المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

ثم دخلت سنة احدى وثلاثين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها:
[ورود أبي البركات وزير السلطان مسعود]
أنه ورد أبو البركات ابن مسلمة وزير السلطان مسعود فقبض على أبي الفتوح بن طلحة [1] ، وقرر عليه مائة ألف دينار يحصلها من ماله ومن الناس ومن دار الخلافة، فبعث إليه المقتفي فقال: ما رأينا أعجب من أمرك أنت تعلم أن المسترشد سار إليك/ 141/ أبأمواله فجرى ما جرى وعاد أصحابه عراة، وولى الراشد ففعل ما فعل ثم رحل وأخذ ما بقي من الأموال ولم يبق في الدار سوى الأثاث فأخذته جميعه وتصرفت في دار الضرب ودار الذهب، وأخذت التركات والجوالي فمن أي وجه نقيم لك هذا المال؟ وما بقي إلا أن نخرج من الدار ونسلمها، فإني عاهدت الله تعالى أن لا آخذ [2] من المسلمين حبة واحدة ظلما، فلما سمع هذه الرسالة أسقط ستين وطالب بأربعين، وأما ما قرر من أموال الناس فأنكره السلطان ولم يكن منه، وأما ما كان من دار الخلافة فتلاشى ولم يتم، وقام صاحب المخزن من خاصه بعشرة آلاف دينار جبيت من الناس وتقدم السلطان بجباية العقار فلقي الناس من ذلك شدة وخرج رجل [صالح] [3] يقال له ابن الكواز [4] فلقي السلطان بالميدان، وقال له: «أنت المطالب بما يجري على الناس فما يكون جوابك
__________
[1] في الأصل: «أبي الفتوح بن الطلحة» .
[2] في الأصل: «أني لا آخذ» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[4] في الأصل: «ابن الكدان» ، وفي ت: «ابن الكرار» .

(17/320)


فانظر بين يديك، ولا تكن كمن إذا قيل [1] له اتق الله أخذته العزة بالإثم فأسقط ذلك» .
وقبض على أبي الكرم الوالي الهاشمي، فوقف جماعة من العيارين بالرحبة، فأخذوا ثياب الناس وقت السحر.
وورد الخبر بموت الفجاءة في همذان [2] وأصفهان فمات منهم ألوف حتى أغلقت الدور، ثم أعيدت الجباية [3] من العقار وضوعفت، ثم قطعت الجبايات، ووقعت مصادرات لأهل الأموال حتى إنهم أخذوا بإذخر الجوهري على رأس جمال ليصادر.
ووصل يمن العراق الخادم إلى بغداد رسولا من السلطان سنجر فأمر السلطان مسعودا بمبايعة المقتفي عنه، فدخل إليه في رجب فبايعه عن عمه سنجر، وتمت البيعة المقتفية في خراسان، وخرج هذا الخادم إلى الموصل فأخذ بيعة زنكي وأهل الشام، / ودفع الراشد عن زنكي فتوجه نحو آذربيجان.
141/ ب
[عقد للمقتفي على فاطمة بنت محمد بن ملك شاه]
وفي شعبان: عقد للمقتفي على فاطمة بنت محمد بن ملك شاه أخت مسعود وحضر والأكابر وتولى العقد وزير الخليفة، ووزير السلطان ونثرت الحبوب والجواهر وتماثيل الكافور والعنبر، وتوجه السلطان مسعود إلى الجبل وخلف نائبه بالعراق ألبقش الكبير السلاحي، فورد سلجوق شاه بن محمد إلى واسط والحلة وطمع في العراق فطرده ألبقش وكان مستضعفا، واجتمع جماعة من الأمراء والملك داود وعساكر آذربيجان فواقعوا السلطان مسعودا وجرت حروب عظيمة، ثم قصد مسعود آذربيجان وقصد داود همذان، ووصلها الراشد يوم الوقعة، وتقررت القواعد ان الخليفة يكتب لزنكي عشرة بلاد [4] ولا يعين الراشد، ونفذت الخطوط التي كتبت في حق الراشد بما يوجب الخلع إلى الموصل، واحضر هناك القضاة والشهود فقرئ عليهم المكتوب الذي أنفذ [من بغداد] [5] ، وفيه شهادة الشهود والقضاة، وأحضر قاضي القضاة وثبت الكتاب عنده، وخلع الراشد بالموصل وخطب للمقتفي ومسعود، وقطعت خطبة الراشد
__________
[1] في الأصل: «ولا تكن من إذا قيل» .
[2] في الأصل: «بموت الفجاءة في رمضان في همذان» .
[3] في ص، ط: «ثم عادت الجباية» .
[4] من هنا حتى: « ... من أصحاب مسعود خلق كثير» . ساقط من ت.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.

(17/321)


وداود، فلما سمع الراشد بذلك نفذ إلى زنكي يقول له: غدرت، فقال: ما لي بمسعود طاقة فالمصلحة ان تمضي إلى داود، فمضى في نفر قليل وتخلى عنه وزيره ابن صدقة 142/ أودخل الموصل ولم يبق معه صاحب عمامة سوى أبي الفتوح/ الواعظ، وكان قد نفذ مسعود ألفي فارس للقبض عليه ففاتهم ومضى إلى مراغة، فدخل إلى قبر أبيه وحثا التراب على رأسه، فحمل إليه أهل البلد الأموال، وكان يوما مشهودا، وقوى داود وضرب المصاف مع مسعود فقتل من أصحاب مسعود خلق كثير [1] .
وفي يوم السبت ثاني عشرين ربيع الأول: جلس ابن الخجندي مدرسا [2] في النظامية.
وفي يوم الاثنين رابع عشرين من الشهر: قبض على صاحب المخزن ووكل به في دار السلطان على بقية ما استقر عليه من المال، ومات رجل فأخذ ماله أصحاب التركات فعاد أصحاب السلطان وأخذوا ماله من المخزن، وأخذت تركات الحشرية من الخليفة، وأخذوا الحفارين والغسالين وكتبوا عليهم، وأشهدوا أن لا يكتموهم شيئا فصاروا لا يقدرون على قبر ميت [3] إلا برقعة من العميد، ولم يبق للخليفة إلا العقار الخاص، وأعيد صاحب المخزن بعد أن كفل به جماعة وكتبوا خطوطهم بالضمان الوزير وسديد الدولة.
وفي يوم الاثنين تاسع ربيع الآخر: جلس أبو النجيب في دار رئيس الرؤساء بالقصر للتدريس وجعلت الدار مدرسة [4] وحضر عنده جماعة من الفقهاء والقضاة.
وفي يوم الجمعة ثالث عشره: بنيت دكة في جامع القصر للقاضي أبي يعلى بن الفراء في الموضع الذي كان يجلس فيه، ثم نقضت في يوم الخميس ثامن عشره، ومنع من 142/ ب كان/ يجلس ونودي بالجلوس في النظامية يوم الاثنين ثالث عشرين الشهر فاجتمع خلق عظيم، فحضر وزير السلطان فقعد والمستوفي والشحنة ونظر وسديد الدولة وجماعة الفقهاء والقضاة وحضرت يومئذ فكان لا يحسن يعظ ولا ندار في ذلك.
__________
[1] إلى هنا انتهى السقط الأول من ت.
[2] في الأصل: «جلس الخجدري مدرسا» .
[3] في الأصل: «فصاروا لا يقتدرون على قبر الميت» .
[4] «وجعلت الدار مدرسة» : ساقطة من ص، ط.

(17/322)


وفي هذه السنة: [1] فشا الموت في الناس حتى كان يموت في اليوم مائة نفس.
وفي خامس عشر جمادى الأولى: جاء العيارون ليلا إلى سفينة قد ملئت رجالا وأموالا كثيرة لتنحدر إلى واسط، فحلوا رباطها من تحت التاج، وأحدروها وأخذوا ما فيها، وكان السلطان في بغداد.
وفي هذا الشهر: أعيدت بلاد الخليفة ومعاملاتها إليه والتركات، واستقر عن ذلك عشرة آلاف دينار.
وفي رابع عشرين هذا الشهر: أشهر أربع نسوة في الأسواق على بقر السائقين مسودات الوجوه لأنهن شربن المسكر في الشط مع رجال.
وفي يوم السبت حادي عشر جمادى الآخرة: عاد السلطان إلى بغداد بعد أن كان قد خرج، وكان السبب مكاتبة وردت من الموصل إلى دار الخلافة، فأنفذت إليه فاستعادوه، وحكى أنه كان في المكاتبة أن عسكر الموصل [2] والخليفة قد تحركوا للمجيء.
وفي شعبان: ضربت الطبول [3] على باب النوبي وجلس حاجب الباب والقاضي ابن كردي وقرءوا منشورا يشتمل معناه على الخطبة للمقتفي ولمسعود، والخلع على قاضي القضاة وإقبال/ وانحدارهم إلى بغداد، وأن قاضي القضاة جمع الجموع في 143/ أالموصل [4] وحكم بالكتب التي وصلت إليه، وأن الراشد لما علم بهذا ذهب نحو مراغة.
وفي هذا الشهر: عادت الجبايات مرة خامسة على الناس بعنف وشدة ظلم.
وقبض الشحنة على أبي الكرم الوالي إلى رباط أبي النجيب، فتاب وحلق شعره ولبس خرقة التصوف استقالة من الظلم، ثم خلع عليه وأعيد إلى شغله.
__________
[1] «وفي هذه السنة» : ساقطة من ت.
[2] في الأصل: «في المكاتبة أن دار الخلافة من الموصل إلى عسكر الموصل» .
[3] في الأصل: «وفي شعبان خرجت الطبول» .
[4] في الأصل: «جمع العساكر في الموصل» .

(17/323)


وعملت عملة عظيمة بباب الأزج أخذ فيها شيء بألوف دنانير، وكانت خبازة تخبز لأولئك القوم، فحدثت ابنها بمالهم الكثير فحدث ذلك الرجل رفقة له من العيارين، فجاءوا في الليل فنقلوا ما في الدار فقالت صاحبة الدار لأمها: لما خرجوا نحمد الله إذ لم يدخلوا العرضي فإن فيه الحبوب والأمتعة، فسمعوا فعادوا ودخلوا وأخذوا ذلك، وقالوا:
لا تتهموا أحدا نحن الحماة بالموضع الفلاني، فسمع الجيران ومضوا فأخذ الشحنة أقواما من أولئك فصلبهم على جذوع، ثم أخذ منهم أموالا وحطهم في عافية.
وفي ليلة الثلاثين: لم ير الهلال، وكانت السماء مصحية فأصبح الناس صائمين لتمام ثلاثين يوما، فلما كانت ليلة إحدى وثلاثين لم ير الهلال أيضا وكانت السماء جلية صاحية، ومثل هذا لا يعرف فيما مر من التواريخ.
ومن العجائب أن ثلاثة من العيارين وقفوا في طريق الظفرية ليلا، فمر بهم أبو العز الحمامي فأخذوا ثيابه ثم تطلبوا وأخذ منهم اثنان، فلما كان بعد يومين جاء الثالث [هاربا] [1] من الرجالة، فدخل الحمام الذي فيه أبو العز الذي أخذت ثيابه فخلع الثياب على الفرند وهي قميصان وخشية فرآها الحمامي فعرفها فدخل إليه، وقال له: من أين لك هذه الثياب؟ فأقر أنه أخذها منه تلك الليلة، فنفذ إلى المستخدمين فأخذوه ولم يجدوا كتافا ففتشوا جيبه لعلهم يجدون شيئا من الذهب، فوجدوا حبلا مهيأ للكتاف فكتفوه.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
4022-[أحمد بن بركة بن يحيى البقال
[2] :
سمع أبا القاسم بن اليسري وعاصما وغيرها، وكان سماعه صحيحًا، وحدث، وتوفي ليلة الأربعاء تاسع عشر شعبان ودفن بالوردية] .
4023- أحمد بن محمد بن ثابت بن الحسن بن علي، أبو سعد الخجنديّ
[3] :
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[2] هذه الترجمة ساقطة من جميع النسخ، وأوردناه من ت.
[3] في الأصل: «أبو مسعود الحجري» . وانظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 211، والكامل 9/ 300) .

(17/324)


ولد سنة ثلاث وأربعين، وهو ولد الإمام أبي بكر الخجندي، من أهل أصبهان، تفقه على والده، وولي التدريس بالنظامية نوبا عدة، وصرف، وسمع أبا القاسم علي بن عبد الرحمن بن عليك، وغيره.
وتوفي ببلده في غرة شعبان هذه السنة.
4024- عبد الملك بن علي بن عبد الملك بن محمد بن يوسف، أبو الفضل
[1] :
سمع الحديث الكثير من عاصم وأبي نصر الزينبي وغيرهما، وكان عليه نور.
توفي في ذي الحجة.
4025- محمد بْن أحمد بْن علي، أبو الحسن ابن الأبرادي
[2] :
تعبد وتفقه [3] ، وصحب أبا الحسن ابن الفاعوس [4] ، ووقف دار له بالبدرية فجعلها مدرسة لأصحاب أحمد بن حنبل.
توفي ليلة الخميس ثاني/ عشرين رمضان، ودفن بباب أبرز.
144/ أ
4026- محمد بن أحمد بن الحسن الجوهري البروجردي، أبو بكر:
سمع الحديث الكثير، ورحل إلى بغداد، وكانت له دنيا واسعة.
وتوفي في هذه السنة ببروجرد وكان رئيسها والمقدم بها.
4027- محمد بن علي بن حريث أبو طالب المعروف بابن الكوفية الخفاف
[5] :
سمع أبا نصر الزينبي، وحدث بشيء يسير وتوفي في رجب.
4028- نصر بن الحسين بن الحسن المقرئ، أبو القاسم، ويعرف بابن الحبار
[6] :
سمع طرادا، وابن النظر، وغيرها. وقرأ بالقراءات، وروى، وأقرأ، وقرأت عليه القرآن [7] . وتوفي في هذه السنة، ودفن بمقبرة باب حرب.
__________
[1] في ت: «ابن يوسف» ساقطة من ت.
[2] في ت: «أبو الحسين ابن البرادي» .
[3] في الأصل: «تعبد الفقيه وتفقه» .
[4] في ت: «ابن القاعوس» .
[5] في ص: «يعرف بابن الكوفية» .
[6] في الأصل: «ويعرف بابن الجبان» . وفي ت: «ويعرف بابن الجنازة» .
[7] في الأصل: «وقرأت عليه القراءات» .

(17/325)


4029- هبة الله بن أحمد بن عمر الحريري، أبو القاسم، ويعرف بابن الطبر
[1] :
ولد يوم الخميس وهو يوم عاشوراء سنة خمس وثلاثين وأربعمائة بالتستريين، وسمع الحديث من أبي الحسن ابن زوج الحرة، وأبي طالب العشاري، والبرمكي، وابن المأمون، والصريفيني وغيرهم. وقرأ القرآن بالقراءات على أبي بكر الخياط وغيره، وحدث وأقرأ، وكان صحيح السماع قوي التدين ثبتا، كثير الذكر دائم التلاوة، وهو آخر من حدث عن ابن زوج الحرة أبي الحسن، فحدث عن أبي الحسن هذا أبو بكر الخطيب، وأبو القاسم هذا وبين وفاتهما ثمان وسبعون سنة، وسمعت عليه الحديث الكثير وقرأت عليه، وكانت قوته حسنة، وكنت أجيء إليه في الحر فيقول: نصعد إلى سطح المسجد فيسبقني في الدرجة، ومتع بسمعه وبصره وجوارحه إلى أن توفي يوم 144/ ب الخميس/ ثاني جمادى الأولى من هذه السنة عن ست وتسعين سنة وأشهر، وكان شيخنا عبد الوهاب ابن أخته، ودفن بالشونيزية في تربة شيخنا عبد الوهاب الأنماطي، وهو الذي أم الناس في الصلاة عليه.
__________
[1] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 211، وشذرات الذهب 4/ 97، والكامل 9/ 300) .

(17/326)


ثم دخلت سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها:
[جيء بأحد عشر عيارا فصلبوا في الأسواق]
أنه جيء بأحد عشر عيارا فصلبوا في الأسواق وصلب رجل صوفي [من رباط البسطامي [1]] لكم صبيا فمات.
[الخبر بفتح الروم بزاعة]
وجاء الخبر بفتح الروم بزاعة، فقتلوا الذكور وسبوا النساء والصبيان، وجاء الناس يستنفرون، ومنع الخطبة والخطباء ببغداد وقلعوا طوابيق الجوامع [2] ، وجرت محن ونفذ السلطان مسعود إلى البقش كاسا ليشربها [فامتنع [3] خمسة أشهر ثم عزم على شربها، فتقدم إلى الولاة بالمحال والأسواق أن يشعلوا الشمع والقناديل والسرج في جميع المحال ليلا ونهارا ثلاثة أيام فتقدم إلى الولاة بذلك [4] ، وظهرت القينات والمعازف والنساء عليهن الثياب الملونات والمخانيث إلى أن شرب الكأس، ووصل مسعود إلى بغداد في مستهل جمادى الأولى، وقبض على ألبقش السلاحي، والي العراق، وولي بهروز الخادم العراق، وعقد للسلطان على سفري بنت دبيس بن صدقة، وكان السبب أنه كان أولاد دبيس في ضيق لأن السلطان أقطع أموالهم، فجاءت بنت دبيس وكانت أمها بنت عميد الدولة ابن جهير، وكانت في غاية الحسن فدخلت على خاتون زوجة المستظهر تستشفع بها إلى مسعود ليعيد عليها بعض ما أخذ منها وتشكو الضر فوصفت
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[2] في ص، ط: «وقتلوا طوابيق الجوامع» . وفي تء: «وقلعوا طوابيق الجامع» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[4] «فتقدم إلى الولاة بذلك» : ساقطة من ص، ط.

(17/327)


ذلك لمسعود، فقال مسعود: أحضريها عندك حتى احضر القضاة وأتزوجها، ففعلت فتزوجها، وتقدم إلى الوزير بأن تعلق بغداد سبعة أيام وذلك في سادس عشر جمادى الأولى، فظهر بالتعاليق فساد عظيم بضرب الطبول والزمور والحكايات، وشرب الخمر ظاهرا.
وفي جمادى الآخرة: قتل الشحنة صبيا مستورا من المختارة، فأمر السلطان بصلب الشحنة فصلب وحطه العوام فقطعوه.
وفي رمضان: وصف للسلطان [1] مسعود ابنة عمه قاورت بالحسن [2] ، فخطبها وتزوجها وعلق البلاد ثلاثة أيام.
وكان الراشد قد جمع العساكر الكثيرة وقوى أمره، فدخلوا عليه الباطنية فقتلوه.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
4030- أحمد بن محمد بن أحمد، أبو بكر بن أبي الفتح الدينَوَريّ شيخنا
[3] :
سمع الحديث من أبي محمد التميمي وأبي محمد السراج وغيرهما، وتفقه على أبي الحطاب الكلوذاني، وبرع في المناظرة، وكان أسعد الميهني يقول [4] : ما اعترض أبو بكر الدينَوَريّ على دليل أحد إلا ثلم منه ثلمة، سمعت عليه درسه مدة، وحدثنا 145/ ب شيخنا أبو بكر قال: كنا نتفقه/ على شيخنا أبي الخطاب فكنت في بدايتي أجلس في آخر الحلقة والناس منها على مراتبهم. فجرى بيني وبين رجل كان يجلس قريبا من الشيخ بيني وبينه رجلان أو ثلاثة كلام، فلما كان اليوم الثاني جلست في مجلسي كعادتي في آخر الحلقة، فجاء ذلك الرجل فجلس إلى جانبي فقال له الشيخ: لما تركت مكانك؟ فقال: أنا مثل هذا فأجلس معه يرزي [5] علي فو الله ما مضى إلّا قليل حتى
__________
[1] في ص: «وصل للسلطان مسعود» .
[2] في الأصل: «ابنة عمه قلوب بالحسن» . وفي ت: «ابنة عمه قاد بالحسن» .
[3] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 213، وشذرات الذهب 4/ 98، والكامل 9/ 308) .
[4] في الأصل: «وكان أسعد المهيمني» .
[5] في ص، ط: «فأجلس معه يدري» .

(17/328)


تقدمت في الفقه وقويت معرفتي به وصرت أجلس إلى جانب الشيخ وبيني وبين ذلك الرجل رجلان.
وأنشدني شيخنا أبو بكر لنفسه:
تمنيت أن تسمى فقيها مناظرا [1] ... بغير عناء فالجنون فنون
فليس اكتساب المال دون مشقة ... تلقيتها فالعلم كيف يكون
سمعت عليه الدرس مدة، وتوفي في جمادى هذه السنة، ودفن قريبا من قبر أحْمَد عند رجلي أبي منصور الخياط.
4031-[أحمد بن مُحَمَّد عبد الملك بن عبد القاهر أبو نصر الأسدي
[2] :
سمع أبا الفرج المخبري، وأبا بكر الخطيب وغيرهما، وحدث.
وتوفي في ربيع الآخر] .
4032- أحمد بن ظفر بن أحمد، أبو بكر المغازلي
[3] :
سمع أبا الغنائم بن المأمون، وأبا محمد الصريفيني، وأبا بكر الخياط، وأبا علي بن البناء وغيرهم. سمعت منه، وكان ثقة، وتوفي في رمضان هذه السنة.
4033- أحمد بن عمر [4] بن عبد الله، أبو نصر الأصبهاني
[5] :
رحل في طلب العلم والحديث، وسمع من خلق كثير وكتب الكثير وكان ثقة دينا.
4034- إبراهيم بن أحمد بن الحسين بن أحمد بن حمدان، أبو تمام الصيمري البروجردي:
ولد سنة أربعين وأربعمائة ببروجرد، وسمع بها من يوسف الهمدانيّ وبمكة من
__________
[1] في الأصل: «تمنيت أن تمسي فقيها مناظرا» .
[2] هذه الترجمة ساقطة من جميع النسخ، وأوردناها من ت.
[3] في ت: «أبو بكر المغازي» .
[4] في ت: «إبراهيم بن عمر» .
[5] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 98) .

(17/329)


أبي معشر الطبري، وببغداد من الشيخ أبي إسحاق الشيرازي، وكان رئيس بروجرد.
وتوفي بها في هذه السنة.
4035- إِسْمَاعِيل بن أحمد بن عبد الملك النيسابوري، أبو سعد بن أبي صالح المؤذن
[1] .
ولد سنة اثنتين وخمسين، وتفقه على أبي المظفر السمعاني، وأبي المعالي 146/ أالجويني، وبرع في الفقه، وكانت له قدم عند الملوك والسلاطين، وكان/ كثير السماع، خرج له أبوه صالح بن صالح مائة حديث عن مائة شيخ، وكتب لي إجازة بجميع مسموعاته، وتوفي ليلة عيد الفطر من هذه السنة، ودفن يوم العيد.
4036- بدر بن الشيخي، مولى أبي منصور عبد المحسن بن محمد بن علي وعتيقه:
سمع أبا الحسين ابن المهتدي، وابن المسلمة، وابن النقور، وابن المأمون وغيرهم. وحدثنا عنهم، وكان سماعه صحيحا.
توفي يوم السبت رابع عشرين رمضان عن ثمانين سنة، ودفن بباب حرب عند مولاه.
4037- ألبقش السلاحي:
كان أميرا كبيرا قبض عليه السلطان، وحمله إلى قلعة تكريت، ثم أمر بعد قليل بقتله فغرق نفسه فأخرج من الماء فقطع رأسه وحمل إليه.
4038- زبيدة بركيارق [2] :
زوجة السلطان، توفيت بهمذان.
4039- عبد المنعم بن عبد الكريم بن هوازن، أبو المظفر القشيري
[3] :
آخر من بقي من أولاد أبي القاسم القشيري، ولد سنة خمس وأربعين وأربعمائة، أباه، وأبا بكر البيهقي، ويوسف المهرواني، وغيرهم. روى عنه شيخنا عبد الوهاب الأنماطي، ولى منه إجازة. وتوفي في هذه السنة.
__________
[1] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 99) .
[2] انظر ترجمته في: (الكامل 9/ 307) .
[3] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 213، وشذرات الذهب 4/ 99) .

(17/330)


4040- عمر بن محمد بن عمويه، أبو الحفص السهروردي عم أبي النجيب الواعظ
[1] .
سمع طرادا، والتميمي وعاصما وغيرهم، وحدث ببغداد، وكان متقدم الصوفية في الرباط المعروف بسعادة الخادم، ورأيته ولم أسمع منه.
وتوفي فِي ربيع الأول من هذه السنة، ودفن بالشونيزية عند قبر رويم.
4041- علي بن علي، بن عبيد الله، أبو منصور صاحب محمد الوكيل ويعرف بابن سكينة
[2] .
ولد سنة تسع وأربعين، وكان أمين الحاكم تحت يده أموال الأيتام، وكان يلقب أمين الأمناء سمع أبا محمد الصريفيني، وابن السراج، وابن العلاف وغيرهم. وحدث، وكان سماعه صحيحا، وسمعت منه، وسمعته يقول: من منع ماله الفقراء سلط الله عليه الأمراء.
توفي ليلة السبت/ سادس ذي القعدة عن ثلاث وثمانين سنة ودفن بالشونيزية.
146/ ب
4042- محمد بن إبراهيم بن محمد إبراهيم بن أحمد، أبو غالب الصيقلي الدامغاني:
ولد سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة، ورحل في طلب الحديث، فسمع الكثير [3] وكان متقدم الصوفية، وكان ثقة. ذكره شيخنا أبو الفضل بن ناصر، فقال: هو صالح ثبت أهل السنة. توفي في هذه السنة بكرمان.
4043- محمد بن عبد الملك بن محمد بن عمر، أبو الحسن الكرجي
[4] :
ولد سنة ثمان وخمسين وأربعمائة وسمع بالكرج [5] وبهمذان وبأصبهان وبغداد، وكان محدثا فقيها شاعرا أديبا على مذهب الشافعي إلا أنه كان لا يقنت في الفجر، وكان
__________
[1] في ت: «أبو حفص السهرودي عم أبي ... » .
وانظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 100) .
[2] في ت: «علي بن عبيد الله» .
[3] في ت: «وسمع الكثير» .
[4] في ت: «أبو الحسن الكرخي من أهل الكرخ» .
وانظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 213، وفيه: «أبو الحسن الكرخي، وشذرات الذهب 4/ 100) .
[5] في ت: «وسمع بالكرخ» .

(17/331)


يقول إمامنا الشافعي: قال إذا صح عندكم الحديث فاتركوا قولي وخذوا بالحديث، وقد صح عندي أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك القنوت في صلاة الصبح. وصنف في المذهب والتفسير، وكان حسن المعاشرة ظاهر الكياسة ومن شعره:
تناءت داره عني ولكن ... خيال جماله في القلب ساكن
إذا امتلأ الفؤاد به فماذا ... يضر إذا خلت منه المساكن
توفي في هذه السنة.
4044- محمد بن فرجية، أبو المواهب المقرئ
[1] :
كان مليح الأداء للقراءات، وسمع الحديث، وأقرأ الناس.
وتوفي في صفر هذه السنة.
4045- منصور بن المسترشد، الملقب بالراشد أمير المؤمنين
[2] :
قد ذكرنا أنه استخلف بعد أبيه وأنه لما قصد السلطان مسعود بغداد خرج إلى ناحية الموصل، وأنه خلع وولي المقتفي وخرج الراشد من الموصل إلى بلاد أذربيجان، ثم مضى إلى أصفهان، وقوى ثم مرض مرضا شديدا. وفي سبب موته ثلاثة أقوال، أحدها أنه سقي السم ثلاث مرات، والثاني: أنه قتله قوم من الفراشين الذين كانوا في خدمته، والثالث: أنه قتله الباطنية وقتلوا بعده.
وكان موته في سابع عشرين رمضان، وبلغ الخبر فقعدوا له في العزاء يوما واحدا.
147/ أوقد ذكر أبو بكر الصولي/ أن الناس يقولون: كل سادس يقوم بأمر الناس منذ أول الإسلام لا بد وأن يخلع، وأنا تأملت هذا فرأيته عجيبا انعقد الأمر لنبينا صلى الله عليه وسلم ثم قام بعده أبو بكر وعمر وعثمان وعلي والحسن فخلع، ثم معاوية ويزيد ومعاوية بن يزيد ومروان وعبد الملك وابن الزبير فخلع وقتل، ثم الوليد وسليمان وعمر ويزيد وهشام والوليد بن يزيد فخلع، ثم لم ينتظم لبني أمية أمرهم فتولى السفاح والمنصور والمهدي والهادي والرشيد والأمين فخلع وقتل، ثم المعتز والمهتدي والمعتمد والمعتضد
__________
[1] في ص: «محمد بن فرجية المقري» .
[2] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 213، وشذرات الذهب 4/ 100، والكامل 9/ 305) .

(17/332)


والمكتفي والمقتدر فخلع [1] . [ثم المأمون والمعتصم والواثق والمتوكل والمنتصر والمستعين فخلع وقتل، ثم القاهر والرضي والمتقي والمستكفي والمطيع والطائع فخلع، ثم القادر والقائم والمقتدي والمستظهر والمسترشد والراشد فخلع وقتل] [2] .
4046- أنوشروان بن خالد بن محمد القاساني [الضني من أهل قرية ضن، وهي من قرى قاسان] ، أبو نصر
[3] :
وزر للسلطان محمد والمسترشد باللَّه، وكان عاقلا مهيبا عظيم الخلقة، دخلت عليه فرأيت من هيبته ما أدهشني، وهو كان السبب في جمع المقامات التي أنشأها أبو محمد الحريري، فإن أبا القاسم عبد الله بن أبي محمد الحريري حكى أن والده كان جالسا في مسجده ببني حرام- إحدى محال البصرة- فدخل المسجد شيخ ذو طمرين، عليه أهبة السفر، رث الحالة، فصيح اللهجة حسن العبارة فسألوه من أين الشيخ؟
قال: من سروج، وكنيتي أبو زيد فعمل والدي المقامة الحرامية بعد قيامة من ذلك المجلس، واشتهر هذا فبلغ أنوشروان بن خالد وطلع بتلك المقامة، فأشار عليه بأن يضم إليها غيرها فأتمها خمسين، وكان أنوشروان كريما، سأله رجل خيمة فلم تكن عنده فبعث إليه مائة دينار، وقال: اشتر بها خيمة، فكتب إليه الرجل:
للَّه در ابن خالد رجلا ... أحيى لنا الجود بعد ما ذهبا
سألته خيمة ألوذ بها ... فجاد لي بل بخيمة ذهبا
وكتب إليه أبو محمد الحريري صاحب المقامات:
ألا ليت شعري والتمني تعلة ... وإن كان فيه راحة لأخي الكرب
أتدرون أني مذ تناءت دياركم ... وشط افتراقي عن جنابكم الرحب
أكابد شوقا ما يزال أواره ... يقلبني بالليل جنبا على جنب
وأذكر أيام التلاقي فأنثني ... لتذكارها بادي الاسا طائر اللبّ
__________
[1] «ثم المعتز، والمهتدي والمعتمد والمعتضد والمكتفي والمقتدر فخلع» . العبارة ساقط من ص، ط.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، ط، ص، وأوردناه من ت.
وانظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 214، وشذرات الذهب 4/ 101، والكامل 9/ 311.)

(17/333)


ولي حنة في كل وقت إليكم ... ولا حنة الصّادي الى البارد العذب
فو الله لو أني كتمت هواكم ... لما كان مكتوما بشرق ولا غرب
ومما شجا قلبي المعنّى وشفه ... رضاكم بإهمال الإجابة عن كتبي
وقد كنت لا أخشى مع الذنب جفوة [1] ... فقد صرت أخشاها وما لي من ذنب
ولما سرى الوفد العراقي نحوكم ... وأعوزني المسري إليكم مع الركب
جعلت كتابي نائبي عن ضرورة ... ومن لم يجد ماء تيمم بالترب
ونفذت أيضا بضعة من جوارحي ... لتنبئكم عن شرح حالي وتستنبي
147/ ب/ ولست أرى إذكاركم بعد خبركم ... بمكرمة حسبي اهتزازكم حسبي
توفي أنوشروان في رمضان هذه السنة، ودفن في داره بالحريم الطاهري، ثم نقل بعد ذلك إلى الكوفة فدفن بمشهد علي عليه السلام وكان يميل إلى التشيع.
__________
[1] في ص: «لا أخشى مع الذهب جفوة» .

(17/334)


ثم دخلت سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها:
[طرد الكتاب اليهود والنصارى من الديوان]
أنه طردت الكتاب اليهود والنصارى من الديوان والمخزن، ثم أعيدوا في الشهر أيضا، وفرغ بهروز من المصلحة التي تصدى لحفرها، وهي نهر دجيل، وولي القضاء أبو يعلى بن الفراء قضاء باب الأزج في صفر.
وكانت زلزلة بجنزة أتت على مائتي ألف وثلاثين ألفا، فأهلكتهم، وكانت الزلزلة [1] عشرة فراسخ في مثلها.
قال المصنف: وسمعت شيخنا ابن ناصر يقول: قد جاء الخبر أنه خسف بجنزة وصار مكان البلد ماء أسود، وقدم التجار من أهلها فلزموا المقابر يبكون على أهاليهم.
ووصل رسول من ابن قاورت ملك كرمان إلى السلطان مسعود يخطب خاتون زوجة المستظهر ومعه التحف، فجاء وزير مسعود إلى دارها فاستأذنها فأذنت [2] ، فحضر القضاة دار السلطان ووقع الملاك على مائة ألف دينار، ونثرت الدراهم والدنانير، وذلك في ثامن عشر صفر، وسيرت إليه فكانت وفاتها هنالك.
وفي ربيع الأول: أزيلت المواصير والمكوس، ونقشت الألواح/ بذلك، 148/ ب واستوزر السلطان رجلا من رؤساء الري يقال له: محمد الخازن، فأظهر العدل، ورفع
__________
[1] في الأصل: «وكانت الزلزلة بجنزة أتت على مائتي ألف وثلاثين ألف فأهلكتهم وكانت الزلزلة» .
[2] في الأصل: «دارها فتأذنها فأذنت» .

(17/335)


المكوس والضرائب، وكان حسن السيرة فدخل عليه رجلان يقال لاحدهما ابن عمارة.
والآخر ابن أبي قيراط يطلبان ضمان المكوس التي أزيلت بمائة ألف دينار، فرفع أمرهما إلى السلطان، فشهرا في البلد مسودين الوجوه وحبسا، فلم يتمكن أعداؤه مما يريدون منه فأوحشوا بينه وبين قراسنقر صاحب آذربيجان، فأقبل قراسنقر في العساكر العظيمة، وقال: إما حمل رأسه إلي أو الحرب، فخوفوا السلطان من حادثة لا تتلافي الفسخ، ففسح لهم في قتله على كره شديد فقتله تتر الحاجب [1] بيده من شدة حنقه، وحمل رأسه إلى قراسنقر.
وفي هذه السنة: قدم المغربي الواعظ، وكان يتكلم في الأعزية فأشير عليه بعقد مجلس الوعظ فوعظ، وكان ينشد بتطريب، وينده بالسجوع [2] ، فنفق على الناس نفاقا كثيرا فتأثر الغزنوي بذلك، ومنعه من الجلوس فتعصب له أقوام فأطلق في الجلوس واركب فرس وزير السلطان فطيف به في الأسواق، وأبيح له الجلوس أين شاء وقرر له الجلوس في دار السلطان، فيقال إن الغزنوي احتال حتى لم يقع ذلك.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر،
4047- أحمد بن عبد الباقي بن منازل، أبو المكارم الشيباني
[3] :
ولد سنة ستين، وسمع ابن النقور، وابن أبي عثمان، وعاصما. وكان شيخا صالحا مستورا، وسماعه صحيح، وحدث وتوفي في صفر هذه السنة، ودفن بباب حرب.
4048- زاهر بن طاهر بن محمد، أبو القاسم بن أبي عبد الرحمن بن أبي بكر/ 149/ أالشحامي
[4] :
__________
[1] في الأصل: «على كره من قتله تتر الحاجب» . وفي ص: «على كره شديد فقتله تنزو الحاجب» .
[2] في الأصل: «وينده بالشجوع» .
[3] لم أقف على ترجمته.
[4] في ص: «أبو محمد القاسم» .
وانظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 215، وشذرات الذهب 4/ 102) .

(17/336)


ولد سنة ست وأربعين وأربعمائة، ورحل في طلب الحديث وعمر، وكان مكثرا متيقظا صحيح السماع، وكان يستملي على شيوخ نيسابور، وسمع منه الكثير بأصبهان والري وهمذان والحجاز وبغداد وغيرها، وأجاز لي جميع مسموعاته، وأملى في جامع نيسابور قريبا من ألف مجلس، وكان صبورا على القراءة عليه، وكان يكرم الغرباء الواردين عليه ويمرضهم ويداويهم ويعيرهم الكتب، وحكى أبو سعد السمعاني أنه كان يخل بالصلاة [قال: وسئل عن هذا، فقال: لي عذر وأنا أجمع بين الصلوات] [1] . ومن الجائز ان يكون به مرض، والمريض يجوز له الجمع بين الصلوات، فمن قلة فقه هذا القادح رأى هذا الأمر المحتمل قدحا.
توفي زاهر في ربيع الآخر من هذه السنة بنيسابور، ودفن في مقبرة يحيى بن يحيى.
4049- عبد الله بن أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف، أبو القاسم بن أبي الحسين، أخو شيخنا عبد الخالق:
ولد سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة، وسمع من ابن المهتدي، وابن المسلمة، وابن المأمون، وابن النقور، والصريفيني [2] ، وغيرهم. وكان خيرا صالحا، وجاور بمكة سنين وسكن بغداد في الحربية.
وتوفي في رجب هذه السنة، ودفن بمقبرة باب حرب.
4050-[عبد الله بن محمد بن عبد الله بن علي بن جعفر أبو القاسم
[3] .
خطيب أصبهان، ولد في ربيع الآخر من سنة ثمان وأربعين وأربعمائة، قدم علينا من سنة عشرين وخمسمائة. وروى لنا عن أبي الطيب عبد الرزاق بن عمر بن سمة.
وتوفي في هذه السنة] .
4051- عبد العزيز بْن عثمان بن إبراهيم بن محمد أبو محمد الأسدي
[4] :
من أهل بخارى، ولي القضاء بها، وهو من بيت العلم والحديث، من أولاد
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[2] في ت: «والصيرفي» .
[3] هذه الترجمة ساقطة من جميع النسخ، وأوردناها من ت.
[4] انظر ترجمته في: (الكامل 9/ 312) .

(17/337)


الأئمة، وكان وافرا وقورا سخيا محمود السيرة، ورد بغداد فسمع بها من جماعة منهم أبو طالب بن يوسف، وقد سمع ببلده وبالكوفة، وأملى ببخارى.
وتوفي في هذه السنة.
4052- علي بن أفلح، أبو القاسم الكاتب:
كان فيه فضل حسن، وله شعر مليح إلا أنه كان متجرئا كثير الهجو، وكان قد خلع 149/ ب عليه المسترشد باللَّه/ ولقبه جمال الملك، وأعطاه أربعة آدر في درب الشاكرية، وكان هو قد اشترى دورا إلى جانبها، فهدم الكل وأنشأ دارا كبيرة، وأعطاه الخليفة خمسمائة دينار، وأطلق له مائة جذع ومائتي ألف آجرة، وأجرى له إدرارا في كل سنة، فظهر أنه يكاتب دبيسا، وسبب ظهور ذلك أنه كان في المسجد الذي يحاذي دار السماك رجل يقال له مكي يصلي بالناس ويقرئ القرآن، فكان إذا جاء رسول دبيس أقام عند ذلك الإمام بزي الفقراء فاطلع على ذلك بواب ابن أفلح، واتفق أن ابن افلح غضب على بوابه فضربه فاستشفع بالناس عليه، فلم يرده، فمضى وأطلع صاحب الشرطة على ذلك فمضى فكبس المسجد وأخذ الجاسوس، وهرب ابن أفلح وإمام المسجد، وأمر المسترشد بنقض داره، وكان قد غرم عليها [عشرين] [1] ألف دينار، وكان طولها ستين ذراعا في أربعين، وقد أجريت بالذهب وعملت فيها الصور وفيها الحمام العجيب فيه بيت مستراح فيه بيشون [2] ، إن فركه الإنسان يمينا خرج الماء حارا، وإن فركه شمالا خرج باردا، وكان على أبواب الدار مكتوب:
إن عجب الزوار من ظاهري ... فباطني لو علموا أعجب
شيدني من كفه مزنة ... يحمل منها العارض الصبب
ودبجت روضة أخلاقه ... في رياضا نورها مذهب
صدر كسا صدري من نوره ... شمسا على الأيام لا تغرب
وكان على الطراز مكتوب:
ومن المروءة للفتى ... ما عاش دار فاخره
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[2] في ص، ط، ت: «فيه بثيون» .

(17/338)


فاقنع من الدنيا بها ... واعمل لدار الآخرة
/ هاتيك وافية بما ... وعدت وهذي ساحره
150/ أوكان على الحيرى مكتوب:
وناد كأن جنان الخلود ... أعارته من حسنها رونقا
وأعطته من حادثات الزمان ... أن لا تلم به موثقا
فأضحى يتيه على [كل] ما [1] ... بنى مغربا كان أو مشرقا
تظل الوفود به عكفا ... وتمسي الضيوف له طرقا
بقيت له يا جمال الملوك ... والفضل مهما أردت البقا
وسالمه فيك ريب الزمان ... ووقيت منه الذي يتقا
قال المصنف رحمه الله: وقد رأيت أنا هذه الدار بعد أن نقضوها، ثم ظهر أن ابن أفلح مضى إلى تكريت فاستجار ببهروز الخادم، ثم آل الأمر إلى أن عفي عنه.
ومن شعره المستحسن قوله:
دع الهوى لأناس يعرفون به ... قد مارسوا الحب حتى لان أصعبه
بلوت نفسك فيما لست تخبره ... والشيء صعب على من لا يجربه
افن اصطبارا وإن لم تستطع جلدا ... فرب مدرك أمرٍ عز مطلبه
أحنى الضلوع على قلب يحيرني ... في كل يوم ويعييني تقلبه [2]
تناوح الريح من نجد يهيجه ... ولا مع البرق من نعمان يطربه
وله في أخرى:
منع الشوق جفوني أن تناما ... وأذاب القلب وجدا وغراما
يا نداماي على كاظمة ... هل ترومون وقد بنت مراما
أنا مذ فارقتكم ذو ندم ... فتراكم يا نداماي نداما
يا خليلي قفا ثم اسألا ... عن غزال نبه الشوق وناما
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[2] في الأصل: «ويعييني تطلبه» .

(17/339)


150/ ب/ وقفا نسأل رسما عافيا ... أين من كان به قدما أقاما
وله في أخرى:
هذه الخيف وهاتيك منى ... فترفق أيها الحادي بنا
واحبس الركب علينا ساعة ... نندب الربع ونبكي الدمنا
فلذا الموقف أعددنا الأسى ... ولذا الدمن دموعي تقتنا [1]
زمنا كانوا وكنا جيرة ... يا أعاد الله ذاك الزمنا
بيننا يوم أثيلات النقا ... كان عن غير تراض بيننا
ومن رسائله أنه كتب إلى أبي الحسن ابن التلميذ كتابا يقول فيه: أطال الله بقاء سيدنا طول اشتياقي إليه، وأدام تمكينه دوام ثنائي عليه، وحرس نعمته حراسة ضميره للأسرار، وكبت أعداءه كبت صبري يوم تناءت به الدار عن سلامة انتقلت بعده من جسمي إلى ودي وعافية، كان يوم بينه بها آخر عهدي، وأنا أحمد الله العلي على ما يسوء ويسر، وأديم الصلاة على رسوله وآله المحجلين الغر، وبعد: فإني أذكر عهد التزاور ذكر الهائم الولوع، وأحن إلى عصر التجاور حنين الهائم إلى الشروع [2] :
وإني وحقك منذ ارتحلت ... نهاري حنين وليلي أنين
وما كنت أعرف قبل امرأ ... بجسم مقيم وقلب يبين
وكيف السلو إلى سلوتي [3] ... وحزني وفي وصبري خؤون
151/ أوعجيب أن لا أكون [4] كذلك، وقد أخذت حسن الوفاء عنه، واكتسبت/ خلوص الصفاء منه، وطريف أن لا أهيم به شغفا، وأجرى [5] على مفارقته أسفا، وقد فتنتني منه دماثة تلك [الأخلاق] [6] والشمائل التي شغلني كلفي بها عن كل شاغل، فما لي دأب
__________
[1] في ص: «ولذا الدم دموعي» . وفي الأصل: «ولذا الد اليوم دموعي» .
[2] في الأصل: «التجاوز حنين الحايم» .
[3] في الأصل: «وكيف السبيل إلى سلوتي» .
[4] في ص: «وعجبت أن لا أكون» .
[5] في ص: «أن لا أهيم به ضعفا وأجرى» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.

(17/340)


منذ سارت به الركائب سوى تذكر محاسنه التي تأدبت بجزيل آدابها ولا شغل منذ دعا البين فأجابه غير التفكير في فضائله التي تشبثت بفواضل أهدابها والابتهاج بوصف مشاهدته من خلائفه الزهر، والافتخار بمودته على أبناء الدهر، وإن كان ما ينتهي إليه اسطاعتي من الثناء عليه قد تناقله قبلي الرواة، وغنى طربا بذكره الحداة فإنني جئت مثنيا على خلاله [1] الرضية ما نسوه، وذاكرا من أفعاله المرضية كل صالح لم يذكروه.
فأجابه بجواب كتبت منه كلمات مستحسنة، وهي: كتبت إلى حضرة سيدنا مد الله في عمره امتداد أملي فيه، وأدام علوه دوام بره لمعتفيه، وحرس نعماه حراسة الأدب بناديه [2] ، وكبت أعداءه كبت الجدب نبت أياديه، على سلامة سلمت بتأميل إيابه، وعافية عفت لولا قراءة كتابه:
وإني وحقك مذ بنت عنك ... قلبي حزين ودمعي هتون
وأخلف ظني صبر معين ... وشاهد شكواي دمع معين
وللَّه أيامنا الخاليا ... ت لو رد سالف دهر حنين
وإني لأرعى عهود الصفاء ... ويكلؤها لك سر مصون
وأحفظ ودك عن قادح ... وود الأكارم علق ثمين
ولم لا ونحن كمثل اليدين ... وأنت بفضلك منها اليمين
إذا قلت أسلوك قال الغرام ... هيهات ذلك ما لا يكون
وهل في سلو له مطمع ... وصبري خؤون وودي أمين
4053- محمد بن حمزة بن إِسْمَاعِيل بن الحسن بن علي بن الحسين، أبو المناقب الحسيني [3] العلوي:
من أهل همذان، رحل إلى البلاد، وكتب الحديث الكثير فسمع وجمع، وكان يروي عن جده علي بن الحسين/ الحسيني أشعارا منها: 151/ ب
وما لك من دنياك إلا بليغة ... تزجى بها يوما وتقضي بها ليلا
__________
[1] في الأصل: «فإنني جئت شنيا على خلاله» .
[2] في ص: «حراسة الأدب بتأديبه» .
[3] في ت: «بن الحسين بن الحسن، أبو المناقب» .

(17/341)


وما دونها مما جمعت فإنه ... لزيد وعمرو أو لأختهما ليلى
4054- محمد بن شجاع بن أبي بكر بن علي بن إبراهيم اللفتواني، أبو بكر
[1] .
ولفتوان قرية [2] من قرى أصبهان، ولد سنة سبع وستين وأربعمائة، وسمع أبا عمرو بن منده، وأبا محمد التميمي، وطرادا لما قدم أصبهان، وورد بغداد بعد العشرين وخمسمائة فسمع من مشايخها، وكان شيخا صالحا فقيرا ثقة متعبدا، حدثنا عنه أشياخنا.
وتوفي بأصبهان في جمادى الآخرة من هذه السنة.
خاتمة الناسخ
هذا آخر الجزء السابع عشر من المنتظم في أخبار الأمم، يتلوه في الجزء الثامن عشر دخول سنة أربع وثلاثين وخمسمائة، وكان الفراغ منه في يوم الثلاثاء ثالث جمادى الآخرة سنة ست وثمانمائة، أحسن الله عاقبتها وتعضد بخير بمنه وكرمه، غفر الله لمن استكتبه وكتبه أو نظر فيه، ودعا لهم بالمغفرة وخاتمه الخير بمنه وكرمه، والحمد للَّه رب العالمين، وصلوا على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
__________
[1] في الأصل: «إبراهيم اللفقواني، أبو بكر» .
وانظر ترجمته في: (الكامل 9/ 281) .
[2] في الأصل: «ولفنوان قرية» .

(17/342)


[المجلد الثامن عشر]
بسم الله الرحمن الرحيم
ثم دخلت سنة اربع وثلاثين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها:
[بدأ بهروز يعمل سكر النهروانات]
أنه بدأ بهروز يعمل سكر النهروانات فبناه دفعتين وهو يتفجر، ثم استحكم في الثالثة، وما زال يعمل عليه إلى أن مات في سنة أربعين.
وولدت في هذه السنة ابنة قاور [1] من السلطان مسعود ولدا ذكرا، فعلقت بغداد وظهرت المنكرات، فبقيت ثمانية أيام فمضى ابن الكواز الزاهد إلى باب [ابن] [2] قاور وقال: إن أزلتم هذا وإلا بتنا في الجوامع، وشكونا إلى الله [3] تعالى فحطوا التعاليق فمات الولد
[تعليق البلد لأجل دخول خاتون]
وعلقت البلد لأجل دخول [4] خاتون بنت محمد زوجة المقتفي، وكانت قد وصلت مع أخيها مسعود، وأقامت عنده بدار المملكة ثم دخلت إلى الخليفة في زي عجيب وبين يديها زوجة السلطان مسعود بنت دبيس وبنت قاور، ويحجبها الوزير شرف الدين والمهد ومركب الخليفة [5] وذلك في جمادى الأولى.
ثم وقع في رجب إملاك السيدة بنت أمير المؤمنين [لمسعود] [6] ، وحضر وزير
__________
[1] في الأصل: «ابنة قاور» . وفي ت: «ابنة قاد» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[3] في الأصل: «وشكرنا إلى الله تعالى» . والتصحيح من ص.
[4] في ت: «وعلقت بغداد لأجل دخول» .
[5] في الأصل: «فركب الخليفة» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.

(18/3)


الخليفة ووزير السلطان والوجوه، ونثر عليهم، وتمكن الوزير أبو القاسم بن طراد من الدولتين.
ونفذ الخليفة خدما وعمالا على البلاد من غير مشاورة الوزير وجرت بينهما وحشة وانقطع الوزير عن الخدمة، ثم وقع الصلح في [خامس عشر من] [1] شعبان، وخلع على الوزير واختصم أصحاب ترشك [وأصحاب الوزير، فبعث الوزير إلى السلطان] [2] مسعود فقبض عليه، فأشار الوزير بأن يكون في خدمة السلطان تحت ركابه، فأخذه مسعود في صحبته، فثقل ذلك على الخليفة لكونه من خاصته، 2/ ب ثم/ أشير على السلطان بإعادته فأعاده، ثم منع الوزير ثقة الدولة ابن الأبري من الدخول إلى الخليفة، وكان وكيله قديما فثقل ذلك على الخليفة فقبض على حاجب الوزير، فاستشعر الوزير من ذلك فقصد دار السلطان مسعود في سميرية وسط النهار، وأقام بها [وذلك في ذي القعدة من هذه السنة] [3] فروسل في العود إلى منصبه، فامتنع وكانت الكتب تعنون باسمه إلى أن ورد جواب مكتوبات الخليفة إلى السلطان من المعسكر يقول له: كلنا بحكمك فول من تريده واعزل من تريد، فبعث إليه على يدي صاحب المخزن وابن الأنباري ونجاح الخادم، فعزله من الوزارة وهو مقيم بدار المملكة، وذلك في ذي الحجة، واستناب قاضي القضاة الزينبي، وتقدم بفتح الديوان، وجرت الأمور على العادة، ثم إن قاضي القضاة مرض فاستنيب ابن الأنباري.
وتوفي رجل خير من باب الأزج ونودي عليه، واجتمع الناس في مدرسة عبد القادر للصلاة عليه فلما أريد غسله عطس وعاش، وأحضرت جنازة [رجل غيره] [4] أخرى فدخل عليه فصلى ذلك الخلق عليها.
وتكاثرت كبسات العيارين وصاروا يأخذون مجاهرة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.

(18/4)


وولي أبو الحسين الدامغاني [1] قضاء الجانب الغربي، وجلس ابن السهروردي للوعظ [2] في النظامية [في شعبان] [3] وحضر أرباب الدولة.
وفي رمضان عزل ابن الصاحب من باب النوبي، وولي مكانه ابن مسافر، ثم عزل في ذي الحجة وولي أبو غالب بن المعوج.
وغارت المياه من أقطار الأرض، ونقص ماء دجلة نقصا لم ير مثله، ورفعت كراسي الوعاظ من جامع القصر.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
4055- أحمد بن جعفر بن الفرج، أبو العباس الحربي
[4] .
كان شيخا صالحا، حسن السمت، قليل الكلام مشغولا بالعبادة، سمع أبا عبد الله الحسين/ بن أحمد النعالي وغيره، وكان يقال أنه رئي بعرفات في بعض 3/ أالسنين التي لم يحج فيها، ودخل عليه بعض أهل الحربية قبل موته بيوم، فقال له: إذا كان غدا واتفق ما يكون- يعني موته- فاخرج من المحلة فإنك ترى عند العقد شيخا فقل له مات أحمد بن جعفر.
فلما مات خرج الرجل فرأى رجلا قائما على يمين الطريق، قال فقال لي قبل أن أكلمه مات الشيخ أحمد؟ فقلت: نعم، فمشى فاتبعته فلم ألحقه وغاب عني في الحال.
توفي في هذه السنة، وصلى عليه في تربة القزويني، ودفن بالحربية، ثم نقل بعد ذلك إلى مقبرة باب حرب.
4056- أحمد بن منصور بن محمد بن عبد الجبار السمعاني، أبو القاسم
[5] .
توفي في شوال.
__________
[1] في ت، والأصل: «وولي أبو الحسن بن الدامغانيّ» .
[2] في ص، والأصل: «وجلس ابن الشهرزوريّ للوعظ» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[4] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 2/ 217)
[5] هذه الترجمة ساقطة من ت.

(18/5)


4057- أحمد بن محمد بن الحسين بن علي، أبو الحسن [1] الياباني.
من أهل واسط، ولد بها وسمع بها من المشايخ، وانتقل إلى بغداد فسكنها، وسمع بها من أبي الخطاب نصر بن النظر، وأبي القاسم بن فهد، وكان حافظا لكتاب الله، دينا خيرا يبين آثار الصلاح على وجهه. توفي في شعبان هذه السنة ببغداد.
4058- أحمد بن منصور بن الموصل، أبو المعالي الغزال:
[2] .
سمع أبا الحسين بن النقور، وأبا نصر الزينبي وغيرهما، وحدث وكان خيرا يسقي الأدوية بالمارستان العضدي، وكان يعبر الرؤيا، أتاه رجل يوم الجمعة الثامن والعشرين من ربيع الآخر من هذه السنة فقال: رأيت البارحة في النوم كأنك قدمت في هذا الموضع، وأشار إلى خربة مقترنة بالمارستان، ففكر ساعة ثم قال: ترحموا علي، ثم مضى فصلى الجمعة في جامع المنصور، ورجع إلى المارستان فوصل قريبا من 3/ ب الموضع الذي عينه صاحب المنام فسقط ومات فجأة، ودفن بمقبرة باب حرب.
4059- إبراهيم بن سليمان بن رزق الله، أبو الفرج الورديسي الضرير:
وورديس قرية عند إسكاف، سمع أبا محمد التميمي وغيره، وكان فهما للحديث، حافظا لأسماء الرجال، ثقة، سمع الحديث الكثير وحدث بشيء يسير.
وتوفي يوم الجمعة سابع ربيع الأول، ودفن بباب حرب.
4060- ثابت بن حميد المستوفي:
قبض عليه الوزير البروجردي فحبسه في سرداب بهمذان في الشتاء بطاق قميص، فمات من البرد، وأخذ من ماله ثلاثمائة ألف دينار.
4061- جوهر الخادم الحبشي:
خادم سنجر المعروف بالمقرب، كان مستوليا على مملكته [3] ، متحكما فيها، فجاءه باطنية في زي النساء فاستغاثوا إليه فقتلوه بالري في هذه السنة.
__________
[1] في الأصل: أبو الحسين الباباني» . وفي ت: «أبو الحسن البابامي» .
[2] في ص: «أحمد بن منصور، أبو المعالي الغزال» .
[3] في الأصل: «كان متوليا على مملكته» .

(18/6)


4062- عبد السلام بن الفضل أبو القاسم [1] الجيلي.
سمع الحديث وتفقه على إلكيا الهراسي، وبرع في الفقه والأصول، وولي القضاء بالبصرة، وكان وقورا ذا هيئة [2] ، وجرت حكوماته على السداد، وكان أبو العباس بن المعتي الواعظ البصري يقول: ما بالبصرة ما يستحسن غير القاضي عبد السلام والجامع. توفي في جمادى الآخرة من هذه السنة.
4063-[فضل الله بن مُحَمَّد بن عبد العزيز، أبو مُحَمَّد
[3] :
قاضي العراق، ولد في رجب سنة اثنتين وثلاثين وأربع مائة.
وتوفي في محرم هذه السنة] .
4064- فاطمة بنت عبد الله، الخيري [4] الفرضي:
ولدت في جمادى الأولى سنة إحدى وخمسين وسمعت من ابن المسلمة وابن النقور والصريفيني وغيرهم وحدثت عنهم.
وتوفيت ليلة الاثنين خامس رجب هذه السنة ودفنت بباب أبرز.
4065- المهدي بن محمد، أبو البركات
[5] :
نشأ ببغداد وكان واعظا حسن العبارة، وسمع أبا الخطاب بن النظر، والحسين بن طلحة النعالي، وثابت بن بندار، وأبا الحسين بن الطيوري وغيرهم، فخسف بجنزة في هذه السنة، فهلك فيها عالم عظيم لا يحصى [6] من المسلمين منهم المهدي.
__________
[1] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 217) .
[2] في ت: «وكان وقورا ذا هيبة» .
[3] هذه الترجمة ساقطة من كل الأصول، وأوردناها من ت.
[4] في ت: «فاطمة بنت إبراهيم بن عبد الله الخيريّ» .
[5] في ت: «المهدي بن محمد إسماعيل، أبو البركات العلويّ» .
[6] في ت: «فهلك فيها عالم لا يحصى» .

(18/7)


ثم دخلت سنة خمس وثلاثين وخمسمائة
4/ أفمن الحوادث فيها/.
[استوزر أبو نصر المظفر ابن محمد بن جهير]
أنه استوزر أبو نصر المظفر بن محمد بن جهير [1] نقل من أستاذيةالدار إلى الوزارة.
ووصل إلى بغداد رجل أظهر الزهد والنسك [2] ، وأقام في قرية السلطان بباب بغداد، فقصده الناس من كل جانب، واتفق أن بعض أهل السواد دفن ولدا له قريبا [3] من قبر السبتي، فمضى ذلك المتزهد فنبشه ودفنه في موضع، ثم قال للناس في بعض الأيام: اعلموا أنني قد رأيت عمر بن الخطاب في المنام ومعه علي بن أبي طالب فسلمت عليهما وسلموا [4] علي، وقالا لي: ان في هذا الموضع صبي من أولاد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وخطا لي المكان وأشار إلى ذلك الموضع، فحفروه فرأوا الصبي [5] وهو أمرد فمن وصل إلى قطعة من أكفانه فكأنه قد ملك الملك، وخرج أرباب الدولة وأهل بغداد وانقلب البلد وطرح في الموضع دساتيج الماء الورد والبخور، وأخذ التراب للتبرك، وازدحم الناس على القبر حتى لم يصل أحد من كثرة الزحام، وجعل الناس يقبلون يد الزاهد وهو يظهر التمنع والبكاء والخشوع، والناس
__________
[1] في ت: «استوزر أبو المظفر بن جهير» .
[2] في الأصل: «أظهر الزهد والتنسك» .
[3] في ت: «دفن ابنا له قريبا» .
[4] في ت: «فسلمت عليهما وسلما» .
[5] في ت: «فحفروه فوجدوا الصبي» .

(18/8)


تارة يزدحمون عليه وتارة يزدحمون على الميت [وبقي الناس على هذا أياما] [1] والميت مكشوف يبصره الناس، ثم ظهرت رائحته وجاء جماعة من أذكياء بغداد فتفقدوا كفنه فوجدوه خاما ووجدوا تحته حصيرا جديدا فقالوا [2] : هذا لا يمكن أن يكون على هذه الصفة منذ أربعمائة سنة فما زالوا ينقبون عن ذلك حتى جاء السوادي فأبصره، وقال: هذا والله ولدي وكنت دفنته عند السبتي، فمضى معه قوم إلى المكان فرأوا القبر قد نبش وليس فيه ميت، فلما سمع الزاهد ذلك هرب فطلبوه ووقعوا به فأخذوه فقرروه فأقر أنه فعل ذلك حيلة. فأخذ واركب حمارا [3] وشهر، وذلك في ربيع الآخر من هذه السنة.
وفي يوم الاثنين تاسع ربيع الآخر [4] : نفذ السلطان مسعود كأسا/ لبهروز ليشربه 4/ ب فشربه وعلقت بغداد، وعمل سماعا عظيما في دار البرسقي، فحضر عنده أرباب الدولة وحضر جميع القيان [5] ، وأظهر الناس الطبول والزمور والفساد والخمور.
واعترض على شيخ الشيوخ إِسْمَاعِيل وقيل له لا تدخل ولا تخرج ولا يقربك أحد من أبناء الدنيا لأجل قربه من الوزير الزينبي.
وفي ربيع الآخر: أخذ المغربي الواعظ مكشوف الرأس [إلى باب النوبي] [6] لأنه وجد في داره خابية نبيذ مدفونة وآلات اللهو من عود وغيره، فحبس وانهال عليه الناس يسبونه، وكان ينكر ذلك ويقول: ان امرأته مغنية والآلات لها وما علمت [7] .
وفي جمادى الآخرة عزل جماعة من المعدلين ابن غالب، وأحمد بن
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[2] في ت: «حصيرا جديدا فتفقدوا» .
[3] في ت: «وركب حمارا وشهر» .
[4] في ت: «وفي يوم الاثنين تاسع عشر ربيع» .
[5] في ت: «وأظهر جميع القيان» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[7] في ت: «وما علم» .

(18/9)


الشارسوكي، وابن جابر، وابن شافع، وابن الحداد، وابن الصباغ، وابن جوانوه، ثم عزل آخرون فقارب عدد الكل ثلاثين [1] .
وفي شوال: فتحت المدرسة التي بناها صاحب المخزن بباب العامة، وجلس للتدريس فيها أبو الحسن ابن الخل، وحضر قاضي القضاة الزينبي وأرباب الدولة والفقهاء، وحضرت مع الجماعة ووصل في ذي القعدة رسول من عند سنجر ومعه البردة والقضيب فسلمه إلى المقتفي [2] .
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
4066- إِسْمَاعِيل بن محمد بن الفضل بن علي بن أحمد أبو القاسم [3] الطلحي:
من أهل أصبهان، ولد سنة تسع وخمسين سافر البلاد وسمع الكثير [ونسخ] [4] وأملى بجامع أصبهان قريبا من ثلاثة آلاف مجلس، وهو إمام في الحديث والتفسير واللغة، حافظ متقن دين، توفي في ليلة عيد الأضحى من هذه السنة بأصبهان.
أنبأنا شيخنا أبو الفضل بن ناصر، قال حدثني أبو جعفر محمد بن أبي المرجي الأصبهاني، [5] وهو ابن أخي إِسْمَاعِيل الحافظ، قال: حدثني أحمد الأسواري، وكان ثقة، وهو تولى غسل إِسْمَاعِيل بن محمد الحافظ، أنه أراد أن ينحي الخرقة عن سوأته 5/ أوقت الغسل فجذبها الشيخ إِسْمَاعِيل من يده [وغطى بها فرجه] [6] / فقال الغاسل:
أحياة بعد موت؟!.
__________
[1] في ت، والأصل: «ثم عزل آخرون يقارب عدد الكل ثلاثين» .
[2] في ت: «تم المجلد الثالث والعشرون. بسم الله الرحمن الرحيم، ذكر من توفي ... » .
[3] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 217، وفيه: «إسماعيل بن محمد بن علي» وشذرات الذهب 4/ 105، وتذكر الحفاظ 1277، ومرآة الجنان لليافعي 3/ 263، والنجوم الزاهرة 5/ 267، وطبقات المفسرين لابن الداوديّ 105، والأعلام 1/ 333، والكامل 9/ 318) .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[5] في الأصل: «محمد بن أبي الكرجي الأصبهاني» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.

(18/10)


4067- عبد الرحمن بن محمد بن عبد الواحد بن الحسن بن مبارك، أبو منصور القزاز المعروف بابن زريق:
[1] .
كان من أولاد المحدثين، سمعه أبوه وعمه الكثير [2] ، وكان صحيح السماع، وسمع شيخنا أبو منصور من ابن المهتدي، وابن وشاح، وأبي الغنائم ابن الدجاجي، وجابر بن ياسين، والخطيب، وأبي جعفر ابن المسلمة، وأبي محمد الصريفيني، وأبي بكر الخياط، وأبي الحسين بن النقور [3] ، وغيرهم، وكان ساكتا قليل الكلام، خيرا سليما، صبورا على العزلة، حسن الأخلاق.
وتوفي في شوال هذه السنة ودفن بمقبرة باب حرب [4] .
4068- عبد الجبار بن أحمد بن محمد بن عبد الجبار، أبو منصور ابن توبة أخي المقدم
[5] :
ولد سنة اثنتين وستين، وسمع أبا الحسين ابن النقور، وأبا محمد الصريفيني، وأبا منصور ابن العكبري، وأبا نصر الزينبي، وصحب أبا إسحاق الشيرازي، وكان ثقة دينا صدوقا مليح الشيبة، قيما بكتاب الله.
توفي في جمادى الآخرة من هذه السنة ودفن بمقبرة باب أبرز.
4069- عطاء بن أبي سعد بن عطاء بن أبي عياض، أبو محمد الفقاعي الثعلبي
[6] :
من أهل هراة، ولد سنة أربع وأربعين وأربعمائة، وسمع ببغداد من أبي القاسم ابن البسري، وأبي نصر الزينبي، وطراد وغيرهم، وكان من المريدين لعبد الله بن محمد
__________
[1] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 106) .
[2] في ص: «سمعه أبوه وعمه الكبير» .
[3] في الأصل: «وأبي الحسن بن النقور» .
[4] في الأصل: «يقول الناسخ: وهذا أبو منصور القزاز الّذي معظم اعتماد الشيخ عليه في هذا التاريخ، ويحيل رواياته التاريخ عن الخطيب» .
[5] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 108) .
[6] في الأصل: «ابن أبي العاصي، أبو محمد» .
وانظر ترجمته في: (الأنساب للسمعاني 9/ 322) .

(18/11)


الأنصاري، فضرب المثل به في إرادته له وخدمته إياه، ولما خرج عبد الله الأنصاري إلى بلخ [جرت لعطاء مع النظام العجائب، وكان النظام يحتمله] [1] وخرج النظام إلى غزو الروم، فكان يعدو معه فوقع أحد نعليه فما التفت إليه، وخلع الآخر وعدا فأمسك النظام الدابة، وقال: أين نعلاك؟ قال: وقع أحدهما فما وقفت خشية ان تفوتني [2] ، فقال: فلم خلعت الآخر؟ قال: لأن شيخي الأنصاري أخبرني أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن 5/ ب يمشي/ الإنسان في نعل واحدة. فأعجب النظام ذلك، وقال: اكتب إن شاء الله حتى يرجع شيخك إلى هراة، اركب بعض الجنائب، فقال: شيخي في المحنة وأنا أركب بعض الجنائب؟ لا أفعل ذلك، فعرض عليه مالا فلم يقبل. وتحرك نعل فرس النظام، فنزل الركابي ليقلعه فوقف النظام الفرس فقعد عطاء قريبا منه، وجعل يقشر جلد رجله ويرمي [3] بها، وقال للنظام: ارم أنت نعل الخيل ونرمي نحن جلد الرجل ونبصر ما يعمل القضاء ولمن تكون العاقبة، وقال له النظام: إلى كم تقيم ها هنا؟ أما لك أم تبرها؟
فقال: نحن نحسن نقرأ، قال: وأي شيء مقصودك؟ فأخرج كتابا من أمه، وفيه: «يا بني إن أردت رضا الله ورضا أمك فلا ترجع إلى هراة ما لم يرجع شيخك الأنصاري» .
وآل الأمر إلى أن حبس ثم أخرج فقدم إلى خشبة ليصلب، فوصل في الحال من السلطان من أمر بتركه، فلما أطلق رجع إلى التظلم والتشنيع. وتوفي في هذه السنة.
4070- مُحَمَّد بن أَحْمَد بن محمد بن عبد الجبار بن توبة، أبو الحسين الأسدي العكبري
[4] :
ولد سنة خمس وخمسين وأربعمائة، وقرأ القرآن بروايات، وكان حسن التلاوة، وسمع الحديث من [أبي الغنائم] ابن المأمون، وأبي جعفر ابن المسلمة، وأبي محمد
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[2] في ص، ط: «وقفت خشيت أن تفوتني» .
[3] في ص: «وجعل يقشر ايا كان رجله ويرمى بها» .
[4] في ت: «بن عبد الجبار بن يوية، أبو الحسن، العكبريّ أخو المتقدم» .
وانظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 107) .

(18/12)


الصريفيني، وأبي الحسين ابن النقور، وأبي بكر الخطيب، وغيرهم، وقرأ شيئا من الفقه على أبي إسحاق، وكان له سمت ووقار وبهاء.
توفي يوم الثلاثاء سابع عشر صفر من هذه السنة، ودفن بمقبرة باب أبرز.
4071- محمد بن عبد الباقي
بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن الربيع بن ثابت بن وهب بن مشجعة بن الحارث بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الأنصاري أحد الثلاثة الّذي تيب عليهم في قوله تعالى: وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا 9: 118 [1] أبو بكر بن أبي طاهر ويعرف أبوه بصهر هبة الله [2] البزار.
ولد بالبصرة ونشأ بها وكنا نسأله عن مولده [3] ، فقال: أقبلوا على شأنكم فأني سألت القاضي/ أبا المظفر هناد بن إبراهيم النسفي عن سنه، فقال: أقبل على شأنك، 6/ أفاني سألت أبا الفضل محمد بن أحمد الجارودي عن سنه، فقال لي: أقبل على شأنك، فأني سألت أبا بكر محمد بن علي بن زحر المنقري عن سنه فقال: أقبل على شأنك، فاني سألت أبا أيوب الهاشمي عن سنه، فقال لي: أقبل على شأنك، فإني سألت أبا إِسْمَاعِيل الترمذي عن سنه، فقال لي: أقبل على شأنك، فأني سألت البويطي عن سنه فقال لي: أقبل على شأنك، فإني سألت الشافعي عن سنه فقال لي: أقبل على شأنك، فإني سألت مالك بن أنس عن سنه فقال لي: أقبل على شأنك، ثم قال لي: ليس من المروءة أن يخبر الرجل عن سنه [4] .
قال لنا شيخنا محمد بن عبد الباقي، ووجدت في طريق آخر قيل له: قال: لأنه إن كان صغيرا استحقروه وإن كان كبيرا استهرموه، ثم قال لنا: مولدي في يوم الثلاثاء عاشر صفر سنة اثنتين وأربعين واربعمائة، وذكر لنا أن منجمين حضرا حين ولدت فأجمعا أن العمر اثنتان وخمسون سنة، قال: وها أنا قد جاوزت التسعين، وأنشدني:
احفظ لسانك لا تبح بثلاثة ... سن ومال ما استطعت ومذهب
__________
[1] سورة: التوبة، الآية: 118.
[2] انظر ترجمته في: (مرآة الزمان 8/ 178، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 230، والبداية والنهاية 12/ 217، 18، وشذرات الذهب 4/ 108، والكامل 9/ 318) .
[3] في الأصل: «وكنا سألناه عن مولده» .
[4] في الأصل: «أن يخبر الرجل عن سنه» .

(18/13)


فعلى الثلاثة تبتلى بثلاثة ... بممّوه ومكفر ومكذب
وحفظ القرآن وهو ابن سبع سنين، وأول سماعه الحديث من أبي إسحاق البرمكي في رجب سنة خمس وأربعين حضورا وسمع من أبي الحسن الباقلاني [1] [سنة ست وأربعين، وكان آخر من حدث في الدنيا عن أبي إسحاق البرمكي، وأخيه أبي الحسن علي بن عمر، والقاضي أبي الطيب الطبري، وأبي طالب العشاري، وأبي الحسن علي بن إبراهيم الباقلاوي] [2] ، وأبي محمد الجوهري، وأبي القاسم عمر بن الحسين الخفاف، وأبي الحسين محمد بن أحمد بن حسنون، وأبي علي الحسن بن غالب المنقري، 6/ ب وأبي الحسين بن الآبنوسي، وأبي طالب بن أبي طالب المكي، وأبي الفضل هبة الله/ ابن المأمون، فهؤلاء تفرد بالرواية عنهم، وقد سمع خلقا كثيرا يطول ذكرهم وكانت له إجازة من أبي القاسم علي بن المحسن التنوخي، وأبي الفتح بن شيطا، وأبي عبد الله محمد بن سلامة القضاعي، وتفقه على القاضي أبي يعلى بن الفراء، وشهد عند قاضي القضاة أبي عبد الله الدامغاني، وعمر حتى ألحق الصغار بالكبار، وكان حسن الصورة حلو المنطق مليح المعاشرة، وكان يصلي بجامع المنصور فيجيء في بعض الأيام فيقف وراء مجلسي وأنا على منبر الوعظ فيسلم علي، وأملي الحديث في جامع القصر فاستملى شيخنا أبو الفضل بن ناصر، وقرأت عليه الكثير، وكان فهما ثبتا، حجة متقنا في علوم كثيرة، متفردا في علم الفرائض، وقال يوما: صليت الجمعة بنهر معلى ثم جلست انظر الناس يخرجون من الجامع فما رأيت احدا أشتهي أن أكون مثله، وكان يقول: ما أعلم أني ضيعت من عمري ساعة في لهو أو لعب، وما من علم إلا وقد حصلت بعضه أو كله، وكان قد سافر فوقع في أيدي الروم فبقي في أسرهم سنة ونصفا، وقيدوه وجعلوا الغل في عنقه وأرادو أن ينطق بكلمة الكفر فلم يفعل، وتعلم بينهم الخط الرومي، وسمعته يقول يجب على المعلم أن لا يعنف وعلى المتعلم أن لا يأنف.
وسمعته يقول: كن على حذر من الكريم إذا أهنته، ومن اللئيم إذا أكرمته، ومن العالم إذا أحرجته، ومن الأحمق إذا مازحته، ومن الفاجر إذا عاشرته. وسمعته يقول: من خدم المحابر خدمته المنابر.
__________
[1] في ص: «أبي الحسن الباقلاوي» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.

(18/14)


وأنشدني لنفسه:
بغداد دار لأهل المال طيبة ... وللمفاليس دار الضنك والضيق
/ ظللت حيران أمشي في أزقتها ... كأنني مصحف في بيت زنديق 7/ أ
وأنشدني [لنفسه] [1] :
لي مدة لا بد أبلغها ... فإذا انقضت وتصرمت مت [2]
لو عاندتني الأسد ضارية ... ما ضرني ما لم يجي الوقت
ورأيته بعد ثلاث وتسعين صحيح الحواس لم يتغير منها شيء، ثابت العقل، يقرأ الخط الدقيق من بعد، ودخلنا عليه قبل موته بمديدة، فقال: قد نزلت في أذني مادة وما أسمع، فقرأ علينا من حديثه وبقي على هذا نحوا من شهرين، ثم زال ذلك، وعاد إلى الصحة، ثم مرض فأوصى ان يعمق قبره زيادة على ما جرت به العادة، وقال: لأنه إذا حفر زيادة على ما جرت به العادة لم يصلوا إلي، وأن يكتب على قبره: قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ 38: 67- 68 [3] ، ولم يفتر عن قراءة القرآن إلى أن توفي.
وتوفي يوم الأربعاء قبل الظهر ثاني رجب هذه السنة، وصلى عليه بجامع المنصور، وحضر قاضي القضاة الزينبي، ووجوه الناس، وشيعناه إلى مقبرة باب حرب، ودفن إلى جانب أبيه قريبا من قبر بشر الحافي.
4072- يوسف بن أيوب بن يوسف بن الحسن بن وهرة، أبو يعقوب الهمدانيّ
[4] :
من أهل بوزنجرد قرية من قرى همذان مما يلي الري، نزيل مرو، جاء إلى بغداد
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[2] في ص: «فإذا انقضت وتصرفت مت» .
[3] سورة: ص، والآية: 68.
[4] في ت: «ابن يوسف بن الحسن» .
وانظر ترجمته في: (هدية العارفين 2/ 552 ومرآة الزمان 8/ 180، وطبقات الشعراني 1/ 159، ومرآة الجنان 3/ 264، 265، وجامع كرامات الأولياء 2/ 289، والأعلام 8/ 220، وشذرات الذهب 4/ 110، 111، والبداية والنهاية 12/ 318) .

(18/15)


بعد الستين وأربعمائة، فتفقه على الشيخ أبي إسحاق حتى برع في الفقه وعلم النظر، وسمع أبا الحسين ابن المهتدي، وأبا الغنائم، وأبا جعفر ابن المسلمة، وأبا بكر الخطيب، والصريفيني وأبا بكر ابن النقور وغيرهم، ورجع إلى بلده، وتشاغل بعلم المعاملة وتربية المريدين، فاجتمع في رباطه بمرو جماعة كثيرة من المنقطعين، وقال:
دخلت جبل زر لزيارة الشيخ عبد الله الجوشني [1]- وكان شيخه- قال: فوجدت ذلك 7/ ب الجبل معمورا بأولياء الله تعالى كثير المياه كثير الأشجار، وكل عين رأسها واحد/ من الرجال مشتغل بنفسه، صاحب مجاهدة، فكنت أدور عليهم وأزورهم ولا أعلم في ذلك حجرا لم تصبه دمعتي، وقدم إلى بغداد سنة ست وخمسمائة، فوعظ بها فظهر له قبول تام، وقام إليه رجل يعرف بابن السقاء فآذاه وجرت له في ذلك المجلس قصة قد ذكرتها في سنة ست، ثم عاد إلى مرو ثم خرج إلى هراة، ثم رجع إلى مرو، [ثم عاد إلى هراة، فلما رجع إلى مر] [2] وتوفي بقرية قريبة من هراة يوم الاثنين الثاني والعشرين من ربيع الأول من هذه السنة.
__________
[1] في الأصل: «الشيخ عبد الله الجوي» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.

(18/16)


ثم دخلت سنة ست وثلاثين وخمسمائة
فمن الحوادث، فيها:
[موت إبراهيم السهولي]
أنه مات إبراهيم السهولي [1] رئيس الباطنية، فأحرقه ولد عباس شحنة الري في تابوته.
[دخول خوارزم شاه]
وفيها: دخل خوارزم شاه مرو وفتك فيها مراغمة لسنجر حين تمت عليه الهزيمة، وقبض على أبي الفضل الكرماني متقدم الحنفيين، وعلى جماعة من الفقهاء.
[عمل بثق النهروان]
وفيها: عمل بثق النهروان [2] ، وخلع بهروز على الصناع جميعهم جباب ديباج رومي وعمائم قصب مذهبة وبنى عليه قرية سماها المجاهدية، وبنى لنفسه تربة هناك، ووصل السلطان عقيب فراغه وجريان الماء في النهر فقعد هو والسلطان في سفينة وسارا في النهر المحفور، وفرح السلطان بذلك وقيل انه عاتبه في تضييع [3] المال فقال له: قد أنفقت عليه سبعين ألف دينار، أنا أعطيك إياها من ثمن التبن وحده.
ثم أنه عزله من الشحنكية وولى قزل: فظهر من العيارين ما حير الناس، وذاك أن كل قوم منهم احتموا بأمير فأخذوا الأموال وظهروا مكشوفين، وكانوا يكبسون الدور بالشموع، ويدخلون الحمامات وقت السحر فيأخذون الأثواب، وكان ابن الدجاجي
__________
[1] في الأصل: «إبراهيم السهلوي» وفي ت: «إبراهيم البهلوي» .
[2] في ت: «وفيها تم شق النهروان» .
[3] في ص: «أنه كاتبه في تضييع» .

(18/17)


8/ أجالسا ليلة بالحربية/ فكبسوها وأخذوا عمامته، ودخلوا إلى خان بسوق الثلاثاء بالنهار، وقالوا: ان لم تعطونا أحرقنا الخان، ولبس الناس السلاح لما زاد النهب، وأعانهم وزير السلطان، فظهروا وقتلوا المصالحة، وزادت الكبسات حتى صار الناس لا يظهرون من المغرب، ثم ان السلطان أطلق الناس في العيارين فتتبعوا ودخل مسعود إلى داره، ومضى إليه الوزير ابن جهير يوم الثلاثاء خامس عشرين ربيع الأول من هذه السنة، ودخل الوزير ابن طراد [1] إلى السلطان مسعود وسأله أن يسأل أمير المؤمنين ان يرضى عنه ويعيده إلى داره فسلمه إلى وزيره، وقال له: تمضي إلى [وتسأل] [2] أمير المؤمنين بشفاعتي وأخذه صحبته إلى داره التي في الأجمة وأقام عنده أياما والرسل تردد بينه وبين أمير المؤمنين والساعي في ذلك صاحب المخزن وأمير المؤمنين يعد ذنوبه ومكاتباته وإساءاته ومضى الوزير في الشفاعة، وجعل يقول: يا مولانا ما زالت العبيد تجني والموالي تعفو وقد اتصل السؤال من جانبي سنجر ومسعود فأجاب وعفا عنه.
فلما كان يوم الثلاثاء سابع عشر ربيع الأول ركب الوزيران في الماء وجميع الأمراء والخدم والخواص ويرنقش الزكوي ودخلوا من باب الشط فقعدوا في بيت النوبة واستأذنوا فأذن لوزير السلطان وحده فدخل وقبل الأرض ووقف بين يدي أمير المؤمنين، وقال: يا مولانا السلطان سنجر يسأل ويتضرع الى أمير المؤمنين في قبول الشفاعة في الزينبي وكذلك مسعود يقبل الأرض ويقول له حق خدمة وأن كان بدا منه سيئة فقد قال الله تعالى: إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ 11: 114 [3] وقال: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا 24: 22 [4] ورأى أمير المؤمنين في ذلك أعلى فأخذ أمير المؤمنين يعدد سيئاته، ثم قال: عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمن عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ 5: 95 [5] ، وقد أجبت السلطانين إلى سؤالهما وعفوت عنه ثم 8/ ب أذن له فدخل هو والأمراء/ فوقفوا وراء الشباك وكشفت الستارة فقبلوا الأرض بين يديه
__________
[1] في ت: «ودخل الوزير علي بن طراد» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[3] سورة: هود، الآية: 114.
[4] سورة: النور، الآية: 22.
[5] سورة: المائدة، الآية: 95.

(18/18)


ثم مضى إلى داره وعاد الوزير إلى مسعود فأخبره بما جرى.
وفي جمادى الأولى في كانون الأول: أوقدت النيران على السطوح ببغداد ثلاث [ليال] [1] وضربت الدبادب والبوقات حتى خشي على البلد من الحريق، فنودي في الليلة الرابعة بإزالته.
[ورود الخبر بالوقعة التي جرت بين سنجر وبين كافر ترك]
وفي جمادى الآخرة: ورد الخبر بالوقعة التي جرت بين سنجر وبين كافر ترك، وكانت الوقعة فيما وراء النهر وبلغت الهزيمة إلى ترمذ وأفلت سنجر في نفر قليل فدخل إلى بلخ في ستة أنفس، وأخذت زوجته وبنت بنته زوجة محمود، وقتل من أصحاب سنجر مائة ألف أو أكثر، وقيل إنهم أحصوا من القتلى [2] أحد عشر ألفا كلهم صاحب عمامة وأربعة آلاف امرأة وكان سنجر قد قتل أخا خوارزم شاه فبعث خوارزم [3] إلى كافر ترك، وكان بينهما هدنة وقد تزوج إليه فسار إليه في ثلاثمائة ألف فارس، وكان هو معه مائة ألف فارس، فضربوا على سنجر فلم تر وقعة أعظم منها وكانت في محرم هذه السنة، [وقيل في صفر] [4] .
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
4073- أحمد بن محمد بن علي بن أحمد بن عمر بن الحسن بن حمدي، أبو جعفر العدل:
سمع الحديث من أبي محمد بن أيوب وغيره، وشهد عند أبي القاسم الزينبي، وكان له سمت حسن ودين وافر وطريقة مرضية ومذهب في النظافة شديد، وكان واصلا لرحمه، كثير التصدق على الفقراء، وكان يسرد الصوم ولا يفطر إلا الأيام المحرم صومها.
وتوفي ليلة الخميس حادي عشر ذي القعدة، وصلى عليه بجامع القصر، ودفن
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[2] في ص: «أنهم أخلصوا من القتلى» .
[3] في ص: «قد قتل أخا خوارزم شاه إلى كافر» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأضل.

(18/19)


في داره بخرابة الهراس، ثم نقل بعد مدة إلى مقبرة باب حرب.
4074- أحمد بن محمد بن علي بن محمود بن إبراهيم بن ماخرة، أبو سعد الزوزني:
[1] 9/ أولد في ذي الحجة سنة تسع وأربعين/ وسمع القاضي أبا يعلى، وابن المسلمة، وابن المهتدي، وحدثنا عنهم، وهو آخر من حدث عن القاضي أبي يعلى، وكان قد مضى إلى صريفين فسمع الجعديات كلها من أبي محمد الصريفيني، وسمع من أبي علي بن وشاح وجابر بن ياسين وأبي [2] الحسين ابن النقور، وأبي منصور ابن العكبري، وأبي بكر الخطيب وغيرهم، وكانوا ينسبونه إلى التسمح في دينه، وحكى أبو سعد السمعاني أنه كان منهمكا في الشراب ولا أدري [3] من أين علم ذلك، ومرض فبقي خمسة وثلاثين يوما بعلة النصب لم يضطجع.
وتوفي يوم الخميس تاسع عشر شعبان من هذه السنة، ودفن يوم الجمعة عند رباط جده أبي الحسن الزوزني حذاء جامع المنصور.
قال شيخنا أبو الفضل ابن ناصر: رأيته في المنام وعليه ثياب حسنة، فقلت لَهُ: مَا فعل اللَّه بك؟ فَقَالَ: غفر لي، فقلت له: وأين أنت؟ قال: أنا وأبي في الجنة.
4075- إِسْمَاعِيل بن أحمد بن عمر بن أبي الأشعث، أبو القاسم السمرقندي:
[4] ولد بدمشق في رمضان سنة أربع وخمسين وسمع شيوخ دمشق ثم بغداد فسمع ابن النقور، وكان يلازمه حتى قال: سمعت منه جزء يحيى بن معين اثني عشرة مرة، وسمع الصريفيني، وابن المسلمة، وابن البسري وغيرهم. ثم انفرد بأشياخ لم يبق من
__________
[1] في ت: «أبو سعيد الزوزني» . وانظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 112) .
[2] في الأصل: أبا.
[3] في ص: «ولا أدري» .
[4] في ت: «بن أبي الأشعث بن أبي بكر» .
وانظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 218، وشذرات الذهب 4/ 112، والكامل 9/ 325) .

(18/20)


يروي عنهم غيره. وكان مكثرا فيه، وكان دلالا في بيع الكتب، فدار على يده حديث بغداد بأشياخ فادخر الأصول وسمع منه الشيوخ والحفاظ، وكان له يقظة ومعرفة بالحديث، وأملى بجامع المنصور زيادة على ثلاثمائة مجلس، وسمعت منه الكثير بقراءة شيخنا أبي الفضل بن ناصر، وأبي العلاء الهمذاني وغيرهما، وبقراءتي، وكان أبو العلاء يقول ما أعدل به احدا من شيوخ خراسان ولا العراق، وكان شيخنا أبو شجاع عمر بن أبي الحسن يقول: / أبو القاسم السمرقندي استاذ خراسان والعراق [1] . 9/ ب أنبأنا أبو القاسم السمرقندي قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في النوم كأنه مريض وقد مد رجله فدخلت فجعلت أقبل أخمص رجليه وأمر وجهي عليهما، فحكيت هذا المنام لأبي بكر ابن الخاضبة فقال: أبشر يا أبا القاسم بطول البقاء وبانتشار الرواية [عنك] [2] لأحاديث رسول الله صلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسلم فإن تقبيل رجليه اتباع أثره، وأما مرض النبي صلى الله عليه وسلم فوهن يحدث في الإسلام فما أتى على هذا إلا قليل حتى وصل الخبر أن الإفرنج استولت على بيت المقدس.
وتوفي شيخنا إِسْمَاعِيل ليلة الثلاثاء سادس عشرين ذي القعدة عن اثنتين وثمانين سنة وثلاثة أشهر، ودفن بباب حرب في المقابر المنسوبة إلى الشهداء. وهذه المقبرة قريبة من قبر أحمد، ولا نعرف لهذا الذي يقال لها أصلا، وقد أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ الْقَزَّازِ، قَالَ: أخبرنا أبو بكر الخطيب، قال: لم أزل أسمع العامة تذكر أنها قبور من أصحاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كانوا شهدوا معه قتل الخوارج بالنهروان وارتثوا في الوقعة ثم لما رجعوا أدركهم الموت في ذلك الموضع فدفنهم علي عليه السلام هنالك، وقيل: ان فيهم من له صحبة، قال: وقد كان حمزة بن محمد بن طاهر وكان من أهل الفهم وله قدم في العلم ينكر ما قد استمر عند العامة من ذلك ويقول لا أصل له.
أنبأنا محمد بن ناصر الحافظ، عن أبي محمد ابن السراج، قال: رأيت منذ
__________
[1] «وكان شيخنا ... خراسان والعراق» : العبارة ساقطة من ص، ط.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.

(18/21)


خمسين سنة مقابر الشهداء عند الوهدة [1] ، وقد انقلبت الجبانة وبرزت جمجمة عند طاقة ريحان [2] طرية.
4076- إِسْمَاعِيل بن عبد الوهاب بن إِسْمَاعِيل، أبو سعد البوشنجي:
[3] نزيل هراة ولد سنة إحدى وستين، وسمع أبا صالح المؤذن، وأبا بكر بن خلف، 10/ أوحمد بن أحمد، وورد بغداد فسمع من ابن نبهان، وابن بيان، وغيرهما، وتفقه/ وكان دائم الذكر متعبدا ثم مضى إلى هراة، فسكنها إلى أن توفي بها في هذه السنة، وكان يفتيهم.
4077- آدم بن أحمد بن أسد، أبو سعد الأسدي الهروي:
من أهل هراة سكن بلخ، وكان أديبا فاضلا عالما باللغة، ودخل بغداد وحدث بها وقرئ عليه بها الأدب، وروى عبد الكريم بن محمد أنه جرى بين هذا الأسدي وبين شيخنا أبي منصور ابن الجواليقي نوع منافرة في شيء اختلفا فيه، فقال له الأسدي: أنت لا تحسن أن تنسب نفسك فإن الجواليقي نسبة إلى الجمع والنسبة إلى الجمع لا تصح، [4] توفي الأسدي في شوال هذه السنة [ببلخ] . [5]
4078- أحمد بن منصور بن أحمد، أبو نصر الصوفي الهمذاني:
[6] كان حسن الصورة مليح الشيبة لطيف الخلقة مائلا إلى أهل الحديث والسنة، كثير التهجد لتلاوة القرآن، سمعت عليه الحديث في رباط بهروز الخادم، وكان شيخ الرباط فأوصى أن يحضر شيخنا أبو محمد المقرئ غسله ويصلي عليه فشق ذلك على
__________
[1] في الأصل: عند مقابر الوحدة» .
[2] في الأصل: «جمجمة عندها طاقة ريحان» .
[3] في ت: «إسماعيل بن عبد الواحد» .
وانظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 112، وفيه: «إسماعيل بن عبد الواحد بن إسماعيل» ) .
[4] في الأصل: «والنسبة إلى الجمع لا تصح» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[6] في الأصل، ت: «حمد بن منصور» .

(18/22)


أصحاب الشافعي، وكانت وفاته يوم الجمعة ثامن عشر رمضان عن سبع وتسعين سنة ممتعا بسمعه وبصره، ودفن بالشونيزية في صفة الجنيد.
4079- خاتون امرأة المستظهر باللَّه:
قد ذكرنا حالها في تزويج المستظهر بها، وفي تزويج ملك كرمان بها، وكانت دارها حمى [1] ولها الهيبة والأصحاب، وورد الخبر بموتها فقعد لها في العزاء يومين في الديوان.
4080- محمد بن جعفر بن محمد بن أحمد، أبو بكر التميمي:
من أهل أصبهان من بيت الحديث والعدالة ولد سنة سبع [2] وستين واربعمائة بأصبهان، وسمع من عبد الوهاب بن منده وغيره. وكان ثقة كثير التعبد، وقدم بغداد للحج فخرج معهم وهو مريض، فتوفي يوم الاثنين ثامن عشر ذي القعدة، ودفن بزبالة.
4081- محمد بن الحسين بن محمد، أبو الخير التكريتي يلقب [3] باليترك:
سمع أبا محمد السراج، وكان شيخا صالحا متشاغلا بما ينفعه، سافر الكثير وسكن في آخر عمره برباط الزوزني المقابل لجامع المنصور. / قال المصنف: ورأيته 10/ ب أنا، وتوفي في هذه السنة، ودفن على باب الرباط.
4082- محمد بن محمد بن محمد بن أبي بكر، أبو محمد السهلوكي الخطيب:
[4] خطيب بسطام- مدينة بقومس- وقاضيها، سمع بها من أبي الفضل السهلوكي، وببغداد من أبي محمد التميمي، ونظام الملك، وغيرهم.
وتوفي فِي ربيع الأول من هذه السنة ببسطام.
__________
[1] «حمى» : ساقطة من ت.
[2] في ص: «ولد في سنة سبع» .
[3] في الأصل: «يلقب بالتترك» .
[4] في الأصل: «محمد بن محمد بن أبي بكر أبو الحسن السهلكي» . وفي ت: «أبو الحسين» .

(18/23)


4083- محمود بن أحمد بن عبد المنعم بن احمد بن محمد بن ماساده أبو منصور [1] الواعظ.
من أهل أصبهان، سمع الحديث الكثير، وتفقه على أبي بكر الخجندي، وارتفع أمره وعرض جاهه فصار المرجع إليه، وكان يفسر ويعظ بفصاحة، وورد بغداد بعد العشرين وخمسمائة فوعظ بجامع القصر، وعاد إلى أصبهان فتوفي بِهَا فِي [ربيع الآخر من] [2] هَذِهِ السنة.
4084- نصر بن أحمد بن محمد بن مخلد، أبو الكرم الأزدي، يعرف بابن الجلخت
[3] .
من أهل واسط آخر من روى عن أبي تمام علي بن محمد القاضي، وقد سمع من جماعة، وكان ثقة صالحا من بيت الحديث.
وتوفي في ذي الحجة من هذه السنة.
4085- هبة الله بن أحمد بن عبد الله بن علي بن طاوس، أبو محمد المقرئ [4] . البغدادي:
انتقل والده إلى دمشق فسكنها فولد هو بها في سنة اثنتين وستين واربعمائة ونشأ، وكان مقرئا فاضلا حسن التلاوة، وختم القرآن عليه خلق من الناس، وأملى الحديث، وكان ثقة صدوقا.
وتوفي في محرم هذه السنة، ودفن في مقبرة باب الفراديس بظاهر دمشق وحضره خلق عظيم.
4086- يحيى بن علي بن محمد بن علي الطراح، أبو محمد [5] المدير:
ولد بنهر القلائين في سنة تسع وخمسين وأربعمائة، ونشأ بها ثم انتقل الى
__________
[1] في ت: «بن باشاذ، أبو منصور» .
وانظر ترجمته في (طبقات الشافعية 4/ 404، وفيه: «ابن محمد ما شاوه» ) .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[3] في الأصل: «يعرف بابن الجلجت» .
[4] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 114) .
[5] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 114، والبداية والنهاية 12/ 218) .

(18/24)


الجانب الشرقي، سمع أبا الحسين بن المهتدي وأبا جعفر بن المسلمة وأبا محمد الصريفيني وأبا الغنائم بن المأمون وأبا الحسين ابن النقور وأبا بكر الخياط وأبا القاسم بن البسري والمهرواني وغيرهم وكان سماعه صحيحا وكان من أهل السنة شهد له بذلك شيخنا ابن ناصر وكان له سمت المشايخ ووقارهم وسكونهم مشغولا بما يعنيه، وكان كثير الرغبة في الخير وزيارة القبور، وسمعنا عليه كثيرا وكان مديرا لقاضي القضاة أبي القاسم الزينبي.
وتوفي ليلة الجمعة رابع عشرين رمضان هذه السنة ودفن بالشونيزية.
4087-/ يحيى بن علي، أبو علي الباجرائي:
[1] 11/ أتفقه وتقدم وبرع وناظر وهو صغير السن، واختطف في زمن الشبيبة، ودفن في مقبرة جامع المنصور.
__________
[1] في ص: «أبو يعلى» .

(18/25)


ثم دخلت سنة سبع وثلاثين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها:
[عودة صاحب المخزن من الحج]
أن ابن طلحة صاحب المخزن عاد من الحج منصرفا تاركا للعمل، فنظر أبو القاسم علي بن صدقة في المخزن من غير وكالة.
ووصلت سفن فيها خمر فربطت مما يلي باب المدرسة فأنكر الفقهاء ذلك فضربوا وجاء الأعاجم فكبسوا المدرسة وضربوا الفقهاء، ولزم ابن الرزاز المدرس بيته، وكان جميع المعيدين يحتمون بالأعاجم [1] .
[أرسل السلطان سنجر الى السلطان مسعود]
وأرسل السلطان سنجر إلى السلطان مسعود [2] يأذن له في التصرف في الري وما يجري معها على عادة السلطان محمد ويجمع العساكر ويكون مقيما بالري بحيث إن دعته حاجة استدعاه لأجل ما كان نكب به سنجر من الكفار.
ووصل إلى بغداد عباس شحنة الري بعسكر كثير وخدمه الخدمة الوافرة، ووصل إليه جماعة من الأمراء فأشار عباس بقصد الري، وأشار الوزير [عز الملك] [3] بقصد ساوة فقبل قول عباس.
[وصول الخبر بان زنكي ملك قلعة الحديثة]
وفي جمادى الأولى: وصل الخبر بأن زنكي ملك قلعة الحديثة، ونقل من كان فيها من آل مهارش إلى الموصل، ورتب أصحابه فيها.
__________
[1] في الأصل: «المعيدين يجتمعون بالأعاجم» .
[2] في الأصل: «وأرسل السلطان مسعود إلى السلطان سنجر» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.

(18/26)


وفي جمادى الآخرة: استدعى أبو القاسم علي بن صدقة بن علي بن صدقة، وخلع عليه ورتب في المخزن.
[جرت للشيخ أبي محمد المقرئ وهلة]
وفي حادي عشر شعبان: جرت للشيخ أبي محمد المقرئ وهلة، وخرج من مسجده، وسبب ذلك أن ضريرا يقال له علي المشتركي، خاصم غلاما كان يخدم الشيخ، وخرج عن المسجد وصلى في مسجد الشافعية ثم سكن مسجد يانس، وصار له جمع من العميان، وكانت الفتن تجري بينهم وبين أصحاب الشيخ ويبلغون إلى حاجب الباب، وكان يتعصب للمشتركي الركاب سلار، فنفذ إلى الشيخ كلاما صعبا فغضب الشيخ وعبر إلى الحربية فأقام ثلاثة أيام ثم عاد فنفذ/ إليه حاجب الباب فأحضره فإذا 11/ ب المشتركي جالس عنده [على الدكة] [1] فقال له: قد برز توقيع شريف بمصالحتكم فأبى ذلك وعاد إلى المسجد ومعه الغوغاء فصعب ذلك على حاجب الباب، فكتب وأطنب، ثم نفذ إليه أنه قد تقدم بإخراجك من المسجد ونفذ معه الرجالة إلى الشرط وختموا داره ومسجده، فأقام بالحربية، ثم برز توقيع بعوده فعاد.
[ولدت بنت دبيس للسلطان مسعود ولدا ذكرا]
وفي غرة ذي القعدة: ورد الخبر بأن بنت دبيس ولدت للسلطان مسعود ولدا ذكرا، فعلقت بغداد، وأخذ الناس في اللعب سبعة أيام، ثم ظهر المفسدون وقتلت المصالحة، وأخذت أموال الناس، وعزل أبو الكرم الوالي، ورتب مكانه رجل يقال له ابن صباح، فكان يطوف ولا ينفع حمايته. [2] وتقدم المقتفي أن لا يخاطب أحد بمولانا سوى الوزير، ولا يحمل لأحد غاشية على الكتف سوى قاضي القضاة الزينبي.
وفي يوم الأربعاء تاسع ذي القعدة: استدعى القاضي أبو يعلى محمد بن محمد بن الفراء إلى دار قاضي القضاة الزينبي، وفوض إليه قضاء واسط، فوصل إليها يوم الأحد حادي عشر ذي الحجة، وجلس للحكم في الجامع.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[2] في الأصل: «ولا تنفع حمايته» .

(18/27)


ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
4088- إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن سالم بن علوي بن جحاف، أبو منصور الهيتي.
ولد بهيت في سنة ستين، وسمع أبا نصر النرسي، وأبا الغنائم بن أبي عثمان، وأبا طاهر الباقلاوي، وتفقه على أبي عبد الله الدامغاني، وبرع في المناظرة، وسمع شهادته قاضي القضاة الزينبي، واستنابه في القضاء.
وتوفي يوم الخميس حادي عشر شوال هذه السنة، ودفن بمقبرة الخيزران.
4089- إبراهيم بن هبة الله بن علي بن عبد الله، أبو طالب:
من أهل ديار [1] بكر، سمع الحديث من جماعة روى عنهم، وكان دائم التلاوة للقرآن كثير الذكر فقيها مناظرا، توفي في هذه السنة.
4090- أحمد بن أبي الحسين بن أحمد بن ربعة [أبو الحارث] الهاشمي
[2] .
12/ أولد قبل الستين/ واربعمائة، وسمع أبا الحسين ابن الطيوري، وكان يؤم في جامع المنصور في الصلوات الخمس، وكان فيه خير، وكان يحضر مجلسي كثيرا وتوفي في ذي الحجة من هذه السنة، ودفن في مقبرة بين جامع المنصور، وشارع دار الدقيق.
4091- الحسين بن علي بن أحمد بن عبد الله المقرئ، أبو عبد الله [3] الخياط:
ولد في رمضان سنة ثمان وخمسين، سمع ابن المأمون، والصريفيني، وابن النقور، وغيرهم، وحدثنا عنهم، وقرأت عليه القرآن والحديث، وكان صالحا يأكل من كد يده من الخياطة، توفي في ذي الحجة من هذه السنة.
4092- سليمان بن محمد بن الحسين، أبو سعد القصار المعروف بالكافي [4] الكرجي:
__________
[1] في ت: «من ديار بكر» .
[2] في الأصل: «ابن أحمد بن رفعة» . وفي ت: «ابن أحمد بن زمعة» .
وما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[3] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 114) .
[4] في ت: «المعروف بالكافي الكرجي» .

(18/28)


من بلد الكرج [1] سمع الحديث وتفقه وبرع في الفقه والأصول وتكلم مع الأئمة الكبار وكان أعرفهم بأصول الفقه توفي بالكرج [2] في هذه السنة.
4093- عبد الله بن محمد بن محمد البيضاوي، أبو [3] الفتح.
سمع الحديث من ابن النقور وغيره، وشهد وصار حاكما فسمعت عليه الكثير.
وتوفي في جمادى الأولى من هذه السنة، وصلى عليه بجامع المنصور أخوه لأمه قاضي القضاة أبو القاسم الزينبي، ودفن بمقبرة باب حرب.
4094- محمد بن الحسين بن عمر، أبو بكر الأرموي
[4] :
تفقه على أبي إسحاق الشيرازي، وسمع من ابن النقور وغيره، وكان ببغداد رجل يقال له: أبو بكر محمد بن الحسين الأرموي فاشتبه الاسمان فترك هو الرواية تحرجًا.
توفي في ليلة السبت سابع محرم هذه السنة ودفن عند ابن سريج.
4095- محمد بن عبد الله بن أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عبد الصمد/ الأسدي، أبو 12/ ب الفضل الخطيب
[5] :
ولد في عشر ذي الحجة الأول من سنة تسع وأربعين، وسمع أبا الحسين ابن المهتدي، وأبا الغنائم ابن المأمون، وأبا الحسين ابن النقور، وطرادا، وأبا الوفاء طاهر بن الحسين القواس، وهو جده لأمه وغيرهم، وحدث وقرأ بالقراءات وشهد عند أبي الحسن الدامغاني، وردت إليه الخطابة بجامع المنصور، ثم في جامع القصر، وسرد الصوم نيفا وخمسين سنة، وكان رجلا صالحا. وتوفي في يوم الجمعة ثامن عشرين جمادى الأولى، ودفن في دكة قبر الإمام أحمد عند جده لأمه أبي الوفاء ابن القواس بعد فتنة تلوفيت فان المقتفي وقع بذلك ومنعت العامة.
__________
[1] في ت: «من بلاد الكرخ» .
[2] في ت: «توفي بالكرخ» .
[3] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 115) .
[4] الأرموي: بضم الألف وسكون الراء، وفتح الميم وفي آخرها واو، نسبة إلى أرمية، وهي من بلاد أذربيجان. وانظر ترجمته في: (الأنساب 1/ 191) .
[5] في ت: «ابن عبد الصمد المهدي، أبو الفضل» .

(18/29)


ثم دخلت سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها:
أن السلطان جمع العساكر لقصد الموصل والشام، وترددت رسل زنكي حتى تم الصلح على مائة ألف دينار تحمل في ثوب فحمل ثلاثين ألفا، ثم تقلبت الأحوال فاحتيج إلى مداراة زنكي وسقط المال، وقيل بل خرج ابن الأنباري فقبض المال.
وفي هذه السنة: [1] قبض السلطان على ترشك المقتفوي، وحمل إلى قلعة خلخال، وقدم السلطان مسعود في [ربيع الآخر] [2] فنزل أصحابه في دور الناس وتضاعف فساد العيارين بدخوله وكثرت الكبسات والاستقفاء نهارا ونقل الناس رحالهم إلى دار الخلافة وباب المراتب، وكان اللصوص يمشون بثياب التجار في النهار فلا يعرفهم الإنسان حتى يأخذوه فأخذت خرق الصيارف وضاقت المعايش، وأعيد إلى 13/ أالولاية أبو الكرم الهاشمي/ في جمادى الأولى، فطاف البلد وأخذ ثلاثة فلم ينفع، وكان للعيارين عيون على [الناس] [3] من النساء والرجال يطوفون الخانات والرحبة والصيارف والجوهريين، فإذا عاينوا من قد باع شيئا تبعوه وأخذوا ما معه، وكانوا يجتمعون في دور الذين يحمونهم في دار وزير السلطان ودار يرنقش، وأخذوا خرق [4] الصيارف وجرحوهم، ولقوا رجلا قد باع دابة بخمسة وعشرين دينارا، فضربوه
__________
[1] في ت: «وفيها» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[4] في ت: «ودار يرنقش، ودار ابن قاور، وأمثال هؤلاء، وخرج يوما في جمادى الآخرة منه خمسة أنفس، فأخذوا خرق» .

(18/30)


بالسيف وأخذوها فنفر الناس وغلقوا دكاكينهم، وغلقوا باب الجامع وتلقوا السلطان في الميدان، ومعهم ابن الكواز الزاهد فاستغاثوا إليه فلم يجبهم فعادوا مرارا وهو لا يلتفت وكان في العيارين ابن قاور [1] ، وهو ابن عم السلطان مسعود فأخذ بعملات فتقدم السلطان بصلبه فصلب بباب درب صالح الذي فيه بيته وصلب معه ثلاثة من أصحابه ثم أباح السلطان دماءهم فصلب منهم جماعة فسكن الناس.
وفي رجب: خرج ملك البطائح إلى تل علم فشاهده فكان طوله نحو ثمانمائة ذراع وعرضه نحو اربعمائة ذراع.
وفي هذه السنة: قدم مع السلطان فقيه كبير القدر اسمه الحسن بن أبي بكر النيسابوري، وكان من أصحاب أبي حنيفة، وكانت له معرفة حسنة باللغة وفهم جيد في المناظرة وجالسته مدة وسمعت مجالسه كثيرا فجلس بجامع القصر، وجامع المنصور وأظهر السنة، وكان يلعن الأشعري جهرا على المنبر، ويقول: كن شافعيا ولا تكن أشعريا، وكنت حنفيا ولا تكن معتزليا، وكن حنبليا ولا تكن مشبها ولكن ما رأيت أعجب من أصحاب الشافعي يتركون الأصل ويتعلقون بالفرع. ومدح الأئمة الأربعة، وذم الأشعري ثم قال: زاد في الشطرنج بغل والبغل مختلط النسب ليس له أصل صحيح، فقام في الأسبوع الثاني/ أبو محمد ابن الباطريخ فأنشده [2] قصيدة فيها هذا 13/ ب المعنى وهي:
صرف العيون إليك يحلو ... وكثير لفظك لا يمل
والناس لو متعتهم ... بك ألف عام لم يولوا
من أين وجه ملالهم ... وغرامهم بك لا يقل
لو رمت بذل نفوسهم ... بذلوا رضا لك واستقلوا
وافيت فابتسم الهدى ... وأنار دين مضمحل
ونهضت في نصر الكتاب ... بحد عضب لا يفل [3]
__________
[1] في ص: «العياريين ابن قاوز» .
[2] في ص، ط: «أبو محمد بن الباطوخ، فأنشده» .
[3] البيت ساقط من ت.

(18/31)


لمعانه يوم التناضل ... بالأدلة يستهل
أنعشت خامل معشر ... من بعد أن ضعفوا وقلوا
وعقدت حين نصرتهم ... في الدين عقدا لا يحل
وقمعت أخدان الضلال ... فهان ذكرهم وذلوا
وقطعت شملهم فليس ... لهم بحمد الله شمل
كم ذا التحدي بالدليل ... لهم وكم عجزوا وكلوا
انذرهم فان انتهوا ... عن كفرهم أو لا فقتل
ما ثم غير أبي حنيفة ... والمديح له يجل
وفقيه طيبة مالك ... طود له زهد وفضل
وفتى ابن حنبل والحديث ... عن ابن حنبل ما يمل
والشافعي ومن له ... من بعد من قدمت مثل
فهم أدلتنا ومن ... يهدي بغيرهم يضل
كنا نعد خلافهم ... صلحا وندرسه ونتلو
حتى بلينا بالخلاف ... وزاد في الشطرنج بغل
والجنس يضبط في البها ... ثم أصلها والبغل بغل
14/ أوجلس يوم الجمعة العشرين من رجب في دار السلطان/ فحضر السلطان مسعود مجلسه فوعظه فبالغ، وكان قد كتب على المدرسة النظامية اسم الأشعري، فتقدم السلطان بمحوه، وكتب مكانه اسم الشافعيّ، وكان أبو الفتوح الأسفراييني يجلس في رباطه ويتكلم على مذهب الأشعري، فتجري الخصومات، فمضى أبو الحسن الغزنوي الواعظ إلى السلطان فاخبره بالفتن، وقال له: إن أبا الفتوح [1] صاحب فتنة وقد رجم ببغداد مرارا والصواب إخراجه من البلد فتقدم السلطان بإخراجه، وخرج الحسن بن أبي بكر إلى بلده فأقام بعد ذلك، وأخرج في [2] رمضان وخرج أبو عبد الله
__________
[1] في ص: «وقال: أنا أبو الفتوح» . وفي المطبوعة: «وقال: إنما أبو الفتوح» .
[2] «بإخراجه ... وأخرج في» : العبارة ساقطة من ص، ط.

(18/32)


ابن الأنباري إلى الموصل لإقرار زنكي على اقطاعه [1] واستثنى من إقطاعه صريفين، وأذن في إقامة الجمعة بجامع ابن بهليقا، فصار أحد الجوامع المذكورة.
وأخذ رجل يقال إنه فسق بصبي، فترك في جب ورقي إلى رأس منارة مدرسة سعادة، ثم رمى به إلى الأرض فهلك.
وفي شوال: برز السلطان مسعود طالبا همذان.
وزلزلت الأرض ليلة الثلاثاء رابع عشرين ذي القعدة، فكانت رجة عجيبة، كنت مضطجعا على الفراش فارتج جسدي منها.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
4096- أحمد بن عبد العزيز بن أبي يعلى الشيرازي، أبو نصر بن القاص والقاص هو أبو يعلى
[2] :
كان أحمد مليح الهيئة، حسن الشيبة، كثير البكاء، يحضر مجلس شيخنا أبي الحسن الزاغواني فيبكي كثيرا توفي يوم الاثنين تاسع ذي القعدة، ودفن بمقبرة باب حرب.
4097- عبد الوهاب بن المبارك/ بن أحمد بن الحسن الأنماطي، أبو البركات 14/ ب الحافظ
[3] :
ولد في رجب سنة اثنتين وستين واربعمائة، وسمع أبا محمد الصريفيني، وأبا الحسين ابن النقور، وأبا القاسم ابن البسري، وأبا نصر الزينبي، وطرادا. وكان ذا دين وورع، وكان قد نصب نفسه للحديث طول النهار، وسمع الكثير من خلق كثير، وكتب بيده الكثير، وكان صحيح السماع ثقة ثبتا، وكنت اقرأ عليه الحديث وهو يبكي
__________
[1] في ص: «زنكي على ولايته» .
[2] في الأصل: «بن القاص، والقاضي هو» .
[3] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 219، وشذرات الذهب 4/ 116، 117، وذبل طبقات الحنابلة 1/ 240، وتذكره الحفاظ 1282، وصيد الخاطر، لابن الجوزي 114، والأعلام 4/ 185) .

(18/33)


فاستفدت ببكائه أكثر من استفادتي بروايته، وكان على طريقة السلف، وانتفعت به ما لم انتفع بغيره، ودخلت عليه وقد بلى وذهب لحمه، فقال لي: إن الله لا يتهم في قضائه.
وتوفي يوم الخميس حادي عشر محرم هذه السنة، وصلى عليه أبو الحسن الغزنوي، ودفن بالشونيزية.
4098- عبد الخالق بن عبد الصمد بن علي بن الحسين بن عثمان الشيباني، أبو المعالي، ويعرف بابن [1] البدن.
ولد سنة اثنتين وخمسين، وسمع أبا الحسين ابن المهتدي، وأبا جعفر ابن المسلمة، وابن النقور والزينبي، [وغيرهم] [2] وحدثنا عنهم، وكان سماعه صحيحا، وكان عبدا صالحا سريع الدمعة.
وتوفي ليلة الخميس لليلة بقيت من جمادى الأولى من هذه السنة.
4099- علي بن طراد بن محمد بن علي بن أبي تمام الزينبي، ويكنى أبا القاسم
[3] :
ولد سنة اثنتين وستين وأربعمائة، سمع أباه وعمه أبا نصر، وأبا طالب، وأبا محمد التميمي، وأبا القاسم بن بشران، وابن السراج، وابن النظر، وولى نقابة النقباء ولاه المستظهر وخلع عليه ولقبه الرضا ذا الفخرين، وهي ولاية أبيه، وركب معه ثم وزر للمسترشد والمقتفي وأبوه طراد ولى نقابة النقباء، وأبوه أبو الحسن محمد ولى نقابة النقباء، وأبوه أبو القاسم علي ولي نقابة النقباء، وأبوه أبو تمام كان قاضيا.
وتقلبت بعلي بن طراد أحوال عجيبة من ولاية وعزل إلى أن خرج مع المسترشد 15/ أوهو/ وزيره لقتال الأعاجم فأسر هو وأرباب الدولة ثم أطلقوا ووصل إلى بغداد وأشار بعد قتل المسترشد بالمقتفي ووزر له ثم تغير المقتفي عليه فاستجار بذلك السلطان إلى أن سئل فيه وأعيد إلى بيته.
__________
[1] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 116 وتذكره الحفاظ 1283) .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[3] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 117، والكامل 9/ 330، والبداية والنهاية 12/ 219، والنجوم الزاهرة 5/ 273، والأعلام 4/ 296) .

(18/34)


وتوفي بكرة الأربعاء غرة رمضان هذه السنة عن ست وسبعين سنة وكان قد أوصى إلى ابن عمه قاضي القضاة علي بن الحسين فأمضى المقتفي تلك الوصية وبعث له الأكفان والطيب ودفن بداره الشاطئية بباب المراتب، ثم نقل إلى تربته بالحربية ليلة الثلاثاء سادس عشر رجب سنة أربع وأربعين، وجمع على نقله الوعاظ فوعظوا في داره إلى وقت السحر ثم اخرج والقراء معه والعلماء والشموع الزائدة في الحد.
4100- محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم الدقاق، أبو الحسن المعروف بابن صرما
[1] .
وهو ابن عمة شيخنا أبي الفضل بن ناصر، ولد يوم الخميس النصف من شعبان سنة ستين واربعمائة، وسمع من أبي محمد الصريفيني، وأبي الحسين ابن النقور، وأبي القاسم ابن البسري وغيرهم. وحدثنا عنهم، وكان شيخا صالحا ستيرا.
توفي يوم الثلاثاء منتصف شعبان ودفن بمقبرة باب حرب.
4101- محمد بن الخضر بن إبراهيم، أبو بكر المحولي
[2] :
خطيبها وإمامها، سمع الحديث ورواه وقرأ بالقراءات على أبي الطاهر بن سوّار [وأبي محمد التميمي، وكان يقول قرأت على أبي طاهر بن سوار] [3] الروايات في خمس عشرة سنة، وما كنت أجمع بين الروايتين والثلاث كنت أختم لكل رواية ختمة وما آخذ إلا هكذا، وكان فصيحا، وكان مشتهرا بالتجويد وحسن الأداء، وأعطي فصاحة وخشوعا وكان الناس يقصدون صلاة الجمعة وراءه لذلك، وكان صالحا دينا.
توفي يوم السبت ثامن عشر ذي القعدة ودفن بالمحول.
4102- محمد بن الفضل بن محمد، أبو الفتوح/ الأسفراييني ويعرف بابن 15/ ب المعتمد
[4] .
__________
[1] انظر ترجمته في: (تذكرة الحفاظ 1283) .
[2] انظر ترجمته في: (تذكرة الحفاظ 1283) .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[4] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 118، والكامل 9/ 330) .

(18/35)


ولد سنة اربع وسبعين بأسفرايين، دخل بغداد فأقام بها مدة يتكلم بمذهب الأشعري ويبالغ في التعصب، وكانت الفتن قائمة في أيامه واللعنات في الأسواق، وكان بينه وبين الغزنوي معارضات حسد، فكان كل منهم يذكر الآخر على المنبر بالقبيح، فلما قتل المسترشد [وولي الراشد ثم] [1] خرج من بغداد [خرج] [2] أبو الفتوح مع الراشد إلى الموصل، فلما توفي الراشد سئل في حقه المقتفي فأذن له في العود إلى بغداد، فدخل وتكلم، واتفق أن جاء الحسن بن أبي بكر النيسابوري إلى بغداد فوعظ وذم الأشعرية وساعده الخدم ووجد الغزنوي فرصة فكلم السلطان مسعودا في حق أبي الفتوح، فأمر بإخراجه من البلد، وبلغني أن السلطان قال للحسن النيسابوري: تقلد دم أبي الفتوح حتى أقتله، فقال: لا أتقلد، فوكل بأبي الفتوح يوم الجمعة ويوم السبت وأخرج يوم الأحد ووقف له عند السور خمسة عشر تركيا، وجاء منهم واحد أو اثنان إليه، فقال: تقوم للمناظرة فخرج غير متأهب ولا مزود لسفر، وذلك في شعبان فلما خرج من رباطه تبعه خلق كثير فلما وصلوا إلى السور ضربوا الأتراك فرجعوا، وكان قد سلم إلى قيماز الحرامي فتبعه جماعة ليحمل إلى همذان ثم سلم إلى عباس فبعثه إلى أسفراين واشترط عليه متى خرج من بلده أهلك، فأخذ بلجام فرسه وسير به ناحية النهروان وحده وخرج أهله وأولاده فمضوا إلى رباط حموه، وهو أبو القاسم شيخ، فخرج هو وأبو منصور ابن البزار ويوسف الدمشقي وأبو النجيب إلى السلطان يسألون فيه، فلم يلتفت إليهم، ونودي في البلد لا يذكر أحد مذهبا ولا يثير فتنة، فانخزلت الأشاعرة وحمل أبو 16/ أالفتوح إلى ناحية خراسان، فلما وصل إلى نيسابور [3] توفي بها في ذي الحجة من هذه السنة فدفن هناك.
ووصل الخبر بموته فقعدوا في رباطه للعزاء به، فحضر الغزنوي عزاءه وقد كان يذكر كل واحد الآخر على المنبر بالقبائح، فكلمه قوم من العامة بكلام فظيع وهو ساكت، وقالوا: إنما حضرت شماتة به وهو ساكت، فقام رجل فقيه فأنشد:
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[3] في ص: «فلما وصل إلى بسطام» .

(18/36)


خلا لك يا عدو الجو فاصفر ... ونجس في صعودك كل عود
كذاك الثعلبان يجول كبرا ... ولكن عند فقدان الأسود
فبكى الغزنوي. وقال [لي] [1] علي بن المبارك لما عاد الغزنوي إلى رباطه قلت له: أنت كنت تذكر هذا الرجل بما لا يحسن، وكنت مهاجرًا له [2] ، فكيف حضرت عزاه وأظهرت الحزن عليه حتى قال الناس ما قالوا؟ فقال: أنا إنما بكيت على نفسي، كان يقال فلان وفلان، فعدم النظير مقرب للرحيل، وأنشدني:
ذهب المبرد وانقضت أيامه ... وسينقضي بعد المبرد ثعلب
بيت من الآداب أصبح نصفه ... خربا وباقي النصف منه سيخرب
فتزودوا من ثعلب فبمثل ما ... شرب المبرد عن قليل يشرب
أوصيكم أن تكتبوا أنفاسه ... إن كانت الأنفاس مما يكتب
4103- محمد بن القاسم بن المظفر بن علي الشهرزوري، أبو بكر بن أبي أحمد
[3] :
من أهل الموصل، ولد سنة أربع وخمسين، وسافر البلاد، وصحب العلماء، وسمع الحديث الكثير، ومن شعره:
همتي دونها السها والثريا ... قد علت جهدها فما تتدانى
فأنا متعب معنّى إلى أن ... تتفانى الأيام أو اتفانى
[توفي ببغداد في جمادى الآخرة من هذه السنة، ودفن بمقبرة باب أبرز] [4] .
4104- محمود بن عمر بن محمد بن عمر، أبو القاسم الزمخشري
[5] :
من أهل خوارزم، وزمخشر احدى قراها، ولد سنة سبع وستين واربعمائة، ولقي
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[2] في الأصل: «أنت كنت لهذا الرجل في حياته تذكره بما لا يحسن فكيف حضرت العزاء» .
[3] انظر ترجمته في: (تذكرة الحفاظ 1283) .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، ط، ص.
[5] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 219، وشذرات الذهب 4/ 118، 121، ووفيات الأعيان 2/ 81، والكامل 9/ 330، وإرشاد الأريب 7/ 147، ولسان الميزان 6/ 4، ونزهة الألباء 469، وآداب

(18/37)


اللغة 3/ 46، ومفتاح السعادة 1/ 431، والأعلام 7/ 178، وإنباه الرواة، للقفطي 3/ 265، وتاج التراجم لابن قطلوبغا 71، وطبقات النحاة لابن قاضي شهبة 2/ 141، والعبر للذهبي 4/ 106، ومرآة الجنان 2/ 269، ومعجم الأدباء 7/ 147، ومعجم البلدان 2/ 940، وميزان الاعتدال 4/ 78، والنجوم الزاهرة 5/ 274، وطبقات المفسرين للداوديّ 625) . العلماء الأفاضل، وكان له حظ في علم الأدب [1] واللغة، وصنف التفسير الكبير، 16/ ب وغريب الحديث، / أقام بخوارزم مدة، وبالحجاز مدة. وورد بغداد غير مرة، كان يتظاهر بالاعتزال.
توفي بخوارزم ليلة عرفة من هذه السنة.
__________
[1] في ص، ط: «وكان له حفظ في علم الأدب» .

(18/38)


ثم دخلت سنة تسع وثلاثين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها:
[فتح الرها على يد زنكي]
أنه وصل الخبر يوم السبت خامس عشر جمادى الآخرة أن زنكي فتح الرها عنوة وقتل الكفار الذين فيها، وذلك أنه نزل عليها على غفلة ونصب المجانيق، ونقب سورها، وطرح فيه الحطب والنار فتهدم ودخلها فحاربهم، ونصر المسلمون وغنموا الغنيمة العظيمة، وخلصوا أسارى مسلمين يزيدون على خمسمائة.
وظهر في عاشر شوال كوكب ذو ذنب من جانب المشرق بازاء القبلة، وبقي إلى نصف ذي القعدة، ثم غاب ثلاث ليال، ثم طلع من جانب المغرب، فقيل أنه هو، وقيل بل غيره.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
4105- إبراهيم بن محمد بن منصور بن عمر الكرخي الشافعي، أبو البدر
[1] :
سكن الكرخ وسمع أبا الحسين ابن النقور، وأبا محمد الصريفيني، وخديجة الشاهجانية، وغيرهم، وتفقه على أبيه و [على] [2] أبي إسحاق، وأبي سعد المتولي، وسماعه صحيح. وحدث، وكان دينا.
وتوفي في يوم الجمعة تاسع عشرين ربيع الأول من هذه السنة، ودفن بباب حرب.
__________
[1] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 121، والبداية والنهاية 12/ 219) .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.

(18/39)


4106- سعيد بن محمد بن عمر بن منصور ابن الرزاز، أبو منصور [1] الفقيه:
ولد سنة اثنتين وستين، وسمع الحديث من أبي محمد التميمي، وأبي الفضل بن خيرون، وغيرهما. وحدث، وكان سماعه صحيحا. وتفقه على أبي حامد الغزالي، وأبي بكر الشاشي، وأبي سعد المتولي، وإلكيا الهراسي [2] ، وأسعد الميهني، وشهد عند أبي القاسم الزينبي، وولي تدريس النظامية ثم صرف عنها، وعاش حتى صار رئيس الشافعية، وكان له سمت ووقار وسكون.
17/ أ/ وتوفي يوم الأربعاء بعد الظهر حادي عشر ذي القعدة من هذه السنة، وصلى عليه ولده أبو سعد، ودفن في تربة أبي إسحاق الشيرازي، وحضر جنازته قاضي القضاة [وأقيم في اليوم الثالث] [3] بحاجب من الديوان.
4107- عَبْد اللَّهِ بن أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حمدويه، أبو المعالي البزاز
[4] :
من أهل مرو، ولد سنة احدى وستين واربعمائة، ورحل إلى العراق والحجاز، وسمع ببغداد من ثابت بن بندار وأبي منصور الخياط، وأبي الحسن ابن العلاف، وبأصبهان من أصحاب أبي نعيم، وبنيسابور من أبي بكر بن خلف وغيره، وتفقه، وكان حلو الكلام، حسن المعاشرة، كثير الصلاة والصيام والصدقة، وسافر إلى غزنة، وأقام بها مدة واشترى كتبا كثيرة ورجع إلى مرو، فبنى خزانة الكتب في رباط بناه باسم أصحاب الحديث وطلابه من خاصة ماله ووقف كتبه فيه.
توفي بمرو في ذي الحجة من هذه السنة.
4108- عبد الرحمن بن محمد بن هندويه، أبو الرضا النسوي الفارسيّ سبط أبي الفضل الهمدانيّ
[5] :
__________
[1] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 219، وفيه: «سعد بن محمد بن عمر، أبو منصور البزاز» ، وشذرات الذهب 4/ 122، والكامل 9/ 334) .
[2] في الأصل: «الكيا الهريس» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[4] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 122، والكامل 9/ 334) .
[5] انظر ترجمته في: (ميزان الاعتدال 2/ 587) .

(18/40)


سمع أبا الحسين بن الطيوري [1] سنة احدى وخمسمائة، وكان الحسين قد توفي سنة خمسمائة ويمكن أن يكون هذا في أول اختلاطه، غير أن شيخنا أبا [الفضل بن] [2] ناصر قال: كان هذا قبل أن يختلط [3] .
توفي في رجب ودفن بالشونيزية.
4109- عمر بن إبراهيم
بن مُحَمَّد بن أَحْمَد بْن علي بن الحسين بن علي بن حمزة بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو البركات الهاشمي [4] :
ولد سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة بالكوفة، وسمع بها وببغداد، وسافر إلى بلاد الشام فأقام بدمشق وحلب مدة، وكتب الكثير، وسمع من الخطيب، وابن النقور، وابن البسري، وكان يسكن محلة يقال لها: السبيع، ويصلي بالناس في مسجد أبي إسحاق السبيعي، وله معرفة بالحديث والفقه والتفسير واللغة والأدب، وله تصانيف في النحو، / وكان خشن العيش صابرا على الفقر، وكان يقول: دخل أبو عبد الله الصوري 17/ ب الكوفة فكتب عن اربعمائة شيخ، وقدم علينا هبة الله بن المبارك السقطي فأفدته عن سبعين شيخا من الكوفيين، وما بالكوفة اليوم أحد يروي الحديث غيري.
أنبأنا ابن ناصر الحافظ، قال: سمعت أبا الغنائم محمد بن علي النرسي يقول:
عمر بن إبراهيم الكوفي جارودي المذهب، فلا يرى الغسل عن الجنابة، وقال
__________
[1] في الأصل: «سمع أبا الحسن بن الطيوري» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[3] على هامش المطبوع: «العبارة غير محررة، ولابن هندويه ترجمة في لسان الميزان، وحاصلها أنه ادعى السماع من أبي الحسين بن الطيوري، وأرخ السماع سنة 501 هـ، مع أن أبا الحسين توفي سنة 500 هـ، واختلط ابن هندويه بآخرة، فقال المؤلف: يمكن أن دعواه السماع من أبي الحسين إنما كانت بعد اختلاط، ولكن ابن ناصر يقول انه ادعاه قبل. فاللَّه أعلم» .
[4] في ت: «محمد بن إبراهيم» .
وانظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 122، والبداية والنهاية 12/ 219، وميزان الاعتدال 2/ 249، ونزهة الألباء 478، ولسان الميزان 4/ 280، وأنبأه الرواة 2/ 324، والأعلام 5/ 38، 39) .

(18/41)


يوسف بن محمد بن مقلد: قرأت عليه عن عائشة، فقلت: رضي الله عنها، فقال: تدعو لعدوة علي.
توفي يوم الجمعة سابع شعبان هذه السنة، وصلى عليه نحو الثلاثين ألفا، ودفن يوم السبت في المقبرة المسبلة المعروفة بالعلويين.
4110- علي بن عبد الكريم بن أحمد بن محمد الكعكي المقرئ، أبو الحسن:
قرأ بالقراءات على أبي الفضل بن خيرون، وأبي محمد التميمي وغيرهما، وسمع الحديث الكثير، وتفقه على الشاشي إلا أنه اشتغل بالعمل مع السلطان.
وتوفي في ذي القعدة هذه السنة، ودفن بمقبرة باب أبرز.
4111- علي بن هبة الله بن عبد السلام، أبو الحسن الكاتب البغدادي
[1] :
ولد سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة، وسمع ابن النقور، والصريفيني، وأبا القاسم الطبري، وغيرهم. وكان حسن الأصول صحيح السماع، وحدث بواسط وبغداد، وتوفي يوم الثلاثاء سادس رجب، وحضر جنازته قاضي القضاة الزينبي، وصاحب المخزن، وأرباب الدولة والعلماء ووجوه الناس، ودفن في المقبرة المنسوبة إلى الشهداء في أعلى باب حرب.
4112- محمد بن عبد الملك بن الحسن بن إبراهيم بن خيرون، أبو منصور المقرئ
[2] .
[ولد] [3] في رجب سنة أربع وخمسين، وسمع أبا الحسين ابن المهتدي، وأبا جعفر ابن المسلمة، وابن المأمون، وابن النقور، والصريفيني، والخطيب وغيرهم.
وقرأ القرآن بالقراءات، وصنف فيها كتبا، وأقرأ وحدث، وكان ثقة، وكان سماعه صحيحا.
__________
[1] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 122) .
[2] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 125، والكامل 9/ 334) .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.

(18/42)


/ قال المصنف: سمعت عليه الكثير وقرأت عليه، وهو آخر من روى عن 18/ أالجوهري بالإجازة.
توفي ليلة الاثنين سادس عشر رجب من هذه السنة، ودفن بباب حرب.
4113- محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن المهتدي باللَّه، أبو الحسن بن أبي الغنائم
[1] :
ولد سنة ثمان وستين وسمع أبا نصر الزينبي وكان خطيب جامع المنصور وتوفي في صفر هذه السنة.
__________
[1] في ت: «محمد بن محمد بن أحمد» .

(18/43)


ثم دخلت سنة أربعين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه في جمادى الآخرة جلس يوسف الدمشقي للتدريس بالمدرسة التي بناها ابن الإبري بباب الأزج، وحضر قاضي القضاة وصاحب المخزن وأرباب الدولة.
[دخول السلطان مسعود بغداد وخروجه]
وفي يوم الأحد العشرين من رجب: دخل السلطان مسعود بغداد، وكان السبب أن بزبه سار من بلاده إلى أصبهان متظاهرا بطاعة السلطان مسعود، وكتب إلى عباس صاحب الري بالوصول إليه، فوصل إليه، وكان مع بزبه محمد شاه بن محمود فاستشعر السلطان مسعود من اجتماعهما، فقصد العراق فسار بزبه وعباس إلى همذان، وتظاهرا بالعصيان واتصل بهما الملك سليمان شاه بن محمد فخطبوا لمحمد شاه، ولسليمان شاه وتوجهوا لحرب السلطان مسعود [فلقيه سليمان شاه طائعا وعاد بزبه إلى بلاده] [1] .
[وفي رمضان: خرج السلطان مسعود] [2] من بغداد، وكان علي بن دبيس ببغداد فخرج منها هاربا، وهو صبي، وكان السبب أن السلطان مسعود لما أراد الخروج من بغداد أشار مهلهل بحمل علي بن دبيس إلى قلعة تكريت، فعلم فهرب في خمسة عشر فارسا فقصد النيل ثم مضى إلى الأزيز وجمع بني أسد وساروا إلى الحلة وفيها أخوه محمد بن دبيس فتحاربا فنصر على محمد فانهزم مُحَمَّد وانهزم جنده، ثم أخذ وملك
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.

(18/44)


على الحلة فاحتقر أمره فاستفحل، فقصدهم مهلهل ومعه أمير الحاج نظر/ في عسكر 18/ ب بغداد فنصر عليهم وهزمهم أقبح هزيمة وعادوا مفلولين إلى بغداد، فاسمعهم العامة أقوالا قبيحة، ثم إن السلطان أقره على الحلة.
وفي هذه السنة: احترز الخليفة من أهله وأقاربه وضيق على الأمير أبي طالب.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
4114- أحمد بن محمد بن الحسن بن علي بن أحمد بن سليمان، أبو سعد بن أبي الفضل البغدادي
[1] :
بغدادي الأصل، أصبهاني المولد والمنشأ، ولد سنة ثلاث وستين، وسمع الكثير، وحدث بالكثير، وكان على طريقة السلف الصالح، صحيح العقيدة حلو الشمائل مطرحا للتكلف، فربما خرج من بيته إلى السوق وعلى رأسه قلنسوة طاقية، وربما قعد بين الناس مؤتزرا [وربما أملى وقد خلع] [2] ، وكان يستعمل السنة مهما قدر [3] حتى أنه رجع مرة من الحج فاستقبله خلق كثير من أهل أصبهان فسار بسيرهم، حتى إذا قارب البلد حرك فرسه وسبقهم، فسئل عن ذلك فقال: أردت استعمال السنة فإن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا رأى جدران المدينة أوضع راحلته. وحج إحدى عشرة حجة، وأملى بمكة والمدينة، وكان يصوم في الحر، وورد مرارا إلى بغداد، وسمعت منه الكثير ورأيت أخرقه اللطيفة ومحاسنه الجميلة، وكان في كل مرة إذا ودع أهل بغداد، يقول: في نفسي الرجوع ولست بآيس، فحج سنة تسع وثلاثين وخمسمائة ورجع.
فتوفي بنهاوند في ربيع الأول سنة أربعين، وحمل إلى أصبهان فدفن بها.
4115- أحمد بن علي بن محمد، أبو الحسين الدامغاني، ولد قاضي القضاة أبي [4] الحسن:
__________
[1] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 125، والبداية والنهاية 12/ 220، والكامل 9/ 337) .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[3] في ص: «يستعمل السنة مهما قدر» .
[4] في ت: «أبو الحسن الدامغانيّ» .

(18/45)


سمع الحديث من أبي طلحة النعالي، وطراد وغيرهما، وولي القضاة بالجانب الغربي وباب الأزج.
19/ أوتوفي في جمادى الآخرة/ من هذه السنة، ودفن إلى جانب أبيه بنهر القلائين.
4116- بهروز بن عبد الله أبو الحسن الخادم الأبيض الغياثي:
كان يلقب بمجاهد الدين، ولي العراق نيفا وثلاثين سنة، وعمر دار السلطان وسد البثق، وكان ابن عقيل يقول: ما رأيت مثل مناقضة بهروز فإنه منع أن يجتمع في السفينة النساء والرجال وجمع بينهم في الماخور.
وتوفي في رجب ودفن برباطه المستجد بشاطئ دجلة المعروف برباط الخدم.
4117- الحسين بن الحسن بن عبد الله، أبو عبد الله المعدل:
[1] سمع أبا عبد الله الدامغاني، وأبا القاسم البسري، وقرأ بالقراءات على أبي الخطاب الصوفي، وكان ثقة دينا حدث وأقرأ وقضى.
وتوفي يوم الأربعاء ثامن عشرين جمادى الآخرة، ودفن في المقبرة الخيزرانية قريبا من قبر الهيتي وحضره قاضي القضاة الزينبي، وخلق من الأكابر.
4118- علي بن أحمد بن الحسين بن أحمد أبو الحسين اليزدي
[2] :
سكن قراح ظفر، وتفقه على أبي بكر الشاشي، وسمع الحديث الكثير وروى، وكان له قميص وعمامة بينه وبين أخيه إذا خرج هذا قعد هذا.
4119- موهوب بن أحمد بن محمد بن الخضر الجواليقي، أبو منصور بن أبي طاهر
[3] :
ولد في ذي الحجة سنة خمس وستين، ونشأ بباب المراتب، وسمع الحديث
__________
[1] في ت: «أبو عبد الله المقدسي» .
[2] في الأصل، ت: «أبو الحسن» .
وانظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 220) .
[3] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 220، وشذرات الذهب 4/ 127، ووفيات الأعيان 2/ 142، وبغية الوعاة 401، وآداب اللغة 3/ 40، والذيل على طبقات الحنابلة 1/ 244، وإنباه الرواة 3/ 335- 337، وصيد الخاطر لابن الجوزي 114، والأعلام 7/ 335) .

(18/46)


الكثير من أبي القاسم ابن البسري، وأبي طاهر بن أبي الصقر، وأبي الحسين، وغيرهم. وحدث وقرأ على أبي زكريا سبع عشرة سنة فانتهى إليه علم اللغة فأقرأها، ودرس العربية في النظامية بعد أبي زكريا مدة فلما ولي المقتفي اختص بإمامة الخليفة وكان المقتفي يقرأ عليه شيئا من الكتب، وكان غزير الفضل متواضعا في ملبسه ورياسته، طويل الصمت لا يقول الشيء إلا بعد التحقيق والفكر الطويل، وكثيرا ما كان يقول: لا أدري/ وكان من أهل السنة، وسمعت منه كثيرا من الحديث وغريب 19/ ب الحديث، وقرأت عليه كتابه المعرب وغيره من تصانيفه وقطعة من اللغة.
وتوفي سحرة يوم الأحد منتصف محرم وحضر للصلاة عليه الأكابر كقاضي القضاة الزينبي وهو صلى عليه وصاحب المخزن وجماعة أرباب الدولة والعلماء والفقهاء ودفن بباب حرب عند والده.
4120- المبارك بن علي بن عبد العزيز السمذي [1] ، أبو المكارم الخباز:
ولد سنة إحدى وخمسين، وسمع الصريفيني، وأبا القاسم بن البسري، وغيرهما، وكان سماعه صحيحا.
وتوفي يوم عاشوراء، ودفن بباب أبرز.
__________
[1] في ت: «ابن عبد العزيز السمدي» وفي الأصل: «ابن عبد العزيز السدي» .

(18/47)