المنتظم في تاريخ الأمم والملوك
ثم دخلت سنة إحدى
وتسعين واربعمائة
فمن الحوادث فيها:
[كثرة الاستنفار على الإفرنج]
أنه في شهر ربيع الآخر كثر الاستنفار على الإفرنج وتكاثرت الشكايات [1]
بكل مكان، ووردت كتب السلطان بركيارق إلى جميع الأمراء يأمرهم بالخروج
مع الوزير ابن جهير لحربهم/، واجتمعوا في بيت النوبة وبرز سيف الدولة
صدقة [فنزل] [2] 18/ ب بقرب الأنبار، وضرب سعد الدولة مضاربة بالجانب
الغربي، ثم انفسخت هذه العزيمة، ووردت الأخبار بان الإفرنج ملكوا
أنطاكية، ثم جاءوا إلى معرة النعمان فحاصروها، ودخلوا وقتلوا ونهبوا.
وقيل: إنهم قتلوا ببيت المقدس سبعين ألف نفس، وكانوا قد خرجوا في ألف
ألف.
وفي شعبان: خرج أبو نصر ابن الموصلايا إلى المعسكر إلى نيسابور مستنفرا
على الإفرنج برسالة من الديوان.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
3675- طراد بن محمد بن علي بن الحسن بن محمد بن عبد الوهاب بْن سليمَان
بْن عبد الله بْن محمد بن إبراهيم الإمام بن مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ
[3] بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عباس، أبو الفوارس بن أبي الحسن بن أبي
القاسم بن [1] أبي تمام:
__________
[1] في ص: «على الافرنج وتواترت الشكايات» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[3] في الأصل: «بن سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ
إبراهيم بن عبد الله بن عباس» .
(17/43)
من ولد زينب بنت سليمان بن علي بن عبد الله
بن عباس [2] ، وهي أم ولد عبد الله بْن محمد بْن إبراهيم الإمَام بْن
مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عباس. حدث عنها أحمد بن منصور الرمادي
[3] ، وكناها أم على.
ولد في سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة [4] ، وسمع الحديث [5] الكثير والكتب
الكبار، وسمع من أبى نصر النرسي، وهلال الحفار، والحسين بن عمرو بن
برهان [6] ، وهو آخر من حدث عنهم، ورحل إليه من الأقطار، وأملى بجامع
المنصور، واستملى له أبو على البرداني، وكان يحضر مجلسه جميع المحدثين
والفقهاء، وحضر إملاءه قاضى القضاة أبو عبد الله الدامغاني، وحج سنة
تسع وثمانين فأملى بمكة والمدينة، وبيته معروف في 19/ أالرئاسة/ ولى
نقابة العباسيين بالبصرة، ثم انتقل إلى بغداد، وترسل من الديوان العزيز
إلى الملوك، وساد الناس رتبة ورأيا، ومتع بجوارحه، وقد حدث عنه جماعة
من مشايخنا [7] [وقد] [8] تورع قوم عن الرواية عنه لتصرفه وصحبته
للسلاطين، ولما احتضر بكى أهله فقال: صيحوا وا مختلساه إنما يبكى على
من سنه دان، فأما من عمره مترام فما فائدة البكاء عليه.
وتوفي في سلخ شوال هذه السنة، وقد جاوز التسعين، ودفن في داره بباب
البصرة، ثم نقل في ذي الحجة سنة اثنتين وتسعين إلى مقابر الشهداء فدفن
بها.
__________
[1] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 3/ 396، والنجوم الزاهرة 5/ 162،
والأعلام 3/ 225، وتذكرة الحفاظ 1228، والكامل 9/ 17) .
[2] في ص: «عبد الله بن العباس» .
[3] في الأصل: «منصور الرمادي» .
[4] في الأصل: «ولد سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة» .
[5] «الحديث» : ساقطة من ص.
[6] في الأصل: «الحسن بن عمر بن برهان» .
[7] في الأصل: «وأشياخنا» .
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
(17/44)
3676- عبد الله بن سمعون [1] بن يحيى بن
أحمد، أبو محمد السلمى، القيسي [2] القيرواني.
سمع من ابن غيلان، والجوهري، وخلقا كثيرا في البلدان، وقرأ ونقل، وكانت
له معرفة بالنقل، روى عنه أشياخنا.
وتوفي في رمضان هذه السنة، ودفن في مقبرة باب حرب.
3677- عبد الواحد بن علوان بن عقيل بن قيس، أبو الفتح [3] الشيباني.
حدثنا عنه أبو محمد المقرئ. وتوفي في رجب هذه السنة.
3678- مُحَمَّد بن أحمد بن محمد [4] ، أبو عبد الله الميبذي
[5] :
وميبذة بلدة [6] من كورة اصطخر قريبة من يزدورد [7] ، قدم بغداد، وسمع
الكثير من ابن المسلمة، وابن النقور، وغيرهما، وكان له معرفة باللغة
والأدب.
وتوفي في ذي القعدة من هذه السنة ودفن بمقبرة المارستان في غربي بغداد.
3679- محمد بن الحسين بن محمد، أبو سعد الحرمي
[8] .
من أهل مكة، نزل هراة ورحل إلى البلاد في طلب العلم، وسمع الكثير، وكان
من الزهاد الورعين، لا يخالط أحدا، وكانوا يعدونه من الأبدال [9] .
توفي في رمضان هذه السنة.
__________
[1] في (ص) : «عبد الله بن سمعون» .
[2] نسبته هذه إلى القيروان كلمة فارسية. (الأنساب للسمعاني 10/ 286) .
[3] انظر ترجمته في: (تذكرة الحفاظ 1228) .
[4] في الأصل: «محمد بن محمد بن أحمد» .
[5] في الأصل: «أبو عبد الله المندي» .
[6] في الأصل: «ومندة بلدة» .
[7] في الأنساب يزدجرد.
[8] في ت، والشذرات: «أبو سعد الجرمي» . وفي المطبوعة: «أبو سعد
المخرمي» . وما أوردنا، عن الأصل وتذكرة الحفاظ.
وانظر ترجمته في: (تذكرة الحفاظ 1228، وفيه: «محمد بن الحسن» ، وشذرات
الذهب 3/ 397) .
[9] في ص: «وكانوا يعدونه من البدلاء» .
(17/45)
3680- محمد بن محمد بن أحمد بن حمزة، أبو
الوضاح [1] العلوي.
تفقه على أبيه، وبرع في الفقه ودرس. وتوفي في شوال هذه السنة وهو ابن
أربع وخمسين سنة.
19/ ب
3681- المظفر، أبو الفتح ابن رئيس الرؤساء/ أبى القاسم ابن [2]
المسلمة.
كانت داره مجمعا لأهل العلم والدين والأدب، ومن جملة من أقام بها إلى
أن توفي أبو إسحاق الشيرازي.
توفي المظفر خامس ذي القعده من هذه السنة، ودفن عند أبي إسحاق
الشيرازي.
3682- هبة الله بن عبد الرزاق، بن محمد بن عبد الله بن الليث، أبو
الحسن الأنصاري [3] الأشهلي:
ولد سنة اثنتين وأربعمائة، وسمع أبا الفتح هلال بن محمد الحفار، وأبا
الفضل عبد الواحد التميمي، وهو آخر من حدث عنه. روى عنه أشياخنا، وكان
من ذوي الهيئات وأرباب الديانات، وأحد قراء الموكب، عمر حتى حمل عنه،
وكان صحيح السماع.
توفي في ربيع الآخر من هذه السنة، ودفن في مقبرة الشونيزي.
__________
[1] في ت: «ابن الوضاح العلويّ» .
[2] انظر ترجمته في: (الكامل 9/ 17) .
[3] الأشهلي نسبة إلى بني عبد الأشهل من الأنصار.
وانظر ترجمته في: (تذكرة الحفاظ 1229، وشذرات الذهب 3/ 397) .
(17/46)
ثم دخلت سنة اثنتين
وتسعين واربعمائة
فمن الحوادث فيها:
[أخذ الإفرنج بيت المقدس وقتل سبعين ألف مسلم]
أخذ الإفرنج بيت المقدس في يوم الجمعة ثالث عشر شعبان، وقتلوا فيه
زائدا على سبعين ألف مسلم، وأخذوا من عند الصخرة نيفا وأربعين قنديلا
فضة كل قنديل وزنه ثلاثة آلاف وستمائة درهم، وأخذوا تنور فضة وزنه
أربعون رطلا بالشامي [1] ، وأخذوا نيفا وعشرين قنديلا من ذهب، ومن
الثياب وغيره ما لا يحصى، وورد المستنفرون من بلاد الشام، وأخبروا بما
جرى [2] على المسلمين، وقام القاضي أبو سعد الهروي قاضى دمشق [في
الديوان] [3] ، وأورد كلاما أبكى الحاضرين، وندب من الديوان من يمضى
إلى العسكر ويعرفهم حال هذه المصيبة، ثم وقع التقاعد فقال أبو المظفر
الأبيوردي قصيدة في هذه الحالة فيها [4] :
وكيف تنام العين ملء جفونها ... على هنوات أيقظت كل نائم
وإخوانكم بالشام يضحى مقيلهم ... ظهور المذاكي أو بطون القشاعم/ 20/ أ
تسومهم الروم الهوان وأنتم ... تجرون ذيل الخفض فعل المسالم
إلى أن قال:
وتلك حروب من يغب عن غمارها ... ليسلم يقرع بعدها سنّ نادم
__________
[1] في الأصل: «وزنه أربعين رطلا بالشامي» .
[2] في الأصل: «وانصرفوا بما جرى» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[4] في الأصل: «في هذه الحال منها» .
(17/47)
يكاد لهن المستجن بطيبة [1] ... ينادى
بأعلى الصوت يا آل هاشم
أرى أمتى لا يشرعون إلى العدى ... رماحهم والدين واهي الدعائم
ويجتنبون الثأر خوفا من الردى ... ولا يحسبون العار ضربة لازم
أترضى صناديد الأعاريب بالأذى ... وتغضى على ذل كماة الأعاجم
وليتهم أن لم يذودوا حمية ... عن الدين ضنوا غيرة بالمحارم
وإن زهدوا في الأجر إذ حمي الوغى ... فهلا أتوه رغبة في المغانم
ذكر ابتداء أمر السلطان محمد بن ملك شاه
[2]
كان أبو شجاع محمد بن ملك شاه هو وسنجر أخوين لأب وأم، وكان محمد
ببغداد لما مات أبوه، وخرج إلى أصبهان مع أخيه محمود [لما خرجت تركان
خاتون بابنها محمود] [3] حاصرها بأصبهان بركيارق، فأقام عنده فأقطعه
كنجة وأعمالها، وسار محمد مع بركيارق إلى بغداد لما دخلها سنة ست
وثمانين، فقتل محمد أتابكه واستولى على إقليم كنجة، ولحق به مؤيد
الملك، وحسن له طلب الملك وصار وزيرا له، واجتمع إليه النظامية وغيرهم،
وخطب لنفسه، وضرب الطبل، وخرج أكثر عسكر بركيارق إليه، وأنفذ رسولا إلى
بغداد [فخطب له] [4] في ذي الحجة سنة اثنتين وتسعين، وكانت له مع
بركيارق خمس وقائع.
20/ ب وفيها: زادت الأسعار ومنع القطر، وبلغ الكر تسعين دينارا/ ببغداد
وواسط، ومات الناس على الطرقات، واشتد أمر العيارين في المحال.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
3683- أحمد بن عبد القادر، بن محمد بن يوسف، أبو الحسين المحدث الزاهد
[5] :
__________
[1] في ص: «يكاد لهن المستجد بطيبة» .
[2] «بن ملك شاه» : ساقطة من ص.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[5] انظر ترجمته في: (تذكرة الحفاظ 1230، وشذرات الذهب 3/ 397) .
(17/48)
ولد سنة اثنتي عشرة وأربعمائة، وسافر
الكثير، ووصل إلى بلاد المغرب، وسمع الحديث الكثير من ابن بشران، وابن
شاذان، وخلق كثير، وحدثنا عنه أشياخنا. وتوفي في شعبان، ودفن في مقابر
الشهداء.
3684- إبراهيم بن مسعود، بن محمود بن سبكتكين
[1] :
قد ذكرنا حالة محمود بن سبكتكين في أيام القادر باللَّه، ولما مات ملك
مكانه ابنه مسعود، ثم أخذ واعتقل، وآل الأمر إلى إبراهيم، فملك. فحكى
أبو الحسن الطبري الفقيه الملقب بالكيا قال: أرسلني إليه السلطان
بركيارق، فرأيت في مملكته ما لا يتأتى وصفه، فدخلت عليه وهو جالس في
طارمة عظيمة بقدر رواق المدرسة النظامية، وباب فضة بيضاء بطول قامة
الرجل [2] وفوق ذلك إلى السقف صفائح الذهب الأحمر، وعلى باب الطارمة
الستور التنيسي، وللمكان شعاع يأخذ بالبصر عند طلوع الشمس عليه، وكان
تحته سرير ملبس بصفائح الذهب، وحواليه التماثيل المرصعة من الجوهر
واليواقيت، فسلمت عليه وتركت بين يديه هدية كانت معى، فقال: نتبرك بما
يهديه العلماء. ثم أمر خادمه أن يطوف بي في داره [3] ، فدخلنا إلى
خركاه عظيمة قد ألبست قوائمها من الذهب، وفيها من الجواهر واليواقيت
شيء كثير، وفي وسطها سرير من العود الهندي، وتمثال طيور بحركات، إذا
جلس الملك صفقت بأجنحتها، إلى غير ذلك من العجائب، فلما عدت رويت له
الخبر/ عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لمناديل سعد بن معاذ في 21/
أالجنة أحسن من هذا [4] » . فبكى. قال: وبلغني أنه كان لا يبني لنفسه
منزلا حتى يبنى للَّه مسجدا أو مدرسة.
توفي في رجب هذه السنة وقد جاوز السبعين، وملك فيها اثنتين وأربعين
سنة.
__________
[1] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 157) .
[2] «النظامية ... قامة الرجل» : ساقطة من ص.
[3] في الأصل: «أن يطروني في داره» .
[4] الحديث: أخرجه البخاري في صحيحه في الأيمان النذور، الباب 3، حديث
13، والمناقب، الباب 72، ومسلم في الصحيح في الفضائل، الباب 70، حديث
4، 5، 6.
(17/49)
3685- أتز الأمير
[1] :
كان السلطان بركيارق قد ولاه فارس جميعها، ثم ولاه إمارة العراق [2] ،
وانتدب لقتال الباطنية، ثم عزم على ترك بركيارق وطاعة السلطان محمد،
وكان إقطاعه يزيد على عشرة آلاف ألف دينار، فجلس ليله على طبقة فهجم
عليه ثلاثة نفر من الأتراك المولدين بخوارزم، وكانوا قد دخلوا في حيلة،
فصدم أحدهم المشعل فرمى به، وصدم الآخر شمعة فأطفأها، وجذب الآخر
سكينين فقتلة بهما فافلت اثنان وقتل الثالث، ونهب ماله، وحمل إلى داره
بأصبهان فدفن بها.
3686- بركة بن أحمد [بن عبد الله] [3] ، أبو غالب الواسطي
[4] :
ولد سنة عشر وأربعمائة، وسمع أبا القاسم بن بشران، وأبا عبد الله
المحاملي، حدث عنه شيخنا عبد الوهاب وأثنى عليه، وكان ثقة.
وتوفي يوم الاثنين ثالث عشر ذي الحجة ودفن بمقبرة الشونيزية.
3687- عبد الباقي بن يوسف بن علي بن صالح، أبو تراب المراغي
[5] :
ولد سنة ثلاث وأربعمائة [6] ، سمع ببغداد أبا القاسم بن بشران [7] ،
وأبا علي بن شاذان، وأبا محمد السكرى، وأبا على ابن المذهب، وأبا بكر
بن بشران، وأبا محمد الجوهري وأبا الطيب الطبري، وتفقه عليه، وسمع
بالموصل وبأصبهان ونيسابور ونزلها، وتشاغل بالتدريس والمناظرة والفتوى،
وكان يقول: أحفظ أربعة آلاف مسأله في الخلاف، وأحفظ الكلام فيها،
ويمكنني أن أناظر في جميعها. وكان يحفظ من/ 21/ ب الحكايات والأشعار
والملح الكثير، وكان صبورا على الكفاف معرضا عن كسب الدنيا
__________
[1] كذا في الأصل وفي باقي النسخ والمطبوعة: «أنر» .
[2] في ص: «ولاه ولاية العراق» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[4] في ت: «ابن غالب الواسطي» .
[5] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 157، وفيه: «أبو تراب
البراعي» ، تذكرة الحفاظ 1230، وتاريخ نيسابور 1197، وشذرات الذهب 3/
398) .
[6] في ص، والبداية: «سنة احدى وأربعمائة» .
[7] العبارة من: «وأبا عبد الله المحاملي ... » أثناء ترجمة بركة بن
أحمد، إلى هنا ساقطة من ت.
(17/50)
على طريق السلف، بعث إليه منشور بقضاء
همذان فقال: أنا في انتظار المنشور من الله تعالى على يدى ملك الموت،
وقدومي الآخرة أليق من منشور القضاء بهمذان، وقعودي في هذا المسجد ساعة
على فراغ القلب أحب إلى من علم الثقلين.
توفي في ذي القعدة من هذه السنة عن ثلاث وتسعين سنة.
3688- علي بن الحسين بن علي بن أيوب، أبو الحسن البزاز
[1] :
ولد سنة عشر وأربعمائة في شوال، وسمع أبا علي بن شاذان، وأبا محمد
الخلال، وأبا العلاء الواسطي، حدثنا عنه أشياخنا. توفي يوم عرفه ودفن
في مقبرة جامع المنصور.
__________
[1] انظر ترجمته في: تذكرة الحفاظ 1230، وشذرات الذهب 3/ 398) .
(17/51)
ثم دخلت سنة ثلاث
وتسعين واربعمائة
فمن الحوادث فيها:
[وصول بركيارق إلى خوزستان بحال سيئة]
أن بركيارق وصل إلى خوزستان بحال سيئة لميل الناس إلى السلطان محمد،
وكان مع بركيارق ينال، وهو أمير عسكره، ثم خاف منه فرحل عنه إلى
الأهواز، فصادر أهلها، وأصعد بركيارق إلى واسط، فهرب أعيان البلد، فدخل
العسكر فعاثوا ونهبوا وقلعوا الأبواب، واستخرجوا الذخائر وفعلوا ما لا
يفعل الروم، وحمل إلى السلطان قوم ذكر أنهم جاءوا للفتك، وأقر رئيسهم
بذلك، فأمر به السلطان فبطح وضربه فقسمه [1] نصفين، ثم رحل السلطان إلى
بلاد سيف الدولة صدقة، ففعلت العساكر نحوا مما فعلت بواسط، والتقى سيف
الدولة بالسلطان وأصعد معه إلى بغداد، وكان سعد الدولة الكوهرائين [2]
مخيما بالشفيعي مقيما على المباينة لبركيارق، والطاعة للسلطان محمد،
22/ أفلما علم بوصوله إلى زريران رحل إلى النهروان في ليلة الجمعة
النصف من صفر/ وسارت معه زوجة مؤيد الملك وهي ابنة القاسم بن رضوان،
فلما كان يوم الجمعة منتصف صفر قطعت خطبة محمد، وأقيمت لبركيارق.
[خروج الوزير عميد الدولة لاستقبال السلطان]
وفي يوم السبت سادس عشر صفر: خرج الوزير عميد الدولة لاستقبال السلطان
بركيارق إلى جسر صرصر في الموكب، وعاد من يومه، ودخل السلطان بغداد يوم
__________
[1] في الأصل: «فضرب وبطح فقسمه» .
[2] في الأصل: «سعد الدولة الكوهراي» .
(17/52)
الأحد، وجلس على السرير في دار المملكة،
وسرّ العوام النساء والصبيان قدومه، ونفذ الخليفة إليه هدية تشتمل على
خيل وسلاح.
[تقرر وزارة العميد أبي المحاسن]
وفي ربيع الأول: تقررت له وزارة العميد أبي المحاسن عبد الجليل بن علي
بن محمد الدهستاني، ولقب بنظام الدين، وجلس للنظر في دار المملكة، وخرج
إلى حلوان فانضاف إليه سعد الدولة وغيره، ودخلوا معه إلى بغداد، فخرج
الموكب يتلقاه، ثم نفذت له الخلع في يوم آخر مع عميد الدولة فاحتبسه
عنده، واستدعى أبا الحسن الدامغاني، وأبا القاسم الزينبي، وأبا منصور
حاجب الباب، وقال لهم أبو المحاسن: ان السلطان يقول لكم: قد عرفتم ما
نحن فيه من الإضاقة ومطالبة العسكر، وهذا الوزير ابن جهير قد تصرف هو
وأبوه في ديار بكر والجزيرة والموصل في أيام جلال الدولة، وجبوا
أموالها وأخذوا ارتفاعها، وينبغي أن يعاد كل حق إلى حقه. فخرجوا إلى
الوزير فاعلموه بالحال فقال: أنا مملوك ولا يمكنني الكلام إلا بإذن
مولاي. فاستأذنوا في الانصراف فأذن لهم، فعرفوا الخليفة الحال، فكتب
الخليفة إلى السلطان كتابا مشحونا بالعتب والتهديد والغلظه، وقال فيه:
فلا يغرك إمساكنا عن مقابلة الفلتات، فو حقّ السالف من الآباء
المتقدمين بحكم رب السماء لئن قصر في أن يعاد شاكرا وبالحباء موفورا
لنفعلن! فقرئ الكتاب على السلطان، / وآل الأمر إلى أن أحضر عميد الدولة
بين يدي 22/ ب السلطان، ووعده عنه وزيره بالجميل، وقال: السلطان يقول
لك إننا ثقلنا عليك كما يثقل الولد على والده، لضرورات دعت. فانطلق
والأمراء بين يديه، وصحح مائة ألف وستين ألف دينار.
والتقى السلطان بركيارق ومحمد في يوم الأربعاء رابع رجب بمكان قريب من
همذان، وكانت الغلبة لأصحاب محمد، فانهزم بركيارق في خمسين فارسا، فنزل
على فرسخ من المصاف حتى استراح والتأم إليه عسكره، فلقي أخاه سنجر،
فانهزم أصحاب سنجر ثلاثين فرسخا فاشتغل أصحاب بركيارق بالنهب، وأسرت أم
أخوي السلطان سنجر ومحمد فأكرمها، وقال: إنما ارتبطتك ليطلق أخي من
عنده من الأسارى، فأنفذ سنجر من كان عنده من الأسارى وأطلقها.
[قطع خطبة السلطان بركيارق وإعادة خطبة
السلطان محمد]
وفي يوم الجمعة رابع عشر رجب: قطعت خطبة السلطان بركيارق وأعيدت خطبة
السلطان محمد
.
(17/53)
[زيادة أمر
العيارين]
وفي شعبان: زاد أمر العيارين بالجانب الغربي حتى أخذوا عيبتين ثيابا
لقاضي القضاة أبي عبد الله [1] الدامغاني فلم يردوهما إلا بعد تعب.
وتقدم الخليفة إلى الأمير يمن بتهذيب البلد، فعبر الأمير في ثالث عشرين
شعبان، فأخذ جماعة منهم فقتلهم.
ومن عجيب ما اتفق: أن رجلا من العيارين أعور هرب، وأخذ على رأسه سلّة
[2] فيها خزف، ولبس جبة صوف، وخرج قاصدا للدجيل ليخفي حاله، فاتفق أن
خادما للخليفة خرج ليتصيد، فكان يتطير بالعور، فلقيه أعوران فتطير
بهما، فرأى غلمانه هذا العيار، فصاحوا به ونادوا أستاذهم ليقولوا له
هذا ثالث، فظن العيار أنهم قد عرفوه، فدخل مزرعة، فارتابوا بهربته
وجدوا في طلبه، فأخذوه ومعه سيف تحت ثيابه، فبحثوا عن حاله فعرفوه
فقتلوه.
[كثرة الجرف بالعراق]
23/ أوفي آخر شعبان: كثر الجرف بالعراق/ والوباء، وامتنع القطر، وزاد
المرض، وعدمت الأدوية والعقاقير، ورئي نعش عليه ستة موتى، ثم حفر لهم
زبية فألقوا فيها.
[حريق بخرابة ابن جردة]
وفي هذا الشهر: وقع حريق بخرابة ابن جردة،
فهلك معظمها، وكانت الريح عاصفة فأطارت شرارة فأحرقت دارا برحبة
الجامع، وأخرى فأحرقت ستارة دار الوزير بباب العامة.
[القبض على الوزير عميد الدولة]
وفي رمضان: قبض على الوزير عميد الدولة، وعلى إخوته زعيم الرؤساء أبي
القاسم وأبي البركات بن جهير الملقب بالكافي راسله الخليفة بأبي نصر بن
رئيس الرؤساء، ويمن، فلما خرج من الديوان معهما قدم عليه المركوب وقد
أحسن بما يراد منه، فقال: أنا أساويكما في المشي.
[قتل شحنة أصبهان]
وفي ليلة السابع والعشرين من رمضان: قتل
شحنة أصبهان في دار السلطان محمد، قتله باطني، وقد كان يتحرز
منهم ويلبس درعا تحت ثيابه، فأغفل تلك الليلة
__________
[1] كذا في الأصول.
[2] في ص: «على رأسه سكة» .
(17/54)
لبس الدرع وخرج إلى دار السلطان، فضربه
الباطني بسكين في خاصرته، وقتل معه اثنين، ومات في تلك الليلة جماعة من
ولد هذا الشحنة، فأخرج من داره خمس جنائز.
[قتل أمير بالري]
وفي ذي الحجة: قتل أمير بالري، قتله
باطني، فحمل الباطني إلى فخر الملك بن نظام الملك فقال له: ويحك، أما
تستحي؟ هتكت حرمتي وأذهبت حشمتي، وقتلته في داري. فقال الباطني: العجب
منك [انك] [1] تذكر أن لك حرمة مهتوكة، أو دارا مملوكة، أو حشمة تمنع
من الدماء المسفوكة، أو ما تعلم أننا قد أنفذنا إلى ستة نفر أحدهم أخوك
وفلان وفلان، فقال له: وأنا في جملتهم؟ فقال: أنت أقل من أن تذكر أو أن
تدنس نفوسنا بقتلك. فعذب على أن يقر من أمره بذلك، فلم يقر فقتله.
وفي هذه السنة: خرج من/ الأفرنج ثلاثمائة ألف فهزمهم المسلمون وقتلوهم،
23/ ب فلم يسلم منهم سوى ثلاثة آلاف هربوا ليلا، وباقي الفل هربوا
مجروحين.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
3689- أحمد بن عبد الوهاب بن الشيرازي، أبو منصور الواعظ
[2] :
تفقه على أبي إسحاق، ورزق في الوعظ قبولا.
وتوفي في شعبان هذه السنة ودفن بمقبرة باب حرب.
3690- أحمد بن محمد بن عمر بن محمد، أبو القاسم، المعروف بابن الباغبان
[3] :
من أهل أصبهان، سمع الحديث الكثير تحت ضر شديد، وكان رجلا صالحا.
وتوفي في شعبان هذه السنة.
3691- أحمد بن أحمد بن الحسن، أبو البقاء الوكيل
[4] :
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[2] في ت: «أحمد بن عبد الوهاب ابن الشيرازي» .
[3] الباغبان: نسبة إلى حفظ الباغ، وهو البستان.
وانظر ترجمته في: الأنساب للسمعاني 2/ 44) .
[4] «الوكيل» : ساقطة من ص، ط.
(17/55)
كان وكيلا بين يدي أبي عبد الله
الدامغانيّ، وقد سمع من ابن النقور، والصريفيني وأبي بكر الخطيب، وكان
يضرب به المثل في الدهاء والحذق في صناعته.
وتوفي قبل أوان الرواية في هذه السنة.
3692- الحسين بن أحمد [1] بن محمد بن طلحة، أبو عبد الله النعالي
[2] :
سمع أبا سعيد الماليني [3] ، وأبا الحسين بن بشران في آخرين، وعاش
تسعين سنة، فاحتاج الناس إلى إسناده مع خلوة من العلم، حدثنا عنه
أشياخنا. وتوفي في صفر هذه السنة، ودفن بمقبرة جامع المنصور.
3693- سلمان بن أبي طالب، عبد الله بن محمد الفتى، أبو عبد الله
الحلواني، والد الحسن بن سلمان [4] الفقيه الذي درس في النظامية ببغداد
[5] :
سمع أبا الطيب الطبري، وأبا طالب بن غيلان، وأبا محمد الجوهري، وغيرهم،
وحدث وكان له معرفة تامة باللغة والأدب، قرأ على الثمانيني، وغيره،
وقال الشعر، ونزل أصبهان فقرأ عليه أكثر أئمتها وفضلائها الأدب، وكان
جميل الطريقة.
وتوفي في هذه السنة بأصبهان.
3694- سعد الدولة الكوهرائين
[6] :
24/ أوكان من الخدم الأتراك الذين ملكهم/ أبو كاليجار بن سلطان الدولة
من بهاء الدولة بن عضد الدولة، وانتقل إليه من امرأة، وكان الكوهرائين
بعد إقبال الدنيا عليه ومسير الجيوش تحت ركابه يقصد مولاته، ويسلم
عليها، ويستعرض حوائجها، وبعث به أبو كاليجار مع ابنه أبي نصر إلى
بغداد فاعتقل طغرلبك أبا نصر، ولم يبرح معه
__________
[1] في ت: «أحمد بن أحمد» .
[2] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 3/ 399) .
[3] في ت: «أبا سعد الماليني» .
[4] في ت: «سليمان» .
[5] انظر ترجمته في: «شذرات الذهب 3/ 399، وفيه: «سليمان بن عبد الله
بن الفتى، أبو عبد الله النهرواني» .
[6] في الأصل: الكوهراي» . وانظر ترجمته في: (الكامل 9/ 26) .
(17/56)
الكوهرائين، ومضى معه إلى القلعة، فلما
توفي خدم الكوهرائين [ألب أ] [1] رسلان ووقاه بنفسه لما جرحه يوسف، فلم
يغن عنه، فلما ملك جلال الدولة ملك شاه جاء إلى بغداد في رسالة، وجلس
له القائم بأمر الله في صفر سنة ست وستين، وأعطاه عهد جلال الدولة،
وأقطعه ملك شاة واسط، وكان قد جعل إليه الشحنكية ببغداد، ثم قبل ذلك
نال دنيا واسعة، فرأى ما لم يره خادم يقاربه من نفوذ الأمر، وكمال
القدرة والجاه وطاعة العسكر، ولم ينقل أنه مرض ولا صدع، ونال مراده في
كل عدو له، وذكر أنه لم يجلس إلا على وضوء، وكان يصلي بالليل ولا
يستعين على وضوئه بأحد، ولا يعلم أنه صادر أحدا ولا ظلمه، إلا أنه كان
يعمل رأيه في قتل من لا يجوز قتله من اللصوص ويمثل بهم، ويزعم أن ذلك
سياسة، ولما اختصم محمد وبركيارق كان مع بركيارق فكبا به الفرس فسقط
وعليه سلاحه فقتل، ثم حمل إلى بغداد فدفن بها في الجانب الشرقي، وتربته
مقابل رباط أبي النجيب.
3695- عبد الرزاق الصوفي الغزنوي
[2] :
كان مقيما في رباط عتاب، وكان خيرا يحج سنين على التجريد، واحتضر وقد
قارب مائة سنة ولا كفن له، فقالت له زوجته وهو يجود بنفسه: إنك تفتضح
إذا لم يوجد لك كفن. فقال لها: لو وجد كفن لافتضحت.
ومات/ في هذه السنة.
3696- أبو الحسن البسطامي شيخ رباط ابن [3] المحلبان:
وكان لا يلبس إلا الصوف شتاء وصيفا، وكان يحترم ويقصد، فخلف مالا
مدفونا يزيد على أربعة آلاف دينار، وكان عبد الرزاق على ما ذكرنا فتعجب
الناس من تفاوت حاليهما وكلاهما شيخ رباط.
3697- عبد الباقي بن حمزة بن الحسين، أبو الفضل الحداد [4] القرشي
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[2] نسبته هذه إلى غزنة أو غزنين، وهي قصبة زابلستان الواقعة في طرف
خراسان، بينها وبين الهند، وهي اليوم احدى مدن أفغانستان.
وانظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 158، والكامل 9/ 30) .
[3] البسطامي: نسبة إلى بسطام، وهي بلدة بقومس مشهورة.
[4] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 3/ 399) .
(17/57)
سمع من الجوهري وغيره، وكان له يد في
الفرائض والحساب، وكان شيخنا أبو الفضل ابن ناصر يثني عليه ويوثقه،
وتوفي في شعبان هذه السنة.
3698- عبد الصمد بن علي بن الحسين ابن البدن، أبو القاسم
[1] :
من أهل نهر القلائين، والد شيخنا عبد الخالق. قال شيخنا عبد الوهاب
الأنماطي: كان شيخ المحملة يضرب ويعاقب، ولكنه كان سنيا.
توفي يوم الثلاثاء ثالث عشر جمادي الأولى، ودفن في داره بنهر القلائين.
3699- عبد الملك بن محمد بن الحسن، أبو سعد السامري
[2] .
سمع الحديث من ابن النقور، وابن المهتدي، والزينبي، وغيرهم، وحدث
ببغداد، وشهد عند أبي عبد الله الدامغاني في سنة خمس وستين، وكان حجاجا
وإليه كسوة الكعبة، وعمارة الحرمين، والنظر في المارستانين العضدي،
والعتيق، والجوامع بمدينة السلام، والجسر، والترب بالرصافة، وكان كثير
الصدقة، ظاهر المعروف، وافر التجمل، مستحسن الصورة، كامل الظرف، روي
عنه أشياخنا، وآخر من روى عنه شهدة بنت الإبري.
وتوفي في رجب هذه السنة، ودفن بمقبرة الخيزران عند قبر أبي حنيفة.
3700- عبد القاهر بن عبد السلام بن على أبو الفضل [3] العباسي.
25/ أمن أهل مكة، وكان نقيب الهاشميين/ بها، وكان من خيارهم ومن ذوي
الهيئات النبلاء، سمع الحديث بمكة، واستوطن بغداد، وأقرأ بها [4] ،
وكان قيما بالقراءات، فقرأ عليه من مشايخنا أبو محمد [5] ، وأبو الكرم
ابن الشهرزوري [6] .
وتوفي في جمادى الآخرة من هذه السنة.
__________
[1] في ت: «ابن الحسن بن البدن» .
[2] السامري نسبة إلى بلدة على الدجلة فوق بغداد بثلاثين فرسخا يقال
لها: سرّ من رأى. (الأنساب 7/ 14) .
[3] انظر ترجمته في: شذرات الذهب 3/ 400) .
[4] في الأصل: «واستوطن بغداد وأقرانها.
[5] في ص: «فقرأ عليه من أشياخنا» .
[6] في الأصل: «أبو الكرم ابن السهرودي» .
(17/58)
3701- محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن
عبدوس بن كامل، أبو الحسين الدلال ويعرف بالزعفراني
[1] :
سمع أبا بكر النقاش، والشافعي، روى عنه أبو القاسم التنوخي، وكان ثقة،
وأخذ الفقه عن أبي بكر الرازي.
3702- محمد بن علي بن السحين بن جداء، أبو بكر العكبريّ:
[2] كان من العلماء الصالحين، نزل يتوضأ في دجلة فغرق في ربيع الأول من
هذه السنة.
3703- مُحَمَّد بن جعفر بن طريف البجلي الكوفي، أبو غالب
[3] .
سمع أبا الحسين ابن قدوية غيره، وسماعه صحيح، وهو ثقة، روى عنه شيوخنا،
وتوفي يوم الثلاثاء العشرين من جمادي الآخرة.
3704- محمد بن محمد بن محمد بن جهير الوزير، أبو منصور بن أبي نصر
الوزير بن الوزير، الملقب عميد الدولة
[4] .
كان حسن التدبير، كافيا في مهمات الخطوب، كثير الحلم، لم يعرف أنه عجل
على أحد بمكروه، وقرأ الأحاديث على المشايخ، وكان كثير الصدقات، يجيز
العلماء، ويثابر على صلاتهم، ولما احتضر القائم أوصى المقتدي بابن
جهير، وخصه بالذكر
__________
[1] نسبته هذه لقرية بين همذان وأستراباذ. يقال لها الزعفرانية.
وانظر ترجمته في: (الأنساب 6/ 282، وأرخ وفاته في سنة ثلاث أو أربع
وتسعين وثلاثمائة. وتاريخ بغداد 1/ 98، ووفاته أيضا فيه سنة 394) .
[2] نسبته هذه إلى بلدة على الدجلة فوق بغداد بعشرة فراسخ من الجانب
الشرقي.
[3] البجلي: نسبة إلى قبيلة بجيلة.
[4] في الأصل: «محمد بن محمد بن جهير الوزير أبو نصر ابن أبي منصور
الوزير بن الوزير الملقب عميد الدولة» .
وفي ت: «محمد بن الوزير أبي نصر محمد بن جهير أبو منصور» . وما أوردناه
من الشذرات والوافي.
وانظر ترجمته في: (الوافي بالوفيات 1/ 272، وشذرات الذهب 3/ 440،
والبداية والنهاية 12/ 159) .
(17/59)
الجميل، فقال: يا بني، قد استوزرت ابن
المسلمة، وابن دارست، وغيرهما، فما رأيت مثل ابن جهير. وكان عميد
الدولة قد خدم ثلاثة خلفاء، ووزر لاثنين منهم، تقلد وزارة المقتدي في
صفر سنة اثنتين وسبعين فبقي فيها خمس سنين، ثم عزل بالوزير أبي 25/ ب
شجاع، ثم عاد بعد عزل أبي شجاع/ في سنة أربع وثمانين، فلم يزل إلى أن
مات المقتدي، ثم دبر المستظهر التدبير الحسن ثماني سنين وأحد عشر شهرا
وأربعة أيام، وكان عيبه عند الناس الكبر، وكانت كلمه معدودة، فإذا كلم
شخصا قام ذلك مقام بلوغ الأمل [1] ، حتى أنه قال يوما لولد أبي نصر بن
الصباغ: اشتغل وأدأب، وإلا كنت صباغا بغير أب: فلما نهض المقول له ذلك
من مجلسه هنأه الناس بهذه العناية، ثم آل أمره إلى أن قبض عليه وحبس في
باطن دار الخلافة، فأخرج من محبسه ميتا [2] في شوال، فحمل إلى داره
فغسل بها، ودفن في التربة التي استجدها في قراح ابن رزين، وكان فيها
قبور جماعة من ولده، ومنع أصحاب الديوان دفنه، وأخذوا الفتاوي بجواز
بيع تربته لأنه لم يثبت البينه بأنه وقفها ولم يتم لهم ذلك.
3705- محمد بن صدقة بن مزيد، أبو المكارم، الملقب بعز الدولة، وأبوه
سيف [3] الدولة:
كان ذكيا شجاعا، فتوفي وجلس الوزير عميد الدولة في داره للعزاء به
ثلاثة أيام، للصهر الذي كان بينهما، وخرج إليه في اليوم الثالث توقيع
يتضمن التعزية له والأمر بالعود إلى الديوان، فعزاه قائما، وخرج قاضي
القضاة أبو الحسن الدامغاني إلى حلة سيف الدولة برسالة من دار الخلافة
تتضمن التعزية لأبيه، واتفق في مرضه أنه أتى أبوه [4] بديوان أبي نصر
بن نباتة، فبصر في توقيع قصيدة، قال يعزي سيف الدولة [5] أبا الحسن علي
بن حمدان ويرثى ابنه أبا المكارم محمدا، فأخذ من حضره المجلدة من
__________
[1] في الأصل: «فإذا كلم شخصا كان ذلك عنده مقام بلوغ الأمل» .
[2] في الأصل: «فأخرج من مجلسه ميتا» .
[3] في الأصل: «وأبوه بسيف الدولة»
[4] في الأصل: «في مرضه أنهم أقوه» .
[5] في ص: «في توقيع سيده، قال: تعزية سيف الدولة» .
(17/60)
يده وأطبقه، فعاد وأخذه/ وفتحه وخرج ذلك
وأراه قصيدة ابن نباتة التي يقول فيها: 26/ أ
فإن بميّافارقين حفيرة ... تركنا عليها ناظر الجود داميا
وحاشاك سيف الدولة اليوم أن ترى ... من الصبر خلوا أو إلى الحزن ظاميا
ولما عدمنا الصبر بعد محمد ... أتينا أباه نستعيد التعازيا
[1]
3706- يحيى بن عيسى [2] بن جزلة، أبو علي [3] الطبيب:
كان نصرانيا فلازم أبا علي بن الوليد ليقرأ عليه المنطق، فلم يزل أبو
علي بن الوليد [4] يدعوه إلى الإسلام، ويذكر له الدلالات الواضحة،
والبراهين البينة حتى أسلم، واستخدمه أبو عبد الله الدامغاني في كتب
السجلات، وكان يطيب أهل محلته وسائر معارفه بغير أجرة، بل احتسابا،
وربما حمل إليهم الأدوية بغير عوض، ووقف كتبه قبل وفاته، وجعلها في
مسجد أبي حنيفة.
__________
[1] في ص: «أباه نستفيد التعازيا» .
[2] في ت: «يحيى بن جذلة» . بإسقاط «عيسى» .
[3] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 159، والكامل 9/ 30) .
[4] «أبا علي بن الوليد» ساقطة من ص.
(17/61)
ثم دخلت سنة اربع
وتسعين واربعمائة
فمن الحوادث فيها:
[ولاية أبي الفرج ابن السيبي قضاء باب
الأزج]
أنه في المحرم ولي أبو الفرج ابن السيبي قضاء باب الأزج، حين مرض
حاكمها أبو المعالي عزيزي، ولما توفي عزيزي وقع إلى أبي الفرج ابن
السيبي أن ينوب عنه أبو سعيد المخرمي [1] ، وتقررت وزارة الخليفة [2]
لأبي المحاسن عبد الجليل بن محمد 26/ ب الدهستاني، وهو الذي استوزره
بركيارق، ولقبه نظام الدين/، وجددت عمارة ديوان الخليفة ونظريته، وعين
على حضوره فيه، وإفاضة الخلع عليه يوم السبت سادس صفر، فوصلت من
بركيارق كتب تستدعيه، فسارع إلى ذلك، وبطل ما عزم عليه، وشهد في جمادي
الآخرة عند أبي الحسن الدامغاني أبو العباس أحمد بن سلامة الكرخي
المعروف بابن الرطبي، وأبو الفتح محمد بن عبد الجليل الساوي، وأبو بكر
محمد بن عبد الباقي شيخنا.
[قتل السلطان بركيارق خلقا من الباطنية]
وفي هذه السنة: قتل السلطان بركيارق خلقا
من الباطنية ممن تحقق مذهبه، ومن اتهم به، فبلغت عدتهم ثمانمائة
ونيفا [3] ، ووقع التتبع لأموال من قتل منهم، فوجد لأحدهم سبعون بيتا
من الزوالي المحفور، وكتب بذلك كتاب إلى الخليفة، فتقدم
__________
[1] في ص: «أبو سعد المخرمي» .
[2] في ص: «وتفردت وزارة الخليفة» .
[3] في ص: «فبلغت عدتهم ثلاثمائة ونيف» .
(17/62)
بالقبض على قوم يظن فيهم ذلك المذهب، ولم
يتجاسر أحد أن يشفع في أحد لئلا يظن ميله إلى ذلك المذهب، وزاد تتبع
العوام لكل من أرادوا، وصار كل من في نفسه شيء من إنسان يرميه بهذا
المذهب، فيقصد [وينهب] [1] حتى حسم هذا الأمر فانحسم، وأول ما عرف من
أحوال الباطنية في أيام [ملك شاه] [2] جلال الدولة، فإنّهم اجتمعوا
فصلوا صلاة العيد في ساوة، ففطن بهم الشحنة، فأخذهم وحبسهم، ثم أطلقهم،
ثم اغتالوا مؤذنا من أهل ساوة، فاجتهدوا أن يدخل معهم فلم يفعل، فخافوا
أن ينم عليهم فاغتالوه فقتلوه، فبلغ الخبر إلى نظام الملك، وتقدم بأخذ
من يتهم بقتله فقتل المتهم، وكان نجارا، فكانت أول فتكة لهم قتل نظام
الملك/ وكانوا يقولون: قتلتم منا نجارا، 27/ أوقتلنا به نظام الملك،
فاستفحل أمرهم بأصبهان لما مات ملك شاه، فآل الأمر إلى أنهم كانوا
يسرقون الإنسان فيقتلونه ويلقونه في البئر، فكان الإنسان إذا دنا وقت
العصر ولم يعد إلى منزله يئسوا منه، وفتش الناس المواضع، فوجدوا امرأة
في دار الأزج فوق حصير، فأزالوها فوجدوا تحت الحصير أربعين قتيلا،
فقتلوا المرأة، وأخربوا الدار والمحلة، وكان يجلس رجل ضرير على باب
الزقاق الّذي فيه الدار، فإذا مرّ به إنسان سأله أن يقوده خطوات إلى
الزقاق، فإذا حصل هناك جذبه من في الدار، [واستولوا عليه] [3] ، فجد
المسلمون [4] في طلبهم بأصبهان، وقتلوا منهم خلقا كثيرا، وأول قلعة
تملكتها الباطنية قلعة في ناحية يقال لها: الروذناذ من نواحي الديلم،
وكانت هذه القلعة لقماج صاحب ملك شاه، وكان مستحفظها متهما بمذهب
القوم، فأخذ ألفا ومائتي دينار وسلم إليهم القلعة في سنة ثلاث وثمانين
في أيام ملك شاة، فكان متقدمها الحسن بن الصباح- وأصله من مرو- وكان
كاتبا للأمير عبد الرزاق بن بهرام، إذ كان صبيا، ثم سار إلى مصر [5] ،
وتلقى من دعاتهم المذهب، وعاد داعية للقوم، ورأسا فيهم، وحصلت له هذه
القلعة، وكانت سيرته في دعائه أنه لا يدعو إلا غبيا، لا يفرق بين شماله
ويمينه،
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[4] في الأصل: «فضح المسلمون» .
[5] في ص: «ثم صار إلى مصر» .
(17/63)
ومن لا يعرف أمور الدنيا، ويطعمه الجوز
والعسل والشونيز، حتى يتسبط دماغه، ثم يذكر له حينئذ ما تم على [أهل]
[1] بيت المصطفي من الظلم والعدوان، حتى يستقر/ 27/ ب ذلك في نفسه، ثم
يقول له: إذا كانت الأزارقة والخوارج سمحوا بنفوسهم في القتال مع بني
أمية، فما سبب تخلفك بنفسك في نصرة أمامك؟ فيتركه بهذه المقالة طعمة
للسباع. وكان ملك شاة قد أنفذ إلى هذا ابن الصباح يدعوه إلى الطاعة،
ويتهدده إن خالف، ويأمره بالكف عن بث أصحابه لقتل العلماء والأمراء [2]
، فقال في جواب الرسالة والرسول حاضر: الجواب ما ترى، ثم قال لجماعة
وقوف بين يديه: أريد أن أنفذكم إلى مولاكم في قضاء حاجة، فمن ينهض لها؟
فاشرأب كل واحد منهم لذلك، وظن رسول السلطان أنها رسالة يحملها إياهم،
فأومأ إلى شاب منهم، فقال له: أقتل نفسك. فجذب سكينه وضرب بها غلصمته
[فخر ميتا] [3] ، وقال لآخر: ارم نفسك من القلعة. فألقى نفسه فتمزق، ثم
التفت إلى رسول السلطان فقال: أخبره أن عندي [من هؤلاء] [4] عشرين ألفا
هذا حد طاعتهم لي، وهذا هو الجواب. فعاد الرسول إلى السلطان ملك شاه،
فأخبره بما رأى، فعجب من ذلك وترك كلامهم، وصار بأيديهم قلاع كثيرة،
فمنها قلعة على خمسة فراسخ من أصبهان، كان حافظها تركيا، فصادقه نجار
باطني، وأهدى له جارية وفرسا ومركبا، فوثق به، واستنابه في حفظ
المفاتيح، فاستدعى النجار ثلاثين رجلا من أصحاب ابن عطاش، وعمل دعوة،
ودعا التركي 28/ أوأصحابه، وسقاهم الخمر، فلما سكروا دفع الثلاثين
بالحبال إليه، وسلم/ إليهم القلعة، فقتلوا جماعة من أصحاب التركي، وسلم
التركي وحده فهرب، وصارت القلعة بحكم ابن عطاش، وتمكنوا وقطعوا الطرقات
ما بين فارس وخوزستان، فوافق الأمير جاولي سقاوو [5] جماعة من أصحابه
حتى أظهروا الشغب عليه، وانصرفوا عنه، وأتوا إلى الباطنية وأشاعوا
الموافقة لهم، ثم أظهر أن الأمراء بني برسق يقصدونه [6] ، وأنه
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[2] في الأصل: «لقتل الأمراء والعلماء» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[5] في ص: «الأمير جاولي شقاوة» .
[6] في الأصل: «أن الأمراء بني بريق» .
(17/64)
على ترك البلاد عليهم، والانصراف عنهم،
فحادت طائفة [1] من أصحابه عنه، فلما سار بلغ الباطنية حده، فحسن له
أصحابه المنحازون إليهم أتباعه، والاستيلاء على أمواله، فساروا إليه
بثلاثمائة من صناديدهم، فلما توسطوا الشعب عاد عليهم ومن معه من أصحابه
[2] ، فقتلوهم، فلم يفلت إلا ثلاثة نفر تسلقوا في الجبال، فغنم خيلهم
وأموالهم، وتهذبت الطرق بهلاكهم، وتبعهم بعض الأمراء، وقتل خلقا منهم
ابن كوخ الصوفي، وكان قد أقام ببغداد بدرب زاخي في الرباط مدة، وكان
يحج في كل سنة بثلاثمائة من الصوفية، وينفق عليهم الألوف من الدنانير،
وقتل جماعة من القضاة اتهموا بهذا المذهب، وكان قد حصل بعسكر بركيارق
جماعة، واستغووا خلقا من الأتراك، فوافقوهم في المذهب، فاستشعر أصحاب
السلطان ولازموا لبس السلاح، ثم تتبعوا من يتهم، فقتلوا أكثر من مائة،
وثم بلد يعرف بالصمير- هو سواد يقارب المشان- يعتقد أهله في ابن
الشيباش [2] وأهل بيته، وكان له نارنجيات انكشفت لبعض أتابعه، ففارقه
وبين للناس أمره، فكان مما أخبر به عنه أنه قال: أحضرنا يوما جديا
مشويا ونحن جماعة من أصحابه، فلما أكلناه أمر برد عظامه إلى التنور
فردت، وترك على التنور طبقا ثم رفعه بعد ساعة، فوجدنا جديا حيا يرعى
حشيشا، ولم نر للنار أثرا، ولا للرماد خبرا، فتلطفت حتى عرفت هذه
النارنجية، وذاك أنى وجدت ذلك التنور يفضى إلى سرداب، وبينهما طبق حديد
يدور بلولب، فإذا أراد إزالة النار عنه فركه، فينزل إليه. ويترك مكانه
طبقا آخر مثله. وستأتي أخبار ابن الشيباش فيما بعد [3] إن شاء الله
تعالى.
[قصد بركيارق خوزستان]
وفي هذه السنة: قصد بركيارق خوزستان،
وانضم إليه أولاد برسق، وكان أمير آخر قد مات، وانضم إليه عسكره مع
أياز [4] ، فتوجه أياز من همذان بعسكره، واتصل ببركيارق، وسار طالبا
لأخيه محمد، فالتقيا وعلى ميمنة بركيارق أياز، وعلى الميسرة أولاد
برسق، فانهزمت طلائع محمد، ورجعت إلى القلب فأنهزم السلطان مُحَمَّد
ورجع
__________
[1] في الأصل: «ومن معهم من أصحابه» .
[2] في ص: «ابن الشبشاش» .
[3] في ص: «ابن الشبشاش فيما بعد» .
[4] في ص: «وصار عسكره مع أياز» .
(17/65)
مؤيد الملك، وهرب، فادركه [1] غلمان
بركيارق فأسروه فقتل، وخرج الزعيم ابن جهير متنكرا فقصد حلة سيف
الدولة.
[فتح الخليفة جامع القصر]
وفي رمضان هذه السنة: تقدم الخليفة بفتح جامع القصر وان يصلى فيه
[صلاة] [2] التراويح، ولم تكن العادة جارية بذلك، ورتب [فيه] [3]
للإمامة أبو الفضل محمد بن أبي جعفر عبد الله بن أحمد بن المهتدى، وأمر
بالجهر بالبسملة والقنوت على مذهب الشافعيّ، وبيّض الجامع، وعمّر وكسى،
وحملت إليه الأضواء، وأمر المحتسب أن ينهى النساء عن الخروج ليلا
للتفرج.
[أرسل السلطان محمد إلى أخيه سنجر يلتمس
مالا]
29/ أوفي هذه السنة: أرسل السلطان محمد إلى أخيه سنجر/ يلتمس منه مالا
وكسوة، فوقع التقسيط بذلك على أهل نيسابور الكبار والصغار والضعفاء [4]
، حتى جبيت الحمامات والخانات، وترددت الرسل بينهما، فوقع الصلح، وسارا
وقد بلغهما تفرق العساكر عن بركيارق، فلما وصلا إلى دامغان [أخربوها
فعفت] [5] ، وأخربوا ما أتوا عليه من البلاد، وعم الغلاء تلك الأصقاع
حتى شوهد رجل يأكل كلبا مشويا في الجامع، وإنسان يطاف به في الأسواق
وفي عنقه [يد] [6] صبي قد ذبحه وأكله.
[مضى بركيارق إلى بغداد]
ومضى بركيارق إلى بغداد ومعه الأمير
إياز، فوصل إلى بغداد في خمسة آلاف فارس، وخرج الموكب لتلقيه، ثم دخل
بعده ولده ملك شاه بن بركيارق، فاستقبله أهل المناصب من النهروان، وحمل
إليه من دار الخلافة تعويذ من ذهب، فيه مصحف جامع، فعلق عليه، وكان
عمره سنة وشهورا.
[خطب الشريف أبو تمام ابن المهتدى بجامع القصر]
وفي عيد الفطر: خطب الشريف أبو تمام ابن المهتدى بجامع القصر، فأراد أن
يدعو لبركيارق فدعا للسلطان محمد غلطا لا عن قصد، فأتى أصحاب بركيارق
إلى
__________
[1] في ص: «فانهزمت طلائع محمد وهرب مؤيد الملك فأدركه غلمانه» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[4] في ص: «أهل نيسابور الكبار والضعفاء» بإسقاط «الصغار» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
(17/66)
الديوان وقالوا: قد ولف [1] علينا. فعزل ثم
أعيد بعد جمعتين.
وفي يوم الأضحى: بعث الخليفة للسلطان منبرًا فنصب في دار المملكة، وصلى
هناك الشريف أبو الكرم، وأنفذ إليه جملا للأضحية، وحربة للنحر، وكان
السلطان محمومًا، فلم يمكنه النحر بيده، ولما وصل السلطان بركيارق لم
يرد سيف الدوله إلى خدمته، وكان متجنيا فراسله السلطان بركيارق، فأبى
وقال: لا أصحب السلطان، مع كون الوزير الأعز معه، فإن سلمه إليّ فأنا
المخلص، وقال الوزير: قد نفذ إلى سيف الدولة قبل ذلك أنه قد اجتمع عليك
للخزانة السلطانية ألف ألف دينار، فإن أديتها وإلا فبلدك مقصود، فلما
قرأ الكتاب طرد الرسول/ وكان الرسول العميد، وكانت كيفيّة 29/ ب طرده:
أنه نزل في خيمة فأمر سيف الدولة بأن يقطعوا أطنابها، فوقعت الخيمة
عليه، فخرج وركب في الحال، وكتب إلى سيف الدولة من الطريق:
لا ضربت لي بالعراق خيمة ... ولا علت أناملي على قلم
إن لم أقدها من بلاد فارس ... شعث النواصي فوقها سود اللمم
حتى ترى لي في الفرات وقعة ... يشرب منها الماء [2] ممزوجا بدم
وقطع سيف الدولة خطبة السلطان، وخطب لمحمد فراسل السلطان بركيارق
الخليفة بأن المطالب قد امتنعت، ولا بد من إعانتنا بشيء ونصرفه إلى
العسكر، فتقرر الأمر على خمسة آلاف دينار، وصححت إلى عشر ذي الحجة.
واتفق أن رئيس جبلة هرب من الإفرنج، ونزل الأنبار، فسمع الأعز بذلك،
فقصده وأخذ منه ألف قطعة ومائتي قطعة من المصاغ وثلاثين ألف دينار غير
الثياب والآلات.
ووصل السلطان محمد وأخوه سنجر إلى النهروان، وكان بركيارق مريضا فعبروه
إلى الجانب الغربي، ودخل محمد وسنجر بغداد في الخامس والعشرين من جمادى
الآخرة، وقطعت خطبة بركيارق وخطب لمحمد في الديوان، ونصبت مطردان، وقام
__________
[1] في ص: «الديوان انه قد تدولف» .
[2] في الأصل: «يشرب فيها الماء» .
(17/67)
الخطيب فخطب له، ونزل محمد بدار المملكة،
وسنجر بدار سعد الدولة، ووصل بركيارق إلى واسط، ونهب عسكره، فقصد إليه
القاضي أبو علي الفارقي فوعظه، وسأله منع العسكر من النهب، ثم سار نحو
الجبل.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
3707- أحمد بن محمد بن عبد الواحد بن الصباغ، أبو منصور
[1] :
30/ أسمع الحديث/ من الجوهري، وأبى الطيب الطبري، وتفقه عليه وعلى ابن
عمه أبى نصر بن الصباغ، وشهد عند قاضى القضاة أبى عبد الله الدامغانيّ
سنة ست وستين، وكان ينوب في القضاء بربع الكرخ عن القاضي أبى محمد
الدامغاني، وولى الحسبة بالجانب الغربي، وكان فاضلا في الفقه، وكان
يصوم الدهر، ويكثر الصلاة.
وتوفي في محرم هذه السنة.
3708- أسعد بن مسعود بن على بن محمد بن إبراهيم العتبى، من ولد عتبة بن
غزوان
[2] :
من أهل نيسابور، ولد سنة أربع وأربعمائة، وسمع من أبى بكر الحيرى، وأبى
سعيد الصيرفي، وعبد الغافر الفارسي، وغيرهم، وكان في شبابه يتصرف في
الأعمال، ثم ترك العمل وتاب، وتزهد ولزم البيت، وأملى الحديث مدة.
وتوفي في هذه السنة بنيسابور.
3709- سعد بن على بن الحسن بن القاسم، أبو منصور العجليّ
[3] :
من أهل أسداباذ، انتقل إلى همذان، وكان مفتيها. سمع ببغداد من أبي
الطيب الطبري، وأبي طالب العشاري، وأبي إسحاق البرمكي، والقزويني،
والجوهري، وسمع بمكة، والمدينة، والكوفة، وغيرهما [4] .
__________
[1] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 160، وفيه: «الصباح» بدلا
من «الصباغ» ، والكامل 9/ 44) .
[2] العتبي: نسبة إلى عتبة بن أبي سفيان، وهم جماعة من أولاده.
[3] العجليّ: «نسبة إلى بني عجل» .
[4] في ص: «وغيرها» .
(17/68)
3710- عبد الله بن الحسن بن أبي منصور، أبو
محمد الطبسي:
[1] جال الأقطار، وسمع من الشيوخ الكثير، وخرج لهم التخاريج [2] ، وكان
أحد الحفاظ، ثقة صدوقا عارفا بالحديث ورعا، حسن الخلق.
وتوفي في هذه السنة بمروالروذ.
3711- عبد الرحمن بن أحمد بن محمد النويري، المعروف بالزاز السرخسي
[3] :
نزيل مرو، ولد في سنة إحدى أو اثنتين [4] وثلاثين وأربعمائة، وسمع
الحديث من خلق كثير، وأملى ورحل إليه الأئمة والعلماء، وكان حافظا
لمذهب الشافعي، وكان متدينا ورعا محتاطا في مطعمه، ورأى رجل في المنام
رسول الله صلى اللَّه عليه وسلم/ فقال له: قل له 30/ ب أبشر، فقد قرب
وصولك إلي وأنا أنتظر قدومك، رأى ذاك ثلاث ليال [5] ، ثم جاءه فبشره،
فعاش بعد ذلك سنتين، وتوفي في هذه السنة.
3712- عزيزي بن عبد الملك بن منصور، أبو المعالى الجيلي القاضي، يلقب:
شيذله
[6] :
ولى القضاء بباب الأزج، وسمع الحديث من جماعة، وكان شافعيا لكنه كان
يتظاهر بمذهب [7] الأشعري، وكانت فيه حدة وبذاءة لسان، توفي في صفر هذه
السنة، ودفن في مقبرة باب أبرز مقابل تربة الشيخ أبى إسحاق، وسر أهل
باب الأزج بوفاته.
__________
[1] نسبته هذه إلى «طبس» وهي بلدة في برية، بين نيسابور وأصبهان
وكرمان.
وانظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 160) .
[2] في ص: «وخرج لهم التاريخ» .
[3] في ت: «البزاز» .
وانظر ترجمته في: (شذرات الذهب 3/ 400، والبداية والنهاية 12/ 160،
وفيه: «الرزاز» ) .
[4] في الأصل: «ولد في سنة ثلث إحدى أو اثنتين ...
[5] في الأصل: «رأى ذلك ثلاث ليال» .
[6] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 160، وفيه: «عزيز بن عبد
الملك» ، وشذرات الذهب 3/ 401، والكامل 9/ 44) .
[7] في الأصل: «كان يناظر بمذهب الأشعري» .
(17/69)
فإنه سمع يوما رجلا يقول: من وجد لنا
حمارا؟ فقال: يدخل باب الأزج ويأخذ من شاء. وقال يوما بحضرة نقيب
النقباء طراد: لو حلف حالف أنه لا يرى إنسانا فرأى أهل باب الأزج لم
يحنث، فقال النقيب: أيها الثالب [1] ، من عاشر قوما أربعين صباحا صار
منهم [2] .
3713- محمد بن أحمد بن عبد الباقي بن الحسن بن محمد بن طوق، أبو
الفضائل الربعي [3] الموصلي:
تفقه على أبى إسحاق الشيرازي، وسمع الحديث من أبى الطيب الطبري، وأبى
إسحاق البرمكي، وأبى القاسم التنوخي، وابن غيلان، والجوهري، وغيرهم،
وكتب الكثير، وروى عنه أشياخنا، وقال عبد الوهاب الأنماطي: كان فقيها
صالحا فيه خير.
توفي في صفر هذه السنة، ودفن بالشونيزي.
3714- محمد بن أحمد بن محمد، أبو طاهر الرحبي:
[4] سمع الحديث الكثير، وكتب وكان صالحا، وتوفي في المحرم من هذه
السنة، ودفن بمقبرة جامع المنصور.
قال أبو المواهب ابن فرجية المقرئ: رأيته في المنام وكأنه قد صر من
شفته أو لسانه شيء، فقلت له في ذلك، فقال: لفظة من حَدِيث رَسُول
اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غيرتها برأيي، ففعل بي هذا.
3715- محمد بن أحمد بن عيسى بن عباد الشروطيّ أبو بكر
[5] :
30/ أمن أهل الدينور، ثم انتقل إلى/ همذان، ودخل بغداد فسمع أبا إسحاق
البرمكي، وكان فقيها فاضلا صدوقا زاهدا [و] [6] توفي في نصف صفر.
__________
[1] في الأصل: «أيها المثالب» .
[2] في ص: «أربعين صباحا كان منهم» .
[3] انظر ترجمته في: (الكامل 9/ 44) .
[4] الرّحبي: نسبة إلى بني رحبة.
[5] الشروطي نسبة لمن يكتب الصطاك والسجلات، لأنها مشتملة على الشروط.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
(17/70)
3716- محمد بن الحسن، أبو عبد الله
الراذاني نزيل أوانا
[1] :
كان فقيها مقرئا من الزهاد المنقطعين والعباد الورعين له كرامات. سمع
من القاضي أبى يعلى وغيره وبلغني أن ولدا له صغيرا طلب منه غزالا وألح
عليه فقال له يا بنى غدا يأتيك غزال.
[فلما كان الغد] [2] جاء غزال فوقف على باب الشيخ وجعل يضرب بقرنيه
الباب إلى أن فتح له ودخل فقال الشيخ لابنه أتاك الغزال.
توفي أبو عبد الله في جمادى الأولى من هذه السنة.
3717- مُحَمَّد بن علي بن المحسن، أبو [الحسن بن أبي] القاسم [3]
التنوخي
[4] :
قبل قاضى القضاة أبو عبد الله شهادته في سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة.
وتوفي في شوال هذه السنة وانقرض بيته.
3718- محمد بن على [5] بن عبيد الله بن أحمد بن صالح بن سليمان بن
ودعان، أبو نصر الموصلي القاضي
[6] :
قدم بغداد في سنة ثلاث وسبعين [7] ومعه جزء فيه أربعون حديثا عن عمه
أبى الفتح، وهي التي وضعها زيد بن رفاعة الهاشمي وجعل لها خطبة فسرقها
أبو الفتح بن ودعان عم أبي نصر هذا وحذف خطبتها وركب على كل حديث شيخا
إلى شيخ الذي روى عنه ابن رفاعة وقد روى أبو نصر هذا أحاديث غيره
والغالب على حديثه المناكير والموضوع. توفي بالموصل في ربيع الآخر من
هذه السنة [8] .
__________
[1] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 161، وفيه: «أبو عبد الله
المرادي» ) .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[4] من هذه الترجمة تبدأ نسخة الطوبخانة، وسنرمز لها ب (ط) .
[5] في ص، ط، ت: «محمد بن عبيد الله» .
[6] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 161، والكامل 9/ 44، ولسان
الميزان 5/ 305، والأعلام 6/ 277) .
[7] في ط: «سنة ثلاث وستين» .
[8] في ص: «في ربيع الأول من هذه السنة» .
(17/71)
3719- محمد بن منصور، أبو سعد المستوفي في
الملقب بشرف الملك
[1] :
31/ ب من أهل خوارزم وكان جليل القدر/ وكان يتعصب لأصحاب أبي حنيفة وهو
الذي بني المدرسة الكبيرة بباب الطاق وبنى القبة على قبر أبي حنيفة [2]
، وبنى مدرسة بمرو ووقف فيها كتبا نفيسة، وبنى أربطة في المفاوز وعمل
مصالح كثيرة، ثم ترك الأشغال وكان الملوك يصدرون عن رأيه، ولم يتنعم
أحد تنعمه ولا راعى أحد نفسه في مطعمة ومشربه ومركبه، حتى أنه كان يشرب
ماء خوارزم بأصبهان ويزعم أنه يمرئه وأنه عليه نشأ، وكان يأكل حنطة مرو
ببلاد الشام وهي أجود الحنطة، وبذل لجلال الدولة [ملك شاه] مائة ألف
دينار حتى عز له عز الأشراف، وكانت خاتون الجلالية قد قسطت على أرباب
الأموال مالا فقسطت عليه [3] جملة وافرة نوبتين، فقال لبعض من يدخل
إليها: اعلم أن الذي أخذ منى لا يؤثر عندي، فإن لي ذخائر جمة وجميع [4]
ذلك كسبته في أيامهم وإن لم يعلموا بأن ما أخذ مني لم يغير حالي
واستوحشوا مني وأسأل أن تعرفها أنني الخادم الذي لم يغيره حال، وأن
مالي بين أيديهم فأخبرت خاتون بذلك، فاسترجحت عقله وأمن بذلك [5] من
ضرر.
توفي أبو سعد فِي جمَادى الآخرة من هَذِهِ السنة بأصبهان.
3720- محمد بن منصور بن النسوي المعروف بعميد خراسان
[6] :
ورد بغداد في زمن طغرلبك وحدث عن أبي حفص عمر بن أحمد بن مسرور وكان
كثير الرغبة في الخير بنى بمرو مدرسة ووقفها على أبي بكر بن أبي
المظفر/
__________
[1] في الأصل: «الملقب بشرف الملة» .
وانظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 161) .
[2] «هو الّذي بنى ... على قبر أبي حنيفة» : سقطت من ص.
[3] في ص: «قسطت بأصبهان مالا فقسطت عليه» .
[4] في ص: «ذخائر جمة وكل ذلك» .
[5] «بذلك» سقطت من ص.
[6] في الأصل: «ابن الصوفي المعروف بعميد خراسان» .
وانظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 161، وفيه: «محمد بن منصور
القسري» ) .
(17/72)
السمعاني وأولاده فهم فيها إلى الآن وبنى
مدرسة بنيسابور وفيها تربته.
توفي في شوال هذه السنة.
3721- محمد بن المبارك بن عمر، أبو حفص ابن الخرقى القاضي المحتسب
[1] :
كان حافظا للقرآن صارما في حسبته ولى الحسبة سنة ثلاث وسبعين، وكان
المتعيشون يخافونه ومنع [2] قوام الحمامات أن يمكنوا أحدا يدخل [3]
بغير مئزر، وتهددهم على ذلك بالإشهار.
وتوفي في ربيع الآخر من هذه السنة.
3722- مؤيد الملك بن نظام الملك
[4] :
كان قد أشار على السلطان محمد بطلب السلطنة، فلما تم له ذلك استوزره
فبقي سنة وأحد عشر شهرا، ثم كانت وقعة بين محمد وبركيارق فأسر مؤيد
الملك وقتل في جمادي الآخرة من هذه السنة، وقد قارب عمره خمسين سنة.
3723- نصر بن أحمد بن عبد الله بن النظر، أبو الخطاب البزار [5]
القارئ.
ولد سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة سمع ابن رزقويه، وأبا الحسين بن بشران،
وأبا محمد عبد الله بن عبيد الله البيع وهو آخر من حدث عنهم، وعمر حتى
صار إليه الرحلة من الأطراف [6] وانتشرت عنه الرواية، وكان شيخا صالحا
صدوقا صحيح السماع، حدثنا عنه أشياخنا.
توفي في ربيع الأول من هذه السنة [ودفن في مقبرة باب حرب] [7] .
__________
[1] في ت: «القاضي المحسب» .
[2] في الأصل: «يخافونه ونهى» .
[3] في ط: «يدخلها»
[4] راجع الكامل، في أحداث هذه السنة.
[5] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 161، وفيه: «نصر بن أحمد بن
عبد الله بن البطران الخطابي» ، شذرات الذهب 3/ 402، والكامل 9/ 45،
وفيه: «ابن البطر» ) .
[6] في الأصل: «حتى صارت إليه الرحلة من الآفاق» .
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
(17/73)
ثم دخلت سنة خمس
وتسعين واربعمائة [1]
[القبض على الكيا أبي الحسن]
فمن الحوادث فيها:
أنه في يوم الخميس سادس محرم قبض على الكيا أبي الحسن على بن محمد
المدرس بالنظامية، فحمل إلى موضع أفرد له، ووكل به جماعة، وذلك أنه رفع
عنه إلى السلطان محمد بأنه باطني، فتقدم بالقبض عليه فتجرد في حقه أبو
الفرج بن السيبي القاضي، وأخذ المحاضر، وكتب أبو الوفاء بن عقيل خطه له
بصحة الدين، وشهد له بالفضل وخوطب من دار الخلافة في تخليصه فاستنقذ.
[جلوس المستظهر لمحمد وسنجر]
وفي يوم الثلاثاء حادي عشر المحرم: جلس المستظهر لمحمد وسنجر واجتمع
أرباب المناصب في التاج ونزل كمال الدولة في الزبزب وأصعد إلى دار
المملكة فاستدعاهما فنزلا في الزبزب، وكان الطيار قد شعث وغاب وهو الذي
انحدر فيه والدهما جلال الدولة أبو الفتح ملك شاه إلى دار الخلافة حين
جلس له المقتدي بأمر الله، وانحدر فيه طغرلبك حين جلس له القائم بأمر
الله، وهذا الطيار كان لجلال الدولة أبي طاهر بن بويه، وأنفق عليه
زائدا على عشرة آلاف دينار، وأهداه للقائم وجددت عمارته في سنة سبع
وأربعين واتسعت في أيام المقتدي، فجددت عمارته وحط إلى دجلة، فكان
للناس في تلك الأيام من الفرجة بدجلة عجائب ثم هدم.
__________
[1] في الأصل: «قال الناسخ: وجدت على حاشية الأصل بخط أبي الدر ياقوت
الحموي: قد سقطت ذكر سنة خمس وتسعين واربعمائة. هذا ما وجدته والله
أعلم» . وهذه السنة ساقطة من نسخة ص، وكتب على حاشيتها: «قد سقط ذكر
سنة خمس وتسعين» .
واستدركناها من ت، ط.
(17/74)
فنزلا في الزبزب فانحدرا إلى دار الخلافة
ومعهما الحشر، وقد شهروا للسلام وقدم لهما مركوبان من مراكب الخليفة
وبين يديهما أمراء الأجناد، وكان على كتف المستظهر البردة المحمدية وفي
يده القضيب، ودخلا فقبلا الأرض فأمر الخليفة كمال الدولة بإفاضة الخلع
عليهما، وعقد الخليفة لوائين بيده وكانت الخلع على محمد سيفا وطوقا
وسوادا وسيفا ولواء [1] ، وقبل بين يدي السلطان خمسة أرؤس خيلا بمراكب،
أحدها مركب صيني وبين يدي الآخر ثلاثة، فوعظهما الخليفة وأمرهما
بالتطاوع، وقرأ عليهما وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا
تَفَرَّقُوا 3: 103 [2] ثم انصرفا.
فلما كان يوم السبت منتصف محرم خرج سنجر متقدما لأخيه قاصدا ممالكه
بخراسان، وخرج محمد يوم الأربعاء تاسع عشر المحرم فارجف يوم الجمعة
حادي عشرين المحرم بدنو السلطان بركيارق فأمر الخليفة كمال الدولة
وأمراء بالمضي إلى محدم وسنجر وإعادتهما، فلقي محمدا فرده وفاته سنجر،
وعزم الخليفة على النهوض لنصرة السلطان محمد وأمر بالاحتراز
والاستعداد، وجمع السفن فبذل السلطان محمد القيام بهذه الخدمة وأنه
يكفيه عناية النهوض، ودخل سيف الدولة صدقه إلى الخليفة فتقدم بتطويعه
وقال: إن الخليفة يعضد بك بالصارم العضب [3] .
[وخرج السلطان مُحَمَّد] ثامن عشر المحرم [4] ، فسار إلى النهروان وبعث
الخليفة إليه من أعلمه أنه قد ولاه ما وراء بابه، وأرسل سعادة الخادم
ومعه منجوق وأخرج معه أبو علي الحسن بن محمد الاستراباذي الحنفي وأبو
سعد بن الحلواني ليكونا مع السلطان محمد في جميع مواقفه، ويعلما الناس
أن الإمام قد ولاه ما وراء بابه فلحقوه بالدسكرة ثم التقى هو وبركيارق
وآل الأمر إلى الصلح على أن يكون لسلطان بركيارق ومحمد الملك، وأن يضرب
له ثلاث نوب، وجعل له من البلاد جنزة وأعمالها وآذربيجان وديار بكر
وديار مضر وديار ربيعة، وهذه البلاد تؤدي ألف ألف دينار وثلاثمائة
__________
[1] «ولواء» : ساقطة من ط.
[2] سورة: «آل عمران، الآية: 103.
[3] في ط: «وقال ان الخليفة يعتقد منك الصارم العضب» .
[4] في ت: «ثامن عشرين المحرم» .
(17/75)
ألف دينار وبضعة عشر ألف دينار ثم لم يف
محمد فعوود، وجرى عليه المكروه.
وفي رجب: قبل قاضي القضاة أبو الحسن الدامغاني شهادة أبي الحسين وأبي
خازم ابني القاضي أبي يعلى بن الفراء.
وفي هذه السنة: قدم إلى بغداد أبو المؤيد عيسى بن عبد الله الغزنوي
ووعظ في الجامع وأظهر المذهب الأشعري ومال معه صاحب المخزن ابن الفقيه
فوقعت فتنة وجاز يوما من مجلسه ماضيا إلى منزله برباط أبي سعد الصوفي،
فرجم من مسجد ابن جردة فارتفع بذلك سوقه وكثر أصحابه، وخرج من بغداد في
ربيع الآخر سنة ست وتسعين، كفانت إقامته سنة وبعض أخرى.
وفي رابع رمضان: استوزر للمستظهر أبو المعالي الأصفهاني، وعزل في رجب
سنة ست وتسعين، واعتقل في الحبس أحد عشر شهرا ثم أطلق.
[القبض على أبي المعالى هبة الله بن المطلب]
وفي العشرين من رمضان، قبض على أبي المعالى هبة الله بن المطلب، ورتب
مكانه أبو منصور نصر بن عبد الله الرجي، ثم قبض عليه في السنة الآتية
وأعيد أبو المعالي بن المطلب.
[وقوع نار بنهر معلى]
وفي ذي القعدة: وقعت نار بنهر معلى فأحرقت ما بين درب سرور إلى درب
المطبخ طولا وعرضا، وكان سببها أن بعض الكناسين وضع سراجه في أصل شريجة
قصب فأكلها فاحترقت أموال عظيمة.
وفي ذي الحجة بعث كتاب من الخليفة إلى صدقه، وقد لقب بملك العرب.
وفي ذي الحجة: قتل رجل امرأة لسيدة الذي يخدمه على هدى منه لها، وذلك
أنها ضررته في سيده فقتلها وأمكنه أن يهرب فلم يفعل، ونادى: يا معشر
الناس أما فيكم من يقتلني فإني قتلت هذه المرأة ولا عذر لي في مقامي
بعدها، قالوا: أنا نخاف من هذه السكين التي بيدك، فألقى إليهم السكين
فحملوه إلى باب النوبي، فأقر بالقتل فاحضر زوج المرأة معه إلى رحبة
الجامع، فأعطى سيفا فضرب به رأس القاتل وأبانه أذرعا في ضربة واحدة.
[تعمير صدقة بن منصور الحلة]
وفي هذه السنة: عمر صدقة بن منصور الحلة، وإنما كان ينزل هو وأبوه في
البيوت القريبة.
(17/76)
وفيها جرى لجكرميش- وكان من مماليك جلال
الدولة ملك شاه، ثم صارت الجزيرة والخابور بيده- أن جماعة من السواد
أتوه يشكون من عمالهم، فعمل دعوة اشتملت على ألف رأس من الغنم والبقر
وغير ذلك من الدجاج والحلواء، ولم يحضر الخبز ثم دعا وجوه العسكر
فعجبوا إذ لم يروا خبزا، وقالوا: ما السبب في هذا؟ فقال:
الخبز إنما يجيء من الزرع، والزرع إنما يكون بعمارة السواد، وقد أضررتم
بأهل إقطاعكم فاستغلوه الآن انتم بتحصيل الطعام، فعملوا بالتوصية
وتابوا.
وفي هذه السنة: عم الرخص كثيرا ببغداد في الطعام وفي الفواكه.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
3724- الأعز
[1] :
وزير السلطان بركيارق، قتلته الباطنية بباب أصبهان.
3725- الحسن بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن الفضل، أبو علي الكرماني
الشرقي الصوفي:
رحل في طلب الحديث، وعنى بجمعه وسمع الكثير، وكان فيه دين وعبادة وزهد
يصلي بالليل، لكنه روى ما لم يسمع فافسد ما سمع، وكان المؤتمن أبو نصر
يقول: هو كذاب.
توفي هذه السنة وقد جاوز السبعين.
3726- محمد بن أحمد بن عبد الواحد، أبو بكر الشيرازي يعرف بابن الفقير
[2] :
شيخ صالح، سمع أبا القاسم بن بشران، وروى عنه شيخنا عبد الوهاب، وقال:
كان يخرب فبر أبي بكر الخطيب، ويقول: كان كثير التحامل على أصحابنا
يعني الحنابلة، إلى أن رأيته يوما وأخذت الفأس من يده، وقلت: هذا كان
رجلا حافظا إماما
__________
[1] انظر ترجمته في: (الكامل 9/ 50) .
[2] في ت: «المعروف بابن الفقير» .
(17/77)
كبير الشأن وتوبته فتاب [1] ولم يعد.
وتوفي في محرم هذه السنة، ودفن بمقبرة باب حرب.
3727- محمد بن محمد بن عبد العزيز النحاس، أبو الفرج قاضي العراق
[2] :
ولد سنة ست عشرة وأربعمائة، وولي القضاء سنة أربع وستين.
توفي في هذه السنة.
3728- محمد بن هبة الله، أبو نصر البندنيجي الضرير الشافعي
[3] :
قرأ على أبي إسحاق الشيرازي، ومضى إلى مكة فأقام مجاورا بها أربعين سنة
متشاغلا بالعبادة والتدريس والفتيا ورواية الحديث.
أنشدنا أبو نصر أحمد بن محمد الطوسي، قال: أنشدني أبو نصر محمد بن هبة
الله البندنيجي:
عدمتك نفس ما تملى بطالتي ... وقد مر أخواني وأهل مودتي
أعاهد ربي ثم أنقض عهده ... وأترك عزمي حين تعرض شهوتي
وزادي قليل لا أراه مبلغي ... أللزاد أبكي أم لطول مسافتي
3729- أبو القاسم، صاحب مصر، الملقب المستعلي [4] :
توفي في ذي الحجة ورتب مكانه ابنه أبو علي وسنه سبع سنين ولقب الآمر
بأحكام الله] [5] .
__________
[1] في ط: «كبير الشأن ومؤثر ثقة فتاب» .
[2] «قاضي العراق» : ساقطة من ص.
[3] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 162، والكامل 9/ 60) .
[4] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 3/ 402، والبداية والنهاية 12/ 162)
.
[5] إلى هنا انتهى الساقط من الأصل، وص، وهو سنة (495) بتراجمها.
(17/78)
ثم دخلت سنة ست
وتسعين واربعمائة
32/ ب فمن الحوادث فيها:
أنه لما انهزم السلطان محمد من الوقعة التي كانت بينه وبين بركيارق دخل
أصبهان، وكان فيها جماعة قد استحلفهم فقوى جأشه بهم، ورم البلد وجدد
[عمارة] [1] سور القلعة، وأقبل بركيارق في خمسة عشر ألفا فحاصره وعدد
أصحاب محمد قليل، فضاقت الميرة على محمد، فقسط على أهل البلد على وجه
القرض فأخذ مالا عظيما ثم عاود عسكره الشغب، فأعاد التقسيط بالظلم
والعذاب، وبلغ الخبز عشرة أمناء بدينار، ورطل لحم بربع دينار، ومائة
منا تبنا بأربعة دنانير، وقلعت أخشاب المساجد وأبواب الدكاكين، هذا
والقتال على أبواب البلد، وينال صاحب محمد يحرق الناس بالمصادرة، وعسكر
بركيارق في رخص كثير [2] ، ثم إن محمدا خرج في أصحابه سرا من بعض أبواب
البلد فلم يصبح إلا على فراسخ، فندب بركيارق من يطلبه، فلحقه أياز وقد
نزل لضعف خيله من قلة العلوفة فبعث إلى إياز يقول له: بيننا عهد ولي في
عنقك إيمان، فقال: امض في دعة الله، فقال: خيلي ضعيفة فبعث إليه فرسا
[3] ، وبغلة [وأخذ علمه] [4] وثلاثة أفراس محملة دنانير وأسر من أصحابه
[5] أميرين، وعاد إياز فأخبر بركيارق/ فلم يسره سلامة أخيه.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[2] في الأصل: «في رخص عظيم» .
[3] في ص، ط: «فدفع إليه فرسا» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[5] في الأصل: «محملة دنانير وأخذ من أصحابه» .
(17/79)
وفي صفر: لقب أبو الحسن الدامغاني بتاج
الإسلام مضافا إلى قاضي القضاة.
وفي يوم الاثنين ثالث عشرين ربيع الأول: أعيدت الخطبة لبركيارق فخطب في
الديوان، ثم تقدم إلى الخطباء في السابع والعشرين من هذا الشهر، بأن
يقتصروا على ذكر الخليفة، ولا يذكروا احدا من السلاطين المختلفين.
ثم التقى السلطان محمد وبركيارق في يوم الأربعاء في جمادي الآخرة،
فوقعت الحرب بينهما فانهزم محمد إلى بعض بلاد أرمينية على أربعين فرسخا
من الوقعة، ثم سار منها إلى خلاط ثم عاد إلى تبريز [1] ، ومضى بركيارق
إلى زنجان، ثم وقع بينهما صلح.
وكان سيف الدولة صدقة يحافظ على الخطب لمحمد، فجاء في ربيع الآخر إلى
نهر الملك، ثم نزل بالعلويين [2] ، فخرج إليه العلويون يسألونه الأمان
لبلدهم، فأجاب وبعث الخليفة إليه يخبره بانزعاج الناس، فلم يلتفت ونقل
أهل بغداد من الجانب الغربي إلى الجانب الشرقي بالحريم، ومن الحريم إلى
دار الخليفة، وبلغ الخبز ثلاثة أرطال بقيراط، واستبيح السواد وافتضت
الأبكار، وبعث الخليفة قاضي القضاة أبا الحسن وأبا 33/ ب نصر/ بن
الموصلايا إلى سيف الدولة، فلما قربا قدم لهما مركوبين من مراكيبه وقام
لهما واحترمهما وأجاب بالطاعة لأمير المؤمنين، ونهض من خيمته وأنفذ
لهما [3] دراريج [مشوية] [4] وقال: هذه صدناها، فلم يتناول قاضي القضاة
شيئا من الطعام واعتذر بأنه لا يأكل في سفره ما يحوجه إلى البروز
لحاجة، ثم سار وسار معه سيف الدولة إلى صر صر، وعانقه لما ودعه ورجع
[5] .
[خلع على زعيم الرؤساء أبي القاسم علي بن محمد بن محمد بن جهير]
وفي رمضان: خلع على زعيم الرؤساء أبي
القاسم علي بن محمد بن محمد بن جهير واستوزره المستظهر، ودخل
ينال صاحب السلطان محمد إلى بغداد، وأفسد
__________
[1] في ص: «ثم حضر إلى تبريز» .
[2] في ص، ط: «ثم نزل المدائن» .
[3] في ط: «وأنفذ إليهم» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[5] في ص، ط: «وعانقه لما أراد عبوره ورجع» .
(17/80)
القرى وقسط عليها وأكثر الظلم، فروسل بقاضي
القضاة فعرفه قبح الظلم وحرمة الشهر، فزاده ذلك عتوا وجاء العيد، فصلى
بالحسبة [1] وأمر بضرب البوقات والطبول عند دار العميد بقصر ابن
المأمون، واحتبس سفنا وصلت للخليفة فقرر عليها شيء يعطاه، ثم أصعد إلى
أوانا فنهب الدنيا وعاث أقبح عيث، ثم آل أمر ينال إلى أن هرب من
السلطان [2] ، ثم آل أمره إلى أن قتل. وتقدم بنقض السوق التي استجدها
جلال الدولة ملك شاه بالمدينة المعروفة بطغرلبك، وكانت مرسومة
بالصباغين بعد خروجه والسوق التي كان بها البزازون أيام دخوله،
والمدرسة التي بنتها تركان خاتون وكانوا قد/ أنفقوا 34/ أعلى ذلك
الأموال الجمة فنقض ذلك كله.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
3730- أحمد بن علي بن عبد الله [3] بن سوار، أبو طاهر المقرئ
[4] :
ولد سنة اثنتي عشرة وأربعمائة، وكان ثقة ثبتا مأمونا إماما في علم
القراءات، وصنف فيها كتبا [وسمع الحديث الكثير] [5] .
وتوفي في يوم الأربعاء رابع شعبان، ودفن عند قبر معروف.
3731- أحمد بن محمد بن أحمد بن حمزة، أبو الحسين الثقفي
[6] :
ذكر أنه من ولد عروة بن مسعود الثقفي ولد قبل سنة ثلاثين وأربعمائة،
ودخل بغداد في شبيبته، وسمع أبا القاسم التنوخي، وأبا محمد الجوهري،
وتفقه على أبى عبد الله الدامغانيّ. روى عنه شيخنا عبد الوهاب قال:
وكان [خيرا] ثقة [7] .
__________
[1] في ت: «فصلى بالحلبة» .
[2] في الأصل: «إلى أن هرب عن السلطان» .
[3] في شذرات الذهب: «أحمد بن علي بن عبيد الله» .
[4] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 3/ 403، والبداية والنهاية 12/ 163،
وفيه: «عبد الله» ) .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، ص.
[6] الثقفي نسبة إلى ثقيف، وهو ثقيف بن منبه بن بكر بن هوازن، وقيل إن
اسم ثقيف قيس.
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
(17/81)
3732- محمد بن الحسن، أبو سعد البرداني
الحنبلي
[1] :
كان من الفقهاء. توفي في محرم هذه السنة، ودفن بمقبرة باب حرب.
3733- محمد بن عبيد الله [2] بن محمد بن أحمد بن كادش، أبو ياسر
العكبري الحنبلي المفيد
[3] :
سمع قاضى القضاة أبا الحسن الماوردي وغيره، ونسخ [4] وكان مفيد بغداد،
وروى عنه شيخنا أبو القاسم السمرقندي وغيره. وتوفي في صفر هذه السنة،
ودفن بمقبرة باب حرب.
3734- أبو المعالى الصالح
[5] :
34/ ب سكن باب الطاق [6] ، وكان مقيما بمسجد/ هناك معروف [به إلى
اليوم] [7] سمع وعظ ابن أبي عمامة فتاب وتزهد.
حَدَّثَنِي أَبُو الْقَاسِمِ ابن قسامي الفقيه، قال: حدثني أبو الحسن
ابن بَالانَ، وَكَانَ ثِقَةً قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْمَعَالِي
الصالح، وحدثني مسعود بن شيرازاد [8] [الْمُقْرِئُ] [8] ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا الْمَعَالِي الصَّالِحَ، يَقُولُ: ضَاقَ بِيَ الأَمْرُ
فِي رَمَضَانَ حَتَّى أَكَلْتُ فِيهِ رُبْعَيْنِ بَاقِلَّى، فَعَزَمْتُ
عَلَى الْمُضِيِّ إِلَى رَجُلٍ مِنْ ذَوِي قَرَابَتِي أَطْلُبُ مِنْهُ
شَيْئًا، فَنَزَلَ طَائِرٌ فَجَلَسَ عَلَى مَنْكِبِي، وَقَالَ: يَا
أَبَا الْمَعَالِي أَنَا الْمَلِكُ الْفُلانِيُّ لا تَمْضِ إِلَيْهِ
نَحْنُ نَأْتِيكَ بِهِ فَبَكَرَ الرَّجُلُ إِلَيَّ.
حدثني أبو محمد عبد الله بن علي المقرئ، قال: كان أبو المعالى لا ينام
إلّا
__________
[1] هذه النسبة إلى بردان، وهي قرية من قرى بغداد.
[2] في الأصل: «محمد بن عبد الله» .
[3] في الأصل: «الحنبلي المعيد» .
وانظر ترجمته في (شذرات الذهب 3/ 404) .
[4] في الأصل: «وغيره، وأسمع» .
[5] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 163، والكامل 9/ 69) .
[6] في ت: «ساكن باب الطاق» .
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[8] في الأصل: «مسعود بن سرار» .
(17/82)
جالسا، ولا يلبس إلا ثوبا واحدا شتاء كان
أو صيفا، وكان إذا اشتد البرد عليه يشد المئزر بين كتفيه، قال: وكنت
يوما عنده فقيل له: قد جاء سعد الدولة شحنة بغداد، فقال:
اغلقوا الباب، فجاء فطرق الباب، وقال: ها أنا قد نزلت عن دابتي، وما
أبرح حتى يفتح لي، ففتح له [فدخل] [1] فجعل يوبخه على ما [هو] [2] فيه،
وسعد الدولة يبكى بكاء كثيرا، فانفرد بعض أصحابه وتاب على يده.
توفي أبو العالي في هذه السنة، ودفن قريبا من قبر أحْمَد.
3735- أبو المظفر الخجندي
[3] :
الفقية الشافعي المدرس بأصفهان، وينسب إلى المهلب بن أبي صفرة قتله
علوي [4] بالري في الفتنة بين السنة والشيعة، وقتل العلوي.
3736- السيدة بنت القائم [بأمر الله] [5] ، أمير المؤمنين:
كانت زوجة/ طغرلبك أول ملوك السلجوقية، وكانت كثيرة الصدقة توفيت في
هذه السنة وحملت إلى الرصافة في الزبزب [6] ، وجلس للعزاء بها ببيت
النوبة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[3] في الأصل: «أبو المظفر الحميدي» .
وفي ت: «أبو المظفر بن الخجنديّ» .
والخجنديّ نسبة إلى خجند، وهي بلدة كبيرة كثيرة الخير على طرف سيحون من
بلاد الشرق، ويقال لها بزيادة التاء «خجندة» أيضا.
وانظر ترجمته في: (الكامل 9/ 69) .
[4] في الأصل: «قتلوه علوي» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
وانظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 163، والكامل 9/ 69) .
[6] في ص، ط: «التي كانت زوجة طغرلبك، توفيت، وكانت كثيرة الصدقة،
وحملت إلى الرصافة في الزبزب» .
(17/83)
ثم دخلت سنة سبع
وتسعين واربعمائة
فمن الحوادث فيها:
أن الإفرنج اجتمعوا بالشام فحاربهم المسلمون فقتلوا منهم اثنى عشر
ألفا، ورجعوا غانمين.
[وقوع منارة واسط]
وفي يوم الحادي والعشرين [1] من المحرم: وقعت منارة واسط، وكان حامد بن
العباس قد ابتناها للمقتدر [في] [2] سنة أربع وثلاثمائة، وكان أهل واسط
يفتخرون بها وبقبة الحجاج، ولما وقعت المنارة لم يهلك تحتها أحد،
وارتفع في واسط من البكاء والعويل ما لا يكون لفقد آدمي.
[ترك الشرطة من الجانب الغربي]
وفي هذه السنة: كانت الشرطة قد تركت من الجانب الغربي [3] لاستيلاء
العيارين عليه، وكانت الشحن تعجز [4] عن العيارين فلا يقع بأيديهم إلا
الضعفاء فيأخذون منهم ويحرقون بيوتهم فرد إلى النقيبين إلى أبي القاسم
باب البصرة، وجميع محال أهل السنة، وإلى الرضا الكرخ ورواضعه فانكف
الشر، ثم عاد وتأذى الناس بالشحنة، وكان قد عول على النهب فاجتمع الناس
إلى الديوان شاكين، فقرر مع النقيبين تقسيط ألفي دينار ومائتي دينار
منها على الكرخ خمسمائة والباقي على سائر المحال، فأهلك ذلك
__________
[1] في ص، ط: «وفي يوم الثالث والعشرين» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[3] في ط: «قد نزلت من الجانب الغربي» .
[4] في ط: «وكانت الشحنة تعجز» .
(17/84)
الضعفاء، وقرر على أهل التوثة/ أربعون
دينارا فأسقط عنهم النقيب عشرة، فلم يقدروا 35/ ب على أداء الباقي
فقصدوا الأماكن يستجبون الناس، فدخلوا على ابن [1] الشيرازي البيع،
فتصدق عليهم بدينار، وكانوا أهل قرآن وتدين وصلاح.
[وقوع الصلح بين محمد وبركيارق]
وفي هذه السنة: وقع الصلح بين محمد وبركيارق، وكان السبب أن بركيارق
بعث القاضي أبا المظفر الجرجاني وحمد بن عبد الغفار سفيرين بينه وبين
أخيه في الصلح، فجلس الجرجاني واعظا، وحضر السلطان محمد فذكر ما أمر
الله تعالى به من إصلاح ذات البين والنهى عن قطيعة الرحم، فأجاب محمد
إلى الصلح وحلف كل واحد من الأخوين يمينا لصاحبه على الوفاء، وذكر لكل
واحد من البلاد ما يخصه، ووصل الخبر إلى بغداد، فخطب لبركيارق في
الديوان، ثم خطب له في الجوامع وقطعت خطبة محمد.
وفي هذه السنة [2] : أخرج أبو المؤيد عيسى بن عبد الله الغزنوي الواعظ
من بغداد لغلبته على قلوب الناس، وتوفي بأسفرايين.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
3737- أحمد بن الحسين بن الحداد المستعمل، أبو المعالى
[3] :
سمع الجوهري، والعشاري، وتوفي يوم الأربعاء السادس والعشرين من ربيع
الآخر، ودفن بمقبرة باب حرب.
3738- أحمد بن على بن الحسين بن زكريا، أبو بكر الطّريثيثيّ المعروف
بابن بهذا المقرئ [الصوفي]
[4] :
__________
[1] «ابن» : ساقطة من ص.
[2] في الأصل: «وفيها» .
[3] في ط، ت: «أحمد بن علي بن الحسين بن الحداد» .
[4] في ت: «المعروف بابن بهذ» . وفي ط، ص: «المعروف بابن زهراء» . وفي
الشذرات: «ويعرف بابن زهر» . ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
(17/85)
ولد في شوال [1] سنة اثنتي عشرة وأربعمائة،
حدث عن أبى الحسن الحمامي، وأبى على بن شاذان وغيرهما وتتلمذ في التصوف
إلى أبي سعيد بن أبي الخير شيخ 36/ أالصوفية بنيسابور، وكان صيتا يؤذن
كل ليله على سطح رباط أبي سعيد/ الصوفي [2] ، فيسمع صوته في جانبي
بغداد، وكان سماعه صحيحا كثيرا، فأفسد سماعه بأن روى ما لم يسمع وادعى
أنه سمع من أبى الحسن ابن رزقويه، وما يصح ذلك.
قال شجاع بن فارس: حال الطريثيثي في الضعف أشهر من أن يخفي، أجمع الناس
على ضعفه، قال شيخنا عبد الوهاب: كان مخلطا، قال شيخنا أبو القاسم
السمرقندي: دخلت على الطريثيثي وكان يقرأ عليه جزء من حديث أبى الحسين
بن رزقويه، فقلت: متى ولدت؟ فقال في سنة اثنتي عشرة وأربعمائة، قلت:
ففي هذه السنة توفي ابن رزقويه، ثم قمت فأخرجت وفيات الشيوخ بخط أبى
الفضل ابن خيرون فحملت إليه، واذا فيه مكتوب: «توفي أبو الحسن ابن
رزقويه سنه اثنتى عشرة» ، فأخذت الجزء من يده وقد سمعوا فيه، فضربت على
السماع [3] ، فقام ونفض سجادته وخرج من المسجد. قال شيخنا بن ناصر: كان
كذابا.
وتوفي في جمادى الآخرة من هذه السنة، ودفن بباب حرب.
3739- أحمد بن بندار بن إبراهيم، أبو ياسر البقال الدينَوَريّ
[4] :
حدث ببغداد، وكان ثقة، وروى عنه أشياخنا.
وتوفي في يوم الأربعاء خامس عشر رجب، ودفن بباب أبرز.
والطريثيثى نسبة إلى «طريثيث» ، وهي ناحية كبيرة من نواحي نيسابور بها
قرى كثيرة، ويقال لها بالعجمية «ترشيز» .
وانظر ترجمته في: (شذرات الذهب 3/ 405، والكامل 9/ 76، وفيه: «علي بن
أحمد بن زكريا، الطريثيثي» ) .
__________
[1] «في شوال» : ساقطة من ص.
[2] في ص، ط: «رباط أبي سعد الصوفي» .
[3] في ص، ط: «فضربت على التسميع» .
[4] في الأصل: «الدينَوَريّ البقال» . وانظر ترجمته في: (شذرات الذهب
3/ 404، 405) .
(17/86)
3740- أحمد بن محمد بن على، أبو بكر
القصار، يعرف بابن الشبلي
[1] :
سمع أبا عبد الله الحسين بن محمد بن الحسن الخلال، روى عنه شيخنا أبو
القاسم ابن السمرقندي. وتوفي في ذي الحجة من هذه السنة.
3741- إِسْمَاعِيل بن على بن الحسين بن على، أبو علي الجاجرمي الأصم
[2] :
من أهل نيسابور، ولد سنة ست وأربعمائة وسمع/ أبا سعيد البصروي [3] ،
وأبا 36/ ب عثمان الصابوني، وأبا عبد الله بن باكويه وغيرهم، ورد بغداد
فسمع منه شيخنا أبو القاسم السمرقندي، وكان واعظا زاهدا حسن الطريقة.
توفي في محرم هذه السنة، ودفن في مشهد محمد بن إسحاق بن خزيمة.
3742- إِسْمَاعِيل بن محمد بن عثمان بن أحمد، أبو الفرج القومساني
[4] :
من أهل همذان، سمع بهمذان من أبيه وجده وجماعة، وورد بغداد فسمع بها من
أبي الحسين بن المهتدي، وأبى محمد الصريفيني، وجابر بن ياسين، وابن
النقور، وابن البسري وغيرهم. وكان حافظا حسن المعرفة بالرجال والمتون،
صدوقا ثقة أمينا دينا تاركا للخوض فيما لا يعنيه.
وتوفي في محرم هذه السنة.
3743- أزدشير بن منصور [5] ، أبو الحسن العبادي الواعظ
[6] .
__________
[1] القصار: بفتح القاف وتشديد الصاد المهملة وفي آخرها الراء.
[2] في الأصل: «إسماعيل بن علي بن الحسن بن علي، أبو الحسن علي
الجاجري» . وفي ت:
«إسماعيل بن علي بن الحسن، أبو علي الجابرتي الأصم» .
والجاجرميّ نسبة إلى جاجرم، وهي بلدة بين نيسابور وجرجان مليحة، وهي
ناحية كبيرة كثيرة القرى، أول حدودها متصلة بجوين، وآخرها متصلة
بجرجان، وبعض قراها في الجبال.
وانظر ترجمته في: (تاريخ نيسابور 334، وشذرات الذهب 3/ 405) .
[3] في ص، ت: «سمع أبا سعيد النضروي» .
[4] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 164، وفيه: «إسماعيل بن
محمد بن أحمد بن عثمان» ) .
[5] في ص، ط، والمطبوعة: «أردشير بن منصور» .
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ نيسابور 407، وفيه: «أزدشير بن أبي منصور»
، والبداية والنهاية 12/ 164) .
(17/87)
سمع بمرو ونيسابور من جماعة، وقدم بغداد
فسمع ابن خيرون وقد ذكرنا قدومه إلى بغداد ونفاقه على أهلها في حوادث
[1] سنة ست وثمانين، وخرج من بغداد.
فتوفي بمرو في غرة جمادى الأولى من هذه السنة.
3744- الحسين بن علي بن أحمد بن محمد ابن البسري، أبو عبيد الله
[2] :
ولد سنة عشر وأربعمائة، [وروى عن أبي محمد بن عبد الجبار السكري، وهو
آخر من حدث عنه، سمع منه في سنة أربع عشرة وأربعمائة] [3] .
وتوفي ليلة الأربعاء ثالث عشر جمادي الآخرة [4] ، ودفن في مقبرة جامع
المنصور.
3745- عبد الرحمن بن عمر بن عبد الرحمن، أبو مسلم السمناني
[5] :
سمع أبا علي بن شاذان، وروى عنه أشياخنا، وتوفي يوم الثلاثاء تاسع
المحرم ودفن بالشونيزية.
3746- علي بن عبد الرحمن بن هارون بن عبد الرحمن، أبو الخطاب ابن
الجراح [6] :
37/ أولد سنة عشر وأربعمائة، / وحدث، وأقرأ ببغداد، وكان من أهل الفضل
والأدب، وكان من أهل البيوتات المعروفة في الرئاسة، وصنف قصيدتين في
القراءات، وسمى احداهما بالمكملة، والأخرى بالمبعدة [7] روى عنه
أشياخنا.
توفي سحرة يوم الثلاثاء العشرين من ذي الحجة، ودفن بمقبرة باب أبرز عند
أبي إسحاق الشيرازي.
__________
[1] في ص، ط: «ونفاقه على أهلها في» .
[2] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 3/ 405، والكامل 9/ 76) .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[4] في ص، ط: «ثالث عشرين جمادى الآخرة» . والجملة كلها ساقطة من ت.
[5] السّمناني، نسبة لبلدة من بلاد قومس بين الدامغان وخوار الري، يقال
لها سمنان. أو إلى قرية من قرى نسا.
وانظر ترجمته في: (شذرات الذهب 3/ 406) .
[6] في ص، ط: «بن عبد الرحمن بن هرمز» .
وانظر ترجمته في: (شذرات الذهب 3/ 406) .
[7] في الأصل: «والأخرى بالمسجدة» .
(17/88)
3747- العلاء بن الحسن بن وهب بن موصلايا،
أبو سعد الكاتب
[1] :
نال من الرفعة في الدنيا ما لم ينله أبناء جنسه، فإنه ابتدأ في خدمة
دار الخلافة في أيام القائم سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة، فخدمها خمسا
وستين [2] سنة، وأسلم في سنة أربع وثمانين، وناب عن الوزارة في أيام
المقتدى وأيام المستظهر نوبا كثيرة، وكان كثير الصدقة كريم الفعال حسن
الفصاحة، ويدل على فصاحته وغزارة علمه ما كان ينشئه من مكاتبات الديوان
والعهود.
وحكى بعض أصحابه، قال: شتمت يوما غلاما لي فوبخني، وقال: أنت قادر على
تأديب الغلام أو صرفه فأما الخنا والقذف فإياك والمعاودة له فإن الطبع
يسرق من الطبع، والصاحب يستدل به على المصحوب.
توفي في هذه السنة فجأه.
3748- محمد بن أحمد بن عمر، أبو عمر النهاوندي [الحنفي]
[3] :
بصري ولد سنة عشر وأربعمائة، وقيل سنة سبع. وولى القضاء بالبصرة مدة،
وكان فقيها عالما. سمع من جماعة. منهم: أبو الحسن الماوردي.
توفي في صفر هذه السنة بالبصرة [4] .
__________
[1] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 164، والكامل 9/ 75) .
[2] في ط: «فخدمها خمسا وخمسين سنة» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
وانظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 164) .
[4] في ت: «تم المجلد الثاني والعشرون. بسم الله الرحمن الرحيم ثم دخلت
سنة ثمان ... » .
وكتب على هامشها: «هذه الأوراق الأربعة مكررة» .
(17/89)
ثم دخلت سنة ثمان
وتسعين واربعمائة
فمن الحوادث فيها:
37/ ب أن بركيارق توجه إلى بغداد، فمرض بيزدجرد فخلع [1] على ولده ملك
شاه، وأسند وصيته إلى إياز ومات فقصد إلى بغداد واجلس الصبي على التخت
وله من عمره أربع سنين وعشرة أشهر، ومضى إليه الوزير أبو القاسم ابن
جهير وخدمه كما كان يخدم أباه بمحضر من إياز. ثم انفصل إياز إلى مكان
من روشن دار المملكة حتى قصده الوزير وخدمه خدمة مفردة، وكان إياز هو
المستولي على الأمور، ونزل أياز دار سعد الدولة ببغداد، وحضر من أصحابه
الديوان قوم فطالبوا بالخطبة، فخطب له بالديوان بعد العصر، وخوطب بجلال
الدولة، وخطب له يوم الجمعة مستهل جمادي الأولى في جوامع بغداد، ونثر
عند ذكره الدراهم والدنانير، وكان سيف الدولة قد ظاهر هذا العسكر
بالعداوة وجمع خمسة عشر ألف فارس، فنفذ إليه إياز هدايا، فبعث في
جوابها ثلاثة آلاف دينار على ما هو عليه، وعلم أياز بقرب السلطان محمد
فخيم بالزاهر، وشاور أصحابه فقووا عزمه على الثبات، وكان أشدهم في ذلك
ينال، فقال له وزيره المسمى بالصفي: كلهم أشار بغير الصواب وإنما
الصواب مصالحة السلطان محمد.
فلما كان يوم الثلاثاء تاسع عشر جمادي الأولى [2] قصد الأتراك نهر معلى
وجمعوا السفن من المشارع إلى معسكرهم بالزاهر، فلما كان يوم الجمعة
ثاني عشرين جمادى
__________
[1] في ص، ط: «ببروجرد) .
[2] في ص، ط: «يوم الثلاثاء تاسع جمادى الأولى» .
(17/90)
الأولى نزل السلطان محمد الرملة. وانزعج
أهل بغداد وخافوا امتداد الفساد، فركب إياز حتى أشرف/ على عسكر محمد،
فوقع في نفسه الصلح فاستدعى وزيره الصفي وأمره 38/ أبالعبور إلى
السلطان محمد، وأن يصالحه، وقال: إني لو ظفرت لم يسكن صدري على نفسي
والصواب أن أغمد سيوف الإسلام المختلفة.
فعبر وزيره واجتمع بالوزير سعد الملك أبي المحاسن وحضرا بين يدي
السلطان محمد فأدى الصفي رسالة صاحبه واعتذر عما جرى منه بسابق القدر،
فوافق من السلطان قبولا، وعبر ابن جهير والموكب إلى محمد فلقوه وحضر
الكيا الهراسي، فتولى أخذ اليمين المغلظة على السلطان محمد، وأمن
الناس، وعمل إياز دعوة للسلطان محمد في دار سعد الدولة، فحضر السلطان
وخدمه بغلمان أتراك بالخيول والأسلحة الظاهرة وبجواهر نفيسة منها الجبل
البلخشي الذي كان لمؤيد الملك بن نظام الملك.
واتفق أن الأتراك مازحوا رجلا فالبسوه سلاحا وخفا وقميصه فوق ذلك
ونالوه بأيديهم، فدنا من السلطان فسأل عنه، فأخبر أن تحت قميصه سلاحا
فاستشعر ونهض من مكانه.
فلما كان يوم الخميس ثالث عشر جمادي الآخرة استدعى السلطان الأمراء سيف
الدولة وإياز وغيرهما، فحضروا فخرج إليهم الحاجب، وقال: السلطان يقول
لكم بلغنا نزول الأمير أرسلان بن سليمان بديار بكر وينبغي أن يجتمع
آراؤكم على من يتجهز لقتاله، فقال الجماعة: هذا أمر لا يصلح إلا للأمير
إياز، فقال إياز: ينبغي أن اجتمع مع سيف الدولة ونتعاضد على ذلك، فخرج
الحاجب، فقال: السلطان يقول لكما قوما فادخلا لتقع المشورة/ ها هنا،
فدخلا إليه وقد رتب أقواما لقتل إياز، فلما دخل أياز بادره 38/ ب أحدهم
بضربة أبان بها رأسه، وأما سيف الدولة فغطى وجهه بكمه، وأما الوزير سعد
الملك فأظهر أنه أخذته غشية، وأخرج إياز مقتولا في زلي [1] ورأسه مقطوع
على صدره، فألقى بازاء دار السلطان، وركب عسكر إياز إلى داره فنهبوها،
وجمع بين بدنه ورأسه قوم من المطوعة، وكفنوه في خرقة خام وحملوه إلى
مقبرة الخيزران.
__________
[1] «زلي» : كلمة فارسية معناها طنفسة.
(17/91)
[إزالة الغيار
عن أهل الذمة]
وفي ثاني عشر رجب: أزيل الغيار عن أهل الذمة الّذي كانوا ألزموه في سنة
أربع وثمانين، ولا يعرف سبب زواله.
وفي هذا الشهر: مضى ابن جهير في الموكب فخلع على السلطان محمد، وقصد
دار وزيره سعد الملك، وحمل إليه من دار الخليفة الدست والدواة والخلع.
وي هذا الشهر قصد الوزير سعد الملك المدرسة النظامية، وحضر تدريس إلكيا
الهراسي بها ليرغب الناس في العلم.
وأنفذ السلطان محمد إلى الوزير الزعيم الخلع الكاملة فلبسها في
الديوان، وأنفذ إلى كل واحد من الديوان تختا [1] من الثياب، وجاء سعد
الملك إلى دار الزعيم مسلما وزائرا.
وفي شعبان: خرج السلطان محمد من بغداد ورتب البرسقي شحنة العراق وفوض
العمارة إلى محمد بن الحسن البلخي ورد أمر واسط إلى سيف الدولة صدقة.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
3749- أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد، أبو علي البرداني الحافظ
[2] :
39/ أولد في سنة ست وعشرين وأربعمائة، وسمع أبا القاسم/ الأزجي، وأبا
الحسن القزويني، وأبا طالب بن غيلان، والبرمكي، والعشاري والجوهري،
واستملى له خلقا كثيرا، وكتب الكثير، وسمع الكثير، وأول سماعه في سنة
ثلاث وثلاثين عن أبي طالب العشاري، وكان ثقة ثبتا صالحا.
وتوفي في ليلة الخميس حادي عشرين شوال، ودفن بمقبرة باب حرب.
3750- إياز الأمير
[3] :
قد ذكرنا قتله في الحوادث.
__________
[1] في ص، ط: «كل واحد من الكتاب تختا» .
[2] البرداني نسبة إلى بردان، وهي قرية من قرى بغداد.
وانظر ترجمته في: (شذرات الذهب 3/ 408، وتذكرة الحفاظ 1232، والكامل 9/
86) .
[3] راجع حوادث هذه السنة.
(17/92)
3751- بركيارق السلطان ابن ملك شاه، أبو
المظفر
[1] .
أرادت أم محمود بن ملك شاه من السلطان أن ينص على ابنها محمود، فعرفه
نظام الملك ما في ذلك من الخطر، فنص على بركيارق، وكان ذلك سببا لقتل
نظام الملك، وورد بركيارق إلى بغداد ثلاث مرات، وقطعت خطبته بهاست
دفعات.
توفي فِي ربيع الأول من هذه السنة، وهو ابن أربعة وعشرين سنة وشهرين
بعلة السل والبواسير.
3752- ثابت بن بندار بن إبراهيم بن الحسن بن بندار البقال، أبو المعالي
يعرف بابن [2] الحمامي:
وهو من أهل باب خراسان، ولد سنة ست عشرة وأربعمائة، وسمع أبا الحسن بن
رمة، وأبا بكر البرقاني، وأبا علي بن شاذان في خلق كثير. وحدث وأقرأ،
وكان ثقة ثبتا صدوقا، حدثنا عنه أشياخنا آخرهم ولده يحيى.
وكان أبو بكر بن الخاضبة يقول: ثابت ثابت، وقال شيخنا عبد الوهاب: كان
ثقة مأمونا دينا كيسا خيرا.
توفي في ليلة الأحد ثالث عشرين جمادي الآخرة، ودفن بمقبرة باب حرب
قريبا من قبر القاضي أبي يعلى.
3753- عيسى بن عبد الله بن القاسم، أبو المؤيد الغزنوي
[3] :
كان واعظا شاعرا كاتبا، ورد بغداد فسمع/ السراج بن الطيوري، ووعظ بها
39/ ب ونفق ونصر مذهب الأشعري، فأخرج من بغداد فخرج في السنة التي قبل
هذه، وقيل في هذه السنة [4] ، وربما قيل في السنة التي بعدها، خرج يقصد
غزنة فتوفي في الطريق بأسفرايين.
__________
[1] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 3/ 407، 408، والبداية والنهاية 12/
164، 165، والكامل 9/ 498) .
[2] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 3/ 408، وتذكرة الحفاظ 1232، الكامل
9/ 86) .
[3] الغزنوي نسبة إلى غزنة، وهي بلدة أول من بلاد الهند.
وانظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 165، والكامل 9/ 87) .
[4] في ص، ط: «فأخرج من بغداد في هذه السنة» .
(17/93)
3754- محمد بن أحمد بن محمد بن قيداس، أبو
طاهر [1] الحطاب:
ولد في رمضان سنة عشر واربعمائة، وسكن التوثة، وسمع أبا علي بن شاذان،
وأبا محمد الخلال، وغيرهما. روى عنه أشياخنا.
وتوفي في محرم هذه السنة، ودفن في الشونيزيه.
3755- محمد بن أحمد [بن إبراهيم] [2] بن سلفة بن أحمد الأصفهاني
[3] :
كان شيخا صالحا عفيفا، حدث عن أبي الخطاب نصر بن النظر، وأبي الحسين بن
الطيوري، وغيرهما.
وتوفي في هذه السنة.
3756- محمد بن على بن الحسن بن أبي علي الصقر، أبو الحسن الواسطي
[4] :
سمع الحديث ورواه وتفقه على أبي إسحاق الشيرازي، وقرأ الأدب، وقال
الشعر، وكان ظريفا. روى عنه شيخنا أبو الفضل بن ناصر.
ومن أشعاره اللطيفة:
من قال لي جاه ولي حشمة ... ولي قبول عند مولانا
ولم يعد ذاك بنفع على ... صديقه لا كان من كانا
توفي في هذه السنة بواسط.
__________
[1] في الأصل: «أبو طاهر الخطاب» .
وانظر ترجمته في: (شذرات الذهب 3/ 409) .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 165) .
[4] في طبقات الشافعية: «محمد بن علي بن الحسين بن علي بن عمر أبو
الحسن بن أبي الصقر» .
وانظر ترجمته في: (طبقات الشافعية 3/ 80، والبداية والنهاية 12/ 165،
والكامل 9/ 86) .
(17/94)
ثم دخلت سنة تسع
وتسعين واربعمائة
فمن الحوادث فيها:
[خروج رجل بنهاوند ادعى النبوة]
أنه ظهر في المحرم رجل بسواد نهاوند ادعى النبوة، وتبعه خلق من
الرستاقية، وباعوا أملاكهم ودفعوا إليه [1] أثمانها، وكان يهب جميع ما
معه لمن يقصده، وسمى أربعة/ من أصحابه أبا بكر وعمر وعثمان وعلي، وكان
يدعي معرفة النجوم والسحر، 40/ أوقتل بنهاوند.
[خرج رجل من أولاد ألب أرسلان فطلب السلطنة]
وخرج رجل من أولاد ألب أرسلان فطلب السلطنة، فقبض عليه فكان بين مدة
خروجه واعتقاله شهران، فكان أهل نهاوند يقولون: خرج عندنا في مدة شهرين
مدع للنبوة، وطالب للملك واضمحل أمرهما اسرع من كل سريع.
وفي النصف من رجب وهو نصف شباط: توالت الغيوم، وزادت دجلة حتى قيل انها
زادت على سنة الغرق.
[هلاك الغلات]
وهلكت في هذه السنة [2] الغلات، وخربت دور كثيرة وانزعج الخلق، فلما
أهل رمضان نقص الماء، وقدر في هذه الزيادة أمر عجيب، وذلك أن نقيب
النقباء أبو القاسم الزينبي أشرفت داره بباب المراتب على الغرق، فأقام
سميريات ليصعد فيها إلى باب البصرة، فتقدمت منهن سفينة فيها تسع جوار
لهن أثمان ومعهن صبية أراد أهلها زفافها
__________
[1] في ص: «ودفعوا إليهم أثمانها» .
[2] «في هذه السنة ... » من هنا حتى ترجمة المؤمن بن أحمد بن علي في
وفيات سنة 507 ساقط من نسخة ترخانة (ت) .
(17/95)
في هذه الليلة على زوجها، فأشفقوا فيها على
الغرق فحملوها معهن، فلما وصلت السفينة مشرعة الرباط غرقت بمن فيها،
فأمسك النقيب من الإصعاد وتسلى بمن بقي عمن مضى، وأقامت أم الصبية
عليها المأتم.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
3757- سهل بن أحمد بن علي الأرغياني، أبو الفتح [1] الحاكم:
وأرغيان قرية بنواحي نيسابور. سمع الحديث الكثير وتفقه، وكان حافظا
للمذهب، وعلق أصول الفقه على الجويني، وناظر ثم ترك المناظرة وبنى
رباطا ووقف عليه وقوفا، وتشاغل بقراءة القرآن، وأدام التعبد.
وتوفي في محرم هذه السنة.
40/ ب
3758- عمر بن المبارك بن عمر، / أبو الفوارس:
ولد سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة، وقرأ القرآن، وسمع الحديث من أبي
القاسم بن بشران، وأبي منصور السواق، وأبي الحسن القزويني وغيرهم،
وأقرأ السنين الطويلة وختم القرآن عليه ألوف من الناس. وروى الحديث
الكثير، فحدثنا عنه ابن بنته أبو محمد المقرى، وكان من كبار الصالحين
الزاهدين المتعبدين حتى إنه كان له ورد بين العشائين يقرأ فيه سبعا من
القرآن قائما وقاعدا، فلم يقطعه مع علو السن.
وتوفي ضحى نهار يوم الأربعاء سادس عشر المحرم عن سبع وسبعين [2] ممتعا
بسمعه وبصره وعقله، وأخرج من الغد فصلى عليه سبطه أبو محمد في جامع
القصر، وحضر جنازته ما لا يحد من الناس، حتى ان الأشياخ ببغداد كانوا
يقولون: ما رأينا جمعا قط هكذا لا جمع ابن القزويني [ولا جمع ابن
الفراء] [3] ولا جمع الشريف أبي جعفر،
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ نيسابور 787، والبداية والنهاية 12/ 166) .
[2] في ص: «عن سبع وتسعين» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
(17/96)
وهذه الجموع التي تناهت إليها الكثرة وشغل
الناس ذلك اليوم وفيما بعده عن المعاش، فلم يقدر أحد من نقاد الباعة في
ذلك الأسبوع على تحصيل نقده.
وقال لي أبو محمد سبطه: دخل إلى رجل بعد رجوعي من قبر جدي، فقال لي:
رأيت مثل هذا الجمع قط [1] ؟ فقلت: لا، فقال لي: ذاك من ها هنا خرج،
يشير إلى المسجد ويأمرني فيه بالاجتهاد.
ورئي أبو منصور في النوم، فقيل له: ما فعل الله بك؟ فقال: غفر لي
بتعليم الصبيان فاتحة الكتاب.
3759- محمد بن عبد الله بن يحيى: أبو البركات، ويعرف بابن الشيرجي،
وبابن الوكيل المقرئ
[2] :
ولد يوم الجمعة العشرين من رمضان سنة ست وأربعمائة، وقرأ القرآن على
أبي العلاء الواسطي وغيره، وسمع الحديث من أبي القاسم بن بشران وغيره،
وتفقه/ على 41/ أأبي الطيب الطبري سنين، وسكن الكرخ، وروى عنه أشياخنا
[3] ، وكان يتهم بالاعتزال.
وتوفي يوم الثلاثاء خامس عشر ربيع الأول من هذه السنة، ودفن في مقبرة
الشونيزي.
3760- محمد بن عبيد الله بن الحسن بن الحسين، أبو الفرج البصري
[4] :
قاضي البصرة، سمع من علماء البصرة، ثم ورد بغداد فسمع أبا الطيب
الطبري، وأبا القاسم التنوخي، وأبا الحسن الماوردي، وأبا محمد الجوهري،
وغيرهم. وسمع بالكوفة والأهواز وبواسط وغيرها، وكان يعرف الآداب [5] .
سمع من أبي القاسم الرقي،
__________
[1] في الأصل: «رأيت مثل ذلك الجمع قط» .
[2] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 3/ 410، وفيه: «أبو البركات بن
الوكيل محمد بن عبد الله بن يحيى الخباز الدباس الكرخي الشافعيّ» ) .
[3] في ص: «روى عنه مشايخنا» .
[4] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 166) .
[5] في ص: «وكان يعرف الأدب» .
(17/97)
وابن برهان، وله فصاحة ومحفوظ كثير، وكان
ممن يخشع قلبه عند الذكر ويبكي، وكانت له مروءة تامة.
توفي بالبصرة في محرم هذه السنة.
3761- محمد بن محمد بن الطيب، أبو الفضل الصباغ
[1] :
ولد في ذي الحجة سنة عشرين وأربعمائة، وسمع أبا القاسم بن بشران،
وحدثنا عنه أشياخنا.
وتوفي يوم السبت غرة ربيع الأول، ودفن بباب حرب.
3762- مهارش بن مجلى، أبو الحارث
[2] .
صاحب الحديثة، وهو الّذي أكرم القائم بأمر الله، وفعل معه الجميل الذي
قد سبق ذكره حين خرج القائم بأمر الله، من داره يوم فتنة البساسيري
وكان كثير [3] الصلاة والصدقة، محبا للخير، فبلغ ثمانين سنة.
توفي في هذه السنة.
__________
[1] الصّبّاغ نسبة إلى من يصبغ الثياب بالألوان.
[2] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 166) .
[3] في ص، ط: «حين خرج القائم من داره، وكان كثير» .
(17/98)
ثم دخلت سنة خمسمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه [في سابع المحرم] [1] دخل صبي إلى بيت أخته فوجد عندها رجلا،
فقتلها وهرب، وكان ذلك بالنصرية، فركب الشحنة، وخرب المحلة.
[قتل فخر الملك أبي المظفر]
وفي يوم عاشوراء: / قتل فخر الملك أبو المظفر بن نظام الملك، وهو أكبر
41/ ب أولاده، قتله باطني على وجه الاغتيال، وكان فخر الملك قد رأى في
ليلة عاشوراء التي قتل فيها الحسين عليه السلام، وهو يقول له: عجل
إلينا والليلة أفطر عندنا [2] . فانتبه مشفقا من ذلك فشجعوه وأمروه أن
لا يبرح يومه هذا من داره، وكان صائما فلما صار وقت العصر، خرج من حجرة
كان فيها إلى بعض دور النساء، فسمع صوت متظلم بحرقة، وهو يقول: ذهب
المسلمون ما بقي من يكشف ظلامة ولا من يأخذ لضعيف حق [3] ، ولا من يفرج
عن ملهوف، فقال: أدنوه مني فقد عمل كلامه في قلبي، فلما أتوه به، قال:
ما حالك؟ فدفع إليه رقعة، فبينما هو يتأملها ضربه بسكين في مقتله فقضى
نحبه، وكان ذلك بنيسابور وهو يومئذ وزير سنجر فقرر فأقر على جماعة من
أصحاب فخر الملك أنهم ألفوه وكذب عليهم، وإنما كان باطنيا يريد أن يقتل
بيده وسعايته فقتل من عين عليه، وكانوا برآء ثم قتل هو بعد ذلك.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[2] في ص: «عجل إلينا وأفطر الليلة عندنا» .
[3] في ص، ط: «ولا من يأخذ بيد ضعيف» .
(17/99)
وفي رابع عشر صفر: خرج الوزير أبو القاسم
على بن جهير من داره بباب العامة إلى الديوان على عادته، فلما استقر في
الديوان وصل إليه أبو الفرج بن رئيس الرؤساء وبهج وشافهاه بعزله [1] ،
فانصرف إلى داره ماشيا، ومشيا معه، وكان سيف الدولة صدقه قد قرر أمره
لما رد إلى الوزارة أنه متى تغير الرأي فيه عزل مصونا، فقصد دار سيف
الدولة بعد عزله، وهو يقول في الطريق: أمنك الله يا سيف الدولة يوم
الفزع الأكبر كما أمنتني. فأقام بدار سيف الدولة إلى أن نفذ إليه قوما
من الحلة، فخرج معهم هو وولده وأصحابه.
وكانت مدة وزارته ثلاث سنين وخمسة أشهر وأياما، وكان قد استفسد في
وزارته 42/ أهذه قلوب جماعة/ عليه منهم: قاضي القضاة أبو الحسن
الدامغاني، وصاحب المخزن أبو القاسم ابن الفقيه. وأمر الخليفة بنقض
داره التي بباب العامة، وكان في ذلك عبرة من جهة أن أبا نصر بن جهير
بناها بأنقاض دور الجانب الغربي وباب محول على يدي صاحب الشرطة أبي
الغنائم بن إِسْمَاعِيل، وكان هذا الشرطي يأخذ أكثر ذلك لنفسه ويحتج
بعمارة هذه الدار ولا يقدر الضعفاء على منعه [2] ، فكانت عاقبة الظلم
الخراب وذهاب الأموال، فلما عزل استنيب قاضي القضاة أبو الحسن، وجعل
معه أبو الحسين بن رضوان مشاركا له وجالسا إلى جانبه، ثم استدعي إلى
حضرة الخلافة يوم الثلاثاء سابع عشر ربيع الأول أبو المعالي هبة الله
بن محمد بن المطلب، فكلمه بما شد أزره وشافهه بالتعويل عليه وتقدم
بإفاضة الخلع عليه، فخرج إلى الديوان، وقرأ أبو الحسين بن رضوان عهده
وهو من إنشاء ابن رضوان.
[استدعاء أبي القاسم بن الحصين صاحب المخزن]
وفي هذا اليوم استدعى أبو القاسم بن الحصين صاحب المخزن إلى باب الحجرة
فخلع عليه هناك إبانة لمحله، ورفعا لمنزلته.
[قبض السلطان على وزيره أبي المحاسن]
وفي ثالث شعبان، قبض السلطان على وزيره أبي
المحاسن وصلبه بظاهر أصبهان مع جماعة من أعيان الكتاب، واستوزر
نظام الملك أبا نصر أحمد بن نظام الملك [3] .
__________
[1] في ص، ط: «رئيس الرؤساء ومهج وشافهاه بعزله» .
[2] في ص: «ولا يقدر الضعفاء على الكلام» .
[3] في الأصل: «نظام الملك أحمد أبا نصر بن نظام الملك» .
(17/100)
[وفي ذي القعدة عول في ديوان الزمام على
أبي الحسن علي بن صدقة، وخلع عليه، ولقب عميد الدولة] [1] .
[ترتيب أبي جعفر عبد الله الدامغانيّ حاجب الباب]
وفي هذه السنة. رتب أبو جعفر عبد الله الدامغاني حاجب الباب، ولقب
بمهذب الدولة، وخلع عليه فخلع الطيلسان، وقد كان إليه القضاء بربع
الطاق وقطعة كبيرة من البلاد نيابة عن أخيه، فشق ذلك على أخيه لكونه
قاضي القضاة.
[وصول رأس أحمد بن عبد الملك ابن عطاش ورأس
ولده معه]
وفي آخر ذي الحجة: وصل إلى بغداد رأس أحمد بن عبد الملك/ بن عطاش، 42/
ب ورأس ولده معه، وهو متقدم الباطنية بقلعة أصفهان، وهذه القلعة بناها
السلطان جلال الدولة ملك شاه، وسبب بنائه لها أنه ورد عليه بعض متقدمي
الروم، وأظهر الإسلام فخرج معه في بعض الأيام للصيد فهرب منه كلب معروف
بجودة العدو إلى الجبل، فصعد السلطان وراءه وطاف في الجبل حتى وجده،
فقال [له] [2] الرومي: لو كان هذا الجبل عندنا لبنينا عليه قلعة ينتفع
بها ويبقى ذكرها، فثبت هذا الكلام في قلبه فبناها وانفق عليها ألف ألف
ومائتي ألف دينار، فكان أهل أصفهان يقولون حين ابتلوا بابن عطاش:
انظروا إلى هذه القلعه كان الدليل على موضعها كلب، والمشير ببنائها [3]
كافر، وخاتمة أمرها هذا الملحد.
ولما رجع هذا الرومي إلى بلده، قال: إني نظرت إلى أصفهان وهو بلد عظيم
والإسلام به ظاهر [4] فلم أجد شيئا أشتت به شملهم [5] غير مشورتي: على
السلطان ببناء هذه القلعة.
ولما مات السلطان آل أمرها إلى الباطنية، فاستولى عليها ابن عطاش اثنتي
عشرة سنة فلما سيقت الممالك للسلطان محمد [6] اهتم بأمر الباطنية، فنزل
بهذه القلعة،
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[3] في ط، ص: «موضعها كلب والمشير بها» .
[4] في ص: «والإسلام به قاهر» .
[5] في ص، ط: «اشتت به شملهم» .
[6] في ص، ط: «فلما سيقت الممالك إلى السلطان» .
(17/101)
فحاصرها سنة فأرسلوا إليه أن ينفذ إليهم من
يناظرهم، فأنفذ فلم يرجعوا، ثم ضاق الأمر بهم فأذعنوا بالطاعة فأخرجهم
إلى أماكن التمسوها ونقضها في ذي القعدة من هذه السنة، وقتل رئيسها ابن
عطاش وسلخه، وقتل ابنه وألقت زوجته نفسها من أعلى القلعة ومعها جوهر
نفيس، فهلكت وما معها.
وكان هذا ابن عطاش في أول أمره طبيبا، فأخذ أبوه في أيام طغرلبك لأجل
مذهبه، فأراد قتله فأظهر التوبة ومضى إلى الري، وصاحب أبا علي
النيسابوري وهو متقدمهم هناك وصاهره وصنف رسالة في الدعاء إلى هذا
المذهب سماها «العقيقة» .
43/ أومات في سواد الري، فمضى/ ولده إلى هذه القلعة.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
3763- أحمد بن محمد بن أحمد بن سعيد، أبو الفتح الحداد الأصفهاني ابن
أخت أبي القاسم عبد الرحمن بن عبد الله [1] بن منده:
ولد سنة ثمان وأربعمائة، وسمع من خلق كثير، روى عنه شيخنا عبد الوهاب
فأثنى عليه ووصفه بالخيرية والصلاح، وكان من أهل الثروة.
وتوفي في رجب هذه السنة بأصبهان.
3764- جعفر بن أحمد بن الحسين [2] بن أحمد ابن السراج أبو محمد [3]
القارئ:
ولد سنة ست عشرة وأربعمائة، قرأ القرآن بالقراءات وأقرأ سنين، وسمع أبا
علي بن شاذان، وأبا محمد الخلال، والبرمكي، والقزويني وخلقا كثيرا،
وسافر إلى بلاد الشام ومصر، وسمع بدمشق وطرابلس، وخرج له الخطيب فوائد
في خمسة أجزاء، وتكلم على الأحاديث، وكان أديبا شاعرا لطيفا صدوقا ثقة،
وصنف كتبا حسانا وشعره
__________
[1] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 3/ 410، والكامل 9/ 112) .
[2] في الأصل: «جعفر بن أحمد بن الحسن» .
[3] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 3/ 411، والبداية والنهاية 12/ 168،
وفيه: «جعفر بن أحمد بن الحسين بن أحمد بن جعفر السراج» ، والكامل 9/
112) .
(17/102)
مطبوع، وقد نظم كتبا كثيرة شعرا فنظم كتاب
«المبتدإ» ، وكتاب «مناسك الحج» ، وكتاب «الخرقى» ، وكتاب «التنبيه»
وغيرها، حدثنا عنه أشياخنا، وآخر من حدث عنه شهدة بنت الإبري، قرأت
[عليها] [1] كتابه المسمى «بمصارع العشاق» بحق سماعها منه.
ومن أشعاره:
بان الخليط فأدمعي ... وجدا عليهم تستهل
وحدا بهم حادي الفرا ... ق عن المنازل فاستقلوا
قل للذين ترحلوا ... عن ناظري والقلب حلوا
ودمي بلا جرم أتيت ... غداة بينهم استحلوا
/ ما ضرهم لو أنهلوا ... من ماء وصلهم وعلوا
43/ ب أنبأنا أبو المعمر الأنصاري، قال: أنشدنا جعفر ابن السراج لنفسه
في مدح أصحاب الحديث:
قل للذين بجهلهم ... أضحوا يعيبون المحابر
والحاملين لها من ... الأيدي بمجتمع الأساور
لولا المحابر والمقالم ... والصحائف والدفاتر
والحافظون شريعة ... المبعوث من خير العشائر
والناقلون حديثه عن ... كابر ثبت وكابر [2]
لرأيت من شيع الضلال ... عساكرا تتلو عساكر
كل يقول بجهله ... والله للمظلوم ناصر
سميتهم أهل الحديث ... أولى النهى وأولى البصائر
حشوية فعليكم ... لعن يزيركم المقابر
هم حشو جنات النعيم ... على الأسرة والمنابر
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[2] في ص: «عن كابر ثبت فكابر» .
(17/103)
رفقاء أحمد كلهم ... عن حوضه ريان صادر
كان جعفر السراج صحيح البدن لم يعتره في عمره [1] مرض يذكر، فمرض
أياما.
وتوفي ليلة الأحد العشرين من صفر هذه السنة، ودفن بالمقبرة المعروفة
بالأجمة من باب أبرز.
3765- سعد بن محمد، أبو المحاسن
[2] .
وزير السلطان محمد، صلبه السلطان على ما سبق ذكره.
3766- عبد الوهاب بن محمد بن عبد الوهاب بن عبد الواحد، أبو محمد
الشيرازي الفارسي
[3] :
سمع الحديث الكثير وتفقه، ولاه نظام الملك التدريس بمدرسته ببغداد [4]
سنة ثلاث وثمانين، فبقي بها مدة يدرس ويملي الحديث إلا أنه لم يكن له
انس بالحديث 44/ أفكان يصحف تصحيفا/ ظريفا، فحدثهم بالحديث الذي فيه:
«صلاة في أثر صلاة كتاب في عليين» ، فقال: «كنار في غلس» . فقيل: ما
معنى هذا؟ فقال: النار في الغلس تكون أضوأ.
توفي في رمضان هذه السنة.
3767- علي بن نظام الملك
[5] :
قتل يوم عاشوراء وهو ابن ست وستين سنة وذكرنا في الحوادث كيف كان ذلك.
3768- محمد بن إبراهيم، أبو عبد الله الأسدي
[6] :
__________
[1] في ص: «صحيح البدن بمعتره في عمره» .
[2] انظر ترجمته في: (الكامل 9/ 111) .
[3] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 168، وشذرات الذهب 3/ 413،
والكامل 9/ 112) .
[4] في ت: «ولاه نظام الملك التدريس ببغداد» .
[5] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 167، والكامل 9/ 100) .
[6] انظر ترجمته في: (معاهد التنصيص 3/ 201، والأعلام 5/ 295، والبداية
والنهاية 12/ 169) .
(17/104)
ولد بمكة سنة احدى وأربعمائة [1] ، ونشأ
بالحجاز ولقي أبا الحسن التهامي في صباه فتصدى لمعارضته، ثم خرج إلى
اليمن ثم توجه إلى العراق واتصل بخدمة الوزير أبي القاسم المغربي، ثم
عاد إلى الحجاز ثم سافر إلى خراسان.
ومن بديع شعره.
قلت ثقلت إذ أتيت مرارا ... قال ثقلت كاهلي بالأيادي
قلت طولت قال لا بل تطولت ... وأبرمت [2] قال حبل الوداد
توفي بغزنة في عاشر محرم هذه السنة. [3]
3769-[محمد بن الحسن بن أحمد بن الحسن البغدادي، أبو غالب الباقلاوي:
[4] ولد سنة احدى وأربعمائة، وسمع أبا عبد الله المحاملي، وأبا علي بن
شاذان، وأبا بكر البرقاني، وأبا العلاء الواسطي وغيرهم. حدثنا عنه
أشياخنا، وهو من بيت الحديث، وكان شيخا صالحا كثير البكاء من خشية الله
تعالى، صبورا على إسماع الحديث.
وتوفي في ربيع الآخر من هذه السنة ودفن بمقبرة باب حرب.
3770- المبارك بن عبد الجبار بن أحمد بن القاسم بن أحمد، أبو الحسين
الطيوري الصيرفي، ويعرف بابن الحمامي:
[5] ولد في ربيع الأول سنة احدى عشرة وأربعمائة، وسمع أبا علي بن
شاذان، وأبا الفرج الطناجيري، وأبا الحسن العتيقي، وأبا محمد الخلال.
وانحدر إلى البصرة فسمع بها، وكان مكثرا صالحا أمينا صدوقا متيقظا،
صحيح الأصول، صينا ورعا، حسن
__________
[1] في الأصول: «سنة إحدى وأربعين وأربعمائة» . وهو خطأ.
[2] في المطبوعة: «قال لا بل تولت» .
[3] في الأصل: «قال الناقل لهذه النسخة: لم أجد في النسخة المنقول منها
سنة إحدى وخمسمائة، ولا سنة اثنين وخمسمائة» . ثم بدأ سنة ثلاث
وخمسمائة. وما أوردناه من باقي النسخ.
[4] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 3/ 412، وفيه: «أبو غالب الباقلاقي
... الفامي» ) .
[5] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 3/ 412) .
(17/105)
السمت، كثير الصلاة، سمع الكثير ونسخ بخطه
ومتعه الله بما سمع حتى انتشرت عنه الرواية. حدثنا عنه أشياخنا وكلهم
أثنوا عليه ثناء حسنا وشهدوا له بالصدق والأمانة مثل عبد الوهاب وابن
ناصر وغيرهما، وذكر عن المؤتمن أنه كان يرميه بالكذب وهذا شيء ما وافقه
فيه أحد.
وتوفي في منتصف ذي القعدة من هذه السنة، ودفن في مقبرة باب حرب.
3771- المبارك بن الفاخر بن محمد بن يعقوب، أبو الكرم النحوي
[1] :
سمع الحديث من أبي الطيب الطبري، والجوهري وغيرهما. وكان مقرئا في
النحو، عارفا باللغة، غير أن مشايخنا جرحوه، كان شيخنا أبو الفضل ابن
ناصر سيء الرأي فيه يرميه بالكذب والتزوير، وكان يدعى سماع ما لم
يسمعه.
توفي في ذي القعدة من هذه السنة، ودفن في مقبرة باب حرب.
3772- يوسف بن علي، أبو القاسم الزنجاني الفقيه.
[2] تفقه على أبي إسحاق، وبرع في الفقه، وكان من أهل الدين.
أَنْبَأَنَا أَبُو الْمَعْمَرِ الأَنْصَارِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا
الْقَاسِمِ يُوسُفَ بْنَ عَلِيٍّ الزَّنْجَانِيَّ، يَقُولُ سَمِعْتُ
شَيْخَنَا أَبَا إِسْحَاقَ بْنَ عَلِيِّ ابن الفيروزآبادي، يَقُولُ:
سَمِعْتُ الْقَاضِي أَبَا الطَّيِّبِ يَقُولُ: كُنَّا فِي حَلَقَةِ
النَّظَرِ بِجَامِعِ الْمَنْصُورِ فَجَاءَ شَابٌّ خُرَاسَانِيٌّ
فَسَأَلَ مَسْأَلَةَ الْمُصَرَّاةِ وَطَالَبَ بِالدَّلِيلِ، فَاحْتَجَّ
الْمُسْتَدِلُّ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْوَارِدِ فِيهَا، فَقَالَ
الشَّابُّ وَكَانَ خَبِيثًا: أَبُو هُرَيْرَةَ غَيْرُ مَقْبُولِ
الْحَدِيثِ، قَالَ الْقَاضِي: فَمَا اسْتَتَمَّ كَلامَهُ حَتَّى
سَقَطَتْ عَلَيْهِ حَيَّةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ سَقْفِ الْجَامِعِ فَوَثَبَ
النَّاسُ مِنْ أَجْلِهَا، وَهَرَبَ الشَّابُّ مِنْ يَدِهَا فَلَمْ يُرَ
لَهَا أَثَرٌ.
توفي يوسف في صفر هذه السنة، ودفن عند أبي حامد الأسفراييني.
__________
[1] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 3/ 412، وفيه: «المبارك بن فاخر، أبو
الكرم الدباس الأديب» .
والكامل 9/ 112) .
[2] الزنجاني نسبة إلى زنجان، وهي بلدة على حد أذربيجان من بلاد الجبل.
وانظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 169) .
(17/106)
|