المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

ثم دخلت سنة إحدى وسبعين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
ورود الخبر في غرة صفر بدخول مُحَمَّد وعلي ابني الحسن بن جعفر بن موسى بن محمد بن علي بن الحسين المدينة، وقتلهما جماعة من أهلها، ومطالبتهما أهلها بمال، وأن أهل المدينة لم يصلوا في مسجد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أربع جمع لا جمعة ولا جماعة.
ولثمان بقين من شعبان: شخص صاعد من عسكر أبي أَحْمَد بواسط/ إلى فارس لحرب عمرو بن الليث.
ولعشر خلون من رمضان: عقد لأحمد بن مُحَمَّد الطائي على المدينة وطريق مكة.
وفي سادس عشر شوال: كانت وقعة بين أبي العباس وبين خمارويه [بن أَحْمَد بن طولون، فهزمه أبو العباس، فخرج خمارويه هاربا على حمار] [1] ووقع أصحاب أبي العباس في النهب، ونزل أبو العباس [في] مضرب خمارويه، وهو لا يرى أنه بقي له طالب، فخرج كمين لخمارويه كان أكمنه لهم [2] فشد على أصحاب أبي العباس، فانهزموا وذهب ما كان في العسكرين بالنهب.
ولأربع بقين من شوال: دخل على المعتمد جماعة من حجاج خراسان، فأعلمهم
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] «لهم» ساقطة من ك.

(12/243)


أنه قد عزل عمرو بن الليث عما كان قلده ولعنه بحضرتهم، واعلمه أنه قد قلد خراسان مُحَمَّد بن طاهر، وأمر بلعن عمرو على المنابر فلعن.
وفي هذه السنة: وثب يوسف بن أبي الساج وكان والي مكة على غلام الطائي يُقَالُ له: بدر، خرج علي الحاج فقيده، فحارب ابن أبي الساج أصحاب بدر، وأعانهم الحاج حتى استنقذوا غلام الطائي، وأسروا ابن أبي الساج فقيدوه، وحمل إلى بغداد، وكانت الحرب بينهم على أبواب المسجد الحرام.
أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ التنوخي، عن أبيه قال: حدثني أبو السري عمر بن مُحَمَّد القاري [قَالَ] حدثني أبو بكر الآدمي قَالَ: لما أدخل مؤنس أبا القاسم بن أبي الساج أسيرا خرجت إلى تلقيته على فراسخ، ودخلت بغداد معه، فقال لي لما قربنا: إذا كان غدا فإني سأركب ابن أبي الساج وأشهره فاركب بين يديه، واقرأ، فقلت: السمع والطاعة.
فلما كان من الغد شهر ابن أبي الساج ببرنس، فبدأت فقرأت وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ [إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ 11: 102] [1] واتبعتها بكل ما في القرآن من هذا الجنس/ قَالَ: وحانت مني [2] التفاتة، فرأيت ابن أبي الساج يبكي. ومضى ذلك اليوم، فلما كان بعد أيام [3] رضي عنه السلطان بشفاعة مؤنس، فأطلقه إلى داره، فأنا [كنت] [4] يوما بحضرة مؤنس أقرأ، إذ استدعاني وَقَالَ لي: قد طلبك اليوم ابن أبي الساج، فامض إليه. فقلت له: أيها الأستاذ الله الله في لعله وجد في نفسه من قراءتي ذلك اليوم.
فضحك وَقَالَ: امض إليه. فمضيت إليه، فرفعني واجلسني وَقَالَ: أحب أن تقرأ تلك الآيات التي قرأتها بين يدي يوم كذا. فقلت: أيها الأمير، تلك حالة اقتضت ذلك، وليس مثلك بأخذ مثلي عليها، وقد كشفها الله الآن، ولكن اقرأ لك غيرها. قَالَ: لا إلا تلك، فانه تداخلني لها خشوع وخوف أحب أن أكسر بها نفسي، فردد سماعها علي
__________
[1] سورة: هود، الآية: 102.
[2] في ك: «منه» .
[3] في الأصل: «بعد دهر» .
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.

(12/244)


قَالَ: فاستفتحت فقرأتها لَهُ [1] ، فما زال يبكي وينتحب إلى أن قطعت القراءة، ثم قَالَ:
تقدم إلى قَالَ: فخفته والله أن يبطش بي [ثم] [2] قلت في نفسي هذا محال: فتقدمت فأخرج من تحت مصلاه دنانير كثيرة وَقَالَ: افتح فاك. ففتحته بكل ما استطعته، فما زال يملأه حتى لم يبق في فمي موضع، ثم قَالَ للغلام: هات. فجاء بكيس فيه ألفا درهم فجعلها في كمي، ثم خرجت فقدمت إلى بغلة فارهة مسرجة، فحملت عليها واصحبني ثيابا وَقَالَ: إذا شئت فعد إلينا ولا تنقطع عنا ما دمنا مقيمين، فكنت أجيئه في كل أسبوع اقرأ في داره فيعطيني في كل شهر مائة دينار، إلى أن خرج من مدينة السلام.
وفيها: وثب العامة على النصارى، وخربوا الدير العتيق الذي وراء نهر عيسى، وانتهبوا كل ما كان فيه من متاع، وقلعوا الأبواب والخشب، وهدموا بعض حيطانه وسقوفه، ونبشوا الموتى، فصار إليهم الحسين بن إسماعيل/ صاحب شرطة [3] بغداد من قبل مُحَمَّد بن طاهر، فمنعهم من هدم ما بقي منه، وكان يتردد إليه أياما والعامة تجتمع في تلك الأيام حتى كاد [4] يكون بينهم قتال، ثم بنى ما كانت العامة هدمته، وكانت إعادة بنائه فيما ذكر [5] بقوة عبدون بن مخلد النصراني أخي صاعد بن مخلد.
وفي ذي القعدة: قدم المعتمد إلى بغداد، فصلى بالناس في المصلى صلاة الأضحى، وراءه الناس، وعليه البردة، وذلك يوم السبت.
وحج بالناس في هذه السنة: هارون بن مُحَمَّد بن إسحاق.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1766- بوران بنت الحسن بن سهل [6] .
وكان لها الفطنة والذكاء، تزوجها المأمون، وقد ذكرنا ذلك في تلك الحوادث.
__________
[1] «له» ساقطة من ك.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] في ك: «شرط» .
[4] «كاد» ساقطة من ك.
[5] «فيما ذكر» ساقطة من ك.
[6] البداية والنهاية 11/ 49.

(12/245)


وتوفيت في ربيع الأول من هذه السنة، وقد بلغت ثمانين سنة.
1767- حمدون بن [أَحْمَد بن] عمارة، أبو صالح القصار [1] .
صحب أبا تراب النخشبي [وغيره.
أخبرنا مُحَمَّد بن الْقَاسِمِ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو نعيم الأصبهاني قَالَ: سمعت مُحَمَّد بن الحسين يقول: سمعت] [2] مُحَمَّد بن أَحْمَد الفراء يقول:
سمعت عَبْد اللَّهِ بن مبارك يقول: سفه رجل على حمدون فسكت حمدون، ثم قَالَ: يا أخي! لو نقصتني كل شيء ما نقصتني كنقصي عندي. ثم قَالَ: سفه رجل على إسحاق الحنظلي فاحتمله، وَقَالَ: لأي شيء تعلمنا العلم؟
[أخبرنا ابن ناصر، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عَلي بْن خلف، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْد الرَّحْمَن السلمي قَالَ: سَمِعْتُ] مُحَمَّد بْن أَحْمَد الفراء [يقول] [3] سمعت عبد اللَّه بن الحجام يقول: قَالَ حمدون: إذا رأيت سكران فتمايل لئلا تبغي عليه فتبتلى بمثل ذلك.
قَالَ السلمي: وكان أبو صالح حمدون يميل إلى مذهب سفيان الثوري، وكتب الحديث يذهب مذهب الملامة، كان أستاذ الجماعة فيه.
[توفي حمدون في هذه السنة بنيسابور، ودفن في مقبرة الحيرة] [4] .
1768-[سهل بن مهران بن سهل، أبو بشر الدقاق [5] .]
نزل نيسابور، وحدث بها عن أبي عَبْد الرَّحْمَنِ المقرئ وعاصم بن علي وكان ثقة وتوفي في هذه السنة] .
__________
[1] في الأنساب للسمعاني: «حمدون بن أحمد بن عمارة بن رستم القصّار النيسابورىّ: من أهل نيسابور» انظر ترجمته في الأنساب للسمعاني 10/ 164، 165، وطبقات الصوفية للسلمي 123.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] تاريخ بغداد 9/ 118 وهذه الترجمة ساقطة من الأصل.

(12/246)


1769-[عَبْد اللَّهِ بن مُحَمَّد بن حبيب، أبو رفاعة العدوي البصري [1] .]
حدث عن إبراهيم بن بشار الرمادي. روى عنه: عَبْد اللَّهِ بن مُحَمَّد بن ناجية، وكان ثقة، وولي القضاء، وتوفي بشمشاط في هذه السنة] .
1770- علي بن سهل بن المغيرة، أبو الحسن البزاز [2] .
سمع شجاع بن الوليد، وأبا نعيم، وعفان بن مسلم. روى عنه: أبو الحسين بن المنادي، وكان صدوقا. وتوفي في هذه السنة [وقيل: في سنة سبعين] [3] .
1771- العباس بن مُحَمَّد بن حاتم بن واقد، أبو الفضل [4] الدوري.
مولى بني هاشم، / ولد سنة خمس وثمانين ومائة. سمع شبابة، وأبا النضر، وعفان بن مسلم، ويحيى بن معين. روى عنه: عَبْد اللَّهِ بن أَحْمَد، وجعفر الفريابي، والبغوي، وابن صاعد، وكان ثقة.
توفي في صفر هذه السنة، وقد بلغ ثماني وثمانين سنة.
1772-[مُحَمَّد بن حماد، أبو عَبْد اللَّهِ الرازي الطهراني] [5] .
سمع عبد الرزاق وغيره، وكان جوالا، حدث بالري، وبغداد، والشام. روى عنه: ابن أبي الدنيا، وغيره. وهو صدوق ثقة.
توفي بعسقلان ليلة الجمعة لثمان بقين من ربيع الآخر من هذه السنة] .
1773-[مُحَمَّد بن صالح بن عَبْد الرَّحْمَنِ أبو بكر الأنماطي، ويعرف: بكيلجة [6] .
سمع عفان بن مسلم، وتوفي في هذه السنة، وقيل: سنة اثنتين، والأول أصح] .
__________
[1] وهذه الترجمة ساقطة من الأصل.
[2] تاريخ بغداد 11/ 429.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] تاريخ بغداد 12/ 144.
[5] هذه الترجمة ساقطة من الأصل.
انظر ترجمته في تاريخ بغداد 2/ 271
[6] وهذه الترجمة أيضا ساقطة من الأصل.
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 5/ 358.

(12/247)


1774- مُحَمَّد بن يعقوب بن الفرج أبو جعفر، المعروف: بابن الفرخي [1] .
كان من أبناء الدنيا، وكان له مال كثير، فأنفق الكل في طلب العلم، وعلى الفقراء، وكان له موضع من العلم والفقه ومعرفة الحديث، لزم على بن المديني، فأكثر عنه، وصحب أبا تراب النخشبي، وذا النون [المصري] [2] ونحوهما، وكان يعظ في جامع الرملة.
أَخْبَرَنَا أبو بكر [بن] مُحَمَّد بن عَبْد اللَّهِ بن حبيب، أَخْبَرَنَا أبو سعد عَلي بْن عَبْد اللَّهِ بْن أبي صادق، أَخْبَرَنَا أبو عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بن عَبْد اللَّهِ بن باكويه قَالَ: سمعت أبا عمر تلميذ الرقي يقول: سمعت مُحَمَّد بن داود الدينَوَريّ يقول: سمعت بنان بن أَحْمَد المصري يقول: قدم ابن الفرخي إلى فقصدته، فإذا هو في بيت مملوء كتبا فقلت [له] :
رحمك الله اختصر لي من هذه الكتب كلمتين أنتفع بهما. فقال لي [3] : ليكن همك مجموعا فيما يرضى الله، فإن اعترض عليك شيء فتب من وقتك.
1775- مطروح بن مُحَمَّد بن شاكر، أبو نصر القضاعي [4] .
ولد سنة تسعين ومائة، وكان ثقة. توفي في هذه السنة بالإسكندرية.
1776- يعقوب بن إسحاق بن زياد أبو يوسف البصري، المعروف بالفلوسي [5] .
سمع أبا عاصم النبيل، ومحمد بن عَبْد اللَّهِ الأنصاري، وكان حافظا ثقة، ضابطا، ولي قضاء نصيبين، فخرج إليها ودخل بغداد/ في طريقه، وحدث بها، فروى عنه ابن أبي الدنيا، وابن أبي داود، والمحاملي، وابن مخلد.
وتوفي بنصيبين في جمادى الأولى من هذه السنة.
__________
[1] تاريخ بغداد 3/ 387.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] «لي» ساقطة من ك.
[4] القضاعي: هذه النسبة إلى قضاعة، ويقال أن قضاعة هو بن معد بن عدنان، ويقال لغير ذلك (انظر الأنساب للسمعاني 10/ 179) .
[5] تاريخ بغداد 14/ 285.

(12/248)


ثم دخلت سنة اثنتين وسبعين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
أن العامة تجمعوا في ربيع الآخر فهدموا ما كان بني من البيعة التي ذكرنا خرابهم إياها في السنة الخالية، وانتهبوا مالا عظيما منها، لأنهم أنكروا عليهم ركوب الدواب.
وورد الخبر في جمادى الآخرة [1] أن مصر زلزلت زلازل أخرجت الدور ومسجد الجامع، وأنه أحصي بها في يوم واحد ألف جنازة.
وفيها: تحركت الزنج بواسط، وكان رؤساؤهم في حبس [2] ابن طاهر، فقتل رؤساءهم وصلبوا.
وفيها: قدم المعتمد بغداد لخمس بقين من شوال، فنزل الزعفرانية، ومحمد بن عَبْد اللَّهِ بن طاهر بين يديه بالحربة.
وحج بالناس في هذه السنة هارون بن مُحَمَّد الهاشمي.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1777- أَحْمَد بن مُحَمَّد بن الحجاج بن رشيدين المصري، يكنى: أبا جعفر [3] .
__________
[1] في ك: «جمادى الأولى» .
[2] في الأصل: «جيش ابن طاهر» .
[3] في الأصل: «بن رشد بن المهدي» وفي ك: «المهري» انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 2/ 75 والميزان 1/ 133. ولسان الميزان 1/ 257.

(12/249)


كان أحد حفاظ [1] الحديث، وأهل الصنعة.
توفي في ليلة الأربعاء، ودفن يوم عاشوراء من هذه السنة.
1778-[إبراهيم بن سليمان بن داود الأسدي، أسد خزيمة يكنى: أبا إسحاق، ويعرف: بابن أبي داود [2] البرلسي.]
لأنه كان لزم البرلس ماحوزا من مواحيز مصر. ولد بصور، وأبوه أبو داود: كوفي، وكان ثقة من حفاظ الحديث، توفي بمصر في شعبان هذه السنة] .
1779-[إبراهيم بن الوليد بن أيوب، وأبو إسحاق الجشاس [3]] .
سمع أبا نعيم، والقعنبي، وعفان، وغيرهم، وكان ثقة.
توفي في محرم هذه السنة] .
1780-[جعفر بن مُحَمَّد بن عامر، أبو الفضل البزاز [4] .]
من أهل سرمن رأى، حدث عن أبي نعيم، وقبيصة، وعفان. روى عنه: ابن صاعد، وابن أبي داود، وغيرهما، وكان أحد الشهود المعدلين. قَالَ ابن أبي حاتم:
سمعت منه مع أبي، وهو صدوق، غرق بطريق البصرة في هذه السنة] .
1781- الحسن بن إسحاق بن يزيد، أبو علي العطار [5] .
حدث عن زيد بن الحباب، وقبيصة، وأبي نعيم، وغيرهم. روى عنه: ابن مخلد، وأبو العباس الأصم، وغيرهما. وكان ثقة.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا [أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ] الْخَطِيبُ [6]
__________
[1] في الأصل: «كان من حفاظ الحديث» .
[2] هذه الترجمة ساقطة من الأصل.
انظر ترجمته في: الأنساب للسمعاني 2/ 167، 168.
[3] تاريخ بغداد 6/ 199.
وهذه الترجمة ساقطة من الأصل.
[4] تاريخ بغداد 7/ 181. وهذه أيضا ساقطة من الأصل.
[5] تاريخ بغداد 7/ 286.
[6] «الخطيب» ساقطة من ك. وما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.

(12/250)


أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم، حَدَّثَنَا الحسن بن إسحاق العطار قَالَ: سمعت عَبْد الرَّحْمَنِ بن/ هارون يقول: كنا في البحر سائرين إلى إفريقية، فركدت علينا الريح، فأرسينا إلى موضع يُقَالُ له «البرطون» وكان معنا صبي صقلبيّ يُقَالُ له: أيمن، وكان معه شص يصطاد به السمك. قَالَ: فاصطاد سمكة [1] نحوا من شبر أو أقل. قَالَ: وكان على صنيفة [2] أذنها اليمنى مكتوب: «لا اله إلا الله» وعلى قذلها، وعلى صنيفة أذنها اليسرى مكتوب:
«مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» . قَالَ: وكان أبين من نقش على حجر، وكانت السمكة بيضاء، والكتابة سوداء، كأنه كتب [بحبر] [3] قَالَ: فقذفناها في البحر، ومنع الناس أن يصيدوا [4] من ذلك الموضع [حتى أوغلنا] [5] .
توفي أبو علي العطار في صفر [6] هذه السنة.
1782-[سليمان بن وهب [7] .
توفي في الحبس في صفر هذه السنة، فرثاه العبشمي فقال:
كأن الأرض لما قيل أودي ... سليمان بن وهب بي تميد
أبا أيوب كنت لنا غياثا ... وركنا إن عدا دهر شديد
فلو قبلت منيته بديلا ... لأعطينا المنية ما تريد
لأن عطلت دواوين المعالي ... وأضحت لا يعد لها عديد
لقد أبقى محاسن خالدات ... تبيد الراسيات ولا تبيد]
__________
[1] في ك: «سمكا نحوا»
[2] في ك: «ضيفة» وكذلك في الموضع التالي.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في ك: «يصطاد» وفي ت: «يصطادوا» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
وانظر الخبر في تاريخ بغداد 7/ 286.
[6] «صفر» ساقطة من ك.
[7] هذه الترجمة ساقطة من الأصل.
انظر ترجمته في: البداية والنهاية 11/ 50 والكامل في التاريخ (أحداث سنة 272 هـ) 6/ 345.

(12/251)


1783-[عَبْد اللَّهِ بن مُحَمَّد بن إسماعيل بن لاحق البزاز [1] .]
سمع يزيد بن هارون، وروح بن عبادة، وسعيد بن منصور. روى عنه: ابن صاعد، وأبو عمر القاضي، وكان ثقة. توفي في جمادى الأولى من هذه السنة] .
1784-[علي بن داود، أبو الحسين التميمي القنطري [2] .]
سمع نعيم بن حماد، وغيره. روى عنه: الحربي، والبغوي، وأبو الحسين بن المنادي. وكان ثقة. توفي في ذي الحجة من هذه السنة] .
1785- الْعَلاءُ بْنُ صَاعِدٍ، أَبُو عِيسَى [3] .
كَانَ يَتَعَاطَى النُّجُومَ، فَرَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ. قَالَ: فَجِئْتُهُ عَنْ يَمِينِهِ، فَقُلْتُ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ بِأَنْ يَهَبَ لِيَ الْعَافِيَةَ. فَأَعْرَضَ عَنِّي فَدُرْتُ عَنْ شماله فقلت [مِثْلَ مَا قُلْتُ] [4] ، فَأَعْرَضَ عَنِّي، فَجِئْتُهُ مُوَاجِهًا لَهُ. فَقُلْتُ [لَهُ] [5] مِثْلَ مَا قُلْتُ، فَقَالَ: «لا أَفْعَلُ» . قُلْتُ: وَلِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «لأَنَّ الْوَاحِدَ مِنْكُمْ يَقُولُ: عَلَّنِي الْمَرِّيخُ وَأَبْرَأَنِي الْمُشْتَرَى» .
حمل العلاء إلى دار الموفق [في محفة] [6] فحبس، فقال عند حمله إلى ثلاثة عشر يوما أخلص أخرج من الحبس وأعود إلى منزلي.
فتوفي في الحبس بعد ثلاثة عشر يوما، وأخرج ميتا.
1786- مُحَمَّد بن عبد الوهاب بن حبيب بن مهران، أبو أَحْمَد العبدي [7] .
جمع الحديث والفقه والأدب والثروة، وروى عن خلق كثير منهم: يحيى بن
__________
[1] وهذه الترجمة ساقطة من الأصل.
[2] وهذه الترجمة أيضا ساقطة من الأصل.
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 11/ 424، 425.
[3] في ك: «بن عيسى» .
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] تقريب التهذيب 2/ 187

(12/252)


يحيى، وإسماعيل بن أبي أويس، والواقدي، والأصمعي، وعفان، والقعنبي، [وأبو عبيد] [1] وغيرهم. وأخذ الأدب عن الأصمعي، وابن الأعرابي، وأبي عبيد، والحديث عن أَحْمَد بْن حنبل، ويحيى بْن معين، وعلي [2] بن المديني. والفقه عن أبيه، وكان يفتي في هذه العلوم [وكان ثقة] [3] وتوفي في هذه السنة.
1787- مُحَمَّد بن [أبي] داود واسم أَبِي دَاوُد: عبيد الله/ بن يزيد [4] ، أبو جعفر المنادي [5] .
سمع شجاع بن الوليد، وحفص بن غياث، [ويزيد بن هارون، وغيرهم. روى عنه: البخاري، وأبو داود، والبغوي، وغيرهم] [6] وكان صدوقا.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن [علي بن] [7] ثابت، أخبرنا محمد بن عبد الواحد [8] ، حدثنا محمد بن العباس قال: قرئ على ابن المنادى وأنا أسمع قَالَ: توفي جدي أبو جعفر مُحَمَّد بن عبيد الله المنادي ليلة الثلاثاء في السحر، ودفن يوم الثلاثاء لثلاث بقين من شهر رمضان سنة اثنتين وسبعين ومائتين، وصام فيما قَالَ لنا: اثنين وتسعين رمضانا واثني عشر يوما من الشهر الذي مات فيه، وله حينئذ [9] مائة سنة وسنة واحدة، وأربعة أشهر، واثنا عشر يوما من الشهر الَّذِي مات فِيهِ [10] لأنه ولد فيما قَالَ لنا: للنصف من جمادى الأولى سنة إحدى وسبعين ومائة [11] . قال: وكان
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] «علي» ساقطة من ك.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في ك: «محمد بن أبي داود عبيد الله بن يزيد» . وفي الأصل: «محمد بن داود. واسم أَبِي دَاوُد عبيد الله بن يزيد» وفي ت: «محمد أبي داود» 220.
[5] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 2/ 326- 329.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] في ك: «محمد بن زكريا» .
[9] في ك: «يومئذ» .
[10] في ك: «واثنا عشر يوما وليلة» .
[11] في ك: «إحدى وتسعين» .

(12/253)


أَحْمَد بن حنبل أكبر مني بسبع سنين، وكان يحيى بن معين [1] أكبر مني بسبع سنين.
1788- يعقوب بن سواك بن يوسف الختلي [2] .
سكن بغداد، وصحب بشر بن الحارث، ولما احتضر قَالَ له ابنه مُحَمَّد: يا أبت! إذا قضيت نحبك أدفنك عند أخيك بشر؟ فقال: إذا مت فادفني عند أبي وأمي، فإني أحب أن يجمعنا الله في القيامة فسيجمعنا. قَالَ: قلت: يا أبت [3] فأكفر عنك بشيء.
قال: لا، فإنّي ما حلفت باللَّه عز وجل [4] على حق ولا على باطل.
توفي في هذه السنة وقيل في سنة ثمان وسبعين [5] .
__________
[1] في ك: «يحيى بن معاذ» .
[2] تاريخ بغداد 14/ 284، 285.
[3] في المطبوعة: «يابة» .
[4] في ك: «ما حلفت عند رجل» .
[5] في الأصل: «ثمان وستين» .

(12/254)


ثم دخلت سنة ثلاث وسبعين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
أن ثلاثة بنين كانوا لطاغية الروم وثبوا عَلَيْهِ [1] فقتلوه وملكوا أحدهم.
وحج بالناس في هذه السنة هارون بن مُحَمَّد الهاشمي، وهذه السنة العاشرة من حجة بالناس، ولم يحج بالناس [2] بعد/ عمر بن الخطاب [رضي الله عنه] عشر سنين متتابعة سواه.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1789- أَحْمَد بن سعد بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أبو إبراهيم الزهري [3]
سمع على بن الجعد، وعلي بن يحيى، وغيرهما. روى عنه: البغوي، وابن صاعد، والمحاملي، وابن المنادي، وغيرهم. وكان مذكورا بالعلم والفضل، موصوفا بالصلاح والزهد، ومن أهل بيت كلهم علماء محدثون.
أخبرنا [عَبْد الرحمن بن محمد] القزاز، أخبرنا [أبو بكر] أحْمَد بن ثابت، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن عمر بن روح، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْد الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ قَالَ: سمعت أبي
__________
[1] في ك: «دسوا به» .
وفي الأصل: «وثبوا به» .
[2] في ك: «ولم يحج من بعد عمر ... »
[3] تاريخ بغداد 4/ 181- 183.

(12/255)


يقول: مضى عمي [يعني] [1] أبا إبراهيم الزهري [2]- إلى أَحْمَد بن حنبل يسلم عليه، فلما رآه قام إليه قائما وأكرمه، فلما مضى قَالَ له ابنه عَبْد اللَّهِ: يا أبت! أبو إبراهيم شاب، وتعمل به هذا العمل، وتقوم إليه؟ فقال له: يا بني! لا تعارضني في مثل هذا إلا أقوم إلى ابن عَبْد الرَّحْمَنِ بن عوف؟ [3] .
توفي أبو إبراهيم في محرم هذه السنة، وقد بلغ خمسا وسبعين سنة، ودفن في مقبرة التبانين.
1790- حنبل بن إسحاق بن حنبل بن هلال بن أسد، أبو علي الشيباني، ابن عم أَحْمَد بن حنبل [4] .
سمع أبا نعيم، وعاصم بن علي، وعارم بن الفضل، ومسددا، والحميدي، وابن المديني، وخلقا كثيرا، وله كتاب مصنف في التاريخ. روى عنه: البغوى، وابن صاعد، وكان ثقة ثبتا صدوقا.
خرج إلى واسط، وتوفي بها في جمادى الأولى من هذه السنة.
1791- الفتح بن شخرف بن داود بن مزاحم، أبو نصر الكشي [5] .
حدث عن رجاء بن مرجي، وأبي بكر بن زنجويه [6] ، وغيرهما. روى عنه: أبو عمرو بن السماك، والنجاد، وكان من كبار الزهاد المتورعين. وَقَالَ أَحْمَد بن حنبل: ما أخرجت خراسان/ مثل فتح بن شخرف.
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي بن ثابت، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُمَرَ الْبَرْمَكِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفضل الزهري قَالَ: سمعت أبا الطيب المعلم يقول: سمعت البربهاري يقول: سمعت فتح بن شخرف] [7] يقول: رأيت رب العزة
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] «الزهري» ساقطة من ك.
[3] تاريخ بغداد 4/ 183.
[4] تاريخ بغداد 8/ 286، 287.
[5] تاريخ بغداد.
[6] في الأصل: «رعونة» .
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.

(12/256)


تَعَالَى في النوم فقال [لِي] [1] . يا فتح! احذر لا آخذك على غرة. قَالَ: فتهت في الجبال سبع سنين [2] .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ [بْنُ مُحَمَّدٍ] ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي، أخبرنا الأزهري، حَدَّثَنَا عبيد الله بن إبراهيم القزاز، حَدَّثَنَا جعفر بن مُحَمَّد الخواص، حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد الجريري قَالَ: قَالَ لي فتح بْن شخرف: من إعجابي بكل شيء [جيد] عندي [3] قلم كتبت به أربعين سنة، كنت أكتب بِهِ [4] بالنهار وبالليل، وكانت دارنا واسعة فكنت أكتب بِهِ [5] في القمر حتى يرتفع، وأقعد [6] على سلم في دارنا أرتقي [7] عليه مرقاة مرقاة، حتى ينتهي السلم، فإذا تشعث رأس القلم قططته وهو عندي. فأخرج إلى أنبوبة صفر وأخرج القلم منها فأرانيه [8] .
توفي فتح بن شخرف في شوال هذه السنة، وقبره ظاهر في مقبرة أَحْمَد بن حنبل، وصلى عليه ثلاثا وثلاثين مرة، وأقل قوم كانوا يصلون عليه خمسة وعشرون ألفا.
وكان يقول في حياته: أعرف رجلا على عضو من أعضائه مكتوب «للَّه وإليه» [9] ما كتبها كاتب. فلما مات رآها غاسله.
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بن ثابت، أخبرنا أَحْمَد بن علي التوزي، حَدَّثَنَا الحسن بْن الحسين الفقيه قَالَ [10] . سمعت جعفر الخلدي يقول: سمعت أبا محمد
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في ك: «تسع سنين» .
انظر الخبر في تاريخ بغداد 12/ 387.
[3] في ك: «من اعجازي بكل شيء عندي» .
وفي الأصل: «من إعجابي بكل شيء عندي» .
[4] «به» ساقطة من ك.
[5] «به» ساقطة من ك.
[6] في ك: «واكتب على سلم» .
[7] في المطبوعة: «ارتقاء» .
[8] تاريخ بغداد 12/ 385، 386.
[9] في ك: «مكتوب خلقه الله، والله ما كتبها كاتب» . وفي ت كذلك.
[10] في الأصل: «الحسن بن الحسين بن الحنفية» .

(12/257)


[الحريري] [1] يقول: غسلت الفتح بن شخرف فقلبته على يمينه، فإذا على فخذه الأيمن مكتوب: «خلقه الله» كتابة بينة [2] .
1792- مُحَمَّد بن يزيد، أبو عَبْد اللَّهِ بن ماجة مولى ربيعة [3] .
ولد سنة تسع ومائتين، ورحل إلى مكة، والبصرة، والكوفة، وبغداد، والشام، ومصر، والري، وسمع الكثير، وصنف: السنن، والتاريخ، والتفسير، وكان عارفا بهذا الشأن. توفي [في] يوم الاثنين. ودفن يوم الثلاثاء لثمان بقين من رمضان هذه السنة، وهو ابن أربع وستين سنة.
1793- مُحَمَّد بن أَحْمَد بن رزين، أبو عَبْد اللَّهِ [4] .
حدث عن شبابة سوار [5] ، وعلي بن عاصم، ويزيد بن هارون، وغيرهم. ومات في هذه السنة.
1794- مُحَمَّد بن إبراهيم بن مسلم بن سالم، أبو أمية [6] .
بغدادي سكن طرسوس، فقيل له: الطرسوسي، وكان من أهل الرحلة في طلب الحديث، وكان له فيه حسن فهم، سمع [عمر بن] [7] يونس اليمامي، ويعقوب بن إسحاق الحضرمي، وأبا عاصم النبيل، وأبا نعيم، وقبيصة، وغيرهم. روى عنه: أبو حاتم الرازي، ووكيع القاضي، وابن صاعد، والمحاملي، وغيرهم. وكان أبو داود السجستاني يقول: أبو أمية ثقة. وَقَالَ أبو بكر الخلال: كان رجلا رفيع القدر جدا، إماما في الحديث، مقدما في زمانه، توفي [بطرسوس] [8] في جمادى الآخرة من هذه السنة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] تاريخ بغداد 12/ 388.
[3] وفيات الأعيان 1/ 484. وتهذيب التهذيب 9/ 530 وتذكرة الحفاظ 2/ 189.
[4] تاريخ بغداد 1/ 301، 302.
[5] «سوار» ساقطة من ك.
[6] تاريخ بغداد 1/ 394- 396.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.

(12/258)


1795- مُحَمَّد بن أبي عمران، أبو يزيد الأستراباذي، كنيته أبو [1] يزيد.
كان فاضلا، خيرا، ورعا ثقة، ولما جاءت الديالمة إلى استراباذ باع أبو يزيد هذا أملاكه [باستراباذ] [2] وتحول [منها] [3] إلى نيسابور، وَقَالَ: قد اختلط القوت واشتبه، فأقام فيها إلى أن مات في هذه السنة.
1796- أبو يعقوب الشريطي، البصري الصُّوفيّ [4] .
كان عالما بالحديث، حافظا لعلوم جمة، وصحب أبا تراب النخشبي، وكان معظما عند الناس.
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بن ثَابِتٍ قَالَ: أَجَازَ لَنَا [5] أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِيَّا النَّسَوِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أبو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ عَطَاءٍ الرُّوذْبَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْكَثِيرِيُّ قَالَ: قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الزِّيَادِيُّ: دَخَلَ أَبُو يَعْقُوبَ الشّريطِيُّ- وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ- مَجْلِسَ دَاوُدَ الأَصْبَهَانِيِّ وَعَلَيْهِ خِرْقَتَانِ، فَتَصَدَّرَ لِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرْفَعَهُ أَحَدٌ، وَجَلَسَ إِلَى جَنْبِ دَاوُدَ، فَقَالَ دَاوُدُ: سَلْ يَا فَتَى! فَقَالَ أَبُو يَعْقُوبَ:
يَسْأَلُ الشَّيْخُ عَمَّا أَحَبَّ. فَحَرَّدَ دَاوُدُ فَقَالَ: عَمَّا أَسْأَلُكَ؟ عَنِ الْحُجَامَةِ أَسْأَلُكَ؟ قَالَ:
فَبَرَكَ أَبُو يَعْقُوبَ، ثُمَّ رَوَى طُرُق «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ» وَمَنْ أَرْسَلَهُ، / وَمَنْ أَسْنَدَهُ، وَمَنْ وَقَفَهُ، وَمَنْ ذَهَبَ إِلَيْهِ مِنَ الْفُقَهَاءِ، وَرَوَى [اخْتَلَافَ] [6] طُرُقٍ: «احْتَجَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم (وَأَعْطَى الْحَجَّامَ أَجْرَهُ» ، ولو كان حراما لم يعطه، ثم روى طرق: «إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّمَ احْتَجَمَ بقرن» ، وذكر أحاديث صحيحة في الحجامة، ثم ذكر الأحاديث المتوسطة، مثل [قوله] [7] : «ما مررت بملأ من الملائكة» ، ومثل: «شفاء أمتي» وما أشبه ذلك، وذكر
__________
[1] في ت: «أبو زيد» .
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في ك: «الصيرفي» .
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 14/ 408، 409.
[5] في ك: «حدثنا» .
[6] في الأصل: «وروى طرق» .
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.

(12/259)


أحاديث ضعيفة مثل قوله: «لا يحتجم يوم كذا ولا ساعة كذا» ثم ذكر ما ذهب إليه أهل الطب من الحجامة في كل زمان، وذكر ما ذكره الأطباء في الحجامة، ثم قَالَ في آخر كلامه وأول ما خرجت الحجامة من أصبهان. فقال داود [والله] [1] لا حقرت [2] أحدا بعدك.
__________
[ () ] وفي ك العبارة هكذا: «احتجم النبي صلى الله عليه وسلّم بقرن، وذكر أحاديث صحاح حراما لم يعطه. ثم روى الطرق أن النبي صلى الله عليه وسلّم أعطى الحجام أجره، ولو كان في الحجامة، ثم ذكر الأحاديث الضعيفة مثل قوله» .
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في ك: «لا جفوت» .

(12/260)


ثم دخلت سنة أربع وسبعين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
شخوص أبي أَحْمَد لحرب عمرو بن الليث في ربيع الأول.
وفيها: غزا يا زمان في رمضان وأسر، وغنم، وسلم.
وحج بالناس في هذه السنة هارون بن مُحَمَّد الهاشمي.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1797- إبراهيم بن أَحْمَد بن يحيى بن الأصم، أبو إسحاق [1] .
سمع من حرملة بن يحيى، وغيره، وكان حافظا فاضلا، توفي في جمادى الآخرة من هذه السنة.
1798-[إسحاق بن إبراهيم بن زياد، أبو يعقوب المقرئ [2] .
حدث عن هدبة بن خالد، روى عنه: ابن خالد.
توفي في ربيع الأول من هذه السنة] .
__________
[1] في ك: «إبراهيم بن أحمد بن يحيى بن إبراهيم» وفي الأصل: «إبراهيم بن أحمد بن يحيى بن الأحم» .
و «أبو إسحاق» ساقطة من ت.
انظر ترجمته في: البداية والنهاية 11/ 53.
[2] هذه الترجمة ساقطة من الأصل.
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 6/ 384.

(12/261)


1799- أيوب بن سليمان بن داود، المعروف بالصغدي [1] .
حدث عن أبي اليمان الحكم بن نافع، وآدم بن أبي إياس، وعلي بن الجعد، وغيرهم. روى عنه: ابن صاعد، وأبو عمرو بن السماك، وَكَانَ ثقة.
توفي في رمضان هذه السنة.
1800- الحسن بن مكرم بن حسان، أبو عليّ البزاز [2] .
ولد سنة اثنتين وثمانين ومائة، وسمع على بن عاصم، وأبا النضر هاشم بن القاسم، ويزيد بن هارون، وشبابة [بن سوار] [3] ، وعفان/ بن مسلم روى عنه:
المحاملي، وابن مخلد، والنجاد، وَكَانَ ثقة.
توفي في رمضان هذه السنة وقد بلغ ثلاثا وتسعين سنة.
1801- خلف بن مُحَمَّد بن عيسى، أبو الحسين الواسطي، الملقب: بكردوس [4] .
قدم بغداد، وحدث عن يزيد بْن هارون، وروح، وعاصم بن علي. روى عنه:
المحاملي، وابن مخلد. قَالَ ابن أبي حاتم: هو صدوق، وَقَالَ الدارقطني: ثقة.
توفي بواسط في ذي الحجة من هذه السنة، وقد نيف على الثمانين.
1802- عَبْد اللَّهِ بن روح بن عَبْد اللَّهِ، أبو مُحَمَّد المدائني، المعروف: بعبدوس
[5] .
__________
[1] في ك: «بالصعدي» .
وفي الأصل: «بالصغدي» .
وفي ت: «بالمصعدي» .
والصّغديّ: بضم الصاد المهملة، وسكون الغين المعجمة، وفي آخرها الدال المهملة، منسوبا إلى «سغد» سمرقند، وأبدلوا الصاد بالسين، وعرّبوه. وجعلوا الدال المهملة ذالا معجمة.
(الأنساب للسمعاني 8/ 70، 171) .
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 7/ 11. والأنساب للسمعاني 8/ 71.
[2] في ك والمطبوعة: «أبو العلاء» .
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 7/ 432، 433.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] تاريخ بغداد 8/ 330.
[5] تاريخ بغداد 9/ 454.

(12/262)


سمع يزيد بن هارون، وشبابة. وروى عنه: المحاملي، وابن السماك، وكان ثقة صدوقا.
وتوفي بالمدائن في جمادى الآخرة من هذه السنة.
1803- عَبْد اللَّهِ بن أبي سعد [1] ، أبو مُحَمَّد الوراق، وهو عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو بْن عَبْد الرَّحْمَنِ بن بشر بن هلال الأنصاري [2] .
بلخي الأصل، ولد سنة تسع وتسعين ومائة، وسكن بغداد، وحدث بها عن عفان، وسريج بن يونس [3] ، وعلي بن الجعد، وغيرهم. وروى عنه: ابن أبي الدنيا، والبغوي، وابن المرزبان، والكوكبي، والمحاملي. وكان ثقة صاحب أخبار وآداب وملح.
توفي بواسط في جمادى الآخرة من هذه السنة، ودفن بالجانب الشرقي من واسط، وقد بلغ [4] سبعا وسبعين سنة.
1804- مُحَمَّد بن إسماعيل بن زياد، أبو عَبْد اللَّهِ، وقيل: أبو بكر، الدولابي [5] .
سمع أبا النضر الهاشم بن القاسم، وأبا اليمان، وأبا مسهر، وغيرهم، وروى عنه: مُحَمَّد بن مخلد، وأبو الحسين [بن] المنادي [6] ، وكنياه: أبا عبد الله. وحدث عنه أبو بكر مُحَمَّد بن عبد الملك التاريخي، وأبو عمرو بن السماك: وكنياه أبا بكر. وكان ثقة.
توفي/ في هذه السنة.
__________
[1] في ك: والمطبوعة: «بن أبي سعيد» .
[2] تاريخ بغداد 10/ 25، 26
[3] في تاريخ بغداد «سريج بن النعمان» .
[4] في الأصل: «عن سبع» .
[5] تاريخ بغداد 2/ 38.
[6] في الأصل: «أبو الحسن المنادي» .

(12/263)


ثم دخلت سنة خمس وسبعين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
أن يازمان غزا في البحر، فأخذ للروم أربعة مراكب.
وفيها: حبس أبو أَحْمَد ابنه [أبا] [1] العباس، فشغب أصحابه، وحملوا السلاح، وركب غلمانه، واضطربت بغداد لذاك، فركب أبو أَحْمَد حتى بلغ الرصافة، وَقَالَ لأصحاب أبي العباس وغلمانه: ما شأنكم، أترونكم أشفق على ابني مني؟ هو ولدي وقد احتجت [2] إلى تقويمه. فانصرفوا وكان ذلك [في] [3] يوم الثلاثاء لست خلون [4] من شوال.
وحج بالناس في هذه السنة هارون بن مُحَمَّد [5] الهاشمي.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1805- أَحْمَد بن مُحَمَّد بن الحجاج، أبو بكر المروزي صاحب الإمام أحمد [6] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في الأصل: «هو ابني وقد احتجت» .
وفي ك: «هو ولدي واحتجت» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في الأصل: «بقين» .
[5] «محمد» ساقطة من ك.
[6] تاريخ بغداد 4/ 423- 425.

(12/264)


كانت أمه مروزية، وأبوه خوارزميا، وكان أَحْمَد يقدمه على جميع أصحابه، ويأنس به، ويبسط إليه [إذا بعثه في حاجة] [1] ويقول له: قل فما قلت فهو على لساني وأنا قلته. وهو الذي تولى إغماض أَحْمَد وغسله، ونقل عنه مسائل كثيرة.
أنبأنا مُحَمَّد بن عبد الباقي، أنبأنا إبراهيم بن عمر البرمكي، عن عبد العزيز بن جعفر قَالَ: سمعت الخلال يقول: خرج أبو بكر المروزي إلى العدو، فشيعه الناس إلى سامراء، فجعل يردهم ولا يرجعون، فحزروا، فإذا هم بسامراء سوى من رجع نحو خمسين ألف إنسان، فقيل: يا أبا بكر! أَحْمَد الله، فهذا علم قد نشر لك. فبكى ثم قَالَ: ليس هذا العلم لي [إنما] [2] هذا علم أَحْمَد بن حنبل.
توفي أبو بكر لست خلون من جمادى الأولى من هذه السنة [ودفن قريبا من قبر أحْمَد بْن حنبل] [3] ورئي/ أحْمَد بْن حنبل فِي المنام وَهُوَ راكب، فقيل لَهُ: إلى أين؟
فقال: إلى شجرة طوبى [4] ، نلحق أبا بكر المروزي.
1806- أَحْمَد بن مُحَمَّد بن غالب بن خالد بن مرداس، أبو عَبْد اللَّهِ الباهلي البصري، المعروف: بغلام الخليل [5] .
سكن بغداد، وحدث عن قرة بن حبيب، وشيبان بن فروخ، والشاذكوني، وغيرهم. وروى عنه: مُحَمَّد بن مخلد، وأبو عمرو بن السماك، وأحمد بن كامل القاضي.
وسئل عنه أبو حاتم الرازي فقال: روى أحاديث مناكير عن شيوخ مجهولة، ولم يكن محله عندي ممن يفتعل الحديث كان رجلا [6] صالحا.
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] «ورئي أحمد بن حنبل ... » حتى «.. شجرة طوبى» . ساقطة من ك.
[5] تاريخ بغداد 5/ 78- 80.
[6] «كان رجلا» ساقطة من ك.

(12/265)


أخبرنا [عبد الرحمن بن محمد] القزاز، أخبرنا [أَحْمَد بن علي] [1] الخطيب قَالَ: حدثني الحسن بن علي التميمي قَالَ: قرأت على مُحَمَّد بن الحسين القطان، عن أبي بكر مُحَمَّد بن الحسن بن زياد المقرئ قَالَ: قَالَ أبو جعفر بن الشعيري: لما حدث غلام الخليل عن بكر بن عيسى، عن أبي عوانة [عن أبي مالك الأشجعي، عن أبيه] [2] قلت: يا أبا عَبْد اللَّهِ، هذا الرجل حدث عنه إبراهيم بن عرعرة، وأحمد بن حنبل، وهو قديم الوفاة، ولم تلحقه أنت ولا من في سنك، ففكر في هذا. قَالَ: ثم خفته فقلت:
أحسبك [3] سمعت من رجل يُقَالُ له بكر بن عيسى غير بكر [4] بن عيسى هذا. فسكت وافترقنا، فلما كان من الغد قَالَ: يا أبا جعفر، علمت أني نظرت البارحة فيمن سمعت منه بالبصرة يُقَالُ له بكر بن عيسى، فوجدتهم ستين رجلا [5] .
أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا ابن ثابت قَالَ: حدثني أَحْمَد بن سليمان بن علي المقرئ، أَخْبَرَنَا أبو سعد أَحْمَد بن مُحَمَّد الماليني، أَخْبَرَنَا عبيد الله بْن عدي الْحَافِظ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا [6] عَبْد اللَّهِ النهاوندي في مجلس أبي عروبة يقول: قُلْت لغلام الخليل: هذه/ الأحاديث الرقائق التي تحدث بها. قَالَ: وضعناها لنرقق بها قلوب العامة [7] .
وكان أبو داود السجستاني يكذب غلام خليل، ويقول: أخشى أن يكون دجال بغداد. وقد عرض علي من حديثه فنظرت في [8] أربعمائة حديث أسانيدها ومتونها كذب كلها [9] . قَالَ الدارقطني: غلام خليل متروك.
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من كل الأصول، وأضفناها من تاريخ من بغداد.
[3] في الأصل: «لعلك» .
[4] في ك: «يقال له بكر بن عيسى حدثك عن بكر بن» .
[5] تاريخ بغداد 5/ 78، 79.
[6] في ك: «قال أخبرنا» .
[7] تاريخ بغداد 5/ 79.
[8] في الأصل: «فوجدت له أربعمائة» .
[9] «كلها. قال» ساقطة من ك.
وانظر كلام أبي داود في تاريخ بغداد 5/ 79.

(12/266)


أخبرنا [أبو منصور] القزاز، أخبرنا أحمد بن عَلِيِّ [بْنِ ثَابِتٍ] الْخَطِيبُ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ أبي بكر، عن أَحْمَد بن كامل القاضي قَالَ: سنة خمس وسبعين ومائتين توفي [أبو عَبْد اللَّهِ أَحْمَد بن مُحَمَّد] [1] غلام الخليل في رجب [2] ، وحمل في تابوت إلى البصرة وغلقت أسواق مدينة السَّلَام وخرج النساء والصبيان للصلاة عَلَيْهِ، ودفن بالبصرة [3] ، وبنيت عليه قبة وكان فصيحا يحفظ علما كثيرا [4] ويقتات الباقلى صرفا [5] .
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا الْخَطِيبُ [6] ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بن عبد الواحد [7] ، حدثنا محمد بن العباس [قَالَ] : قَالَ أبو الحسين بن المنادي: توفي غلام الخليل في رجب، وصلى عليه في الدار التي كان ينزلها وحمل في تابوت فأحدر إلى البصرة، وأكثر من صلى عليه، إنما صلى على شاطئ دجلة، وانحدر الناس ركبانا ومشاة، وفي الزواريق إلى كلواذى، ودونها، وأسفل منها، ودفن بالبصرة [8] .
1807- إسحاق بن إبراهيم بن هانئ، أبو يعقوب النيسابوري [9] .
كان له اختصاص بأحمد بن حنبل، وعنده أقام أَحْمَد مدة [عند] [10] اختفائه، وحدث عنه بقطعة من مسائله، وكان صالحا.
توفي في هذه السنة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] «في رجب» ساقطة من ك.
[3] «وغلقت أسواق مدينة السَّلَام وخرج النساء والصبيان للصلاة عليه ودفن بالبصرة» هذه العبارة ساقطة من ك في هذا الموضع، وقد أخطأ الناسخ فأضافها في الخبر التالي بعد «في الدار التي ينزلها» وهي نفس العبارة في هذا الخبر.
[4] في الأصل: «عظيما» .
[5] تاريخ بغداد 5/ 79.
[6] في الأصل، ت: «قال الخطيب» .
[7] في الأصل: «وأما محمد بن عبد الواحد» .
وفي ت: «أخبرنا أحمد بن عبد الواحد» .
[8] تاريخ بغداد 5/ 79.
[9] البداية والنهاية 11/ 54.
[10] «عند» ساقطة من الأصل.

(12/267)


1808- جعفر بن مُحَمَّد بن القعقاع، أبو مُحَمَّد البغوي [1] .
سكن سرمن رأى، وحدث بها عن سعيد بن منصور، وغيره. روى عنه:
البغوي، وغيره وَكَانَ ثقة. توفي في رمضان هذه السنة.
1809- الحسن بن جعفر بن مُحَمَّد بن الوضاح، أبو سعيد السمسار الحربي، المعروف: بالحرفي [2] .
حدث عن جعفر الفريابي، وغيره. روى عنه: التنوخي.
وتوفي في رجب هذه السنة. قَالَ العتيقي: كان فيه تساهل. /
1810- الحسن بن الحسين بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ العلاء بن أبي صفرة، أبو سعيد السكري النَّحْويّ [3] .
ولد سنة اثنتي عشرة [4] ومائتين، وسمع يحيى بن معين، وأبا حاتم، والرياشي، ومحمد بن حبيب، وعمر بن شبة [5] ، وغيرهم، وكان ثقة دينا [صالحا] [6] صادقا وأنتشر عَنْهُ [7] كثير من كتب الأدب وحدث عنه أبو سهل بن زياد وتوفي في هذه السنة.
1811- سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد بن عمرو، أبو داود الأزدي السجستاني [8] .
ولد سنة ستين ومائتين، وهو أحد من رحل [وطوف] [9] ، وجمع وصنف، وكتب
__________
[1] البغوي: هذه السنة إلى بلدة من بلاد خراسان بين مرو وهراة، يقال لها: «بغ» كان بها جماعة من الأئمة والعلماء قديما وحديثا (الأنساب 2/ 254)
[2] تاريخ بغداد 7/ 292، 293.
[3] «النحويّ» ساقطة من ك.
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 7/ 296، 297.
[4] في الأصل: «ثلاث عشرة» .
[5] في الأصل: «عمر بن شيبة» .
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] في ك: «وانشر كثير من كتب» .
[8] تاريخ بغداد 9/ 55- 59.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.

(12/268)


عن العراقيين، والخراسانيين، والشاميين، والبصريين والجزريين [1] وروى عنه خلق كثير منهم: أبو بكر الخلال، والنجاد، وسمع منه أَحْمَد بن خليل حديثا وأحدا، وصنف كتاب «السنن» وعرضه على أَحْمَد بن حنبل فاستجاده له واستحسنه، و [كان إبراهيم الحربي يقول: ألين الحديث لأبي داود كما ألين الحديد لداود] [2] كان عالما حافظا عارفا بعلل الحديث، ذا عفاف وورع، وكان يشبه بأحمد بن حنبل.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي بن ثَابِتٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الدينَوَريّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْحُسَيْنِ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْفَرْضِيَّ [3] قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ دَاسَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ يَقُولُ: كَتَبْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسَ مِائَةِ أَلْفِ حَدِيثٍ انْتَخَبْتُ مِنْهَا مَا ضَمَّنْتُ هَذَا الْكِتَابَ- يَعْنِي كِتَابَ السُّنَنِ- جَمَعْتُ فِيهِ أَرْبَعَةَ آلافٍ وَثَمَانِ مِائَةِ حَدِيثٍ، ذَكَرْتُ الصَّحِيحَ وَمَا يُشْبِهُهُ وَيُقَارِبُهُ، وَيَكْفِي الإِنْسَانَ لِدِينِهِ مِنْ ذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَحَادِيثَ، أَحَدُّهَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ: «الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» . وَالثَّانِي قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ: «مِنْ حسن إسلام المرء تركه ما لا يَعْنِيهِ» . وَالثَّالِثُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ: «لا يَكُونُ الْمُؤْمِنُ مُؤْمِنًا حَتَّى يَرْضَى/ لأَخِيهِ مَا يَرْضَى لِنَفْسِهِ» . وَالرَّابِعُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ: «الْحَلالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَ ذَلِكَ أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ» [4] . أَخْبَرَنَا عبد الرحمن، أخبرنا أحمد بن علي، أَخْبَرَنَا أحْمَد بْن مُحَمَّد [5] العتيقي قَالَ: سمعت عبيد الله [6] بن عَبْد الرَّحْمَنِ الزهري يقول: سمعت أبا بكر بْن أبي داود يقول: [سمعت أبي يقول] [7] : الشهوة الخفية حب الرئاسة [8] .
__________
[1] «والجزريين» ساقطة من ك.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] في الأصل: «الحسن القرمي» .
[4] في الأصل: «وبينهما مشتبهات» . انظر الخبر في تاريخ بغداد 9/ 57.
[5] «أخبرنا أحمد بن محمد» ساقطة من ك.
[6] في ك: «عبد الله» .
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] تاريخ بغداد 9/ 58.

(12/269)


توفي أبو داود بالبصرة في شوال هذه السنة، وقيل: في سنة [ست و] [1] سبعين، وكانت وفاته يوم الجمعة ودفن إلى جانب قبر سفيان الثوري، وبلغ ثلاثا وسبعين سنة.
1812- عَبْد اللَّهِ بن أَحْمَد بن مُحَمَّد بن ثابت، أبو عبد الرحمن المروزي مولى [2] بديل بن ورقاء الخزاعي. ويعرف: بابن شبويه [3] .
من أئمة الحديث الفضلاء الراسخين [4] الراحلين في طلب العلم، سمع خلقا كثيرا مثل: عبدان، وآدم، وابن راهويه، وعلي بن حجر، وأبي كريب، وقدم بغداد فحدث بها، وروى عنه: ابن أبي الدنيا، وابن صاعد. وتوفي في هذه السنة.
1813- عَبْد اللَّه بن محمد بن زيد، أبو مُحَمَّد الحنفي المروزي [5] .
حدث عن عبدان. روي عنه: مُحَمَّد بن مخلد، وكان ثقة.
وتوفي في رمضان [من] [6] هذه السنة.
1814- عبد الله بن عبيد الله بن داود، أبو القاسم الهاشمي الداودي [7] .
وكان فقيه الداودية في عصره بخراسان. سمع أبا جعفر الطحاوي، وأبا العباس بن عقدة، والحسين بن إسماعيل المحاملي، وطبقتهم. وانتخب عليه الحاكم أبو عبد الله، وتوفي ببخارى في هذه السنة.
1815- عَبْد الرَّحْمَنِ بْن مرزوق بْن عطية، أَبُو عوف البزوري [8] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في المطبوعة «من نسل» وقد وضعت بين قوسين.
[3] تاريخ بغداد 9/ 371.
[4] «الراسخين» ساقطة من ك.
[5] تاريخ بغداد 10/ 85، 86.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] الدّاودي: هذه النسبة إلى مذهب داود، وإلى اسم داود. (الأنساب 5/ 262)
[8] تاريخ بغداد 10/ 274، 275.
وفي الأصل: «ابن عوف البزوري» .

(12/270)


سمع روح بن عبادة، وشبابة، وأبا نعيم. روى عنه: ابن صاعد، وابن السماك، وكان ثقة. توفي في رجب هذه السنة/ [وقد بلغ ثلاثا وتسعين سنة] [1] .
1816- عبد العزيز بن عَبْد اللَّهِ بْن عُبَيْد اللَّه أبو القاسم الهاشمي [2] .
سمع الحميدي. روى عنه: المحاملي القاضي، وكان ثقة. وتوفي في ذي الحجة من هذه السنة، وبلغ ستا وثمانين سنة، وكان جميلا وسيما بهيا.
1817- القاسم بن عَبْد اللَّهِ بن المغيرة، أبو مُحَمَّد الجوهري، مولى لأم عيسى بنت علي بن عَبْد اللَّهِ بن عباس [3] .
ولد سنة خمس وتسعين ومائة. سمع من إسماعيل [4] بن أبي أويس، وعفان بن مسلم، وأبي نعيم. روى عنه: أبو مسلم الكجي، وكان ثقة مأمونا.
توفي في محرم هذه السنة.
1818- مُحَمَّد بن إسحاق بن إبراهيم بن أبي العنبس بن المغيرة، أبو العنبس الصيمري الشاعر [5] .
وكان أحد الأدباء الملحاء، إلا أنه هاجى أكثر شعراء زمانه، [وقدم بغداد] [6] ونادم المتوكل.
أَخْبَرَنَا القزاز، أَخْبَرَنَا [أَحْمَد بن علي] الخطيب. أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّهِ بن على بن حمويه، أخبرنا أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي قال: أنشدنا لاحق بن الحسين قَالَ:
أنشدنا علي بن عاذل القطان لأبي العنبس:
__________
[1] تكررت هذه الترجمة في الأصل بزيادة ما بين المعقوفتين في المرة الثانية.
[2] في ك: «عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عبد الله أبو القاسم الهاشمي» .
هذا وقد سقطت هذه الترجمة من ت. وما أثبتناه من الأصل وتاريخ بغداد. انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 10/ 451، 452.
[3] تاريخ بغداد 12/ 433.
[4] «إسماعيل» ساقطة من ك.
[5] تاريخ بغداد 1/ 238.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل. وكتبت على الهامش.

(12/271)


كم مريض قد
عاش من بعد يأس ... بعد موت الطبيب والعواد
قد يصاد القطا فتنجو سليما ... ويحل القضاء بالصياد [1]
توفي أبو العنبس في هذه السنة، وحمل إلى الكوفة فدفن بها.
1819- مُحَمَّد بن إسحاق البغوي [2] .
حدث عن أبي الوليد الطيالسي، وخالد بن خداش في آخرين، وكان ثقة [3] .
__________
[1] تاريخ بغداد 1/ 238.
[2] تاريخ بغداد 1/ 242.
[3] في ت: «تم المجلد السادس عشر، بسم الله الرحمن الرحيم. ثم دخلت سنة ست وسبعين» .

(12/272)


ثم دخلت سنة ست وسبعين ومائتين
فمن الحوادث [1] فيها:
ضم الشرطة في بغداد إلى عمرو بن الليث، وكتب فيها على الأعلام والمطارد والترسة التي تكون في مجلس الشرطه اسمه، وذلك في المحرم ثم طرح ذلك في شوال وأسقط ذكره.
وفيها: ورد الخبر بانفراج تل بنهر الصراة، ويعرف بتل بني شقيق عن شبه [2] حوض من حجر في لوح المسن، عليه كتابة لا يدرى ما هي، وفيه سبعة أقبر فيها سبعة أبدان صحيحة، عليها أكفان جدد لينة، لها أهداب تفوح منها رائحة، وفيها رائحة المسك [3] ، أحدهم شاب له جمة وجبهته وأذناه وأنفه وشفتاه [4] ورقبته وأشفار عينيه [5] صحاح، وعلى شفته بلل كأنه شرب ماء، وكأنه قد كحل، وبه [6] ضربة في خاصرته، فردت عليه أكفانه، وجذب بعض الحاضرين من شعر بعضهم فوجده قوي الأصل كنحو شعر الحي.
وحج بالناس في هذه السنة هارون بن مُحَمَّد، وكان واليا على مكة، والمدينة، والطائف.
__________
[1] الورقة 97 من نسخة الأصل مفقودة وغير موجودة في النسخة الميكروفيلمية لدينا.
[2] في ك: «عن سعة حوض» .
[3] في ت: «الملك» .
[4] «وأنفه» ساقطة من ت. وفي ك: «وأنفه وضفتاه» .
[5] في الأصل وك: «عليه» .
[6] «وبه» ساقطة من ك.

(12/273)


ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1820- بقى بن مخلد، أبو عَبْد الرَّحْمَنِ الأندلسي [1] .
كانت له رحلة مشهورة [2] ، وطلب مشهور. سمع من أَحْمَد بن حنبل وغيره من الأئمة، وله تصانيف كثيرة منها «مسنده» . روى فيه عن ألف وستمائة صحابي، بل يزيدون على هذا العدد، وشيوخه أعلام، فإنه روى عن مائتي رجل وأربعة وثلاثين، جمهورهم مشاهير، وجمع إلى العلم الصلاح والتقوى.
أَخْبَرَنَا أبو بكر أَحْمَد بن خلف، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ [3] بْنِ علي البناء، أَخْبَرَنَا عبد الكريم بْن هوازن قَالَ: سمعت حمزة بن يوسف السهمي يقول:
سمعت نصر بن أَحْمَد بن عبد الملك يقول: سمعت عَبْد الرَّحْمَنِ بن أَحْمَد يقول:
سمعت أبي يقول: جاءت امرأة إلى ابن مخلد فقال: إن ابني قد أسره الروم، ولا أقدر على مال أكثر من دويرة، ولا أقدر على بيعها، فلو أشرت إلى من يفديه بشيء، فليس لي ليل ولا نهار، ولا نوم ولا قرار. فقال: انصرفي حتى أنظر في أمره إن شاء الله تعالى.
قال: وأطرق الشيخ وحرك شفتيه. قَالَ: فلبثنا مدة فجاءت المرأة مع ابنها، وأخذت تدعو له وتقول: قد رجع سالما وله حديث يحدثك به. فقال الشاب: كنت في يدي بعض ملوك الروم مع جماعة من الأساري، وكان له إنسان يستخدمنا كل يوم، نخرج إلى الصحراء، ثم يردنا وعلينا قيودنا [4] فبينا نحن نجيء من العمل بعد المغرب، انفتح القيد من رجلي، ووقع على الأرض، ووصف اليوم والساعة فوافق الوَقْت [5] الذي جاءت المرأة ودعا الشيخ. قَالَ: فنهض إلى الذي كان يحفظني صاح عليّ [6] وَقَالَ: قد كسرت القيد. قلت: لا أنه سقط من رجلي. فتحير وأخبر صاحبه، وأحضر الحداد وقيدني،
__________
[1] تذكرة الحفاظ 2/ 184. وتاريخ ابن عساكر 3/ 277. ونفح الطيب 1/ 589. وطبقات الحنابلة 79 وبغية الملتمس 229. وتاريخ علماء الأندلس 1/ 81.
[2] «مشهورة» ساقطة من ت.
[3] «بن أحمد» ساقطة من ك.
[4] في ك: «قيود» .
[5] في ك: «اليوم» .
[6] «صاح علي» ساقطة من ك.

(12/274)


فلما مشيت خطوات سقط القيد من رجلي، فتحيروا في أمري، فدعوا رهبانهم فقالوا لي: ألك/ والدة؟ قلت: نعم. قالوا: قد وافق [1] دعاءها الإجابة. وقالوا: أطلقك الله لا يمكننا نقيدك. فردوني، وأصحبوني إلى ناحية المسلمين.
وتوفي بقي بن مخلد بالأندلس في هذه السنة.
1821- جعفر بن أَحْمَد بن العباس، أبو الفضل [2] .
سمع من جماعة، وروى عنه: مُحَمَّد بن مخلد، وأحمد بن كامل القاضي. قَالَ الدارقطني: ثقة مأمون. توفي بالبصرة قاضيا في ربيع الأول من هذه السنة.
1822- صاعد بن مخلد [3] .
من عمال السلطان، كان كثير التعبد والصدقة، وكان ينفرد فيصلي ويدعو [4] وأصحابه يرون أنه في عمل السلطان، وكان لا يركب حتى ينفذ صدقاته من الدراهم والدنانير والثياب والدقيق في كل يوم.
وَقَالَ نصر الحاجب: رأيت ليلة مات صاعد في المنام [5] كأن قائلا يَقُولُ [6] : صر إلى شط دجلة إلى مكان كذا وكذا إلى مسجد هناك، حتى عرفت الموضع، فأقم حتى تصلي على رجل من أهل الجنة. فصرت إلى [7] الموضع، فإذا خدم سود قد عبروا من دار ابن طاهر بعد العصر، ومعهم جنازة، فصعدوا بها إلى المسجد، فصليت على الرجل، وسألت عنه فقالوا: هذا صاعد بن مخلد.
1823- عَبْد اللَّهِ بن أَحْمَد بن إبراهيم بن كثير، أبو العباس الدورقي [8] .
__________
[1] في ك: «رافق» .
[2] تاريخ بغداد 7/ 182.
[3] والكامل لابن الأثير (حوادث سنة 265، 272 هـ) . وثمار القلوب 233. والديارات 54، 175.
[4] «ويدعو» ساقطة من ك.
[5] في ت: «في النوم» .
[6] في ك: «قائلا يقول» .
[7] «إلى» ساقطة من ك.
[8] تاريخ بغداد 9/ 371، 372.

(12/275)


سمع من عفان وغيره، روى عنه: ابن صاعد، وابن مخلد، والمحاملي، وكان يسكن سرمن رأى، وقدم بغداد فحدث بِهَا [1] . وَقَالَ الدارقطني: هو ثقة. / [أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي، أخبرنا محمد بن مُحَمَّد بن عبد الواحد، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن العباس قال: قرئ على ابن المنادى وأنا أسمع قَالَ:] [2] قدم علينا [عَبْد اللَّهِ بن أَحْمَد بن إبراهيم] [3] فسمعنا منه. ثم [قَالَ:
قرئ أنه] [4] زلق من الدرجة فِي [5] الدار التي نزلها، فمات، وذلك في ربيع الأول من هذه السنة [6] .
1824- عَبْد اللَّهِ بن مسلم بن قتيبة، [أبو محمد] [7] الكاتب المروزي، وقيل: الدينَوَريّ لأنه أقام بالدينور مدة [8] .
سكن بغداد، وحدث بها عن إسحاق بن راهويه، وأبي حاتم وغيرهما. وكان عالما، ثقة، دينا، فاضلا وله التصانيف المشهورة، منها: «غريب القرآن» و «غريب الحديث» و «مشكل القرآن» و «ومشكل الحديث» و «المعارف» و «أدب الكاتب» و «عيون الأخبار» وغير ذلك.
أخبرنا أبو منصور القزاز، أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت [أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عبد الواحد،] [9] أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن العباس قال: قرئ على ابن المنادى وأنا أسمع قَالَ: مات [10] عَبْد اللَّهِ بن مسلم بن قتيبة الدينَوَريّ صاحب التصانيف فجأة، فصاح
__________
[1] «بها» ساقطة من ك.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] في ك: «إلى الدار» .
[6] تاريخ بغداد 9/ 372.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] تاريخ بغداد 10/ 170، 171.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[10] في الأصل: «أن عَبْد اللَّهِ بن مسلم بن قتيبة الدينَوَريّ صاحب التصانيف مات» .

(12/276)


صيحة سمعت من بعد، ثم أغمي عليه فمات.
قَالَ ابن المنادي: ثم أن أبا القاسم إبراهيم بْن مُحَمَّد بْن أيوب بْن بشير الصائغ أخبرني أن ابن قتيبة أكل هريسة، فأصابه حرارة، فصاح صيحة شديدة، ثم أغمي عليه إلى وقت صلاة الظهر، ثم اضطرب [ساعة] [1] ثم هدأ، فما زال يتشهد إلى وقت السحر، ثم مات وذلك أول ليلة من رجب سنة ست وسبعين [2] .
وقد روي [3] أنه مات سنة سبعين، والأول أصح. وذكر [بعض] [4] أهل العِلْم [5] بالنقل أنه مات بالكوفة، ودفن إلى جنب قبر أبي حازم القاضي.
1825- عبد الملك بن مُحَمَّد بن عَبْد اللَّهِ، أبو قلابة الرقاشي [6] .
ولد سنة تسعين ومائة، وكان يكنى أَبَا مُحَمَّد، فكني بأبي قلابة [7] ، وغلبت عليه. سمع يزيد بن هارون، وأبا داود الطيالسي، وروح بن عبادة/، وخلقا كثيرا.
روى عنه: ابن صاعد، والمحاملي، والنجاد، وأبو بكر الشافعي، وكان صدوقا من أهل الخير، وكان يصلي كل يوم أربع مائة ركعة، وحدث من حفظه بستين ألف حديث، فوقع في بعضها الخطأ.
توفي في [شوال] [8] هذه السنة.
1826- مُحَمَّد بن أبي العوام وأسمه: أَحْمَد بن يزيد بن دينار، أبو بكر الرياحي التميمي [9] .
سمع يزيد بن هارون، وعبد الوهاب بن عطاء، وأبا عامر العقدي، وغيرهم.
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] تاريخ بغداد 10/ 170، 171.
[3] في الأصل: «وقيل» .
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] في ك: «أهل النقل» .
وفي الأصل: «أهل العلم» وما أثبتناه من ت.
[6] تاريخ بغداد 10/ 425- 427.
[7] «الرقاشي. ولد سنة تسعين ومائة وكان يكنى أبا محمد، فكني بأبي قلابة» ساقطة من ك.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] «التميمي» ساقطة من ك. انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 10/ 372.

(12/277)


روى عنه: المحاملي، وابن عقدة، وابن السماك، والنجاد، وَأَبُو بكر الشافعي، ومحمد بن جعفر بن الهيثم البندار [1] وهو آخر من روى عنه. قَالَ الدارقطني: هو صدوق. توفى لأيام خلت من رمضان هذه السنة.
1827- مُحَمَّد بن إبراهيم بن يحيى بن إسحاق بن جناد، أبو بكر المنقري [2] .
سمع أبا الوليد الطيالسي، وغيره، وروى عنه: البغوي، وغيره.
[أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخطيب، أَخْبَرَنَا علي بن مُحَمَّد الدقاق، أَخْبَرَنَا الحسين بن هارون الضبي، عن أبي العباس بن سعيد قَالَ: سمعت عَبْد الرَّحْمَنِ بن يوسف بن خراش] [3] يقول: أبو بكر بن جناد عدل، ثقة، مأمون [4] .
[أَخْبَرَنَا القزاز، أَخْبَرَنَا الخطيب، أَخْبَرَنَا السمسار، أَخْبَرَنَا الصفار] [5] ، حَدَّثَنَا ابن قانع أن أبا بكر بن جناد مات في طريق مكة في ذي الحجة [من] [6] سنة ست وسبعين ومائتين [7] .
1828-[مُحَمَّد بن إبراهيم بن يوسف، أبو حمزة المروزي [8] .
سكن بغداد، وانتخب عليه عبيد العجلي وحدث عن عبدان بن عثمان، وروي عنه: أبو عمرو بن السماك، وغيره، وكان ثقة] .
__________
[1] في الأصل: «محمد بن جعفر أبو الهيثم البزار» .
[2] في ك: «المقرئ» وكذلك في ت.
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 1/ 397، 398.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
وفي الأصل: «قال عبد الرحمن: سمعت خراش ... » .
[4] تاريخ بغداد 1/ 397.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] تاريخ بغداد 10/ 398.
[8] هذه الترجمة ساقطة من الأصل.
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 1/ 398.

(12/278)


1829-[مُحَمَّد بن إبراهيم بن عبد الحميد، أبو بكر الحلواني [1] .
قاضي بلخ، سكن بغداد، وحدث بها عن أبي جعفر النفيلي، وغيره.
وروى عنه: أبو عمرو بن السماك، وغيره، وكان ثقة] .
1830-[مُحَمَّد بن إسماعيل بن سالم، أبو جعفر الصائغ [2] .
سكن مكة، وحدث بها عن حجاج الأعور، وشبابة بن سوار، وروح بن عبادة.
قَالَ عَبْد الرَّحْمَنِ بن أبي حاتم: سمعت منه بمكة، وهو صدوق.
أَخْبَرَنَا عَبْد الرحمن بْن مُحَمَّد، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر بْن ثَابِت قَالَ: [3] أَخْبَرَنَا عَلي بن مُحَمَّد الدقاق قَالَ: قرأنا علي الحسين بن هارون، عن أبي العباس بن سعيد قَالَ:
سمعت عَبْد الرَّحْمَنِ بن يوسف بن خراش يقول: مُحَمَّد بن إسماعيل الصائغ من أهل الفهم والأمانة] [4] .
1831- مُحَمَّد بن جعفر بن راشد، أبو جعفر الفارسي يلقب لقلوق واصله بلخ [5] .
سمع منصور بن عثمان، وغيره، وكان ثقة.
1832- مُحَمَّد بن جعفر بن مُحَمَّد بن إسماعيل بْن أَبِي سيرين [6] بن [علي أبو العباس الهاشمي.
__________
[1] تاريخ بغداد 1/ 398، 399.
وهذه الترجمة أيضا ساقطة من الأصل.
[2] تاريخ بغداد 2/ 38، 39.
وهذه الترجمة أيضا ساقطة من الأصل.
[3] «أخبرنا عبد الرحمن بن محمد. أخبرنا أبو بكر بن ثابت قال» ساقطة من ك.
[4] تاريخ بغداد 2/ 39.
[5] في الأصل: «يلقب أقلوب وأصله من بلخ» . وفي ك: «وأصله بصري» .
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 1/ 126.
[6] «ابن أبي سيرين» انفرد الأصل بإيرادها.

(12/279)


حدث عن إبراهيم الترجماني] [1] . روى عنه: ابن مخلد [2] .
[توفي في هذه السنة في ذي الحجة] [3] . وكان ثقة [4] .
1833-[مُحَمَّد بن الحسين بن معدان، أبو جعفر البلخي الوراق [5] .
حدث عن إسماعيل بن أبي موسى. روى عنه: ابن صاعد، وكان ثقة] .
1834- مُحَمَّد بن خليفة بن صدقة، أبو جعفر، يلقب: بعنبر، من أهل دير العاقول
[6] .
[روى عن عفان، وأبي نعيم، وسعيد بن منصور، وغيرهم، وكان صدوقا.
وتوفي بدير العاقول] [7] في هذه السنة.
1835- مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الحسن بن عطية العوفي [8] .
حدث [9] عن يزيد بن هارون، وروح بن عبادة، وغيرهما. [10] كان لينا في الحديث. قَالَ الدارقطني: لا بأس به.
وتوفي في ربيع الآخر [11] من هذه السنة. /
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 2/ 126.
[2] في ك: «ابن خالد» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] «وكان ثقة» ساقطة من ك.
[5] هذه الترجمة ساقطة من الأصل.
[6] تاريخ بغداد 5/ 251.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] في الأنساب للسمعاني 9/ 89: «أبو جعفر محمد بن سعد بن محمد بن الحسن بن عطية بن سعد بن جنادة العوفيّ» .
[9] في المطبوعة: «روى» .
[10] في الأصل: «وقال غيرهما» .
[11] في الأصل: «ربيع الأول» .

(12/280)


ثم دخلت سنة سبع وسبعين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
أَنَّهُ [1] ولي أبو مُحَمَّد يوسف بن يعقوب بن إسماعيل بن حماد بن زيد المظالم بمدينة السلام، فقويت يده، فنادى: من كانت له مظلمة [من] [2] قبل الأمير الناصر فمن [3] دونه من الناس فليحضر، وظهر من صرامته وقيامه بالأمر ما لم ير مثله.
وحج بالناس في هذه السنة هارون بن مُحَمَّد الهاشمي.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1836- أَحْمَد بن عيسى، أبو سعيد الخراز [4] .
وكان من المذكورين بالمجاهدة والورع والمراقبة. حدث عن إبراهيم بن بشار صاحب ابن أدهم وغيره. روى عنه علي بن مُحَمَّد المصري.
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بن ثابت أخبرنا أبو سعد الماليني [قَالَ] :
حَدَّثَنَا ثقف بن عَبْد اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَحْمَد بن أَحْمَد المقري، حَدَّثَنَا أبو بكر الشقاق قال: قال أبو
__________
[1] «أن» ساقطة من ك.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] في ك: «فما دونه» .
[4] شذرات الذهب 2/ 192. واللباب 1/ 351 والعبر 2/ 77. والعروسي على شرح القشيرية 1/ 167، 168. والبداية والنهاية 11/ 58.

(12/281)


سعيد [1] الخراز: إذا بكت أعين الخائفين فقد كاتبوا الله بدموعهم.
أَخْبَرَنَا عمر بن خلف، أَخْبَرَنَا جعفر بن أَحْمَد، أَخْبَرَنَا عبد العزيز بْن عَلي، أَخْبَرَنَا ابن جهضم قَالَ: حدثني أَحْمَد بن مُحَمَّد الرمادي قَالَ: سمعت أبا سعيد الخراز يقول: العافية سترت البر والفاجر، فإذا جاءت البلوى يتبين عندها الرجال.
توفي أبو سعيد في هذه السنة، وقيل: في سنة ست وثمانين، وقيل: فيما بين ذلك، ولا يصح. /
1837- إبراهيم بن إسحاق بن أبي العنبس، أبو إسحاق الزهري القاضي الكوفي [2] .
سمع يعلي بن عبيد الطنافسي وغيره. وروى عنه: أبو بكر بن أبي الدنيا، وعامة الكوفيين، ولي قضاء مدينة المنصور بعد أن صرف أَحْمَد بن مُحَمَّد بن سماعة، وكان ثقة خيرا فاضلا دينا صالحا.
توفي في ربيع الآخر من هذه السنة، فقد بلغ ثلاثا وتسعين سنة.
1838- إسحاق بن يعقوب، أبو العباس العطار الأحول [3] .
سمع خلف بن هشام البزاز في خلق كثير، روى عنه: مُحَمَّد بن مخلد، وأبو عمرو بن السماك، وَقَالَ الدارقطني: كان ثقة. وتوفي في هذه السنة.
1839- جعفر بن أَحْمَد. وقيل: جعفر بن المبارك، أبو مُحَمَّد المعروف بكردان الخلقاني [4] .
حدث عن [أبي كامل] [5] الجحدري، وشيبان بن فروخ. روى عنه ابن مخلد، وكان ثقة، ينزل نهر طابق.
وتوفي في هذه السنة.
1840- جعفر بن مُحَمَّد بن عبيد الله بن يزيد المنادي [6] .
__________
[1] في ك: «أحمد بن عبد الله قال: قال» .
[2] تاريخ بغداد 6/ 25، 26.
[3] تاريخ بغداد 6/ 376، 377.
[4] تاريخ بغداد 7/ 184.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] في ك: «بن عبد الله بن يزيد المنادي» وكذا في تاريخ بغداد.
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 7/ 183، 184.

(12/282)


سمع عاصم بن علي، وأحمد بن حنبل، وابني [1] أبي شيبة، وكريبا [2] وغيرهم، روى عنه: ابنه أبو الحسين، وكان ثقة.
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخطيب، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عبد الواحد، حَدَّثَنَا محمد بن العباس قال: قرئ على ابن المنادى وأنا أسمع قَالَ: توفي أبي جعفر بن مُحَمَّد المنادي [3] يوم السبت بين الظهر والعصر، ودفن يوم الأحد لإحدى عشرة ليلة بقيت من شعبان سنة سبع وسبعين يعني ومائتين- كتب الناس عنه في حياة جدي وبعد ذلك.
1841- جعفر بن هاشم أبو يحيى العسكري [4] .
سكن بغداد، وحدث/ عن أبي الوليد الطيالسي، والقعنبي. روى عنه: ابن مخلد، وابن السماك، وكان ثقة. توفي في ربيع الأول من هذه السنة.
1842- الحسن بن سلام بن حماد بن أبان، أبو علي السواق [5] .
سمع أبا نعيم، وقبيصة، وعفان بن مسلم. روى عنه: ابن صاعد، والنجاد. قَالَ الدارقطني: [هو] [6] صدوق.
توفي في صفر هذه السنة.
1843-[الحسين بن معاذ بن حرب، أبو عَبْد اللَّهِ الأخفش [7] .
من أهل البصرة، قدم بغداد محدثا بها عن سلمة بن حبيب، وغيره، وحدث بسر من رأى، روى عنه: أبو بكر النجاد، والكوكبي. توفي في هذه السنة] .
__________
[1] في ك: «وابن أبي شيبة» .
[2] في ك، وتاريخ بغداد: «لوينا» .
[3] في ك: «توفي جعفر بن محمد» .
[4] في ك: «جعفر بن هشام. أبو يحيى. العسكري.
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 7/ 183.
[5] «السواق» ساقطة من ك.
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 7/ 326.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] هذه الترجمة ساقطة من الأصل.
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 8/ 141.

(12/283)


1844- عَبْد اللَّهِ بن مُحَمَّد بن إسماعيل بن علي بْن عَبْد اللَّهِ بْن العباس، أبو العباس الهاشمي [1] .
من أهل سرمن رأى، حدث عن يزيد بن هارون، وشبابة، وروح، وعفان. روى عنه: أَحْمَد بن عيسى الخواص، وكان ثقة. توفي بسر من رأى في هذه السنة.
1845- عيسى بن عَبْد اللَّهِ بن سنان بن دلويه، أبو موسى الطيالسي، يلقب: رغاث [2] .
ولد سنة ثلاث وتسعين ومائة، وسمع من عفان، وأبي نعيم، وكان يعد من الحفاظ. روى عنه: أَحْمَد بن كامل القاضي، وأبو بكر الشافعي، قَالَ الدارقطني: كان ثقة. توفي في شوال هذه السنة.
1846- علي بن الحسن بن عبدويه، أبو الحسن الخزاز [3] .
سمع أبا النضر، وأسود بن عامر. روى عنه: ابن مجاهد، والنجاد. وكان ثقة.
توفي في ذي الحجة من هذه السنة.
1847- محمد بن إدريس بن المنذر بن داود بن مهران، أبو حاتم الحنظلي الرازي [4] .
كان/ أحد الأئمة الحفاظ، والأثبات العارفين بعلل الحديث، والجرح والتعديل. سمع مُحَمَّد بن عَبْد اللَّهِ الأنصاري، وأبا زيد النحوي، وعبيد الله بن موسى، وأبا مسهر الدمشقي، وأبا اليمان [5] ، وخلقا كثيرا. روى عنه يونس بن عبد الأعلى، والربيع بن سليمان المصريان، وهما أكبر سنا منه، وأقدم سماعا. قدم بغداد فحدث بها. روى عنه من أهلها إبراهيم الحربي، وابن أبي الدنيا، والمحاملي، وغيرهم.
أَخْبَرَنَا [أَبُو مَنْصُورٍ] الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا [أَبُو بَكْرٍ أحمد بْن علي بْن ثابت] [6] الخطيب قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو زرعة روح بن مُحَمَّد الرازي إجازة أَخْبَرَنَا علي بن محمد بن عمر
__________
[1] في ت: «الهاشم» .
[2] تاريخ بغداد 11/ 170.
[3] البداية والنهاية 11/ 59.
[4] تاريخ بغداد 2/ 73- 77.
[5] في الأصل: «أبا النجاد» .
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.

(12/284)


الفقيه، حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ بن أبي حاتم قَالَ: سمعت أبي يقول: خرجت في طلب الحديث فأحصيت أني مشيت على قدمي زيادة على ألف فرسخ، فلما زاد على الأمر تركت [1] ، وبقيت بالبصرة فِي سنة أربع [عشرة] [2] ومائتين ثمانية أشهر، فانقطعت نفقتي، فعجلت أبيع ثيابي، حتى بقيت بلا نفقة، ومضيت أطوف مع صديق لي إلى المشيخة، وأسمع منهم إلى المساء، فانصرف رفيقي، ورجعت إلى بيت خال، فجعلت أشرب الماء من الجوع، ثم أصبحت من الغد، وغدا على رفيقي، فجعلت أطوف معه في سماع الحديث على جوع شديد، فانصرف عني، وانصرفت جائعا، فلما كان من الغد، غدا علي رفيقي [3] وَقَالَ: سر بنا إلى المشايخ/. فقلت: أنا ضعيف لا يمكنني. فقال: ما ضعفك؟ قلت: لا أكتمك أمري قد مضى [علي] [4] يومان ما طعمت. فقال: معي دينار، فأنا أواسيك بنصفه، ونجعل النصف الآخر في الكراء.
فخرجنا من البصرة، وقبضت منه نصف الدينار قَالَ: [5] وقلت على باب أبي الوليد الطيالسي [6] من أغرب على حديثا غريبا مسندا صحيحا [لم أسمع به] [7] فله على درهم يتصدق به، وقد حضر على باب أبي الوليد خلق من الناس [8] [منهم] أبو زرعة فمن دونه، وإنما كان مرادي أن يلقى علي ما لم أسمع ليقولوا: هو عند فلان فأذهب فأسمع.
فكان مرادي أن أستخرج منهم ما ليس عندي فما تهيأ لأحد أن يغرب على حديثا [9] .
توفي أبو حاتم في شعبان هذه السنة.
1848- مُحَمَّد بن الجهم بن هارون، أبو عبد الله السمري الكاتب [10] .
__________
[1] في الأصل: «فلما زاد على الألف تركت» .
[2] في الأصل: «بالبصرة سنة أربع ومائتين» .
[3] «رفيقي» ساقطة من ك.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] «قال» ساقطة من ك.
[6] في ك: «على باب أبي داود الطيالسي» .
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] في ك: «الحلق» . ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] تاريخ بغداد 2/ 74، 75.
[10] تاريخ بغداد 2/ 161.

(12/285)


سمع يعلي بن عبيد الطنافسي، وعبد الوهاب بن عطاء، ويزيد بن هارون، وغيرهم. روى عن الفراء تصانيفه، وهذا آخر من بقي من أصحاب الفراء، روى عنه:
ابن مجاهد، ونفطويه، وأبو بكر الشافعي، وغيرهم. قَالَ الدارقطني: وهو ثقة صدوق.
توفي في يوم الأحد سلخ جمادى الآخرة من هذه السنة وله تسع وثمانون سنة.
1849- مُحَمَّد بن الحسين بن الحسن بن [1] موسى بن أبي الحنين، أبو جعفر الخزاز، المعروف: بالحنيني [2] .
كوفي قدم بغداد، وحدث بِهَا عن عبيد الله بن موسى العبسي، وأبي نعيم، والقعنبي، وغيرهم. روى عنه: ابن صاعد، والمحاملي، وابن السماك، وغيرهم.
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي بن ثابت، أَخْبَرَنَا الأزهري، حَدَّثَنَا] [3] علي بن عمر الْحَافِظ/ قَالَ: مُحَمَّد [4] بن الحسين بن موسى الكوفي صنف مسندا، وحدث به، وَكَانَ ثقة صدوقا.
توفي فِي جمَادى الآخرة من هذه السنة بالكوفة [5] .
1850- مُحَمَّد [بن] [6] سعدان، أبو جعفر البزاز [7] .
حدث عن أبي جعفر النفيلي، وفيض بن وثيق، وغيرهما، وكان قد سمع من نحو من خمسمائة شيخ لم يحدث إلا باليسير، وتوفي في شعبان هذه السنة.
وثم آخر يُقَالُ له: مُحَمَّد بن سعدان البزاز، إلا أنه شيخ غير مشهور، روى عن القعنبي.
وثالث يُقَالُ له: محمد بن سعدان النحوي، هو مشهور، قد ذكرناه في سنة إحدى وثلاثين.
__________
[1] في ت: «بن الحصين» .
وقد سقطت من ك. وهي غير موجودة في تاريخ بغداد المطبوع.
[2] تاريخ بغداد 2/ 225، 226.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في الأصل: «قال علي بن عمر الحافظ قال موسى بن ... » .
[5] تاريخ بغداد 2/ 226.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] تاريخ بغداد 5/ 325.

(12/286)


ثم دخلت سنة ثمان وسبعين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
أنه في المحرم وافى أبو أَحْمَد الموفق من الجبل إلى العراق، فتلقاه الناس بالنهروان، فركب في الماء وسار [في النهروان، ثم] [1] في نهر ديالي، ثم في دجلة، وكان مريضا بالنقرس، ودخل داره في أوائل صفر، ثم توفي بعد أيام، وطلع لليلتين بقيتا من المحرم كوكب ذو جمة، ثم صارت الجمة ذؤابة، وخلع على عبد الله بن سليمان بن وهب وولي الوزارة.
وفي هذه السنة: غار ماء النيل، وكان ذلك شيئا لم يعهد مثله، ولا [بلغ] [2] في الأخبار السالفة.
وحج بالناس في هذه السنة هارون بن مُحَمَّد الهاشمي.
وفيها: وردت الأخبار/ بحركة قوم يعرفون بالقرامطة وهم الباطنية، وهؤلاء قوم تبعوا طريق الملحدين، وجحدوا الشرائع، وأنا أشير إلى البدايات التي بنوا عليها، ثم إلى الباعث لهم على ما فعلوا من نصب دعوتهم، [ثم إلى ألقابهم، ثم] [3] إلى مذاهبهم وعلومهم.
فأما البدايات التي بنوا عليها:
فإنه لما كان مقصودهم الإلحاد تعلقوا بمذاهب الملحدين مثل: زرادشت،
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل وكتب على الهامش: «خروج القرامطة» .

(12/287)


ومزدك، فإنهما كانا ينتحلان المحظورات، وقد سبق في أوائل هذا الكتاب شرح حالهما، وما زال أكثر الناس مع إعراضهم لا يدخلون في حجر يمنعهم إياها، فلما جاء نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقهر الملل وقمع [1] الإلحاد، أجمع جماعة من الثنوية، والمجوس، والملحدين، ومن دان بدين الفلاسفة المتقدمين، فأعملوا آراءهم وقالوا: قد ثبت عندنا أن جميع الأنبياء كذبوا وتخرقوا على أممهم، وأعظم كل بلية علينا مُحَمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإنه تبع من العرب الطغام فخدعهم بناموسه، فبذلوا أموالهم وأنفسهم، ونصروه وأخذوا ممالكنا، وقد طالت مدتهم، والآن قد تشاغل أتباعه، فمنهم مقبل على كسب الأموال، ومنهم على تشييد البنيان، ومنهم على الملاهي، وعلماؤهم يتلاعبون، ويكفر بعضهم بعضا، وقد ضعفت بصائرهم، فنحن نطمع في إبطال دينهم، إلا أنا لا يمكننا محاربتهم لكثرتهم، فليس الطريق إلّا إنشاء دعوة في الدين [2] والانتماء إلى فرقة منهم، وليس فيهم فرقة أضعف عقولا من الرافضة فندخل/ عليهم، نذكر ظلم سلفهم الأشراف من آل نبيهم [3] ، ودفعهم عن حقهم، وقتلهم، وما جرى عليهم من الذل لنستعين بها، ولا على إبطال دينهم، فتناصروا وتكاتفوا وتوافقوا وانتسبوا إلى إسماعيل بن جعفر [بن مُحَمَّد] الصادق [4] ، وكان لجعفر أولاد منهم: إسماعيل هذا، وكان يُقَالُ له: إسماعيل الأعرج.
ثم سول لهم الشيطان آراء ومذاهب أخذوا بعضها من المجوس [5] ، و [أخذوا] [6] بعضها من الفلاسفة وتخرقوا على أتباعهم، وإنما قصدهم الجحد المطلق، لكنهم لما لم يمكنهم، توسلوا إليه فقد بان لك بما ذكرت. [ومن] [7] البدايات التي بنوا عليها، والباعث لهم على ما فعلوا من نصب الدعوة.
__________
[1] في ك: «الملك ومنع الإلحاد» .
[2] في الأصل: «دعوة منهم في الدين» .
[3] في الأصل: «آل بيتهم» .
[4] في الأصل: «إسماعيل بن محمد بن جعفر الصادق» .
[5] في الأصل: «الفرس» .
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.

(12/288)


وأما ألقابهم:
فإنهم يسمون الإسماعيلية، والباطنية، والقرامطة، والخرمية، والبابكية، والمحمرة، والسبعية، والتعليمية.
فأما تسميتهم بالإسماعيلية: فانتسابهم إلى إسماعيل بن جعفر على ما ذكرناه.
وأما تسميتهم بالباطنية: فإنهم ادعوا أن لظواهر القرآن والأخبار بواطن، تجري مجرى اللب من القشر، وأنها توهم الأغبياء صورا، وتفهم الفطناء رموزا، وإشارات إلى حقائق خفية، وأن من تقاعد [1] عن العرض على الخفايا والبواطن متعثر، ومن ارتقى إلى علم الباطن انحط عنه التكلف، واستراح من إعيائه، واستشهدوا بقوله تعالى:
وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ 7: 157 [2] قالوا: والجهال بذلك هم المرادون بقول تعالى: فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ 57: 13 [3] وغرضهم فيما وضعوا من ذلك: إبطال الشرائع، لأنهم إذا صرفوا العقائد عن غير موجب [4] / الظاهر فحكموا بدعوى الباطن على ما يوجب الانسلاخ [5] من الدين.
وأما تسميتهم بالقرامطة: ففي سبب ذلك ستة أقوال [6] : أحدها: أنهم سموا بذلك، لأن أول من أسس لهم هذه المحنة [7] مُحَمَّد الوراق المقرمط، وكان كوفيا.
والثاني: أن لهم رئيسا من السواد من الأنباط، يلقب: بقرمطويه [8] فنسبوا إليه.
والثالث: أن قرمطا كان غلاما [9] لإسماعيل بن جعفر فنسبوا إليه، لأنه أحدث لهم مقالاتهم.
__________
[1] في ك: «تعاقد» .
[2] سورة: الأعراف، الآية: 157.
[3] سورة: الحديد، الآية: 13.
[4] في الأصل، ت: «غير موجب» .
[5] في ك: «على يوجب الانسلاخ» . وفي ت: «على ما يوجب انسلاخا» .
[6] في الأصل: «ثلاثة أقوال» .
[7] في ك: «من أشير لهم ذلك المحبة» .
[8] في الأصل: «بقرمط» .
[9] في الأصل: «عاملا» .

(12/289)


والرابع: أن بعض دعاتهم نزل برجل يُقَالُ له: كرمية، فلما رحل تسمى قرمط بن الأشعب، ثم أدخله في مذهبه.
الخامس: أن بعض دعاتهم رجل يُقَالُ له: كرمية، فلما رحل تسمى باسم ذلك الرجل، ثم خفف الاسم فقيل: قرمط، قَالَ أهل السير: كان ذلك الرجل الداعي من ناحية خوزستان، وكان يظهر الزهد والتقشف، ويسف الخوص، ويأكل من كسبه، ويحفظ القوم ما صرموا من نخلهم في حظيرة، ويصلي أكثر الناس، ويصوم، ويأخذ عند إفطاره من البقال رطلا من التمر فيفطر عليه، ويجمع نواه فيدفعه إلى البقال، ثم يحاسبه على ما أخذ منه، ويحط من ذلك ثمن النوى. فسمع التجار الذين صرموا نخلهم فوثبوا عليه وضربوه، وقالوا: لم ترض بأن أكلت التمر حتى بعت النوى.
فأخبرهم البقال في الحال، فندموا على ضربه، وسألوه الإحلال، فازداد بذلك نبلا عند أهل القرية، وكان إذا قعد/ إليه إنسان ذاكره أمر الدين وزهده في الدنيا، وأعلمه أن الصلاة المفروضة على الناس خمسون صلاة في كل يوم وليلة، ثم أعلم الناس أنه يدعو إلى إمام من أهل بيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم مرض ومكث مطروحا على الطريق، وكان في القرية رجل يحمل على أثوار له، وكان أحمر العينين، وكان أهل القرية يسمونه كرميته لحمرة عينيه، وهو بالنبطية: حار العين، فكلم البقال كرميته هذا في أن يحمل هذا العليل إلى منزله، ويوصى أهله الإشراف عليه والعناية به، ففعل، فأقام عنده حتى بريء، ثم كان يأوي إلى منزله ودعا أهل القرية إلى أمره فأجابوه، وكان يأخذ من الرجل إذا دخل في دينه دينارا، ويزعم انه يأخذ ذلك الإمام، فمكث يدعو أهل القرى فيجيبونه، واتخذ منهم اثني عشر نقيبا، وأمرهم أن يدعوا الناس إلى دينه، وَقَالَ لهم:
انتم كحواري عيسى بن مريم عليهما السلام، فشغل أكرة تلك الناحية على أعمالهم بما رسمه لهم من الخمسين صلاة التي ذكر أنها فرضت عليهم.
وكان للهيصم في تلك الناحية ضياع، فوقف على تقصير أكرته في العمارة، فسأل عن ذلك، فأخبر أن رجلا قدم عليهم فأظهر لهم مذهبا من الدين، وأعلمهم أن الله عز وجل قد افترض عليهم خمسين صلاة في اليوم والليلة، وقد اشتغلوا بها فوجه [1] إليه/
__________
[1] في الأصل: «فوجد إليه» .

(12/290)


فجيء به، فسأله عن أمره، فأخبره بقصته، فحبسه في بيت، وحلف بقتله، وأقفل عليه، وترك المفتاح تحت وسادته، ونام، فرقت له جارية، فأخذت المفتاح، وفتحت وأخرجته، ثم أعادت [1] المفتاح إلى موضعه، فلما أصبح الهيصم فتح الباب، فلم يجده فشاع ذلك الخبر، فعبر به أهل تلك الناحية وقالوا: قد رفع.
ثم ظهر في موضع آخر ولقي جماعة من أصحابه فسألوه عن قصته، فقال: ليس يمكن أحدا أن يؤذيني. ثم خاف على نفسه، وخرج إلى الشام، وتسمى باسم الرجل الذي كان في منزله كرميته، ثم خفف فقيل: قرمط، وفشا أمره وأمر أصحابه، وكان قد لقي صاحب الزنج فقال له: أنا على مذهب ورائي مائة ألف سيف، فناظرني، فإن اتفقنا ملت بمن معي إليك، وإن تكن الأخرى انصرفت، فناظره فاختلفا ففارقه.
السادس: أنهم لقبوا بهذا نسبة إلى رجل من دعاتهم يُقَالُ له: حمدان بن قرمط، وكان حمدان هذا [2] من أهل الكوفة يميل إلى الزهد، فصادفه أحد دعاة الباطنية في [3] طريق، وهو متوجه إلى قرية، وبين يديه بقر يسوقها، فقال حمدان لذلك الداعي وهو لا يعرفه: أين تقصد؟ فسمى قرية حمدان، فقال له: اركب بقرة من هذه البقر لتستريح من المشي [4] . فقال: إني لم أؤمر بذلك: قَالَ كأنك لا تعمل إلا بأمر؟ قَالَ: نعم! فقال حمدان: وبأمر من تعمل؟ قَالَ: بأمر مالكي ومالكك، ومالك الدنيا والآخرة، فقال:
ذلك الله عز وجل، قَالَ: صدقت قَالَ: [5] وما غرضك في هذه البقعة؟ قَالَ: / أمرت أن أدعو أهلها من الجهل إلى العلم، ومن الضلال إلى الهدى، ومن الشقاوة إلى السعادة، وأستنقذهم من ورطات الذل والفقر، وأملكهم مالا يستغنون به من التعب [6] والكد، فقال له حمدان: أنقذني أنقذك الله، وأفض على من العلم ما تحييني به، فما أشد
__________
[1] في ك: «ثم عادت» .
[2] «هذا» ساقطة من ك.
[3] في الأصل: «القرامطة» .
[4] في الأصل: «لتستريح عليها» .
[5] «قال» ساقطة من ك.
[6] في الأصل: عن التعب» .

(12/291)


حاجتي إلى ذلك، فقال: ما أمرت أن أخرج السر المكنون إلى [كل] [1] أحد إلا بعد الثقة به، والعهد إليه، فقال لَهُ: [2] فاذكر عهدك، فإني ملتزم له. فقال: أن تجعل لي وللإمام على نفسك عهد الله وميثاقه أن لا تخرج سر الإمام الذي ألقيه إليك ولا تفشي سري أيضا. فالتزم حمدان عهده، ثم اندفع الداعي في تعليمه فنون جهل، حتى استدرجه واستغواه واستجاب له في جميع ما دعاه إليه، ثم انتدب [3] للدعوة، وصار أصلا من أصول هذه البدعة فسمى أتباعه القرمطية.
وأما تسميتهم بالخرمية: فإن خرم لفظ أعجمي ينبئ عن الشيء المستلذ الذي يشتهيه الآدمي، وكان هذا لقبا للمزدكية [4] وهم أهل الإباحة من المجوس الذين نبغوا في أيام قباذ على ما ذكرنا، فأباحوا المحظورات فلقب هؤلاء بلقب أولئك لمشابهتهم إياهم في اعتقادهم ومذهبهم.
وأما تسميتهم بالبابكية: فإن طائفة منهم تبعوا بابك الخرمي، وكان قد خرج في ناحية آذربيجان في أيام المعتصم واستفحل، [5] فبعث إليه المعتصم الأفشين فتخاذل عن قتاله، وأضمر موافقته في ضلاله، فاشتدت وطأة البابكية على المسلمين، إلى أن أخذ بابك وقتل على ما سبق شرحه.
وقد بقي من البابكية/ جماعة يُقَالُ إن لهم في كل سنة [ليلة] [6] يجتمع فيها رجالهم ونساؤهم، فيطفئون المصابيح، ويتناهبون النساء، ويزعمون أن من أخذ امرأة استحلها بالاصطياد.
فأما تسميتهم بالمحمرة: فيذكر عنهم أنهم صبغوا الثياب بالحمرة أيام بابك، وكانت شعارهم.
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في ك: «فقال» .
[3] في الأصل: «ثم امتدت» .
[4] في ك: «للمزدلفة» .
[5] في ك: «فاستحل» .
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.

(12/292)


وأما تسميتهم بالسبعية: فإنهم زعموا أن الكواكب السبعة مدبرة للعالم السفلي.
وأما تسميتهم بالتعليمية: فإن مبدأ مذاهبهم إبطال الرأي، وإفساد تصرف العقل، ودعوة الخلق إلى التعليم من الإمام المعصوم، وأنه لا مدرك للعلوم إلا بالتعليم.
فصل وأما الإشارة إلى مذاهبهم:
فإن مقصودهم الإلحاد، وتعطيل الشرائع، وهم يستدرجون الخلق إلى مذاهبهم بما يقدرون عليه، فيميلون إلى كل قوم بسبب [1] يوافقهم ويميزون من يمكن أن ينخدع [2] ممن لا يمكن، فيوصون دعاتهم فيقولون للداعي: إذا وجدت من تدعوه فاجعل التشيع دينك، ادخل عليه من جهة ظلم الأمة لعلي بْن أبي طَالِب [3] [عليه السلام] ، وقتلهم الحسين، وسبيهم لأهله، والتبري من تيم وعدي وبني أمية وبني العباس، وقل بالرجعة [4] ، وأن عليا يعلم الغيب، فإذا تمكنت منه أوقفته على مثالب علي وولده، وبينت له بطلان ما عليه أهل ملة مُحَمَّد [عليه السلام] وغيره من الرسل [عليهم السلام] ، وإن كان يهوديا فادخل عليه من جهة انتظار المسيح، وأن المسيح هو مُحَمَّد بن إسماعيل بن جعفر، وهو المهدي، واطعن في النصارى والمسلمين، وإن كان نصرانيا فاعكس، [وإن كان صابئيا فتعظيم الكواكب، وإن كان مجوسيا فتعظيم النار والنور] [5] ، وإن وجدت [6] فيلوسوفيا فهم عمدتنا لأنا نتفق وهم على إبطال نواميس الأنبياء [7] وعلى/ قدم العالم، ومن أظهرت له التشيع فاظهر له بغض أبي بكر وعمر، ثم أظهر له العفاف والتقشف وترك الدنيا والإعراض عن الشهوات، ومر بالصدق والأمانة، والأمر بالمعروف، فإذا استقر عنده ذلك فاذكر له
__________
[1] في الأصل: «إلى كل قوة بسبب» .
[2] في ك: «يخدعهم» .
[3] «بن أبي طالب» ساقطة من ك، ت.
[4] على هامش ك ما نصه: «يعني أن عليا يرجع إلى الدنيا، لأن المراد من دابة الأرض علي رضي الله عنه كما هو مذهب جابر الجعفي الرافضيّ الشيعي» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] في الأصل: «وإن كان» .
[7] في المطبوعة: «النواميس والأنبياء» .

(12/293)


زلل [1] أبي بكر وعمر، وإن كان سنيا فاعكس، وإن كان مائلا إلى المجون والخلاعة، فقرر عنده أن العبادة بله، والورع حماقة، وإنما الفطنة في اتباع اللذة، وقضاء الوطر من الدنيا الفانية. وقد يستصحبون [2] من له صوت طيب بالقرآن، فإذا قرأ تكلم داعيهم، ووعظ وقدح في السلاطين، وعلماء الزمان، وجهال العامة، ويقول: الفرج منتظر ببركة آل الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وربما قَالَ: إن للَّه عز وجل في كلماته أسرارا لا يطلع عليها إلا من اجتباه اللَّه [3] .
ومن مذاهبهم أنهم لا يتكلمون مع عالم، بل مع الجهال، ويجتهدون في تزلزل العقائد بإلقاء المتشابه، وكل ما لا يظهر للعقول معناه فيقولون: ما معنى الاغتسال من المني دون البول؟ ولم كانت أبواب الجنة ثمانية، وأبواب النار سبعة؟ وقوله: عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ 74: 30 [4] أترى [5] ضاقت القافية ما نظن [6] هذا إلا لفائدة لا يفهمها كثير من الناس، ويقولون: لم كانت السموات سبعا؟ ثم يشوقون إلى جواب هذه الأشياء، فإن سكت السائل سكتوا، وإن ألح قالوا: عليك بالعهد والميثاق على كتمان هذا السر، فإنه الدر الثمين، فيأخذون عليه العهود والميثاق على كتمان هذا، ويقولون في الأيمان «وكل مالك صدقة وكل امرأة لك طالق ثلاثا إن أخبرت بذلك» ثم يخبرونه ببعض الشيء، ويقولون: هذا لا يعلمه إلا آل رسول الله صَلى اللهُ عَلَيه وَسَلَّمَ. ويقولون: هذا الظاهر له باطن، وفلان يعتقد ما نقول، ولكنه يستره ويذكرون له بعض الأفاضل/، ولكنه ببلد بعيد.
فصل
واعلم أن مذهبهم ظاهره الرفض، وباطنه الكفر، ومفتتحه حصر مدارك العلوم في قول الإمام المعصوم، وعزل العقول أن تكون مدركة للحق، لما يعترضها من الشبهات،
__________
[1] في ك: «ثلب» .
[2] في ك: «يستحبون» .
[3] لفظ الجلالة غير موجود في ك.
[4] سورة: المدثر، الآية: 30.
[5] «أترى» ساقطة من ك.
[6] في ك: «ما بطن» .

(12/294)


والمعصوم يطلع من جهة الله تعالى على جميع أسرار الشرائع، ولا بد في كل زمان من إمام معصوم يرجع إليه. هذا مبدأ دعوتهم.
ثم يبين أن غاية مقصدهم نقض الشرائع، لأن سبيل دعوتهم ليس متعينا في واحد، بل يخاطبون كل فريق بما يوافق رأيه [1] ، لأن غرضهم الاستتباع. وقد ثبت عنهم أنهم يقولون بإلهين قديمين لا أول لوجودهما [2] من حيث الزمان، إلا أن أحدهما علة لوجود الثاني، واسم العلة السابق، واسم المعلول التالي، وأن السابق خلق العالم بواسطة التالي، لا بنفسه، وقد يسمون الأول عقلا، والثاني نفسا، والأول تاما، والثاني ناقصا، والأول لا يوصف بوجود، ولا عدم، ولا موصوف، ولا غير موصوف. فهم يومئون إلى النفي، لأنهم لو قالوا معدوم ما قبل منهم، وقد سموا هذا النفي تنزيها، ومذهبهم في النبوات قريب من مذهب الفلاسفة، وهو أن النبي عبارة عن شخص فاضت عليه من العقل السابق بواسطة الثاني [3] قوة قدسية صافية، وأن جبريل عبارة عن العقل الفائض عليه، لا أنه [4] شخص، وأن القرآن هو تعبير مُحَمَّد عن المعارف التي فاضت عليه من العقل، فسمي كلام الله مجازا، لأنه مركب من جهته، وهذه القوة الفائضة على النبي، لا تفيض عليه في أول أمره، وإنما تتربى كنطفة.
واتفقوا على أنه لا بد في كل عصر/ من [5] أمام معصوم قائم بالحق، يرجع إليه في تأويل الظواهر، وحل الإشكال في القرآن والأخبار، وأنه يساوي النبي في العصمة، ولا يتصور في زمان واحد إمامان، بل يستظهر الإمام بالدعاة، وهم الحجج، ولا بد للإمام من اثني عشر حجة، أربعة منهم لا يفارقونه.
وكلهم أنكر القيامة، وقالوا: هذا النظام وتعاقب الليل والنهار، وتولد الحيوانات لا ينقضي أبدا، وأولوا القيامة بأنها رمز إلى خروج الإمام، ولم يثبتوا الحشر ولا النشر،
__________
[1] في ك: «رأيهم» .
[2] في الأصل: «لواحد منهما» .
[3] في ك: «عليه من السابق بقوة التالي» .
[4] في ك: «إلا أنه» .
[5] في ك: «كل عصر على إمام» .

(12/295)


ولا الجنة ولا النار، ومعنى المعاد عندهم عود كل شيء إلى أصله، قالوا: فجسم الآدمي يبلى، والروح إن صفت بمجانبة الهوى، والمواظبة على العبادات، وغذيت بالعلم سعدت [1] بالعود إلى وطنها الأصلي، وكمالها بموتها، إذ به خلاصها من ضيق الجسد.
وأما النفوس المنكوسة [2] المغموسة في عالم الطبيعة المعرضة عن طلب رشدها من الأئمة [3] المعصومين، فإنها أبدا في النار على معنى أنها تتناسخ في الأبدان الجسمانية، وكلما فارقت جسدا تلقاها آخر، واستدلوا بقوله تعالى: كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها 4: 56 [4] وأكثر مذاهبهم يوافق الثنوية والفلاسفة في الباطن، والروافض في الظاهر، وغرضهم بهذه التأويلات انتزاع المعتقدات الظاهرة، من نفوس الناس [5] ، حتى تبطل الرغبة والرهبة.
ثم إنهم يعتقدون استباحة المحظورات، ورفع الحجر، ولو ذكر لهم هذا لأنكروه، وقالوا: لا بد من الانقياد للشرع على ما يفعله [6] الإمام، فإذا أحاطوا بحقائق الأمور انحلت عنهم القيود والتكاليف العملية [7] / إذ المقصود عندهم [8] من أعمال الجوارح تنبيه القلب، وإنما تكليف الجوارح للخمر [9] الذين لا يراضون إلا بالسياقة.
وغرضهم هدم قوانين الشرع.
قالوا: وكل ما ذكر من التكاليف فرموز إلى باطن، فمعنى الجنابة مبادرة المستجيب [10] بإنشاء سر إليه، قبل أن ينال رتبة الاستحقاق لذلك، ومعنى الغسل تجديد
__________
[1] في ك: «استعدت» .
[2] في الأصل: «وأما النفوس المعكوسة» .
[3] في ك: «والأئمة» .
[4] سورة: النساء، الآية: 56.
[5] في الأصل: «الخلق» .
[6] في الأصل: «يفصله» .
[7] في ك: «العلمية» .
[8] في الأصل: «المقصود منها أي» .
[9] في ك: «للغمر» .
[10] في ك: «المستحب» .

(12/296)


العهد على من فعل ذلك. والزنا: إلقاء نطفة العلم [الباطن] [1] إلى نفس من لم يسبق معه عقد العهد، والاحتلام [2] أن يسبق الإنسان إلى إفشاء السر في غير محله، والصيام: الإمساك عن كشف السر.
والمحرمات عبارة عن ذوى السر [3] ، والبعث عندهم الاهتداء إلى مذاهبهم.
ويقولون لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ 4: 11 [4] الذكر الإمام، والحجة الأنثى.
وقالوا: يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ 7: 53 [5] أي يظهر [6] مُحَمَّد بن إسماعيل.
وفي قوله: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ 5: 3 [7] . قالوا: الميتة الجامد [على الظاهر] [8] الذي لا يلتفت إلى التأويل.
وقالوا: إن الشاء والبقر الّتي تذبح [9] هم الذين حضروا محاربة الأنبياء والأئمة، يترددون في هذه الصور، ويجب على الذابح أن يقول عند الذبح اللَّهمّ إني أبرأ إليك من روحه وبدنه، وأشهد له بالضلالة اللَّهمّ لا تجعلني من المذبوحين.
ولهم من هذا الهذيان ما ينبغي تنزيه الوقت عن ذكره، وإنما علمت [10] هذه الفضائح من أقوام تدينوا بدينهم، ثم بانت لهم قبائحهم فتركوا مذهبهم.
فإن قَالَ قائل مثل هذه الاعتقادات الركيكة، والحديث الفارغ، كيف يخفى على من يتبعهم، ونحن نرى أتباعهم خلقا كثيرا، فالجواب أن أتباعهم أصناف فمنهم قوم ضعفت عقولهم، وقلت بصائرهم وغلبت عليهم البلادة والبله، ولم يعرفوا شيئا من
__________
[1] ما بين المعقوفتين من الأصل وكتب على الهامش.
[2] في ك: «والاختلاف» .
[3] في الأصل: «ذوي الشر» .
[4] سورة: النساء، الآية: 11.
[5] سورة الأعراف، الآية 53.
[6] في الأصل: «يأتي» .
[7] سورة المائدة، الآية: 3.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] «التي تذبح» ساقطة من ك.
[10] في ك: «وإنما عملت» .

(12/297)


العلوم كأهل السواد/ والأكراد، وجفاة الأعاجم، وسفهاء الأحداث، فلا يستبعد ضلال هؤلاء، فقد كان خلق ينحتون الأصنام، ويعبدونها.
ومن أتباعهم طائفة انقطعت دولة أسلافهم بدولة الإسلام كأبناء الأكاسرة والدهاقين، وأولاد المجوس، فهؤلاء موتورون، قد استكن الحقد في صدروهم، فهو كالداء الدفين، فإذا حركته تخائيل [1] المبطلين اشتعلت نيرانه.
ومن أتباعهم قوم [لهم] [2] تطلع إلى التسلط والاستيلاء، ولكن الزمان لا يساعدهم، فإذا رأوا طريق الظفر بمقاصدهم سارعوا.
ومن أتباعهم قوم جبلوا على حب التميز عن العوام، فزعموا أنهم يطلبون الحقائق، وأن أكثر الخلق كالبهائم، وكل ذلك لحب النادر الغريب.
ومن أتباعهم ملحدة [3] الفلاسفة والثنوية الذين اعتقدوا الشرائع نواميس مؤلفة، والمعجزات مخاريق مزخرفة، فإذا رأوا من يعطيهم [4] شيئا من أغراضهم مالوا إليه.
ومن أتباعهم قوم مالوا إلى عاجل اللذات، ولم يكن [لهم] [5] علم ولا دين، فإذا صادفوا [6] من يرفع عنهم الحجر مالوا إليه. على أن هؤلاء القوم لا يكشفون أمرهم إلا بالتدريج على قدر طمعهم في الشخص.
وإنما مددنا النفس في شرح حالهم، وأن كنا إنما ذكرنا بيتا من قصيدة لعظم ضررهم على الدين، وشياع كلمتهم المسمومة [7] ، وإنما اجتمعت الأسباب التي ذكرناها في وسط أيامهم، وإلا فمعاندوا الشرائع منذ كانت [8] خلق كثير.
__________
[1] في ك: «مخائيل» .
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] في ك: «المخلدة» .
[4] في ك: «تعطيلهم» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] في الأصل: «هادنوا» .
[7] في ك: «المشوية» .
[8] «منذ كانت» ساقطة من ك.

(12/298)


وقد نبغ منهم قوم فأظهروا إمامة مُحَمَّد ابن الحنفية، وقالوا: إن روح مُحَمَّد انتقلت إليه، ثم انتقلت [منه] [1] إلى أبي مسلم صاحب الدعوة، ثم إلى/ المهدي، ثم إلى رجل يعرف بابن القصري [2] ، ثم خمدت نارهم ثم نبغ منهم [3] في أيام المأمون رجل فاحتال، فلم تنفذ حيلته، ثم تناصروا في أيام المعتصم، وكاتبوا الأفشين، وهو رئيس الأعاجم، فمال إليهم، واجتمعوا مع بابك، ثم زاد جمعهم على ثلاثمائة ألف، فقتل المعتصم منهم ستين ألفا، وقتل الأفشين أيضا، ثم ركدت دولتهم، ثم نبغ منهم جماعة وفيهم رجل من ولد بهرام جور، وقصدوا إبطال الإسلام، ورد الدولة الفارسية، وأخذوا يحتالون في تضعيف قلوب المؤمنين، وأظهروا مذهب الإمامية، وبعضهم مذهب الفلاسفة، وجعل لهم رأس يعرف بعبد الله [4] بن ميمون بن عمرو، ويقال: ابن ديصان القداح الأهوازي، وكان مشعبذا [5] ممخرقا، وكان معظم مخرقته بإظهار الزهد والورع، وأن الأرض تطوى له، وكان يبعث خواص أصحابه إلى الأطراف معهم طيور [6] ، ويأمرهم أن يكتبوا إليه الأخبار [7] عن الأباعد، ثم يحدث الناس بذلك، فيقوى شبههم.
وكانوا يقولون: إن المتقدمين منهم يستخلفون عند الموت، وكلهم خلفاء مُحَمَّد بن إسماعيل [بن جعفر] [8] الطالبي، وأن من الدعاة إلى الإمام معدا أبا تميم [9] ، وإسماعيل أَبَاهُ [10] ، وهم المتغلبون على بلاد المغرب، ومن استجاب لهم عرفوه أنه إن
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في الأصل: «يعرف بالقصري» .
[3] في ك: «نبغ لهم في أيام» .
وفي ت: «ثم نبغ في أيام المأمون رجل لهم» .
[4] في ك: «بعبيد الله» .
[5] في ك: «مشيدا» .
[6] في ك: «طير» .
[7] في ك: «إليه بالأخبار» . وفي ت: «له الأخبار» .
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] في ك: «معد بن تميم» .
[10] في ك: «وابنه إسماعيل» .

(12/299)


عمل ما يرضيهم صار إماما ونبيا [1] ، وأنه يرتقي المبتدئ منهم إلى الدعوة، ثم إلى أن يكون حجة، ثم إلى الإمامة، ثم يلحق مرتبة الرسل، ثم يتحد بالرب فيصير ربا ولا يجوز لأحد أن يحجب امرأته عن إخوانه.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1851- إبراهيم بن الهيثم بن المهلب، أبو إسحاق البلدي [2] .
سمع من جماعة، وروى عنه [3] النجاد، وأبو بكر الشافعي، وكان ثقة ثبتا.
توفي في جمادى الآخرة [4] من هذه السنة.
1852- إبراهيم بن شبابة، مولى بني هاشم وكان شاعرا مليح النادرة.
أنبأنا مُحَمَّد بن عبد الباقي البزاز، عن عَلِي بْن المحسن التنوخي، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
أخبرني أبو الفرج الأصبهاني قَالَ: حدثني حبيب بن نصر المهلبي، حَدَّثَنَا عَبْد اللَّهِ بن [أبي سعد قَالَ: حدثني عَبْد اللَّهِ بن أبي] [5] نصر المروزي قَالَ: حدثني مُحَمَّد بن عَبْد اللَّهِ الطلحي قَالَ: حدثني سليمان بن يحيى بن معاذ قَالَ: قدم على نيسابور إبراهيم بن شبابة الشاعر البصري، فأنزلته على، فجاء ليلة من الليالي وهو مكروب، قد هاج، فجعل يصيح بي: يا أبا أيوب، فخشيت أن يكون [6] قد غشيته بلية. فقلت: ما تشاء؟ فقال:
أعياني الشادن الربيب
فقلت: بماذا؟ فقال:
إليه أشكو فلا يجيب
__________
[1] في الأصل: «إماما ورئيسا» .
[2] تاريخ بغداد 6/ 206- 209.
[3] في الأصل: «سمع عن» .
[4] في الأصل: «جمادى الأولى» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
وفي ك: «عبد الله بن سعد «وعبد الله بن نصر» وكذلك في ت.
[6] «أن يكون» ساقطة من ك.

(12/300)


فقلت داره [وداوه] [1] فقال:
من أين أبغي دواء دائي ... (وإنما دائي [2] ) الطبيب
فقلت: إذا يفرج الله عز وجل. فقال:
يا رب فرج إذن [3] وعجل ... فإنك السامع المجيب
[قَالَ] : [4] ثم انصرف.
1853- الحسن بن علي بن مالك بن أشرس بن عَبْد اللَّهِ بن منجاب، أبو مُحَمَّد الشيباني [5] ، المعروف بالأشناني [6] .
حدث عن يحيى بن معين وغيره. روى عنه: ابن مخلد.
وتوفي في شعبان هذه السنة، وصلى عليه أبو بكر بْن أبي الدُّنْيَا.
[قَالَ أبو الحسين بن المنادي] [7] : كتب الناس عنه، وكان به أدنى لين.
1854- عبد الكريم بن الهيثم بن زياد، أبو يحيى القطان [8] .
سافر وجال، وسمع سليمان بن حرب، وأبا نعيم، وأبا الوليد/ الطيالسي في خلق كثير. روى عنه: البغوى، وابن صاعد، وكان ثقة ثبتا مأمونا.
توفي فِي شعبان هذه السنة.
1855- عبدة بن عبد الرحيم [9] .
كان من أهل الدين والجهاد.
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] «وإنما دائي» ساقطة من ك.
[3] في ك: «إذا» .
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] «الشيبانيّ» ساقطة من ك.
[6] تاريخ بغداد 7/ 367، 368.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] تاريخ بغداد 11/ 78، 79.
[9] تقريب التهذيب 1/ 530.

(12/301)


أَنْبَأَنَا زَاهِرُ بْن طَاهِرٍ قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو بكر البَيْهَقيّ، أَخْبَرَنَا الحاكم أبو عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بْن عبد الله قَالَ: سمعت أبا الحسين بن أبي القاسم المذكر يقول: سمعت عمر بن أَحْمَد [بن علي] الجوهري [1] يقول: أخبرني أبو العباس أَحْمَد بن علي قَالَ:
قَالَ عبدة بن عبد الرحيم: خرجنا في سرية إلى أرض الروم، فصحبنا شاب لم يكن فينا أقرأ للقرآن منه، ولا أفقه ولا أفرض، صائم النهار، قائم الليل، فمررنا بحصن فمال عنه العسكر، ونزل بقرب الحصن، فظننا أنه يبول، فنظر إلى امرأة من النصارى تنظر من وراء الحصن، فعشقها فقال لها بالرومية: كيف السبيل إليك؟ قالت: حين تنصر ويفتح لك الباب وأنا لك. قَالَ: ففعل فأدخل الحصن، قَالَ: فقضينا غزاتنا في أشد ما يكون من الغم، كأن كل رجل منا يرى ذلك بولده من صلبه [2] ، ثم عدنا في سرية أخرى، فمررنا به ينظر من فوق الحصن مع النصارى، فقلنا: يا فلان، ما فعلت قراءتك؟ ما فعل علمك؟ ما فعلت صلواتك وصيامك قَالَ اعلموا أني نسيت القرآن كله ما اذكر منه إلا هذه الآية: رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ 15: 2- 3 [3] /.
1856- مُحَمَّد بن أَحْمَد بن الوليد بن مُحَمَّد بن [برد بن يزيد بن] [4] سخت، أبو الوليد الأنطاكي [5] .
سمع رواد بن الجراح، ومحمد بن كثير الصنعاني، ومحمد بن عيسى الطباع، وغيرهم. قدم بغداد فحدث بها، فروى عنه: أبو عَبْد اللَّهِ المحاملي، وأبو الحسين بن المنادي، وأبو بكر الشافعي، وغيرهم. قَالَ النسائي: هو أنطاكي صالح، وَقَالَ الدارقطني: هو ثقة. توفي [في هذه السنة] [6] راجعا من مكة.
__________
[1] في الأصل: «أحمد الجوهري» .
[2] في الأصل: «يرى ذلك أشد ما من عليه، ثم عدنا» .
[3] سورة: الحجر، الآية: 2، 3.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] تاريخ بغداد 1/ 311. والأنساب للسمعاني 1/ 370.
[6] في الأصل: «توفي عبد الله راجعا» .
وفي ك: «توفي في هذه السنة» .

(12/302)


1857- مُحَمَّد بن جعفر المتوكل على الله، يكنى: أبا أَحْمَد [1] .
ولد في ربيع الأول يوم الأربعاء لليلتين خلتا منه، سنة سبع وعشرين [2] ومائتين [وأمه أم ولد] [3] ولقب الموفق باللَّه، وكان أخوه المعتمد قد عقد له ولاية العهد بعد ابنه جعفر، فمات الموفق قبل موت المعتمد بسنة وأشهر وقيل: اسمه طلحة، وقد ذكرنا وقائعه وحروبه فيما مضى، وما فعل بصاحب الزنج بالبصرة، وكان له الجيش تحت يده والأمر كله إليه [4] وما جرى له مع عمرو بن الليث، ومع ابن طولون، وتسمى بعد قتل صاحب الزنج: بالناصر لدين الله، مضافا إلى الموفق باللَّه فكان يخطب له على المنابر بلقبين: «اللَّهمّ أصلح الأمير الناصر لدين الله أبا أَحْمَد الموفق باللَّه، ولي عهد المسلمين أخا أمير المؤمنين» . وكان غزير العقل [5] ، حسن التدبير كريما. قَالَ يوما: إن جدي عَبْد اللَّهِ بن العباس [رضي الله عنهما كان] [6] يقول: إن الذباب ليقع على جليسي فيغمني ذلك. وهذا نهاية الكرم، أنا والله أرى جلسائي بالعين التي أرى إخوتي [7] والله لو تهيأ لي نقلت أسماءهم من الجلساء والندماء إلى الإخوان والأصدقاء. / وفي هذه السنة: قدم أبو أَحْمَد من الجبل إلى العراق، وقد اشتد به وجع النقرس، حتى لم يقدر على الركوب، فاتخذ له سرير عليه قبة، فكان يقعد عليه، ومعه خادم يبرد رجله بالأشياء الباردة، حتى بلغ من أمره أنه كان يضع عليها الثلج، ثم صارت علة رجله «داء الفيل» وكان يحمل سريره أربعون حمالا، يتناوب عليه عشرون عشرون، وربما اشتد به أحيانا فيأمرهم أن يضعوه، فقال لهم يوما: قد ضجرتم، وبودي أني واحد منكم أحمل على رأسي، وآكل، وأني في عافية، قد أطبق دفتري على مائة ألف مرتزق أسوأ ما فيهم أقبح [8] حالا مني.
__________
[1] تاريخ بغداد 2/ 127، 128.
[2] في الأصل: «سنة سبع وعشرين» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] قد حدث تداخل في العبارات في النسخة ك. وأصلحناه على ما في الأصل.
[5] في ك: «غزير العلم» .
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، ك، ت وأضفناه من تاريخ بغداد.
[7] في الأصل: «بالعين الّذي بها إخواني» .
[8] في الأصل: «أسوأ» .

(12/303)


وتوفي بالقصر الحسني ليلة الخميس لثمان بقين من صفر هذه السنة، وله تسع [1] وأربعون سنة تنقص شهرا وأياما.
قَالَ [أبو بكر] [2] الصولي: حدثني عَبْد اللَّهِ بن المعتز قَالَ: لما مات الموفق كتب إلى عبيد الله بن عَبْد اللَّهِ بن طاهر يعزيني عنه، فقال: إنما أعزيك بالمنصور الثاني، لأني لا أعرف في ولده أشبه به منه.
__________
[1] في ت، ك: «سبع» .
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.

(12/304)


ثم دخلت سنة تسع وسبعين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
أن السلطان أمر [أن ينادي] [1] ببغداد أن لا يقعد على الطريق، ولا في مسجد الجامع قاص، ولا صاحب النجوم [2] ، ولا زاجر، وحلف الوراقون أن لا يبيعوا كتب الكلام والجدل والفلسفة.
وفي هذه السنة: خلع جعفر المفوض [3] من العهد لثمان بقين/ من المحرم، وفي ذلك اليوم بويع المعتضد بولاية العهد بأنه ولي العهد من بعد المعتمد، وانتشرت الكتب بخلع جعفر، وتولية المعتضد، ونفذت إلى البلدان، وخطب للمعتضد بولاية العهد، وأنشئت عن المعتضد كتب إلى العمال، بأن أمير المؤمنين ولاه العهد، وجعل إليه ما كان الموفق يليه من الأمر والنهي والولاية والعزل.
وفي هذه السنة توفي المعتمد وبويع المعتضد.
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في الأصل: «صاحب عزم» .
[3] في الأصل: «خلع جعفر أن يفوض إليه» .

(12/305)


باب ذكر خلافة المعتضد باللَّه [1]
واسمه: أَحْمَد بن أبي أَحْمَد الموفق باللَّه، واسم أبي أَحْمَد: مُحَمَّد وقيل:
طلحة بن جعفر المتوكل على الله بن المعتصم بن الرشيد، ويكنى: أبا العباس، وأمه أم ولد 1 [قَالَ الصولي] : [2] كان اسمها ضرار، ثم سميت: تحقين، وتوفيت قبل خلافته بيسير، وكان مولده بسر من رأى سنة ثلاث وأربعين ومائتين [3] . وقيل: اثنتين وأربعين ومائتين وكان أسمر، نحيف الجسم، معتدل الخلق، قد وخطه الشيب، في مقدم لحيته طول، وفي [مقدم] [4] رأسه شامة بيضاء، وكان نقش خاتمه «حامده [5] أَحْمَد يؤمن باللَّه الواحد» وكان له من الولد علي المكتفي، ومحمد القاهر، وجعفر المقتدر [6] .
بويع المعتضد في صبيحة الأثنين لإحدى عشرة ليلة بقيت من رجب سنة تسع وسبعين، وهو ابن سبع وثلاثين سنة [7] ، فولي عبيد الله بن سليمان بن وهب الوزارة، ومحمد بن [شاه بن] [8] ميكال الحرس، وصالحا الحجابة، ثم وزر له القاسم بن عبيد الله، وقضاءه إسماعيل بن إسحاق، ويوسف بن [يعقوب] ، [9] وابن أبي الشوارب.
وكان المعتضد من رجالات بني العباس، [ومن أكلهم وأكثرهم تجربة] [10] وكان أمر الخلافة قد ضعف، وبيوت الأموال فارغة/، ودبر وساس، فقال ابن المعتز:
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
انظر ترجمة المعتضد باللَّه في:
تاريخ بغداد 4/ 403- 407.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] «ومائتين» ساقطة من ك.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] «حامد» ساقطة من ك، ت.
[6] في الأصل: «وعلى القاهر وجعفر المعتضد» .
[7] «سنة» ساقطة من ك.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل وكتب على الهامش.
[10] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.

(12/306)


يا أمير المؤمنين المرجى ... قد أقر الله فيك العيونا
إذ دعينا [1] لك بيعة حق ... فسعينا نحوها مسرعينا
بنفوس أملتك زمانا ... سبقت أيدينا طائعينا
أنت أقررت حشا كل نفس ... وفرشت [2] الأمن للخائفينا
ذكر طرف من سيرته وأخباره
[3] أَنْبَأَنَا مُحَمَّد بْن أبي طاهر البزاز قَالَ: أَنْبَأَنَا عَلِي بْن المحسن التنوخي، عن أبيه قَالَ: حدثني عَبْد الله بن عمر الحارثي قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو محمد عَبْد اللَّهِ بن حمدون [4] قَالَ: كان المعتضد في بعض متصيداته فجاز [5] بعسكره، وأنا معه، فصاح ناطور في قراح [6] قثاء، فاستدعاه وسأله عن سبب صياحه، فقال: أخذ بعض الجيش من القثاء شيئا. فقال: أطلبوهم فجاءوا بثلاثة أنفس، فقال: هؤلاء الذين أخذوا القثاء؟ فقال الناطور: نعم، فقيدهم في الحال، وأمر بحبسهم، فلما كان من الغد أنفذهم إلى القراح، فضرب أعناقهم فيه، وسار، فأنكر الناس ذلك وتحدثوا به، ومضت على ذلك مدة طويلة، فجلست أحادثه ليلة فقال لي: يا أبا عَبْد اللَّهِ، هل يعيب الناس شيئا عرفني حتى أزيله؟ قلت: كلا يا أمير المؤمنين! فقال: أقسمت عليك بحياتي إلا [ما] صدقتني. قلت: يا أمير المؤمنين، وأنا آمن؟ قَالَ: نعم. قلت: إسراعك إلى سفك الدماء/ قَالَ: والله ما هرقت دما منذ وليت [الخلافة] [7] إلا بحقه قَالَ: [8] فأمسكت إمساك من ينكر عليه. فقال: بحياتي ما يقولون؟ قلت: يقولون إنك قتلت أَحْمَد بن الطيب، وكان خادمك، ولم يكن له جناية ظاهرة. قَالَ: دعاني إلى الألحاد فقلت [له] [9] يا هذا، أنا ابن عم صاحب الشريعة صلوات الله عليه وسلامه، وأنا
__________
[1] في ك: «ودعينا» .
وفي ت: «إذ دعينا» .
[2] في الأصل: «نشرت» .
[3] «وأخباره» ساقطة من ك، ت.
[4] في ك: «أبو محمد عبد الله بن أحمد» .
[5] في ك: «مجتازا» .
[6] في الأصل: «نزاح» .
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] «قال» ساقطة من ك.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.

(12/307)


[الآن] [1] منتصب منصبه، فألحد حتى أكون من؟ فسكت سكوت من يريد الكلام فقال [لي] [2] في وجهك كلام! فقلت: الناس ينقمون عليك أمر الثلاثة [الأنفس] [3] الذين قتلتهم في القراح. [فقال: والله ما كان أولئك الذين أخذوا القثاء] [4] وإنما كانوا لصوصا حملوا من موضع كذا وكذا، ووافق ذلك أمر القثاء فأردت أن أصول [5] على الجيش بأن من عاث من عسكري وأفسد في هذا القدر كانت هذه عقوبتي له، ليكفوا عما فوقه، ولو أردت قتلهم لقتلتهم في الحال، وإنما حبستهم وأمرت بإخراج اللصوص من غد مغطين الوجوه ليقال إنهم أصحاب القثاء [6] فقلت: كيف تعلم العامة هذا؟ قَالَ: بإخراج القوم الذين أخذوا القثاء وإطلاقي لهم في هذه الساعة، ثم قَالَ: هاتوا القوم! فجاءوا بهم وقد تغيرت حالهم من الحبس والضرب، فقال: ما قصتكم؟ فقصوا عليه قصتهم، فقال:
أتتوبون من مثل هذه الفعل حتى أطلقكم؟ قالوا: نعم! فأخذ عليهم التوبة، وخلع عليهم، وأمر بإطلاقهم، ورد أرزاقهم [عليهم] [7] فانتشرت الحكاية وزالت [8] عنه التهمة.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ [بن علي] [9] بن ثابت، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن أَحْمَد بْن يعقوب، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن نعيم الضبي قال: سمعت أبا الوليد/ حسان بن محمد الفقيه يقول: سمعت أبا العباس بن سريج يقول: سمعت إسماعيل بن إسحاق القاضي يقول: دخلت على المعتضد وعلى رأسه أحداث روم صباح الوجوه، فنظرت إليهم، فرآني المعتضد وأنا أتأملهم، فلما أردت القيام أشار إلي فمكثت ساعة
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] في الأصل: «أن أهول» .
[6] في ك: «أنهم أصحابي» .
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] في ك: «ما زال» .
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.

(12/308)


فلما خلا قَالَ لي [1] : أيها القاضي، والله ما حللت سراويلي علي حرام قط [2] .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي، [عن] [3] علي بن المحسن قَالَ: حدثني أبي، عن أبي مُحَمَّد عَبْد اللَّهِ بن حمدون قَالَ: قَالَ لي المعتضد ليلة وقد قدم إليه العشاء: لقمني، وكان الذي قدم دراريج وفراريج، فلقمته من صدر فروج، فقال: لا لقمني من فخذه، فلقمته لقما، ثم قَالَ: هات من الدراريج فلقمته من أفخاذها. فقال: ويلك [4] ، هو ذا تتنادر على هات من صدورهن! فقلت: يا مولاي ركبت القياس، فضحك. فقلت: [أنا] [5] إلى كم أضحكك ولا تضحكني؟ قَالَ: شل المطرح وخذ ما تحته، فأشلته فإذا دينار واحد! فقلت: آخذ هذا؟ قَالَ: نعم، فقلت:
باللَّه هو ذا تتنادر عليّ [6] أنت الساعة علي! خليفة يجيز نديمه بدينار. قَالَ: ويلك [7] لا أجد لك في بيت المال حقا أكثر من هذا، ولا تسمح نفسي أن أعطيك شيئا من مالي، ولكن هو ذا أحتال لك بحيلة تأخذ فيها خمسة آلاف دينار! فقبلت يده، فقال: إذا [كان] [8] غدا وجاء القاسم [يعني] [9] ابن عبيد الله، فهو ذا أسارك حين تقع عيني عليه [10] سرارا طويلا ألتفت فيه [11] [إليه كالمغضب، وانظر أنت] [12] إليه في خلال ذلك كالمخالس لي نظر الترثي له، فإذا انقطع السرار، فأخرج ولا تبرح من الدهليز أو
__________
[1] «لي» ساقطة من ك.
[2] تاريخ بغداد 4/ 404.
[3] في ك: «أحمد بن علي بن المحسن» .
وما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في الأصل: «ويحك» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] «عليّ» ساقطة من ك.
[7] في الأصل: «ويحك» .
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[10] في ك: «تقع عيني عليك» .
[11] «فيه» ساقطة من ك.
[12] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.

(12/309)


يخرج، فإذا خرج خاطبك بجميل، وأخذك إلى دعوته، وسألك عن حالك فأشك الفقر والخلة [1] ، وقلة حظك مني، وثقل ظهرك بالدين والعيال، وخذ ما يعطيك، واطلب كل ما تقع عليه عينك، فإنه لا يمنعك حتى تستوفي الخمسة آلاف دينار، فإذا أخذتها فسيسألك عما جرى لَنَا [2] فأصدقه، وإياك أن تكذبه، وعرفه أن ذلك حيلة مني عليه حتى وصل إليك هذا، وحدثه بالحديث [كله] [3] على شرحه، وليكن إخبارك إياه [بذلك] [4] بعد امتناع شديد وإحلاف مِنْهُ لك [5] بالطلاق والعتاق أن تصدقه، وبعد أن تخرج من داره [تأخذ] [6] كل ما يعطيك إياه، وتجعله [7] في بيتك، فلما كان من غد حضر القاسم فحين رآه بدأ يسارني وجرت [8] القصة على ما وضعني عَلَيْهِ [9] .
فخرجت، فإذا القاسم في الدهليز ينتظرني فقال [لي] [10] : يا أبا مُحَمَّد، ما هذا الجفاء ما تجيئني وَلَا تزورني ولا تسألني حاجة؟ فاعتذرت إليه باتصال الخدمة [علي] [11] فقال:
ما تقنعني هذا [12] إلا أن تزورني اليوم وتتفرج، فقلت: أنا خادم الوزير، فأخذني إلى طياره، وجعل يسألني عن حالي وأخباري، وأشكو إليه الخلة، والإضافة، والدين، [والبنات] [13] وجفاء الخليفة، وإمساك يده، فيتوجع ويقول: يا هذا، ما لي لك ولن يضيق عليك ما يتوسع علي أو تتجاوزك نعمة تحصلت لِي [14] أو يتخطاك حظ نازل في
__________
[1] في ك والمطبوعة: «والحاجة» .
[2] «لنا» ساقطة من ك.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] في ك: «إحلاف لك منه» .
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] في ك: «وتحصله» .
[8] من أول: «تأخذ كل ما يعطيك» ... إلى هنا ساقط من ك.
[9] «عليه» ساقطة من ك.
[10] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[11] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[12] «هذا» ساقطة من ك.
[13] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[14] في ك: «تخلصت إلى» .

(12/310)


فنائي، ولو عرفتني لعاونتك على إزالة هذا كله عنك، فشكرته وبلغنا داره، فصعد ولم ينظر في شيء، وَقَالَ: هذا يوم أحتاج أن أختص فيه بالسرور بأبي مُحَمَّد فلا يقطعني أحد عنه، فأمر كتابه بالتشاغل بالأعمال، وخلا بي في داره الخلوة، وجعل يحادثني ويبسطني، وقدمت الفاكهة، فجعل يلقمني بيده، وجاء الطعام، وكانت هذه سبيله [وهو يستزيدني فلما جلس للشرب] [1] وقع لي بثلاثة آلاف دينار، فأخذتها في الوقت، وأحضرني ثيابا وطيبا ومركبا، فأخذت ذلك، وكانت بين يدي صينية فضة/ فيها مغسل فضة، وخردا ذي بلور وكوز [2] وقدح بلور، فأمر بحمله إلى الطيارة، وأقبلت كل ما رأيت شيئا حسنا له قيمة وافرة طلبته، وحمل إلي فرشا نفيسا أو قَالَ: هذا للبنات! فلما تقوص أهل [3] المجلس خلا بي، وَقَالَ: يا أبا مُحَمَّد! أنت عالم بحقوق أبي عليك، ومودتي لك! فقلت: أنا خادم الوزير فقال: أريد أن أسألك عن شيء، وتحلف أنك تصدقني عنه! فقلت: السمع والطاعة! فحلفني باللَّه وبالطلاق والعتاق على الصدق، ثم قَالَ لي: بأي شيء سارك الخليفة اليوم في أمري؟ فصدقته عن كل ما جرى حرفا بحرف [4] فقال: فرجت عني، وان يكون هذا هكذا مع سلامة نيته لي أسهل [عنه كل ما جرى] [5] عليّ.
فشكرته وودعته، وانصرفت إلى بيتي فلما كان بالغد باكرت [6] المعتضد فقال:
هات حديثك! فنسقته عليه، فقال: احفظ الدنانير، ولا يقع لك أني أعمل مثلها معك بسرعة [7] .
أنبأنا أبو بكر بن عبد الباقي قَالَ: أَنْبَأَنَا علي بن المحسن، عن أبيه، [عن
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، ت ك. وأضفناه من تاريخ بغداد.
[2] «وكوز» ساقطة من ك.
[3] في ك: «فلما انقرض المجلس» .
[4] «بحرف» ساقطة من ك.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] في ك: «بادرت» .
[7] انظر الخبر في تاريخ بغداد 4/ 405، 406.

(12/311)


جده] [1] قَالَ: حدثني أبو مُحَمَّد [2] الحسن بن مُحَمَّد الطلحي قَالَ: حدثني [3] أحد خدم المعتضد المختصين بخدمته قَالَ: كنا حول سرير المعتضد ذات يوم نصف النهار، وقد نام بعد أن أكل، وكان رسمنا أن نكون حول [4] سريره إذا نام [منامه] [5] من ليل أو نهار، فانتبه منزعجا قَالَ: يا خدم يا خدم، فأسرعنا الجواب. فقال: ويلكم أغيثوني، والحقوا! الشط فأول ملاح [6] ترونه منحدرا في سفينة فارغة، فاقبضوا عليه، وجيئوني به، ووكلوا بسفينته. فأسرعنا فوجدنا ملاحا في سمرية منحدرا وهي فارغة فقبضنا عَلَيْهِ ووكلنا بالسميرية [7] فأصعدناه إِلَيْهِ [8] فحين رآه الملاح كاد يتلف، فصاح عليه صيحة واحدة عظيمة كادت روحه تخرج معها، فقال: أصدقني يا ملعون عن قصتك مع المرأة التي قتلتها وسلبتها اليوم وإلا ضربت عنقك. قَالَ: فتلعثم، وَقَالَ: نعم كنت اليوم/ سحرا في مشرعتي الفلانية، فنزلت امرأة لم أر مثلها، وعليها ثياب فاخرة، وحلى كثير وجوهر [9] ، فطمعت فيها، واحتلت عليها حتى سددت فاها وغرقتها، وأخذت جميع ما كان عليها، ولم أجترئ على حمل سلبها إلى بيتي لئلا يفشو الخبر على، فعملت على الهرب، وانحدرت الساعة لأمضي إلى واسط، فعوقني هؤلاء الخدم وحملوني. فقال: وأين الحلي والسلب. فقال: في صدر السفينة تحت البواري. فقال المعتضد للخدم جيئوني به، فمضوا واحضروه وَقَالَ: خذوا الملاح فغرقوه! ففعلوا ثم أمر أن ينادى ببغداد كلها على امرأة خرجت إلى المشرعة الفلانية سحرا وعليها ثياب وحلي يحضر من يعرفها، ويعطي صفة ما كان عليها ويأخذه، فقد تلفت المرأة، فحضر في اليوم الثاني أو الثالث أهل المرأة فأعطوه صفة ما كان عليها، فسلم ذلك إليهم
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] «محمد» ساقطة من ك.
[3] في ك: «حدث» .
[4] في ك: «أوقات» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] في ك: «فأول من ترونه» .
[7] «منحدرا وهي فارغة فقبضنا عَلَيْهِ ووكلنا بالسميرية» . ساقطة من ك.
[8] «إليه» ساقطة من ك.
[9] «وجوهر» ساقطة من ك.

(12/312)


قَالَ [1] : فقلنا: يا مولاي، أوحي إليك؟ فقال: رأيت في منامي كأن شيخا أبيض الرأس واللحية والثياب، وهو ينادي: يا أَحْمَد! خذ أول ملاح ينحدر الساعة فاقبض عليه، وقرره خبر المرأة التي قتلها اليوم وسلبها، وأقم عليه الحد فكان ما شهدتم.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي الْبَزَّازُ [قَالَ:] أَنْبَأَنَا علي بْن المحسن، عن أبيه قَالَ:
حدثني مُحَمَّد بن أَحْمَد بن عثمان الزيات قَالَ: حدثني أبو بكر بن حوري وكان يصحب أبا عَبْد اللَّهِ بن أبي عوف [قَالَ: كنت ألزم ابن أبي عوف] [2] سنين لجوار بيننا ومودة، وكان رسمي أن أجيء كل ليلة بعد العتمة، فحين يراني يمد رجله في حجري فأغمزها وأحادثه، ويسألني عن الحوادث ببغداد، فكنت أستقرئها له، فإذا أراد أن ينام قبض رجله، فقمت إلى بيتي وقد مضى ثلث الليل أو نصفه/ أو أقل [أو أكثر] [3] ، على هذا سنين، فلما كان ذات يوم جاءني رجل كان يعاملني، فقال: قد دفعت إلى أمر إن تم على افتقرت. قلت: ما هو؟ قَالَ رجل: كنت أعامله فاجتمع لي عليه ألف دينار، فطالبته، فوهبني عقد جوهر قوم بألف دينار إلى أن يفتكه بعد الشهور أو أبيعه، فأذن لي في ذلك، فلما كان أمس وجه مؤنس صاحب الشرطة من كبس دكاني، وفتح صندوقي، وأخذ العقد، فقلت: أنا أخاطب ابن أبي عوف، فيلزمه برده، فقال: وأنا مدل بابن أبي عوف لمكاني منه، ومكانه من المعتضد، فلما كان تلك الليلة جئت وحادثته على رسمي، وذكرت له في جملة حديثي العقد، فلما سمع نحي رجله من حجري، وَقَالَ:
ما أنا وهذا؟ أعادي صاحب شرطة خليفة! فورد على أمر عظيم، فخرجت [من بيته] [4] بنية أن لا أعود، فلما صليت العتمة من الليلة المقبلة جاءني خادم لابن أبي عوف وَقَالَ:
لم تأخرت الليلة [5] ؟ إن كنت متشكيا جئناك. فاستحييت وقلت: أمضي الليلة، فلما رآني مد رجله، وأقبلت أحدثه بحديث متكلف، فصبر على ذلك ساعة، ثم قبض
__________
[1] «قال» ساقطة من ك.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] «الليلة» ساقطة من ك.

(12/313)


رجله، فقمت، فقال: يا أبا بكر، انظر إيش تحت المصلى فخذه، فرفعت المصلى [1] فإذا برقعة، فأخذتها وتقدمت إلى الشمعة، فإذا فيها يا مؤنس! جسرت [2] على قصد دكان رجل تاجر، وفتحت صندوقه، وأخذت منه عقد جواهر، وأنا في الدنيا! والله لولا أنها أول غلطة غلطتها ما جرى في ذلك مناظرة! اركب بنفسك إلى دكان [3] الرجل حتى ترد العقد بيدك في الصندوق ظاهرا. فقلت لأبي عَبْد اللَّهِ: ما هذا! فقال: هذا خط المعتضد، مثلت بين وجدك وبين مؤنس، فاخترتك عليه، فأخذت خط أمير المؤمنين بما تراه، فامض وأوصله/ إليه [4] فقبلت رأسه، وجئت إلى الرجل، فأخذت بيده ومضينا إلى مؤنس، فسلمت التوقيع إليه، فلما رآه اسود وجهه، وارتعد حتى سقطت الرقعة من يده، ثم قَالَ: يا هذا [الله] [5] بيني وبينك! هذا شيء ما علمت به فالا تظلمته إلي [6] وإن لم أنصفكم فإلي الوزير، بلغتم الأمر إلى أمير المؤمنين من أول وهلة! قَالَ:
فقلت بعلمك [7] جرى والعقد معك فأحضره، فقال: خذ الألف دينار التي عليه الساعة، واكتبوا على الرجل ببطلان ما ادعاه فقلت: لا نفعل! فقال: ألف وخمسمائة دينار [8] قلت: والله لا نرضى حتى تركب بنفسك إلى الدكان، فترد العقد، فركب ورد العقد إلى مكانه.
قال المحسن: وبه [9] حدثنا أبو أَحْمَد الحسين بن مُحَمَّد المدلجي قَالَ: بلغني عن خفيف السمرقندي قَالَ: كنت مع مولاي المعتضد في بعض متصيداته، وقد انقطع عن العسكر، وليس معه [أحد] [10] غيري، فخرج علينا [11] أسد، فقصدنا فقال لي المعتضد:
__________
[1] «المصلى» ساقطة من ك.
[2] في الأصل: «تجاسرت» .
[3] في ك: «إلى مكان» .
[4] في الأصل: «وأصله الرقعة» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] في ك: «فالا تظلمتم» .
[7] في ك: «بعملك» .
[8] «دينار» ساقطة من ك.
[9] «به» ساقطة من ك.
[10] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[11] في المطبوعة: «علينا» .

(12/314)


يا خفيف، أفيك خير؟ قلت: لا يا مولاي! فقال: ولا حتى تمسك فرسي وأنزل أنا إلى الأسد؟ فقلت: بلى! فنزل وأعطاني فرسه، وشد أطراف ثيابه في منطقته، واستل سيفه، ورمى القراب إلى فأخذته، وأقبل يمشي إلى الأسد، فطلبه الأسد، فحين قرب منه وثب الأسد عليه، فتلقاه المعتضد بضربة، فإذا يده قد طارت فتشاغل الأسد بالضربة، فثناه بأخرى، ففلق هامته فخر صريعا، ودنا منه وقد تلف، فمسح السيف في صوفة ورجع إلى، وغمد السيف، وركب، ثم عدنا إلى/ العسكر وصحبته إلى [1] أن مات ما سمعته يحدث بحديث الأسد، ولا علمت أنه لفظ فيه بلفظة، فلم أدر من أي شيء أعجب من شجاعته وشدته! أم قلة احتفاله بما صنع حتى كتمه! أو من عفوه عني، فما عاتبني على ضني بنفسي.
قال المحسن: وحدثني أبو الحسين [2] مُحَمَّد بن عبد الواحد الهاشمي قَالَ:
حدثني القاضي أبو علي الحسن بن إسماعيل بن إسحاق- وكان ينادم المعتضد باللَّه- قَالَ: بينا المعتضد في مجلس سرور، إذ دخل بدر فقال: يا مولاي، قد أحضرنا القطان الذي من بركة زلزل، فنهض من مجلسه ولبس قباء، وأخذ بيده حربة، وقعد في مجلس قريب منا، وقد مدت بيننا وبينه ستارة، نشاهد من ورائها، فأدخل عليه شيخ ضعيف، فقال له بصوت شديد [3] ووجه مقطب ونظر مغضب: أنت القطان الذي قلت أمس ما قلت [4] ؟ فأغمي عليه لما تداخله من الخوف والروع [5] ونحي [عنه] [6] ساعة حتى سكن، ثم أعيد إلى حضرته، فقال له: ويلك، تقول في سوقك ليس للمسلمين من ينظر في أمورهم فأين أَنَا [7] وما شغلي غير ذلك. قَالَ: يا أمير المؤمنين! أنا رجل عامي،
__________
[1] في ك: «فإلى» .
[2] في الأصل: «أبو الحسن» .
[3] في الأصل: «بصوت عال» .
[4] «ما قلت» ساقطة من ك.
[5] «والروع» ساقطة من ك.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] «فأين أنا» ساقطة من ك.

(12/315)


ومعيشتي من القطن الذي أعامل فيه النساء وأهل الجهل [1] ولا تمييز عند مثلي فيما يلفظ به، وإنما اجتاز بي رجل ابتعت منه، وكان ميزانه ووزنه تطفيفا [2] ، فقلت ما قلت، وإنما أعني به المحتسب علينا. فقال له المعتضد: باللَّه إنك أردت [به] [3] المحتسب؟ قَالَ:
أي والله، وأنا تائب [من] [4] أن أقول مثل ما قلته أبدا، فأمر بأن يحضر المحتسب وينكر عليه [في] [5] ترك النظر في هذه الأمور، ورسم له اعتبار الصنج/ والموازين على السوقة [6] والطوافين، ومراعاتهم حتى لا يبخسوا، ثم قَالَ للشيخ: انصرف فلا بأس عليك! وعاد إلينا فضحك وانبسط، ورجع إلى ما كان عليه من قبل، فقلت له: يا مولاي! أنت تعرف فضولي فتأذن لي أن أورد ما في نفسي؟ فقال: قل! قلت: مولانا كان على أكمل مسرة، فترك ذاك وتشاغل بخطاب كلب من السوقة، قد كان يكفيه أن يصيح عليه رجل من رجال المعونة، ثم لم [7] تقنع بإيصاله إلى مجلسه [8] حتى غير لباسه [9] ، وأخذت سلاحه [10] ، واستقبحت [11] مناظرته بنفسه [12] لأجل كلمة تقولها العامة دائما ولا يميزون ما فيها [13] ، فقال: يا حسن! أنت تعلم ما يجره هذا القول إذا تداولته الألسن، ووعته الأسماع، وحصل في القلوب، لأنه متى ألف ولقنه هذا عن هذا لم يؤمن
__________
[1] في الأصل: «وأهل الجميل» .
وفي ك: «وأهل الجهل ولا الجهل» .
[2] في ك: «طفيفا» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] في ك: «التسوية» .
[7] «لم» ساقطة من ك.
[8] في ك: «مجلسك» .
[9] في ك: «لباسك» .
[10] في ك: «سلاحك» .
[11] في ك: «استفتحت» .
وفي الأصل: «استقص» .
[12] في ك: «بنفسه» .
[13] «ما فيها» ساقطة من ك.

(12/316)


أن يولد لهم في نفوسهم [1] امتعاضا للدين أو السياسة، يخرجون فيه إلى إثارة الفتن، وإفساد النظام، وليس شيء أبلغ في [هذا من] [2] قطع هذه الأسباب، وحسم موادها من إزالة دواعيها وموجباتها، وقد طارت روح هذا القطان بما شاهد وسمعه، وسيحدث به، ويزيد فيه، ويعظم الأمر ويفخمه، وسمع ما تقدمنا به في أمر المحتسب، وما نحن عليه من مراعاة الكبير والصغير، وينشر بين العامة بما يكف ألسنتها، ويقيم الهيبة في نفوسها، وليكون ما تكلفت من هذا [التعب] [3] القليل قد كفاني التعب الكثير، فأقبلنا ندعو له.
قال المحسن: وحدثنا القاضي أبو الحسن مُحَمَّد بن عبد الواحد الهاشمي أن شيخا/ من التجار كان له على أحد القواد في أيام المعتضد باللَّه مال، قَالَ التاجر:
فماطلني به وسلك معي سبيل الألطاط [4] فيه، وكان يحجبني إذا حضرت بابه، ويضع غلمانه على الاستخفاف بي، والاستطالة على إذا رمت لقاءه وخطابه، وتظلمت إلى عبيد الله بن سليمان منه، فما نفعني ذلك، وعملت على الظلامة إلى المعتضد باللَّه، وبينا أنا مرو في أمري قَالَ لي بعض أصدقائي: على أن آخذ لك مَالِك [5] من غير حاجة إلى ظلامة، فاستبعدت هذا وقمت معه، فجئنا إلى خياط شيخ في سوق الثلاثاء يقرئ القرآن في مسجد هناك، ويخيط بأجرة فقص عليه قصتي، وشرح له صورتي [6] ، وسأله أن يقصد القائد ويخاطبه في الخروج إلى من حقي، وكانت دار القائد قريبة من مسجد الخياط، فنهض معنا ومشينا فخفت [7] بادرة القائد وسطوته، وتصورت أن قول الخياط لا ينفع مع مثله مع محله وبسطته [8] ، وقلت لصديقي: قد عرضنا هذا
__________
[1] في الأصل: «في القلوب» .
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] الإلطاط: الجحد.
[5] في ك: «آخذ لك المال» .
[6] في الأصل: «حاجتي» .
[7] في الأصل: «فنهض معنا فلما مشى» .
[8] في الأصل: «وسطوته» .

(12/317)


الشيخ ونفوسنا لمكروه عظيم، وما هو إلا أن يراه غلمانه، وقد أوقعوا به، وإذا كان لا يقبل قول [1] الوزير عبيد الله بن سليمان فبالأولى أن لا يقبل منه ولا يفكر فيه، فضحك وَقَالَ: لا عليك! وجئنا إلى باب القائد، فحين رأى غلمانه الخياط تلقوه وأعظموه، وأهووا ليقبلوا يده فمنعهم مَنْهَا [2] وقالوا: ما جاء بك أيها الشيخ؟ فإن قاعدنا راكب، فإن كان لك أمر نقوم [3] بذكره له، وتنتجزه إياه فعلنا، وإن أردت [4] الجلوس والانتظار فالدار بين يديك! فلما سمعت ذلك قويت نفسي، ودخلنا وجلست، ورآني القائد، فلما رآه أكرمه إكراما شديدا وَقَالَ له: لست أنزع ثيابي حتى تأمر بأمرك، فخاطبه في شأني، فقال: والله ما معي إلا خمسة آلاف درهم، فتسأله أن يأخذها ويأخذ/ رهونا من مراكبي الذهب والفضة بقيمة ما يبقى من ماله لأعطيه إياه بعد شهر، فبادرت أنا إلى إجابته وأحضرت الدراهم والمراكب بقيمة الباقي، فقبضتها وأشهدت الخياط وصديقي عليه بأن الرهن عندي إلى مدة شهر، فإن جاز كنت وكيله في بيعه، وآخذ مالي من ثمنه، وخرجنا فلما بلغنا مسجد الخياط ودخلنا طرحت الدراهم بين يديه وقلت [له] [5] : قد رد الله مالي بك وعلى يديك، فخذ ما تريد منه على طيب قلب مني! فقال: يا هذا، ما اسرع ما قابلتني بالقبيح على الجميل، انصرف بمالك بارك الله لك فيه. قلت: قد بقيت لي حاجة، قَالَ: قل! قلت: أحب أن تخبرني عن سبب طاعة هذا القائد لك مع إقلاله الفكر بأكابر الدولة. فقال: قد بلغت غرضك، فلا تقطعني عن شغلي بحديث لا فائدة [لك] [6] فيه. فألححت عليه.
فقال: أنا رجل أقرئ [وأؤم بالناس] [7] في هذا المسجد منذ أربعين سنة، لا أعرف كسبا إلا من الخياطة، وكنت صليت المغرب منذ مدة، وخرجت أريد منزلي،
__________
[1] في ك: «لا يقبل من الوزير» .
[2] «منها» ساقطة من ك.
[3] من ك: «أمر تقدم» .
[4] في ك: «وإن كان الجلوس» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.

(12/318)


فاجتزت على تركي كان في هذه الدار، وأومأ إلى دار بالقرب منه، وإذا امرأة جميلة الوجه قد اجتازت عليه، فعلق بها وهو سكران، فطالبها بالدخول إلى داره، وهي تمتنع وتستغيث وتقول في كلامها: إن زوجي قد حلف بطلاقي أن لا أبيت عنه وإن [1] أخذني هذا وغصبني نفسي وبيتني عنده [2] خرب بيتي، ولحقني من العار ما لا تدحضه الأيام عني! وما أحد يعينها ولا يمنعه منها، فجئت إلى التركي، ورفقت به في أن يخلي عنها، فلم يفعل وضرب رأسي بدبوس كان في يده فشجه، وأدخل المرأة فصرت إلى منزلي وغسلت الدم عن وجهي، وشددت رأسي وخرجت لصلاة العشاء الآخرة، فلما فرغنا من الصَّلاة [3] قلت لمن حضر قوموا/ معي إلى هذا التركي عدو الله لننكر عليه، ونخرج المرأة من عنده، فقاموا، وجئنا فضججنا [4] على بابه، فخرج إلينا في عدة من غلمانه، فأوقع بنا وقصدني من بين الجماعة [5] بالضرب الشديد الذي يكاد يتلفني، فحملت إلى منزلي وأنا لا [6] أعقل أمري، ونمت قليلا للوجع، فطار النوم من عيني، وسهرت مستلقيا على فراشي مفكرا في أمر [7] المرآة وأنها متى أصبحت طلقت، ثم قلت: هذا رجل قد شرب طول ليلته ولا يعرف الأوقات، فلو أذنت لوقع له أن الفجر قد طلع، فربما أخرج المرأة، فمضت إلى بيتها و [تبيت] [8] ، وبقيت في حبال زوجها، فتكون قد خلصت من أحد [9] المكروهين، فخرجت متحاملا إلى المسجد، وصعدت المنارة وأذنت، وجلست أطلع إلى الطريق أرتقب خروج المرآة من الدار، واعتقدت أن أقيم إن تراخي الأمر في ذلك لئلا يشك في الصباح، فما مضت ساعة حَتَّى امتلأ الشارع [10]
__________
[1] «إن» ساقطة من ك.
[2] في الأصل: «عنده» .
[3] في ك: «فلما فرغت منها» .
[4] في الأصل: «فصحنا» .
[5] في ك: «من بينهم» .
[6] «لا» ساقطة من ك.
[7] «أمر» ساقطة من ك.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] في ك: «أحدى» .
[10] في ك: «فما مضت ساعة إلا الدرب» . وفي المطبوعة: «فما مضت ساعة إلا وقد امتلأ الدرب» .

(12/319)


خيلا ورجالا ومشاعل، وهم يقولون: من الذي أذن الساعة، ففزعت وسكت، ثم قلت أخاطبهم وأصدقهم عن أمري لعلهم يعينونني على خروج المرأة، فصحت [1] من المنارة: أنا أذنت! قالوا: انزل وأجب أمير المؤمنين! فنزلت ومضيت معهم، فإذا [هم] [2] غلمان بدر، فأدخلني إلى [3] المعتضد باللَّه، فلما رأيته هبته وأخذتني رعدة شديدة، فقال لي: اسكن، ما حملك على الآذان في غير وقته وأن تغر الناس فيخرج ذو الحاجة في غير حينه، ويمسك المريد الصوم في وقت قد أبيح له فِيهِ [4] الأكل والشرب؟
فقلت: يؤمنني أمير المؤمنين لأصدقه، قَالَ: أنت آمن! فقصصت عليه قصة التركي، وأريته الآثار [التي] [5] في رأسي ووجهي، فقال: يا بدر! على بالغلام والمرأة [فأحضرا] [6] فسألها/ المعتضد عن أمرها، فذكرت له مثل ما ذكرته، فأمر بإنفاذها إلى زوجها مع ثقة يدخلها دارها، ويشرح لزوجها [7] خبرها، ويأمره عنه [8] بالتمسك بها، والإحسان إليها، ثم استدعاني، ووقفت فجعل يخاطب الغلام ويسمعني، ويقول: كم رزقك؟ فيقول: كذا وكذا. وكم عطاؤك؟ فيقول: كذا. وكم وظيفتك؟ فيقول: كذا.
وكم كسوتك؟ فيقول: كذا. إلى أن عدد شيئًا كثيرا، ثم قَالَ: كم لك؟ [9] جارية. قَالَ:
كذا فقال: فما كَانَ [10] لك في هذه النعمة، وفي هؤلاء الجواري ما يكفيك ويكفك عن محارم الله تعالى، وخرق سياسة السلطان، والجراءة عليه؟ وما كان عذرك في الوثوب على من أمرك بالمعروف ونهاك عن المنكر؟ فأسقط في يد الغلام ولم يكن له جواب
__________
[1] في الأصل: «فقلت» .
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] في الأصل: «فأدخلني على المعتضد» .
[4] «فيه» ساقطة من ك.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط.
[7] في ت: «ويشرحها لزوجها» .
وفي الأصل: «ويشرح له» .
[8] «عنه» ساقطة من ك.
[9] «كم عطاؤك فيقول ... كذا فقال فما كان لك» مكان النقط ساقط من ك. وكتب على هامش ت.
[10] في ك: «فقال أفما لك» .

(12/320)


يورده، ثم قَالَ: يحضر جوالق ومداق [1] الجص، وقيود وغل. فأحضر جميع ذلك فقيده وغله وأدخله الجوالق، وأمر الفراشين فدقوه بمداق الجص وهو يصيح، إلى أن خفت صوته وانقطع حسه، وأمر به وطرح إلى دجلة [2] . وتقدم إلى بدر [بتحويل] [3] ما في داره، ثم قَالَ لي: قد شاهدت ذلك كله! متى رأيت [4] [يا شيخ] [5] منكرا كبيرا أو صغيرا، فأنكره ولو على هذا- وأومأ إلى بدر- ومن تقاعس عن القبول منك فالعلامة بيننا أن تؤذن في مثل هذا الوقت لأسمع صوتك فأستدعيك.
قال الشيخ: فدعوت له وانصرفت، وشاع الخبر في [الجند و] [6] الغلمان، فما سألت أحدا منهم بعدها إنصافا أو كفا عن قبيح إلا أطاعني [7] كما رأيت، خوفا من المعتضد باللَّه، وما احتجت أن أؤذن في مثل ذلك الوقت إلى الآن.
أنبأنا محمد بن أبي طاهر قَالَ: أنبأنا علي بْن المحسن، عن أبيه قال: حدثنا القاضي أبو الحسن/ محمد بن عبد الواحد الهاشمي قَالَ: سمعت العباس بن عمرو الغنوي [8] يقول: لما أسرني أبو سعيد القرمطي، وكسر [9] العسكر الذي كان بعثه معي المعتضد إلى قتاله، وحصلت في يده يئست من الحياة، فأنا يومًا على تلك الصورة، إذ جاءني رسوله، فأخذ قيودي، وغير ثيابي، وأدخلني إليه، فسلمت عليه وجلست، فقال: أتدري لم استدعيتك؟ قلت: لا! قَالَ: إنك رجل عربي، ومن المحال إذا استودعتك أمانة أن تخفيها، ولا سيما مع مني عليك بنفسك. قلت: هو كذلك. فقال:
إني فكرت، فإذا لا طائل في قتلك، وفي نفسي رسالة إلى المعتضد، لا يجوز أن يؤديها
__________
[1] «ومداق» ساقطة من ك.
[2] في الأصل: «في دجلة» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل وكتب على الهامش.
[4] في الأصل: «ذلك مني ما رأيت» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] في الأصل: «إلا بادر إليه وأطاع» .
[8] في ك: «عمر الغنوي» .
[9] في ك: «وأسر» .

(12/321)


غيرك، فرأيت إطلاقك وتحميلك إياها إن حلفت أنك إن سيرتك [1] إليه تؤديها، فحلفت له، فقال: قل للمعتضد يا هذا، لم تخرق هيبتك، وتقتل رجالك، وتطمع أعداءك في نفسك، وتبعث في طلبي الجيوش، وأنا رجل مقيم في فلاة، لا زرع فيها ولا ضرع، وقد رضيت لنفسي بخشونة العيش، والعز بأطراف هذه الرماح، ولا اغتصبتك بلدا، ولا أزلت سلطانك عن عملك، ومع هذا فو الله لو أنفذت إلى جيشك كله ما جاز يظفر بي، لأني رجل نشأت في القشف [2] ، فاعتدته أنا ورجالي، ولا مشقة علينا فيه، وأنت تنفذ جيوشك من الجيوش والثلج والريحان، فيجيئون من المسافة البعيدة الشاقة، وقد قتلهم السفر قبل قتالنا، وإنما غرضهم أن يبلغوا غرضا من مواقفتنا ساعة، ثم يهربون، وإن هم هزموني بعدت عشرين فرسخا، أو ثلاثين، وجلت في الصحراء شهرا أو شهرين، ثم كبستهم على غرة فقتلتهم، وإن كانوا محتزبين فما يمكنهم أن يطوفوا خلفي في الصحارى، ولا تحملهم الإقامة في/ أماكنهم، فأنت تنفق الأموال، وتكلف الرجال الأخطار، وأنا سليم من ذلك وهيبتك تتخرق في الأطراف، كلما جرى عليك هذا فإن اخترت بعد محاربتي فاستخرت الله، وإن أمسكت فذلك إليك.
ثم سيرني وأنفذ معي عدة إلى الكوفة وسرت منها إلى الحضرة، ودخلت إلى المعتضد، فأخبرته بما قَالَ في خلوة فرأيته يتمعط في جلده غيضا حتى ظننت أنه سيسير إليه بنفسه، وخرجت فما رأيته بعد ذلك ذكره. قَالَ القاضي: كأنه عرف صدق قوله فكف عنه.
أنبأنا محمد بن أبي طاهر قَالَ أنبأنا علي بْن المحسن، عن أبيه قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الحسين عَلِيّ بْن هشام قَالَ: حَدَّثَنَا الفضل بن سليمان قَالَ [3] : حدثني خفيف السمرقندي [4] حاجب المعتضد قَالَ: كنت واقفا بحضرة المعتضد إذ دخل بدر، وهو يبكي وقد ارتفع الصراخ من دار عبيد الله بن سليمان عند موته، فأعلم المعتضد الخبر،
__________
[1] في ك: «إن سيرت» .
[2] في ك: «العسف» .
[3] «أنبأنا علي بْن المحسن. عن أبيه قَالَ: حدثني أَبُو الحسين عَلِيّ بْن هِشَام قَالَ: حَدَّثَنَا الفضل بن سليمان قال» ساقطة من ك.
[4] في الأصل: «خفيف القيم» .

(12/322)


فقال: أو قد صح الخبر أو هي غشية؟ قَالَ: بل قد توفي وشد لحيته [1] فرأيت المعتضد قد سجد، فأطال السجود، فلما رفع رأسه قَالَ له بدر: والله يا أمير المؤمنين لقد كان صحيح الموالاة، مجتهدا في خدمتك، عفيفا عن الأموال! قَالَ: أفظننت يا بدر أني سجدت سرورا بموته؟ إنما سجدت شكرا للَّه تعالى، إذ وفقني فلم أصرفه ولم أوحشه، ولي في جنب [2] ورثته ما خلفه عليهم من كسبه معي، ما لعله قيمة ألفي ألف دينار، وقد عملت على أخذ ذلك منهم، وأن أستوزر أحد الرجلين: إما جرادة وهو أقوى الرجلين في نفسي لهيبته في قلوب الجيش، والآخر أَحْمَد بن مُحَمَّد بن الفرات، وهو أعرف بمواقع المال.
فقال له بدر: يا مولاي، غرست غرسا حتى إذا ما أثمر قلعته! أنت ربيت القاسم وقد [3] ألف خدمتك عشر سنين، وعرف ما يرضى حاشيتك، وجرادة/ رجل منكر، ويخرج من الحبس جائعا، وابن الفرات لا هيبة له في النفوس، وإنما يصلح أن يكون بحضرة وزير يمشي [4] له أمر المال، ومال القاسم، وورثته لك. أي وقت أردته أخذته.
فراجعه المعتضد وبين له فساد هذا الرأي، فعدل عن المناظرة إلى تقبيل الأرض مرات، فقال له المعتضد: قد أجبتك فامض إلى القاسم فعزه ثانية، وبشره بتقرير رأيي على استوزاره لتسله [5] عن مصابه، ومره بالبكور إلى الجامع [6] ، فولى بدر فخرجت معه، فدعاني المعتضد فعدت، فقال: أرأيت ما جرى؟ قلت: نعم! فقال: والله لا يقتل بدرا غير القاسم! فما تم للقاسم التدبير مع المكتفي حتى قتل بدرا!.
قال خفيف [7] : رحم الله المعتضد! كأنه نظر هذا من وراء ستر.
قال المصنف: وسيأتي كيفية قتل بدر في ولاية المكتفي باللَّه.
__________
[1] في ك: «لحياه» .
[2] في ك: «في حب» .
[3] في ك: «بدر» .
[4] في الأصل: «بنشيء» .
[5] في ك: «استبرائه ليسلو» .
[6] في ك: «الخلع» .
[7] في الأصل: «قال خصيف» .

(12/323)


وقال عبيد الله بن سليمان: كنت يوما بحضرة المعتضد وخادم من خدمه بيده المذبة، فبينا هو يذب إذ ضرب بالمذبة قلنسوة المعتضد، فسقطت فكدت أختلط إعظاما للحال، والمعتضد على حاله لم يتغير ولم ينكر شيئا، ثم دعا غلاما فقال له: هذا الغلام قد نعس فزد في عدد خدم المذبة ولا تنكر عليه بفعله، قَالَ عبيد الله: فقبلت الأرض، وقلت: والله يا أمير المؤمنين ما سمعت بمثل هذا، ولا ظننت أن حلما يسع مثله. ثم دعوت له. فقال: هل يجوز غير هذا؟ أنا أعلم أن هذا البائس [1] لو دار في خلده ما جرى لذهب عقله وتلف، وإنما ينبغي أن يلحق الإنكار بالمتعمد لا بالساهي والغالط.
وذكر مُحَمَّد بن عبد الملك الهمذاني/ أن المعتضد أراد تجهيز جيش، فعجز عن ذلك بيت مال العامة، فأخبر بمجوسي له مال عظيم [2] ، فاستدعاه يستقرض منه، وَقَالَ: إنا نعيد العوض، فقال: مالي بين يدي أمير المؤمنين، فليأخذ ما يشاء. فقال:
من أين وقعت بنا أننا نرد [العوض؟] [3] فقال: يا أمير المؤمنين، يأتمنك الله تعالى على عباده وبلاده فتؤدي الأمانة، وتفيض العدل، وتحكم بالحق، وأخافك على جزء من مالي؟ فدمعت عيناه، فقال: انصرف قد وفر الله عز وجل مالك وأغنانا عن القرض منك، ومتى كانت لك حاجة فحجابنا مرفوع عنك، ولم يستقرض منه شيئا.
فلما ولي المعتضد لم يكن في بيت المال إلا قراريط والحضرة مضطربة والأعراب عابثون [4] فأصلح الأمور، وحمي البيضة، وبالغ في العمارة، وأنصف في المعاملة، وأقتصد في النفقة، فمات وفي بيت المال بضعة عشر ألف ألف دينار.
وخرج يوما فعسكر بباب الشماسية، ونهى [أحدا] [5] أن يأخذ من بستان أحد شيئا، فأتى بأسود قد أخذ عذقا من بسر، فتأمله فأمر بضرب عنقه، ثم التفت إلى أصحابه فقال: ويلكم تدرون ما تقول العامة؟ قالوا: لا! قَالَ: يَقُولُونَ مَا فِي الدُّنْيَا أقسى قلبا
__________
[1] في ك: «الناعس» .
[2] في الأصل: «له حال عظيمة» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في ك: «عائثة» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.

(12/324)


مِنْ هَذَا الْخَلِيفَةِ، وَلا أَقَلَّ دِينًا مِنْهُ، لأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلا كَثَرٍ» ، وَالْكَثَرُ: الجمار، فما رضي أن يقطع في هذا حتى قتل، والله ما قتلت الأسود بسبب هذا! ولكن لي معه خبر طريف، أستأمن هذا من عسكر/ الزنج إلى أبي الموفق، فخلع عليه ووصله، فرأيته يوما وقد نازع رجلا في شيء، فضربه بفأس، فقطع يده فمات الرجل، فحمله الناس إلى أبي [الموفق] [1] فأهدر دم المقطوع اليد، وأطلق الأسود ليتألف الزنج بذلك الفعل، فاغتظت، وقلت: ترى أتمكن من قتل هذا الأسود وأنفذ حكم [2] الله [عز وجل] فيه، فو الله ما وقعت عيني عليه إلا في هذه الساعة، فقتلته بذلك الرجل.
ورفع إلى المعتضد أن قوما يجتمعون ويرجفون [3] ويخوضون في الفضول، وقد تفاقم فسادهم، فرمى بالرقعة إلى وزيره عبيد الله بن سليمان فقال: الرأي صلب بعضهم وإحراق بعضهم! فقال: والله لقد بردت لهيب غضبي بقسوتك هذه، ونقلتني إلى اللين من حيث أشرت بالحرق، وما علمت أنك تستجيز هذا في دينك، أما علمت أن الرعية وديعة الله عند سلطانها، وأن الله تعالى سائله عنها؟ أما تدرى [4] أن أحدا من الرعية لا يقول ما يقول إلا لظلم قد لحقه أو لحق جاره أو داهية قد [5] نالته أو نالت صاحبه؟ ثمّ قَالَ: سل عن القوم، فمن كان سيّئ الحال فصله من بيت المال، ومن كان يخرجه هذا إلى البطر [6] فخوّفه، ففعل فصلحت الأحوال.
وكان للمعتضد جارية يحبها وتحبه غاية المحبة، فماتت، فجزع عليها جزعا منعه من الطعام والشراب فقال: [7]
يا حبيبا لم يكن يعد ... له عندي حبيب
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في ك: «حد الله» .
[3] في ك: «يحتمون ويرجعون» .
[4] في ك: «أما ترى» .
[5] «قد» ساقطة من ك.
[6] «البطر» ساقطة من ك.
[7] في النسخة ك اختلاف في ترتيب الأبيات أثبتناه على ما في الأصل، ت.

(12/325)


أنت عن عيني بعيد ... ومن القلب قريب/
ليس لي بعدك في شيء ... من اللهو نصيب
لك من قلبي على قلبي ... وإن بنت رقيب
وخيالي منك مذ غببت ... خيال ما يغيب
لو تراني كيف لي ... بعدك عول ونحيب
وفؤادي حشوة من ... حرق الحزن لهيب
لتيقنت بأني ... بك محزون كئيب
ما أرى نفسي وإن ... وطئتها عنك تطيب
لي دمع ليس يعصيني ... وصبر ما يجيب
وله:
لم أبك للدار ولكن لمن ... قد كان فيها مرة ساكنا
فخانني الدهر بفقدانه ... وكنت من قبل له آمنا
ودعت صبري عند توديعه ... وسار قلبي معه ظاعنا
فقال له عبيد الله بن سليمان: مثلك يا أمير المؤمنين تهون عليه المصائب، لأنه يجد من كل فقيد خلفا، ويقدر على ما يريد، والعوض منك لا يوجد، ولا ابتلى الله [عز وجل] الإسلام بفقدك، وعمره ببقائك، فقد قَالَ الشاعر في المعنى الذي ذكره:
يبكي علينا ولا نبكي على أحد ... أنا لأغلظ أكبادا من الإبل
فضحك المعتضد، وعاد إلى عاداته.
قَالَ أبو عبيدة [1] الإبل توصف بغلظ الأكباد.
وقال ثعلب [2] : الناس في أمر الإبل على ضد هذا، لأنهم يصفونها بالرقة والحنين.
وَقَالَ عَبْد اللَّهِ بن المعتز يعزي المعتضد في هذه الجارية. /
يا إمام الهدى بنا لا بك ... الغم افنيتنا وعشت سليما
__________
[1] في ك: «أبو عبد الله» .
[2] في الأصل: «وقد يغلب» .

(12/326)


أنت علمتنا على النعم الشكر ... وعند المصائب التسليما
فاسل عما مضى فإن التي ... كانت سرورا صارت ثوابا عظيما
قد رضينا بأن نموت وتحيا ... إن عندي في ذاك حظا جسيما
من يمت طائعا لديك فقد أعطي ... نورا ومات موتا كريما
ولليلتين خلتا من شعبان [في] هذه السنة قدم على المعتضد رسول عمرو بن الليث بهدايا، وسأل ولاية خراسان، فوجه المعتضد عيسى النوشري مع الرسول، ومعه خلع ولواء عقده له على خراسان، فوصلوا إليه في رمضان، وخلع عليه، ونصب اللواء في صحن داره ثلاثة أيام.
وفي شوال: قدم الحسين بن عَبْد اللَّهِ الجصاص من مصر رسولا لخمارويه، ومعه هدايا من العين عشرين حملا على بغال، وعشرة من الخدم، وصندوقان فيهما طرائف، وعشرون رجلا على عشرين نجيبا بالسروج المحلاة، ومعهم جراب [1] فضة، وعليهم أقبية الديباج والمناطق المحلاة، وسبع عشرة دابة بسروج ولجم، منها خمسة بذهب والباقي بفضة، وسبعة وثلاثون دابة بجلال مشهرة، وخمسة أبغل وزرافة، فخلع المعتضد على ابن الجصاص، وعلى سبعة نفر معه وسعى ابن الجصاص في تزويج ابنة خمارويه من على بن المعتضد، فقال المعتضد: أنا أتزوجها! [فتزوجها] [2] .
وحج بالناس في هذه السنة: هارون بن مُحَمَّد/ [الهاشمي] [3] وهي آخر حجة حجها فإنه [4] حج بالناس ست عشرة سنة [من سنة أربع وستين إلى هذه السنة] [5] .
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1858- أَحْمَد المعتمد على الله أمير المؤمنين ابن المتوكل [6] .
__________
[1] في ك: «جرار» .
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] «فإنه» ساقطة من ك.
[5] من أول: «في هذه السنة هارون ... إلى هنا ساقط من ك. ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] تاريخ ابن الأثير 6/ 370. والطبري 11/ 214- 341. وتاريخ بغداد 4/ 60. ومروج الذهب 2/ 345.
وتاريخ الخميس 2/ 342.

(12/327)


توفي ليلة الاثنين لإحدى عشرة ليلة بقيت من رجب هذه السنة، فجأة، وكانت خلافته ثلاثا وعشرين سنة وثلاثة أيام.
1859- أَحْمَد بن أبي خيثمة، [بن] زهير بن حرب بن شداد، أبو بكر [1] .
نسائي الأصل، سمع عفان بن مسلم، وأبا نعيم، وخلقا كثيرا. وكان ثقة عالما متقنا حافظا. أخذ علم الحديث عن يحيى بن معين، وأحمد بن حنبل، وعلم النسب عن مصعب الزبيري [2] ، وأيام الناس عن أبي الحسن المدائني، والأدب عن مُحَمَّد بن سلام الجمحي، وصنف تاريخا مستوفي كثير الفوائد. روى عنه: البغوي، وابن صاعد، وابن أبي داود، وابن المنادي.
وتوفي في جمادي الأولى من هذه السنة وهو ابن أربع وتسعين سنة.
1860- إبراهيم بن عبد الرحيم بن عمر [3] ، أبو إسحاق، ويعرف: بابن دنوقا [4] .
سمع مُحَمَّد بن سابق، وأبا معمر الهذلي، وغيرهما. روى عنه: ابن صاعد، وأبو الحسين بن المنادي. وَقَالَ الدارقطني: هو ثقة.
أخبرنا القزاز، أَخْبَرَنَا [أبو بكر] [5] الخطيب، أَخْبَرَنَا موسى بن عبد الواحد، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن العباس قال: قرئ على ابن المنادى وأنا أسمع قَالَ: إبراهيم بن عبد الرحيم محيي السنة صدوق في الرواية، كتب الناس عنه فأكثروا.
مات يوم الخميس لسبع [6] خلون من جمادى الأولى من هذه السنة.
__________
[1] تاريخ بغداد 4/ 162- 164.
[2] في ك: «مصعب بن الزبير» .
[3] في ك: «بن عمرو» .
[4] في الأصل: «دبّوقا» .
وفي ت: «ديوقا» .
انظر ترجمته في تاريخ بغداد 6/ 135، 136.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] في الأصل: «لتسع» وكذا في ت.
وفي ك وتاريخ بغداد كما أثبتناه.

(12/328)


1861- جعفر بن مُحَمَّد بن الحسن [1] بن زياد، أبو يحيى [2] الزعفراني [3] .
من أهل الري، قدم بغداد، وحدث بها عن إبراهيم بن المنذر الحزامي، وسريج [4] بن يونس، وغيرهما. روى عنه: ابن مخلد، وابن قانع، وأبو بكر الشافعي/ قَالَ الدارقطني: هو ثقة صدوق. توفي بالري في ربيع الآخر [5] من هذه السنة.
1862- جعفر بن مُحَمَّد [بن] شاكر، أبو مُحَمَّد الصائغ [6] .
سمع من عفان، وقبيصة، وأبي نعيم، وغيرهم. روى عنه: ابن صاعد، وابن مخلد، وأبو الحسين بن المنادي، والنجاد، وأبو بكر الشافعي، وكان عابدا، زاهدا، ثقة صدوقا، متقنا، ضابطا. وانتفع به خلق كثير، وأكثر الناس عنه لثقته وصلاحه، بلغ تسعين سنة غير أشهر يسيرة.
وتوفي في ذي الحجة من هذه السنة، ودفن في مقابر باب الكوفة [7] [ببغداد] [8] .
1863- خاقان، أبو بكر عَبْد اللَّهِ الصوفي [9] .
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا [أَبُو بَكْرٍ أَحْمَد بْن عَلِي] [10] بْن ثابت قَالَ: ذكر لي [11] أبو نعيم الْحَافِظ أنه كان من كبار الصوفية البغداديين، وَقَالَ لي: سمعت أبي يقول: سمعت جعفر الحذاء الشيرازي- وذكر خاقان- فقال: كان صاحب [12] كرامات،
__________
[1] في ك: «الحسين» .
[2] في ك: «أبو الحسين» .
[3] تاريخ بغداد 7/ 184، 185.
[4] في الأصل: «شريح» .
[5] في ك: «ربيع الأول» .
[6] تاريخ بغداد 7/ 185.
[7] في المطبوعة: «باب التوبة» .
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] تاريخ بغداد 8/ 344، 345.
[10] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[11] «لي» ساقطة من ك.
[12] في ك: «كان ذا كرامات» .

(12/329)


وذكر أن ابن فضلان [1] الرازي قَالَ: كان أبي أحد الباعة ببغداد، وكنت على سرير حانوته جالسا، فمر إنسان ظننت أنه من فقراء البغداديين، وأنا حينئذ لم أبلغ الحلم، فجذب قلبي، فقمت وسلمت عليه ومعي دينار، فدفعته إليه، فتناوله ومضى ولم يقبل علي، فقلت في نفسي: ضيعت الدينار [2] ، فتبعته حتى انتهى إلى مسجد الشونيزية، فرأى فيه ثلاثة من الفقراء، فدفع الدينار إلى أحدهم [3] ، واستقبل هو القبلة يصلي، فخرج الذي أخذ الدينار وأنا أتبعه وراءه أرقبه، فاشترى طعاما، فحمله يأكله الثلاثة، والشيخ مقبل على صلاته يصلي، فلما فرغوا أقبل عليهم الشَّيْخ فقال: أتدرون ما حبسني عنكم؟ قالوا: لا يا أستاذ. قَالَ: شاب ناولني الدينار، فكنت أسأل الله تعالى أن يعتقه من رق الدنيا وقد فعل فلم أتمالك أن قعدت بين يديه وقلت: صدقت يا أستاذ، وكان هذا الشيخ خاقان.
1864- عَبْد الرَّحْمَنِ/ بن أزهر [4] بن خالد، أبو الحسن [5] الأعور [6] .
هروي الأصل، حدث عن أبي نعيم الفضل بن دكين، روى عنه ابن مخلد، وإسماعيل الصفار، وكان ثقة. وتوفي في هذه السنة.
1865- مُحَمَّد بن أزهر، أبو جعفر الكاتب [7] .
سمع أبا نعيم، وأبا الوليد الطيالسي، ومسددا، والشاذكوني، وغيرهم، روى عنه: أبو بكر الشافعي، وغيره.
وتوفي في جمادي الأولى من هذه السنة وكان [8] قد بلغ الثمانين، وكان عند الناس مقبولا.
__________
[1] «أن» ساقطة من ك.
[2] «الدينار» ساقطة من ك.
[3] في ك: «إليهم» .
[4] في ك: «بن زاهر» .
[5] في ك: «أبو الحسين» .
[6] تاريخ بغداد 10/ 276.
[7] تاريخ بغداد 2/ 83، 84.
[8] «وكان» ساقطة من ك.

(12/330)


1866- مُحَمَّد بن إسرائيل بن يعقوب، أبو بكر الجوهري [1] .
سمع مُحَمَّد بن سابق، ومعاوية بن عمرو، وعمرو بن حكام، وغيرهم. روى عنه: القاضي المحاملي، وأحمد بن كامل، وأبو بكر الشافعي، وغيرهم، وكان ثقة.
وتوفي فِي ربيع الأول من هذه السنة [وقيل: في سنة ثمانين] [2] .
1867- نصر [بن أَحْمَد] [3] بن أسد بن سامان [4] .
وكان سامان مع أبي مسلم صاحب الدعوة، وهو جد السامانية، وكان ينتسب إلى الأكاسرة، ويقول إنه من ولد بهرام بن أردشير بن سابور، توفي وخلف ابنه أسدا، وكان ابنه أسد في حملة علي بن عيسى بن ماهان حين ولاه الرشيد خراسان، وتوفي أسد في ولايته وخلف نوحا، وأحمد، ويحيى، وإلياس فولي أحْمَد بْن أسد فرغانة، ونوح سمرقند، ويحيى [5] بْن أسد الشاش وأشر وسنة، وإلياس هراة، وكان أَحْمَد أحسنهم سيرة. تولى في ولاية عَبْد اللَّهِ بن طاهر فتوفي، وخلف سبعة بنين، وأوصى إلى ابنه نصر فولي ابنه نصر [6] بن أَحْمَد ما كان إلى أبيه من سمرقند والشاش وفرغانة، وولي أخاه إسماعيل بخارى وأعمالها، هؤلاء يسمون السامانية. / وتوفي نصر بن أَحْمَد في جمادى الآخرة من هذه السنة بسمرقند، وكان أديبا فاضلا.
__________
[1] تاريخ بغداد 2/ 87.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] الكامل لابن الأثير 6/ 371.
[5] في ك: «وتوفي أسد في ولايته وترك خراسان ونوحا وأحمد وبحر بن أسد الشاش» .
[6] «فولى ابنه نصر» ساقطة من ك.

(12/331)


ثم دخلت سنة ثمانين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
أن المعتضد أخذ مُحَمَّد بن الحسن [1] بن سهل المعروف بشيلمة، وكان شيلمة مع صاحب الزنج إلى آخر أيامه، ثم لحق بأبي أَحْمَد في الأمان، فرفع عنه إلى المعتضد أنه يدعو [2] إلى رجل لم يوقف على اسمه [3] ، وأنه قد أفسد جماعة، فأخذه المعتضد فقرره، فلم يقر، وسأله عن الرجل الذي يدعو إليه فقال: لو كَانَ تحت قدمي مَا رفعتها عنه، فقتله وصلبه لسبع خلون من المحرم.
ولليلة خلت من صفر شخص المعتضد من بغداد يريد بني شيبان، فقصد الموضع الذي كانوا يتخذونه معقلا، فأوقع بهم، وقتل وسبى وعاد [4] ، وكان معه دليل طيب الصوت، وكان يأمره أن يحدو به، فأشرف [5] على جبل يُقَالُ له: نوباذ، فأنشد الأعرابي:
وأجهشت للتوباذ حين [6] رأيته ... وهلل [7] للرحمن حين رآني
__________
[1] في الأصل، ت: «بن الحسن» .
[2] «أنه يدعو» ساقطة من ك.
[3] في الأصل «إلى رجل لم يعرف، وأنه ... » .
وفي ك: «إلى رجل لم يوقف اسمه، وأنه» .
[4] «وعاد» ساقطة من ك.
[5] في ك: «فأشرفوا» .
[6] في ك: «لما» .
[7] في الأصل: «وهللت» .

(12/332)


وقلت له أين الذين عهدتهم ... بظلك في خفض وأمن [1] زمان؟
فقال: مضوا واستخلفوني مكانهم ... ومن ذا الذي يبقى على الحدثان؟
فتغرغرت عين المعتضد وَقَالَ: ما سلم أحد من الحدثان [2] ! ودخل بيوت الأعراب في عدة قليلة، فلحقه بدر فقال: لو عرفك الأعراب وأقدموا عليك كيف كانت تكون حالك؟ فقال: لو عرفوني تفرقوا [3] أما علمت أن الرصافية وحدها عشرون ألفا.
واصطفى المعتضد من الأعراب [4] عجوزا فصيحة، فجاءت يوما فجلست فقال لها الحاجب: قومي إلى أن نأمرك [5] تجلسين بين يدي أمير المؤمنين! فقالت: أنت لم تعرفني [6] ما أعمل؟ ثم قامت فتغافل عنها المعتضد، فقالت: أقيام إلى الأبد فمتى ينقضي [7] الأمد! فضحك، وأمرها بالجلوس.
وفي هذه السنة: وجه يوسف بن أبي الساج اثنين وثلاثين نفسا من الخوارج من طريق الموصل، فضربت أعناق [8] خمسة وعشرين منهم، وصلبوا وحبس باقيهم.
وفيها: ورد الخبر بغزو إسماعيل بن أَحْمَد بلاد الترك [وقتله [9] خلقا كثيرا من الترك] [10] وافتتاحه مدينة ملكهم، وأسره إياه وامرأته خاتون، ونحو عشرة آلاف، وقتل
__________
[1] في الأصل: «وأين زمان» .
وفي ت: «ولين زمان» .
[2] في الأصل: «على الحدثان» .
[3] في ك: «يقرفوا» .
[4] في الأصل: «الأموال» .
وفي ت: «الموالي» .
[5] في ت: «فقال لها الحاجب: «أتجلسين ... » .
وفي الأصل: «فقال لها الحاجب الحافي: كان يجب أن لا تجلسين ... » .
[6] في ك: «إن لم تعرفني ... » .
وفي ت: «أنت أولى أن تعرفني ... » . وفي الأصل: «أنت تعرفني ... » .
[7] في ك: «فمن ينقص» .
[8] في ك: «أعناقهم» .
[9] «بن أحمد بلاد الترك وقتله» ساقطة من ك.
[10] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.

(12/333)


منهم خلقا كثيرا [1] ، وغنم دواب كثيرة، وأصاب الفارس [من المسلمين من الغنيمة في القسم] [2] ألف درهم.
وفي ذي الحجة: ورد كتاب من دبيل أن القمر قد انكسف في شهر شوال لأربع عشرة خلت منه، ثم تجلى في آخر الليل فأصبحوا صبيحة تلك الليلة والدنيا مظلمة، ودامت الظلمة عليهم، فلما كان عند العصر هبت ريح سوداء شديدة، فدامت إلى ثلث الليل، فلما كان ثلث الليل زلزلوا، فأصبحوا وقد ذهبت المدينة، فلم ينج من منازلها إلا اليسير قدر مائة دار، وأنهم دفنوا إلى حين كتبوا الكتاب ثلاثين ألف نفس، يخرجون من تحت الهدم ويدفنون، وأنهم زلزلوا بعد الهدم خمس مرات، وقيل إنه أخرج من تحت الهدم خمسون ومائة ألف إنسان ميت.
وأمر المعتضد بتسهيل عقبة حلوان، فسهلت وغرم عليها عشرون ألف دينار، وكان الناس يلقون منها مشقة شديدة.
وفي هذه السنة: زاد المعتضد في جامع المنصور، ودار المنصور، وفتح بينهما سبعة عشر طاقا، وحول المنبر والمحراب والمقصورة إلى المسجد الجديد، وتولى ذلك يوسف بن يعقوب القاضي، فبلغت النفقة عشرين ألف دينار.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قَالَ: أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيم بن مخلد قَالَ: أَخْبَرَنَا إسماعيل بن علي قَالَ: أخبرنَا المعتضد باللَّه بضيق المسجد الجامع بالجانب الغربي في مدينة المنصور/ وأن الناس يضطرهم الضيق [3] إلى أن يصلوا في المواضع التي لا تجوز في مثلها الصلاة، فأمر بالزيادة فيه من قصر المنصور، فبنى مسجدا على مثال المسجد الأول في مقداره أو نحوه، ثم فتح صدر المسجد العتيق، ووصل به، فاتسع به الناس، وكان الفراغ منه في هذه السنة.
قَالَ الخطيب: [وزاد] [4] بدر مولى المعتضد من قصر المنصور المسقطات المعروفة بالبدرية في ذلك الوقت.
__________
[1] «خلقا كثيرا» ساقطة من ك.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] في الأصل: «يضطرون من الضيق» .
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل وكتب في الهامش.

(12/334)


وفي هذه السنة: أمر المعتضد ببناء القصر الحسني، وهو دار الخلافة اليوم [1] ، وهو أول من سكنها من الخلفاء.
أخبرنا أبو منصور [2] عبد الرحمن بن محمد القزاز، أخبرنا أبو بكر [أحمد بن علي بن ثابت] الخطيب قال: حدثني هلال بن المحسن قال: كانت دار الخلافة التي على شاطئ دجلة تحت نهر معلى قديما للحسن بن سهل، ويسمى القصر الحسني، فلما توفي صار لبوران ابنته، فاستنزلها المعتضد باللَّه عنها فاستنظرته أياما في تفريغها وتسليمها، ثم رمتها وعمرتها، وجصصتها وبيضتها، وفرشتها بأجل الفرش وأحسنه، وعلقت أصناف الستور على أبوابها، وملأت خزائنها بكل ما يخدم الخلفاء به، ورتبت فيها من الخدم والجواري ما تدعو الحاجة إليه، فلما فرغت من ذلك انتقلت وراسلته بالانتقال، فانتقل المعتضد إلى الدار، فوجد ما استكثره واستحسنه، ثم استضاف المعتضد إلى الدار مما جاورها كل ما وسعها به وكبرها، وعمل عليها سورا جمعها به وحصنها، وقام المكتفي باللَّه [بعده] [3] ببناء التاج على دجلة، وعمل وراءه من القباب والمجالس ما تباهي في توسعته وتعليته، ووافى المقتدر باللَّه، وزاد في ذلك وأوفى مما أنشأه واستحدثه، وكان الميدان والثريا، وحير الوحش [4] متصلا بالدار.
قال الخطيب: كذا ذكر لي هلال بن المحسن: أن بوران/ أسلمت الدار إلى المعتضد، وذلك غير صحيح، لأن بوران لم تعش إلى وقت المعتضد، ويشبه أن يكون سلمت الدار إلى المعتمد، والله أعلم.
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت [5] قَالَ: حدثني هلال بن المحسن قَالَ: حدثني أبو نصر أخو اشاذه [6] خازن عضد الدولة
__________
[1] في ك: «الآن» .
[2] «أبو منصور» ساقطة من ك. وما بين المعقوفتين في السند ساقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
«وبعده ببناء» ساقطة من ك.
[4] في ك: «الوحوش» .
[5] «بن ثابت» سقط من ك.
[6] في ك: «حدثني نصر خواشاذه» . وفي الأصل: «أبو نصر أخو أستاذه» .

(12/335)


قَالَ: طفت دار الخلافة عامرها وخرابها، وحريمها، وما يجاورها ويتاخمها، فكان ذلك مثل مدينة شيراز.
قال هلال بن المحسن: وسمعت هذا من جماعة عمار مستبصرين [1] ثم أن المعتضد استوبأ بغداد وكان يرى دخان الأسواق [يرتفع] [2] فيقول: كيف يفلح بلد يخالط هواه هذا. فأمر أن لا يزرع الأرز حول بغداد، ولا يغرس النخل، ثم خط الثريا وبناها، ووصلها بقصر الحسني، وانتقل إليها وأمر أن تنقل إليه سوق، فضج الناس من هذا، فأعفاهم وَقَالَ: من أراد ربحا فسيجيء طائعا، وكان يمدح الثريا ويقول: أنا على سريري أخاطب وزيري، وصيد البر والبحر يصاد بين يدي.
وبنى أبنية جليلة ببرازالرّوز، فلما اعتل في آخر أيامه طلب صحة الهواء، فأمر أن يبنى له قصر فوق الشماسية، فابتيع ما للناس هناك من الدور، ومات قبل أن يستتم البناء، فقال الناس: ما أحدث المعتضد شيئا قط يخالف الحق إلا أخذ دور الشماسية وإجبار أهلها على البيع.
وفي سنة ثمانين: أمر المعتضد ببناء مطامير في قصر الحسني رسمها هو للصناع [3] فبنيت محكمة، وجعلها محابس الأعداء، وكان الناس يصلون الجمعة في الدار، وليس هناك رسم مسجد، إنما يؤذن للناس في الدخول وقت الصلاة، ويخرجون عند انقضائها.
وورد في ذي الحجة كتاب أَحْمَد بن عبد العزيز علي المعتضد [باللَّه] أنه هزم رافع بن هرثمة/ وأخذ منه ثمانين ألف دابة وبغل.
وحج بالناس في هذه السنة أبو بكر محمد بن هارون المعروف بابن ترنجة [4] .
__________
[1] في ك: «عارفين خيرين» .
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] في ك: «رسمها للصنع فبنيت» .
[4] في ت: «بأترجة» خطأ وفي الأصل: «بأبي ترحبة» خطأ أيضا.

(12/336)


ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1868- أَحْمَد بن مُحَمَّد بن عيسى بن الأزهر، أبو العباس البرتي القاضي [1] .
حدث عن مسلم [2] بن إبراهيم، وأبي الوليد الطيالسي، وأبي سلمة التبوذكي [3] ، وأبي نعيم الفضل بن دكين في خلق كثير من البغداديين والكوفيين والبصريين، وكان ثقة، وصنّف المسند، وأخذ الفقه عن أبي سليمان الجوزجاني [4] صاحب مُحَمَّد بن الحسن، وولي القضاء بواسط، وقطعة من أعمال السواد، ثم ولي القضاء بالشرقية في أيام المعتمد، فبعث إليه الموفق والى إسماعيل بن إسحاق، وقد عزم على الانحدار إلى البصرة أن يقتضياه [5] ما في أيديهما من الوقوف، فحمل إليه إسماعيل ما كان من قبله، واستنظر أبو العباس البرتي ثلاثة أيام ليجمع المال، وعمد إلى ما كان في يده، فدفعه إلى من آنس [6] منه رشدا ممن هوله، وإلى الأمناء الذين يثق بهم، فلما طولب بالمال قال: سلمته إلى أربابه [7] وما بقي عندي منه شيء، فصرف عن القضاء بهذا السبب.
وحكى العلاء [8] بن صاعد قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام ودخل عليه أبو العباس، فقام إليه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فصافحه، وقبل بين عينيه، وَقَالَ/: «مرحبا بالذي يعمل بسنتي وأثري» .
ثم لزم البرتي بيته، واشتغل بالتعبد.
وتوفي بالجانب الغربي من مدينة السلام، في ذي الحجة من هذه السنة.
__________
[1] تاريخ بغداد 5/ 61- 63.
[2] في الأصل: «سلم» .
[3] في الأصل: «البردكي» .
[4] في الأصل: «الجوجرائي» .
[5] في ك: «يعرضاه» .
[6] في ك: «أمن» .
[7] في ك: «أهله» .
[8] «العلاء» ساقطة من ك.

(12/337)


1869- أَحْمَد بن أبي عمران، واسمه: موسى بن عيسى، أبو جعفر الفقيه البغدادي [1] .
أحد أصحاب الرأي. أخذ الفقه عن مُحَمَّد بن سماعة وأضرابه [ونزل مصر] [2] ، وحدث [بها] [3] عن عاصم بن علي، وعلي بن الجعد، ومحمد بن الصباح، وغيرهم.
وكان أستاذ أبي جعفر الطحاوي، وكان ضريرا قَالَ أبو سعيد بن يونس: حدث بحديث كثير من حفظه، وكان ثقة، وتوفي في محرم هذه السنة بمصر [4] .
1870-[إبراهيم بن منصور، أبو يعقوب الصوري [5] .
خراساني قدم مصر، وحدث بها، وتوفي في هذه السنة] .
1871-[جعفر بن أَحْمَد بن معبد الوراق [6] .
حدث عن عاصم بن علي، ومسدد، وروى عنه ابن مخلد، وابن السماك، وأبو بكر الشافعي، وتوفي في هذه السنة] .
1872- حامد بن سهل بن سالم، أبو جعفر، يعرف بالثغري [7] .
سمع معاذ بن فضالة، وخالد بن خداش، روى عنه: ابن صاعد، وابن مخلد، وابن السماك، و [أبو بكر الشافعيّ. قال الدارقطنيّ:] [8] كان ثقة.
وتوفي في جمادى الآخرة من هذه السنة.
1873-[زكريا بن أيوب، أبو يحيى [9] .
من أهل أنطاكية. قدم مصر، وحدث بها.
وتوفي في رمضان هذه السنة، وكان ثقة ثبتا صالحا] .
__________
[1] تاريخ بغداد 5/ 141، 142.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] «بمصر» ساقطة من ك.
[5] هذه الترجمة ساقطة من الأصل. وفي ت بياض مكان «إبراهيم» .
الصوري: «صور» بلدة كبيرة من بلاد ساحل الشام (الأنساب للسمعاني 8/ 104) .
[6] وهذه الترجمة أيضا ساقطة من الأصل. وفي ت بياض مكان «جعفر» انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 7/ 187
[7] تاريخ بغداد 8/ 167.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] هذه الترجمة ساقطة من الأصل وفي ت بياض مكان «زكريا» انظر ترجمته في:.

(12/338)