المنتظم في تاريخ الأمم والملوك
ثم دخلت سنة إحدى
وخمسين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها: /
[دخول الروم عين زربة]
أنه ورد الخبر [في المحرم] [1] بدخول الروم
عين زربة في مائة وستين ألف رجل، فطلب المسلمون الأمان فأمنهم
ملك الروم، فلما دخل البلد نادى في أول الليل بأن يخرج جميع الناس إلى
المسجد الجامع، وأن من تأخر في منزله قتل. فخرج من أمكنه [2] الخروج،
فلما أصبح أنفذ رجاله، فمن وجدوه في منزله قتلوه فقتلوا خلقا من الرجال
والنساء والأطفال، وأمر بقطع نخل البلد فقطع منه أربعون ألف [3] نخلة،
ونادى فيمن حصل [4] في الجامع أن يخرجوا حيث شاءوا وأن من أمسى فيه
قتل، فخرج الناس مبادرين وتزاحموا في الأبواب، فمات بالضغط خلق كثير،
ومروا على وجوههم حفاة عراة لا يدرون أين يتوجهون، فمات أكثرهم في
الطرقات، ثم أخذ الأسلحة والأمتعة، وأمر بهدم الجامع وكسر المنبر، وهدم
سور البلد، والمنازل، وبقي مقيما في بلاد الإسلام واحدًا وعشرين يومًا،
وفتح حول حصن زربة [5] أربعة وخمسين حصنًا، بعضها بالسيف وبعضها
بالأمان، وقتل خلقا كثيرا من المسلمين، ثم إن سيف الدولة أعاد بناء عين
زربة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] في ص: «أمكن» .
[3] «ألف» سقطت من ص.
[4] في الأصل: «جفل» .
[5] في ل: «حول عين زربة» .
(14/139)
وفي شهر ربيع الآخر: كتب العامة على مساجد
بغداد: لُعن معاوية بن أبي سفيان، ولعن من غصب فاطمة فدكا ومن أخرج
العباس من الشورى، ومن نفى أبا ذر الغفاريّ، ومن منع من دفن الحسن عند
[1] جده، ولم يمنع معز الدولة من ذلك، وبلغه أن العامة قد محوا [2] هذا
المكتوب، فأمر أن يكتب: لعن الله الظالمين لآل رسول الله صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الأولين والآخرين، والتصريح باسم معاوية في
اللعن فكتب ذلك.
وفي شوال: ورد الخبر بأن الروم استأسروا أبا فراس بن سعيد بن حمدان من
منبج وكان متقلدًا لها.
وورد الخبر بأنه وقع في الجامدة في آخر يوم من تشرين الثاني برد في كل
بردة رطل ونصف ورطلان.
[ورود الدمستق إلى حلب بغتة]
/ وورد الخبر بأن الدمستق ورد إلى حلب بغتة، ولم يعلم سيف الدولة، فخرج
إليه وحاربه فانهزم سيف الدولة، وظفر بداره وهي خارج حلب، فوجد فيها
ثلاثمائة وتسعين بدرة دراهم، فأخذها ووجد له ألف وأربعمائة بغل فأخذها،
وأخذ من خزائن السلاح ما لا يحصى، وأحرق الدار وملك الربض، فقاتله أهل
حلب من وراء السور، فقتل من الروم خلق كثير بالحجارة والمقاليع [3] ،
وسقطت ثلمة من السور على أهل حلب، فقتلتهم فطمع الروم في تلك الثلمة
فأكبوا عليها، ودفعهم أهل البلد عنها، فلما جن عليهم الليل [4] اجتمع
المسلمون عليها فبنوها، وفزعوا منها، وعلوا عليها فكبروا، ثم إن رجالة
الشرط بحلب مضوا إلى منازل الناس وخانات التجار لينهبوها، فقيل للناس:
الحقوا منازلكم، فإنها قد نهبت، فنزلوا عن السور وأخلوه، ومضوا إلى
منازلهم ليدفعوا عنها، فلما رأي الروم السور خاليا تجاسروا على أن
يصعدوه، وأشرفوا على البلد فرأوا الفتنة فيه [5] ، وأن بعضهم ينهب
بعضا، فنزلوا وفتحوا الأبواب ودخلوا،
__________
[1] في الأصل: «عنده» .
[2] في الأصل: «حجوا» .
[3] في الأصل: «وبالمقاطيع» .
[4] في ص، ل، ت: «فلما جن الليل» .
[5] «فيه» سقطت من ص، ل، ت.
(14/140)
وثلموا السور في عدة مواضع، ووضعوا في
الناس السيف، فقتلوا كل من لقيهم، ولم يرفعوا السيف حتى ضجروا، وكان في
البلد ألف ومائتا رجل أسارى الروم فتخلصوا، وكان سيف الدولة قد أخذ من
الروم سبعمائة إنسان ليفادى بهم، فأخذهم الدمستق، وسبي من البلد من
المسلمين بضعة عشر ألف صبي وصبية، وأخذ من النساء والسبايا [1] ما أراد
ومن خزائن سيف الدولة وأمتعة التجار ما لا يحاط بقيمته، فلما لم يبق
معه ما يحمل عليه أحرق الباقي، وأخرب المساجد، وعمد إلى جباب الزيت فصب
فيها الماء حتى فاض الزيت وشربته الأرض، وأقام في البلد تسعة [2] أيام،
وكان معه مائتا ألف رجل/ فيهم ثلاثون ألفا بالجواشن [3] ، وثلاثون ألفا
من صناع الهدم، وأربعة آلاف بغل عليها حسك حديد يطرحه حول العسكر [4]
بالليل، وخركاهات ملبسة لبودًا أحمر لدوابه، فلما همَّ أن ينصرف، قال
له ابن أخت الملك: قد فتحنا هذا البلد وقد [5] بقيت القلعة، فقال:
بلغنا ما لم نكن نظنه [فدع القلعة] [6] فسكانها غزاة، قال: لا بد قال:
شأنك، فصعد فوقع عليه حجر فمات، فلما أتى به الدمستق أحضر مَنْ كان معه
من أسارى المسلمين، وكانوا ألفين ومائتين، فضرب أعناق الجميع [7] .
وفي رمضان: سقط روشن من دار الوزير أبي محمد المهلبي إلى دجلة، وكان
عليه جماعة من وجوه الدولة، منهم أبو إسحاق محمد بن أحمد القراريطي
فانكسرت فخذه، فحمل وجبرت فصلحت، وأما [8] ابن حاجب النعمان فإن نخاع
[9] ظهره انقطع، فحمل على سريره [10] ، فأقام عليلًا إلى الجمعة
الثانية ومات.
__________
[1] «والسبايا» سقطت من ص، ل، ت.
[2] في ص: «سبعة» .
[3] في الأصل: «بالجواسق» .
[4] في ل: «عسكره» .
[5] «وقد» سقطت من ص، ل، ت.
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[7] في ل: «جميعهم أعناقهم» .
[8] في ص، ل، ت: «ومنهم» .
[9] في الأصل: «نخاح» .
[10] في المطبوع: «سرير» .
(14/141)
ذكر من توفي في هذه
السنة من الأكابر
2619- الحسن بن محمد بن هارون، أبو محمد المهلبي
[1] .
من ولد المهلب بن أبي صفرة، استوزره معز الدولة أبو الحسين [أحمد] [2]
بن بويه، فبقي في وزارته ثلاث عشرة سنة وثلاثة أشهر، وكان يقول الشعر
الحسن، وفيه الأدب [الوافر] [3] وكان يطرب على اصطناع الرجل ويهاج
لذلك، وكان له الحلم والأناة.
روى أبو إسحاق الصاغاني، قال: صاغ الوزير أبو محمد المهلبي دواة
ومرفعًا وحلاهما حلية ثقيلة، وكانت طول ذراع وكسر في عرض شبر، فقدمت
بين يديه، وأبو أحمد الفضل بن عبد الرحمن الشيرازي جالس عن يمينه وأبا
أحمد [4] جالس إلى جنبه، فتذاكرنا سرًا حُسنَ الدواة، فقال أبو أحمد:
ما كان أحوجني إليها/ لأبيعها فانتفع بثمنها، فقلت: فأي شيء يعمل
الوزير؟ قال: يدخل في خزانته [5] وسمع الوزير ما جرى بيننا بإصغائه
إلينا، ثم اجتمعت بأبي أحمد من الغد، فقال لي: عرفت خبر الدواة؟
قلت: لا قال: فإنه جاءني البارحة رسوله ومعه الدواة، ومرفعها ومنديل،
وعشر قطع وخمسة آلاف درهم وقال: الوزير يقول لك أنا عارف بقصور المواد
عنك، وتضاعف المؤن عليك، وقد آثرتك بهذه الدواة لما ظننت من استحسانك
لها، وجعلت معها ما تكتسي به وتصرفه في بعض نفقتك. فبقيت متعجبا من
اتفاق ما تجارينا فيه [6] وحدث هذا على أثره.
وتقدم الوزير بصناعة [7] دواة أخرى فصنعت [8] ، ودخلنا إلى مجلسه وقد
__________
[1] في الأصل: «المهلبي أبو محمد» . انظر ترجمته في: (البداية والنهاية
11/ 241) .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] هكذا في كل النسخ، وفي المطبوعة: «وأنا جالس» .
[5] في الأصل: «في خزانته» .
[6] في ص، ل، ت: «ما تجارينا به» .
[7] في ص، ل، ت، المطبوعة: «بصياغة» .
[8] في ص، ت، المطبوعة: «فصيغت» .
(14/142)
تركت [1] بين يديه وهو يوقع منها، فنظر إلي
وإلى أبي أحمد ونحن نلحظها فقال: هيه، من منكما يريدها على الإعفاء من
الدخول؟ فاستحيينا، وعلمنا أنه كان قد سمع قولنا، وقلنا: بل يمتع الله
الوزير [منها] [2] ويبقيه ليهب ألفا منها.
توفي أبو محمد المهلبي في هذه السنة عن أربع وستين سنة، ودفن في مقابر
قريش.
2620- دعلج بن أحمد بن دعلج بن عبد الرحمن، أبو محمد السجستاني المعدل
[3] .
سمع الحديث ببلاد خراسان، والري، وحلوان، وبغداد، [والبصرة] [4] ومكة
وكان من ذوي اليسار والمشهورين بالبر والأفضال، وله صدقات جارية ووقوف
على أهل الحديث ببغداد ومكة وسجستان، وكان قد جاور بمكة زمانًا، فجاء
قوم من العرب [5] ، فقالوا: إن أخًا لك من أهل خراسان قتل أخًا لنا [6]
فنحن نقتلك به. فقال: اتقوا الله، فإن خراسان ليست بمدينة واحدة فاجتمع
الناس فخلوا سبيله [7] فانتقل إلى بغداد فاستوطنها، وكان يقول: ليس في
الدنيا مثل داري وذلك [8] أنه ليس في الدنيا مثل/ بغداد، ولا ببغداد
مثل القطيعة، ولا في القطيعة مثل درب أبي خلف، وليس في الدرب مثل داري.
وحدَّث ببغداد عن عثمان بن سعيد الدارمي، والحسن بن سفيان النسوي، وابن
البراء، والباغندي، وعبد الله بن أحمد، وخلق كثير. روى عنه ابن حيويه،
والدارقطني، وابن رزقويه، وعلي، وعبد الملك ابنا بشران وغيرهم، وكان
ثقة ثبتا مأمونا، قبل
__________
[1] في ت، ص، ل: «وتركت» .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 387. والبداية والنهاية 11/ 241،
242) .
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] «وسجستان وكان قد جاور بمكة زمانا فجاءه قوم من العرب» هذه العبارة
في الأصل وضعت بعد: « ...
والري وحلوان وبغداد والبصرة ومكة» .
[6] في ص، ل، ت: «أخانا» .
[7] في ص، ل، ت: «فخلوا عنه» .
[8] في ص، ل: «وذاك» .
(14/143)
الحكام شهادته، وصنف له الدارقطني كتبًا
منها: «المسند الكبير» فكان إذا شك في حديث ضرب عليه، قال الدارقطني:
لم أر في مشايخنا أثبت منه.
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ
[أَحْمَد بن علي] [1] ، قَالَ: حدثني مُحَمَّد بن علي بن عبد الله
الحداد، عن شيخ سماه، قال: حضرت يوم الجمعة الجامع بمدينة المنصور.
قال: وحدثني [2] أبو القاسم الأزهري، عن أبي عمر ابن حيويه قال:
أدخلني دعلج إلى داره وأراني بدرًا من المال معبأة في منزله، وقال: يا
أبا عمر، خذ من هذا ما شئت، فشكرت له، وقلت له: أنا في كفاية عنها، ولا
حاجة لي فيها.
أخبرنا أبو منصور، أخبرنا أبو بكر بن ثابت، قال: حدثني محمد بن علي بن
عبد الله الحداد، عن شيخ سماه، قال: حضرت يوم الجمعة مسجد الجامع
بمدينة المنصور، فرأيت رجلا بين يدي في الصف حسن الوقار، ظاهر الخشوع،
دائم الصلاة، لم يزل يتنفل مذ دخل المسجد إلى قرب قيام الصلاة [3] ، ثم
جلس فغلبتني هيبته، ودخلت قلبي محبته، ثم أقيمت الصلاة فلم يصل مع
الناس فكبر على ذلك وتعجَّبتُ من حاله، وغاظني فعله، فلما قضيت تقدمت
إليه وقلت له: [4] أيها الرجل، ما رأيت أعجب من أمرك، أطلت النافلة
وأحسنتها، وضيعت [5] الفريضة وتركتها [6] . فقال لي: يا هذا، إن لي/
عدوًا وبي علة منعتني من الصلاة، قلت: وما هي؟ قال: أنا رجل عليَّ دين،
اختفيت في منزلي مدة بسببه، ثم حضرت اليوم الجامع للصلاة، فقبل أن تقام
التفت فرأيت صاحبي الذي له الدين [علي] [7] ورآني، فمن خوفه أحدثت في
ثيابي [وهذا عذري] [8] فأسألك باللَّه إلا سترت علي وكتمت أمري، فقلت
له: ومن الّذي له
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] في ص، ل، ت: «قال حدثني أبو القاسم الأزهري» . وما عدا ذلك سقط من
هذه النسخ الثلاث.
[3] في ص، ل، ت: «قيام الليل» .
[4] «له» سقطت من ص، ل، ت.
[5] في ص، ل، ت: «وتركت» .
[6] في ص، ل، ت: «وتركتها» .
[7] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[8] في ل: «وهذا خبري» . ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
(14/144)
عليك الدين؟ فقال: دعلج بن أحمد، وكان إلى
جانبه صاحب لدعلج قد صلى وهو لا يعرفه، فسمع هذا القول ومضى في الوقت
إلى دعلج [1] ، فذكر له القصة، فقال له دعلج: امض إلى الرجل واحمله إلى
الحمام، واطرح عليه خلعة من ثيابي، وأجلسه في منزلي حتى انصرف من
الجامع. ففعل الرجل ذلك، فلما انصرف دعلج إلى منزله أمر بالطعام،
فأحضر، وأكل هو والرجل، ثم أخرج حسابه فنظر فيه، فإذا عليه خمسة آلاف
درهم، فقال [له] [2] . انظر لا يكون عليك في الحساب غلط أو نسي لك
نقده. فقال [له الرجل] [3] : لا، فضرب دعلج على حسابه وكتب تحته
الوفاء، ثم أحضر الميزان ووزن له خمسة آلاف درهم، وقال له: أما الحساب
الأول فقد أحللناك منه [4] مما بيننا وبينك فيه، واسألك أن تقبل هذه
الخمسة آلاف درهم، وتجعلنا في حل من الروعة التي دخلت قلبك برؤيتك
إيانا في المسجد الجامع.
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بن
ثابت، قال: حدثني أبو منصور محمد بن محمد بن أحمد العُكْبري، قال:
حدثني أبو الحسين [أحمد] [5] بن الحسين الواعظ، قال: أودع أبو عبد الله
بن أبي موسى الهاشمي عشرة آلاف دينار ليتيم، فضاقت يده وامتدت إليها
فأنفقها، فلما بلغ الغلام مبلغ الرجال أمر السلطان بفك الحجر عنه،
وتسليم ماله إليه، وتقدم إلى ابن أبي موسى بحمل المال ليسلم إلى
الغلام، قال ابن أبي موسى: فلما تقدم إلي بذلك ضاقت على الأرض بما
رحبت، وتحيرت في أمري لا أعلم من أي وجه أغرم المال، فبكرت من داري
وركبت بغلتي، وقصدت الكرخ لا أعلم اين أتوجه/ وانتهت بي بغلتي [6] إلى
درب السلولي، ووقفت بي على باب مسجد دعلج بن أحمد، فثنيت رجلي ودخلت
المسجد، وصليت صلاة الفجر خلفه، فلما
__________
[1] في الأصل: «لدعلج» .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] «منه» سقطت من ص، ل، ت.
[5] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل، ص.
[6] في الأصل: «البغلة» .
(14/145)
سلم أقبل [1] إليَّ ورحب بي، وقام وقمت
معه، ودخل إلى داره، فلما جلسنا جاءته الجارية بمائدة لطيفة وعليها
هريسة، فقال: يأكل الشريف، فأكلت وأنا لا أحصل أمري، فلما رأي تقصيري
قال: أراك منقبضا فما الخبر؟ فقصصت عليه قصتي، وأني أنفقت المال، فقال:
كل، فإن حاجتك تقضى، ثم أحضر حلوى فأكلنا، فلما رفع الطعام وغسلنا
أيدينا قال: يا جارية افتحي ذلك الباب. فإذا خزانة مملوءة زبلا [2]
مجلدة فأخرج إلي بعضها وفتحها إلى أن أخرج النقد الذي كانت الدنانير
منه، واستدعى الغلام والتخت والطيار، فوزن عشرة آلاف دينار وبدرها،
وقال: يأخذ الشريف هذه، فقلت:
يثبتها الشيخ علي فقال: أفعل، وقد كاد عقلي يطير فرحًا، فركبت بغلتي
وتركت الكيس على القربوس، وغطيته بطيلساني وعدت إلى داري، وانحدرت إلى
السلطان بقلب قوي، وجنان ثابت، فقلت: ما أظن إلا أنه قد استشعر فيَّ
أني قد أكلت مال اليتيم، واستبددت به، والمال فقد أخرجته، فاحضر قاضي
القضاة والشهود، والنقباء، وولاة العهود، وأحضر الغلام وفك حجره، وسلم
المال إليه، وعظم الشكر لي، والثناء عليَّ، فلما عُدت إلى منزلي
استدعاني أحد الأمراء من أولاد الخلافة، وكان عظيم الحال، فقال: قد
رغبت في معاملتك [وتضمينك أملاكي] [3] ببادية يا ونهر [4] الملك، فضمنت
ذلك بما تقرر بيني وبينه من المال، وجاءت السنة، ووفيته وحصل في يدي من
الربح ما له قدر كبير، وكان ضماني لهذه الضياع ثلاث سنين، فلما مضت
حسبت حسابي، / وقد تحصل في يدي ثلاثون ألف دينار، فعزلت عوض العشرة
آلاف دينار التي أخذتها من دعلج وحملتها إليه، وصليت معه الغداة، فلما
انفتلت [5] وانفتل من صلاته رأني، فنهض معي إلى داره، وقدم المائدة
والهريسة، فأكلت بجأش ثابت وقلب طيب، فلما قضينا الأكل، قال لي: خبرك
وحالك، فقلت: بفضل الله وبفضلك قد أفدت بما فعلته معي ثلاثون ألف
دينار، وهذه عشرة آلاف عوض الدنانير التي أخذتها منك، فقال: يا سبحان
__________
[1] في ص، ل: «انفتل» .
[2] في الأصل: «زملا» .
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] في ص، ل: «ببادرويا نهر» .
[5] «وانقتلت» وسقطت من ص، ل.
(14/146)
الله، والله ما خرجت الدنانير عن يدي ونويت
آخذ عوضها حل بها الصبيات، فقلت له:
يا شيخ أيش أصل هذا المال حتى تهب لي عشرة آلاف دينار؟ فقال: اعلم أني
نشأت، وحفظت القرآن، وسمعت الحديث، وكنت أتبرز، فوافاني رجل من تجار
البحر، فقال لي: أنت دعلج بن أحمد؟ فقلت: نعم فقال: قد رغبت في تسليم
مالي إليك لتتجر به، فلما سهل الله من فائدة كانت بيننا، وما كان من
جائحة كانت في اصل مالي، فسلم إليَّ بارنامجات [1] بألف ألف درهم، وقال
لي: ابسط يدك ولا تعلم موضعا تنفق فيه هذا المتاع إلا حملته إليه، ولم
يزل يتردد إليَّ سنة بعد سنة يحمل إليَّ مثل هذا، والبضاعة تنمى، فلما
كان في آخر سنة اجتمعنا، قال لي: أنا كثير الأسفار في البحر فإن قضى
الله علي بما [2] قضاه على خلقه فهذا المال لك، على أن تتصدق منه وتبني
المساجد، وتفعل الخير، فأنا أفعل مثل هذا، وقد ثمَّر الله المال في
يدي، فأسألك أن تطوي هذا الحديث أيام حياتي.
توفي دعلج في جمادى الآخرة من هذه السنة، وهو ابن أربع أو خمس وتسعين
سنة.
2621- عبد الله بن جعفر بن شاذان، أبو الحسين البزار
[3] .
من أهل الجانب الشرقي، حدث عن الكديمي، وإبراهيم الحربي، وعبد الله بن
أحمد، روى عنه الدارقطني، وابن رزقويه [4] ، وكان ثقة.
توفي في جمادى الآخرة من هذه السنة.
2622- عبد الباقي بن قانع بن مرزوق، أبو الحسن الأموي مولاهم
[5] .
سمع الحارث بن أبي أسامة، وإبراهيم الحربي. روى عنه الدارقطني، وابن
رزقويه [6] ، وأبو علي بن شاذان، وكان من أهل العلم، والفهم، والثقة،
غير أنه تغيَّر في
__________
[1] في الأصل: «بارنماجات» .
[2] في الأصل: «ما» .
[3] البزار: اسم لمن يخرج الدهن من البزر أو يبيعه (الأنساب 2/ 182) .
[4] في الأصل: «رزقونة» .
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 88. والبداية والنهاية 11/ 242)
.
[6] في الأصل: «رزقونة» .
(14/147)
آخر عمره، قال الدارقطني: كان يخطئ، ويصر
على الخطأ.
توفي في شوال هذه السنة.
2623- مُحَمَّد بن الحسن [بن محمد] [1] بن زياد بن هارون بن جعفر أبو
بكر المقرئ [2] النقاش
[3] :
موصلي الأصل، ويقال إنه مولي أبي دجانة سماك بن خرشة، ولد في سنة ست
وستين ومائتين، وكان عالما بحروف القراءات، حافظا للتفسير، وله تصانيف
فيهما، سافر الكثير، وكتب بالكوفة، والبصرة، ومكة، ومصر، والشام،
والجزيرة، والموصل، والجبال، وبلاد خراسان، وما وراء النهر.
وحدّث عن إسحاق بن سفيان الختلي، وأبي مسلم الكجي وخلق كثير، روى عنه
أبو بكر بن مجاهد، والخلدي، والدارقطني، وابن شاهين، وابن رزقويه [4]
في آخرين، وآخر من حدث عنه أبو علي بن شاذان، وفي حديثه مناكير بأسانيد
مشهورة، وقد كان يتوهم الشيء فيرويه، وقد وقفه الدارقطني [5] على بعض
ما أخطأ فيه فرجع عن الخطأ [6] .
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ
أَحْمَد بْن عَلِيّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عبيد اللَّه بن [أبي] [7]
الفتح، عن طلحة بن محمد بن جعفر أنه ذكر النقاش، فقال: كان يكذب في/
الحديث، قال أحمد: وسألت البرقاني، فقال: كل حديثه منكر.
أَخْبَرَنَا القزاز، أَخْبَرَنَا أبو بكر أَحْمَد بن علي بن ثابت [8] ،
قال: سمعت أبا الحسين بن الفضل القطان، يقول: حضرت أبا بكر النقاش وهو
يجود بنفسه، فجعل
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] في الأصل: «أبو جعفر المقري» .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 201. والبداية والنهاية 11/ 242)
.
[4] في الأصل: «رزقونة» .
[5] في ص، ل: «وقد وثقه الدارقطنيّ» .
[6] في ص، ل، ت: «فرجع عنه» .
[7] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[8] في ص، ل: «أبو بكر بن ثابت» .
(14/148)
يحرك شفتيه بشيء لا أعلم ما هو، ثم نادى
بعلو صوته: (لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ) 37: 61 [1]
يرددها ثلاثا، ثم خرجت نفسه.
توفي النقاش في يوم الثلاثاء ثاني شوال هذه السنة، ودفن غداة الأربعاء
في داره، وكان يسكن دار القطن.
2624-[مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن مَسْعُود، أَبُو بَكْر التمار
[2] .
سَمِعَ مُعَاذِ بْن المثنى، والكديمي. وروى عنه ابن رزقويه. وكان ثقة.
2625- مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن القَاسِم بْن إِسْحَاق الكاتب
[3] .
حَدَّثَ عَنْ بِشْر بْن موسى. روى عنه ابن رزقويه] .
2626- محمد بن سعيد، أبو بكر الحربي، الزاهد يعرف: بابن الضرير
[4] روى عنه ابن رزقويه، وكان ثقة.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ
بن علي الحافظ قال: أخبرني أحمد بن سليمان [5] بن علي المقرئ، أخبرنا
عبد الواحد بن أبي الحسن الفقيه، قال:
سمعت أبي يقول: سمعت أبا بكر ابن الضرير الزاهد، يقول: دافعت الشهوات
حتى صارت شهوتي المدافعة فحسب [6] توفي في ربيع الأول من هذه السنة.
2627- محمد بن سهل بن عسكر بن عمارة، أبو بكر البخاري
[7] :
حدث عن عبد الرزاق وغيره، روى عنه إبراهيم الحربي، وابن أبي الدنيا،
والبغوي، وابن صاعد وكان ثقة. توفي في شعبان هذه السنة.
__________
[1] سورة: الصافات، الآية: 61.
[2] هذه الترجمة والتي تليها سقطتا من الأصل، ص، ل. وأوردناهما من ت.
انظر ترجمته في: «محمد بن الحسن بن مسعود» في: تاريخ بغداد 2/ 205) .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 206، وفيه: «محمد بن الحسن بن
القاسم أبو أحمد الكاتب» .
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 5/ 310. والبداية والنهاية 11/ 243)
.
[5] في الأصل: «سلمان» .
[6] في الأصل: «حسب» .
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 5/ 312) .
(14/149)
ثم دخلت سنة اثنتين
وخمسين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها.
أنه في اليوم العاشر من المحرم أغلقت الأسواق ببغداد، وعطل البيع، ولم
يذبح القصابون [ولا طبخ الهراسون] [1] ولا ترك الناس أن يستقوا الماء،
ونصبت القباب في الأسواق، وعلقت عليها المسوح، وخرجت النساء منتشرات/
الشعور يلطمن في الأسواق، وأقيمت النائحة [2] على الحسين عليه السلام.
وفي نصف ربيع الأول: ورد الخبر بأن ألف رجل من الأرمن ساروا [3] إلى
الرها، فاستاقوا خمسة آلاف رأس من الغنم، وخمسمائة من البقر والدواب،
واستأسروا عشرة أنفس، وانصرفوا موقرين.
وفي جمادى الآخرة: قلد أبو بشر عمر بن أكثم القضاء بمدينة السلام
بأسرها، على أن يتولى ذلك بلا رزق، وخلع عليه، ورفع عنه ما كان يحمله
أبو العباس بن أبي الشوارب، وأمر أن لا يمضي شيئا من أحكام أبي العباس،
وفي شعبان: قلد قضاء القضاة.
وفي شعبان: مات الدمستق الذي فتح بلدة حلب، واسمه: نقفور.
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] في الأصل: «الناحة» .
[3] في المطبوعة: «صاروا» .
(14/150)
وفي ليلة الخميس ثامن عشر ذي الحجة: وهو
يوم «غدير خم» [1] أشعلت النيران، وضربت الدبادب والبوقات، وبكر الناس
إلى مقابر قريش.
قال ثابت بن سنان المؤرخ: حدثني جماعة من أهل الموصل ممن أثق [2] به:
أن بعض بطارقة الأرمن أنفذ في سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة إلى ناصر
الدولة رجلين من الأرمن ملتصقين بينهما خمس وعشرون سنة سليمين [3] ،
ومعهما أبوهما، وأن الالتصاق كان في المعدة، ولهما بطنان، وسرتان،
ومعدتان، وأوقات جوعهما وعطشهما تختلف، وكذلك أوقات البول والبراز،
ولكل واحد منهما صدر وكتفان، وذراعان، ويدان، وفخذان، وساقان، وقدمان
وإحليل، وكان احدهما يميل إلى النساء والآخر يميل إلى الغلمان، وكان
أحدهما إذا دخل إلى المستراح/ دخل قرينه معه، وأن ناصر الدولة وهب لهما
ألفي درهم، وأراد أن يحدرهما إلى بغداد ثم انصرف رأيه عن ذلك [4] .
أخبرنا محمد بن أبي طاهر، أَخْبَرَنَا عَلِي بْن الْمُحْسِنِ
التَّنُوخِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:
حدثني أبو محمد يحيى بن محمد بن فهد، وأبو عمر أحمد بن محمد الخلال،
قالا:
حدثنا جماعة كثيرة العدد من أهل الموصل وغيرهم ممن كنا نثق بهم ويقع
لنا العلم بصحة ما حدثوا به لكثرته وظهوره وتواتره: أنهم شاهدوا
بالموصل سنة نيف وأربعين وثلاثمائة رجلين أنفذهما صاحب أرمينية إلى
ناصر الدولة للأعجوبة منهما، وكان لهما نحو من ثلاثين سنة، وهما
ملتزقان من جانب واحد ومن حد فويق الحقو إلى دوين [5] الإبط، وكان
معهما أبوهما، فذكر لهم أنهما ولدا كذلك توأمًا تراهما يلبسان قميصين
وسراويلين كل واحد منهما، لباسهما مفردا إلا أنهما لم يكن يمكنهما
لالتزاق كتفيهما وأيديهما في المشي لضيق دلك عليهما، فيجعل كل واحد
منهما يده التي تلي أخاه من
__________
[1] في الأصل: «عند يرحم» .
[2] في الأصل: من أثق إليه من أهل الموصل» .
[3] في الأصل: «ملتحيين» .
[4] في الأصل: «ثم انصرف رابع عشر ذلك» .
[5] في الأصل: «فوق ... إلى دون» .
(14/151)
جانب الالتزاق خلف ظهر أخيه ويمشيان كذلك،
وإنما كانا يركبان دابة واحدة ولا يمكن أحدهما التصرف إلا بتصرف الآخر
[1] معه، وإذا أراد أحدهما الغائط قام الآخر معه [2] وإن لم يكن
محتاجا، وأن أباهما حدَّثهم أنه لما ولدا أراد أن يفرق بينهما، فقيل
له:
انهما يتلفان لأن التزاقهما من جنب الخاصرة، وأنه لا يجوز أن يسلما،
فتركهما، وكانا مسلمين، فأجازهما ناصر الدولة، وخلع عليهما، وكان الناس
بالموصل يصيرون إليهما فيتعجبون منهما ويهبون لهما.
قال أبو محمد: وأخبرني جماعة أنهما خرجا إلى بلدهما، فاعتل أحدهما
ومات/ وبقي الآخر أيامًا حتى أنتن وأخوه حي لا يمكنه التصرف، ولا يمكن
الأب دفن الميت إلى أن لحقت الحي علة من الغم والرائحة، فمات أيضا
فدفنا جميعا وكان ناصر الدولة قد جمع لهما الأطباء وقال: هل من حيلة في
الفصل بينهما، فسألهما الأطباء عن الجوع، هل تجوعان في وقت واحد؟ فقال:
إذا جاع الواحد منا تبعه جوع الآخر بشيء يسير من الزمان، وإن شرب أحدنا
دواء مسهلًا انحل طبع الآخر بعد ساعة، وقد يلحق أحدنا الغائط ولا يلحق
الآخر، ثم يلحقه بعد ساعة فنظروا فإذا لهما جوف واحد وسرة واحدة ومعدة
واحدة وكبد واحد وطحال واحد، وليس من الالتصاق أضلاع، فعلموا أنهما إن
فصلا تلفا، ووجدوا لهما ذكران، وأربع بيضات، وكان ربما وقع بينهما خلاف
وتشاجر فتخاصما أعظم خصومة، حتى ربما حلف أحدهما لا أكلم الآخر أيامًا،
ثم يصطلحان.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر.
2628- عمر بن أكثم بن أحمد بن حيان بن بشر، أبو بشر الأسدي
[3] .
ولد سنة أربع وثمانين ومائتين، وولي القضاء ببغداد في أيام المطيع
للَّه من قبل أبي السائب عتبة بن عبيد الله، ثم ولي قضاء القضاة بعد
ذلك، وكان ينتحل مذهب
__________
[1] في ص، ل، ت، والمطبوعة: «أحدهما المنصرف إلا أن ينصرف ... » .
[2] «وإذا أراد أحدهما الغائط قام الآخر معه» سقطت من ص.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 249. والبداية والنهاية 11/ 252)
.
(14/152)
الشافعي رحمه الله، ولم يل قضاء القضاة من
الشافعيين قبله غير أبي السائب فقط.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ
بن علي بن ثابت، أخبرنا علي بن المحسن، أَخْبَرَنَا طلحة بْن محمد بْن
جعفر، قال: لما افتتح المطيع للَّه والأمير معز الدولة أحمد بن بويه
البصرة/ في سنة ست وثلاثين وثلاثمائة خرج القاضي أبو السائب عتبة بن
عبد الله [1] إلى البصرة مهنيًا لهما، وكان يكتب له على الحكم عمر بن
أكثم، وكان قد نشأ نشوءًا حسنًا على صيانة تامة فقبل الحكام [2]
شهادته، ثم كتب للقضاة واستخلفه أبو السائب عند خروجه على الجانب
الشرقي، ثم جمع البلد لأبي السائب وهو بالبصرة مع المطيع، فكتب بذلك
إلى الحضرة واستخلفه على بغداد بأسرها، فأجرى الأمور مجاريها، فظهرت
منه خشونة فانحسم عنه الطمع، ثم أصعد أبو السائب إلى الحضرة، وعاد أبو
بشر إلى كتابته وكان جد أبيه حيان قد تقلد القضاء في نواح كثيرة وتقلد
إصبهان، ثم تقلد الشرقية، فنظرت فإذا أبو بشر قد جلس في الشرقية في
الموضع الذي [3] جلس فيه عند جد أبيه بعد مائة سنة.
توفي أبو بشر في ربيع الأول من هذه السنة.
2629- مُحَمَّد بن إسحاق بن مهران [4] المنقري يعرف: بشاموخ
[5] .
حدث عن أبي العباس البراثى، والحسن بن الحباب، وعلي بن حماد الخشاب،
وحديثه كثير المناكير، روى عنه يوسف بن عمر القواس، وابن رزقويه.
وتوفي في هذه السنة.
2630- مُحَمَّد بن أَحْمَد بن موسى بن هارون بن الصلت، أبو الطيب
الأهوازي
[6] .
__________
[1] في ص، ل، ت: «عبيد الله» .
[2] في ص: «الحاكم» .
[3] «وفي الشرقية في الموضع الّذي» سقطت من ص. وفي ص بدلا منها: «فيما»
.
[4] في ص: «بهران» .
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 258) .
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 358) .
(14/153)
سكن بغداد، وحدث بها عن أبي خليفة الفضل بن
الحباب البصري وغيره، روى عنه الدارقطني، وكان صدوقا وتوفي في هذه
السنة.
2631- محمد بْن أحمد بن يوسف بن جعفر، أبو الطيب المقرئ يعرف: بغلام
ابن شنبوذ
[1] .
خرج من بغداد وتغرب، وحدث بجرجان وأصبهان عن إدريس بن عبد الكريم، وابن
شنبوذ وغيرهما. وتوفي في هذه السنة.
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 377) .
(14/154)
ثم دخلت سنة ثلاث
وخمسين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها: /
[وقوع جراحات بين السّنّة والشيعة]
أنه عمل في عاشوراء مثل ما عمل في السنة الماضية من تعطيل الأسواق
وإقامة النوح، فلما أضحى النهار [يومئذ] [1] وقعت فتنة عظيمة في قطيعة
أم جعفر وطريق مقابر قريش بين السنة والشيعة، ونهب الناس بعضهم بعضا،
ووقعت بينهم جراحات.
وورد الخبر بنزول جيش ضخم من الروم على المصيصة وفيه الدمستق، وأقام
عليها سبعة أيام، ونقب في سورها نيفا وستين نقبًا ولم يصل، ودافعه
أهلها وانصرف، إذ قصرت به الميرة بعد أن أقام ببلاد الإسلام خمسة عشر
يوما، وأحرق الدمستق [2] المصيصة [وأذنة، وطرطوس، وذلك لمعاونتهم أهل
مصيصة على الروم] [3] ، فظفر بهم الروم، فقتلوا منهم نحو خمسة آلاف
رجل، وقتل أهل أذنة وأهل [4] طرسوس من الروم عددا كثيرا. وقال الدمستق
قبل انصرافه عن المصيصة: يا أهل المصيصة، أني منصرف عنكم لا لعجز عن
فتح مدينتكم، ولكن لضيق العلوفة، وأنا عائد إليكم بعد هذا الوقت، فمن
أراد منكم الهرب فليهرب قبل رجوعي، فمن وجدته قتلته.
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] في الأصل: «وستاق» .
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ص ما عدا كلمة «على الروم» فهي
مثبتة في ص.
[4] «وأهل» سقطت من ص، ل، ت.
(14/155)
وورد الخبر في ربيع الأول: أن الغلاء
بأنطاكية وسائر الثغور اشتد حتى لم يقدر على الخبز، وانتقل من الثغور
إلى دمشق وغيرها خمسون ألفا هربا من الغلاء.
وفي جمادى الأولي: ورد الخبر بأن الهجريين أنفذوا سرية إلى طبرية
واستمدوا [1] من سيف الدولة حديدًا فقلع [2] أبواب الرقة- وكانت من
حديد- وأخذ كل حديد وجد حتى أخذ صنجات الباعة والبقالين، فبعثها إليهم
حتى كتبوا إليه: إننا قد استغنينا.
وفي جمادى الآخرة: أراد معز الدولة الإصعاد إلى الموصل، فانحدر إلى
الخليفة فودعه وخرج.
وروى هلال/ بن المحسن الصابي، عن أبي الحسن ابن الخراساني حاجب معز
الدولة، قال: كنت مع معز الدولة بحضرة المطيع، فلما تقوض المجلس قال
لي: قل للخليفة: أريد أن أطوف الدار وأشاهدها، وأتأمل صحونها
وبساتينها، فيتقدم إليَّ مَنْ يمشي معي ويطيفني. فقلت له ذلك، فتقدم
إلى خادمه شاهك وحاجبه ابن أبي عمرو، فمشيا بين يديه وأنا وراءهما
بعدنا عن حضرة الخليفة، فقالا له [3] : لا يجوز أن نتخرق الدار في أكثر
من نفسين [4] أو ثلاثة، فاختر من تريد واردد الباقين. فأخذ أبا جعفر
الصيمري معه، ونحن عشرة من غلمانه وحجابه، ووقف باقي الجند والحواشي في
صحن السلام، ودخلنا ومضى الأمير مسرعا فلحقته وجذبت قباءه من خلفه،
فالتفت إلي، فقلت له بالفارسية وأصحاب الخليفة لا يعرفونها: في أي موضع
[5] أنت حتى تسترسل هذا الاسترسال، وتعدو من غير تحفظ ولا استظهار، ألا
تعلم أنه قد فتك في هذا الدار بألف أمير ووزير، وما كان غرضك في أن
تطوف وحدك، أليس لو وقف لنا عشرة نفر من الخدم أو غيرهم في هذه الممرات
الضيقة لأخذونا؟ فقال له الصيمري: قد
__________
[1] في ص، ل: «واستهدوا» .
[2] في الأصل: «فقطع» .
[3] في الأصل: «فقالا انه» .
[4] في الأصل: «اثنين» .
[5] في ل، ص: «موضح» .
(14/156)
صدقك، فقال: قد كان ذلك غلطا والآن فإن
رجعنا الساعة علم أننا قد فزعنا وخفنا، وسقطنا بذلك من أعينهم وضعفت
هيبتنا في صدورهم، ولكن احتفوا بي فإن مائة من هؤلاء لا يقاوموننا ونحن
نسرع في رؤية ما نراه.
قال: فسعينا سعيًا حثيثًا وانتهينا إلى دار فيها صنم من صفر على صورة
امرأة، وبين يديه أصنام صغار كالوصائف، فرأينا من ذلك ما أعجبنا، وتحير
معز الدولة، وسأل عن الصنم، فقيل له: هذا صنم حمل في أيام المقتدر
باللَّه من بلد من بلاد الهند [1] لما فتح صاحب عمان ذلك البلد، وقيل:
إنه كان يعبد هناك: فقال معز الدولة: إني قد استحسنت/ هذا الصنم، وشغفت
به، ولو كانت مكانه جارية لاشتريتها بمائة ألف دينار على قلة رغبتي في
الجواري، وأريد أن أطلبه من الخليفة ليكون قريبا مني فأراه في كل وقت،
فقال له الصيمري: لا تفعل، فإنه ينسبك في ذلك إلى ما ترتفع عنه.
قال: وبادرنا بالخروج، فما رجعت إلينا عقولنا إلا بعد اجتماعنا مع
أصحابنا، ونزل معز الدولة الطيار، فقال لأبي جعفر الصيمري: قد ازدادت
محبتي للمطيع للَّه وثقتي به، لأنه لو كان يضمر لي سوءا أو يريده بي
لكنا اليوم في قبضته. فقال الصيمري:
الأمر على ذلك. وصعد معز الدولة إلى داره، وأمر بحمل عشرة آلاف درهم
إلى نقيب الطالبيين ليفرقها فيهم شكرا للَّه على سلامته.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2632- بكار بن أحمد بن بكار بن بنان بن بكار بن زياد بن درستويه، أبو
عيسى المقرئ
[2] :
ولد في صفر سنة خمس وسبعين ومائتين، وحدث عن عبد الله بن أحمد وغيره،
وروى عنه أبو الحسن الحمامي. وكان ثقة ينزل بالجانب الشرقي في سوق يحيى
[3] ، وكان زائدا عن ستين سنة.
__________
[1] في الأصل: «من طرف بلاد الهند» .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 134. والبداية والنهاية 11/ 254)
.
[3] في الأصل: «وسوق» .
(14/157)
توفي في ربيع الأول من هذه السنة، ودفن عند
قبر أبي حنيفة في مقبرة الخيزران.
2633- ثوابة بن أحمد بن ثوابة بن مهران بن عبد الله، أبو الحسن الموصلي
[1] :
قدم بغداد وحدث بها عن أبي يعلى أحمد بن علي بن المثنى وغيره. روى عنه
الدارقطني، وابن رزقويه [2] ، وكان صدوقا. وتوفي في محرم هذه السنة.
2634- جعفر بن مُحَمَّد بن أحمد بن الحكم، أبو محمد المؤدب
[3] .
واسطي الأصل، سمع الباغندي، والكديمي، وعبد الله ابن أحمد. روى عنه ابن
رزقويه، وأبو علي بن شاذان. وكان ثقة كثير الحديث. توفي في رمضان هذه
السنة.
2635- شجاع [4] [بن جعفر] [5] بن أحمد/ أبو الفوارس [6] الوراق الواعظ
[7] :
كان يذكر أنه من ولد أبي أيوب الأنصاري، وحدث عن عباس الدوري وابن أبي
خيثمة [8] ، والكديمي. وروى عنه أبو علي بن شاذان، وتوفي في هذه السنة.
2636-[عَبْد اللَّه بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن، أَبُو بَكْر،
الرّازيّ الأصل، النَّسَائيّ
[9] .
روى عَنِ الجنيد، وسمنون، وأبي عثمان وغيرهم. وكتب الحديث ورواه،
وَكَانَ ثقة. تُوُفِّيَ في هذه السنة.
2637- عَبْد العزيز بْن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بْن الواثق باللَّه،
أبو محمد الهاشمي
[10] .
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 149، وفيه: «أبو الحسين» .
[2] في الأصل: «رزقونة» .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 231) .
[4] في ت: «شجاع بن محمد بن أحمد ... » .
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] في ص: «ابن أبي الفوارس» .
[7] انظر ترجمته في: (طبقات الأولياء ص 360. وطبقات الصوفية 192- 194.
والحلية 10/ 237) .
[8] في الأصل: «وأبي خيثمة» .
[9] هذه الترجمة والتي تليها سقطتا من الأصل، ص، ل.
[10] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 457) .
(14/158)
سمع أبا مسلم الكجي، وأبا شعيب الحراني،
ويوسف القاضي، وجعفر الفريابي. روى عنه الدارقطني، وابن رزقويه، وكان
ثقة، تُوُفّي فِي ذي الحجّة] .
2638- محمد بن إِسْمَاعِيل بن موسى
بن هارون، أبو الحسين الرازي [1] المكتب [2] .
سكن بغداد بقصر عيسى، وحدث عن أبي حاتم الرازي، وإبراهيم الحربي
وغيرهما. وهو ضعيف، وله أحاديث منكرة، منها:
مَا أَخْبَرَنَا به عَبْد الرَّحْمَنِ بْن محمد [3] . أخبرنا أبو بكر
عَلِيّ بْن ثابت [4] الخطيب، أخبرنا علي بن أحمد الوزان [5] أخبرنا
محمد بن إسماعيل بن موسى، حدثنا عمرو بن تميم [بن سيار] [6] قال حدثنا
هوذة بن خليفة عن ابن جريج، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «ان سركم أن تزكو صلاتكم فقدموا
خياركم» . قال الخطيب: هذا حديث منكر بهذا الإسناد، ورجاله كلهم ثقات،
والحمل فيه على الرازي، وكان أبو القاسم هبة الله بن الحسن الطبري
يكذبه في رواياته.
2639- محمد بن المهلب، ويلقب بندار، ويكنى: أبا الحسين الشيرازي
[7] .
كان الشبلي يعظمه، وتوفي في هذه السنة.
2640- مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الحسن، أبو عبد الله التروغندي الطوسي
[8] :
صحب أبا عثمان الحيري، وكان عالي الهمة، له كرامات.
[توفي في هذه السنة]
[9] .
__________
[1] في الأصل: «الفزاري» .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 50) .
[3] «بن محمد» سقطت من ص، ل، ت.
[4] «على بن ثابت» سقطت من ل، ص، ت.
[5] في ص، ل، تاريخ بغداد. «الرزاز» .
[6] في الأصل: «حدثنا عمر بن تميم، حدثنا» .
[7] البزار: هو من يكون مكثرا من شيء يشتري منه من هو أسفل منه أو أخف
حالا وأقل مالا منه ثم يبيع ما يشتري منه من غيره. (الأنساب 2/ 311) .
[8] في ص: «البروغندي» . انظر ترجمته في: طبقات الأولياء ص 242. وطبقات
الصوفية 494- 496.
[9] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
(14/159)
2641- محمد بن أبي الطيب أحمد بن أبي
القاسم عبد الله بن محمد البغوي يكنى أبا الفتح
[1] .
حدث عن بشر بن موسى، وجده البغوي.
وتوفي في يوم السبت لاثنتي عشرة بقيت من المحرم من هذه السنة.
2642- أبو إسحاق الهجيمي
[2] : ولد في سنة خمسين ومائتين، وسمع الحديث، وأقسم لا يحدث أو يجوز
المائة، فأبر الله عز وجل قسمه فجازها [3] ، وحدث في المحرم سنة إحدى
وخمسين وثلاثمائة، / وتوفي في هذه السنة. رحمه اللَّه وإيانا وجميع
المسلمين
[4] .
__________
[1] انظر ترجمته في: البغوي: نسبة إلى بلدة من بلاد خراسان يقال لها
بغ، وبغشور. (الأنساب 2/ 254) .
[2] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 254) .
[3] في الأصل: «وجاوزها» .
[4] «رحمه الله وإيانا وجميع المسلمين» سقطت من. ص، ل، ت.
(14/160)
ثم دخلت سنة أربع
وخمسين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه عمل في يوم عاشوراء ما جرت به عادة القوم من إقامة النوح، وتعليق
المسوح.
وفي ليلة السبت الثالث عشر من صفر: انكسف القمر [كله] [1] .
وفي ليلة الثلاثاء لعشر بقين من ربيع الآخر: كبس مسجد براثا، وقتل في
قوامه [2] نفسان.
وفي نيسان: جاء برد كبار جدا، حكى بعض من يوثق به أنه وزن بردة فكان
[3] فيها مائة درهم.
[تقليد أبى أحمد الحسين بن موسى الموسوي
نقابة الطالبيين]
وفي يوم الأربعاء لأربع خلون من جمادى الآخرة. من هذه السنة: تقلد أبو
أحمد الحسين بن موسى الموسوي نقابة الطالبيين بأسرهم سوى أبي الحسن بن
أبي الطيب وولده، فإنهم استعفوا منه، فرد أمرهم إلى أبي الحسن علي بن
موسى حمولي.
وفي سحر يوم السبت لثمان بقين من جمادى الأولي: ماتت أخت معز الدولة،
فركب الخليفة (المطيع للَّه) [4] في طياره، وأصعد إليه إلى بستان
الصيمري [الّذي
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] في الأصل: «من قوامه» .
[3] في الأصل: «كان» .
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
(14/161)
ذكرنا أنه بناه في حوادث تلك السنة وكان
صعود الخليفة إليه بسبب تعزيته بأخته، فلما بلغ معز الدولة صعود
الخليفة إليه في دجلة] [1] نزل إليه معز الدولة ووقف في الدرجة ولم
يكلفه الصعود، فعزاه الخليفة فشكره معز الدولة وقبل الأرض دفعات، ثم
انحدر [المطيع إلى دار الخليفة] [2] .
وورد الخبر أن ملك الروم جاء إلى المصيصة ففتحها وقتل من أهلها مقتلة
عظيمة، وساق من بقي، وكانوا نحو مائتي ألف [وقد ذكرنا أنه كان في العام
الماضي أتى نحوها ولم ينل منها، لأجل قلة الميرة عليه، وقال ما قال،
فلما كان في هذه السنة، وهي سنة أربع وخمسين وثلاثمائة فتحها عنوة] [3]
ومضى إلى طرسوس [طالبًا لحصارها] [4] ، فأذعنوا بالطاعة، فأعطاهم
الأمان فدخلها، وأمرهم بالانتقال عنها، فانتقلوا، وجعل المسجد الجامع
اصطبلا لدوابه، ونقل ما فيه من القناديل إلى بلده، وأحرق المنبر، ثم
أمر بعمارتها فتراجع أهلها وتنصر بعضهم.
وفي هذه السنة [5] : جعل المسير بالحاج/ إلى أبي أحمد الحسين بن موسى
النقيب، وعمل يوم غدير خم ببغداد ما تقدم ذكره من إشعال النار في
ليلته، وضرب الدبادب والبوقات، وبكور الناس إلى مقابر قريش.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2643- أحمد بن الحسين [6] بن الحسن [7] بن عبد الصمد، أبو الطيب الجعفي
الشاعر المعروف: بالمتنبي
[8] :
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
وفي ص سقط كذلك ما بين المعقوفتين بالإضافة إلى: «نزل إليه معز الدولة
ووقف» ومكانها في ص:
«ليعوده فنزل إليه معز الدولة ووقف» . وكلمة «معز الدولة» سقطت من ل.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ل.
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ص.
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] في الأصل: «فيها» .
[6] «بن الحسين» سقطت من ص.
[7] في الأصل: «عبد المحسن» .
[8] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 4/ 102. والبداية والنهاية 11/ 256:
259) .
(14/162)
كان أبوه يعرف بعبدان، قال شيخنا ابن ناصر:
سمعت أبا زكريا يقول: سمعت أبا القاسم بن برهان، يقول: عبدان بفتح
العين جمع عبدانة، وهي النخلة الطويلة، ومن قال: عبدان بكسر العين فقد
أخطأ.
ولد المتنبي بالكوفة سنة ثلاث وثلاثمائة، ونشأ بالشام فأكثر المقام
بالبادية، وطلب الأدب، وعلم العربية، وفاق أهل عصره في الشعر، واتصل
بالأمير أبي الحسن بن حمدان المعروف بسيف الدولة، فانقطع إليه، وأكثر
القول في مديحه [1] ، ثم مضى إلى مصر فمدح [بها] [2] كافورا الخادم
[الإخشيدي ثم] [3] ورد [بعد ذلك] [4] بغداد.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ
بن علي بن ثابت، أَخْبَرَنَا عَلِي بْن الْمُحْسِنِ التَّنُوخِيُّ،
عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حدثني أبو الحسن محمد بن يحيى العلويّ، قال:
كان المتنبي وهو صبي ينزل في جوار بالكوفة، وكان أبوه يعرف بعبدان
السقاء، يستقي لنا ولأهل المحلة، ونشأ هو محبا للعلم والأدب، وصحب
الأعراب فجاءنا بعد سنين بدويا قحا وكان تعلم الكتابة والقراءة، وأكثر
من ملازمة الوراقين.
فأخبرني وراق كان يجلس إليه، قال لي: ما رأيت أحفظ من هذا الفتى ابن
عبدان، قلت له: كيف؟ قال: كان اليوم عندي وقد أحضر رجل كتابًا من كتب
الأصمعي نحو ثلاثين ورقة ليبيعه، فأخذ ينظر فيه طويلا، فقال له الرجل:
يا هذا أريد بيعه وقد قطعتني عن ذلك، / وإن كنت تريد حفظه فهذا إن شاء
الله يكون بعد شهر، فقال له:
فإن كنت قد حفظته في هذه المدة ما لي عليك، قال: أهب لك الكتاب، قال:
فأخذت الدفتر من يده، فأقبل يتلوه علي إلى آخره ثم استلمه [5] فجعله في
كمه، فقام صاحبه وتعلق به وطالبه بالثمن، فقال: ما إلى ذلك سبيل قد
وهبته لي فمنعناه منه، وقلنا له:
أنت شرطت على نفسك هذا للغلام فتركه عليه.
__________
[1] في الأصل: «مدحه» .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ص ما عدا «ثم» لم تسقط من ص.
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] في الأصل: «استلبه» .
(14/163)
قال المحسن: وسألت المتنبي عن نسبه فما
اعترف لي به، وقال: أنا رجل أختط [1] القبائل، وأطوي البوادي وحدي،
ومتى انتسبت لم آمن أن يأخذني بعض العرب بطائلة بيننا [2] وبين القبيلة
التي انتسب إليها، وما دمت غير منتسب إلى أحد فأنا اسلم على جميعهم.
قال المحسن: واجتمعت بعد موت المتنبي بعد سنين مع القاضي أبي الحسن ابن
أم شيبان الهاشمي، وجرى ذكر المتنبي، فقال: كنت أعرف أباه بالكوفة شيخا
يسمى:
عبدان، يستقى على بعير له، وكان جعفيا صحيح النسب، قال: وكان المتنبي
لما خرج إلى كلب، فأقام بينهم [3] ادعى أنه علوي حسني، ثم ادعى بعد ذلك
النبوة، ثم عاد يدعي أنه علوي إلى أن شهد عليه بالشام بالكذب في
الدعوتين، وحبس دهرًا طويلًا، وأشرف على القتل، ثم استتيب وأشهد عليه
بالتوبة وأطلق.
قال المحسن: وحدثني أبو علي بن أبي حامد، قال: سمعت خلقا كثيرًا بحلب
يحكون وأبو الطيب المتنبي بها إذ ذاك أنه تنبأ في بادية السماوة
ونواحيها إلى أن خرج بها لؤلؤ أمير حمص، فقاتله وأسره وشرد من كان
اجتمع إليه من كلب وكلاب وغيرهما من قبائل العرب، وحبسه دهرًا طويلا
فاعتل وكاد يتلف، فسئل في أمره، فاستتابه وكتب عليه ببطلان ما ادعاه/
ورجوعه إلى الإسلام، قال: وكان قد تلا على البوادي كلامًا ذكر أنه
قرآنا أنزل عليه، فمن ذلك: «والنجم السيار، والفلك الدوار، والليل
والنهار، إن الكافر لفي أخطار، امض على سنتك واقف أثر من كان قبلك من
المرسلين، فإن الله قامع بك زيغ من أَلْحَدَ في دينه وضل عن سبيله» .
قال: وكان المتنبي إذا شوغب في مجلس سيف الدولة فَذكر أن له [4] هذا
القرآن وأمثاله مما يحكى عنه فينكره ويجحده. قال: وقال ابن خالويه
النحوي يومًا في مجلس سيف الدولة: لولا أن الآخر جاهل لما رضي أن يدعى
بالمتنبي، لأن «متنبي» معناه:
__________
[1] في المطبوعة: «أخبط» .
[2] في ل: «بينها» .
[3] في ص، ل: «فيهم» .
[4] في الأصل: «يذكر له» .
(14/164)
كاذب، ومن رضي أنه يدعى بالكذب فَهُوَ كاذب
[1] فهو جاهل، فقال له: أنا لست أرضى أن أدعى به [2] وإنما يدعوني به
من يريد الغض [3] مني، ولست أقدر على الامتناع.
قال المحسن: فأما أنا فسألته في الأهواز سنة أربع وخمسين وثلاثمائة عن
معني المتنبي، فأجابني بجواب مغالط لي، وقال: هذا شيء كان في الحداثة
أوجبته الصورة- فاستحييت أن أستقصي عليه، فأمسكت [4] .
ذكر مقتل المتنبي
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ
بن علي بن [ثابت] [5] الحافظ قال:
حدثني علي بن أيوب قال: خرج المتنبي من بغداد إلى فارس، فمدح عضد
الدولة وأقام عنده مديدة، ثم رجع من شيراز يريد بغداد، فقتل بالطريق
بالقرب من النعمانية في شهر رمضان، وقيل: في شعبان [من] [6] سنة أربع
وخمسين وثلاثمائة، وفي سبب قتله ثلاثة أقوال: أحدها: أنه كان معه مال
كثير فقتلته العرب لأخذ ماله، فذكر بعض العلماء أنه وصل إليه من عضد
الدولة أكثر من مائتي ألف درهم، والقصيدة قصيدته التي يقول [7] فيها/:
ولو أني استطعت غضضت [8] طرفي ... فلم أبصر به حتى أراكا
وفي آخرها:
وَأَنَّى [9] شِئْتِ يا طُرُقِي فكوني ... أذاة أو نجاة [10] أو هلاكا
__________
[1] «فهو كاذب» سقطت من ص، ل.
[2] في ص، ل: «أدعى بهذا» .
[3] في الأصل: «العق» .
[4] في ت ذكرت أبيات للمتنبي، فقال المؤلف: «وأشعاره فائقة الحسن ... »
ثم ساق الأشعار، وبعدها:
ذكر مقتل المتنبي.
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[7] «يقول» سقطت من ل، ص.
[8] في ص، ل: «حفظت» .
[9] في الأصل: و «إما» .
[10] في ص، ل: «نجاحا» .
(14/165)
فجعل قافية البيت الهلاك فهلك، وذلك أنه
ارتحل عن شيراز بحسن حال، وكثرة مال، ولم يستصحب خفيرًا، فخرج عليه
أعراب فحاربهم فقتل هو وابنه محمد [1] ، وفتى [2] من غلمانه، وفاز
الأعراب بأمواله، وكان قتله بشط دجلة في موضع يعرف بالصافية، يوم
الأربعاء لثلاث بقين من رمضان سنة أربع وخمسين وثلاثمائة [3] ، واسم
قاتله: فاتك بن أبي الجهل الأسدي.
والثاني: أن سبب قتله: كلمة قالها عن عضد الدولة، فدس عليه من قتله.
وذكر مظفر بن علي الكاتب قال: اجتمعت برجل من بني ضبة [4] ، يكنى: أبا
رشيد، فذكر أنه حضر قتل المتنبي، وأنه كان صبيًا حين راهق حينئذٍ، وكان
المتنبي قد وفد على عضد الدولة وهو بشيراز، ثم صحبه إلى الأهواز فأكرمه
ووصله بثلاثة آلاف دينار، وثلاث كساء، في كل كسوة سبع قطع، وثلاثة
أفراس بسروج محلاة، ثم دس عليه من سأله: أين هذا [العطاء] [5] من عطاء
سيف الدولة بن حمدان، فقال المتنبي:
هذا أجزل، إلا أنه عطاء متكلف، وكان سيف الدولة يعطى طبعًا، فاغتاظ عضد
[6] الدولة لما نقل إليه هذا، وأذن لقوم من بني ضبة [7] في قتله إذا
انصرف، قال: فمضيت مع أبي، وكنا في ستين راكبا، فكمنّا في واد فمر في
الليل، ولم يعلم به، فلما أصبحنا تقفينا [8] أثره فلحقناه، وقد نزل تحت
شجرة كمثرى وعندها عين، وبين يديه سفرة طعام، فلما رآنا قام ونادى:
هلموا وجوه العرب، فلم يجبه/ أحد فأحس بالداهية، فركب ومعه ولده وخمسة
عشر غلاما، له، وجمعوا الرجال والجمال والبغال، فلو ثبت مع الرَّجالة
لم يقدر عليه، ولكنه برز إلينا يطاردنا. قال: فقتل ولده، وأخد غلمانه،
وانهزم شيئًا يسيرا [9] . فقال له غلام له: أين قولك.
__________
[1] في الأصل: «ابنه محسن» .
[2] في ص، ل: «وبقي» .
[3] في الأصل: «هذه السنة» .
[4] في الأصل: «ظبة» .
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] في الأصل: «سيف الدولة» .
[7] في الأصل: «ظبة» .
[8] في ص، ل: «تبعنا» .
[9] في ص: «يسيرا يسيرا» . وفي ل: «شيئا فشيئا» .
(14/166)
الخيل والليل والبيداء تعرفني ... والحرب
والضرب والقرطاس والقلم
فقال له: قتلتني قتلك الله، والله لا انهزمت اليوم، ثم رجع كارًّا
علينا فطعن زعيمنا في عنقه فقتله، واختلفت عليه الرماح فقتل، فرجعنا
إلى الغنائم، وكنت جائعا فلم يكن لي هم إلا السفرة، فأخذت آكل منها،
فجاء أبي فضربني بالسوط، وقال:
الناس في الغنائم وأنت مع بطنك؟ اكفأ ما في الصحاف، وأعطنيها، فكفأت ما
فيها ودفعتها إليه، وكانت فضة، ورميت بالدجاج والفراخ في حجرتي.
والثالث: أن المتنبي هجم على ضبّه الأسدي فقال:
ما أنصف القوم [1] ضبَّه. وأمه الطرطبَّه فبلغته فأقام له في الطريق
مَنْ قتله، وقتل ولده، وأخذ ما معه، وكان ضبة يقطع الطريق. ذكره هلال
بن المحسن الصابي.
وأشعاره فائقة الحسن، رائعة [2] الصناعة، وقد ذكرت من منتخبها أبياتًا
كعادتي عند ذكر كل شاعر. [أذكره، فمن ذلك قوله] [3] .
حاشى [4] الرَّقيبُ فخانته ضَمائِرُه ... وغِيضَ الدَّمع فانهلت بوادره
وكاتم الحب يوم البين منهتك ... وصاحب الدمع لا تخفى سرائره
يا من تحكم في نفسي فعذبني ... وَمَنْ فؤادي على قتلي يظافره
تمضي الركائب والأبصار شاخصة [5] ... منها إلى الملك الميمون طائره
حلو خلائقه شوس حقائقه ... يحصى الحصى قبل أن يُحصى مآثره
تضيق عن جيشه الدنيا ولو رحبت ... كصدره لم تضق فيها عساكره
وله: /.
لك يا منازل في القلوب منازل ... أقفرتِ أنتِ وهُنَّ منك أواهل
__________
[1] في ص، ل: «اليوم» .
[2] في ص، ل: «محكمة» .
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] في الأصل: «حار» .
[5] في الأصل: «والأشخاص ناظرة» .
(14/167)
يعلمن ذاك وما علمتِ وإنما ... أولاكُمَا
يبكى عليه العاقل
وأنا الذي اجتلب المنية طرفه ... فمن المطالب والقتيل القاتل
أثنى عليك ولو تشاء لقلت لي ... قصرت فالإمساك عني نائل
لا تجسر الفصحاء [1] تنشد ها هنا ... بيتا ولكني الهزبر الباسل
ما نال أهل الجاهلية كلهم ... شعري ولا سمعت بسحري بابل
وإذا أتتك مذمتي من ناقص ... فهي الشهادة لي بأني فاضل
وله:
قد علم البين منا البين أجفانا ... تدمى وأَلَّفَ في ذا القلب أحزانا
قد كنت أشفق من دمعي على بصري ... فاليوم كل عزيز بعدكم هانا
تهدي البوارق أخلاف المياه لكم ... وللمحب من التذكار نيرانا
إذا قدمت على الأهوال [2] شيعني ... قلب إذا شئت أن يسلاكم خانا
لا أستزيدك فيما فيك من كرم ... أنا الذي نام إن نبهت يقظانا
وله:
كل يوم لك احتمالُ جديد ... ومسير للمجد فيه مُقَام
وإذا كانت النفوس كبارًا ... تعبت في مرادها الأجسام
وله:
أجاب دمعي وما الداعي سوى طلل ... دعا فلباه قبل الركب والإبل
ظللت بين أصيحابي أكفكفه ... فظل يفسح بين العذر والْعَذَلِ
أشكو النوى ولهم من مقلتي أرق ... كذاك أشكو وما أشكو سوى الكلل
وما صبابة مشتاق على أمل ... من اللقاء كمشتاق بلا أمل/
الهجر أقتل لي مما أراقبه ... أنا الغريق فما خوفي من البلل
قد ذقت شدة أيام ولذتها ... فما حصلت على صاب ولا عسل
__________
[1] في الأصل: «الشعراء» .
[2] في ص، ل: «الأحوال» .
(14/168)
وقد أراني الشباب الروح في بدني ... وقد
أراني المشيب الروح في بدلي
خذ ما تراه ودع شيئا سمعت به ... في طلعة البدر [1] ما يغنيك عن زحل
وله:
لعينيك ما يلقى الفؤاد وما لقي ... وللحب ما لم يبق مني وما بقي
وما كنت ممن يدخل العشق قلبه ... ولكن من يبصر جفونك يعشق
وبين الرضى والسخط والقرب والنوى ... مجال لدمع المقلة المترقرق
وأحلى الهوى ما شك في الوصل ربه ... وفي الهجر فهو الدهر يرجو ويتقي
وما كمد الحساد مما قصدته ... ولكنه من يزحم البحر يغرق
وله:
مَنِ الْجَآذر في زي الأعاريب ... حمر الحِلَى والمطايا والجلابيب
إن كنت تسأل شكًّا في معارفها ... فمن بلاك بتسهيد وتعذيب
كم زورة لك في الأعراب خافية ... أدهى وقد رقدوا من زورة الذيب
أزورهم وسواد الليل يشفع لي ... وأنثني وبياض الصبح يغرى بي
قد حالفوا [2] الوحش في سكنى مراتعها ... وخالفوها بتقويض وتطنيب
جيرانها وهمُ شر الجوار لها ... وصحبها وهمُ شرُّ الأصاحِيبِ
فؤادُ كل محبٍ في بيوتِهِمُ ... ومال كل أَخِيذِ المال مَسْلوُبِ
أفدى ظباء فلاةٍ ما عرفن بها ... مَضْغَ الكلامِ ولا صبْغ الحواجيب
/ ولا برزن من الحمام مائلة ... أوراكهنَّ صقيلات العَرَاقيب
ومن هوى كل من ليست مموهةً ... تَرَكْتُ لون مشيبي غير مخضُوب
كأن كل سؤال في مسامعه ... قميص يوسف في أجفان يعقوب
أنت الحبيب ولكني أعوذ به ... من أن أكون محبًا غير محبوب
__________
[1] في الأصل: «الشمس» .
[2] من ص، ل: «وافقوا» .
(14/169)
2644- علي بن محمد بن أحمد بن إسحاق بن
البهلول، أبو الحسن التنوخي القاضي
[1] .
ولد في شوال سنة إحدى وثلاثمائة، وكان حافظا للقرآن، قرأ على أبي بكر
بن مقسم بحرف حمزة، وقرأ على ابن مجاهد بعض القرآن، وتفقه على مذهب أبي
حنيفة، وقرأ من النحو واللغة والأخبار والأشعار [2] ، وقال الشعر،
وتقلد القضاء بالأنبار، وهيت، من قبل أبيه، ثم ولي من قبل الراضي
باللَّه سنة سبع وعشرين القضاء بطريق خراسان، ثم صرف وبقي إلى أن قلده
أبو السائب عتبة بن عبد الله [3] في سنة إحدى وأربعين، وهو يومئذ يتولى
قضاء القضاة بالأنبار، وهيت، وأضاف [له] [4] إليهما بعد مدة الكوفة، ثم
أقره على ذلك أبو العباس بن أبي الشوارب لما ولي قضاء القضاة مدة، ثم
صرفه، ثم لما ولي عمر بن أكثم قضاء القضاة قلده عسكر مكرم، وإيذج مدة،
وحدَّث فروى عنه المحسن بن علي التنوخي، وتوفي فِي ربيع الأول [5] من
هذه السنة.
2645- محمد بن الحسن بن يعقوب بن الحسن بن الحسين بن مقسم، أبو بكر
العطار المقرئ
[6] .
ولد سنة خمس وستين ومائتين، وسمع أبا مسلم الكجي، وثعلبًا وإدريس بن
عبد الكريم [الحداد] [7] وغيرهم، روى عنه ابن رزقويه [8] ، وابن شاذان،
وغيرهما، وكان ثقة من أعرف الناس بالقراءات [9] وأحفظهم لنحو الكوفيين،
وله في معاني القرآن كتاب سماه: «كتاب الأنوار» وما رأيت مثله، وله
تصانيف عدة/ ولم يكن له عيب إلا أنه
__________
[1] «القاضي» سقطت من ص، ل. انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 12/ 82) .
[2] من ت: «الأشعار والأخبار» .
[3] من المطبوعة: «عبيد الله» .
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] من ص، ل: «الآخر» .
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 206، والبداية والنهاية 11/ 259،
260) .
[7] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[8] في الأصل: «رزقونة» .
[9] في الأصل: «بالقرآن» .
(14/170)
قرأ بحروف تخالف الإجماع، واستخرج لها
وجوها من اللغة والمعني، مثل ما ذكر في [كتاب] [1] «الاحتجاج» للقرافي
[في] [2] قوله تعالى: (فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا
نَجِيًّا) 12: 80 [3] فقال: لو قرئ خلصوا نجبا بالباء لكان جائزا، وهذا
مع كونه يخالف الإجماع بعيد [من] [4] المعني، إذ لا وجه للنجابة عند
يأسهم من أخيهم، إنما اجتمعوا يتناجون [5] ، وله من هذا الجنس من تصحيف
الكلمة، واستخراج وجه بعيد لها، مع كونها لم يقرأ بها كثير، وقد أنكر
العلماء هذا عليه، وارتفع الأمر إلى السلطان، فأحضره واستتابه بحضرة
الفقهاء والقراء فأذعن [6] بالتوبة، وكتب محضر بتوبته، وأشهد [7] عليه
جماعة ممن حضر، وقيل: إنه لم ينزع عن تلك الحروف، وكان يقرئ بها إلى أن
مات.
أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد [8] [القزاز] [9] أخبرنا أبو بكر
أحمد بن علي، أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد المقرئي، أخبرنا أبو طاهر
عبد الواحد بن عمر بن أبي هاشم. قال: وقد نبغ نابغ في عصرنا هذا فزعم
أن كل ما صح عنده وجه في العربية لحروف من القرآن يوافق خط المصحف،
فقراءته جائزة في الصلاة، فابتدع بقوله ذلك بدعة ضل بها عن قصد السبيل،
وأورط نفسه في مزلة عظمت بها جنايته على الإسلام وأهله، وحاول إلحاق
كتاب الله من الباطل ما لا يأتيه من بين يديه ولا من خلفه، إذ جعل لأهل
الإلحاد في دين الله بسيّء رأيه طريقًا إلى مغالطة أهل الحق بتخير
القراءات من جهة البحث والاستخراج بالآراء دون التمسك بالأثر، وقد كان
أبو بكر شيخنا نشله
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] سورة: يوسف الآية: 80.
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] من ل: «ينتاجون» .
[6] من ص: «فأذن» .
[7] من ص، ل: «وشهد» .
[8] «عبد الرحمن بن محمد» سقطت من ص.
[9] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل.
(14/171)
من بدعته المضلة باستتابته منها، وشهّد
عليه الحكام والشهود والمقبولين عند الحكام بترك ما أوقع [1] نفسه فيه
من الضلالة بعد أن سئل البرهان على صحة ما ذهب إليه، فلم يأت بطائل،
ولم تكن حجته قوية ولا ضعيفة، فاستوهب أبو بكر تأديبه [2] من السلطان
عند توبته، ثم عاود في وقتنا هذا إلى ما كان ابتدعه واستغوى من أصاغر
المسلمين ممن هو في الغفلة والغباوة، ظنا منه أن ذلك يكون للناس دينًا،
وأن يجعلوه فيما ابتدعه إمامًا.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ
بن علي [بن ثابت] [3] قال: حدثني أبو بكر أحمد بن محمد [المستملي] [4]
قال: سمعت [أبا] [5] أحمد الفرضي غير مرة يقول: رأيت في المنام كأني في
المسجد الجامع أصلي مع الناس، وكأن ابن مقسم قد ولي ظهره القبلة، وهو
يصلي مستدبرها، فأولت ذلك مخالفته الأئمة فيما اختاره من القراءات.
توفي أبو بكر بن مقسم يوم الخميس لثمان خلون من ربيع الآخر من هَذِهِ
السنة.
2646- محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن عبدويه بن موسى، أبو بكر
المعروف: بالشافعي
[6] .
ولد بجبل سنة ستين ومائتين وسكن بغداد، وسمع محمد بن الجهم، وأبا قلابة
الرقاشي، والباغندي، وخلقا كثيرا، وكان ثقة ثبتًا، كثير الحديث حسن
التصنيف، قد روى الحديث قديما فكتب عنه في زمان ابن صاعد، روى عنه
الدارقطني، وابن شاهين، وغيرهما من الأئمة، وآخر من روى عنه أبو طالب
بن غيلان حدثنا ابن الحصين [7] ، عن ابن غيلان عنه.
__________
[1] من الأصل: «ما وقع» .
[2] من الأصل: «زكريا ذنبه» .
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 5/ 456، والبداية والنهاية 11/ 260)
.
[7] من الأصل: «أبو طالب غيلان من الحجي عنه» .
(14/172)
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ
مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي بن ثابت قال: لما منعت الديلم
ببغداد الناس أن يذكروا فضائل الصحابة، وكتب سب السلف على المساجد كان
الشافعي يتعمد في ذلك الوقت إملاء الفضائل في جامع المدينة وفي مسجده
بباب الشام حسبة وقربة، وحدثني الأزهري أنه سمع ابن رزقويه [1] لما حدث
يقول [2] أدركتني دعوة أبي بكر الشافعي وذلك [3] ، أنه دعا الله لي بأن
أبقى حتى أحدث، فاستجيب له في، توفي أبو بكر الشافعي في ذي الحجة من
هذه السنة.
2647- مكي بن أحمد بن سعدويه، أبو بكر البرذعي
[4] .
أحد الرحالة/ في طلب الحديث، وسمع من ابن منيع، وابن صاعد، وغيرهما،
وتوفي في هذه السنة.
__________
[1] من الأصل: «رزقونة» .
[2] من الأصل: «يقول لما حدث» .
[3] «وذلك» سقطت من ل، ص.
[4] انظر ترجمته في: (الأنساب 2/ 144) .
(14/173)
ثم دخلت سنة خمس
وخمسين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه عمل في عاشوراء ما جرت عادة القوم بِهِ [1] من النوح وغيره، وورد
الخبر بأن بني سليم قطعوا الطريق على قافلة المغرب، ومصر، والشام
الحاجة إلى مكة في سنة أربع وخمسين، وكانت قافلة عظيمة، وكان فيها من
الحاج التجار والمنتقلون من الشام إلى العراق هربا من الروم، ومن
الأمتعة نحو عشرين ألف حمل [2] منها دق مصر ألف وخمسمائة حمل، ومن
أمتعة المغرب اثنا عشر ألف حمل وأنه كان في أعدال الأمتعة من الأموال
من العين [3] والورق ما يكثر مقداره جدًا، وكان لرجل يعرف بالخواتيمي
قاضي طرسوس فيها مائة وعشرون [4] ألف دينار عينا [5] وأن بني سليم
أخذوا الجمال [6] مع الأمتعة، وبقي الناس رحالة منقطعا بهم، كما أصاب
الناس في الهبير سنة القرمطي، فمن الناس من عاد إلى مصر ومنهم من تلف
وهم الأكثرون [7] .
وفي جمادى الآخرة نودي [8] برفع المواريث الحشرية وغيرها.
__________
[1] من ص، ل: «به عادة القوم» .
[2] من الأصل: «جهل» وكذا في باقي المواضع التالية.
[3] من ص، ل: «من الأموال العين» .
[4] من الأصل: «اثني عشر» .
[5] «عينا» سقطت من ص، ل.
[6] من الأصل: «الحمل» .
[7] من ص، ل: «وهم الأكثر من تلف» .
[8] من ص: «وقع» .
(14/174)
وفي رجب: تم الفداء بين سيف الدولة والروم،
وتسلم سيف الدولة أبا فراس بن سعيد بن حمدان، وأبا الهيثم بن [أبي] [1]
حصين بن القاضي.
وفي ليلة السبت لثلاث عشرة ليلة من شعبان: انكسف القمر [كله] [2] وغاب
منكسفًا.
وكتب معز الدولة إلى طاهر بن موسى أن يبني موضع الحبس الجديد/ ببغداد
مارستانًا، وعمل على أن يقف عليه وقفًا، وأفرد لذلك مستغلًا بالرصافة
ببغداد، وضياعًا بكلواذي، وقطربُّل، وجرجرايا ترتفع بخمسة آلاف دينار
وابتدأ طاهرك، فبني المسناة وأتمها، وابتدأ بالبناء داخلها فمات معز
الدولة قبل أن يستتم ذلك.
[ورود جيش من خراسان لغزو الروم]
وفي يوم السبت لعشر خلون من شوال: ورد الخبر بأن جيشًا ورد من خراسان
إلى الري قاصدا لغزو الروم، وكانوا بضعة عشر ألف رجل: أتراك وغيرهم،
وأن ركن الدولة حمل إليهم من الدواب والثياب والأطعمة شيئا كثيرا،
فقبلوه، فلما كان يوم من الأيام ركب هؤلاء الغزاة إلى منازل [ابن] [3]
العميد وزير ركن الدولة بالري، فقتلوا من وجدوا من الديلم، ونهبوا دار
أبي الفضل بن العميد وزير ركن الدولة، وهرب من بين [4] أيديهم فحاربهم
ركن الدولة فظفر بهم، وقتل منهم نحوا من ألف وخمسمائة، فانكشفوا من بين
يديه، وأخذوا طريق آذربيجان، فأنفذ معز الدولة أبا العباس بن سرخاب إلى
بغداد خوفًا من أن يصير هؤلاء الغزاة إليها فيحدثوا حادثة [5] ورسم له
كيف يحترس.
[وفي هذه السنة] [6] حج بالناس أبو أحمد النقيب [وهو الذي حج بهم في
السنة الخالية] [7] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] من ص، ل: «وهرب بين أيديهم» .
[5] «فيحدثوا حادثة» سقطت من ص.
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[7] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
(14/175)
ذكر من توفي في هذه
السنة من الأكابر
2648- الحسين بن داود بن علي بن عيسى بن محمد بن القاسم بن الْحَسَن
بْن زيد بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ بن أبي طالب، أبو عبد الله العلوي
[1] .
أخبرنا زاهر بن طاهر أبو القاسم الشحامي [2] قال: أنبأنا أبو عثمان
إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني، وأبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي،
وأبو عثمان سعيد بن محمد، وأبو بكر محمد بن عبد العزيز [3] قالوا:
أخبرنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله/ الحافظ قال: كان الحسين
بن داود شيخ آل رسول الله صَلى اللهُ عَلَيه وَسَلَّمَ في عصره بخراسان
وسنى العلوية في أيامه، وكان من أكثر الناس صلاة وصدقة ومحبة لأصحاب
رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صحبته برهة من الدهر، فما
سمعته ذكر عثمان إلا قال: أمير المؤمنين الشهيد رضي الله عنه، وبكى وما
سمعته ذكر عائشة إلا قال: الصديقة بنت الصديق حبيبة حبيب الله وبكى.
سمع من جعفر بن أحمد الحافظ، وعبد الله بن محمد بن شيرويه، وأكثر عن
أبي بكر بن خزيمة، وأبي العباس الثقفي، [وهو] [4] من أجل بيت للحسنية
وأكثرهم اجتهادًا بخراسان [5] ، فإن داود بن علي كان المنعم على آل
رسول الله صَلى اللهُ عَلَيه وَسَلَّمَ في عصره، وعلي بن عيسى كان أزهد
العلوية في عصره وأكثرهم اجتهادا، وكان [عيسى] [6] يلقب بالفياض من
كثرة عطاياه، وكان محمد بن القاسم ينادم الرشيد، ثم بعده المأمون، وكان
القاسم راهب آل محمد صلى الله عليه وسلّم في عصره وكان [7] الحسن بن
زيد أمير المدينة في عصره وأستاذ مالك بن أنس، وقد روى عنه في الموطأ.
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 45، والبداية والنهاية 11/ 261) .
[2] «أبو القاسم الشحامي» سقطت من ص.
[3] من ص: «عبد الرحيم» .
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] في الأصل: «بيت للحسنية بخراسان وأكثرهم اجتهادا، فإن ... » .
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[7] «كان» سقطت من ص، ل.
(14/176)
توفي الحسين بن داود يوم الاثنين ثاني عشر
جمادى الآخرة سنة خمس وخمسين وثلاثمائة بين الظهر والعصر، وسمعته في
ربيع الآخر سنة خمس وخمسين وثلاثمائة يقول: رأيت رؤيا عجيبة فسألناه عن
الرؤيا فقال: رأيت في المنام كأني على شط البحر، فإذا أنا بزورق كأنه
البرق يمر، فقالوا: هذا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَقُلْتُ: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: وعليك
السلام. فما كان بأسرع من أن رأيت زورقا آخر قد أقبل فقالوا: هذا أمير
المؤمنين علي بن أبي طالب. فقلت: السلام عليك يا أبت، فقال: وعليك/
السلام فما كان أسرع من أن جاء زورق آخر قد ظهر قالوا: الحسن بن علي،
فقلت:
السلام عليك يا أبت، فقال: وعليك السلام، فما كان بأسرع من أن جاز زورق
آخر وليس فيه أحد فقلت: لمن هذا الزورق. فقالوا: هذا الزورق لك. فما
أتى عليه بعد هذه الرؤيا إلا أقل من شهر حتى توفي.
2649- عبد الرحمن بن محمد بن متويه، أبو القاسم الزاهد البلخي
[1] .
محدث بلخ في عصره، سمع من جماعة وقدم بغداد في سنة خمسين وثلاثمائة
حاجًا فانتخب عليه محمد بن المظفر، وروى عنه ابن رزقويه [2] والحمامي،
وكان ثقة، وتوفي في هذه السنة.
2650- مُحَمَّد [3] بن الحسين بن علي بن الحسن بن يحيى بن حسان بن
الوضاح، أبو عبد الله الأنباري، يعرف: بالوضاحي الشاعر
[4] .
انتقل إلى خراسان فنزلها، وسكن نيسابور وكان يذكر أنه سمع الحديث من
المحاملي، وابن مخلد، وأبي روق، روى عنه الحاكم [أبو عبد الله
النيسابوري] [5] ، شيئا من شعره، وقال: كان أشعر من في وقته. ومن شعره:
سقى الله باب الكرخ ربعًا ومنزلا ... ومن حله صوب السحاب المجلجل
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 294) .
[2] في الأصل: «رزقونة» .
[3] «محمد» سقطت من ت.
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 241، والبداية والنهاية 11/ 261)
.
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
(14/177)
فلو أن باكي دمنة الدار باللوى ... وجارتها
أم الرباب بمأسل
رأى عرصات الكرخ أو حل أرضها ... لأمسك عن ذكر الدخول فحومل
توفي [محمد] [1] الوضاحي بنيسابور في رمضان هذه السنة.
2651- محمد بن أحمد بن هارون بن محمد الريوندي [2] ، المعروف بأبي بكر
الشافعي
[3] .
أَخْبَرَنَا زاهر بن طاهر، أَنْبَأَنَا أَبُو عُثْمَانَ الصَّابُونِيُّ
وَأَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ قالا: / أخبرنا الحاكم أبو عَبْدِ
اللَّهِ قَالَ: سَمِعَ أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ مَعَ أَبِي بَكْرِ
بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْدَهْ مِنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ
بْنِ أَيُّوبَ وَأَقْرَانِهِ [بِالرَّيِّ] [4] ثُمَّ لَمْ يَقْتَصِرْ
عَلَى ذَلِكَ، وَحَدَّثَ بِالْمَنَاكِيرِ، وَرَوَى عَنْ قَوْمٍ لا
يَعْرِفُونَ مِثْلَ [أَبِي] [5] الْعكوكِ الْحِجَازِيّ وَغَيْرِهِ،
فَدَخَلْتُ يَوْمًا عَلَى [6] أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيِّ فَعَرَضَ عَلَيَّ حَدِيثًا بِإِسْنَادٍ
مُظْلِمٍ عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ: سَمِعْتُ سَمُرَةَ بْنَ
جُنْدُبٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ أَرَادَ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا فَقَّهَهُ فِي
الدِّينِ» فَقُلْتُ: هَذَا بَاطِلٌ. فَقَالَ: حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو
بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ. فَقُلْتُ:
هَذَا مَوْضُوعٌ، وَإِنَّمَا تَقَرَّبَ [7] بِهِ إِلَيْكَ لأَنَّكَ
مِنْ وَلَدِ الْحَجَّاجِ فَضَحِكَ [8] ، فلما كان بعد أيام دخل المسجد
شيخ لا أعرفه فصلى معي، ثم قال: جئت في شيء أعرضه عليك أتعرفني؟ قلت:
لا. قال: أنا أبو بكر الشافعي، إنما بعث بي أبو محمد [9] الثقفي [إليك]
[10] لأعرض حديثي عليك، فلا أحدث إلا بما ترى. فقلت: دع أولًا [أبا]
[11]
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] من الأصل: «الدّيوندى» .
[3] انظر ترجمته في: (الأنساب 6/ 213) .
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] من الأصل: «فدخلت عليه يوما» .
[7] من ص، ل: «يقرب» .
[8] «فضحك» سقطت من ص.
[9] من الأصل: «أبو بكر» .
[10] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[11] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
(14/178)
العكوك الحجازي، وأحمد بن عمرو الزنجاني،
فعندي أن الله تعالى لم يخلقهما، ثم أعرض عليَّ أصولك لندبر فيها.
فقال: الله الله فيّ فإنهما رأس المال كتبت عن أبي العكوك بمكة، وعن
[1] أحمد بن عمرو ببغداد فقلت: أخرج أصولك عنهما إن كان الغلط مني،
وحدثته أن شيخنا شهد لك بالسماع معه من محمد بن أيوب، فلو اقتصرت على
ذلك كان أولي بك، ففارقني على هذا فكأنني قلت له زد فيما ابتدأت فإنه
زاد عليه. توفي في هذه السنة.
2652- محمد بن عمر بن سالم بن البراء بن سبرة بن سيار، أبو بكر قاضي
الموصل، ويعرف بابن الجعابي
[2] .
ولد سنة أربع وثمانين ومائتين، وحدث عن يوسف القاضي وجعفر الفريابي،
وخلق كثير، وكان أحد الحفاظ المجودين، صحب أبا العباس بن عقدة وعنه أخذ
الحفظ، وله تصانيف كثيرة في علوم الحديث/.
روى عنه الدارقطني، وابن شاهين، وابن رزقويه [3] ، وكان أبو علي الحافظ
يقول: ما رأيت في البغداديين أحفظ منه، وقد رأي ابن صاعد، وأبا بكر
النيسابوري، وغيرهما.
أخبرنا القزاز، أخبرنا الخطيب قال: حدثني أبو الوليد الحسن بن محمد
الدربندي قَالَ: سمعت محمد بن الحسين بن الفضل القطان يقول: سمعت أبا
بكر الجعابي [4] يقول: دخلت الرقة وكان لي ثم قمطر من كتب، فأنفذت
غلامي إلى ذلك الرجل الذي كتبي عنده، فرجع الغلام مغمومًا فقال: ضاعت
الكتب، فقلت: يا بني لا تغتم، فان فيها مائتا ألف حديث لا يشكل عليّ
منها حديث لا إسنادًا ولا متنًا.
أنبأنا محمد بن عبد الباقي، أنبأنا علي بن أبي علي، عن أبيه قال: ما
شاهدنا أحفظ من أبي بكر الجعابي [5] وسمعت من يقول: إنه يحفظ مائتي ألف
حديث،
__________
[1] «عن» سقطت من ص، ل، ت.
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 3/ 26، والبداية والنهاية 11/ 261،
262) .
[3] من الأصل: «رزقونة» .
[4] من الأصل: «الجغابي» .
[5] من الأصل: «الجغابي» .
(14/179)
ويجيب في مثلها إلا أنه كان يفضل الحفاظ
بأنه كان يسوق المتون بألفاظها [1] وأكثر الحفاظ يتسامحون [2] في ذلك،
وكان يزيد عليهم بحفظ المقطوع والمرسل والحكايات، ولعله يحفظ من هذا
قريبا مما يحفظ من الحديث المسند، وكان إمامًا في المعرفة بعلل الحديث
وثبات الرجال، ومعتلهم، وضعفائهم، وأساميهم، وأنسابهم، وكناهم،
ومواليدهم، وأوقات وفاتهم، ومذاهبهم، وما يطعن به على كل أحد [3] وما
يوصف به السداد، وكان في آخر عمره قد انتهي هذا العلم إليه حتى لم يبق
في زمانه من يتقدمه فيه في الدنيا.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ
بن علي الحافظ قال: حدثني علي بن عبد الغالب الضراب قال: سمعت أبا
الحسن بن رزقويه [4] يقول، كان ابن الجعابي [5] يملي فتمتلئ السكة التي
يملي فيها، والطريق، ويحضره ابن المظفر والدارقطني، ولم يكن يملي
الأحاديث كلها بطرقها/ إلا من حفظه.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ [بْنُ مُحَمَّدٍ] [6] أَخْبَرَنَا
أَحْمَدُ بْن علي قَالَ: حدثني الحسن بْن محمد الأشقر قال: سمعت القاضي
أبا عمر القاسم بن جعفر الهاشمي يقول: سمعت الجعابيّ [7] يقول: أحفظ
أربعمائة ألف حديث، وأذاكر بستمائة [8] ألف حديث.
قال المصنف رحمه الله: كان الجعابي [9] يتشيع، ويسكن باب البصرة، وسئل
عن حديثه الدارقطني فقال: خلط. وقال البرقاني: كان صاحب غرائب، ومذهبه
معروف في التشيع، وقد حُكِيَ عنه قلة دين، وشرب الخمر، والله أعلم.
__________
[1] من الأصل: «بإسنادها» .
[2] من الأصل: «يسمعون» .
[3] من الأصل: «واحد» .
[4] من الأصل: «ابن رزقونة» .
[5] من الأصل: «الجغابي» .
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[7] من الأصل: «الجفابي» .
[8] من الأصل: «وأذكر ستمائة» .
[9] من الأصل: «الجغابي» .
(14/180)
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ
مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ:
حَدَّثَنِي الأَزْهَرِيُّ: أن ابن الجعابي لما مات صُلِّيَ عليه في
جامع المنصور، وحمل إلى مقابر قريش فدفن بها، وكانت سكينة نائحة
الرافضة تنوح مع جنازته، وكان أوصى أن تحرق كتبه، فأحرق [1] جميعها،
أحرق معها كتب للناس [2] كانت عنده.
وقال الأزهري: فحدثني أبو الحسين بن البواب قال: كان لي عند ابن
الجعابي مائة وخمسون جزءًا فذهبت في جملة ما أحرق.
توفي ابن الجعابي في [نصف] [3] رجب من هذه السنة [4] .
__________
[1] من ص، ل، ت: «فأحرق» .
[2] من ص، ل: «الناس» .
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] «توفي ابن الجعابي في نصف رجب من هذه السنة» . سقط من ت.
(14/181)
ثم دخلت سنة ست
وخمسين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه عمل في [يوم] [1] عاشوراء ما يعمله القوم من النوح وغيره، وتوفي
معز الدولة أبو الحسين أحمد بن بويه، وتولي ابنه عز الدولة أبو منصور
بختيار.
وفي يوم الخميس لسبع خلون من شعبان: خلع على القاضي أبي محمد عبيد الله
بن أحمد بن معروف، وقلد القضاء بالجانب الغربي من بغداد، ومدينة
المنصور، وحريم دار السلطان، وقلد القاضي أبو بكر أحمد بن سيار القضاء
فيما بقي من الجانب الشرقي من بغداد/ وخلع عليهما [2] وبعد مديدة قلد
القاضي أبو محمد بن معروف الأشراف على الحكم والحكام.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2653- أحمد بن بويه، أبو الحسين، الملقب معز الدولة
[3] .
قد ذكرنا أخبار بويه وأولاده في سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة، وأن أحمد
بن بويه
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] «أبو بكر أحمد بن سيار القضاء فيما بقي من الجانب الشرقي من بغداد
وخلع عليهما» ساقط من ص، ل، ت.
[3] انظر ترجمته في: (وفيات الأعيان 1/ 56) .
(14/182)
كان يحتطب على رأسه، ثم ملكوا البلاد
واستولوا عليها، وقد ذكرنا أحوال أبي الحسين ابن بويه وقدومه إلى بغداد
في سنة أربع وثلاثين، ودخوله على المستكفي، وحمله المستكفي إلى داره،
وغير ذلك من أحواله إلا [1] أنه أصعد إلى بغداد وخلف بواسط عسكره
وغلمانه والحاجب الكبير سبكتكين على أن يعود بعد عشرين يومًا إلى واسط،
فمرض ببغداد ولحقه ذرب وضعف، وكان لا يثبت في معدته طعام، فعهد إلى
ابنه بختيار ولما نزل به الموت أمر أن يحمل إلى بيت الذهب، واستحضر بعض
العلماء فتاب على يده، فلما حضر وقت الصلاة خرج ذلك الرجل إلى مسجد
ليصلي فيه فقال له معز الدولة: لم لا تصلي ها هنا؟ فقال: إن الصلاة في
هذه الدار لا تصح. وسأله عن الصحابة فذكر سوابقهم وأن عليا عليه السلام
زوج ابنته أم كلثوم من عمر بن [الخطاب] [2] فاستعظم ذلك وقال: ما علمت
بهذا، وتصدق بأكثر ماله، وأعتق مماليكه، ورد كثيرا من المظالم، وبكى
حتى غشي عليه.
وحكى أبو الحسين ابن الشيبة العلوي قال: بينا أنا في داري في دجلة
بمشرعة [3] القصب في ليلة غيم ورعد وبرق سمعت صوت هاتف يقول.
لما بلغت أبا الحسين ... مراد نفسك في الطلب
وأمنت من حدث الليالي ... واحتجبت عن النّوب
مدّت إليك يد الردى ... فأخذت من بيت الذهب
/ فأرخت الوقت وكان لأربع ساعات قد مضين من ليلة الثلاثاء سابع عشر
ربيع الآخر سنة ست وخمسين وثلاثمائة، ثم اتصل المطر أيامًا فلما انقشع
الغمام وانتشر الناس شاع الخبر بأن معز الدولة قد [4] توفي في تلك
الليلة، وكانت إمارته إحدى وعشرين سنة وأحد عشر شهرًا، وعمره ثلاث
وخمسون سنة، وكان قد سد فوهة نهر الرفيل، وشق النهروانات، وعمل المغيض
بالسندية، ورد المواريث الحشرية إلى ذوي الأرحام.
__________
[1] من ص، ل: «إلى أنه» .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] من الأصل: «بمشرفة» .
[4] «قد» سقطت من ص، ل، ت.
(14/183)
2654- حامد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن
معاذ، أبو علي الرفاء الهروي
[1] .
سمع ببغداد والكوفة ومكة، وحلوان، وهمذان، والري، ونيسابور، ثم قدم
بغداد فحدث فسمع الناس منه بانتخاب الدارقطني، وكان ثقة، وتوفي بهراة
في رمضان هذه السنة.
2655- عبد الخالق بن الحسن بن محمد بن [نصر] [2] أبو محمد السقطي
[3] .
سمع الباغندي، روى عنه ابن رزقويه [4] ، وكان ثقة أحد الشهود المعدلين،
وكان البرقاني يثني عليه ويوثقه، وتوفي في رجب هذه السنة.
2656- عمر بن جعفر بن محمد بن سلم، أبو الفتح الختلي
[5] .
ولد سنة إحدى وسبعين ومائتين، وسمع الحارث بن أبي أسامة، والكديمي،
والحربي، روى عنه ابن رزقويه [6] ، وكان ثقة صالحا، توفي في شعبان هذه
السنة وكان ثقة [7] ، ودفن في مقبرة الخيزران.
2657- عثمان بن محمد بن بشر، أبو عمر السقطي، المعروف بابن شُنقة
[8] .
ولد سنة تسع وتسعين [9] ومائتين، وحدث عن إِسْمَاعِيل القاضي، وإبراهيم
الحربي، روى عنه ابن رزقويه [10] كتب الناس عنه بانتخاب الدارقطني،
وكان البرقاني يثني عليه ويوثقه، توفي في ذي الحجة من هذه السنة.
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 172) .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 124) .
[4] في الأصل: «رزقونة» .
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 243) .
[6] في الأصل: «رزقونة» .
[7] «وكان ثقة» سقطت من ص، ل.
[8] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 304) .
[9] في الأصل، ص: «تسع وستين» .
[10] في الأصل: «رزقونة» .
(14/184)
2658- علي بن الحسين بن محمد بن أحمد بن
الهيثم بن عبد الرحمن بن مروان، أبو الفرج الأصبهاني الكاتب
[1] .
حدث عن محمد بن عبد الله [2] الحضرمي مطين، وخلق كثير، والغالب عليه
رواية الأخبار والآداب، وكان عالمًا/ بأيام الناس والسير، وكان شاعرًا،
وصنف كتبا كثيرة منها: «الأغاني» ، وكتاب «أيام العرب» ذكر فيه ألفا
وسبعمائة يوم، روى عنه الدارقطني وكان يتشيع، ومثله لا يوثق بروايته،
فإنه يصرح في كتبه بما يوجب عليه الفسق، ويهون [3] شرب الخمر، وربما
حكى ذلك عن نفسه، ومن تأمل كتاب «الأغاني» رأى كل قبيح ومنكر، توفي في
ذي الحجة من هذه السنة.
2659- علي بن عبد الله
[4] ، الملقب سيف الدولة [5] ، توفي في صفر هذه السنة بعسر البول.
2660- محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن حسنون [6] أبو الحسين، المعروف
بابن النرسي
[7] .
ولد سنة سبع وستين ومائتين، وسمع أبا حفص الكتاني، وكان صدوقا ثقة من
أهل القرآن، حسن الاعتقاد، ومات في صفر هذه السنة [8] ودفن في مقبرة
باب حرب.
2661- محمد بن إبراهيم بن محمد بن خالد [9] بن عيسى، أبو العباس [10] ،
يعرف: بالشيرجي، [11] مروزي [12] الأصل.
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 398، والبداية والنهاية 11/ 263)
.
[2] من الأصل: «محمد بن عبد الرحمن» .
[3] في ص، ل: «وتهون» .
[4] في ل: «علي بن عبد الرحمن» خطأ. وهذه الترجمة سقطت من ص.
[5] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 263، 264) .
[6] في الأصل: «الحسين» .
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 356) .
[8] في تاريخ بغداد: أنه توفي في سنة 456، وكان مولده سنة 367 هـ (انظر
تاريخ بغداد 1/ 356) .
[9] في الأصل: «خالد بن محمد» .
[10] في ص، الأصل: «ابن عباس» .
[11] في الأصل: «يعرف بالسرجي» .
[12] في الأصل: «مروي الأصل» . انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 412) .
(14/185)
سمع جعفر بن محمد الفريابي وحدث عنه [1]
ابن رزقويه [2] .
أخبرنا القزاز، أخبرنا الخطيب قال: قال محمد بن أبي الفوارس: [3] مات
أبو العباس محمد بن إبراهيم المروزي لتسع [4] بقين من ذي الحجة سنة ست
وخمسين وثلاثمائة، وكان شيخا ثقة مستورا لا بأس به.
2662- محمد بن إبراهيم بن أحمد بن أبي الحكم، أبو عبد الله الختلي
[5] حدث عن أبي مسلم الكجي [6] وغيره، روى عنه أبو الحسن بن طلحة
النعالي.
2663- محمد [7] بن إبراهيم الفروي [8] ، سمع أبا مسلم الكجي، وروى عنه
أبو نعيم الأصبهاني.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ
[بْنُ عَلِيِّ] [9] بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: قَالَ لي أبو نعيم هذا الشيخ
من ولد إسحاق بن أبي فروة، وكان شيخا له هيئة حسنة، وهو ثقة.
2664- محمد بن إبراهيم بن العباس بن الفضيل [10] أبو اليسر الموصلي
[11] .
قدم بغداد سنة اثنتين وستين وثلاثمائة، وروى بها عن أبي يعلى الموصلي/
كتاب «معجم شيوخه» وسمع [منه] [12] محمد بن أبي الفوارس.
__________
[1] «وحدث عنه» سقطت من ص.
[2] في الأصل: «رزقونة» .
[3] في ص، ل: «قال محمد بن أبي الفوارس يقول: مات ... » .
[4] في الأصل: «لسبع» .
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 413) .
[6] في الأصل: «الكنجي» .
[7] «محمد» سقطت من ت.
[8] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 414) .
[9] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[10] في ص: «الفضل» . وفي الأصل، والمطبوعة: «أبو بشر» وما أثبتناه ما
في تاريخ بغداد.
[11] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 414) .
[12] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
(14/186)
2665- يوسف بن عمر بن أبي عمر محمد بن يوسف
بن يعقوب بن إسماعيل بن حماد بن زيد، أبو نصر الأزدي
[1] .
ولد سنة خمس وثلاثمائة، وولي القضاء «بمدينة السلام» في حياة أبيه وبعد
وفاته، وما زال رئيسًا [2] عفيفًا [نزهًا] [3] نبيلًا، بارعًا في الأدب
والكتابة، فصيحا عارفًا باللغة والشعر، تام الهيبة، ولا يعرف [من] [4]
القضاة أعرف في القضاء منه، ومن أخيه أبي [5] الحسين، فإنهما وليا
القضاء بالحضرة، وكذلك أبوهما عمر، وجدهما محمد، وأبوه يوسف، فأما
يعقوب فإنه ولي قضاء مدينة سيدنا [6] رسول الله صلى الله عليه
وَسَلَّمَ، ثم تقلد فارس، وما زال أبو نصر واليًا على بغداد بأسرها [في
زمن] [7] الراضي إلى السنة التي مات فيها الراضي، [فإنه صرفه عن مدينة
المنصور بأخيه الحسين وأقره على الجانب الشرقي والكرخ فلما مات الراضي]
[8] صرف عن القضاء ببغداد وولي محمد بن عيسى المعروف [بأبن] [9] أبي
موسى [10] الضرير.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ
بن علي بن ثابت قال: حدثني التنوخي قال: أنشد [11] أبو الحسن أحمد بن
علي البتّي قال: أنشد أبو نصر يوسف بن عمر القاضي لنفسه:
يا محنة الله كُفِّي ... إن لم تكفي فخفي
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 14/ 322) .
[2] في الأصل: «مريشا» .
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] في ص، ل: «ومن أخيه الحسين» .
[6] «سيدنا» سقطت من ص، ل.
[7] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[8] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[9] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[10] في ص: «المعروف بابن موسى» .
[11] في ص: ل: «أنشدني» وكذلك في الموضع التالي.
(14/187)
ما آن ان ترجمينا ... من طول هذا التشفي
ذهبت أطلب بختي ... فقيل [1] لي قد توفي
ثور ينال الثريا [2] ... وعالم متخفي
الحمد للَّه شكرا ... على نقاوة حرفي
توفي أبو نصر [3] في ذي القعدة من هذه السنة. /
__________
[1] في الأصل: «قيل» .
[2] في الأصل: «الزبانا» .
هذا وقد تكرر البيت الثاني مرة أخرى قبل هذا البيت، وذلك من نسخة الأصل
فقط.
[3] «أبو نصر» سقطت من ص.
(14/188)
ثم دخلت سنة سبع
وخمسين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه عمل ببغداد يوم عاشوراء ما جرت به [1] عادة القوم من تعطيل الأسواق
وتعليق المسوح والنوح، وفي غدير خم ما [2] جرت به عادتهم أيضًا.
وفي يوم الاثنين لثلاث بقين من ربيع الآخر: صرف القاضي أبو محمد عبيد
الله ابن معروف عن القضاء في حريم دار السلطان، وتقلده القاضي أبو بكر
أحمد بن سيار مضافًا إلى ما كان إليه [3] من الجانب الشرقي، وأزيد ما
كان إلى ابن معروف من الإشراف على الحكام والأحكام.
وفي ذي القعدة: ورد الخبر بأن الروم سَبوا من سواد أنطاكية اثني عشر
ألفًا من المسلمين.
[هلاك الحاج الخراسانية وجمالهم بالعطش]
وورد خبر الحاج بأن أكثر أهل [4] الخراسانية هلكوا، وهلكت جمالهم
بالعطش، ومن سلم منهم وهم الأقل ولم يلحق يوم عرفة، ولم يتم لهم الحج،
وإنما تم لنفر يسير من أهل بغداد، ولم يرد من مصر غير الإمام ونفرين
[5] معه، ولم يحج من أهل الشام أحد، وورد من اليمن نفر يسير.
__________
[1] «به» سقطت من ص، ل.
[2] «ما» سقطت من ص، ل.
[3] «ابن معروف عن القضاء ... إلى ما كان إليه» سقط من ص.
[4] في الأصل: «ورد الخبر بأنه أكثر الحاج» .
[5] في ص، ل: «ونفسين» .
(14/189)
وفي تشرين الثاني: عرض للناس الماشرا، ووجع
الحلق، وكثر الموت فجاءه.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2666- إبراهيم المتقي للَّه، [أمير المؤمنين] [1] بن المقتدر
[2] .
كان قد أُلْجِئَ إلى أن [3] خلع نفسه كَمَا قد [4] ذكرنا في سنة ثلاث
وثلاثين وثلاثمائة، ثم عاش بعد ذلك إلى أن توفي في شعبان هذه السنة
وعمره يومئذ ستون سنة وأيام.
2667- الحسين بن محمد/ بن عبيد [5] بن أحمد بن مخلد بن أبان، أبو عبد
الله الدقاق، المعروف بابن العسكري
[6] .
كان ينزل [7] درب الشاكرية من الجانب الشرقي بنهر معلى، حدث عن [محمد
بن] [8] عثمان بن أبي شيبة، وابن مسروق [9] ، روى عنه الأزهري،
والجوهري، والخلال، وأبو علي الواسطي، والأزجي، والتنوخي.
قال العتيقي: كان ثقة أمينًا، وقال ابن أبي الفوارس: كان فيه تساهل.
توفي في شوال هذه السنة.
2668- عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن سَعِيد بْن هارون بْن زياد،
أَبُو بَكْر الأنماطي
[10] .
قَدِمَ بغداد حاجًا، وحدَّث بها عَنْ جماعة، وسمع ابن حسنويه، وكان ثقة
حافظا.
وتوفي بمرو في هذه السنة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 265) .
[3] في ص، ل: «إلى خلع نفسه» .
[4] في ص، ل: «على ما ذكرنا» .
[5] في ص: «ابن عبد الله» .
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 100) .
[7] في الأصل: «كان يتولى» .
[8] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[9] في الأصل: «مرزوق» .
[10] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 296) .
(14/190)
2669- عَبْد العزيز بْن مُحَمَّد بْن زياد،
أَبُو القَاسِم العبدي، المعروف بابن أَبِي رافع
[1] .
ونزل مصر، وحدَّث بها عَنْ إِسْمَاعِيل القاضي، وبشر بْن موسى
الأسَدِيُ، وإبراهيم الحربي، وكان ثقة أمينًا صالحًا. كَانَ عَبْد
الغني يثني عَلَيْهِ.
وتُوُفيّ فِي رجب هَذِهِ السَّنَة.
2670- عبد الرحمن بن العباس بن عبد الرحمن بن زكريا، أبو القاسم الفامي
[2] والد أبي طاهر المخلص [3] .
سمع الكديمي، والحربي، وأبا شعيب الحراني، ويوسف القاضي، روى عنه ابن
رزقويه [4] [وأبو نعيم] [5] وكان ثقة وأصابه طرش في آخر عمره.
وتوفي في رمضان هذه السنة.
2671- عمر بن جعفر بن عبد الله بن أبي السري، أبو حفص البصري الحافظ
[6] .
ولد سنة ثمانين ومائتين وكان الناس يكتبون بإفادته، ويسمعون بانتخابه
على الشيوخ، ويقولون: هو موفق في الانتخاب، وحدث عن أبي خليفة الفضل بن
الحباب، وزكريا الساجي، والباغندي، والبغوي، وابن صاعد. وروى عنه ابن
رزقويه، وقد ضعفه قوم.
أخبرنا القزاز، أخبرنا أبو بكر بن ثابت قال: كان الدارقطنيّ يتتبع خطأ
عمر البصري فيما انتقاه [7] عن أبي بكر الشافعي خاصة، وعمل فيه رسالة
فاعتبرتها [8] ، فرأيت جميع ما ذكره من الأوهام يلزم عمر غير موضعين أو
ثلاثة، وجمع أبو بكر بن الجعابيّ [9]
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 457) .
[2] في الأصل: «القاضي» .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 295) .
[4] في الأصل) «رزقونة» .
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 244، والبداية والنهاية 11/ 265)
.
[7] في الأصل: «على» .
[8] في الأصل: «فاتبعتها» وسقطت من ص وما أثبتناه من ت وتاريخ بغداد.
[9] في الأصل: «الجغابي» .
(14/191)
أوهام عمر فيما حدَّث به، ونظرت في ذلك
فرأيت أكثرها [1] قد حدَّث به عمر على الصواب، بخلاف ما حكى عنه ابن
الجعابي [2] .
وسمعت البرقاني يقول: كان عمر قد انتخب على ابن الصواف، احسبه قال:
نحوًا من عشرين جزءا. فقال الدارقطنيّ: ينتخب علي ابن الصواف هذا
القدر/ حسب؟
وهو ذا انتخب عليه تمام المائة جزء، ولا يكون فيما انتخبه حديث واحد
فيما انتخبه عمر، ففعل ذلك. توفي عمر في جمادى الأولي من هَذِهِ
السَّنَة.
2672- عثمان بن الحسين بن عبد الله، أبو الحسن التميمي [الخرقي]
[3] .
حدث بمصر ودمشق، عن جعفر الفريابي، والبغوي وغيرهما، وكان ثقة مأمونًا
توفي ببغداد في درب سليمان.
2673- محمد بن إسحاق بن يعقوب بن إسحاق، أبو بكر الشيباني الطبري
[4] .
قدم بغداد حاجا في سنة خمسين وثلاثمائة، وحدَّث بها عن ابن رزقويه [5]
وغيره.
2674- محمد بن أحمد بن علي بن مخلد بن أبان، أبو عبد الله الجوهري
المحتسب، يعرف بابن المحرم
[6] .
كان أحد غلمان محمد بن جرير الطبري، وحدث عن محمد بن يوسف بن الطباع،
والكديمي وغيرهما [7] . وروى عنه ابن رزقويه [8] وابن شاذان وغيرهما.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا [9]
أَحْمَدُ بن علي بن ثابت، أخبرنا أبو القاسم
__________
[1] في ص، ل: «أكثر» .
[2] في الأصل: «الجغابي» .
[3] في ص: «الحرفي» وقد سقطت من الأصل. انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد
11/ 304) .
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 258) .
[5] في الأصل: «رزقونة» وفي تاريخ بغداد: «عند ابن رزقونة» .
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 320، والبداية والنهاية 11/ 266)
.
[7] في الأصل: «وغيره» .
[8] في الأصل: «رزقونة» .
[9] في الأصل: «حدثنا» .
(14/192)
الأزهري، حدثنا عبيد الله [1] بن عمر
البقال قال: تزوج شيخنا ابن المحرم. قال: فلما حُملت المرأة إليَّ جلست
في بعض الأيام على العادة أكتب شيئا والمحبرة بين يدي، فلم أشعر حتى
[2] جاءت أمها فأخذت المحبرة فلم أشعر حتى ضربت [3] بها الأرض [و]
كسرتها. فَقُلْتُ لها: لِمَ ذلك [4] فقالت: [بئس] هذه أشر [5] على
ابنتي من ثلاثمائة ضُرَّة.
أخبرنا عبد الرحمن، أخبرنا أبو بكر الخطيب [6] قال: سألت أبا بكر
البرقاني عن ابن المحرم فقال: لا بأس به.
وسمعت محمد بن أبي الفوارس [وقد] [7] سئل عنه فقال: ضعيف وقال: ولد سنة
أربع وستين ومائتين، ومات في ربيع الآخر سنة سبع وخمسين وثلاثمائة،
وكان يقال: في كتبه أحاديث مناكير، / ولم يكن عندهم بذاك. [8]
2675-[مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الطيب الدجاجي
[9] .
وُلِدَ سنة ثمانين ومائتين. روى عَنْ جَعْفَر الفريابي وغيره. وكان
ثقة.
تُوُفّي فِي يَوْم الخميس لخمس خلون من رجب هَذِهِ السَّنَة] .
2676- محمد بن جعفر بن أحمد بن عيسى، أبو الطيب الوراق، يعرف: بابن
الكدوش
[10] .
__________
[1] في الأصل: «عبد الله» .
[2] في ص، ل: «يدي فجاءت» .
[3] في الأصل: «فلم أشعر حتى من بين يدي وضربت بها الأرض وكسرتها» .
[4] في ص، ل: «فقلت لها في ذلك» .
[5] في ص، ول: «بس هذه شر على ابنتي» . ما بين المعقوفتين سقط من
الأصل.
[6] في الأصل: «أبو بكر بن ثابت» .
[7] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[8] من الأصل: «بذلك» .
[9] هذه الترجمة سقطت من الأصل، ص، ل، المطبوعة. وأثبتناها من ت.
الدجاجيّ: هذه النسبة إلى بيع الدجاج (الأنساب 5/ 282) .
[10] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 149) .
(14/193)
سمع حامد بن محمد بن شعيب البلخي، وعبد
الله [1] بن محمد بن زياد النيسابوري، وغيرهما، وحدث فروى عنه عبيد
الله [2] بن عثمان بن يحيى [3] الدقاق.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ
بن علي بن ثابت قال: قال محمد بن أبي الفوارس سنة سبع وخمسين وثلاثمائة
فيها مات أبو الطيب محمد بن جعفر، يعرف بابن الكدوش [4] يوم الأحد
لإحدى عشرة [ليلة] [5] خلت من جمادى الأولي، ومولده سنة ثمانين
ومائتين، وكان صاحب كتاب، وكان ثقة مأمونا مستورا، حسن المذهب، يسمع
[6] منه.
2677- محمد بن جعفر بن دران بن سليمان بن إسحاق بن إبراهيم، أبو الطيب،
يلقب: غندرا
[7] .
سمع أبا خليفة [8] الفضل بن الحباب، وأبا يعلى الموصلي، وغيرهما، ولقي
الجنيد، وأقرانه، وروى عنه الدارقطني، والكتاني، وانتقل إلى مصر
فسكنها، وتوفي فِي رمضان [9] في هذه السنة بمصر [10] وقيل: في سنة ثمان
وخمسين.
2678- محمد بن الحسين بن علي بن سليمان [11] بن إبراهيم، أبو سليمان
الحراني
[12] .
__________
[1] في الأصل: «أبو» .
[2] في الأصل، ص، ل: «عبد الله» .
[3] في الأصل: «بن يحيى بن عثمان» .
[4] في الأصل: «يعرف بالكدوش» .
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] من ص، ل: «سمع منه» .
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 150) .
[8] في الأصل: «سمع من أبي خليفة» .
[9] من ص، ل: «وتوفي بها في هذه السنة» .
[10] العبارة في ص، ل، فيها تقديم وتأخير.
[11] «بن سليمان» سقطت من ص، ل، ت.
[12] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 241) .
(14/194)
سكن بغداد وحدث بها عن أبي خليفة وعبدان
الأهوازي، وأبي يعلى الموصلي، وغيرهم من أهل الشام ومصر، كتب عنه
بانتخاب الدارقطني.
أخبرنا عبد الرحمن، أخبرنا أحمد بن علي قال: قال محمد بن أبي الفوارس:
أبو سليمان الحراني، كان مولده بحران، ثم انتقل إلى نصيبين، فأقام بها،
وكان شيخًا ثقة مستورًا، حسن المذهب، توفي في يوم الثلاثاء لعشر بقين
من رمضان سنة سبع وخمسين وثلاثمائة.
(14/195)
ثم دخلت سنة ثمان
وخمسين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
/ أنه جرى في يوم [1] عاشوراء ما جرت به عادة الشيعة من تعطيل الأسواق،
وإقامة النوح وغير ذلك [2] وكذلك فعلوا في [يوم] [3] غدير خم.
وفي هذه السنة: وقع الغلاء، وبيع الكر بتسعين دينارًا، وكان الخبز
يعدم. وورد الخبر بأن الروم دخلوا كفرتوثا، فسبوا وقتلوا ثمانمائة
إنسان، ومضوا إلى حمص، فوجدوا أهلها قد انتقلوا عنها، فأحرقوها [4]
ونكسوا في الثغور وسُبي نحو من مائة ألف إنسان [فارسي] [5] .
وفي جمادى الأولي خرج أبو عبد الله بن أبي بكر الآدمي القاري من منزله،
وأخذ من [بعض] [6] الصيارف فوق من عشرة آلاف [7] درهم، وفقد أربعة أيام
لم يعرف له خبر، فلما كان يوم الجمعة لإحدى عشرة ليلة بقيت من جمادى
الأولي وجد ميتًا مطروحا في الصراة، بسراويله وخاتمه في إصبعه، وليس به
جراحة، ولا أثر خنق، ولا غرق، وإنما طرح في الماء بعد أن مات.
__________
[1] في ص، ل: «أنه جرى يوم ... » .
[2] «وغير ذلك» سقط من ص، ل.
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] في الأصل: «وأحرقوها» .
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[7] في ص، ل: «فوق الألف درهم» .
(14/196)
ودخل جوهر إلى مصر يوم الثلاثاء لثلاث [1]
عشرة ليلة بقيت من [2] شعبان سنة ثمان وخمسين، وخطب لبني عبيد في
الجامعين [3] بفسطاط مصر، وسائر أعمالها يوم الجمعة لعشر ليال بقين من
شعبان هذه السنة، وكان الخاطب في هذا اليوم عبد السميع بن عمر العباسي
[4] .
__________
[1] في الأصل: «لسبع لثلاث عشر» سهو.
[2] في نسخة الأصل: «بقيت من جمادى الأولي وجد ميتًا مطروحًا» ، وهذه
قفزة نظر من الناسخ مع العبارة السابقة.
[3] في ص، ل، ت: «الجانبين» .
[4] في النسخة: ل على هامش الأصل بخط مختلف عن خط الأصل ما نصه:
ورد الخبر إلى المعز لدين الله بوفاة أمير أمير، وسير من في مصر
يستحثونه لقدومه فبعث جوهر المعز يعزم فتحها، ورحل من المنصورة ومعه
ألف حمل مال، ومن السلاح ما لا يوصف أو يعد. ووردت الأخبار بقدوم عال
المغرب فاضطرب المصريون لذلك وطلبوا الأمان، وخرج رؤساء المصريين للقاء
القائد جوهر على تروجه وأجمع مسلم ومن معه بالقائد جوهر، فأكرمه إكراما
عظيما وكتب بما طلب من الأمان، وهذه نسخته:
بسم الله الرّحمن الرّحيم هذا كتاب جوهر القائد عبد أمير المؤمنين
المعز لدين الله صلوات الله عليه لجمع أهل مصر والساكنين بها وبغيرها،
فتحمدوا الله على ما آتاكم وتشكروه على ما حبا لكم وتسارعوا إلى الطاعة
العاصمة لكم العائدة بالعادة عليكم أنه لم يكن إخراجه العال المنصورة
والجيوش المظفرة إلا ما فيه إعزازكم وحمايتكم والجهاد عنكم ...
واستطالت عليكم الأعداء واترا قلبه الحج الّذي تعطل للخوف المستوي
عليهم، فلا يأجنون منها، وأمر بنشر العدل، وبسط الحق، وحسم الظلم، وقطع
العلان، ونفي الأذى والمساواة في الحق، وإعانة المظلوم، ورفع على
أنفسهم وأموالهم إذ لا زاجر للمعتدين ولا دافع للظالمين بكم بحويد
البلد وحربها المعيار ... الميمونة، وقطع العير المظلوم، وحميد النظر
وكريم الصحبة، وافتقاد الأموال وحياطة أهل البلد من ليلهم ونهارهم،
وحسن تصرفهم في معايشهم حتى تجري أمورهم على السداد، وإقامة أودهم
وإمداد بالهم، وجمع قلوبهم، وتأليف كلمتهم على طاعة أمير المؤمنين وأمر
عبده بقطع الرسوم الجائرة عليهم، ورد المواريث إلى كتاب الله عز وجل
وسنة رسوله صلّى الله عليه وسلّم، وأن يقدم من أم مساجدكم وتزيينها،
وإعطاء مؤذنيها وقومتها ومن يؤم بالناس أرزاقهم، وأن يجرى فرض الأذان
والصلاة وصيام شهر رمضان وفطره وقنوت لياليه والزكاة والحج والجهاد على
ما أمر الله عز وجل في كتابه وسنة نبيه صلّى الله عليه وسلّم، وإجراء
أهل الذمة على ما كانوا عليه، ولكم أمان الله التام الدائم أهل الذمة
على ما كانوا عليه، ولكم أمانة الله التام الدائم المتصل الشامل
المتالد على مرور الأيام في أنفسكم وأموالكم وأهليكم ونعمكم.
(14/197)
وفي ذي الحجة نقل الأمير [عز الدولة] [1]
معز الدولة من داره إلى تربة بنيت له في مقابر قريش.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر.
2679- الحسن بن علان بن إبراهيم بن مروان، أبو علي الخطاب الفامي
[2] .
ولد سنة أربع وثمانين [ومائتين] [3] وحدث عن أبي خليفة، وجعفر
الفريابي، حدث عنه أبو نعيم، وقال: هو ثقة. وقال ابن أبي الفوارس: كان
كثير الحديث ثقة مستورًا توفي في ذي الحجة/ من هذه السنة.
2680- الحسن بن محمد بن يحيى بن جعفر، أبو محمد العلوي
[4] .
حدث ببغداد فسمع منه ابن رزقويه [5] ، وأبو علي ابن شاذان [6] ، توفي
في ذي وكتبت الشهود باليد، وسكن الشريف الناس بالأمان، ففتحت الدكاكين
وقامت الأسواق، وسكنت الفتنة، وأحدث الناس التجهز للقاء القائد جوهر،
فخرجوا إلى الجيزة فلقوه (كذا) فنادى مناديه لينزل الناس كلهم إلا
الشريف والوزير، ونزل جوهر القائد موضع القاهرة واختط القصر، وكان
موضعه بستانا عامرا أصلا (كذا) أن سير جوهر العال إلى الشام وأرسل
القائد جوهر إلى المعز يهنئه بالفتح، ووصلت كتبه بإقامة الدعوة له بمصر
والشام، ويدعوه إلى المسير إليه ففرح المعز فرحا شديدا.
وفي سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة بنى جوهر السور على القصور على عملها
مدينة وسماها «المنصورة» ولما استقر سمّاها «القاهرة» ، والسور الّذي
بناه، وسبب تسميتها القاهرة: أن جوهرا لما أراد بناء هذه المدينة
للجند، فاختار طالعا بقول المنجمين وحفر الأساس ... قوائم بأجراس في
حبال بين القوائم، وقالوا للعمال إذا تحركت الأجراس يرمون بأيديهم من
الطين والحجارة، فوقف المنجمون ينتظرون تلك الساعة، فقعد غراب على
قائمة من تلك القوائم، فتحركت الأجراس، فألقت الفعلة بأيديهم، فصاح
المنجمون: القاهر في الطالع، وخانهم ما قصدوا، فوقع المريخ في الطالع
وهو يسمى عند المنجمين «القاهر» . أهـ.
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 399) .
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 421) .
[5] في الأصل: «رزقونة» .
[6] في ص، ل: «شاذن» .
(14/198)
الحجّة من [1] هذه السنة، [وروى أحاديث
منكرة]
[2] .
2681- الحسن بن محمد بْن يحيى بْن الْحَسَن بْن جَعْفَر [3] بن أحمد بن
كيسان، أبو محمد الحربي
[4] .
روى عن إسماعيل بن إسحاق القاضي، وغيره، روى عنه أبو علي بن شاذان،
وأبو نعيم الأصبهاني، وقال: كان ثقة. توفي في شوال هذه السنة.
2682- حيدرة بن عمر [5] ، أبو الحسن الزندوردي
[6] .
أحد الفقهاء على مذهب داود بن علي الظاهري، توفي في جمادى الأولى من
هذه السنة، ودفن في مقابر الخيزران.
2683- عبيد الله [7] بن أحمد بن محمد، أبو الفتح النحوي يعرف بجخجخ
[8] .
سمع البغوي، وابن دريد، روى عنه محمد بن أبي الفوارس، وكان ثقة، توفي
في جمادى الآخرة من هذه السنة.
2684- كافور الخادم
[9] استولى على مصر والشام بعد موت سيده، وكان سيده أبو بكر [محمد بن
طغج] [10] الأخشيد، و [كان سيده الأخشيد] [11] قد اشتراه بثمانية عشر
دينارًا، وهو الذي قصده المتنبي ومدحه، وقد تأملت مدائح المتنبي له
فرأيت فيها الكلام موجها يحتمل
__________
[1] «ذي الحجة من» سقطت من ص، ل.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] «يحيى بن الحسن بن جعفر» ساقط من ص، ل.
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 422، وفيه:
«الحسن بن محمد بن أحمد بن كيسان، أبو محمد الحربي) .
[5] في الأصل: «حيدرة بن عمر بن عمر، أبو الحسن» .
[6] في الأصل، ص: «الزيدوردي» . انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 273)
.
[7] في ت: «عبد الله» .
[8] في الأصل: «» . انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 358) .
[9] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 266) .
[10] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[11] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
(14/199)
المدح ويحتمل الذم، ولعل المتنبي لعب بعقل
ذلك [1] الخادم، فإن قوله:
قواصد كافور توارك غيره لا شك أن من يقصد شيئا فقد ترك غيره، ولا شك أن
من [2] قصد البحر استقل السواقيا، ولكن من لنا [أنه أراد] [3] : أنك
أنت البحر، وكذلك [4] قوله:
عدوك مذموم بكل لسان يحتمل: أنه لا يعاديك إلا مثلك، ومثلك مذموم.
قوله:
للَّه سر في علاك، يحتمل: أن القضاء جرى بولاية مثلك، لا أنك تستحق [5]
، ويقوي هذا الظن أنه كان يخرج من عنده فيهجوه.
وقال أبو جعفر [6] بن مسلم بن طاهر/ العلوي ما رأيت أكرم من كافور، كنت
أسايره يوما وهو في موكب خفيف يريد التنزه، وبين يديه عدة جنائب بمراكب
ذهب وفضة، وخلفه بغال الموكب فسقطت مقرعته من يده، ولم يرها ركابيته
[7] ، فنزلت عن دابتي وأخذتها من الأرض، ودفعتها إليه فقال: أيها
الشريف، أعوذ باللَّه من بلوغ الغاية، ما ظننت أن الزمان يبلغني إلى أن
تفعل بي أنت [8] هذا، وكاد يبكي فقلت: أنا صنيعة الأستاذ ووليه، فلما
بلغ باب داره ودَّعني، فلما سرت التفت [9] ، فإذا [أنا] [10] بالجنائب
والبغال كلها فقلت: ما هذا؟ قالوا: أمر الأستاذ أن يحمل [11] هذا إليك،
فأدخلته داري، وكانت قيمته تزيد على خمسة عشر ألف دينار، ولي كافور مصر
والشام اثنتين وعشرين سنة، وخطب فيها للعلويين، وتوفي في هذه السنة.
__________
[1] في الأصل: «ذاك» .
[2] في ص، ل: «ولا شك من قصد» .
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] في الأصل: «وكذا» .
[5] في الأصل: «مستحق» .
[6] في ص: «أبو بكر» .
[7] في الأصل: «ركابته» .
[8] في الأصل: «أن تفعل أنت بي» .
[9] «التفت» سقطت من ل.
[10] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[11] في ص، ل: «بحمل» .
(14/200)
ثم دخلت سنة تسع
وخمسين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه في يوم عاشوراء فعلت الشيعة ما هي عادتهم من تعطيل الأسواق، وإقامة
النوح واللطم.
وورد الخبر في المحرم بأن الروم وردوا مع نقفور، فأحاطوا بسور أنطاكية،
وملكوا البلد، وأخرجوا المشايخ والعجائز والأطفال من البلد، وقالوا
لهم: امضوا حيث شئتم [1] ، وأخذوا الشباب من النساء والغلمان والصبيان.
فحملوهم على وجه السبي، وكانوا أكثر من عشرين ألف [رجل] [2] وكان نقفور
ملك الروم قد عَثَى [3] وقهر بلادًا كثيرة من بلاد الإسلام، وعظمت
هيبته، وكان قد تزوج امرأة الملك الذي قبله على كره منها، وكان لها
ابنان من الملك، فعمل نقفور على أن/ يخصيهما ويهديهما إلى البيعة [4]
ليستريح منهما، ومن أن يكون لهما نسل للملك، فبلغ ذلك زوجته، فقلقت
وأرسلت في أن يسيرا [5] إليها في زي النساء، ومعهما جماعة تثق بهم في
مثل زيهما، وأوهمت زوجها أن نسوة من أهلها زاروها في ليلة الميلاد،
فجاءوا وهو نائم، فقتلوه وأجلس في الملك الأكبر من ولديها.
__________
[1] في ص: «أردتم» .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] في الأصل: «عتا» .
[4] في الأصل: «للبيعة» .
[5] في أوصل: «يصيرا» .
(14/201)
وفي ربيع الأول: صرف القاضي [أبو بكر] [1]
أحمد بن سيار [2] عن القضاء في حريم دار السلطان، ورُدَّ إلى أبي محمد
بن معروف.
وفي ربيع الآخر: ورد الخبر بأن الهجريين نادوا أن لا تخرج قافلة من
البصرة إلى بلد هجر، ولا إلى الكوفة في البرية، ولا إلى مكة، فمن فعل
ذلك فلا ذمام له.
ونقصت دجلة في هذه السنة نقصانًا مفرطًا، وغارت الآبار.
وفي ذي الحجة: انقض كوكب عظيم في أول الليل لَهُ شعاع [3] أضاءت منه
الدنيا حتى صار كأنه شعاع الشمس، وسمع بعد [4] انقضاضه صوت كالرعد
الشديد.
وحج بالناس أبو أحمد النقيب.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر.
2685- حبيب بن الحسن [5] بن داود [بن محمد] [6] بن عبد الله، أبو
القاسم القزاز
[7] .
سمع أبا مسلم الكجي، والحسن بن علويه في جماعة، روى عنه الدارقطني،
وابن شاهين، وابن رزقويه [8] ، وأبو محمد وقال: كان ثقة.
أخبرنا القزاز، أخبرنا الخطيب قال: حدثني الأزهري عن محمد بن العباس بن
الفرات قال: كان حبيب القزاز مستورًا، دفن في الشونيزية، وذكر أن قومًا
من الرافضة أخرجوه من قبره ليلًا وسلبوه كفنه، إلى أن أعاد له ابنه
كفنًا، وأعاد دفنه.
وقال محمد بن أبي الفوارس: توفي في جمادى الآخرة من هذه السنة، وكان
ثقة مستورا/ حسن المذهب.
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] في الأصل: «شيار» .
[3] «له شعاع» سقطت من ص، ل.
[4] في ص، ل: «من» .
[5] في ت: «بن الحسين» .
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 253) .
[8] في الأصل: «رزقونة» .
(14/202)
2686-[طَلْحَة بْن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق،
أَبُو مُحَمَّد الصَّيْرَفيّ
[1] .
سَمِعَ الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن حبيب المقرئ، وقد روى عَنْهُ أبو
نُعَيْم الأصبهاني، وكان صدوقًا، تُوُفّي في هذه السنة] .
2687- علي بن بندار بن الحسين، أبو الحسن
[2] .
صحب بنيسابور أبا عثمان، وأبا حفص، وبسمرقند محمد بن الفضل، وببلخ محمد
بن حامد، وبجوزجان أبا علي الجوزجاني، وبالري يوسف بن الحسين، وببغداد
الجنيد، ورويما، وسمنون، وابن عطاء، والجريري، وبالشام أبا عبد الله بن
الجلاء [3] ، وبمصر الدقاق، والرُّوذباري، وروى الحديث، وكان يتكلم على
مذهب الصوفية، وتوفي في هذه السنة.
2688- مُحَمَّد بن إبراهيم بن أحمد بن محمد الأستراباذي
[4] .
كتب [الحديث] [5] الكثير، وخرّج ودوّن الأبواب، والمشايخ، سمع جماعة،
وتوفي في هذه السنة.
2689- مُحَمَّد بن أَحْمَد بن الحسن بن إسحاق بن إبراهيم بن عبد الله،
أبو علي بن الصواف
[6] ولد في شعبان سنة سبعين ومائتين، وسمع إسحاق بن الحسن الحربي، وبشر
بن موسى، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وغيرهم، روى عنه الدارقطني، وغيره
من المتقدمين ومن المتأخرين، وابن رزقويه [7] وابن بشران، وابن أبي
الفوارس، وأبو نعيم الأصبهاني.
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 9/ 350) .
[2] انظر ترجمته في: (طبقات الأولياء ص 137. وطبقات الصوفية 501) .
[3] في الأصل: «بن العلاء» .
[4] انظر ترجمته في: الأستراباذي: هذه النسبة إلى أستراباذ. (الأنساب
1/ 214) .
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 219) .
[7] في الأصل: «رزقونة» .
(14/203)
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ
مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي بن ثابت [1] قال: سمعت محمد بن
أبي الفوارس يقول: سمعت أبا الحسن الدارقطني يقول: ما رأت عيناي مثل
[أبي علي] [2] بن الصواف، ورجل آخر بمصر لم يسمه أبو الفتح.
قال أبو الفتح: ومات لثلاث خلون من شعبان سنة تسع وخمسين وثلاثمائة،
وله يوم مات تسع وثمانون سنة، وكان ثقة مأمونًا من أهل التحرز، ما رأيت
مثله في التحرز.
2690- محارب بن محمد،
بن محارب أبو العلاء القاضي الفقيه [3] الشافعي [4] .
من ولد محارب بن دثار، حدَّث عن جعفر الفريابي وغيره، وكان ثقة/ عالمًا
صدوقا.
وتوفي في جمادى الآخرة من هذه السنة.
__________
[1] في الأصل: «الخطيب» .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] «الفقيه» سقطت من ص، ل.
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 13/ 276. والبداية والنهاية 11/ 269)
.
(14/204)
ثم دخلت سنة ستين
وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه في يوم عاشوراء فعلت الشيعة ما جرت به عادتهم من النوح، واللطم،
وتعطيل الأسواق.
وورد كتاب أبي أحمد الحسين بن موسى نقيب الطالبين من مكة، بتمام الحج
في سنة تسع وخمسين، وأنه لم يرد أحمد من قبل المغرب، وأن الخطبة أقيمت
للمطيع للَّه وللهجريين من بعده، وأنه علَّق القناديل التي حملها معه
خارج البيت، وكان واحد منها ذهب وزنه [1] ستمائة مثقال، والباقي فضة،
مدة خمسة أيام حتى رآها الناس، ثم أدخلت إلى البيت، وأنه نصب الأعلام
الجدد التي حُملت معه، وعليها اسم الخليفة.
وفي أول صفر: لحق المطيع للَّه [2] سكتة آل الأمر فيها إلى استرخاء
جانبه الأيمن وثقل لسانه.
وفي جمادى الآخرة: ظهر جراد صغار، فنسفتها [3] الريح، فصارت دجلة [4]
مفروشة به.
وفي شعبان: تقلد أبو محمد ابن معروف قضاء القضاة، وصرف أبو بكر ابن
سيار
__________
[1] في الأصل: «زنته» .
[2] «للَّه» سقطت من ص، ل.
[3] في الأصل: «فسقته» .
[4] في ص، ل، ت: «فصارت الأرض» .
(14/205)
عن الجانب الشرقي، وركب معه الوزير أبو
الفضل الشيرازي، وكان هذا الوزير قد أطلق من حبسه، وخُلع عليه خلع [1]
الوزارة، وقبل ابن معروف شهادة أبي سعيد الحسن بن عبد الله السيرافي
واستخلفه على الحكم من الجانب الشرقي، وقبل أيضًا شهادة أبي الحسن علي
بن عيسى الرماني النحوي، ووثبت العامة بالمطهر بن سليمان في جامع
المدينة، ونسبوه إلى القول بخلق القرآن.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر.
2691- سليمان بن أحمد الطبراني اللخمي
[2] ولخم قبيلة نزلت باليمن [3] وبالشام [وطبرية] [4] موضع بينه وبين
بيت المقدس فرسخان، فيه ولد عيسى عليه السلام، يقال له: بيت لحم،
بالحاء المهملة، كان سليمان من الحفاظ والأشداء في دين الله [تعالى]
[5] وله الحفظ القوي، والتصانيف الحسان، وتوفي بأصبهان في هذه السنة،
ودفن بباب مدينة أصبهان إلى جانب قبر حممة الدوسي صاحب النَّبيّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
2692- عمر بن أحمد بن محمد [6] بن حمة، أبو حفص الخلال
[7] .
كان أحد الشهود المعدلين، وحدَّث عن جماعة وروى عنه ابن رزقويه [8]
وكان ثقة، وتوفي في ذي الحجة من هذه السنة.
2693- محمد [بن أحمد] [9] بن إبراهيم، أبو عبد الله الأصبهاني
[10] .
__________
[1] في الأصل: «خلعة» .
[2] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 270) .
[3] في الأصل: «اليمن» .
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ص.
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] في ت: «محمد بن محمد بن حمة» .
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 250) .
[8] في الأصل «رزقونة» .
[9] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[10] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 271) .
(14/206)
سكن بغداد، وحدث بها عن محمد بن علي بن
مخلد، والحسن بن محمد الداركي، وغيرهما.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ
بن علي بن ثابت قال: سألت أبا نعيم عن هذا الشيخ فقال: سمعت منه ببغداد
وهو ثقة. قال أحمد: وحدثت عن أبي الحسن بن الفرات، قال توفي أبو عبد
الله الأصبهاني في ذي القعدة سنة ستين وثلاثمائة، وكان ثقة جميل الأمر
ذا هيئة [1] .
2694- محمد بن أحمد بن عثمان بن العنبر بن عثمان أَبُو عَبْد اللَّه
[2] بن عبد الجبار، أبو نصر المروزي
[3] .
قدم بغداد، فحدث بها في سنة أربع وخمسين وثلاثمائة عن محمد بن خزيمة،
وأبي العباس السراج وغيرهما، فروى عنه الدارقطنيّ، [وابن رزقويه، وكان
ثقة]
[4] .
2695- مُحَمَّد بن جعفر بن مُحَمَّد بن الهيثم بن عمران بن يزيد، أبو
بكر البندار، أنباري الأصل
[5] ولد في شوال سنة سبع وستين ومائتين، وقيل: ثمان وستين، وسمع من
أحمد بن الخليل البرجلاني، ومحمد بن أبي العوام [6] الرياحي، وجعفر بن
محمد الصائغ، وأبي إسماعيل الترمذي، وهو آخر مَنْ حدث عنهم.
أخبرنا القزاز، أخبرنا الخطيب قال/: سألت البرقاني عن ابن الهيثم فقلت:
هل تكلم فيه أحد؟ فقال لا، وكان سماعه صحيحًا بخط أبيه.
وقال محمد بن أبي الفوارس: توفي يوم عاشوراء فجأة، وكان عنده إسناد
انتقى
__________
[1] في الأصل، ت: «داهية» .
[2] «أبو عبد الله» سقطت من ص، ل، ت.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 318) .
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ل، ص، وأثبتناها من ت.
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 150. والبداية والنهاية 11/ 270)
.
[6] في الأصل «العرام» .
(14/207)
عليه عمر البصري، وكان قريب الأمر فيه بعض
الشيء، وكانت له أصول بخط أبيه جياد.
2696- محمد بن الحسين بن عبد الله، أبو بكر الآجري
[1] .
سمع أبا مسلم الكجي، وأبا شعيب الحراني، وجعفر الفريابي، وخلقا كثيرًا،
وكان ثقة صدوقا دينًا، وله تصانيف كثيرة، وحدث ببغداد قبل سنة ثلاثين
وثلاثمائة، ثم انتقل إلى مكة فسكنها إلى أن [2] مات بها في هذه السنة.
أخبرنا محمد بن أبي طاهر البزاز، عن أبيه قال: حكى لنا أبو سهل محمود
بن عمر العُكْبري قَالَ: لما وصل أبو بكر الآجري إلى مكة استحسنها
واستطابها، فهجس [3] في نفسه أن قال: اللَّهمّ أحيني في هذه [البلدة]
[4] ولو سنة، فسمع هاتفًا يقول: يا أبا بكر، لم سنة؟ بل ثلاثين سنة
فلما كان في سنة الثلاثين [سمع هاتفا يقول] [5] : يا أبا بكر قد وفينا
بالوعد، فمات تلك السنة.
2697- محمد بن جعفر بن محمد بن مظفر، أبو عمرو الزاهد
[6] .
سمع الكثير ورحل إلى البلاد، وكان له ضبط وإتقان وورع، فسمع [7]
بنيسابور إبراهيم بن أبي طالب، ونظراءه، وبالري محمد بن أيوب البجلي،
وأقرانه، وببغداد جعفر الفريابي وأمثاله، وبالكوفة عبد الله بن محمد بن
سوار وطبقته، وبالبصرة أبا خليفة القاضي، وبالأهواز عبدان بن أحمد،
وبالحجاز أحمد بن يزيد وأقرانه، [8] وروى عنه حفاظ نيسابور [9] وكان
صابرا على الفقر، وكان يتجمل بثياب للجمعات [10] ، ثم ينصرف
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 243، والبداية والنهاية 11/ 270)
.
[2] في الأصل «حتى مات» .
[3] في ص، ل: «فتحسن» .
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] في الأصل «أبو عمر الزاهد» خطأ. انظر ترجمته في: (البداية والنهاية
11/ 271) .
[7] في الأصل «سمع» .
[8] في الأصل «وأقرانهم» .
[9] من ص، ل، ت: «عنه الحفاظ» .
[10] في الأصل «الجمعات» .
(14/208)
فيلبس فروًا في الشتاء، ويقعد في مسجده،
فيعمل ما فيه [1] مصالح الفقراء، ويضرب اللبن لقبورهم، ويأكل رغيفا
بجزرة أو بصلة، ويحيي الليل.
توفي في جمادى الآخرة من هذه السنة وهو ابن خمس وتسعين سنة.
2698- محمد/ بن داود، ابو بكر الصوفي، ويعرف بالزقي
[2] .
أصله من الدينور، وأقام ببغداد مدة، ثم انتقل إلى دمشق فسكنها، وتوفي
بها في جمادى الأولى من هذه السنة، وقرأ على ابن مجاهد، وسمع الحديث من
محمد بن [3] جعفر الخرائطي، وصحب أبا عبد الله بن الجلاء، والدقاق،
وعمَّر فوق المائة سنة.
2699- محمد بن صالح بن علي بن يحيى، أبو الحارث الهاشمي، يعرف بابن أم
شيبان، وهو أخو [4] القاضي أبي الحسن محمد بن صالح، وكان الأصغر
[5] .
سمع يحيى بن صاعد وغيره، ودرس فقه مالك، وحدث بخراسان، ودخل بخارا
[فقلّد قضاء نسا] [6] وتوفي ببغداد، وقيل: ببخارى في هذه السنة.
2700- محمد بن الفرخان [7] بن روزبه، أبو الطيب الدوري
[8] .
قدم بغداد، وحدَّث بها عن أبيه أحاديث منكرة، وروى عن الجنيد، وابن
مسروق، وكان فيه ظرف ولباقة، غير أنهم يتهمونه بوضع الحديث.
__________
[1] في الأصل «مما فيه» .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 5/ 266، والبداية والنهاية 11/ 271)
.
وفي الأصل «يعرف بالرقي» ، وما أثبتناه من تاريخ بغداد.
[3] «بن محمد» سقطت من ص.
[4] في الأصل «وهو أخي» .
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 5/ 362) .
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[7] في الأصل «الفركان» وفي ت: «الفرخان» وهو ما أثبتناه.
[8] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 3/ 167، والبداية والنهاية 11/ 271)
.
(14/209)
|