تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، ت تدمري

سَنَة إحدَى وَعشرْين
فيها فتح عَمْرو بْن العاص الإسكندرية. وقد مرّت.
وفيها شكا أهلُ الكوفة سعدَ بْنَ أبي وقّاص وتعنَّتُوه، فصرفه عُمَر ووّلَى عمار بْن ياسر على الصلاة، وابن مسعود على بيت المال، وعثمان بْن حُنَيف على مساحة أرض السّواد [1] .
وفيها سار عثمان بْن أبي العاص فنزل تَوَّج [2] ومَصَّرَها [3] .
وبعث سوار بْن المثني [4] العبدي إلى سابور، فاسْتُشْهِدَ، فأغار عثمان بْن أبي العاص على سيف البحر والسّواحل، وبعث الجارود بْن المعلي فقُتِل الجارود أيضًا [5] .
[عَنِ [6] الْمُفَضَّلِ بْنِ فَضَالَةَ، عَنْ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ الْقُتْبَانِيِّ، وَعَنْ غَيْرِ
__________
[1] تاريخ خليفة 149، وانظر تاريخ الطبري 4/ 144.
[2] توّج: بفتح أوّله وتشديد ثانيه وفتحه أيضا. وهي توّز بالزاي. مدينة بفارس قريبة من كازرون. (معجم البلدان 2/ 56) .
[3] تاريخ خليفة 149.
[4] في تاريخ خليفة «هبّار» بدل «المثنّى» .
[5] تاريخ خليفة 149.
[6] ما بين الحاصرتين من هنا حتى آخر الفقرة ساقط من نسخة دار الكتب.

(3/223)


وَاحِدٍ أَنَّ عَمْرًا سَارَ مِنْ فِلَسْطِينَ بِالْجَيْشِ مِنْ غَيْرِ أَمْرِ عُمَرَ إِلَى مِصْرَ فَافْتَتَحَهَا، فَعَتَبَ عُمَرُ عَلَيْهِ إِذْ لَمْ يُعْلِمْهُ، فَكَتَبَ يَسْتَأْذِنُ عُمَرَ بِمُنَاهَضَةِ أَهْلِ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ، فَسَارَ عَمْرٌو فِي سَنَةِ إِحْدًى وَعِشْرِينَ، وَخَلَّفَ عَلَى الْفُسْطَاطِ خَارِجَةَ بْنِ حُذَافَةَ الْعَدَوِيَّ، فَالْتَقَى الْقِبْطَ فَهَزَمَهُمْ بَعْدَ قِتَالٍ شَدِيدٍ، ثُمَّ الْتَقَاهُمْ عِنْدَ الْكِرْيَوْن [1] فَقَاتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، ثُمَّ انْتَهَى إِلَى الإِسْكَنْدَرِيَّةِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْمُقَوْقِسُ يَطْلُبُ الصُّلْحَ وَالْهُدْنَةَ مِنْهُ، فَأَبَى عَلَيْهِ، ثُمَّ جَدَّ فِي الْقِتَالِ حَتَّى دَخَلَهَا بِالسَّيْفِ، وَغَنِمَ مَا فِيهَا مِنَ الرُّومِ، وجعل فيها عسكرا عليهم عبد الله ابن حُذَافَةَ السَّهْمِيُّ، وَبَعَثَ إِلَى عُمَرَ بِالْفَتْحِ، وَبَلَغَ الْخَبَرُ قُسْطَنْطِينَ بْنَ هِرَقْلَ فَبَعَثَ خصيًّا لَهُ يُقَالُ لَهُ منْوِيل فِي ثَلاثِمِائَةِ مَرْكَبٍ حَتَّى دخلوا الإسكندرية، فقتلوا بها الْمُسْلِمِينَ وَنَجَا مَنْ هَرَبَ، وَنَقَضَ أَهْلُهَا، فَزَحَفَ إِلَيْهَا عَمْرٌو فِي خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا، وَنَصَبَ عَلَيْهَا الْمَجَانِيقَ، وَجَدَّ فِي الْقِتَالِ حَتَّى فَتَحَهَا عنوة، وخرّب جدرها، رئي عَمْرٌو يُخَرِّبُ بِيَدِهِ. رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ، عَنْ عَلْقَمَةَ] [2] .
نهَاوَنْد
وَقَالَ النَّهَّاسُ بْنُ قَهْمٍ [3] ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَوْفٍ الشّيبانيّ، عن السّائب ابن الأَقْرَعِ [4] قَالَ: زَحْفٌ لِلْمُسْلِمِينَ زَحْفٌ لَمْ يُرَ مِثْلُهُ قَطُّ، رَجَفَ [5] لَهُ أَهْلُ مَاه وَأَهْلُ أَصْبَهَانَ وَأَهْلُ هَمَذَانَ وَالرَّيِّ وَقَوْمَس وَنَهَاوَنْد [6] وَأَذَرْبِيجَان، قال فبلغ
__________
[1] كريون: بكسر أوّله، وسكون ثانيه، وفتح الياء المثنّاة من تحتها، وواو ساكنة ثم نون. اسم موضع قرب الإسكندرية. (معجم البلدان 4/ 458) .
[2] انظر: فتوح البلدان 1/ 259، 260، والخراج وصناعة الكتابة 336 وما بعدها.
[3] في طبعة القدسي 3/ 126 «فهم» بالفاء الموحّدة، وهو خطأ، والتصويب من الأصل، وتاريخ خليفة.
[4] هكذا في الأصل، وفي تاريخ خليفة: «عن القاسم بن عوف، عن أبيه، عن رجل، عن السائب بن الأقرع» .
[5] في تاريخ خليفة «زحف» .
[6] بفتح النون، وتكسر. (معجم البلدان 5/ 313) .

(3/224)


ذَلِكَ عُمَرَ فَشَاوَرَ الْمُسْلِمِينَ [1] ، فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنْتَ أَفْضَلُنَا رَأْيًا وَأَعْلَمُنَا بِأَهْلِكَ. فَقَالَ: لأَسْتَعْمِلَنَّ عَلَى النَّاسِ رَجُلًا يَكُونُ لأَوَّلِ أَسِنَّةٍ يَلْقَاهَا، يَا سَائِبُ اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا إِلَى النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ، فَلْيَسِرْ بِثُلُثَيْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَلْيَبْعَثْ إِلَى أَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَأَنْتَ عَلَى مَا أَصَابُوا مِنْ غَنِيمَةٍ [2] ، فَإِنْ قُتِلَ النُّعْمَانُ فَحُذَيْفَةُ الأَمِيرُ، فَإِنْ قُتِلَ حُذَيْفَةُ فَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فَإِنْ قُتِلَ ذَلِكَ الْجَيْشُ فَلا أَرَاكَ [3] .
وروى علقمة بْن عبد الله المُزَنيّ، عَنْ معقِل بْن يسار أن عُمَر شاور الهُرْمُزان في أصبهان وفارس وأذربيجان بأيَّتِهنّ يبدأ، فَقَالَ: يا أمير المؤمنين أصبهان الرأس، وفارس وأَذْرَبِيجَان الجناحان، فإنْ قُطِع أحدُ الجَنَاحَيْن مال الرأسُ بالجناح الآخر، وإنْ قطعت الرأس وقع الجناحان، فدخل عُمَر المسجد فوجد النُّعْمَان بْن مُقَرِّن يصلّي فسَرَّحه وسرَّح معه الزُّبَيْر بْن العَوَّام، وحُذَيْفَة بْن اليمان، والمُغِيرَة بْن شُعْبَة، وعمرو بن معديكرب، والأشعث بْن قيس، وعبد الله بْن عُمَر، فسار حتى أتى نَهَاوَنْد، فذكر الحديث إلى أن قَالَ النُّعْمَان لمّا التقى الجمعان: إنْ قُتِلْتُ فلا يُلْوِي عليّ أحدٌ، وإني داعٍ بدعوةٍ فأَمِّنُوا. ثُمَّ دعا: اللَّهمّ ارزقني الشهادة بنصر المُسْلِمين والفتح عليهم، فأمَّن القوم وحملوا فكان النُّعْمَان أول صريع [4] .
وروى خليفة [5] بإسنادٍ قَالَ: التقوا بنَهاوَنْد يوم الأربعاء فانكشفت مجنبة
__________
[1] عند خليفة: «فشاور المسلمين فاختلفوا، ثم قال عليّ: يا أمير المؤمنين ابعث إلى أهل الكوفة فليسر ثلثاهم وتدع ثلثهم في حفظ ذراريهم، وتبعث إلى أهل البصرة. فقال: أشيروا عليّ من أستعمل فيهم فقالوا: يا أمير المؤمنين أنت أفضلنا رأيا ... » .
[2] في تاريخ خليفة زيادة: «ولا ترفع إليّ باطلا، ولا تحبس عن أحد حظّا هو له» .
[3] تاريخ خليفة 147، 148، فتوح البلدان 2/ 373.
[4] تاريخ خليفة 148 149، وانظر: فتوح البلدان 2/ 372.
[5] في التاريخ 148.

(3/225)


المُسْلِمين الْيُمْنَى شيئًا، ثُمَّ التقوا يوم الخميس فثبتت الَمْيمنة وانكشف أهلُ المَيْسَرة، ثُمَّ التقوا يوم الجمعة فأقبل النُّعْمَان يخطُبُهم ويحُضُّهم على الحملة ففتح الله عليهم.
وَقَالَ زياد الأعجم: قدِم علينا أَبُو موسى بكتاب عُمَر إلى عثمان بْن أبي العاص: أمّا بعدُ، فإنّي قد أمْدَدْتُك بأبي موسى، وأنت الأمير فتطاوَعَا والسّلام. فلمّا طال حصار إصْطَخْر بعث عثمان بْن أبي العاص عدّة أمراء فأغاروا على الرَّساتيق [1] .
وَقَالَ ابن جرير [2] في وقعة نَهَاوَنْد: لمّا انتهى النُّعْمَان إلى نهاوند في جيشه طرحوا له حَسَك الحديد، فبعث عيونًا فساروا لَا يعلمون بالحَسَكَ [3] ، فزجر بعضُهم فَرَسَه وقد دخل في حافره حَسَكةٌ، فلم يبرح، فنزل فإذا الحَسَك، فأقبل بها، وأخبر النُّعْمَان، فَقَالَ النُّعْمَان: مَا ترون؟ فقالوا:
تقهقر حتى يروا أنك هارب فيخرجوا في طلبك، فتأخر النُّعْمَان، وكَنَسَت الأعاجم الحسك وخرجوا في طلبه [4] فعطف عليهم النُّعْمَان وعبّأ كتائبه وخطب النَّاس وَقَالَ: إنْ أُصِبْتُ فعليكم حُذيفة، فإن أصيب فعليكم جرير البجلي، وإن أصيب فعليكم قيس بْن مكشوح، فوجد المُغِيرَة في نفسه إذ لم يستخلفه، قَالَ: وخرجت الأعاجم وقد شدُّوا أنفُسَهم في السلاسل لئلَّا يفرُّوا، وحمل عليهم المسلمون، فرُمي النُّعْمَان بسهمٍ فقُتِل، ولفَّه أخوه سويد بْن مقرن في ثوبه وكتم قتله حتى فتح الله تعالى عليهم، ودفع الراية إلى حذيفة.
__________
[1] تاريخ خليفة 150.
[2] في تاريخ الرسل والملوك 4/ 115.
[3] لم ترد كلمة «الحسك» في الأصل ولا في نسخة دار الكتب، ولا النسخة (ح) ، والإستدراك من المنتقى لابن الملّا، وتاريخ الطبري.
[4] «في طلبه» لم ترد في الأصل ولا في نسخة دار الكتب، وأثبتناها من المنتقى لابن الملّا، وتاريخ الطبري.

(3/226)


وَقَتَل اللَّهُ ذا الحاجب [1] يعني مقدِّمَهم، وافتُتِحت نهاوند، ولم يكن للأعاجم بعد ذلك جماعة [2] .
وبعث عُمَر السَّائب بْن الأقرع مولى ثقيف- وكان كاتبًا حاسبًا-، فَقَالَ:
إنْ فتح اللَّهَ على النَّاس فاقْسِم عليهم فَيْئَهم واعْزِلِ الْخُمْسَ. قَالَ السائب:
فإني لأقْسِم بين النَّاس إذ جاءني أعجميٌ فَقَالَ: أتُؤَمِّنَني على نفسي وأهلي على أن أدلك على كنز يزْدَجِرد يكون لك ولصاحبك؟ قلت: نعم، وبعثت معه رجلًا، فأتى بسَفَطَيْن عظيمين ليس فيهما إلا الدُّر والزَّبرجد واليواقيت، قَالَ: فاحتملتُهما معي، وقدِمْتُ على عُمَر بهما، فَقَالَ: أَدْخِلْهُما بيت المال، ففعلت ورجعت إلى الكوفة سريعًا، فما أدركني رسولُ عُمَر إلَّا بالكوفة، أناخ بعيره على عُرْقُوبَيْ بَعِيري فَقَالَ: الْحَقْ بأمير المؤمنين، فرجعت حتى أتيته، فقال ما لي ولابن أمّ السائب، وما لابن أمّ السائب وما لي، قلت: وما ذاك؟ قال: والله ما هو إلا أن نمت، فباتتْ ملائكةٌ تسحبني إلى ذينك السّفطين يشتعلان نارا يقولون: «لَنَكْوِيَنَّك بهما» ، فأقول: «إني سأقسِمُهما بين المُسْلِمين» ، فخذهما عنّي لا أبا لك فالْحَقْ بهما فبِعْهُما في أُعْطية المُسْلِمين وأرزاقهم، قَالَ: فخرجتُ بهما حتى وضعتهما في مسجد الكوفة، وغَشِيني التُّجَّار، فابتاعهما منّي عمرو بْن حُريث بألفي ألف درهم، ثُمَّ خرج بهما إلى أرض العجم فباعهما بأربعة آلاف ألف، فما زال أكثر أهل الكوفة مالا [3] .
__________
[1] هو: مردان شاه الملقّب ببهمن. وسمّي ذا الحاجب لأنه كان يعضب حاجبيه ليرفعهما عن عينيه كبرا. ويقال إنّ اسمه رستم. (فتوح البلدان 308) .
[2] في حاشية الأصل هنا: «بلغ في العرض على المصنّف» .
[3] تاريخ الطبري 4/ 116، 117 وانظر: فتوح البلدان 373، 374.

(3/227)


وفيها سار عمرو بْن العاص إلى برقة فافتتحها، وصالحهم على ثلاثة عشر ألف دينار [1] .
وفيها صالح أبو هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس على أنطاكية وقلقيّة [2] ، وغير ذلك.
__________
[1] الطبري 4/ 144.
[2] في الأصل «ملقية» ، وفي طبعة القدسي 3/ 129 «ملطية» وقال: لعلّه من تصحيف السمع وما أثبتناه عن تاريخ الطبري 4/ 145.

(3/228)


الوَفيَّات
ت ن ق
(وأبو هاشم)
[1] من مسْلَمَة الفتح حسُن إسْلامُه، وله حديث في سنن النسائي وغيرها.
روى عنه أَبُو هُريرة، وسمرة بْن سهم.
وهو خال معاوية. شهِد فتوح الشام.
وفيها تُوُفيّ
(طُلَيْحَة بْن خُوَيْلِد)
[2] بن نوفل الأسديّ.
__________
[1] طبقات ابن سعد 7/ 407، 408، طبقات خليفة 12 و 126، مقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 116 رقم 423، أنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 357، تاريخ الطبري 4/ 145، الكنى والأسماء للدولابي 1/ 60، جمهرة أنساب العرب 77، الاستيعاب 4/ 210، 211، الكامل في التاريخ 3/ 21 و 4/ 191 أسد الغابة 5/ 314، الكاشف 3/ 341 رقم 429، تجريد أسماء الصحابة 2/ 209، تهذيب التهذيب 12/ 261 رقم 1206، الإصابة 4/ 200، 201 رقم 1180 الجرح والتعديل 9/ 453 رقم 2308.
وقيل اسمه: شيبة، وقيل هشيم، وقيل مهشم.
[2] تاريخ خليفة 102 و 103 و 104، المغازي للواقدي 341 و 470، عيون الأخبار 3/ 9، فتوح البلدان 1/ 114 و 115 و 116 و 317 و 320 و 324 و 395، والخراج وصناعة الكتابة 360 و 377، تاريخ الطبري 3/ 147 و 185- 187 و 242 و 260 و 261 و 266 و 511- 515 و 533 و 4/ 127 و 134 و 318 و 442، الاستيعاب 2/ 237، 238، ثمار القلوب 23 و 316، جمهرة أنساب العرب 196 و 443، تهذيب تاريخ دمشق 7/ 93- 106، الكامل في التاريخ

(3/229)


أسلم سنة تسعٍ، ثُمَّ ارتد وتنبأ بنجْدٍ وحارب المُسْلِمين، ثم انهزم ولحق بنواحي دمشق عند آل جَفْنة، فلمّا تُوُفيّ الصِّدِّيق ثاب وخرج مُحْرِمًا بالحج، فلمّا رآه عُمَر قَالَ: يا طُلَيْحَة لَا أحبك بعد قتل عكاشة بْن محِصن، وثابت بْن أقرم [1] . فَقَالَ: يا أمير المؤمنين رجُلَيْن أكرمهما الله بيدي ولم يُهِنّي بأيديهما.
ثمّ حسُن إسلامُه وشِهد القادسية، وكتب عُمَر إلى سعد أنْ شاوِرْ طُلَيْحَةَ في أمر الحرب ولا تُوَلِّه شيئًا.
وَقَالَ ابن سعد: كان طليحة يعد بألف فارسٍ لشجاعته وشدّته.
وَقَالَ غيره: اسْتُشْهِدَ طُلَيْحَة بنهاوند
(سوى ت) خالد بْن الوليد [2]
ابن المغيرة بن عبد
__________
[2] / 300 و 317 و 342- 348 و 351 و 460 و 470 و 471 و 479 و 480 و 517 و 3/ 9- 11 و 138 و 202، أسد الغابة 3/ 95، تهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 1/ 254، 255، الزيارات 69 و 98، دول الإسلام 1/ 17، سير أعلام النبلاء 1/ 316، 317 رقم 62، العبر 1/ 26، البداية والنهاية 7/ 118، 119، الوافي بالوفيات 16/ 495، 496 رقم 544، الاشتقاق 551، مرآة الجنان 1/ 77، الإصابة 2/ 234 رقم 4290، شذرات الذهب 1/ 32.
[1] في نسخة دار الكتب «أرقم» وهو تحريف، والتصويب عن الأصل وغيره.
[2] مسند أحمد 4/ 88، 89، السير والمغازي لابن إسحاق 193 و 327، المغازي للواقدي (راجع فهرس الأعلام 1162) سيرة ابن هشام 2/ 276- 279 و 592- 594، تهذيب سيرة ابن هشام 159 و 221 و 241 و 242 و 269 و 292 و 293 و 320 و 321، فتوح الشام للأزدي (راجع فهرس الأعلام 289) ، فتوح الشام المنسوب للواقدي 13 و 46 و 54 و 65 و 114 وغيرها، طبقات ابن سعد 4/ 252، 253 و 7/ 394- 398، نسب قريش للمصعب 42 و 251 و 320- و 322 و 324 و 330 و 357 و 409 و 412، المحبّر لابن حبيب 108 و 123 و 124 و 125 و 190 و 315 و 361 و 409 و 479، الأخبار الموفّقيّات للزبير 581 و 629 و 630، طبقات خليفة 19/ 20 و 299، تاريخ خليفة 86 و 88 و 92 و 150، التاريخ الصغير للبخاريّ 1/ 23 و 40، التاريخ الكبير له 3/ 136 رقم 461، البرصان والعرجان للجاحظ 305

(3/230)


الله بن عمر [1] بن مخزوم القرشي المخزومي أبو
__________
[ () ] و 344، التاريخ لابن معين 2/ 146، أخبار مكة للأزرقي 126 و 131 و 267، المعارف 66 و 163 و 165 و 182 و 210 و 267 و 282 و 286 و 303 و 333 و 435 و 491 و 569، وتاريخ أبي زرعة 1/ 171- 173، مقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 92 رقم 133، فتوح البلدان للبلاذري (راجع فهرس الأعلام 616) ، أنساب الأشراف 1/ 210 و 244 و 302 و 316 و 318 و 319 و 323 و 334 و 354 و 355 و 361 و 380 و 381 و 382 و 384 و 447 وق 4 ج 1/ 109، المعرفة والتاريخ للفسوي (راجع فهرس الأعلام 3/ 517) ، العقد الفريد 1/ 21 و 63 و 100 و 129 و 139 و 148 و 2/ 47 و 66 و 3/ 235، 4/ 268 و 6/ 133، عيون الأخبار 1/ 125، 126 و 142 و 143 و 165 و 2/ 16، تاريخ الطبري (راجع فهرس الأعلام 10/ 237) ، المنتخب من ذيل المذيّل 559، الخراج وصناعة الكتابة لقدامة 224، 225 و 264 و 270 و 272 و 282- 288 و 291- 293 و 296 و 303 و 309 و 353- 357 و 364، 365، الجراح والتعديل 3/ 356 رقم 1607 طبقات ابن سلام 48- 50، الكنى والأسماء للدولابي 1/ 71، مشاهير علماء الأمصار 31 رقم 157، ثمار القلوب 21 و 24 و 140، ربيع الأبرار للزمخشري 4/ 465، جمهرة أنساب العرب لابن حزم 147، الاستيعاب لابن عبد البرّ 1/ 405- 410، المستدرك للحاكم 3/ 296- 300، أمالي المرتضى 1/ 260، 261، تاريخ ثغر عدن لأبي مخرمة 2/ 68 رقم 94، رجال الطوسي 18، تهذيب تاريخ دمشق 5/ 95- 117، أسد الغابة 2/ 93- 96، الكامل في التاريخ (راجع فهرس الأعلام 13/ 113) ، صفة الصفوة 1/ 650- 655 رقم 81، التذكرة الحمدونية لابن حمدون 1/ 139 و 2/ 476، 477، الأغاني للأصفهاني 16/ 194، الزيارات للهروي 8، 9 و 92، تهذيب الأسماء واللغات للنووي ق 1 ج 1/ 172- 174 رقم 142، تهذيب الكمال للمزّي 1/ 366، الجمع بين رجال الصحيحين للقيسراني 1/ 118 رقم 463، دول الإسلام للذهبي 1/ 16، العبر 1/ 25، سير أعلام النبلاء 1/ 366- 384 رقم 78، تلخيص المستدرك 3/ 296- 300، الكاشف 1/ 209 رقم 1370، المعين في طبقات المحدّثين 20 رقم 33، نهاية الأرب للنويري 19/ 369، تحفة الأشراف للمزّي 3/ 111- 113 رقم 123، البداية والنهاية لابن كثير 7/ 113- 118، مرآة الجنان لليافعي 1/ 76، 77، الوافي بالوفيات 13/ 264 رقم 325، الوفيات لابن قنفذ 49 رقم 21، مآثر الإنافة للقلقشندي 1/ 27 و 56 و 85 و 90 مجمع الزوائد للهيثمي 9/ 348- 350، العقد الثمين للفاسي 4/ 289- 297، شفاء الغرام له (بتحقيقنا) 1/ 54- 59 و 67 و 2/ 184، 185 و 211 و 214 و 218 و 221- 223 و 239 و 449، تهذيب التهذيب لابن حجر 3/ 142، تقريب التهذيب 1/ 219 رقم 86، الإصابة 1/ 413- 415 رقم 2201 و 4/ 385 رقم 943، خلاصة تذهيب التهذيب للخزرجي 103 كنز العمال 13/ 366- 375، شذرات الذهب 1/ 232، تاريخ الخميس للدياربكري 2/ 247، طبقات المالكية لابن مخلوف 80 وغيره.
[1] هكذا في الأصل وغيره، وفي مصادر أخرى «عمرو» ، وفي طبقات ابن سعد 7/ 394 «عمير» . وأثبته القدسي في طبعته 3/ 130 خلافا للأصل.

(3/231)


سليمان المكّيّ، سيفُ الله، كذا لقبه النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وأُمُّه لُبابة أخت ميمونة بنت الحارث الهلالية أم المؤمنين.
شهِدَ غزوة مؤتة وما بعدها.
وله أحاديث، روى عنه: ابن عبّاس، وقيس بن أبي حازم، وجُبير بْن نُفَير، وأبو وائل، وجماعة.
وكان بطلًا شجاعًا ميمون النقيبة، باشر حروبًا كثيرة، ومات على فراشه وهو ابن ستين سنة، ولم يكن في جسده نحُو شِبْرٍ إلَّا وعليه طابع الشُّهَداء.
وَقَالَ جويرية بن أسماء: كَانَ خَالِد من أمد النَّاس بصرا [1] .
وَقَالَ عُرْوَة بْن الزُّبَيْر: لما استُخْلِف عُمَر كتب إلى أبي عبيدة: إني قد ولَّيْتُك وعزلت خالدا [2] .
قَالَ خليفة [3] : فولى أَبُو عبيدة لما افتتح الشام خالدًا على دمشق.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْد، وإبراهيم بْن المنذر، وجماعة: إنه تُوُفيّ سنة إحدى وعشرين بحمص [4] .
وَقَالَ دُحَيْم وحده: مات بالمدينة.
مناقب خالد كثيرة ساقها ابن عساكر، من أصحّها مَا رواه ابن أبي
__________
[1] تهذيب تاريخ دمشق لابن عساكر 5/ 109 وفيه «أحد» بدل «أمدّ» .
[2] تهذيب تاريخ دمشق 5/ 109 وانظر تاريخ خليفة 122.
[3] هذا القول لم يرد في تاريخ خليفة، والّذي ورد هو في حوادث سنة 14 هـ: «فيها فتحت دمشق، سار أبو عبيدة بن الجرّاح ومعه خالد بن الوليد فحاصرهم، فصالحوه، وفتحوا له باب الجابية، وفتح خالد أحد الأبواب عنوة وأتمّ لهم أبو عبيدة الصلح» و «كان خالد على الناس فصالحهم، فَلَمْ يَفْرُغْ مِنَ الصُّلْحِ حَتَّى عُزِلَ وَوُلِّيَ أبو عبيدة فأمضى أبو عبيدة صلح خالد ولم يغيّر الكتاب..» . ص 125، 126.
[4] طبقات ابن سعد 7/ 397، تهذيب تاريخ دمشق 5/ 116، المستدرك 3/ 296 و 300.

(3/232)


خَالِد، عَنْ قيس بْن أَبِي حازم قَالَ: رأيت خالد بْن الوليد أُتِيَ بسُمٍّ فَقَالَ: مَا هذا؟ قالوا: سُمّ، فَقَالَ: «باسم الله» وشَرِبَه.
وروى يونس بْن أبي إسحاق، عَنْ أبي السِّفر [1] قَالَ: قالوا لخالد:
احْذر الأعاجم لَا يسقونك السُّمَّ، فَقَالَ: ائتوني به، فأُتي به، فاقتحمه وَقَالَ: «باسم الله» فلم يضرّه شيئًا [2] .
وَقَالَ الأعمش، عَنْ خَيْثَمَة قَالَ: أتى خالدا رجل معه زقّ خمر، قال: اللَّهمّ أجعله خلًا، فصار خلًا [3] .
[جَعْفَرُ بْنُ أبي الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وَقَعَ بَيْنَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَعَمَّارٍ كَلامٌ، فَقَالَ عَمَّارٌ: لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ لَا أُكَلِّمُكَ أَبَدًا. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا خالد مالك وَلِعَمَّارٍ، رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا. وَقَالَ: يَا عَمَّارُ إِنَّ خَالِدًا سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ عَلَى الْكُفَّارِ. قَالَ خَالِدٌ: فَمَا زِلْتُ أُحِبُّ عَمَّارًا مِنْ يَوْمِئِذٍ [4] .
سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: بَلَغَ عُمَرُ أَنَّ نِسْوَةً مِنْ نِسَاءِ بَنِي الْمُغِيرَةِ قَدِ اجْتَمَعْنَ فِي دَارٍ يَبْكِينَ عَلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، فَقَالَ عُمَرُ: مَا عَلَيْهِنَّ أَنْ يَبْكِينَ أَبَا سُلَيْمَانَ ما لم يكن نقع أو لقلقة [5] .
__________
[1] في نسخة دار الكتب (أبي الشعر) والتصحيح من الأصل، والقاموس المحيط.
[2] تهذيب تاريخ دمشق 5/ 106، وقد ذكره ابن حجر في «المطالب العالية 4043» ونسبه إلى أبي يعلى. وذكره الهيثمي في «معجم الزوائد 9/ 350» وقال: رواه أبو يعلى، والطبراني بنحوه، وأحد إسنادي الطبراني رجاله رجال الصحيح، وهو مرسل. ورجالهما ثقات إلّا أنّ أبا السفر لم يسمع من خالد، والله أعلم.
[3] تهذيب تاريخ دمشق 5/ 106. وفي رواية «عسلا» بدل «خلّا» . انظر: سير أعلام النبلاء 1/ 376، والإصابة لابن حجر 1/ 414.
[4] الاستيعاب 1/ 409.
[5] أخرجه ابن عبد البرّ في الاستيعاب 1/ 409، 410 من طريق يحيى بن سعيد القطّان، عن سفيان بن حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، وابن حجر في الإصابة 1/ 415 ونسبه إلى ابن

(3/233)


وحشي بن حرب بن وحشي، عن أبيه، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ عَقَدَ لِخَالِدٍ وَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «نِعْمَ عَبْدُ اللَّهِ وَأَخُو الْعَشِيرَةِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ سَلَّهُ اللَّهُ عَلَى الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ. رَوَاهُ أحمد في مسندة] [1] .
__________
[ () ] المبارك في كتاب «الجهاد» من طريق: حمّاد بن زيد، عن عبد الله بن المختار، عن عاصم بن بهدلة، عن أبي وائل.. ويضيف ابن حجر: فهذا يدلّ على أنه مات بالمدينة.. ولكنّ الأكثر على أنه مات بحمص. وورد «نقعا» بدل «نقع» في المصدرين، وفي سير أعلام النبلاء 1/ 381 والنقع: رفع الصوت. وقيل: أراد به شقّ الجيوب، وقيل: أراد به وضع التراب على الرءوس، من النقع: الغبار، وهو أولى لأنّه قرن به اللّقلقة، وهي الصياح والجلبة عند الموت، وكأنها حكاية الأصوات الكثيرة (النهاية في غريب الحديث لابن الأثير) .
[1] 1/ 8، والحاكم في المستدرك 3/ 298، والهيثمي في مجمع الزوائد 9/ 348 وقال: رواه أحمد والطبراني بنحوه، ورجالهما ثقات. كذا قال. مع أنّ حرب بن وحشيّ لم يوثّقه إلّا ابن حبّان.
فقد قال البزّار: مجهول، ووالده لم يوثّقه أيضا إلّا العجليّ في «الترتيب» ، وابن حبّان في «الثقات» . وقال صالح بن محمد: لا يشتغل به ولا بأبيه. لكنّ متن الحديث صحيح، له طرق يصحّ بها.
وما بين الحاصرتين ساقط من نسخة دار الكتب.

(3/234)


(ع) العلاء بْن الحضرمي [1]
- واسم الحضرمي عبد الله- بْن عباد [2] بْن أكبر بْن ربيعة بْن مقنع [3] بْن حضرموت، حليف بني أمية، وإلى أخيه تنسب بئر ميمون التي بأعلى مكة، احتفرها في الجاهلية ميمون بْن الحضرمي، ولهما أخوان: عمرو، وعامر.
__________
[1] المغازي للواقدي 782، تهذيب سيرة ابن هشام 324، مسند أحمد 4/ 339 و 5/ 52، طبقات ابن سعد 4/ 359- 363، تاريخ خليفة 97 و 116 و 122 و 125 و 127 و 154، طبقات خليفة 12 و 72، المحبّر 77 و 126، التاريخ الكبير 6/ 506 رقم 3130، المعارف 283، 284، المعرفة والتاريخ 1/ 324 و 503، أنساب الأشراف 1/ 10 و 532، فتوح البلدان 95- 97 و 101- 104 و 108، العقد الفريد 4/ 158 و 168، عيون الأخبار 2/ 18 و 288، تاريخ الطبري 3/ 305- 312، الجرح والتعديل 6/ 357 رقم 1973، الخراج وصناعة الكتابة 278- 280 و 286، مشاهير علماء الأمصار 58 رقم 400، جمهرة أنساب العرب 221 و 224 و 226 و 461، المستدرك 3/ 296، الاستيعاب 3/ 146- 148، البدء والتاريخ 5/ 102، أسد الغابة 4/ 7، 8 الكامل في التاريخ 2/ 368- 371، صفة الصفوة 1/ 694- 697 رقم 98، الزيارات 82، تهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 1/ 341 رقم 422، تهذيب الكمال 2/ 1070، نهاية الأرب 19/ 370، دول الإسلام 1/ 17، العبر 1/ 25، سير أعلام النبلاء 1/ 262- 266 رقم 51، الوفيات لابن قنفذ 44 رقم 14، مرآة الجنان 1/ 77، معجم البلدان 1/ 348، البداية والنهاية 7/ 120، مجمع الزوائد 9/ 376، العقد الثمين 6/ 447- 449، تهذيب التهذيب 8/ 178، الإصابة 2/ 497، 498 رقم 5643، خلاصة تذهيب التهذيب 299، شذرات الذهب 1/ 32.
[2] في طبعة القدسي 3/ 132 «عياد» بالياء، وهو تحريف. وما أثبتناه عن الأصل وفتح الباري 7/ 267 حيث أثبت الناسخ «عباد» بالباء. وقيل فيه «عمار» بالراء، وقيل «عماد» بالدال، وقيل «ضمار» بالراء، وقيل «ضماد» بالدال، وقيل «عبيدة» وقيل عميرة» .
[3] قال ابن سعد في الطبقات 4/ 359: «واسم الحضرميّ عبد الله بن ضماد بن سلمى بن أكبر» . وقال ابن عبد البرّ في الاستيعاب 3/ 146: «ويقال: عبد الله بن عمار. ويقال:
عبد الله بن عميرة أو عبيدة بن مالك، ونسبه بعضهم فقال: هو العلاء بن عبد الله بن عمار بن أكبر بن ربيعة بن مالك بن أكبر بن عويف بن مالك بن الخزرج بن أياد بن الصدف. وقد قيل:
الحضرميّ والد العلاء هو عبد الله بن عمار بن سليمان بن أكبر. وقيل: عماد بن مالك بن أكبر، قال الدار الدّارقطنيّ: وزعم الأملوكي أنه عبد الله بن عبّاد فصحّف، ولا يختلفون أنه من حضرموت» . وقال ابن الأثير في أسد الغابة 4/ 7: «عبد الله بن عبّاد بن أكبر بن ربيعة بن مالك بن أكبر بن عويف بن مالك بن الخزرج بن أبيّ بن الصدف. وقيل: عبد الله بن عمّار، وقيل: عبد الله بن ضمار، وقيل عبد الله بن عبيدة بن ضمار بن مالك» .

(3/235)


وَكَانَ الْعَلَاءُ مِنْ فُضَلَاءِ الصَّحَابَةِ، وَلَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ الْبَحْرَيْنِ، وَقِيلَ: إِنَّ عُمَرَ وَلَّاهُ الْبَصْرَةَ فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهَا، وَاسْتَعْمَلَ عُمَرُ بَعْدَ الْعَلَاءِ أَبَا هُرَيْرَةَ عَلَى الْبَحْرَيْنِ.
لَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مُكْثُ الْمُهَاجِرِ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ بِمَكَّةَ ثَلَاثًا» [1] . روى عنه السائب بْن يزيد، وحيان الأعرج، وزياد بْن حُدَيْرٍ.
وَقَالَ مَنْصُورُ بْنُ زَاذَانَ [2] ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ [عَنِ ابْنِ الْعَلاءِ] [3] إِنَّ الْعَلاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ كَتَبَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَدَأَ بِنَفْسِهِ [4] .
وَقَالَ محمد بْن إسحاق: كان الحضرمي حليف حرب بْن أمية. وقيل له الحضرمي لأنه جاء من بلاد حضرموت.
وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: بَعَثَ أَبُو بَكْرٍ
__________
[1] أخرجه أحمد في المسند 5/ 52، والبخاري، في مناقب الأنصار 4/ 266، 267 باب إقامة المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه، ومسلم في الحج (1352) باب الإقامة بمكة للمهاجر منها بعد فراغ الحج والعمرة، وأبو داود في المناسك (2022) باب الإقامة بمكة، والترمذي في الحج (949) باب ما جاء في أن يمكث المهاجر بمكة بعد الصّدر ثلاثا، والنسائي في تقصير الصلاة في السفر 3/ 122 باب المقام الّذي يقصر بمثله الصلاة، وابن ماجة في الإقامة (1073) باب كم يقصر الصلاة المسافر، والدارميّ في الصلاة 1/ 355 باب فيمن أراد أن يقيم ببلده كم يقيم حتى يقصر الصلاة، حدّثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب، حدّثنا سليمان بن بلال، عن عبد الرحمن بن حميد، أنه سمع عمر بن عبد العزيز يسأل السائب بن يزيد يقول: هل سمعت في الإقامة بمكة شيئا؟ فقال السائب: سمعت العلاء بن الحضرميّ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «للمهاجر إقامة ثلاث بعد الصّدر بمكة» كأنّه يقول: لا يزيد عليها. والنصّ لمسلم. وانظر:
طبقات ابن سعد 4/ 361.
والمعنى: أنّ الذين هاجروا من مكة قبل الفتح إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم، حرم عليهم استيطان مكة والإقامة بها. ثم أبيح لهم، إذا وصلوها بحجّ أو عمرة أو غيرهما أن يقيموا بعد فراغهم، ثلاثة أيام ولا يزيدوا على الثلاثة.
[2] في الأصل، والمنتقى (نسخة أحمد الثالث) «زادان» .
[3] ما بين الحاصرتين ساقط من الأصل، والإضافة من سنن أبي داود.
[4] أخرجه أبو داود في الأدب (5135) باب فيمن يبدأ بنفسه في الكتابة، والحاكم في المستدرك 3/ 636 وابن العلاء مجهول. وباقي رجاله ثقات.

(3/236)


الصِّدِّيقُ الْعَلاءَ فِي جَيْشٍ قِبَلَ الْبَحْرَيْنِ، وَكَانُوا قَدِ ارْتَدُّوا، فَسَارَ إِلَيْهِمْ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ عَرْضُ الْبَحْرِ [1] حَتَّى مَشَوْا فِيهِ بِأَرْجُلِهِمْ، وَقَطَعُوا كَذَلِكَ فِي مَكَانٍ [2] كَانَتْ تَجْرِي فِيهِ السُّفُنُ، وَهِيَ الْيَوْمَ تَجْرِي فِيهِ، فَقَاتَلَهُمْ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَسَلَّمُوا مَا مَنَعُوا مِنَ الزَّكَاةِ.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، أَنَا يُوسُفُ بْنُ خَلِيلٍ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي زَيْدٍ، أنا مَحْمُودٌ، أنا ابْنُ فَاذشاه، ثنا سُلَيْمَانُ الطَّبَرَانِيُّ، ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بِسْطَامَ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ صَاحِبُ الْهَرَوِيُّ، ثنا أَبِي، عَنْ أَبِي كَعْبٍ [3] صَاحِبِ الْحَرِيرِ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي السَّلِيلِ [4] ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَمَّا بُعث النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَلاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ إِلَى الْبَحْرَيْنِ تَبِعْتُهُ فَرَأَيْتُ مِنْهُ ثَلاثَ خِصَالٍ لَا أَدْرِي أَيَّتُهُنَّ أَعْجَبُ: انْتَهَيْنَا إِلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ فَقَالَ:
«سَمُّوا وَاقْتَحِمُوا» ، فَسَمَّيْنَا وَاقْتَحَمْنَا، فَعَبَرْنَا فَمَا بَلَّ الْمَاءُ إِلا أَسْفَلِ خِفَافِ إِبِلِنَا، فَلَمَّا قَفَلْنَا صِرْنَا بَعْد [5] بِفَلاةٍ مِنَ الأَرْضِ، وَلَيْسَ مَعَنَا مَاءٌ، فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ [6] ، ثُمَّ دَعَا فَإِذَا سَحَابَةٌ مِثْلُ التُّرْسِ، ثُمَّ أَرْخَتْ عَزَالِيَهَا [7] فَسَقَيْنَا وَاسْتَقَيْنَا. وَمَاتَ بعد ما بَعَثَهُ أَبُو بَكْرٍ إِلَى الْبَحْرَيْنِ لَمَّا ارْتَدَّتْ رَبِيعَةُ، فَأَظْفَرَهُ اللَّهُ بِهِمْ، وَأَعْطَوْا مَا مَنَعُوا مِنَ الزَّكَاةِ [وَمَاتَ فَدَفَنَّاهُ فِي الرَّمْلِ، فَلَمَّا سِرْنَا غَيْرَ بَعِيدٍ قُلْنَا يَجِيءُ سَبْعٌ فَيَأْكُلُهُ، فرجعنا فلم نره [8] . روى نحوه
__________
[1] زاد في سير أعلام النبلاء هنا 1/ 264: «يعني الرقراق» .
[2] في سير أعلام النبلاء «فقطعوا كذلك مكانا» .
[3] هو: عبد ربّه، وقيل اسمه عبد الله، (تقريب التهذيب 2/ 466 رقم 18)
[4] هو: ضريب بن نفير. (تقريب التهذيب 2/ 431 رقم 75) .
[5] هكذا في الأصل، وفي «مجمع الزوائد» 9/ 376 «صرنا معه» .
[6] في «المجمع» : «فقال: صلّوا ركعتين» .
[7] العزالي: أفواه القرب.
[8] ذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» 9/ 376 باختلاف يسير في بعض الألفاظ. وقال: رواه الطبراني في الثلاثة.

(3/237)


مُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ مُرْسَلًا بِأَطْوَلَ مِنْهُ [1] .
مجالد، عَنِ الشَّعْبِيّ أن عُمَر كتب إلى العلاء بْن الحضرمي- وهو بالبحرين- أن سر إلى عُتْبَة بْن غَزْوان فقد وليتك عمله، إني ظننت أنك أغنى عَنِ المُسْلِمين منه، فمات العلاء قبل أن يصل إلى البصرة [2] .
كذا هذا عَنْ أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى البحرين مع العلاء بْن الحضرمي، وكنت أؤذّن له [3] .
وعن المسور بْن مخرمة أن النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث العلاء بْن الحضرمي إلى البحرين، ثُمَّ عزله بأبان بْن سعيد [4] .
وذكر ابن سعد [5] أن أبا بكر استعمل العلاء على سَرِيّةٍ فسبى وغَنِم] [6] .
(الجارود العبديّ)
[7] سيّد عبد القيس. هو أَبُو عَتَّاب، وقيل: أَبُو
__________
[1] انظر طبقات ابن سعد 4/ 363.
[2] طبقات ابن سعد 4/ 362.
[3] طبقات ابن سعد 4/ 360.
[4] ابن سعد 4/ 360.
[5] انظر الطبقات 4/ 361، 362.
[6] ما بين الحاصرتين ساقط من نسخة دار الكتب.
[7] طبقات ابن سعد 5/ 559- 561، و 7/ 86، 87، تهذيب سيرة ابن هشام 307، 308، طبقات خليفة 61 و 185، تاريخ خليفة 13 و 16 و 149، التاريخ الكبير 2/ 236 رقم 2306، البرصان والعرجان للجاحظ 78، 79، المعارف 338، 339، مسند بقيّ بن مخلد 110 رقم 356، أنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 470، تاريخ الطبري 3/ 136، 137، و 301 و 303 و 308 و 4/ 80 و 177 و 6/ 154، الجرح والتعديل 2/ 525 رقم 2181، مشاهير علماء الأمصار 40، 41، رقم 246، جمهرة أنساب العرب 296، الاستيعاب 1/ 247، 248، الأنساب 38 ب، الكامل في التاريخ 2/ 368، و 3/ 21، أسد الغابة 1/ 260، اللباب 2/ 114، الكاشف 1/ 123 رقم 752، تاريخ ابن خلدون 2/ 104 و 291، تهذيب التهذيب 2/ 53، 54 رقم 86، تقريب التهذيب 1/ 124 رقم 22، الإصابة 1/ 216، 217 رقم

(3/238)


غِيَاث، وقيل: أَبُو المنذر، الجارود بْن المعُلى، وقيل: اسمه بشر بْن حنش [1] . ولُقِّب جارودًا لكونه أغار على بكر بْن وائل فأصابهم وجردهم [2] .
وَفَد في عبد القيس سنة عشرٍ من الهجرة- وكانوا نصارى- فأسلم الجارود، وفرح النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بإسلامه وأكرمه.
رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحاديث.
روى عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، ومُطرف بْن عبد الله بْن الشخير، وزيد بْن عليّ القموصي [3] ، وأبو مسلم الجذمي [4] ، وغيرهم.
اختطّ بالبصرة. وقتل شهيدا ببلاد فارس سنة إحدى وعشرين، وقيل:
قُتِل مع النُّعْمَان بْن مُقَرِّن [5] .
ع (النُّعْمَان بْن مقرن المزني)
[6] أَبُو عمرو، ويقال: أَبُو حُكَيْم.
__________
[1042،) ] تهذيب الكمال 4/ 478، 479 رقم 884، التاريخ الصغير 28، الثقات لابن حبّان 3/ 59، المعجم الكبير للطبراني 2/ 295، خلاصة تذهيب التهذيب 60، الوافي بالوفيات 11/ 35، 36 رقم 65.
[1] وقيل: بشر بن المعلّى بن حنش، وقيل: بشر بن عمر بن حنش بن المعلّى، وقيل: ابن حنش بن النعمان. (تهذيب الكمال 4/ 478) .
[2] في طبقات ابن سعد 5/ 559: «وإنّما سمّي الجارود لأنّ بلاد عبد القيس أسافت حتى بقيت للجارود شليّة، والشليّة هي البقيّة، فبادر بها إلى أخواله من بني هند من بني شيبان فأقام فيهم وإبله جريّة فأعدت إبلهم فهلكت، فقال الناس: جرّدهم بشر، فسمي الجارود، فقال الشاعر:
جرّدناهم بالسيف من كل جانب ... كما جرد الجارود بكر بن وائل
[3] في النسخة (ع) «القموحي» وهو خطأ. وهو أبو القموص.
[4] في نسخة دار الكتب «الجذامي» وهو تحريف، والتصويب، من الأصل وتهذيب الكمال 4/ 479.
[5] انظر خلاف ذلك في طبقات ابن سعد 5/ 561 و 7/ 87.
[6] المغازي للواقدي 800 و 820 و 896، الطبقات لخليفة 38 و 128 و 177 و 190، تاريخ خليفة 148، 149، التاريخ لابن معين 2/ 608، 609، المعارف 75 و 183 و 295 و 299، عيون

(3/239)


من سادة الصحابة، كان معه لواء مُزَيْنَةَ يوم الفتح.
روى عنه ابنه معاوية، ومَعْقِلُ بْن يسار، ومسلم بْن الهيصم، وجُبير بْن حية الثقفيّ.
وكان أمير الجيش يوم فتح نهاوند فاسْتُشْهِدَ يَوْمَئِذٍ، ونعاه عُمَر على المنبر وبكى [1] .
__________
[ () ] الأخبار 1/ 122، مقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 103 رقم 268، العقد الفريد 1/ 98 و 120 و 3/ 235، فتوح البلدان 371- 374 و 377 و 378، المعرفة والتاريخ 2/ 230، الخراج وصناعة الكتابة 371، 372، تاريخ الطبري 2/ 568 و 3/ 346، 496 و 4/ 23 و 84- 86 و 92 و 114- 116 و 118- 120 و 126- 132 و 134 و 136 و 139 و 141- 143 و 146 و 161، مشاهير علماء الأمصار 43 رقم 268، مسند أحمد 5/ 444، التاريخ الكبير 8/ 75، التاريخ الصغير 1/ 47، 56 و 216، الجرح والتعديل 8/ 444، الاستيعاب 3/ 545- 548، جمهرة أنساب العرب 202، المستدرك 3/ 292- 295، الكامل في التاريخ 2/ 179 و 345 و 456 و 457 و 519 و 546- 548 و 550 و 3/ 9- 17 و 19، أسد الغابة 5/ 30، 31، الزيارات 98، تهذيب الكمال 3/ 418، المعين في طبقات المحدّثين 27 رقم 130، دول الإسلام 1/ 17، العبر 1/ 25، الكاشف 3/ 182 رقم 5956، سير أعلام النبلاء 1/ 403- 405 رقم 83، مرآة الجنان 1/ 77، تلخيص المستدرك 3/ 292- 296، البداية والنهاية 7/ 120، تهذيب التهذيب 10/ 456 رقم 826، تقريب التهذيب 2/ 304 رقم 121، الإصابة 3/ 565 رقم 8759، خلاصة تذهيب التهذيب 403.
[1] في حاشية الأصل: «بلغت قراءة خليل بن أيبك في الميعاد السادس عشر على مؤلّفه فسح الله في مدّته» .

(3/240)


سَنَة اثنتَيْن وَعِشرْين
فيها فتحت أَذْرَبِيجَان على يد المُغِيرَة بْن شُعْبَة. قاله ابن إسحاق، فيقال إنّه صالحهم على ثمانمائة ألف درهم [1] .
وَقَالَ أَبُو عبيدة: افتتحها حبيب بْن مسْلَمَة [2] الفهرِي بأهل الشام عَنْوةً ومعه أهل الكوفة، وفيهم حُذَيْفَة، فافتتحها بعد قتال شديد [3] . فاللَّه تعالى أعلم.
وفيها غزا حُذَيْفَة مدينة الدِّينور عَنْوةً، وقد كانت فُتِحت لسعد ثم انتقضت [4] .
ثم غزا حذيفة ماسبذان [5] فافتتحها عَنْوةً، على خُلْف في ماه، وقيل: افتتحها سعد فانتقضوا.
__________
[1] تاريخ خليفة 151، تاريخ الطبري 4/ 146.
[2] في النسخة (ح) «سلمة» وهو خطأ.
[3] تاريخ خليفة 151.
[4] تاريخ خليفة 150.
[5] في طبعة القدسي 3/ 135 «ماه سندان» والتصويب من (معجم البلدان 5/ 41) ، وانظر تاريخ خليفة 150.

(3/241)


وَقَالَ طارق بْن شهاب: غزا أهلُ البصرة ماه فأمدهم أهلُ الكوفة، عليهم عمار بْن ياسر، فأرادوا أن يُشْرَكوا في الغنائم، فأبى أهل البصرة، ثُمَّ كتب إليهم عُمَر: الغنيمة لمن شهِد الوقعة [1] .
وَقَالَ أَبُو عبيدة: ثُمَّ غزا حُذَيْفَة همذان، فافتتحها عَنْوةً ولم تكن فُتِحَت. وإليها انتهى فتوح حُذَيْفَة. وكل هذا في سنة اثنتين وعشرين.
قَالَ: ويقال همذان افتتحها المُغِيرَة بْن شُعْبَة سنة أربعٍ وعشرين، ويقال: افتتحها جرير بْن عبد الله بأمر المُغِيرَة [2] .
وَقَالَ خليفة بْن خياط [3] : فيها افتتح عمرو بْن العاص أطرابُلُسَ المغرب، ويقال في السنة التي بعدها.
وفيها عُزل عمار عَنِ الكوفة [4] .
وفيها افتُتِحت جُرْجان.
وفيها فتح سويد بْن مقرن الرّيّ، ثُمَّ عسكر وسار إلى قُومِس فافتتحها [5] .
[الوَفَيات]
وفيها تُوُفيّ: أبي بْن كعب، في قول الواقِديّ، ومحمد بْن عبد الله بْن نُمَيْر، ومحمد بْن يحيى الذُّهلي، والتّرمذيّ، وقد مرّ سنة تسع عشرة.
__________
[1] تاريخ خليفة 151.
[2] تاريخ خليفة 151.
[3] في التاريخ 152.
[4] انظر تاريخ الطبري 4/ 163.
[5] الطبري 4/ 152 و 153.

(3/242)


(معضد بْن يزيد الشيباني) [1]
اسْتُشْهِدَ بأذربيجان، ولا صحبة له.
[بقية حوادث السنة]
ووُلِد فيها يزيد بْن معاوية [2] .
وَقَالَ محمد بْن جرير [3] : إن عُمَر أقر على (فرج الباب) عبد الرحمن بْن ربيعة الباهلي وأمره بغزو التُّرْك، فسار بالنّاس حتى قطع الباب، فَقَالَ له شهريران [4] : مَا تريد أن تصنع؟ قَالَ: أُناجزهم في ديارهم، وباللَّه إن معي لأقوامًا لو يأذن لنا أميرنا في الإمعان لَبَلَغْت بهم السّدّ.
ولما دخل عبد الرحمن على التُّرك حال الله بينهم وبين الخروج عليه وقالوا: مَا اجترأ على هذا الأمر إلا ومعهم الملائكة تمنعهم من الموت، ثُمَّ هربوا وتحصنوا، فرجع بالظفر والغنيمة، ثُمَّ إنه غزاهم مرتين في خلافة عثمان فيَسْلَم ويَغْنَم، ثُمَّ قاتلهم فاستُشْهد- أعني عبد الرحمن بْن ربيعة- فأخذ أخوه سلمان [5] بْن ربيعة الراية، وتحيز بالنّاس، قَالَ: فَهُم- يعني التُّرْك- يستسقون بجسد عبد الرحمن حتى الآن.
خبر السَّدّ
الْوَلِيدُ: ثنا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، أَخْبَرَنِي رَجُلانِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ الثَّقَفِيِّ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إنّي قد رأيت السّدّ، قال: كيف
__________
[1] تاريخ خليفة 165، تاريخ الطبري 4/ 304- 306، الكامل في التاريخ 3/ 132- 134.
[2] تاريخ الطبري 4/ 160.
[3] في تاريخه 4/ 155.
[4] في تاريخ ابن جرير (شهربراز) وفي المواضع التالية من النّصّ كذلك.
[5] في نسخة دار الكتب (سليمان) وهو خطأ، على ما في الأصل وتاريخ الطبري 4/ 159، وأسد الغابة 2/ 327.

(3/243)


رَأَيْتَهُ؟ قَالَ: رَأَيْتُهُ كَالْبُرْدِ الْمُحَبَّرِ [1] . رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ مُرْسَلًا، وَزَادَ: طَرِيقَةٌ سَوْدَاءُ وَطَرِيقَةٌ حَمْرَاءُ، قَالَ: قَدْ رَأَيْتَهُ. قُلْتُ: يُرِيدُ حُمْرَةَ النُّحَاسِ وَسَوَادَ الْحَدِيدِ.
سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، يَرْوِي ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إن يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ يَحْفِرُونَهُ كُلَّ يَوْمٍ، حَتَّى إِذَا كَادُوا أَنْ يَرَوْا شُعَاعَ الشَّمْسِ قَالَ الَّذِي عَلَيْهِمُ: ارْجِعُوا فَسَتَحْفِرُونَهُ غَدًا، فَيُعِيدُهُ اللَّهُ كَأَشَدِّ مَا كَانَ، حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ مُدَّتُهُمْ [2] حَفَرُوا، حَتَّى إِذَا كَادُوا أَنْ يَرَوُا الشَّمْسَ قَالَ الَّذِي عَلَيْهِمُ: ارْجِعُوا فَسَتَحْفِرُونَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ غَدًا، فَيَعُودُونَ إِلَيْهِ كَهَيْئَتِهِ حِينَ تَرَكُوهُ فَيَحْفِرُونَهُ، فَيَخْرُجُونَ عَلَى النَّاسِ [3] ، وَيَتَحَصَّنُ النَّاسُ مِنْهُمْ فِي حُصُونِهِمْ، فَيَرْمُونَ بِسِهَامِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ فَتَرْجِعُ فِيهَا كَهَيْئَةِ الدِّمَاءِ، فَيَقُولُونَ: قَهَرْنَا أَهْلَ الأَرْضِ وَعَلَوْنَا أَهْلَ السَّمَاءِ، فَيَبْعَثُ اللَّهُ نَغَفًا [4] فَيَقْتُلُهُمْ بِهَا [5] . وذكر ابن جرير في تاريخه من حديث عمرو بن معديكرب عَنْ مطر بْن ثلج [6] التميمي قَالَ [7] : دخلت على عبد الرحمن بْن ربيعة بالباب وشهريران [8] عنده، فأقبل رجل عليه شَحَوبة حتى دخل على عبد الرحمن
__________
[1] ذكره الإمام البخاري تعليقا، كما في (البداية والنهاية لابن كثير 7/ 124) . وقال ابن كثير في تفسيره: (هذا حديث مرسل) ، وبسط القول في أحاديث السّدّ في سورة الكهف.
[2] زاد في «سنن ابن ماجة» : «وأراد الله أن يبعثهم على الناس» .
[3] زاد في «سنن ابن ماجة» : «فينسفون الماء» .
[4] النّغف: بالتحريك: دود. (النهاية لابن الأثير) .
[5] رواه ابن ماجة في الفتن (4080) باب طلوع الشمس من مغربها، وأحمد في المسند 2/ 510، 511، وابن عساكر في تاريخ دمشق 2/ 2.
[6] في النسخة (ع) : «بلج» وهو تصحيف. والصواب في الأصل وتاريخ الطبري.
[7] تاريخ الطبري 4/ 159.
[8] في تاريخ الطبري «شهربراز» .

(3/244)


فجلس إلى شهريران، وكان على مطر قباء برد يمنّي أرضه حمراء ووشْيُه أسود. فتساءلا، ثم إنّ شهريران قَالَ: أيها الأمير أتدري من أين جاء هذا الرجل؟ هذا رجل بعثُته نحو السّدّ منذ سنتين [1] ينظر مَا حاله ومن دونه، وزوَّدْتُه مالًا عظيمًا، وكتبت له إلى مَن يليني وأهديت له، وسألته أن يكتب له إلى من وراءه، وزوَّدْتُه لكل مَلِك هدية، ففعل ذلك بكل ملكٍ بينه وبينه، حتى انتهى إلى الملك الَّذِي السّدّ في ظهره [2] ، فكتب له إلى عامله على ذلك البلد فأتاه، فبعث معه بازياره ومعه عُقابه وأعطاه حريرة، قَالَ: فلمّا انتهينا إذا جبلان، بينهما سد مسدود حتى ارتفع على الجبلين، وإن دون السُّدّ خندقًا أشدّ سوادًا من الليل لبعده، فنظرت إلى ذلك كله وتفرست فيه، ثُمَّ ذهبت لأنصرف، فَقَالَ لي البازيار [3] على رِسلك أُكافِئك [4] إنه لَا يلي ملِك بعد ملِكٍ إلا تقرب إلى الله بأفضل مَا عنده من الدنيا فيرمي به هذا اللهب، قَالَ: فشرّح بضعة لحمٍ معه وألقاها في ذلك الهواء، وانقضّت عليها العقاب، وقال: إنْ أدركتها قبل أن تقع فلا شيء، فخرج عليه العُقاب باللحم في مخاليبه، فإذا قد لصق فيه ياقوتَةٌ فأعطانيها وها هي ذِه، فتناولها شهريران فرآها حمراء، فتناولها عبد الرحمن ثُمَّ ردّها، فَقَالَ شهريران. إنّ هذه لخيرٌ من هذا- يعني الباب- وأيْمُ اللَّهِ لأنتم أحبّ إلي ملكةً من آل كِسْرى، ولو كنت في سلطانهم ثُمَّ بلغهم خبرها لانتزعوها منيّ، وَايْمُ اللَّهِ لَا يقوم لكم شيءٌ مَا وفيتم أو وَفى مَلِكُكُم الأكبر.
__________
[1] في تاريخ الطبري «سنين» .
[2] هكذا في الأصل، وفي تاريخ الطبري «حتى انتهى إليه، فانتهى إلى الملك الّذي السّدّ في ظهر أرضه» .
[3] البازيار: حافظ الباز وصاحبه. تاج (العروس) . والباز أشرف الطيور. وبه سمي (علم البزدرة) كما في تذكرة داود الأنطاكي.
[4] في تاريخ الطبري (أكافك) وكلاهما صحيح. ومثله في النسخة (ح) .

(3/245)


فأقبل عبد الرحمن على الرسول وَقَالَ: مَا حال السّدّ [1] وما شبهه؟
فَقَالَ: مثل هذا الثوب الَّذِي على مطر، فَقَالَ مطر: صَدَقَ واللِه الرجلُ لقد بَعَّد [2] ورأى ووصف صفة الحديد والصُّفْر.
فَقَالَ عبد الرحمن لشهريران: كم كانت قيمة هاتيك [3] ؟ قَالَ: مائة ألف في بلادي هذه، وثلاثة آلاف ألف في تلك البلدان.
وحدّث سلام الترجمان قَالَ: لمّا رأى الواثق باللَّه كأنّ السّدّ الّذي بناه ذو القَرْنَيْن قد فُتِح وجَّهني وَقَالَ لي: عاينْه وجئني بخبره، وضمّ إليَّ خمسين رجلًا، وزوّدنا، وأعطانا مائتي بغلٍ تحمل الزاد، فشخصنا من سامرّاء بكتابه إلى إسحاق [4] وهو بتفْلِيس [5] ، فكتب لنا إسحاق إلى صاحب السرير، وكتب لنا صاحب السرير إلى ملك الّلان، وكتب لنا ملك اللّان إلى فيلان شاه [6] ، وكتب لنا إلى ملك الخَزَر، فوجَّه معنا خمسة أدلَّاء، فسرنا من عنده ستةً وعشرين يومًا، ثُمَّ صرنا إلى أرض سوداء منتنة، فكنّا نشتمّ الخل [7] ، فسرنا فيها عشرة أيام، ثُمَّ صرنا إلى مدائن خرابٍ ليس فيها أحد، فسرنا فيها سبعةً وعشرين يومًا، فسألْنا الأدِلّاء عَنْ تلك المدن فقالوا: هي التي كان يأجوج ومأجوج يطرقونها فأخربوها. ثُمَّ صرنا إلى حصونٍ عند السّدّ
__________
[1] في تاريخ الطبري 4/ 160 «الردم» .
[2] في تاريخ الطبري (نفذ) بدل (بعد) .
[3] هكذا في ح والأصل ومنتقى أحمد الثالث. وفي نسخة دار الكتب وتاريخ الطبري (هديتك) .
[4] في «المسالك والممالك» لابن خرداذبه- ص 163 «إسحاق بن إسماعيل صاحب أرمينية» .
[5] تفليس: بفتح أوّله ويكسر: بلد بأرمينية الأولى، وبعض يقول بأرّان، وهي قصبة ناحية جرزان قرب باب الأبواب. (معجم البلدان 2/ 35) .
[6] في نسخة دار الكتب: «قبلان شاه» ، والتصحيح من الأصل، والمسالك والممالك، ونهاية الأرب للنويري.
[7] في «المسالك والممالك» : «وكنّا قد تزوّدنا قبل دخولها خلّا نشمّه من الرائحة المنكرة» . وانظر نهاية الأرب 1/ 375.

(3/246)


بها قوم يتكلمون بالعربية [والفارسية، مسلمون [1] يقرءون القرآن، لهم مساجد وكتاتيب، فسألونا، فَقَالَ] : نحن رُسُل أمير المؤمنين، فأقبلوا يتعجبون ويقولون: أمير المؤمنين! فنقول: نعم، فقالوا: شيخٌ هو أم شاب؟ قلنا: شاب، فقالوا: أين يكون؟ فقلنا: بالعراق بمدينة يقال لها سُرَّ مَن رأى، فقالوا: مَا سمعنا بهذا قط [2] .
ثُمَّ صرنا إلى جبلٍ أملس ليس عليه خضراء، وإذا جبل مقطوع بوادٍ عرضه مائة [3] ذراع، فرأينا عضادَتَيْن مبنيَّتَيْن ممّا يلي الجبل من جنبتي الوادي عرض كل عضادة خمسة وعشرون ذراعًا، الظاهر من تحتها عشرة أذرُع خارج الباب، وكلّه بناء بلبن من حديث مُغَيَّب في نُحاس [4] في سَمْك خمسين ذراعًا، قد ركب على العضادتين على كل واحدة بمقدار عشرة أذرُع في عرض خمسة، وفوق الدروَنْد بناء بذلك اللَّبن الحديد إلى رأس الجبل، وارتفاعه مدُّ البصر، وفوق ذلك شُرَف حديدٍ لها قرنان يَلِجُ كلُّ واحدٍ منهما إلى صاحبه، وإذا باب حديدٍ له مِصْراعان مغلقان عرضهما مائة ذراع في طول مائة ذراع في ثخانة خمسة أذرع. وعليه قُفْلٌ طوله سبعة أذْرُع في غِلَظ باع، وفوقه بنحو قامتين غلْقٌ طوله أكثر من طول القُفْلِ، وقفيزاه كلّ واحدٍ منهما ذراعان، وعلى الغلْق مفتاح معلَّق طوله ذراع ونصف، في سلسلةٍ طولها ثمانية أذرُع، وهي في حلقة كحلقة المنجنيق.
__________
[1] في نهاية الأرب «وأهلها مسلمون» .
[2] في نهاية الأرب زيادة: «فسألناهم عن إسلامهم من أين وصلهم ومن علّمه لهم؟ فقالوا: وصل إلينا منذ أعوام كثيرة رجل راكب على دابّة طويلة العنق طويلة اليدين والرجلين، لها في موضع صلبها حدبة، (فعلمنا أنّهم يصفون الجمل) قالوا: فنزل بنا وكلّمنا بكلام فهمناه، ثم علّمنا شرائع الإسلام فقبلناها، وعلّمنا أيضا القرآن ومعانيه فتعلّمناه وحفظناه» .
[3] في نهاية الأرب «عرضه مائة وخمسون ذراعا» .
[4] في «المسالك والممالك ص 165» زيادة: «تكون اللّبنة ذراعا ونصفا في ذراع ونصف في سمك أربع أصابع، ودروند حديد طرفاه على العضادتين طوله مائة وعشرون ذراعا» .

(3/247)


ورئيس تلك الحصون يركب في كلّ جمعة في عشرة فوارس، مع كلّ فارس مِرْزبَّةٌ من حديد فيضربون الْقُفْلَ بتلك المرَازِب ثلاث ضربات، يسمع من وراء الباب الضرب فيعلمون أنّ هناك حفظة، ويعلم هؤلاء أنّ أولئك لم يُحْدِثُوا في الباب حدثا، وإذا ضربوا القفل وضعوا آذانهم يتسمّعون، فيسمعون دويّا كالرّعد.
وبالقرب من هذا الموضع حصن كبير، ومع الباب حصنان يكون مقدار كل واحدٍ منهما مائتي ذراع، في مائتي ذراع، وعلى باب كلّ حصن شجرة، وبين الحصنين عين عذبة، وفي أحد الحصنين آله بناء السّدّ من قُدُور ومَغارف وفضْلة الّلبن قد التصق بعضُه ببعضٍ من الصَّدأ، وطول الَّلبنة ذراع ونصف في مثله في سمْك شِبْر. فسألنا أهل الموضع هل رأوا أحدًا من يأجوج ومأجوج، فذكروا أنّهم رأوا مرَّةً أعدادًا منهم فوق الشُرَف، فهبّت ريح سوداء فألقتهم إلى جانبهم، وكان مقدار الرجل منهم شبْرًا ونصفًا [1] ، فلمّا انصرفنا أخذ بنا الأدِلَّاء، إلى ناحية خُراسان، فسِرنا إليها حتى خرجنا خلف سَمَرْقَنْد بتسعة فراسخ، وكان أصحاب الحصون زوَّدونا مَا كفانا.
ثُمَّ صرنا إلى عبد الله بْن طاهر. قَالَ سلام التِّرْجُمان: فأخبرتُهُ خَبَرَنا، فوصلني بمائة ألف درهم، ووصل كلّ رجل معي بخمسمائة درهم، ووصلنا إلى سُرَّ من رأى بعد خروجنا منها بثمانية وعشرين شهرًا. قَالَ مصنّف كتاب «المسالك والممالك» [2] : هكذا أملى عليَّ سلام التّرجمان [3] .
__________
[1] في نهاية الأرب 1/ 378 (شبرين ونصفا) .
[2] هو أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله المعروف بابن خرداذبه، المتوفّى في حدود سنة 300 هـ.
انظر كتابه (ص 162- 170) طبعة بريل 1889، وانظر نهاية الأرب للنويري 1/ 374- 378، ومعجم البلدان 3/ 197- 200.
[3] قال ياقوت في معجم البلدان 3/ 200: «قد كتبت من خبر السدّ ما وجدته في الكتب ولست أقطع بصحّة ما أوردته لاختلاف الروايات فيه. والله أعلم بصحته، وعلى كل حال فليس في صحة أمر السدّ ريب، وقد جاء ذكره في الكتاب العزيز» .

(3/248)


سنة ثلاث وعشرين
فيها: بينما عمر رضي الله عنه يخطب إذ قَالَ: (يا ساريةُ الجبل) ، وكان عُمَر قد بعث سارية بْن زُنيم الدّئليّ إلى فَسَا ودارا بَجِرد [1] فحاصرهم، ثمّ إنّهم تداعوا وجاءوه من كل ناحية والتقوا بمكان، وكان إلى جهة المسلمين جبل لو استندوا إليه لم يُؤتوا إلا من وجه واحد، فلجئوا إلى الجبل، ثُمَّ قاتلوهم فهزموهم. وأصاب سارية الغنائم فكان منها سفط جوهر، فبعث به إلى عُمَر فردّه وأمره أن يقسّمه بين المُسْلِمين، وسأل النَّجّاب أهل المدينة عَنِ الفتح وهل سمعوا شيئًا، فَقَالَ: نعم (يا سارية الجبل الجبلَ) وقد كِدْنا نهلك، فلجأنا إلى الجبل، فكان النّصر. وَيُرْوَى أنّ عُمَر سُئل فيما بعد عَنْ كلامه (يا سارية الجبل) فلم يذكره [2] .
__________
[1] هكذا في الأصل، والأنساب للسمعاني 5/ 242، وقد يسقطون الألف عنها. (الأنساب 5/ 292) وهي في بلاد فارس.
[2] أخرجه البيهقي في دلائل النّبوّة، وكذلك أبو نعيم، واللالكائيّ في «شرح السّنّة» ، وابن عساكر في تاريخ دمشق (التهذيب 6/ 46) ، وابن الجوزي في مناقب عمر- ص 172، 173، وابن الأثير في أسد الغابة 2/ 244، والواقدي في فتوح الشام 2/ 42، وقال ابن حجر في الإصابة 2/ 3: «أخرج القصة الواقديّ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عمر، وأخرجها سيف مطوّلة عن أبي عثمان، وأبي عمرو بن العلاء، عن رجل من بني مازن.. والدير عاقولي في فوائده، وابن الأعرابي في كرامات الأولياء، من طريق ابن وهب، عن يحيى بن

(3/249)


وفيها كان فتح كَرمان، وكان أميرها سُهَيْل بْن عَدِيّ [1] .
وفيها فتحت سجِسْتان، وأميرها عاصم بْن عمرو [2] .
وفيها فتحت مُكْران، وأميرها الحَكَم بْن عثمان، وهي من بلاد الجبل [3] .
وفيها رجع أَبُو موسى الأشعري من أصبهان، وقد افتتح بلادها [4] .
وفيها غزا معاوية الصّائفة حتى بلغ عمّورية [5] .
__________
[ () ] أيوب، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ» وانظر: تاريخ الطبري 4/ 178.
[1] تاريخ الطبري 4/ 180.
[2] في نسخة دار الكتب «عمر» والتصحيح من الأصل وتاريخ الطبري 4/ 180.
[3] تاريخ الطبري 4/ 181.
[4] تاريخ الطبري 4/ 183- 186.
[5] تاريخ الطبري 4/ 240.

(3/250)


الوَفيَّات
خ ت ن ق (قَتادة بْن النّعمان) [1] بن زيد بْن عامر بْن سواد بْن كعب- واسمه ظفر [2]- بن الخزرج بْن عَمْرو بْن مالك بْن الأوس، أبو عمر الأنصاريّ
__________
[1] مسند أحمد 4/ 15 و 6/ 384، المغازي للواقدي 50 و 158 و 224 و 242 و 243 و 334 و 341 و 405 و 498 و 516 و 585 و 800 و 896 و 1009 و 1118، طبقات ابن سعد 1/ 187 و 2/ 190 و 3/ 452، 453، تاريخ خليفة 153، طبقات خليفة 81، 96، مقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 100 رقم 234، المحبّر 298 و 415 و 429، السير والمغازي لابن إسحاق 328، ربيع الأبرار 4/ 129، التاريخ الكبير 7/ 184، 185 رقم 823، المعارف 268 و 466 و 588، البرصان والعرجان 362، المعرفة والتاريخ 1/ 320، الجرح والتعديل 7/ 132 رقم 753، ثمار القلوب 288، المستدرك 3/ 295، 296، الاستبصار 254- 257، الاستيعاب 3/ 248- 251، أنساب الأشراف 1/ 241 و 223 و 278، و 279 و 280 و 523، تاريخ الطبري 2/ 516 و 4/ 241، مشاهير علماء الأمصار 27 رقم 126، جمهرة أنساب العرب 343، أسد الغابة 4/ 195- 197، الكامل في التاريخ 2/ 155 و 488 و 3/ 77، صفة الصفوة 1/ 463، 464 رقم 35، تهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 58، 59 رقم 67، تهذيب الكمال 3/ 1123، العبر 1/ 27 الكاشف 2/ 341 رقم 4624، المعين في طبقات المحدّثين 25 رقم 107، سير أعلام النبلاء 1/ 331- 333 رقم 66، مرآة الجنان 1/ 82، الوفيات لابن قنفذ. 50 رقم 23، مجمع الزوائد 9/ 218، تهذيب التهذيب 8/ 357، 358 رقم 638، تقريب التهذيب 2/ 123 رقم 84، الإصابة 3/ 225، 226 رقم 7076، خلاصة تذهيب التهذيب 315، كنز العمّال 13/ 574، شذرات الذهب 1/ 34، المعجم الكبير 19/ 3- 14.
[2] في المعجم الكبير 19/ 3 «واسمه: كعب ظفر» .

(3/251)


الظّفريّ، أخو أبي سعيد الخدري لأُمّه، وقَتَادة الأكبر.
شهِد بدْرًا وأُصيبت عينُهُ ووقعت على خدّه يوم أُحُد، فأتى النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فغمز حَدَقَتَهُ وردّها إلى موضعها، فكانت أصحَّ عينيه [1] .
وكان على مقدّمة عُمَر في مَقْدَمِه إلى الشام، وكان من الرُّماة المذكورين.
وله أحاديث، روى عنه أخوه أبو سعيد، وابنه عمر بن قتادة،
__________
[1] أخرجه ابن سعد في الطبقات 1/ 187، 188 من طريق: علي بن محمد، عن أبي معشر، عن زيد بن أسلم، وغيره، و 3/ 453 من طريق ابن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة، وهو مرسل، وابن هشام في السيرة 2/ 82.
وأخرج الطبراني في المعجم الكبير 19/ 8 رقم 12 من طريق عاصم، عن أبيه عمر، عن أبيه قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ قَالَ: أُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قوس، فدفعها إليّ يوم أحد، فرميت بها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلّم حتى اندقّت عن سيتها، ولم أزل عن مقامي نصب وجه رسول الله صلى الله عليه وسلّم ألقى السهام بوجهي كلّما مال سهم منها إلى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلّم مليت رأسي لأقي وجه رسول الله صلى الله عليه وسلّم بلا رمي أرميه، فكان آخرها سهما بدرت منه حدقتي على خدّي وتفرّق الجمع، فأخذت حدقتى بكفّي فسعيت بها في كفّي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلّم في كفّي دمعت عيناه، فقال: «اللَّهمّ إنّ قتادة قد أوجه نبيّك بوجهه فاجعلها أحسن عينيه وأحدّهما نظرا، فكانت أحسن عينيه وأحدّهما نظرا» . ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد بالسند المتقدّم في «مجمع الزوائد» 6/ 113 وقال: فيه من لم أعرفه.
وأخرج الدار الدّارقطنيّ، وابن شاهين، من طريق عبد الرحمن بن يحيى العذري، عن مالك، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، عن قتادة بن النعمان، أنه أصيبت عينيه يوم أحد، فوقعت على وجنته، فردّها النبيّ صلى الله عليه وسلّم فكانت أصحّ عينيه. وعبد الرحمن بن يحيى العذري، قال العقيلي: مجهول لا يقيم الحديث من جهته، وأخرجه الدار الدّارقطنيّ والبيهقي في الدلائل، من طريق عياض بن عبد الله بن أبي سرح، عن أبي سعيد الخدريّ، عن قتادة: أنّ عينه ذهبت يوم أحد، فجاء النبيّ صلى الله عليه وسلّم فردّها، فاستقامت.
وأخرج البيهقي في دلائل النّبوّة، فيما ذكره ابن كثير 2/ 447 من حديث يحيى الحمّاني، حدّثنا عبد الرحمن بن سليمان بن الغسيل، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن أبيه عن جدّه قتادة بن النّعمان، أنه أصيبت عينه يوم بدر، فسالت حدقته على وجنته، فأرادوا أن يقطعوها، فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال: لا، فدعاه فغمز حدقته براحته فكان لا يدري أيّ عينيه أصيب. رجاله ثقات خلا عمر بن قتادة، فإنّه لم وثّقه سوى ابن حبّان، ولم يرو عنه سوى ابنه عاصم.

(3/252)


ومحمود بْن لَبِيد، وغيرهم.
وعاش خمسًا وستّين سنة. تُوُفيّ فيها على الصحيح، ونزل عُمَر في قبره [1] وقيل تُوُفيّ في التي قبلها.
(ع) عُمَر بْن الخطاب رضي الله عنه
ابن نفيل بْن عبد العُزَّى بْن رياح [2] بْن قُرط بْن رزَاح بْن عديّ بْن كعْب بْن لُؤيّ [3] . أمير المؤمنين أَبُو حفص القُرَشي العدويّ، الفاروق..
اسْتُشْهِدَ في أواخر ذي الحجة. وأمّه حَنْتَمَة بنت هشام [4] المخزومية أخت أبي جهل. أسلم في السنة السادسة من النُّبُّوة وله سبعٌ وعشرون سنة.
روى عنه عليّ، وابن مسعود، وابن عبّاس، وأبو هُرَيْرَةَ، وعدّة من
__________
[1] المعجم الكبير 19/ 3 رقم 4.
[2] هكذا في الأصل، ونسخة (ح) ، وتاريخ الخلفاء للسيوطي، وغيره. وفي بعض المصادر «رياح بن عبد الله بن قرط» . انظر: جمهرة أنساب العرب 150، ونسب قريش 347، ومشاهير علماء الأمصار 5 رقم 3، والبدء والتاريخ 5/ 88، والاستيعاب 2/ 458، وطبقات خليفة 22، والمعجم الكبير 1/ 64 رقم 49/ 1، والمستدرك 3/ 80، وأسد الغابة 4/ 52، وصفة الصفوة 1/ 268، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 3، والإصابة 2/ 518 رقم 5736.
[3] في هذا الجدّ يلتقي بنسب النبيّ صلى الله عليه وسلّم. (مرآة الجنان/ 81) وذكر المطهّر المقدسي في البدء والتاريخ 5/ 88 «.. كعب بن لؤيّ بن غالب. ينتهي إلى الشجرة التي منها النبيّ صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعثمان بثمانية آباء» .
[4] هكذا في الأصل، ونسخة دار الكتب، والمعجم الكبير للطبراني 1/ 65، ومشاهير علماء الأمصار لابن حبّان 5، وقيل «هاشم» كما في: جمهرة أنساب العرب 150، وطبقات خليفة 22، ونسب قريش 347، والبدء والتاريخ 5/ 89، وصفة الصفوة 1/ 268، والمستدرك 3/ 80، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 3، وأسد الغابة 4/ 52، والاستيعاب 2/ 458 وفيه قال ابن عبد البرّ: «أمّه حنتمة بنت هاشم بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وقالت طائفة في أمّ عمر: حنتمة بنت هشام بن المغيرة، ومن قال ذلك فقد أخطأ، ولو كانت

(3/253)


الصحابة، وعلقمة بْن وقّاص، وقيس بْن أبي حازم، وطارق بْن شهاب، ومولاه أسلم، وزِرّ بْن حُبَيْش، وخلقٌ سواهم.
وعن عبد الله بْن عُمَر قَالَ: كان أبي أبيض تَعْلُوه حمرةٌ، طُوَالًا، أصْلَع، أشيَب [1] .
وَقَالَ غيره: كان أمْهَق [2] طُوَالًا، آدم، أعْسَرَ يَسِر [3] .
وَقَالَ أَبُو رجاء العُطارديّ [4] : كان طويلًا جسيمًا شديد الصلع، شديد الحُمْرة [5] ، في عارضيه خفة. وسَبَلته [6] كبيرة وفي أطرافها صهبة، إذا حزبه أمر قتلها [7] .
وَقَالَ سماك بْن حرْب: كان عُمَر أرْوح كأنّه راكب والنّاس يمشون، كأنه من رجال بني سَدُوس [8] .
والأروح: الَّذِي يتدانى قدماه إذا مشى.
__________
[ () ] كذلك لكانت أخت أبي جهل بن هشام، والحارث بن هشام بن المغيرة، وليس كذلك، وإنّما هي ابنة عمّهما، فإنّ هاشم بن المغيرة وهشام بن المغيرة أخوان فهاشم والد حنتمة أمّ عمر وهشام والد الحارث وأبي جهل وهاشم بن المغيرة هذا جدّ عمر لأمّه كان يقال له ذو الرمحين» . وانظر:
الرياض النضرة 1/ 188.
[1] طبقات ابن سعد 3/ 324.
[2] أي خالص البياض.
[3] يستعمل كلتا يديه. انظر: طبقات ابن سعد 3/ 325، والمستدرك 3/ 86.
[4] بضمّ العين المهملة. وضبطها في (ع) بالفتح، وهذا من أوهامها في الضبط.
[5] يعني البياض. والعرب تقول امرأة حمراء أي بيضاء (تاج العروس) .
[6] السبلة بالتحريك: طرف الشارب، والصّهبة: سواد في حمرة.
[7] انظر: طبقات ابن سعد 3/ 326، والاستيعاب لابن عبد البر 2/ 460.
[8] طبقات ابن سعد 3/ 326، المعجم الكبير للطبراني 1/ 67 رقم 60 الاستيعاب 2/ 462.

(3/254)


وَقَالَ أَنْس: كان يخْضِب بالحنّاء [1] .
وَقَالَ سماك: كان عُمَر يسرع في مِشْيَته [2] .
ويُروَى عَنْ عبد الله بْن كعب بْن مالك قَالَ: كان عُمَر يأخذ بيده اليمنى أذُنُه اليُسْرى ويثب على فرسه فكأنما خُلِقَ على ظهره [3] .
وعن ابن عُمَر وغيره- من وجوهٍ جيّدة- أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اللَّهمّ أعزّ الإسلام بعمر بْن الخطاب» [4] . وقد ذكرنا إسلامه في (الترجمة النبوية) .
وَقَالَ عِكْرمة: لم يزل الإسلام في اختفاء حتّى أسلم عُمَر.
وَقَالَ سعيد بْن جبير:
وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ 66: 4 [5] نزلت في عُمَر خاصّة.
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: مَا زِلْنَا أَعِزَّةً مُنْذُ أَسْلَمَ عمر [6] .
__________
[1] ابن سعد 3/ 327.
[2] ابن سعد 3/ 326.
[3] أخرج ابن سعد في الطبقات 3/ 293 من طريق عبد الله بن عمر قال: اخبرني زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: رأيت عمر بن الخطّاب يأخذ بأذن الفرس، ويأخذ بيده الأخرى أذنه ثم ينزو على متن الفرس. وأخرج الطبراني في المعجم الكبير 1/ 66 رقم 55 من الطريق نفسه: ثم يثب على الفرس.
[4] أخرجه ابن سعد في الطبقات 3/ 270 بلفظ «أيّد دينك» ، وأخرجه من طريق أشعث بن سوّار، عن الحسن. بلفظ «أعزّ الدين» . (3/ 267) وأخرج الحاكم في المستدرك 3/ 83 من طريق المبارك بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن ابن عبّاس رضي الله عنهما، عن النّبيّ صلى الله عليه وسلّم أنه قال: «اللَّهمّ أعزّ الإسلام بعمر» . هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. وقد صحّ شاهده عن عائشة بنت الصّدّيق رضي الله عنهما.. أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلّم قال: «اللَّهمّ أعزّ الإسلام بعمر بن الخطّاب خاصّة» . هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ومدار هذا الحديث على حديث الشعبيّ عن مسروق، عن عبد الله: «اللَّهمّ أعزّ الإسلام بأحبّ الرجلين إليك» .
[5] سورة التحريم، الآية 4، وانظر الحديث في مجمع الزوائد.
[6] أخرجه ابن سعد في الطبقات 3/ 270، وابن الجوزي في مناقب عمر 18، والحاكم في

(3/255)


وَقَالَ شهر بْن حَوْشَب، عَنْ عبد الرحمن بْن غَنم، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ له أَبُو بَكْر وعمر: إنّ النّاس يزيدهم حِرْصًا على الإسلام أن يروا عليك زيًّا حَسَنًا من الدنيا. فَقَالَ: «أَفْعَلُ، وَايْمُ اللَّهِ لو أنّكما تتفقان لي على أمرٍ واحدٍ مَا عصيتُكما في مشورةٍ أبدة» [1] . وَقَالَ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ لِي وَزِيرَيْنِ مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ وَوَزِيرَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ، فَوَزِيرَايَ مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ، وَوَزِيرَايَ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ [2] ، وَرَوَى نَحْوَهُ مِنْ وَجْهَيْنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ.
قَالَ الترمذي في حديث أبي سعد: حديث حسن.
قلت: وكذلك حديث ابن عباس حسن.
وعن محمد بْن ثابت البناني، عَنْ أبيه، عَنْ أَنْس نحوه.
وفي «مسند أبي يعلى» من حديث أبي ذر يرفعه: «إن لكل نبّي وزيرين، ووزيراي أَبُو بكر وعمر» . وعن أبي سلمة، عَنْ أبي أرْوَى الدَّوْسيْ قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فطلع أَبُو بكر وعمر فَقَالَ: «الحمد للَّه الَّذِي أيَّدني بكما» . تفرّد به عاصم ابن عمر، وهو ضعيف [3] .
__________
[ () ] المستدرك 3/ 84 كلهم من طريق قيس بن أبي حازم، عن ابن مسعود.
[1] أخرجه أحمد في المسند 4/ 227، بالسند، وبلفظ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لأبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما: «لو اجتمعتما في مشورة ما خالفتكما» .
[2] أخرجه الترمذي في المناقب (3761) باب 64 مناقب أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه، من طريق: أبي الجحّاف، عن عطيّة، عن أبي سعيد الخدريّ، وقال: هذا حديث حسن غريب.
وأبو الجحّاف اسمه: داود بن أبي عوف، ويروى عن سفيان الثوريّ قال: أخبرنا أبو الجحّاف وكان مرضيّا. وانظر أسد الغابة 4/ 63، وتهذيب الأسماء واللغات 2/ 9، 10.
[3] انظر عنه مثلا: الكامل في ضعفاء الرجال لابن عديّ 5/ 1869- 1872، والمجروحين لابن حبّان 2/ 127، والضعفاء الكبير للعقيليّ 3/ 335 رقم 1357، وميزان الاعتدال 2/ 355 رقم 4060 والحديث في معجم الزوائد 9/ 51 وقال رواه البزّار والطبراني في الأوسط والكبير.

(3/256)


وَقَدْ مَرَّ فِي تَرْجَمَةِ الصِّدِّيقِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَظَرَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ مُقْبِلَيْنِ فَقَالَ: «هَذَانِ سَيِّدَا كُهُولِ أَهْلِ الْجَنَّةِ» الْحَدِيثَ [1] .
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ، وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ مَعَهُ وَهُوَ آخِذٌ بِأَيْدِيهِمَا فَقَالَ: «هَكَذَا نُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» [2] . إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ.
وَقَالَ زَائِدَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ» . وَرَوَاهُ سَالِمٌ أَبُو الْعَلاءِ- وَهُوَ ضَعِيفٌ- عَنْ عَمْرِو بْنِ هَرِمٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، وَحَدِيثُ زَائِدَةَ حَسَنٌ [3] .
وَرَوَى عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُطَّلِبِ بْنِ حَنْطَبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ طَلَعَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَقَالَ: «هَذَانِ السَّمْعُ وَالْبَصَرُ» [4] وَيُرْوَى نَحْوُهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ.
وَقَالَ يَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي المغيرة، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «أقرئ عمر السّلام وأخبره أنّ غضبه
__________
[1] انظر الصفحة 65 حاشية رقم (4) .
[2] رواه الترمذي في المناقب (3751) باب 56 مناقب أبي بكر الصّدّيق رضي الله عنه، من طريق: سعيد بن مسلمة، عن إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عمر، وفيه: «أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله وهو آخذ بأيديهما..» ، وقال: هذا حديث غريب. وسعيد بن مسلمة ليس عندهم بالقويّ. وقد روي هذا الحديث أيضا من غير هذا الوجه عن نافع، عن ابن عمر.
[3] رواه الترمذي في المناقب (3742) باب 52 مناقب أبي بكر الصّدّيق رضي الله عنه، وقال:
وفي الباب عن ابن مسعود. هذا حديث حسن. وروى سفيان الثوري هذا الحديث عن عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ مَوْلًى لِرِبْعِيٍّ، عن ربعيّ، عن حذيفة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلّم. وانظر رقم (3743) .
[4] رواه الترمذي في المناقب (3753) باب 57 مناقب أبي بكر الصّدّيق، وقال: وفي الباب عن عبد الله بن عمرو، هذا حديث مرسل. وعبد الله بن حنطب لَمْ يُدْرِكِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

(3/257)


عزّ وجلّ وَرِضَاهُ حُكْمٌ» . وَالْمُرْسَلُ أَصَحُّ، وَبَعْضُهُمْ يَصِلُهُ عَنِ ابن عبّاس [1] .
وقال محمد بْنِ سَعْدِ [2] بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إيهًا يا بن الخطّاب فو الّذي نفسي بيده مَا لقِيكَ الشيطان سالكًا فجًّا [3] إلَّا سلك فجًّا غير فجِّك» [4] . وَعَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إنّ الشيطان يفرق من عمر» [5] .
__________
[1] أخرجه ابن الجوزي في مناقب عمر 28، والهيثمي في مجمع الزوائد 9/ 69 وقال: رواه الطبراني في الأوسط.
[2] في نسخة دار الكتب «سعيد» وهو خطأ.
[3] في صحيح البخاري 4/ 199 «فجّا قطّ» .
[4] أخرجه البخاري في فضائل أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلّم 4/ 199 باب مناقب عمر بن الخطّاب، وفي الأدب 7/ 93 باب التبسّم والضّحك، وفي بدء الخلق 4/ 96 باب صفة إبليس وجنوده، ومسلم في فضائل الصحابة (2396) باب من فضائل عمر رضي الله عنه، وأحمد في المسند 1/ 171 و 182 و 187.
والحديث أطول ممّا هنا وهو عن محمد بن سعد بن أبي وقّاص، عن أبيه، قال: استأذن عمر بن الخطّاب على رسول الله صلى الله عليه وسلّم وعنده نسوة من قريش يكلّمنه ويستكثرنه عالية أصواتهنّ على صوته، فلمّا استأذن عمر بن الخطاب قمن فبادرن الحجاب، فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فدخل عمر ورسول الله صلى الله عليه وسلّم يضحك، فقال عمر: أضحك الله سنّك يا رسول الله، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلّم:
«عجبت من هؤلاء اللّائي كنّ عندي، فلمّا سمعن صوتك ابتدرن الحجاب» فقال عمر: فأنت أحقّ أن يهبن يا رسول الله، ثم قال عمر: يا عدوّات أنفسهنّ أتهبنني ولا تهبن رسول الله صلى الله عليه وسلّم؟
فقلن: نعم أنت أفظّ وأغلظ من رسول الله صلى الله عليه وسلّم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «إيها يا ابن الخطّاب والّذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكا فجّا قطّ إلّا سلك فجّا غير فجّك» .
[5] أخرجه أحمد في المسند 5/ 353 من طريق: عبد الله بن بريدة، عن أبيه، أنّ أمة سوداء أتت رسول الله صلى الله عليه وسلّم ورجع من بعض مغازيه فقالت: إنّي كنت نذرت إن ردّك الله صالحا أن أضرب عندك بالدّف، قال: إن كنت فعلت فافعلي، وإن كنت لم تفعلي فلا تفعلي، فضربت، فدخل أبو بكر وهي تضرب، ودخل غيره وهي تضرب، ثم دخل عمر، قال: فجعلت دفّها خلفها وهي مقنعة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «إن الشيطان ليفرق منك يا عمر، أنا جالس ها هنا ودخل هؤلاء فلمّا أن دخلت فعلت ما فعلت» .

(3/258)


رَوَاهُ مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ. وَعَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي زَفَنِ الْحَبَشَةِ لَمَّا أَتَى عُمَرُ: «إِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَى شَيَاطِينِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ قَدْ فَرُّوا مِنْ عُمَرَ» . صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ [1] .
وَقَالَ حُسَيْنُ بْنِ وَاقِدٍ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَمَةً سَوْدَاءَ أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رَجَعَ مِنْ غَزَاةٍ، فَقَالَتْ: إِنِّي نَذَرْتُ إِنْ رَدَّكَ اللَّهُ صَالِحًا أَنْ أَضْرِبَ عِنْدَكَ بِالدُّفِّ، قَالَ: «إِنْ كُنْتِ نَذَرْتِ فَافْعَلِي فَضَرَبَتْ، فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَهِيَ تَضْرِبُ، ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ فَجَعَلَتْ دُفَّهَا خَلْفَهَا وَهِيَ مُقَنَّعَةٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الشَّيْطَانَ لَيَفْرُقُ مِنْكَ يَا عُمَرُ» [2] . وَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَمَانَ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَبْطَأَ خَبَرُ عُمَرَ عَلَى أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، فَأَتَى امْرَأَةً فِي بَطْنِهَا شَيْطَانٌ فَسَأَلَهَا عَنْهُ فَقَالَتْ: حَتَّى يَجِيءَ شَيْطَانِي، فَجَاءَ فَسَأَلَتْهُ عَنْهُ فَقَالَ:
تَرَكْتُهُ مُؤْتَزِرًا وَذَاكَ رَجُلٌ لَا يَرَاهُ شَيْطَانٌ إِلَّا خَرَّ لِمَنْخِرَيْهِ، الْمَلَكُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَرُوحُ الْقُدُسِ يَنْطِقُ بلسانه [3] .
__________
[1] رواه الترمذيّ عن الحسن بن الصباح البزار، أخبرنا زيد بن الحباب، عن خارجة بن عبد الله ابن سليمان بن زيد بن ثابت قال: أخبرنا يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جالسا فسمعنا لغطا وصوت صبيان. فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإذا حبشية تزفن وَالصِّبْيَانُ حَوْلَهَا، فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ تَعَالَيْ فَانْظُرِي» ، فجئت، فوضعت لحييّ على منكب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجعلت انظر إليها ما بين المنكب إلى رأسه، فقال لي: «ما شبعت أما شبعت» ؟
قالت: فَجَعَلْتُ أَقُولُ: لَا. لِأَنْظُرَ مَنْزِلَتِي عِنْدَهُ إِذْ طلع عمر. قالت: فارفضّ الناس عنها، قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إنّي لأنظر إلى شياطين الجنّ أو الإنس قد فرّوا من عمر» قالت:
فرجعت. قال الترمذيّ: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه. (مناقب عمر، باب رقم 71- 3774) .
[2] أخرجه أحمد في المسند 5/ 353، والترمذي في مناقب عمر، باب 71 رقم (3773) .
[3] مناقب أمير المؤمنين عمر لابن الجوزي 49.

(3/259)


وَقَالَ زِرّ: كان ابن مسعود يخطب ويقول: إنّي لأحسب الشيطان يَفْرقُ من عُمَر أنْ يُحدث حَدَثًا فيردّه، وإنّي لأحسِب عمرَ بين عينيه مَلَكٌ يسدِّده ويقوِّمه.
وَقَالَتْ عَائِشَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قد كَانَ فِي الْأُمَمِ مُحَدَّثُونَ [1] فَإِنْ يَكُنْ فِي أُمَّتِي أَحَدٌ فَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ [2] . وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلْبِهِ» . رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ نَافِعٍ، عَنْهُ، وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ [3] .
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا كُنَّا نُبْعِدُ أَنَّ السَّكِينَةَ تَنْطِقُ عَلَى لسان عمر [4] .
__________
[1] محدّثون: قال ابن وهب: ملهمون. وقيل: مصيبون، إذا ظنّوا فكأنّهم حدّثوا بشيء فظنّوه.
وقيل: تكلّمهم الملائكة، وقال البخاري: يجري الصواب على ألسنتهم.
[2] في فضائل الصحابة، باب من فضائل عمر رضي الله عنه (2398) ، ورواه ابن الجوزي في مناقب عمر ص 23، والترمذي في مناقب عمر، باب 73 رقم (3776) ، وأخرجه البخاري من طريق إبراهيم بن سعد، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هريرة رضي الله عنه، وزاد زكريا بن أبي زائدة عن سعد عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لقد كان فيمن كان قبلكم من بني إسرائيل رجال يكلّمون من غير أن يكونوا أنبياء، فإن يكن من أمّتي منهم أحد فعمر» . قال ابن عباس رضي الله عنهما: ما من نبيّ ولا محدّث. (كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب عمر 4/ 200) ، والسيوطي في تاريخ الخلفاء 117، والحاكم في المستدرك 3/ 86، والنووي في تهذيب الأسماء 2/ 7 وابن الأثير في أسد الغابة 4/ 64.
[3] أخرجه الترمذي في المناقب، باب 65 رقم (3765) وقال: وفي الباب عن الفضل بن عبّاس، وأبي ذرّ، وأبي هريرة. هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه. وأخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 9/ 66 باب إنّ الله جعل الحقّ على لسان عمر وقلبه، وقال: رواه الطبراني في الأوسط، وأخرجه السيوطي في تاريخ الخلفاء 117، والحاكم في المستدرك 3/ 87 وتابعه الذهبي في تلخيصه، وابن ماجة في المقدّمة باب 11 رقم (108) .
[4] أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 9/ 67 وقال: رواه الطبراني في الأواسط، وأخرجه السيوطي في تاريخ الخلفاء 118 وقال: أخرجه ابن منيع في مسندة عن عليّ.

(3/260)


وَقَالَ أَنْس: قَالَ عُمَر: وافقتُ ربيّ في ثلاث: في مقام إبراهيم، وفي الحجاب، وفي قوله عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ 66: 5 [1] .
وَقَالَ حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ مِشْرَحٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ كَانَ بَعْدِي نَبِيٌّ لَكَانَ عُمَرُ» [2] . وَجَاءَ مِنْ وَجْهَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «إن اللَّهَ تَعَالَى بَاهَى بِأَهْلِ عَرَفَةَ عَامَّةً وَبَاهَى بِعُمَرَ خَاصَّةً» [3] . وَيُرْوَى مِثْلُهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ. وَقَالَ مَعْنٌ الْقَزَّازُ: ثنا الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ اللَّيْثِيُّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ [4] ، عَنِ أَبِيهِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَخِيهِ الْفَضْلِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْحَقُّ بَعْدِي مَعَ عُمَرَ حَيْثُ كَانَ» [5] . وَقَالَ ابْنُ عُمَرُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِقَدَحٍ مِنْ لَبَنٍ فَشَرِبْتُ مِنْهُ حَتَّى إِنِّي لَأَرَى الرَّيَّ يَجْرِي فِي أَظْفَارِي، ثُمَّ أَعْطَيْتُ فَضْلِي عُمَرَ» قَالُوا: فما أوّلت ذلك؟ قال: «العلم» [6] .
__________
[1] سورة التحريم- الآية 5.
والحديث أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب من فضائل عمر، رقم (2399) من طريق نافع، عن ابن عمر، قال: قَالَ عُمَر: وافقتُ ربيّ في ثلاث: في مقام إبراهيم، وفي الحجاب، وفي أسارى بدر، وابن عبد البرّ في الاستيعاب 2/ 462، والسيوطي في تاريخ الخلفاء 122، والنووي في تهذيب الأسماء 2/ 8.
[2] أخرجه الحاكم في المستدرك 3/ 85 وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، والهيثمي في مجمع الزوائد 9/ 68 عن عصمة، وقال: رواه الطبراني، والترمذي رقم 3769.
[3] أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 9/ 70 وقال: رواه الطبراني، والسيوطي في تاريخ الخلفاء 119 وابن الأثير في أسد الغابة 4/ 65، 66.
[4] في نسخة دار الكتب «قسط» وهو خطأ، والتصويب من الأصل وغيره..
[5] أخرجه السيوطي في تاريخ الخلفاء 119 وقال: أخرجه الطبراني، والديلميّ.
[6] أخرجه البخاري في فضائل أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلّم، باب مناقب عمر بن الخطاب رضي الله عنه 4/ 198 من طريق ابن المبارك، عن يونس، عن الزهري، عن حمزة، عن أبيه، ومسلم في

(3/261)


وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ النَّاسَ يُعْرَضُونَ عَلَيَّ وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ، مِنْهَا مَا يَبْلُغُ الثُّدِيَّ، وَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ دُونَ ذَلِكَ، وَمَرَّ عَلَيَّ عُمَرُ عَلَيْهِ قَمِيصٌ يَجُرُّهُ، قَالُوا: مَا أَوَّلْتَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ «الدِّينَ» [1] . وَقَالَ أَنَسٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَرْحَمُ أُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهَا فِي دِينِ اللَّهِ عُمَرَ» [2] . وَقَالَ أَنَسٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَرَأَيْتُ قَصْرًا مِنْ ذَهَبٍ فَقُلْتُ: «لِمَنْ هَذَا» ؟ قِيلَ: لِشَابٍّ مِنْ قُرَيْشٍ، فَظَنَنْتُ أَنِّي أَنَا هُوَ، فَقِيلَ:
لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ [3] . وَفِي الصَّحِيحِ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ مِثْلُهُ [4] .
وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي فِي الَجَنَّةِ، فَإِذَا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ إِلَى جَانِبِ قَصْرٍ فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ؟ قَالُوا: لِعُمَرَ، فَذَكَرْتُ
__________
[ () ] فضائل الصحابة، باب من فضائل عمر، رقم (2391) والترمذي في المناقب، باب 69 رقم (3770) وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب، والدارميّ في الرؤيا 13، وأخرج الهيثمي نحوه في مجمع الزوائد 9/ 69 وقال: هو في الصحيح بغير سياقه، رواه الطبراني، وانظر اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان لفؤاد عبد الباقي- 3/ 126، وتهذيب الأسماء واللغات 2/ 7، وابن الأثير في أسد الغابة 4/ 60، وعبد الرزاق في المصنّف 11/ 224، وابن طهمان في مشيخته 192، 193 رقم 147، ونوادر الأصول 119 من طريق أبي سلمة.
[1] رواه البخاري في فضائل أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلّم، باب مناقب عمر 4/ 201، ومسلم في فضائل الصحابة، باب من فضائل عمر، رقم (2390) ، وابن عبد البرّ في الإستيعاب 2/ 463، والنووي في تهذيب الأسماء 6/ 7، وابن الأثير في أسد الغابة 4/ 62، وعبد الرزاق في المصنّف 11/ 224، وابن الطهماني في مشيخته 194 رقم (149) ، والذهبي في تذكرة الحفّاظ 1/ 336.
[2] أخرجه أحمد في المسند 3/ 184 وله تكملة، و 3/ 281، وانظر ابن سعد 3/ 291.
[3] أخرجه أحمد في المسند 3/ 179، والترمذي في المناقب (3771) وقال: حديث حسن صحيح، وابن الأثير في أسد الغابة 4/ 64.
[4] رواه البخاري في فضائل أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلّم، باب مناقب عمر 4/ 198، ومسلم في فضائل الصحابة، باب من فضائل عمر، رقم (2394) ، وانظر الترمذي في المناقب 5/ 283.

(3/262)


غَيْرَةَ عُمَرَ، فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا» . قَالَ فَبَكَى عُمَرُ وَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعَلَيْكَ أَغَارُ؟ [1] .
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ وَغَيْرُهُ: قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: بَيْنَا أَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ طَلَعَ أَبُو بكر وعمر فقال: «هذان سيدا كهول أهل الْجَنَّةِ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ إِلَّا النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ لَا تُخْبِرْهُمَا يَا عَلِيُّ» [2] . هَذَا الْحَدِيثُ سَمِعَهُ الشَّعْبِيُّ مِنَ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ، وَلَهُ طُرُقٌ حَسَنَةٌ عَنْ عَلِيٍّ مِنْهَا عَاصِمٌ، عَنْ زِرٍّ.
وَأَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ. قَالَ الْحَافِظُ ابن عَسَاكِرَ: وَالْحَدِيثُ مَحْفُوظٌ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
قُلْتُ: وَرُوِيَ نَحْوُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَنَسٍ، وَجَابِرٍ.
وَقَالَ مُجَالِدٌ عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ، وَقَالَهُ جَمَاعَةٌ عَنْ عَطِيَّةَ، كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَهْلَ الدَّرَجَاتِ الْعُلَا لَيَرَوْنَ مَنْ فَوْقِهِمْ كَمَا تَرَوْنَ الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ فِي أُفُقِ السَّمَاءِ، وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ منهم وأنعما» [3] .
__________
[1] رواه البخاري في فضائل أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلّم، باب مناقب عمر 4/ 198، ومسلم في فضائل الصحابة، باب من فضائل عمر، رقم (2395) ، وابن ماجة في المقدّمة، باب فضل عمر 1/ 40 رقم (107) وأحمد في المسند 2/ 339، والنووي في تهذيب الأسماء 2/ 7، وابن الأثير في أسد الغابة 4/ 62، وابن ماجة في المقدّمة 11، وعبد الرزاق 11/ 224، وابن الطهماني 192.
[2] أخرجه الترمذي في المناقب، باب 53 مناقب أبي بكر، رقم (3747) ، وابن ماجة في المقدّمة باب فضل أبي بكر، رقم (100) من طريق مالك بن مغول، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ، وأحمد في المسند 1/ 80 من طريق الحسن بن زيد بن الحسن، عن أبيه، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، والنووي في تهذيب الأسماء 2/ 10، وابن الأثير في أسد الغابة 4/ 63.
[3] أخرجه أحمد في المسند 3/ 50 ولفظه: «إن أهل علّيين ليراهم من هو أسفل منهم كما يرى الكوكب فِي أُفُقِ السَّمَاءِ، وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ لمنهم وأنعما» . وأخرجه الترمذي في المناقب (3738) وابن ماجة في المقدّمة (96) ، والنووي في تهذيب الأسماء واللغات 2/ 10، وابن الأثير في أسد الغابة 4/ 63.

(3/263)


وَعَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَعَنْ يَمِينِهِ أَبُو بَكْرٍ وَعَنْ يَسَارِهِ عُمَرُ فَقَالَ: «هَكَذَا نُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [1] » . تَفَرَّدَ بِهِ سَعِيدُ بْنُ مَسْلَمَةَ الْأُمَوِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ.
وَقَالَ عليّ رضي الله عنه بالكوفة على منبرها في ملأٍ من النّاس أيّام خلافته: خَيْرُ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْر، وخيرُها بعد أبي بكر عُمَر، ولو شئتُ أنْ أسمّي الثالث لَسَمَّيْتُهُ [2] . وهذا متواترٌ عَنْ عليّ رضي الله عنه، فقبّح الله الرافضة.
وقال الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ الْقَاسِمِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ قَيْسٍ الْخَارِفِيِّ [3] سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: سَبَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ، وَثَلَّثَ عُمَرُ، ثُمَّ خَبَطَتْنَا فِتْنَةٌ فكان ما شاء الله [4] . ورواه شَرِيكٌ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ عَلِيٍّ مِثْلَهُ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ» [5] .
وَكَذَا رَوَاهُ سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ [6] الْوَاسِطِيُّ عَنْ عَبْدِ الملك، وكان سفيان
__________
[1] الكامل في ضعفاء الرجال لابن عديّ 3/ 1215.
[2] أخرجه ابن ماجة في المقدّمة 1/ 39 رقم (106) باب فضل عمر.
[3] الخارفي: بفتح الخاء المعجمة والراء بعد الألف في آخرها فاء. نسبة إلى خارف، بطن من همدان نزل الكوفة. الأنساب 5/ 14.
[4] رواه أحمد في المسند 1/ 124، 125 و 132 وأخرجه من طريق خلف بن حوشب، عن أبي إسحاق، عن عبد خير، عن عليّ، 1/ 125 و 147.
[5] رواه الترمذي في المناقب، باب مناقب أبي بكر رضي الله عنه، رقم (3742) وقال: وفي الباب عن ابن مسعود. هذا حديث حسن، وأخرجه ابن ماجة في المقدّمة 1/ 37 رقم (97) باب فضل أبي بكر الصّدّيق رضي الله عنه، وأحمد في المسند 5/ 382 و 385 و 399 و 402، والنووي في تهذيب الأسماء 2/ 9.
[6] في نسخة دار الكتب «حصين» وهو تصحيف السمع، أو هو وهم.

(3/264)


رُبَّمَا دَلَّسَهُ وَأَسْقَطَ مِنْهُ زَائِدَةَ، وَرَوَاهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ هِلَالٍ مَوْلَى رِبْعِيٍّ عَنْ رِبْعِيٍّ [1] . وَقَالَتْ عَائِشَةُ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَا عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ رَجُلٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ عُمَرَ [2] .
وَقَالَتْ عَائِشَةُ: دَخَلَ نَاسٌ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فِي مَرَضِهِ فَقَالُوا: يسعك أن تُوَلِّي علينا عُمَر وأنت ذاهبٌ إلى ربك فماذا تقول له؟ قَالَ: أقول: وَلَّيْتُ عليهم خيرَهم [3] .
وَقَالَ الزُّهْرِيّ: أوّل من حيّا عُمَر بأمير المؤمنين المُغيْرة بْن شُعْبة [4] .
وَقَالَ القاسم بْن محمد: قَالَ عُمَر: ليعلم من وُلّي هذا الأمر من بعدي أنْ سيُر يده عنه القريبُ والبعيدُ، إنّي لأقاتِل النّاسَ عَنْ نفسي قتالًا، ولو علمت أنّ أحدًا أقوى عليه منّي لكنت أنْ أقْدَمَ فتُضْربَ عُنُقي أحب إليّ مِنْ أنْ ألِيَه [5] .
وعن ابن عباس قَالَ: لمّا ولي عُمَر قيل له: لقد كاد بعضُ النَّاس أن يجيد هذا الأمر عنك، قَالَ: وما ذاك؟ قَالَ: يزعمون أنّك فَظٌّ غليظ، قَالَ: الحمد للَّه الَّذِي ملأ قلبي لهم رُحْمًا [6] وملأ قلوبهم لي رعبا [7] .
__________
[1] انظر سنن الترمذي 5/ 271 رقم (3742) .
[2] رواه السيوطي في تاريخ الخلفاء 120 وقال: أخرجه ابن عساكر.
[3] أخرجه ابن سعد في الطبقات 3/ 274 من طريق صَالِحُ بْنُ رُسْتُمَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عن عائشة، بنحوه، والسيوطي في تاريخ الخلفاء 120.
[4] الإستيعاب لابن عبد البرّ 2/ 465.
[5] طبقات ابن سعد 3/ 275، مناقب عمر لابن الجوزي 58.
[6] الرّحم: بالضم، الرحمة. (النهاية لابن الأثير) .
[7] انظر نحوه مختصرا في مناقب عمر لابن الجوزي 134 و 135.

(3/265)


وَقَالَ الأحنف بْن قيس: سمعت عُمَر يَقُولُ: لَا يحلّ لعمر من مال الله إلَّا حُلَّتَيْنِ: حُلّة للشتاء وحُلّة للصيف، وما حجّ به واعتمر، وقوت أهلي كرجلٍ من قريش ليس بأغناهم، ثُمَّ أنا رجل من المُسْلِمين [1] .
وَقَالَ عُرْوة: حجّ عُمَر بالنّاس إمارته كلّها [2] .
وقال ابن عمر: ما رأيت أحدا قط بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ حين قُبض أجدّ [3] ولا أجود من عُمَر [4] .
وَقَالَ الزُّهْرِيّ: فتح الله الشام كلَّه على عُمَر، والجزيرة ومصر والعراق كلّه، ودوَّن الدواوين قبل أن يموت بعام، وقسّم على النّاس فيْئهم.
وَقَالَ: عَاصِمُ بْنُ [5] أَبِي النَّجُودِ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، عَنْ خُزَيْمَةَ ابن ثَابِتٍ: إِنَّ عُمَرَ كَانَ إِذَا اسْتَعْمَلَ عَامِلًا كَتَبَ لَهُ وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَرْكَبَ بِرْذَوْنًا، وَلا يَأْكُلَ نِقْيًا، وَلا يَلْبَسَ رَقِيقًا، وَلا يُغْلِقَ بَابَهُ دُونَ ذَوِي الْحَاجَاتِ، فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ حَلَّتْ عَلَيْهِ الْعُقُوبَةُ [6] .
وَقَالَ طارق بْن شهاب: إنْ كان الرجل ليحدّث عُمَر بالحديث فيكذبه الكِذْبة فيقول: احبسْ هذه، ثُمَّ يحدّثه بالحديث فيقول: احبسْ هذه، فيقول له: كلّ مَا حدّثتُك حقٌ إلَّا مَا أمرتني أن أحبسه [7] .
__________
[1] أخرجه ابن سعد في الطبقات 3/ 276 وزاد في آخره «يصيبني ما أصابهم» ، والسيوطي في تاريخ الخلفاء 128.
[2] انظر طبقات ابن سعد 3/ 283.
[3] في الأصل «أحد، والتصويب من نسخة دار الكتب، وصحيح البخاري، وابن سعد.
[4] أخرجه البخاري في فضائل أصحاب النبيّ، باب مناقب عمر 4/ 200، وابن سعد في الطبقات 3/ 292، والسيوطي في تاريخ الخلفاء 120، والنووي في تهذيب الأسماء 2/ 9.
[5] في النسخة (ح) «عن» بدل «بن» وهو وهم.
[6] تاريخ الخلفاء للسيوطي 128.
[7] تاريخ الخلفاء 127 وقال: أخرجه ابن عساكر.

(3/266)


وَقَالَ ابن مسعود: إذا ذُكر الصالحون فَحَيْهلًا بعمر، إنّ عُمَر كان أَعْلَمَنَا بكتاب الله وأفْقَهَنا في دين الله [1] .
وَقَالَ ابن مسعود: لو أنّ عِلْم عُمَر وُضِعَ في كفة ميزان ووُضِعَ عِلْم أحياء الأرض في كفَّةٍ لَرَجَح عِلْمُ عُمَر بعِلْمِهم [2] .
وَقَالَ شمر عن حُذَيْفة قَالَ: كَانَ علم النَّاس مدسوسا في جحر مَعَ عُمَر [3] .
وَقَالَ ابن عُمَر: تعلّم عمرُ البقرة في اثنتي عشرة سنة، فلمّا تعلّمها نحر جَزُورًا.
وَقَالَ الَعوّام بْن حَوْشَب: قَالَ معاوية: أمّا أَبُو بكر فلم يرد الدنيا ولم تُرِده، وأمّا عُمَر فأرادته الدنيا ولم يُرِدّها، وأمّا نحن فتمرّغْنا فيها ظَهْرًا لبطنٍ [4] .
وَقَالَ عِكْرمة بْن خالد وغيره: إنّ حفصة، وعبد الله، وغيرهما كلّموا عمرَ فقالوا: لو أكلت طعامًا طيّبًا كان أقوى لك على الحقّ، قَالَ: أكُلُّكُم على هذا الرأي؟ قالوا: نعم، قَالَ: قد علمتُ نُصْحَكُم ولكنّي تركت صاحبي على جادّةٍ فإنْ تركتُ جادَّتهُما لم أُدْرِكْهُما في المنزل [5] .
قَالَ: وأصاب النّاسَ سنةٌ [6] فما أكل عامئذٍ سَمْنًا ولا سمينًا [7] .
__________
[1] تاريخ الخلفاء 120 و 121.
[2] تاريخ الخلفاء 120.
[3] تاريخ الخلفاء 120 وفيه «حجر» بدل «جحر» .
[4] تاريخ الخلفاء 120 وقال: أخرجه الزبير بن بكار في الموفقيات. وأقول لم أجده في «الأخبار الموفقيات» المطبوع.
[5] تاريخ الخلفاء 128.
[6] السنة: المجاعة.
[7] تاريخ الخلفاء 128.

(3/267)


وقال ابن أبي مُلَيْكَة: كلّم عُتْبة بْن فرقد عُمَر في طعامه، فَقَالَ:
وَيْحَكَ آكل طيّباتي في حياتي الدنيا وأستمتع بها [1] !.
وقال مبارك، عَنِ الحسن: دخل عُمَر على ابنه عاصم وهو يأكل لحمًا فَقَالَ: مَا هذا؟ قَالَ: قَرِمنا [2] إليه، قَالَ: أوَ كلّما قَرِمْت إلى شيءٍ أكلتَه! كفى بالمرء سَرَفًا أنْ يأكل كلَّ مَا اشتهى [3] .
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ عُمَرُ:
لَقَدْ خَطَرَ عَلَى قَلْبِي شَهْوَةُ السَّمَكِ الطَّرِيِّ، قَالَ وَرَحَّلَ «يَرْفَأُ» [4] رَاحِلَتَهُ وَسَارَ أَرْبَعًا مُقْبِلًا وَمُدْبِرًا، وَاشْتَرَى مِكْتَلًا فَجَاءَ بِهِ، وَعَمَدَ إِلَى الرَّاحِلَةِ فَغَسَلَهَا، فَأَتَى عُمَرَ فَقَالَ: انْطَلِقْ حَتَّى أَنْظُرَ إِلَى الرَّاحِلَةِ، فَنَظَرَ وَقَالَ: نَسِيتَ أَنْ تَغْسِلَ هَذَا الْعَرَقَ الَّذِي تَحْتَ أُذُنِهَا، عَذَّبْتَ بَهِيمَةً فِي شَهْوَةِ عُمَرَ، لَا واللَّهِ لَا يَذُوقُ عُمَرُ مِكْتَلَكَ [5] .
وَقَالَ قتادة: كان عُمَر يلبس، وهو خليفة، جُبَّةً من صوف مرقوعًا بعضُها بأدم، ويطوف في الأسواق على عاتقه الدِّرَّة يؤدّب النّاس بها، ويمرّ بالنِّكث [6] وَالنَّوَى فيلقطه ويلقيه في منازل النّاس لينتفعوا به [7] .
قَالَ أَنْس: رأيت بين كتِفَيْ عمر أربع رقاع في قميصه [8] .
__________
[1] تاريخ الخلفاء 128.
[2] القرم: بالتحريك شدّة الشهوة إلى اللحم.
[3] تاريخ الخلفاء 128، 129.
[4] اسم غلام كان لعمر.
[5] تاريخ الخلفاء 129.
[6] النّكث: بالكسر: الغزل المنقوض.
[7] تاريخ الخلفاء 129 وأخرج بعضه ابن سعد في الطبقات 3/ 330 من طريق عبيد الله بن الوليد، عن العوّام بن جويرية، عن أنس بن مالك.
[8] طبقات ابن سعد 3/ 328، تاريخ الخلفاء 129، أسد الغابة لابن الأثير 4/ 62.

(3/268)


وَقَالَ أَبُو عثمان النَّهْديّ: رأيت على عُمَر إزارًا مرقوعًا بأدم [1] .
وَقَالَ عبد الله بْن عامر بْن ربيعة: حججت مع عُمَر، فما ضرب فسطاطا [2] ولا خِباء، كان يلقي الكساء والنّطْع على الشجرة ويستظل تحته [3] .
وَقَالَ عَبْدِ اللَّهِ بْن مُسْلِمِ بْن هُرمز، عَنْ أبي الغادية الشامي قَالَ: قدِم عمرُ الجابية [4] على جملٍ أوْرَقَ تَلُوحُ صَلْعَتُهُ للشمس [5] ، ليس عليه قَلَنْسُوَة ولا عمامة، قد طبّق رجليه بين شُعبَتَيِ الرحل بلا رِكاب، ووطاؤه كِساء أنبجانيّ [6] من صوف وهو فراشه إذا نزل، وحقيبته محشوة ليفا [7] ، وَهِيَ إِذَا نزل وساده، وَعَلَيْهِ قميص من كرابيس [8] قد دَسِم وتخرّق جيبُه، فَقَالَ:
ادعوا لي رأس القرية، فدعوه له فَقَالَ: اغسلوا قميصي وخيّطوه وأعيروني قميصًا، فأُتي بقميص كتَّان فَقَالَ: مَا هذا؟ قيل: كِتَّان، قَالَ: وما الكَتّان؟
فأخبروه فنزع قميصه فغسلوه ورقّعوه ولبسه، فَقَالَ له رأس القرية: أنت مَلِك العرب وهذه بلاد لَا تصلُح فيها الإبل. فأُتي ببِرْذَوْن فطرح عليه قطيفة بلا سَرْجٍ ولا رَحْلَ، فلمّا سار هُنَيْهَةً قَالَ: احبسوا، مَا كنت أظنّ النّاسَ يركبون الشيطان، هاتوا جملي [9] .
وَقَالَ المُطَّلب بْن زياد، عَنْ عبد الله بْن عيسى: كان في وجه عمر بن
__________
[1] طبقات ابن سعد 3/ 328، تاريخ الخلفاء 129.
[2] خيمة.
[3] طبقات ابن سعد 3/ 279، تاريخ الخلفاء 129، مناقب عمر لابن الجوزي 140.
[4] الجابية: قرية حوران.
[5] كذا في نسخة دار الكتب. وفي الأصل وغيره (بالشمس) .
[6] نسبة إلى منبج.
[7] هذا ما في نسخة دار الكتب. وفي الأصل وفي ح (ليف) . وكلاهما صواب.
[8] أي قطن.
[9] مناقب عمر لابن الجوزي 150.

(3/269)


الخطاب خطّان أسودان من البكاء [1] .
وعن الحسن قَالَ: كان عُمَر يمّر بالآية من وِرْده فيسقط حتّى يُعاد منها أيامًا [2] .
وَقَالَ أَنْس: خرجت مع عُمَر فدخل حائطًا فسمعته يَقُولُ وبيني وبينه جدار: عُمَر بْن الخطاب أمير المؤمنين والله لَتَتَّقِيَنَّ الله بني [3] الخطّاب أو لَيُعَذِّبَنَّكَ [4] .
وَقَالَ عبد الله بْن عامر بْن ربيعة: رأيت عُمَر أخذ تبنة من الأرض فَقَالَ: يا ليتني هذه التبنة، ليتني لم أَكُ شيئًا، ليت أمّي لم تلِدْني [5] .
وَقَالَ عُبَيْد الله بْن عُمَر بْن حفص: إنّ عُمَر بْن الخطاب حمل قِرْبَةً على عُنُقِه، فقيل له في ذلك فَقَالَ: إن نفْسي أعجبتني فأردت أن أذلَّها [6] .
وَقَالَ الصَّلْتُ بْنُ بَهْرَامَ، عَنْ جُمَيْعِ بْنِ عُمَيْرٍ التَّيْمِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: شَهِدْتُ جَلُولاءَ فَابْتَعْتُ مِنَ الْمَغْنَمِ بِأَرْبَعِينَ أَلْفًا، فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ قَالَ: أَرَأَيْتَ لَوْ عُرِضْتُ عَلَى النَّارِ فَقِيلَ لَكَ: افْتَدِهِ، أَكُنْتَ مُفْتدِيَّ بِهِ؟
قُلْتُ: وَاللَّهِ مَا مِنْ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ إِلَّا كُنْتُ مُفْتَدِيكَ مِنْهُ، قَالَ: كَأَنِّي شَاهِدُ النَّاسِ حِينَ تَبَايَعُوا فَقَالُوا: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَابْنُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيْهِ، وَأَنْتَ كَذَلِكَ فَكَانَ أَنْ يُرَخِّصُوا عَلَيْكَ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِنْ أَنْ يَغْلُوا عَلَيْكَ، وَإِنِّي قَاسِمٌ مَسْئُولٌ وَأَنَا مُعْطِيكَ أكثر ما ربح تاجر من
__________
[1] مناقب عمر لابن الجوزي 168 وفيه: وفي رواية خطّان مثل الشراك من البكاء.
[2] ابن الجوزي 168.
[3] هكذا في الأصل. وفي تاريخ الخلفاء للسيوطي 129 «يا ابن الخطّاب» .
[4] تاريخ الخلفاء 129.
[5] تاريخ الخلفاء 129.
[6] تاريخ الخلفاء 129.

(3/270)


قُرَيْشٍ، لَكَ رِبْحُ الدِّرْهَمِ دِرْهَمٌ، قَالَ: ثُمَّ دَعَا التُّجَّارَ فَابْتَاعُوهُ مِنْهُ بِأَرْبَعِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَدَفَعَ إِلَيَّ ثَمَانِينَ أَلْفًا وَبَعَثَ بِالْبَاقِي إِلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ لِيَقْسِمَهُ.
وَقَالَ الحسن: رأى عُمَر جاريةً تطيش هُزالًا فَقَالَ: من هذه؟ فَقَالَ عبد الله: هذه إحدى بناتك. قَالَ: وأيُّ بناتي هذه؟ قَالَ: بنتي، قَالَ: مَا بلغ بها مَا أرى؟ قَالَ عملُكَ! لَا تُنفق عليها، قَالَ: إني والله مَا أعول وَلَدَك فاسْعَ عليهم أيُّها الرجل [1] .
وَقَالَ محمد بْن سيرين: قدِمَ صهْرٌ لعمر عليه فطلب أن يُعطيه عُمَر من بيت المال فانتهره عُمَر وَقَالَ: أردت أن ألقى الله مَلِكًا خائنًا! فلما كان بعد ذلك أعطاه من صُلْب ماله عشرة آلاف دِرْهم [2] .
قَالَ حُذيفة: واللَّهِ مَا أعرف رجلًا لَا تأخذه في الله لَوْمَةُ لائمٍ إلَّا عُمَر [3] .
وَقَالَ حُذَيْفَة: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عُمَرَ فَقَالَ: أَيُّكُمْ يَحْفَظُ قول رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الفتنة؟ قلت: أنا. قَالَ: إنك لَجَريء، قلت: فتنة الرجل في أهله وماله وولده تكفِّرها الصلاة والصيام [4] وَالصَّدَقَةُ وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ، قَالَ: ليس عنها أسألك ولكن الفتنة التي تموج مَوْجَ البحر، قلت: ليس عليك منها بأس إنّ بينك وبينها بابًا مُغْلقًا، قَالَ: أيُكْسَر أم يُفْتَحُ؟ قلت: بَلْ يُكْسَرُ، قَالَ: إِذًا لَا يُغْلَقُ أَبَدًا، قلنا لِحُذَيْفَةَ: أَكَانَ عُمَرُ يَعْلَمُ مَنِ الْبَابُ؟
قَالَ: نعم كما يعلم أنّ دون غدٍ الليلة، إنّي حدّثته حديثًا ليس بالأغاليط،
__________
[1] مناقب عمر لابن الجوزي 105 طبقات ابن سعد 3/ 277.
[2] طبقات ابن سعد 3/ 303، 304، تاريخ الخلفاء للسيوطي 130.
[3] تاريخ الخلفاء 120.
[4] «الصيام» ساقطة من نسخة دار الكتب وغيرها. والاستدراك من صحيح البخاري.

(3/271)


فسأله مسروق: مَن الباب؟ قَالَ: الباب عُمَر. أخرجه البُخاري [1] .
وَقَالَ إبراهيم بْن عبد الرحمن بْن عوف: أُتي عمرُ بكنوز كِسْرى، فَقَالَ عبد الله بْن الأرقم: أتجعلُها في بيت المال حتى تقسمها؟ فَقَالَ عُمَر: لَا واللهِ لَا آويها إلى سقفٍ حتى أُمْضيها، فوضعها في وسط المسجد وباتوا يحرسونها، فلمّا أصبح كشف عنها فرأى من الحمراء والبيضاء مَا يكاد يتلألأ، فبكى فَقَالَ له أبي: مَا يبكيك يا أمير المؤمنين فو الله إنّ هذا لَيوم شُكْر ويوم سرور! فَقَالَ: وَيْحَكَ إن هذا لم يُعْطَه قوم إلَّا أُلْقِيَتْ بينهم العداوة والبغْضاء.
وَقَالَ أسلم مولى عُمَر: استعمل عُمَر مولى له على الحمى فَقَالَ: يا هُنَيُّ اضمُمْ جناحَك عَنِ المُسْلِمين وَاتَّقِ دعوةَ المظلوم فإنّها مُستجابة، وأدْخِل ربَّ الصُّرَيْمَة والغُنيْمة، وإيّاي وَنَعَم ابن عَوْف ونَعَم ابن عفّان فإنّهما إن تهلك ماشيتهما يرجعان إلى زرعٍ ونخلٍ، وإنّ رب الصُّريمة والغُنيْمة إنْ تهْلِك ماشِيتُهُما يأتِني ببَنِيه فيقول: يا أمير المؤمنين! أفتاركهم أنا لا أبا لك! فالماء والكَلأ أيسر عليَّ من الذهب والفضة، وَايْمُ اللَّهِ إنُهم ليرون أنّي قد ظلمتُهُم، إنّها لَبِلادُهُم قاتلوا عليها في الجاهلية وأسلموا عليها في الإسلام، والذي نفسي بيده لولا المالُ الَّذِي أحمِلُ عليه في سبيل الله مَا حَمَيْتُ عليهم من بلادهم شِبْرًا. أخرجه البخاري [2] .
وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: دَوَّن عمرُ الدّيوان، وفرض للمهاجرين الأوّلين خمسة
__________
[1] في المواقيت 1/ 133 باب الصلاة كفّارة، وفي الزكاة 2/ 119 باب الصدقة تكفّر الخطيئة، وفي الصوم 2/ 226 باب الصوم كفّارة، وفي المناقب 4/ 174 باب علامات النبوّة، وفي الفتن 8/ 96 باب الفتنة التي تموج كموج البحر، وأخرجه مسلم في الإيمان (231) باب بيان أن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا، وفي الفتن وأشراط الساعة (26) باب في الفتنة التي تموج موج البحر، والترمذي في الفتن باب 61 رقم (2359) ، وابن ماجة في الفتن، رقم (3955) ، وأحمد في المسند 5/ 386 و 401 و 405.
[2] في الجهاد والسير 4/ 33 باب إذا أسلم قوم في دار الحرب ولهم مال وأرضون فهي لهم، ومالك في الموطّأ 707، 708 رقم (1842) باب ما يتّقى من دعوة المظلوم.

(3/272)


آلاف خمسة آلاف، وللأنصار أربعةَ آلافٍ أربعة آلاف، ولأُمَّهات المؤمنين اثني عشر ألفًا اثني عشر ألفًا [1] .
وَقَالَ إبراهيم النَّخْعيّ: كان عُمَر يتجر وهو خليفة [2] .
وَقَالَ الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ مَالِكِ الدَّارِ قَالَ: أَصَابَ النَّاسَ قَحْطٌ فِي زَمَانِ عُمَرَ، فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَسْقِ اللَّهَ لأُمَّتِكَ فَإِنَّهُمْ قَدْ هَلَكُوا. فَأَتَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ وَقَالَ:
ائْتِ عُمَرَ فَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلامَ وَأَخْبِرْه أَنَّهُمْ مُسْقَوْنَ وَقُلْ لَهُ: عَلَيْكَ الْكَيْسَ الْكَيْسَ، فَأَتَى الرَّجُلُ فَأَخْبَرَ عُمَرَ فَبَكَى وَقَالَ: يَا رَبِّ مَا آلُو مَا عَجَزْتُ عَنْهُ.
وَقَالَ أَنْس: تقرقر بطْنُ عُمَر من أكل الزَّيت عام الرَّمَادة، كان قد حرم نفسه السَّمْن، قَالَ: فنقر بطنه بإصبعه وَقَالَ: إنه ليس [لك] [3] عندنا غيره حتى يحيا النّاس [4] .
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
لَمَّا كَانَ عَامُ الرَّمَادَةِ جَاءَتِ الْعَرَبُ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ فَقَدِمُوا الْمَدِينَةَ، فَكَانَ عُمَرُ قَدْ أَمَرَ رِجَالًا يَقُومُونَ بِمَصَالِحِهِمْ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ لَيْلَةً: «أَحْصُوا مَنْ يَتَعَشَّى عِنْدَنَا» فَأَحْصَوْهُمْ مِنَ الْقَابِلَةِ فَوَجَدُوهُمْ سَبْعَةَ آلافِ رَجُلٍ، وَأَحْصَوُا الرِّجَالَ الْمَرْضَى وَالْعِيَالاتِ فَكَانُوا أَرْبَعِينَ أَلْفًا. ثُمَّ بَعْدَ أَيَّامٍ بَلَغَ الرِّجَالُ وَالْعِيَالُ سِتِّينَ أَلْفًا، فَمَا بَرِحُوا حَتَّى أَرْسَلَ اللَّهُ السَّمَاءَ، فَلَمَّا مَطَرَتْ رَأَيْتُ عُمَرَ قَدْ وَكَّلَ بِهِمْ مَنْ يُخْرِجُونَهُمْ إِلَى الْبَادِيَةِ وَيُعْطُونَهُمْ قُوتًا [5] وَحُمْلانًا إلى باديتهم، وكان قد
__________
[1] طبقات ابن سعد 3/ 300 تاريخ الخلفاء 130.
[2] تاريخ الخلفاء 130.
[3] ما بين الحاصرتين إضافة على الأصل من طبقات ابن سعد.
[4] طبقات ابن سعد 313.
[5] في الأصل «قوّة» وهو تحريف، والتصويب من نسخة دار الكتب، وطبقات ابن سعد.

(3/273)


وَقَعَ فِيهِمُ الْمَوْتُ فَأَرَاهُ مَاتَ ثُلُثَاهُمْ، وَكَانَتْ قُدُورُ عُمَرَ تَقُومُ إِلَيْهَا الْعُمَّالُ مِنَ السَّحَرِ يَعْمَلُونَ الْكُرْكُورَ [1] وَيَعْمَلُونَ الْعَصَائِدَ [2] .
وعن أسلم قَالَ: كنّا نقول: لو لم يرفَعِ اللُه الْمُحْلَ عام الرَّمَادَة لَظَنَنَّا أن عُمَر يموت [3] .
وَقَالَ سُفيانُ الثَّوْري: مَنْ زعم أنّ عليًّا كان أحقّ بالولاية من أبي بكر وعمر فقد خطَأ أبا بكرٍ وعمر والمهاجرين والأنصار [4] .
وَقَالَ شريك: ليس يُقَدَّم عليًّا على أبي بكر وعمر أحد فيه خير [5] .
وَقَالَ أَبُو أسامة: تدرون من أَبُو بكر وعمر؟ هما أَبُو الإسلام وأُمُّه [6] .
وَقَالَ الحسن بْن صالح بْن حيّ: سمعت جعفر بْن محمد الصّادق يَقُولُ: أنا بريءٌ ممن ذكر أبا بكر وعمر إلَّا بخير [7] .
ذِكْر نسائه وأولاده
تزوّج زينب بنت مظعون، فولدت له عبد الله، وحفْصةَ، وعبد الرحمن [8] . وتزوج مُلَيْكَة الخُزَاعيّة، فولدت له عُبَيْد الله، وقيل أمّه وأمّ زيد الأصغر أمّ كلثوم بنت جَرْوَلٍ. وتزوّج أمَّ حُكَيْم بنت الحارث بْن هشام
__________
[1] في طبعة القدسي 3/ 156 «الكرنور» والتصويب من طبقات ابن سعد.
[2] طبقات ابن سعد 316، 317.
[3] زاد ابن سعد في طبقاته 3/ 315: «همّا بأمر المسلمين» .
[4] تاريخ الخلفاء 121.
[5] تاريخ الخلفاء 122.
[6] تاريخ الخلفاء 123.
[7] تاريخ الخلفاء 122.
[8] هو الأكبر. (تاريخ الطبري 4/ 198) .

(3/274)


المخزومية، فولدت له فاطمة. وتزوّج جميلة بنت عاصم بْن ثابت [1] فولدت له عاصمًا. وتزوّج أُمّ كُلْثُوم بنت فاطمة الزَّهْراء [2] وأصْدَقَها أربعين ألفًا، فولدت له زيدًا [3] ورُقَيَّة. وتزوّج لُهَّيةَ امرأة من اليمن فولدت له عبد الرحمن الأصغر [4] . وتزوّج عاتكة بنت زيد بْن عمرو بْن نُفَيْلٍ التي تزوجها بعد موته الزُّبَيْر [5] .
وَقَالَ الَّليْث بْن سعد: استُخْلِف عُمَر فكان فتْحُ دمشق، ثُمَّ كان اليرموك سنة خمس عشرة، ثُمَّ كانت الجابية سنة ست عشرة، ثُمَّ كانت إيلياء وسَرْغ لسنة سبع عشرة، ثمّ كانت الرَّمَادة وطاعون عَمَوَاس سنة ثماني عشرة، ثُمَّ كانت جلولاء سنة تسع عشرة، ثُمَّ كان فتح باب لِيُون وقَيْسَارِية بالشام، وموت هِرَقْلَ سنة عشرين، وفيها فُتحت مصر، وسنة إحدى وعشرين فُتِحَتْ نَهَاونْد، وفُتِحَت الإسكندرية سنة اثنتين وعشرين. وفيها فُتِحت إصْطَخر وهَمَذان. ثم غزا عمرو بْن العاص أطْرابُلُسَ المَغْرِب. وغَزْوة عَمُورية وأمير مصر وهْب بْن عمير الجُمَحيّ، وأمير أهل الشام أَبُو الأعور سنة ثلاثٍ وعشرين. ثُمَّ قُتل عُمَر مَصْدَرَ الحاجّ في آخر السنة.
قَالَ خليفة [6] : وقعة جَلولاء سنة سبع عشرة.
__________
[1] هكذا في الأصل، والصحيح كما في طبقات ابن سعد 3/ 265: «جملة بنت ثابت بن أبي الأقلح واسمه قيس بن عصمة» . وعند الطبري 4/ 199 «جميلة أخت عاصم» وهو الصحيح.
[2] في النسخة (ع) «الزهري» وهو تحريف.
[3] هو الأكبر، ولا بقيّة له. (ابن سعد 3/ 265) .
[4] في طبقات ابن سعد 3/ 266 هو: عبد الرحمن الأوسط، وهو أبو المجبّر.
[5] ابن سعد 3/ 266، تاريخ الطبري 4/ 199.
[6] في تاريخه 136.

(3/275)


وَقَالَ سعيد بْن المسيب: إنّ عُمَر لما نفر من مِنَى أناخ بالأبْطح، ثُمَّ كوَّم كَوْمَةً من بطحاء [1] واستلقى ورفع يديه إلى السّماء، ثُمَّ قَالَ: «اللَّهمّ كَبُرَتْ سِنِّي وضعفُتْ قوْتي وانتشرت رعيَّتي فاقبضْني إليك غير مُضَيّعٍ ولا مُفَرّط» فما انْسَلَخَ ذو الحجّة حتّى طُعِن فمات [2] .
وَقَالَ أَبُو صالح السَّمّان: قَالَ كعب لعمر: أجِدُك في التَّوْراة [3] تُقْتَلُ شهيدًا، قَالَ: وأنَّى لي بالشّهادة وأنا بجزيرة العرب [4] ؟ وَقَالَ أسلم، عَنْ عُمَر أنه قَالَ: اللَّهمّ ارزُقْني شهادةً في سبيلك، واجعل موتي في بلد رسولك. أخرجه البخاريّ [5] .
وقال معدان بْن أبي طَلْحة اليَعْمُرِيّ: خطب عُمَر يوم جمعةٍ وذكر نبيَّ الله وأبا بكر ثمّ قَالَ: رأيت كأنَّ ديِكًا نَقَرَني نَقْرَةً أو نَقْرَتَيْن، وإنِّي لَا أراه إلَّا حُضُورَ أَجَلِي، وإنّ قومًا يأمروني أنِ استخلِفَ وإنّ الله لم يكن لِيُضَيِّعَ دِينَه ولا خِلافَتَه فإنْ عجل بي أمرٌ فالخلافة شُورَى بين هؤلاء الستّة الّذين تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عنهم راضٍ [6] .
وَقَالَ الزُّهْرِيّ: كان عُمَر لا يأذن لسبيّ قد احتلم في دخول المدينة حتى كتب المُغِيرَة بْن شُعْبة وهو على الكوفة يذكر له غلامًا عنده صِنَعًا [7]
__________
[1] أي من الحصى الصغير.
[2] طبقات ابن سعد 3/ 334، 335، تاريخ الخلفاء 133، المستدرك للحاكم 3/ 92، أسد الغابة 4/ 73.
[3] انظر تاريخ الطبري 4/ 191.
[4] طبقات ابن سعد 3/ 331.
[5] وابن سعد في طبقاته 3/ 331، والسيوطي في تاريخ الخلفاء 133.
[6] في حاشية الأصل كتب هنا: «بلغت قراءة في الحادي والعشرين على مؤلّفه. كتبه عبد الرحمن بن البعلبكي. عفي عنه» .
والحديث في طبقات ابن سعد 3/ 335، 336 وتاريخ الخلفاء للسيوطي 133 والحاكم في المستدرك 3/ 91 وابن الأثير 4/ 73.
[7] صنعا: بالكسرة وبالتحريك: حاذق.

(3/276)


ويستأذنه أن يدخل المدينةَ ويقول: إنّ عنده أعمالًا كثيرة فيها منافع للنّاس:
إنّه حدّاد نقاش نجّار، فأذِن له أن يُرْسِلَ به، وضرب عليه المُغِيرَة مائة دِرْهَمٍ في الشهر، فجاء إلى عُمَر يشتكي شدة الخراج، قَالَ: مَا خراجك بكثير.
فانصرف ساخطًا يتذمّر، فلبث عُمَر ليالي [1] ثُمَّ دعاه فَقَالَ: ألم أُخْبَرْ أنّك تقول: لو شاء لَصَنَعْتُ رحًى تَطْحَنُ بالرّيح؟ فالتفت إلى عمر عابسا وقال:
لأَصْنَعَنَّ لك رحًى يتحدث النَّاس بها، فلمّا وُليّ قَالَ عُمَر لأصحابه: أوعدني العبدُ آنفًا. ثمّ اشتمل أَبُو لؤلؤة على خِنْجَرٍ ذي رأسين نصابه في وسَطِه، فكمن في زاويةٍ من زوايا المسجد في الغَلَس [2] .
وَقَالَ عمرو بْن ميمون الأوديّ: إنّ أبا لؤلؤة عبد المُغِيرَة طعن عُمَر بخنجرٍ له رأسان وطعن معه اثني عشر رجلًا، مات منهم ستّة، فألقى عليه رجل من أهل العراق ثوبًا، فلمّا اغتمّ فيه قتل نفسه [3] .
وَقَالَ عامر بْن عبد الله بْن الزُّبَيْر عن أَبِيهِ قَالَ: جئت من السّوق وعمر يتوكّأ عليّ، فمرّ بنا أَبُو لؤلؤة، فنظر إلى عُمَر نظرةً ظَننْتُ أنّه لولا مكاني لبَطَش به، فجئت بعد ذلك إلى المسجد الفجر فإنّي لَبَيْن النّائم واليَقْظان، إذ سمعت عُمَر يَقُولُ: قتلني الكلبُ، فماج النّاس ساعةً، ثُمَّ إذا قراءة عبد الرحمن بْن عوف.
وَقَالَ ثابت البُناني، عَنْ أبي رافع: كان أَبُو لؤلؤة عبدًا للمُغِيرة يصنع الأرحاء، وكان المغيرة يستغلّه [4] كل يومٍ أربعة دراهم، فلقي عمر فقال: يا
__________
[1] في النسخة (ع) «لياليا» ، وهو خطأ، لأنّ «ليالي» ممنوعة من الصرف.
[2] طبقات ابن سعد 3/ 345، تاريخ الخلفاء 133، وانظر تعليق الأستاذين الأخوين: علي وناجي الطنطاوي في: سيرة عمر بن الخطاب 2/ 607 حول هذه الرواية.
[3] طبقات ابن سعد 3/ 340، تاريخ الخلفاء 134.
[4] هكذا في الأصل والمصادر الأخرى، وعند الحاكم في المستدرك «يستعمله» .

(3/277)


أمير المؤمنين إنّ المُغِيرَة قد أثقل عليّ فكلِّمْه، فَقَالَ: أحْسِنْ إلى مولاك، ومن نِيَّة عُمَر أنْ يكلّم المُغِيرةَ فيه، فغضب وَقَالَ: يسع النّاس كلَّهم عدلُهُ غيري، وأضمر قتْلَه واتّخذ خِنْجَرًا وشحذه وسَمَّه، وكان عُمَر يَقُولُ: «أقيموا صفوفكم» قبل أنْ يكبّر، فجاء فقام حِذاءه في الصّفّ وضربه في كَتِفِه وفي خاصرته، فسقط عُمَر، وطعن ثلاثة عشر رجلًا معه، فمات منهم ستّة، وَحُمِلَ عمرُ إلى أهله وكادت الشمس أن تطلع، فصلّى ابن عَوْف بالنّاس بأقصر سورتين، وأُتي عُمَر بنبيذٍ فشربه فخرج من جُرْحه فلم يتبيّن، فسَقَوْه لَبَنًا فخرج من جرحه فقالوا: لَا بأس عليك، فَقَالَ: إنْ يكن بالقتل بأس فقد قُتِلْتُ [1] ، فجعل النَّاس يُثْنون عليه ويقولون: كنتَ وكنتَ، فَقَالَ: أما واللهِ وَدِدْتُ أني خرجت منها كفافًا لَا عليّ ولا لي وأنّ صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم سلمت لي [2] .
وأثنى عليه ابن عباس، فَقَالَ: لو أنّ لي طِلَاعَ الأرض ذَهَبًا [3] لافتديت به من هول [4] المُطَّلَع [5] ، وقد جعلتُها شُورَى في عثمان وعليّ وطلحة والزّبير وعبد الرحمن وسعد. وأمر صُهَيْبًا أنْ يصلّي بالنّاس، وأجّل الستَّة ثلاثًا [6] .
وعن عمرو بْن ميمون أنّ عُمَر قَالَ: «الحمد للَّه الَّذِي لم يجعل منيّتي
__________
[1] إلى هنا تنتهي الرواية عند الحاكم في المستدرك 3/ 91.
[2] طبقات ابن سعد 3/ 353، مجمع الزوائد 9/ 76، 77 وفيه: رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح، وأسد الغابة 4/ 75، مناقب عمر لابن الجوزي 217.
[3] أي ما يملأ الأرض ذهبا حتى يطلع عنها ويسيل. (النهاية لابن الأثير) .
[4] في طبعة القدسي 3/ 161 «هو» بدل «هول» والتصويب من طبقات ابن سعد 3/ 352 وغيره.
[5] المطّلع: الموقف يوم القيامة. (النهاية لابن الأثير) .
[6] انظر طبقات ابن سعد 3/ 344، والمستدرك للحاكم 3/ 92، والاستيعاب لابن عبد البرّ 2/ 468، 469، مجمع الزوائد 9/ 77، مناقب عمر لابن الجوزي 219، تاريخ الخلفاء 134.
وأجّل السّتّة ثلاثا: أي ثلاثة أيّام.

(3/278)


بيد رجلٍ يدّعي الإسلام» ثمّ قَالَ لابن عباس: كنت أنت وأبوك تحبان أن يَكْثُرَ العُلُوج بالمدينة. وكان العباس أكثرهم رقيقًا [1] .
ثُمَّ قَالَ، يا عبد الله! أنظر مَا عليّ من الدَّيْن، فحسبوه فوجدوه سِتَّةً وثمانين ألفًا أو نحوها، فَقَالَ: إنْ وَفَّى مالُ آل عُمَر فأّدِّهِ من أموالهم وإلَّا فاسْأل في بني عديٍّ فإنْ لم تفِ أموالُهُم فَسَلْ في قريش، اذهب إلى أمّ المؤمنين عائشة فقُلْ: يستأذن عمرُ أنْ يُدْفَنَ مع صاحبيه، فذهب إليها فقالت: كنت أريده- تعني المكان- لنفسي ولأُؤْثِرَنَّهُ الْيَوْمَ على نفسي، قَالَ: فأتى عبد الله فَقَالَ: قد أذِنَتْ لك، فحمِدَ الله.
ثُمَّ جاءت أم المؤمنين حفصة والنّساء يستُرْنَها، فلمّا رأيناها قمنا، فَمَكَثَتْ عنده ساعة، ثمّ استأذن الرجالُ فَوَلَجَتْ داخلةً ثمّ سمعنا بُكَاءها.
وقيل له: أوْص يا أمير المؤمنين واستَخْلِف، قَالَ: مَا أرى أحدًا أحقّ بهذا الأمر من هؤلاء النفَر الذين تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عنهم راضٍ، فسمّى السّتَّة وَقَالَ: يشهد عبد الله بْن عُمَر معهم وليس له من الأمر شيء- كهيئة التعزية لَهُ- فإنْ أصابت الإمرةُ سعدًا فهو ذاك وإلا فلْيَسْتَعِنْ به أيُّكم مَا [2] أُمِّر، فإنّي لم أعزلْه من عجْزٍ ولا خيانة، ثُمَّ قَالَ: أوصي الخليفة من بعدي بتقوى الله، وأوصيه بالمهاجرين والأنصار، وأوصيه بأهل الأمصار خيرًا، في مثل ذلك من الوصيّة [3] .
فلمّا تُوُفيّ خرجنا به نمشي، فسلّم عبد الله بن عمر وقال: عُمَر يستأذن، فَقَالَتْ عائشة: أدخلوه، فأُدْخِل فوُضع هناك مع صاحبيه [4] .
__________
[1] طبقات ابن سعد 3/ 338.
[2] ابن سعد 3/ 338، 339، تاريخ الخلفاء للسيوطي 135.
[3] «ما» غير موجودة في المنتقى لابن الملّا.
[4] مناقب عمر لابن الجوزي 220، تاريخ الخلفاء للسيوطي 135.

(3/279)


فلمّا فرغ من دفنه ورجعوا اجتمع هؤلاء الرَّهْط، فَقَالَ عبد الرحمن بْن عَوْف: اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم، فَقَالَ الزُّبَيْر: قد جعلت أمري إلى عليّ وَقَالَ سعد: قد جعلت أمري إلى عبد الرحمن، وَقَالَ طلحة: قد جعلت أمري إلى عثمان، قَالَ: فخلا هؤلاء الثلاثة فَقَالَ عبد الرحمن: أنا لَا أريدها فأيُّكما تبرّأ من هذا الأمر ونجعله إليه والله عليه والإسلام لينظرنّ أفضلهم في نفسه وليحرصنّ على صلاح الأُمَّة، قَالَ: فسكت الشيخان عليّ وعثمان، فَقَالَ عبد الرحمن: اجعلوه إليّ والله عليَّ لَا آلو عَنْ أفضلكم، قالا: نعم فخلا بعليّ وَقَالَ: لك من القِدَم في الإسلام والقرابة مَا قد علمت، الله عليك لئن أمَّرْتُك لتعدِلَنّ ولئن أَمَّرْتُ عليك لَتَسْمعَنَّ ولَتُطِيعَنَّ، قَالَ: ثُمَّ خلا بالآخر فَقَالَ له كذلك، فلمّا أخذ ميثاقهما بايع عثمان وبايعه عليّ [1] .
وَقَالَ المِسْوَر بْن مَخْرَمَة: لما أصبح عُمَر من الغد، - وهو مطعون- فزَّعُوه [2] فقالوا: الصَّلاة، ففزع وَقَالَ: نعم ولا حظّ في الإسلام لمن ترك الصّلاة، فصلّى وجرحُهُ يثقب دمًا [3] .
وَقَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: ثنا أَبُو عَامِرٍ الْخَزَّازُ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا طُعِنَ عُمَرُ جَاءَ كَعْبٌ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَئِنْ دَعَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ لَيُبْقِيَنَّهُ اللَّهُ وَلَيَرْفَعَنَّهُ لِهَذِهِ الأُمَّةِ حَتَّى يَفْعَلَ كَذَا وَكَذَا. حَتَّى ذَكَرَ الْمَنَافِقِينَ فِيمَنْ ذَكَرَ، قَالَ: قُلْتُ: أُبَلِّغُهُ مَا تَقُولُ؟ قَالَ: مَا قُلْتُ إِلَّا وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ تُبَلِّغَهُ، فَقُمْتُ وَتَخَطَّيْتُ النَّاسَ حَتَّى جَلَسْتُ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقُلْتُ: إِنَّ كَعْبًا يَحْلِفُ باللَّه لَئِنْ دَعَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ لَيُبْقِيَنَّهُ اللَّهُ وَلَيَرْفَعَنَّهُ لِهَذِهِ الأُمَّةِ، قَالَ: ادْعُوا كَعْبًا فَدَعَوْهُ فَقَالَ: ما تقول؟ قال: أقول
__________
[1] ابن سعد 3/ 339، تاريخ الخلفاء للسيوطي 135.
[2] أي نبّهوه. وفي نسخة دار الكتب (قرّعوه) وهو تصحيف.
[3] ابن سعد 3/ 350 و 351، مناقب عمر 222.

(3/280)


كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ لَا أَدْعُو اللَّهَ وَلَكِنْ شَقِيَ عُمَرُ إِنْ لَمْ يَغْفِرِ الله له [1] ، قال: وجاء صهيب فقال: وا صفيّاه وا خليلاه وا عمراه، فقال: مهلا يا صهيب أو ما بَلَغَكَ أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ يُعَذَّبُ بِبَعْضِ بُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ [2] .
[وعن ابن عباس قَالَ: كان أَبُو لؤلؤة مَجُوسيًا [3] .
وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ] [4] قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا عَلَيْكَ لَوْ أجْهَدْتَ نَفْسَكَ ثُمَّ أَمَّرْتَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا؟ فَقَالَ عُمَرُ:
أَقْعِدُونِي. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَتَمَنَّيْتُ أَنَّ بَيْنِي وَبَيْنَهُ عَرْضَ الْمَدِينَةِ فَرَقًا مِنْهُ حِينَ قَالَ: أَقْعِدُونِي، ثُمَّ قَالَ: مَنْ أَمَّرْتُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ؟ قُلْتُ: فُلانًا، قَالَ: إِنْ تُؤَمِّرُوهُ فَإِنَّهُ ذُو شَيْبَتِكُمْ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ أَرَأَيْتَ الْوَلِيدَ يَنْشَأُ مَعَ الْوَلِيدِ وَلِيدًا وَيَنْشَأُ مَعَهُ كَهْلًا، أَتَرَاهُ يَعْرِفُ مَنْ خَلَقَه؟ فَقَالَ:
نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: فَمَا أَنَا قَائِلٌ للَّه إِذَا سَأَلَنِي عَمَّنْ أَمَّرْتُ عَلَيْهِمْ فَقُلْتُ: فُلانًا، وَأَنَا أَعْلَمُ مِنْهُ مَا أَعْلَمُ! فلا والّذي نفسي بيده لأردنها إِلَى الَّذِي دَفَعَهَا إِلَيَّ أَوَّلَ مَرَّةٍ، وَلَوَدِدْتُ أَنَّ عَلَيْهَا مَن هُوَ خَيْرٌ مِنِّي لَا يَنْقُصُنِي ذَلِكَ مِمَّا أَعْطَانِي اللَّهُ شَيْئًا.
وَقَالَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: دخل على عُمَر عثمان، وعليٌ، والزُّبَيْر، وابن عوف، وسعد- وكان طلحة غائبًا- فنظر إليهم ثمّ قَالَ: إنّي قد نظرتُ لكم في أمر النّاس فلم أجد عند النّاس شقاقًا إلَّا أنْ يكون فيكم، ثُمَّ قَالَ: إنّ قومكم إمّا يؤمِّروا أحَدَكُم أيُّها الثلاثة، فإنْ كنت على شيء من أمر الناس يا عثمان فلا تحملن بني أبي مُعَيْط على رقاب الناس، وإن كنت علي شيء من أمر النَّاس يا عبد الرحمن فلا تحملنّ أقاربك
__________
[1] انظر ابن سعد 3/ 361، ومناقب عمر لابن الجوزي 211.
[2] انظر ابن سعد 3/ 346 و 362 ومناقب عمر 216 خ-
[3] أخرجه الطبراني في المعجم الكبير 1/ 71 رقم 77.
[4] ما بين الحاصرتين ساقط من نسخة دار الكتب.

(3/281)


على رقاب الناس. وإن كنت علي شيء من أمر النَّاس يا عليّ فلا تحملنّ بني هاشم على رقاب النَّاس، قوموا فتشاوروا وأمِّروا أحدكم، فقاموا يتشاورون [1] .
قَالَ ابن عُمَر: فدعاني عثمان مرَّةً أو مرتين ليُدْخلني في الأمر ولم يُسَمِّني عُمَر، ولا والله مَا أحبّ أني كنت معهم عِلْمًا منه بأنه سيكون من أمرهم مَا قَالَ أبي، والله لَقَلَّما سمعته حوّل شفتيه بشيء قطّ إلا كان حقًا، فلمّا أكثر عثمانُ دعائي قلت: ألا تعقلون! تؤمّرون وأمير المؤمنين حيّ! فو الله لكَأنّما أيقظتهم، فَقَالَ عُمَر: أمْهِلوا فإن حدث بي حدث فلْيُصل للناس صُهيْب ثلاثًا ثُمَّ اجتمعوا في اليوم الثالث أشراف النَّاس وأمراء الأجناد فأمِّروا أحدكم، فمن تأمرَّ عَنْ غير مشورةٍ فاضربوا عُنُقَه [2] .
وَقَالَ ابن عُمَر: كان رأس عُمَر في حجْرى فَقَالَ: ضع خدّي على الأرض، فوضعتُهُ فَقَالَ: وَيْلٌ لي وَوَيْلُ أمّي إنْ لم يرحمني ربّي [3] .
وعن أبي الحُوَيْرِث قَالَ: لمّا مات عُمَر ووُضِعَ ليُصَلَّى عليه اقتتل عليّ وعثمان [4] أيُّهما يصلّي عليه، فَقَالَ عبد الرحمن: إنّ هذا لهو الحِرْص على الإمارة، لقد علمتما مَا هذا إليكما ولقد أمَّر به غيركما، تقدَّمْ يا صُهَيْب فَصَلِّ عليه. فصلّى عليه [5] .
وَقَالَ أَبُو مَعْشَرٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: وُضِعَ عُمَرُ بَيْنَ الْقَبْرِ وَالْمِنْبَرِ، فَجَاءَ عَلِيٌّ حَتَّى قَامَ بَيْنَ الصُّفُوفِ فَقَالَ: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ مَا مِنْ خَلْقٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ بِصَحِيفَتِهِ بَعْدَ صَحِيفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم من هذا
__________
[1] طبقات ابن سعد 3/ 344.
[2] ابن سعد 3/ 344.
[3] ابن سعد 3/ 360 و 361.
[4] أي اختلفا أو تدافعا، وليس قتالا بمعنى القتل، كما في (النهاية) .
[5] ابن سعد 3/ 367، المستدرك للحاكم 3/ 92.

(3/282)


الْمُسَجَّى عَلَيْهِ ثَوْبُهُ. وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُهُ مِنْ عدّة وجوده عَنْ عَلِيٍّ [1] .
وَقَالَ مَعْدان بْن أبي طَلْحَةَ: أُصيب عُمَر يوم الأربعاء لأربعٍ بقين من ذي الحجّة، وكذا قَالَ زيد بْن أسلم وغير واحد.
وَقَالَ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وقاص: إنّه دُفِنَ يوم الأحد مُسْتَهَلّ المحرّم [2] .
وَقَالَ سعيد بْن المسيب: تُوُفيّ عُمَر وهو ابن أربعٍ أو خمسٍ وخمسين سنة، كذا رواه الزُّهْرِيّ عنه [3] .
وَقَالَ أَيُّوبُ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: مَاتَ عُمَرُ وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً [4] . وَكَذَا قَالَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو الأَسْوَدِ يَتِيمُ عُرْوَةَ وَابْنُ شِهَابٍ.
وَرَوَى أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ حَنْظَلَةَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ: سَمِعْتُ عُمَرَ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِعَامَيْنِ أَوْ نَحْوِهِمَا يَقُولُ: أَنَا ابْنُ سَبْعٍ أَوْ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ. تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو عَاصِمٍ.
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: نا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ: تُوُفِّيَ عُمَرُ وَلَهُ سُتُّونَ سَنَةً [5] .
قَالَ الواقِديّ: هذا أثبت الأقاويل، وكذا قال مالك [6] .
__________
[1] ابن سعد 3/ 369 و 370، المستدرك 3/ 94.
[2] ابن سعد 3/ 365.
[3] ابن سعد 3/ 365.
[4] ابن سعد 3/ 365، المعجم الكبير للطبراني 1/ 69 رقم (70) و (71) .
[5] تاريخ الطبري 4/ 198.
[6] ابن سعد 3/ 365.

(3/283)


وَقَالَ قَتَادة: قُتِل عُمَر وهو ابن إحدى وستين سنة [1] .
وَقَالَ عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ الْبَجَلِيُّ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ سُمِعَ مُعَاوِيَةُ يَخْطُبُ وَيَقُولُ: مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ، وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَهُمَا ابْنَا ثَلاثٍ وَسِتِّينَ [2] .
وَقَالَ يحيى بْن سعيد: سمعت سعيد بْن المسيب قَالَ: قُبض عُمَر وقد استكمل ثلاثًا وستين. وقد تقدّم لابن المسيب قولٌ آخر.
وَقَالَ الشَّعْبِيّ مثل قول معاوية [3] .
وَأَكْثَرُ مَا قِيلَ قَوْلُ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: قُبِضَ عُمَرُ وَهُوَ ابْنُ سِتٍّ وستّين سنة [4] والله تعالى أعلم [5] .
__________
[1] تاريخ الطبري 4/ 198، المعجم الكبير للطبراني 1/ 69 رقم (67) .
[2] ابن سعد 3/ 365، المعجم الكبير 1/ 69 رقم (66) .
[3] المعجم الكبير للطبراني 1/ 68 رقم (65) .
[4] المعجم الكبير للطبراني 1/ 68 رقم (64) .
[5] في حاشية الأصل: «بلغت قراءة خليل بن أيبك على مؤلّفه، فسح الله في مدّته في الميعاد السابع عشر، وسمعه القاضي شرف الدين عبد الرحيم الزريراني الحنبلي» .

(3/284)


ذِكْرُ مَنْ توفّي في خِلَافَةِ عُمَرْ رَضِي الله عنه «مجملًا»
(الأقرع بْن حابس)
[1] التميمي المُجاشِعِي، أحد المؤلَّفة قلوبُهُم وأحد الأشراف، أقطعه أَبُو بكر له ولعُيَيْنَة بْن بدر [2] ، فعطَّل عليهما عمرُ ومحا الكتاب الَّذِي كتب لهما أَبُو بكر [3] ، وكانا من كبار قومهما، وشهد الأقرع مع خالد حرب أهل العراق وكان على المقدّمة [4] .
__________
[1] المغازي للواقدي 803، 804، 919، 946، 948، 951، 954، 975، تهذيب سيرة ابن هشام 275، 277، 300، طبقات خليفة 41 و 178، تاريخ خليفة 90، المحبّر 134 و 183، 247 و 474، نسب قريش 7، المعارف لابن قتيبة 342 و 579 و 621، عيون الأخبار 1/ 85، البرصان والعرجان 59 و 116 و 118 و 119 و 120 و 205 و 326 و 327، المعرفة والتاريخ 1/ 338 و 3/ 293، العقد الفريد 1/ 276 و 2/ 196، أنساب الأشراف 1/ 24 و 385 و 530، وج 1 ق 4/ 12 و 5/ 193، فتوح البلدان 1/ 78، تاريخ الطبري 3/ 378- 380، الاستيعاب 1/ 96، ثمار القلوب 295، المعجم الكبير 1/ 300 رقم 80، الخراج وصناعة الكتابة 403، تهذيب دمشق 3/ 89- 94، الكامل في التاريخ 2/ 269، 270 و 287 و 289 و 394 و 3/ 126، أسد الغابة 1/ 107- 110، التذكرة الحمدونية 1/ 56 و 123، البداية والنهاية 7/ 141، 142، تهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 1/ 124 رقم 63، الوافي بالوفيات 9/ 307، 308 رقم 4239، الإصابة 1/ 58، 59 رقم 231، تعجيل المنفعة 39، 40 رقم 61.
[2] عند ابن عساكر «ابن حصن» بدل «بدر» .
[3] تهذيب تاريخ دمشق 3/ 93.
[4] أسد الغابة 1/ 109.

(3/285)


وقيل إنّ عبد الله بْن عامر استعمله على جيش سيّره إلى خُراسان فأصيب هو والجيش بالجَوْزَجَان وذلك في خلافة عثمان [1] .
وَقَالَ ابن دُرَيْد: اسمه فراس [2] بْن حابس بْن عِقال، ولُقِّب الأقرع لقَرَعٍ برأسه [3] .
(الحُباب بْن المنذر)
[4] بْن الجَمُوح أَبُو عَمْرو الأنصاريّ، أحد بني سَلَمَةَ بْن سعد، وقيل كنيته أَبُو عُمَر، وكان يقال له ذو الرأي.
أشار يوم بدر عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ ينزل على آخر ماء ببدر ليبقى المشركون على غير ماء، وهو الَّذِي قَالَ يوم سقيفة بني ساعدة: أنا جُذَيْلها المحكك وعذيقها المرجب منا أمير ومنكم أمير [5] . والجذل: هو عود يُنْصب للإبل الجَرْبَى لتَحْتَكَّ به. والعذق: النَّخْلَةُ، والمرجّب: أن تُدَعَّم النَّخلة الكريمة ببناء من حجارة أو خشبٍ إذا خيف عليها لكثرة حَمْلها أن تقع، يقال: رجّبتها فهي مرجّبة.
__________
[1] أسد الغابة 1/ 110.
[2] في المنتقى «فراش» وهو تصحيف.
[3] أسد الغابة 1/ 109.
[4] المغازي للواقدي 53، 54، 58، 83- 85، 142، 150، 169، 207، 215، 234، 240، 256، 257، 334، 387، 405، 498، 515، 574، 643، 649، 659، 662، 663، 667، 710، 895، 925، 926، 985، 996، تهذيب سيرة ابن هشام 143، طبقات ابن سعد 3/ 567، 568، التاريخ الكبير 3/ 109 رقم 368، أنساب الأشراف 1/ 138 و 191 و 293 و 299 و 303 و 317 و 318 و 580 و 581- 584، الجرح والتعديل 3/ 301 رقم 1340، العقد الفريد 4/ 186 و 4/ 257، جمهرة أنساب العرب 359، الاستيعاب 1/ 354، مشاهير علماء الأمصار 25 رقم 112، تاريخ الطبري 2/ 440 و 3/ 220 و 221 و 223، ثمار القلوب 288، المستدرك على الصحيحين 3/ 426، 427، الكامل في التاريخ 2/ 122 و 329، 330 و 3/ 77، أسد الغابة 1/ 364، 365، تلخيص المستدرك 3/ 426- 428، البداية والنهاية 7/ 142، الوافي بالوفيات 11/ 282، 283 رقم 413، الإكمال 2/ 140، الإصابة 1/ 302، 303 رقم 1552.
[5] طبقات ابن سعد 3/ 568.

(3/286)


روى عنه أَبُو الطُّفيل. تُوُفيّ بالمدينة في خلافة عُمَر [1] .
ت ن [2]
(ربيعة بْن الْحَارِثِ)
[3] بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ الهاشمي أبو أَرْوَى. وأُمُّه غُزَيَّةُ بنت قيس الفِهْريّة.
له صُحْبة، وهو من مسْلَمَة الفتح.
روى عنه ابنه عبد المطلب، وله أيضًا صُحْبة.
(خ د ن [4] ) سَوْدَة بنت زمْعَة بْن قيس [5]
أمّ المؤمنين القرَيْشية العامرية، أوّل من تزوّج بها النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد موت
__________
[1] ابن سعد 3/ 568.
[2] الرمز ساقط من الأصول والاستدراك من تقريب التهذيب.
[3] المغازي للواقدي 506 و 694 و 696 و 900، تهذيب سيرة ابن هشام 316، طبقات ابن سعد 4/ 47، 48، تاريخ خليفة 153 و 348، طبقات خليفة 5، السير والمغازي لابن إسحاق 108، المحبّر 64 و 445، التاريخ الكبير 3/ 283، 284 رقم 972، المعارف 120 و 126، 127، 128 و 164، أنساب الأشراف 1/ 79، وق 3/ 20 و 25 و 295 و 296 و 301، ق 4 ج 1/ 528، تاريخ الطبري 3/ 74 و 139 و 150 و 4/ 404، المنتخب من ذيل المذيّل 550، الاستيعاب 1/ 505، 506، مشاهير علماء الأمصار 32 رقم 163، جمهرة أنساب العرب 70، الكامل في التاريخ 2/ 263 و 302 و 3/ 77، أسد الغابة 2/ 166، 167، تهذيب الكمال 1/ 409، الكاشف 1/ 237 رقم 1556، سير أعلام النبلاء 1/ 257- 259 رقم 46، المعجم الكبير 5/ 47- 50 رقم 444، البداية والنهاية 7/ 142، الوافي بالوفيات 14/ 87، 88 رقم 106، شفاء الغرام 1/ 156، تهذيب التهذيب 3/ 253، 254 رقم 483، تقريب التهذيب 1/ 246 رقم 52، الإصابة 1/ 506 رقم 2592، خلاصة تذهيب التهذيب 117.
[4] في الأصول «س» بدل «ن» ، وهو رمز ك «سنن النّسائي» كما في مقدّمة المؤلّف.
[5] السير والمغازي لابن إسحاق 177 و 225 و 254 و 255 و 269، المغازي للواقدي 118 و 1106 1115، تهذيب سيرة ابن هشام 331 و 332 و 335، طبقات ابن سعد 8/ 52- 57، طبقات خليفة 335، المحبّر 79 و 92 و 98 و 99 و 101، المعارف 28 و 42 و 69 و 123، أنساب الأشراف 1/ 219 و 269 و 303 و 400 و 407 و 409 و 410 و 414 و 425 و 436 و 448 و 465 و 466 و 467 و 514، تاريخ الطبري 2/ 400 و 460 و 3/ 161- 163، المنتخب من ذيل المذيّل 600، 601، تاريخ أبي زرعة 1/ 490 و 492، 493، الاستيعاب 4/ 323، 324، المعجم الكبير 24/ 29- 37، جمهرة أنساب العرب 166، 167، الكامل في التاريخ 2/ 110

(3/287)


خديجة [1] وكانت قبله عند السَّكران أخي سُهَيْل بْن عمرو العامري، ولمّا تَكَهَّلَتْ وهبت يومها لعائشة لتكون من زوجات النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الجنّة [2] .
روى عنها ابن عبّاس، ويحيى بْن عبد الله الأنصاري.
وتُوُفيّت في آخر خلافة عُمَر، وقد انفردت بصُحبة رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أربع سنين لَا تشاركها فيه امرأة ولا سَرِيّة، ثُمَّ بنى بعائشة بَعْدُ، ولها تسع سنين، وكانت سَوْدَة من سادات النّساء.
قَالَ هِشَامُ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قالت: مَا رَأَيْتُ امْرَأَةً أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أَكُونَ فِي مِسْلاخِهَا [3] مِنْ سَوْدَةَ مِنْ امْرَأَةٍ فِيهَا حِدَّةٌ، فَلَمَّا كَبِرَتْ جَعَلَتْ يَوْمَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَائِشَةَ [4] .
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ، ثنا أَبِي قَالَ: تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَوْدَةَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ عَشْرٍ مِنَ النُّبُّوَةِ بَعْدَ وَفَاةِ خَدِيجَةَ، وَهَاجَرَ بِهَا. وَتُوُفِّيَتْ بِالْمَدِينَةِ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ [5] .
قَالَ الواقِديّ: وهذا الثَّبت عندنا.
__________
[ () ] و 131 و 307، أسد الغابة 5/ 484، 485، الجمع بين رجال الصحيحين 2/ 607، تهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 348 رقم 747، جامع الأصول 9/ 145، تهذيب الكمال 3/ 1685، تحفة الأشراف 11/ 334 رقم 893، سير أعلام النبلاء 2/ 265- 269 رقم 40، الكاشف 3/ 428 رقم 77، البداية والنهاية 7/ 144، مجمع الزوائد 9/ 246، الوافي بالوفيات 16/ 41 رقم 53، الوفيات لابن قنفذ 33 رقم 23، الإصابة 4/ 338، 339 رقم 606، تهذيب التهذيب 12/ 426، 427 رقم 2820، تقريب التهذيب 2/ 601 رقم 11، خلاصة تذهيب التهذيب 492، شذرات الذهب 1/ 34 و 60.
[1] طبقات ابن سعد 8/ 53، المنتخب من ذيل المذيّل 600.
[2] طبقات ابن سعد 8/ 52 و 53، المنتخب من ذيل المذيّل 600.
[3] كأنّها تمنّت أن تكون في مثل هديها وطريقتها. (النهاية) .
[4] أخرجه مسلم في الرضاع (1463) باب جواز هبتها نوبتها لضرّتها.
[5] طبقات ابن سعد 8/ 53 و 55، المنتخب من ذيل المذيّل 600.

(3/288)


وروى عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هلال قَالَ: تُوُفيّت سَوْدَة زمن عُمَر [1] .
(عُتْبة بْن مسعود الهّذليّ)
[2] أخو عبد الله لأبَوَيْه، وهو جد الفقيه عُبيد الله بْن عبد الله شيخ الزُّهْرِيّ.
أسلم بمكّة وهاجر إلى الحبشة مع أخيه، وشهد أحُدًا [3] وكان فقيهًا فاضلًا.
تُوُفيّ في إمرة عُمَر على الصحيح، ويقال زمن معاوية.
(علقمة بْن عُلاثة)
[4] بْن عوف العامري الكلابيّ، من المؤلّفة قلوبهم.
__________
[1] أخرجه البخاري في التاريخ 1/ 49، 50 من طريق يحيى بن سليمان، عن ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هلال. ورجاله ثقات.
[2] السير والمغازي لابن إسحاق 225 و 228، المغازي للواقدي 233 و 301، تهذيب سيرة ابن هشام 236، طبقات ابن سعد 4/ 126، 127، المحبّر 298، التاريخ الكبير 6/ 522 رقم 3188، تاريخ أبي زرعة 1/ 419، المعارف 250، 251، عيون الأخبار 3/ 57، المعرفة والتاريخ 2/ 551، أنساب الأشراف 1/ 204 و 322 و 329، الجرح والتعديل 6/ 373 رقم 2063، جمهرة أنساب العرب 197، مشاهير علماء الأمصار 48 رقم 307، التاريخ الصغير 1/ 47 و 213، الاستيعاب 3/ 120، 121، المستدرك 3/ 257- 259، تهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 1/ 319، 320 رقم 389، الزيارات للهروي 51، الكامل في التاريخ 3/ 77 و 8/ 313، أسد الغابة 3/ 569، سير أعلام النبلاء 1/ 500 رقم 88، مجمع الزوائد 9/ 291، العقد الثمين 6/ 13، 14، تلخيص المستدرك 3/ 257- 259، الإصابة 2/ 456 رقم 5414.
[3] طبقات ابن سعد 4/ 126.
[4] المغازي للواقدي 749 و 750 و 907، البرصان والعرجان 263، الأخبار الموفقيّات 49، المحبّر 135 و 474، عيون الأخبار 3/ 261، المعارف 83 و 88 و 331، المعرفة والتاريخ 2/ 36، 37، أنساب الأشراف 1/ 282، تاريخ الطبري 3/ 140 و 262، العقد الفريد 2/ 9 و 15، ثمار القلوب 352، الاستيعاب 3/ 126، جمهرة أنساب العرب 258 و 282 و 284، المعجم الكبير 18/ 9، 10، أسد الغابة 4/ 13، الكامل في التاريخ 2/ 349، تهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 1/ 342 رقم 424، البداية والنهاية 7/ 142، الإصابة 2/ 503- 505 رقم

(3/289)


أسلم على يد النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان من أشراف قومه، وكان يكون بتهامة، وقد قدِم دمشق قبل فتحها في طلب ميراثٍ له، وَوَفِدَ على عُمَر في خلافته.
روى عنه أنس.
(علقمة [1] بن مجزّز)
[2] بْن الأعور المّدْلِجيّ.
استعمله النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على بعض جيوشه، وولَّاه الصِّدِّيق حربَ فلسطين، وحضر الجابية مع عُمَر، ثُمَّ سيره عُمَر في جيشٍ إلى الحبشة في ثلاثمائة، فغَرِقُوا كلُّهم، وقيل كان ذلك في أيام عثمان بن عفّان. وأبوه مجزّز هو المعروف بالقيافة [3] .
خ م ت ن ق [4] (عَمْرو بْن عَوْف)
[5] حليف بني عامر من لُؤَيّ، من مُولَّدي مكة، سمّاه ابن إسحاق عمرًا، وسمّاه موسى بْن عُقْبَة عُمَيْرًا.
شهد بدرا وأحُدًا. وروى عنه المِسْوَر بْن مَخْرَمَة حديث قدوم أبي عبيدة بمالٍ من البحرين، أخرجه البخاريّ، وصلّى عليه عمر.
__________
[5675،) ] ربيع الأبرار 4/ 307.
[1] المغازي للواقدي 7 و 983، تاريخ الطبري 3/ 394 و 604 و 610 و 4/ 67 و 112 و 289، أنساب الأشراف 1/ 382، جمهرة أنساب العرب 187، الاستيعاب 3/ 127، أسد الغابة 4/ 14، الكامل في التاريخ 2/ 497 و 501 و 536 و 569، البداية والنهاية 7/ 143، الإصابة 2/ 505، 506 رقم 5677.
[2] في بعض النسخ «مخرمة» ، وفي بعض المصادر «محرز» ، وفي أسد الغابة: بجيم وزايين الأولى مشدّدة مكسورة.
[3] أي علم اقتفاء الأثر.
[4] الرموز ساقطة من الأصول، والاستدراك من خلاصة تذهيب التهذيب.
[5] طبقات ابن سعد 4/ 363، الجرح والتعديل 6/ 241 رقم 1340، مقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 85 رقم 55، الاستيعاب 2/ 507، أسد الغابة 4/ 124، تهذيب التهذيب 8/ 85، 86 رقم 128، تقريب التهذيب 2/ 76 رقم 646، الإصابة 3/ 9 رقم 5925، خلاصة تذهيب التهذيب 292.

(3/290)


ق [1] (عويم [2] بْن ساعدة [3] بْن عائش [4] أَبُو عبد الرحمن الأنصاريّ، أحد بني عمرو بْن عوف.
بدْريّ مشهور، وقيل هو من بَليّ، له حلف في بني أُمَيَّة بْن زيد، وقد شهِدَ العَقبة أيضًا [5] . وله حديث في «مسند أحمد» من رواية شُرَحْبيل بن سعد عنه، ولم يدركه [6] .
__________
[1] الرمز ساقط من النسخ، والاستدراك من الخلاصة.
[2] في «المنتقى» نسخة أحمد الثالث «عويمر» ، وكذلك في جمهرة أنساب العرب 334 وهو تحريف.
[3] مسند أحمد 3/ 422، المغازي للواقدي 102 و 159 و 178 و 305 و 405 و 498 و 516 و 1048 و 1073، تهذيب سيرة ابن هشام 127 و 347، طبقات ابن سعد 3/ 459، 460، الأخبار الموفقيّات 587 و 589، التاريخ الصغير 1/ 44 و 74، المحبّر 83 و 419، مقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 100 رقم 228، تاريخ الطبري 2/ 356 و 3/ 206 و 219، أنساب الأشراف 1/ 239 و 241 و 253 و 271 و 275 و 333 و 381 و 448، العقد الفريد 4/ 257، مشاهير علماء الأمصار 24 رقم 107، حلية الأولياء 2/ 11، 12 رقم 100، جمهرة أنساب العرب 334، الاستيعاب 3/ 171- 173، أسد الغابة 4/ 158، الكامل في التاريخ 2/ 96 و 327 و 3/ 77، تهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 41 رقم 39، تهذيب الكمال 2/ 1068، سير أعلام النبلاء 1/ 503، 504 رقم 90، الكاشف 2/ 308 رقم 4389، البداية والنهاية 7/ 143، الاصابة 3/ 44، 45 رقم 6112، تهذيب التهذيب 8/ 174، 175 رقم 213، تقريب التهذيب 2/ 90 رقم 804، خلاصة تذهيب التهذيب 306، المستدرك 3/ 631، 632، تلخيص المستدرك 3/ 631، 632.
[4] في النسخة «ح» : «عباس» ، وفي طبعة القدسي 3/ 170 «عابس» ، وهو تحريف.
والتصويب من المصادر السابقة.
[5] طبقات ابن سعد 3/ 459.
[6] الحديث في المسند 3/ 422 من طريق: حسين بن محمد، عن أبي أويس، عن شرحبيل، عن عويم بن ساعدة، أنّه حدّثه، أنّ النبي صلى الله عليه وسلّم أتاهم في مسجد قباء، فقال: «إن الله تبارك وتعالى قد أحسن عليكم الثناء في الطهور، في قصة مسجدكم، فما الطهور الّذي تطهّرون به؟ قالوا:
الغائط. فغسلنا كما غسلوا» . وصحّحه ابن خزيمة في مسندة 1/ 45 مع العلم أنّ شرحبيل بن سعد ضعّفه مالك، وابن معين، وأبو زرعة، ولم يوثّقه غير ابن حبّان.
وأخرج الحاكم في المستدرك على الصحيحين 1/ 155 من طريق محمد بن شعيب بن شابور، عن عتبة بن أبي حكيم، عن طلحة بن نافع، أنّه حدّث قال: حدّثني أبو أيّوب، وجابر بن عبد الله، وأنس بن مالك الأنصاريّون، عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم، في الآية فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَالله يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ 9: 108 فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا معشر الأنصار إنّ الله قد أثنى عليكم

(3/291)


وَقَالَ ابن عبد البَرّ: تُوُفيّ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقيل مات في خلافة عُمَر فَقَالَ وهو واقفٌ على قبره: لَا يستطيع أحد أن يَقُولُ: أنا خيرٌ من صاحب هذا القبر، مَا نُصِبَتْ لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رايةٌ إلَّا وعُوَيْم تحتها [1] .
(عُمَارَةُ بْن الوليد)
[2] أخو خالد بْن الوليد المخزوميّ.
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي عَوْنٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ مَا كَانَ بِالْحَبَشَةِ، وَصَنَعَ النَّجَاشِيُّ بِعُمَارَةَ بْنِ الْوَلِيدِ مَا صَنَعَ، وَأَمَرَ السَّوَاحِرَ فَنَفَخْنَ فِي إِحْلِيلِهِ، فَهَامَ مَعَ الْوَحْشِ [3] ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ فِي خِلافَةِ عُمَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ ابْنُ عَمِّهِ فَرَصَدَهُ عَلَى مَاءٍ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ كَانَ يَرِدُهُ فَأَقْبَلَ فِي حُمُرِ الْوَحْشِ، فَلَمَّا وَجَدَ رِيحَ الإِنْسِ هَرَبَ حَتَّى إِذَا جَهَدَهُ الْعَطَشُ وَرَدَ فَشَرِبَ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَالْتَزَمْتُهُ فَجَعَلَ يَقُولُ: يَا بُحَيْرُ [4] أَرْسِلْنِي إِنِّي أَمُوتُ إِنْ أَمْسَكُونِي. وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يسمّى بحيرا، قال:
__________
[ () ] خيرا في الطهور. فما طهوركم هذا؟ قالوا: يا رسول الله، نتوضّأ للصلاة، والغسل من الجنابة. فقال رسول الله: هل مع ذلك غيره؟ قالوا: لا، غير أنّ أحدنا إذا خرج من الغائط أحبّ أن يستنجي بالماء. قال: «هو ذاك» . وصحّحه، ووافقه الذهبي في تلخيصه. وانظر:
الدّرّ المنثور 3، 278، وابن سعد 3/ 459، ومجمع الزوائد للهيثمي 1/ 212، وأسد الغابة لابن الأثير 4/ 158.
[1] أخرجه ابن الأثير في أسد الغابة 4/ 158 وقال: أخرجه الثلاثة، وقد أخرجه ابن مندة في موضعين من كتابه. وقال ابن حجر في الإصابة 3/ 45 أخرجه البخاري في التاريخ من طريق عاصم بن سويد، سمعت الصفراء بنت عثمان بن عتبة بن عويم بن ساعدة قالت: حدّثني جدّتي، قالت: دعا عمر إلى جنازة عويم بن ساعدة. وكان النبيّ صلى الله عليه وسلّم آخى بينه وبين عمر فقال عمر: ما نصبت راية للنبيّ صلى الله عليه وسلّم إلّا وتحت ظلها عويم.
[2] السير والمغازي لابن إسحاق 152 و 167 و 168 و 211، تهذيب سيرة ابن هشام 59، المحبّر 176، الأخبار الموفقيّات 592، عيون الأخبار 1/ 37، تاريخ الطبري 2/ 326، أنساب الأشراف 1/ 231 و 232، العقد الفريد، / 29، جمهرة أنساب العرب 148، الإصابة 3/ 171 رقم 6817.
[3] الإصابة 3/ 171 وانظر: أنساب الأشراف 1/ 232، 233.
[4] ورد مصحّفا في الأصل وبقيّة النّسخ، وفي طبعة القدسي 3/ 171 «بجير» بالجيم. والتصويب من أنساب الأشراف 1/ 233.

(3/292)


فَصَكَكْتُهُ [1] فَمَاتَ فِي يَدَيْ مَكَانِهِ، فَوَارَيْتُهُ ثُمَّ انْصَرَفْتُ، وَكَانَ شَعْرُهُ قَدْ غَطَّى كُلَّ شَيْءٍ مِنْهُ.
(غَيْلان بْن سَلَمَةَ الثقفي)
[2] له صُحبة ورواية، وهو الَّذِي أسلم وتحته عَشْرُ نِسْوة [3] .
وكان شاعرًا محسنًا.
وفَدّ قبل الإسلام على كِسْرى فسأله أن يبني له حصنًا بالطائف [4] .
أسلم زمن الفتح.
روى عنه ابنه عُرْوَة، وبِشْر بْن عاصم.
(مَعْمَر بْن الحارث)
[5] بْن مَعْمَر بْن حبيب بْن وهْب الجُمَحِيّ، أخو
__________
[1] وردت محرّفة في الأصل.
[2] المغازي للواقدي 924 و 931، تهذيب سيرة ابن هشام 271، المحبّر 35 و 357 و 475، تاريخ الطبري 3/ 81 و 6/ 107، فتوح البلدان 579، العقد الفريد 2/ 377 و 379، 380 و 3/ 418، جمهرة أنساب العرب 268، المعجم الكبير 18/ 263، 264، الاستيعاب 3/ 189- 192، ربيع الأبرار 4/ 295، ثمار القلوب 136، مشاهير علماء الأمصار 35 رقم 194، الكامل في التاريخ 3/ 78، أسد الغابة 4/ 172، 173، تهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 49 رقم، البداية والنهاية 7/ 143، الإصابة 3/ 189- 192 رقم 6924.
[3] أخرجه الترمذي في النكاح 2/ 298 رقم 138 باب (31) ما جاء في الرجل يسلم وعنده عشر نسوة. قال: حدّثنا هنّاد، أخبرنا عبدة، عن سعيد بن أبي عروبة، عن معمر، عن الزهري، عن سالم بن عبد الله، عن ابن عمر، أنّ غيلان بن سلمة الثقفي أسلم وله عشر نسوة في الجاهلية، فأسلمن معه. فأمره النبي صلى الله عليه وسلّم أن يتخيّر منهنّ أربعا. هكذا رواه معمر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، وسمعت محمد بن إسماعيل يقول: هذا حديث غير محفوظ، والصحيح ما روى شعيب بن أبي حمزة وغيره، عن الزهري، وحمزة، قال: حدّثت عن محمد بن سويد الثقفي، أنّ غيلان بن سلمة أسلم وعنده عشر نسوة. قال: محمد: وإنّما حديث الزهري عن سالم، عن أبيه: أنّ رجلا من ثقيف طلّق نساءه. فقال له عمر: لتراجعنّ نساءك، أو لأرجمنّ قبرك، كما رجم قبر أبي رغال. والعمل على حديث غيلان بن سلمة عند أصحابنا، منهم الشافعيّ، وأحمد، وإسحاق. وانظر: أسد الغابة 4/ 172، والاستيعاب 3/ 189، 190، والإصابة 3/ 190.
[4] انظر الاغاني 13/ 207.
[5] السير والمغازي 143 و 226، المغازي للواقدي 156، تهذيب سيرة ابن هشام 56، طبقات

(3/293)


حاطب وخطّاب، وأمُّهم قتيلة أخت عثمان بْن مظعون.
أسلم مَعْمَر قبل دخول دار الأرقم، وهاجر، وآخى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُ وبين معاذ بْن عفراء، وشهِدَ بدرًا [1] .
(ميسرة بْن مسروق [2] العبسي [3]
شيخ صالح، يقال: له صحبة شهِدَ اليرموك.
وروى عَنْ أبي عبيدة.
وعنه أسلم مولى عُمَر.
ودخل الروم أميرًا على ستّة آلاف، فوغل فيها وقُتِل وسَبَى وغنِمَ فجمعت له الروم، وذلك في سنة عشرين، فواقعهم ونصره الله عليهم، وكانت وقعة عظيمة [4] .
الهُرْمُزان صاحب تُسْتَر
قد مرَ من شأنه في سنة عشرين، وهو من جُمْلَةِ الملوك الذين تحت يد يزْدجِرْد.
قَالَ ابن سعد: بعثه أَبُو موسى الأشعريّ إلى عُمَر ومعه اثنا عشر نفْسًا من العجم، عليهم ثياب الدّيباج ومناطق الذهب وأساورة الذهب، فقدموا بهم المدينة، فعجب النَّاس من هيئتهم، فدخلوا فوجدوا عمر في المسجد
__________
[ () ] ابن سعد 3/ 402، طبقات خليفة 25، المحبّر 74 و 401، أنساب الأشراف 1/ 213، الاستيعاب 3/ 440، أسد الغابة 4/ 399، 400، البداية والنهاية 7/ 143، الإصابة 3/ 448 رقم 8145.
[1] طبقات ابن سعد 3/ 402.
[2] فتوح الشام للأزدي 16 و 128 و 129 و 132 و 135 و 148 و 149 و 155 و 172 و 193 و 199 و 237، تاريخ الطبري 4/ 112، فتوح البلدان 194 و 204، الكامل في التاريخ 2/ 496 و 568، أسد الغابة 4/ 426، 427، البداية والنهاية 7/ 143، الإصابة 3/ 469، 470 رقم 8381.
[3] في طبعة القدسي 3/ 171 «العنسيّ» وهو تصحيف، والتصويب من مصادر ترجمته.
[4] فتوح البلدان 1/ 194، تاريخ الطبري 4/ 112.

(3/294)


نائمًا متوسدًا رداءه، فَقَالَ الهرْمُزان: هذا ملِكُكُم؟ قالوا: نعم، قَالَ: أما له حاجب ولا حارس؟! قالوا: الله حارسه حتّى يأتيه أجلُه، قَالَ: هذا الملك الهَنّي.
فَقَالَ عُمَر: الحمد للَّه الَّذِي أذلّ هذا وشيعته بالإسلام، ثُمَّ قال للوفد:
تكلّموا، فقال أَنْس بْن مالك: الحمد للَّه الَّذِي أنجز وعده وأعزّ دينه وخذل من حادَّه، وأورثَنَا أرضَهم وديارهم، وأفاء علينا أبناءهم وأموالهم، فبكى عُمَر ثُمَّ قَالَ للهرمُزَان: كيف رأيت صنيع الله بكم؟ فلم يُجْبه، قَالَ: مالك لَا تتكلم؟ قَالَ: أَكَلامُ حيٍّ أم كلام ميتٍ؟ قَالَ: أوَلَسْت حيًّا! فاستسقى الهُرْمُزان، فَقَالَ عُمَر: لَا يُجْمَع عليك القتْلُ وَالْعَطَشُ، فأتوه بماءٍ فأمسكه، فَقَالَ عُمَر: اشربْ لَا بأس عليك، فرمى بالإناء وَقَالَ: يا معشر العرب كنتم وأنتم على غير دينٍ نستعبدكم [1] ونقتلكم وكنتم أسوأ الأمم عندنا حالًا، فلمّا كان الله معكم لم يكن لأحدٍ باللَّه طاقة، فأمر عمر بقتله، فقال: أو لم تؤمِّنّي! قَالَ: وكيف؟ قَالَ: قلت لي: تكلّم لَا بأس عليك، وقلت: وقلت:
اشرب لَا أقتلك حتى تشربه، فَقَالَ الزُّبَيْر وأنس: صدق، فَقَالَ عُمَر: قاتله الله أخذ أمانًا وأنا لَا أشعر، فنزع مَا كان عليه، فَقَالَ عُمَر لسُراقة بْن مالك بْن جَعْشم وكان أسود نحيفًا: البس سِوَارَيِ الهُرْمزان، فلبسهما ولبس كِسْوَتَه.
فَقَالَ عُمَر: الحمد للَّه الَّذِي سلب كِسْرَى وقومَهُ حُلِيَّهم وكِسْوَتهم وألبسها سُراقة، ثمّ دعا الهُرْمزان إلى الإسلام فأبى، فَقَالَ عليّ بْن أبي طالب: يا أمير المؤمنين فرِّق بين هؤلاء، فحمل عُمَر الهُرْمُزانَ وجُفَيْنَةَ وغيرهما في البحر وَقَالَ: اللَّهمّ اكسرْ بهم، وأراد أن يسير بهم إلى الشام فكُسِرَ بهم ولم يغرقوا فرجعوا فأسلموا، وفرض لهم عُمَر ألفين ألفين، وسمّى الهرمزان عرفطة. [2] .
__________
[1] في الأصل وغيره من النّسخ (نتعبّدكم) ، وفي الإصابة: (نستعبدكم) .
[2] انظر: تاريخ الطبري 4/ 87، 88، تهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 135، 136.

(3/295)


قَالَ المِسْوَر بْن مَخْرَمَة: رأيت الهُرْمزان بالرَّوحاء مُهِلًّا بالحجّ مع عُمَر.
[وَرَوَى إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: رَأَيْتُ الْهُرْمُزَانَ مُهِلًّا بِالْحَجِّ مَعَ عُمَرَ، وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ حِبَرَةٌ] [1] .
وَقَالَ عليّ بْن زيد بْن جَدْعان، عَنْ أَنْس قَالَ: مَا رأيت رجلًا أخمص بطنًا ولا أبعد مَا بين المنكبين من الهُرْمُزان.
عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيّ: أَخْبَرَنِي سَعِيد بْن الْمُسَيِّبِ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ- وَلَمْ تُجَرَّبْ عَلَيْهِ كَذْبَةٌ قَطُّ- قَالَ: انْتَهَيْتُ إِلَى الْهُرْمُزَانِ وَجُفَيْنَةَ وَأَبِي لُؤْلَؤَةَ وَهُمْ نَجِيٌّ فَتَبِعْتُهُمْ، وَسَقَطَ مِنْ بَيْنِهِمْ خِنْجَرٌ لَهُ رَأْسَانِ نِصَابُهُ فِي وَسَطِهِ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَانْظُرُوا بِمَ قُتِلَ عُمَرُ، فَنَظَرُوا فَوَجَدُوهُ خِنْجَرًا عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ، فَخَرَجَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مُشْتَمِلًا عَلَى السَّيْفِ حَتَّى أَتَى الْهُرْمُزَانَ فَقَالَ: اصْحَبْنِي نَنْظُرْ فَرَسًا لِي- وَكَانَ بَصِيرًا بِالْخَيْلِ- فَخَرَجَ يَمْشِي بَيْنَ يَدَيْهِ فَعَلاهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بِالسَّيْفِ، فَلَمَّا وَجَدَ حَدَّ السَّيْفِ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ فَقَتَلَهُ. ثُمَّ أَتَى جُفَيْنَةَ وَكَانَ نَصْرَانِيًّا، فَلَمَّا أَشْرَفَ لَهُ عَلاهُ بِالسَّيْفِ فَصَلَّب بَيْنَ عَيْنَيْهِ [2] . ثُمَّ أَتَى بِنْتَ أَبِي لُؤْلُؤَةَ جَارِيَةً صَغِيرَةً تَدَّعِي الإِسْلامَ فَقَتَلَهَا، وَأَظْلَمَتِ الأَرْضُ يَوْمَئِذٍ عَلَى أَهْلِهَا، ثُمَّ أَقْبَلَ بِالسَّيْفِ صَلْتًا فِي يَدِهِ وَهُوَ يَقُولُ: وَاللَّهِ لَا أَتْرُكُ فِي المدينة سبيا إلّا قتلته وغيرهم، كأنّه يُعَرِّضُ بِنَاسٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، فَجَعَلُوا يَقُولُونَ لَهُ: أَلْقِ السَّيْفَ، فَأَبَى، وَيَهَابُونَهُ أَنْ يَقْرَبُوا مِنْهُ، حَتَّى أَتَاهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فَقَالَ: أَعْطِنِي السّيف يا بن أَخِي. فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ. ثُمَّ ثَارَ إِلَيْهِ عُثْمَانُ فَأَخَذَ بِرَأْسِهِ فَتَنَاصَيَا [3] حَتَّى حَجَزَ النَّاسَ بَيْنَهُمَا. فَلَمَّا وُلِّيَ عُثْمَانُ قَالَ: أَشِيرُوا عَلَيَّ فِي هذا الذي فتق في الإسلام ما فتق، فَأَشَارَ الْمُهَاجِرُونَ بِقَتْلِهِ، وَقَالَ جَمَاعَةُ النَّاسِ: قُتِلَ عمر
__________
[1] ما بين الحاصرتين ساقط من نسخة دار الكتب.
[2] تاريخ الطبري 4/ 240.
[3] أي تؤاخذا بالنواصي.

(3/296)


بِالأَمْسِ وَيُتْبِعُونَهُ ابْنَهُ الْيَوْمَ! أَبْعَدَ اللَّهُ الهُرْمُزان وجُفَيْنَة، فَقَالَ عَمْرٌو: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْفَاكَ أَنْ يَكُونَ هَذَا الأَمْرَ فِي وِلايَتِكَ فَاصْفَحْ عَنْهُ، فَتَفَرَّقَ النَّاسُ عَلَى قَوْلِ عَمْرٍو، وَوَدَى عُثْمَانُ الرَّجُلَيْنِ وَالْجَارِيَةَ.
رَوَاهُ ابْنُ سَعْدٍ [1] عَنِ الْوَاقِدِيِّ عَنْ مَعْمَرٍ، وَزَادَ فِيهِ: كَانَ جُفَيْنَةُ مِنْ نَصَارَى الْحِيرَةِ وَكَانَ ظِئْرًا لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ يُعَلِّمُ النَّاسَ الْخَطَّ بِالْمَدِينَةِ، وَقَالَ فِيهِ: وَمَا أََحْسَبُ عَمْرًا كَانَ يَوْمَئِذٍ بِالْمَدِينَةِ بَلْ بِمِصْرَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ حَجَّ، قَالَ: وَأَظْلمت الأَرْضُ [2] فَعَظُمَ ذَلِكَ فِي النُّفُوسِ وَأَشْفَقُوا أَنْ تَكُونَ عُقُوبَة.
وعن أبي وجزة [3] ، عَنْ أبيه قَالَ: رأيت عُبَيْد الله يَوْمَئِذٍ وإنه لَيُناصي عثمانَ، وعثمان يَقُولُ له: قاتلك الله قتلت رجلًا يصلي وصبية صغيرةً وآخرَ له ذمة، مَا في الحق تركُكَ [4] . وبقي عُبَيْد الله بْن عُمَر وقُتِل يوم صِفّين مع معاوية.
مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: أَخْبَرَنِي حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ أَبَاهُ قَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ حَفْصَةَ إِنْ كَانَتْ لَمَنْ شَيَّعَ عُبَيْدَ اللَّهِ عَلَى قَتْلِ الْهُرْمُزَانِ وَجُفَيْنَةَ [5] .
قَالَ مَعْمَر: بَلَغَنَا أنّ عثمان [6] قَالَ: أنا وليّ الهُرْمُزان وجُفَيْنة والجارية، وإني قد جعلتها دِيَة.
وذكر محمد بْن جرير الطبريّ بإسنادٍ له أنّ عثمان أقاد ولد الهُرمُزان من
__________
[1] في الطبقات الكبرى 3/ 355، 356.
[2] في «المنتقى» نسخة أحمد الثالث «المدينة» بدل «الأرض» .
[3] في الأصل مهملة.
[4] طبقات ابن سعد 3/ 357.
[5] هكذا في الأصل، وفي طبقات ابن سعد «شجّع» .
[6] ابن سعد 3/ 356.

(3/297)


عُبَيْد الله، فعفا وَلَدُ الهُرْمُزان عنه [1] .
(هند بنت عتبة)
[2] بن ربيعة بن عبد شمس العَبْشَمِيّة أُمّ معاوية بْن أبي سُفيان. أسلمت يوم الفتح وشهِدَت اليرموك. وهي القائلة للنّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَبَا سُفْيَان رَجُلٌ شَحِيحٌ لَا يُعطيني مَا يَكفيني وولدي، قَالَ: «خذي مَا يكفيكِ وولدَك بالمعروف» [3] .
وكان زوجها قبل أبي سُفْيَان حفص بْن المُغِيرَة عمّ خالد بْن الوليد، وكان من الجاهليّة. وكانت هند من أحسن نساء قريش وأعقلهنّ، ثمّ إنّ أبا
__________
[1] تاريخ الطبري 4/ 239- 243.
[2] السير والمغازي لابن إسحاق 228 و 323 و 327 و 333، المغازي للواقدي 29 و 66 و 68 و 69 و 71 و 73 و 100 و 148، تهذيب سيرة ابن هشام 157 و 160 و 162 و 166 و 254، طبقات ابن سعد 8/ 235- 237، البرصان والعرجان للجاحظ 53، أخبار مكة 1/ 123 و 2/ 272، تاريخ خليفة 68 و 203، المحبّر 19 و 105 و 408 و 437، المعارف 72 و 344، عيون الأخبار 1/ 224 و 283 و 4/ 101، تاريخ الطبري 2/ 469 و 501 و 502 و 512 و 513 و 524 و 525 و 3/ 60، 61 و 4/ 221 و 5/ 214 و 328 و 333، أنساب الأشراف 1/ 122 و 135 و 230 و 312 و 318 و 322 و 355 و 357 و 360 و 441 و 475 ق 3/ 286 و 287 و 292 و 393، ق 4 ج 1/ 6- 9، 11 و 35 و 39، 40 و 44 و 61 و 69 و 73 و 82 و 106 و 111 و 150 و 204 و 264 و 601، فتوح البلدان 160، جمهرة أنساب العرب 76 و 111 العقد الفريد 1/ 49 و 53 و 2/ 105 و 114 و 287 و 3/ 14 و 4/ 16 و 17 و 19 و 362 و 365 و 6/ 86، 87، 88، 89، الاستيعاب 4/ 424- 427، ثمار القلوب 297، 298، المعجم الكبير للطبراني 25/ 69- 73، الكامل في التاريخ 2/ 87 و 149 و 153 و 159 و 246 و 251- 253 و 489 و 3/ 62 و 441 أسد الغابة 5/ 562، 563، التذكرة الحمدونية 1/ 378 و 2/ 36 و 37 و 475، تهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 357 رقم 764، الإصابة 4/ 425، 426 رقم 1103، شفاء الغرام 2/ 448، تاريخ دمشق (النساء) 437- 459.
[3] أخرجه البخاري في البيوع 3/ 36 باب من أجرى أمر الأمصار على ما يتعارفون بينهم في البيوع والإجارة والمكيال والوزن ... ، وفي الأحكام 8/ 115، 116 باب القضاء على الغائب، ومسلم في الأقضية (1714) باب قضية هند، وأبو داود في البيوع (3532) باب في الرجل يأخذ حقه من تحت يده، والنسائي في آداب القضاة 8/ 246، 247 باب قضاء الحاكم على الغائب إذا عرفه، والدارميّ في النكاح، باب 54، وأحمد في المسند 6/ 39 و 50 و 206، وابن سعد 8/ 237.

(3/298)


سُفيان طلّقها في آخر الأمر، فاستقرضت من عُمَر من بيت المال أربعة آلاف دِرْهَم، فخرجت إلى بلاد كلب فاشترت وباعت. وأتت ابنَها معاوية وهو أميرٌ على الشام لعمر فَقَالَتْ: أي بُنَيّ إنّه عمر وإنّما يعمل الله [1] .
ولها شعْر جيّدٌ [2] .
(واقد بْن عبد الله)
[3] بْن عبد مَنَاف بْن عزيز الحنظليّ اليربوعيّ حليف بني عدِيّ، من السّابقين الأوَّلِين.
أسلم قبل دار الأرقم، وشهد بدْرًا والمشاهد كلها، وآخى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُ وبين بِشْر بْن البراء بْن مَعْرُور، وكان واقد في سَرِيَّةِ عبد الله بْن جحش إلى نخلة فقتل واقد عمرو بْن الحَضْرَميّ، فكانا أول قاتل ومقتولٍ في الإسلام. وتُوُفيّ واقد في خلافة عُمَر [4] .
(أَبُو خِراش الهُذَليّ الشاعر)
[5] اسمه خُوَيْلِد بْن مُرَّة، من بني قرد بن
__________
[1] تاريخ دمشق (تراجم النساء) 457.
[2] انظر شعرها في تاريخ دمشق (تراجم النساء) .
[3] طبقات خليفة 23، المغازي للواقدي 14 و 16 و 19 و 140 و 156، تهذيب سيرة ابن هشام 56 و 134، المحبّر 73، تاريخ الطبري 2/ 412، 414 و 420 و 421، أنساب الأشراف 1/ 302 و 372، جمهرة أنساب العرب 224، الاستيعاب 3/ 638، 369، أسد الغابة 5/ 80، الكامل في التاريخ 2/ 114 و 3/ 78، البداية والنهاية 7/ 143، 144، الإصابة 3/ 628 رقم 9097، تعجيل المنفعة 435، 436 رقم 1149.
[4] الاستيعاب 3/ 638، 639، تعجيل المنفعة 435، 436.
[5] طبقات خليفة 52، الأخبار الموفقيّات 162 و 386، البرصان والعرجان 139 و 224، المعارف 618، الشعر والشعراء 554، 555، الكامل في الأدب للمبرّد 2/ 50 و 182، أمالي القالي 1/ 271، تاريخ الطبري 1/ 617، شرح ديوان الحماسة للتبريزي 2/ 143- 145، شرح أشعار هذيل للسكري 3/ 1189- 1245، ديوان الهذليين 2/ 116- 172 طبعة دار الكتب، جمهرة أنساب العرب 198، الاستيعاب 4/ 56- 58، ثمار القلوب 373 و 424، زهر الآداب 2/ 739- 741، شعر الهذليين 361- 380، الأغاني 21/ 205- 228، أمالي المرتضى 1/ 198، 199، أسد الغابة 5/ 178، 179، الكامل في التاريخ 3/ 78، البداية والنهاية 7/ 144، سمط اللآلئ 1/ 601، الإصابة 1/ 464، 465 رقم 2345، الوافي بالوفيات

(3/299)


عَمْرو الهُذَليّ، وكان أَبُو خِراش ممّن يعدو على قدميه فيسبق الخيل، وكان في الجاهلية من فُتّاك العرب ثُمَّ أسلم.
قَالَ ابن عبد البرّ: لم يبق عربيّ بعد حُنَيْن والطّائف إلَّا أسلم، فمنهم من قدِم ومنهم من لم يَقْدَم [1] ، وأسلم أَبُو خِراش وحَسُن إسلامه. وتُوُفيّ في زمن عُمَر، أتاه حُجّاجٌ فمشى إلى الماء ليملأ لهم فَنَهَشَتْه حيَّةٌ، فأقبل مسرِعًا فأعطاهم الماء وشاةً وَقِدْرًا ولم يُعْلِمْهُم بما تمّ له، ثمّ أصبح وهو في الموت، فلم يبرحوا حتى دفنوه.
(أَبُو ليلى المازنيّ)
[2] واسمه عبد الرحمن بْن كعب بْن عمرو، شهِدَ أُحُدًا وما بعدها، وكان أحد البكّاءين الذين نزل فيهم تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلَّا يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ 9: 92 [3] .
أَبُو مِحْجَن الثَّقفيّ [4]
في اسمه أقوال [5] ، قدِم مع وفد ثقيف فأسلم، ولا رواية له، وكان
__________
[13] / 439، 440 رقم 533، خزانة الأدب للبغدادي 1/ 211- 213.
[1] على النبيّ صلى الله عليه وسلّم.
[2] المغازي للواقدي 372 و 381 و 1024 و 1071، تهذيب سيرة ابن هشام 287، المحبّر 281، تاريخ الطبري 3/ 102 و 248 و 250 و 261 و 4/ 98، جمهرة أنساب العرب 352، الاستيعاب 2/ 398، 399، أسد الغابة 5/ 287، البداية والنهاية 7/ 144، الكامل في التاريخ 2/ 277 و 3/ 80، الإصابة 2/ 420 رقم 5189.
[3] سورة التوبة- الآية 92.
[4] المغازي للواقدي 926 و 930 و 931 و 932 و 935 و 955، تهذيب سيرة ابن هشام 276، تاريخ خليفة 124، تاريخ الطبري 3/ 89 و 241 و 460 و 531 و 548 و 549 و 573 و 575 و 597 و 4/ 38، فتوح البلدان 8- 30 و 309 و 316 و 317 و 317 و 319، جمهرة أنساب العرب 268، الاستيعاب 4/ 182- 187، الكنى والأسماء للدولابي 1/ 52، الخراج وصناعة الكتابة 359 و 360، أسد الغابة 5/ 290- 292، الكامل في التاريخ 2/ 341 و 439 و 441 و 470 و 475 و 476 و 489 و 526 و 4/ 107، الإصابة 4/ 173- 175، طبقات ابن سعد 5/ 515، الأغاني 19/ 1- 13، الشعر والشعراء 336، 337، المؤتلف 95، خزانة الأدب 3/ 550، طبقات ابن سلام 225، ديوان أبي محجن- طبعة القاهرة؟.
[5] قيل: عمرو بن حبيب بن عمرو بن عمير بن عوف بن عقدة بن غيرة بن عوف بن ثقيف

(3/300)


فارسَ ثقيف في زمانه إلَّا أنّه كان يُدْمن الخمر زمانًا، وكان أَبُو بكر يستعين به، وقد جُلِد مرارًا، حتّى إنّ عُمَر نفاه إلى جزيرة، فهرب ولحق بسعد بْن أبي وقاص بالقادسية، فكتب عُمَر إلى سعد فحبَسَه. فلمّا كان يوم قسّ النّاطف [1] والتحتم القتال سأل أَبُو مِحْجَن من امرأة سعدٍ أنْ تحلّ قَيْدَه وتُعْطِيَه فَرَسًا لسعد، وعاهدها إنْ سَلِم أن يعود إلى القَيْد، فحلَّته وأعطته فرسًا فقاتل وأبلى بلاءً جميلًا ثُمَّ عاد إلى قيده.
قَالَ ابن جُريْج: بلغني أنّه حُدَّ في الخمر سبع مرّات.
وَقَالَ أيوب، عَنِ ابن سِيرين قَالَ: كان أَبُو مِحْجن لَا يزال يُجْلَدُ في الخمر، فلمّا أكثر سجنوه، فلمّا كان يوم القادسية رآهم فكلَّم أم ولد سعد فأطلقته وأعطته فرسًا وسلاحًا، فجعل لَا يزال يحمل على رجل فيقتله ويدقّ صُلْبَه، فنظر إليه سعد فبقي يتعجّب ويقول: من الفارس؟ فلم يلبثوا أنْ هزمهم ورجع أَبُو مِحْجَن وتقيّد، فجاء سعد وجعل يخبر المرأة ويقول: لقينا ولقينا، حتى بعث الله رجلًا على فَرسٍ أبلق لولا أني تركت أبا محجن في القيود لظننت أنّها بعض شمائله، قالت: والله إنّه لأبو مِحْجَن، وحكت له، فدعا به وحلّ قيوده وَقَالَ: لَا نجلدك على خمرٍ أبدًا، فَقَالَ: وأنا والله لَا أشربها أبدًا، كنت آنف أنْ أدعها لجلدكم، فلم يشربها بعد [2] .
__________
[ () ] الثقفي، وقيل: مالك بن حبيب، وقيل: عبد الله بن حبيب، وقيل: اسمه كنيته.
[1] في نسخة دار الكتب «الطائف» وهو تحريف. وهو يوم «أرماث» . وفي معجم البلدان 1/ 211 أرماث كأنّه جمع رمث. اسم نبت بالبادية. كان أول يوم من أيام القادسيّة يسمّونه يوم أرماث وذلك في أيام عمر بن الخطاب وإمارة سعد بن أبي وقّاص. وفي المعجم أيضا 4/ 97 «قسّ الناطف» : موضع قريب من الكوفة على شاطئ الفرات الشرقي كانت به وقعة بين الفرس والمسلمين في سنة 13 هـ-. في خلافة عمر بن الخطاب، وأمير المسلمين أبو عبيد بن مسعود بن عمرو، ويعرف هذا اليوم بيوم الجسر.
[2] تاريخ الطبري 3/ 575، الأغاني 19/ 6- 8، الشعر والشعراء 1/ 336، 337، أسد الغابة 5/ 291.

(3/301)


رَوَى نَحْوَهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْقَادِسِيَّةِ أُتِيَ بِأَبِي مِحْجَنٍ سَكْرَانَ [يَمْشِي بَيْنَ] النَّاسِ يَبْتَغِي عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أُولَئِكَ الرَّهْطِ رَأْيًا وَلا يَطَئُونَ عَقِبَهُ، وَمَالَ النَّاسُ فَقَيَّدَهُ سَعْدٌ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
ونقل أهل الأخبار أنّ أبا مِحْجَن هو القائل:
إذا مِتُّ فادْفِنِّي إلى جنب [1] كرْمَةٍ ... تُرَوِّي عِظامي بعد موتي عُرُوقُها
ولا تَدْفِنّي بالفَلاة فإنّني ... أخاف إذا مَا مِتُّ ألَّا أذُوقُها [2]
فزعم الهيثم بْن عدِيّ أنّه أخبره من رأى قبر أبي مِحْجَن بأذْرَبَيْجَان- أو قَالَ في نواحي جُرْجَان- وقد نبتت عليه كَرْمَةٌ وظلَّلَتْ وأثمرت، فعجِب الرجل وتذكّر شعره [3] .
__________
[1] في الأغاني 19/ 7 «أصل» .
[2] أذوقها: مرفوعة باعتبار «أن» مخفّفة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن أو ضمير متكلّم محذوف، وجملة أذوقها خبر. وانظر: خزانة الأدب 3/ 550 طبعة بولاق.
[3] الأغاني 19/ 13.

(3/302)


سَنَة أرَبَعٍ وَعِشرْين
خلافة عثمان رضي الله عنه
دُفِن عُمَر رضي الله عنه في أوّل المحرَّم، ثمّ جلسوا للشُّورَى: فروي عَنْ عبد الله بن أبي ربيعة أنّ رجلا قَالَ قبل الشُّورَى: إنْ بايعتم لعثمان أطَعْنا، وإنْ بايعتم لعليّ سمِعْنا وعَصيْنا.
وَقَالَ المِسْوَر بْن مَخْرَمَة: جاءني عبد الرحمن بْن عَوْف بعد هجع من الليل فَقَالَ: مَا ذاقت عيناي كثير نومٍ ثلاث ليالٍ فادْع لي عثمان وعليًّا والزُّبَيْر وسعدًا، فدَعَوُتُهم، فجعل يخلو بهم واحدًا واحدًا يأخذ عليه، فلمّا أصبح صلّى صُهَيْب بالنّاس، ثمّ جلس عبد الرحمن فحمد الله وأثني عليه، وَقَالَ في كلامه: إني رأيت النّاس يأبَوْن إلَّا عثمان [1] .
وَقَالَ حُمَيْد بْن عبد الرحمن بْن عوف: أخبرني المِسْوَر إنّ النَّفَر الذين ولَّاهم عُمَر اجتمعوا فتشاوروا فَقَالَ عبد الرحمن: لست بالّذي أُنافِسُكم هذا الأمر ولكنْ إنْ شئتم اخْتَرْتُ لكم منكم، فجعلوا ذلك إلى عبد الرحمن،
__________
[1] أخرجه البخاري في التاريخ الصغير 1/ 50 تحقيق محمود إبراهيم زائد، وابن عساكر (ترجمة عثمان بن عفان) - تحقيق سكينة الشهابي 182، والسيوطي في تاريخ الخلفاء 153.

(3/303)


قال: فو الله مَا رأيت رجلًا بذَّ قومًا أشدّ مَا بذَّهُم حين ولّوه أمْرَهُم، حتّى مَا من رجلٍ من على عبد الرحمن يُشاورونه ويُنَاجُونه تلك الّليالي، لَا يخلو به رجلٌ ذو رأيٍ فيَعْدِل بعثمان أحدًا، وذكر الحديث إلى أنْ قَالَ: فتشهّد وَقَالَ: أمّا بعد يا عليّ فإنّي قد نظرت في النّاس فلم أرهم يَعْدِلُون بعثمانَ فلا تجعلنّ على نفسك سبيلًا، ثمّ أخذ بيد عثمان فَقَالَ: نبايعك على سُنَّةِ الله وسُنَّة رسوله وسُنَّة الخليفتين بعده. فبايعه عبد الرحمن بْن عوف وبايعه المهاجرون والأنصار [1] .
وعن أَنْس قَالَ: أرسل عُمَر إلى أبي طلحة الأنصاري فَقَالَ: كنْ في خمسين مِنَ الأَنْصَار مع هؤلاء النَّفَر أصحاب الشُّورى فإنّهم فيما أحسِب سيجتمعون في بيتٍ، فقُمْ على ذلك الباب بأصحابك فلا تتركْ أحدًا يدخل عليهم ولا تتركهم يمضي اليومُ الثالث حتّى يؤَمِّروا أحدَهم، اللَّهمّ أنت خليفتي عليهم [2] .
وفي زيادات «مُسْنَد أحمد» من حَديث أبي وائل قَالَ: قلتُ لعبد الرحمن بْن عوف: كيف بايعتم عثمان وتركتم عليّا! قَالَ: مَا ذنبي قد بدأت بعليّ فَقُلْتُ: أبايعك على كتاب الله وسُنَّة رسوله وسيرة أبي بكر وعمر، فَقَالَ: فيما استطعت. ثمّ عرضت ذلك على عثمان فَقَالَ: نعم [3] .
وَقَالَ الواقديّ: اجتمعوا على عثمان لليلة بقيت من ذي الحجّة [4] .
ويُرْوَى أنّ عبد الرحمن قَالَ لعثمان خلْوةً: إنْ لم أُبايعْك فمن تشير
__________
[1] أخرجه ابن عساكر في ترجمة عثمان بن عفان (تحقيق سكينة الشهابي) - ص 183.
[2] أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى 3/ 61، 62، وابن عساكر في تاريخ دمشق 187.
[3] تاريخ الخلفاء.
(3) تاريخ الخلفاء 154.
[4] طبقات ابن سعد 3/ 63، تاريخ الطبري 4/ 242.

(3/304)


عليَّ؟ فَقَالَ: عليّ، وقَالَ لعليّ خلْوَةً: إنْ لم أُبايعْك فمن تُشير عليَّ؟
قَالَ: عثمان، ثمّ دعا الزُّبَيْر فَقَالَ: إن لم أُبايعْك فمن تشير عليّ؟ قال:
عليّ أو عثمان، ثُمَّ دعا سعدًا فَقَالَ: من تُشير عليّ فأمّا أنا وأنت فلا نُريدها؟ فَقَالَ: عثمان، ثمّ استشار عبد الرحمن الأعيان فرأي هَوَى أكثرِهم [1] في عثمان [2] .
ثُمَّ نودي: (الصّلاة جامعة) وخرج عبد الرحمن عليه عمامته التي عمَّمه بها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. متقلّدًا سيفه، فصَعِد المنبر ووقف طويلًا يدعو سرًّا، ثُمَّ تكلّم فَقَالَ: أيُّها النّاس إني قد سألتكم سرًّا وجهْرًا على أمانتكم فلم أجدْكم تَعْدِلُون عَنْ أحد هذين الرجُلَيْن: إمّا عليّ وإما عثمان، قم إليّ يا عليّ، فقام فوقف بجنب المنبر فأخذ بيده وَقَالَ: هل أنت مُبَايعِي على كتاب الله وسنة نبيه وفعل أبي بكر وعمر؟ قَالَ: اللَّهُمَّ لَا ولكنْ على جهْدي من ذلك وطاقتي، فَقَالَ: قم يا عثمان، فأخذ بيده في موقف عليّ فَقَالَ:
هل أنت مبايعي على كتاب الله وسنة نبيه وفعل أبي بكر وعمر؟ قَالَ: اللَّهُمَّ نعم، قَالَ فرفع رأسه إلى سقف المسجد ويده في يده ثمّ قَالَ: اللَّهمّ اشهد اللَّهمّ إنّي قد جعلت مَا في رقبتي من ذلك في رقبة عثمان.
فازدحم النَّاس يُبَايِعُون حتّى غَشَوْهُ عند المنبر وأقعدوه على الدَّرَجة الثانية، وقعد عبد الرحمن مقْعَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ المنبر. قَالَ: وتلكّأ عليّ، فَقَالَ عبد الرحمن: فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمن أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً 48: 10 [3] . فرجع عليّ يشقّ النّاس حتّى بايع عثمانَ وهو يقول: خدعة وأيّما خدعة [4] .
__________
[1] في النسخة (ح) : «أكثر الناس» بدل «أكثرهم» .
[2] تاريخ الخلفاء 154.
[3] سورة الفتح، الآية 10.
[4] قال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية 7/ 147: «وما يذكره كثير من المؤرخين كابن جرير

(3/305)


ثُمَّ جلس عثمان في جانب المسجد ودعا بعبيد الله بْن عُمَر بْن الخطاب، وكان محبوسًا في دار سعد، وسعد الَّذِي نزع السيف من يد عُبَيْد الله بعد أن قتل جُفَيْنَةَ والهُرْمُزَان وبنت أبي لؤلؤة، وجعل عُبَيْد الله يَقُولُ: واللهِ لأقتُلَنَّ رجالًا ممّن شرك في دم أبي، يُعَرِّض بالمهاجرين والأنصار، فقام إليه سعد فنزع السيف من يده وجَبَذَه بشَعْره حتى أضجعه وحبسه، فَقَالَ عثمان لجماعة من المهاجرين، أشيروا عليَّ في هذا الَّذِي فَتَق في الإسلام مَا فَتَق، فَقَالَ عليّ: أرى أنْ تقتُلَه، فَقَالَ بعضهم: قُتِل أبوه بالأمس وَيُقْتَلُ هو اليوم، فَقَالَ عمرو بْن العاص: يا أمير المؤمنين إنّ الله قد أعفاك أن يكون هذا الحَدَث [1] ولك على المُسْلِمين سلطان، إنّما تمّ هذا ولا سُلطان لك، قَالَ عثمان: أنا وليُّهم وقد جعلتُها دِيَةً واحْتَمَلْتُها من مالي [2] .
قلت: والهُرْمُزَان هو ملك تُسْتَر، وقد تقدّم إسلامُهُ، قتله عُبيد الله بْن عُمَر لما أُصيب عُمَر، فجاء عمَّار بْن ياسر فدخل على عُمَر فقال: حَدَثَ الْيَوْمَ حَدَثٌ في الإسلام، قَالَ: وما ذاك؟ قَالَ قتل عُبَيْد الله الهُرْمُزَان، قَالَ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ 2: 156 عليَّ به، وسَجَنَه.
قَالَ سعيد بْن المسيب: اجتمع أَبُو لؤلؤة وجُفَيْنة، رجل من الحِيرَة، والهُرْمُزَان، معهم خِنْجَرٌ له طرفان ممْلَكُهُ في وسطه، فجلسوا مجلسا فأثارهم
__________
[ () ] وغيره عن رجال لا يعرفون أنّ عليّا قال لعبد الرحمن خدعتني وإنّك إنّما ولّيته لأنّه صهرك وليشاورك كل يوم في شأنه، وأنه تلكّأ حتى قال له عبد الرحمن: فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ ... 48: 10 إلى غير ذلك من الأخبار المخالفة لما ثبت في الصّحاح فهي مردودة على قائليها وناقليها. والله أعلم.
والمظنون بالصحابة خلاف ما يتوهم كثير من الرافضة وأغبياء القصّاص الذين لا تمييز عندهم بين صحيح الأخبار وضعيفها، ومستقيما وسقيمها، ومبادها وقويمها. والله الموفق للصواب» .
وانظر: تاريخ الطبري 4/ 238، 239.
[1] في الأصل، ح (هذا الحديث) وهو وهم.
[2] طبقات ابن سعد 3/ 355، 356، تاريخ الطبري 4/ 239.

(3/306)


دابّة فوقع الخِنْجَر، فأبصرهم عبد الرحمن بْن أبي بكر، فلمّا طُعِن عُمَر حكى عبد الرحمن شأن الخنجر واجتماعهم وكيفية الخنجر، فنظروا فوجدوا الأمر كذلك، فوثب عُبَيْد الله فقتل الهُرْمُزان، وجُفَيْنَة، ولؤلؤة بنت أبي لؤلؤة، فلما استُخْلِف عثمان قَالَ له عليّ: أقِدْ عُبَيْد الله من الهرمزان، فقال عثمان: ما له وَلِيٌّ غيري، وإني قد عفوت ولكنْ أَدِيَهُ [1] . وَيُرْوَى أنّ الهُرْمُزان لمّا عضَّه السيف قَالَ: لَا إله إلا الله. وأما جُفَيْنَة فكان نصْرَانيًّا، وكان ظئرًا لسعد بْن أبي وقاص أقدمه للمدينة للصُّلح الَّذِي بينه وبينهم وليُعَلّم النّاس الكتابة [2] .
وفيها افتتح أَبُو موسى الأشعري الرّيّ، وكانت قد فُتِحت على يد حُذَيْفَة، وسُويد بْن مُقَرِّن، فانتقضوا [3] .
وفيها أصاب النّاس رُعافٌ كثير، فقيل لها سنة الرُّعَاف، وأصاب عثمانَ رُعَافٌ حتّى تخلّف عَنِ الحج وأوصى. وحجّ بالنّاس عبد الرحمن بن عوف [4] .
__________
[1] ابن سعد 3/ 356، تاريخ الطبري 4/ 239- 243.
[2] تاريخ الطبري 4/ 240.
[3] تاريخ خليفة 157.
[4] تاريخ الطبري 4/ 242 وانظر 249.

(3/307)


الوَفيّاتْ
خ 4
(سُرَاقَةُ بْن مالك)
[1] بْن جُعشُم أَبُو سُفْيَان المُدْلِجيّ. تُوُفيّ في هذه السنة، وكان ينزل قُدَيْدًا، وهو الَّذِي ساخت قوائم فَرَسه [2] . ثُمَّ أسلم وحسُنَ إسلامُهُ، وله حديث في العمرة.
روى عنه جابر بْن عبد الله، وابن عبّاس، وسعيد بن المسيّب [3] ،
__________
[1] المغازي للواقدي 31 و 38 و 39 و 71 و 75 و 135 و 941، تهذيب سيرة ابن هشام 116، 117، 138، طبقات خليفة 34، تاريخ خليفة 157، البرصان والعرجان 77، 78، تاريخ الطبري 2/ 431، المعرفة والتاريخ 1/ 240 و 395 و 2/ 627، الكنى والأسماء 1/ 71 و 73، التاريخ الكبير 208، 209 رقم 2523، أنساب الأشراف 263 و 295، مقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 91 رقم 130، الجرح والتعديل 4/ 308 رقم 1342، مشاهير علماء الأمصار 32 رقم 170، الاستيعاب 2/ 119- 121، ثمار القلوب 66 و 120، جمهرة أنساب العرب 187، المستدرك على الصحيحين 3/ 619، 620، الكامل في التاريخ 3/ 80، تهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 1/ 209، 210، تحفة الأشراف 1/ 268- 270 رقم 179، تهذيب الكمال 1/ 466، الكاشف 1/ 275 رقم 1825، تلخيص المستدرك 3/ 619، 620، مرآة الجنان 1/ 82، الوافي بالوفيات 15/ 130، رقم 185، تهذيب التهذيب 3/ 456 رقم 854، تقريب التهذيب 1/ 284 رقم 60، الإصابة 2/ 19 رقم 3116، الأسامي والكنى للحاكم (مخطوط) دار الكتب المصرية 1/ 255، 256.
[2] وذلك حينما لحق بالنبيّ صلى الله عليه وسلّم وأبي بكر الصّدّيق رضي الله عنه، حين خرجا مهاجرين من مكة إلى المدينة، وقصّته مذكورة في السيرة النبويّة.
[3] إن صحّ أن سراقة مات سنة 24 هـ-. فرواية ابن المسيّب ومن بعده عنه مرسلة.

(3/308)


وطاوس، ومجاهد، وجماعة.
وكان إسلامه بعد غزْوة الطائف، وقيل: تُوُفيّ بعد مَقْتَل عثمان.
وفيها عزل عثمانُ عَنِ الكوفة المُغيرة بْن شُعْبَة وولَّاها سعدَ بْن أبي وقاص [1] .
[بقيّة حوادث السنة]
وفيها غزا الوليد بْن عُقبة أذْرَبَيْجان وأَرْمِينِية لمنع أهلها مَا كانوا صالحوا عليه، فسَبَى وغَنِم ورجع [2] .
وفيها جاشت الروم حتى استمدّ أمراء الشام من عثمان مَدَدًا فأَمَّدهم بثمانية آلافٍ من العراق، فمضوا حتى دخلوا إلى أرض الروم مع أهل الشام. وعلى أهل العراق سَلْمان بْن ربيعة الباهلي، وعلى أهل الشام حبيب بْن مسْلَمَة الفِهْريّ، فشنُّوا الغارات وسبوا وافتتحوا حُصُونًا كثيرة [3] .
وفيها وُلِد عبد الملك بن مروان الخليفة.
__________
[1] تاريخ الطبري 4/ 244.
[2] تاريخ الطبري 4/ 246.
[3] تاريخ الطبري 4/ 247.

(3/309)


سَنَة خَمسْ وَعِشرْين
فيها عزل عثمان سعدًا عَنِ الكوفة واستعمل عليها:
الوليد بْن عقبة بْن أبي مُعَيْط بْن أبي عَمْرو بْن أُميَّة الأُمَويّ، أخو عثمان لأُمّه، كنيته أَبُو وهْب [1] .
له صُحْبة ورواية [2] .
روى عنه أَبُو موسى الهَمذاني، والشعبي.
قَالَ طارق بْن شِهاب: لما قدِم الوليد أميرًا أتاه سعد فَقَالَ: أكِسْتَ بعدي أو استحمقتُ بعدَك؟ قَالَ: مَا كِسْنا ولا حَمِقْتَ ولكنّ القومَ استأثروا عليك بسُلطانهم [3] . وهذا ممّا نقموا على عثمان كوْنه عزل سعْدًا وولّى الوليد بْن عُقْبَة، فذكر حُصَيْن بْن المُنْذِر أنّ الوليد صلّى بهم الفجر أربعا وهو
__________
[1] تاريخ خليفة 157 تاريخ الطبري 4/ 251.
[2] رمزه في الخلاصة «د» .
[3] في الاستيعاب لابن عبد البرّ 3/ 633: «والله ما أدري أكسبت بعدنا أم حمقنا بعدك، فقال:
لا تجزعنّ أبا إسحاق فإنّما هو الملك يتغدّاه قوم ويتعشّاه آخرون. فقال سعد: أراكم والله ستجعلونها ملكا» . وانظر: الكامل في التاريخ 3/ 83.

(3/311)


سَكْران، ثمّ التفت وَقَالَ: أزِيدُكم [1] ! ويقال: فيها سار الجيش من الكوفة عليهم سَلْمان بْن ربيعة إلى بَرْذَعَة، فقتل وسَبَى [2] .
وفيها انتقض أهل الإسكندرية فغزاهم عَمْرو بْن العاص أمير مصر وسَبَاهم، فردّ عثمانُ السَّبْيَ إلى ذِمَّتهم، وكان ملك الروم بعث إليها منويل الخَصِيّ في مراكب فانتقض أهلُها- غير المقوقس- فغزاهم عمرو في ربيع الأول، فافتتحها عَنْوةً غير المدينة [3] فإنّها صُلْح.
وفيها عزل عثمان عَمْرًا عَنْ مصر، واستعمل عليها عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ [4] . والصحيح أنّ ذلك في سنة سبعٍ وعشرين. واستأذن ابُن أبي سَرْح عثمان في غزْو إفريقية فأَذِنَ له [5] .
__________
[1] تاريخ اليعقوبي 2/ 165 وفيه قصّة لا يمكن التسليم بها، ومروج الذهب 2/ 344 وقد علّق القاضي أبو بكر بن العربيّ على هذا الموضوع في كتابه «العواصم من القواصم في تحقيق مواقف الصحابة» ، كما علّق عليه محقّق الكتاب محبّ الدين الخطيب تعليقا مسهبا وافيا دحض فيه هذه الفرية المدسوسة على هذا الصحابيّ الجليل. (الحاشية رقم (2) من الصفحة 69 و 70) .
[2] تاريخ خليفة 158.
[3] في تاريخ خليفة 158 «غير عين شمس» بدل «المدينة» . وانظر: تاريخ اليعقوبي 2/ 164، والطبري 4/ 250.
[4] تاريخ اليعقوبي 2/ 164.
[5] اليعقوب 2/ 165.

(3/312)


ويقال فيها ولد يزيد بْن معاوية [1] .
وحج بالنّاس عثمان رضي الله عنه [2] .
__________
[1] الطبري 4/ 250، الكامل لابن الأثير 3/ 86.
[2] تاريخ خليفة 158، الطبري 4/ 250، ابن الأثير 3/ 86.

(3/313)