تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، ت تدمري

سنة ستّ عشرة
قيل: كانت وقعة القادسية في أوّلها. وَاسْتُشْهِدَ يَوْمَئِذٍ مائتان، وقيل:
عشرون ومائة رجل.
قَالَ خليفة [1] : فيها فُتِحت الأهواز ثُمَّ كفروا [2] ، فحدّثني الوليد بْن هشام، عَنْ أبيه، عَنْ جدّه قَالَ: سار المُغِيرَة بْن شُعْبَة إلى الأهواز فصالحه الفّيْرُزان [3] على ألفي ألف درهم وثمانمائة ألف دِرهم، ثُمَّ غزاهم الأشعري بعده.
وَقَالَ الطبريُّ [4] : فيها دخل المسلمون مدينة بَهُرَسِير [5] وافتتحوا المدائن [6] ، فهرب منها يزدجرد بن شهريار.
__________
[1] تاريخ خليفة 134.
[2] أي نقضوا العهد.
[3] في تاريخ خليفة «البيرزان» ، وقد سبق الإشارة إلى هذا اللفظ في بعض المصادر وأنّ الفاء تقلب باء بالفارسيّة، فيقال: أصفهان، وأصبهان، مثلا.
[4] في التاريخ 4/ 5.
[5] في (ع) والأصل (بهرشير) وفي (ح) : (نهر شير) . والتصحيح من معجم البلدان 1/ 515 حيث ضبطها بالفتح ثم الضم، وفتح الراء وكسر السين المهملة. وهي من نواحي سواد بغداد قرب المدائن.
[6] قال ياقوت: الّذي عندي فيه أنّ هذا الموضع كان مسكن الملوك من الأكاسرة الساسانيّة وغيرهم

(3/157)


فلما نزل سعد بْن أبي وقاص بُهرَسِير- وهي المدينة التي فيها منزل كِسْرَى- طلب السُّفُنَ ليعبر بالنّاس إلى المدينة الْقُصْوَى، فلم يقدر على شيءٍ منها، وجدهم قد ضمُّوا السفن، فبقي أيّامًا حتى أتاه أعلاجٌ فدُّلوه على مخاضة [1] ، فأبى، ثُمَّ إنه عزم له أن يقتحم دِجلة، فاقتحمها المسلمون وهي زائدة ترمي بالزَّبَد [2] ، ففجِئ [3] أهل فارس أمرٌ لم يكن لهم في حساب، فقاتلوا ساعةً ثمّ انهزموا وتركوا جُمهور أموالهم، واستولى المسلمون على ذلك كلّه، ثُمَّ أتوا إلى القصر الأبيض، وبه قوم قد تحصّنوا ثُمَّ صالحوا.
وقيل إنّ الفرس لمّا رأوا اقتحام المُسْلِمين الماء تحيَّروا وقالوا: واللِه مَا نقاتل الإنس ولا نقاتل إلّا الجن، فانهزموا [4] .
ونزل سعد القصر الأبيض، واتّخذ الإيوان مُصَلَّى، وإنّ فيه لتماثيل جَصٍّ فما حرَّكها [5] .
ولما انتهى إلى مكان كِسْرى أخذ يقرأ كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ 44: 25- 26 [6] الآية.
__________
[ () ] فكان كل واحد منهم إذا ملك بنى لنفسه مدينة إلى جنب التي قبلها وسمّاها باسم، فأوّلها المدينة العتيقة التي لزاب، ثم مدينة الإسكندر، ثم طيسفون من مدائنها، ثم اسفانير، ثم مدينة يقال لها رومية، فسمّيت المدائن بذلك.. قال حمزة: اسم المدائن بالفارسيّة توسفون وعرّبوه على الطيسفون والطيسفونج وإنّما سمّتها العرب المدائن لأنّها سبع مدائن بين كل مدينة إلى الأخرى مسافة قريبة أو بعيدة. (معجم البلدان 5/ 74، 75) .
[1] في النسخة (ح) «مخاصمة» وهو تحريف.
[2] العبارة في تاريخ الطبري 4/ 10 «وتلاحق عظم الجند، فركبوا اللّجّة، وإنّ دجلة لترمي بالزّبد، وإنّها لمسودّة، وإنّ الناس ليتحدّثون في عومهم وقد اقتربوا ما يكترثون» .
[3] في تاريخ الطبري «ففجئوا» .
[4] تاريخ الطبري 4/ 14.
[5] تاريخ الطبري 4/ 14، 15.
[6] سورة الدخان، الآية 25.

(3/158)


قالوا: وأتمّ سعد الصلاة يومَ دخلها، وذلك أنَّه أراد المقام بها، وكانت أول جُمعة جُمِعت بالعراق، وذلك في صفر سنة ست عشرة [1] .
قَالَ الطبري: قسَّم سعدٌ الفيء بعد مَا خمسه، فأصاب الفارس اثنا عشر ألفًا، وكلّ الجيش كانوا فرسانًا [2] .
وقسّم سعدٌ دور المدائن بين النَّاس وأُوطِنوها، وجمع سعدٌ الْخُمْسَ وأدخل فيه كل شيءٍ من ثياب كِسْرى وحُلِيِّه وسيفه. وَقَالَ للمُسْلِمين: هل لكم أن تطيب أنفُسُكم عَنْ أربعة أخماس هذا القِطْف فنبعثَ به إلى عُمَر، فيضعه حيث يرى ويقع من أهل المدينة موقعًا؟ قالوا: نعم، فبعثه على هيئته. وكان ستين ذراعًا في ستين ذراعا بساطًا واحدًا مقدار جَرِيب [3] . فيه طُرُق كالصُّورَ. وفصوص كالأنهار، وخلال ذلك كالدّرّ [4] ، وفي حافاته كالأرض المزروعة، والأرضُ كالمُبْقِلَة بالنبات في الربيع من الحرير على قصبات [5] الذهب. ونوّاره بالذهب والفضة ونحوه. فقطّعه عُمَر وقسّمه بين النَّاس. فأصاب عليًّا قطعةٌ منه فباعها بعشرين ألفًا [6] .
واستولى المسلمون في ثلاثة أعوامٍ على كرسيّ مملكة كِسْرى، وعلى كرسي مملكة قيصر، وعلي أُمَّيْ بلادهما. وغنم المسلمون غنائم لم يُسمع بمثلها قطّ من الذهب والجوهر والحرير والرقيق والمدائن والقصور. فسبحان الله العظيم الفتّاح.
__________
[1] تاريخ الطبري 4/ 16.
[2] تاريخ الطبري 4/ 20.
[3] الجريب: ثلاثة آلاف وستمائة ذراع. (تاج العروس) .
[4] في تاريخ الطبري 4/ 21 «كالدير» .
[5] في تاريخ الطبري 4/ 21 «قضبان» .
[6] تاريخ الطبري 4/ 21، 22.

(3/159)


وكان لكِسْرى وقيْصر ومن قبلهما من الملوك في دولتهم دهرٌ طويل، فأمّا الأكاسرة والفرس وهم المجوس فملكوا العراق والعجم نحوًا من خمسمائة سنة، [فأوّل ملوكهم دارا، وطال عُمرُهُ فيقال إنّه بقي في المُلْك مائتي سنة] [1] ، وعدّة ملوكهم خمسة وعشرون نفسًا، منهم امرأتان، وكان آخر القوم يزْدَجِرْد الَّذِي هلك في زمان عثمان، وممّن ملك منهم ذو الأكتاف سابور [2] ، عقِد له بالأمر وهو في بطن أمّه، لأنّ أباه مات وهذا حمْل، فَقَالَ الكهان: هذا يملك الأرض، فوُضِع التّاجُ على بطن الأمّ، وكُتِب منه [3] إلى الآفاق وهو بعد جنين، وهذا شيءٌ لم يُسْمع بمثله قطّ، وإنّما لُقِّب بذي الأكتاف لأنه كان ينزع أكتافَ مَن غضب عليه، وهو الَّذِي بنى الإيوان الأعظم وَبَنَى نَيْسَابُور وبنى سجستان [4] .
ومن متأخّري ملوكهم أنوشروان، وكان حازمًا عاقلًا، كان له اثنا عشر ألف امرأةٍ وسريَّة، وخمسون ألف دابة، وألف فيل إلا واحدًا، ووُلد نبيُّنا صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم في زمانه [5] ، ثمّ مات أنوشروان وقت مَوْت عبد المطلب، ولما استولى الصحابة على الإيوان أحرقوا ستره، فطلع منه ألف ألف مثقال ذهبًا.
وقعة جَلُولاء [6]
في هذه السنة قَالَ ابن جرير الطبري [7] : فقتل الله من الفرس مائة
__________
[1] ما بين الحاصرتين ساقط من نسخة دار الكتب.
[2] في نسخة دار الكتب «شابور» وكلاهما صحيح.
[3] في نسخة دار الكتب (وكتب به) .
[4] انظر عنه: تاريخ سنّي ملوك الأرض والأنبياء لحمزة بن الحسن الأصفهاني ص 47- طبعة دار مكتبة الحياة ببيروت- الطبعة الثالثة.
[5] المصدر نفسه- ص 53.
[6] جلولاء: بالمدّ، طسوج من طساسيج السواد في طريق خراسان، بينها وبين خانقين سبعة فراسخ، وهو نهر عظيم يمتدّ إلى بعقوبا. (معجم البلدان 2/ 156) .
[7] تاريخ الطبري 4/ 26.

(3/160)


ألف، جَلَّلَت القتلى المجال وما بين يديه وما خلفه، فسُمِّيت جَلُولاء. وَقَالَ غيره: كانت في سنة سبع عشرة. وعن أبي وائل قَالَ: سمِّيت جلُولاء لِمَا تجلّلها من الشّرّ.
وَقَالَ سيف: كانت سنة سبع عشرة.
وَقَالَ خليفة بْن خيّاط [1] : هربَ يزّدَجِرْد بْن كِسْرى من المدائن إلى حُلْوان، فكتب إلى الجبال، فجمع العساكر ووجههم إلى جَلُولاء، فاجتمع له جَمْعٌ عظيمٌ، عليهم خُرَّزاذ بْن خرهرمز [2] ، فكتب سعد إلى عُمَر يخبره، فكتب إليه: أَقِمْ مكانَك ووجِّه إليهم جيشًا، فإنّ الله ناصِرُك ومُتَمِّمٌ وعدّه، فعقد لابن أخيه هاشم بْن عُتْبة بْن أبي وقاص، فالتقوا، فجال المسلمون جولةً، ثُمَّ هزم الله المشركين، وقُتِل منهم مقتلةٌ عظيمةٌ، وحوى المسلمون عسكرهم وأصابوا أموالًا عظيمةً وسبايا، فبلغت الغنائم ثمانية عشر ألف ألف.
وجاء عَنِ الشَّعْبِيّ أن فَيْء جَلُولاء قُسِّم على ثلاثين ألف ألف [3] .
وَقَالَ أَبُو وائل: سُمِّيت جَلُولاء «فتح الفتوح» [4] .
وَقَالَ ابن جرير [5] : أقام هاشم بْن عُتْبة بجَلُولاء، وخرج القعقاع بْن عمرو في آثار القوم إلى خانقين، فقتل من أدرك منهم، وقُتِل مهران، وأفلت الفَيْرُزان [6] ، فلّما بلغ ذلك يَزْدَجرْدَ تقهقر إلى الرّيّ.
__________
[1] في التاريخ- ص 136.
[2] في الأصل «خرزاد بن جرمهر» ، والتصويب من تاريخ خليفة 136 وتاريخ الطبري 4/ 27.
[3] تاريخ خليفة 137.
[4] تاريخ خليفة 137.
[5] في التاريخ 4/ 34.
[6] في نسخة دار الكتب (القيروان) وهو خطأ.

(3/161)


وفيها جهز سعد جُنْدًا فافتتحوا تِكْريت واقتسموها، وخمَّسوا الغنائم، فأصاب الفارس منها ثلاثةُ آلاف دِرْهم [1] .
وفيها سار عُمَر إلى الشام وافتتح بيت المقدس، وقدم إلى الجابية- وهي قَصَبة حَوْران- فخطب بها خطبةً مشهورةً متواتِرة عنه [2] .
قال زهير بن محمد المروزي: حدّثني عبد الله بْن مسلم بْن هُرْمُز أنّه سمع أبا الغادية المُزَني قَالَ: قدِم علينا عمر الجابية، وهو على جملٍ أوْرَقَ [3] ، تَلُوحُ صَلْعَتُهُ للشمس، ليس عليه عمامة ولا قلنسوة، بين عودين، ووطاؤه فَرْوُ كَبْشٍ نَجْدِيّ، وهو فراشه إذا نزل، وحقيبته شَمْلَة أو نَمِرَةٌ مَحْشُوَّةٌ لِيفًا وهي وسادَتُهُ، عليه قميص قد انخرق بعضه ودسم جَيْبُه.
رواه أَبُو إسماعيل المؤدب، عَنِ ابن هرمز فَقَالَ: عَنْ أبي العالية الشامي.
قِنَّسْرِين
وفيها بعث أَبُو عبيدة عمرو بْن العاص- بعد فراغه من اليرموك- إلى قنّسرين، فصالح أهل حلب ومنبج وأنطاكية على الجزية، وفتح سائر بلاد قنّسرين عنوة [4] .
وفيها افتتحت سروج والرّها على يدي عياض بن غنم [5] .
وفيها قَالَ ابن الكلبي: سار أَبُو عبيدة وعلى مقدَّمته خالد بْن الوليد، فحاصر أهل إيلياء [6] ، فسألوه الصُّلْح على أن يكون عُمَر هو الّذي يعطيهم
__________
[1] تاريخ الطبري 4/ 35، 36.
[2] انظر الخطبة في تاريخ الطبري 3/ 609، وفتوح الشام للأزدي 251.
[3] أي أسمر.
[4] تاريخ خليفة 135.
[5] فتوح البلدان 1/ 208.
[6] بكسر أوله وكسر اللام: اسم مدينة بيت المقدس.

(3/162)


ذلك ويكتب لهم أمانًا، فكتب أَبُو عبيدة إلى عُمَر، فقدِم عُمَر إلى الأرض المقدسة فصالحهم وأقام أيّامًا ثُمَّ شخص إلى المدينة [1] .
وفيها كانت وقعة قَرْقِيسْياء [2] ، وحاصرها الحارث بْن يزيد العامري، وفُتِحت صُلْحًا [3] .
وفيها كُتِب التاريخ في شهر ربيع الأول، فعن ابن المسيب قَالَ: أوّل من كتب التاريخ عُمَر بْن الخطاب لسنتين ونصف من خلافته، فُكِتب لست عشرة من الهجرة بمشورة علي رضي الله عنهما [4] .
وفيها نُدِب لحرب أهل المَوْصِل رِبْعيّ بْن الأفكل.
(من تُوُفِّيَ فيها) :
مارية أمّ إبراهيم القبطية
[5] ، وكانت أهداها المُقَوْقِس إلى النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سنة ثمانٍ، وعاش ابنها إبراهيم عليه السلام عشرين شهرًا، وصلى عليها عمر، ودفنت بالبقيع في المحرّم.
__________
[1] تاريخ خليفة 135.
[2] قرقيسياء: بالفتح ثم السكون. بلد على نهر الخابور قرب رحبة مالك بن طوق على ستة فراسخ وعندها مصبّ الخابور في الفرات. (معجم البلدان 4/ 328) .
[3] تاريخ الطبري 4/ 38.
[4] الطبري 4/ 38.
[5] طبقات ابن سعد 8/ 212- 216، الاستيعاب 4/ 410- 413، أسد الغابة 5/ 543،

(3/163)


ويقال تُوُفِّيَ فيها سعد بْن عُبَادة [1] . وأبو زيد سعد بن عبيد القارئ [2] .
__________
[544،) ] الإصابة 4/ 404، 405 رقم 984، تاريخ خليفة 135، تسمية أزواج النبيّ وأولاده لأبي عبيدة 75، المعرفة والتاريخ 3/ 305.
[1] تاريخ خليفة 135.
[2] في حاشية الأصل: «بلغت قراءة خليل بن أيبك على مؤلّفه، فسح الله في مدّته، في الميعاد الخامس عشر، وسمعه المولى أمين الدين محمد بن الأنفي المالكي، والمولى الإمام المحدّث شمس الدين بن أبي بكر ابن الشيخ محبّ الدين» .

(3/164)


سنة سبع عشرة
يقال كانت فيها وقعة جَلُولاء المذكورة.
وفيها خرج عُمَر إلى سَرغ [1] ، واستخلف على المدينة زيد بْن ثابت، فوجد الطاعون بالشام، فرجع لمّا حدّثه عبد الرحمن بْن عوف عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أمر الطاعون [2] .
وفيها زاد عُمَر فِي مسجد النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعمله كما كان في زمان النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [3] .
وفيها كَانَ القحط بالحجاز، وسمي عام الرَّمَادة [4] ، واستسقى عُمَر للناس بالعباس عم النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [5] .
__________
[1] سرغ: بفتح أوّله وسكون ثانيه. أول الحجاز وآخر الشام بين المغيثة وتبوك من منازل حاجّ الشام. قال أنس بن مالك: هي قرية بوادي تبوك. (معجم البلدان 3/ 211، 212) .
[2] تاريخ خليفة 135.
[3] تاريخ الطبري 4/ 68، ابن الأثير 2/ 537.
[4] الرماد: الهلكة، وسمّي عام الرّمادة لأنّه هلكت فيه النّاس والأموال. (تاج العروس) . وفي طبقات ابن سعد 3/ 310 أنّ الأرض كلها صارت سوداء فشبّهت بالرماد.
[5] تاريخ خليفة 138 (حوادث سنة 18 هـ-.) وكذلك في تاريخ الطبري 4/ 96، الكامل لابن الأثير 2/ 555، ابن سعد 3/ 321.

(3/165)


وفيها كتب عُمَر إلى أبي موسى الأشعري بإمرة البّصْرة. وبأن يسير إلى كُوَر الأهواز، فسار واستخلف على البصرة عمران بْن حُصَيْن، فافتتح أَبُو موسى الأهوازَ صلحًا وَعْنوةً، فوظَّف عمر عليها عشرة آلاف ألف درهم وأربعمائة ألف، وجهد زياد في إمرته أن يخلص العَنْوة من الصُّلح فما قدِر [1] .
قَالَ خليفة [2] : وفيها شهِدَ أَبُو بكرة، ونافع ابنا الحارث، وشبل بْن مَعَبد، وزياد على المُغيرة بالِّزنَى ثُمَّ نكل بعضهم، فعزله عُمَر عَنِ البصرة ووّلاها أبا موسى الأشعري [3] .
وَقَالَ خليفة [4] : ثنا رَيْحان بْن عصمة، ثنا عُمَر بْن مرزوق، عَنْ أبي فَرْقَد قَالَ: كنّا مع أبي موسى الأشعري بالأهواز وعلى خيله تجافيف [5] الدّيباج.
وفيها تزوج عُمَر بأم كلثوم بنت فاطمة الزهراء، وأصدقها أربعين ألف درهم فيما قيل [6] .
__________
[1] تاريخ خليفة 135، 136، الطبري 4/ 69، ابن الأثير 2/ 540.
[2] في التاريخ 135.
[3] «الأشعريّ» ساقطة من الأصل، والاستدراك من تاريخ خليفة 135.
[4] في التاريخ 136.
[5] التجفاف: بالكسر، آلة للحرب يلبسه الفرس والإنسان كالدرع.
[6] الإصابة 4/ 492 رقم 1481، السير والمغازي لابن إسحاق 248.

(3/166)


الوفيَّات
وفيها تُوُفِّيَ جماعة، الأصحّ أنّهم تُوُفُّوا قبل هذه السنة وبعدها، فَتُوُفِّيَ عُتْبَة بْن غزوان في قول سعيد بن عفير ورواية الواقِديّ. وتُوُفِّيَ فيها الحارث بْن هشام، وإسماعيل بْن عمرو في قول ابن عفير. وفي قوله أيضًا شُرحبيل بْن حسنة. ويزيد بْن أبي سُفيان بْن حرب، وفي قول هشام بْن الكلبيّ وابن عُفَير تُوُفِّيَ أَبُو عبيدة بْن الجراح.
وَقَالَ أَبُو مُسْهِر: قرأت في كتاب يزيد بْن عبيدة: تُوُفى أَبُو عبيدة، ومعاذ بْن جبل سَنَة سبع عشرة.

(3/167)


سنة ثَماني عَشرة
فيها قَالَ ابن إسحاق: استسقى عمر للنّاس وخرج ومعه العباس فَقَالَ:
«اللَّهمّ إنّا نستسقيك بعم نبيِّك» [1] .
وفيها افتتح أَبُو موسى جُنْدِيسَابُورَ والسُّوس [2] صُلْحًا، ثُمَّ رجع إلى الأهواز [3] .
وفيها وجه سعد بْن أبي وقاص جرير بْن عبد الله البجلي إلى حلوان بعد جلولاء، فافتتحها عنوةً [4] .
ويقال بل وجَّه هاشم بْن عُتْبَة، ثُمَّ انتقضوا حتى ساروا إلى نهاوند، ثُمَّ سار هاشم إلى ماه [5] فأجلاهم إلى أَذْرَبِيجَان، ثُمَّ صالحوا [6] .
ويقال فيها افتتح أَبُو موسى رامَهُرْمُز [7] ، ثمّ سار إلى تستر [8]
__________
[1] تاريخ خليفة 138 وفي طبقات ابن سعد 3/ 321 «إنّا نتشفّع إليك» .
[2] السّوس: بلدة بخوزستان فيها قبر دانيال النبيّ. (معجم البلدان 3/ 280) .
[3] تاريخ خليفة 140.
[4] تاريخ خليفة 139.
[5] في تاريخ خليفة 140 «ماه دينار» . وهي مدينة نهاوند. (معجم البلدان 5/ 49) .
[6] تاريخ خليفة 140.
[7] مدينة مشهورة بنواحي خوزستان. (معجم البلدان 3/ 17) .
[8] تستر، بالضمّ ثم السكون، وفتح التاء الأخرى. أعظم مدينة بخوزستان. (معجم البلدان 2/ 29) .

(3/169)


فنازلها [1] .
وَقَالَ أَبُو عبيدة بْن المثني: فيها حاضر هرِم بْن حيَّان أهل دَسْتَ هرّ [2] ، فرأى ملكُهُم امرأةً تأكل ولَدَها من الجوع فَقَالَ: الآن أُصالح العرب، فصالح هرِمًا على أن يُخْلِيَ لهم المدينة [3] .
وفيها نزل النَّاس الكوفة [4] ، وبناها سعد باللبن، وكانوا بنوها بالقصب فوقع بها حريق هائل.
وفيها كان طاعون عمواس [5] بناحية الأردن، فاسْتُشْهِدَ فيه خلقٌ من المُسْلِمين. ويقال: إنّه لم يقع بمكة ولا بالمدينة طاعون.
__________
[1] تاريخ خليفة 140.
[2] هكذا في الأصل، وفي تاريخ خليفة «ريشهر» ، وفي معجم البلدان 3/ 112 هي ناحية من كورة أرّجان.
[3] تاريخ خليفة 141.
[4] تاريخ خليفة 141.
[5] انظر: تاريخ خليفة 138، تاريخ الطبري 4/ 96 وما بعدها، والمعرفة والتاريخ 3/ 306، تهذيب تاريخ دمشق 1/ 176، الكامل لابن الأثير 2/ 555.

(3/170)


ذِكْر مَن تُوُفيّ بهذا الطاعون بخ [1] أَبُو عُبَيْدَةَ [2]
عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الجراح بْن هلال بْن أُهيب [3] بْن ضبة بْن الحارث بْن فهر القُرَشِيّ الفِهري، أمين هذه الأمة وأحد العشرة وأحد الرجلين اللذين عينهما أبو بكر للخلافة يوم السّقيفة.
__________
[1] في ح: (ع) بدل (بخ) والتحقيق من (خلاصة الخزرجي) .
[2] مسند أحمد 1/ 195، 196، الزهد له 230، طبقات ابن سعد 3/ 409- 415، نسب قريش 445، طبقات خليفة 27 و 300، تاريخ خليفة 138، التاريخ الكبير 6/ 444، 445 رقم 2942، التاريخ الصغير 1/ 48، المعارف 247، 248، عيون الأخبار 1/ 142 و 3/ 23، تاريخ أبي زرعة 1/ 177، المحبّر 71 و 75 و 118 و 120، 121، 122 و 170 و 474، التاريخ لابن معين 2/ 715، التاريخ الطبري 3/ 202، الكنى والأسماء 1/ 12، الجرح والتعديل 6/ 325 رقم 1807، مشاهير علماء الأمصار 8، 9 رقم 13، البدء والتاريخ 5/ 87، فتوح البلدان 1/ 204، مقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 93 رقم 151، فتوح الشام للأزدي 267، 268، المعجم الكبير للطبراني 1/ 154- 157 رقم 10، المستدرك 3/ 262- 268، حلية الأولياء 1/ 100- 102 رقم 10، ثمار القلوب 112، المعرفة والتاريخ 3/ 306، الاستيعاب 3/ 2- 4، تهذيب تاريخ دمشق 7/ 160- 168، صفة الصفوة 1/ 365- 369 رقم 11، جامع الأصول 9/ 5- 18، أسد الغابة 3/ 128- 130، الكامل في التاريخ 2/ 325- 332، تهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 259 رقم 386، الرياض النضرة 2/ 307، تهذيب الكمال 2/ 645، دول الإسلام 1/ 15، العبر 1/ 15، و 24، سير أعلام النبلاء 1/ 5- 23 رقم 1، الكاشف 2/ 50 رقم 2562، تلخيص المستدرك 3/ 262- 268، الوفيات لابن قنفذ 30 رقم 18، جمهرة أنساب العرب 177، مرآة الجنان 1/ 215، البداية والنهاية 7/ 94، الوافي بالوفيات 16/ 575، 576 رقم 614، العقد الثمين 5/ 84، شفاء الغرام 1/ 58، 59، الإصابة 2/ 252- 254 رقم 4400، تهذيب التهذيب 5/ 73 رقم 116، تقريب التهذيب 1/ 388 رقم 52، تلقيح فهوم الأثر 368، طبقات الشعراني 1/ 23، تاريخ الخميس 2/ 244، كنز العمال 13/ 214- 219، شذرات الذهب 1/ 29، أمراء دمشق في الإسلام 47، القاموس الإسلامي 5/ 245- 247، أشهر مشاهير الإسلام 504، السّير والمغازي لابن إسحاق 226، مروج الذهب 2/ 315، نهاية الأرب 19/ 354، 355.
[3] وقيل: «وهيب» . انظر: المعجم الكبير للطبراني 1/ 154، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 259.

(3/171)


روى عنه جابر، وأبو أمامة، وأسلم مولى عُمَر، وجماعة.
ولي إمرة أُمراء الأجناد بالشام، وكان من السابقين الأولين، شهِدَ بدرًا ونزع الحلقتين اللتين دخلتا من المِغْفَر في وَجِنَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحد بأسنانه رِفْقًا بالنّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فانتُزعت ثَنِيَّتاه، فحسَّن ذهابهما فاه، حتى قيل: ما رئي أحسن من هَتْم أبي عبيدة [1] .
وقد انقرض عَقِبَه [2] .
وقيل: آخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُ وبين محمد بْن مسْلَمَة.
وعن مالك بْن يُخَامر [3] أنه وصف أبا عبيدة فَقَالَ: كان نحيفًا معروق الوجه خفيف اللحية طوالًا أجْنى أثرم [4] الثنيتين [5] .
وَقَالَ موسى بْن عقبة في غزوة ذات السلاسل: إن النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمدّ عمرو ابن العاص بجيشٍ فيهم أَبُو بكر وعمر، وأمر عليهم أبا عبيدة [6] .
وَقَالَ رَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ [7] وَغَيْرُهُ إِنَّ عُمَرَ قَالَ: إِنْ أَدْرَكَنِي أَجَلِي وَأَبُو عُبَيْدَةَ حَيٌّ اسْتَخْلَفْتُهُ، فَإِنْ سَأَلَنِي اللَّهُ لِمَ اسْتَخْلَفْتَهُ قُلْتُ: إِنِّي سَمِعْتُ نَبِيَّكَ يَقُولُ:
__________
[1] طبقات ابن سعد 3/ 410، الاستيعاب 3/ 3، المستدرك 3/ 266، سيرة ابن هشام 1/ 252، الإصابة 2/ 252، السيرة لابن كثير 3/ 58، 59.
[2] السير والمغازي 226، طبقات ابن سعد 3/ 409 وغيرهما.
[3] في النسخة (ع) «يخابر» ، وفي نسخة دار الكتب «يحامر» ، وكلاهما غلط. والتصويب من الأصل وابن سعد.
[4] هكذا في الأصل، وفي طبقات ابن سعد 3/ 144 «أجنأ» ، وفي سير أعلام النبلاء 1/ 7 «أحنى» بمعنى انعطاف الكاهل نحو الصدر مع انحناء من الكبر. وانظر: المستدرك 3/ 264.
[5] الأثرم: مكسور الأسنان.
[6] طبقات ابن سعد 3/ 414، المستدرك 3/ 264.
[7] انظر: المغازي لعروة 207، وسيرة ابن هشام 3/ 239، والمغازي للواقدي 2/ 769، وتاريخ الطبري 3/ 21- 32، والكامل في التاريخ 2/ 232، وعيون الأثر 2/ 157، والإصابة 2/ 253.

(3/172)


«إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا وَأَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ [1] » . وَقَالَ عبد الله بن شقيق: سألت عائشة: أي أصحابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أحبّ إليه؟ فَقَالَتْ: أَبُو بكر، ثُمَّ عُمَر، ثُمَّ أَبُو عبيدة [2] .
وَقَالَ عروة بْن الزُّبَيْر: قدم عُمَر الشام فتلقّوه، فَقَالَ: أين أخي أَبُو عبيدة؟ قالوا: يأتيك الآن، فجاء على ناقة مخطوطة بحبْل، فسلم عليه ثُمَّ قَالَ للناس: انصرفوا عنا، فسار معه حتى أتى منزله فنزل عليه، فلم ير في بيته إلا سيفه وتُرْسَه ورحْلَه، فَقَالَ له عُمَر: لو اتخذت متاعًا- أو قَالَ شيئًا- قَالَ: يا أمير المؤمنين إنّ هذا سيبلِّغُنا الْمَقِيلَ [3] .
ومناقب أبي عبيدة كثيرة ذكرها الحافظ أَبُو القاسم في «تاريخ
__________
[1] أخرجه أحمد في المسند 1/ 18 من طريق صفوان عن شريح بن عبيدة وراشد بن سعد وغيرهما قالوا: لما بلغ عمر بن الخطاب رضي الله عنه سرغ حدّث أنّ بالشام وباء شديدا قال: بلغني أنّ شدّة الوباء في الشام، فقلت: إن أدركني أجلي وأبو عبيدة بن الجراح حَيٌّ اسْتَخْلَفْتُهُ فَإِنْ سَأَلَنِي اللَّهُ لِمَ اسْتَخْلَفْتَهُ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قلت إني سمعت رسولك صلى الله عليه وسلّم يقول: «إنّ لكل نبيّ أمينا وأميني أبو عبيدة بن الجراح» فأنكر القوم ذلك وقالوا: ما بال عليا قريش يعنون بني فهر ثم قال: فإن أدركني أجلي، وقد توفي أبو عبيدة استخلفت معاذ بن جبل فإن سألني ربّي عزّ وجلّ لم استخلفته؟ قلت: سمعت رسولك صلى الله عليه وسلّم يقول: إنّه يحشر يوم القيامة بين يدي العلماء نبذة. وشريح بن عبيدة، وراشد بن سعد لم يدركا عمر، وأخرجه ابن سعد مختصرا في الطبقات 3/ 412 من طريق شعبة ووهيب بن خالد، عن خالد الحذّاء، عن أبي قلابة، عن أنس بن مالك، وأخرجه الحاكم في المستدرك 3/ 268 بنحوه مختصرا من طريق: كثير بن هشام، عن جعفر بن برقان، عن ثابت بن الحجّاج، قال: بلغني أنّ عمر بن الخطاب قال: لو أدركت أبا عبيدة بن الجرّاح لاستخلفته وما شاورت فإن سئلت عنه قلت: استخلفت أمين الله وأمين رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
[2] أخرجه الترمذي في المناقب (3657) ، وابن ماجة في المقدّمة (102) باب فضل عمر.
ورجاله ثقات. وانظر الإصابة 2/ 253.
[3] رجاله ثقات، لكنه منقطع، وأخرجه عبد الرزاق في المصنّف، رقم (20628) ، وأبو نعيم في حلية الأولياء 1/ 101، 102، وأحمد بن حنبل في الزهد 184 باب أخبار أبي عبيدة بن الجراح، وابن حجر في الإصابة 2/ 253، 254.

(3/173)


دمشق» [1] .
وَقَالَ أَبُو الموجه المروزي: زعموا أن أبا عبيدة كان في ستةٍ وثلاثين ألفًا من الجُنْد: فلم يبق من الطاعون، يعني إلا ستة آلاف [2] .
وَقَالَ عروة: إن وجع عمواس كان مُعافًى منه أَبُو عبيدة وأهله فَقَالَ:
«اللَّهمّ نصيبك في آل أبي عبيدة» فخرجت به بثرة: فجعل ينظر إليها فقيل:
إنها ليست بشيء، فَقَالَ: إني لأرجو أن يبارك الله فيها.
وعن عُرْوَة بْن رُوَيْم أن أبا عبيدة أدركه أجله بفِحْلٍ فتوفي بها، وهي بقرب بيسان.
قال الفلَّاس وجماعة: إنه توفِّي سنة ثماني عشرة [3] زاد الفلاس: وله ثمانٌ وخمسون سنة [4] .
وكان يخضب بالحناء والكتم [5] ، وله عقيصتان [6] ، رضي الله عنه.
__________
[1] مخطوطة الظاهرية 7/ 157.
[2] وقيل مات في طاعون عمواس خمسة وعشرون ألفا (تاريخ الطبري 4/ 101 والاستيعاب 3/ 4) .
[3] أخرجه الحاكم في المستدرك 3/ 264، وانظر الإصابة 2/ 254.
[4] أخرج الطبراني في المعجم الكبير 1/ 155 رقم 363 عن أبي الزنباع روح بن الفرج، عن يحيى بن بكير قال: مات أبو عبيدة رضي الله عنه في طاعون عمواس سنة ثمان عشرة وهو ابن ثمان وخمسين سنة، وشهد بدرا وهو ابن إحدى وأربعين سنة، ويقال: صلّى عليه معاذ بن جبل. وأخرج الحاكم في المستدرك 3/ 264 من طريق أبي مسهر عبد الأعلى بن مسهر، عن يحيى بْن حمزة، عَنْ عُرْوَة بْن رُوَيْم بنحوه مختصرا. ومن طريق آخر عن محمد بن حريث، عن عمرو بن علي، عن يحيى بن سعيد (265) ، وانظر طبقات ابن سعد 3/ 414، 415.
[5] ابن سعد 3/ 415.
[6] العقيصة: الشعر المعقوص.

(3/174)


ع مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ [1]
ابْنِ عَمْرِو بْنِ أَوْسِ بْنِ عَائِذِ بْنِ عَدِيٍّ مِنْ بَنِي سلمة [2] الأنصاري الخزرجيّ أبو عبد الرحمن.
__________
[1] مسند أحمد 5/ 227- 248، طبقات ابن سعد 3/ 583- 590، الأخبار الموفقيّات 579، طبقات خليفة 103 و 303، تاريخ خليفة 97 و 138 و 155، التاريخ الكبير 7/ 359، 360 رقم 1554، التاريخ الصغير 1/ 41 و 47 و 49 و 52 و 53 والتاريخ لابن معين 2/ 571، فتوح البلدان 1/ 83 و 86 و 88 و 165 و 179 و 186 و 179 و 278، أنساب الأشراف 1/ 247 و 264 و 271 و 365 و 529 و 530، المعارف 254، تاريخ الطبري (انظر فهرس الأعلام 10/ 418) ، فتوح الشام للأزدي 267- 274، البرصان والعرجان 7 و 213، 214، الخراج وصناعة الكتابة 206، 207 و 225 و 275 و 300، مقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 82 رقم 26، عيون الأخبار 1/ 60 و 230 و 2/ 309 و 3/ 14 و 4/ 113، المحبّر 72 و 26 و 286 و 304، تاريخ أبي زرعة 1/ 177، الكنى والأسماء 1/ 80 الجرح والتعديل 8/ 244، 245 رقم 1110، جمهرة أنساب العرب 342 و 358، مشاهير علماء الأمصار 50 رقم 321، المعجم الكبير للطبراني 20/ 28- 175، ربيع الأبرار 4/ 45 و 317، العقد الفريد 2/ 215 و 3/ 213 و 3/ 229 و 6/ 103، الاستبصار 136- 141، المعرفة والتاريخ (انظر فهرس الأعلام) 3/ 778، حلية الأولياء 1/ 228- 244 رقم 36، الاستيعاب 3/ 355- 361، ثمار القلوب 68 و 547، المستدرك 3/ 268- 274، طبقات الفقهاء للشيرازي 45، الكامل في التاريخ 2/ 558، أسد الغابة 5/ 194، تهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 98- 100 رقم 143، التذكرة الحمدونية 1/ 42، 43 و 128 و 140 و 2/ 225، صفة الصفوة 1/ 489- 502 رقم 51، تهذيب الكمال 3/ 1337، دول الإسلام 1/ 15، العبر 1/ 22، تلخيص المستدرك 3/ 268- 273، المعين في طبقات المحدّثين 26 رقم 120، سير أعلام النبلاء 1/ 443- 461 رقم 86، تذكرة الحفّاظ 1/ 19- 22 رقم 8 الكاشف 3/ 135 رقم 5595، مجمع الزوائد 9/ 311، البداية والنهاية 7/ 94، 95 مرآة الجنان 1/ 73، 74 نهاية الأرب 19/ 355- 358، الوفيات لابن قنفذ 46 رقم 18، مسالك الأبصار 1/ 217، غاية النهاية 2/ 301 رقم 3620، شفاء الغرام 1/ 251 و 253، تهذيب التهذيب 10/ 186- 188 رقم 347، تقريب التهذيب 2/ 255 رقم 1191، الإصابة 3/ 426، 427 رقم 8037، طبقات الحفّاظ 6، خلاصة تذهيب التهذيب 379، كنز العمّال 13/ 583، شذرات الذهب 1/ 29، البدء والتاريخ 117، 118.
[2] في هذا خلاف. انظر أسد الغابة 5/ 194، وأثبتها الطبراني في معجمه 20/ 28.

(3/175)


شَهِدَ الْعَقَبَةَ وَبَدْرًا [1] ، وَكَانَ إِمَامًا رَبَّانِيًا.
قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا مُعَاذُ وَاللَّهِ إِنِّي أُحِبُّكَ» [2] . وَعَنْ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَأْتِي معاذ أمام العلماء برتوة [3] » .
__________
[1] الطبراني 2/ 28، 29 رقم 37.
[2] أخرجه أحمد في المسند 5/ 244، 245، 247، وأبو داود في الصلاة (1522) باب الاستغفار، والنسائي في السهو 3/ 53، باب نوع آخر من الدعاء، وابن خزيمة في صحيحه 1/ 369 رقم (751) باب الأمر بمسألة الربّ عزّ وجلّ في دبر الصلوات، وابن حبّان في صحيحه رقم 2345 و 2511، والطبراني في المعجم الكبير 20/ 60 رقم 110 باب الصنابحي عن معاذ، والحاكم في المستدرك 3/ 273 وقال: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي في تلخيصه، وكلّهم من طريق: حيوة بن شريح، عن عقبة بن مسلم، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن الصّنابحيّ، عن معاذ بن جبل قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أخذ بيدي يوما ثم قال:
«يا معاذ والله إنّي لأحبّك» فقال له معاذ: بأبي وأمّي يا رسول الله وأنا والله أحبّك. فقال:
«أوصيك يا معاذ لا تدعنّ في دبر كلّ صلاة أن تقول: اللَّهمّ أعنّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك» .
[3] روى أبو نعيم في حلية الأولياء 1/ 228 من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن شهر بن حوشب، قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: لو استخلفت معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه فسألني عنه ربّي عزّ وجلّ: ما حملك على ذلك؟ لقلت: سمعت نبيّك صلى الله عليه وسلّم يقول: «إنّ العلماء إذا حضروا ربّهم عزّ وجلّ كان معاذ بين أيديهم رتوة بحجر» ، وروى من طريق عبد العزيز بن محمد، عن عمارة بن غزية، عن محمد بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «معاذ ابن جبل أمام العلماء برتوة» ، وروى نحوه من طريق: عمارة بن غزية، عن محمد بن عبد الله ابن أزهر، عن محمد بن كعب القرظي. (1/ 229) وأخرج الحاكم في المستدرك 3/ 268 نحوه من طريق يعقوب بن سفيان، عن ابن بكير، عن مالك بن أنس، وأخرج ابن سعد في الطبقات 3/ 590 من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن شهر بن حوشب، بلفظ «إن العلماء إذا اجتمعوا يوم القيامة كان معاذ بن جبل بين أيديهم قذفة حجر» وأخرجه احمد في المسند 1/ 18 من طريق: صفوان، عن شريح بن عبيدة وراشد بن سعد وغيرهما، والطبراني في المعجم الكبير 20/ 29 رقم (40) من طريق روح بن الفرج، عن يحيى بن بكير، عن مالك بن أنس، ولفظه: «معاذ بن جبل أمام العلماء برتوة يوم القيامة» ، قال ابن بكير: والرتوة المنزلة. وأخرجه من طريق عمارة بن غزية، عن محمد بن عبد الله بن أزهر الأنصاري، عن محمد بن كعب القرظي (41) ، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 9/ 311: رواه الطبراني مرسلا، وفيه محمد بن عبد الله بن أزهر الأنصاري، ولم أعرفه، وبقيّة رجاله رجال الصحيح. وانظر: صفة الصفوة 1/ 494.

(3/176)


وَقَالَ ابن مسعود: كنا نشبه معاذًا بإبراهيم الخليل. كان أُمّةً قانتًا للَّه حنيفًا وما كان من المشركين [1] .
وَقَالَ محمد بْن سعد [2] : كان معاذ رجلا طوالا أبيض، حسن الثَّغْر [3] ، عظيم العينين، مجموع الحاجبين، جعدًا قططًا.
وقيل إنه أسلم وله ثماني عشرة سنة، وعاش بِضْعًا وثلاثين سنة وقبره بالغوْر.
وروى عنه أَنْس، وأبو الطُّفيل، وأبو مسلم عبد الله بْن ثُوب [4] الخولاني، وأسلم مولى عُمَر، والأسود بْن يزيد، ومسروق، وقيس بْن أبي حازم، وخلق سواهم.
وَاسْتُشْهِدَ هو وابنه في طاعون عمواس، وأصيب بابنه عبد الرحمن قبله [5] .
وَقَالَ بشير بْن يسار [6] : لما بُعث معاذ إلى اليمن معلمًا، وكان رجلًا أعرج، فصلّى بالنّاس فبسط رجله فبسطوا أرجُلهم، فلما فرغ قَالَ: أحسنتم ولا تعودوا، واعتذر عَنْ رِجْله. [7] وَفِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ رَفَعَهُ: «أَعْلَمُ أُمَّتِي بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ
__________
[1] انظر: حلية الأولياء 1/ 430.
[2] الطبقات 3/ 590.
[3] في النسخة (ح) «الشعر» ، وهو وهم.
[4] ثوب: بضمّ المثلثة وفتح الواو.
[5] أفظر: فتوح الشام للأزدي 268، 269.
[6] في نسخة دار الكتب «بسير بن بشار» وهو وهم، والتصويب من الأصل.
[7] انظر: البرصان والعرجان 214، وطبقات ابن سعد 3/ 585.

(3/177)


مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ» [1] وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَانَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ وَجْهًا، وَأَحْسَنِهِمْ خُلُقًا، وَأَسْمَحِهِمْ كَفًّا، فَادَّانَ دَيْنًا كَثِيرًا فَلَزِمَهُ غُرَمَاؤُهُ حَتَّى تَغَيَّبَ، ثُمَّ طَلَبَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ غُرَمَاؤُهُ فَقَالَ: «رَحِمَ اللَّهُ مَنْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ» فَأَبْرَأَهُ نَاسٌ وَقَالَ آخَرُونَ: خُذْ لَنَا حَقَّنَا مِنْهُ، فَخَلَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَالِهِ وَدَفَعَهُ إِلَى الْغُرَمَاءِ، فَاقْتَسَمُوهُ وَبَقِيَ لَهُمْ عَلَيْهِ، ثُمَّ بَعَثَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْيَمَنِ وَقَالَ:
«لَعَلَّ اللَّهَ يَجْبُرُكَ» فَلَمْ يَزَلْ بِهَا حَتَّى تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدِمَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ [2] .
وَقَالَ شهر بْن حَوْشَب، عَنِ الحارث بْن عميرة الزُّبَيْدِيِّ قَالَ: إنّي
__________
[1] أخرجه أحمد في المسند 3/ 184 و 281، والترمذي في المناقب (3793) باب مناقب أهل البيت، و (3794) ، وابن ماجة في المقدّمة (154) باب فضائل خبّاب، وابن سعد في الطبقات 3/ 586، وأبو نعيم في الحلية 1/ 228.
[2] أخرجه الحاكم في المستدرك 3/ 274 من طريق محمد بن عمر، عن عيسى بن النعمان، عن معاذ بن رفاعة، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كان معاذ بن جبل مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ وَجْهًا وَأَحْسَنِهِمْ خُلُقًا وَأَسْمَحِهِمْ كفّا، دان دينا كثيرا فلزمه غرماؤه حتى تغيّب عنهم أياما في بيته حتى استعدى رسول الله صلى الله عليه وسلّم غرماؤه فقالوا: يا رسول الله خذ لنا حقّنا منه، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَحِمَ الله من تصدّق عليه» ، فتصدّق عليه ناس وأبى آخرون، وقالوا: يا رسول الله خذ لنا بحقّنا منه. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اصبر لهم يا معاذ» قال: فخلعه رسول الله صلى الله عليه وسلم من ماله فدفعه الى غرمائه فاقتسموه بينهم فأصابهم خمسة أسباع حقوقهم قالوا: يا رسول الله بعه لنا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «خلّوا عليه فليس لكم عليه سبيل» ، فانصرف معاذ إلى بني سلمة، فقال له قائل: يا أبا عبد الرحمن لو سألت رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فقد أصبحت اليوم معدما، فقال: ما كنت لأسأله، قال: فمكث أياما ثم دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلّم فبعثه إلى اليمن وقال: «لعلّ الله أن يجبرك ويؤدّي عنك دينك» قال: فخرج معاذ إلى اليمن، فلم يزل بها حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فوافى السنة التي حجّ فيها عمر بن الخطاب رضي الله عنه مكة، فاستعمله أبو بكر رضي الله عنه على الحج، فالتقيا يوم التروية بها، فاعتنقا وعزّى كل واحد منهما صاحبه برسول الله صلى الله عليه وسلّم، ثم أخلدا إلى الأرض يتحدّثان فرأى عمر عند معاذ غلمانا فقال:
ما هؤلاء؟ ثم ذكر الأحرف التي ذكرتها فيما تقدّم» . وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير 20/ 30- 32 رقم 44 من طريق الزهري، عن ابن كعب بن مالك، وأخرجه عبد الرزاق في المصنف 8/ 268، 269 رقم (15177) والبيهقي في السنن الكبرى 6/ 48، وابن عبد البرّ في الاستيعاب 3/ 358، 359، وأبو نعيم في الحلية 1/ 231، 232، وابن سعد في الطبقات 3/ 587، 588، والهيثمي في مجمع الزوائد 4/ 143 و 144 وقال رواه الطبراني في الأوسط وفيه

(3/178)


لجالس عند معاذ وهو يموت، فأفاق وَقَالَ: «أخنق عليّ خنقك فو عزّتك إنّي لأحِبَك» [1] .
وعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ معاذًا تُوُفيّ في سنة ثماني عشرة وله ثمان وثلاثون سنة [2] .
(ق) يزيد بْن أبي سُفْيَان [3] .
ابن حرب بْن أمية الأموي، ويقال له يزيد الخير، أمه زينب بنت نوفل الكنانيّة.
__________
[ () ] ابن لهيعة، وفيه كلام وحديثه حسن وبقيّة رجاله رجال الصحيح إلّا أن ابن شهاب قال عن ابن كعب بن مالك عن أبيه ولم يسمّه، وفي الصحيح غير حديث كذلك، ولا يعلم في أولاد كعب ضعيف، والله أعلم.
[1] طبقات ابن سعد 3/ 589.
[2] ابن سعد 3/ 590.
[3] طبقات ابن سعد 7/ 405، 406، نسب قريش 125، 126 طبقات خليفة 10، تاريخ خليفة 119 و 138، التاريخ الكبير 8/ 317، 318 رقم 3156، التاريخ الصغير 1/ 41 و 44 و 45 و 52، العقد الفريد 1/ 128 و 129 و 4/ 147 و 158، فتوح الشام للأزدي (انظر فهرس الأعلام 295) ، تاريخ الطبري (انظر فهرس الأعلام 10/ 456) ، المعارف 345، الخراج وصناعة الكتابة 288 و 290 و 291 و 295 و 297 و 299- 301 و 336 و 414، جمهرة أنساب العرب 111، مشاهير علماء الأمصار 15، 16 رقم 48، الاستيعاب 3/ 649، 650، ربيع الأبرار 4/ 400، المعرفة والتاريخ 1/ 691 و 2/ 303 و 315 و 3/ 291- 293 و 298 و 300، تاريخ أبي زرعة 1/ 172 173، المعجم الكبير للطبراني 22/ 231، 232، أسد الغابة 5/ 112، 113، تهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 162، 163 رقم 257، تهذيب الكمال 3/ 1533، نهاية الأرب 19/ 358، دول الإسلام 1/ 16، العبر 1/ 15 و 22، 23، المعين في طبقات المحدّثين 27 رقم 139، الكاشف 3/ 244 رقم 6421، العقد الثمين 7/ 462، 463، مرآة الجنان 1/ 74، 75، الأخبار الموفقيّات 600، فتوح البلدان (انظر فهرس الأعلام 673) ، المحبّر 67 و 126 و 474، عيون الأخبار (انظر فهرس الأعلام 4/ 223) ، الكامل في التاريخ 2/ 558، البداية والنهاية 7/ 95، سير أعلام النبلاء 1/ 328- 330 رقم 68، تهذيب التهذيب 11/ 332، 333 رقم 634، تقريب التهذيب 2/ 365 رقم 259، الإصابة 3/ 656، 657 رقم 9265، خلاصة تذهيب التهذيب 432، شذرات الذهب 1/ 24.

(3/179)


أسلم يوم الفتح وحسن إسلامه، وشهد حُنَيْنًا، وأعطاه النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الغنائم فيما قيل مائة بعيرٍ وأربعين أوقية، وكان جليل القدر شريفًا سيّدًا فاضلًا، وهو أحد أمراء الأجناد الأربعة الذين عقد لهم أَبُو بكر الصِّدِّيق وسيرهم لغزو الشام، فلما فُتِحت دمشق أمَّره عُمَر على دمشق، ثُمَّ ولي بعد موته أخاه معاوية [1] .
لَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الوضوء [2] ، وعن أبي بكر.
روى عنه أَبُو عبد الله الأشعري، وجُنَادة بْن أبي أُمية.
تُوُفيّ في الطاعون.
وَقَالَ الوليد بْن مسلم: إنه تُوُفيّ في سنة تسع عشرة بعد أن افتتح قيسارية التي بساحل الشام.
[3] [عَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ: ثنا مُهَاجِرٌ أَبُو مَخْلَدٍ، حَدَّثَنِي أَبُو الْعَالِيَةِ قَالَ:
غَزَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ بِالنَّاسِ، فَوَقَعَتْ جَارِيَةٌ نَفِيسَةٌ فِي سَهْمِ رَجُلٍ، فَاغْتَصَبَهَا يَزِيدُ، فَأَتَاهُ أَبُو ذَرٍّ فَقَالَ: رُدَّ عَلَى الرَّجُلِ جَارِيَتَهُ، فَتَلَكَّأَ فَقَالَ: لَئِنْ فَعَلْت ذَلِكَ لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «أَوَّلُ مَنْ يُبَدِّلُ سُنَّتِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ يُقَالُ لَهُ يَزِيدُ» ، فَقَالَ: نَشَدْتُكَ باللَّه أَنَا مِنْهُمْ؟ قَالَ: لا، فَرَدَّ عَلَى الرجل جاريته. أخرجه الرّوياني في مسندة] [4] .
__________
[1] طبقات ابن سعد 7/ 406، التاريخ الكبير 8/ 317، فتوح البلدان 1/ 204، الخراج وصناعة الكتابة 301، الإستيعاب 3/ 649، أسد الغابة 5/ 112، المعجم الكبير 22/ 231.
[2] أخرجه ابن ماجة في الطهارة (455) باب غسل العراقيب، من طريق الوليد بن مسلم، عن شيبة بن الأحنف، عن أبي سلام الأسود، عن أبي صالح الأشعري، عن أبي عبد الله الأشعري، عن خالد بن الوليد، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَشُرَحْبِيلُ بْنُ حَسَنَةَ، وعمرو بن العاص، كل هؤلاء سمعوا من رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اتمّوا الوضوء، ويل للأعقاب من النار» . قال البوصيري: إسناده حسن، ما علمت في رجاله ضعفا. وهو كما قال.
[3] ما بين الحاصرتين ساقط من نسخة دار الكتب.
[4] الحديث مرسل، ومهاجر أبو مخلد ليّنه أبو حاتم وقال: ليس بذاك. ولذا قال عنه ابن حجر في التقريب: مقبول، أي حيث يتابع، وإلّا فليّن. (سير أعلام النبلاء 1/ 330 حاشية رقم 1) .

(3/180)


ق
(شُرَحْبيل بْن حسنة)
[1] وهي أمّه، واسم أبيه عبد الله بْن المُطاع، حليف بني زهرة، أَبُو عبد الله من كِنْدة.
هاجر هو وأمه إلى الحبشة [2] .
وله رواية حديثين [3] .
روى عنه عبد الرحمن بْن غنم، وأبو عبد الله الأشعري.
وكان أحد الأمراء الأربعة الذين أمّرهم أبو بكر الصّدّيق.
__________
[1] طبقات ابن سعد 7/ 393، 394، تاريخ خليفة 119 و 129 و 138 و 155، التاريخ الكبير 4/ 247، 248 رقم 2690، المحبّر 410، المعارف 325، فتوح البلدان 1/ 128، 129، و 137- 139 و 144 و 147 و 156 و 166 و 172 أنساب الأشراف 1/ 214 و 532، الخراج وصناعة الكتابة، 284، 285 و 290 و 300، تاريخ الطبري (انظر فهرس الأعلام 10/ 282) ، المنتخب من ذيل المذيّل 559، فتوح الشام للأزدي (انظر فهرس الأعلام 290) ، العقد الفريد 4/ 168، مشاهير علماء الأمصار 19، 20 رقم 75، جمهرة أنساب العرب 162، الإستيعاب 2/ 139- 141، الكنى والأسماء 1/ 77، المعرفة والتاريخ (انظر فهرس الأعلام 3/ 580) ، الجرح والتعديل 4/ 337 رقم 1481 المستدرك 3/ 275- 277، المعجم الكبير للطبراني 7/ 364- 366 رقم 691، ربيع الأبرار 4/ 339، تهذيب تاريخ دمشق 6/ 301- 304، أسد الغابة 2/ 390، تهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 1/ 242، 243 رقم 248، الكامل في التاريخ 2/ 562، تهذيب الكمال 2/ 576، 577، المعين في طبقات المحدّثين 22 رقم 56، العبر 1/ 15، الكاشف 2/ 7 رقم 2282، دول الإسلام 1/ 16، تلخيص المستدرك 3/ 275- 277، العقد الثمين 5/ 6، البداية والنهاية 7/ 93، 94، الوافي بالوفيات 16/ 128 رقم 146 مرآة الجنان 1/ 75، تهذيب التهذيب 4/ 324، 325 رقم 558، تقريب التهذيب 1/ 349 رقم 45، الإصابة 2/ 143 رقم 3869، حسن المحاضرة 1/ 99، شذرات الذهب 1/ 24 و 30 خلاصة تذهيب التهذيب 164، 165.
[2] المستدرك 3/ 276.
[3] انظر الحديثين في المعجم الكبير للطبراني 7/ 365، 366 رقم 3209 و 7210 مكرر، و 7211.

(3/181)


(الفضل بْن الْعَبَّاسِ)
[1] بْن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْن هَاشِمٍ، وكان جميلًا مليحًا وسيمًا.
تُوُفيّ شابًا لأنه يوم حجة الوداع كان أمرد، وكان يَوْمَئِذٍ رديف النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [2] .
له صُحبة ورواية.
روى عنه أخوه عبد الله، وأبو هُرَيْرَةَ، وربيعة بْن الحارث.
تُوُفيّ بطاعون عمواس في قول ابن سعد [3] والزُّبَيْر بْن بكار، وأبي حاتم [4] ، وابن البرقي، وهو الصحيح، ويقال: قُتِل يوم مرج الصُّفَّر، ويقال: يوم أجْنادين، ويقال: يوم اليرموك، ويقال: سنة ثمان وعشرين [5] .
__________
[1] طبقات ابن سعد 4/ 54 و 7/ 399، تاريخ خليفة 120، طبقات خليفة 4 و 297، تاريخ أبي زرعة 1/ 157، التاريخ لابن معين 2/ 474، مقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 89 رقم 110، المحبّر 107 و 409 و 455، المعارف 121، 122، 164 و 166 و 267، أنساب الأشراف 1/ 216، 414 و 447 و 451 و 544 و 569- 571 و 576 و 577، فتوح البلدان 1/ 165، تاريخ الطبري 2/ 466 و 3/ 74 و 189 و 211 و 213 و 241، جمهرة أنساب العرب 18 و 412، عيون الأخبار 1/ 334، التاريخ الكبير 7/ 114 رقم 502، التاريخ الصغير 1/ 36، الجرح والتعديل 7/ 63 رقم 363، نسب قريش 28 و 89 و 90، الاستيعاب 3/ 208- 210 المعرفة والتاريخ 1/ 456 و 518 و 2/ 146 و 730، مشاهير علماء الأمصار 9 رقم 18، ربيع الأبرار 4/ 16 و 202، المستدرك 3/ 274، المعجم الكبير للطبراني 18/ 267- 298، الجمع بين رجال الصحيحين 2/ 411، أسد الغابة 4/ 366، تهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 50، 51 رقم 54، تهذيب الكمال 2/ 1100، سير أعلام النبلاء 3/ 444 رقم 86، المستدرك 3/ 274، 275، الكاشف 2/ 328، 329، رقم 4537، المعين في طبقات المحدّثين 25 رقم 105 العقد الثمين 7/ 10، تهذيب التهذيب 8/ 280 رقم 512، تقريب التهذيب 2/ 110 رقم 42، الإصابة 3/ 208 209 رقم 7003، البداية والنهاية 7/ 94، خلاصة تذهيب التهذيب 263.
[2] طبقات ابن سعد 4/ 54، المعجم الكبير 18/ 268 رقم 673، المستدرك 3/ 275.
[3] الطبقات 4/ 55 و 7/ 399.
[4] الجرح والتعديل 7/ 63.
[5] انظر المعجم الكبير للطبراني 18/ 268 رقم 671.

(3/182)


(الحارث بْن هشام)
[1] بْن المُغِيرَة المَخْزُومِيّ أَبُو عبد الرحمن أخو أبي جهل.
أسلم يوم الفتح، وكان سيدًا شريفًا، تألفه النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَحَسبه بمائةٍ من الأبل من غنائم حنين، ثُمَّ حسن أسلامه [2] .
ولما خرج من مكة إلى الجهاد بالشام جزع لذلك أهل مكة وخرجوا
__________
[1] طبقات ابن سعد 5/ 444 7/ 404، طبقات خليفة 299، تاريخ خليفة 90 و 131 و 138، المحبّر 139 و 176 و 453 و 501 و 502، تاريخ أبي زرعة 1/ 445، مقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 125 رقم 530، أنساب الأشراف 1/ 208 و 209 و 284 و 304 و 312 و 313 و 356 و 363 وق 4 ج 1/ 8 ج 5/ 203، فتوح البلدان 1/ 135 و 166، المغازي للواقدي 42 و 58 و 71 و 96 و 199 و 203 و 594 و 784 و 785 و 829 و 846 و 895 و 946، السير والمغازي لابن إسحاق 146 و 176 و 253، أخبار مكة للأزرقي 1/ 275 و 2/ 162، العقد الفريد 1/ 141 و 144، البرصان والعرجان للجاحظ 11، 12، التاريخ الكبير 2/ 258 رقم 2385 (دون ترجمة) المعارف 281 و 342 عيون الأخبار 1/ 169 و 339، 340، نسب قريش 301 و 302، فتوح الشام للأزدي 46، تاريخ الطبري 2/ 365 و 501 و 524 و 3/ 42 و 90 و 400 و 401 و 437 و 443 و 613 و 4/ 60 و 65، الجرح والتعديل 3/ 92، 93 رقم 429، ثمار القلوب 298، جمهرة أنساب العرب 145، الأغاني 18/ 124، المعجم الكبير للطبراني 3/ 292- 295 رقم 277، المستدرك 3/ 277- 279، ربيع الأبرار 4/ 483، الإستيعاب 1/ 301، تلقيح فهوم أهل الأثر 178، تهذيب تاريخ دمشق 4/ 8- 13، الزيارات 34، معجم البلدان 1/ 137 و 3/ 729، أسد الغابة 1/ 351، 352، الكامل في التاريخ 2/ 101 و 255 و 270 و 413 و 427 و 502 و 558 و 562، وفيات الأعيان 1/ 282 (في ترجمة حفيدة أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث رقم 117) ، التذكرة الحمدونية 2/ 442 و 466، تهذيب الكمال 5/ 294- 304 رقم 1050، سير أعلام النبلاء 4/ 419- 421 رقم 167، العبر 1/ 22، الكاشف 1/ 198، تلخيص المستدرك 3/ 277- 279، تجريد أسماء الصحابة، رقم 1042 مرآة الجنان 1/ 75، البداية والنهاية 7/ 93، الوافي بالوفيات 11/ 249- 251 رقم 366، العقد الثمين 4/ 32، شفاء الغرام 1/ 63 و 2/ 234 و 246، تهذيب التهذيب 2/ 161، 162 رقم 281، تقريب التهذيب 1/ 145 رقم 73، الإصابة 1/ 293، 294 رقم 1504، خلاصة تذهيب التهذيب 69، شذرات الذهب 1/ 30 الأعلام 2/ 161، القاموس الإسلامي 2/ 10، نهاية الأرب 19/ 358، سيرة ابن هشام 3/ 148 و 4/ 94، تهذيب سيرة ابن هشام 157 و 258.
[2] تهذيب الكمال 5/ 299، تهذيب تاريخ دمشق 4/ 10 طبقات ابن سعد 7/ 404.

(3/183)


يشيعونه ويبكون لفراقه [1] .
وتزوج عُمَر بعده بامرأته فاطمة.
وَقَالَ ابن سعد: تزوج عُمَر بابنته أم حكيم.
مات الحارث في الطاعون.
(سُهيل بْن عمرو العامري)
خطيب قريش.
في الطاعون بخلفٍ، وقد مر سنة خمس عشرة.
(أَبُو جندل بْن سُهَيْل)
[2] بْن عمرو، اسمه العاص.
من خيار الصحابة، وهو الَّذِي جاء يوم صلح الحديبيّة يرسف في قيوده، وكان أبوه قيده لما أسلم، فَقَالَ أبوه للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هذا أول مَا أقاضيك عليه أن ترده، فرده [3] .
له صحبة وجهاد.
تُوُفيّ بطاعون عمواس، وقُتِل أخوه عبد الله يوم اليمامة، وكان بدريا.
__________
[1] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 11، تهذيب الكمال 5/ 299، 300.
[2] طبقات ابن سعد 7/ 405، المغازي للواقدي 607- 609 و 630، طبقات خليفة 26 و 300، سيرة ابن هشام 4/ 29، تهذيب السيرة 227، 228، الروض الالف 4/ 39، تاريخ الطبري 2/ 635 و 636 و 639 و 3/ 403 و 4/ 96، 97، التاريخ الصغير 1/ 50، تاريخ خليفة 113، الإستيعاب 4/ 33- 35، جمهرة أنساب العرب 171، المستدرك 3/ 277، الكامل في التاريخ 2/ 204 و 555 و 3/ 78، أسد الغابة 5/ 160- 162، صفة الصفوة 1/ 667 و 668، رقم 84، تهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 205، 206 رقم 312، العبر 1/ 22، سير أعلام النبلاء 1/ 192، 193 رقم 23، تلخيص المستدرك 3/ 277، مرآة الجنان 1/ 74، البداية والنهاية 7/ 96، العقد الثمين 8/ 33، 34، الإصابة 4/ 34 رقم 203، تهذيب تاريخ دمشق 7/ 134- 137، شذرات الذهب 1/ 30.
[3] أخرج البخاري في الصلح، باب الصلح مع المشركين حديثا فيه: «صالح النبيّ صلى الله عليه وسلّم المشركين يوم الحديبيّة على ثلاثة أشياء: على أنّ من أتاه من المشركين ردّه إليهم ومن أتاهم من المسلمين لم يردّوه، وعلى أن يدخلها من قابل ويقيم بها ثلاثة أيام، ولا يدخلها إلا بجلبّان السلاح: السيف والقوس ونحوه، فجاء أبو جندل يحجل في قيوده فردّه إليهم» .
وروى الحديث بطوله ابن كثير في السيرة النبويّة 3/ 312- 337.

(3/184)


م [1] د س ق
(أَبُو مالك الأشعري)
[2] قدم مع أصحاب السفينتين أيام خيبر، ونزل الشام.
اسمه كعب بْن عاصم [3] ، وقيل عمرو، وقيل عامر بْن الحارث، روى عنه عبد الرحمن [4] بن غنم، وأم الدرداء، وربيعة الجرشي [5] ، وأبو سلام الأسود.
وأرسل عنه عطاء بْن يسار، وشَهْر بْن حوشب.
وَقَالَ شَهْر بْن حوشب عَنِ ابن غَنْم: طُعِن معاذ وأبو عبيدة وأبو مالك في يومٍ واحد.
وَقَالَ ابن سعد [6] وغيره: تُوُفيّ في خلافة عُمَر.
وقد أعدت ذكر أبي مالك في طبقة ابن عباس.
وفيها افتتح أَبُو موسى الرُّها وسميساط عنوة [7] .
__________
[1] سقط الرمز «م» من النسخة (ح) .
[2] طبقات ابن سعد 4/ 358، 359 7/ 400، طبقات خليفة 68 و 304، المنتخب من ذيل المذيّل 583، مشاهير علماء الأمصار 52 رقم 347 (ذكره بدون ترجمة) المعجم الكبير للطبراني 19/ 171- 176، الكنى والأسماء للدولابي 1/ 52، مقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 115 رقم 411، الاستيعاب 4/ 175، أسد الغابة 5/ 288، الكاشف 3/ 7 رقم 4726، تجريد أسماء الصحابة 2/ 31، البداية والنهاية 7/ 96، الإصابة 3/ 297 رقم 7416، تهذيب التهذيب 12/ 218، 219 رقم 1002، تقريب التهذيب 2/ 134 رقم 46، خلاصة تذهيب التهذيب 321.
[3] في النسخة (ح) «غانم» وهو وهم، والتصويب عن الأصل وغيره.
[4] في النسختين (ع) و (ح) والمنتقى لابن الملّا: «عبد الرحيم» وهو وهم، والتصويب من الأصل وغيره.
[5] الجرشي: بضم الجيم وفتح الراء وكسر الشين. نسبة إلى بني جرش بطن من حمير. (الإكمال 3/ 74، الأنساب 3/ 228) .
[6] ليس في طبقات ابن سعد هذه المعلومة في الترجمتين اللتين عقدهما لأبي مالك الأشعري. (انظر ج 4/ 358، 359 و 7/ 400) .
[7] تاريخ خليفة 139.

(3/185)


[بقية حوادث سنة ثماني عشرة]
وفي أوائلها وجه أَبُو عبيدة بْن الجراح عياض بْن غنم الفهري إلى الجزيرة، فوافق أبا موسى قد قدم من البصرة، فمضيا فافتتحا حَرَّان ونصيبين وطائفة من الجزيرة عَنْوةً، وقيل صُلْحًا [1] .
وفيها سار عياض بْن غنم إلى الموصل فافتتحها ونواحيها عَنْوةً [2] .
وفيها بنى سعد جامع الكوفة [3] .
__________
[1] تاريخ خليفة 139.
[2] تاريخ خليفة 139.
[3] تاريخ خليفة 141.

(3/186)


سَنَة تِسْع عَشِرة
قَالَ خليفة: فيها فُتِحت قيسارية [1] ، وأمير العسكر معاوية بْن أبي سُفْيَان وسعد بْن عامر بْن حذيم، كلٌّ أميرٌ على جُنده، فهزم الله المشركين وقُتِل منهم مقتلة عظيمة، ورَّخَها ابن الكلبي.
وأما ابن إسحاق فَقَالَ: سنة عشرين [2] .
وفيها كانت وقعة صُهاب [3]- بأرض فارس- في ذي الحجة. وعلى المُسْلِمين الحَكَم بْن أبي العاص، فقُتِل شَهْرَك مُقَدَّم المشركين.
قَالَ خليفة [4] : وفيها أسرت الروم عبد الله بْن حُذافة السَّهْميّ.
وقيل: فيها فُتِحَت تكريت [5] .
ويقال: فيها كانت جلولاء وهي وقعة أخرى كانت بالعجم أو بفارس [6] .
__________
[1] بساحل فلسطين.
[2] تاريخ خليفة 141 وانظر تاريخ الطبري 4/ 102.
[3] صهاب: بضم الصاد المهملة قرية بفارس. (مراصد الاطلاع) .
[4] في التاريخ 142 وانظر: المستدرك للحاكم 3/ 630.
[5] تاريخ خليفة 141.
[6] تاريخ الطبري 4/ 102.

(3/187)


وفيها وجه عُمَر عثمان بْن أبي العاص إلى أرمينية الرابعة [1] ، فكان عندها شيء من قتال [2] ، أصيب فيه:
(صفوان بْن المعطّل)
[3] بْن رخصة [4] السّلمي الذّكواني [5] ، صاحب
__________
[1] يقال هما أرمينيتان: الكبرى والصغرى، وقيل هي ثلاث أرمينيات، وقيل أربع.. فمن الرابعة: شمشاط، وقاليقلا، وأرجيش، وباجنيس. وأرمينية الرابعة بها قبر صفوان بن المعطّل. (معجم البلدان 1/ 160) .
[2] الخبر في تاريخ الطبري 4/ 53 (حوادث سنة 17 هـ-) .
[3] مسند أحمد 5/ 312، طبقات خليفة 51 و 181 و 318، تاريخ خليفة 226، المحبّر 109، 110، التاريخ الكبير 4/ 305 رقم 2922، المعارف 328، أنساب الأشراف 1/ 342، و 452، المغازي للواقدي 428 و 436 و 438 و 571 و 1093، فتوح الشام للأزدي 105 و 113 و 145، سيرة ابن هشام 4/ 10 تهذيب السيرة 215، الخراج وصناعة الكتابة 313 و 316، فتوح البلدان 1/ 205 و 207 و 219، المعرفة والتاريخ 1/ 309 تاريخ الطبري 2/ 612 و 618 و 619 و 3/ 172 و 4/ 53، الجرح والتعديل 4/ 420 رقم 1844، الإستيعاب 2/ 187، 188، جمهرة أنساب العرب 264، مشاهير علماء الأمصار 32، 33 رقم 171، المعجم الكبير 8/ 61- 63 رقم 722 المستدرك 3/ 518، 519، تهذيب تاريخ دمشق 6/ 440- 445، الكامل في التاريخ 2/ 195، 199 و 533 و 534 و 4/ 45، أسد الغابة 3/ 26، سير أعلام النبلاء 2/ 545- 550 رقم 115، العبر 1/ 23، تلخيص المستدرك 3/ 518، 519، مجمع الزوائد 9/ 363، البداية والنهاية 7/ 96، الإصابة 2/ 190، 191 رقم 4089، تعجيل المنفعة 188- 191 رقم 474، كنز العمال 13/ 436، الوافي بالوفيات 16/ 320 رقم 353، اللباب 1/ 531، الروض الأنف 4/ 20.
[4] اختلف في اسم جدة هذا، فقيل: «رخصة» كما هو في الأصل، وتهذيب تاريخ دمشق 6/ 440، وجمهرة أنساب العرب 264، والبداية والنهاية 7/ 96 وقال محقّق الجمهرة في الحاشية (4) : المعروف في أسمائهم: رحضة. وجاء في المستدرك 3/ 518 واللباب لابن الأثير 1/ 531، وسير أعلام النبلاء 1/ 545: «رحضة» ، وفي تعجيل المنفعة 188، والإصابة 2/ 190 «ربيعة» ، وتصحّف في تعجيل المنفعة نقلا عن الاستيعاب إلى «ربعيّة» وضبطه:
بمهملة ثم معجمة وفتحات، وجاء في الاستيعاب لابن عبد البر 2/ 187، والروض الأنف للسهيلي «ربيضة» حيث قلبت العين إلى ضاد. وفي مشاهير علماء الأمصار 32 «رحيضة» ، وكذلك في طبقات خليفة 51.
والله أعلم بالصواب.
[5] الذّكواني: نسبة إلى ذكوان: بطن كبير من سليم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان. (اللباب لابن الأثير 1/ 531) .

(3/188)


النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي له ذكر في حديث الإفك [1] ، وَقَالَ فيه النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا علمتُ عليه إلا خيرًا» . وَقَالَ هو: مَا كَشفْتُ كَنَفَ أنثَى قطّ [2] .
له حديثان [3] .
روى عنه سعيد بْن المسيب، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ، وسعيد المقبري، وروايتهم عنه مرسلة إن كان تُوُفيّ في هذه الغزوة، وإن كان تُوُفيّ كما قَالَ الواقِديّ سنة ستين بسُمَيْساط [4] فقد سمعوا منه.
وَقَالَ خليفة [5] : مات بالجزيرة.
وكان على ساقة [6] النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم، وكان شاعرا.
__________
[1] حديث الإفك من الأحاديث الطوال، أخرجه بطوله: البخاري في الشهادات، باب تعديل النساء بعضهنّ بعضا، وفي المغازي، باب حديث الإفك، وفي تفسير سورة النور، باب:
لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ 24: 12، وأخرجه أحمد في المسند 6/ 194- 196، ومسلم في التوبة (2770) باب حديث الإفك، والترمذي برقم (3179) وعبد الرزاق في المصنّف رقم (9748) وانظر: المغازي للواقدي 2/ 426 وما بعدها، والمغازي لعروة. 19، 191، وسيرة ابن هشام 4/ 9- 14، الروض الأنف 4/ 20- 24، وعيون الأثر 2/ 96- 103، والبداية والنهاية 3/ 160- 164، والتفسير لابن كثير 3/ 268- 272، ونهاية الأرب للنويري 16/ 405- 417، وعيون التواريخ 1/ 230- 237.
[2] راجع صحيح البخاري في الأبواب المذكورة في الحاشية السابقة، ومسلم (2770/ 57) ، والإصابة لابن حجر 2/ 190.
[3] أخرج له أحمد في المسند 5/ 312: ثلاثة أحاديث، والطبراني في المعجم الكبير 8/ 61- 63:
أربعة أحاديث 7343 و 7344 و 7345 و 7346، والحاكم في المستدرك 3/ 518، 519: ثلاثة أحاديث. وروى الذهبيّ نفسه في تلخيص المستدرك ثلاثة أحاديث مسندة إلى صفوان بن المعطّل. ولهذا فإنّ قوله هنا: «له حديثان» فيه نظر.
[4] سميساط: بضمّ أوّله وفتح ثانيه ثم ياء مثنّاة من تحت ساكنة. مدينة على شاطئ الفرات في طرف بلاد الروم على غربي الفرات. (معجم البلدان 3/ 258) .
[5] في الطبقات 51 و 318 وفي التاريخ ذكر وفاته في حوادث سنة 59 هـ-. في آخر ولاية معاوية.
(226) .
[6] الساقة: هم الذين يسوقون الجيش ويكونون من ورائه يحفظونه..

(3/189)


وَقَالَ ابن إسحاق [1] : قتل في غزوة أرمينية هذه، وكان أحد الأمراء يَوْمَئِذٍ [2] .
وفيما تُوُفيّ يزيد بْن أبي سُفْيَان في قولٍ، وقد تقدّم.
__________
[1] تاريخ الطبري 4/ 53.
[2] قال المؤلف في سير أعلام النبلاء 1/ 550: «فهذا تباين كثير في تاريخ موته، فالظاهر أنهما اثنان» . وقال ابن حجر في: «تعجيل المنفعة» - ص 189: «رأيت في سنة قتله خلافا وأنّه عاش إلى خلافة معاوية فاستشهد بالروم سنة ثمان وخمسين أو سنة ستّين: فعلى هذا فسماع جميع من تقدّم ذكره عنه ممكن، لكن يعكّر عليه قول عائشة إنه قتل شهيدا، فإنّ ذلك يقتضي تقدّم موته عليها وهي لم تبق الى العصر المذكور» .

(3/190)


الوَفيَّات
(ع) أُبَيّ بْن كعب [1]
ابن قيس بْن عُبَيْد بْن زيد بْن معاوية بْن عمرو بن مالك بن النّجّار، أبو
__________
[1] مسند أحمد 5/ 113- 144، طبقات ابن سعد 3/ 498- 502، المغازي للواقدي 9 و 13 و 24 و 138 و 139 و 163 و 204 و 292 و 405 و 434 و 492 و 624 و 721 و 782 و 966، طبقات خليفة 88، التاريخ الكبير 2/ 39، 40 رقم 1615، تاريخ خليفة 167، العقد الفريد 4/ 161، و 258 و 259، المعارف 261 و 442، المحبّر 73 و 286، مسند بقيّ بن مخلد 82 رقم 24، تاريخ أبي زرعة 1/ 650، التاريخ لابن معين 2/ 19، الأخبار الموفقيّات 579، سيرة ابن هشام 2/ 243، تهذيب السيرة 127، فتوح البلدان 3/ و 48 و 106، أنساب الأشراف 1/ 205 و 264 و 267 و 271 و 314 و 344 و 371 و 531 وق 4 ج 1/ 487، و 5/ 5، تاريخ الطبري 1/ 73، و 160 و 366 و 369 و 373 و 375 و 3/ 173 و 6/ 179، المعرفة والتاريخ 1/ 315، الجرح والتعديل 2/ 290 رقم 1057، الإستبصار 48، الكنى والأسماء 1/ 56، حلية الأولياء 1/ 250- 256 رقم 39، مشاهير علماء الأمصار 12 رقم 31، الثقات لابن حبّان 3/ 5، تاريخ اليعقوبي 2/ 138، الزهد لابن المبارك 69 و 170 و 331 و 562، طبقات الفقهاء للشيرازي 44، 45، المعجم الكبير للطبراني 1/ 197- 202 رقم 15، الاستيعاب 1/ 19، 20، الإرشاد للخليلي 1/ 16 (رسالة ماجستير لآسيا كليبان علي- مطبوعة على الستنسل) ، المستدرك 3/ 302- 312، الكامل في التاريخ 1/ 52، و 161 و 2/ 313 و 489 و 562 و 3/ 159، أسد الغابة 1/ 49- 51، تهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 1/ 108- 110 رقم 44، الزيارات للهروي 13 و 94، تهذيب الكمال 2/ 262- 272 رقم 279، تحفة الأشراف 1/ 11- 40 برقم 4، صفة الصفوة 1/ 474- 477، مجمع الزوائد 9/ 311، 312، نهاية الأرب 19/ 363، سير أعلام النبلاء 1/ 389- 402 رقم 82، معرفة

(3/191)


المنذر [1] الأنصاري، وقيل: يُكنى أيضًا أبا الطُّفيل، سيد القراء.
شهِدَ العقبة وبدرًا.
روى عنه بنوه: محمد، والطُّفيل، وعبد الله، وابن عباس، وأنس، وسُوَيْد بْن غفلة، وأبو عثمان النَّهْدِيّ، وزر بْن حبيش، وخلق سواهم.
عَنْ عيسى بْن طلحة بْن عُبَيْد الله قَالَ: كان أبي دحداحًا [2] ليس بالقصير ولا بالطويل.
وعن عباس بْن سهل قَالَ: كان أبيض الرأس واللحية.
وَقَالَ أَنَسٍ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُبَيٍّ: «إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أقرأ عليك لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا 98: 1 [3] » وقال: سمّاني لك؟ قال: «نعم» ، فبكى [4] ،.
__________
[ () ] القراء الكبار 31 رقم 3 (بتحقيق د. بشّار عوّاد) ، المعين في طبقات المحدّثين 19 رقم 11، الكاشف 1/ 52 رقم 230، دول الإسلام 1/ 16، العبر 1/ 23، تذكرة الحفاظ 1/ 16 و 17 تلخيص المستدرك 3/ 302- 312، الوفيات لابن قنفذ 47 رقم 19، سمط اللآلي 494، المؤتلف والمختلف 24، مرآة الجنان 1/ 75، البداية والنهاية 7/ 97، الوافي بالوفيات 6/ 190، 191 رقم 2644، تهذيب تاريخ دمشق 2/ 325- 334، غاية النهاية 1/ 31 رقم 131، تهذيب التهذيب 1/ 187، 188 رقم 350، تقريب التهذيب 1/ 48 رقم 321، الإصابة 1/ 19، 20 رقم 32، النكت الظراف 1/ 11- 40، التحفة اللطيفة للسخاوي 1/ 141، 142، طبقات الحفّاظ للسيوطي 5، خلاصة تذهيب التهذيب 24، طبقات الشعراني 1/ 23، المغني في ضبط أسماء الرجال 16، شذرات الذهب 1/ 32، 33، كنز العمّال 13/ 261- 268، القاموس الإسلامي 1/ 17 الجامع لبامطرف 1/ 69، 70، البدء والتاريخ 5/ 116.
[1] في نسخة دار الكتب: «ابن المنذر» وهو وهم.
[2] أي قصيرا سمينا.
[3] سورة البينة، الآية 1.
[4] أخرجه أحمد في المسند 3/ 130 و 137 و 185 و 218 و 233 و 273 و 284، والبخاري في المناقب باب مناقب أبيّ (4/ 228) واللفظ بدون «لك» وفي التفسير، باب سورة: لم يكن، ومسلم في صلاة المسافرين (799) و (245) و (246) باب استحباب قراءة القرآن على أهل الفضل، وفي فضائل الصحابة، (799) و (121 و 122) باب فضائل أبيّ، والترمذيّ في المناقب (3795) ، وعبد الرزاق في المصنّف (20411) وابن سعد في الطبقات 3/ 499، 500، وانظر: جامع الأصول 9/ 71.

(3/192)


وقال أنس: جمع القرآن عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أربعة كلهم من الأنصار: أبي، ومعاذ، وزيد بن ثابت، وأبو زيد أحد عمومتي [1] .
وَقَالَ ابن عباس: قَالَ أُبيّ لعمر: إنيّ تلقَّيْتُ القرآن ممّن تلقاه من جبريل وهو رطب [2] .
وَقَالَ ابن عباس: قَالَ عُمَر: أقْرؤُنا أُبَيّ، وأقضانا عليّ، وإنا لندع من قول [3] أُبَيّ، وهو يَقُولُ: لَا أدع شَيْئًا سمعتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد قَالَ الله: ما نَنْسَخْ من آيَةٍ أَوْ نُنْسِها 2: 106 [4] .
وقال أَنَسٍ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أقْرأ أمَّتي أُبيّ بْن كعب [5] » . وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أُبَيٍّ، عَنْ أَبِيهِ- وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ- قَالَ أُبَيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا جَزَاءُ الْحُمَّى، قال: «تجري الحسنات
__________
[1] أخرجه البخاري في فضائل القرآن، باب القرّاء مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (6/ 102) ومسلم في فضائل الصحابة (2465) ، باب فضل أبيّ، والترمذي في المناقب (3796) باب مناقب معاذ وزيد وأبيّ.
[2] رواه أحمد في المسند 5/ 117.
[3] في سير أعلام النبلاء 1/ 391 «من قراءة» .
[4] أخرجه أحمد في المسند 5/ 113، والبخاري في التفسير (4481) باب قوله تعالى: ما ننسخ من آية أو ننسها، وفي فضائل القرآن، باب القراء مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والحاكم في المستدرك 3/ 305، والفسوي في المعرفة والتاريخ 2/ 481.
والآية من سورة البقرة، الآية 106، قرأ بها ابن كثير، وأبو عمرو.
[5] أخرجه الترمذي في المناقب (3793) باب مناقب أهل البيت، وابن ماجة في المقدّمة (154) باب (11) ، وابن سعد في الطبقات 3/ 499 وكلّهم من طريق عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، عن خالد الحذّاء، عن أبي قلابة، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «أرحم أمّتي بأمّتي: أبو بكر، وأشدّهم في أمر الله: عمر، وأصدقهم حياء: عثمان، وأقرؤهم لكتاب الله أبيّ بن كعب، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، ألا وإنّ لكلّ أمّة أمينا، وإن أمين هذه الأمّة أبو عبيدة بن الجرّاح» ، وقال الترمذي:
هذا حديث حسن صحيح.
وقد روى ابن سعد الحديث كما هو في متن المؤلّف مختصرا.

(3/193)


عَلَى صَاحِبِهَا» ، فَقَالَ: اللَّهمّ إِنِّي أَسْأَلُكَ حُمًّى لَا تَمْنَعُنِي خُرُوجًا فِي سَبِيلِكَ، فَلَمْ يُمْسِ أُبَيٌّ قَطُّ إِلَّا وَبِهِ حُمَّى [1] . قُلْتُ: وَلِهَذَا يَقُولُ زِرٌّ: كَانَ أُبَيٌّ فِيهِ شَرَاسَةٌ [2] .
وَقَالَ أَبُو نَضْرة العَبْدي: قَالَ رجلٌ منا يقال له جابر أو جُوَيْبر: طلبت حاجةً إلى عمرو إلى جنبه رجلٌ أبيض الثياب والشعر، فَقَالَ: إنَّ الدنيا فيها بلاغنا وزادنا إلى الآخرة، وفيها أعمالنا التي نجزى بها في الآخرة، فَقُلْتُ:
من هذا يا أمير المؤمنين؟ قَالَ: هذا سيد المُسْلِمين أُبيّ بْن كعب [3] .
وَقَالَ مَعْمَر: عامة علم ابن عباس من ثلاثة: عُمَر، وعليّ، وأُبَيّ.
قَالَ الهَيْثم بْن عدي: تُوُفيّ أبيّ سنة تسع عشرة.
وَقَالَ ابن معين: تُوُفيّ سنة عشرين أو تسع عشرة.
وَقَالَ أَبُو عُمَر الضرير، وأبو عُبَيْد، ومحمد بْن عبد الله بْن نمير [4]
__________
[1] أخرجه أحمد في المسند 3/ 23، من طريق يحيى، عن سعد بن إسحاق، عن زينب ابنة كعب بن عجرة، عن أبي سعيد الخدريّ، وصحّحه ابن حبّان (692) ، وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير، 1/ 201 رقم 540 من طريق معاذ بْن محمد بْن معاذ بْن أَبِي بن كعب، عن أبيه، عن جدّه، عن أبيّ بن كعب رضي الله عنه أنه قال: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا جَزَاءُ الْحُمَّى؟
قَالَ: «تجري الحسنات على صاحبها ما اختلج عليه قدم أو ضرب عليه عرق» . قال أبيّ:
اللَّهمّ إِنِّي أَسْأَلُكَ حُمًّى لَا تَمْنَعُنِي خُرُوجًا في سبيلك ولا خروجا إلى بيتك ولا مسجد نبيّك.
قال: فَلَمْ يُمْسِ أُبَيٌّ قَطُّ إِلَّا وَبِهِ حُمَّى. وأخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء 1/ 255 من الطريق نفسها. وانظر: مجمع الزوائد للهيثمي 2/ 305، وفتح الباري لابن حجر 10/ 103- 110.
[2] رواه الطبراني في المعجم الكبير 1/ 197 رقم 527، والحاكم في المستدرك 3/ 303 من طريق محمد بن الحسن بن إشكاب، عن محمد بن كثير الكوفي، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن زرّ بن حبيش.
يقول محقّق هذا الكتاب الفقير إلى الله تعالى: «عمر بن عبد السلام تدمري الأطرابلسي» عفا الله عنه: لقد وقع تحريف في السند عند الطبراني لم ينبه إليه المحقّق الفاضل «حمدي عبد المجيد السلفي» ، فقيّد «الحسين» بدل «الحسن» و «إشكيب» بدل «إشكاب» و «كناسة» بدل «كثير» فجاء عنده «محمد بن كناسة» بدلا من «محمد بن كثير الكوفي» . وهذا وهم.
[3] رواه ابن سعد في الطبقات 3/ 499.
[4] أخرج الطبراني في المعجم الكبير 1/ 198 رقم 530 من طريق محمد بن عبد الله بن نمير قال:

(3/194)


ورواه الواقِديّ عَنْ غير واحدٍ أنه تُوُفيّ سنة اثنتين وعشرين. وَقَالَ خليفة [1] والفلَّاس: في خلافة عثمان.
وَقَالَ ابن سعد [2] : قد سمعت من يَقُولُ: مات في خلافة عثمان سنه ثلاثين، قَالَ: وهو أثبت الأقاويل عندنا [3] .
وفيها مات بالمدينة:
(خباب مولى عُتْبَة بْن غزوان [4] ) .
له صحبة وسابقة، صلى عليه عُمَر.
لم يذكره ابن أبي حاتم، وذكره الواقِديّ فيمن شهِدَ بدرًا، وكناه، أبا يحيى.
وَقَالَ أَبُو أحمد الحاكم: شهِد بدْرًا ومات سنة تسع عشرة، وله خمسون سنة.
__________
[ () ] مات أبيّ بن كعب رضي الله عنه في خلافة عمر سنة اثنتين وعشرين. قال ابن نمير: ويقول بعضهم في خلافة عثمان رضي الله عنهم، وانظر المستدرك للحاكم 3/ 302.
[1] انظر تاريخه ص 167 (حوادث سنة 32 هـ-) فقد جاء: «ويقال: مات فيها أبيّ بن كعب أيضا. ويقال: بل مات أبيّ في خلافة عمر بن الخطّاب» .
[2] في الطبقات 3/ 502.
[3] زاد ابن سعد: «وذلك أنّ عثمان بن عفّان أمره أن يجمع القرآن» ، وقد أيّده الحاكم في المستدرك 3/ 302.
غير أنّ المؤلّف الحافظ الذهبي رحمه الله- قال في «سير أعلام النبلاء 1/ 400» . «ما أحسب أنّ عثمان ندب للمصحف أبيّا، ولو كان كذلك، لاشتهر، ولكان الذكر لأبيّ لا لزيد، والظاهرة وفاة أبيّ في زمن عمر حتى إنّ الهيثم بن عديّ وغيره ذكرا موته سنة تسع عشرة» .
[4] تاريخ الطبري 4/ 82، أنساب الأشراف 1/ 201، المحبر 288، الاستيعاب 1/ 424، أسد الغابة 2/ 101، الإصابة 1/ 417 رقم 2215.

(3/195)


سَنَة عِشريْن
فيها فتحت مصر.
روى خليفة [1]- عَنْ غير واحد- وغيره أنّ فيها كتب عُمَر إلى عمرو بْن العاص أن يسير إلى مصر، فسار وبعث عُمَر الزُّبَيْر بْن العَوَّام مددًا [2] له، ومعه بسر [3] بْن أرطأة، وعُمَير بْن وهب الجمحي، وخارجة بْن حذافة العدوي، حتى أتى باب أليون [4] فتحصنوا، [5] فافتتحها عَنْوةً وصالحه أهل الحصن، وكان الزُّبَيْر أول من ارتقى سور المدينة ثُمَّ تبعه النَّاس، فكلم الزُّبَيْر عمرًا أن يقسمها بين من افتتحها، فكتب عمرو إلى عُمَر، فكتب عُمَر: أكلة، وأكلات خير من أكلة، أقرّوها [6] .
__________
[1] في التاريخ ص 142، 143.
[2] في نسخة دار الكتب «حروفا» ، وما أثبتناه عن الأصل، وتاريخ خليفة،.
[3] في النسخة (ع) والمنتقى لابن الملّا «بشر» وهو تصحيف.
[4] حصن بقرب الفسطاط. بمصر القديمة.
[5] في تاريخ خليفة «فامتنعوا» .
[6] هكذا في الأصل والنسختين (ع) و (ح) وفي تاريخ خليفة «أكلته وأكلات خير من إفرازها» ، وفي النجوم الزاهرة 1/ 25 «أقرّها حتى يغزو منها حبل الحبلة» وقال ابن تغري بردي: تفرّد به أحمد وفي إسناده ضعف من جهة ابن لهيعة لكنّه عليم بأمور مصر. وفي معجم البلدان 4/ 264 (مادّة: فسطاط) «فلمّا فتحت مصر التمس أكثر المسلمين الذين شهدوا الفتح أن تقسم بينهم، فقال عمرو: لا أقدر على قسمتها حتى أكتب إلى أمير المؤمنين، فكتب إليه يعلمه بفتحها.

(3/197)


وعن عمرو بْن العاص أنه قَالَ على المنبر: لقد قعدت مقعدي هذا وما لأحدٍ من قبط مصر عليّ عهدٌ ولا عقدٌ، إن شئت قتلت، وإن شئت بعت، وإن شئت خمَّسْت إلا أهل انطابلس [1] فإن لهم عهدًا نفي به [2] .
وعن علي بْن رباح قَالَ: المغرب كله عَنْوةً [3] .
وعن ابن عُمَر قَالَ: افتُتحت مصرُ بغير عهدٍ [4] . وكذا قال جماعة.
وَقَالَ يزيد بْن أبي حبيب: مصر كلها صلح إلا الإسكندرية [5] .
غزوة تُسْتَر
قَالَ الوليد بْن هشام القَحْذَميّ [6] ، عَنْ أبيه وعمه أن أبا موسى لما فرغ من الأهواز [7] ، ونهر تِيرَى، وَجُنْدِيسَابُورَ، ورامَهُرْمُز، تَوَجَّه إلى تُسْتَر، فنزل باب الشرقي، وكتب يستمد عُمَر، فكتب إلى عمار بْن ياسر أن أَمِدَّه، فكتب إلى جرير وهو بحُلوان أن سرْ إلى أبي موسى، فسار في ألفٍ فأقاموا أشهرًا، ثُمَّ كتب أَبُو موسى إلى عُمَر: إنّهم لم يُغُنوا شيئًا. فكتب عُمَر إلى عمار أن سر بنفسك، وأمدّه عمر من المدينة [8] .
__________
[ () ] وشأنها ويعلمه أنّ المسلمين طلبوا قسمتها، فكتب إليه عمر: لا تقسمها وذرهم يكون خراجهم فيئا للمسلمين وقوّة لهم على جهاد عدوهم، فأمرّها عمرو وأحصى أهلها وفرض عليهم الخراج» . وفي نسخة دار الكتب تحريفات في النص.
[1] في (معجم البلدان) برقة: صقع كبير، واسم مدينتها (أنطابلس) .
[2] في تاريخ خليفة 143 «يوفى به» .
[3] تاريخ خليفة 143.
[4] تاريخ خليفة 143.
[5] تاريخ خليفة 144.
[6] في طبعة القدسي 3/ 113 «القحزمي» بالزاي بدل الذال، وهو تحريف، والتصويب عن اللباب 3/ 16 حيث قيّدها بفتح القاف وسكون الحاء المهملة وفتح الذال المعجمة. نسبة إلى جدّ الراويّ.
[7] زاد في تاريخ خليفة بعدها «ومناذر» (ص 144) .
[8] تاريخ خليفة 144 و 145.

(3/198)


وعن عبد الرحمن بْن أبي بكرة قَالَ: أقاموا سنة أو نحوها، فجاء رجل من تُسْتَر وَقَالَ لأبي موسى: أسألك أن تحقن دمي وأهل بيتي ومالي، على أن أدُلَّكَ على المدخل، فأعطاه، قَالَ: فابْغِني إنسانًا سابحًا ذا عقلٍ يأتيك بأمر بيِّنٍ [1] ، فأرسل معه مجزأة بن ثور السّدوسيّ، فأدخل من مدخل الماء ينبطح على بطنه أحيانًا ويحبو حتى دخل المدينة وعرف طرقها، وأراه الْعِلْجُ الهُرْمُزَان صاحبها، فهمَّ بقتْله ثُمَّ ذكر قول أبي موسى: «لَا تسبقني بأمر» ورجع إلى أبي موسى، ثُمَّ إنه دخل بخمسةٍ وثلاثين رجلًا كأنهم البط يسبحون، وطلعوا إلى السُّور وكبروا، واقتتلوا هم ومن عندهم على السُّور، فقُتِلَ مجْزَأة [2] وفتح أولئك البلد، فتحصن الهُرْمُزان في بُرْج.
وَقَالَ قتادة، عَنْ أَنْس: لم نُصَلِّ يَوْمَئِذٍ الغداة حتى انتصف النهارُ فما يسُرُّني بتلك الصلاة الدنيا كلها [3] .
وَقَالَ ابن سيرين: قُتِلَ يَوْمَئِذٍ البراء بْن مالك [4] .
وقيل: أول من دخل تُسْتَر عبد الله بْن مغفل [5] المازني.
وعن الحسن قَالَ: حُوصرت تُسْتَر سنتين [6] .
وعن الشَّعْبِيّ قَالَ: حاصرهم أَبُو موسى ثمانية عشر شهرا، ثمّ نزل
__________
[1] هذه الكلمة وردت مصحّفة في نسخة دار الكتب.
[2] جاء في تاريخ خليفة الّذي ينقل عنه المؤلّف: «فمضى بطائفة منهم إلى الباب فوضعهم عليه» ، ومضى بطائفة إلى السّور، ومضى بمن بقي معه حتى صعد السّور فانحدر عليه علج معه نيزك، فطعنه مجزأة فأثبته، وكبّر المسلمون على السّور وعلى الباب، وفتحوا الباب، وأقبل المسلمون حتى دخلوا المدينة، وتحصّن الهرمزان في قصبة له» . (ص 145) .
[3] تاريخ خليفة 146.
[4] تاريخ خليفة 146.
[5] في طبقة القدسي 3/ 114 «معقل» والتصويب من تاريخ خليفة 146.
[6] تاريخ خليفة 146.

(3/199)


الهُرْمُزان على حُكم عُمَر، فَقَالَ حُمَيْد، عَنْ أَنْس: نزل الهُرْمُزان على حُكم عُمَر.
فلما انتهينا إليه- يعني إلى عُمَر بالهُرْمُزان- قَالَ: تكلّم، قَالَ: كلام حيّ أو كلام ميِّت؟ قَالَ: تكلم فلا بأس، قَالَ: إنا وإياكم معشر العرب مَا خلّى الله بيننا وبينكم، كنّا نغصبكم [1] ونقتلكم ونفعل، فلما كان الله معكم لم يكن لنا بكم يدان، قَالَ: يا أَنْس مَا تقول؟ قلت: يا أمير المؤمنين تركت بعدي عددًا كثيرًا وشوكة شديدة، فإن تقتُلْهُ ييأس القوم من الحياة ويكون أشد لشوكتهم، قَالَ: فأنا أستحيي قاتل البراء ومجزأة بْن ثور! فلمّا أحسست بقتله قلت: ليس إلى قتله سبيل، قد قلت له: تكلم بلا بأس، قَالَ: لَتَأْتينّي بمن يشهد به غيرك، فلقيت الزُّبَيْر فشهد معي، فأمسك عنه عُمَر، وأسلم الهُرْمزان، وفرض له عُمَر، وأقام بالمدينة [2] .
وفيها هلك هرقل عظيم الروم، وهو الَّذِي كتب إليه النبي صلى الله عليه وسلم يدعوه إلى الإسلام، وقام بعده ابنُه يُسْطَنْطِين.
وفيها قسَّم عُمَر خيبر وأجلى عنها اليهود، وقسّم وادي القُرى، وأجلى يهود نجران إلى الكوفة. قاله محمد بن جرير الطّبريّ [3] .
__________
[1] في فتوح البلدان 469 «نقصيكم» بدل «نغصبكم» .
[2] تاريخ خليفة 146، 147، فتوح البلدان 468، 469.
[3] في تاريخ الرسل والملوك 4/ 112.

(3/200)


الوَفيَّاتْ
(ع) بلال بْن رباح الحَبَشيّ [1]
مولى أبي بكر الصِّدِّيق، وأمُّه حَمَامة.
كان من السّابقين الأوّلين الذين عذّبوا في الله.
__________
[1] طبقات ابن سعد 3/ 232- 239، نسب قريش 208، تاريخ خليفة 56 و 99 و 149 423، طبقات خليفة 19 و 298، مقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 86 رقم 73، المغازي للواقدي (انظر فهرس الأعلام 3/ 1145) ، أخبار مكة للأزرقي 1/ 266 و 268 و 274 و 2/ 154 و 157، المحبّر 71 و 73 و 91 و 183 و 288، المعارف 176 و 177 و 186 و 264 و 290، سيرة ابن هشام 2/ 67، 68 و 243 و 253 و 4/ 45، تهذيب السيرة 127 و 129 و 185 و 234، 235 و 258، تاريخ أبي زرعة 1/ 594، أنساب الأشراف 1/ 138 و 156 و 158 و 160 و 178 و 184 و 193 و 195 و 259 و 270 و 273 و 298 و 300 و 302 و 443 و 455 و 482 و 488 و 524 و 528، 530 و 557 و 558، العقد الفريد 3/ 407 و 4/ 256 و 5/ 282 و 6/ 91، الخراج وصناعة الكتابة 206، السير والمغازي 130 و 190 و 264 و 287 و 298، و 299، فتوح الشام للأزدي 6 و 36 و 37، عيون الأخبار 4/ 73، البرصان والعرجان 156، تاريخ الطبري 2/ 279 و 315 و 452 و 453 و 599 و 3/ 14 و 17 و 437، 600 و 4/ 66 و 67 و 112، جمهرة أنساب العرب 264، مشاهير علماء الأمصار 50 رقم 323، مسند أحمد 6/ 12- 15، التاريخ الكبير 2/ 106 رقم 1851، التاريخ الصغير 1/ 53، الجرح والتعديل 2/ 395، رقم 1543، الأغاني 3/ 120، 121 حلية الأولياء 1/ 147- 151 رقم 24، المعرفة والتاريخ 1/ 243 و 260 و 281 و 446 و 448 و 452 و 453 و 455 و 691 و 2/ 222 و 303 و 363 و 496 و 625 و 628 و 3/ 30، تاريخ واسط لبحشل 48 و 57 و 66 و 77 و 223 و 236 و 237 و 251

(3/201)


شَهِد بدْرًا، وكان مؤذن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
رَوَى عَنْهُ ابن عُمَر، وأبو عثمان النَّهْدي، والأسود بْن يزيد، وعبد الرحمن بْن أبي ليلى، وجماعة.
كُنْيَتُه أَبُو عبد الكريم، وقيل أَبُو عبد الله، ويقال أَبُو عمرو [1] .
قَالَ ابن مسعود في حديث المعذبين في الله قَالَ: فأمّا بلال فهانت عَلَيْهِ نَفْسُهُ فِي اللَّهِ، وَهَانَ عَلَى قَوْمِهِ، فأعطوه الولدان يَطُوفُونَ بِهِ فِي شِعَابِ مَكَّةَ، وَهُوَ يَقُولُ «أحد أحد» [2] .
__________
[ () ] و 274، الثقات لابن حبّان 3/ 28، المعجم الكبير للطبراني 1/ 336- 372 رقم 97، الاستيعاب 1/ 141- 144، المستدرك 3/ 282- 285، تاريخ دمشق 10/ 353، تهذيب تاريخ دمشق 3/ 304- 318، صفة الصفوة 1/ 434- 440 رقم 24، الكامل في التاريخ 2/ 59 و 66 و 69 و 72 و 127 و 128 و 191 و 220 و 254 و 322 و 421 و 536 و 562 و 569 و 10/ 630، أسد الغابة 1/ 206- 209، تهذيب الأسماء واللغات ق 1 أ 1/ 136، 137 رقم 88 تحفة الأشراف 2/ 104- 114 رقم 45، تهذيب الكمال 4/ 288- 291 رقم 782، التذكرة الحمدونية 1/ 139، الجمع بين رجال الصحيحن 1/ 60، الكاشف 1/ 111 رقم 664 المعين في طبقات المحدّثين 19 رقم 17 سير أعلام النبلاء 1/ 347- 360 رقم 76، العبر 1/ 24، تلخيص المستدرك 3/ 282- 285، دول الإسلام 1/ 16، مجمع الزوائد 9/ 299، 300، العقد الثمين 3/ 378- 380، شفاء الغرام 1/ 136 و 207 و 212 و 225 و 226 و 227 و 228 و 229 230 و 232 و 233 و 235 و 236 و 237 و 238 و 239 و 240 و 241 و 243 و 244 و 246 و 247 و 248 و 249 و 250 و 252 و 261 و 602 و 2/ 235 و 236 و 237 و 238 و 239 و 243 و 244 و 245 و 246 والوفيات لابن قنفذ 48، رقم 20، مرآة الجنان 1/ 75، 76، البداية والنهاية 7/ 102، 103، تهذيب التهذيب 1/ 502 و 503 رقم 931 تقريب التهذيب 1/ 110 رقم 157 الإصابة 1/ 165 رقم 736، النكت الظراف 2/ 107- 114، خلاصة تذهيب التهذيب 53، تاريخ الخميس 2/ 245، كنز العمال 13/ 305- 308، شذرات الذهب 1/ 31، البدء والتاريخ 5/ 101.
[1] في الأصل «أبو عمر» والتصحيح من الإستيعاب، وتاريخ دمشق، وتهذيب الكمال.
[2] أخرجه ابن سعد في الطبقات 3/ 233 وابن عبد البرّ في الإستيعاب 1/ 141 من طريق جرير بن عبد الحميد، عن منصور، عن مجاهد، وهذا سند صحيح لكنّه مرسل، صحّحه الحاكم في المستدرك 3/ 284 ووافقه الذهبيّ. وأخرجه أبو نعيم في الحلية 1/ 149 من طريق عثمان بن أبي شيبة، وأبي بكر بن أبي شيبة، عن ابن أبي بكير، عن زائدة، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله ... ، وانظر: صفة الصفوة 1/ 434، 435، والإصابة 1/ 65، وأنساب الأشراف

(3/202)


وقال هشام بن عروة، عن أبيه قال: مرَ ورقة بْن نوفل ببلالٍ وهو يُعَذَّب على الإسلام، يُلْصِق ظهره برمْضاء البطْحاء وهو يَقُولُ: «أحد أحد» فَقَالَ ورقة: «أحد أحد، يا بلال صبْرًا» ، والذي نفسي بيده لئن قتلتموه لأتخذنه حنانًا [1] .
ورواه بعضهم عَنْ هشام، عَنْ أبيه، عَنْ أسماء. وهذا مُشْكِلٌ، لم يثبت أن ورقة أدرك المبعث ولا عدَّ صحابيًا.
وَقَالَ غيره: فلمّا رأى أَبُو بكر بلالًا يعذبه قومهُ اشتراه منهم بسبع أواقيَّ وأعتقه [2] .
وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ، وَأَنَسٍ يَرْفَعَانِهِ قَالَ: «بِلَالٌ سَابِقُ الْحَبَشَةِ» [3] . وَقَالَ أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم لِبِلَالٍ: «حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الْإِسْلَامِ، فإنّي
__________
[1] / 185، وسيرة ابن هشام 2/ 67، والأوائل لابن أبي عاصم 56 رقم 99.
[1] ذكر الحافظ ابن حجر في الإصابة 3/ 634 في ترجمة «ورقة بن نوفل» نقلا عن الزبير بن بكار قال: حدّثنا عثمان، عن الضّحّاك بن عثمان، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ عروة بن الزبير قال: كان بلال لجارية من بني جمح، وكانوا يعذّبونه برمضاء مكة يلصقون ظهره بالرمضاء لكي يشرك، فيقول: «أحد أحد» فيمرّ به ورقة وهو على تلك الحال فيقول: أحد أحد يا بلال، والله لئن قتلتموه لأتّخذنّه حنانا» . قال ابن حجر: وهذا مرسل جيّد يدلّ على أنّ ورقة عاش إلى أن دَعَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الإسلام حتى أسلم بلال.
وانظر: نسب قريش 208 ففيه أبيات لورقة بن نوفل قالها حين رأى بلالا، والخبر والأبيات أيضا في الأغاني 3/ 120، 121، وانظر: سيرة ابن هشام 2/ 67، وحلية الأولياء 1/ 148، وأسد الغابة 1/ 206، 207، وصفة الصفوة 1/ 436 وقوله: لأتّخذنّ قبره حنانا» بفتح الحاء المهملة، يريد به: لأجعلنّ قبره موضع حنان أي مظنّة من رحمة الله. (النهاية لابن الأثير 1/ 266) .
[2] طبقات ابن سعد 3/ 232، أنساب الأشراف 1/ 186، صفة الصفوة 1/ 436.
[3] أخرجه ابن سعد في الطبقات 3/ 232، والبلاذري في أنساب الأشراف 1/ 186 رقم 478 من طريق إسماعيل بن إبراهيم، عن يونس، عن الحسن. وأخرجه ابو نعيم في حلية الأولياء 1/ 149 و 185 من طريق عمارة بن زاذان، عن ثابت، عن أنس، وكذلك الحاكم في المستدرك 3/ 285 وقال: تفرّد به عمارة بن زاذان. وأقرّه الذهبي. والسند ضعيف لسوء حفظ عمارة.

(3/203)


سَمِعْتُ اللَّيْلَةَ خَشْفَةَ نَعْلَيْكَ [1] فِي الْجَنَّةِ» . قَالَ: مَا تَطَهَّرْتُ إِلَّا صَلَّيْتُ مَا كُتِبَ لِي [2] . وَيُرْوَى عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «نعم الْمَرْءُ بِلَالٌ سَيِّدُ الْمُؤَذِّنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [3] » . وَقَالَ عُرْوَةُ: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَالًا عَامَ الْفَتْحِ فَأَذَّنَ فَوْقَ الْكَعْبَةِ [4] .
وَقَالَ عليّ بْن زيد، وغيره، عَنْ سعيد بْن المسيب: إن أبا بكر لما قعد على المنبر يوم الجمعة قَالَ له بلال: أعتقتني للَّه أو لنفسك؟ قَالَ: للَّه، قَالَ: فأْذَنْ لي حتى أغزو في سبيل الله، فأَذن له، فذهب إلى الشام، فمات هناك [5] .
وَقَالَ زيد بْن أسلم، عَنْ أبيه قَالَ، قدمنا الشام مع عُمَر فأذن بلال، فذكر النَّاس النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلم أر باكيًا أكثر من يَوْمَئِذٍ.
وروى سليمان [بن بلال بن أبي الدّرداء، عن أمّ الدَّرْدَاء، عَنْ أبي الدَّرْدَاء، قَالَ: لما دخل عُمَر الشام سأل بلالُ عُمَر] [6] أن يُقِرَّه بالشام ففعل، قَالَ: وأخي أَبُو رُوَيْحة الَّذِي آخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُ وبيني، قَالَ:
فنزلا داريّا في خَوْلان، فأقبل هو وأخوه إلى قوم من خولان، فقالا: إنّا قد
__________
[1] الخشفة: الحركة وزنا ومعنى. قال أبو عبيد هي الصوت ليس بالشديد.
[2] أخرجه البخاري في التهجّد 2/ 48 باب فضل الطهور بالليل والنهار، بلفظ «دفّ» بدل «خشفة» ومسلم في الفضائل (2428) باب فضائل بلال.
[3] رواه أبو نعيم في «حلية الأولياء 1/ 147» من طريق حسام بن مصك، عن قتادة، عن قاسم بن ربيعة، عن زيد بن أرقم، وصحّحه الحاكم في «المستدرك 3/ 285» وقال: تفرّد به حسام، ونسبه صاحب «كنز العمّال 33164» إلى ابن عديّ، والطبراني.
[4] أخرجه ابن سعد في الطبقات 3/ 234 من طريق حمّاد بن زيد، عن أيّوب عن ابن أبي مليكة.
[5] أخرجه ابن سعد 3/ 237 وسنده منقطع، وعلي بن زيد ضعيف وانظر: حلية الأولياء 1/ 150 151.
[6] ما بين الحاصرتين ساقط من نسخة دار الكتب.

(3/204)


أتيناكم خاطبين، وقد كنّا كافرين فهدانا الله ومملوكين فأعتقنا الله، وفقيرين فأغنانا الله، فإن تُزَوِّجونا فالحمد للَّه، وإنْ تردّونا فلا حول ولا قوة إلا باللَّه، فزوَّجوهما.
ثُمَّ رأى النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ له: «مَا هذه الجفوة أما آن لك أن تزورني» ؟ فانتبه وركب راحلته حتى أتى المدينة، فذُكِرَ أنه أذَّن بها فارتجت المدينة، فما رُئي يَوْمٌ أكثر باكيًا بالمدينة من ذلك اليوم [1] .
وَقَالَ ابن المنكدر، عن جابر: كان عُمَر يَقُولُ: أَبُو بكر سيدنا، واعتق سيدنا، يعني بلالًا [2] .
وَقَالَ إِسْمَاعِيلَ بْن أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ قَالَ: بلغ بلالًا أن ناسًا يفضلونه على أبي بكر، فَقَالَ: كيف وإنما أنا حسنةٌ من حسناته!.
وَقَالَ مكحول: حدثني من رأى بلالًا رجلًا [3] آدمَ شديد الأدمة، نحيفًا، طوالًا، أجنى [4] له شعر كثير، خفيف العارضين به شمطٌ [5] كثير [6] .
قَالَ يحيى بْن بكير: تُوُفيّ بلال بدمشق في الطاعون سنة ثماني عشرة.
وَقَالَ محمد بْن إبراهيم التَّيْمِيُّ، وابن إسحاق، وأبو عُمَر الضرير، وجماعة: تُوُفيّ سنة عشرين بدمشق.
وَقَالَ الواقِديّ: دُفِنَ بباب الصغير وله بضع وستون سنة.
__________
[1] الحديث بطوله في «أسد الغابة» لابن الأثير 1/ 208 بدون سند.
[2] أخرجه البخاري في المناقب 4/ 217 باب مناقب بلال بن رباح، وابن سعد 3/ 233، وأبو نعيم في حلية الأولياء 1/ 147، والطبراني في المعجم الكبير 1/ 338 رقم 1015، وصحّحه الحاكم في المستدرك 3/ 284 ووافقه الذهبي في تلخيصه.
[3] في الأصل والمنتقى «رجل» والتصحيح من بقية النّسخ وسير أعلام النبلاء 1/ 359.
[4] أجنى وأجنأ من الجنأ وهو ميل في الظهر، وقيل في العنق. (النهاية لابن الأثير) .
[5] الشمط: بياض في الرأس يخالط سواده. (القاموس المحيط) .
[6] ابن سعد 3/ 238، 239.

(3/205)


وَقَالَ عليّ بْن عبد الله التميمي: دفن بباب كيسان [1] وَقَالَ ابن زبر [2] : تُوُفيّ بداريَّا، ودُفِن بباب كيسان، وَقَالَ غيره: دُفِنَ بداريّا، وروي أنه مات بحلب. رواه عثمان بْن خرزاذ عَنْ شيخ له.
(ع) أُسَيد بْن الحُضَيْر [3]
ابن سماك الأوسي الأشهلي الأنصاري، أَبُو يحيى، وقيل أَبُو عَتِيك، وقيل غير ذلك.
__________
[1] منسوب إلى «كيسان بن معاوية» ، وهو بالقرب من الباب الشرقي. (انظر: تاريخ دمشق 1/ 185) .
[2] مهمل في نسخة دار الكتب، والتصويب من الخلاصة.
[3] مسند أحمد 4/ 226 و 351، 352، طبقات ابن سعد 3/ 603- 607، طبقات خليفة 77، تاريخ خليفة 149، المحبّر 71 و 268، المغازي للواقدي (انظر فهرس الأعلام 3/ 1137، 1138) مقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 92 رقم 136، تهذيب سيرة ابن هشام 170 و 211 و 217 و 343، تاريخ أبي زرعة 1/ 443 و 575، فتوح البلدان 1/ 18، الزهد لابن المبارك 280، الأخبار الموفقيّات 578، التاريخ الكبير 2/ 47 رقم 1640، التاريخ الصغير 1/ 46، مشاهير علماء الأمصار 13، رقم 36، الاستيعاب 1/ 53- 55، الإستبصار 213- 216، المعرفة والتاريخ 3/ 74، أنساب الأشراف 1/ 240 و 252 و 254 و 270 و 288 و 314 و 315 و 317 و 318 و 322 و 339 و 472 و 582 و 583، المستدرك 3/ 287- 289، تاريخ الطبري 2/ 357- 359 و 532 و 551 و 606 و 614 و 3/ 221 و 4/ 113، الجرح والتعديل 2/ 310 رقم 1163، جمهرة أنساب العرب 339 و 346، المعجم الكبير للطبراني 1/ 203- 209 رقم 18، تهذيب تاريخ دمشق 3/ 53- 61، أسد الغابة 1/ 92، 93، الكامل في التاريخ 1/ 662 و 675 و 681 و 2/ 97 و 137 و 151 و 193 و 197 و 331 و 569، صفة الصفوة 1/ 502، 503 رقم 52، تهذيب الكمال (تحقيق د. بشّار) 3/ 246- 254 رقم- 517، تحفة الأشراف 1/ 70- 74 رقم 15، العبر 1/ 24، الكاشف 1/ 82 رقم 437، سير أعلام النبلاء 1/ 340- 343 رقم 74، تلخيص المستدرك 3/ 287- 289، مرآة الجنان 1/ 76، البداية والنهاية 7/ 101، 102، الوافي بالوفيات 9/ 258، 259 رقم 4174، الوفيات لابن قنفذ 48 رقم 20، مجمع الزوائد 9/ 310، تهذيب التهذيب 1/ 347، 348 رقم 633، تقريب التهذيب 1/ 78 رقم 587، الإصابة 1/ 49 رقم 185، النكت الظراف 1/ 71- 73، خلاصة تذهيب التهذيب 38، كنز العمال 13/ 277- 280، شذرات الذهب 1/ 31، الجامع 1/ 188.

(3/206)


أحد النقباء ليلة العقبة، وكان أبوه رئيس الأوس يوم بُعاث، فقتل يَوْمَئِذٍ، وذلك قبل الهجرة بست سنين، وكان يُدْعى حُضَيْر الكتائب [1] وكان أُسَيْد بعد أبيه شريفًا في قومه وفي الإسلام، يُعَدّ من عُقلائهم وذوي رأيهم.
قال ابن سعد [2] : وآخى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زيد بْن حارثة، ولم يشهد بدرًا.
رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عدة أحاديث.
روى عنه كعب بْن مالك، وعائشة، وأنس، وعبد الرحمن بن أبي ليلى [3] .
وذكر الواقِديّ أنه قدم الجابية مع عُمَر، وأنه جعله على ربع الأنصار، وروى الواقِديّ وغيره أنه أسلم على يد مصعب بن عمير هو وسعد بْن معاذ في يوم.
وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نِعْمَ الرَّجُلُ أَبُو بَكْرٍ، نِعْمَ الرَّجُلُ عُمَرُ، نِعْمَ الرَّجُلُ أُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ» وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ» . أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ [4] .
وَوَرَدَ أَنَّهُ كَانَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ صَوْتًا بِالْقُرْآنِ.
وَرَوَى ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: ثَلاثَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ مِنْ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَعْتَدُّ عَلَيْهِمْ فَضْلًا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، وَأُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ، وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ [5] .
__________
[1] في نسخة دار الكتب «حضيرا الكاتب» وهو وهم، والمثبت عن الأصل وسير أعلام النبلاء 1/ 341 وغيره.
[2] في الطبقات 3/ 605.
[3] هنا سقط سطر من النسخة (ع) وزاد في «سير أعلام النبلاء 1/ 341» : «ولم يلحقه» .
[4] في المناقب (3797) باب مناقب معاذ وزيد، وصحّحه الحاكم في المستدرك 3/ 289 ووافقه الذهبيّ في التلخيص، وانظر طبقات ابن سعد 3/ 605، والإصابة 1/ 49.
[5] أخرجه الحاكم في المستدرك 3/ 229 ووافقه الذهبي في التلخيص، وذكره ابن حجر في «الإصابة 1/ 49» .

(3/207)


وَقَالَ يحيى بْن بكير: إنه مات سنة عشرين، وحمله عمر بن عمودي السرير، حتى وضعه بالبقيع ثُمَّ صلى عليه [1] ، وكذا ورّخ موته الواقِديّ، وأبو عُبَيْد [2] ، وجماعة.
(أُنَيْسُ بْنُ مَرْثَدِ)
[3] بْنِ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيُّ أَبُو يَزِيدَ.
كَانَ عَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ [4] ، وَهُوَ وَأَبُوهُ وَجَدُّهُ صَحَابِيُّونَ.
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ وَغَيْرُهُ: إِنَّهُ تُوُفِّيَ فِي رَبِيعِ الْأَوَّلِ سَنَةَ عِشْرِينَ [5] ، وَقِيلَ: إِنَّ اسْمُهُ أَنَسَ [6] ، وَقِيلَ: إِنَّهُ الْمَذْكُورُ فِي الرَّجْمِ [7] فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السلام: «أغد يَا أُنَيْسُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فارجمها» [8] .
__________
[1] أخرجه الطبراني في المعجم الكبير 1/ 203 رقم 548 من طريق أبي الزنباع، روح بن الفرج المصري، عن يحيى بن بكير، وأخرجه ابن سعد في الطبقات 3/ 606 وفي سنده الواقدي وهو متروك، وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد 9/ 330» ، وانظر أسد الغابة 1/ 111.
[2] في النسخة (ح) : أبو عبيدة، وهو وهم.
[3] المغازي للواقدي 894 مقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 151 رقم 800، التاريخ الكبير 2/ 30 رقم 1584 (واسمه: أنس) مشاهير علماء الأمصار 17 رقم 59، الجرح والتعديل 2/ 287، رقم 1043 (واسمه أنس) ، الاستيعاب 1/ 61، 62، المستدرك 3/ 287، المعجم الكبير للطبراني 1/ 265 (واسمه: أنس) ، أسد الغابة 1/ 135، 136، الكامل في التاريخ 2/ 569، تهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 1/ 128، 129، رقم 73، البداية والنهاية 7/ 102 الوافي بالوفيات 9/ 434، 435 رقم 4370، الإصابة 1/ 73.
[4] الاستيعاب 1/ 61.
[5] الاستيعاب 1/ 62.
[6] هكذا في التاريخ الكبير للبخاريّ، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم، والمعجم الكبير للطبراني.
[7] الصحيح غيره، وذاك هو: أنيس بن الضّحّاك السلمي. ورجّع صحّة هذا ابن الأثير في «أسد الغابة 1/ 136» فقال: وقيل إنّ الّذي أمره النبيّ صلى الله عليه وسلّم برجم الامرأة الأسلمية أنيس بن الضّحّاك الأسلميّ وما أشبه ذلك بالصّحّة لكثرة الناقلين له، ولأنّ النبي صلى الله عليه وسلّم كان يقصد إلّا يأمر في قبيلة بأمر إلّا لرجل منها لنفور طباع العرب من أن يحكم في القبيلة أحد من غيرها فكان يتألّفهم بذلك» .
[8] أخرجه البخاري في المحاربين، باب الاعتراف بالزنا، وباب البكران يجلدان وينفيان، وباب

(3/208)


رَوَى عَنْهُ الْحَكَمُ [1] بْنُ مَسْعُودٍ حَدِيثًا فِي الْفِتْنَةِ.
البراء بْن مالك [2]
أخو أَنْس بْن مالك الأنصاري النّجّاري.
كان أحد الأبطال الأفراد الذين يضرب بهم المثل في الفروسية والشدة، وكان من فضلاء الأنصار وأحد السادة الأبرار، قتل من المشركين مائة مبارزة.
__________
[ () ] من أمر غير الإمام بإقامة الحدّ غائبا عنه، وباب إذا رمى امرأته أو امرأة غيره بالزنى عند الحاكم، وباب هل يأمر الإمام رجلا فيضرب الحدّ غائبا عنه، وفي الوكالة، باب الوكالة في الحدود، وفي الشهادات، باب شهادة القاذف والسارق والزاني، وفي الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، وفي الشروط، باب التي لا تحلّ في الحدود، وفي الأيمان والنذور، باب كيف كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلّم، وفي الأحكام، باب هل يجوز للحاكم أن يبعث رجلا وحده للنظر في الأمور، وفي خبر الواحد، باب ما جاء في إجازة خبر الواحد، وفي الاعتصام، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلّم ومسلم في الحدود (1697 و 1698) باب من اعترف على نفسه بالزنى، ومالك في الموطأ 2/ 822 في الحدود، باب ما جاء في الرجم، والترمذي في الحدود (1433) باب ما جاء في الرجم على الثيب، وأبو داود في الحدود (4445) ، باب المرأة التي أمر النبيّ صلى الله عليه وسلّم برجمها من جهينة، والنسائي 8/ 240، 241 في القضاة، باب صون النساء عن مجلس الحكم، وأخرجه ابن ماجة في الحدود (2549) باب حدّ الزّنا، والدارميّ في الحدود 2/ 177 باب الاعتراف بالزّنا. وانظر: جامع الأصول لابن الأثير 3/ 536- 538 رقم 1847، والفتح الباري للحافظ ابن حجر 12/ 124.
[1] في نسخة دار الكتب «الحاكم» وهو خطأ، والمثبت عن الأصل، والإصابة لابن حجر.
[2] الطبقات الكبرى 7/ 16، 17، تاريخ خليفة 108 و 109 و 125 و 146 و 147، التاريخ الكبير 2/ 117 رقم 1887، المعارف 308 فتوح البلدان 1/ 104 و 423، أنساب الأشراف 1/ 491، تاريخ الطبري 3/ 290 و 294 و 4/ 84- 86، 88، جمهرة أنساب العرب 351 و 443، الجرح والتعديل 2/ 399 رقم 1567، الخراج وصناعة الكتابة 280، حلية الأولياء 1/ 350 351 رقم 50، التاريخ الصغير 1/ 55، المعجم الكبير 2/ 26- 28 رقم 101، مشاهير علماء الأمصار 13 رقم 37، الإستبصار 34- 36، الاستيعاب 1/ 137، 138 العقد الفريد 6/ 8، المستدرك 3/ 291، 292، أسد الغابة 1/ 172، 173، الكامل في التاريخ 2/ 364 و 546- 549، الزيارات 69، سير أعلام النبلاء 1/ 195- 198، تلخيص المستدرك 3/ 291، 292، الوافي بالوفيات 10/ 105 رقم 4561، مجمع الزوائد 9/ 324، الإصابة 1/ 635 رقم 620، كنز العمال 13/ 294، الجامع 221، 222.

(3/209)


روى ابن سيرين، عَنْ أَنْس قَالَ: دخلت على البراء وهو يتغنّى بالشّعر فقلت: يا أخي تتغنى بالشعر وقد أبدلك الله به القرآن! فَقَالَ: أتخاف عليَّ أن أموت على فراشي وقد تفردت بقتل مائة سوى من شاركت في قتله، إني لأرجو أن لَا يفعل الله ذلك [1] بي. وقد روى مثله ثُمامة بْن أَنْس، عَنِ أبيه.
شهِدَ البراء أحُدًا وما بعدها [2] .
وعن ابن سيرين قَالَ: كتب عُمَر أن لَا تستعملوا البراء بْن مالك على جيش، فإنه مَهْلَكةٌ من المهالك تقدم بهم [3] .
قَالَ ابن عبد البر [4] : اسْتُشْهِدَ البراء بتُسْتَر.
السَّريّ بْن يحيى، عَنِ ابن سيرين، أن المُسْلِمين انتهوا إلى حائط فيه رجال من المشركين، فقعد البراء على ترسٍ وَقَالَ: ارفعوني برماحكم فألقوني إليهم، فألقوه وراء الحائط، قَالَ: فأدركوه وقد قتل منهم عشرة [5] .
ابن عون، عَنِ ابن سيرين قَالَ: بارز البراء مرزبان الزّارة [6] فطعنه
__________
[1] أخرجه الطبراني في المعجم الكبير 2/ 26 و 27 رقم 1178 و 1179، والحاكم في المستدرك 3/ 291 من طريق عبد الله بن عوف، عن ثمامة بن أنس، عن أنس، وصحّحه على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي في التلخيص، وأخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء 1/ 350 من طريق عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وابن سعد في الطبقات 7/ 17 من طريق عفّان بن مسلم، عن حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، وانظر الاستيعاب 1/ 137، والإصابة 1/ 143 عن البغوي وقال: بإسناد صحيح.
[2] انظر ابن سعد 7/ 16.
[3] انظر طبقات ابن سعد 7/ 16، والمستدرك للحاكم 3/ 291، وتلخيصه للذهبي، وكذلك في سير أعلام النبلاء 1/ 196، وأسد الغابة 1/ 172، والاستيعاب 1/ 38 وكلهم بلفظ «يقدم» .
[4] في الإستيعاب 1/ 139 نقلا عن تاريخ خليفة 146.
[5] كان هذا يوم حرب مسيلمة الكذّاب. انظر: تاريخ خليفة 109 عن بكر بن سليمان، عن ابن إسحاق، والاستيعاب لابن عبد البرّ 1/ 138، و 139، والإصابة لابن حجر 1/ 143 وقد تحرّف فيهما «ابن إسحاق» إلى «أبي إسحاق» وانظر: سير أعلام النبلاء 1/ 196.
[6] الزّرارة: قال ياقوت: بلفظ المرة من الزار، وعين الزارة بالبحرين معروفة، والزارة: قرية كبيرة

(3/210)


فصرعه وأخذ سلبه فباعه بنيفٍ وثلاثين ألفًا [1] .
(ع) زينب بنت جحش [2]
ابن رئاب الأسدي أسد خُزَيْمَة، أم المؤمنين أخت أبي أحمد
__________
[ () ] بها، ومنها مرزبان الزارة، وله ذكر في الفتوح، وقد فتحت سنة 12 هـ. وصولح أهلها.
(معجم البلدان 3/ 126) .
[1] أخرجه الطبراني في المعجم الكبير 2/ 27 رقم 1180 من طريق عبد الرزاق عن معمر، عن أيوب عن ابن سيرين قال: «بارز البراء بن مالك أخو أنس بن مالك مرزبان الزارة فقتله، ثم أخذ سلبه فبلغ سلبه ثلاثين ألفا، فبلغ ذلك عمر بن الخطّاب، فقال لأبي طلحة: إنّا كنّا لا نخمّس السّلب وإن سلب البراء قد بلغ مالا كثيرا فما أرانا إلّا خامسيه» قال الهيثمي في مجمع الزوائد 5/ 331 ورجاله رجال الصحيح.
أقول: محمد بن سيرين لم يدرك البراء بن مالك. وقد رواه أيضا عبد الرزاق في المصنّف (9468) ، والبيهقي في السنن الكبرى 9/ 310 و 311، والطحاوي في مشكل الآثار 2/ 132 و 133.
[2] مسند أحمد 6/ 324، طبقات ابن سعد 8/ 101- 115، تسمية أزواج النبيّ لأبي عبيدة 61، طبقات خليفة، 332 و 336، تاريخ خليفة 149، المغازي للواقدي. 430 و 554 و 696 و 698 و 699 و 926 و 1115، المحبّر 85 و 86 و 88 و 92 و 98 و 101 و 103 و 408 المعارف 215 و 457 و 555، المعرفة والتاريخ 2/ 722 و 3/ 233، مقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 96 رقم 181، الأخبار الموفّقيّات 321، جمهرة أنساب العرب 191، أنساب الأشراف 1/ 88 و 199 و 414 و 415 و 417 و 424- 427 و 433- 437 و 444 و 448 و 465 و 467 و 469 و 546، فتوح البلدان 3/ 555، تاريخ الطبري 2/ 562 و 563 و 614 و 3/ 83 و 165 و 187 و 4/ 113 و 196، المنتخب من ذيل المذيّل 604- 608، السير والمغازي 262، 263 و 269 و 270، تاريخ أبي زرعة 1/ 492- 495، تهذيب سيرة ابن هشام 217 و 331 و 332 و 334 و 335، الاستيعاب 4/ 313- 317، المستدرك 4/ 23- 25، المعجم الكبير 24/ 37- 57، أسد الغابة 5/ 463- 465، الكامل في التاريخ 2/ 177 و 197 و 309 و 317 و 569، الزيارات 14، تهذيب الكمال 3/ 1683، تحفة الأشراف 11/ 321- 324 رقم 885، تهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 344- 346 رقم 739، دول الإسلام 1/ 16، العبر 1/ 5 و 24، سير أعلام النبلاء 2/ 211- 218 رقم 21، الكاشف 3/ 426 رقم 59 تلخيص المستدرك 4/ 23- 25، البداية والنهاية 7/ 104، حلية الأولياء 2/ 51، صفة الصفوة 2/ 24، الوفيات لابن قنفذ 33 رقم 20، مرآة الجنان 1/ 76، السمط الثمين 105، الوافي بالوفيات 15/ 61، 62 رقم 72، تهذيب التهذيب 12/ 420، 421 رقم 2801، تقريب التهذيب 2/ 600 رقم 1، النكت الظراف 11/ 323، الإصابة 4/ 313، 314، خلاصة تهذيب التهذيب 491، كنز العمال 13/ 700، شذرات الذهب 1/ 10 و 31.

(3/211)


وحمنة [1] ، وأمها أميمة بنت عبد المطلب بْن هاشم، تزوجها النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سنة ثلاث، وقيل: سنة خمس، وقيل: سنة أربعٍ وهو أصح، وكانت قبله عند مولاه زيد بن حارثة، قال الله تعالى: فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها 33: 37 [2] ، فكانت زينب تفخر عَلَى نساء النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتقول زوَّجكُنّ أهليكن وزوجني الله من فوق عرشه [3] .
وكانت دَيِّنةً ورعةً كثيرة البر والصدقة، وكانت أول نسائه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحوقًا به، فصلّى عليها عُمَر.
أَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال يَوْمًا لِنِسَائِهِ: «أَسْرَعُكُنَّ لُحُوقًا بِي أَطْوَلُكُنَّ يَدًا» . قَالَتْ: فَكُنَّ يَتَطَوَّلْنَ أَيَّتُهُنَّ أَطْوَلُ يَدًا، فَكَانَتْ زَيْنَبُ أَطْوَلَنَا يَدًا لِأَنَّهَا كَانَتْ تَعْمَلُ وَتَتَصَدَّقُ [4] .
__________
[1] في نسخة دار الكتب «حبه» والتصويب من الأصل وغيره.
[2] سورة الأحزاب، الآية 37.
[3] أخرجه البخاري في التوحيد 8/ 175 باب: وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ 11: 7، من طريق: أنس، قال: جاء زيد بن حارثة يشكو فجعل النبيّ صلى الله عليه وسلّم يقول: «اتّق الله وأمسك عليك زوجك» . قالت عائشة: لو كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كاتما شيئا لكتم هذه، قال: فكانت زينب تفخر عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تقول: زوّجكن أهاليكنّ وزوّجني الله تعالى من فوق سبع سماوات. ومسلم في كتاب النكاح، باب زواج النبيّ صلى الله عليه وسلّم بزينب بنت جحش، وأخرجه أبو عبيدة في تسمية أزواج النبيّ 62، والطبراني في المعجم الكبير 24/ 39 رقم 107 من طريق أبي قتيبة، عن عيسى بن طهمان، عن أنس بن مالك، وابن سعد في الطبقات 8/ 103 من طريق: عارم بن الفضل، عن حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قال: نزلت في زينب بنت جحش: فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها 33: 37. قال: فكانت تفخر على نساء النبيّ صلى الله عليه وسلّم تقول: زوّجكن أهلكنّ وزوّجني الله من فوق سبع سماوات. وانظر: المستدرك 4/ 25.
[4] أخرجه مسلم في فضائل الصحابة (2453) باب من فضائل زينب أمّ المؤمنين، من طريق عائشة بنت طلحة، عن عائشة أمّ المؤمنين قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «أسرعكنّ لحاقا بي أطولكنّ يدا» قالت: فكنّ يتطاولن أيّتهنّ أطول يدا. فكانت أطول يدا زينب، لأنها كانت تعمل بيدها وتصدّق. وأخرج البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها أنّ بعض أزواج النبيّ صلى الله عليه وسلّم قلن للنبيّ صلى الله عليه وسلّم أيّنا أسرع بك لحوقا؟ قال: «أطولكن يدا» ، فأخذوا قصبة يذرعونها،

(3/212)


[ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ [1] قَالَ: رَوَيْنَا مِنْ وُجُوهٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ تُسَامِينِي فِي الْمَنْزِلَةِ عِنْدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا رَأَيْتُ امْرَأَةً قَطُّ خَيْرًا فِي الدِّينِ مِنْ زَيْنَبَ وَأَتْقَى للَّه، وَأَصْدَقَ، حَدِيثًا، وَأَوْصَلَ لِلرَّحِمِ، وَأَعْظَمَ صَدَقَةً. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا.] [2] لَهَا أَحَادِيثُ. رَوَى عَنْهَا أُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ أَبِي سَلَمَةَ، وَابْنُ أَخِيهَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ، وَأَرْسَلَ عَنْهَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ.
تُوُفِّيَتْ سَنَةَ عِشْرِينَ، وَكَانَ عُمَرُ قَدْ قَسَمَ لِأُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ فِي السَّنَةِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، لِكُلِّ وَاحِدَةٍ إِلَّا جُوَيْرِيَةَ وَصَفِيَّةَ فَقَسَمَ لهما ستّة آلاف، لكلّ واحدة، لكونهما سبيتا. قَالَهُ الزُّهْرِيُّ.
وَقَالَ الواقِديّ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ الْجَحْشِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ لِهِلَالِ ذِي الْقِعْدَةِ سَنَةَ خَمْسٍ [3] وَهِيَ بِنْتُ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً [4] ، قَالَ: وَكَانَتِ امْرَأَةً صالحة صوّامة قوّامة صنعا [5]
__________
[ () ] فكانت سودة أطولهنّ يدا، فعلمنا بعد إنّما كانت طول يدها الصّدقة، وكانت أسرعنا لحوقا به، وكانت تحبّ الصدقة.
قال ابن الجوزي: هذا الحديث غلط من بعض الرواة، والعجب من البخاري كيف لم ينبّه عليه، ولا أصحاب التعاليق، ولا علم بفساد ذلك الخطابيّ، فإنّه فسّره، وقال: لحوق سودة به من أعلام النّبوّة. وكل ذلك وهم، وإنّما هي زينب، فإنّها كانت أطولهنّ يدا بالعطاء كما رواه مسلم من طريق عائشة، وأخرجه ابن سعد في الطبقات 8/ 108 من طريق الْوَاقِدِيُّ، عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ سالم، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم يوما وهو جالس مع نسائه: اطولكنّ باعا أسرعكنّ لحوقا بي. فكنّ يتطاولن إلى الشيء، وإنّما عنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك الصدقة. وكانت زينب امرأة صنعا فكانت تتصدّق به فكانت أسرع نسائه لحوقا به. وانظر الاستيعاب 4/ 315، والمستدرك 4/ 25.
[1] في الاستيعاب 4/ 316.
[2] ما بين الحاصرتين ساقط من نسخة دار الكتب.
[3] طبقات ابن سعد 8/ 114.
[4] ابن سعد 8/ 114.
[5] هكذا في الأصل ونسختي (ع) و (ح) وابن سعد وغيره. وفي نسخة دار الكتب «صناعا» .

(3/213)


تَتَصَدَّقُ بِذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ [1] .
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَحَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: يَرْحَمُ اللَّهُ زَيْنَبَ لَقَدْ نَالَتْ شَرَفَ الدُّنْيَا الَّذِي لَا يَبْلُغُهُ شَرَفٌ، إِنَّ اللَّهَ زَوَّجَهَا نَبِيَّهُ وَنَطَقَ بِهِ الْقُرْآنُ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَنَا وَنَحْنُ حَوْلَهُ: «أَطْوَلُكُنَّ يَدًا أَسْرَعُكُنَّ لُحُوقًا بِي» فَبَشَّرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسُرْعَةِ لُحُوقِهَا بِهِ وَهِيَ زَوْجَتُهُ فِي الْجَنَّةِ [2] .
وَقَالَ خليفة [3] وحده: تُوُفيّت سنة إحدى وعشرين.
سعيد بْن عامر بْن حِذيَم الجُمَحِيّ [4]
من أشراف بني جُمَح، له صحبة ورواية.
روى عنه عبد الرحمن بْن سابط، وشهر بْن حَوْشبْ وحسان بْن عطية مرسلًا.
ذكر ابن سعد [5] أنّه شهد خيبر.
__________
[1] ابن سعد 8/ 103.
[2] فيه الواقديّ، وهو متروك.
[3] في التاريخ 149.
[4] طبقات ابن سعد 4/ 269، تاريخ خليفة 130 و 141 و 155 و 156، طبقات خليفة 25 و 299، المغازي للواقدي 359، فتوح الشام للأزدي 33 و 35 و 158 و 184- 187، تهذيب سيرة ابن هشام 186، نسب قريش 399، تاريخ أبي زرعة 1/ 507، الزهد لابن المبارك 77 رقم 226، المعرفة والتاريخ 1/ 293، مقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 164 رقم 951، مشاهير علماء الأمصار 27 رقم 128، العقد الفريد 2/ 380، فتوح البلدان 205 و 211، الخراج وصناعة الكتابة 314، جمهرة أنساب العرب 163، حلية الأولياء 244- 247 رقم 37، الجرح والتعديل 4/ 48 رقم 205، الإستيعاب 2/ 12، 13، المعجم الكبير 6/ 70- 73 رقم 563، المستدرك 3/ 286، تهذيب تاريخ دمشق 6/ 147- 149، الكامل في التاريخ 2/ 534، 535 و 569، صفة الصفوة 1/ 660- 667 رقم 83، التذكرة الحمدونية 1/ 132 رقم 282، مرآة الجنان 1/ 76، الوافي بالوفيات 15/ 230 رقم 320، البداية والنهاية 7/ 103، تهذيب التهذيب 4/ 51 رقم 80، الإصابة 2/ 48، 49 رقم 3270.
[5] في الطبقات 4/ 269.

(3/214)


وَقَالَ حسان بْن عطية: بلغ عُمَر أن سعيد بْن عامر- وكان قد استعمله على بعض الشام يعني حمص- أصابته حاجةٌ فأرسل إليه ألف دينار، فَقَالَ لزوجته: ألا نُعطي هذا المال لمن يتجّر لنا فيه؟ قالت: نعم، فخرج فتصدّق به، وذكر الحديث [1] .
وروى يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن سابط قَالَ: أرسل عُمَر إلى سعيد بْن عامر: إنّا مستعملوك على هؤلاء تسير بهم إلى أرض العدو فتجاهد بهم، فَقَالَ: يا عُمَر لَا تَفْتِنّي. قَالَ: والله لَا أَدَعُكُم، جعلتموها في عُنُقي ثُمَّ تخليتم عني، إنّما أبعثك على قوم لست بأفضلهم [2] .
__________
[1] أخرجه أبو نعيم بطوله في حلية الأولياء 1/ 244، 245 عن محمد بن معمر، عن أبي شعيب الحرّاني، عن يحيى بن عبد الله الحرّاني، عن الأوزاعي، عن حسّان بن عطيّة قال: لما عزل عمر بن الخطّاب رضي الله تعالى عنه معاوية عن الشام، بعث سعيد بن عامر بن حذيم الجمحيّ قال: فخرج معه بجارية من قريش نضيرة الوجه، فما لبث يسيرا حتى أصابته حاجة شديدة، قال: فبلغ ذلك عمر، فبعث إليه بألف دينار، قال: فدخل بها على امرأته فقال: إنّ عمر بعث إلينا بما ترين. فقالت: لو أنك اشتريت لنا أدما وطعاما وادّخرت سائرها. فقال لها: أو لا أدلّك على أفضل من ذلك، نعطي هذا المال من يتّجر لنا فيه فنأكل من ربحها وضمانها عليه؟
قالت: فنعم! إذا، فاشتري أدما وطعاما واشتري بعيرين وغلامين يمتاران عليهما حوائجهم وفرّقها في المساكين وأهل الحاجة، قال: فما لبث إلّا يسيرا حتى قالت له امرأته إنّه نفذ كذا وكذا فلو أتيت ذلك الرجل فأخذت لنا من الربح فاشتريت لنا مكانه، قال: فسكت عنها، قال: ثم عاودته، قال: فسكت عنها حتى آذته ولم يكن يدخل بيته إلّا من ليل إلى ليل، قال: وكان رجل من أهل بيته ممن يدخل بدخول، فقال لها: ما تصنعين إنّك قد آذيتيه وإنّه قد تصدّق بذلك المال، قال: فبكت أسفا على ذلك المال، ثم إنّه دخل عليها يوما فقال: على رسلك، إنّه كان لي أصحاب فارقوني منذ قريب ما أحبّ أنّي صددت عنهم وأنّ لي الدنيا وما فيها، ولو أنّ خيرة من خيرات الحسان اطّلعت من السماء لأضاءت لأهل الأرض ولقهر ضوء وجهها الشمس والقمر ولنصيف تكسى خير من الدنيا وما فيها. فلأنت أحرى في نفسي أن أدعك لهنّ من أن أدعهنّ لك، قال: فسمحت ورضيت. وانظر: صفة الصفوة 1/ 662، 663 والنصيف الخمار.
وانظر: تهذيب تاريخ دمشق 1/ 147.
[2] حلية الأولياء 1/ 247، صفة الصفوة 1/ 660، 661، تهذيب تاريخ دمشق 6/ 147، الإصابة 2/ 49.

(3/215)


وَقَالَ خليفة [1] : فُتِحَتْ قَيْسارية وأميرها سعيد بْن عامر بْن حذيم، ومعاوية بْن أبي سُفْيَان، كل واحد أميرٌ على جنده، فهزم الله المشركين وقتلوا منهم مقتلةً عظيمة، وَوُلِّيَ سعيد بْن عامر حمص.
وذكر ابن سعد [2] أنه شهِدَ خيبر. وكان سعيد من سادة الصحابة.
(عياض بْن غَنْم الفِهْريّ)
[3] أَبُو سعد.
من المهاجرين الأولين، شهد بدرا وغيرها، واستخلفه أَبُو عبيدة عند وفاته على الشام [4] ، وكان رجلًا صالحًا زاهدًا سمحًا جوادًا، فأقرّه عُمَر على الشام، وهو الّذي افتتح الجزيرة صُلْحًا، وعاش ستين سنة [5] .
وهو عِياض بْن غنم بْن زهير [6] بْن أبي شداد بْن ربيعة.
__________
[1] في التاريخ 141.
[2] نقل ذلك المؤلّف قبل الآن في أول الترجمة.
[3] المغازي للواقدي 633، طبقات خليفة 28 و 300، تاريخ خليفة 147، المحبّر 10 و 432، التاريخ الكبير 7/ 18، 19 رقم 84، أنساب الأشراف 1/ 39 و 226 و 441، فتوح البلدان 165 و 166 و 174 و 176 و 177 و 204 و 205 و 206 و 207 و 208 و 209 و 210 و 221 و 225 236 و 409، الخراج وصناعة الكتابة 300 و 304 و 305 و 312 و 313 و 317 و 320 و 326 و 383 جمهرة أنساب العرب 177، مشاهير علماء الأمصار 51 رقم 333، تاريخ الطبري 3/ 346، 347 و 372 و 373 و 377 و 378 و 380 و 396 و 427 و 438 و 442 و 572 و 577 و 578 و 602 و 4/ 51 و 53- 55 و 66 و 67 و 101 و 163 و 207 و 288 و 289، المعرفة والتاريخ 3/ 307، المستدرك 3/ 289، 290، الاستبصار 3/ 289- 291، الاستيعاب 3/ 128، 129، الزيارات 8، صفة الصفوة 1/ 668- 670 رقم 85، أسد الغابة 4/ 327، العبر 1/ 24، سير أعلام النبلاء 2/ 254، 255 رقم 69، تلخيص المستدرك 3/ 289، 290، مرآة الجنان 1/ 76، تهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2 43 رقم 44، البداية والنهاية 7/ 103، مجمع الزوائد 9/ 404، الإصابة 2/ 50 رقم 6141، شذرات الذهب 1/ 31.
[4] طبقات ابن سعد 7/ 398، المستدرك للحاكم 3/ 290، مجمع الزوائد 9/ 404، سير أعلام النبلاء 2/ 354.
[5] طبقات ابن سعد 7/ 398، المستدرك 3/ 290، سير أعلام النبلاء 2/ 354.
[6] في نسخة دار الكتب «إبراهيم» بدل «زهير» وهو وهم.

(3/216)


وأما ابن سعد [1] فَقَالَ: شهِدَ الحديبية وما بعدها، وكان أحدَ الأمراء الخمسة يوم اليرموك.
يروى عنه عِياض بْن عمرو الأشعري.
أَبُو سفيان بن الحارث [2]
ابن عبد المطلب ابن عم النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اسمه المُغِيرَة، وهو الَّذِي كان آخذًا يوم حنين بلجام بغلة النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وثبت يَوْمَئِذٍ معه، وهو أخو نوفل بْن الحارث، وربيعة بْن الحارث.
وَقَالَ أَبُو إسحاق السبيعي: لمّا حضر أبا سُفْيَان بْن الحارث بْن عبد المطلب الموت قَالَ: «لَا تبكوا عليّ فإني لم أنتطف [3] بخطيئة منذ أسلمت [4] » .
وقد روى عنه ابنه عبد الملك قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يا بني هاشم إيّاكم والصَّدَقَة» .
__________
[1] في الطبقات 7/ 398.
[2] المغازي للواقدي 301، تهذيب سيرة ابن هشام 250 و 267، طبقات ابن سعد 4/ 49- 54، طبقات خليفة 6، تاريخ خليفة 70 و 84، التاريخ لابن معين 2/ 707، المحبّر 46 و 64 و 177 و 439 و 473، المعارف 126 و 164 587، تاريخ أبي زرعة 1/ 645، فتوح البلدان 20، المعرفة والتاريخ 1/ 327 و 2/ 629 و 3/ 261، تاريخ الطبري 2/ 462 و 3/ 50 و 74 و 75 و 7/ 622، مشاهير علماء الأمصار 22 رقم 91، الاستيعاب 4/ 83- 85، المستدرك 3/ 254- 257، الزيارات 94، أسد الغابة 5/ 215، صفة الصفوة 1/ 519- 521 رقم 57، تهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 239 رقم 357، العبر 1/ 24، سير أعلام النبلاء 1/ 202- 205 رقم 32، تلخيص المستدرك 3/ 254- 256، مرآة الجنان 1/ 76، البداية والنهاية 7/ 103، 104، مجمع الزوائد 9/ 274، العقد الثمين 7/ 253، الإصابة 4/ 90، 91 رقم 538.
[3] هكذا في الأصل وغيره، وفي سير أعلام النبلاء 1/ 204 «أتنطّف» يقال نطف ينطف إذا قطر قليلا ومنه النطفة. انظر: ذخائر العقبي 243 والتنطّف: التلطّخ. وانظر طبقات ابن سعد، وصفة الصفوة.
[4] طبقات ابن سعد 4/ 53، الاستيعاب 4/ 84، تهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 239، صفة الصفوة 1/ 520 وفيه «لم أتنطّق بخطيئة» . وقد قال المحقّق في الحاشية: انتطق الرجل:
شدّ النطاق على وسطه. وهو هنا مجاز، أي لم يرتكب فاحشة.

(3/217)


وقيل: إن نوفلًا أخاه تُوُفيّ في هذه السنة، وقد مرّ.
وكان أَبُو سُفْيَان أخا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الرضاعة، أرضعتهما حليمة السَّعْدِيَّة، سماه «المُغِيرَة» ابن الكلبي [1] والزُّبَيْر، وَقَالَ آخرون: اسمه كنيته وأخوه المُغِيرَة. وَبَلَغَنَا أنّ الذين كانوا يُشْبِهُون رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: جعفر بْن أبي طالب، والحسن بْن عليّ، وقثم بْن العباس، وأبو سُفْيَان بْن الحارث.
وكان أَبُو سُفْيَان من شعراء بني هاشم، أسلم يوم الفتح، وكان قد وقع منه كلام في النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإيّاه عنى حسّان بقوله:
ألا أبلِغْ أبا سُفيان عنّي ... مُغَلْغَلَةً فقد بَرحَ الخفاءُ
هجوتَ محمَّدًا فأجبتُ عَنْهُ ... وعندَ اللَّه فِي ذاك الجزَاءُ [2]
ثُمَّ أسلم وحسُن إسلامه، وحضر فتح مكة مسلمًا، وأبلى يوم حُنَيْن بلاءً حسنًا [3] .
فَرَوَى ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ قَالَ: وَتَرَاجَعَ النَّاسُ يَوْمَ حُنَيْنٍ، [وَثَبَتَ أَبُو سُفْيَانَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ مَنْ ثَبَتَ] [4] ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَبَّ أَبَا سُفْيَانَ وَشَهِدَ لَهُ بِالْجَنَّةِ وَقَالَ: «أَرْجُو أَنْ يَكُونَ خَلَفًا من حمزة» [5] .
__________
[1] في نسخة دار الكتب «بن الكلدي» والتصحيح من الأصل و «أسد الغابة» وفيه أنّ ممّن سمّاه كذلك: إبراهيم بن المنذر.
[2] البيتان من قصيدة طويلة لحسّان قالها يوم فتح مكة، أوّلها:
عفت ذات الأصابع فالجواء إلى عذراء منزلها خلاء وهي في: ديوان حسّان بن ثابت 11- 14 طبعة دار احياء التراث العربيّ، وسيرة ابن هشام 4/ 106، 107، والبيتان أيضا في الاستيعاب 4/ 84، وفي الإصابة 4/ 90 البيت الثاني فقط.
[3] المستدرك 3/ 254، الاستيعاب 4/ 84.
[4] ما بين الحاصرتين ساقط من الأصل والنسخة (ع) ، والاستدراك من: ذخائر العقبي في مناقب ذوي القربى للمحبّ الطبري 242.
[5] ابن سعد 4/ 50، الاستيعاب 4/ 84، المستدرك 3/ 255 وليس في هذه المصادر شيء عن «حمزة» كما ورد هنا.

(3/218)


قَالَ ابن إسحاق: وَقَالَ يبكي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أرِقْتُ فباتَ لَيْلِي لَا يزولُ ... وَلَيْلُ أخي المُصِيبة فيه طُولُ
وأسعدني البكاءُ وذاك فيما ... أصِيبَ المسلمون به قليلُ
فقد عظُمَتْ مُصيبتنا وَجَلَّتْ ... عَشِيَّة قيل قد قُبِضَ الرسول [1]
فَقَدْنا الوحي والتنزيل فينا ... يروح به ويغدو جبرئيل
وذاك أحقُّ مَا سالت عليه ... نفوس النَّاس [2] أو كادت تسيلُ
نبيّ كان يجلو الشك عنا ... بما يوحى إليه وما يَقُولُ
ويهدينا فلا نخشى ضلالًا ... علينا والرسول لنا دليل
فلم نر مثله في النَّاس حيًّا ... وليس له من الموتى عديلُ [3]
أفاطِمُ إِنْ جزِعْتِ فذاك عُذْرٌ ... وإنْ لم تجزعي فهو [4] السَّبيلُ
فعوذي بالعَزَاء فإنّ فيه ... ثواب [5] الله والفضل الجزيلُ
وقولي في أبيك ولا تَمَلّي ... وهل يجْزي بفعل [6] أبيك قيلُ [7]
فقبر أبيك سيّدُ كلّ قَبرٍ ... وفيه سيّدُ النّاسِ الرسولُ
قيل: إنّ أبا سُفْيَان حجّ فحلق رأسه، فقطع الحلَّاق ثؤلولا كان في
__________
[1] زاد ابن عبد البرّ بعده بيتا في الاستيعاب 4/ 85:
وأضحت أرضنا ممّا عراها ... تكاد بنا جوانبها تميل
وقال القدسي في طبعته لهذا الكتاب- 3/ 123 في الحاشية رقم (3) : في أسد الغابة زيادة هذا البيت.. وأقول: ليس في أسد الغابة أيّ بيت من الأبيات من شعر أبي سفيان بن الحارث.
(راجع ترجمته في الجزء الرابع منه- ص 406 والجزء الخامس- ص 215) .
[2] في السير «الخلق» .
[3] هذا البيت ليس في الإستيعاب.
[4] في الاستيعاب «ذاك» بدل «فهو» .
[5] بالرفع، بناء «على أنّ اسم «إنّ» محذوف، والتقدير «فإنّه ثواب الله والفضل الجزيل» .
[6] هكذا في الأصل. وفي النسخة (ح) وسير أعلام النبلاء 1/ 205: «بفضل» .
[7] هكذا البيت والّذي قبله لم يردا في الإستيعاب.

(3/219)


رأسه، فمرض منه ومات بعد مَقْدَمه من الحجّ بالمدينة، وصلّى عليه عُمَر [1] .
تُوُفيّ بعد أخيه نَوْفَلٍ بأربعة أشهر، في قَوْل [2] .
(صفّية عَمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)
[3] وشقيقة حمزة، وحجل، والمُقَوّم، وأُمُّهم زُهْرية [4] تزوجها الحارث بْن حرب بْن أمية فتوفي عنها، وتزوّجها العوّام بن خويلد [5] فولدت له الزّبير حواريّ رسول الله، [والسائب] [6] وعبد الكعبة.
والصحيح أنه لم يُسْلِم من عمّات رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سواها.
ووجدت على أخيها حمزة وجدا شديدا، وصبرت واحتسبت.
__________
[1] طبقات ابن سعد 4/ 53، المستدرك 3/ 255، الاستيعاب 4/ 85.
[2] المستدرك 3/ 254، 255، طبقات ابن سعد 4/ 53، الاستيعاب 4/ 85.
[3] المغازي للواقدي 288، 289، 290، 462، 504، 522، 657، 685، 694، 698، 917، تهذيب سيرة ابن هشام 168، 169، السير والمغازي لابن إسحاق 67 و 147 و 156 و 335، طبقات ابن سعد 8/ 41، 42، نسب قريش 20 و 230 و 236، طبقات خليفة 331، تاريخ خليفة 147، المعارف 128 و 219 و 220، أخبار مكة 2/ 296، المحبّر 63 و 172 و 173 و 406، أنساب الأشراف 1/ 90 و 119 و 202 و 324 و 559 والقسم 3/ 40 و 41 و 284 و 285 و 287 و 288 و 291 و 293 و 313، والقسم 4 ج 1/ 72 و 78 و 361 و 382 و 488، فتوح البلدان 1/ 57، تاريخ الطبري 2/ 528 و 529 و 577 و 3/ 11 و 124 و 6/ 190، المنتخب من ذيل المذيّل 599، العقد الفريد 3/ 225 و 4/ 16 و 17 و 47، المعجم الكبير 24/ 319- 322، المستدرك 4/ 50، 51، ثمار القلوب 301، جمهرة أنساب العرب 15 و 111، الإستيعاب 4/ 345، الزيارات 92، 93، أسد الغابة 5/ 492، 493، الكامل في التاريخ 2/ 161 و 182 و 291 و 569 و 4/ 354 التذكرة الحمدونية 2/ 441 رقم 1138، تهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 349 رقم 750، سير أعلام النبلاء 2/ 269- 271 رقم 41، تلخيص المستدرك 4/ 50، 51، الوافي بالوفيات 16/ 326، 327 رقم 357، البداية والنهاية 7/ 104، 105 مجمع الزوائد 9/ 266، الإصابة 4/ 348، 349 رقم 654، كنز العمال 13/ 631.
[4] هي: هالة بنت وهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب. (المنتخب من ذيل المذيّل 599) .
[5] هو أخو خديجة بنت خويلد زوج النبيّ صلى الله عليه وسلّم.
[6] «السائب» ليس في الأصل، أضفناه من: المنتخب من ذيل المذيّل 599.

(3/220)


وكانت يوم الخندق في حصن حسان بْن ثابت، قالت: وهو معنا في الحصن مع الذُّرِّية، فمر بالحصن يهودي فجعل يُطيفُ بالحصن والمسلمون في نُحُور عدوِّهم، فذكرت الحديث وأنّها نزلت وقتلت اليهودي بعمودٍ كما تقدم في غزوة الخندق [1] .
تُوُفيّت صفية سنة عشرين، ودُفنت بالبقيع عَنْ بضعٍ وسبعين سنة [2] .
(أَبُو الهيثم بْن التَّيِّهان)
[3] البَلَوِيّ، حليف بني عبد الأشهل، وكان أحد نُقباء الأنصار.
شهِدَ بدرًا والمشاهد كلها، وكان من خيار الصحابة، وهو الَّذِي أضاف النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديث المشهور [4] .
__________
[1] انظر: سيرة ابن هشام 3/ 264، والمعجم الكبير 24/ 319 رقم 804، وطبقات ابن سعد 8/ 41، والمستدرك 4/ 50، 51، والتذكرة الحمدونية 2/ 441 رقم 1138، وأسد الغابة 5/ 493.
[2] المستدرك 4/ 50 من طريق سعيد بن كثير بن عفير قال: توفّيت صفيّة بنت عبد المطّلب أمّ الزبير بن العوّام سنة عشرين وهي يوم توفّيت بنت ثلاث وسبعين، وصلّى عليها عمر بن الخطاب ودفنها بالبقيع.
[3] المغازي للواقدي 158 و 691 و 707 و 718 و 720، تهذيب سيرة ابن هشام 103، تاريخ خليفة 149، طبقات خليفة 78 و 190، طبقات ابن سعد 3/ 447- 449، مقدمة مسند بقيّ بن مخلد 155 رقم 848، المحبّر 74 و 268 و 272، المعارف 270، أنساب الأشراف 1/ 240، فتوح البلدان 1/ 33، جمهرة أنساب العرب 340، تاريخ الطبري 2/ 356 و 363 و 364 و 4/ 447، الكنى والأسماء للدولابي 1/ 61، الاستيعاب 4/ 200، 201، المعجم الكبير للطبراني 19/ 249- 259، مشاهير علماء الأمصار 12 رقم 32، تاريخ أبي زرعة 1/ 575، المستدرك 3/ 285، 286، الزيارات 62 و 94، أسد الغابة 4/ 274، 275 و 5/ 318، صفة الصفوة 1/ 462، 463 رقم 34، تجريد أسماء الصحابة 2/ 42، تلخيص المستدرك 3/ 285- 287، مرآة الجنان 1/ 76، البداية والنهاية 7/ 104، الإصابة 4/ 212، 213 رقم 1199.
[4] هو في صحيح مسلم (2038) في كتاب الأشربة، باب جواز استتباعه غيره إلى دار من يثق برضاه بذلك.. رواه من طريق خلف بن خليفة، عن يزيد بن كيسان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلّم ذات يوم أو ليلة، فإذا هو بأبي بكر وعمر، فقال: «ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة» ؟ قالا: الجوع، يا رسول الله! فأتى رجلا من الأنصار، فإذا

(3/221)


واسمه مالك بْن التَّيْهان [1] بْن مالك بْن عُبَيْد البلوي القُضاعي حليف بني عبد الأشهل.
وقيل: هو أنصاريّ من أنفسهم، شهِدَ العقَبتين [2] .
وقيل بل تُوُفيّ سنة إحدى وعشرين، وأخطأ من قَالَ قُتِلَ بِصفِّين مع عليّ [3] ، بل ذاك أخوه عُبَيْد.
والتّيهان بالتخفيف كذا يقوله أهل الحجاز، وشدّده ابن الكلبيّ.
__________
[ () ] هو ليس في بيته. فلمّا رأته المرأة قالت: مرحبا وأهلا، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أين فلان» ؟ قالت: ذهب يستعذب لنا من الماء. إذا جاء الأنصاري فنظر إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصاحبه، ثم قال: الحمد للَّه، ما أحد اليوم أكرم أضيافا مني. قال: فانطلق فجاءهم بعذق فيه بسر وتمر ورطب. فقال: كلوا من هذه. وأخذ المدية. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «إيّاك والحلوب» ، فذبح لهم. فأكلوا من الشاة، ومن ذلك العذق، وشربوا، فلمّا أن شبعوا ورووا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم لأبي بكر وعمر: «والّذي نفسي بيده! لتسألنّ عن هذا النعيم يوم القيامة. أخرجكم من بيوتكم الجوع، ثم لم ترجعوا حتى أصابكم هذا النعيم» . وأخرجه الترمذي في الزهد (2474) باب ما جاء في معيشة أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلّم، من طريق آدم بن أبي إياس، عن شيبان أبي معاوية، عن عبد الملك بن عمير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة. والطبراني في المعجم الكبير 19/ 257، 258 رقم 571، من الطريق التي عند مسلم، وابن جرير الطبري في التفسير 30/ 287، وابن الأثير في أسد الغابة 4/ 275.
[1] في اسمه اختلاف. انظر طبقات ابن سعد 3/ 447.
[2] طبقات ابن سعد 3/ 448، المستدرك 3/ 285، المعجم الكبير 19/ 250، أسد الغابة 4/ 274.
[3] طبقات ابن سعد 3/ 449، تاريخ خليفة 149.

(3/222)