تاريخ ابن الوردي

 (الْفَصْل الثَّالِث)

(فِي ذكر فَرَاعِنَة مصر ثمَّ مُلُوك اليونان ثمَّ الرّوم)

الفراعنة مُلُوك القبط بِمصْر كَانَ أهل مصر أهل ملك عَظِيم فِي الدهور الخالية أخلاطا مَا بَين قبْطِي ويوناني وعمليقي إِلَّا أَن جمهورهم قبط وَأكْثر مُلُوكهَا الغرباء وَكَانُوا صابئة يعْبدُونَ الْأَصْنَام وَصَارَ بعد الطوفان بِمصْر عُلَمَاء بضروب من الْعُلُوم وخاصة الطلسمات والنيرنجات والكيمياء وَكَانَت مَدِينَة منف كرْسِي الْملك على اثْنَي عشر ميلًا من الْفسْطَاط.
وَأول مُلُوكهَا بعد الطوفان " مصر " بن حام بن نوح نزل منف هُوَ وَثَلَاثُونَ من وَلَده وَأَهله.
وملكها بعده ابْنه " مصر " وَسميت الْبِلَاد بِهِ لطول مدَّته.
ثمَّ بعده ابْنه " فَقَط " بن مصر، وَبعده ملك أَخُوهُ " أتريب " بن مصر، وأتريب باني مَدِينَة عين شمس وَبهَا الْآثَار الْعَظِيمَة.
ثمَّ ملك بعده أَخُوهُ " صا " وَبِه سميت مَدِينَة صا وَهِي خراب على النّيل من أَسْفَله.
ثمَّ ملك بعده " تدراس " ثمَّ " ابْنه ماليق " ثمَّ ابْنه " حرابا " بن ماليق ثمَّ كلكلي بن حرابا وَكَانَ ذَا حِكْمَة أول من جمد الزئبق وسبك الزّجاج ثمَّ بعده " حريبا " بن ماليق كَافِرًا.
ثمَّ ملك بعده " طونيس " فِرْعَوْن إِبْرَاهِيم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هُوَ وهب سارة هَاجر كَانَ يسكن الفرما ثمَّ ملكت بعده أُخْته " جورساق " ثمَّ بعْدهَا " زلفا " بنت مامون سمع عمالقة الشَّام بضعفها فغزوها وملكوا مصر وَصَارَت الدولة للعمالقة وَالَّذِي أَخذ مِنْهَا الْملك " الْوَلِيد بن دبيع العملاقي " عَابِد الْبَقَرَة قَتله أَسد فِي صَيْده وَقيل هُوَ أول من تسمى بفرعون.
وَملك بعده ابْنه " الريان " فِرْعَوْن يُوسُف وَنزل بِعَين شمس ثمَّ ابْنه " دارم " وَفِي زَمَانه توفّي يُوسُف وتجبر دارم وَكفر شَدِيدا فأغرقه اللَّهِ بِسَبَب ريح عَاصِفَة بِالْقربِ من حلوان.
ثمَّ ملك بعده " كاسم " بن معدان العمليقي وَقصد هدم الهرمين فَقَالَ حكماء مصر إِن خراج مصر لَا يَفِي بهدمهما وَأَيْضًا فَإِنَّهُمَا قبران لنبيين عظيمين وهما شِيث بن آدم وهرمس فَأمْسك عَن هدمهما.
ثمَّ ملك بعده " الْوَلِيد " بن مُصعب فِرْعَوْن مُوسَى قيل من العمالقة وَهُوَ الْأَظْهر وَقيل هُوَ فِرْعَوْن يُوسُف وَعمر إِلَى أَيَّام مُوسَى وَقيل هُوَ من القبط كَانَ صَاحب شرطة كاسم العملاقي فكثرت الأقباط فملكوا الْوَلِيد بعد كاسم وانقرضت حِينَئِذٍ دولة العمالقة من مصر

(1/48)


وَادّعى الْوَلِيد الربوبية وعظمت دولته وعمرت أَرض مصر فِي أَيَّامه وَأكْثر النَّاس من التصنيف فِي سيرته، وَفِي مُنَاجَاة مُوسَى يَا رب لم أطلت عمر عَدوك فِرْعَوْن مَعَ ادعائه مَا انْفَرَدت بِهِ من الربوبية وَجحد نِعْمَتك فَقَالَ اللَّهِ تَعَالَى أمهلته لِأَن فِيهِ خَصْلَتَيْنِ من خلال الْإِيمَان الْجُود وَالْحيَاء، وهامان وَزِير فِرْعَوْن حفر لفرعون خليج السردوسي سَأَلَهُ أهل كل قَرْيَة أَن يجريه إِلَيْهِم ويعطوه مَالا فَكَانَ يَأْتِي بِهِ إِلَى الْقرْيَة نَحْو الْمشرق ثمَّ يردهُ إِلَى الْقرْيَة من نَحْو الْمغرب وَكَذَلِكَ فِي الْجنُوب وَالشمَال فَاجْتمع لَهُ من ذَلِك نَحْو مائَة ألف دِينَار وَحملهَا إِلَى فِرْعَوْن فَقَالَ فِرْعَوْن وَيحك إِنَّه يَنْبَغِي للسَّيِّد أَن يعْطف على عبيده وَلَا يطْمع فِيمَا فِي أَيْديهم ورد على أهل كل قَرْيَة مَا أَخذ مِنْهُم وَأخْبر المنجمون بِظُهُور مُوسَى وَزَوَال ملكه على يَده فَأخذ فِي قتل الْأَطْفَال حَتَّى قتل تسعين ألفا وَسلم اللَّهِ نبيه مُوسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِنْهُ بِأَن التقطته آسِيَة امْرَأَة فِرْعَوْن وحمته مِنْهُ وتزعم الْيَهُود أَن بنت فِرْعَوْن هِيَ الَّتِي التقطته لَا زَوجته وَالأَصَح أَنَّهَا زَوجته كَمَا نطق الْقُرْآن وَلما أظهر الْآيَات لفرعون وَسلم إِلَيْهِ بني إِسْرَائِيل وَسَار بهم نَدم ولحقهم عِنْد بَحر القلزم فَضرب مُوسَى بعصاه الْبَحْر فَصَارَ فِيهِ اثْنَا عشر طَرِيقا لكل سبط طَرِيق فَتَبِعَهُ فِرْعَوْن وَجُنُوده فغرق هُوَ وَجُنُوده وَذَلِكَ لمضي ثَمَانِينَ سنة من عمر مُوسَى.
وَكَانَ قد تملك قبل ولادَة مُوسَى، وَلذَلِك قتل الْأَطْفَال فِي أَيَّام ولادَة مُوسَى فمدة ملك فِرْعَوْن تزيد على ثَمَانِينَ سنة قطعا.
وَلما هلك فِرْعَوْن ملكت القبط بعده " دلوكة " الْمَشْهُورَة بالعجوز من بَنَات مُلُوك القبط انْتهى السحر إِلَيْهَا وعمرت حَتَّى عرفت بالعجوز وصنعت على أهل مصر من أول أرْضهَا فِي حد أسوان إِلَى آخر سورا مُتَّصِلا، ثمَّ ملك مصر بعد دلوكة صبي من أَبنَاء أكَابِر القبط اسْمه " دركون " بن بلطوس.
ثمَّ ملك بعده أَخُوهُ " لقاش " ثمَّ أَخُوهُ " مرينا " ثمَّ ملك بعده " استمادس " ثمَّ بلطوس بن مكاكيل " ثمَّ ملك بعده بَوْله " وَهَذَا غزا رحبعم بن سُلَيْمَان بن دَاوُد كَمَا تقدم، وَفِي كتب الْيَهُود إِن فِرْعَوْن الَّذِي غزا بني إِسْرَائِيل أَيَّام رجبعم اسْمه شيشاق وَهُوَ الْأَصَح ثمَّ لم يشْتَهر بعد شيشاق غير فِرْعَوْن الْأَعْرَج الَّذِي غزاه بخْتنصر وصلبه وَبَين رحبعم اسْمه شيشاق وَهُوَ الْأَصَح ثمَّ لم يشْتَهر بعد شيشاق غير فِرْعَوْن الْأَعْرَج الَّذِي غزاه بخْتنصر وصلبه وَبَين رحبعم وَبُخْتنَصَّرَ فَوق أَرْبَعمِائَة سنة وَكَانَ شيشاق على أَيَّام رحبعم فشيشاق قبل فِرْعَوْن الْأَعْرَج بِأَكْثَرَ من أَرْبَعمِائَة سنة.
قَالَ الْمُؤلف رَحمَه اللَّهِ: وَلم تصح أَسمَاء فَرَاعِنَة هَذِه الْمدَّة الَّتِي بَين شيشاق والأعرج وَلما قتل بخْتنصر فِرْعَوْن الْمَذْكُور وأباد أَهلهَا بقيت مصر أَرْبَعِينَ سنة خرابا.
قَالَ ابْن سعيد: وَصَارَت مصر وَالشَّام من حِين غَزَاهُمَا بخْتنصر تَحت ولَايَته حَتَّى مَاتَ وتوالت الْوُلَاة من جِهَة بخْتنصر على مصر وَالشَّام حَتَّى انقرضت دولة أَوْلَاده فتوالت على مصر وُلَاة الْفرس.
فَكَانَ مِنْهُم " كثرحوش " الْفَارِسِي باني قصر الشمع وَبعده " طخارست " الطَّوِيل وَفِي

(1/49)


أَيَّامه كَانَ أبقراط الْحَكِيم، وتوالت بعده نواب الْفرس إِلَى أَن غلب الْإِسْكَنْدَر على الْفرس.

(ذكر مُلُوك اليونان)

أول من اشْتهر مِنْهُم " فيلبس " أَبُو الْإِسْكَنْدَر مقرّ ملكه كَانَ بمقدونية مَدِينَة حكماء اليونان على جَانب الخليج القسطنطيني من شرقيه وملوك اليونان طوائف لم يشْتَهر مِنْهُم غير فيلبس وَكَانَ يُؤَدِّي الأتاوة للْفرس ولمامات ملك ابْنه " الْإِسْكَنْدَر " ثَلَاث عشرَة سنة وَمَات فِي أَوَاخِر السّنة السَّابِعَة من غلبته على دَارا ملك الْفرس وَقد تقدم ذكره مَعَ مُلُوك الْفرس وانقسمت بعده الممالك فَملك بعض الشَّام وَالْعراق انطياحس.
وَملك مقدونية أَخُو الْإِسْكَنْدَر " فيلبس " باسم أَبِيه وَملك بِلَاد الْعَجم مُلُوك الطوائف الَّذين رتبهم الْإِسْكَنْدَر وَملك مصر وَبَعض الشَّام وَالْمغْرب البطالسة مُلُوك اليونان كل مِنْهُم يُسمى بطليموس مَعْنَاهُ أَسد الْحَرْب وعدتهم أعنى الَّذين بعد الْإِسْكَنْدَر مِنْهُم ثَلَاثَة عشر ملكا آخِرهم الملكة قلوبطرا بنت بطليموس وزالت مملكتهم بِملك أغسطس الرُّومِي وَصَارَت الدولة للروم وَمُدَّة ملك اليونان مِائَتَان وَخمْس وَسَبْعُونَ سنة، وَكَانَ بَين غَلَبَة الْإِسْكَنْدَر على ملك فَارس وَبَين غَلَبَة أغسطس مِائَتَان وَاثْنَتَانِ وَثَمَانُونَ سنة وَبَقِي الْإِسْكَنْدَر بعد غلبته على دَارا نَحْو سبع سِنِين وَإِذا نقصنا سبعا من مِائَتَيْنِ واثنتين وَثَمَانِينَ بَقِي من موت الْإِسْكَنْدَر إِلَى غَلَبَة أغسطس مِائَتَان وَخمْس وَسَبْعُونَ سنة هِيَ مُدَّة ملك البطالسة.
وَأول البطالسة بعد الْإِسْكَنْدَر بطليموس " شيشوس " بن لاغوس المنطقي ملك عشْرين سنة فَيكون موت ابْن لاغوس الْمَذْكُور لسبع وَعشْرين سنة مَضَت من غَلَبَة الْإِسْكَنْدَر، ثمَّ ملك بعده بطليموس الثَّانِي واسْمه " فيلوذفوس " مَعْنَاهُ محب أَخِيه ثمانيا وَثَلَاثِينَ سنة ونقلت لَهُ التوارة وَأعْتق الْيَهُود الَّذين وجدهم أسرى كَمَا تقدم فموت هَذَا لخمس وَسِتِّينَ مَضَت من غَلَبَة الْإِسْكَنْدَر.
وَملك بعده بطليموس الثَّالِث واسْمه " أرواخيطس " خمْسا وَعشْرين سنة وَأدّى لَهُ ملك الشَّام الأتاوة فَيكون مَوته لتسعين مَضَت من غَلَبَة الْإِسْكَنْدَر، ثمَّ بطليموس الرَّابِع واسْمه " فيلوبطور " مَعْنَاهُ محب أَبِيه ملك سبع عشرَة سنة فَيكون مَوته لمضي مائَة وَسبع سِنِين من غَلَبَة الْإِسْكَنْدَر، ثمَّ الْخَامِس واسْمه " أفنفيوس " ملك أَرْبعا وَعشْرين سنة فموته لمِائَة وَإِحْدَى وَثَلَاثِينَ من غَلَبَة الْإِسْكَنْدَر، ثمَّ السَّادِس واسْمه " فيلوميطور " أَي محب أمه ملك خمْسا وَثَلَاثِينَ سنة فموته لمضي مائَة وست وَسِتِّينَ لغَلَبَة الْإِسْكَنْدَر، ثمَّ السَّابِع واسْمه " أرواخيطس " الثَّانِي تسعا وَعشْرين سنة فموته لمضي مائَة وَخمْس وَتِسْعين للإسكندر، ثمَّ بطليموس الثَّامِن واسْمه " سواطيرا " سِتّ عشرَة سنة فموته لمضي مِائَتَيْنِ وَإِحْدَى عشرَة للإسكندر، ثمَّ بطليموس التَّاسِع واسْمه " شيديريطس " سبع سِنِين فموته لمضي مِائَتَيْنِ وَعشْرين للإسكندر، ثمَّ الْعَاشِر واسْمه " إسكندروس " ثَلَاث سِنِين فموته لمضي مِائَتَيْنِ وَثَلَاث وَعشْرين للإسكندر، ثمَّ الْحَادِي عشر واسْمه " فيلوذفوس " آخر ثَمَانِي سِنِين فموته

(1/50)


لمضي مِائَتَيْنِ وَإِحْدَى وَثَلَاثِينَ، ثمَّ الثَّانِي عشر واسْمه " ديثوسيوس " تسعا وَعشْرين سنة فموته لمضي مِائَتَيْنِ وَسِتِّينَ سنة للإسكندر.
ثمَّ ملكت قلوبطرا الثَّالِثَة عشر اثْنَتَيْنِ وَعشْرين سنة وغلبها " أغسطس " على الْملك فقتلت نَفسهَا وانقرض ملك اليونان وانتقلت المملكة إِلَى الرّوم بني الْأَصْفَر فموت قلوبطرا وَغَلَبَة أغسطس كَانَت لمضي مِائَتَيْنِ واثنتين وَثَمَانِينَ سنة لغَلَبَة الْإِسْكَنْدَر.

(ذكر مُلُوك الرّوم)

أَوَّلهمْ روملس ورومانارس فَبنى رُومِية ثمَّ قتل روملس أَخَاهُ رومانا وَملك بعده ثمانيا وَثَلَاثِينَ سنة وَحده وَاتخذ برومية ملعبا عجيبا ثمَّ ملك بعده مُلُوك لم يشتهروا، وَمن الْكَامِل: كَانَ مقرّ ملكهم رُومِية الْكُبْرَى قبل غلبتهم على اليونان وَكَانَ الرّوم يدينون بالصابئية وَلَهُم أصنام على أَسمَاء الْكَوَاكِب السَّبْعَة يعبدونها وَأول من اشْتهر من مُلُوكهمْ غاليوس ثمَّ ملك بعده يوليوس، ثمَّ أغشطش وشيناه معجمتان وعرب فصارتا سينين لقبه قَيْصر مَعْنَاهُ شقّ عَنهُ مَاتَت أمه فشق بَطنهَا وَأخرج ولقب بِهِ مُلُوك الرّوم بعده، وَخرج أغسطس فِي السّنة الثَّانِيَة عشر من ملكه من رُومِية بعساكر فِي الْبر وَالْبَحْر وَسَار إِلَى مصر وَاسْتولى على ملك اليونان وَكَانَت قلوابطرا هِيَ الملكة فِي اليونان ومقامها الْإسْكَنْدَريَّة فاضمحل بأغسطس ذكر اليونان ودخلوا فِي الرّوم وأطاعه بَنو إِسْرَائِيل كَمَا كَانُوا أطاعوا البطالسة فولى على يهود بَيت الْمُقَدّس واليا مِنْهُم يلقب هردوس كَمَا مر وَغَلَبَة أغسطس على مصر وَقتل قلوبطرا لمضي مِائَتَيْنِ واثنتين وَثَمَانِينَ سنة لغَلَبَة الْإِسْكَنْدَر، وَمُدَّة ملك أغسطس ثَلَاث وَأَرْبَعُونَ سنة مِنْهَا اثْنَتَا عشرَة سنة قبل غلبته على اليونان وَإِحْدَى وَثَلَاثُونَ سنة من غلبته إِلَى وَفَاته وَمَوْت أغسطس لمضي ثلثمِائة وَثَلَاث عشرَة سنة لغَلَبَة الْإِسْكَنْدَر.
ثمَّ ملك بعد أغسطس " طيباريوس " فِي أول سنة ثلثمِائة وَأَرْبع عشرَة للإسكندر اثْنَتَيْنِ وَعشْرين سنة وَبنى طبرية بِالشَّام - مُشْتَقَّة من اسْمه - وَمَات لمضي ثلثمِائة وَخمْس وَثَلَاثِينَ للإسكندر.
ثمَّ " غانيوس " أَربع سِنِين ولمضي السّنة الأولى من ملكه رفع الْمَسِيح عَلَيْهِ السَّلَام فَيكون رَفعه لمضي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وثلثمائة للإسكندر، وَمَات غانيوس لمضي سنة تسع وَثَلَاثِينَ وثلثمائة للإسكندر.
ثمَّ ملك بعده " قلوذبوس " أَربع عشرَة سنة من القانون وَفِي أَيَّام قلوذبوس كَانَ شَمْعُون السَّاحر برومية وَفِي مُدَّة ملكه حبس شَمْعُون الصَّفَا ثمَّ خلص وَسَار إِلَى أنطاكية ودعا إِلَى النَّصْرَانِيَّة ثمَّ سَار إِلَى رُومِية ودعاهم فأجابته زَوْجَة الْملك وَمَات قلوذبوس لمضي ثَلَاث وَخمسين وثلثمائة للإسكندر.
ثمَّ ملك بعده " قَارون " من قانون أبي الريحان النيروني: أَنه ملك ثَلَاث عشرَة سنة

(1/51)


وَقتل فِي آخر ملكه بطرس وبولص برومية وصلبهما منكسين وَمَات فِي أَوَاخِر سنة سِتّ وَسِتِّينَ وثلثمائة للإسكندر.
وَملك بعده " ساسيانوس " عشرَة سِنِين فموته فِي أَوَاخِر سنة سِتّ وَسبعين وثلثمائة، ثمَّ ملك بعده " طيطوس " من القانون: ملك سبع سِنِين فغزا الْيَهُود وأسرهم وباعهم وَخرب بَيت الْمُقَدّس وأحرق الهيكل كَمَا تقدم مَاتَ فِي أَوَاخِر سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وثلثمائة للإسكندر.
ثمَّ " دومطيثوس " من القانون: ملك خمس عشرَة سنة وَتبع النَّصَارَى وَالْيَهُود وَأمر بِقَتْلِهِم وَكَانَ دينه وَدين غَيره من الرّوم عبَادَة الْأَصْنَام وَمَات فِي أَوَاخِر سنة ثَمَان وَتِسْعين وثلثمائة للإسكندر.
ثمَّ " بارواس " ملك سنة وَمَات فِي أَوَاخِر سبع وَتِسْعين وثلثمائة للإسكندر، ثمَّ " طراناموس " وَقيل غراطيانوس تسع عشرَة سنة وَقيل تسعا وَعشْرين فموته فِي أَوَاخِر سنة ثَمَان عشرَة وَأَرْبَعمِائَة للإسكندر.
ثمَّ " أذريانوس " إِحْدَى وَعشْرين سنة وَكَانَ فِي أَيَّامه بطليموس صَاحب المجسطي من ولد فلوذيوس وَلِهَذَا قيل لَهُ الفلوذي وخدم أذريانوس لمضي ثَمَان عشرَة سنة من ملكه وَمَات فِي أَوَاخِر سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة للإسكندر.
ثمَّ ملك " أنطونسوس " ثَلَاثًا وَعشْرين سنة وَأخذ أرصاد بطليموس صَاحب المجسطي فِي السّنة الثَّالِثَة من ملكه وَمَات فِي أَوَاخِر سنة اثنيتين وَسِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة للإسكندر.
ثمَّ ملك بعده " مرقوس " وَقيل قومودس تسع عشرَة وَفِي أَيَّامه أظهر ابْن ديصان مقَالَته بالاثنين كَانَ ديصان أسقفا بالرها وَنسب إِلَى نهر اسْمه ديصان بِبَاب الرها وَمَات مرقوس فِي أَوَاخِر سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة للإسكندر.
ثمَّ ملك بعده " قوموذوش " ثَلَاث عشرَة سنة وخنق نَفسه فِي أَوَاخِر سنة أَربع وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة للإسكندر.
وَفِي الْكَامِل لِأَن جالينوس كَانَ فِي أَيَّام قومودوس وَقد أدْرك جالينوس بطليموس وَكَانَ دين النَّصَارَى قد ظهر فِي أَيَّامه وَذكرهمْ جالينوس فِي كِتَابه فِي جَوَامِع كتاب أفلاطون فِي سياسة المدن فَقَالَ: إِن جُمْهُور النَّاس لَا يُمكنهُم أَن يفهموا سِيَاقَة الْأَقَاوِيل البرهانية وَلذَلِك صَارُوا مُحْتَاجين إِلَى رموز يَنْتَفِعُونَ بهَا يَعْنِي بالرموز الْأَخْبَار عَن الثَّوَاب وَالْعِقَاب فِي الدَّار الْآخِرَة من ذَلِك أَنا نرى الْآن الْقَوْم الَّذين يدعونَ نَصَارَى إِنَّمَا أخذُوا إِيمَانهم عَن الرموز وَقد تظهر مِنْهُم أَفعَال مثل من يفلسف بِالْحَقِيقَةِ وَذَاكَ أَن عدم جزعهم من الْمَوْت أَمر قد نرَاهُ كلنا وَكَذَلِكَ أَيْضا عفافهم عَن اسْتِعْمَال الْجِمَاع فَإِن مِنْهُم قوما رجَالًا وَنسَاء أَيْضا قد أَقَامُوا جَمِيع أَيَّام حياتهم ممتنعين عَن الْجِمَاع وَمِنْهُم قوم قد بلغ من ضبطهم لأَنْفُسِهِمْ فِي التَّدْبِير وَشدَّة حرصهم على الْعدْل أَن صَارُوا غير مقصرين عَن الَّذين يتفلسفون بِالْحَقِيقَةِ انْتهى كَلَام جالينوس.
ثمَّ ملك بعد قومودوس " قوطنحوس " سِتَّة أشهر وَقتل فِي رحبة الْقصر منتصف سنة

(1/52)


خمس وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة ثمَّ " سيوارس " ثَمَانِي عشرَة سنة وَفِي أَيَّامه بحثت الأساقفة عَن أَمر الفصح وَأَصْلحُوا رَأس الصَّوْم وَمَات منتصف سنة ثَلَاث عشرَة وَخَمْسمِائة ثمَّ ملك أنطينسوس الثَّانِي أَربع سِنِين وَقتل بَين حران والرها منتصف سنة تسع عشرَة وَخَمْسمِائة.
ثمَّ " الإسكندروس " ثَلَاث عشرَة سنة وَمَوته منتصف سنة ثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة ثمَّ " مكسيمينوس " ثَلَاث سِنِين فَشدد فِي قتل النَّصَارَى وَمَات منتصف سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة للإسكندر.
ثمَّ ملك " عورديانوس " سِتّ سِنِين وَقتل فِي حُدُود فَارس فِي منتصف سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة للإسكندر ثمَّ " دقيوس " وَيُقَال دقيانوس سنة وَاحِدَة بنصر الْملك الَّذِي قبله فَقتله دقيوس وَأعَاد عبَادَة الْأَصْنَام وَدين الصابئين وتتبع النَّصَارَى يقتلهُمْ وَمِنْه هرب الْفتية أَصْحَاب الْكَهْف وَكَانُوا سَبْعَة وناموا وَالله أعلم بِمَا لَبِثُوا وَمَات فِي منتصف سنة أَرْبَعِينَ وَخَمْسمِائة.
ثمَّ ملك " غانيوس " ثَلَاث سِنِين وَمَات منتصف سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة ثمَّ " غلينوس وولريانوس " خمس عشرَة سنة.
وَمن الْكَامِل أَن ولريانوس وَقيل اسْمه ولوسينوس انْفَرد بِالْملكِ بعد سنتَيْن من اشتراكهما فَيكون موت الْمَذْكُور منتصف سنة ثَمَان وَخمسين وَخَمْسمِائة ثمَّ " فلوذيوس " سنة فموته منتصف سنة تسع وَخمسين وَخَمْسمِائة ثمَّ " أذرفلينوس " وَقيل أورلينانوس سِتّ سِنِين وَمَات بصاعقة فِي منتصف سنة خمس وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة ثمَّ " فرويوس " سبع سِنِين وَهلك منتصف سنة اثْنَتَيْنِ وَخَمْسمِائة ثمَّ " دقلطيانوس " إِحْدَى وَعشْرين سنة ولثلاث عشرَة سنة مَضَت من ملكه عَصَاهُ أهل مصر والإسكندرية فَسَار إِلَيْهِم من رُومِية وأنكى فيهم وَهُوَ آخر عَبدة الْأَصْنَام من مُلُوك الرّوم وَتنصرُوا بعده وَمَات منتصف سنة خمس وَتِسْعين وَخَمْسمِائة.
ثمَّ ملك قسطنطين المظفر إِحْدَى وَثَلَاثِينَ سنة ولثلاث مَضَت انْتقل من رُومِية إِلَى قسطنطينية وَبنى سورها وَتَنصر وَكَانَ اسْمهَا قبله البربطية وَزَعَمت النَّصَارَى أَنه بعد سِتّ سِنِين خلت من ملك قسطنطين ظهر لَهُ فِي السَّمَاء شبه الصَّلِيب، فَأمر بالنصرانية ولعشرين مَضَت من ملكه اجْتمع أَلفَانِ وَثَمَانِية وَأَرْبَعُونَ أسقفا ثمَّ اخْتَار مِنْهُم ثلثمِائة وَثَمَانِية عشر فحرموا أربوس الإسكندري لكَونه يَقُول إِن الْمَسِيح مَخْلُوق وَاتفقَ الأساقفة لَدَى قسطنطين وَوَضَعُوا شرائع النَّصْرَانِيَّة بعد أَن لم تكن وَكَانَ رَئِيس هَذِه البطارقة بطرِيق الْإسْكَنْدَريَّة وَفِي إِحْدَى عشرَة سنة من ملكه سَارَتْ أمه وَاسْمهَا هيلانة إِلَى الْقُدس وأخرجت خَشَبَة الصلبوت وأقامت لذَلِك عيدا يُسمى عيد الصَّلِيب وَبنى قسطنطين وَأمه عدَّة كنائس مِنْهَا قمامة بالقدس وكنيسة حمص وكنيسة الرها وَمَات منتصف سنة سِتّ وَعشْرين وسِتمِائَة فانقسمت مَمْلَكَته بَين بنيه الثَّلَاثَة وَكَانَ الْحَاكِم عَلَيْهِم مِنْهُم " قسطس " أَرْبعا وَعشْرين سنة وَمَات منتصف سنة خمسين وسِتمِائَة ثمَّ خرج الْملك عَن بني قسطنطين.

(1/53)


وَملك " لليانوس " وارتد إِلَى عبَادَة الْأَصْنَام وقهر سَابُور ذَا الأكتاف وَقتل فِي أَرض الْفرس بِسَهْم غرب كَمَا تقدم وَكَانَت مدَّته سنتَيْن وَهلك - أَعنِي لليانوس - سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وسِتمِائَة.
ثمَّ ملك " يونيانوس " سنة وَأعَاد النَّصْرَانِيَّة وَلما ملك على الرّوم وهم بِأَرْض الْفرس اصْطلحَ مَعَ سَابُور وَعَاد إِلَى بِلَاده وَمَات فِي منتصف سنة ثَلَاث وَخمسين وسِتمِائَة ثمَّ ملك " والياطنوس " أَربع عشرَة سنة وَمَات منتصف سنة سبع وَسِتِّينَ وسِتمِائَة ثمَّ ملك " أنونيانوس " ثَلَاث سِنِين فموته منتصف سنة سبعين وسِتمِائَة.
ثمَّ " حرطيانوس " ثَلَاث سِنِين فموته منتصف سنة ثَلَاث وَسبعين وسِتمِائَة، ثمَّ " ثاودوسيوس " الْكَبِير تسعا وَأَرْبَعين سنة فموته منتصف سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَسَبْعمائة للإسكندر، ثمَّ " أرفادنوس " بقسنطينية وشريكه " أونورنوس " برومية ثَلَاث عشرَة سنة فموتهما فِي منتصف سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة، ثمَّ " ثاودوسيوس الثَّانِي " عشْرين سنة وَفِي أَيَّامه غزت فَارس الرّوم وانتبه أَصْحَاب الْكَهْف، وَمَوته فِي منتصف سنة خمس وَخمسين وَسَبْعمائة وَفِي مُدَّة ملكه كَانَ الْمجمع الثَّالِث فِي أفسيس وَاجْتمعَ مِائَتَا أَسْقُف وحرموا نسطورس صَاحب الْمَذْهَب بطركا بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ لقَوْله إِن الْمَسِيح جوهران جَوْهَر لاهوتي وجوهر ناسوتي وأقنومان لاهوتي وناسوتي وَقيل ملك هَذَا اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين سنة.
وَملك بعده " مرقيانوس " سبع سِنِين ولسنة خلت بنى دير مارون بحمص وَفِي أَيَّامه لعن نسطورس وَنفي وَمَات مرقيانوس فِي منتصف سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة ثمَّ ملك بعده " والنطيس " سنة فموته منتصف سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة ثمَّ " لاون الْكَبِير " سبع عشرَة سنة وَفِي أَيَّامه كثر الْخَسْف فِي أنطاكية بالزلازل وَمَوته منتصف سنة ثَمَانِينَ وَسَبْعمائة ثمَّ " ربنوث " ثَمَانِي عشرَة سنة وَمَات منتصف سنة ثَمَان وَتِسْعين وَسَبْعمائة.
ثمَّ ملك " أسطيفنوس " سبعا وَعشْرين سنة فعمر سور مَدِينَة حماه فِي أول سنة من ملكه وفرغت عمارتها فِي سنتَيْن ولعشر خلت من ملكه جَاءَ الْجَرَاد والجوع ولاثنتي عشرَة غزا قواد الْفرس آمد وحاصروها وخربوها وَمَات اسطيفنوس فِي منتصف سنة خمس وَعشْرين وَثَمَانمِائَة.
ثمَّ ملك بعده " قسطينوس " تسع سِنِين وَمَات منتصف سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة، ثمَّ ملك " قسطينوس الثَّانِي " ثمانيا وَثَلَاثِينَ سنة واحترب فِي أَيَّامه الْفرس وَالروم وَفِي الثَّامِنَة من ملكه كَانَ بَينهم مصَاف على شط الْفُرَات قتل مِنْهُم خلق وغرق من الرّوم فِي الْفُرَات خلق وَمَات فِي منتصف اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَثَمَانمِائَة.
ثمَّ ملك " قسطينوس " آخر أَربع عشرَة سنة ولسبع من ملكه غزا ملك الْفرس الشَّام وأحرق فامية وَمَات منتصف سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة.
ثمَّ ملك " طبرنوس " الأول ثَلَاث سِنِين فَمَاتَ فِي منتصف سنة تسع وَثَمَانِينَ

(1/54)


وَثَمَانمِائَة، ثمَّ ملك " طبرنوس الثَّانِي " أَربع سِنِين فموته منتصف ثَلَاث وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة، ثمَّ ملك " مارقوس " ثَمَان سِنِين فهلاكه منتصف سنة إِحْدَى وَتِسْعمِائَة، ثمَّ ملك " مرقوس الثَّانِي " اثْنَتَيْ عشرَة سنة فموته منتصف ثَلَاث عشرَة وَتِسْعمِائَة، ثمَّ ملك " قوقاس " ثَمَان سِنِين فموته منتصف إِحْدَى وَعشْرين وَتِسْعمِائَة.
ثمَّ ملك " هِرقل " واسْمه بالروم أرقليس وَكَانَت الْهِجْرَة فِي السّنة الثَّانِيَة عشرَة من ملكه لمضي ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَتِسْعمِائَة لغَلَبَة الْإِسْكَنْدَر على دَارا وَلَكِن قد سبق فِي الْجَدْوَل أَن بَين الْهِجْرَة وَغَلَبَة الْإِسْكَنْدَر تِسْعمائَة وأربعا وَثَلَاثِينَ سنة فَيكون التَّفَاوُت بَين ذَلِك وَبَين مَا ذكر الْآن سنة وَاحِدَة وَهِي تفَاوت يسير.

(1/55)