاسْتَوْثَقَ لَهُ أَمْرُ الْحَبَشَةِ. فَكُنَّا عِنْدَهُ فِي خَيْرِ
مَنْزِلٍ حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وهو
بمكة [2]
. فصل
وَفِي هَذِهِ السنة توفيت:
2- سمية بنت خياط [3] : مولاة حذيفة بْن المغيرة، وهي أم عمار بْن
ياسر، أسلمت بمكة قديما، وكانت ممن يعذب فِي اللَّه عز وجل لترجع عَنْ
دينها فلم تفعل، فمر بها أَبُو جهل فطعنها فِي قلبها [4] فماتت وكانت
عجوزا كبيرة، فهي أول شهيدة فِي الإسلام |