تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، ت تدمري

 [المجلد السادس والعشرون (سنة 351- 380) ]
بسم الله الرّحمن الرّحيم
الطبقة السادسة والثلاثون
حوادث سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة
فيها نقلت سنة خمسين وثلاثمائة من حَيث المُغَلات في سنة إحدى وخمسين الخراجية.
وكتب «الصّابي» [1] كتابًا عن «المطيع» [2] في المعنى، فمنه: أنّ السنة الشمسية ثلاثمائة وخمسة وستون يومًا وربع بالتقريب، وأنّ الهلالية ثلاثمائة وأربعة وخمسون يومًا وكسْر، وما زالت الأمم السالفة تكبس زيادات السنين على اختلاف مذاهبها. وفي كتاب الله شهادة بذلك. قال الله تعالى: وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً 18: 25 [3] . فكانت هذه الزيادة بإزاء ذلك.
__________
[1] هو: إبراهيم بن هلال أبو إسحاق الصابيء (313- 384 هـ) . كان نابغة كتّاب جيله غير مدافع، وتقلّد في خلافة المطيع العبّاسي دواوين الرسائل والمظالم، وقلّده معزّ
O الدولة البويهي ديوان رسائله عام 349 هـ. وخدم ولده عزّ الدولة بختيار. وحين ملك «عضد الدولة» بغداد سنة 367 هـ، قبض عليه وصادر أمواله، وفي السجن وضع كتابه «التاجي» في تاريخ بني بويه، وأطلق سراحه صمصام الدولة ابن عضد الدولة سنة 371 هـ. وظل صابئيا حتى مات. (من مصادر ترجمته: الفهرست 199- 200، الإمتاع والمؤانسة 1/ 67، يتيمة الدهر 2/ 242- 312، وفيات الأعيان 1/ 52- 54، معجم الأدباء 2/ 20- 94، النجوم الزاهرة 3/ 324 و 5/ 126، البداية والنهاية 11/ 313، شذرات الذهب 3/ 106- 109، العبر 3/ 24) .
[2] الخليفة العباسي أبو القاسم الفضل بن المقتدر. بويع بالخلافة يوم الخميس 12 جمادى الآخرة سنة 334 هـ. ولقّب «المطيع للَّه» .
[3] قرآن كريم- سورة الكهف- الآية 25.

(26/5)


فأمّا الفُرْس فإنّهم أجروا معاملاتهم على السنة المعتدلة التي شهورها اثني عشر شهرا، وأيامها ثلاثمائة وستون يومًا، ولقّبوا الشهور اثني عشر لقبًا، وسمُّوا الأيام بأسامي، وأفردوا الأيام الخمسة الزائدة وسمّوا المشرقة، وكسبوا الربع في كل مائة وعشرين سنة شهرًا، فلما انقرض مُلكهم بطل ذلك. وذكر كلامًا طويلًا حاصله تعجيل الخراج وحساب أيام الكسر.
قال «ثابت بن سنان» [1] : ودخلت الروم عين زَربه [2] مع الدُّمُسْتُق في مائة وستين ألفًا، وهي في سفح جبل مُطِلٍّ عليها، فصعد بعض جيشه الجبل، ونزل هو على بابها، وأخذوا في نقب الصُّور، فطلبوا الأمان، فأمّنَهُم، وفتحوا له، فدخلها وقدّم جيشًا منهم، ونادى بأن يخرج جميع من في البلد إلى الجامع. فلما أصبح بثّ رجاله- وكانوا ستين ألفًا- فكلّ من وجدوه في منزله قتلوه، فقتلوا عالمًا لا يُحْصَى، وأخذوا جميع ما كان فيها.
وكان من جملة ما أخذوا أربعون ألف رمح. وقطع- لعنه الله- من حوالي البلد أربعين ألف نخلة [3] ، وهدم البيوت وأحرقها. ونادى: مَن كان في الجامع فلْيذْهب حيث شاء، ومن أمسى فيه قُتل، فازدحم الناس في أبوابه، ومات جماعة ومرّوا على وجوههم حُفاةً عُراةً لا يدرون أين يذهبون، فماتوا في الطُّرُقات جوعًا وعطشًا، وأخرب السُّور والجامع، وهدم حولها أربعة وخمسين حصنًا، أخذ منها بالأمان جملة ومنها بالسيف. انتهى قول «ثابت» [4] .
__________
[1] هو: ثابت بن سِنان بن ثابت بن قُرّة الصابيء الحرّاني. كان مختصّا بخدمة الخليفة الراضي (322- 329 هـ-. 934- 940 م) . بارعا بالطبّ، تولّى تدبير المارستان في بغداد، وخدم عددا من الخلفاء بعد الراضي، وتوفي سنة 365 هـ. وضع عدّة كتب في التاريخ، نقل عنها ابن العديم الحلبي في بغية الطلب.
[2] عين زربه: عين زربى: بفتح الزاي، وسكون الراء، وباء موحّدة، وألف مقصورة. بلد بالثغر من نواحي المصّيصة. (معجم البلدان 4/ 177) وضبطها اليافعي بضم الزاي وسكون الراء وفتح الموحّدة. (مرآة الجنان 2/ 346) .
[3] في «تجارب الأمم» لمسكويه- ج 2/ 190: (نحو خمسين ألف نخلة) .
[4] قارن مع: تجارب الأمم لمسكويه- ج 2/ 190 و 191، تكملة تاريخ الطبري للهمداني- ص

(26/6)


ولما عاد إلى بلاده أعاد «سيف الدولة» عينَ زَربه [1] إلى بعض ما كانت، وظنّ أنّ الدُمُسْتق لا يعود إلى البلاد في العام فلم يستعدّ [2] ، فبينا هو غافل وإذا بالدُمُسْتُق قد دَهَمه ونازل حلب ومعه ابن أخت الملك، فخرج إليه وحاربه، والدُمُسْتُق في مائتي ألفٍ بالرَّجَّالة وأهل إحصار، فلم يَقْوَ به سيف الدولة وانهزم في نفر يسير.
وكانت داره بظاهر حلب، فنزلها الدُمُسْتُق وأخذ منها ثلاثمائة وتسعين بدْرَة دراهم، وألفًا وأربع مائة بغْل، ومن السلاح ما لا يُحْصَى، فنهبها ثم أحرقها، وملك رَبَض حلب. وقاتله [3] أهل حلب من وراء السور، فقتلوا جماعة من الروم، فسقطت ثُلمة من السور على جماعة من أهل حلب فقتلتهم، فأَكبّت الروم على تلك الثُلمة، فدافع المسلمون عنها، فلما كان الليل بنوها، ولما أصبحوا صعدوا عليها وكبّروا، فعدل الروم عنها إلى جبل جَوْشَن [4] فنزلوا به، ومضى رَجّالة الشُّرط بحلب إلى بيوت الناس فنهبوها، فقيل لمن على السُّور: الحقوا منازلكم، فنزلوا وأَخْلُوا السُّور، فسوَّرته الروم ونزلوا ففتحوا الأبواب ودخلوها، فوضعوا السيف في الناس حتى كلّوا وملّوا، وسبوا أهلها وأخذوا ما لا يُحصى، وأخربوا الجامع، وأحرقوا ما عجزوا عن حمله، ولم يَنْجُ إلّا من صعد القلعة.
ثم ألحّ ابن أخت الملك في أخذ القلعة، حتى أنه أخذ سيفًا وترسًا وأتى إلى القلعة، ومَسْلَكُها ضيّق لا يحمل أكثر من واحد، فصعد وصعدوا خلفه. وكان في القلعة جماعة من الدَّيْلَم، فتركوه حتى قَرُب من الباب
__________
[ () ] 180، الكامل في التاريخ لابن الأثير- ج 8/ 538 و 539، العيون والحدائق في أخبار الحقائق لمؤرخ مجهول- ج 4 ق 2/ 218 تحقيق نبيلة عبد المنعم داود- بغداد 1973 (حوادث سنة 350 هـ.) ، مرآة الجنان لليافعي 2/ 346، البداية والنهاية لابن كثير 11/ 239.
[1] في الأصل «رزنه» .
[2] في الأصل «يستبعد» .
[3] في الأصل «وقافلة» .
[4] بالفتح ثم السكون وشين معجمة ونون: جبل مطلّ على حلب في غربيّها. (معجم البلدان 2/ 186) .

(26/7)


وأرسلوا عليه حجرًا أهلكه، فانصرف به خواصُّه إلى الدُمُسْتُق، وكان قد أسر من أعيان حلب ألفًا ومائتين فضرب أعناقهم بأسرهم، وردّ إلى أرض الروم ولم يردّ أهل القرى، وقال لهم: ازرعوا فهذا بلدنا، وبعد قليل نعود إليكم [1] .
وفيها كتبت الشيعة ببغداد على أبواب المساجد لعنة معاوية ولعنة من غَصَبَ فاطمةَ حقَّها من فَدَك [2] ، ومَن منع الحَسَن أن يُدفن مع جدّه، ولعنة من نفي أبا ذَرٍّ. ثم إنّ ذلك مُحي في الليل، فأراد مُعِزُّ الدولة إعادته، فأشار عليه الوزير المهلّبي أن يُكتَب مكان ما مُحي: لعن الله الظالمين لآل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصرّحوا بلعنة معاوية فقط [3] .
وفيها أسرت الروم أبا فراس بن سعيد بن حمدان من منبج [4] وكان واليها [5] .
__________
[1] قارن ذلك مع: تجارب الأمم- ج 2/ 192- 194، تكملة تاريخ الطبري 181 و 182، الكامل في التاريخ- ج 8/ 540- 542، مرآة الجنان 2/ 346، البداية والنهاية 11/ 239 و 240، وتاريخ يحيي بن سعيد الأنطاكي (بتحقيقنا) ، وزيدة الحلب 1/ 834- 139.
[2] فدك: بالتحريك، قرية بالحجاز، أفاءها الله على رسوله صلّى الله عليه وسلّم في سنة 7 صلحا، ثم نحلها الرسول صلّى الله عليه وسلّم لابنته فاطمة، وفي هذا رواية طويلة. (انظر: فتوح البلدان للبلاذري- ق 1/ 32- 38، معجم البلدان- ج 4/ 238 و 239) . وانظر: سيرة ابن هشام- ج 3/ 286، 287 (بتحقيقنا) والجزء الأول من تاريخ الإسلام الخاص بالمغازي- ص 422 (بتحقيقنا أيضا) .
[3] المنتظم 7/ 8، الكامل في التاريخ 8/ 542، 543.
[4] منبج: بالفتح ثم السكون وباء موحّدة مكسورة وجيم. مدينة كبيرة واسعة قريبة من حلب.
(معجم البلدان 5/ 205 و 206) .
[5] تكملة تاريخ الطبري 180.

(26/8)


[الوفيات]
وفيها تُوُفّي الوزير أبو محمد الحسن بن محمد بن هارون المُهَلَّبي [1] من بني المهلّب بن أبي صُفْرة. [أقام] [2] في وزارة معزّ الدولة ثلاث عشرة سنة.
وكان فاضلًا شاعرًا فصيحًا نبيلًا سمْحًا جوادا حليمًا ذا مروءة وأناة [3] .
عاش أربعًا وستّين سنة، وصادر معزُّ الدولة أولاده من بعده، ثم استوزر أبا الفضل العبّاس ابن الحسن الشيرازي.
وفيها تُوُفّي المحدّث أبو محمد دَعْلَج [4] بن أحمد بن دَعْلَج السِّجِسْتانيّ [5] المعدّل نزيل بغداد.
والشيخ أبو بكر محمد بن الحسن بن زياد النقّاش [6] المقرئ صاحب التفسير.
وشيخ وقته أبو بكر محمد بن داود الدُّقّي [7] الدّينوري الزاهد نزيل الشام.
__________
[1] ترجمته في: معجم الأدباء 9/ 118، يتيمة الدهر 2/ 202، وفيات الأعيان 2/ 124- 127، المنتظم لابن الجوزي 7/ 9، فوات الوفيات 1/ 256، شذرات الذهب 3/ 9، مرآة الجنان 2/ 347- 349، البداية والنهاية 11/ 241، وأخباره مبثوثة في كتب التواريخ العامّة.
[2] زيادة على الأصل للتوضيح.
[3] في الأصل: «أناوة» .
[4] دعلج: مفتوحة فساكنة مهملتين وفتح لام، وفي موضع آخر بكسر دال. (المغني في أسماء الرجال، للهندي 101) .
[5] ترجمته في: تاريخ بغداد 8/ 387، العبر للذهبي 2/ 291، طبقات الشافعية للسبكي 2/ 222، الرسالة المستطرفة 73، وفيات الأعيان 2/ 271 و 272، البداية والنهاية 11/ 241 و 242، تهذيب تاريخ دمشق 5/ 242، تذكرة الحفاظ 3/ 881 رقم 850، المنتظم 7/ 10 رقم 10، الوافي بالوفيات 14/ 17 رقم 13، معجم الشيوخ لابن جميع الصيداوي 274، رقم 234 (بتحقيقنا) .
[6] ترجمته في: تاريخ بغداد 2/ 201، الفهرست 33، معجم الأدباء 18/ 146، الوافي بالوفيات 2/ 345، تذكرة الحفّاظ 908، غاية النهاية 2/ 119، طبقات السبكي 2/ 148، ميزان الاعتدال 3/ 521، الرسالة المستطرفة 77، وفيات الأعيان 4/ 298.
[7] الدّقّي: بضمّ الدال المهملة والقاف المشدّدة المكسورة. (تاريخ بغداد 5/ 266، الوافي بالوفيات 63 رقم 955) .

(26/9)


[حوادث] سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة
يوم عاشورا. قال ثابت: ألزم معزّ الدولة الناسَ بغلْق الأسواق ومنْع الهّراسين والطبّاخين من الطبيخ، ونصبوا القباب في الأسواق وعلّقوا عليها المُسُوح، وأخرجوا نساءً منشَّرات الشعور مضجّات [1] يلطمن في الشوارع ويُقِمْن المآتمَ على الحسين عليه السلام، وهذا أول يوم نِيح عليه ببغداد [2] .
وفيها قُلِّد القضاءَ بالعراق أبو البِشْر عمر بن أكثم على أن لا يأخذ رِزْقًا، وصُرِف ابن [3] أبي الشوارب [4] .
وفيها قُتل ملك الروم، وصار الدُمُسْتُق هو الملك واسمه نقفور [5] .
وفيها أصاب سيفَ الدولة فالجٌ في يده ورِجْله، وكان دخل الرومَ ووصل إلى قريب، ثم عاد، وكان هبة الله ابن [6] أخيه ناصر الدولة عنده بحلب، ثم إنه قتل رجلًا من أعيان النصارى، وساق إلى أبيه إلى الموصل.
__________
[1] في الأصل «مصحمات» والتصحيح من «تجارب الأمم- حاشية ص 200) .
[2] المنتظم 7/ 15.
[3] في الأصل «بن» .
[4] المنتظم 7/ 16، الكامل 8/ 549، تكملة الطبري 184.
[5] في الأصل «بقفور» . وهو «نقفور فوكاس» تولّى العرش في 16 آب 963 م.
[6] في الأصل «بن» .

(26/11)


وفي ثامن عشر ذي الحجّة عُمل عيد غدير خُم [1] وضُربت الدبادب، وأصبح الناس إلى مقابر [2] قريش للصلاة هناك، وإلى مشهد الشيعة.
قال ثابت بن سنان: وأنفذ بعض بطارقة الأرمن إلى ناصر الدولة بن حمدان رجلين ملتصقين عمرهما خمس وعشرون سنة ومعهما أبوهما، والالتصاق كان في معدة الجنب، ولهما بطنان وسُرَّتان ومَعِدَتان، ويختلف أوقات جوعهما وعطشهما وبَوْلهِما، ولكلّ واحدٍ كتِفان وذِراعان ويَدان وفَخذان وساقان وإحليل [3] وكان أحدهما يميل إلى النساء والآخر إلى المُرْد.
قال القاضي التنوخي: ومات أحدهما وبقي أيامًا فأنْتَنَ، وأخوه حيّ، وجمع ناصر الدولة الأطبّاء على أن يقدروا على فصلهما فلم يمكن، ثم مرض الحيّ من رائحة الميت فمات [4] .
[الوفيات]
وفيها تُوُفِّيت خَوْلَةُ أخت سيف الدولة بحلب، وهي التي رثاها المتنبي بقوله:
يا أخت خير أخٍ يا بنت خير أبِ ... كناية بهما عن أشرف النَّسبِ
__________
[1] موضع آخى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ بن أبي طالب. (انظر: كتاب الإشارات إلى معرفة الزيارات للهروي- ص 89) .
[2] في الأصل «معابر» والتصحيح من تكملة تاريخ الطبري للهمداني- ص 187.
[3] كلمة غير واضحة في الأصل «ولطيل» .
[4] انظر: المنتظم لابن الجوزي 7/ 16 و 17 ودول الإسلام للذهبي 1/ 218 في الهامش، رقم (1) .

(26/12)


[حوادث] سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة
عمل ببغداد يوم عاشورا كعام أوّل إلى الضُّحى، فوقعت فتنة عظيمة بين السنة والرافضة، وجُرح جماعة ونُهب الناس [1] .
وفيها نزل الدُمُسْتُق على المَصِّيصَة في جيش ضخم، فأقام أسبوعًا ونقب السُّور في أماكن، وقاتَلَه أهلُها فضاقت بهم الأسعار، ثمّ رحل عنها بعد أن أهلك الضياع، وإنّما رحل لشدّة الغلاء فإنّ القحط كان بالشام والثغور [2] .
وفيها بعثت القرامطة إلى سيف الدولة يستهدونه حديدا، فاشترى [3] لهم شيئًا كثيرًا منه أبواب الرَّقَّةِ، وحمل إليهم في الفرات، ثم في البرّيّة إلى هجَر [4] .
وفيها خرج مُعِزّ الدولة إلى المَوْصِل غضبانًا على ناصر الدولة، فلما
__________
[1] انظر: تكملة تاريخ الطبري 189، تجارب الأمم 2/ 202، العبر 2/ 296، دول الإسلام 1/ 219، المنتظم 7/ 19، ابن الأثير 8/ 552.
[2] انظر: المنتظم 7/ 19 و 20، البداية والنهاية 11/ 254، تكملة تاريخ الطبري 187، تجارب الأمم 2/ 203.
[3] في الأصل «فيشتريهم» .
[4] «هجر» بالتحريك، مدينة وقاعدة البحرين. (معجم البلدان 5/ 393) .

(26/13)


وصل في الماء إلى بَلَد [1] كان قد لحقه برد [2] شديد، فخلَّف بالموصل جماعة من الأتراك لِحفّظ [3] البلد، وقصد نَصِيبيّن [4] ، فسار ناصر الدولة إلى ميّافارقين [5] ، فساق وراءه طائفة فخرج عن ميّافارقين ولا يُدْرَى أين ذهب، فرجعت الطائفة إلى مُعِزّ الدولة.
ثم جاء ناصر الدولة إلى الموصل واقتتل مع من فيها، فظهر وانتصر، فاستأمن إليه الدَّيْلَم، واستأسر جميع التُرْك، وأخذ حواصل مُعِزّ الدولة ونقله، فسار مُعِزّ الدولة يريد الموصل، وجرت لهم فصول. ثم اصطلحوا، وعاد مُعِزّ الدولة إلى بغداد خائبًا [6] .
وفيها جاء الدُمُسْتُق إلى طَرَسُوس وأهدى هدايا إلى سيف الدولة، فاحتفل وجلس على سرير وعلى رأسه تاج [7] .
وفيها عُمل لسيف الدولة خيمة عظيمة، ارتفاع عمودها خمسون ذراعًا.
[الوَفَيَات]
وفيها توفي بُنْدار بن الحسين الشيرازي الزاهد العارف بأرّجان [8] .
__________
[1] مدينة قديمة على دجلة فوق الموصل. (معجم 1/ 481) .
[2] في الأصل «درب» .
[3] في الأصل «بحفظ» .
[4] نصيبين: بالفتح ثم الكسر ثم ياء علامة الجمع الصحيح. مدينة عامرة من بلاد الجزيرة على جادّة القوافل من الموصل إلى الشام. (معجم البلدان 5/ 288) .
[5] ميّافارقين: بفتح أوله وتشديد ثانيه، ثم فاء، وبعد الألف راء، وقاف مكسورة، وياء، ونون.
أشهر مدينة بديار بكر. (معجم البلدان 5/ 235) .
[6] راجع تكملة تاريخ الطبري 187 و 188، تجارب الأمم 2/ 204- 207، العبر 2/ 296، دول الإسلام 2/ 219، مرآة الجنان 2/ 350، ابن الأثير 8/ 553 و 554، تاريخ الأنطاكي.
[7] راجع ابن الأثير 8/ 555، العبر 2/ 296، تجارب الأمم 2/ 208.
[8] أرجان: بفتح أوّله وتشديد الراء، وجيم وألف ونون. مدينة كبيرة بين حدّ فارس والأهواز.
(معجم البلدان 1/ 143) .

(26/14)


وأبو بكر محمد بن أحمد بن خروف المحدّث بمصر.
والحافظ أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن حمزة الأصبهانيّ بها.
والحافظ أبو عليّ سعيد بن عثمان بن السَكَن البغداديّ بمصر.
والمحدّث أبو القاسم عليّ بن يعقوب بن أبي الغوث الدمشقيّ بها.
وأبو على محمد بن هارون بن شُعيب الأنصاري بدمشق.
وأبو عيسى بكار بن أحمد، أحد القُرَّاء المتقنين ببغداد.

(26/15)


[حوادث] سنة أربع وخمسين وثلاثمائة
فيها عُمل يوم عاشوراء ببغداد مأَتَمُ الحسين كالعامَ الماضي [1] .
وفيها وثبت غلمان سيف الدولة على غلامه نجا الكبير وضربوه بالسيوف، وكان أكبر غلمانه ومُقَدَّم جيشه [2] .
وسار سيف الدولة إلى خِلاط فملكها وكانت لنجا [3] .
وفيها تُوُفِّيت أخت مُعِزّ الدولة ببغداد، فنزل المطيع في طيّارة إلى دار مُعِزّ الدولة يعزّيه، فخرج إليه معزّ الدولة ولم يكلّفه الصعودَ من الطيّارة، وقبّل الأرض مَرات، ورجع الخليفة إلى داره [4] .
وفيها بنى نقفور [5] ملك الروم قَيْساريّة، بناها قريبا من بلاد المسلمين
__________
[1] المنتظم 7/ 23.
[2] انظر: تكملة تاريخ الطبري- ص 189، النجوم الزاهرة 3/ 339، الأعلاق الخطيرة- ج 3 ق 1/ 307 و 308.
[3] خلاط: بكسر أوّله، وآخره طاء مهملة، قصبة أرمينية الوسطى. (معجم البلدان 2/ 380 و 381) .
[4] انظر: البداية والنهاية 11/ 255، المنتظم 7/ 23 و 24، النجوم 3/ 339.
[5] في الأصل «يقفور» .

(26/17)


وسكنها ليغير كلّ وقت، وترك أبناءه بالقسطنطينية، فبعث أهل طَرَسُوس والمَصِّيصة إليه يسألونه أن يقبل منهم حِمْلًا كل سنة، ويُنْفِذ إليهم نائبا له يقيم عندهم، فأجابهم، ثم رأي أنّ أهل البلاد قد ضَعُفوا جدًّا وأنّهم لا ناصر لهم، وأنّهم من القحط قد أكلوا الميتة والكلاب، وأنّه يخرج كل يوم من طرسوس ثلاثمائة جنازة، فبدا له في الإجابة، ثم أحضر رسولهم وقال: مَثَلُكُمْ مِثْل الحّية في الشتاء إذا لحقها البرد ضعُفَتْ وذبلت حتى يظنّ الظانّ أنّها ميّتة، فإذا أخذها إنسان وأحسن إليها ودفّاها انتعشت ولدغته قتلته، وأنا إنْ أترككم حتى تستقيم أحوالكم تأذَّيت بكم، ثم أحرق الكتاب على رأس الرسول فاحترقت لحيته، وقال: قم، ما لهم عندي إلّا السيف. ثم سار بنفسه إلى المَصِّيصة ففتحها بالسيف في رجب، وقتل وسبى وأسر ما لا يُحصَى، ثم سار إلى طَرَسوس فحاصرها، فطلب أهلُها أمانًا، فأعطاهم، ففتحوا له، فدخلها، ولقي أهلَها بالجميل، وأمرهم بالخروج منها وأن يحمل كل واحد من ماله وسلاحه ما أطاق، ففعلوا، وبعث من يَخْفُرُهم إلى أنطاكية، وجعل الجامع إصطَبْلًا لدوابّه، وعمل فيها وفي المَصِّيصة جيشًا يحفظونهما وأمر بتحصينهما. وقيل رجع جماعة من أهل المَصِّيصة إليها وتنصّروا [1] .
وكان السبب في فتح المَصّيصة أنهّم هدموا سُورها بالثقوب، فأشار عليهم رجل بحيث أن يُخْرِجوا الأسارى ليعطف عليهم الملك نقفور [2] ، فأخرجوهم، فعَّرفه الأسارى بعدم الأقوات، وأطمعوه في فتحها، فزحف عليها. ولقد قاتل أهلها في الشوارع حتى أبادوا من الروم أربعة آلاف، ثم غلبوهم بالكثرة وقتلوهم وأخذوا من أعيانهم مائة ضربوا رقابهم بإزاء طرسوس، فأخرج أهل طَرَسُوس مَن عندهم من الأسرى فضربوا أعناقهم على باب البلد، وكانوا ثلاثة آلاف [3] .
__________
[1] في الأصل «تبصّروا» . والتصويب عن المنتظم 7/ 24. وانظر: تكملة تاريخ الطبري 190، زبدة الحلب 1/ 142، 143، الكامل 8/ 560، 561، تجارب الأمم 2/ 211، تاريخ الأنطاكي.
[2] في الأصل «يقفور» .
[3] راجع في هذا: تكملة تاريخ الطبري 190، تجارب الأمم 2/ 210- 212، المنتظم 7/ 24،

(26/18)


وفيها حجّ الركبِ [1] من بغداد.
وفيها تُوُفّي شاعر زمانه أبو الطيّب أحمد بن الحسين الجعفي المتنّبي عن نيّف وخمسين سنة، قُتل بين شيراز وبغداد وأُخِذ ما معه من الذهب [2] .
ومن بقايا سنة أربع اشتدّ الحصار كما ذكرنا على مدينة طَرَسُوس، وتكاثرت عليهم جموع الروم، وضعُفَتْ عزائمهم بأخذ المَصِّيصة وبما هم عليه من القِلّة والغلاء، وعجز سيف الدولة عن نجدتهم، وانقطعت الموادّ عنهم. وطال الحصار وخُذِلوا، فراسلوا نقفور [3] ملك الروم في أن يُسلّموا إليه البلد بالأمان على أنفسهم وأموالهم، واستوثقوا منه بأيمان وشرائط.
ودخل طائفة من وكلاء الروم فاشتروا منهم من البَزّ الفاخر والأواني المخروطة، واشتروا من الروم دوابّ كثيرة تحملهم، لأنه لم يبق عندهم دابّة إلا أكلوها [4] ، وخرجوا بحريمهم وسلاحهم وأموالهم، فوافى فتح [5] الثمليّ من مصر في البحر في مراكب، واتّصل بملك الروم خبرُهُ، فقال لأهل طَرَسوُس:
غدرتم! فقالوا: لا والله لو جاءت جيوش الإسلام كلها، فبعث إلى الثمليّ: يا
__________
[ () ] ابن الأثير 8/ 560 و 561، البداية والنهاية 11/ 254 و 255، العبر 2/ 299، دول الإسلام 1/ 220.
[1] وقد تقلّد إمارة الحاج ونقابة الطالبيين الشريف أبو أحمد الحسين بن موسى الموسوي، والد الرّضى والمرتضى. (انظر: ابن الأثير 8/ 565 و 566، البداية والنهاية 11/ 255) . وفي الأصل وردت العبارة «حجّ الراكب» .
[2] ستأتي ترجمته.
[3] في الأصل «يقفور» .
[4] في الأصل «أكلوه» .
[5] في الأصل «ثج» ، وفي حاشية تجارب الأمم 2/ 222 نقلا عن الذهبي «تبح» ، وما أثبتناه عن:
ماريوس كانار في: نخب تاريخية وأديبة جامعة لأخبار الأمير سيف الدولة الحمداني- ص 186- طبعة الجزائر 1921، وتاريخ الأنطاكي (بتحقيقنا) ، وجاء في زبدة الحلب 1/ 148 «تنج» .

(26/19)


هذا لا تُفْسِد [1] على القوم أمرهم، فانصرف، ثم عمل نقفور [2] دعوة لكبار أهل البلد وخلع عليهم، وأعطاهم جملة وَخَفرهم بجيشه حتى حصّلوا ببغراس [3] ، وحصل منهم خمسة آلاف بأنطاكية، فأكرمهم أهلها. ثم دخلت الروم مدينة طَرَسُوس فأحرقوا المنبر وجعلوا المسجد إِصْطَبْلًا [4] .
وأما سيف الدولة فإنه سار إلى أرْزَن [5] وأرمينية، وحاصر بَدْلِيس [6] وخلاط، وبها أَخَوَا نجا غلامه عَصَيَا عليه، فتملّك المواضع ورَدَّ إلى مَيّافارقين [7] . وعمد [8] أهل أنطاكية وطردوا نائب سيف الدولة عنهم، وقالوا نُداري ببيت المال ملكَ الروم أو ننزح [9] عن أنطاكية فلا مُقام لنا بعد طَرَسُوس، ثمّ إنّهم أَمَّروا عليهم رشيق النَّسَيْمِيّ [10] الذي كان على طَرَسوس، فكاتب ملك الروم على حمل الخراج إليه عن أنطاكية، فتقّرر الأمر على حمل أربعمائة ألف درهم في السنة، وجعل على كل رأس من المسلمين والنصارى ثلاثين درهمًا [11] . والأمر للَّه.
__________
[1] في الأصل «يفسد» .
[2] في الأصل «يقفور» .
[3] بفتح الباء الموحّدة وسكون الغين المعجمة وفي آخرها سين مكان الزاي- مدينة في لحف جبل اللّكام، مطلّة على نواحي طرسوس. (معجم البلدان 1/ 467) وقد وردت في الأصل «سغراش» .
[4] راجع في ذلك: تكملة تاريخ الطبري 190، تجارب الأمم 2/ 211، ابن الأثير 8/ 561، المنتظم 7/ 24، العبر 2/ 299، دول الإسلام 1/ 220، البداية والنهاية 11/ 255.
[5] في الأصل «أررن» والتصويب من تجارب الأمم- الحاشية- ص 212، نخب تاريخية 186.
و «أرزن» : بالفتح ثم السكون وفتح الزاي ونون. مدينة مشهورة قرب خلاط، كانت من أعمر نواحي أرمينية. (معجم البلدان 1/ 150) .
[6] الأعلاق الخطيرة- ج 3 ق 1/ 309.
[7] بدليس: بالفتح ثم السكون وكسر اللام وياء ساكنة وسين مهملة. بلدة من نواحي أرمينية قرب خلاط ذات بساتين كثيرة. (معجم البلدان 1/ 358) .
[8] في الأصل «عمل» ، والتصويب عن تجارب الأمم، ونخب تاريخية.
[9] في الأصل «ينزح» .
[10] انظر عنه: ابن الأثير 8/ 561 و 562، البداية والنهاية 11/ 255، معجم البلدان 4/ 28، تجارب الأمم 214.
[11] ينفرد الذهبي بين المصادر المتوافرة لدينا بهذا النص.

(26/20)


ومن [1] سنة خمس وخمسين وثلاثمائة
قدِم أبو الفوارس محمد بن ناصر الدولة من [2] الأسر إلى ميّافارقين، أخذته أخت الملك لتُفادِي [3] [به] ، فجاء ستة آلاف فنفّذ سيف الدولة أخاها في ثلاثمائة إلى حصن الهَتَّاخ [4] فلما شاهد بعضهم بعضًا سرّح المسلمون أسيرهم [5] في خمسة فوارس، وسرّح الروم أسيرهم [5] أبا [6] الفوارس في خمسة، فالتقيا في وسط الطريق وتعانقا، ثم صار كل واحد إلى أصحابه، فترجّلوا له وقبّلوا الأرض، ثم احتفل سيف الدولة لابن أخيه وعمل الخيل والمماليك والعْدَد التامّة، فمن ذلك مائة مملوك بمناطقهم وسيوفهم وخيولهمَ [7] .
وفيها قُتل رشيق النُّسَيْميّ، ويقال: لم يُقتل بل أصابته هَيْضَة وضعف
__________
[1] استخدم «من» لأنّه سيعود إلى حوادث السنة مرة أخرى.
[2] في الأصل «عن» .
[3] في الأصل «ليفادى» .
[4] بالفتح والتشديد. قلعة حصينة في ديار بكر قرب ميّافارقين. (معجم البلدان 5/ 392) .
[5] في الأصل «أسرهم» .
[6] في الأصل «أمّا» .
[7] انظر: تكملة تاريخ الطبري 190 و 191، النجوم الزاهرة 4/ 11.

(26/21)


وتَجَرَّى عليه غلام له فأمسك بعنانه فسقط من الفرس ميتًا وقُطع رأسه وحُمل إلى قرغُوَيْه [1] . وتغلّب على أنطاكية وزير الدَّيْلَمي وحارب قرغُوَيْه [2] .
وطال مقام سيف الدولة بميّافارقين فأنفق في سنة وثلاثة أشهر: نيّفًا وعشرين ألف ألف درهم ومائتين وستين ألف دينار.
وتمّ الفٍداء في رجب، فخلّص من الأسر من بين أمير إلى راجل ثلاثة آلاف ومائتان وسبعون نفسًا. وتقرّر أمر أربعة أعوام. وأرسل أبو القاسم الحسين بن علي المغربي لتقرير ذلك ومعه هديّة بعشرة آلاف دينار منها ثلاثمائة مثقال مِسْك، وأنفق سيف الدولة على الفِداء ثلاثمائة ألف دينار. ثم قدم حلب وقدم عزم دِزْبَر [3] صاحب أنطاكية على منازلة حلب، فقصده سيف الدولة ثم حمل عليه، فهرب دِزْبَر [3] ، وقاتل رجّالته أعظم قتال [4] ، وسيف الدولة قد شَهَرَ سيفَه يصيح في الناس، فانتصر وأسر طائفة، وغنِمَ جُنْدُه شيئًا كثيرًا، وردّ إلى حلب وصادر أعيان الأسرى الأنطاكيّين وأخذ خطوطهم بأموال عظيمة. وهرب دِزْبَر [5] الدَّيْلَمي إلى بني كلاب فأسلموه، فوسَّطه سيف الدولة وأحرقه، وقتل وزراءه وأعوانه، وقطع أيدي جماعة، حتى قيل إنّه قتل نحو الخمسة آلاف رجل.
ثم كتب سيف الدولة يبشّر ولَدَه أبا المعالي بنصره على دِزْبَر [5] يقول:
وقد أنجز الله وعده وأعزّ جُنْدَهُ ونصر عبده وأظفر ممن كان استشرى بالشام أمره، وغمر أهله غشمه وظلمه، دزبر [5] الدَّيْلَميّ، ومحمد بن أحمد الأهوازي، وقد استوليا على مدن الشام وكاتبا الديلم من كل صقع، وتجمّع لهما عدد كثير من العرب وخلق من الثغريّين، وجبى الأموال واستغلب بأمر
__________
[1] في الأصل «فرعونة» . وانظر: تجارب الأمم 2/ 214، ابن الأثير 8/ 562.
[2] في الأصل «فرعونه» .
[3] في الأصل «وزير» ، والتصويب من: تجارب الأمم 2/ 214، ابن الأثير 8/ 562.
[4] في الأصل عبارة مضطربة: «فهرب وزير صاحب انطاكية وقاتل وسلمه ورجالته أعظم قتال» .
وقد شطب الناسخ كلمتي (صاحب أنطاكية) .
[5] في الأصل «وزير» .

(26/22)


الفداء مدّة حتى لم يبق بأيدي الكفرة أسير، وللَّه الحمد.
ثم عبرت الفرات ونظرت في التقويم فوجدت الكسوف فتأمّلته على حسب ما أوجبه علم النجوم والمولد فكان نحسًا على أعدائنا، فقصدتهم [1] وهم على مرحلة من حلب بالناعورة، إلى ذكر هزيمتهم، ثم قال: ولا شهدت عسكرًا على كثرة مشاهدتي للحرب استولى على جميع رؤسائه وأتباعه مثْل هؤلاء، ولا غنم من عسكر مثل ما غنم منهم، وقد كنت ناديت بأن من جاء بدِزْبَر [2] والأَهوازي فله كذا وكذا، فتعاقد طوائف على ذلك وجعلوهما وكْدَهُم فأسروهما، وقُيِّدا، إلى أن قال: ولا شكّ عندي في أنّ ما أنفق على الفداء نحو ثلاثمائة ألف دينار، فكّ الله بها ثلاثة آلاف وخمسمائة إنسان.
وفيها جرت بالرِّيّ فتنة هائلة بين ركن الدولة وبين الخُراسانية الغُزاة فقُتل من الفريقين نحو ثلاثة آلاف، وانتهب أهل الرِّيّ من الغزاة ألْفَيْ جملٍ محمَّلةٍ أمتعة، ثم ظفرت الغزاة ودخَلوا الرّيّ وضربوا جوانبها [3] بالنّار، ثم طلب خلق منهم بالموصل، وذهب خلق منهم فوق العشرين ألفا إلى خويّ [4] لو سلماس [5] .
وفيها سار طاغية الروم بجيوشه إلى بلد الشام فعاث وأفسد، وأقام به نحو خمسين يومًا، فبعث سيف الدولة يستنجد أخاه ناصر الدولة يقول: إن نقفور قد عَسْكَرَ بالدَّرب ومنع رسولنا المغربيّ أن يكتب بشيء وقال: لا أجيب سيف الدولة إلّا من أنطاكية، ليذهبْ من الشام فإنّه لنا ويمضي إلى بلده ويهادن
__________
[1] في الأصل «فقصدهم» والتصويب يقتضيه السياق.
[2] في الأصل «بدريز» .
[3] في الأصل «جوابيها» .
[4] خويّ: بلفظ تصغير خوّ. بلد مشهور من أعمال أذربيجان. (معجم البلدان 2/ 408) .
[5] سلماس: بفتح أوّله وثانيه، وآخره سين أخرى. مدينة مشهورة بأذربيجان (معجم البلدان 3/ 238) .

(26/23)


عنه، وإنّ أهل أنطاكية راسلوا نقفور [1] وبذلوا له الطاعة وأن يحملوا إليه مالًا، وإنّه التمس منهم يد يحيى بن زكريا عليهما السلام والكرسيّ، وأن يدخل بيعة أنطاكية ليُصَلِّي فيها ويسير إلى بيت المقدس.
وكان الذي جرّ خروجه وأحنقه إحراق بيعة القدس في هذا العام.
وكان البَتْرَك كتب إلى كافور صاحب مصر يشكو قُصُورَ يده عن استيفاء حقوق البيعة، فكاتب متولّي القدس بالشدّ على يده، فجاءه من الناس ما لم يطق رفعه، فقتلوا البترك وحَرَّقُوا البَيْعَةَ وأخذوا زينتها، فراسل كافورُ طاغية الروم بأن يردّ البَيْعَةَ إلى أفضل ما كانت، فقال: بل أنا أبنيها بالسيف [2] .
وأما ناصر الدولة فكتب إلى أخيه إنْ أحبَّ مسيرَه إليه سار، وإنْ أحبّ حِفْظَه ديارَ بكر سار إليها، وبثّ سراياه، وأصعد سيف الدولة الناس إلى قلعة حلب وشحنها، وانجفل الناس وعَظُم الغضبُ، وأَخْلِيتْ نَصٍيبّين.
ثم نزل عظيم الروم بجيوشه إلى منبج وحرق الربض [3] وخرج إليه أهلها فأقرّهم ولم يؤذِهم. ثم سار إلى وادي بُطْنان [4] .
وسار سيف الدولة متأخّرًا إلى قنسرين، ورجاله والأعراب قد ضيّقوا الخناق على الروم، فلا يتركون لهم علُوفة تخرج إلّا أوقعوا بها، وأخذت الروم أربعة ضياع بما حَوَتْ، فراسل سيفُ الدولة ملكَ الروم وبذل له مالًا يعطيه إيّاه في ثلاثة أقساط، فقال: لا أجيبه إلّا [أن] [5] يُعْطيني نصفَ الشام، فإنّ طريقي إلى ناحية الموصل على الشام، فقال سيف الدولة: والله لا أعطيه ولا حجرًا واحدًا.
ثم جالت الروم بأعمال حلب، وتأخّر سيف الدولة إلى ناحية
__________
[1] في الأصل «يقفور» .
[2] تاريخ الأنطاكي.
[3] في الأصل: «الربضى» .
[4] بطنان: بالضمّ ثم السكون، ونونان بينهما ألف. اسم واد بين منبج وحلب. (معجم البلدان 1/ 447) .
[5] ما بين الحاصرتين أضفناها على الأصل.

(26/24)


شيزر [1] ، وانكبّ [2] العربان في الروم غير مرّة، وكسبوا ما لا يوصف.
ونزل عظيم الروم على أنطاكية فحاصرها ثمانية أيّام ليلًا ونهارًا وبذل الأمان لأهلها، فأبوا، فقال: أنتم كاتبتموني ووعدتموني بالطاعة، فأجابوا: إنّما كاتبنا الملك حيث كان سيف الدولة بأرمينية بعيدًا عنّا، وظننّا أنّه لا حاجة له في البلد، وكان السيف بين أَظْهُرِنا، فلما عاد سيف الدولة لم نُؤْثِر على ضبط أدياننا وبلدنا شيئًا. فناجَزَهُمُ الحربً من جوانبها، فحاربوه أشدّ حربٍ، وكان عسكره مُعْوِزًا من العلوفة.
ثم بعث نائب أنطاكية محمد بن موسى إلى قرغويه [3] متولّي نيابة حلب بتفاصيل الأمور وبثبات الناس على القتال، وأنّا قد قتلنا جملةً من الروم، وأنّ المسلمين قد أثّروا في الروم وتشجعوا ونشطوا للقتال، وأنا ليلي ونهاري في الحرب لا أستقرّ ساعة، وأنّ اللعين قد ترحّل عنّا وترك الجسر.
وفيها أوقع تقي [4] السيفي بسريّة للروم فاصطلموها، ثم خرج الطاغية من الدروب [5] وذهب.
ثم جاء الخبر بأنّ نائب أنطاكية محمد بن موسى الصُّلَحيّ أخذ الأموال التي في الخزائن في أنطاكية مُعَدَّة وخرج بها كأنّه متوجّه إلى سيف الدولة، فدخل بلَدَ الروم مرتدًّا، فقيل: كان عزم على تسليم أنطاكية للملك فلم يُمكن لاجتماع أهل البلد على ضبطه، فخشي أن يُنَمَّ خبرُه إلى سيف الدولة فيتلفه، فهرب بالأموال.
وفيه قدم الغُزاة الخراسانية ميّافارِقين فتلقّاهم أبو المعالي بن سيف الدولة وبالغ في إكرامهم بالأطعمة والعلوفات ورئيسهم أبو بكر محمد بن عيسى.
__________
[1] في الأصل «سرر» . وشيزر: بتقديم الزاي على الراء، وفتح أوّله. قلعة تشتمل على كورة بالشام قرب المعرّة. (معجم البلدان 3/ 383) .
[2] في الأصل «الكب» .
[3] في الأصل «فرعونه» .
[4] في الأصل «تقى» .
[5] في الأصل «الدردب» .

(26/25)


ومن سنة ست وخمسين وثلاثمائة
دخلت الخراسانية فغزوا بلد ابن [1] مَسْلَمَة وخرجوا بالسلامة والغنائم، وتصدّر أهل نَصِيبّين إلى ناصر الدولة بمصادرة العمّال، فأزال ضررهم وردّ إليهم كثيرًا من أموالهم، حتى قيل إنّه قال لهم: قد أبحت لكم دماء من ظلمكم.
وفيها رجع غزاة خُراسان إلى بلادهم، ودخل سيف الدولة إلى حلب ومعه قوم من الخراسانية. ومعهم فيل، فمات الفيل بعد أيام، فاتّهموا أنّ النّصارى سمَّتْهُ.
ومات سيف الدولة في صفر، وبُعِثَ بتابوته إلى عند قبر أمّه [2] . وكان تُقَى [3] مولى سيف الدولة أكبر الأمراء، وكان قد أخذ من أنطاكية مالًا كثيرًا، حتى ضجّ الناس منه، وشكوه إلى قرغُوَيْه الحاجب نائب حلب، فاجتاز بعده عن الشام، فرفق به حتى جاء إلى حلب، ونفّذه مع التابوت المذكور في
__________
[1] في الأصل «بن» .
[2] الأعلاق الخطيرة- ج 3 ق 1/ 315، زبدة الحلب 1/ 151، تاريخ الأنطاكي.
[3] في الأصل «تقا» وفي تاريخ يحيى بن سعيد الأنطاكي- ص 807 «تقى» ، وكذا في نخب تاريخية- ص 273.

(26/27)


سبعمائة فارس وراجل، وقال له: أقِمْ بديار بكر، فإنّها مملكة مفتقرة إلى مثلك.
فأجمع رأي أبي المعالي بن سيف الدولة على المجيء إلى حلب، فلما [وصل] [1] تُقي بالتابوت إلى ميّافارقين [2] ، خرج أبو المعالي منها لتلقّيه، فصَعُب على تُقي، كون القاضي وابن سهل الكاتب وابن حلبة لم يترجّلوا [3] له، فلمّا نزل قبض عليهم، فاضطرب لذلك البلد، فجهّزت والدة أبي المعالي إلى كبار الغلمان ولاطفتهم ففرَّقَتْهم عن تقى، قالوا: ما جئنا لنخرق بابن مولانا ولا لنقاتله، واجتمعوا على مخالفة تُقى، فلما أحسّ بذلك سار في حاشيته إلى ناحية أَرْزن، فلم يمكنه عبور النهر لزيادته، فرجع وتذلّل، فقبض عليه أبو المعالي وقيّده واعتقله بحصن كافا [4] ، وأخذ منه سبعة وعشرين ألف دينار وثلاثمائة ألف درهم كانت معه.
وفيها قبض على الملك ناصر الدولة بن حمدان ولدُهُ تغلب، لأن أخلاقه ساءت، وظلم وعسف وقتل جماعة وشتم أولاده وتزايد أمره، فقبض عليه ابنه بشورة الدولة في جُمادى الأول ونفَّذه إلى قلعة، ورتب له كل ما يحتاج إليه، ووسّع عليه وقال: هذا قد اختلّ مِزاجُه [5] .
وفي رجب دخل أبو المعالي حلب وفرح الناس به.
وفي هذه الأيام نزلت الروم على رعبان [6] ، فسار عسكر حلب للكشف
__________
[1] في الأصل «يقفور» .
[2] قارن بتاريخ ابن سعيد الأنطاكي- بتحقيقنا.
[3] في الأصل «يترجوا» .
[4] هكذا في الأصل، ولعلّه أراد حصن الكاف بسواحل الشام قرب جبلة. (معجم البلدان 4/ 431) .
[5] راجع تجارب الأمم 2/ 238، ابن الأثير 8/ 579، الأعلاق الخطيرة ج 1 ق 3/ 317، زبدة الحلب 1/ 155.
[6] في الأصل «رعيان» ، ورعبان: بفتح أوّله وسكون ثانيه وباء موحّدة، وآخره نون: مدينة بالثغور

(26/28)


عنها، فدخل ملك الروم، ثم سار عسكر حلب فنزلوا على حصن سرجون فافتتحوه بعد أيام بالسيف بعد حرب عظيم، فأخذوا منه ما لا يوصف، وحصل من السبي خمسة آلاف آدميّ، ثم نازلوا حصن سنّ الحمراء، فافتتحوه وسبوا منه نحو الألف، وأسروا ثلاثمائة عِلْج، وأسروا سرجون لعنه الله، وهو الذي كان أسر أبا فراس بن حمدان، فلله الحمد.
وغَزَتِ الْخراسانية مع لؤلؤ الجراحي [1] من أنطاكية إلى ناحية المَصّيصة، فالتقاهم ثلاثة آلاف فارس من الروم، فنصر الله وقتلوا ألفًا من الروم، وأسروا خلقًا، وردّوا بالغنائم إلى أنطاكية، ثم عادوا غزوا فأصلبوا.
وسار نحو ألفي فارس من التُرْك إلى مصر لأنّ كافورًا راسلهم.
ودخل الثغر محمد بن عيسى رئيس الخراسانية ومعه ابن شاكر الطرسوسي، فظفروا وغنموا وردّوا بالغنائم. وتأخّر في الساقة محمد بن عيسى وابن شاكر في نحو ثمانمائة فارس، فدَهَمهُمْ جموع الروم، فقال ابن عيسى: ما أستحل أن أُوَلّيهم الدُّبُرَ بعد أن قربوا. وسار ابن شاكر يكشفهم فإذاهم فيما يقال في ثلاثين ألفًا، فرجع وقال: لا طاقة لك بهؤلاء، فلم يقبل، والتقاهم وقاتلوا أشدّ قتال، وأنكوا في الروم نكاية عظيمة، واستُشْهِد عامّة المسلمين. وبقي محمد بن عيسى في مائة وخمسين فارسًا، فقال له ابن شاكر: لا تُلْقي بيدك إلى التَهْلُكة، فقال له فقيه معه: إن وَلَّيْتَ الدُّبُرَ لحِقُوك وقتلوك وأنت فارَّ، فقاتَلَ حتى قتل أكثر أصحابه، ثم أُسِر محمد بن عيسى، وابن شاكر، ثم ورد الخبر بأن ابن عيسى اشترى نفسه بمائة ألف درهم وبمائة وعشرين عِلْجًا كانوا بأنطاكية، وبرطل فصوص فيروزج، وإنّه بعد ذلك غزا العدوّ وظفر.
__________
[ () ] بين حلب وسميساط قرب الفرات معدودة في العواصم. (معجم البلدان 3/ 51) .
[1] في الأصل «الححراحي» .

(26/29)


[حوادث] سنة سبع وخمسين وثلاثمائة
فيها مات ناصر الدولة، وقُتل أبو فِراس الحارث بن سعيد بن حمدان، وكان قد طمع في تملّك الشام، وجاء إليه خلقٌ من غلمان سيف الدولة، وأطمعوه، فصادر أهل حمص وغيرهم، وقتل قاضيهم أبا عمّار، فأخذ من داره ستمائة ألف درهم، فلما أحسّ بأنّ أبا المعالي بن سيف الدولة يقصده سار فنَزل على بني كلاب، وخلع عليهم وأعطاهم الأموال، ونفَّذ حُرُمَه معهم إلى البّريّة، ثم سار أبو المعالي وقرغوَيه [1] الحاجب إلى سَلَمْيَة [2] ، فاستأمن إلى أبي المعالي جماعة من بني عقيل، وتأخّر أبو فِراس وقال: قد أخْلَيْتُ لهم البلد، ثم سار قرغُوَيْه وأحاط به فقاتل أشدّ قتال، وما زال يقاتل وهم يتبعونه إلى ناحية جبل سنير [3] ، فتقنطر به فرسه بعد العصر، فقتلوه [4] . وله شعر رائق في الدّرر [5] .
__________
[1] في الأصل «مرعونه» .
[2] سلمية: بفتح أوله وثانيه، وسكون الميم، وياء مثنّاة من تحت خفيفة. بليدة في ناحية البرّيّة من أعمال حماة. (معجم البلدان 3/ 240) .
[3] في الأصل «سبير» والصواب: سنير: بفتح أوّله وكسر ثانيه. ثم ياء معجمة باثنتين من تحت.
جبل بين حمص وبعلبكّ على الطريق. (معجم البلدان 3/ 269) .
[4] انظر: ابن الأثير 8/ 588.
[5] كتب فوقها «كذا» ، ولعلّه أراد «يتيمة الدهر» للثعالبي حيث توجد ترجمته وأشعاره- ج 1/ 27- 71، أو أنه أراد «من الدّرر» فكتبها «في» .

(26/31)


ومات الخادم كافور صاحب مصر ورُدَّ أمرُها إلى الملك أبي الفوارس حسين بن علي بن طُغج الإخشيدي، فوقع الخُلْفُ بين الكافورية وبينه، وتحاربوا وعظم البلاء وقُتل بينهم خلق، ثم هزمت الإخشيديةُ الكافوريةَ وطردوهم عن مصر، فصاروا إلى الرملة وفيهم ابن محمد بن رائق، وأبو منخل، وفنّك، وفاتك الهندي، فقدموا على صاحب الرملة الحسن بن عبد الله بن طُغج، فلم يُقْبِل عليهم وقال: لا أحارب برغمتي، ثم ضاق بنفقاتهم، فتوجّهوا إلى دمشق ومتولّيها فاتك الإخشيدي، فتمّ بينهم قتال وبلاء.
وفي ذي القِعدة أقبل عظيم الروم نقفور بجيوشه إلى الشام، فخرج من الدَّرب ونازل أنطاكية، فلم يلتفتوا عليه، فهدّدهم وقال: أرحل وأَخرّب الشام كلّه وأعود إليكم من الساحل. ورحل في اليوم الثالث ونازل مَعَرَّة مَصْرِين [1] ، فأخذها وغدر بهم، وأسر منها أربعة آلاف ومائتي نسمة.
ثم نزل على مَعَرَّة النُّعمان [2] فأحرق جامعها، وكان الناس قد هربوا في كلّ وجهٍ إلى الحصون والبراري والجبال المنيعة.
ثم سار إلى كَفَرْ طاب [3] ، وشَيْزَر، ثم إلى حماة وحمص، فخرج من تبقّى فيها، فأمّنهم ودخلها، فصلّى في البيعة، وأخذ منها رأس يحيى بن زكريا، وأحرق الجامع.
ثم سار إلى عرقة [4] فافتتحها.
__________
[1] معرّة مصرين: بفتح أوّله وسكون ثانيه، وكسر الراء. بليدة وكورة بنواحي حلب ومن أعمالها.
(معجم البلدان 5/ 155) .
[2] معرّة النّعمان: مدينة كبيرة قديمة مشهورة من أعمال حمص بين حلب وحماة. تنسب إلى النعمان بن بشير الصحابي رضي الله عنه. (معجم البلدان 5/ 156) .
[3] كفرطاب: بالطاء المهملة. بلدة بين المعرّة ومدينة حلب في برّيّة. (معجم البلدان 4/ 470) .
[4] عرقة: بكسر أوّله وسكون ثانيه، بلدة في شرقي طرابلس. وهي آخر عمل دمشق، في سفح

(26/32)


ثم سار إلى طرابلس، فأخذ بعضها.
وأقام في الشام أكثر من شهرين ورُبْع، فأرضاه أهل أنطاكية بمال عظيم [1]
__________
[ () ] جبل، بينها وبين البحر نحو ميل. (معجم البلدان 4/ 109) .
[1] راجع تفاصيل هذه الغزوة في: تاريخ يحيى بن سعيد الأنطاكي 815 و 816، نسخة كاراتشوفسكي وفاسيلييف- باريس 1924، والنسخة التي قمنا بتحقيقها- طبعة جرّوس برس- طرابلس 1988، ابن الأثير 8/ 596 و 597، زيدة الحلب من تاريخ حلب لابن العديم 1/ 158، ذيل تجارب الأمم للروذراوري- نشرة آمدروز- ج 3/ 13- مصر 1916، تكملة تاريخ الطبري 1/ 201، البداية والنهاية 11/ 268. وانظر كتابنا: تاريخ طرابلس السياسي والحضاريّ عبر العصور- الطبعة الثانية- ج 1/ 253- 257.

(26/33)


[عود إلى حوادث] سنة خمس وخمسين وثلاثمائة
أقيم المأتم يوم عاشوراء ببغداد على العادة [1] .
وفيها ورد الخبر بأن ركْب الشام ومصر والمغرب أَخِذوا وهلك أكثرهم، ووصل الأقلّ إلى مصر، وتمزّق الناس كلَّ ممزَّق، فلا حول ولا قوة إلّا باللَّه، أخذتهم بنو سُليم، وكان ركبًا عظيمًا يمدّه نحو عشرين ألف، حمل معهم الأمتعة والذهب، فما أخذ لقاضي [2] طَرَسُوس المعروف بالخواتيمي عشرون ألف دينار [3] .
وفيها سار جيش من خراسان بضعة عشر ألفًا إلى غزو الروم، فأتوا الرّيّ [4] ، فبعث إليهم ركن الدولة إقامات كثيرة، فلما كان في يوم من الأيام ركب هؤلاء الغزاة إلى منازل قوّاد ركن الدولة، فقتلوا من وجدوا من الدَّيْلم، ونهبوا دار أبي الفضل بن العميد وزير ركن الدولة، فظفر بهم وقتل منهم نحو ألف وخمسمائة، فانهزموا على طريق أذربَيْجان، ثم قدموا الموصل إلى الشام فغزوا في الروم [5] .
__________
[1] المنتظم 7/ 33.
[2] في الأصل «القاضي» .
[3] انظر: تجارب الأمم 2/ 215، ابن الأثير 8/ 574، مرآة الجنان 2/ 358، البداية والنهاية 11/ 260 و 261، المنتظم 7/ 33.
[4] في الأصل «لري» .
[5] راجع: تجارب الأمم 2/ 222 وما بعدها، المنتظم 7/ 33 و 34، البداية والنهاية 11/ 260، ابن الأثير 8/ 569- 571.

(26/35)


[حوادث] سنة ست وخمسين وثلاثمائة
عملت الرافضة يوم عاشوراء ببغداد وناحت [1] .
وفيها مات مُعِزّ الدولة بن بُوَيْه، وولي إمرة العراق ابنه عزّ الدولة بختيار ابن أحمد بن بُوَيْه [2] .
قال القاسم [3] التنوخي: حدّثني الحسين بن عثمان الفارقي الحنبلي [4] ، قال: كنت بالرملة في سنة خمس وخمسين [5] ، فقدِمَها أبو على القرمطيّ القصير الثياب [6] ، يعني الذي ملك الشام، فقرّبني، فكنت ليلة عنده، فقال بديهًا:
ومَجْدُولَةٍ مثل صدْر القناة ... تَعَرَّتْ وباطنها مكتسي
لها مُقْلَةٌ هي روحٌ لها ... وتاج على هيئة البرنس [7]
__________
[1] المنتظم 7/ 38.
[2] المنتظم 7/ 38.
[3] كذا في الأصل، وفي (نشوار المحاضرة 7/ 106) : «أبو القاسم» ، بدائع البدائه 160.
[4] في «نشوار المحاضرة 7/ 106) : «أنبأنا أبو عبد الله محمد بن عثمان الخرقي الفارقيّ الحنبلي» .
[5] في «نشوار المحاضرة 7/ 106) : «سنة ثلاثمائة وخمس وستين» ، بدائع البدائه 160.
[6] في الأصل «الشاب» والتصحيح من: نشوار المحاضرة وبدائع البدائه.
[7] هكذا في الأصل، وورد هذا الشطر في: نشوار المحاضرة 7/ 107 وبدائع البدائه 161:

(26/37)


إذا غازَلْتهَا الصَّبا حرّكت ... لسانًا من الذَّهب الأملسِ [1]
فنحن من النور في أسعدٍ ... وتلك من النار في أنحسِ [2]
وفي المجلس أبو نصر بن كُشَاجم [3] ، فقبّل الأرض وزاد فيها:
وليلتنا [4] هذه لَيْلَةٌ ... تشاكل أشكال إقليدس
فيا ربّة العود غنّي الغنا ... ويا حامل الكاس لا تنعس [5]
__________
[ () ] «وتاج على الرأس كالبرنس» .
[1] زاد التنوخي وابن ظافر بيتين من الشعر:
وإن رنّقت لنعاس عرا ... وقطّت من الرأس لم تنعس
وتنتج في وقت تلقيحها ... ضياء يجلّي دجى الحندس
[2] زاد التنوخي وابن ظافر الأزدي، بيتا أخيرا:
تكيد الظلام وما كادها ... فتفنى وتفنيه في مجلس
[3] انظر بعض شعره في يتيمة الدهر 1/ 247- 250.
[4] في المتن «ليلة» ، والتصويب عن الحاشية، ونشوار المحاضرة 7/ 107، بدائع البدائه 161.
[5] وورد هذا البيت في نشوار المحاضرة وبدائع البدائه:
فيا ربّه العود غنّي لنا ... ويا حامل الكأس لا تجلس

(26/38)


[حوادث] سنة سبع وخمسين وثلاثمائة
عملت الرافضة يوم عاشورا بالنَّوح وتعليق المُسُوح، وعيّدوا يوم الغدير وبالغوا في الفرح [1] .
ولم يحجّ أحد من الشام ولا مصر [2] .
وفيها كانت فتنة الأمير أبي الحسن محمد بن المستكفي باللَّه عبد الله بن المكتفي باللَّه على ابن المعتضد العبّاسي لما خُلِع أبوه المستكفي وسُمل [3] ، وهرب هو ودخل الشام ومصر وأقام هناك عند كافور الإخشيدي، فلاذ به جماعة وأطمعوه في الأمر وقالوا: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «المهدي من بعدي يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي وَاسْمُ أَبِيهِ اسْمَ أَبِي» [4] وإنْ أنت قدمت بغدادَ بايعك الدَّيْلَم، فتوجّه إلى بغداد ثم دخلها سرًا وبايعه جماعة من الدّيلم في هذه
__________
[1] المنتظم 7/ 43، الكامل 8/ 589.
[2] شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام (بتحقيقنا) - ج 2/ 351.
[3] سمل: قدحت عيناه.
[4] أخرج الترمذيّ نحوه في كتاب الفتن (2331) باب ما جاء في المهديّ (44) من طريق:
سفيان الثوري، عَنْ عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم: «لا تذهب الدنيا حتى يملك العرب رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي» . وفي الباب عن:
عليّ، وأبي سعيد، وأمّ سلمة، وأبي هريرة. وقال الترمذيّ: هذا حسن صحيح.

(26/39)


السنة، فاطَلع الملك عزّ الدولة بختيار ابن معزّ الدولة على ذلك، وكان قد ادّعى أنّ والده نصّبه للخلافة من بعده، فصحبه من أهل بغداد خلق كثير من رؤسائها وأعيانها وبايعوه سرًا، منهم أبو القاسم إسماعيل بن محمد المعروف بزنجي، وترتب له وزيرًا، فقبض عليه عزّ الدولة ثم جدع أنفه وقطع شفته العليا وشحمتي أُذُنيه، وسُجن بدار الخلافة، وكان معه أخوه علي وانّهما هربا من الدار في يوم عيد، واختلطا [1] بالنّاس، ومضيا إلى ما وراء النهر [2] .
وروي المتنبي من شعره، وله شعر وأدب، ومات بخراسان خاملًا.
ووصل ملك الروم- لعنهم الله- إلى حمص وملكوها بالأمان، وخافهم صاحب حلب أبو المعالي بن سيف الدولة، فتأخّر عن حلب إلى بالس [3] وأقام بها الأمير قرغُوَيْه [4] ، ثم ذهب أبو المعالي إلى ميّافارقين لما تفرّق عنه جنده، وصاروا إلى ابن عمّه صاحب الموصل أبي تغلب، فبالغ في إكرامهم، ثم ورد أبو المعالي إلى حلب فلم يُمكَّن من دخولها واستضعفوه، وتشاغل بحبّ جارية، فردّ إلى سَرُوج فلم يفتحوها له، ثم إلى حَرّان فلم يفتحوا له أيضًا، واستنصر بابن عمّه أبي تغلب، فكتب إليه يعرض عليه المقام بنصيبين، ثم صار إلى ميّافارقين في ثلاثمائة فارس وقلّ ما بيده.
ووافت الروم إلى ناحية ميّافارقين وأَرزن يعبثون ويقتلون، وأقاموا ببلد الأسلام خمسة عشر يومًا ورجعوا بما لا يُحصى.
وكان الحجّ في هذا العام صعبًا إلى الغاية لِما لَحِقهم من العطش والقتْل، مات من حجّاج خراسان فوق الخمسة آلاف، وقيل بل ثلاثة آلاف
__________
[1] في الأصل «واختلط» .
[2] انظر: تجارب الأمم 2/ 248 و 249، ابن الأثير 8/ 584.
[3] بالس: بلدة بالشام بين حلب والرّقّة. (معجم البلدان 1/ 328) .
[4] في الأصل: «الأمر فرعونه» .

(26/40)


بالعطش، فلما حصلوا بمكة خرج عليهم الطلحّيون والبكريّون فوضعوا في الحجيج السيف، وأخذوا الركْبَ بما حوى، ولم يحجّ من مصر ولا الشام أحد [1] . وكان حجّاج المغرب خلقًا [2] ، فرجع معهم خلق من التُّجّار فأَخِذوا، فيقال إنّه أَخِذ لتاجرٍ فيها متاع بنحو مائتي ألف دينار، فإنّا للَّه وإنا إليه راجعون.
وفي آخر العام جاءت القرامطة من البّريّة وتوثّبوا على دمشق فملكوها، وساروا إلى الرملة، فالتقاهم الحسن بن عبد الله الإخشيدي فهزموه، ثم قاتلوا أهل الرملة أشدّ قتال، واستباحوها بعد يومين، ثم إنّ أهلها دافعوا عن نفوسهم بمائة وعشرين ألف دينار، وسبوا من أعمال الرملة عشرة آلاف نسمة، وعزموا على قصْد مصر ليملكوها، فجاء العُبَيْدِيّون فأخذوها، وقامت دولة الرفض في الأقاليم: المغرب ومصر والعراق وغير ذلك [3] .
__________
[1] المنتظم 7/ 43، شفاء الغرام 2/ 351 (بتحقيقنا) .
[2] في الأصل «وخلق» .
[3] انظر: الدرة المضيّة 122.

(26/41)


[حوادث] سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة
أقامت الرافضة الشعار الجاهليّ يوم عاشورا ويوم الغدير. [1] وكان ببغداد قَحْط واسعٌ، الكرٌ [2] بتسعين دينارًا.
وأغارت الروم بالشامْ فقتلوا وسبوا، وبدّعوا في حمص، والثغور، وقتلوا خلائق [3] .
وفيها ملك جوهر القائد ديار مصر، وخطب لبني عُبَيد [4] .
وحجّ بالناس من العراق أبو أحمد الموسوي والد المرتضى.
وفيها ولي إمرة دمشق الحسن بن عبد [5] الله بن طُغج الإخشيدي، فأقام
__________
[1] المنتظم 7/ 47، الكامل 8/ 600.
[2] اسم مكيل للقمح.
[3] المنتظم 7/ 47.
[4] المنتظم 7/ 47.
[5] كذا في الأصل، وفي الكامل في التاريخ 8/ 591، البداية والنهاية 11/ 267 أما في: أمراء دمشق في الإسلام للصفدي- ص 27 رقم 90 والنجوم الزاهرة 4/ 21 «عبيد» بالتصغير.

(26/43)


شهرًا ورحل في شعبان، فأستناب بها شمّول الكافوري [1] ، ثم سار إلى الرملة فالتقى العُبَيْديّين في ذي الحجّة بالرملة، فانهزم جيشه وأخذ أسيرًا، وحُمل إلى المغرب إلى المعزّ [2] .
وأمّا ابن سيف الدولة فإنّ جُنْد حلب عَصَوْهُ، فجاء من ميّافارقين ونازل حلب، وبقي القتال عليها مدّة [3] .
واستولى على أنطاكية الرّغيليّ، رجل شاطر [4] ، فجاءت الروم فنزلوا على أنطاكية، وأخذوها في ليلة، وهرب الرُّعيلي من باب البحر هو وخمسة آلاف إنسان، فنجوا إلى الشام، وكان أخْذها في ذي الحجّة، وأَسر أهلها، وقُتِل جماعة من أكابرها [5] .
وفيها جاء القائد جعفر بن فلاح إلى دمشق فحاربه أميرها ابن أبي يعلى الشريف، فانهزم الشريف ثم أسره جعفر وتملّك دمشق [6] .
__________
[1] هكذا في الأصل بالشين المعجمة، وكذلك في الدرّة المضيّة في أخبار الدولة الفاطمية لابن أيبك الدواداريّ- ص 122، أما في النجوم 4/ 21 «سمول» بالسين المهملة، وكان مدبّرا للعساكر. وانظر حول اسمه في: تاريخ الأنطاكي (بتحقيقنا) .
[2] راجع في ذلك: ابن الأثير 8/ 591، الدرّة المضيّة 122 و 123، البداية والنهاية 11/ 267، النجوم الزاهرة 4/ 23، تاريخ الأنطاكي (حوادث 359 هـ.) .
[3] راجع: ابن الأثير 8/ 597 و 598. وزبدة الحلب 1/ 161.
[4] انظر عنه: النجوم الزاهرة 4/ 26 الحاشية رقم (3) عن الشطّار.
[5] البداية والنهاية 11/ 267.
[6] راجع: ابن الأثير 8/ 591 و 592، البداية والنهاية 11/ 266.

(26/44)


[حوادث] سنة تسع وخمسين وثلاثمائة
أقامت الشيعة ببغداد مأتم عاشوراء [1] .
وجاء الخبر في المحرَّم أنّ الروم- لعنهم الله- وردوا مع نقفور [2] ، فأحاطوا بأنطاكية، وملكوها بالأمان فيما أحسب، فأخرجوا أهلها، فأطلعوا العجائز والشيوخ والأطفال وقالوا: أُمْضُوا حيث شئتم. وأخذوا الشباب والصَّبايا والغلمان سبيًا، فكانوا أكثر من عشرين ألفًا [3] .
وكان نقفور [4] قد عتا وتجبّر وقهر البلاد وعظمت هيبته، وتزوّج امرأة الملك الذي قبله على كُرْهٍ منها، وكان لها ولدان، فأراد أن يخصيهما ويهديهما للبيعة ويستريح منهما لئلا يُمَلَّكا، فعلمت زوجته بذلك، فأرسلت إلى الدُّمُسْتُق ليأتي إليها في زيَّ النساء ومعه جماعة في زيّ النساء، فجاءوا وباتوا عندها ليلة الميلاد فقتلوه، وأَجلِس في المُلْك ولدُها الأكبر [5] .
__________
[1] المنتظم 7/ 51.
[2] في الأصل «يقفور» .
[3] انظر: المنتظم 7/ 51، ابن الأثير 8/ 603، البداية والنهاية 11/ 267.
[4] في الأصل «يقفور» .
[5] انظر: المنتظم 7/ 51، دول الإسلام 1/ 222، البداية والنهاية 11/ 267، وتاريخ الأنطاكي.

(26/45)


وفي ذي الحجّة أنقضّ بالعراق كوكب عظيم أضاءت منه الدنيا حتى صار كأنّه شعاع الشمس، وسُمع بعد انقضاضه صوتٌ كالرَّعد الشديد [1] .
وحجّ بالناس من بغداد أبو أحمد النقيب والد المرتضى والرّضي.
__________
[1] انظر: المنتظم 7/ 51 و 52، البداية والنهاية 11/ 267، وتاريخ الأنطاكي.

(26/46)


[حوادث] سنة ستين وثلاثمائة
أقامت الرافضة رسم يوم عاشورا من النّوْح واللَّطم والبكاء وتعليق المُسوح وغلْق الأسواق، وعملوا العيد والفرح يوم الغدير، وهو ثامن عشر ذي الحجّة [1] .
وفي أول صفر لَحِقَ المطيعَ للَّه سَكْنةٌ، آل الأمُر فيها إلى استرخاء جانبه الأيمن وثِقل لسانه [2] .
وفيها تقلّد قضاء القضاة أبو أحمد [3] بن معروف وقبل شهادة أبي سعيد الحسن بن عبد الله السَّيرافي [4] ولاه القضاء على الجانب الشرقيّ من بغداد.
__________
[1] المنتظم 7/ 35.
[2] المنتظم 7/ 53، تكملة تاريخ الطبري 205، مرآة الجنان 2/ 372، النجوم 4/ 57.
[3] كذا في الأصل، وفي المنتظم 7/ 54 «أبو محمد» ، وكذلك في تكملة تاريخ الطبري 208، والعبر للذهبي 3/ 18 وفيه ترجمته، تاريخ بغداد 10/ 369.
[4] ترجمته في: تاريخ بغداد 7/ 341، الأنساب 321 ب، إنباه الرواة 1/ 313، العبر 2/ 347، معجم الأدباء 8/ 145، لسان الميزان 2/ 218، المنتظم 7/ 95، دمية القصر 1/ 507، غاية النهاية 1/ 218، مرآة الجنان 2/ 390، نزهة الألبّاء 211، الكامل في التاريخ 8/ 698، اللّباب 1/ 586، الفهرست 99، وفيات الأعيان 2/ 78، الجواهر المضيّة 1/ 196، البداية

(26/47)


ووثبت العامّة بالمطهَّر بن سليمان، ونسبوه إلى القول بخلق القرآن [1] .
وفي صفر أعلن المؤذّنون بدمشق بحيّ على خير العمل، بأمر جعفر بن فلاح نائب دمشق للمعزّ [2] باللَّه، ولم يجسر أحد على مخالفته. وفي جمادى الآخرة أمرهم بذلك في الإقامة، فتألّم الناس لذلك، فهلك لعامه [3] ، والله أعلم.
__________
[ () ] والنهاية 11/ 294، الوافي بالوفيات 12/ 74 رقم 65، روضات الجنّات 217.
[1] المنتظم 7/ 54.
[2] في الأصل «المعزّ» .
[3] النجوم الزاهرة 4/ 58.

(26/48)


[وفيات هذه الطبقة]
سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة
أحمد بن إبراهيم بن جامع أبو العباس المصري السكّري [1] .
سمع: مقداد بن داود الرعيني، ويحيى بن عثمان بن صالح، وأحمد بن محمد بن رشدين، وعلي بن عبد العزيز البغوي، وجماعة من طبقتهم.
وعنه: ابن مَنْدَه، وأبو محمد بن النحاس، وأحمد بن محمد الحاجّ الإشبيليّ [2] ، ومحمد بن إبراهيم بن غالب التمار، والحسين بن ميمون الصّفّار.
أحمد بن محمد بن خليع البغدادي نزيل مصر.
سمع: بِشْرَ بن موسى الأسديّ، وغيره.
قال الخطيب: كان ثقة مجَّودا.
أحمد بن محمد بن أبي دارم أبو بكر التميمي الكوفي، تُوُفِّي في المحرّم.
سمع: إبراهيم القصّار، وأحمد بن موسى الحمّاد، وموسى بن هارون وخلقا.
__________
[1] في الأصل «البسكري» ، والتصحيح من: العبر 2/ 290، شذرات الذهب 3/ 7.
[2] في الأصل «الأشبلي» .

(26/49)


رافضيّ.
وعنه: الحاكم، وابن مردويه، ويحيى المُزَنيّ، والحيريّ.
أحمد بْن محمد بْن أحمد بْن أَبِي الموْت [1] أبو بكر المكيّ.
سمع: علي بن عبد العزيز، ويوسف بن يزيد القراطيسي، والقاسم بن الليث الرسعني، وأحمد بن زغبة، ومحمد بن على الصايغ.
وعنه: أبو محمد بن النّحّاس، ومحمد بن نظيف، وأبو العباس أحمد بن الحاجّ، وآخرون.
تُوُفّي في ربيع الآخر، وله تسعون سنة بمصر.
أحمد بن محمد بن عبد الله [2] القاضي أبو الحسين النيسابوري الحنفي، قاضي الحَرَمَين وشيخ الحنفية في زمانه.
ولي قضاء الحرمين بضع عشرة سنة، ثم قدم نيسابور وتقلّد قضاءها، وبِها تُوفّي وله سبعون سنة.
تفقّه على: أبي الحسن الْكَرْخِي، وأبي طاهر بن الدّبّاس، وبرع في المذهب، وسمع: أبا خليفة، والحسن بن سفيان، وولي أيضًا قضاء الموصل، وقضاء الرملة.
روي عنه أبو عبد الله الحاكم.
وقال أبو إسحاق الشيرازي [3] : به وبأبي سهل الزجّاجي تفقّه فقهاء نيسابور من أصحاب أبي حنيفة.
__________
[1] العبر 2/ 290، شذرات الذهب 3/ 7، ميزان الاعتدال 1/ 152، سير أعلام النبلاء 16/ 25، العقد الثمين 3/ 128، لسان الميزان 1/ 296، 297.
[2] العبر 2/ 290 و 291، الوافي بالوفيات 8/ 34 رقم 3435، تاج التراجم 15، شذرات الذهب 3/ 7، طبقات الفقهاء 144، سير أعلام النبلاء 16/ 25، 26 رقم 13، العقد الثمين 3/ 145، الجواهر المضية 1/ 284- 288، الفوائد البهيّة 36.
[3] طبقات الفقهاء 144.

(26/50)


وقال الحاكم: سمعت أبا بكر الأبهريّ المالكي شيخ الفقهاء ببغداد بلا مدافعة يقول: ما قدِم علينا من الخراسانيين أفقه من أبي الحسين النيسابوري.
إبراهيم بن علي بن عبد الله الأعلى [1] أبو إسحاق الهُجَيُمي البصري.
تُوُفِّيَ في آخر السنة.
سمع: جعفر بن محمد بن شاكر، وعبد الرحيم بن دنوقا، والحسن بن محمد بن أبي معشر، وعُبَيْد بن عبد الواحد، ومحمد بن يونس، وجماعة.
وعنه: طلحة بن يوسف المؤذّن، وأبو بكر محمد بن الفضل البابَسِيري، وأبو سعيد محمد بن على النقّاش، وجماعة.
وكان معْمرًا من أبناء المائة، وهو مقبول الحديث.
قال الرازي في مشيخته: سمعت عبد الرحيم بن أحمد البخاري يقول:
رأي أبو إسحاق الهُجَيْمي أنّه تعمّم، فدوّر على رأسه مائة وثلاث دورات، فعبّر له أنّه يعيش مائة وثلاث سنين، فلم يحدّث حتى بلغ المائة، ثم حدّث فقرأ القارئ وأراد أن يختبر عقله:
إنّ الجبان حتفه من فوقه ... كالكلب يحمي جلدهُ برَوقِه [2]
فقال الهجيمي: كالثور، فإنّ الكِلب لا روق [3] له، ففرحوا بصحّة عقله.
__________
[1] العبر 2/ 291، الوافي بالوفيات 6/ 57 رقم 2498، النجوم الزاهرة 3/ 334، شذرات الذهب 3/ 8، المنتظم 7/ 23، سير أعلام النبلاء 15/ 525، 526 رقم 302.
[2] البيت لعامر بن فهيرة التيمي، مولى أبي بكر الصّدّيق، رضي الله عنهما، استشهد ببئر معونة، وكان إذا أصابته الحمّى يقول:
إنّي وجدت الموت قبل ذوقه ... إنّ الجبان حتفه من فوقه
كلّ امرئ مجاهد بطوقه ... كالثور يحمي جلده بروقه
(انظر: الموطّأ 2/ 891، والإصابة لابن حجر 4/ 14، 15، وفتح الباري 7/ 263) .
[3] الروق: الكلب.

(26/51)


إسماعيل بن بدر بن إسماعيل بن زياد [1] أبو بكر القرطبي.
سمع: بقيّ بن مَخْلَد، ومحمد بن وضّاح، ومطرّف بن قيس، والخشنيّ، وعبد الله بن مسرّة.
إلّا أنّ صناعة الشعر غلبت عليه وطارت باسمه وكانت به أَلصَق. وطال عمره إلى أن سمع بعض الناس منه وتسهّلوا فيه، ووُلِّي أحكام السوق فحمدوا أمره فيها، وتُوُفّي في هذه السنة، قاله ابن [2] الفرضي [3] .
قلت: هو آخر من روى في الدنيا عن بقيّ.
الحسن بن إسحاق بن يليل أبو سعيد المغربي القاضي.
سمع بدمشق: محمد بن عون، ومحمد بن خريم، وببغداد: يوسف القاضي، وبمصر: أبا عبد الرحمن الشامي السنائي.
روى عنه: عليّ بن المهذَّب التنوخي، وجماعة.
بقي إلى هذا العام.
الحسن بن علي بن الفضل أبو بكر المعافري ابن كبّه.
الحسن بن محمد بن هارون الوزير أبو محمد المُهَلَّبي.
توفي سنة إحدى، وقيل سنة أثنتين وخمسين.
وقد ذكرته سنة اثنتين وخمسين.
الحسن بن محمد بن يحيى [4] بن حسن بن جعفر بن عبد الله بن الحسين ابن زين العابدين علي بن الحسين الحسيني.
__________
[1] تاريخ علماء الأندلس 66 رقم 216، جذوة المقتبس 163 رقم 300، بغية الملتمس 230 رقم 543، يتيمة الدهر 2/ 20، سير أعلام النبلاء 16/ 26 رقم 14.
[2] في الأصل «بن» .
[3] تاريخ علماء الأندلس 66 رقم 216.
[4] تاريخ بغداد 7/ 421 رقم 3984 قال ابن شاذان إنّه توفي سنة 358 هـ.

(26/52)


حدّث ببغداد في هذا العام عن جدّه يحيى بكتاب الأنساب، وكان شريفًا كبير القدر جليلًا.
الحسين بن الفتح أبو عليّ النيسابوريّ الفقيه الشافعي.
سمع: الفريابي وغيره.
وعنه: يوسف الميانجي، وابن جُمَيع [1] ، وأبو محمد بن النّحّاس المصري.
دَعْلَج [2] بن أحمد بن دَعْلَج [3] أبو محمد السِجْزي [4] الفقيه المعدّل. وُلد سنة ستين ومائتين أو قبلها.
وسمع بعد الثمانين من: على بن عبد العزيز بمكة، وهشام بن على السِّيرافي، وعبد العزيز بن معاوية بالبصرة، ومحمد بن أيّوب، وابن الْجُنَيْد بالرّيّ، ومحمد بن إبراهيم البوسنجي وقشمرد [5] ، ومحمد بن عمرو الحَرَشيّ، وطائفة بنيسابور، وعثمان بن سعيد الدارميّ وغيره بهراة، ومحمد بن غالب،
__________
[1] هو: أبو الحسين محمد بن أحمد بن جُمَيْع الغسّاني الصّيداوي المتوفى سنة 402 هـ.
بصيداء. له معجم شيوخه. وهو لا يذكر صاحب هذه الترجمة في معجمه الّذي قمنا بتحقيقه عن نسخة جامعة ليدن. ونشرته مؤسسة الرسالة، بيروت 1985.
[2] دعلج: بمفتوحة، فساكنة مهملتين، وفتح لام، وبجيم. وفي موضع آخر بكسر الدال.
(المغني في أسماء الرجال 101) .
[3] تاريخ بغداد 8/ 387- 392، تاريخ دمشق (مخطوط التيمورية) 13/ 147، تهذيب تاريخ دمشق 5/ 245، تكملة تاريخ الطبري 182 و 183، الرسالة المستطرفة 73، وفيات الأعيان 2/ 271 و 272، طبقات السبكي 2/ 222، الكامل في التاريخ 8/ 545، البداية والنهاية 9/ 241 و 242، العبر 2/ 291، معجم الشيوخ لابن جميع الصيداوي (مخطوط ليدن) 112، المنتظم 7/ 10 رقم 10، تذكرة الحفّاظ 3/ 881 رقم 850، الوافي بالوفيات 14/ 17 رقم 13، مرآة الجنان 2/ 347، النجوم الزاهرة 3/ 333، شذرات 3/ 8، أعلام النبلاء 16/ 30- 35 رقم 21، طبقات الحفاظ 360.
[4] ويقال: السجستاني، بكسر السين والجيم وسكون السين الثانية، نسبة إلى سجستان.
(اللباب 2/ 105) .
[5] في الأصل «قشمر» .

(26/53)


ومحمد بن رمح [1] البزّاز، ومحمد بن سليمان الباغندي، وخلقًا ببغداد وغيرها.
وعنه: الدارقُطْني، والحاكم ابن رزقويه [2] ، وأبو علي بن شاذان، وأبو إسحاق الإسفرائيني، وعبد الملك بن بشران، وخلق.
وقال الحاكم: أخذ عن ابن خُزَيمة المصنّفات، وكان يُفْتي بمذهبه، وكان شيخ أهل الحديث، له صَدَقَات جارية على أهل الحديث بمكة والعراق وسِجِسْتان. سمعته يقول: تقدّم ليلة إليّ بمكة ثلاثة فقالوا: أخٌ لك بخراسان قتل أخانا ونحن نقتلك به. فقلت: اتّقُوا الله فإنّ خُراسان ليست بمدينة واحدة، فلم أزل أداريهم إلى أن اجتمع الناس وخلّوا عنّي، فهذا سبب انتقالي من مكة إلى بغداد [3] .
وقال الحاكم: سمعت الدارَقُطْنيّ يقول: صنَّفت لدَعْلَج الْمُسْنَدَ الكبير، فكان إذا شكّ في حديث ضرب عليه، ولم أر في مشايخنا أثْبَتَ منه.
وسمعت عمر البَصْري يقول: ما رأيت ببغداد فيمن انتخبت عليهم أصحّ كتبًا ولا أحسن سماعًا من دَعْلَج [4] .
قال الحاكم: اشتري دَعْلَج بمكة دار العبّاسية بثلاثين ألف دينار. قال:
ويقال لم يكن في الدنيا من التّجار أيسر من دَعْلَج.
وقال الخطيب [5] : بلغني أنه بعث بالمُسْنَد إلى ابن عُقدَة لينظر فيه، وجعل في الأجزاء بين كل ورقتين دينارًا.
وقال ابن حَيُّوَيْه: أدخلني دَعْلَجُ دارَه وأراني بدرا من المال معبّأة وقال
__________
[1] في الأصل «رنح» والتصحيح من تاريخ بغداد 8/ 387.
[2] في الأصل «بن ارقويه» .
[3] تاريخ بغداد 8/ 389.
[4] تاريخ بغداد 8/ 388.
[5] تاريخ بغداد 8/ 388.

(26/54)


لي: يأبا عمر خذ من هذا ما شئت، فشكرت له وقلت: أنا في كفاية وغِنّى [1] عنها.
توفي دَعْلَجُ في جُمادى الآخرة. وله نيّف وتسعون سنة.
وقال أبو ذَرّ الهَرَوِيّ: بلغني أن معزّ الدولة [قال] [2] : أوّل مال من المواريث أخذ مال دعلج، خلّف ثلاثمائة ألف دينار.
وقال أبو العلاء الواسطي: كان دَعْلَجُ يقول: ليس في الدنيا مثل داري، لأنّه ليس في الدنيا مثل بغداد، ولا ببغداد مثل القطيعة، ولأنّها مثل درب أبي خلف، ولا في الدرْب مثل داري [3] .
ونقل الخطيب أنّ رجلًا صلّى الجمعة فرأى رجلًا ناسكًا لم يصلّ وكلّمه فقال: استر عليّ، عليّ لدَعْلَجُ خمسة آلاف درهم فلما رأيته أحدثت في ثيابي، فبلغ دَعْلَجُ فطلب [4] الرجل إلى منزله وأبرأه منها، ووصله بخمسة آلاف لكونه روّعه [5] .
وقال أحمد بن الحسين الواعظ: أَوْدَعَ أبو عبد الله بن أبي موسى الهاشمي عشرة آلاف دينار ليتيم فأنفقها، فلما كَبُرَ الصَّبي أمر السلطان بدفع المال إليه، قال ابن [6] أبي موسى: فضاقت عليّ الدنيا فبكّرت على بغلتي إلى الكَرْخ، فوقفت على باب مسجد دَعْلَجُ، فصلَّيت خلفه الفجر، فلما انْفَتَل رحّب بي، ودخلنا داره، فقدّم هريسة فأكلنا وقصّرت، فقال: أراك منقبضًا! فأخبرته، فقال: حاجتك مقضيّة، فلما فرغنا وزن لي عشرة آلاف دينار، وقمت أطير فرحًا، ثم أعطيت الصبيّ المال، وعظَّم ثناءُ الناس عليّ، فاستدعاني أمير من أولاد الخليفة فقال: قد رغبت في معاملتك وضمّنتك
__________
[1] في الأصل «غنا» .
[2] إضافة على الأصل.
[3] تاريخ بغداد 8/ 389.
[4] في الأصل «بطلب» .
[5] راجع: تاريخ بغداد 8/ 389.
[6] في الأصل «بن» .

(26/55)


أملاكي، فضمنت منه، فربحت ربحًا مُفْرِطًا حتى كسبت في ثلاثة أعوام ثلاثين ألف دينار، فحملت إلى دَعْلَجُ ذَهَبَهُ، فقال: ما خَرَجَت والله الدنانير عن يدي، ونويت أن آخذ عِوَضها، صِلْ [1] بها الصبيان، فقال: أيّها الشيخ، أيّ شيء أصل هذا المال حتى تهب لي منه عشرة آلاف دينار؟ فقال: نشأت وحفظت القرآن وطلبت الحديث وتاجرت، فوافاني تاجر فقال [2] : أنت دَعْلَجُ؟
قلت: نعم، قال: قد رغبت في تسليم مالي إليك مُضارَبَةً، وسلَّم إليّ بارنامجات [3] ألف ألف درهم، وقال لي: ابسط يدك فيه ولا تعلم موضِعًا تنفقه إلا حملت منه إليه. ولم يزل يتردّد إليّ سنة بعد سنة يحمل إليّ مثل هذا، والمال يُنمّى، فلما كان في آخر سنة اجتمعنا قال لي: أنا كثير الأسفار في البحر، فإنْ قضى الله علْيَ قضاءً فهذا المال كلّه لك، على أنْ تتصدّق منه وتبني المساجد. قال دَعْلَجُ: فأنا أفعل مثل هذا، وقد ثَمَّر الله المال في يدي، فاكْتُم عليّ ما عِشْتَ. رواها الخطيب عن أبي منصور محمد بن محمد العسكري، حدّثني أحمد بن الحسين فذكرها.
سَلْم بن الفضل أبو قتيبة، قد تقدّم.
وقيل: توفّي فيها عبد الله بن أحمد بن مسعود [4] .
وأبو بكر الأصبهاني المقرئ المطّرز: سمع: عليّ بن جبلة، ومحمد بن العباس الأخرم، وإبراهيم بن ناملة.
روي عنه: أبو بكر الذكواني، وغيره، وبالإجازة أبو نُعَيْم.
عبد الله بن أحمد بن الحسين [5] بن رجا أبو القاسم الخرقي، بغداديّ مستقيم الحديث.
__________
[1] هكذا في الأصل، وفي تاريخ بغداد 8/ 391 «حلّ» بالحاء واللّام المشدّدة.
[2] في الأصل: «فقلت» .
[3] في الأصل «برباحات» .
[4] تاريخ بغداد 8/ 390- 392.
[5] تاريخ بغداد 9/ 389 رقم 4983.

(26/56)


روى عن: عبد الله بن روح المدائني، وتمتام [1] ، ومحمد بن يونس الكديمي.
وعنه: علي بن أحمد الرّزاز [2] . تُوُفِّي في رجب.
عبد الله بن جعفر بن محمد [3] بن الورْد [4] بن زَنْجُوَيْه أبو محمد البغدادي ثم المصري.
سمع «السيرة» من عَبْد الرحيم بْن عَبْد الله بْن البَرْقي، وسمع: يحيى بن أيّوب العلاق، وأبا يزيد القراطيسي، وابن رشدين، وغيرهم.
وعنه: ابن منده، وعبد الغني بن سعيد، وإبراهيم بن علي الغازي، وأبو محمد بن أبي زيد المالكي، وأبو محمد بن النحّاس، وابن [5] نظيف، وجماعة.
وكان من الصالحين المُسْندِين. تُوُفّي في رمضان، وهو في تاريخ ابن النجار أخصَر من هذا.
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ [6] بن أبي دليم أبو محمد القُرْطبي، من أولاد شيوخ الأندلس.
يروي عن: أسلم، وابن أبي تمام، وغيرهما.
وولي قضاء بجانة [7] وألبيرة [8] ، وولي الشرطة بقرطبة، وصنّف كتاب
__________
[1] هو: محمد بن غالب التمتام.
[2] في الأصل «الوزار» . والتصحيح عن تاريخ بغداد.
[3] العبر 2/ 292، الوافي بالوفيات 17/ 106 رقم 90، شذرات الذهب 3/ 8.
[4] في الأصل «أبو ذر» . والتصحيح من: العبر والوافي والشذرات.
[5] في الأصل «بن» .
[6] تاريخ علماء الأندلس 1/ 231 و 232 رقم 707.
[7] في الأصل «نجّابه» والتصحيح من معجم البلدان 1/ 339 وبجّانة: بالفتح ثم التشديد، وألف، ونون. مدينة بالأندلس من أعمال كورة إلبيرة.
[8] إلبيرة: الألف فيه ألف قطع وليس بألف وصل. وهي كورة كبيرة من الأندلس ومدينة متّصلة بأراضي كورة قبرة بين القبلة والشرق من قرطبة. (معجم البلدان 1/ 244) .

(26/57)


«طبقات الرواة» عن مالك، وتُوُفّي فجأة بقصر الزهراء. وكان نبيلًا في الحديث، ضابطًا محقّقًا.
عَبْد اللَّه بْن محمد بْن جعْفَر [1] بْن شاذان البغدادي أبو الحسين البزّاز.
سمع أحمد بن عبد الله النُرسي، والكديمي، والحارث بن أبي أسامة، وجماعة.
وعنه: الدارقطني، وأبو حفص الكّتاني، وابن رزقويه، ومحمد بن الحنّائي [2] . ووثّقه الخطيب.
عَبْد الله بْن محمد بْن أحمد أبو القاسم الدمياطي.
تُوُفّي في ذي الحجة.
عبد الباقي بن قانع [3] بن مرزوق بن واثق أبو الحسين الأموي، مولاهم البغدادي الحافظ.
سمع الحارث بن أبي أسامة، وإبراهيم بن الهيثم البلدي، وإبراهيم الحربي، وإسحاق بن الحسن الحربي، ومحمد بن مَسْلَمَة الواسطي، وإسماعيل بن الفضل البلّخي، وخلقًا سواهم.
وعنه: الدارقُطْني، وابن رزقوَيْه، وابن الفضل القطّان، وأحمد بن علي البادا [4] ، وأبو علي بْن شاذان، وعبد المُلْك بْن بِشْران، وغيرهم.
صنّف «مُعْجَم الصّحابة» ووقع لنا بعُلوّ.
قال البرقاني: أمّا البغداديون فيُوَثَّقُونه، وهو عندي ضعيف.
__________
[1] المنتظم 7/ 14 رقم 11، تاريخ بغداد 10/ 128 رقم 5267.
[2] في الأصل «الجناسي» .
[3] المنتظم 7/ 14 رقم 12، تاريخ بغداد 11/ 88 و 89 رقم 5775، البداية والنهاية 11/ 242، العبر 2/ 292، دول الإسلام 1/ 218، النجوم 3/ 333، شذرات الذهب 3/ 8، ميزان الاعتدال 2/ 532، 533، سير أعلام النبلاء 15/ 526، 527 رقم 303، تذكرة الحفاظ 3/ 883، 884، مرآة الجنان 2/ 347، الجواهر المضيّة 1/ 293، لسان الميزان 3/ 383، 384.
[4] في الأصل «البادي» والتصويب من تاريخ بغداد.

(26/58)


قال الدارقُطْني: كان يحفظ ولكنّه كان يخطئ ويصرّ على الخطأ.
وقال الخطيب [1] : حدّثني الأزهري، عن أبي الحسن بن الفرات قال:
كان ابن قانع قد حدث به اختلاط قبل أن يموت بنحوٍ من سنتين، فتركنا السماع منه وسمع منه قوم في اختلاطه.
قال الخطيب: وُلد سنة خمس وستين ومائتين، وتوفي في شوّال سنة إحدى.
عبد الرحمن بن إدريس بن الربيع بن فروة أبو القاسم المؤدّب، مصري.
عبد العزيز بن محمد بن سهل [2] البغدادي اللؤلؤي بن قماشُوَيه.
روى عن: إسحاق الدَّبري، عن عبد الرزّاق كتاب الحدود والرِّضاع.
وعنه: أبو عليّ بن شاذان.
قال الخطيب: لم أسمع فيه إلا خيرا يُكنَى أبا الطيّب. قال لي ابن شاذان: توفي في نصف شعبان سنة إحدى وخمسين.
عبد العزيز بن إبراهيم بن بيان [3] الرئيس أبو الحسين بن النُّعمان الكاتب البغدادي.
قال الخطيب: كان أحد الكُتّاب الحُذّاق، مأمون [4] الدواوين، وله تواليف في الهزْل. مات في رمضان.
علي ابن الإمام أبي جعفر أحمد بن محمد الطحاوي [5] المصري أبو الحسن.
__________
[1] تاريخ بغداد 11/ 89.
[2] تاريخ بغداد 10/ 456 رقم 5621.
[3] تاريخ بغداد 10/ 456 رقم 5622.
[4] كذا في الأصل، وفي تاريخ بغداد «وأمور» .
[5] لم أجد ترجمته. أما أبوه فهو الحافظ المحدّث فقيه مصر المتوفى سنة 321 هـ.

(26/59)


حدّث عن النّسائيّ وغيره.
علي بن جعفر بن أحمد بن علي أبو الحسن الفريابي [1] .
توفي في شعبان وكان يعرف بابن ممَّك.
روى بمصر عن: أبي مسلم الكجّي [2] ، ومحمد بن جعفر القَتَّات، والفريابي [3] .
روى عنه محمد بن نظيف، وغيره.
ووثّقه الخطيب.
على بن رُكَيْن، أبو الحسن المصري.
سمع أحمد بن حمّاد، وغيرخ [4] .
عَليّ بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ [5] بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حبيب أبو أحمد الحسني المَرْوَزِي.
سمع: سعيد بن مسعود، وعمار بن عبد الْجَبّار، ومحمد بن الفضل البخاري، وعبد العزيز بن حاتم، وسهل بن المتوكّل، وجماعة.
وحدّث ببخارى [6] وبمرو. وفيه لِين، ولمّا حدّث عن سهل بن المتوكَل أنكروا عليه وقالوا: كيف لقيته وما علامته؟ قال: كان إذا وضع كفّه على وجهه غطّاه [7] من عرض يده، فصدّقوه.
روى عنه: أبو [8] عبد الله بن مندة، والحاكم، ومحمد بن أحمد
__________
[1] تاريخ بغداد 11/ 370 رقم 6220.
[2] في الأصل «اللجي» والتصويب من تاريخ بغداد.
[3] اسمه محمد «تاريخ بغداد» .
[4] في الأصل «رعبه» .
[5] العبر 2/ 292.
[6] في الأصل «بخارا» .
[7] في الأصل «عطاه» .
[8] في الأصل «أبا» .

(26/60)


غُنْجار [1] ، ومنصور بن عبد الله الذُّهْلي، وغيرهم.
وتُوُفّي بَمرْو في رجب من السنة.
قال الخليليّ: سألت الحاكم عنه فقال: هو أشهر في اللَّين من أن تسألني عنه.
قلت: هو أَسَدُّ من كان بمَرْو في زمانه.
وقال الحاكم: كان يكذب مثل السكر، والحسنوي أحسن حالًا منه.
محمد بن أحمد بن موسى [2] أبو حبيب النيسابوري المَصَاحفيّ النّاسخ، جاور بالجامع خمسين سنة.
وحدّث عن: سهل بن عمّار، وزكريّا بن داود الخفّاف.
عنه: الحاكم وقال: عاش ثلاثًا وتسعين سنة.
محمد بن الحسن بن محمد [3] بن زياد بن هارون [4] الموصلي ثم البغدادي أبو بكر النقّاش المقرئ المفسّر.
كان إمام أهل العراق في القراءات والتفسير.
روى عن: إسحاق بن سُنَين الختلي [5] ، وأبي مسلم الكجّي، ومطيّن،
__________
[1] في الأصل «عنجار» .
[2] الأنساب 3/ 176 و 11/ 337، 338، اللباب 3/ 218.
[3] المنتظم 7/ 14 رقم 13، غاية النهاية 2/ 119، الوافي بالوفيات 2/ 345 رقم 798، البداية والنهاية 11/ 242، العبر 2/ 292، دول الإسلام 1/ 218، تاريخ بغداد 2/ 201 رقم 635، طبقات المفسّرين 2/ 131 رقم 481، معرفة القراء الكبار 1/ 236 رقم 27، الكامل في التاريخ 8/ 545، الفهرست 50، معجم الأدباء 18/ 146- 149، وفيات الأعيان 4/ 298، 299، تذكرة الحفاظ 3/ 908، سير أعلام النبلاء 15/ 573- 576 رقم 348، ميزان الاعتدال 3/ 520، مرآة الجنان 2/ 347، طبقات الشافعية للسبكي 3/ 145، 146، لسان الميزان 5/ 132، شذرات الذهب 3/ 8، 9.
[4] كتب على الهامش: «محمد بن الحسن أبو بكر النقاش المفسر سما (كذا) تفسيره شفا الصدور وله مؤلفات كثيرة» .
[5] في الأصل «سين الحلي» .

(26/61)


وإبراهيم بن زهير الحلواني، ومحمد بن عبد الرحمن النسائي، والحسن بن سفيان، والحسين بن إدريس الهروي، ومحمد بن علي الصائغ. وقرأ [1] القرآن على: الحسن بن العباس بن أبي مهران، وعلى الحسن [2] بن الحُباب ببغداد، وعلى أحمد [3] بن أنس بن مالك، وهارون بن موسى الأخفش بدمشق، وعلى ابن أبي ربيعة محمد بن إسحاق بن أعين، وعلي ابن أبي محمد الخيّاط، وعلي بن أحمد البزّار، وجماعة سواهم. وذكر أنّ قراءته كانت على ابن أبي مهران في سنة خمس وثمانين.
قرأ عليه: أبو بكر أحمد بن الحسين بن مهران، وعبد العزيز بن جعفر الفارسي، وأبو الحسن الحمّامي، والقاضي أحمد بن محمد بن عبدون الشافعي، وإبراهيم ابن أحمد الطبري، وعلي بن محمد العلاف المقرئ، وأبو الفرج عبد الملك النّهرواني، وأبو الفرج الشّنبوذي [4] ، وعلى جعفر السعيدي، والحسن بن محمد الفحّام، وأبو القاسم علي بن محمد الزيدي الحرّاني الشريف، وهو آخر مَن قرأ في الدّنيا عَليْهِ، والحسن بن علي بن بشّار النيسابوري، وطائفة سواهم.
وروى عنه: أبو بكر بن مجاهد، أحد شيوخه، وجعفر الخلدي وهو من أقرانه، والدارقُطْني، وأبو حفص بن شاهين، وأبو أحمد عبد الله بن أبي مسلم الفرضي، وأبو علي بن شاذان، وأبو القاسم الحُرفي، وآخرون.
وصنّف التفسير وسمّاه «شفاء الصدور» وصنّف في القراءات، وأكثر التطواف من مصر إلى ما وراء النهر في لقاء المشايخ. وله كتاب «الإشارة في غريب القرآن» و «الموضّح في القرآن ومعانيه» و «صدأ [5] العقل» و «المناسك» و «أخبار القصّاص» و «ذمّ الحسد» و «دلائل النبوّة» و «المعجم الأوسط»
__________
[1] في الأصل «قراء» .
[2] في الأصل «وعلي بن الحسن» .
[3] في الأصل «وعلي بن أحمد» .
[4] في الأصل «الشبودي» والتصويب من معرفة القراء 1/ 237.
[5] في وفيات الأعيان 4/ 299 «صد» .

(26/62)


و «المعجم الأصغر» و «كتاب معجم الأكبر في أسماء القرّاء وقراءاتها» [1] وكتاب «القراءات بعللها» وكتاب «السبعة الأوسط» وآخر لطيف، وغير ذلك.
وذكر ابن أبي الفوارس أنّ مولده سنة ستّ وستّين ومائتين.
قلت: الذي وضُح لي أنّ هذا الرجل مع جلالته ونُبله متروك ليس بثقة. وأجود ما قيل فيه قول أبي عمرو الدّاني، قال: والنقّاش مقبول الشهادة، على أنّه قد قال ابن فارس بن أحمد: سمعت عبد الله بن الحسين، سمعت ابن شنبوذ يقول: خرجت من دمشق إلى بغداد وقد فرغت من القراءة على هارون الأخفش، فإذا بقافلة مقبلة فيها أبو بكر النقّاش وبيده رغيف، فقال لي: ما فعل الأخفش؟ قلت: توفي. ثم انصرف النقّاش وقال: قرأت على الأخفش.
وقال طلحة بْن محمد بْن جعفر: كَانَ النقّاش يكذب في الحديث، قال: والغالب عليه القَصَص.
وقال البرقاني: كلّ حديث النقّاش مُنْكَر.
وقال هبة الله اللالكائي الحافظ: تفسير النقّاش لشفاء الصدور ليس بشفاء الصدور.
وقال الخطيب [2] : في حديثه مناكير بأسانيد مشهورة.
قلت: وَرَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ أَنَّ أَبَا غَالِبِ ابْنِ بِنْتِ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمْرٍو حَدَّثَهُ، قَالَ: ثنا جَدِّي، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ دُعَاءَ حَبِيبٍ عَلَى حَبِيبِهِ» . قال الدارقطني: قلت للنقّاش: هذا حديث موضوع، فرجع عنه.
قال الخطيب: قد رواه أبو علي الكوكبي عن أبي غالب.
__________
[1] في الأصل «قراتها» .
[2] تاريخ بغداد 2/ 205.

(26/63)


وقال الدارقطني في كتاب «المصحّفين» له: إنّ النقّاش قال مرّة: كسرى «أبو» شروان، جعلها كنية، وقال: كان يدعو فيقول: لا رجعت يدٌ قصَدَتْكَ «صفراءَ» من إعطائك، بفتحٍ وبمدّ، وصوابه صفرًا.
وقال الخطيب [1] : سمعت أبا الحسين بن الفضل القطّان يقول:
حضرتُ أبا بكر النقّاش وهو يجود بنفسه في ثالث شوّال سنة إحدى وخمسين فجعل يحرّك شفتيه، ثم نادى بأعلى صوته: لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ 37: 61 [2] يردّدها ثلاثًا، ثمّ خرجت نفسُه.
قلت: قد اعتمد صاحب «التيسير» [3] على رواياته.
محمد بن سعيد [4] أبو بكر الحربي الزاهد. بغدادي. وثّقه الخطيب.
روى: عن: إبراهيم بن نصر المنصوري، وغيره.
وعنه: ابن رزقوَيْه.
محمد بن الشبل بن بكر [5] القيسي أبو بكر الأندلسي.
سمع بقرطبة من يوسف بن يحيى المغامي، ورحل سنة اثنتين وتسعين ومائتين، فسمع- بالقيروان من يحيى بن عمر، ويحيى بن عَوْن، وعمر بن يوسف. وسمع بسوسه [6] من آدم [7] بن مالك وطائفة. وطال عمره.
ورحلوا للسماع [8] منه. ومات سنة ثلاث وخمسين.
محمد بن علي بن الحسين أبو حرب المروزيّ الفقيه.
__________
[1] تاريخ بغداد 2/ 205.
[2] سورة الصافات- الآية 61.
[3] هو أبو عمرو الدّانيّ.
[4] تاريخ بغداد 5/ 310 رقم 2822، الوافي بالوفيات 3/ 96 رقم 1033، المنتظم 7/ 15 رقم 14، البداية والنهاية 11/ 243.
[5] تاريخ علماء الأندلس 2/ 65 رقم 1281.
[6] سوسه: بضم أوّله. بلد بالمغرب، مدينة صغيرة بنواحي إفريقية «تونس حاليا» .
[7] في الأصل «دارم» ، والتصحيح عن تاريخ علماء الأندلس.
[8] في الأصل «السماع» .

(26/64)


محمد بن علي بن دُحَيْم [1] أبو جعفر الشيباني الكوفي.
سمع: إبراهيم: بن عبد الله العبسي القصّار، وإبراهيم بن أبي العنبس القاضي، وأحمد بن حازم ابن أبي غَرْزَةَ [2] ، وجماعة.
وعنه: الحاكم، وأبو بكر أحمد بن الحسين الحيري، وأبو بكر أحمد بن موسى بن مَرْدويه، وجناح بن نذير المحاربي، ومحمد بن علي بن خشيش التميمي الكوفي، وأبو منصور المظفَّر بن محمد العلوي، وزيد بن أبي هاشم العلويّ، وغيرهم.
حديثه في «الثقفيّات» وغيرها، وكان ثقة صدوقًا. حدّث في هذه السنة، وما أدري هل تُوُفّي فيها أو بعدها.
محمد بن القاسم بن محمد [3] بن سِياه [4] أبو بكر العسّال الأصبهاني.
يروي عن: عبد الله بن محمد بن النُّعمان، وعُبيد بن الحسن الغزَّال.
وعنه: أبو بكر بن أبي على المعدل، وأبو نعيم الحافظ.
محمد بن راهب أبو بكر الكشي.
يروي عن حامد بن شادي الْكشّي، والربيع بن حسّان، ومُطَيّن، وأبي عمر القتّات.
محمد بن مؤمن أبو بكر الكِنْدي المصري النَّحْوي المحدّث.
كان فاضلًا صالحًا، عاش قريبًا من ثمانين سنة.
ميمون بن إسحاق [5] أبو محمد البغدادي الصوّاف، مولى محمد بن الحنفية.
__________
[1] العبر، 2/ 293، سير أعلام النبلاء 16/ 36، 37 رقم 23، النجوم الزاهرة 3/ 334، شذرات الذهب 3/ 9.
[2] في الأصل «بن أبي عزره» .
[3] أخبار أصبهان 2/ 285.
[4] في الأصل «شياه» بالشين المعجمة، والتصويب عن أخبار أصبهان.
[5] تاريخ بغداد 13/ 211 رقم 7182.

(26/65)


سمع: أحمد بن عبد [1] الجبار العُطارِدِيّ، والحسن بن السَمْح، وأحمد ابن هارون البرديجي.
روي عنه: ابن رزقويه، والحمّامي، وابن الفضل القطّان، وأبو علي بن شاذان.
قال الخطيب: كان صدوقًا، مولده سنة ستين ومائتين.
هَمّام بن أحمد بن محمد [2] بن مسلم أبو عمر القاضي.
يروي عن: أبيه، وعن إبراهيم بن محمد بن متُّوَيْه، وإسحاق بن جميل.
وعنه: أبو نعيم، وأبو بكر بن أبي علي المعدل.
يحيى بن منصور بن يحيى [3] بن عبد الملك القاضي أبو محمد النيسابوري.
وُلّي قضاء نيسابور بضع عشرة سنة، ثم عُزل بأبي أحمد الحنيفي سنة تسع وثلاثين، وحُمدت ولايته. وكان محدّث [4] نَيْسابور في وقته.
روى عن: محمد بن عمرو قشمرد، وأحمد بن سلمة، وعلي بن عبد العزيز البغوي، وأبي مسلم الكجّي، وطبقتهم. وكان يحضر مجلسه أبو عبد الله بْن الأخرم، وأبو علي الحافظ.
روى عنه: الحاكم، ويحيى بن إبراهيم المزكّي، والزاهد أَبُو سَعْدٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ الحركوشي، وسِبْطُه عنبر بن الطّيّب بن محمد العنبري، وآخرون.
__________
[1] في الأصل «علي» ، والتصويب من تاريخ بغداد.
[2] أخبار أصبهان 2/ 341.
[3] العبر 2/ 293.
[4] في الأصل «يحدث» .

(26/66)


[وفيات] سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة
أحمد بن إبراهيم بن عبد الله [1] بن راشد أبو جعفر المَدِيني الأصبهاني الزاهد.
سمع: علي بن سعيد العَسْكَري، وأحمد بن الحسن بن عبد الملك.
ويُذكَر عنه أنّه كان مُجاب الدعوة.
وعنه: أبو بكر بن أبي علي، وأبو نُعَيْم الحافظ.
تُوُفّي في شهر ربيع الأول.
أحمد بْن عُبَيْد اللَّه بْن أحمد [2] بْن سَلَمة أبو العباس البغدادي نزيل مكة.
حدّث عن البرقي..
أحمد بن عبيد بن أحمد، أبو بكر الحمصي الصّفّار.
توفي فيها في حمص، وذكرناه في الطبقة الماضية.
روى عنه: عبد الغني المصري، وابن [3] منده، وعدّة.
__________
[1] أخبار أصبهان 1/ 160.
[2] تاريخ بغداد 4/ 255 رقم 1990.
[3] في الأصل «بن» .

(26/67)


أَحْمَد بن محمد بن السِّريّ [1] بن يحيى بن السّريّ، هو الحافظ أبو بكر بن أبي دارم الكوفي.
تُوُفّي بالكوفة في أوّلها، وكان رافضيًّا. يروي في ثَلْب الصحابة المناكير، واتُّهِم بالوضْع.
حدّث عن موسى بن هارون الحمّال [2] ، وقد مرّ في العام الماضي.
أحمد بن محمد بن سهلويه أبو الحسن المزكّي النيسابوري سِبْط أبي يحيى البزّاز.
سمع: محمد بن إبراهيم البوسنجي، والكجّي، وطبقتهما.
روى عنه جدّه في تصنيفه وقرأه على النّاس، وروى عنه الحاكم.
قَالَ الْحَاكِمُ بْنُ أَبِي الطَّيِّبِ الْكَرَابِيسِيُّ، عَنْ أَبِي يَحْيَى الْبَزَّازِ، عَنْ [3] أَبِي الْحَسَنِ، عَنْ [3] أَحْمَدَ بْنِ محمد اللَّبَّادِ، عَنْ [3] أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنِ [3] ، الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ عَبْدَةَ بْنِ أَبِي كِنَانَةَ، عَنِ ابْنِ عَمَّتِهِ مَرْفُوعًا «إِنَّ للَّه أَقْوَامًا اخْتَصَّهُمْ بِالنِّعَمِ» الحديث.
أحمد بن محمود بن أحمد [4] بن خليد [5] أبو الحسين الشمعي، بغداديّ معروف صَدُوق.
سمع: الكديمي، وبِشْر بن موسى، وجماعة.
وعنه: أبو محمد النّحّاس، وأبو عبد الله بن نظيف.
__________
[1] شذرات الذهب 3/ 11، لسان الميزان 1/ 268 رقم 824.
[2] كذا في الأصل، وفي الشذرات: «أحمد بن موسى الحمار» . وكذلك في لسان الميزان.
[3] تكرّرت في الأصل «بن» .
[4] تاريخ بغداد 5/ 157 رقم 2599.
[5] في الأصل «خليل» والتصويب عن تاريخ بغداد.

(26/68)


أحمد بن مُطْرَف بن عبد الرحمن [1] بن قاسم بن علقمة الأزدي. توفي أبوه سنة أربع وعشرين.
روى أحمد عن: عبيد [2] الله بن يحيى اللَّيْثي، وابن لُبَابة، والأَعْناقي.
وولي الصلاة بقرطبة، وكان ذا وسواس في الطهارة، وكان من فقهاء المالكية الأعيان، ويُعرف بأبي عمر بن المشّاط، وكان مُعْتنيًا بالسُّنن زاهدًا ورِعًا.
حدّث عنه: أحمد بن الْجَسُور، ومحمد بن إبراهيم، وسمع الناس منه كثيرًا. وتُوُفّي في ذي القعدة، رحمه الله.
أحمد بن نصر الله بن محمد بن [3] أشكاب أبو نصر البخاري الزّعفراني، قدم بغداد وانتخب عليه الدار الدارقُطْني.
قال الخطيب: يروي عنه ابن رزقويه، وأبو علي بن شاذان، وحدّث في هذه السنة ببغداد.
إسحاق بن إبراهيم التُّجْيبي [4] مولاهم الطُّلَيْطِلي أبو إبراهيم المالكي، العلامة مصنّف كتاب «النصائح» .
كان فاضلًا ورِعًا مشاوَرًا في الأحكام، يُقرئ الفقه [5] بحانوته بسوق الكتّاب بقُرْطُبَة.
وحدّث عن: أحمد بن خالد، ومحمد بن عمر بن لبابة.
__________
[1] تاريخ علماء الأندلس 44 رقم 143، جذوة المقتبس 147 رقم 248، بغية الملتمس 207 رقم 497.
[2] في الأصل «عبد» والتصحيح عن جذوة المقتبس.
[3] تاريخ بغداد 5/ 183 رقم 2631.
[4] تاريخ علماء الأندلس 72 رقم 235، حذوة المقتبس 168 رقم 305، بغية الملتمس 235 رقم 551 وهو: «إسحاق بن إبراهيم بن مسرّة» .
[5] في الأصل: «الفقيه» .

(26/69)


إسماعيل بن علي بن علي [1] بن رَزين أبو القاسم الخزاعيّ ابن أخي دِعْبِل الشاعر.
قيل إنّه وُلد سنة تسع وخمسين ومائتين.
وحدّث عن: عبّاس الدُّوري، ومحمد بن يونس الكديمي، ومحمد بن غالب تمتام، وإسحاق بن إبراهيم الدبري.
وعنه: أبو سليمان محمد بن عبد اللَّه بن زَبْر، والدار الدّارقطنيّ، وأبو الحسين ابن جُمَيْع [2] ، وهلال الحفّار.
قال الخطيب: كان غير ثقة، وتوفّي بواسط، حديثه في الثقفيّات. قال الخطيب: روى عن أبيه، عن أخيه دِعْبِل أحاديث مُسْنَدَه.
جعفر بن ورقاء بن محمد بن ورقاء أبو محمد الشيباني الأمير.
من كبار عرب الشام، وكان فارسًا شجاعًا عارفًا باللغة، وكان خِصّيصًا بسيف الدولة، عاش ستًّا وثمانين سنة، وأخوه عبد الله شاعر مجوِّد.
الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ [3] بْنِ هارون الوزير أبو محمد الْمُهَلَّبِي الأزْدي من ولد قبيصة بن المهلَّب بن أبي صُفْرة.
وزر لِمُعِزّ الدولة بن بُوَيْه، وكان كبير القدْر عالي الهمّة كامل الرئاسة والعقل، مُحبّا للفُضَلاء مُقْبِلًا عليهم.
كان في أوائل شأنه قد أصابته فاقة، حتى سافر واشتهى اللحم، فلم يقدر عليه فقال:
__________
[1] تاريخ بغداد 6/ 306 رقم 3349، الوافي بالوفيات 9/ 156 رقم 4066.
[2] لم يذكره ابن جميع في معجم شيوخه في النسخة التي حقّقناها.
[3] المنتظم 7/ 9 رقم 9، يتيمة الدهر 2/ 223، الفهرست 200، معجم الأدباء 9/ 118، الوافي بالوفيات 12/ 223 رقم 203، وفيات الأعيان 2/ 124، فوات الوفيات 1/ 256، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد 103- 106، البداية والنهاية 11/ 241، العبر 2/ 294، مرآة الجنان 2/ 347، الكامل في التاريخ 8/ 546، دول الإسلام 1/ 219، تجارب الأمم 2/ 196، تكملة تاريخ الطبري 1/ 185، شذرات الذهب 3/ 9- 11 وأخباره في كتب التاريخ والأدب العامة.

(26/70)


ألا مَوْتٌ يُباعُ فأشتريه ... فهذا العيشُ ما لا خير فيه
ألا موت لذيذ الطَّعْمِ هاني [1] ... يخلّصُني من العيش [2] الكريه
إذا أَبْصَرتُ قبرًا من بعيدِ ... ودِدْتُ لوَ أنَّني قد صرت فيهِ [3]
ألا رَحِم الْمُهَيْمِنُ نفْسَ حرّ ... تصدّق بالوفاة على أخيه
فلما سمعه اشترى له لحما بدرهم وطَبَخَه وأطعمه. ثمّ تقلَّبت الأحوال ووُزَّر المُهَلَّبِي، وضاقت الحال بذاك الرجل فقصد المهلَّبي وكتب إليه:
ألا قُلْ للوزير فَدَتْه نفْسي ... مَقَالَةَ [4] مُذْكِرٍ ما قد نَسيهِ
أَتَذْكُر إذ تقول لضَنْكِ [5] عَيْشٍ ... ألا موتٌ يُباع فأشتريه
فلما وقف عليها أمر له في الحال بسبعمائة درهم، ووقّع في ورقته:
مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ: كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ 2: 261 [6] . ثم دعا به فخلع عليه وولاه عملًا يرتفق به.
وللوزير المُهَلَّبي أخبار [7] وشعر رائق. وتُوُفّي في طريق واسط، وحُمل إلى بغداد. ومن شِعْره:
قال لي مَنْ أُحِبُّ والبَيْنُ قد جَدَّ ... وفي مِهجتي لهيبُ الحريق
ما الذي في الطريق تَصْنَعُ بَعْدي؟ ... قلت: أبكي عَلَيك طُولَ الطَّرِيقِ [8]
تُوُفّي المهلَّبي لثالثِ من شعبان عن نَيَّف وستّين سنة.
ولابن الحجّاج من أبيات يرثيه:
__________
[1] هكذا في الأصل، وفي وفيات الأعيان والوافي ويتيمة الدهر وشذرات الذهب «يأتي» .
[2] كتب في الأصل «الموت» وفوقها كتب بين السطور «العيش» . (ورقة 23) .
[3] في وفيات الأعيان واليتيمة وفوات الوفيات: «وددت لو أنّني مما يليه» ، وفي: الوافي بالوفيات: «وددت بأنّني مما يليه» .
[4] في الأصل «مقال» والتصحيح من وفيات الأعيان والوافي بالوفيات واليتيمة والشذرات.
[5] في الوافي «لضيق عيش» .
[6] سورة البقرة- الآية 261.
[7] تكرّرت كلمة «أخبار» في الأصل.
[8] كتب بجانب هذا البيت: «يقي» .

(26/71)


مات الذي أمسى الثناء وراءه ... والعفو عفو الله بين يديه
هدم الزمان بموته الحصن الذي ... كُنّا نفرّ من الزَّمان إليهِ [1]
وللوزير المهلَّبي:
أراني الله وجهَكَ كلَّ يوم ... صباحًا للتيمّن والسّرور
وأمتع ناظريَّ بصفْحَتَيْهِ ... لأَقرا الْحُسْنَ من تلك السُّطُور [2]
ولابن عبد الله بن الحجّاج يرثي الوزير المهلَّبي:
يا مَعْشَرَ الشعراءِ دَعْوَةَ مُوجَعٍ ... لا يُرْتَجَى فرَجُ السُّلُوِّ لَدَيْهِ
عَزُّوا الْقَوافِيَ بالوزيرِ فإِنّها ... تبكي دَمًا بَعْدَ الدُّمُوعِ عليهِ
مات الذي أمسى الثناء وراءه ... والعفو عفو الله بين يديه
هدم الزمان بموته الحصن الذي ... كنا نفرّ من الزَّمان إليهِ
فَلْيَعْلَمَنَّ بَنُو بُوَيْه أَنَّه ... فُجعتْ به أَيّام [3] آلِ بُوَيْهِ
الحسن بن محمد بن رمضان بن شاكر أبو علي الحِمْيَرِي.
أظُنُّه مَصْريًّا. تُوُفّي في ربيع الأول.
حمدون بن محمد بن حمدون بن هشام أبو الحسن السِجستاني.
تُوُفّي في صفر. من شيوخ الحاكم.
خالد [4] بن سعد [5] أبو القاسم الأندلسي.
سمع: محمد بن فُطَيْس، وسليمان بن قريشِ، وسعيد بن عثمان الأعناقي، وطاهر بن عبد العزيز، وخلقا سواهم.
__________
[1] سيأتي هذان البيتان مرة أخرى.
[2] البيتان في اليتيمة 2/ 236.
[3] في الأصل «الأيام» ، والتصحيح عن وفيات الأعيان.
[4] تاريخ علماء الأندلس: 13 رقم 398، مرآة الجنان 2/ 350، شذرات الذهب 3/ 11، العبر 2/ 295.
[5] في الأصل «سعيد» ، والتصحيح عن: علماء الأندلس، والمرآة، والشذرات، والعبر.

(26/72)


وله كتاب في رجال الأندلس، وكان إمامًا في الحديث حافظًا بصيرًا بالعِلل مُتَقدَّمًا على أهل زمانه بقرطبة، وكان أحد الأذكياء. قيل أنّه حفظ من سمعةٍ واحدةٍ عشرين حديثًا.
وبَلَغَنَا أنّ المُستَنْصِر باللَّه كان يقول: إذا فاخَرَنا أهلُ المشرق بيحيى بن مَعِين فاخَرْناهم بخالد بن سعد [1] .
وقيل: كان خالد بذيء اللسان ينال من أَعْراض النّاس.
عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن إبراهيم أبو العباس اليونسي المعروف بالأبياني التميمي.
تفقّه على: يحيى بن عمر، والمغامي يوسف، وأحمد بن أبي سليمان.
وعنه: أبو محمد بن أبي زيد، وأبو محمد عبد الله الأصيلي.
وكان فقيه إفريقية، وكان يميل إلى مذهب الشافعي وهو بمذهب مالك أقصد.
عبد الله بن محمد بن مُغيث [2] أبو محمد الأنصاري القرطبي الصفّار والد قاضي الجماعة أبي الوليد يونس.
روى عن: خَالِد بْن سعْد، وأحمد بْن سَعِيد بْن حزم، وإسماعيل بن بدر، وجماعة.
وكان أديبًا شاعرًا بارعًا بليغا كاتبًا مع العبادة والتواضع والفضْل وزُهدٍ في الدنيا في آخر عمره. وتوفي في شوّال وله ثمان وستّون سنة.
قال يونس بن عبد الله بن مغيث: سمعت أبي يقول: أوْثَقُ عملي في نفسي سلامةُ صَدْري أنّي آوي إلى فراشي ولا يأوي صدري غائلة لمسلم [3] .
__________
[1] في الأصل «سعيد» .
[2] الصلة لابن بشكول 1/ 242 رقم 547، بغية الملتمس 332 رقم 883، الوافي بالوفيات 17/ 484 رقم 408، جذوة المقتبس 253.
[3] عند ابن بشكوال: «ولا يأوي إلى صدري غائلة لمسلم نفعه الله بذلك» .

(26/73)


وقد صنّف للحكم [1] المستنصر كتاب «شعراء بني أُمَيّة» فأجاد، وجاء في مجلّد.
ومن شعره [2] .
[أتوا حسبة أن قيل جدّا نُحُولُهُ ... فلم يبق من لحم عليه ولا عظْم
فعادوا قميصًا في فراش فلم يروا ... ولا لمسوا شيئًا يدلّ على جسْم
طواه الهوى في ثوب سَقْم من الضّنى ... فليس بمحسوس بعين ولا وَهْم]
عبيد [3] الله بن يحيى بن إدريس القرطبي.
سمع عبيد الله بن يحيى الليثي، وسعيد بن عثمان الأعناقي، وأسلم بن عبد العزيز.
وكان متقدّمًا في ضروب العلم، وكان شاعرًا مُحسِنًا بارعًا مع معرفته الآثار والسُّنَن، وكان متواضعًا نبيلًا. وُلِّيَ الوزارة فما زاده ذلك إلا فضْلًا.
وكان يؤذّن في مسجده وهو وزير. وكان ثِقَةَ، أخذ الناس عنه كثيرًا، وتوفي في ذي القعدة.
تَرجَمَه ابن الفَرَضي.
كنيته: أبو عثمان.
عبد الرحمن بن الحسن بن أحمد [4] بن محمد بن عبيد الأسدي أبو القاسم الهمداني.
روى عن: إبراهيم بن ديزيل، ويحيى بن عبد الله الكرابيسي، ومحمد
__________
[1] في الأصل «الحاكم» .
[2] ليس في الأصل شيء من شعر ابن مغيث القرطبي، وما أثبتناه بين الحاصرتين نقلا عن جذوة المقتبس، وبغية الملتمس 333.
[3] تاريخ علماء الأندلس 251 رقم 767، بغية الملتمس 355 رقم 974، جذوة المقتبس 269 رقم 582 وفي الأصل «عبد الله» .
[4] تاريخ بغداد 10/ 292- 294 رقم 5428.

(26/74)


ابن الضّرير، وعلى بن الحسين بن الْجُنَيْد، وتكلّموا في سماعه من ابن ديزيل.
وعنه: ابن منده، والحاكم، وأحمد بن موسى بن مردَوَيْه، وأبو بكر بن لال، ومحمد بن أحمد بن الحسين المحاملي، وأبو الحسن علي بن أحمد الحمامي، وأبو علي بن شاذان، وعبد الرحمن بن محمد بن شبانة الهمداني، وأخرون سنة سبعين مائتين.
رماه بالكذب القاسمي بن أبي صالح. وقال صالح بن أحمد الهمداني: ضعيف ادّعى الرواية عن إبراهيم بن الحسين فذهب عليه.
عبيد الله بن آدم بن عبيد الله بن خالد أبو محمد الدمياطي.
يروي عن بكر بن سهل الدمياطي وغيره.
علي بن أحمد بن أبي قيس [1] أبو الحسن البغدادي الرّفَاء المعرّي.
حدّث عن ابن أبي الدنيا، وقيل كان زوج أمّه.
روى عنه: أبو الحسن علي بن أحمد الحمّامي. وكان يفسّر المنامات ويقرئ القرآن في داره.
قال ابن أبي الفوارس: كان ضعيفًا جدًّا. توفي في جُمادى الآخرة.
على بن إسحاق بن خَلَف أبو القاسم [2] البغدادي المعروف بالزّاهي.
مُجِيد مدح سيف الدولة بن حمدان والوزير المهلَّبي، وكان قطّانًا لم يتكهّل.
شاعر وهو القائل:
صُدُودك في الهوى هَتَك استتاري ... وعاونه البكاء على اشتهاري
__________
[1] شذرات الذهب 3/ 11.
[2] وفي تاريخ بغداد 11/ 350 رقم 6194 «أبو الحسن» ، يتيمة الدهر 1/ 198- 200، الأنساب 6/ 231، المنتظم 7/ 59، اللباب 2/ 55، 56، وفيات الأعيان 3/ 371- 373، البداية والنهاية 11/ 272، سير أعلام النبلاء 16/ 111 رقم 77، النجوم الزاهرة 4/ 63، 64، هدية العارفين 1/ 680.

(26/75)


ولم أخلع عِذاري فيك إلّا ... لما عاينت من حُسن العذارِ
وكم أبصرتُ من حُسْنٍ ولكنْ ... عليك لشقوتي وقع اختياري [1]
وله:
سفرْن بُدُورًا وانْتَقَبْن أَهِلَّةً ... ومِسْنَ غُصُونًا والتَفَتْنَ جَاذِرا
وأَطْلَعْن في الأجياد بالدرّ أنْجُمًا ... جُعلْن لحبّات الثغور ضَرَائرا [2]
علي بن الحسين بن علي أبو الحسن العبسي المصري الفرّاء، صاحب التاريخ.
كذا ذكره أبو القاسم بن منده.
عليّ بن محمد بن إبراهيم أبو القاسم الحلاب.
يروي عن بكر بن سهل الدمياطي.
توفي في رجب.
عَليّ بن هَارُون بن عَليّ [3] بن يَحْيَى بن أبي منصور بن المنجّم أبو الحسن البغدادي.
وُلد سنة ست وسبعين ومائتين بعد وفاة جدّه بسنة.
وروى عن: بِشْر بن موسى، ومحمد بن العبّاس البريدي، وجماعة.
وعنه: ابنه أحمد، والحسن بن يحيى النوبختي [4] ، والمرزباني.
وكان أديبًا إخباريًا شاعرًا مُحٍسنًا. فمن شعره:
__________
[1] وفيات الأعيان 3/ 5 372.
[2] البيتان في يتيمة الدهر 1/ 198، ووفيات الأعيان 3/ 372.
[3] تاريخ بغداد 12/ 119 رقم 6566، معجم الأدباء 15/ 112، الفهرست 144، يتيمة الدهر 3/ 101، معجم المرزباني 156، وفيات الأعيان 3/ 375 رقم 369، نشوار المحاضرة 3/ 203، اللباب 3/ 260، مرآة الجنان 2/ 350، الوافي بالوفيات 22/ 276- 278 رقم 205.
[4] في الأصل «البوبنحي» .

(26/76)


بيني وبين الدهر فيك عتابُ ... (هل يُرتَجَى من غَيْبَتَيكَ إيابُ) [1]
لولا التَّعَلُّل بالرجاء تقطّعت [2] ... نفس عليك شعارها الأوصاب
لا يأس من فرجِ [3] الإله فربَّما ... يصلُ القَطوعُ ويقدِم [4] الغيابُ
ومن شعره:
كيف نال [5] العثارُ من لم يزل من ... هـ مُقيلًا في كل خَطْب جسيمْ
أو [6] ترقّى الأذى [7] إلى قدمٍ لم ... يَخْطُ [8] إلّا إلى مقامٍ كريمْ
قال الخطيب: توفي سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة.
على بن يعقوب بن إسحاق المؤذّن [9] .
سمع: محمد بن العباس الأخرم، وأحمد بن علي بن الجارود، والحسن بن هارون بن سليمان.
وعنه: أبو بكر بن أبي علي، وأبو نُعيْم.
تُوُفّي في شهر رمضان.
محمد بن أحمد بن إسحاق [10] بن إبراهيم النيسابورىّ، أبو عمرو النَّحْوي المعروف بأبي عمرو، والصغير رفيق أبي علي النيسابورىّ في الرحلة.
__________
[1] ما بين القوسين هو الشطر الثاني للبيت الثاني الّذي لم يذكره الذهبي، والصّحيح نقلا عن:
معجم الأدباء، واليتيمة، والمرزباني، ووفيات الأعيان، ونشوار المحاضرة:
بيني وبين الدهر فيك عتاب ... يسطول إن لم يمحه إلا عتاب
يا غائبا بوصاله وكتابه ... هل يرتجى من غيبتيك إياب
[2] في وفيات الأعيان «بالرجا لتقطّعت» . وكذلك في الوافي بالوفيات 22/ 278.
[3] كذا في الأصل، وفي المصادر «روح» .
[4] كذا في الأصل، وفي المصادر «يحضر» و «تحضر» وفي النشوار «فيقدم» .
[5] في الأصل «قال» والتصحيح عن اليتيمة وغيرها.
[6] في الأصل «أم» .
[7] في وفيات الأعيان «الردى» . وكذلك في الوافي.
[8] كذا في الأصل، وفي اليتيمة ووفيات الأعيان والوافي «تخط» .
[9] أخبار أصبهان 2/ 17.
[10] تاريخ بغداد 1/ 277 رقم 117، الوافي بالوفيات 2/ 31 رقم 286.

(26/77)


سمع: عبد الله بن شذونة، وأبا [1] القاسم البغوي، وابن جَوصا، وأبا عَرُوبة الحرّاني، وابن قتيبة العسقلاني، وطبقتهم.
وعنه الحاكم وقال: كان كبيرًا في العلوم.
محمد بن أحمد بن قاسم [2] بن هلال أبو عبد الله القيسي القُرْطُبِي.
سمع من عبيد الله بن يحيى، وسعيد بن عثمان الأعناقي، وجماعة.
وكان مُفْتِيًا أكثر النّاسُ عنه.
محمد بن إسحاق بن مهران [3] شاموخ المقرئ [4] .
روى عن: أحمد البرائي، والحسن بن الحُباب.
روى عنه: يوسف القوّاس، وأبو الحسن بن رزقويه.
قال الخطيب: كثير المناكير.
محمد بْن أحمد بْن موسى [5] بْن هارون الصَّلْت الأهوازي أبو الطيّب.
سكن بغداد، وحَدّث عن أبي خليفة، ومحمد بن جعفر القتّات، وإبراهيم بن شريك.
وعنه: ابنه أحمد، وعبد الرحمن الحربي، ومن القدماء الدارقُطْني وغيره.
قال الخطيب: كان صدوقًا.
محمد بْن أحمد بْن محمد [6] بْن حسين أبو الحسين المُعاذي [7]
__________
[1] في الأصل «أبو» .
[2] تاريخ علماء الأندلس 2/ 66 رقم 1284، جذوة المقتبس 40 رقم 12.
[3] في الأصل «مهروان» والتصحيح عن تاريخ بغداد 1/ 258 رقم 88، المنتظم 7/ 18 رقم 17.
[4] كذا في الأصل وفي تاريخ بغداد، وفي المنتظم «المنقري» .
[5] المنتظم 7/ 18 رقم 18، تاريخ بغداد 1/ 358 رقم 293.
[6] الأنساب 11/ 380.
[7] المعاذي: بضم الميم وفتح العين المهملة وفي آخرها الذال المعجمة، نسبة إلى آل معاذ،

(26/78)


النيسابوري الأديب، شيخ عشيرته المعاذية.
سمع: أبا عبد الله البوسنجي، وإبراهيم بن علي، وإبراهيم بن أبي طالب.
وعنه: الحاكم وغيره وقال: مات في رجب سنة ستين، وله ثلاث وثمانون سنة.
محمد بْن أحمد بْن الحُسَيْن أبو طاهر النيسابوري.
سمع: أبا عبد الله البوسنجي، وطبقته.
وعنه: الحاكم نصر بن جعفر بن علي [1] بن حسن بن منصور بن خالد بن يزيد بن المهلَّب ابن أبي صُفْرة، الإمام أبو منصور المهلَّبي الأزدي السمرقندي، مفتي الحنفيّة وعالمهم بسمرقند.
انتهى إليه معرفة المذهب ودقائقه.
وروى عن: أحمد بن يحيى، وفارس بن محمد، وأحمد بن عم الكلبيّين.
أخذ عنه: الفقيه عبد الكريم بن محمد، وطائفة من الأنساب.
علّقه ابن ناصر المصري.
محمد بن علي بن دحَيْم [2] بن كيسان أبو جعفر الصائغ الشيبانيّ. من سنة إحدى، فيحوّل.
__________
[ () ] وهو بيت كبير بمرو. (الأنساب 11/ 379) .
[1] اللباب 3/ 276، سير أعلام النبلاء 16/ 198، 199 رقم 138، الجواهر المضيّة 3 رقم 566.
[2] العبر 2/ 293، سير أعلام النبلاء 16/ 36، 37 رقم 23، النجوم الزاهرة 3/ 334، شذرات الذهب 3/ 9.

(26/79)


أرَّخه هنا ابن [1] حمّاد الكوفي فقال: حدّث في سنة اثنتين وخمسين، قال: وكان شيخًا صالحًا صدوقًا قليل المعرفة بالحديث، كان سماعه في كتب أبيه، وكان أبوه قد شرط على جزء من مُسْنَد ابن أبي غَرَزَة، ما كان في هذا الكتاب عليه إجازة واحدة فلم يسمعه منّي محمد وحسن وحسين، وما كان عليه خرجتان فقد سمعوه منّي، وما عليه ثلاث خرجات فقد سمعوه مرّتين، فلم يضبط هذا الشرط كثير من الناس، واحتجّ من أخذ عنه ما كان أبو ذرّ ابن المنذر قرأه عليه.
مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ [2] بْنِ بشر أبو عبد الله المُزَني المغفلي الهروي.
سمع: أحمد بن نجدة، وعلي بن محمد الجكاني.
وعنه: أبو عبد الله الحاكم، وأبو علي بن شاذان، وأبو الحسن بن رزقويه.
ووثّقه الخطيب. وتوفي بنَيسابور.
محمد بن علي بن حسن [3] أبو بكر الشرابي الرّمّاني.
سمع: محمد بن عثمان بن أبي شَيْبة، ويوسف القاضي.
وعنه: تمّام الرّازي، وعبد الرحمن بن عمر بن النحّاس، وعقيل، وحسين ابنا عبد الله بن عَبَدان.
قال أبو الفتح بن مسرور: فيه لين.
مُحَمَّد بْن عمر بْن الْحَسَن [4] بْن عُبَيْد، أبو جعفر بن المسلمة.
بغدادي، ثقة.
__________
[1] في الأصل «انّ» .
[2] تاريخ بغداد 5/ 455 رقم 2994.
[3] تاريخ بغداد 3/ 84 رقم 1067.
[4] تاريخ بغداد 3/ 25 رقم 951.

(26/80)


سمع: محمد بن جرير الطَّبَري، وأبا [1] عمر محمد بن يوسف القاضي.
وعنه: ابنه أبو الفرج.
محمد بن محمد بن أحمد [2] بن مالك أبو بكر الإسكافي.
سمع: موسى بن سهل الوشّاء، وجعفر بن محمد الصائغ، وأبا [3] الأحوص العُكْبَرِي، والحارث بن أبي أسامة.
وعنه: الدارقُطْني، وابن رزقويه، وأحمد بن عبد الله المحاملي، وأبو علي بن شاذان.
قال الخطيب: سمعت البرقاني يثني عليه وأمرنا أن نكتب حديثه.
وتوفي في ذي القعدة.
قلت: له جزء معروف به.
محمد بن وسيم [4] أبو بكر القيسي الطُّلَيْطِلي الضّرير.
سمع بقرطبة من أحمد بن خالد، ومحمد بن أيمن، وقاسم بن أَصْبَغ.
وكان بصيرًا بالحديث حافظًا للفقه، نحويًّا شاعرًا [5] من الأذكياء.
توفي في ذي القعدة.
الوليد بن عيسى بن [6] حارث [7] أبو العباس الأندلسي مولى بني أُمَيّة.
كان بصيرًا بالشٍعْر والأدب في شرح ديوان أبي تمّام الطّائي وشِعْر مسلم بن الوليد، وكان بعيد الصَّيت في تعليم أبناء الملوك.
تُوُفّي في شوّال.
__________
[1] في الأصل «أمّا» .
[2] تاريخ بغداد 3/ 219 رقم 1276.
[3] في الأصل «أما» .
[4] تاريخ علماء الأندلس 2/ 67 رقم 1285.
[5] في الأصل «شاعر» .
[6] في الأصل «ابن» .
[7] تاريخ علماء الأندلس 2/ 162 رقم 1512.

(26/81)


[وفيات] سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة
أحمد بن إبراهيم بن يوسف [1] بن يزيد بن بُنْدار التَّيْمي، مولاهم الأصبهاني أبو جعفر.
سمع: عِمْران بن عبد الرحيم، وسَهْل بن عبد الله الأصبهاني الزاهد، وإبراهيم بن فَهْد، وإبراهيم بن الحسين الحربي، وغيرهم.
وعنه: علي بن عبد كويه، وأبو نُعَيم الحافظ، والحسن بن محمد بن خشوَيْه الكاتب، وجماعة.
ويعرف بابن أَفْرَجه.
أحمد بن ثابت بن أحمد [2] بن بقية الواسطي الكاتب.
حدّث ببغدادِ فِي هذا العام عن: محمد بن مسلمة الواسطي، وأحمد بن أَبِي عوف البزوري، ومطيّن.
وعنه: ابن رزقويه، وعبد الله بن يحيى السّكّري، وطلحة بن الصفراء.
أحمد بن قاج بن عبد الله [3] أبو الحسين الورّاق.
__________
[1] أخبار أصبهان 1/ 150.
[2] تاريخ بغداد 4/ 58 رقم 1674.
[3] تاريخ بغداد 4/ 355 رقم 2204.

(26/83)


كان من أكثر الناس سماعًا ببغداد.
سمع: إبراهيم بن هاشم، ومحمد بن جرير، ومحمد بن محمد بن الباغندي، وإبراهيم بن عبد الله المخرمي.
وعنه: الدارقُطْني، وابن رزقويه، وأبو طالب محمد بن محمد بن غيلان.
وكان ثقة. توفي يوم عيد الفطر.
ذكر الخطيب أنه ورث سبعمائة دينار، فاشترى بجميعها كاغدًا في صفقة، ومكث دهرًا يكتب فيه الحديث، رحمه الله.
أحمد بن أبي بكر محمد [1] بن الزاهد الكبير أبي عثمان سعيد بن إسماعيل أبو سعيد الحِيريّ النَّيْسابوري الشهيد الحافظ [2] .
سمع: أبا عمرو الخفّاف، وعبد الله بن سرفعة، والحسن بْن سُفْيَان، والهيثم بْن خَلَف الدُّوريّ، وحامد بن شعيب، والقاسم بن الفضل الرازي، وخلقا سواهم.
وصنّف «التفسير الكبير» و «الصحيح المخرَّج على صحيح مسلم» والأبواب وغير ذلك. ولما خرج إلى بغداد خرج بعسكر كبير وأموال، واجتمع عليه ببغداد خلق كثير، واستشهد بَطرَسُوس، وله خمس وستون سنة.
روى عنه الحاكم.
إبراهيم بن محمد بن حمزة [3] بن عُمارة، أبو إسحاق بن حمزة الحافظ الأصبهاني.
__________
[1] شذرات الذهب 3/ 12، العبر 2/ 296، تاريخ بغداد 5/ 23 رقم 2366، مرآة الجنان 2/ 350، طبقات الشافعية للسبكي 3/ 43، تذكرة الحفاظ 3/ 920، سير أعلام النبلاء 16/ 29 رقم 19، طبقات المفسّرين للداوديّ 1/ 72، 73.
[2] كتب على الهامش: «النيسابورىّ صاحب التفسير الكبير» .
[3] أخبار أصبهان 1/ 199، شذرات الذهب 3/ 12، مرآة الجنان 2/ 350، العبر 2/ 296 و 297، النجوم 3/ 337، تذكرة الحفاظ 3/ 910، 911، دول الإسلام 1/ 219، سير أعلام النبلاء 16/ 83- 88 رقم 68، الوافي بالوفيات 6/ 117، طبقات الحفاظ 371.

(26/84)


قال أبو نُعَيْم فيه: أوحد زمانه في الحفظ، لم ير عبد الله بن طاهر في الحفظ مثله [1] ، جمع الشيوخ والسّنَد، وتوفي في سابع رمضان، وعمارة جدّهم هو ابن حمزة بن يسّار بن عبد الرحمن بن حفص، وحفص هو أخو أبي مسلم الخُرَاساني صاحب الدولة العباسية.
سمع: أبا جعفر محمد بن عبد الله الحضرمي مُطَيّنًا، ويوسف بن يعقوب القاضي، وأبا [2] شعيب الحرّاني، وأبا خليفة، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة، وطائفة سواهم.
وعنه: أبو عبد الله بن منده وقال: لم أر أحفظ منه، وأبو الحسن علي بن عبد كويه، وأبو بكر بن أبي علي الذكواني، وأبو نُعَيم أحمد بن عبد الله، وأبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه، وأهل أصْبَهان.
قال أبو جعفر بن أبي السّريّ: سمعت أبا العباس بن عُقْدَةَ يقول: قَلَّ ما رأيت مثل إبراهيم بن محمد بن حمزة في الحَفَظَة.
وقال أبو عبد الله الحاكم: قد كان في عصرنا جماعة بَلَغَ المُسْنَدُ المصنّف على التراجم لكلّ واحدٍ منهم ألف جُزْءٍ، منهم: إبراهيم بن محمد بن حمزة الأصبهاني، وأبو علي الحسين بن محمد الماسرجسي.
قُلْتُ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلامَةَ كِتَابَةً، عَنْ مسعود بن أبي منصور، أنا [3] أبو علي، أنا أبو نعيم، أنا أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ حَمْزَةَ، أنا أَبُو جَعْفَرٍ الْحَضْرَمِيُّ إِمْلاءً، أنا [4] عُبَادَةُ بْنُ زِيَادٍ، أنا يُونُسُ بْنُ أَبِي يَعْفُورَ، عَنْ أَبِيهِ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «كُلُّ سَبَبٍ وَنَسَبٍ مُنْقَطِعٌ يَوْم الْقِيَامَةِ إِلا سَبَبِي وَنَسَبِي» [5] . وَقَعَ لَنَا من عالي
__________
[1] كذا في الأصل، والعبارة عند أبي نعيم «لم ير بعد ابن مظاهر مثله في الحفظ» وكذا عند اليافعي.
[2] في الأصل «أمّا» .
[3] اختصار لكلمة «أخبرنا» .
[4] في الأصل «أبا» .
[5] أخرجه الإمام أحمد في مسندة 4/ 323، وكتب على هامش الأصل «حديث كل سبب ونسب

(26/85)


حَدِيثِهِ وَمِنْ عَالِي حَدِيثِ أَبِيهِ.
بكّار بن أحمد بن بكّار [1] بن بُنان أبو عيسى المقرئ، بغدادي مشهور بالإقراء أقرأ ستين سنة.
قرأ على: عبد الله بن الصَّقر السُّكْري، وأبي علي الحسن بن الحسين الصوّاف صاحب أبي حمدون، وأحمد بن يعقوب بن أخي العرق، وأبي بكر بن مجاهد، وسمع الحديث من أحمد بن علي الأَبّار، وعبد الله بن أحمد بن حنبل.
قرأ عليه: أبو حفص الكتّاني، والحسن بن محمد الفحّام، وأبو الحسن علي بن أحمد الحمّامي.
وحدّث عنه هو، وابن أبي الفوارس، وأبو العلاء محمد بن الحسن الورّاق.
قال الخطيب: ثقة، وُلد سنة خمس وسبعين ومائتين وتُوُفّي في ربيع الأول سنة ثلاث وخمسين.
قال أبو عمرو الدّاني: ضابط مشهور ثقة.
بُكَيْر بن الحسين بن عبد الله بن مسلمة أبو القاسم الرازي الدرهمي.
وُلد سنة أربع وستين ومائتين.
سمع بمصر: بكّار بن قُتَيْبَة، وعبد الله بن أبي مريم، وغيرهما.
وعنه: عبد الرحمن بن النحّاس.
__________
[ () ] منقطع» .
[1] تاريخ بغداد 7/ 134 رقم 3577، الوافي بالوفيات 10/ 186 رقم 4669، شذرات الذهب 3/ 12، المنتظم 7/ 21 رقم 20، العبر 2/ 297، البداية والنهاية 11/ 254، معرفة القراء 1/ 246 رقم 41.

(26/86)


بُنْدار بن الحسين الشّيرازي [1] أبو الحسين الزاهد، نزيل أَرّجان [2] .
له لسان مشهور في علم الحقائق، وكان الشِّبْلِيُّ [3] يُعَظّمه.
روى عنه: عبد الواحد بن محمد الأصبهاني، وغيره.
قال السُّلمي: كان بندار بن الحسين عالمًا بالأصول، ردّ على محمد بن خفيف في مسألة الإعانة وغيرها.
قلت: وقد روى عن إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي حديثًا واحدًا، وكان ذا أموال كثيرة فأنفقها وزَهِد.
وقال محمد بن عبد الله الرازي: أنشدني بندار بن الحسين:
نوائب الدّهر أدّبتنيِ ... وإنّما يُوعَظُ الأديبُ
قد ذُقْتُ حُلْوًا وذُقْتُ مُرًّا ... كذلك عَيْشُ الفتَى ضُرُوبُ
ما مَرَّ بوسٌ ولا نَعيمٌ ... إلّا ولي فيهما نصيب [4]
قال السُّلمي: قال [5] عبد الواحد بن محمد بن شعيب: [سمعت] [6] بندارًا يقول [7] : دخلت على الشّبلي ومعي تجارة بأربعين ألف دينار فنظر في
__________
[1] حلية الأولياء 10/ 384، طبقات الصوفية 467- 470، الرسالة القشيرية 38، طبقات السبكي 2/ 190، معجم البلدان 3/ 256، الوافي بالوفيات 10/ 292 رقم 4801، طبقات الشعراني 1/ 146، تبيين كذب المفتري 179- 181، طبقات الأولياء 120، 121، سير أعلام النبلاء 16/ 108، 109 رقم 73، النجوم الزاهرة 3/ 338، نتائج الأفكار القدسية 2/ 7.
[2] أرّجان: بفتح أوّله وتشديد الراء، مدينة كبيرة برّية بحرية، سهلية جبلية، بين شيراز والأهواز.
(معجم البلدان 1/ 143) .
[3] هو: دلف بن جعفر، ويقال ابن جحدر، ويقال: جعفر بن يونس. توفي سنة 334 هـ.
ترجمته في تاريخ بغداد 14/ 389، المنتظم 6/ 347، صفة الصفوة 2/ 258، حلية الأولياء 10/ 366، وفيات الأعيان 2/ 273، المنتظم 6/ 347، طبقات السلمي 340 رقم 62، الديباج المذهب 116، النجوم الزاهرة 3/ 289، الوافي بالوفيات 14/ 25 رقم 22، شذرات الذهب 2/ 338، معجم الشيوخ لابن جميع 170.
[4] الأبيات في: طبقات الصوفية 470، وطبقات الأولياء 121.
[5] في الأصل «بن» .
[6] ما بين الحاصرتين إضافة على الأصل.
[7] في الأصل «أيقول» .

(26/87)


المرآة فقال: المرآة تقول: إنّ ثَمَّ سببًا [1] ، قلت: صدقت المرآة، فحملت إليه ستَّ بِدَرٍ، ثم لزِمْتُه حتى حملت جميع مالي إليه، فنظر مرّةً في المرآة وقال: المرآة تقول: ليس ثَمَّ سبب، فقلت: صدقت.
جعفر بن محمد بن أحمد [2] بن الحكم الواسطي المؤدّب.
سمع: إدريس بن جعفر العطار، ومحمد بن سليمان الباغندي، ومحمد بن يونس الكُدَيْميّ، وبِشْر بن موسى، وجماعة.
وعنه: ابن رزقويه، وطلحة الكتّاني، وأبو على بن شاذان.
وثّقه الخطيب.
سعيد بن عثمان بن سعيد [3] بن السَّكَن أبو علي البغدادي ثم المصري البزّاز الحافظ.
وُلد سنة أربع وتسعين ومائتين، وسمع بمصر والشام والجزيرة والعراق وخُراسان وما وراء النهر، وكان كبير الشأن مُكْثِرًا مُتْقِنًا مُصَنِّفًا بعيد الصيت، له تجارة في البَزِّ [4] .
سمع: محمد بن محمد بن بدر الباهلي، وسعيد بن هاشم الطبراني، وعلى بن أحمد علان، وأبا جعفر الطحاوي، وأبا القاسم البَغَوي، وابن صاعد، ومحمد بن يوسف الفَربْري، وأبا حَامد بن الشرقي، ومكّي بن
__________
[1] في الأصل «سبب» .
[2] المنتظم 7/ 21 رقم 22، تاريخ بغداد 7/ 231 رقم 3717، العبر 2/ 297، شذرات الذهب 3/ 12، سير أعلام النبلاء 16/ 30 رقم 20.
[3] تهذيب ابن عساكر 6/ 154، الوافي بالوفيات 15/ 242 رقم 341، العبر 2/ 297، سير أعلام النبلاء 16/ 117، تذكرة الحفاظ 3/ 937، 938، دول الإسلام 12/ 219، النجوم الزاهرة 3/ 338، طبقات الحفاظ 378، 379، حسن المحاضرة 1/ 351، 352، شذرات الذهب 3/ 12، هدية العارفين 1/ 389، الرسالة المستطرفة 23.
[4] في النجوم الزاهرة 3/ 338 «البرّيّة» .

(26/88)


عبدان، وأبا عروبة الحّراني، وسعيد بن عبد العزيز الحلبي، وابن جَوْصا.
وعنه: أبو سليمان بن زَبْر، وابن مَنْدَه، والحافظ عبد الغني بن سعيد، وعلي بن محمد الدّقّاق، وعبد الله بن محمد بن أسد القرطبي، وجماعة من الأندلسيّين والمصرييّن.
وقع كتابه «المنتقى الصحيح» إلى أهل الأندلس وهو كبير.
تُوُفّي في المحرّم.
وقد روى عنه صحيح البخاري ابن أسد الْجُهَني [1] ، وأبو عبد الله محمد ابن أحمد بن يحيى بن مفرّج، وأبو جعفر بن عون الله.
شجاع بن جعفر [2] أبو الفوارس البغدادي الورّاق الواعظ.
سمع: أبا جعفر ابن المُنَادي، وأبا بكر الصّاغاني، وعبّاس بن محمد الدُّوري، وأحمد بن عبد الجبّار العُطاردي، وعبد الله بن شبيب المدني، وأحمد بن ملاعب.
وعنه: أبو حفص الكتّاني، وهلال الحفّار، وعلى بن داود الرزّاز، وأبو علي ابن شاذان، وغيرهم.
وكان أَسْنَد من بقيِ ببغداد، وحدّث بعُلوَّ في آخر مُسْنَد عمر النّجّاد.
عبد الله بن الحسن بن بُنْدار [3] بن ناجية بن سَدوس بن محمد المَديني الأصبهاني.
سمع: أَسِيد بن عاصم، وأحمد بن مَهْدِيّ بأصبهان، ومحمد بن
__________
[1] في النجوم «الجهمي» .
[2] تاريخ بغداد 9/ 253 رقم 4829، المنتظم 22 رقم 23، العبر 2/ 298، شذرات الذهب 3/ 12، مرآة الجنان 2/ 351، سير أعلام النبلاء 16/ 37، 38 رقم 24، النجوم الزاهرة 3/ 339.
[3] أخبار أصبهان 2/ 86، شذرات الذهب 3/ 13، العبر 2/ 298، سير أعلام النبلاء 16/ 44 رقم 28، النجوم الزاهرة 3/ 339.

(26/89)


إسماعيل الصائغ بمكة.
وعنه: علي بن عبد كويه، وأبو أحمد عبد الله بن عمر السّكّري، وأبو بكر بن أبي على المعدل، وأبو نعيم الحافظ.
عبد الله بن عمر بن إسحاق أبو جعفر المصري.
يروي عن: ابن علاثة وغيره.
عبد الله بن محمد بن العبّاس [1] أبو محمد المكّي الفاكهي.
سمع: أبا يحيى عبد الله بن أبي مَسَرَّة وغيره.
وعنه: أبو عبد الله الحاكم، وأحمد بن أحمد بن حسن البزاز شيخ البَيْهَقِيّ، وأبو القاسم عبد الملك بن بِشْران، وأبو محمد بن النحّاس، وجماعة.
وكان أَسْنَدَ من بقي بمكّة، وله كتاب «أخبار مكة» في مجلَّدَتَين عند صاحبنا ابن حبّه من الحافظ.
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ [2] أبو محمد الحيري، ويُعرف بالرازي الزاهد، من كُتّاب مشايخ الصوفية [3] .
سمع: محمد بن إبراهيم البوشنجي، وجعفر بن محمد التركي، وأحمد بن نجدة الهَرَوي، ويوسف القاضي، وغيرهم.
وكان من أكابر أصحاب الزاهد أبي عثمان الحيري.
قال السُّلمي: صَاحَبَ الْجُنَيْدَ، وأبا عمران الكبير [4] ، ومحمد بن الفضل، ورويم، وسمنون، وأبا علي الجوزجاني، ومحمد بن حامد.
__________
[1] العبر 2/ 298، شذرات الذهب 3/ 13.
[2] طبقات الصوفية 288، الرسالة القشيرية 31، سير أعلام النبلاء 16/ 65، 66، طبقات الشعراني 1/ 141، نتائج الأفكار القدسية 2/ 4.
[3] كتب على الهامش «الرازيّ الزاهد من مشايخ الصوفية» .
[4] في الأصل «أبا عثمان بكرمه» والتصويب من طبقات الصوفية.

(26/90)


وكان أبو عثمان يكرمه ويبجّله وهو من أَجَلّ مشايخ نَيْسَابُور في وقته، له من الرّياضيات ما يعجز عن سماعها إلّا أهلها. وكان عالمًا بعلوم هذه الطّائفة، وكتب الحديث الكثير، وكان ثقة.
قلت: وروي عنه أبو عبد الرحمن السُّلميّ، وأبو عبد الله الحاكم، وأبو علي بن حُمْشاد الصائغ.
قال السُّلَمي: سمعته يقول: قيل لبعض العارفين: ما الذي حَبَّبَ إليك الخلوة ونفى عنك الغفلة؟ قال: وثبة الأكياس من مخّ الدنيا.
وقال السُّلمي: هو أَجَلُّ شيخٍ رأيناه من القوم وأقدَمُهُم، وقد صحب محمد بن علي التِّرْمِذِي والكبار، ويرجع إلى فنون من العلم، وكتب الحديث الكثير. وله رياضات واجتهادات يطول ذكرها. وقد امتُحِن في آخر عمره بحَدَث من أهل نَيْسَابور، كشفت تلك المحنة عن جلالته وعِظَمِ شأنه.
سمعته يقول: إذا رأيت المريد يحبُّ السَّماع فاعْلَمْ أنّ فيه بقيّةَ من البطالة.
عبد الصمد بن الحسين بن يوسف [1] بن يعقوب الأّزْدي القاضي.
بغداديُّ يُكْنَى أبا الحسين، من بيتِ عِلْمٍ.
حدث بمصر: عن محمد بن جعفر القتّات.
وعنه: عبد الواحد بن مسرور، ووثّقه.
عبد الملك بن محمد أبو مروان المدني، قاضي المدينة.
عبد الملك بن هذيل بن إسماعيل [2] أبو مروان التميمي القرطبي.
سمع أحمد بن خالد الخشّاب، وابن أيمن، وبمكّة ابن الأّعْرابي.
ولزم العُزْلَة والزُّهْد، وكان من الراسخين في العِلْم، رضي الله عنه.
وهو أخو يحيى بن هزيل الشّاعر، سيأتي سنة إحدى وسبعين.
__________
[1] تاريخ بغداد 11/ 41 رقم 5719.
[2] تاريخ علماء الأندلس 1/ 274 رقم 822.

(26/91)


عبد الواحد بن أحمد بن علي بن أبي الخصيب أبو علي.
توفي بتنّيس في المحرَّم.
عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم [1] بن الواثق بن المعتصم، أبو محمد العباسي الهاشمي البغدادي.
سمع: أبا مسلم الكّجي، وأبا شعيب الحّراني، وموسى بن هارون، ويوسف بن يعقوب القاضي، وخَلَف بن عَمرو العُكْبَرِي.
وعنه: الدار الدارَقُطْنيّ، وأبو الحسن بن رزقويه، وابن ابنه أحمد بن عمر بن عبد العزيز، وغيرهم.
وثّقه الخطيب.
علي بن إبراهيم أبو الحسن المُسْتَمْلِي [2] النجّاد.
سمع: السّرّاج، وإمام الأئمة ابن خزيمة الباغندي.
وعن: ابن رزقويه، وابن الفضل القطّان.
علي بن يعقوب بن إبراهيم [3] بن شاكر بن زامل بن أبي العقب علي بن الحسن دليل.
روي عن: يوسف القاضي، وغيره.
روى عنه: الدارقطني، وابن رزقويه، وغيرهما.
وثّقه الخَطيب.
أبو القاسم الهمداني الدمشقي [4] (أحد محدّثي الشام الثقات) [5] .
__________
[1] تاريخ بغداد 10/ 457 رقم 5624.
[2] تاريخ بغداد 11/ 338 رقم 6174.
[3] العبر 2/ 298، شذرات الذهب 3/ 13.
[4] تاريخ دمشق 30/ 203- 206 و 253، الأنساب 8/ 304، اللباب 2/ 299، 300، شذرات الذهب 3/ 13، تاريخ التراث العربيّ 1/ 471، موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان (من تأليفنا) 3/ 367، 368 رقم 1129.
[5] ما بين القوسين مضطرب في الأصل. واسمه: علي بن عقب بن إبراهيم بن شاكر بن زامل، المعروف بابن أبي العقب مولى ابن معيوف.

(26/92)


سمع: أبا زُرْعة البصْري، والقاسم بن موسى بن الأشيب، وأحمد بن الْمُعَلَّى، والحسن بن جرير الصُّوري، وأنس بن السلم، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، سمع منه في الحج. وقرأ بحرف عاصم على: أحمد بن نصر بن شاكر، عن الحسين العجلي، عن يحيى بن آدم.
وقرأ عليه: مظفَّر بن أحمد الدَّينوَرِي. وحدَّث عنه: تمّام الرّازي، وأبو نصر بن هارون، وعبد الرحمن بن ياسر الْجَوْبَرِي، وعبد الواحد بن مشماش، وأبو عبد الله بن مَنْدَه، وناقلته عَبْد الرَّحْمَن بْن الحسين بْن الحَسَن بن علي، وعبد الرحمن بن أبي نصر، وأبو العبّاس بن الحاج الإشبيلي.
وآخر من روى عنه أبو الحسن بن السمسار.
مولده سنة إحدى وستّين ومائتين، وله شِعْر حَسَن. وكانت وفاته في ذي الحجّة من السنة.
قاسم بن محمد بن قاسم [1] بْن سيّار مَوْلَى الْوَلِيد بْن عَبْد الملك الأموي القرطبي، من بيت علم وجلالة. يكنى أبا محمد.
سمع من: عبيد الله بن يحيى، والأعناقي، وغيرهما، وكان عارفًا بمذهب مالك.
ولي قضاءَ أستِجَة [2] وقَبْرَة [3] وإشبيلية، وحُمِدَتْ سيرتُه. وكانت وفاته فجأة.
محمد بن أحمد بن محمد [4] بن خروف، أبو بكر المدني، ثم المصري.
سمع: محمد بن علي الصائغ، وموسى بن هارون الجمّال، والحسن بن علي بن موسى، وأحمد بن علي بن سهل المروزي.
__________
[1] تاريخ علماء الأندلس 2/ 355 رقم 1049، بغية الملتمس 432 رقم 1293.
[2] بالكسر ثم السكون، وكسر التاء. اسم لكورة بالأندلس متّصلة بأعمال ريّة بين القبلة والمغرب من قرطبة. (معجم البلدان 1/ 174) .
[3] قبرة: بلفظ تأنيث القبر. كور من أعمال الأندلس تتّصل بأعمال قرطبة من قبليّها. (معجم البلدان 4/ 305) .
[4] النجوم الزاهرة 3/ 339.

(26/93)


وقع لنا جزء من حديثه.
روى عنه: أبو عبد الله بن نظيف، وأبو محمد بن النحّاس، وجماعة.
توفي في ذي الحجّة.
محمد بن أحمد بْن أَبِي القاسم [1] عَبْد اللَّه بْن محمد البَغَوي أبو الفتح.
سمع: مُعْجَم الصّحابة من جدّه، وروى عنه وعن بِشْر بن موسى.
وعنه: ابن رزقويه، وعبد الرحمن بن عمر النحّاس.
قال الخطيب: لم يبلغني من حاله إلّا خَيْر.
محمد بن أحمد بن عقبة القاضي أبو محمد المروزي الحنفي، من كِبارِ الأئمة.
وُلِّيَ قضاء نَيْسَابُور سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة بعد يحيى بن منصور القاضي، فحكم نحوًا من سبع سنين، ثم عُزِل بقاضي الحرمين، ثم وُلِّيَ قضاءَ بُخارى حتى مات في سنة ثلاثٍ هذه.
حدّث عن: عبد الله بن محمود المروزي.
وعنه: الحاكم وأثنى عليه.
محمد بن إبراهيم بن حسن، أبو عبد الله النَّيْسَابُوري نزيل نَسًا [2] .
سمع البوشنجي، وإبراهيم بن أبي طالب، وخرّج لنفسه فخلَّط وبان جهلُه.
روى عنه الحاكم وغيره.
محمد بن إسحاق بن أيوب [3] بن كُوشيذ [4] أبو بكر الأصبهاني المقرئ.
__________
[1] تاريخ بغداد 1/ 312 رقم 195، المنتظم 22 رقم 27.
[2] نسا: بفتح أوله. مدينة بخراسان. (معجم البلدان 5/ 281 و 282) .
[3] أخبار أصبهان 2/ 284.
[4] في الأصل «كوشند» .

(26/94)


سمع: إبراهيم بن سَعْدَان، وأبا مسلم الكجّي [1] ، وجماعة.
وعنه: علي بن عبد لوين، وأبو بكر بن أبي على المعدل، وأبو نعيم أحمد بن عبد الله.
محمد بن الحسن بن عمر القرَشي مولاهم أبو بكر الدمشقي ويُعرف بابن مزاريب.
روى عن: أبي زُرْعَة الدمشقي، وغيره.
وعنه: تمّام الرازي، وعبد الواحد بن بكر، وعبد الرحمن بن محمد بن نصر.
مات في شوَّال.
محمد بن عُبَيْد [2] اللَّه بن المَرْزُبان [3] بن سوار الأصبهاني أبو بكر الواعظ.
سمع: محمد بن يحيى بن منْدَه، وإبراهيم بن متَّوَيْه، وعبد الله بن زيدان الكوفي، وأبا القاسم البَغَوِي.
وكان وَرِعًا صالحًا. صَاحَبَ أبا عبد الله الخشوعي.
وعنه: أبو نُعَيْم.
محمد بن عثمان بن سعيد [4] أبو عبد الله الأندلسي.
حدّث عن أبي خليفة في هذا العام.
محمد بن مالك بن الحسن بن مالك أبو صخر السعدي المروزي.
نزيل بلخ.
__________
[1] ويقال «الكشّي» .
[2] في الأصل «عبد» .
[3] أخبار أصبهان 2/ 290.
[4] توفي سنة 371 هـ. (تاريخ علماء الأندلس 2/ 82 رقم 133) .

(26/95)


محمد بن محمد بن يحيى أبو الفضل القرّاب الهروي.
توفي بسمرقند في شوّال، وحُمِل إلى هَرَاة [1] .
حدّث عن: محمد بن يوسف الفربري، ومحمد بن نوح الْجُنْدَيْسَابُوري.
وعنه: أبو الحسن الديناري.
محمد بن النعمان بن نصر [2] أبو بكر العنسي إمام الجامع بصُور.
سمع: محمد بن على بن حرب الرقّي، وجعفر بن محمد الهمداني [3] ، وعبد الجبّار بن محمد بن كوثر.
وعنه: تمّام الرازي، وأبو عبد الله بن مَنْدَه، وشهاب بن محمد الصُّوري.
حدّث في هذا العام.
محمد بن هارون بن شُعَيْب [4] بن عبد الله بن عبد الواحد. ويقال: بعد شعيب: بن عَلْقمة بن سعد، ويقال: بن عبد الله بن ثمامة من ولد أنس بن مالك، ويقال: بن حِبان بن حكيم أبو علي الأنصاري الدمشقي من سكان قرية قَيْنِيَة [5] غربيّ الْمُعَلَّى.
سمع بالشام ومصر والعراق وأصبهان، وصنفّ وخرّج.
سمع: عبد الرحمن بن حاتم المرادي، وأبا علاثة محمد بن عمرو،
__________
[1] بالفتح. مدينة عظيمة مشهورة من أمّهات مدن خراسان. (معجم البلدان 5/ 396) .
[2] الأنساب 357 أ، تاريخ دمشق (مخطوط التيمورية) 36/ 338 و 40/ 126، المقفى للمقريزي (مخطوطة دار الكتب المصرية) 4/ 174، موسوعة علماء المسلمين ج 5/ 25، 26 رقم 25، 26.
[3] في الأصل «الهنداني» .
[4] الوافي بالوفيات 5/ 147 رقم 2162، العبر 2/ 298، شذرات الذهب 3/ 13، مرآة الجنان 2/ 351.
[5] بالفتح ثم السكون وكسر النون وياء خفيفة. قرية كانت مقابل الباب الصغير من مدينة دمشق صارت بساتين في أيام ياقوت الحموي. (معجم البلدان 4/ 425) .

(26/96)


وبكر بن سهل، ومحمد بْن يحيى بْن مَنْدَه، وأحمد بْن إِبْرَاهِيم البُسري، وزكريا بن يحيى حَفّاظ السنة، وأحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة، وأحمد بن خُلَيْد الحلبي، ومحمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي، والفِرْيابي، وأبا خليفة، وعَبْدان، وطائفة.
وعنه: أبو بكر بن المقرئ، وابن مَندَه، وتمّام، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي نصر التميمي، وعبد الوهاب المَيْداني.
ووُلد في رمضان سنة ست ومائتين.
قال عبد العزيز الكتّاني: كان يُتَّهم.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عُثْمَانَ، وَأَحْمَدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ، وَعَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَحْيَى، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ يُونُسَ، وَمحمد بْنُ يُوسُفَ الذَّهَبِيُّ. قَالُوا: أنا مُكْرَمُ بْنُ محمد بْنِ حَمْزَةَ، أنا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ السُّوسِيُّ سنة ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، أنا عَلِيُّ بْنُ محمد بْنِ عَلِيٍّ السُّلَمِيُّ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ، أنا أَبُو عَلِيٍّ محمد بْنُ هَارُونَ، أنا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى السِّجْزِيُّ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، أنا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالا: ابْنُ حَمَّادِ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ محمد بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَخْمَ الرَّأْسِ، عَظِيمَ الْعَيْنَيْنِ، أَزْهَرَ اللَّوْنِ، كَثَّ اللِّحْيَةِ، شَثْنَ الْكَفَّيْنِ [1] ، وَالْقَدَمَيْنِ هَدْبَ الأَشْفَارِ، مُشْرَبَ الْعيَنيْنِ حُمْرَةٌ، إِذَا مَشَى تَكَفَّأَ كَأَنَّمَا يَمْشِي فِي صُعُدٍ، وَإِذَا الْتَفَتَ الْتَفَتَ جَمِيعًا [2] . صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال المَيْداني وغيره: توفي سنة ثلاثٍ وخمسين.
محمد بن هارون الطَّرزي أبو سهل نزيل طرسوس.
__________
[1] شثن الكفّين: يعني أنها إلى الغلظ.
[2] أخرجه الإمام أحمد في مسندة 1/ 96 والترمذي (6637) في المناقب، والإمام مالك في الموطّأ 2/ 919 في أول كتاب صفة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، والبخاري 6/ 415 في المناقب، ومسلم (2347) في الفضائل. وانظر: الجزء الخاص بالسيرة النبويّة من تاريخ الإسلام (بتحقيقنا) ص 434.

(26/97)


سمع: محمد بن يونس الكديمي.
محرز بن جعفر الرازي أبو الحسن الصُّوفي الزاهد. له حكايات.
مَسْلَمَة بن القاسم بن إبراهيم [1] أبو القاسم القُرْطُبي.
سمع: محمد بن عمر بن لُبَابة، وأحمد بن خالد، وجماعة، ورحل إلى المشرق فسمع بالقيروان من أحمد بن موسى، وعبد الله بن محمد بن فُطَيْس، وبأطرابلس من صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ الكوفي، وبإقريطش [2] من أحمد بن محمد بن خَلَف، وبمصر من محمد بن زيان، وأبي جعفر الطحاوي، وبمكة من الدّيْبُلي، وبواسط من علي بن عبد الله بن مبشّر، وبالبصرة من أبي رَوْق الهزّاني، وببغداد من أبي بكر بن زياد النَّيْسَابُوري، وبسيراف واليمن والشام، ورجع إلى اندلس بعلم كثير، ثم كُفَّ بَصَره، وأكثر عنه الناس.
قال ابن الفَرَضيّ: وسمعتُ من نَسَبه إلى الكذِب. وقال لي محمد بن يحى بن مفرّج: لم يكن كذَّابًا، وكان ضعيف العقل، وحُفِظ عليه كلام سوء في التشبيه.
مُعَلَّى بن سعيد أبو خازم [3] التنوخي، بغدادي سكن مصر.
وحدّث عن: بِشْر بن موسى، وأبي خليفة، ومحمد، بن جرير الطَّبَريّ، وجماعة.
وعنه: أبو بكر بن شاذان، وأبو القاسم بن الثّلاج، وعبد الغني بن سعيد الحافظ وقال: كتبنا عنه وما كان ممن يُفْرَح به.
قلت: وهو الذي تفرّد بحكاية الهميان عن ابن جرير وفي النفس من ثُبُوتها شيء. ويُعرف بالشَّيْبي.
__________
[1] تاريخ علماء الأندلس 2/ 128 رقم 1423.
[2] هو الاسم العربيّ لجزيرة كريت اليونانية الآن.
[3] تاريخ بغداد 13/ 190 رقم 7167.

(26/98)


مكّي بن إسحاق بن إبراهيم أبو القاسم البخاري، قاضي بلْخ.
توفي ببخارى في ربيع الأول.
مَيْسَرة بن علي القزْويني أبو سعيد، من كبار المحدَّثين ببلده.
سمع محمد بن أيوب الرّازي وغيره، وروى الكثير.
يقال إنّه كتب ثلاثة ألاف جزء.
أبو سعيد بن أبي بكر بن أبي عثمان الحِيري.
مرّ في: أحمد بن محمد.

(26/99)


[وفيات] سنة أربع وخمسين وثلاثمائة
أحمد بن إبراهيم بن أحمد [1] بن عطيّة أبو بكر بن الحداد البغدادي مولى بني الزُّبَيْر بن العَوَّام.
سمع: أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ، وعبد الرحمن بن الروّاس، وأَنَس بن المسلم بدمشق، وبكر بن سهْل الدَّمْياطي بدِمْياط، ويوسف القاضي، وجماعة.
وعنه: الحافظ عبد الغني، وعلي بن عبد الله بن جَهْضَم، وعبد الرحمن بن عمر النحّاس، ومحمد بن نظيف.
ووثّقه الخطيب. تُوُفّي بتنّيس، وحُمِل فيما قيل إلى بغداد. عاش أربعًا وثمانين سنة.
أحمد بن إبراهيم بن حَوْصَل الكوفي ثم البخاري أبو الأسد.
سمع: صالح بن محمد جزرة، وحامد بن سهل، وإبراهيم بن معقل.
توفّي في ذي القعدة.
__________
[1] تاريخ بغداد 4/ 17 رقم 1610، الوافي بالوفيات 6/ 213 رقم 2677، العبر 2/ 299، شذرات الذهب 3/ 13.

(26/101)


أحمد بن الحسين بن الحسن [1] بن عبد الصمد أبو الطيّب الْجُعفيُّ الكوفيِ المتنّبي الشاعر.
ولد سنة ثلاث وثلاثمائة. وأَكْثَرَ المقامَ بالبادية لاقْتباس اللغة، ونظر في فنون الأدب والأخبار وأيّام الناس، وتعاطى قوْلَ الشعر في صِغَره حتى طُبع فيه للغاية، وفاق أهلَ عصره، ومدح الملوك، وسار شعره في الدنيا.
مدح سيفَ الدولة أبا الحسن بن حمدان بالشام، والأستاذ كافور الإخشيدي بمصر، وحدّث ببغداد بديوانه.
روى عنه: أبو الحسن محمد بن أحمد المَحَامليّ، وعلي بن أيوب القمّي، وأبو عبد الله بن باكويه الشّيرازي، وأبو القاسم بن حبيش الحمصي، وكامل بن أحمد العزايمي، والحسن بن علي العلوي، وعنهم رَوَوْا عنه من شعره. وكان أبوه سقّاءً بالكوفة يلقَّب بعُبَيْدان.
قال أبو الحسن محمد بن يحيى العلوي: حدّثني كُتُبيُّ كان يجلس إليه المتنّبي قال: ما رأيت أحْفَظَ من هذا الفتى ابن عبيدان كان اليوم عندي وقد أَحضر رجلٌ كتابًا من كُتُب الأصمعيّ نحو ثلاثين ورقة ليبيعه، فأخذ ينظر فيه طويلًا، فقال له الرجل: يا هذا أريد أن أبيعه، فإن كنت تريد حفظه فهذا يكون بعد شهر، فقال له ابن عُبَيدان: فإن كنت قد حفظته فما لي عليك؟
قال: أَهَبُهُ لك. قال: فأخذت الدفتر من يده، فأقبل يقرأ عليّ إلى آخره، ثم
__________
[1] يتيمة الدهر 1/ 90، تاريخ بغداد 4/ 102 رقم 1758، المنتظم 7/ 24 رقم 29، مرآة الجنان 2/ 351، الوافي بالوفيات 6/ 336 رقم 2841، وفيات الأعيان 1/ 120، النجوم الزاهرة 3/ 340، الفهرست 1/ 169، الأنساب 2/ 506، البداية والنهاية 11/ 256، تهذيب الأسماء للنووي 2/ 258، الكامل في التاريخ 8/ 186، سير أعلام النبلاء (مخطوط) 10/ 195، لسان الميزان 1/ 159، نزهة الألباء 366، حسن المحاضرة 1/ 323، شذرات الذهب 3/ 13، البيان المغرب لابن عذارى 1/ 228، العمدة لابن رشيق 1/ 64، العبر 2/ 300، تكملة تاريخ الطبري 1/ 194 (حوادث سنة 356 هـ.) ، اللباب 3/ 162، المختصر في أخبار البشر 2/ 105، دول الإسلام 1/ 220، تاريخ ابن الوردي 1/ 290، معاهد التنصيص 1/ 27- 33، روضات الجنات 41، هدية العارفين 1/ 64، أعيان الشيعة 8/ 61- 278.

(26/102)


استلبه فجعله في كُمَّه وقام، فَعَلِق به صاحبُهُ وطالبه بالثمن، فمنعناه منه، وقلنا: أنت شَرَطْت عَلى نفسك [1] .
قال أبو الحسن العلوي: كان عُبَيدان يذكر أنّه جعْفِيّ.
قال أبو القاسم التّنُوخيّ: كان المتنبّي خرج إلى حلب وأقام فيهم وادّعى أَنَّه علويَّ، ثم ادّعَى بعد ذلك النُّبوَّة إلى أن شُهِد عليه بالكذِب في الدعوتين، وحُبس دهرًا وأشرف على القتل، ثم استتابوه وأطلقوه.
قال التنوخي: حدّثني أُبَيُّ بن أبي علي بن أبي حامد: سمعنًا خلْقًا بحلب يحكون والمتنّبي بها إذ ذاك أنّه تنبّأ في بادية السَّمَاوَة، قال: فخرج إليه لِؤلؤ أميرٌ حمصي من قِبَل الإخشيديّة فأسره بعد أن قاتل المتنّبي ومَن معه، وهرب مَن كان اجتمع عليه من حلب، وحبسه دهرًا، فاعتلّ وكاد أن يتلف، ثم استُتيب بمكتوبٍ.
وكان قد قرأ على البَوَادي كلامًا ذكر أنّه قرآن أُنْزِل عليه نَسَخْتُ منه سورة فضاعَتْ وبقي أوَّلُها في حِفْظي وهو: والنّجْمِ السَّيّار والفلكِ الدّوّار واللّيل والنّهار إنّ الكافر لَفِي أخطار، امْضِ على سُنَنِك واقْفُ أَثَرَ من كان قَبْلَكَ من المرسلين، وإنّ الله قامِع زَيْغَ مَن أَلْحَدَ في الدّين وضلَّ عن السبيل. قال: وهي طويلة. قال: وكان المتنّبي كان إذا شُوغِبِ في مجلس سيف الدولة- ونحن إذ ذاك بحلب- يُذكر له هذا القرآن فينكره ويَجحده.
وقال له ابن خالَوَيْه النحويّ يومًا في مجلس سيف الدولة، لولا أنّ الآخر جاهلٌ لما رضي أن يُدعى المتنبّي لأنّ متنبّئ معناه كاذب، فقال: إنّي لم أرض أنْ أُدْعَ به.
ومن قوله مما رواه عنه ابن باكويه، سمع منه بشيراز:
وما أنا بالباغي على الحبّ رشْوَةً ... قبيحٌ هوًى يُرجَى عليه ثوابُ
إذا نِلْتُ منك الوُدَّ فالمال هيّن ... وكلّ الّذي فوق التراب تراب [2]
__________
[1] تاريخ بغداد 4/ 103.
[2] ويروى: «ضعيف هوى يبغى عليه ثواب» (شرح اليازجي 1/ 357) وهو من قصيدة يمدح

(26/103)


وله:
وبعين مفتقر إليك رأيَتني ... فهَجَرْتَني ورَمَيْتَ بي من حالِقِ [1]
لَسْتَ المَلُومَ أنا المَلُومُ لأنني ... أَنزلت حاجاتي بغير الخالِق
وله شعر بالسَّنَدِ المتَّصل مما ليس في ديوانه. وما خرج من مصر حتى أساء إلى كافور وهجاه، كما ذلك مشهور.
قال المختار محمد بن عبد الله المسبّحي: لما هرب المتنبّي من مصر وصار إلى الكوفة، ثم صار إلى ابن العميد ومدحه، فقيل إنه وصل إليه منه ثلاثون ألف دينار، وفارَقَه ومضى إلى عَضُد الدَّولة إلى شيراز فمدحه، فوصله بثلاثين ألف دينار، ففارقه على أن يمضي إلى الكوفة يحمل عياله ويجيء، فسار حتى وصل إلى النُّعمانية [2] بإزاء قرية، فوجد أثر خيلٍ هناك، فتنسّم خَبَرَها، فإذا هي خيل قد كمنت له لأنّه قصدها، فواقَعُوه فطُعن، فوقع عن فرسه، فنزلوا فاحْتزُّوا رأسه، وأخذوا الذهب الذي معه، وقُتل معه ابنه فخشد وغلامه، وكان معه خمسة غلمان، وذلك لخمسٍ بَقِين من رمضان سنة أربعٍ وخمسين.
وقال الفرغاني: لما رحل المتنبّي من المنزلة جاءه خُفَراءُ فطلبوا منه خمسين درهمًا ليسيروا معه فمنعه الشُّحُّ والكِبْرُ، فقدّموه، فكان من أمره ما كان.
ورثاه أبو القاسم مظفَّر بن علي الزَّوْزَنيّ بقوله:
لا رَعَى الله سِرْبَ هذا الزمانِ ... إذْ دهانا في مثل ذاك اللّسان
__________
[ () ] فيها كافورا ومطلعها:
«منّى كنّ لي أنّ البياض خضاب ... فيخفى بتبييض القرون شباب»
(نفسه/ 253) .
[1] كذا في الأصل، ويروى:
أبعين مفتقر إليك نظرتني ... فأهنتني وقذفتني من حالق
راجع مصادر ترجمته.
[2] النّعمانية: بالضمّ. بليدة بين واسط وبغداد في نصف الطريق على ضفّة دجلة. (معجم البلدان 5/ 294) .

(26/104)


ما رأي الناسُ ثانيَ المتنبّي ... أيُّ ثانٍ يُرَى لِبِكْرِ الزّمان
كان في [1] نفسه الكبير في جيشٍ ... وفي كِبْرياءٍ ذي سُلطْان
كان في شعره نبيًّا [2] ولكنْ ... ظهرت مُعجزاتُه في المعاني [3]
وقيل إنه قال شيئًا في عَضُدِ الدولة، فدسّ عليه من قتله، لأنّه لما وفد عليه وَصَله بثلاثة آلاف دينار وثلاثة أفراس مُسْرَجَة مُحلاة وثياب مُفْتَخَرة، ثم دسّ عليه من سأله: أين هذا العطاء من عطاء سيف الدولة؟ فقال: هذا أجْزَل إلّا أنّه عطاءُ مُتَكَلَّفٍ، وسيف الدولة كان يُعطي طبْعًا، فغضب عَضُدُ الدولة، فلما انصرف جهّز عليه قومًا من بني ضبّة، فقتلوه بعد أن قاتل قتالًا شديدًا، ثم أنهزم، فقال له غلامه: أين قولك:
الخَيْلُ واللَّيْلُ والبَيْدَاءُ تعرِفُنيِ ... والحربُ والضَرْبُ والقِرْطَاسُ والقَلَمُ [4]
فقال: قتلتني قاتلك الله، ثم قاتل حتى قُتل.
وقال ضياء الدين نصر الله بن الأثير: سافرت إلى مصر ورأيت الناس يشتغلون بشعر المتنبّي، فسألت القاضي الفاضل فقال: إنّ أبا الطيّب ينطق عن خواطر الناس.
وقال صاحب اليتيمة [5] : استنشد سيفُ الدولة أبا الطيّبِ قصيدَتَه الميميّة وكانت تعجبه، فلما قال له:
وقفت وما في الموت شكُّ لِوَاقِف ... كأنَّك في جفْن الرَّدَى وهو نائمُ
تمرُّ بك الأبطالُ كَلْمَى هَزِيمةً ... ووجْهُك وضّاحٌ وثغْرُك باسِمُ
فقال: قد انتقدنا عليك من البيتين كما انْتُقِد على امرئ القيس قوله:
__________
[1] وقيل «من» .
[2] وقيل: «هو في شعره نبيّ» .
[3] الأبيات في اليتيمة 1/ 189، ووفيات الأعيان 1/ 124.
[4] ويروى: «والضرب والطعن..» وهو من قصيدة ميمية قالها في مجلس سيف الدولة ومطلعها:
واحرّ قلباه ممّن قلبه شبم ... ومن بجسمي وحالي عنده سقم»
(شرح العكبريّ 3/ 362 و 369) .
[5] يتيمة الدهر 1/ 16.

(26/105)


كأنّي لم أركبُ جوادًا ولم أَقُلْ ... لخيلي كرّي كَرَّةً بعد إجفالٍ [1]
ولم أسبأ الزّقَّ الرَّوِيَّ للذَّةٍ ... ولم أتبَطّن كاعِبًا ذات خلخالٍ
ولك أن تقول الشطر الثاني من البيت الثاني مع الشطر الأول وشطره مع الثاني. فقال: أيَّدك الله إنْ صح أنّ الذي استَدْرَكَ على امرئ القَيْس أعلمُ بالشِعْر منه، فقد أخطأ امرؤ القيس، وأنا، ومولانا يعرف أنّ الثوب لا يعرفه البزّاز معرفة الحائك، لأنّ البزاز يعرف جملته، والحائك يعرف جملته وتفاريقه، لأنْه هو الذي أخرجه من الغزْل إلى الثوبيّة، وإنّما قرن امرؤ القيس لذَّةَ النساء بلذَة الركُوب إلى الصَّيْد، وقرن السماحة في شراء الخمر للأضياف بالشجاعة في منازلة الأعداء. وأنا لما ذكرت الموتَ في أول البيت أتْبَعْتُه بذِكْر الرَّدَى وهو الموت لتَجَانُسِه، ولما كان وجه المنهزِم لا يخلو من أن يكون عَبُوسًا وعينه من أن تكون باكية. قلت: (ووجهُك وضّاح وثغْرُك باسِمُ) لأجمع بين الأضداد في المعنى، وإنْ لم يتَّسع اللفْظُ لجمعِها. فأُعجِب سيفُ الدولة بقوله، ووصله بخمسمائة دينار [2] .
وكان المتنبّي آيةٌ في اللغة وغريبها، يقال: إنّ أبا عليّ الفارسيّ سأله فقال: كم لنا من الجموع على وزن فَعْلَى؟ فقال لوقته. جحلى وظِرْبَى. قال أبو علي: فطالعت كُتُب اللغة ثلاث ليالٍ على أن أجد لهذين الجمعين ثالثا فلم أجد، وجحلى جمع جحل، وهو طائر معروف، وظربى جمع ظربان وهي دُوَيبة منتنة الرّيح.
ومن قوله الفائق:
رماني الدهْرُ بالأرْزاء حتّى ... فؤادِي في غشاء من نِبَالِ
فصرْتُ إذا أصابتني سهام ... تكسّرتِ النِّصالُ على النّصال [3]
__________
[1] في الأصل (إجفالي) والتصويب عن: شرح الأشعار الستة الجاهلية ج 1/ 138 للوزير أبي بكر بن البطليوسي. تحقيق ناصيف عواد. بغداد سنة 1979.
[2] يتيمة الدهر 1/ 16، 17.
[3] ديوانه بشرح العكبريّ 3/ 9. ومطلع القصيدة:
نعدّ المشرفيّة والعوالي ... وتقتلنا المنون بلال قتال

(26/106)


وله في سيف الدولة:
كلّ يومٍ لك ارْتحالٌ [1] جديدٌ ... ومَسيرٌ للمجد فيه مُقَامُ
وإذا كانت النّفوس كبارا ... وتعبت في مُرادِها الأَجَسامُ [2]
وله:
نَهَبْتَ من الأعمار ما لو حَوَيْتَها ... لَهُنِّئتِ الدُّنيا بأنَّك خالِدُ [3]
ومن شعره:
قد شَرَّف الله أرْضًا أنتَ ساكِنُها ... وشرَّفَ النَّاسَ إذْ سَوَّاك إنسانا [4]
وله:
أزُورُهُم وسَوَادُ اللَّيْلِ يشفعُ لي ... وأنْثَني وبياضُ الصُّبْحِ يُغْرِي بي [5]
وله:
لولا المَشَقَّة ساد النّاس كلّهم ... الجود يفقر والإقدام قتّال [6]
__________
[1] وقيل «احتمال» (المنتظم 7/ 29) .
[2] من قصيدة يمدح فيها سيف الدولة. ومطلعها:
أين أزمعت أيّهذا الهمام ... نحن نبت الربا وأنت الغمام
شرح العكبريّ 3/ 343) .
[3] من قصيدة يمدح فيها سيف الدولة، ومطلعها:
عواذل ذات الخال في حواسد ... وإنّ ضجيج الخود مني لماجد
(شرح العكبريّ 1/ 268) .
[4] من قصيدة يمدح أبا سهل سعيد بن عبد الله، ومطلعها:
قد علّم البين منا البين أجفانا ... تدمى، وألّف في ذا القلب أحزانا
(العكبريّ 4/ 220) .
[5] من قصيدة له في مدح كافور، ومطلعها:
من الخاذر في زيّ الأعاريب ... حمر الحلي والمطايا والجلابيب
(شرح العكبريّ 1/ 59) .
[6] من قصيدة يمدح فيها أبا شجاع فاتك، ومطلعها:
لا خيل عندك تهديها ولا مال ... فليسعد النطق إن لم تسعد الحال
(العكبريّ 3/ 276) .

(26/107)


ويحكى عن بعض الفُضلاء قال: وقفت على أكثر من أربعين شرحًا لديوان المتنّبي ما بين مطوَّلٍ ومُخْتَصَرٍ.
وقال أبو الفتح بن جِني: قرأت ديوانه عليه فلما بلغت إلى قوله في كافور:
ألا ليت شِعْري هل أقول قصيدة ... ولا أشتكي فيها ولا أَتَعَتَّب
وبي ما يَذُود الشِعْر عنّي أقلّه ... ولكنّ قلبي يا ابْنَة القومٍ قُلَّب [1]
فقلت له: يعزّ عليّ كيف هذا الشعر في غير سيف الدولة، فقال: [2] حذّرناه وأنذرناه فما نفع، ألست القائل فيه: «أخا الجودِ أعطى الناسُ ما أنت مالك ولا يعطى (مالنا) [3] الناس» ، فهو الذي أعطاني كافورًا بسوء تدبيره وقلّة تمييزه ما أنا قائل.
وبَلَغَنَا أنّ المُعْتَمِد بن عَبّاد صاحب الأندلس أنشد يومًا بيتًا للمتنّبي قوله:
إذا ظَفِرتْ مِنك العيونُ بنظرةٍ ... أثاب بها مُعيي المطيّ ورازمه [4]
فجعل المُعْتَمِد يردّده استحسانًا له، فارتجل عبد الجليل بن وهبون [5] وقال:
لَئنَ جاد شِعْرُ ابن الحُسَين فإنّما ... تجيد العطايا واللُّهَى تفتح اللَّهَى
تَنَبَّأ عُجْبًا بالقَرِيضِ ولو دري ... بأنّك تروي شعره لتألّها [6]
__________
[1] من قصيدة يمدح فيها سيف الدولة الحمداني، ومطلعها:
أغالب فيك الشوق والشوق أغلب ... وأعجب من ذا الهجر والوصل أعجب
(شرح العكبريّ 1/ 176 و 181) .
[2] كتب أيضا على الهامش «قال» .
[3] عن هامش الأصل. والشطر الثاني مبتور.
[4] من قصيدة يمدح فيها سيف الدولة الحمداني، ومطلعها:
وفاؤكما كالرّبع أشجاه طاسمه ... بأن تسعدا والدمع أشفاه ساجمه
(شرح العكبريّ 3/ 325 و 331) .
[5] وفي الهامش «وقيل ابن زيدون» .
[6] وفيات الأعيان 1/ 124.

(26/108)


أحمد بن محمد بن إبراهيم [1] أبو بكر الأصبهاني المؤدب، عُرف بابن دقّ الأديب.
يروي عن: إسحاق بن إبراهيم بن جميل.
وعنه: أبو نُعَيم، وابن أبي علي.
أحمد بن محمد بن أحمد [2] بن الصباح أبو العباس الكبشي البغدادي.
سمع: أحمد بن محمد البرتي، وإبراهيم الحربي، ومُعاذ بن المُثنّى.
قال الخطيب: كان ثقة. [روى] عنه هلال الحفّار.
أحمد بن يعقوب [3] أبو جعفر النحوي البغدادي [يُعرف] ببرزَوَيهِ غلام نِفطَويْه، أصله من أصبهان.
يروي عن: محمد بن نُصَير، ومحمد بن يحيى بن مَنْدَه، وأبي خليفة.
وعنه: أبو الحسن بن رزقويه، وأبو علي بن شاذان.
تُوُفّي في رجب.
إبراهيم بن محمد بن سهل أبو إسحاق التّراب.
قتلته الباطنّية بَهَرَاة لإنكاره للمُنْكَر، وصلّى عليه ابنه أبو بكر.
سمع: أبا خليفة الْجُمَحِي، وأبا علي المَوْصِلّي.
وعنه: الجارودي، وغيره.
إبراهيم بن محمد بن أحمد بن بسام، أبو إسحاق الهاشمي العباسي الرشيدي.
يروي عن: بكر بن سهل الدّمياطيّ، وغيره.
لا أعرفه.
__________
[1] أخبار أصبهان 1/ 161، الوافي بالوفيات 7/ 318 رقم 3302.
[2] تاريخ بغداد 4/ 364 رقم 2227.
[3] تاريخ بغداد 5/ 226 رقم 2705.

(26/109)


بَكر بن شُعيْب [1] بن بكر بن محمد، أبو الوليد القُرَشي.
سمع: أحمد بن عمرو بن عبد الخالق، وسعيد بن عبد العزيز الحلبي، وجماعة.
وعنه: ابن مَنْدَه، وتمّام الحافظ، وعبد الرحمن بن عمر بن نصر، وأحمد بن عَوْن الله القُرْطُبي، وهو دمشقي.
تميم بن أحمد بن تميم [2] بن ثابت أبو الحسين البُوَيْطي المصري.
تُوُفّي في رجب. ومولده ببُوَيْط [3] سنة تِسْعٍ وسبعين.
قال الحسين البُوَيْطي الطحّان: حدّثونا عنه.
شاكر بن عبد الله المَصّيصي [4] أبو الحسن.
حدّث ببغداد عن: محمد بن موسى النهرتيري [5] ، وعمرو بن سعد المنبجي، والحسن بن فيل.
وعنه: ابن رزقويه، ومحمد بن طلحة بن عبد الله السُّكّري.
قال الخطيب: ما علمت من حاله إلا خيرا.
محمد بن أحمد بن عثمان [6] بن عنبر المروزي.
حدّث في هذه السنة ببغداد عن: أبي العبّاس السرّاج، وابن خُزَيْمة.
وعنه: الدارقُطْني مع جلالته، وأبو الحسن الحمامي، وعبد الله بن يحيى السّكّري.
وثّقه الخطيب.
__________
[1] تهذيب ابن عساكر 3/ 289.
[2] الأنساب 2/ 339.
[3] بويط: بالضمّ ثم الفتح. قرية بصعيد مصر قرب بوصير. (معجم البلدان 1/ 513) .
[4] تاريخ بغداد 9/ 300 رقم 2842.
[5] في الأصل «الهزيري» والتصحيح عن تاريخ بغداد.
[6] تاريخ بغداد 1/ 318 رقم 211.

(26/110)


محمد بن أحمد بن محمد [1] بن قريش البزّاز المجهزّ.
سمع: محمد بن عثمان بن أبي شَيْبة، ومحمد بن يحيى المروزي.
وعنه: ابن رزقويه بن داود الرازي، وطلحة الكتّاني.
تُوُفّي في رجب ببغداد، وكان ثقة. قاله الخطيب.
محمد بن أَبان بن سيد [2] بن أبان أبو عبد الله اللخمي القُرْطُبي.
كان عارفًا باللغة والعربية والنَّسَب والأخبار، مصنَّفًا مكِينًا عند الحَكَم المُسْتَنصِر باللَّه.
أخذ عن أبي علي القالي.
محمد بن إبراهيم أبو بكر الْجَوْزي الأديب المسند، أحد الأئمة.
سمع: حمّاد بن مدرك، وجعفر بن أحمد متُّويه.
وعنه: الحاكم، وغيره.
مات بفارس.
محمد بن إسحاق بن أيوب أبو العباس النَّيّسابوري، أخو الإمام أبي بكر الضَّبعيّ، ومحمد الأّسَنّ.
قال الحاكم: لزم الفُتُوَّة إلى عمره، وكان أخوه ينهانا عنه لِما كان يتعاطاه، لا لجَرحٍ في سَماعه.
سمع: إبراهيم بن عبد الله السّعديّ، ويحيى بن محمد الذّهليّ، وسهل بن عمّار، ومحمد بن أيّوب بن الضريس.
وعاش مائة سنة وزيادة أربع سنين، وعُقِد له مجلس الإملاء بعد وفاة أخيه.
قلت: روى عنه الحاكم.
__________
[1] تاريخ بغداد 1/ 242 رقم 259.
[2] تاريخ علماء الأندلس 2/ 67 رقم 1287.

(26/111)


محمد بن حبّان بن أحمد [1] بن حبّان بن مُعَاذ بن مَعْبَد بن شهيد بن هُدْبة بن مُرَّة بن سعد بن يزيد بن مُرَّة بن زيد بن عبد الله بن دارم بن حَنْظَلة بن مالك بن زيد بن مَنَاة بن تميم، أبو حاتم التميمي البُسْتي [2] الحافظ العلامة، صاحب التصانيف.
سمع: الحسين بن إدريس الهَرَوي، وأبا خليفة، وأبا عبد الرحمن النَّسائي، وعِمران بن موسى، وأبا يَعْلَى، والحسن بن سُفْيان، وابن قُتَيْبة العَسْقَلاني، والحسين بن عبد الله القطّان، وجعفر بن أحمد الدمشقي، وحاجب بن أرْكين، وأحمد بن الحسن الصوفي، وابن خُزَيْمة، والسرّاج، وهذه الطبقة بالشام والعراق ومصر والجزيرة وخراسان والحجاز.
وعنه: الحاكم، ومنصور بن عبد الله الخالديّ، وأبو معاذ عبد الرحمن بن محمد بن رزق الله السِجِسْتاني، وأبو الحسن محمد بن أحمد بن هارون الزَّوزني [3] ، ومحمد بن أحمد بن منصور النَّوقاني، وجماعة.
قال أبو سعيد الإدريسي: كان على قضاء سمرقند زمانًا، وكان من فقهاء الدّين وحُفّاظ الآثار، عالمًا بالطبّ والنجوم وفنون العلم. ألّف «المسند الصّحيح» و «التاريخ» و «الضّعفاء» وفقّه الناس بسمرقند.
وقال الحاكم: كان من أوعية العلم في الفقه واللغة والحديث والوعظ، ومن عقلاء الرجال. قدم نَيْسابور فسمع من عبد الله بن شيرويه، ورحل إلى
__________
[1] سير أعلام النبلاء (مخطوط) 10/ 166، عيون التواريخ (مخطوط) 12/ ق 1/ 124، اللباب 1/ 273، الوافي بالوفيات 2/ 317، طبقات السبكي 2/ 141، البداية والنهاية 11/ 259، الكامل في التاريخ 8/ 566، تذكرة الحفّاظ 3/ 125، لسان الميزان 5/ 112، مرآة الجنان 2/ 357، ميزان الاعتدال 3/ 39، العبر 2/ 300، المختصر في أخبار البشر 2/ 111، مفتاح السعادة 2/ 15، النجوم الزاهرة 3/ 342، شذرات الذهب 3/ 16، دول الإسلام 1/ 220، الأنساب 80 ب، معجم البلدان 1/ 415، تلخيص ابن مكتوم 207، طبقات الحفاظ 374، 375، الرسالة المستطرفة 20، 21، إنباه الرواة 3/ 122، مقدّمة صحيح ابن حبّان 1/ 10، موسوعة علماء المسلمين ج 4/ 144- 147 رقم 1362.
[2] البستي: نسبة إلى بست، بالضم. مدينة بين سجستان وغزنين وهراة. (معجم البلدان 1/ 414) .
[3] في الأصل «الزورقي» .

(26/112)


بخارى فلقي عمر بن محمد بن بجير، ثم ورد نَيْسابور سنة أربعٍ وثلاثين، ثم خرج إلى قضاء نَسَا، ثم انصرف سنة سبعٍ وثلاثين فأقام بنيسابور وبنى الخانكاه [1] ، وقُرئ عليه جملة من مُصَنْفاته، ثم خرج من نيسابور سنة أربعين إلى وطنه. وكانت الرحلة إليه لسماع مصنّفاته، وقال: كان ثقة نبيلا فَهْمًا.
وقد ذكره ابن الصّلاح في طبقات الشافعية وقال: غلط الغَلَط الفاحش في تصرُّفِهِ.
وقال ابن حبّان- في كتاب «الأنواع والتقاسيم» -: ولعلّنا قد كتبنا عن أكثر من ألفي شيخ.
وقال شيخ الإسلام أبو إسماعيل الأنصاري: سِألت يحيى بن عمّار عن أبي حاتم بن حبّان: هل رأيته؟ قال: وكيف لم أره ونحن أخرجناه من سِجِسْتان، كان له عِلْم كبير ولم يكن له كثيرُ دِين، قدم علينا فأنكر الحمد للَّه، فأخرجناه.
قلت: إنكار الحمد وإثباته، مما لم يبتّ به نصّ، والكلام حكم فضول، ومن حُسْن إسلام المرء تركه ما لا يعينه، والأيمان بأنّ الله تعالى ليس كمثله شيء من قواعد العقائد، وكذلك الإيمان [بأنّ] الله بائن من خلقه، متميّزة ذاته المقدّسة من ذوات مخلوقاته.
وقال أبو إسماعيل الأنصاري: سمعت عبد الصمد محمد بن محمد سمعت أبي يقول: أنكروا على ابن حبّان قوله: النّبوّة: العِلْم والعمل، فحكموا عليه بالزندقة وهُجر، وكُتِب فيه إلى الخليفة فكتب بقتله. وسمعت غيره يقول:
لذلك أخرج إلى سمرقند.
وقال الحاكم: سمعت أحمد بن محمد الطيّبي يقول: تُوُفّي أبو حاتم ليلة الجمعة لثمانٍ بقين من شوّال سنة أربع وخمسين بمدينة بست.
__________
[1] الخانكاه: أو: الخانقاه: جمعه خوانق، وخانقاوات، وهو بيت ينقطع فيه الصوفية للعبادة والذكر. وهي كلمة فارسية الأصل بمعنى بيت، دخلت اللغة العربية منذ انتشار التصوّف.
(انظر كتابنا: تاريخ وآثار مساجد ومدارس طرابلس- ص 340) .

(26/113)


قلت: قوله النّبُوّة: العلم والعمل، كقوله عليه السلام: الحجّ عَرفَة، وفي ذلك أحاديث. ومعلوم أنّ الرّجل لو وقف بَعَرفَة فقط ما صار بذلك حاجًّا، وإنّما ذكر أشهر أركان الحجّ، وكذلك قول ابن حِبّان فذكر أكمل نُعُوت النبيّ، ولا يكون العبد نبيًّا إلّا أن يكون عالمًا عاملًا، ولو كان عالمًا فقط لما عُدَّ نبيًّا أبدًا، فلا حيلة لبشر في اكتساب النبوّة.
محمد بن الحسن بن يعقوب [1] بن مُقَسّم أبو بكر البغدادي المقرئ العطّار. وُلد سنة خمسٍ وستّين ومائتين.
وسمع: أبا مسلم الكجّي، ومحمد بن عثمان بن أبي شَيْبة، ومحمد بن يحيى المروزي، وموسى بن إسحاق الأنصاري، وغيرهم، وقرأ القرآن على إدريس بن عبد الكريم بن خلف، وطال عمره وأقرأ النّاس رواية حمزة.
وقرأ عليه: إبراهيم بن أحمد الطّبري، وأبو الفرج عبد الملك بن بكران النَّهرواني، وأبو الحسن الحمامي، وعلي بْن أحمد بْن محمد بْن دَاوُد الرّزّاز المحدّث شيخ عبد السيّد بن عتّاب في التّلاوة، وغيرهم. وحدّث عنه أبو الحسن بن رزقويه، وابن داود الرزّاز، وأبو علي بن شاذان، وغيرهم.
وهو راوي أمالي ثعلب عنه، وهو من عوالي ما نقع من طريقه، أعلى من الجزء المنسوب إليه بدرجة.
قال الخطيب: كان ثقة، وكان من أحفظ الناس لنحو الكوفيّين وأعرفهم بالقرآن كتبًا، قال: وطُعن عليه بأن عمد إلى حروفٍ من القرآن تخالف الإجماع، فأقرأ بها، فأنكِر عليه، وارتفع أمرُه إلى الدولة، فاستُتِيب بحضرة الفقهاء والقرّاء وكُتب عليه محضر بتوبته، وقيل: إنّه لم ينزع فيما بعد عن ذلك بل كان يُقرئ بها.
وقال أبو طاهر بن أبي هاشم في كتاب «البيان» : وقد نبغ في عصرنا
__________
[1] تاريخ بغداد 2/ 206 رقم 638، العبر 2/ 301، المنتظم 7/ 30 رقم 31، البداية والنهاية 11/ 259، الوافي بالوفيات 2/ 337 رقم 789، غاية النهاية 2/ 123، ميزان الاعتدال 3/ 44، شذرات الذهب 3/ 16، معرفة القراء 1/ 246

(26/114)


نابغ، فزعم أنَّ كل ما صحّ عنده وجهٌ في العربية لحرف موافق خطّ المصحف فقراءته جائزة في الصلاة.
وقال أبو أحمد الفَرَضي راتب المسجد: صلّى مع الناس، وكان ابن مُقَسّم قد وَلّي ظهره القبلة، وهو يصلّي مُسْتَدبِرَها، فأوّلْتُ ذلك ما اختاره لنفسه من القراءات.
تُوُفّي ابن مُقَسّم في ربيع الآخر.
محمد بن عبد الله بن إبراهيم [1] بن عَبْدُوَيْه، أبو بكر الشافعي البزّاز المحدّث.
مولده بجَبُّل [2] في جُمادى الأولى أو الآخرة سنة ستين ومائتين.
وسكن ببغداد، فسمع: محمد بن الجهم السّمَّري، ومحمد بْن شدّاد المِسمعي، وموسى بْن سهل الوشّاء، وأبا قلابة، وعبد اللَّه بْن رَوْح المدائني، ومحمد بْن إسماعيل الترمذي، ومحمد بن الفرج الأزرق، ومحمد بن غالب تمتام، وإسماعيل القاضي، وجماعة يطول ذكرهم.
وعنه: الدارقطنيّ، وابن شاهين، وأحمد بن عبد الله المحاملي، وأبو علي بن شاذان، وخلق كثير آخرهم أبو طالب بن غيلان.
قال الخطيب: كان ثقة، ثَبْتًا، حسن التصنيف جمع أبوابًا وشيوخًا.
حدّثني ابن مَخْلَد أنّه رأي مجلسًا كُتِب عن الشافعيّ سنة ثماني عشرة وأربعمائة، ولما مَنَعَت الدّيْلَمُ- يعني بني بُوَيْه- الناسَ عن ذِكر فضائل الصحابة وكتبوا سَبّ السّلَف على أبواب المساجد، كان أبو بكر الشافعي يتعمّد
__________
[1] تاريخ بغداد 5/ 456 رقم 2995، الوافي بالوفيات 3/ 347 رقم 1423، المنتظم 7/ 32 رقم 32، العبر 2/ 301، البداية والنهاية 11/ 260، مرآة الجنان 2/ 357، شذرات الذهب 3/ 16، تذكرة الحفاظ 3/ 880، 881، سير أعلام النبلاء 16/ 39- 44 رقم 27، دول الإسلام 1/ 220، النجوم الزاهرة 3/ 343، طبقات الحفاظ 360.
[2] جبّل: بفتح الجيم وتشديد الباء وضمّها، ولام. بليدة بين النعمانية وواسط في الجانب الشرقي. (معجم البلدان 2/ 103) .

(26/115)


إملاء الفضائل في الجامع، ويفعل [ذلك] حِسبةً وقُرْبةً.
وقال حمزة السّهْمي: سُئِل الدارقُطْني عن محمد بن عبد الله الشافعي فقال: ثقة جَبَل ما كان في ذلك الوقت أوثق منه.
وقال الدارقُطْني أيضًا: هو الثقة المأمون الذي لم يُغْمَز بحالٍ.
وقال ابن رزقويه: تُوُفّي في ذي الحجّة سنة أربع.
قلت: و «الغيلانيات» هي أعلى ما يُروى في الدُّنيا من حديثه، وأعلى ما كان عند ابن الحُصَين شيخ ابن طَبَرزَد [1] .
وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ، وَالْمُسْلِمُ بْنُ محمد، وَجَمَاعَةٌ كِتَابَةً قَالُوا: أنا عُمَرُ بْنُ طَبَرْزَدَ، أنا ابْنُ الْحُصَيْنِ، أنا محمد بْنُ محمد، أنا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، ثنا أَبُو يَعلَى محمد بْنُ شَدَّادٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ جَرِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا يَرْحَمُ اللَّهُ مَنْ لا يَرْحَمُ النَّاسَ» [2] . قلت: غير الشافعي أعلى إسنادًا منه فإنّه ليس بين سماعه وموته إلّا ثمانية وسبعون عامًا، ومثل هذا كثير الوجود، وإنّما على حديثه تأخّر صاحبه ابن غيلان، وصاحب صاحبه ابن الحصَين، فإنّ كلّ واحدٍ منهما عاش بعد ما سمع ثمانيًا وثمانين سنة، والله أعلم.
محمد بن محرز بن مساور [3] الفقيه أبو الحسن البغدادي الأدمي.
سمع: محمد بن عبيد الله مرزوق، ومُطَيَّنًا، والعمري.
وعنه: أبو علي بن شاذان، ومحمد بن طلحة المدني.
وثّقه ابن أبي الفوارس وقال: رأيته.
__________
[1] في الأصل «طرزد» .
[2] أخرجه البخاري 2 في التوحيد، ومسلم 66 في الفضائل، والترمذي 16 في البرّ، و 48 في الزهد، وابن حنبل في مسندة 3/ 40 و 4/ 358 و 360 و 361 و 362 و 365 و 366.
[3] تاريخ بغداد 3/ 287 رقم 1374.

(26/116)


محمد بن عُمَر بن إسْمَاعِيل أَبُو بَكْر المقرئ الحطّاب.
سمع: يحيى بن أيّوب العلاف.
محمد بن القاسم بن عبد الرحمن الكِنْدي المصري، أبو الحسن الحذّاء.
سمع: بكر بن سهل الدِمياطي.
محمد [بن] مكي [1] بن أحمد بن سعدويه [2] أبو بكر البردعي.
طوّف [3] وسمع: البغوي، وابن صاعد، وأبا عَروُبة الحرّاني، وأبا جعفر الطّحاوي، وابن جَوصا.
وعنه: أبو الوليد حسّان بن محمد، وهو أكبر منه، ونصر بن محمد الطُّوسي العطّار، وأبو عبد الله الحاكم، وقال: تُوُفّي بالشّاش.
نعَيْم بن عبد الملك بن محمد [4] بن عَدِيّ أبو الحسن الإستراباذي.
فاضل ثقة رئيس.
رحل به أبوه وسَمَّعه من: أبي مسلم الكَجّي، وعبد اللَّه بْن أحمد، وأحمد بْن الحسن، وبكر بن سهل الدمياطيّ، وسمع «الجامع الصحيح» من الكزبري.
وتُوُفّي سنة ثلاثٍ أو أربعٍ وخمسين.
روى عنه: الفتى أبو بكر محمد بن يوسف الشّالنجي الْجُرْجاني، وأبو زُرْعَة محمد بن يوسف الحافظ، وحفيدة عبد الملك بن أحمد بن نعيم قاضي جرجان، وآخرون.
__________
[1] في الأصل «محمد مكي» .
[2] المنتظم 7/ 32 رقم 33.
[3] في الأصل «ظرف» .
[4] تاريخ جرجان 479، 480 رقم 960.

(26/117)


[وفيات] سنة خمس وخمسين وثلاثمائة
أحمد بن شعيب بن صالح [1] أبو منصور البخاري الورّاق.
سمع: صالح بن محمد بن جزرة، وحامد بن سهل، ومحمد بن حُرَيْث، وأبا خليفة الْجُمَحي، وزكريا السّاجي [2] ، وعمر بن أبي غيلان.
وعنه: أبو الحسن بن رزقويه، ومحمد بن طلحة النّعالي [3] ، وعبد الغفّار المؤدّب.
حدّث ببغداد.
وقال الخطيب: كان صالحًا ثبتًا.
أحمد بن العبّاس بن عُبَيد الله [4] أبو بكر البغدادي ويُعرف بابن الإمام.
قرأ القرآن على: الأشناني، وأبي بكر بن مجاهد، وكان مُجَوَّدًا حاذقًا.
انتقل إلى خراسان وأقرأ هناك، وتوفّي بالرّيّ.
روى عنه: الحاكم وقرأ عليه لأبي عمرو وقال: كان أوحد وقته في
__________
[1] تاريخ بغداد 4/ 193 رقم 1883.
[2] في الأصل «الناجي» .
[3] في الأصل «البقال» .
[4] معرفة القراء 1/ 250.

(26/119)


القراءات، دخل مَرْو وبُخارَى، وسمعتهم يذكرون أنَّ نُوح بن نصر الأمير قرأ عليه ختمة ووَصَله بأموال، ثم إنّه سافر إلى فَرغانة. وكان خليعًا يُضيّع ما يحصل له، وكان لا يُخْلي لياليه من اجتماع الصوفية والقَوَّالين. وسمعته يقول: سمعت من عبد الله بن ناجية، ومن الفِريابي، (وسمعته يقول يوم وفاته: أما سمعت جواريه يصحن: وا سيّداه من يكفن الغريب، فبلغني أنّه مات لم يُكَفَّن) [1] .
وممّن قرأ عليه: عيسى أبو بكر الحِيري.
أحمد بن عبد الرحمن بن الفضل [2] أبو بكر العجلي البغدادي الدّقّاق المقرئ المعروف بالوليّ.
سمع: أحمد بن يحيى الحلواني، وعبيد الله بن ناجية، ومحمد بن الليث [3] الجوهري.
وعنه: علي بن داود الرّزّاز، وغيره.
وقد قرأ على أبي جعفر أحمد بن فرح، وعلي بن سُلَيْم بن إسحاق الخطيب، وأحمد بن سهل الأشناني، وأبي عبد الرحمن اللهبيّ، وأبي عثمان سعيد بن عبد الرّحيم الضرير من أصحاب الدُّوري.
قرأ عليه: إبراهيم بن أحمد الطّبري، وإسناد تلاوته في كتاب «المستنير» ، وأبو الحسن الحمامي، وجماعة.
تُوُفّي في رجب لثمانٍ بقين منه ببغداد.
أحمد بن قانع بن مرزوق [4] القاضي أبو عبد الله البغدادي الفَرَضيّ، أخو عبد الباقي.
__________
[1] ما بين القوسين عن هامش الأصل، وقد وردت العبارة في المتن مضطربة- ص 45.
[2] تاريخ بغداد 4/ 249 رقم 1974، معرفة القراء 1/ 250، غاية النهاية 1/ 66، 67.
[3] في الأصل «الريث» .
[4] تاريخ بغداد 4/ 355 رقم 2205.

(26/120)


سمع: الحسين بن المُثَنَّى بن معاذ، وخليفة بن عمرو العُكْبَري، وأبا خليفة.
وعنه: علي بن داود الرزّاز، وأحمد بن علي البادي.
ووثّقه الخطيب.
أحمد بن محمد بن الحسين أبو حامد الخسروجرد بن الخطيب الأديب.
سمع: داود بن الحسين البَيّهَقي، وابن الضُّرَيْس، وطبقتهما.
وعنه: الحاكم.
تُوُفّي في ربيع الأوَّل.
أحمد [1] بْن محمد بن شارك [2] أبو حامد الهَرَوي، الفقيه الشافعي، مفتي هَرَاة وعالمها ونَحْوِيُّها.
سمع: محمد بن عبد الرحمن النّامي، والحسن بن سفيان، وأبا يَعْلَى، وطبقتهم.
أخذ عنه: الحاكم أبو عبد الله، وأهل هَرَاة، وبها مات.
وسيأتي في أواخر الطبقة الاختلاف في وفاته.
أحمد بن محمد بن رزمة، أبو الحسين القزويني.
سمع: الحسين بن علي بن محمد الطّنافسي، وموسى بن هارون بن حِبّان، ومحمد بن أيوب بن الضريس.
وعاش مائة سنة.
الحسن بن محمد بن عبّاس أبو علي الرّازي الفلاس.
حدّث بهَمَذان سنة خمسٍ وخمسين عن: محمد بن أيُّوب بن الضُّرَيس، وإبراهيم بن يوسف.
__________
[1] طبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 525، 526 رقم 1223 وستأتي ترجمته ومصادرها في من لم تحفظ وفاته.
[2] في الأصل «شاوك» .

(26/121)


روى عنه: ابن خانجان، وأبو طاهر بن سلمة.
الحسن بن داود بن علي [1] بن عيسى بن محمد بن القاسم بن الحسن ابن زَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أبو عبد الله العلوي النَّيْسَابُوري.
قال الحاكم في ترجمته: شيخ آل رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عصره بخُراسان، وكان من أكثر الناس صِلَة [2] ومحبّة وصدقة لأصحاب رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عصره.
صَحِبْتُه بُرْهَةً من الدَّهْر فما سمعته ذكر عثمان إلا قال: الشهيد. وبكى، وما سمعته يذكر عائشة إلّا قال الصّدّيقة بنت الصّدّيق حبيبة حبيب رسول الله، وبكى.
وسمع: جعفر بن أحمد الحافظ، وابن شيروَيْه، وابن خُزَيْمة.
وكان جدّه علي بن عيسى أزهد العلويّة في عصره وأكثرهم اجتهادًا، وكان عيسى يلقَّب الفيَّاض لكثرة عطائه وجُوده، وكان محمد بن القاسم ينادم الرشيد والمأمون، وكان القاسم راهب آل محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان أبوه أمير المدينة وأحد من روى عنه مالك في «الموطّأ» . قاله الحاكم.
الحسين بن أيّوب العلامة أبو علي الصَّيْرَفي شيخ المالكية بمصر.
مات في ذي الحجّة.
قال عياض: وشيعة كافور صاحب مصر.
عبد الرحمن بن محمد بن حامد [3] بن مَتُّوِيه أبو القاسم البلْخي الزَّاهد.
سمع: مَعْمَر بن محمد العوفيّ، وإسحاق بن هيّاج، وعلي بن مكرم، وحدّث ببغداد بانتخاب محمد بن المُظَفَّر.
روى عنه: ابن رزقويه، وأبو الحسن الحمامي، وابن مردُوَيْه، وعلي بن داود الرزّاز.
__________
[1] تاريخ بغداد 7/ 306 رقم 3822، المنتظم 7/ 34 رقم 34 وفيه «الحسين» ، البداية والنهاية 11/ 261.
[2] في الأصل «صلاة» .
[3] تاريخ بغداد 10/ 294 رقم 5430، المنتظم 7/ 35 رقم 35.

(26/122)


وثّقه الخطيب.
وروى عنه الحاكم وقال: قَلّ ما رأيتَ في المحدّثين أودَعَ منه، وكان محدّث بلْخ في وقته، وقد حجّ سنة خمسين فحدّث بَنْيَسابور وبغداد.
علي بن الإخشيد صاحب مصر. مات شابا في هذه السنة كما هو مذكور في ترجمة كافور [1] .
علي بن الحسن بن علّان [2] الحرّاني أبو الحسن الحافظ، مؤلّف «تاريخ الجزيرة» .
وسمع: أبا عُرُوبة، وأبا يَعْلَى المَوصِلِيَّ، وعبد الله بن زيدان، ومحمد بن جرير الطبري، ومحمد بن محمد الباغَنْدي، وسعيد بن هاشم الطّبراني، وجماعة.
ورحل وطَوّف [3] وصنّف.
وعنه: ابن مَنْده، وتمّام، وأحمد بن محمد بن الحاجّ الأشبيلي، وأبو القاسم عبد الرحمن بن الطّبّيز، وأبو العبّاس محمد بن السمسار، وغيرهم.
قال عبد العزيز الكتّاني: كان ثقة حافظًا نبيلًا. تُوُفّي يوم الأضحى.
محمد بن أحمد بن عبد الوهاب [4] بن داود بن بَهْرام أبو بكر السُّلَمي الأصبهاني المقرئ الضَّرير.
روى عن: علي بن جَبَلَة، وموسى بن هارون، ومحمد بن إبراهيم بن نصر، ومحمد بن عبد الرحيم بن شبيب الأصبهاني، وقرأ القرآن على أبي الحسن الطَّرسُوسي [5] صاحب أبي عمر الدُّورِي، ولا أعرفه وهو علي بن
__________
[1] ستأتي ترجمته في وفيات السنة التالية 356 هـ.
[2] شذرات الذهب 3/ 17.
[3] في الأصل «ظرف» .
[4] أخبار أصبهان 2/ 289.
[5] كذا في الأصل، وعند أبي نعيم «الطوسي» :

(26/123)


أحمد بن محمد بن زياد المكي.
وعنه: أبو نعيم، وأبو بكر بن أبي علي.
وقال أبو نُعَيم: قرأت عليه ختمة.
قلت: وقرأ عليه محمد بن عبد الرحمن الخلقاني، وأحمد بن محمد بن عبدُوَيْه القطّان، وأبو عمر الخرقي.
وحدّث عنه: محمد بن إبراهيم بن مُصْعَب التاجر ختمةً قراءة عاصم.
محمد بن أحمد بن بِشْر [1] المزكّي الحنفي أبو عبد الله الفقيه.
ذكره الحاكم فقال: شيخ أهل الرأي في عصره، وكان من الصالحين فتعجّبنا من خشوعه واجتهاده.
سمع: محمد بن إبراهيم البوسنجي، وإبراهيم بن علي الذُهَلي، وطبقتهما، وكنت أَحُثُّ البغداديين على السماع منه، وقد يُعرف بابنِ بشْرُويْه.
محمد بن الحسين بن منصور [2] أبو الحسن النَّيْسَابُوري التاجر المعدّل، من أحد مشايخ العلم هو وأبوه وعمّه عبدوس.
سمع: محمد بن عمرو الحَرَشي، ومحمد بن إبراهيم البوسنجي، ومحمد بن أيّوب الرازي، وأبا عمر القتّات، ويوسف القاضي، وطائفة.
وكتب ما لم يكتبه غيره، وكان صَدُوقًا متفنّنًا حافظًا. وُلد سنة أربع وسبعين ومائتين، وأكثر الإتقان على العلماء والشيوخ [3] .
انتخب عليه: أبو علي الحافظ مع تقدُمه مائتي جزء، وصنّف الكتب على رسم ابن خُزَيمة.
قال الحاكم: سمعته يقول: عندي عن عبد الله بن ناجية، وقاسم
__________
[1] تاريخ بغداد 1/ 282 رقم 124.
[2] شذرات الذهب 3/ 17 وفيه «محمد بن الحسن بن الحسين بن منصور» .
[3] في الأصل «الشياخ» .

(26/124)


المطرّز ألف جزء وزيادة، وخرجت إلى بُخَارى سنة خمس عشرة فكتبوا عنّي، وقد سمعِ منّي أبي وعمّي ورَوَيَا عنّي.
وقال عبد الله بن سعد الحافظ: كتبت عن أبي الحسن بن منصور أكثر من ثلاثة آلاف حديث استفدتها.
وقال الحاكم: رأيت مشايخنا يتعجّبون من حُسْن قراءة أبي الحسن للحديث وكُفَّ بَصَرُهُ سنة تسعٍ وأربعين.
محمد بن أحمد بن زكريا أَبُو الحسن النَّيْسَابُوري العابد.
سمع: الحسين بن محمد القباني، وأحمد بن النضر بن عبد الوهاب، وإبراهيم بن علي الذهلي، وأبا بكر الجارودي.
قال الحاكم: كان من أفاضل شيوخنا وأكثرهم صحبة، وصار في آخر عمره من العُبّاد المجتهدين، وألِفَ العُزْلَة، وعاش تسعين سنة.
محمد بن الحسن بن الوليد الكلابي أخو تبوك وعبد الوهاب. دمشقي.
حدّث في هذا العام عن: أبي عبد الرحمن النَّسائي، والقاسم بن الليث الرسعني.
وعنه: محمد بن عوف المُزني، وغيره.
محمد بن الحسين بن علي [1] أبو عبد الله الأنباري الوضّاحي الشاعر المشهور، نزيل نيسابور.
سمع: أبا عبد الله المحامليّ، وأبا روق الهزّاني.
روى عنه الحاكم وقال: كان أشعر أهل وقته، فمن شعره:
لأخْمَصَيَّ على هَامِ العُلَى قَدَمُ ... وقطر كفّي في ضرب الطّلى ديم
__________
[1] المنتظم 7/ 35 رقم 36، البداية والنهاية 11/ 261، تاريخ بغداد 2/ 241 رقم 705، الوافي بالوفيات 3/ 5 رقم 856، النجوم 4/ 13، الكامل في التاريخ 8/ 574، يتيمة الدهر 4/ 351، اللباب 3/ 369، سير أعلام النبلاء 16/ 71 رقم 53، الأنساب 12/ 278

(26/125)


فلَسْتُ أملِكُ مالًا لأَجُود به ... ولسْتُ أشْرب ما ليس فيه دَمُ
يَسْتَأْنِسُ اللَّيْلُ بي من كلّ مُوحشةٍ ... تُخْشَى ويعرفُ شَخْصِي الغَوْرُ والأكَمُ
سَلِ الصّحائفَ عنّي والصّفَاحَ مَعًا ... تُنْبي الكُلُومُ بما تُنْبي به الكَلِمُ
محمد بن صالح أبو عبد الله البُسْتي الكاتب. سمع أبا عبد الله البوسنجي وغيره.
محمد بن محمد بن عبدان أبو سهل النَّيْسَابُوري الفقيه الشافعي الصُّوفي.
حجّ وطوّف وجاور. مات غريقًا في طريق فُراء [1] في رجب.
محمد بن عمر بن محمد [2] بن مسلم أبو بكر بن الْجِعابي التميمي البغدادي الحافظ قاضي المَوْصِل.
سمع: عبد الله بن محمد البلْخي، ويحيى بن محمد الحنّائي، ومحمد بن الحسن بن سماعة الحَضْرَميّ، ومحمد بن يحيى المَرْوَزي، ويوسف القاضي، وأبا خليفة، وجعفر الفريابي، وخلقًا كثيرًا.
وكان حافظ زمانه. صحب أبا العبّاس بن عُقْدة، وصنّف في الأبواب والشيوخ والتاريخ. وتشيّعه مشهور.
روى عنه: الدارقطنيّ، وأبو حفص بن شاهين، وابن رزقويه، وابن الفضل القطّان، والحاكم أبو عبد الله، وأبو عمر الهاشمي، وآخرون، آخرهم وفاة أبو نُعَيم الحافظ.
__________
[1] فراء: جبل عند المدينة المنوّرة عند خاخ وثنيّة الشريد. (معجم البلدان 4/ 241) وفي الأصل «مراه» .
[2] تاريخ بغداد 3/ 26 رقم 953، الأنساب 131، تذكرة الحفّاظ 3/ 138، الوافي بالوفيات 4/ 240 رقم 1769، العبر 2/ 302، المنتظم 7/ 36 رقم 38، مرآة الجنان 2/ 358، البداية والنهاية 11/ 261، النجوم 4/ 12، الكامل في التاريخ 8/ 574، اللباب 1/ 282، دول الإسلام 1/ 220، سير أعلام النبلاء 16/ 88- 92 رقم 69، ميزان الاعتدال 3/ 670، 671، لسان الميزان 5/ 322- 324، طبقات الحفاظ 375، 376، شذرات الذهب 3/ 17.

(26/126)


مولده في صفر سنة أربعٍ وثمانين ومائتين.
قال أبو علي الحافظ النَّيْسَابُوري: ما رأيت في المشايخ أحفظ من عَبْدان، ولا رأيت في أصحابنا أحفظ من أبي بكر الْجِعابي، وذاك أني حَسِبْتُهُ من البغداديين الذين يحفظون شيخًا واحدًا أو ترجمة واحدة أو بابًا واحدًا، فقال لي أبو إسحاق بن حمزة يومًا: يا أبا علي لا تغلط في ابن الْجِعابي فإنّه يحفظ حديثًا كثيرًا. قال: فخرجنا يومًا من عند ابن صاعد فقلت له: يا أبا بكر أيش أسْنَدَ الثّوْريّ عن منصور، فمرّ في الترجمة، فقلت: أيش عند أيّوب عن الحسن، فمرّ في الترجمة، فما زلت أجرُّه من حديث مِصر إلى حديث الشام إلى العراق إلى أفراد الخُراسانيّين وهو يُجيب، فقلت: أيش روى الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد، وأبي هُرَيْرَةَ بالشركة، فذكر بضعة عشر حديثًا، فحيّرني حِفْظُه [1] . رواها الحاكم عن أبي علي.
وقال محمد بن الحسين بن الفضل. سمعت ابن الجعابي يقول:
دخلت الرّقّة، وكان لي ثَمّ قِمْطَران كُتُبٍ فأنْفَذْتُ غُلامي إلى الذي عنده كُتُبي، فرجع مغمومًا وقال: ضاعت الكتب، فقلت: يا بُنَيّ لا تغتّمِ، فإنّ فيها مائتي ألف حديثٍ لا يُشْكَلُ عليّ حديث منها لا إسنادًا ولا مَتْنًا [2] .
وقال أبو علي التنوخي: ما شاهدنا أحفظ من أبي بكر بن الْجِعابي، وسمعت من يقول إنّه يحفظ مائتي ألف حديث ويُجيب في مثلها، إلّا أنّه كان يفضل الحفّاظ بأنّه كان يَسُوق المُتُون بألفاظها، وأكثر الحُفّاظ يتسمّحون في ذلك، وكان إمامًا في المعرفة بعلل الحديث وثقات الرجال ومواليدهم ووفياتهم، وما يُطعن على كل واحدٍ منهم، ولم يبق في زمانه من يتقدّمه في الدين [3] .
قال أبو ذرّ الهَرَوي: سمعت أبا بكر بن عبدان الحافظ يقول: وقع إليّ
__________
[1] تاريخ بغداد 3/ 27.
[2] تاريخ بغداد 3/ 28.
[3] قارن بتاريخ بغداد 3/ 28.

(26/127)


جزء من حديث الْجِعابي، فحفظت منه خمسة أحاديث، فأجابني فيها، ثم قال: من أين لك هذا؟ قلت: من جزء لك. قال: إن شئت ألق عليّ المتن وأجيبك في الإسناد أو ألْقِ عَليّ الإسناد وأُجيبك في المَتْن.
وقال أبو الحسن بن رزقويه، مما سمعه من الخطيب: كان ابن الْجِعابي يُملي مجلسَه وتمتلئ السّكّة التي يُملي فيها والطريق، ويحضره ابن المظفّر والدار الدّارقطنيّ ويُملي الأحاديث بطُرُقها من حِفْظه [1] .
قال أبو علي النَّيْسَابُوري: قلت لأبن الْجِعابي: قد وصلت إلى الدَّيَنَور فَهَلا جئت نَيْسابور؟ قال: هممت به ثم قلت: أَذْهَبُ إلى عَجَمٍ لا يفهمون عنّي ولا أفهم عنهم [2] .
وقال الحاكم: قلت للدارقُطْني: يبلغني عن الْجِعابي أنّه تغيّر عمّا عهِدْناه، فقال: وأيّ تَغَيّر؟ قلت باللَّه: هل اتّهَمْتَه؟ قال: أيْ والله، ثم ذكر أشياء، فقلت: وصحّ لك أنّه خلط في الحديث؟ قال: أي والله. قلت: حتى خفت أنّه ترك المذهب، قال: ترك الصلاة والدين.
وقال محمد بن عبد الله المسبّحي: كان ابن الْجِعابي المحدّث قد صحِب قومًا من المتكلّمين فسقط عند [3] كثير من الحديث، وأمر قبل موته أن تُحرق دفاتره بالنّار، فأَنْكِر عليه واستُقْبح ذلك منه، وقد كان وصل إلى مصر ودخل إلى الإخشيد، ثم مضى إلى دمشق فوقفوا على مذهبه فشرّدوه، فخرج هاربًا.
وقال أبو حفص بن شاهين: دخلت أنا وابن المُظفّر والدارقُطْني على الْجِعابي وهو مريض فقلت له: من أنا؟ فقال: سُبْحانَ الله [4] ألستم فلان وفلان، وسمّانّا، فدَعَوْنا وخرجنا فمشينا خطوات، وسمعنا الصائح بموته،
__________
[1] تاريخ بغداد 3/ 28.
[2] تاريخ بغداد 3/ 29.
[3] كذا في الأصل، ولعلّ الصحيح «عنه» .
[4] تكرّر في الأصل عبارة «فقال: سبحان الله» .

(26/128)


فرجعنا إلى داره فرأينا كُتُبَه تَلَّ رَمَاد.
وقال الأزهريّ: كانت تبكيه نائحة الرافضة [1] تنوح مع جنازته.
قال أبو نعيم: قدم علينا الجعابيّ أصبهان سنة تسع وأربعين وثلاثمائة.
ولأبي الحسن محمد بن سُكّرة في ابن الجعابيّ:
ابن الجعابيّ ذو سجايا ... محمودةٌ منه مُسْتَطَابَهْ
رأي الرّيا والنّفاقَ حظًا ... في ذي العصابة وذي العصابةِ
يعطي الإماميّ [2] ما اشْتَهاه ... ويثبت الأمرَ في القرابهْ
حتى إذا غاب عنه أنْحى [3] ... يثبت [4] الأمر في الصحابة
وإنْ خلا الشيخُ بالنّصَارَى ... رأيت سمعان أو مرابهْ
قد فطن الشيخ للمعاني ... فالغَرُّ مَن لامه وعابَهْ
أنبا بن المسلّم بن علان، والمؤمّل بن محمد، ويوسف بن يعقوب، أن [أبا] [5] اليُمْن الكِنْدي أخبرهم: أنبأ أَبُو مَنْصُورٍ الشَّيْبَانِيُّ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ، الخطيب، حدّثني الحسن بن محمد الأشتر، سمعت أبا عمر القاسم بن جعفر الهاشم غير مرة يقول: سمعت ابن الْجِعابي يقول: أحفظ أربعمائة ألف حديث وأذاكر بستّمائة ألف حديث. وبه قال الخطِيب: حدّثني الأزهريّ، ثنا أبو عبد الله بن بُكَيْر عن بعض أصحاب الحديث وأظنّه (ابن درّان) [6] قال:
رآني [7] أبن الْجِعابي وقد جئت من مجلس [8] المظفّر [9] فقال: كم أملى؟
__________
[1] سكينة نائحة الرافضة. (تاريخ بغداد 3/ 31) .
[2] في تاريخ بغداد «الإمام» .
[3] «أنحى» غير موجودة في تاريخ بغداد.
[4] في تاريخ بغداد «يبيت» .
[5] في الأصل «أنا» . وما بين الحاصرتين إضافة لتستقيم العبارة.
[6] ما بين القوسين عن تاريخ بغداد 3/ 29 وفي الأصل «درّان» بإسقاط «ابن» .
[7] في الأصل «را ابن» والتصحيح من تاريخ بغداد.
[8] في الأصل «مجلسه» .
[9] العبارة بين القوسين وردت مشوّشة في الأصل «را ابن ابن الجعابيّ وقد جيت من مجلسه المظفر» (راجع تاريخ بغداد 29) .

(26/129)


فسميت، فقال: أيّما أحبّ إليك، تذكر أسانيد الأحاديث وأذكر مُتُونها، أو تذكر المتونَ وأذكر [1] أسانيدها؟ فقلت: بل المتون. فجعلت أقول: روى حديثًا سنة كذا وكذا، فيقول: حدّثكم به عن فلان بن فلان، فلم يُخطئ في جميعها [2] .
وبه سمعت التنوخي يقول: تقلّد ابن الْجِعابي قضاء [3] الموصل، فلم يُحمد في ولايته [4] .
وذكر الخطيب عن رجاله أنّ ابن الجعابيّ كان يشرب في مجلس ابن العميد [5] .
قلت: لم يُبَيَّن ما كان يشرب هل هو نبيذ أو خمر.
وقال السّلمي: سألت عنه الدارقطني، فقال: خلّط، وذكر مذهبه في التشيّع.
وكذا ذكر الحاكم عن الدارقُطْني وذكر عنه، فقال: قال لي الثقة من أصحابنا ممّن كان يعاشر ابن الْجِعابي: إنّه كان نائمًا فكتبت على رِجْله، فكنت أراه ثلاثة أيام لم يمسّه الماء [6] .
وبالإسناد المذكور إلى الخطيب: ثنا الأزهري أنّ ابن الْجِعابي لما مات أوصى بأن تُحرق كُتُبْه، فكان معها كتب للناس، فحدّثني أبو الحسين بن البوّاب أنّه كان له عنده مائة وخمسون جزءًا، فَذَهَبَتْ في جملة ما أُحْرِق [7] .
وقال مسعود السِجْزي: سمعت الحاكم، سمعت الدارقُطْني يقول:
__________
[1] في الأصل «أذاكر» .
[2] انظر: تاريخ بغداد 3/ 29.
[3] في الأصل «فضائل» ، والتصحيح عن تاريخ بغداد 30.
[4] تاريخ بغداد 3/ 30.
[5] تاريخ بغداد 3/ 30.
[6] تاريخ بغداد 3/ 31.
[7] تاريخ بغداد 3/ 31.

(26/130)


أخْبرْتُ بعِلّة أبي بكر الْجِعابيّ، فقمت إليه في الوقت، فأتيته فرأيته يحرِق كُتُبَهُ بالنّار، فأقمت عنده حتى ما بقي منه بيّنة، ثم مات من ليلته.
قرأت على إسحاق الأسدي: أخبرك يوسف الحافظ، أنا أبو المكارم المعدّل، وأنا أحمد بن سلامة وغيره إجازةً، عن أبي المكارم، أَنَّ أَبَا عَلِيٍّ الْحَدَّادَ أَخْبَرَهُمْ، أنا أَبُو نُعَيم، ثنا محمد بن عمر بن مسلّم، ثنا محمد بن النُّعْمان السّلمي، ثنا هديّة، ثنا حَزْمُ بْنُ أَبِي حَزْمٍ، سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ:
بئس الرّفيق الدّينار والدّرهم لا ينفعان حتى يفارقاك.
محمد بن القاسم بن شعبان [1] بن محمد بن ربيعة الفقيه أبو إسحاق المصري المالكي صاحب التصانيف.
قال القاضي عِياض: هو من ولد عمّار بن ياسر رضي الله عنه، ويُعرف أيضًا بابن القرضي، نسبة إلى بيع القرض. كان رأس المالكية بمصر وأحفظهم للمذهب، مع التَفَنُّن من التاريخ والأدب مع الدّين والورع، ومع فنونه لم يكن له بصر بالنّحْو، وكان واسع الرواية له كتاب «الزاهي الشعباني في الفقه» وهو مشهور، وكتاب «أحكام القرآن» وكتاب «مناقب مالك» وكتاب «المنسك» .
روى عنه: محمد بن أحمد بن الخلاص التّجاني، وخَلَف بن القاسم بن سهلون، وعبد الرحمن بن يحيى العّطار، وطائفة.
تُوُفّي لأربع عشرة بقيت من جُمادى الأولى.
قلت: وكان ابن شعبان صاحب سنة كغيره من أئمة الفقه في ذلك العصر، فإنّي وقفت على تأليفه في تسمية الرواة عن مالك، قال في أوّله:
«بديت فيه بحمد الله الحميد ذي الرّشد والتسديد، الحمد للَّه أحقّ ما بُدئ وأَولَى مَن شُكِر، الصّمَد الواحد ليس له صاحبة ولا ولد، جَلّ عن المثل، فلا
__________
[1] سير أعلام النبلاء (مخطوط 10/ 163) ، اللباب 2/ 254، الديباج المذهب لابن فرحون 248، إيضاح المكنون 2/ 300.

(26/131)


شبيه له ولا عدْل عادل فهو دان بعلمه، أحاط عِلْمُهُ بالأمور ونفذ حُكْمُهُ في سائر المقدور» وذكر باقي الخطبة، ولم يكن بالمُتْقِن للأثر مع سعة علمه.
روى ابن حزم له في «المُحَلّى» قال: ثنا أحمد بن إسماعيل الحضرميّ، ثنا محمد بن أحمد بن الخلاص، ثنا محمد بن القاسم بن شعبان المصري، حدّثني إبراهيم بن عثمان بن سعيد، فذكر حديثًا ساقطًا، ثم قال ابن حزْم: ابن شعبان في المالكية نظير عبد الباقي بن قانع في الحنفيّين، قد تأمّلنا حديثهما فوجدنا فيه البلاء المبين والكَذِب البَحْت والوضع، فإمّا تغيّر حفظهما وإمّا اختلطت كُتْبُهما.
محمد بن محمد بن عُبيد اللَّه [1] بن عمرو أبو عبد الله الْجُرْجاني الواعظ المقرئ، وقيل كنيته أبو الحسين، ويُلقّب بفضله. كان كثير الأسفار.
سمع: محمد بن محمد بن سليمان الباغندي، وحامد بن شعيب، وعِمران بن موسى، وأبا بكر بن خُزَيْمة، والحسن بن سفيان، وعبد الله بن شيروَيْه، وابن جوصا الدمشقيّ.
وعنه: أبو عبد الله الحاكم، وأبو بَكْر بن أبي علي الذكواني، وأبو نُعَيْم.
وقال: أخرج عنه أبو الشيخ.
وتُوُفّي سنة خمس وخمسين وثلاثمائة. وَهمَ الحاكمُ في قوله: تُوُفّي سنة أربعٍ وأربعين.
محمد بن مَعْمَر بن ناصح [2] أبو مسلم الذُّهلي الأصبهاني الأديب.
[سمع] [3] أبا بكر بن عاصم، وأبا شعيب الحرّاني، ويوسف بن يعقوب القاضي، وموسى بن هارون.
وعنه: علي بن عبد ربّه، وأبو بكر الذّكواني، وأبو نعيم الحافظ، وأهل أصبهان.
__________
[1] تاريخ جرجان 423 رقم 745.
[2] أخبار أصبهان 2/ 284، العبر 2/ 303، مرآة الجنان 2/ 358، شذرات الذهب 3/ 17.
[3] إضافة على الأصل.

(26/132)


منذر بن سعيد بْن عَبْد الله [1] بْن عبد الرَّحْمَن، أبو الحاكم البَلُّوطي [2] الكُزْني. وكُزنة فخذ من البربر، قاضي القضاة بقرطبة.
سمع من: عبيد الله بن يحيى الليثي، وحجّ سنة ثمان وثلاثمائة، فأخذ عن أبي المنذر كتاب «الأَشراف» وأخذ العربية [من] [3] ابن النحّاس.
كان يميل إلى رأي داود الظاهريّ ويحتجّ له، ووُلّي القضاء في الثغور الشرقية. ثم وُلّي قضاء الجماعة سنة تسعٍ وثلاثين، وطالت أيامه وحُمدت سيرته، وكان بصيرًا بالْجَدَل والنظر والكلام، فَطِينًا بليغًا متفوّهًا [4] شاعرًا، وله مُصَنَّفات في القرآن والفِقْه، أخذ النّاس عنه.
تُوُفّي في ذي القعدة، وله اثنتان وثمانون سنة، وقد ولي الصلاة بالمدينة الزهراء، وكان قوّالًا بالحق لا يخاف لومة لائم، وكان كثير الإنكار على الناصر لدين الله عبد الرحمن، بليغ الموعظة كبير الشأن. [5] قيل إنّ أول معرفته بالنّاصر أنّ النّاصر احتفل لدخول [رسول] ملك الروم صاحب قسطنطينية بقصر قُرْطُبَة الاحتفال الذي اشتهر، فأحب أن يقوم الشعراء والخطباء بين يديه، فقدّموا لذلك أبا علي القالي [6] رصيف الدولة، فقام وحَمَد الله تعالى وأثنى عليه، ثم ارْتُجّ عليه وبُهِت وسكت، فلما رأي ذلك منذر القاضي قام دونه بدرجة، ووصل افتتاح القالي بكلام عجيب بهر
__________
[1] العبر 2/ 302، مرآة الجنان 2/ 358، شذرات الذهب 3/ 17، تاريخ علماء الأندلس 2/ 144 رقم 1454، جذوة المقتبس 348 رقم 811، بغية الملتمس 465 رقم 1357، طبقات النحويين 319، 320، فهرسة ابن خير 54، معجم الأدباء 19/ 174- 185، معجم البلدان 1/ 492، إنباه الرواة 3/ 325، الكامل 8/ 674، 675، اللباب 1/ 176، تاريخ قضاة الأندلس 75566.
[2] البلّوطي: بتشديد اللام، نسبة إلى موضع قريب من قرطبة يقال له فحص البلّوط.
[3] إضافة على الأصل من تاريخ علماء الأندلس.
[4] في الأصل «مقفوغا» .
[5] زيادة على الأصل للتوضيح.
[6] هو: أبو علي إسماعيل بن القاسم بن عيذون بن هارون بن عيسى بن محمد بن سلمان القالي اللغوي، صاحب كتاب الأمالي.

(26/133)


العقول جزالةً وملأ الأسماع جلالةً، فقال: أمّا بعد، فإنّ لكل حادثة مقامًا، ولكلّ مقامٍ مقالًا، وليس بعد الحقّ إلّا الضلال، وإنّي قد قمت في مقامٍ كريم، بين يدي ملك عظيم، فاصْغوا لي بأسماعكم، إنّ من الحقّ أنْ يُقال للمُحِقّ: صدَقت، وللمُبِطْلِ: كَذَبتَ، وإنّ الجليل تعالى في سمائه، وتَقدّس بأسمائه، أمر كَلِيمَه موسى أن يذكّر قومه بنعم الله عندهم، وأنا أذكّركم نِعَمَ الله عليكم، وتلافيه لكم بولاية أميركم التي آمَنَتْ سربكم ورفعت خوفكم، وكنتم قليلًا فكثّركم، ومُسْتَضْعَفِينَ فقوّاكم، ومُسْتَذَلّين فنصركم، ولاه الله أيّامًا ضربت الفتنة سُرادقها على الآفاق، وأحاطت بكم شُعَلُ النفاق حتى صرتم مثل حدقة البعير، مع ضيق الحال والتغيير، فاستُبْدِلتم من الشدّة بالرخاء.
فناشدتُكُمُ اللَّهَ أَلم تكن الدماء مسفوكةً فَحَقَنها، والسُبُلُ مَخُوفَةً فأَمَّنها، والأموال مُنتَهَبَةً فأحرزها، والبلاد خرابًا فعمّرها، والثغور مهتَضَمَة فحماها ونصرها؟، فاذكروا آلاء الله عليكم [1] . وذكر كلامًا طويلًا وشِعرًا، فقطّب [الرسول] [2] وصلّب وتعجّب الأمير عبد الرحمن منه وولاه خَطابة الزّهراء، ثم قضاء الجماعة بمملكته، ولم يُحفظ له قضية جَوْر، وقد استعفى غير مرّة فلم يعف، والله أعلم.
__________
[1] انظر: معجم الأدباء 19/ 175، ونفح الطيب 1/ 372- 374.
[2] زيادة على الأصل للتوضيح.

(26/134)


[وفيات] سنة ست وخمسين وثلاثمائة
أحمد بن أسامة بن أحمد [1] بن أسامة بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السّمْح بن أسامة أبو جعفر التّجَيبي، مولاهم المصري المقرئ.
قرأ القرآن على إسماعيل بن عبد الله النّحاس، عن أبي أيّوب الأزرق صاحب ورش.
وتصدّر للإقراء فقرأ عليه خَلَفُ بن إبراهيم بن خاقان شيخ أبي عمرو الدّاني وغيره.
وسمع الحديث من بكر بن سهْل الدِمياطي، وغيره.
روى عنه: أبو القاسم يحيى بن علي بن الطّحان في تاريخه، وقال:
تُوُفّي في شهر رجب سنة اثنتين وأربعين، [وقيل] [2] ستٍ وخمسين.
وأمّا أبو عمرو الدّاني فروى عن خَلَف بن إبراهيم وفاته سنة اثنتين وأربعين وثلاثمائة، وأنّه نَيّفَ على المائة.
قال أبو عمرو: روى عنه القراءة محمد بن النعمان، وخلف بن قاسم، وعبد الرحمن بن يونس.
__________
[1] معرفة القراء 1/ 240، غاية النهاية 1/ 38، حسن المحاضرة 1/ 488.
[2] زيادة على الأصل.

(26/135)


أحمد بن بُوَيْه الدَّيْلمي [1] السلطان مُعِزّ الدولة أبو الحسين بن فنّا خسرو ابن تمّام بن كوفي بن شيرزيل بن شيركوه بن شيرزيل بن شيران بن شيرفنة بن شبستان شاه بن سَسَن فرو بن شروزيل بن سَسْناد بن بهْرامَ جُور.
أحد ملوك بني ساسان. كذا ساق نَسَبَه القاضي شمس الدين، وَعَدَّ ما بينه وبين بهْرام ثلاثة عشر أبًا، وقابلته على نسختين.
كان بُوَيْه يصطاد ويحترف، وكان ولده أحمد هذا رُبَّما احتطب، فآل أمره إلى المُلْك، وكان قدومه إلى بغداد سنة أربعٍ وثلاثين، وكان موته بالبَطَن فَعَهِد إلى ولده عزّ الدولة أبي منصور بَخْتيار بن أحمد.
وقيل: إنّه لمّا احتضر استحضر بعض العلماء فتاب على يده، كلّما حضر وقت الصلاة خرج العالم إلى مسجد، فقال معزّ الدولة: لم لا تصلّي هنا؟ قال: إنّ الصلاة في هذه الدار لا تصحّ، وسأله عن الصحابة، فذكر له سوابقهم وأنّ عليًا زوّج بنته من فاطمة بعمر رضي الله عنه، فاستعظم وقال:
ما علمت بهذا، وتصدّق بأموال عظيمة، وأعتق غلمانه، وأراق الخمور، وردّ المواريث إلى ذوي الأرحام.
وكان يقال له الأقطع. طارت يساره في حرب، وطارت بعض اليمنى، وسقط بين القتلى ثم نجا. وتملّك بغداد بلا كلفة، ودانت له الأمم، وكان في الابتداء تَبَعًا لأخيه الملك عماد الدولة.
مات فِي ربيع الآخر سنة ستًّ وخمسين وثلاث مائة، وله ثلاث وخمسون سنة.
وقد أنشأ دارًا غرِم عليها أربعين ألف ألف درهم، فبقيت إلى بعد
__________
[1] وفيات الأعيان 1/ 174 رقم 72، المنتظم 7/ 38 رقم 39، الوافي بالوفيات 6/ 278 رقم 2772، تجارب الأمم 6/ 146 و 231، الكامل في التاريخ 8/ 573- 580، المختصر في أخبار البشر 2/ 106، سير أعلام النبلاء 16/ 189، 190 رقم 133، البداية والنهاية 11/ 262، مرآة الجنان 2/ 358، العبر 2/ 303، النجوم الزاهرة 4/ 14، شذرات الذهب 3/ 18، وفي الأصل «الدعمي» . وسيرته وأخباره في كتب التاريخ العامة.

(26/136)


الأربعمائة ونُقِضت، فاشتروا جردَ ما في سقوفها من الذهب بثمانية آلاف دينار) [1] [2] أحمد بن محمود بن زكريا [3] بن خرّزاذ القاضي أبو بكر الأهوازي.
سمع: أبا مسلم الكجّي، وأبا جعفر الحضرمي مُطَيّنًا، ونحوهما.
تُوُفّي في ذِي القعدة.
أحمد بن محمد بن خَلَف [4] بن أبي حُجَيْرة، أبو بكر القُرْطُبّي.
سمع من: أحمد بن خالد بن الحُباب، وجماعة، ودخل فسمع بمصر من محمد بن جعفر بن أعْيَن.
وكان زاهدًا متبتّلًا [5] فقيهًا. تُوُفّي في جُمادى الأولى.
إبراهيم بن محمد بن شهاب [6] أبو علي [7] العطّار الحنفي. كان من متكلّمي المعتزلة.
روى عن: محمد بن يونس الكديمي، وأبي مسلّم الكجّي.
وعنه: محمد بن طلحة النّعاليّ.
عِدادُهُ في البغداديين. عاش بِضْعًا وثمانين سنة.
__________
[1] في الأصل بياض صفحتين، وما بين الحاصرتين استدركناه من سير أعلام النبلاء 16/ 190.
[2] سبق هذه الترجمة ترجمة ضاعت في النقص المشار إليه، وبقي منها:
«ابن نصر المروزي، وسمع أيضا يحيى بن أفلح، واللّيث بن خيرويه.
وعنه: الحاكم، وأهل بخارى. توفي في شوّال.
[3] تاريخ بغداد 5/ 157 رقم 2600.
[4] تاريخ علماء الأندلس 1/ 48 رقم 159.
[5] في الأصل «متنبلا» .
[6] تاريخ بغداد 6/ 167 رقم 3218.
[7] كناه الخطيب: «أبو الطيب» .

(26/137)


إسماعيل بن القاسم بن هارون [1] بن عَيذون [2] ، العلامة أبو علي البغدادي القالي.
سألوه عن هذه النسبة فقال: أهّ وُلد بمَنَازِكِرْد [3] فلما انحدرنا إلى بغداد كان رفقته فيها جماعة من أهل قالي قلا [4] فكانوا يحافظون لمكانهم من الشعر، فلمّا دخلت بغداد انتسبت إلى قالي قَلا، وهي قرية من قرى منازكرد من أرمينية، ورجوت أن انتفع بذلك عند العلماء. فمضى عليّ القالي.
وقيل إنّ مولده سنة ثمانين ومائتين.
أخذ العربية واللغة عن ابن دُرَيْد، وابن أَبِي بكر بن الأنباري، وابن دَرَسْتَوَيْه، وسمع من أبي يعلى الموصلي، وأبي القاسم البَغَوِي، وأبي بكر بن أبي داود، وابن صاعد، وابن عرفة نفْطَوَيْه، وعلي بن سليمان الأخفش، وقرأ بحرف أبي عمرو علي أبي بكر بن مجاهد [5] . وأوّل دخوله إلى بغداد سنة خمس وثلاثمائة.
__________
[1] تاريخ علماء الأندلس 1/ 69 رقم 223. بغية الملتمس 231/ رقم 547، جذوة المقتبس 164/ رقم 303، إنباه الرواة 1/ 204، معجم الأدباء 7/ 25، وفيات الأعيان 1/ 226 رقم 95، فهرسة ابن خير 395، الوافي بالوفيات 9/ 190 رقم 4097، طبقات النحويين للزبيدي 202، نفح الطيب 3/ 70، العبر 2/ 304، مرآة الجنان 2/ 359، البداية والنهاية 11/ 264، بغية الوعاة 196، تاريخ ابن خلدون 4/ 266، المختصر في تاريخ البشر 2/ 130، الفهرست 135، تلخيص ابن مكتوم 38، 4/ 111، نزهة الألباء 397، يتيمة الدهر 3/ 169، النجوم الزاهرة 4/ 169، شذرات الذهب 3/ 18، روضات الجنّات 104، كشف الظنون 619، 901، 1376، 1621، الأنساب 10/ 33، معجم البلدان 4/ 300، اللباب 3/ 9، المزهر 2/ 420، سير أعلام النبلاء 16/ 45- 47 رقم 31، نفح الطيب 1/ 364 و 368، 369 و 3/ 77- 78، هدية العارفين 1/ 208.
[2] في الأصل «عبدون» .
[3] منازكرد: منازجرد: بعد الألف زاي ثم جيم مكسورة، وراء ساكنة، ودال. وأهله يقولون منازكرد، بالكاف: بلد مشهور بين خلاط وبلاد الروم يعدّ في أرمينية. (معجم البلدان 5/ 202) .
[4] قالي قلا: قاليقلا: بأرمينية العظمى من نواحي خلاط ثم من نواحي منازجرد. (معجم البلدان 4/ 299) .
[5] العبارة مضطربة في الأصل: «بحرف أبي عمرو علي بن أبي بكر بن مجاهد» ، والتصحيح من سير أعلام النبلاء 16/ 46.

(26/138)


حكى هارون النّحْويّ قال: كنّا نختلف إلى [أبي] [1] علي بجامع الزهراء، فأخذني المطر، فدخلت وثيابي مُبْتَلّة، وحوله أعلام أهل قرطبة، فقال لي: مهلًا يا أبا نصر هذا هيّن وتبدّله بثياب أُخَر، فلقد عرض لي ما أبقى بجسمي نُدُوبًا. كنت أختلف إلى ابن مجاهد فأدْلَجْتُ، فلما انتهيت إلى الدرب رأيته مُغْلَقًا فقلت: أبكّر هذا البكور وتفوتني النّوُبَة، فنظرت إلى سَرَبٍ هناك فاقتحمته، فلما أنْ توسّطْتُه ضاق بي، ونشبت فاقتحمته أشدَّ اقتحام، فنجوت بعد أن تخرّقَت ثيابي وتزلّع جِلْدي حتى انكشف العَظْم، فأين أنت ممّا عرض لي.
ثم أنشد:
ثَبَتَّ للمجد والسَّاعونَ قد بلغوا ... جَهْدَ النُّفُوس وألقوا دونه الأزرا
فكابَدُوا المجِدَ حتى مَلَّ أَكْثَرهُم ... وعانق المجدَ مَن أوفى ومَن صَبَرا
لا تَحْسِبِ المجدَ تمرًا أنت آكَلُه ... لن تَبْلُغَ المجدَ حتى تَلْعَقَ الصَّبْرا
قال: ودخل [2] الأندلس في سنة ثلاثين، فقصد صاحبَها عبدَ الرحمن النّاصر لديَن الله فأكرمه، وصنّف لولده الحَكَم تصانيف، وبثّ علومه هناك، وكان قد بحث على ابن دَرَسْتَويْه الفارسي كتاب سيبَويه، ودقّق النظر وانتصر للبصْرِيّين، وأملى أشياء من حفظه ككتاب «النوادر» وكتاب «الأمالي» الذي اشتهر اسمه، وكتاب «المقصور والممدود» ، وله كتاب «الإبل» وكتاب «الخيل» ، وله كتاب «البارع في اللغة» نحو خمسة آلاف ورقة، لم يؤلّف أحد مثله في الإحاطة والجمع لكن لم يتممّه. وولاؤه لعبد الملك بن مروان ولهذا قصد بني أمَيّة ملوك الأندلس، فَعَظُم عندهم وكانت [مؤلّفاته] [3] على غاية الاتقان.
أخذ عنه: عبد الله بن الربيع التميمي، وهو آخر من حدّث عنه، وأحمد بن أبان بن سيد، وأبو بكر محمد بن الحسن الزّبيدي اللّغوي، وغيرهم.
__________
[1] إضافة على الأصل.
[2] في الأصل «دخلت» .
[3] إضافة على الأصل.

(26/139)


تُوُفّي أبو علي بقرطبة في ربيع الآخر سنة ستّ وخمسين وثلاثمائة.
جعفر بن محمد بن الحارث أبو محمد المراغي، طَوَّف الأقاليم وسمع محمد بن يحيى المروزي، وأبا عبد الرحمن النّسَائي، وأبا خليفة، والفِرْيابي، وعبد الله بن ناجية، وأبا يَعْلَى الموصلي، وطائفة بعد الثلاثمائة، وعاش نيّفًا وثمانين سنة.
روى عنه الحاكم وقال: كان من أصدق الناس في الحديث، وأبو عبد الرحمن السّلمي، وأبو القاسم عبد الرحمن بن محمد السرّاج، وآخرون.
جعفر بن مطر النَّيْسَابُوري.
رحل وسمع محمد بن أيّوب بن الضُّريس، وأبا خليفة.
وعنه الحاكم وغيره.
حامد بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ [1] بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ معاذ، أبو علي الرّفّاء الهَرَوي المحدّث الواعظ.
سمع: الفضل بن عبد الله اليشكري، وعثمان بن سعيد الدّارمي، والحسين بن إدريس، ومحمد بن عبد الرحمن بهَرَاة، وبهَمَذَان محمد بن المغيرة السُّكّري، ومحمد بن صالح الأشجّ، وعلي بن عبد العزيز بمكة، ومحمد بن يونس الكديمي، وإبراهيم الحربي، وبِشْر بن موسى ببغداد، وسمع أيضًا بَنْيسابور داود بن الحسين البَيْهَقي، وخليفة، وسمع محمد بن أيّوب البجلي بالرّيّ وبالكوفة.
وعنه: الحاكم، وأبو منصور محمد بن محمد الأزدي، وأبو علي بن شاذان، وأبو الفضل محمد بن أحمد الجارودي، وسعيد بن عثمان بن عمّار، ومحمد بن عبد الرحمن الدّبّاس، وأبو عثمان سعيد بن العبّاس القرشي، وهو آخر من حدّث عنه.
__________
[1] تاريخ بغداد 8/ 172 رقم 4286، المنتظم 7/ 39 رقم 40، العبر 2/ 304، شذرات الذهب 3/ 19، الأنساب 6/ 141، 142، سير أعلام النبلاء 16/ 16، 17 رقم 4.

(26/140)


عاش إلى سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة. وحدّث أبو علي ببغداد بانتخاب الدار الدارقُطْني.
وثّقه الخطيب وغيره، وكان موته بَهَراة في رمضان.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ الْخَلالِ، أنا أَبُو الْمِنْخَالِ اللُّتِّيِّ، أَنَا أَبُو الْوَقْتِ، أَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ محمد الأَنْصَارِيُّ، أنا محمد بْنُ يُوسُفَ، أنا حَامِدُ بْنُ محمد، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْن مَسْلَمَةَ قَالَ: كَانَ مِنْ دُعَاءِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: اللَّهمّ ثَبِّتْنَا عَلَى كَلِمَةِ الْعَدْلِ وَالْهُدَى وَالصَّوَابِ، وَقِوَامِ الْكِتَابِ، هَادِينَ مَهْدِيِّينَ، رَاضِينَ مَرْضِيِّينَ، غَيْرَ ضَالِّينَ وَلا مُضِلِّينَ.
سعيد بن أحمد بن محمد [1] بن عبد ربّه أبو عثمان الفقيه ابن شاعر الأندلس.
سمع: محمد بن عمر بن لبابة، وأسلم بن عبد العزيز، وجماعة.
وكان مُقَدّمًا في الفتوى ثقة عالمًا، أخذ الناس عنه.
العباس بن محمد بن نصر [2] بن السّرِيّ أبو الفضل الرافضي.
سمع: هلال بن العلاء، وسعيد بن يحيى بن يزيد صاحب مُصْعَب الزُّبَيْري، ومحمد بن الخَضِر بن علي، وحفص بن عمر بن سنجة، ومحمد بن محمد الجذوعي القاضي، وصباح بن محمد بن صباح صاحب المُعَافَى بن سليمان، وغيرهم.
ولعلّه آخر من روى عن هلال بن العلاء.
روى عنه: عبد الرحمن بن عمر النّحاس، وأبو عبد الله بن نظيف،
__________
[1] تاريخ علماء الأندلس 1/ 170 ن رقم 507، بغية الملتمس 307 رقم 791، جذوة المقتبس 229 رقم 465.
[2] العبر 2/ 304، شذرات الذهب 3/ 19، لسان الميزان 3/ 245 رقم 1076، ميزان الاعتدال 2/ 386 رقم 4180.

(26/141)


وأحمد بن محمد بن الحاجّ، وجماعة.
وتوفي بمصر. قال يحيى بن علي الطحاوي: تكلموا فيه.
عَبْد اللَّه بْن محمد بْن أحمد بن حبان أبو الطيب قاضي طوس.
قال الحاكم: روى عن مسدَّد بن قطن، ومحمد بن إسماعيل بن مهران، وجماعة.
وخُرّجت له الفوائد. وكان من أعيان أصحاب أبي علي الثقفي.
تُوُفّي سنة ست وخمسين.
عبد الخالق بن الحسن بن محمد [1] بن نصر بن أبي رُوبا السقطي العدّل ببغداد.
سمع: محمد بن سُلَيْمَان الْبَاغَنْدِيُّ، ومحمد بن غالب تَمْتَام، وإسحاق بن الحسن الحربي، وأبا شعيب الحراني.
وعنه: أبو الحسن بن رزقويه، وعلي بن داود الرّزّاز، وعبد الله بن يحيى السُّكّري، وطلحة الكتّاني، وأبو علي بن شاذان، ومحمد بن طلحة النّعالي.
وثّقه البَرْقاني.
عثمان بن محمد بن بشر [2] أبو عمرو السَّقَطي البغدادي، سَنَقه [3] .
سمع: محمد بن يونس الكديمي، وإسماعيل القاضي، وإبراهيم الحربي، وأحمد بن علي البربهاري، وغيرهم.
وكتب الناس عنه بانتخاب الدارقطني، وأثنى عليه البرقاني ووثّقه.
روي عنه: ابن رزقويه، وأبو الفتح بن أبي الفوارس، وعبد الله
__________
[1] تاريخ بغداد 11/ 124 رقم 5819، العبر 2/ 305، المنتظم 7/ 40 رقم 41، شذرات الذهب 3/ 19، سير أعلام النبلاء 16/ 81 رقم 63.
[2] تاريخ بغداد 11/ 304 رقم 6096، المنتظم 7/ 40 رقم 43، العبر 2/ 305، شذرات الذهب 3/ 19، الأنساب 7/ 92، سير أعلام النبلاء 16/ 81، رقم 64.
[3] سنقه: ضبطه الزّبيدي في تاج العروس بالتحريك. وفي تاريخ بغداد «ابن سنقه» .

(26/142)


السُّكّري، وطلحة بن الصقر، ومحمد بن طلحة النّعالي.
توفّي في ذي الحجّة، وله سبع وثمانون سنة.
علي بن إبراهيم بن حمّاد [1] بن إسحاق أبو الحسن الأزدي البغدادي القاضي.
سمع: محمد بن يونس الكديمي، وبِشْر بن موسى، ومحمد بن عبد الله الحضرمي، وانتخب عليه الدار الدارقطني.
وعنه: أبو الحسن بن رزقويه، وعلي بن داود الرّزّاز.
وثّقه الخطيّب، قال: ولي قضاء الأهواز.
علي بْن الحُسَيْن بْن مُحَمَّد [2] بن أحمد بن الهيثم أبو الفرج الأصبهاني، الكاتب، مصنّف كتاب «الأغاني» .
سمع: محمد بن عبد الله بن سليمان الحضْرمي، ومحمد بن جعفر القتّات، والحسين بن أبي الأحوص، وعلي بن العبّاس المقانعي الكوفيّين، وأبا خُبيب بن البرتي، فمن بعدهم.
والهيثم هو ابن عبد الرحمن بن مروان بن عبد الله بن مروان الحمار بْنُ مُحَمَّدِ بْنُ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ.
روي عنه: الدارقُطْني، وأبو إسحاق إبراهيم بن أحمد الطبري، وأبو الفتح بن أبي الفوارس، وعلي بن أحمد الرّزّاز، وآخرون.
__________
[1] تاريخ بغداد 11/ 339 رقم 6175.
[2] الفهرست 115، تاريخ بغداد 11/ 398 رقم 6278، يتيمة الدهر 3/ 96، أخبار أصبهان 2/ 11، المنتظم 7/ 40، معجم الأدباء 13/ 94، إنباه الرواة 2/ 251، ميزان الاعتدال 3/ 123، العبر 2/ 305، مرآة الجنان 2/ 359، البداية والنهاية 11/ 263، لسان الميزان 4/ 221، الكامل في التاريخ 8/ 581، وفيات الأعيان 3/ 307، المختصر في أخبار البشر 2/ 114، النجوم الزاهرة 4/ 15، شذرات الذهب 3/ 19، مفتاح السعادة 1/ 184، تكملة تاريخ الطبري 1/ 200، فهرست الطوسي 192، دول الإسلام 1/ 221 تلخيص ابن مكتوم 135، سير أعلام النبلاء 11/ 201- 203 رقم 140، روضات الجنات 487، هدية العارفين 1/ 681.

(26/143)


واستوطن بغداد من صباه. كان من أعيان أدبائها وأفراد مصنّفيها. روى عن طائفة كثيرة، وكان إخباريًّا نَسَّابةً شاعرًا، ظاهر التشيُّع.
قال أبو علي التنوخيّ: كان أبو الفرج يحفظ من الشعر والأغاني والأخبار والمُسْنَدات والأنساب ما لم أر قطّ من يحفظ مثله، ويحفظ سوى ذلك من علوم أُخَر، منها اللغة والنحو والمغازي والسّير، وله تصانيف عديدة، وحصل له ببلاد كُتُب صنّفها لبني أُمَيّة ملوك الأندلس أقاربه، سيّرها إليهم سِرًّا وجاءه الإنعام سرا، فمن ذلك: «نسب بني عبد شمس» ، وكتاب «أيام العرب ألف وستمائة يوم» ، وكتاب «جَمْهرة النَّسَب» ، وكتاب «نسب بني شَيْبان» ، وكتاب «نسب المهالبة» لكونه كان منقطعًا إلى الوزير المُهَلّبي، وله فيه مدائح، وله كتاب «أخبار الشواعر» ، وكتاب «مقاتل الطالبيّين» ، وكتاب «الزّيارات» وهذا عجيب إذ هو مروانيّ يتشيّع.
قال ابن أبي الفوارس: قد خلّط قبل أن يموت. قال: وتُوُفّي في ذي الحجّة، وكان مولده سنة أربع وثمانين ومائتين.
قلت: رأيت شيخنا ابن تيمية يضعّفه ويتّهمه في نقله ويستهول ما يأتي به، وما علمتُ فيه جرحًا إلّا قول ابن أبي الفوارس: خلّط قبل أن يموت.
وقد أثنى علي كتابه «الأغاني» جماعة من جِلَّة الأدباء. ومن تواليفه كتاب «أخبار الطُفَيِليّين» ، كتاب «أخبار جحظة» ، كتاب «أدب السماع» ، كتاب «الخمّارين» .
قال هلال [1] بن المحسّن الصّابي: كان أبو الفرج صاحب الأغاني من نُدماء الوزير المهلَّبي، وكان وسِخًا قذِرًا لم يُغْسَلْ له ثوب أبدًا منذ فصّله إلى [2] أنْ يتقطّع، وشِعْره جيّد لكنّه في الهجاء أبلغ، وكانوا يتّقون لسانه ويصبرون على مجالسته ومشاربته.
ذكر ابن الصابي أنّ أبا القاسم الْجُهَني مُحتِسب البصْرة كان من ندماء
__________
[1] في الأصل «عليل» .
[2] في الأصل «إلا» .

(26/144)


المهلّبي، وكان يُورِد الطّامّات من الحكايات المُنْكَرة، فجرى مرّة حديث النَّعْنَع فقال: في البلد الفُلاني نعنع يطُول حتى يصير شجرًا، ويُعمل من شجره سلالم، فثار منه أبو الفرج الأصبهاني وقال: نعم عجائب الدنيا كثيرة ولا يُنكَر هذا، والقدرة صالحة، أنا عندي ما هو أغرب من هذا، زَوْج حمام يبيض بيضتين، فآخذهما وأضع تحتهما سنجة مائة وسنجة خمَسين، فإذا فرغ زمان الحضان انفقست السنجتان عن طشْت وأبريق، فضحك أهل المجلس، وفطن الْجُهَنيّ لِما قصد أبو الفرج من الطنز به، وانقبض عن كثير من حكاياته.
ومن نظْم أبي الفرج وكتب به إلى صديق وأجاد:
أبا محمد المحمودُ يا حُسنَ الإحْسانِ ... والْجُودِ يا بحرَ النّدى الطّامي
حاشاك من عَوْدِ عُوّادٍ إليك ومن ... دواء داءٍ ومن إلمام آلام [1]
علي بن عبد الله بن حمدان [2] بن حمدون بن الحارث بن لقمان بن راشد الأمير سيف الدولة أبو الحسن التغلبي الجْزري صاحب حلب وغيرها وأخو ناصر الدولة الحسن.
كان مقصد الوفود، ومطلع الجود، وكعبه الأمال، ومحط الرحال، وكان أديبًا شاعرًا.
ويقال: إنّه لم يجتمع بباب ملك بعد الخلفاء ما اجتمع ببابه من الشعراء، وكان عطاء الشعراء من فرائض الأمراء، وكان كلّ من عبد الله بن
__________
[1] البيتان في اليتيمة.
[2] يتيمة الدهر 1/ 11، زبدة الحلب 1/ 11، المنتظم 7/ 41، العبر 2/ 305، البداية والنهاية 11/ 263، مرآة الجنان 2/ 360، شذرات الذهب 3/ 20، وفيات الأعيان 3/ 401، المختصر في أخبار البشر 2/ 107، 108، دول الإسلام 1/ 221، سير أعلام النبلاء 16/ 187- 189- رقم 132، الكامل في التاريخ 8/ 580، النجوم الزاهرة 4/ 16، وأخباره مجموعة في كتب التاريخ والأدب، مثل تكملة تاريخ الطبري وتجارب الأمم والعيون والحدائق وغيره. وقد جمع «ماريوس كانار» أخباره في كتاب بعنوان «نخب تاريخية وأدبية جامعة لأخبار الأمير سيف الدولة الحمداني» - طبع في الجزائر 1934.

(26/145)


الفيّاض الكاتب، وأبي الحسن علي الشمشاطي، قد اختار من مدائح الشعراء في سيف الدولة عشرة آلاف بيت.
ملك مدينة حلب سنة ثلاث وثلاثين، انتزعها من أحمد بن سعيد الكلابي نائب الإخشيذ، وكان قبلها قد استولى على واسط ونواحيها، وتقلّبَت به الأحوال، وملك دمشق أيضًا، وكثيرًا من بلاد الشام والجزيرة، وجرت له حروب، وذلك أنّه تَوَجّه من حلب إلى حمص فلقيه جيش الإخشيذ وعليهم كافور الإخشيذي المُتَوَفّي أيضًا في هذه السنة، فكان الظّفَر لسيف الدولة، وجاء فنازل دمشق فلم يفتحوا له، فرجع، وكان الإخشيد قد خرج بالجيوش من مصر، فالتقى هو وهو بنواحي قِنَّسرين، فلما ظفر أحدهما بالآخر، تقهقر سيف الدولة إلى الجزيرة، وردّ الإخشيذ إلى دمشق، ثم ردّ سيف الدولة فدخل حلب، ومات الإخشيذ بدمشق في آخر سنة أربع وثلاثين، وسار كافور بالعساكر إلى مصر، فقصد سيف الدولة دمشق وملكها وأقام بها، فذكروا أنّه كان يساير الشريف العقيقي فقال: ما تصلح هذه الغوطة إلّا لرجلٍ واحدٍ، فقال له العقيقي: هي لأقوام كثير لئن أخذتها القوانين ليتبرّأون منها، فأعلم العقيقي أهل دمشق بهذا القول، فكاتبوا كافور فجاءهم وأخرجوا سيف الدولة بعد سنة، ودخلها كافور.
وُلد سيف الدولة سنة إحدى، ويقال سنة ثلاث وثلاثمائة، ومدحه الخالديّان [1] بقصيدة أولها:
تَصُدُّ ودارُها صدَدُ ... وتُوعدُه ولا تعِدُ
وقد قتلته ظالمَةً ... ولا عقل ولا قَوْدُ
بوجهٍ كلّه قمرٌ ... وسائر جسمه اسَدُ
وكان موصوفًا بالشجاعة، له غزوات مشهورة مع الروم، وكان مثاغرًا لهم، ومن شعره:
__________
[1] هما الشاعران المشهوران الأخوان: أبو بكر محمد، وأبو عثمان سعيد، ابنا هاشم الخالديان نسبة إلى قرية من قرى الموصل تعرف بالخالدية.

(26/146)


وساقٍ صَبيح للصّبُوح دعوتُه ... فقام وفي أجفانه سنة الغُمْضِ
يطوف بكاساتِ العُقار كأنْجُم ... فمِنْ بين مُنْقَضٍّ علينا مُنْقَضِ
وقد نَشَرَت أيدي الجنوب مطارفا ... على الجوّ دكنا [و] [1] الحواشي على الأرض
يُطرَّزُها قوسُ السحاب بأصفَرٍ ... على أحمرٍ في أخضر إثر [2] مُبْيَضِّ
كأذيال خَوْدٍ أقبلت في غَلائلٍ ... مُصَبَّغةٍ، والبعضُ أقصَرُ من بعضِ [3]
وله:
أُقَبِّلهُ على جَزعٍ ... كشُرْب الطائر الفَزعِ
رأى ماءً فأطمعه ... وخاف عواقب الطمعِ
ومما نُسب إليه:
قد جرى في دمعه دمُه ... فإلى كم أنتَ تَظْلِمُهُ
ردّ عنه الطّرفَ منك فقد ... جَرَحَتْه منكَ أسهمُهُ
كيف يسطيع التَّجَلُّدَ من ... خَطَرَاتُ الوَهْم تؤلِمُهُ؟
وبقلبي من هوى رشاء ... تائه ما الله يعلمه
ما دوَائي غير ريقته ... خمرة لتُقلب مرهَمُهُ [4]
يقال إنّه مات بالفالج، وقيل بعُسْر البَوْل بحلب في عاشر صفر، وحُمل إلى ميّافارِقين فدُفن عند أمّه. وكان قد جُمع من نَفْض الغُبار الذي يتجمع عليه أيام غزواته ما جاء من لَبِنة بقَدْر الكَفّ، وأوصى أن يوضع خدُّه عليها في لَحده ففُعِل ذلك به، وملك بعده حلبَ ابنُه سعيد الدولة، وهلك سنة إحدى وثمانين كما يأتي.
فذكر ابن محمد الشمشاطي في تاريخه قال: ورد سيف [الدولة] إلى حلب عليلًا فأمسك كلامه ثلاثة أيام، ثم جمع قرغويه الحاجب وظفر الخادم
__________
[1] إضافة على الأصل.
[2] وقيل «تحت مبيض» .
[3] الأبيات في يتيمة الدهر 1/ 24، ووفيات الأعيان 3/ 402.
[4] في اليتيمة 1/ 26 الأبيات الثلاثة الأولى.

(26/147)


والكبار فأخذ عليهم الأَيْمان لولده أبي المعالي بالأمر بعده، ومات على أربع ساعاتٍ من يوم الجمعة لخمس بقين من صفر الموافق ثامن شباط، وتولّى أمرَه القاضي أبو الهيثم بن أبي حُصَين، وغسّله عبد الرحمن بن سهل المالكي قاضي الكوفة، وغسّله بالسّدر ثم الصَّنْدل، ثم بالذّريرة، ثم بالعنبر والكافور، ثم بماء ورد، ثم بالماء، ونُشَّف بثوب دبيقيّ بنيّف وخمسين دينارًا، أخذه الغاسل وجميع ما عليه وتحته، وصبّره بصبر ومُرّ ومنّ من كافور، وجعل على وجهه وبَخْره مائة مِثْقال غالية، وكُفّن في سبعة أثواب تساوي ألفَ دينار، وجُعل في التابوت مُضَرَّبة ومخدَّتان، وصلّى عليه أبو عبد الله العلوي الكوفي الأقساسي فكبّر خمسًا. وعاش أربعًا وخمسين سنة شمسية.
وخرج أبو فراس بن حمدان في الليل إلى حمص، ولما بلغ معزّ الدولة خبرُ موته جزع عليه وقال: أنا أعلم أن أيّامي لا تطول بعده، وكذا كان.
وذكر النّجار [1] أنّ سيف الدولة حضر عيد النحر، ففرّق على أرباب دولته ضحايا، وكانوا أُلُوفًا، فبعث إليهم ما يُضَحُّون به، فأكثر مَن ماله مائة رأس وأقلّهم شاة، قال: ولزمه في فداء الأسارى سنة خمس وخمسين وثلاثمائة ستّمائة ألف دينار، وفي ذلك يقول البَبَّغَاء [2] :
كانوا عبيد نَدَاك [3] ثم شريتهم ... فَغَدوا [4] عبيدك نعمة وشراء [5]
وكان سيف الدولة شيعيًّا متظاهرًا مِفْضالًا على الشيعة والعلويّين.
علي بن محمد بن خُلَيع [6] أبو الحسن البغدادي الخيّاط المقرئ، أحد القرّاء.
__________
[1] في الأصل «النّحا» وبعدها بياض.
[2] هو: أبو الفرج عبد الواحد بن نصر بن محمد المخزومي الشاعر المتوفى سنة 398 هـ.
[3] في الأصل «ملاك» .
[4] في الأصل «فعدنا» .
[5] ورد هذا البيت ضمن قصيدة في تكملة تاريخ الطبري 1/ 191.
[6] معرفة القراء 1/ 313، غاية النهاية 1/ 566.

(26/148)


[أخذ القراءة] [1] عن: يوسف بن يعقوب الواسطي، وزرعان بن أحمد.
تصدّر للإقراء ببغداد.
قرأ عليه الحمامي، وعبد الباقي بن الحسن، [و] أَحْمَد بن عبد اللَّه بن الخَضِر السَّوْسَنْجِرْديّ، ومحمد بن أحمد الحربي، وآخرون، ويُعرف بابن بنت القَلانسي.
قال الداني: سمعت فارس بن أحمد يقول: قال لي عبد الباقي: بَلَغْت على أبي الحسن ابن بنت القلانسي إلى «الكوثر» [2] فقال لي: اخْتِمْ، فختمت. ثم إنّه سقط ذلك اليوم من سُلّم فكُسِر ومات، وذلك في ذي القعدة، وهو في عُشْر الثّمانين. رحمة الله.
كافور الخادم الأسود الحبشي [3] الأستاذ أبو المِسْك الإخشيدي السلطان، اشتراه الإخشيذي من بعض رؤساء المصريين، وكان أسود بصّاصًا [4] ، فيقال أنه ابتيع بثمانية عشر دينارًا، ثم إنّه تقدّم عند الإخشيذ صاحب مصر لعقله ورأيه وسَعْده، إلى أن كان من كبار القوّاد، وجهّزه في جيش لحرب سيف الدولة، ثمّ إنّه لما مات أستاذه صار أتابك [5] ولده أبي القاسم أَنُوجُور وكيله صبيًّا، فَغَلَبَ كافور على الأمور
__________
[1] ما بين الحاصرتين عن (معرفة القراء) .
[2] السورة رقم 108.
[3] المغرب في حلى المغرب- قسم مصر 199، الولاة والقضاة 297، تاريخ ابن خلدون 4/ 314، وفيات الأعيان 4/ 99 رقم 545، العبر 2/ 306، تكملة تاريخ الطبري 1/ 197، تاريخ الأنطاكي (بتحقيقنا) ، المنتظم 7/ 50، 51، المختصر في أخبار البشر 2/ 107، دول الإسلام 1/ 221، سير أعلام النبلاء 16/ 190- 193 رقم 134، حسن المحاضرة 1/ 597، 598، النجوم الزاهرة 4/ 1، شذرات الذهب 3/ 21، مرآة الجنان 2/ 366، الكامل في التاريخ 8/ 581، اتعاظ الحنفا 1/ 96، البداية والنهاية 11/ 266. ويراجع ديوان المتنبي، وغيره من كتب التاريخ والأدب.
[4] بصّاص: وصف من بصّ إذا برق ولمع وتلألأ.
[5] أتابك: أطابك، ومعناه الولد الأمير، وقيل معناه أمير أب، والمراد أبو الأمراء، وهو أكبر الأمراء المقدّمين في عصر المماليك بعد النائب الكافل. (صبح الأعشى للقلقشندي 4/ 18) .

(26/149)


وبقي الاسمُ لأبي القاسم والدَّسْت [1] لكافور حتى قال وكيله: خدمت كافور وراتبه كل يوم ثلاث عشر جراية، وتُوُفّي وقد بلغت على يدي كل يوم ثلاثة عشر ألف جراية.
وأَنُوجُور معناه بالعربي محمود. ولي مملكة مصر والشام إلّا اليسير منها بعقد الراضي باللَّه والمدبّر له كافور. ومات في سنة تسع وأربعين وثلاثمائة عن ثلاثين سنة، وأُقيم مكانه أخوه [أبو] الحسن عليّ، فأخذت الروم في أيّامه حلب وطَرَسُوس والمَصّيصة وذلك الصقْع. ومات علي في أول سنة خمس وخمسين عن إحدى وثلاثين، فاستقلّ كافور بالأمر، فأشاروا عليه بإقامة الدعوة لولد لعليّ المذكور، فاحتجّ بصِغَره، وركب في الدَّسْت بخِلَعٍ أظهر أنّها جاءته من الخليفة وتَقَليده وذلك في صفر سنة خمس وخمسين، وتمّ له الأمر.
وكان وزيره أبا الفضل جعفر بن الفرات، وكان راغبا في الخير وأهله.
ولم يبلُغْ أحدٌ من الخُدّام ما بلغ كافور، وكان ذكيًا له نظرٌ في العربيّة والأدب والعِلم، وممن كان في خدمته أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله النجيرمي [2] النَّحوي صاحب الزَّجَّاج، فدخل يومًا على كافور أبو الفضل بن عيّاش فقال:
أدام الله أيّامِ سيّدنا- بخفض أيّام- فتبسّم كافور ونظر إلى النجيرمي وقال ارتجالًا:
ومثل سيّدنا حالتْ مهابَتُه ... بين البليغ وبين القول بالحَصَرِ
فإنْ يكن خَفَضَ الأيام من دَهَشٍ ... وشدّة الخوف لا من قلّة البَصَر
فقد تَفَاءَلْتُ في هذا لسيدنا ... والفأل مأثورة عن سيّد البشر [3]
__________
[1] الدّست: بفتح الدال المشدّدة المهملة وسكون السين. لفظ فارسي له معان كثيرة منها صدر المجلس. (انظر: معجم الألفاظ الفارسية المعرّبة- السيد ادّي شير- ص 63- طبعة مكتبة لبنان- 1980) .
[2] النجيرمي: نسبة إلى نجيرم، محلّة بالبصرة.
[3] وجاء على هامش الأصل:
لا غرو إن لحقن الداعي لسيّدنا ... أو غصّ من دهش بالريق أو بهر
فتلك هيبته حالت جلالتها ... بين الأديب وبين الفتح بالحصر

(26/150)


فأمر له بثلاثمائة دينار.
وكان كافور يُدْني الشعراء ويُجِيزُهُم، وكان يُقرأ عنده كل ليلة السّيَر وأخبار الدولة الأموّية والعبّاسية، وله نُدَماء. وكان عظيم الحِمّيَة يمتنع من الأسواق [1] ، وعنده جَوَارٍ مُغَنّيات، وله من الغلمان الرُّوم والسُّود ما يتجاوز الوصف. زاد مُلْكُه على ملك مولاه الإخشيذ، وكان كريمًا كثير الخِلَع والهِبات، خبيرًا بالسياسة، فطِنًا ذكيًّا جيّد العقل داهيةً، كان يُهادي المُعِزّ صاحب المغرب ويُظْهِر مَيْلَه إليه، وكذا يُذْعن بطاعة بني العباس ويُداري ويخدع هؤلاء وهؤلاء.
ولما فارق المتنّبي سيفَ الدولة مُغَاضِبًا له سار إلى كافور وقال:
قواصدَ كافورٍ تَوَارِكَ غيرِهِ ... ومن قصد البحرَ استقَلَّ السَّوَاقيا
فجاءت بنا أنسانَ عين زمانه ... وخلّت بياضًا خَلْفَهَا ومآقيا [2]
فأقام عنده أربع سنين يأخذ جوائزه. وله فيه مدائح، وفارقه سنة خمسين، وهجاه بقوله:
مَن علَّم الأسودَ المَخْصِيّ مَكرُمَةً ... أَقَومُه [3] البيضُ أَمْ آباؤُه الصّيد
وذاك أنّ الفُحُولَ البِيض عاجزةٌ ... عن الجميل فكيف الخصية السّود [4]
__________
[ () ]
وإن يكن خفض الأيام من غلط ... في موضع النصب لا عن قلّة البصر
فقد تفاءلت من هذا لسيّدنا ... والفأل مأثور عن سيّد البشر
بأن أيّامه خفض بلا نصب ... وأن أوقاته صفو. بلا كدر
أقول أنا المحقّق الفقير إلى الله تعالى عمر بن عبد السلام التدمري الطرابلسي اللبناني:
وردت هذه الأبيات في وفيات الأعيان، والنجوم الزاهرة، وبغية الوعاة، وغيره، وعنها صحّحنا الألفاظ التي أخطأ الناسخ في كتابتها. (ورقة الأصل 61) .
[1] في الأصل «الأمراق» ، والتصحيح عن حاشية النجوم الزاهرة 4/ 6 رقم 1، وفي متن النجوم «الأمراء» .
[2] البيتان في ديوان المتنبّي 4/ 423، 424 من قصيدة مشهورة مطلعها:
كفى بك داء أن ترى الموت شافيا ... وحسب المنايا أن يكنّ أمانيا
[3] في الأصل «أقوامه» .
[4] البيتان في الديوان 2/ 147، 148 من قصيدة مطلعها:
عيد بأيّة حال عدت يا عيد ... بما مضى أم بأمر فيك تجديد

(26/151)


وهرب ولم يسلك الدّرْبَ، ووُضِعت عليه العيون والخيل فلم يُدْرِكوه، وسار على البّرّية ودخل بغداد، ثم مضى إلى شيراز فمدح عَضُدَ الدولة.
وكانت أيام كافور سديدة جميلة، وكان يُدعَى له على المنابر بالحجاز ومصر والشام والثُّغور وطَرَسُوس والمَصَّيصة، واستقلّ بمُلك مصر سنتين وأربعة أشهر.
قرأت في تاريخ إبراهيم بن إسماعيل، إمام [1] مسجد الزبير: كان حيًّا في سنة بضع وسبعين وخمسمائة، قال: كان كافور شديد السَّاعد لا يكاد واحد يمدّ قوسه، فإذا جاءوه بِرَام دعا بقومه، فإنّ أظهر العجز ضحك وقدّمه وأثبته، وإنْ قوى على مدّه واستهان به عبس ونقصت منزلتُه عنده، ثم ذكر له حكايات تدلّ على أنَّه مُغْرًى بالرَّمْي، قال: وكان يداوم الجلوسَ للناس غدوة وعشيّة، وقيل كان يتهجّد ثم يمرّغ وجهه ساجدًا ويقول: اللَّهمّ لا تسلّط عليّ مخلوقًا.
تُوُفّي في جُمادى الأولى سنة ستَّ وقيل سنة سبعٍ وخمسين، عاش بِضعًا وستّين سنة.
ويقال إنّه وُجِد على ضريحه منقورًا:
ما بالُ قبرِكَ يا كافور مُنْفَرِدًا ... بالصّحصح المَرْت [2] بعد العسكر اللَّجَب
تدوس قَبرك أفناءُ [3] الرّجال وقد ... كانت أُسُودُ الثَّرى تخشاك في الكُتُب
محمد بن أحمد بن إسماعيل بن إسحاق أبو بكر المُعيْطي من ولد عُقبة بن أبي مُعَيط.
شاعر مشهور عاش أربعا وسبعين سنة.
__________
[1] في الأصل «أقام» وهذا تصحيف.
[2] المرت: مفازة لا نبات فيها.
[3] وقيل: «آحاد» ، وفي الأصل «افتا» .

(26/152)


محمد بن أحمد بن حمدان بن علي أبو العبّاس الزاهد، أخو أبي عمرو ومحمد.
نزل خوارزم.
سمع: محمد بن أيّوب بن الضريس، ومحمد بن إبراهيم البوسنجي، ومحمد بن عمرو قشمرد، والحسين بن أحمد القبّاني، والحسن بن السَّريّ صاحب سَعْدَوَيْه الواسطي.
وحدّث سنة ثلاثٍ وخمسين بخوارزم وغيره، وكان من الثّقات.
مات في صفر سنة ستًّ.
محمد بن إبراهيم بن محمد [1] بن الشيرجي [2] المروزي ثم البغدادي.
سمع: إبراهيم بن شريك، وجعفر الفِرْيابي، ومحمد بن جرير.
وعنه: أبو الفتح بن أبي الفوارس، وابن رزقويه.
وكان ثقة.
محمد بن علي بن حسين البلْخي.
سمع إسحاق بن هياج، وأهلَ تِرمَذ.
موسى بن مَرْدَوَيْه بن فُورَك [3] ، أبو عِمران الأصبهاني والد الحافظ أحمد.
روى عن: إبراهيم بن متّوَيه.
وعنه: ابنه أبو بكر أحمد.
يوسف بن عمر بْن محمد [4] بْن يوسف بْن يعقوب أبو نصر القاضي ابن قاضي بغداد.
وُلّي القضاء في حياة أبيه ببغداد، واستقلّ به بعد أبيه، وكان عفيفًا جميلًا متوسّطًا في الفقه، حاذقًا بالقضايا، بارعًا في الأدب، واسع العلم
__________
[1] تاريخ بغداد 1/ 412 رقم 409، المنتظم 7/ 41 رقم 47.
[2] في الأصل «الشرجي» .
[3] أخبار أصبهان 2/ 314.
[4] تاريخ بغداد 14/ 322 رقم 7646، المنتظم 7/ 42 رقم 52.

(26/153)


باللغة والشعر، تامَّ الهيبة، ولا نعلم ممن تقلّد القضاء أعرف في القضاء منه ومن أخيه الحسين. وكان يعقوب جدَّهم قاضي المدينة أيام الراضي باللَّه.
وذكر ابن حَزْم أنّ أبا نصر كان مالكيًا ثم رجع عن ذلك إلى مذهب داود ابن علي الظاهري. وله في ذلك تواليف كثيرة واحتجاجات. وكان فصيحًا بليغًا شاعرًا ولي القضاء وله عشرون سنة فكُتِبَ العَهْدُ بالقضاء على الديار المصرية بيده إلى قاضي مصر والشام من قَبله الحسين بن أبي زُرْعَة الدمشقي، فولي القضاء أربع سنين، ثم صرفه الراضي باللَّه سنة تسعٍ بأخيه الحسين، وأقرّه على قضاء الجانب الشرقي، ثم مات الراضي في العام، ثم عُزل عن القضاء من الجانب الشرقي. ومن شعره:
يا محنة الله [1] كُفّي.. ... أنْ لم تكُفّي فَخُفّي
ما آن أنْ ترحمينا.. ... من طُولِ هذا التَشَفّي
ذهبتُ أطلبُ بَخْتي ... وَجَدْتُهُ قد تُوُفّي [2]
ومن قوله الذي [3] في رسالته التي يذكر فيها رجوعه عن [مذهب] [4] سالك إلى مذهب داود: «لسنا نجعل من تصديره في كتبه ورسائله، بِقَوْل سعيد بن المسيّب والزُّهْري وزمعة، كمن تصديره في كتبه ومسائله بقول الله ورسوله وإجماع الأئمة، هَيْهَات هَيْهَات» .
سيف الدولة بن حمدان. قد تقدّم قريبًا.
__________
[1] شطب لفظ الجلالة في الأصل وكتب تحته «الدّهر» .
[2] وفي تاريخ بغداد:
«ذهبت أطلب بختي ... فقيل لي قد توفي»
وفيه بقية هي:
ثور ينال الثريّا ... وعالم متخفي
الحمد للَّه شكرا ... على نقاوة حرفي
[3] في الأصل «التي» .
[4] إضافة إلى الأصل.

(26/154)


[وفيات] سنة سبع وخمسين وثلاثمائة
أحمد بن الحسن بن إسحاق [1] بن عُتْبَة، أبو العبّاس الرّازي ثم المصري.
سمع: مقدام بن داود، وأبا الزّنْباع رَوح بن الفرج، ويحيى بن عثمان بن صالح، ويحيى بن أيّوب، وطبقتهم.
وعنه: عبد الغني المصري، وعبد الرحمن بن عمر البزّاز بن النحاس، وشعيب ابن عبد الله بن المنهال، ومحمد بن الفضل بن نظيف الفرّاء، وآخرون.
وُلد سنة ثمانٍ وستّين ومائتين، وأوّل سماعه سنة ثمانين. وتُوُفّي في جمادى الآخرة بمصر [2] ، وكان صدوقًا.
أحمد بن سعد بن نصر [3] بن بكّار أبو بكر البخاري الفقيه الزاهد.
قدِم بغداد وحدّث عن صالح جزرة، وحامد بن سهل.
وعنه: ابن رزقويه، والحاكم، وغيرهما.
__________
[1] العبر 2/ 307، شذرات الذهب 3/ 22.
[2] في الأصل «نصر» .
[3] تاريخ بغداد 4/ 184 رقم 1767.

(26/155)


أحمد بن القاسم بن كثير بن صدقة بن الريّان أبو الحسن المصري اللُّكّي [1] .
حدّث بالبصرة في هذه السنة عَنْ: أحمد بْن محمد بن البرتي، وإسحاق ابن إبراهيم الدبري، والحارث بن أسامة، وعبد الله بن محمد، [و] سعيد بن أبي مريم، ومحمد بن غالب تمتام، ومحمد بن يونس الكديمي.
وعنه: علي بن عبد كويه، وأبو بكر بن أبي علي الذكواني، وأبو نُعَيم، وغيرهم.
وقال ابن ماكولا: فيه ضعف.
قلت: له جزء سمعناه، وفيه ما يُنكر، وقد ذكره الدارقُطْني وقال:
ضعيف.
أحمد بن محبوب [2] أبو الحسن البغدادي الرملي الفقيه المعروف بغلام أبي الأديان.
سمع: أبا مسلم الكجّي، وأبا عقيل أنس بن المسلم [3] .
وعنه: أبو عبد الله الحاكم، وابن الحاج الإشبيلي، وجاور بمكة.
قال الخطيب: ثقة.
أحمد بن محمد بن رُمَيح [4] بن عصمة أبو سعيد النخعي الفَسَوي ثم المَرْوَزي الحافظ.
طَوَّف وسمع الكثير وصنّف وحدّث عن: أبي خليفة، وعمر بن أبي
__________
[1] اللّكّي: بضم الكلام والكاف المشدّدة، نسبة إلى اللّكّ، وهي بلدة من بلاد برقة ولاية بين الإسكندرية وأطرابلس المغرب (الأنساب 11/ 30) .
[2] تاريخ بغداد 5/ 172 رقم 2621، تاريخ دمشق (المخطوط) 3/ 431، التهذيب 2/ 86.
[3] في الأصل «السّلم» والتصويب عن ابن عساكر.
[4] تاريخ دمشق «المخطوط» 3/ 304، تاريخ بغداد 5/ 6 رقم 2354، العبر 2/ 207، شذرات الذهب 3/ 22، موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان- ج 2/ 394 رقم 211.

(26/156)


غيلان، وعبد الله بن زيدان البجلي، وأبي العبّاس السرّاج، ومحمد بن إسحاق بن خُزيمة، وعبد الله بن شيروَيْه، وعبد الله بن محمود المَرْوَزي، وعمر بن محمد بن بُجَيْر، ومحمد بن الفضل السمرقندي، وإبراهيم بن يوسف الهسنجاني، ومَكْحول البيروتي، وابن قنيبر، وعلي بن أحمد علان، وطبقتهم، وصنّف وجمع وأكثر الترحال.
قال الحاكم: قدم نيسابور سنة خمس فَعَقَدْتُ له المجلس وقرأت عليه صحيح البخاري، وقد أقام بصَعْدَة باليمن مدّة، ثم خرج من عندنا إلى بغداد وقبله الناس وأكْثَرُوا عنه، وما المُقِلّ فيه إلّا كما قال عباس العشيري: سألت يحيى بن مَعين عن عبد الرزّاق فقال: يا عباس والله لو تهوّد عبد الرزاق لما تركنا حديثه. سألت أبا سعيد المقام بنيسابور فقال: على من أقيم، فو الله لو قدرت لم أفارق سُدَّتَك، ثم قال: ما النّاس بخُراسان اليوم إلّا كما أنشدني بعضهم:
كَفَى حُزْنًا أنَّ المُرُوءةَ عُطِّلَتْ ... وأَنَّ ذَوي الألباب في النّاس ضُيَّعُ
وأنّ مُلوكًا ليس يُحظَى لديهم ... من النّاس إلّا من يغنّي ويُصْفَعُ
روى عنه: الحاكم، والدارقُطني قبله، وأبو الحسن بن رزقويه، وأبو علي بن درما، وأبو عبد الرحمن السّلمي، وأبو القاسم السرّاج، واستدعاه أمير صعدة من بغداد، فأدركتْه المنَّيةُ بالبادية، فتُوُفّي بالْجُحْفَة [1] .
وثّقه الحاكم، وأبو الفتح بن أبي الفوارس.
وقال أبو زُرْعة محمد بن يوسف الكشّي، وأبو نُعَيم أحمد بن عبد الله:
كان ضعيفًا.
وقال الخطيب: والأمر عندنا بخلاف ذلك فإنّ ابن رُمَيْح كان ثقةً ثبتًا لم يختلف شيوخنا الذين لقوه في ذلك.
__________
[1] الجحفة: بالضمّ ثم السكون، والفاء. كانت قرية كبيرة ذات منبر على طريق المدينة من مكة. (معجم البلدان 2/ 111) .

(26/157)


أحمد بن أبي موسى بن عيسى الجرجاني أبو الحسن الفَرَضي.
عن: عمران بن موسى بن مجاشع، وطبقته.
إبراهيم بن المقتدر باللَّه [1] جعفر بن المعتضد أحمد بن الموفّق المتّقي للَّه أمير المؤمنين أبو إسحاق. في السجن في شعبان، وقد ذكرناه في سنة ثلاثٍ وثلاثين، عامَ خلعوه وسَمَلُوا عينيه، وبقي إلى هذا العام كالميت.
إبراهيم بن عبد الله أبو إسحاق الزبيدي الإفريقي المعروف بالقلانسي.
كان فاضلًا صالحًا عابدًا عارفًا بمذهب مالك، صنّف تصنيفًا في الإمامة والردّ على الرافضة، فامتُحن على يد أبي القاسم الرافضي العُبَيْدي الملقّب بالقائم، ضربه سبعمائة سوط وحبسه أربعة عشر شهرًا بسبب هذا التصنيف.
تُوُفّي سنة سبعٍ وخمسين.
إبراهيم بن محمد بن الحسين بن الحسن القطّان النَّيْسَابُوري أبو إسحاق العابد.
سمع: محمد بن إبراهيم البوسنجي، وجماعة [2] .
بكّار بن بكر بن أحمد أبو قُتيْبة السّدُوسي العراقي. حدّث بمصر، وبها ولد سنة اثنتين وثمانين ومائتين.
__________
[1] المنتظم 7/ 43 رقم 52، أخبار الراضي والمتّقي للصولي 186- 285، مروج الذهب 2/ 530، التنبيه والإشراف 344، مختصر التاريخ لابن الكازروني 182- 185، أخبار الدول للقرماني 169، تاريخ ابن خلدون 3/ 409- 418، خلاصة الذهب 253- 255، نهاية الأرب 23/ 176- 179، الإنباء في تاريخ الخلفاء 168- 174، الفخري 284- 286، النبراس 119، 120، تاريخ الأنطاكي (بتحقيقنا) ، سير أعلام النبلاء 15/ 104- 111 رقم 59، تاريخ الخلفاء 394- 397، العبر 2/ 307، مرآة الجنان 2/ 369، الوافي بالوفيات 5/ 341 رقم 2411، نكت الهميان 87، فوات الوفيات 1/ 7، البداية والنهاية 11/ 265، الكامل في التاريخ 8/ 588، تكملة تاريخ الطبري 1/ 199، شذرات الذهب 3/ 22، وأخباره في كتب التاريخ العامة.
[2] كتب في الأصل بعدها: «وعنه وغيره» .

(26/158)


الحارث بن سعيد بن حمدان [1] الأميري أبو فراس التغلبي الشاعر المشهور.
كان شجاعًا كامل الأدب بارع الشعر حتى كان الصاحب بن عبّاد يقول: بدئ الشِعر بملك وخُتم بملك، يعني بهما أمرأ القيس، وأبا فراس.
وقد أسرته الروم في وقعة وهو جريح في سنة ثمانٍ وأربعين، وأخذته إلى القسطنطينية، وفداه ابن عمّه سيف الدولة منهم بعد سنين، وكانت مَنبِج إقطاعًا له. وعاش سبعًا وثلاثين سنة، وله ديوان مشهور.
قُتل في هذه السنة ببرّيّة تَدْمُر، وكان خرج على إثر أخيه صاحب حلب.
قال أبو علي التَّنُوخيّ: كان أبو فِراس قد برع في كل فضيلة، وحُسْن خُلق وخَلْق، وفروسية تامّة، وشجاعة كاملة، وكرم مُسْتَفيض، وترسُّل، وشعْر في غاية الْجَوْدة، وديوانه كبير. تملّك حمص.
الحسن بن محمد بن حليم أبو محمد المروزي.
عن: أبي الموجّه محمد بن عمرو، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، جماعة.
وتُوُفّي في المحرّم.
الحسين بن أحمد بن محمد بن أحمد بن أبي ثابت أبو عبد الله البغدادي.
أملى بدمشق بعد موت عمّه إبراهيم، عن زكريّا بن يحيى خيّاط السّنّة،
__________
[1] يتيمة الدهر 1/ 48، تهذيب ابن عساكر 3/ 439، المنتظم 7/ 68، زبدة الحلب 1/ 157، وفيات الأعيان 2/ 58، الوافي بالوفيات 11/ 261 رقم 385، مرآة الجنان 2/ 369، سير أعلام النبلاء (مخطوط) 10/ 195، شذرات الذهب 3/ 24، كشف الظنون 773، أعلام النبلاء 4/ 44، تاريخ الأدب العربيّ لبروكلمان 2/ 92، الأعلام 2/ 156، معجم المؤلفين 3/ 175، النجوم الزاهرة 4/ 19، المختصر في أخبار البشر 2/ 108، 109، البداية والنهاية.

(26/159)


وغيره، و [سمع] أحمد بن علي المروزي، وأنسا بن السَّلم. وكان ثقة.
روى عنه: تمّام، وجماعة:
الحسين بن أحمد بن عتّاب [1] [أبو عبد الله] [2] السَّقطيَّ.
[سمع: الحسين بن عبد الله القطّان الرّقّي، ومحمد بن الحسن بن قتيبة العسقلاني، والحسين بن إبراهيم بن أبي عجرم الأنطاكي، ويحيى بن علي بن أبي سكينة] [3] .
وعنه: الدارقُطني، وأبو القاسم الثّلاج.
وثّقه الخطيب.
حمزة بن محمد بن علي [4] بن العبّاس أبو القاسم الكناني المِصري الحافظ.
سمع: أبا عبد الرحمن النّسَائي، والحسن بن أحمد بن الصَّيْقَل، وعِمران بن موسى الطبيب، ومحمد بن سعيد السرّاج، وسعيد بن عثمان الحرّاني، وعبدان بن أحمد الأهوازي، وأبا يعلى الموصلي، ومحمد بن داود بن عثمان الصدفي، وجماعة كثيرة. ورحل وطوّف وجمع وصنّف.
وعنه: ابن مَنْدَه، والدارَقُطْنيّ، والحافظ عبد الغني، ومحمد بن عمر بن الخطّاب، والحسين الموّاس، والفقيه أبو الحسن علي بن أحمد القابسي، وأحمد بن الحاج الإشبيلي، وطائفة آخرهم علي بن عمر بن حمّصة الحرّاني.
__________
[1] تاريخ بغداد 8/ 8 رقم 4042.
[2] ساقطة من الأصل.
[3] ما بين الحاصرتين ليس في الأصل، وهو من تاريخ بغداد.
[4] العبر 2/ 308، شذرات الذهب 3/ 23، النجوم الزاهرة 4/ 20، تذكرة الحفّاظ 3/ 932- 934، سير أعلام النبلاء 16/ 179- 181 رقم 128، دول الإسلام 1/ 221، طبقات الحفاظ 77 ظ، 378، حسن المحاضرة 1/ 351، تهذيب تاريخ دمشق 4/ 454، 455، هدية العارفين 1/ 336، الرسالة المستطرفة 90، موسوعة علماء المسلمين 2/ 187، 188 رقم 538، تاريخ دمشق 11/ 539.

(26/160)


وقال أبو القاسم يحيى بن علي بن الطّحّان: تُوُفّي في ذي الحجة [1] وسمعت منه.
قلت: وكان حافظ ديار مصر بعد أبي سعيد بن يونس، وكان ثقةً ثبْتًا صالحًا ديَّنًا.
وقال أبو عبد الله الحاكم: حمزة المصري كان على تقدّمه في معرفة الحديث أحد مَن يذكر بالزُّهد والوَرَع والعبادة. سمع أبا خليفة، والنَّسَائي وأقرانهما.
وقال الحافظ عبد الغني: كل شيء لحمزة [في سنة خمس. وُلد] [2] في سنة خمسٍ وسبعين ومائتين، وأول ما سمع سنة خمس وتسعين، ورحل سنة خمس وثلاثمائة.
قال الصُّوري [3] : كان حمزة رحمه الله ثبْتًا حافظًا.
قال ابن عساكر: أنا هبة الله بن الأكْفاني، أنا سهل بن بِشْر: سمعت علي بن عمر الحرّاني، سمعت حمزة بن محمد الحافظ، [4] وجاءه غريب، فقال: إنّ عسكر المعزّ المغاربة قد وصلوا إلى الإسكندرية فقال: اللَّهمّ لا تُحْيِني حتى تُرِيني الرّايات الصُّفْر، فمات حمزة، ودخل عسكرهم بعد موته بثلاثة أيام.
قال ابن زُولاق: حدّثني حمزة الحافظ قال: رحلت [5] سنة خمس وثلاثمائة، فدخلت حلب، وقاضيها أبو عبد الله محمد بن عبده، فكتبت عنه، فكان يقول: لو عرفتك بمصر لَمَلأتُ ركائبك ذهبا.
__________
[1] كتب قبلها «القعدة» ثم شطبت.
[2] إضافة على الأصل.
[3] هو الحافظ محمد بن علي الصوري شيخ الخطيب البغدادي. توفي سنة 441 هـ.
[4] تاريخ دمشق (مخطوط التيمورية) 11/ 539.
[5] في الأصل «دخلت» .

(26/161)


قلت: يعني كان على قضاء مصر، فقيل أنّه أعطى حمزة الحافظ مائتي دينار تَرَحَّلَ بها إلى العراق.
وقال ابن منده: سمعت حمزة بن محمد الحافظ يقول: كنت أكتب الحديث فلا أكتب: «وسلّم» ، [بعد صلّى الله عليه] [1] فرأيت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ فقال لي: أما تختم الصلاة عليّ في كتابك؟.
دَرّاس بن إسماعيل أبو ميمونة الفاسي.
سمع ببلده وبإفريقية من ابن اللبّاد، ورحل فسمع من ابن مطر كتاب ابن الموّاز.
قلت: ابن مطر هو علي بن عبد الله بن مطر الإسكندرانيّ. وكان أبو ميمونة فقيهًا عارفًا بنصوص مالك.
أخذ عنه: أبو محمد بن أبي زيد، وأبو الحسن القابسي، وأبو الفرج بن عبدوس، وخلف بن أبي جعفر، وأبو عبد الله بن شيخ السبتي.
وكان رجلًا صالحًا، دخل الأندلس مجاهدًا وترددّ إلى الثغور رحمه الله، وتُوُفّي في ذي الحجة بفاس. قاله عِيَاض.
عبد الله بن الحسين بن الحسن [2] بن أحمد بن النَّضر بن حكيم القاضي أبو العباس المَرْوَزِي النضري نسبة إلى جدّه النضر.
ولي قضاء مرورود [3] ، وكان أسند المحدّثين بها، فإنّه سمع ببغداد في صباه: الحارث بن أبي أسامة، وأبا إسماعيل الترمذي، وغيرهما.
مولده في حدود الستّين ومائتين، وكان أبوه قد سمع من أبي داود صاحب السُنَن، ومن عبّاس الدُّوري، وحدّث.
__________
[1] ما بين الحاصرتين ساقط من الأصل استدركته من سير أعلام النبلاء 16/ 18.
[2] العبر 2/ 308، شذرات الذهب 3/ 24، النجوم 4/ 20، مشتبه النسبة 1/ 84، سير أعلام النبلاء 16/ 60 رقم 40.
[3] في الأصل «امرومره» .

(26/162)


روى عن عبد الله: أبو عبد الله الحاكم، وأبو تمّام الكراعي المَرْوَزي، وعاش سبعًا وتسعين سنة، ومات في شعبان.
عبد الحميد بن الإمام أبي سعيد عبد الرحمن بن الحسين القاضي أبو الحسين النَّيْسَابُوري، أحد رجال الدهر علمًا ورياسة وسؤددًا [1] .
قال الحاكم: كان من أفراد زمانه في العلم والحلم والعقل والمروءة، أطال المقام بالرّيّ وبأصبهان وبغداد، وعرض عليه المطيع قضاء بغداد فامتنع وراسله غير مرّة فلم يُجب.
مدحته الشعراء، وفيه يقول بعضهم:
كان عبدُ الحميد يُدْعَى أديبًا ... فامّحى ذكْرُهُ بعبد الحميدِ
ولَشَتّانَ بين ذاك وهذا ... إنْ تأَمَّلْتَ في النَّدَى والْجُودِ
عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن العبّاس [2] بن زكريّا البغدادي المعروف بأبي القاسم بن الفامي والد المخلّص [3] .
سمع الكديمي، وإبراهيم الحربي، وابن سُنَيْن الخُتَّلي، وأبا شُعَيب الحّراني.
وعنه: ابن رزقويه، وأبو الحسن الحمامي، وعبد الله بن حمدويه [4] ، وأبو نُعَيم وهو آخر من روى عنه. وكان أصمّ أطروشًا.
وثّقه ابن أبي الفوارس، وورّخ موته في رمضان.
__________
[1] في الأصل «سودد» .
[2] تاريخ بغداد 10/ 295 رقم 5432، المنتظم 7/ 44 رقم 54، العبر 2/ 309، شذرات الذهب 3/ 25 وهو في كل مصادر ترجمته «عبد الرحمن بن العباس» ، مشتبه النسبة 1/ 289، سير أعلام النبلاء 16/ 114 رقم 82.
[3] المخلّص، بضم الميم وفتح الخاء وكسر اللام، وفي آخرها صاد مهملة. يقال هذا لمن يخلّص الذهب من الغش ويفصل بينهما. (اللباب 3/ 181) .
[4] في الأصل «حمديه» والتصحيح عن تاريخ بغداد.

(26/163)


عبد العزيز بن محمد بن زياد [1] بن أبي رافع العبدي بن البغدادي.
نزل مصر وحدّث عن: إسماعيل القاضي، وإبراهيم الحربي، وتُوُفّي في هذه السنة عن تسعين سنة.
وثّقه محمد بن علي الصُّوري، وأثنى عليه الحافظ عبد الغني بن سعيد.
علي بن بندار بن الحسين [2] أبو الحسن الصُّوفي العابد، ويُعرف بالصَّيرفي.
صحب مشايخ خراسان، وأبا عثمان الحربي، ومحمد بن الفضل السَّمرْقَنْدي، وصحِب ببغداد الْجُنَيْد، ورويم بن أحمد، وسمع محمد بن إبراهيم البوسنجي، وأبا خليفة الجمحي.
روى عنه: الحاكم وقال: من الثقات في الرواية، أملى مدّة، ومات غريقًا شهيدًا.
وقيل مات سنة تسعٍ.
علي بن الفضل بْن محمد بن عقيل بْن خُوَيْلد أبو الحسن الخُزَاعي النَّيْسَابُوري.
سمع ببغداد أبا شعِيب الحرّاني، ومُطَيّنًا، وجماعة.
وعنه: الحاكم أبو عبد الله.
عمر بن أكثم بن أحمد [3] بن حيّان بن بِشْر الأسدي القاضي، من بيت قضاء ورئاسة ببغداد.
__________
[1] تاريخ بغداد 10/ 457 رقم 5625.
[2] طبقات الصوفية 501- 504، المنتظم 7/ 52، سير أعلام النبلاء 16/ 109، 110 رقم 74، طبقات الشعراني 1/ 146.
[3] تاريخ بغداد 11/ 249 رقم 5997، المنتظم 7/ 17، 18، طبقات الشافعية للسبكي 3/ 470، طبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 78، 79، سير أعلام النبلاء 16/ 111 رقم 76.

(26/164)


ولي القضاء في أيام المطيع للَّه نيابةً، ثم ولي [قضاء ال [1]] القضاة، وكان فقيها شافعيّ المذهب.
قال الخطيب: لم يل القضاء ببغداد من الشافعية أحد قبله غير أبي السائب القاضي.
تُوُفّي أبو بِشْر في عشر الثمانين، وولي قضاء العراق بعده أبو محمد عبيد الله بن معروف.
عمر بن جعفر بن عبد الله [2] بن أبي السَّرِيّ البصْرِي الحافظ الورّاق أبو حفص.
كتب الناس بإفادته الكثير، وانتخب على جماعة شيوخ ببغداد، وحدّث عن: الحسن بن المُثَنَّى، وأبي خليفة، وعَبْدان الأهوازي، ومحمد بن جرير الطّبري.
وعنه: ابن رزقويه، وعلي بن أحمد الرزّاز، وغيرهما.
قال أبو عبد الله الحاكم: سمعت عمر بن جعفر البصري ببيت [3] عبدان عقده فأخذ يذاكرني [4] بشيء لا أهتدي إليه، فقلت: يا أبا العبّاس أيش عند أيّوب عن الحَسَن؟ فذكر حديثين، فَقُلْتُ: يُحْفَظُ عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي بَرْزَةَ أَنَّ رَجُلا أَغْلَظَ لأَبِي بَكْرٍ فَقَالَ عُمَرُ: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ دَعْنِي أَضْرِبُ عُنُقَهُ، فَقَالَ: «مَهٍ مَا كَانَتْ لأَحَدٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ، فَبَقِيَ وَكَبَّرْتُ وَسَكَتُّ، فَقَالَ: اذْكُرْ لِي سَمَاعَكَ، فَقُلْتُ: ثنا عَبْدَانُ، ثنا محمد بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حَسَّانٍ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ مُوسَى، عن أيّوب. وكان الدار الدّارقطنيّ يتبع خطى عمر
__________
[1] عن هامش الأصل.
[2] تاريخ بغداد 11/ 244 رقم 5996، المنتظم 7/ 44 رقم 54، العبر 2/ 309، شذرات الذهب 3/ 26، البداية والنهاية 11/ 265، مرآة الجنان 2/ 369، تذكرة الحفاظ 3/ 934، 935، ميزان الاعتدال 3/ 184، سير أعلام النبلاء 16/ 172، 173 رقم 126، لسان الميزان 4/ 287- 281، طبقات الحفاظ 378.
[3] في الأصل «بت ابن» وقد شطبت (ابن) .
[4] كتب بعدها «بن نصر» ثم شطبت (نصر) .

(26/165)


البصري، فيما انْتَقَاهُ عَلَى أَبِي الشَّافِعِيِّ خَاصَّةً، وَعَمِلَ فِيهِ رِسَالَةً.
وقد كان أبو محمد الحسن السّبيعي يقول: هو كذّاب، وقال: مولده سنة ثمانين ومائتين. قال: وحدّث بشيء يسير، وكانت كتبهَ رديّة.
الفضل بن محمد بن العبّاس أبو العبّاس الْهَرَوِيُّ الواعظ الصالح.
سمع: عثمان بن سعيد الدارمي، وعاش زمانًا ولم يحدّث لاختلاف عقله.
فنك الخادم [1] مولى الأستاذ كافور ملك مصر.
خرج من مصر بعد موت مولاه في هذه السنة [2] إلى الرملة، فبعثه الحسن بن عبد الله بن طُغْج أمير الرملة أميرًا على دمشق فدخلها وأقام بها، فلما اتصل به أنّ الروم- لعنهم الله- أخذوا حمص يوم عيد الأضحى نادى في البلد النفير إلى ثَنِيّة العُقاب [3] ، فخرج الجيش والمُطَوَّعة وغيرهم وانتشروا إلى دُومة [4] وحَرَسْتا [5] ، وأنتهز هو الفرصة، في خلوّ البلد فرحل بثقله نحو عَقَبة دُمَّر [6] ، وسار بعسكره وخواصّه، وطلب نحو الساحل، فطمع الناس فيه ونهبوا بعض أثقاله وقتلوا من تأخّر من رجاله، وذلك في آخر السنة.
كافور الأستاذ أبو المِسْك الأخشيدي أمير مصر والشام.
قيل تُوُفّي فيها، وقيل في الماضية كما ذكرناه، والله أعلم. ثم رأيت في تاريخ علي بن محمد الشمشاطي وفاته في سنة سبعٍ في ثامن عشر جمادى الأولى.
__________
[1] أمراء دمشق في الإسلام- ص 66 رقم 208، وانظر تاريخ الأنطاكي (بتحقيقنا) .
[2] وفي أمراء دمشق «سنة تسع وخمسين وثلاثمائة» .
[3] ثنيّة العقاب: بالضم، وهي ثنيّة مشرفة على غوطة دمشق، يطؤها القاصد من دمشق إلى حمص. (معجم البلدان 2/ 85) .
[4] دومة: بالضم: من قرى غوطة دمشق، غير دومة الجندل. (معجم البلدان 2/ 486) .
[5] حرستا: بالتحريك، وسكون السين، وتاء فوقها نقطتان: قرية كبيرة عامرة وسط بساتين دمشق على طريق حمص. (معجم البلدان 2/ 241) .
[6] عقبة دمّر: مشرفة على غوطة دمشق في طريق بعلبكّ. (معجم البلدان 2/ 463) .

(26/166)


محمد بن أحمد بن حاجب أبو نصر الكشّاني.
روى عن عمر بن محمد بن بجير، والفربري، ومحمد بن إبراهيم الرازي.
وهو ولد إسماعيل الكشّاني المشهور.
محمد بن أحمد بن إبراهيم [1] بن عبد المؤمن بن إسحاق الإسكافي الكاتب المعروف بالقراريطي الوزير.
كان كاتبًا لمحمد بن رائق الأمير وزير المتّقي للَّه سنة تسع وعشرين وثلاثمائة بعد أبي عبد الله البريديّ، ثم عزل بعد تسعة وثلاثين يوما، وأخذ منه مائتان وأربعون ألف دينار [ثم وزَرَ بعد أشهُر، وقُبض عليه بعد ثمانية أشهر، فنزح إلى الشام، وكتب لصاحبها سيف الدولة] [2] ابن حمدان. ثم قدم بغداد في وزارة المُهَلّبي فأكرمه ووصَلَه.
وقد روى عن علي بن سليمان الأخفش، وغيره.
روى عنه: محمد بن أحمد المفيد، وأبو الحسن علي بن الحسن الجراحي، وغيرهما آثارًا.
وكان ظالمًا عسوفًا، تُوُفّي في المحرّم وله ستُّ وسبعون سنة.
محمد بن أحمد بن عليّ [3] بن مَخْلَد أبو عبد الله البغدادي الجوهري المحتسِب المعروف بابن مُحْرِم [4] الفقيه، أحد تلامذة محمد بن جرير.
__________
[1] الوافي بالوفيات 2/ 41 رقم 313، العبر 2/ 309، شذرات الذهب 3/ 26، الكامل في التاريخ 8/ 249 و 305 و 375 و 384 و 397 و 404 و 406 و 468، دول الإسلام 1/ 221، 222، سير أعلام النبلاء 16/ 111، 112 رقم 78.
[2] ما بين الحاصرتين ليس في الأصل، واستدركته من سير الأعلام.
[3] تاريخ بغداد 1/ 320 رقم 217، المنتظم 7/ 45 رقم 58، العبر 2/ 309، شذرات الذهب 3/ 26، مشتبه النسبة 2/ 579، سير أعلام النبلاء 16/ 60، 61 رقم 41، ميزان الاعتدال 3/ 462، البداية والنهاية 11/ 266، لسان الميزان 5/ 51، 52، النجوم الزاهرة 4/ 21.
[4] كذلك في الأصل وتاريخ بغداد والمنتظم، و «مخرم» بالخاء المعجمة من فوق، في العبر والشذرات وما أثبتناه: «محرم: بضم الميم وسكون الحاء المهملة وكسر الراء. عن الإكمال لابن ماكولا 7/ 221» .

(26/167)


سمع: محمد بن يوسف بن الطبّاع، وإبراهيم بن الهيثم البلدي، والحارث بن أبي أسامة، والكديمي، وأبو إسماعيل التّرْمِذي، وكان أسْنَدَ من بقي.
روى عنه: أبو الحسن بن رزقويه، وعلي بن داود الرزاز، وأبو علي بن شاذان، وأبو نُعَيم الحافظ، وغيرهم.
وقال عبيد الله بن عمر بن النّعال: تزوّج شيخنا ابن المُحْرِم قال:
فجلست على العادة أكتب فجاءت أمّ الزوجة في بعض الأيام فرمت بالمحبرة كسرتها وقالت: بئس هذه شرّ على بنتي من ثلاثمائة صُرَّة.
قال ابن أبي الفوارس: لم يكن عندهم بذاك.
وقال البرقاني: لا بأس به. تُوُفّي في ربيع الآخر من السنة، وله ثلاثٌ وتسعون سنة.
قلت: وحديثه بعُلو عند أبي جعفر الصيدلاني.
محمد بن أحمد بن شعيب [1] بن هارون أبو أحمد الشُّعَيْبي النَّيْسَابُوري العدل الفقيه.
سمع: البوشنجي، وإبراهيم الذُهَلي، ومحمد بن عبد الرحمن الشامي الهروي، وطبقتهم، وجمع كتاب «الزهد» في أربعين جزءا، و «فضل أبي حنيفة» في مُجَلَّدٍ، وكان على مذهبه.
مات في ربيع الآخر [2] ، وله اثنتان وثمانون سنة.
محمد بن الحسين بن علي [3] بن سليمان الحرّاني نزيل بغداد.
روى: عن أبي خليفة، وعبدان الأهوازي، وابن قتيبة العسقلاني، وأبي
__________
[1] تاج التراجم 38، الجواهر المضية 2/ 12 و 13، هدية العارفين 2/ 46، معجم المؤلفين 8/ 269، الأنساب 7/ 347، اللباب 2/ 199.
[2] هكذا في الأصل، واللباب، والجواهر المضيّة. وفي الأنساب 7/ 348 «ربيع الأول» .
[3] تاريخ بغداد 2/ 242 رقم 706، المنتظم 7/ 46 رقم 61، العبر 2/ 310، شذرات الذهب 3/ 26.

(26/168)


يعلى الموصلي، وجماعة.
انتخب عليه: الدار الدارقُطْني، وروى عنه أبو الحسن الحمامي، ومكّي بن علي الجريري، وأبو علي بن شاذان، وجماعة.
قال ابن أبي الفوارس: كان ثقة، حَسَنَ المذهب. تُوُفّي في رمضان.
قلت: وَقَعَ لنا الجزءُ الثالث من حديثه.
محمد بن علي بن محمد [1] بن سهل أبو بكر البغدادي، ويُعرف بابن الإمام.
حدّث عن: محمد بن عثمان بن أبي شيبة، والحسن المعمري، وأحمد بن علي الإبّار، وجماعة.
روى عنه: ابن رزقويه، وأبو نُعَيم الأصبهاني. وتوفي في شعبان.
قال الخطيب: كان فيه تساهل.
محمد بن محمد بن عبد الحميد [2] بن خالد بن إسحاق بن آدم أبو علي الفزاري الدمشقي، القاضي العدْل، مولى يزيد بن عمر بن هُبَيْرة الفَزَاري.
سمع: أحمد بن علي المَرْوَزي القاضي، وأحمد بن أنس بن مالك، وعلي بن غالب السّكْسكي، ومحمد بن يحيى بن حامل كَفَنِه، ومحمد بن يزيد بن عبد الصمد، وإسماعيل بن قيراط، وإبراهيم بن دُحَيْم، وطبقتهم بدمشق.
وعنه: عبد الوهاب الكلابي، وعلي بن بِشْر بن العطّار، وعبد الوهاب المَيْداني، ومحمد بن رزق الله المُتَنَبّي، وأبو الحسن علي بن السّمسار، وهو آخر من حدّث عنه.
توفي في جمادى الآخرة.
__________
[1] تاريخ بغداد 3/ 85 رقم 1070.
[2] العبر 2/ 310، شذرات الذهب 3/ 26.

(26/169)


قال عبد العزيز الكتّاني: كان ثقة.
محمد بن محمد بن الحسن [1] بْن العبّاس بْن محمد بْن عليّ بْن الرشيد هارون بن المهديّ أبو العبّاس الهاشمي العبّاسي البغدادي.
حدّث ببُخارى وسَمَرْقند، وقد كتب الكثير.
سمع: البَغَوِي، ومحمد بن جرير، وأبا بكر ابن أبي داود، وأبا عَرُوبة الحرّاني.
قال أبو عبد الله غُنْجار: تُوُفّي بفرغانة سنة سبعٍ وخمسين.
محمد بن نصر [2] أبو صادق الطّبري.
حدَّث في هذه السّنة عن أبي القاسم البَغَوي، وأبي عَرُوبة الحرّاني، وطائفة.
وعنه: السّكَنُ بن جُمَيْع [3] .
مُطرَّف بن عيسى بن لبيب [4] أبو القاسم الغسّاني، إلبِيري [5] نزيل غرناطة.
سمع ببجانة من: فضل بن سلمة، ومحمد بن خالد.
وكان لُغَويًّا إخباريًّا مؤرخا مصنِّفًا.
هارون بن محمد بن هارون بن أحمد أبو موسى العنزي الطّحان
__________
[1] تاريخ بغداد 3/ 220 رقم 1280.
[2] تاريخ دمشق 40/ 114 و 115 (مخطوط التيمورية) ، معجم الشيوخ لابن جميع 48 (مخطوطة ليدن) ، المقفى للمقريزي 4/ 170 (مخطوطة دار الكتب المصرية) ، موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان 5/ 24 رقم 1623.
[3] هو: أبو محمد الحسين بن محمد بن أحمد بن جميع الصيداوي المعروف بالسكن. توفي سنة 437 هـ. (تاريخ دمشق- المخطوط 11/ 173، الأنساب 358 ب، معجم البلدان 3/ 437 و 438) وله منتخب من الحديث، ضمن مجموع 17 بالظاهرية نشرناه مع معجم الشيوخ لأبيه الحسين بن جميع.
[4] في الأصل «ابن لبنت» ، والتصحيح عن تاريخ علماء الأندلس 2/ 137 رقم 1443.
[5] في الأصل «البيرمي» .

(26/170)


الدمشقي، ويُعرف بالمَوْصِلي.
سمع: عبد الرحمن بن الرَّوَّاسّ، وأحمد بن أنس بن مالك، وأبا عليّ إسماعيل بن قيراط، وإبراهيم بن دُحَيْم.
وعنه: تمّام، وابن مندة، [و] الحافظ عبد الغني، وعبد الوهاب المَيْداني، وجماعة.

(26/171)


[وفيات] سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة
أحمد بن إسماعيل بن يحيى بن خازم أبو الفضل الإسماعيلي النَّيْسَابُوري.
سمع: عبد الله بن شيرويه، وعمر بن محمد بن بجير.
وعنه: أبو حازم العبدوي.
أحمد بن حسن بن منده أبو عمرو الأصبهاني الورّاق، نزيل نيسابور.
سمع: أبا القاسم البَغَوي، والوليد بن أبان، وطبقتهما، وكان ممّن يُضْربَ المثل بخطّه.
أحمد بن عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد [1] بْن عُمَر بْن محمد بْن عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن بْن حفص الهمداني الذكواني أبو علي المعدّل الأصبهاني.
كان صاحب سنة وصلابة في دينه.
حدّث عن: أبي مسعود عبد الله بن محمد بن عبدان العسكري صاحب لُوين.
وعنه: ابنه أبو بكر محمد بن أبي علي، وأبو نعيم الحافظ.
__________
[1] أخبار أصبهان 1/ 155.

(26/173)


أحمد بن القاسم أبو بكر محمد بن أبي السمّاك البغدادي الدّقّاق المعدّل.
روى عن: الهيثم بن خلف، ومحمد بن المجذّر.
وعليه: أبو سعيد النقّاش، وأبو الفتح بن أبي الفوارس.
قال طلحة الشاهد: تُوُفّي في سلخ ذي الحجّة.
أحمد بن محمد بن سهل [1] الفقيه أبو الحسين الطَّبَسِي [2] الشافعي أحد الأعلام، صاحب أبي إسحاق المَرْوَزي.
سمع: ابن خُزَيْمة، وابن صاعد، وله تعليقة عظيمة في المذهب في نحو ألف جزء.
تُوُفّي بالطَّبَسين.
روى عنه الحاكم.
أحمد بن يعقوب بن أحمد [3] بن المهرجان البغدادي المعدّل.
حدّث عن: الحسن بن علوية القطان، ومحمد بن يحيى المروزي.
وعنه: ابن رزقويه، وأبو نُعَيم الحافظ.
إبراهيم بن أحمد بن الحسن [4] أبو أسحاق القِرمِيسِيني [5] المقرئ،
__________
[1] أخبار أصبهان 1/ 127، الإكمال 5/ 266، طبقات السبكي 2/ 98، الأنساب 8/ 210، اللباب 2/ 274 و 275.
[2] الطبسي: بفتح الطاء المهملة والباء الموحّدة وفي آخرها سين مهملة، هذه النسبة إلى طبس وهي مدينة في برّيّة بين نيسابور وأصبهان وكرمان. (اللباب، الأنساب) .
[3] تاريخ بغداد 5/ 227 رقم 2707.
[4] تاريخ بغداد 6/ 14 رقم 3044.
[5] القرميسيني: بكسر القاف وسكون الراء وكسر الميم وسكون الياء تحتها نقطتان وكسر السين بعدها ياء ثانية ثم نون. هذه النسبة إلى قرميسين، وهي مدينة بجبال العراق على ثلاثين فرسخا من همذان عند الدّينور، ويقال لها كرمان شاهان. (اللباب 3/ 28) وفي معجم البلدان 4/ 330 «قرميسين» بفتح القاف.

(26/174)


طوّف شرقًا وغربًا وكتب بعدّة أقاليم.
سمع: محمد بن يونس الكديمي، وبشر بن موسى، وعبد الرحمن بن القاسم بن الروّاس، وأبا عبد الرحمن النّسائي.
وعنه: الدار الدّارقطنيّ، والحسن بن الحسن بن المنذر، وأبو الحسن الحمامي، وغيرهم، وتُوُفّي بالموصل.
قال الخطيب: كان ثقة صالحًا.
إسحاق بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد [1] بْن يعقوب أَبُو الفضل الهَرَوي الْجَوزَقي [2] الحافظ.
سمع: عبد الله بن عروة الفقيه، وحاتم بن محبوب، وببغداد من البَغَوي، ويحيى بن صاعد.
وكان ثقة عدْلًا من جَوْزَق هَرَاة، نزل سمرقند وحدّث بها.
ثوابه بن أحمد بن عيسى [3] بن ثوابة أبو الحسين الموصلي.
[سمع] [4] أحمد بن عبد الله بن ذكوان بدمشق، وأبا يَعلَى بالموصل، ومحمد بن إسماعيل بن نباتة.
وعنه: الدارقُطْني، وأبو الحسن بن رزقويه، وطلحة بن الصقر، وأبو محمد بن النحاس، واحمد بن محمد بن الحاج الإشبيلي.
تُوُفّي بمصر.
قال الخطيب: كان صدوقًا.
__________
[1] اللباب 1/ 309، الأنساب 3/ 366.
[2] الجوزقي: بفتح الجيم وسكون الواو وفتح الزاي وفي آخرها قاف. هذه النسبة إلى موضعين:
أحدهما جوزق نيسابور، والثاني إلى جوزق هراة، وصاحب الترجمة منسوب إلى الثاني.
(اللباب) .
[3] تاريخ بغداد 7/ 149 رقم 3603.
[4] ما بين الحاصرتين إضافة على الأصل.

(26/175)


جعفر بن محمد الجوهري.
سمع: أحمد بن زغبة، والنّسائي.
كأنّه مصري.
الحسن بن أبي الهيجاء [1] عبد الله بن حمدان بن حمدون بن الحارث الأمير ناصر الدولة، أبو محمد التغلبي صاحب الموصل ونواحيها.
كان أكبر من أخيه سيف الدولة وأرفع منزلة عند الخلفاء، وكان سيف الدولة كثير التأدّب معه، وكان هو شديد المحبّة لسيف الدولة، فلما تُوُفّي سيف الدولة تغيّرت أحواله وساءت أخلاقه وضَعُف عقلُه إلى أن لم يبق له حزم عند أولاده، فقبض عليه ولده أبو تغلب الغضنفر بالموصل وحبسه مُكْرَمًا في حصن في سنة ست وخمسين، فلم يزل محبوسًا حتى تُوُفّي في ربيع الأول سنة ثمانٍ وخمسين.
وكتب إليه سيف الدولة مرة:
رضيتُ لك العَلْيا وقد كنتَ أهلَها ... فقلت لهم بيني وبين أخي فَرْقُ
ولم يكُ بي عنها نكولٌ وإنّما ... تجافيتُ عن حقي فتمّ لك الحقُّ
ولا بدَّ لي من أن أكون مصلّيًا [2] ... إذا كنت أرضى أن يكون لك السَّبْقُ [3]
الحسن بن علان [4] أبو علي البغدادي القاضي الخطّابي.
سمع: جعفر الفريابي، وأبا خليفة.
وعنه: أبو نعيم الحافظ، وأبو الفتح بن أبي الفوارس وقال: كتبنا عنه
__________
[1] وفيات الأعيان 2/ 114 رقم 175، العبر 2/ 311 وفيه «الحسين» ، شذرات الذهب 3/ 27، الكامل في التاريخ 8/ 593، الوافي بالوفيات 12/ 89، 90، أمراء دمشق 26، سير أعلام النبلاء 16/ 186، 187 رقم 131، النجوم الزاهرة 4/ 27، أعيان الشيعة 22/ 97.
[2] المصلّي: الفرس الّذي يتلو السابق.
[3] الأبيات في يتيمة الدهر 1/ 26. ووفيات الأعيان 2/ 116، والبداية والنهاية 11/ 263، 264.
[4] تاريخ بغداد 7/ 399، المنتظم 7/ 49 رقم 62.

(26/176)


أشياء، وكان ثقة، وتُوُفّي في ذي الحجة.
الْحَسَن بْن محمد بْن أحمد [1] بن كَيْسان أبو محمد الحربي النّحوي، أخو علي.
سمع: إسماعيل القاضي، وبِشْر بن موسى، وموسى بن هارون.
وعنه: أبو علي بن شاذان، وأبو نُعَيم، وغيرهما، وكان ثقة من كبار شيوخ أبي نُعَيم.
تُوُفّي في شوّال.
الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى [2] بْنِ الْحَسَنِ بن جعفر بن عبد الله بن الحسين بن زين العابدين بن علي بن الحسين أبو محمد بن أخي أبي طاهر العلوي.
سمع: إسحاق الدَّبَري وغيره من أهل اليمن.
وعنه: أبو الفتح بن أبي الفوارس، وابن رزقويه، وابن شاذان وقال: إنّه وُلد سنة ستّين ومائتين.
روى حديثًا موضوعًا عن إسحاق، عن عبد الرزاق، عن سفيان، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ رَفَعَهُ قَالَ: «عليّ خير البشر فمن أبي [3] فقد كفر» .
وهذا ممّا اتُّهِم بوضعه أبو محمد هذا، وكان نسّابة شيعيًّا.
الحسن بن أحمد [4] أبو علي الفارسيّ.
__________
[1] تاريخ بغداد 7/ 422 رقم 3986، العبر 2/ 311، المنتظم 7/ 49 رقم 64، شذرات الذهب 3/ 27، إنباه الرواة 1/ 319، تلخيص ابن مكتوم 60، 61، سير أعلام النبلاء 16/ 136 رقم 93، النجوم الزاهرة 4/ 28.
[2] تاريخ بغداد 7/ 421 رقم 3984، لسان الميزان 2/ 252، 253 رقم 1055، ميزان الاعتدال 1/ 521 رقم 1943.
[3] عند الخطيب: «امترى» ، وقال: هذا حديث منكر لا أعلم رواه سوى العلويّ بهذا الإسناد، وليس بثابت.
[4] تاريخ بغداد 7/ 275 رقم 3763.

(26/177)


سمع البوشنجي، وحمزة الكاتب، وابن ناجية.
وعُمّر تسعين سنة.
حيدرة بن عمر [1] أبو الحسن الزَّنْدَوَرْدِيّ [2] الفقيه الظَّاهري.
أخذ عن عبد الله بن المغلّس الظاهري.
تفقّه [به] [3] البغداديون.
الخليل بن أحمد أبو القاسم الشاعر.
تُوُفّي في جُمادى الأولى.
زيد بن علي بن أحمد [4] بن محمد بن عمران بن أبي بلال العجْلي الكوفي، أبو القاسم المقرئ المجوَّد نزيل بغداد.
قرأ القرآن على: أحمد بن فرج بن جبريل، وابن مجاهد، ومحمد بن أحمد الدّاجوني، وعبد الله بن جعفر السوّاق، وسمع محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي، وعلي بن العبّاس، وعبد الله بن زيدان، وغيرهم.
قرأ عليه القرآن جماعة منهم: الحسن بن علي الصَّقْر الكاتب، وبكر بن شاذان الواعظ، وعلي بن محمد بن موسى الصّابوني من شيوخ الهَرّاس، وعبد الباقي بن الحسن.
وحدّث عنه الحمامي، وأبو نُعَيم.
قال الخطيب: كان صدوقا توفي في جمادى الأولى.
__________
[1] تاريخ بغداد 8/ 273 رقم 4372، المنتظم 7/ 50 رقم 65، طبقات الفقهاء 177، الأنساب 6/ 338، الفهرست 1/ 219، الوافي بالوفيات 13/ 227 رقم 275، كشف الظنون 1247، إيضاح المكنون 2/ 450، ومعجم المؤلفين 4/ 93.
[2] الزّندوردي: بفتح أوله وسكون ثانيه، ودال مهملة، وواو مفتوحة، وراء ساكنة، ودال مهملة:
هذه النسبة إلى مدينة كانت قرب واسط مما يلي البصرة (اللباب 2/ 78، معجم البلدان 3/ 154) .
[3] إضافة على الأصل.
[4] تاريخ بغداد 8/ 449 رقم 4563، العبر 2/ 311، شذرات الذهب 3/ 27، معرفة القراء 1/ 314 رقم 231، مرآة الجنان 2/ 371، غاية النهاية 1/ 298، 299.

(26/178)


سِيَبَوَيْه المصري [1] ، الملقَّب أيضًا بالفصيح، اسمه أبو بكر محمد بن ابن موسى بن عبد العزيز الكِنْدي الصَّيْرفي المعروف بابن الْجُبّي.
ولد سنة أربع وثمانين ومائتين، وسمع من: المنجنيقي، والنّسَائي، والطّحاوي، وتفقّه للشافعي، وجالس أبا بكر بن الحدّاد وتلمذ له في الفقه، وكان معتزليًا متظاهرًا به، ويتكلّم في الزَّهْد وفي عبادات الصُّوفّية بعبادة خلوة. وله شِعْر وفضائل.
مات في شهر صفر. قاله ابن ماكولا [2] .
عبد الملك بن علي [3] أبو عمر الكازَرُوني، الزاهد المُجاب الدّعوة، كان يُعدّ من الأبدال.
سمع: أبا مسلم الكجّي وغيره، ورُحِل إليه لتفرُّده بكازَرُون [4] .
روى عنه: أبو القاسم الدهّان، وأحمد بن محمد بن سهل بن منصور أبو الحسين النّصيبي الملطي البزّار.
تُوُفّي بدمياط.
علي بن عبد الله بن علي [5] الفارسي.
عن: عبد الله بن ناجية، وزكريّا السّاجي.
وعنه: ابنه محمد.
وكان ثقة فرضيّا.
__________
[1] معجم الأدباء 19/ 61، المشتبه في أسماء الرجال 92، الوافي بالوفيات 5/ 90 رقم 2098، بغية الوعاة 208.
[2] الإكمال 4/ 420.
[3] اللباب 3/ 74، الأنساب 10/ 318.
[4] كازرون: بفتح أوله وسكون الألف وفتح الزاي وضمّ الراء وسكون الواو وفي آخرها نون.
إحدى بلاد فارس. (اللباب) .
[5] تاريخ بغداد 12/ 6 رقم 6359.

(26/179)


علي بن إبراهيم بن الفضل [1] الكُشَاني [2] .
سمع: عمر البحتري، وإبراهيم بن نصر بن عنترة.
علي بن عبد الله [3] .
[عن] [4] : ابن ناجية، وزكريّا السّاجي.
وعنه: ابنه محمد.
وثّقه الخطيب.
علي بن الفضل بن شَهْريار [5] أبو الحسن التّاجر الأصبهاني المُعَدَّل.
سمع: محمد بن أيّوب الرازي.
وعنه: أبو بكر بن أبي علي، وأبو نعيم وقال: ثقة.
علي بن محمد بْن أحمد بْن حمّاد زُغْبة [6] بْن مسلم أبو الحسن التُّجيبي، مصري.
محمد بن أحمد بن محمد الأبْرِيسَم [7] أبو بكر النَّيْسَابُوري التّاجر.
سمع: أبا عبد الله البوسنجي وغيره، ولم يحدّث. قال: قصدناه غير مرّة فلم يحدّثنا.
محمد بن أحمد بن إسماعيل [8] بن خالد أبو بكر الصّرّام السّختياني.
__________
[1] الإكمال 7/ 185 وفيه «الفضيل» .
[2] الكشاني: بضم أوّله والشين المعجمة، وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى كشانية، وهي بلدة من بلاد الصغد بنواحي سمرقند. (اللباب 3/ 98) .
[3] هو: علي بن عبد الله بن علي الفارسي، وقد مرّت ترجمته قبل قليل.
[4] إضافة على الأصل.
[5] أخبار أصبهان 2/ 18.
[6] زغبة: بزاي مضمومة وغين ساكنة معجمة وباء معجمة بواحدة. (الإكمال 4/ 81) .
[7] الأبريسم: بفتح الألف وسكون الباء وكسر الراء وسكون الياء وفتح السين وفي آخرها الميم.
هذه اللفظة لمن يعمل الأبريسم والثياب منه ويبيعها ويشتغل بها. (اللباب 1/ 25) .
[8] الأنساب 8/ 55.

(26/180)


جُرْجانّي عالي الرواية.
روى عن: محمد بن أيّوب الرازي، وهميم، وابن مجاشع.
روى عنه: حمزة السَّهمي وغيره.
تُوُفّي في ربيع الآخر.
محمد بن أَحْمَد بن الحسن أبو عمر الضبي [1] الهيستاني.
سمع: عبد الله بن محمد بن النعمان الأصبهاني، وغيره.
وتوفي في عشر التسعين.
وعنه: أبو بكر بن أبي علي.
محمد بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ [2] بْنِ عَبْدِ الرحمن بن عبد الملك ابن مروان القُرَشي الدمشقي أبو عبد الله، محدّث دمشق في وقته.
سمع: أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ، وأحمد بن إبراهيم بن البسري، وإسماعيل بن قيراط، وزكريّا خيّاط السنة، وأبا عُلاثة المصري، وأنس بن السَّلم، وجماعة.
وعنه: تمّام، وابن مَنْدَه، وعبد الوهاب الميداني، والخصيب بن عبد الله القاضي، وحُوَيّ بن علي السَّكْسكي، وآخر من حدّث عنه أبو الحسن بن السمسار، وانتقى عليه أبو عبد الله بن مَنْدَه ثلاثين جزءًا، وأملى مدّةً بجامع دمشق.
قال عبد العزيز الكتّاني: كان ثقة مأمونًا جوادًا، تُوُفّي في شوّال وهو في عشر التّسعين.
__________
[1] الضّبّي: بفتح الضاد المعجمة، والباء المكسورة المشدّدة المنقوطة بواحدة. هذه النسبة إلى «بني ضبّة» . (الأنساب 8/ 144) وضبّة قرية بالحجاز على ساحل البحر مما يلي طريق الشام. (اللباب 2/ 261) .
[2] العبر 2/ 311، شذرات الذهب 3/ 27، مرآة الجنان 2/ 371، سير أعلام النبلاء 16/ 59 رقم 39، الوافي بالوفيات 1/ 342.

(26/181)


مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه بْن هارون الحَضْرَميّ المصري جدّ الحافظ يحيى بن علي بن الطّحّان.
يروي عن: أبي بكر بن سهل الدّمياطي، وأحمد بن شعيب النّسائي.
تُوُفّي في المحرَّم.
محمد بن إسماعيل أبو بكر البغدادي القاضي.
سمع: أحمد بن الحسن الصوفي.
وعنه: أبو نُعَيم وغيره.
محمد بن جعفر بن دُرّان أبو الطيب المصري غُنْدَر [1] .
روى عن: أبي خليفة المصري [2] ، وأبي يعلى الموصلي، وجماعة.
وعنه: الدار الدَارقُطْنيّ، وابن جُمَيع [3] ، وأحمد بن محمد بن الحاج الإشبيلي.
ويقال: تُوُفّي في العام الماضي.
محمد بن الحسين بن مهران النَّيْسَابُوري الكاتب، أخو الأستاذ، أبي [4] بكر.
سمع: عبد الله بن شيرويه، وابن خُزَيمة.
وعنه: الحاكم وقال: كان يصحب الملوك، والوزراء.
وعاش نيّفًا وثمانين سنة.
__________
[1] غندر: بضم الغين المعجمة، وسكون النون، وفتح الدال، وقد تضمّ. (المغني في أسماء الرجال 191) .
[2] في الأصل «المصري روى» وقد شطبت الكلمتان.
[3] ابن جميع الصيداوي المتوفى سنة 402 هـ. وهو لا يذكر ابن درّان أبا الطيب المصري في معجم شيوخه، بل يذكر «محمد بن جعفر غندر الحافظ أبا بكر الورّاق البغدادي المتوفى سنة 370 هـ. وهو غير صاحب الترجمة أعلاه. (انظر معجم الشيوخ 21) .
[4] في الأصل «أبو» .

(26/182)


محمد بن العبّاس بن الوليد [1] بن كُوذَك أبو عمر مولى القعقاع بن خُلَيّد العنسي الدمشقي.
سمع: محمد بن العبّاس بن الدرَفس، وأحمد بن بِشْر الصُّوري، وعبد الرحمن بن القاسم الروّاس، وجعفر بن أحمد الروّاس، وإبراهيم بن دُحَيّم، والمفضل بن محمد الْجُنْدي.
وعنه: تمام، وأبو نصر بن هارون، وعبد الوهاب الميداني، والخصيب ابن عبد الله بن محمد، وأبو الحسن بن السمسار.
تُوُفّي في آخر العام.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَنْبَلِيُّونَ قِرَاءَةً، قَالُوا: أنا محمد بْنُ السَّيِّدِ بْنِ فَارِسٍ، أنا الْخَضِرُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عبدان سنة إحدى وأربعين وخمسمائة، أنا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ محمد الْمِصِّيصِيُّ، أنا أَبُو نَصْرٍ محمد بْنُ أَحْمَدَ بْنِ هَارُونَ، أنا أَبُو عُمَرَ محمد بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ كُوذَكَ، ثنا عِيسَى بْنُ إِدْرِيسَ الْبَغْدَادِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ، ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي ذِيبٍ، عَنْ خَالِدٍ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم [قال] [2] : «لَعَنَ اللَّهُ الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ» [3] . محمد بْن عَبْد اللَّه بْن سَعِيد أبو علي العسكري نزيل أصبهان.
سمع: عبدان، وأبا بكر بن أبي داود، وأبا علي محمد بن سليمان المالكي، ومحمد بن محمد الباغندي.
__________
[1] الوافي بالوفيات 3/ 191 رقم 1168، موسوعة المسلمين في تاريخ لبنان 4/ 216، 217 رقم 1456.
[2] إضافة على الأصل.
[3] أخرجه الترمذي في الأحكام 9، وأبو داود في الأقضية 4، وابن ماجة في الأحكام 2، وابن حنبل 2/ 164 و 190 و 194 و 212 و 387 و 388 و 5/ 279.

(26/183)


وعنه: أبو بكر بن أبي علي، وأبو نُعَيم.
محمد بن عديّ بن حَمْدَوَيْه السَّجْزي الصّابوني.
سمع ابن إدريس وغيره، وهو جدّ أبي عثمان الصّابوني لأمّه.
وعنه: يحيى بن عمّار وغيره.
تُوُفّي في ذي القعدة، وكنيته أبو عبد الله، وهو أخو عبد الله الذي يأتي.
محمد بن محمد بن إسحاق أبو عمرو السّرّاج الحاكم.
توفي بالشاش في جمادى الأخرة، وحمل إلى هراة فدُفن بها.
محمد بن معاوية بن عبد الرحمن [1] بن معاوية بن إسحاق بن عبد الله ابن معاوية بْن هشام بْن عَبْد الملك بْن مروان أبو بَكْر الأموي القرطبي المعروف بابن الأحمر.
سمع: عبيد الله بن يحيى الليثي، وسعيد بن حِمْيَر، ورحل إلى المشرق سنة خمسٍ وتسعين ومائتين، فسمع من النّسائي، وأسحاق بن إبراهيم المنجنيقي، وابن المنذر، وجعفر الفِريابي، ومحمد بن يحيى المَروَزي، وإبراهيم بن شريك الكوفي، وأبي خليفة الْجُمحي، والبَغَوي، وطائفة. ورحل إلى أرض الهند تاجرًا، وكان يقول: خرجت من أرض الهند وأنا أقدر على ثلاثين ألف دينار، فلما قاربت أرض الأسلام غرقت وما نجوت إلّا سِباحةً لا شيء معي، ورجع إلى الأندلس، وحمل الناس عنه الكثير، وكان شيخًا جميلًا ثقة، وكان معمّرًا.
تُوُفّي في رجب.
روى عنه خلق منهم: محمد بن إبراهيم بن سعيد، ومحمد بن عبد الله بن حكم شيخا ابن عبد البَّرّ. وآخر من روى عنه: يونس بن عبد الله بن
__________
[1] العبر 2/ 312، تاريخ علماء الأندلس 2/ 67 رقم 1289، بغية الملتمس 127 رقم 271، جذوة المقتبس 88 رقم 140، شذرات الذهب 3/ 27، سير أعلام النبلاء 16/ 68، 69 رقم 49، النجوم الزاهرة 4/ 28.

(26/184)


مغيث، وعبد الله بن الربيع.
محمد بن يحيى بن عبد السلام [1] الأزدي الأندلسي النّحوي المعروف بالرباحي.
سمع من: قاسم بن أصبغ، وبمكّة من ابن الأعرابي، وأخذ كتاب سِيبَوَيْه عن أبي جعفر بن النّحاس.
وكان عارفًا بالعربية حاذقًا ذكيًّا فقيهًا عالمًا، أدّب المغيرة بن النّاصر لدين الله.
تُوُفّي في رمضان.
محمد بن موسى بن عبد العزيز أبو بكر الكِنْدي الصَّيّرفي المصري الفقيه الملقب سِيبَوَيْه.
مرّ، ويُعرف بابن الْجُبّي.
سمع: أبا عبد الله النَّسائي، وأبا يعقوب المنجنيقي، وكان فقيهًا شافعيًا يُرمَى بالاعتزال. تفقّه عَلَى أَبِي بَكْر محمد بْن أحمد بْن [2] الحدّاد.
موسى بن إبراهيم بن النّضْر [3] أبو القاسم العطّار المقرئ.
سمع: أبا مسلم الكجّي، وغيره.
وعنه: أبو نُعَيم الحافظ، وأبو الحسن بن رزقويه.
قال الخطيب [4] : ما علمت من حاله إلا خيرًا.
منصور بن محمد بن منصور [5] بن بحر مولى بني هاشم.
أصبهانيّ، سكن بغداد، وحدّث عن: حمّاد بن مدرك، وإسحاق بن زيرك.
وعنه: ابن أبي الفوارس، ومحمد بن علّان.
__________
[1] تاريخ علماء الأندلس 2/ 69 رقم 1292، بغية الملتمس 144 رقم 312، جذوة المقتبس 98 رقم 164.
[2] تكرّرت في الأصل.
[3] تاريخ بغداد 13/ 63 رقم 7045.
[4] في الأصل «أبو الخطيب» .
[5] تاريخ بغداد 13/ 83 رقم 7061.

(26/185)


[وفيات] سنة تسع وخمسين وثلاثمائة
أحمد بن بُنْدار بن إسحاق [1] أبو عبد الله الأصبهاني الشعّار الفقيه.
سمع: إبراهيم [بن] سَعْدان، وعبيد بن الحسن الغزّال، ومحمد بن زكريّا، وأبا بكر ابن أبي عاصم، وأكابر أهل أصبهان، مثل عُمَير بن مرداس وغيرهم.
وعنه: ابن مردويه، وعلي بن جعفر العبدكوي، وأبو بكر بن أبي علي، والحافظ أبو نُعَيم، وجماعة آخرهم موتًا أبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن عمر الصّفّار. وكان شيخ أصبهان ومسنده.
قال أبو نُعَيم: درس المذهب على أبي بكر بن أبي عاصم، وسمع كتبه، وكان ثقة ظاهريّ المذهب.
قلت: وكان أبو بكر شيخه ظاهريّ المذهب مجتهدًا من طبقة داود بن علي، وتأخّر عنه قليلًا.
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلامَةَ، عَنْ مَسْعُودِ بْنِ أَبِي منصور الجمّال، وقرأت
__________
[1] أخبار أصبهان 1/ 151، العبر 2/ 313، شذرات الذهب 3/ 28، الوافي بالوفيات 6/ 7- 27 رقم 2768، مرآة الجنان 2/ 371.

(26/187)


عَلَى أَحْمَدَ بْنَ محمد الْكُرْدِيِّ، أَخْبَرَكُمْ يُوسُفُ بْنُ خَلِيلٍ، أنا مَسْعُودٌ، أنا أَبُو عَلِيِّ بْنُ الْحَدَّادِ، أنا أَبُو نُعَيم، ثنا أَحْمَدُ بْنُ بُنْدَارٍ، ثنا محمد بْنُ زَكَرِيَّا، ثنا سُلَيْمَانُ بْنَ كَرَّازٍ، ثنا عُمَرُ بْنُ صُهْبَانَ الأَسْلَمِيُّ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «اطْلُبُوا الْخَيْرَ عِنْدَ حِسَانِ الْوُجُوهِ» [1] . تُوُفّي في ذي القعدة عن بضعٍ وتسعين سنة.
أحمد بن جعفر بن بلال أبو جعفر الأصبحي المصري.
روى عن النَّسائي.
أحمد بن السّندي بن حسن [2] أبو بكر البغدادي الحذّاء.
سمع: الحسن بن علوية، [و] موسى بن هارون.
وعنه: أبو علي بن شاذان، وأبو نعيم، وانتخب [عليه] [3] الدار الدَارقُطْنيّ.
قال الخطيب: كان ثقة فاضلًا.
وقال أبو نُعَيم. كان يُعَدّ من الأبدال.
أحمد بن طاهر أبو علي النَّيْسَابُوري.
سمع ابن جوصا، ومكحول البيروتي، وابن خزيمة، والبغوي، وطبقتهم.
وعنه: أبو عبد الله الحاكم، ووَرّخ موته.
أحمد بن عبد العزيز بن بُدْهين [4] المقرئ البغدادي نزيل مصر.
__________
[1] لهذا الأثر طرق عن: أنس وجابر وعائشة وابن عباس وابن عمرو وأبي بكرة وأبي هريرة. قال السخاوي: كلها ضعيفة وبعضها أشدّ في ذلك من بعض. وقال ابن عساكر: وكنت قد سئلت عنه فتكلّمت عليه وعلى معناه في رسالتي (تهذيب ابن عساكر 5/ 184) . وفي لفظ:
«التمسوا» . انظر كتابنا: من حديث خيثمة بن سليمان الأطرابلسي 33- طبعة دار الكتاب العربيّ- بيروت 1980.
[2] تاريخ بغداد 4/ 187 رقم 1874، العبر 2/ 313، شذرات الذهب 3/ 28.
[3] إضافة على الأصل.
[4] في الأصل «بدهن» ، تاريخ بغداد 4/ 257 رقم 1995.

(26/188)


حدّث عن: إبراهيم بن عبد الله المُخَرَّمي، وغيره. كنيته أبو الفتح.
أخذ القرآن عَرْضًا عن أحمد بن سهل الأشناني، وسعيد بن عبد الرحيم الضّرير، ومحمد بن موسى، وأبي بكر بن مجاهد، ومحمد بن الأخرم الدمشقي، وسمع الحروف من أبي حبيب بن البرتي وغيره.
روى عنه: [عبد] المنعم بن غلبون، وابنه طاهر بن غلبون، وكان من أحسن النّاس صوتًا بالقرآن وأصحّهم إذا أقرأ النّاس بمصر، وكان يصلّي بالوزير جعفر بن الفرات.
قال الدّاني: ثنا عنه محمد بن علي بن محمد المالكي، والحسن بن سليمان، وغيرهما.
أحمد بن محمد بن القطّان [1] أبو الحسين البغدادي الفقيه الشافعي تلميذ ابن سُرَيج. عُمّر وشاخ، ودرّس وأفتى. وله وجه في المذهب.
وعليه تفقّه: علي بن أحمد بن المرزبان البغدادي وغيره، وله مصنّفات كثيرة.
تُوُفّي في جُمَادَى الأولى.
أحمد بْن محمد بْن يحيى [2] أبو بكر النَّيْسَابُوري الأشقر، شيخ أهل الكلام في عصره بنيسابور.
قال الحاكم: صدوق في الحديث. سمع إبراهيم بن أبي طالب، وجعفر بن سوار، ويوسف بن موسى المَرْوَزي، وأقرانهم، وتُوُفّي في آخر سنة تسعٍ وخمسين.
قلت: صحيح مسلم عن أحمد بن علي القلانسي عنه.
__________
[1] شذرات الذهب 3/ 28، البداية والنهاية 11/ 269، مرآة الجنان 2/ 371، وفيات الأعيان 1/ 53، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 214، تاريخ بغداد 4/ 365، الوافي بالوفيات 7/ 321، طبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 298 رقم 917، طبقات الفقهاء للشيرازي 113.
[2] الإكمال 1/ 95 الحاشية.

(26/189)


روى عنه: الحاكم، وأبو العلاء عبد الوهاب بن ماهان، وغيرهما.
أحمد بن يوسف بن خلاد [1] بن منصور أبو [بكر] النّصيبي ثم البغدادي العطّار.
رجل قليل الفضيلة لكنّه عالي الإسناد، رحْلة بغداد.
سمع: محمد بن الفرج الأزرق، [و] الكديمي، ومحمد بن غالب بن حرب، وإبراهيم الحربي، والحارث بن أبي أسامة، وتفرّد بالرواية عن غير واحد.
روى عنه: الدار الدَارقُطْنيّ، وابن رزقويه، وهلال الحفّار، وأبو علي بن شاذان، ومحمد بن عبد الواحد بن زُرْعة، وأبو نُعَيم.
قال الخطيب [2] : كان لا يعرف شيئًا من العلم غير أنّ سماعه صحيح.
سأل الدار الدَارقُطْنيّ فقال: أيّما [أكبر] الصّاع أو المُدّ؟ فقال للطلبة: أنظروا إلى شيخكم الذي تسمعون منه.
قال أبو نُعَيم: كان ثقة، وكذا وثّقه ابن أبي الفوارس. قال: تُوُفّي في صفر ولم يكن يعرف من الحديث شيئًا [3] .
أحمد بن يوسف أبو حامد النَّيْسَابُوري الصّوفي والأشقر.
جاور بمكة زمانًا، ويروي عن ناجية، والحسن بن شعبان [4] .
وعنه الحاكم، وتُوُفّي بمكة.
حبيب بن الحسن بن داود [5] بن محمد أبو القاسم القزّاز، بغداديّ صدوق.
__________
[1] العبر 2/ 313، شذرات الذهب 3/ 28، مرآة الجنان 2/ 371، تاريخ بغداد 5/ 220، 221، سير أعلام النبلاء 16/ 69، 70 رقم 50.
[2] تاريخ بغداد 5/ 221.
[3] تاريخ بغداد 5/ 221.
[4] كتب قبلها «سليمان» وشطبت.
[5] تاريخ بغداد 8/ 253 رقم 4355، المنتظم 7/ 52 رقم 68، العبر 2/ 313، شذرات الذهب 3/ 28.

(26/190)


سمع: أبا مسلم الكجّي، ومحمد بن عثمان العبسي، وخلف بن عمرو العكبري، والحسن بن علوية.
وعنه: الدَارقُطْنيّ، وابن رزقويه، والحمامي، وأبو القاسم الحربي، وأبو نُعَيم.
وثّقه ابن أبي الفوارس، وأبو نُعَيم، والخطيب. وكان رجلًا صالحًا.
وضعّفه البرقاني.
قال الخطيب [1] : ما أدري ما حجّته في تضعيفه. تُوُفّي في جُمادي الأولى وهو عندنا من الثّقات الصُّلَحاء.
الحسن بن أحمد بن الحسن القاضي أبو علي البيهقي الأديب، قاضي نَسَا.
سمع: ابن خُزَيمة، وابن صاعد، وطبقتهما.
وعنه: الحاكم وغيره.
شمول [2] أبو الحسين الأمير مولى صاحب كافور.
ولي نيابة دمشق في سنة [ثمان وخمسين وثلاثمائة] [3] فلما بلغه مسير جعفر بن فلاح من قِبَل جوهر المُعِزّي إلى الشام ليملكها استخلف غلامه إقبال، وتوجّه لقتال جعفر منحازًا إلى الأمير حسن بن عبيد الله بن طُغْج الإخشيذية، والتقى الجمعان، فانهزم حسن وجنوده، وانضمّ في الحال شمول إلى جعفر بن فلاح مخامرًا.
ويقال: إنّه كان كاتَبَه فأَمّنَه واستعمله على دمشق، وبقي ينوب عنه غلامه إقبال بها، فلما كان في آخر هذه السنة سنة تسعٍ غلب على البلد أبو القاسم بن أبي يعلى الهاشميّ، وردّ دعوة بني العبّاس، وهرب إقبال، ثم لم يدم ذلك.
__________
[1] تاريخ بغداد 8/ 254.
[2] أمراء دمشق 41، النجوم الزاهرة 4/ 26. وانظر: تاريخ الأنطاكي (بتحقيقنا) .
[3] إضافة على الأصل، من أمراء دمشق.

(26/191)


صالح بن عمر [1] العُقَيلي الأمير.
وُلّي دمشق نيابة للحسن بن عبيد الله بن طُغج في سنة سبعْ وخمسين حين انهزم عنها فنك [2] الكافوري، فبعث إليه عند ذلك شيوخ دمشق، وهو يومئذ متولّي حَوْران فجاءهم وضبط البلد، فجاء ظالم [بن] [3] مرهوب [4] العُقَيْلي ليأخذ منه البلد فمنعه أهل دمشق.
ثم بعد ذلك غلب على الشام الحسن بن أحمد القرمطي واختفى صالح، وولي دمشق للقرامطةُ وشاح السّلمي [5] ، وسار صالح إلى الرملة، فلما رجع القرمطي إلى الإحساء وفارق الشام في صفر سنة ثمانٍ وخمسين، رجع صالح إلى دمشق، وتعصّب معه شبابها، وأخرجوا وُشاحًا، ثم جمع ظالم العُقَيلي جموعًا، ونزل داريًا وحاصر داريًا خمسين يومًا، فلما بلغه مجيء الحسن بن عبيد الله الإخشيذي سار عن البلد.
قال ابن عساكر الحافظ: بلغني أنّ صالحًا تُوُفّي بِنَوا [6] سنة تسعٍ وخمسين.
طلحة بن محمد بن إسحاق [7] أخو سعد الصَّيرفي.
قال الخطيب: سمع العمري، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة.
نا عنه أبو نُعَيم، وكان صدوقًا. أرّخه ابن الثلاج.
عبد الله بن أحمد بن إسحاق أبو محمد الأصبهاني الفقيه.
توفّي في رمضان.
__________
[1] أمراء دمشق 43 رقم 139، النجوم الزاهرة 4/ 56 وفيهما «ابن عمير» .
[2] في النجوم «فاتك» ، وفي أمراء دمشق «فنك» - ص 43.
[3] إضافة على الأصل.
[4] في الأصل «مرهوب» .
[5] أمراء دمشق 94.
[6] نوا: بلفظ جمع نواة التمر وغيره. بليدة من أعمال حوران، وقيل هي قصبتها. (معجم البلدان 5/ 306) . وفي الأصل «نوى» .
[7] تاريخ بغداد 9/ 350 رقم 4906.

(26/192)


عبد الرحمن بن أحمد بن سعيد [1] أبو بكر المَرْوَزي الأنماطي.
قدم حاجًّا وحدّث ببغداد عن: يحيى بن ماسويه، ومحمد بن شاذان.
وعنه: ابن حيّويه، والحسن بن الحسن بن المنذر.
قال الخطيب: كان ثقة حافظًا.
عبد الرحمن بن محمد بن جَعْفَر [2] بن الأصبهاني أبو مسلم المؤدّب أخو أبي الشيخ الحافظ.
سمع: محمد بن زكريا البزّاز الحافظ، وأحمد بن علي الخُزاعي.
وعنه: أبو نُعَيم، وأبو بكر بن مردويه، والحفّاظ.
تُوُفّي فجأة.
عبد الصمد بن محمد بن حيّويه الحافظ، أبو محمد البخاري الأديب.
أحد الرّحّالة.
جمع صحيح البخاري على عمر بن ملك المَرْوَزي، وكتب ببغداد وبنيسابور.
روى عنه الحاكم. وقال: تُوُفّي في رمضان.
علي بن بُنْدار [3] شيخ الصوفية. ذكرته في سنة سبع، وقيل: تُوُفّي في هذه السنة، وكأنّه الأصحّ.
وقد روى عنه: أبو يعلى حمزة المهلّبيّ، وأبو سعد عبد الملك بن محمد، وكامل بن أحمد العزائمي.
قال الحاكم: ما رأيت في مشايخنا أصبر على الفقر منه، وقد أملى سنين. وكان من الثقات.
__________
[1] تاريخ بغداد 10/ 296 رقم 5434.
[2] أخبار أصبهان 2/ 120.
[3] المنتظم 7/ 52 رقم 69.

(26/193)


قال السُّلمي: وكان ابنه أبو القاسم أوحد وقته في طريقته، سمعته يقول:
سمعت الوالد يقول: يا بُنيّ إيّاك والخلاف على الخلق فمن رضي الله به لنفسه عبدًا فارْض به أخًا.
قد ذكرنا أنّه صِحب الْجُنَيْد وطبقته وأكثر من الحديث.
علي بن محمد سيبويه بن مسرور بن الحسن الفقيه المالكي القيرواني الدّبّاغ.
سمع من أحمد بن أبي سليمان وعوّل عليه.
أخذ عنه: أبو الحسن القابسي، وعبد الرحمن بن محمد الربعي، وجماعة كثيرة من المالكية.
وكان إمامًا عابدًا عاقلًا كثير الحياء.
علي بن محمد بن سعيد [1] أبو الحسن الموصلي نزيل بغداد.
روى: عن الحسن بن فيل [2] ، وأبي يعلى، وشاهين بن السّمِيدع، وعدّة.
وعنه: علي بن أحمد الرزّاز، وأبو نُعَيم وقال: هو كذّاب.
وقال ابن الفرات: مخلّط غير محمود. مات في جُمادى الآخرة.
الفتح بن عبد الله الفقيه أبو نصر الهَرَوي العابد.
سمع: الحسين بن إدريس، والحسن بن شيبان، وغيرهما.
وعنه: أبو عبد الله الحاكم وقال: عاش خمسًا وثمانين سنة. قرأ الفقه والكلام على أبي علي الثقفي إلى أن صار من مشايخ المتكلّمين. حدّثني بعضهم أنّه رآه ليلةً بكي إلى الصّباح.
__________
[1] تاريخ بغداد 12/ 82 رقم 6493.
[2] في الأصل «عليل» .

(26/194)


محمد بن أحمد بْن سهل أبو عبد الله الأستراباذي، خال أبي الحسن المطرّفي.
روى عن: الحسن بن سفيان، والحسن بن الطيّب البلْخي.
محمد بن أحمد بن الحسن [1] بن إسحاق أبو علي بن الصّوافّ، محدّث بغداد.
سمع: محمد بن إسماعيل التِرْمذِي، وإسحاق الحربي، وبِشْر بن موسى، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة، وطائفة.
وعنه: ابن رزقويه، ومحمد بن أبي الفوارس، وأبو الحسين، وعبد الملك ابنا بِشْران، وأبو بكر البرقاني، وأبو نُعَيم، وجماعة.
قال الدارقطنيّ: ما رأت عيناي مثل أبي علي الصّوّاف وآخر بمصر نسبه ابن الفوارس.
وقال ابن أبي الفوارس: كان أبو علي ثقة مأمونًا ما رأيت مثله في التّحدُّث.
تُوُفّي في شعبان وله تسعٌ وثمانون سنة.
قلت: آخر من روى حديثه بعُلُوَّ عفيفة الفارِقانّية. سمعت من الأشجّ آخر أصحاب أبي نُعَيم.
محمد بن أحمد بن حمدون بن الحسن الذُّهْلي أبو الطّيّب النَّيْسَابُوري المذكّر.
صحيح السماع كثير الكتب، وكان يُوَرَّق.
سمع: إبراهيم بن أبي طالب، ومسدَّد بن قُطْن. وصنّف تصانيف.
__________
[1] تاريخ بغداد 1/ 289 رقم 140، المنتظم 7/ 52 رقم 71، العبر 2/ 314، مرآة الجنان 2/ 371، شذرات الذهب 3/ 28، الأنساب 8/ 99، البداية والنهاية 11/ 269، سير أعلام النبلاء 16/ 184- 186 رقم 130، الوافي بالوفيات 2/ 44.

(26/195)


وعنه: الحاكم، وقال: عندي بخطّه زيادة على ثلاثمائة جزء، وعاش أربعًا وثمانين سنة.
محمد بن الحسين الوزير الكبير، أبو الفضل بن العميد.
وزير ركن الدولة الحسن بن بُوَيه، وكان أحد بلغاء الرجال ونبلائهم، توفي سنة 36.
محمد بن حاتم بن زنجويه أبو بكر الفقيه الفرَضي.
حدّث بدمشق عن: محمد بن أحمد بن صفوة المَصّيصي، ويعقوب بن محمد بن ثوابة، وجماعة.
وعنه: تمّام، وأبو نصر بْن هارون، وعبد الرَّحْمَن بْن محمد بْن ياسر، وغيرهم.
تُوُفّي في ذي القعدة، وكان إمامًا في السنة.
محمد بن طاهر بن علي أبو يعلى الأصبهاني.
سمع: الوليد بن أبان، وبكر بن أحمد الشعراني، وأبا القاسم البَغَوي، وأبا عَرُوبة.
وعنه: الحاكم بن البيع، وأبو عبد الرحمن السّلمي، وأبو الفضل محمد بن أحمد الجارودي، وأبو القاسم عبد الرحمن بن محمد السرّاج.
قال الحاكم: كان يحفظ سؤالات الشيوخ وتُوُفّي بنَيْسَابُور.
محمد بن عبد العزيز بن حسنون أبو طاهر الإسكندراني الفقيه الشافعي. شيخ جليل معمَّر.
حدَّث بدمشق عن: مقدام بن داود الرّعيني، وأبي بكر بن سهل الدَّمياطي، وصالح بن شعيب، وجعفر الفريابي، وجماعة.
وعنه: تمّام، وعبد الوهاب الميداني، والهيثم بن أحمد الصبّاغ، ومحمد ابن عبد الله المنيني، وغيرهم.

(26/196)


تُوُفّي في شهر رجب.
محمد بن علي بن حُبَيْش [1] أبو الحسن الناقد، بغداديّ جليل.
سمع: أبا شعيب الحرّاني، وأحمد بن يحيى الحلواني، ومحمد بن عبد الله مُطَيَّنًا، والهيثم بن خَلَف الدُّوري، وجماعة.
وعنه: ابن رزقويه، وأبو علي بن شاذان، وأبو نُعَيم.
وقال أبو نُعَيم: ثقة، وكذا وثّقه ابن أبي الفوارس وورّخ موته.
محمد بن عيسى بن ديزك [2] العلامة أبو عبد الله البَرُوجِرْدي [3] ، النحوي.
نزيل بغداد ومعلّم ابن الخليفة.
سمع: عمر بن مرداس [4] ، ومحمد بن إبراهيم بن زياد الرازي، وانتخب عليه ابن المظَفَّر.
روى عنه: سلامة بن عمر النَّصيبي، وأبو نُعَيم وغيرهما.
وثّقه أبو نُعَيم. ويقال: إنّ أبا سعيد السّيرافي درس عليه الأدب.
قال أبو الحسن بن الفرات: كان ثقة مستورًا جميل المذهب. مات في جُمادى الآخرة.
محمد بن موسى بن أزهر [5] أبو بكر الأندلسي الأسِتجي.
روى عن أبيه، وعبيد الله بن يحيى، وكان فقيها شروطيّا.
__________
[1] تاريخ بغداد 3/ 86 رقم 1071، العبر 2/ 314، شذرات الذهب 3/ 28.
[2] في الأصل «زيرك» والتصحيح عن تاريخ بغداد 2/ 405 رقم 936 واللباب 1/ 144.
[3] البروجردي: بالفتح ثمّ الضم ثم السكون، وكسر الجيم، وسكون الراء، ودال. هذه النسبة إلى بروجرد: بلدة بين همذان وبين الكرج. (معجم البلدان 1/ 404) وقيل: بروجردي بالضم للباء والراء وبعدهما واو. (اللباب 1/ 143) .
[4] في الأصل «مرداس» .
[5] تاريخ علماء الأندلس 2/ 70 رقم 1296.

(26/197)


تُوُفّي في جُمادى الآخرة.
المنذر بن محمد بن المنذر أبو سعيد السّلمي الهَرَوِي.
روى عَنْ أبي جعفر أحمد بن عبد الرحمن الشامي.
وعنه أبو الفضل الجارودي.
المؤمَّل بن يحيى أبو الحسن المصري المعدّل.
سمع أبا الرقراق.
هاشم بن أحمد بن غانم أبو خالد الغافقي القُرْطُبي.
كان فقيهًا مشاوَرًا، نظر الأحباس أيام منذر القاضي، وكان نحويًّا شاعرًا.

(26/198)


[وفيات] سنة ستين وثلاثمائة
أحمد بن طاهر النَّيْسَابُوري.
سمع ابن خُزَيْمة، وعبد الله بن زيدان البجلي، وأبا القاسم البَغَوي، وأبا عَرُوبة، وعلي بن أحمد [بن] علّان المصري، [و] الهيثم بن كُلَيْب الشاشي.
وعنه: أبو عبد الله الحاكم وقال: كان من الرحّالة المجوَّدين.
أحمد بن محمد بن أبي الفتح [1] بن خاقان، أبو العباس [2] بن النّجاد الدمشقي، إمام جامع دمشق وأحد الصالحين.
قرأ القرآن على هارون بن موسى الأخفش.
ولعلّه آخر من قرأ عليه عبد القاهر الصائغ. وبقي إلى سنة عشر وأربعمائة.
أحمد بن ثابت بن الزُّبَير [3] أبو عمر التَّغْلِبِيُّ القُرْطُبِي.
سمع من عبيد الله بن يحيى، وحدّث عنه بالموطأ، وسمع من سعيد بن
__________
[1] البداية والنهاية 11/ 271.
[2] في الأصل «والعباس» .
[3] تاريخ علماء الأندلس 1/ 45 رقم 148.

(26/199)


عثمان الأعناقي، وطاهر بن عبد العزيز، وجماعة.
روى عنه جماعة، وكان صالحًا. ثقة، تُوُفّي في ذي القعدة.
إبراهيم بن يحيى الطُلَيْطِليّ [1] أبو إسحاق.
سمع أحمد بن خالد بن الحباب، ومحمد بن عبد الملك بن أيمن، وولي قضاء طليطلة.
روى عنه خَلَف بن قاسم، وعبد الرحمن بن عبيد الله.
تُوُفّي حدود الستين أو قبلها.
إبراهيم بن هارون بن خلف [2] بن الزُّبير المصمودي.
سمع بقرطبة من: أبن أيمن، وقاسم بن أصبغ. وحدّث.
تُوُفّي سنة ستّين.
أسد بن حيون بن منصور [3] الجذامي، أبو القاسم الأسِتِجي الأندلسي.
سمع: محمد بن عبد الملك بن أيمن. ورحل فسمع من أبي القاسم البغوي ببغداد. [و] من أبي جعفر الديلي بمكة.
وكان بصيرًا بالطّبّ.
روى عنه إسماعيل.
أسهم بن إبراهيم بن موسى [4] أبو نصر القُرَشي السَّهْمي الزّاهد الْجُرْجاني عمّ [5] الحافظ حمزة بن يوسف.
روى عن: أبي نُعَيم عبد الملك بن عَدِيّ، وموسى بن العباس الأزدواري.
__________
[1] تاريخ علماء الأندلس 1/ 17 رقم 38.
[2] تاريخ علماء الأندلس 1/ 17 رقم 39.
[3] تاريخ علماء الأندلس 1/ 74 رقم 241.
[4] تاريخ جرجان 168 رقم 203.
[5] في الأصل «عمر» .

(26/200)


وعنه أبو بكر محمد بن يوسف الشالنجي.
جعفر بن فلاح [1] الأمير الذي ولي دمشق للمُعِزّ العُبَيّدي، وهو أوّل أمير وليها لبني عُبَيْد.
وكان قد خرج مع القائد جَوْهَر، وافتتح معه مصر، ثم سار فغلب على الرملة سنة ثمان وخمسين، وبعد أيّام غلب على دمشق بعد أن قاتل أهلها أيّامًا، واستقر بها. ثم في سنة ستيّن هذه سار لحربه الحسن بن أحمد القرمطي، وكان مريضًا على نهر يزيد، فظفر به القرمطي وقتله وقتل من خواصّه خلقًا، وذلك في ذي القعدة [2] .
الحسن بن عليِّ بن الإمام أبي جعفر.
[سمع] [3] : أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي الطّحاوي.
زيري بن مناد الحِمْيَري [4] الصَّنْهاجي جدّ العزيز بن باديس، أوّل من ملك من بيتهم، وهو الذي بنى أَشِير [5] وحصّنها، وأعطاه المنصور تاهرت. وكان شجاعًا حَسَن السيرة.
جرت بينه وبين جعفر بن علي الأندلسي حرب. قُتِل زِيري في المصافّ في رمضان، وكانت مدّة إمْرته ستًّا وعشرين سنة.
__________
[1] الحلّة السّيراء 1/ 304، زبدة الحلب 1/ 221، الكامل في التاريخ 8/ 615، اللباب 2/ 28، وفيات الأعيان 1/ 361، أمراء دمشق 23، مرآة الجنان 2/ 372، العبر 2/ 314، البداية والنهاية 11/ 270، الوافي بالوفيات 11/ 122 رقم 203، النجوم الزاهرة 4/ 58، شذرات الذهب 3/ 29، اتعاظ الحنفا (انظر فهرس الأعلام 3/ 380، الإشارة إلى من نال الوزارة 30 و 32، تاريخ الأنطاكي (بتحقيقنا) ، الدرّة المضيّة 616.
[2] تاريخ أخبار القرامطة 57.
[3] إضافة على الأصل.
[4] معجم البلدان 1/ 202، البيان المغرب 3/ 262، الكامل في التاريخ 8/ 524، وفيات الأعيان 2/ 90 رقم 236، الوافي بالوفيات 15/ 59 رقم 69.
[5] في الأصل «أسير» بالسين المهملة، والتصحيح عن معجم البلدان، و «أشير» : بكسر ثانيه وياء ساكنة، وراء. مدينة في جبال البربر بالمغرب في طرف إفريقية الغربي مقابل بجاية في البر.

(26/201)


سعيد بن عميرة أبو عثمان الهَرَوي. يروي عن جعفر الفريابي.
سليمان بن أحمد بن أيّوب [1] بن مطير أبو القاسم اللخمي الطّبَراني الحافظ المشهور مُسْنَد الدَّنيا.
سمع: هاشم بن مرثد الطبراني، وأبا زُرْعة الدمشقي، وأحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة، وأحمد بن عبد الوهاب بن نجدة الحَوْطي، وأبا زيد أحمد بن عبد الرحيم بن يزيد الحوطي، وأحمد بن مسعود المقدسي، وأحمد بن إسحاق البلدي الخشاب، وأحمد بن خُلَيد الحلبي، وأحمد بن شعيب النّسَائي، وإبراهيم بن برّة الصّنَعاني، وإسحاق بن إبراهيم الدّبري، وإبراهيم بن إبراهيم الشَّباي، وإدريس بن جعفر العطّار صاحب يزيد بن هارون، وبِشْر بن موسى الأسدي، والحسن بن سهل المجوّز، وحفص بن عمر سنجه، وحَبُّوش بن رزق الله، وخير بن عرفة، وأبا النّرنباع رَوْح بن الفرج، وعلي بن عبد العزيز البَغَويّ، وعبد الله بن محمد بن سعيد ابن أبي مريم، وعبد الله بن الحسين المَصّيصي، وعمارة بن وثيمة، وعبيد الله بن رماحس، وعمرو بن ثور الجذامي، ومحمد بن حيّان المازني، ومحمد بن حيّان الباهلي، ومحمد بن يحيى بن المنذر القزّاز، ومحمد بن زكريّا الغلابي، ومحمد بن أسد الأصبهاني، وموسى بن عيسى بن المنذر الحمصي، ومقدام بن داود الرّعيني، وهارون بن مَلّول، ويوسف بن يزيد القراطيسي، ويحيى بن أيّوب
__________
[1] آثار البلاد للقزويني 218 و 219، الأنساب 389 أ، أخبار أصبهان 1/ 335 و 336، تاريخ دمشق (المخطوط) 16/ 380، التهذيب 6/ 242، معجم البلدان 4/ 18 و 19، غاية النهاية 1/ 311، العبر 2/ 315، المنتظم 11/ 54، مرآة الجنان 2/ 372، البداية والنهاية 11/ 270، الوافي بالوفيات 15/ 344 رقم 492، طبقات الحنابلة 2/ 49 رقم 313، تذكرة الحفاظ 3/ 912، لسان الميزان 3/ 73- 75، النجوم الزاهرة 4/ 59، شذرات الذهب 3/ 30، التاج المكلل 54، الأعلام 3/ 181، معجم المؤلفين 4/ 253، تاريخ التراث العربيّ 1/ 484- 488، وفيات الأعيان 2/ 407، دول الإسلام 1/ 223، سير أعلام النبلاء 16/ 119- 130 رقم 86، ميزان الاعتدال 2/ 195، طبقات الحفّاظ 372، 373، طبقات المفسّرين للداوديّ 1/ 198- 201، هدية العارفين 1/ 396، الرسالة المستطرفة 78 و 135، 136، موسوعة علماء المسمين في تاريخ لبنان 3/ 306- 315 رقم 653.

(26/202)


العلاف وغيرهم، وأوّل سماعه بطبرية سنة ثلاثٍ وسبعين ومائتين، وله ثلاث عشرة سنة.
سمّعه أبوه ورحل [1] به لأنّه كان له ماسَّة بالحديث، وقد سمع من دُحَيْم لما قدم عليهم طبريّة، وزار به أبوه القدس سنة أربع وسبعين فسمّعه من أحمد بن مسعود الخيّاط، حدّثه عن عمرو بن أبي سَلَمَةَ التنّيسي، ثم رحل إلى قيسارية فسمع من إبراهيم بن أبي سفيان، وعمرو بن ثور أصحاب الفريابي، وسمع بعكا من أحمد اللحياني صاحب آدم بن أبي إياس، ثم إنّه رحل سنة ثمانٍ وسبعين إلى حلب، وسمع بحمص وجَبَلة ودمشق والشام في هذا القُرْب، ثم حجّ ودخل اليمن مع أبيه في نحو من سنة ثمانين، فسمع كُتُب عبد الرزّاق، وسمع بمصر في رجوعه فيما أحسب أو في ذهابه من محدّثيها، وسمع بعد ذلك من أهل بغداد والبصرة والكوفة، وأصبهان، وغير ذلك.
وكان مولده بعكّا في صفر سنة ستّين ومائتين، وكانت أمّه من عكّا.
وصنّف مُعَجَم شيوخه [2] وهو مجلّد مرويّ، و «المعجم الكبير» [3] في عدَّة مجلَّدات على أسماء الصّحابة، و «المعجم الأوسط» [4] وفيه الأحاديث الأفراد والغرائب، صنّفه على ترتيب أسماء شيوخه، وصنّف كتاب «الدعاء» ، وكتاب «عشرة النساء» ، وكتاب «حديث الشاميّين» ، وكتاب «المناسك» [5] ، وكتاب «الأوائل» [6] ، وكتاب «السنة» ، وكتاب «الطوالات» ، وكتاب «الرمي» ، وكتاب «النوادر» ، مجلّد، «ومُسْنَد أبي هريرة» ، كبير، وكتاب «التفسير» ، وكتاب «دلائل النّبوّة» .
__________
[1] في الأصل «بره ورجل» .
[2] هو «المعجم الصغير» . مطبوع.
[3] حقّقه حمدي عبد المجيد السلفي ونشرته وزارة الأوقاف بالجمهورية العراقية في أكثر من 20 مجلدا، وبه نقص.
[4] طبع في المملكة العربية السعودية.
[5] طبع في بيروت.
[6] حقّقه الدكتور عبد الله الجبوري، ونشره المكتب الإسلامي ببيروت.

(26/203)


وكتاب «مسند [1] شعبة» ، [و] كتاب «مسند [1] سفيان» ، ومسانيد طائفة، وغير ذلك مما غاب عنّي ذكره ولم أعرف به.
روى عنه: أبو خليفة الفضل بن الحُباب، وأبو العبّاس بن عُقْدة، وأحمد بن محمد الصحّاف وهو من شيوخه، وأبو بكر بن مردويه، وأبو عمرو محمد بن الحسين بن محمد البسطامي فقيه نيسابور، والحسين بن أحمد بن المرزبان، وأبو بكر بن أبي [عَليّ] الذكواني، وأبو الفضلّ أحمد بن محمد الجارودي، وأبو نُعَيم الحافظ، وأبو الحسين بن فاذشاه، ومحمد بن عبيد الله بن شهريار، وأبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد الصفّار، وآخر من حدّث عنه بالسماع أبو بكر بن رِيذَة، وبقي بعده بسنتين عبد الرحمن بن أبي بكر الذَّكْواني يروي عنه بالإجازة.
قال أبو بكر بن أبي علي: سأل والدي أبا القاسم الطبراني عن كثرة حديثه فقال: كنت أنام على البواري [2] ثلاثين سنة.
وقال أبو نعيم: قدم الطّبراني أصبهان سنة تسعين ومائتين، وخرج، ثم قدمها، فأقام بها محدّثًا ستّين سنة.
وذكر الحافظ سليمان بن إبراهيم الأصبهاني أنّ أبا أحمد العسّال قاضي أصبهان قال: أنا [3] سمعت من الطبراني عشرين ألف حديث، وسمع منه إبراهيم بن محمد بن حمزة ثلاثين ألفًا، وسمع منه أبو الفتح أربعين ألف حديث كملنا.
قلت: وهؤلاء من شيوخ أصبهان في أيام الطبراني.
وقال أبو نُعَيم: سمعت أحمد بن بُنْدار يقول: دخلت العسكر سنة ثمانٍ وثمانين ومائتين، فحضرت مجلس عبدان، وخرج ليُمْلي فجعل المستملي
__________
[1] في الأصل «منذ» .
[2] البواري: جمع باريّة، وهي الحصير المنسوج.
[3] في الأصل «إذا» .

(26/204)


يقول له: إن رأيت أن تملي عليّ فيقول: حتى يحضر الطبراني قال: فأقبل أبو القاسم بعد ساعة مُتّزِرًا [1] بإزار مرتديًا بآخر، ومعه أجزاء، وقد تبعه نحو عشرين نفسًا من الغرباء من بلدانٍ شتّى حتى يفيدهم الحديث.
وقال أبو بكر بن مَرْدَوَيْه في تاريخه: لما قدم الطبراني قِدْمَتَه الثانية سنة عشرٍ وثلاثمائة إلى أصبهان قَبّله أبو علي أحمد بن محمد بن رستم العامل، وضمّهْ إليه، وأنزله المدينة وأحسن معونته، وجعل له معلومًا من دار الخراج، فكان يقبضه إلى أن مات، وقد كنى ولده محمدا أبا ذَرّ، وهي كنية والده.
وقال أبو زكريا يحيى بن مَنْدَه الحافظ: سمعت مشايخنا [2] ممّن يُعُتمد عليهم يقولون: أملى أبو القاسم الطّبراني حديث عِكّرمة في الرؤية [3] ، فأنكر عليه ابن طَبَاطَبَا العلويّ ورماه بدواة كانت بين يديه، فلما رأى الطبراني واجهه بكلام اختصرته، وقال في أثناء كلامه: ما تسكتون وتشتغلون بما أنتم فيه حتى لا نذكر ما جرى يوم الحَرَة، فلما سمع ذلك ابن طباطبا قام واعتذر إليه وندم.
وقال ابن مَنْده المذكور: وبلغني أنّه كان حسن المشاهدة طيّب المحاضرة، عليه. قرأ عليه يومًا أبو طاهر ابن لوقا حديث (كان يغسل حصى جماره) [4] فصحّفه وقال: (يغسل خُصى حماره) فقال: وما أراد بذلك يا أبا طاهر؟ فقال: التواضع. وكان أبو طاهر هذا كالمغفّل. قال له الطبراني يومًا:
أنت ولدي يا أبا طاهر فقال: وإيّاك يا أبا القاسم، يعني: وأنت.
وقال ابن مَنْده: وجدت [5] عن أحمد بن جعفر الفقيه، أنا أبو عمر بن عبد
__________
[1] في الأصل «متّزر» .
[2] بعدها إضافة كلمة «يقولون» وهي حشو مكرّر.
[3] أخرجه أحمد في المسند 1/ 285 و 290 من طريقين، عن: حمّاد بن سلمة، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «رأيت ربي تبارك وتعالى» . رجاله ثقات.
وهو في: مجمع الزوائد 1/ 78.
[4] جاء في: مصنّف ابن أبي شيبة 4/ 27: حدّثنا وكيع، عن زمعة، عن ابن طاووس، عن أبيه أنه كان يغسل حصى الجمار.
[5] في الأصل قيّدها: «وحدّث» .

(26/205)


الوهاب السّلمي فقال: سمعت الطبراني يقول: لما قدم أبو علي بن رستم من فارس دخلت عليه، فدخل عليه بعض الكُتّاب، فصبّ على رجله بخمسمائة درهم، فلما خرج الكاتب قال لي أبو علي: ارفع هذا يا أبا القاسم، فرفعتها، فلما دخلت أمّ عدنان صبّت على رِجْله خمسمائة، فقمت، فقال لي: إلى أين؟ فقلت: قمت لئلا يقول: جلست لهذا، فقال: ارفع هذه أيضًا، فلما كان آخر أمره، تكلّم في أبي بكر وعمر رضي [1] الله عنهما ببعض الشيء، فخرجت ولم أعد إليه بعد.
وقال أحمد بن جعفر الفقيه: سمعت أبا عبد الله بن حمدان، وأبا الحسن المَدِيني، وغيرهما، يقولون: سمعنا الطبراني يقول: هذا الكتاب روحي، يعني «المُعْجَم الأوسط» .
وقال أبو الحسين ابن فارس اللغوي: سمعت الأستاذ ابن العميد يقول:
ما كنت أظنّ أنّ في الدنيا حلاوة ألذّ من الرئاسة والوزارة التي أنا فيها، حتى شاهدت مذاكرة الطبراني، وأبي بكر الْجِعابي بحضرتي، فكان الطبراني يغلبه بكثرة حفظه، وكان الجعابي يغلب [2] بفطنته وذكائه، حتى ارتفعت مراتبهما، ولا يكاد أحدهما يغلب صاحبه، فقال الجعابي: عندي حديث ليس في الدنيا إلا عندي فقال: هات، فقال: ثنا أبو خليفة، أنا سليمان بن أيوب، وحدّث بحديث، فقال الطبراني: أنا سليمان بن أيّوب ومنّي سمعه أبو خليفة، فاسمع منّي حتى يعلو فيه إسنادك، فخجل الجعابيّ، فوددت أنّ الوزارة لم تكن، وكنت أبنًا للطبراني [3] وفرحت لفرحه أو كما قال.
أنبئت عن اللّبان، عن غانم البرجي، أنّه سمع عمر بن محمد بن الهيثم يقول: سمعت أبا جعفر بن أبي السّريّ قال: لقيت ابن عُقْدَةَ بالكوفة، فسألته يومًا أن يعيد لي فَوْتًا [4] ، فامتنع، فشدّدت عليه، فقال: من أيّ بلد أنت؟
__________
[1] في الأصل «رض» . «رضى» .
[2] في الأصل زاد كلمتي «بكثرة حفظه» .
[3] كذا في الأصل، وفي رواية «أنا الطبراني» انظر: آثار البلاد للقزويني 219.
[4] أي ما كان فاقة من مجلس سماع الحديث.

(26/206)


قلت: من أصبهان. فقال: ناصبةً ينصِبُونَ العداوة لأهل البيت، فقلت: لا تقُلْ هذا فإنّه فيهم متفقّهة وفُضلاء ومتشيّعة. فقال: شيعة معاوية؟ قلت: لا والله، بل شيعة عليّ، وما فيهم أحد إلّا وعليّ أعزّ عليه من عينه وأهله، فأعاد عليّ ما فاتني، ثم قال لي: سمعت من سليمان بن أحمد اللخميّ، فقلت: لا أعرفه، فقال: يا سبحان الله!! أبو القاسم ببلدكم وأنت لا تسمع منه، وتؤذيني هذا الأذى، بالكوفة ما أعرف لأبي القاسم نظيرا، قد سمعت منه وسمع منّي، ثم قال: أَسَمعِت «مُسْنَدَ أبي داود» ؟ فقلت: لا، قال: ضيّعت الحزم لأن منبعه من أصبهان وقال: أتعرف إبراهيم بن محمد بن حمزة؟
قلت: نعم قال: قلّ ما رأيت مثله في الحفظ.
وقال الحاكم: وجدت أبا عليّ الحافظ سيّئ الرأي في أبي القاسم اللّخْمي، فسألته عن السبب، فقال: أجتمعنا على باب أبي خليفة، فذكرت طرف حديث: «أُمِرْت أن أسجد على سبعة أعضاء» [1] فقلت له: يحفظ شعبة عن عبد الملك بن ميسرة، عن طاوس، عن ابن عباس قال: بلى، رواه غندر، وابن أبي عَدِي، فقلت: من عنهما؟ قال: حدّثناه عبد الله بن أحمد، عن أبيه، عنهما، فاتهمته إذ ذاك، فإنّه ما حدّث به غير عثمان بن عمر، عن شعبة.
قال الحافظ ضياء الدين: هذا وهم فيه الطبراني في المذاكرة، أمّا في جمعه حديث شعبة، فلم يروه إلّا من طريق عثمان بن [2] عمر، ولو كان كل من وَهَمَ في حديث واحد اتُّهِم لكان هذا لا يسلم منه أحد.
وقَالَ أبو عبد الله بْن مَنْدَه الحافظ: الطبراني أحد الحفّاظ المذكورين، حدّث عن أحمد بن عبد الرحيم البرقي، ولم يحتمل سنُّه لقيّه. توفي أحمد
__________
[1] أخرجه البخاري 2/ 245 و 246 في صفة الصلاة، باب السجود على سبعة أعظم، وباب:
السجود على الأذن. ومسلم (490) في الصلاة، باب أعضاء السجود، من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال: «أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: على الجبهة- وأشار بيده على أنفه-، واليدين، والرجلين، وأطراف القدمين» .
[2] في الأصل كتب بعدها «علي» ثم شطب.

(26/207)


بن عبد الرحيم بمصر سنة ستٍ وستين ومائتين.
قلت: كذا دَرَجَه ابن يونس في موضع، وقال: في موضع آخر: تُوُفّي سنة سبعين في رمضان، وعلى كلّ تقدير فلم يلقه، والذي ظهر لي أنّه سمع من ابن البرقي بلا شك، لكن من عبد الرحيم أخي أحمد المذكور، فاعتقد أنّه هو أحمد، وغلط في اسم الرجل، ويؤيّد هذا أنّ الطبراني لم يُخَرّج عن أحمد عن كبار شيوخه مثل عمرو بن أبي سَلَمَةَ ونحوه، إنّما روى عنه عن مثل عبد الملك بن هشام راوي السيرة.
وأخرى أنّ الطبراني لم يسمّ عبد الرحيم ولا ذكره في معجمه، وقد أدركه سفيان لما دخل مصر وسمع منه، لكنّه سمّاه باسم أخيه وهمًا منه، ولهما أخٌ حافظ، تُوُفّي سنة تسعٍ وأربعين ومائتين من شيوخ النّبْل، وهذا وَهْم، وحسن من الطبراني قد تكرّر في كثير من معجمه قوله: نا أحمد بن عبد الله البرقي، وقد تُوُفّي عبد الرحيم بن البرقي سنة ستَّ وثمانين.
وسئل أبو العبّاس أحمد بن منصور الشيرازي الحافظ عن الطبراني فقال: كتبت عنه ثلاثمائة ألف حديث، وهو ثقة، إلّا أنّه كتب عن شيخ بمصر، وكانا أخوين وغلط في اسمه. [يعني: ابني البرقي] [1] .
وقال أبو بكر بن مردويه: دخلت بغداد، وتطلّبت حديث إدريس بن جعفر العطّار، عن يزيد بن هارون، ورَوْح بن عبادة، فلم أجد إلّا أحاديث معدودة وقد روى الطبراني، عن إدريس، عن يزيد كثيرًا.
قلت: هذا لا يدلّ على شيء، فإنّ الطبراني لما وقع له هذا الشيخ، اغتنمه وأكثر عنه واعتنى به، ولم يعتن به أهل بلده.
وقال أحمد الباطرقاني: دخل ابن مردويه بيت الطبراني وأنا معه، وذلك بعد وفاة ابنه، أبي ذَرّ لبيع كتب الطبراني، فرأى أجزاء لا أوائل لها، فاغتمّ لذلك وسبّ الطبراني.
__________
[1] ما بين الحاصرتين زيادة من سير أعلام النبلاء 16/ 126.

(26/208)


قال الباطرقاني: وكان ابن مردويه سيّئ الرأي فيه.
قال سليمان بن إبراهيم الحافظ: كان ابن مردويه في قلبه شيء على الطبراني، فتلفّظ بكلام، فقال له أبو نعيم: كم كتبت عنه؟ فأشار إلى حزمٍ، فقال أبو نُعَيم: ومن رأيت مثله؟ فلم يقل شيئًا.
قال الحافظ الضياء: ذكر ابن مردويه في تاريخ أصبهان جماعة وضعّفهم، وذكر الطبراني فلم يضعّفه، ولو كان عنده ضعيفًا لضعفّه.
وقال أبو بكر محمد بن أبي علي المعدّل: الطبراني أشهر من أن يدلّ على فضله وعلمه، كان واسع العلم كثير التصانيف. وقيل ذهبت [عيناه في آخر] [1] أيّامه. فكان يقول: الزنادقة سحروني، فقال له يومًا حسن العطّار- تلميذه- يمتحن بصره: كم عدد الجذوع التي في السّقْف؟ فقال: لا أدري لكنّ نقش خاتمي (سليمان بن أحمد) .
قلت: هذا على سبيل البسْط.
وقال له مرّة أخرى: من هذا الآتي؟.
قال: أبو ذَرّ، يعني ابنه، وليس بالغِفَاريّ.
قال أبو نُعَيم: تُوُفِّيَ لليلتين بقِيتا من ذي القعدة سنة ستّين وصلّيت عليه.
قلت: عاش الطبراني مائة سنة وعشرة أشهر، وآخر من روى حديثه عاليًا بالإجازة عندنا الزاهد القدوة أبو إسحاق الواسطي، أجاز له أصحاب فاطمة الجوزدانية، التي تفرّدت بالرواية عن ابن زهرة صاحب الطبراني.
سهل بن أحمد بن عيسى أبو (..) المؤدّب، هَرَوِيٌّ معمّر.
تُوُفّي يوم عرفة، وصلّى عليه الخليل بن أحمد القاضي، وله مائة سنة.
قاله ابن مندة.
__________
[1] ما بين الحاصرتين إضافة من سير أعلام النبلاء 16/ 127.

(26/209)


عبد الله بن يحيى بن معاوية أبو بكر التيمي الطلحي الكوفي.
سمع عبيد بن غنّام، ومُطَيَّنًا، وجماعة.
وثّقه الحافظ محمد بن أحمد بن حمّاد.
وروى عنه أبو نُعَيم الحافظ وغيره.
عَبْد الله بْن عُمَر بْن أَحْمَد [1] بن محمد أبو القاسم البغدادي الفقيه الشافعي، ويُعرف بعُبَيْد الفقيه، نزيل قرطبة.
قال أبو الوليد الفَرَضي: قدم الأندلس، وكان قد تفقّه، وناظر عند أبي سعيد الأصطخري، والقاضي أبي [2] عبد الله المحاملي، وقرأ القرآن على ابن مجاهد، وعلى أبي الحسن بن شنَّبوذ، وسمع من أبي جعفر محمد بن إبراهيم الدّيلي، وأبي جعفر الطّحاوي، وأبي القاسم البَغَوي، وعبد الله بن أبي داود الدّحداح الدمشقي، وابن صاعد.
وكان عالمًا بالأصول والفروع، إمامًا في القراءات، صنّف في الفقه والقراءات والفرائض. قال: وقد ضعّفه بعضهم برواية ما لم يسمع عن بعض الدمشقيين.
وُلد سنة خمسٍ وتسعين ومائتين، وكان المستنصر صاحب الأندلس قد أكرمه، وتُوُفّي في ذي الحجّة بقرطبة.
قلت: لم يسمّ أحدًا روى عنه.
قال الفَرَضي: سمعت محمد بن أحمد بن يحيى بن مفرِّج ينسبه إلى الكذب، ووقفت على بعض ذلك.
عمارة بن رفاعة بن عمارة بن وثيمة بن موسى أبو العبّاس المصري.
تُوُفّي في ربيع الأول.
__________
[1] تاريخ علماء الأندلس 1/ 253 رقم 771 وفيه «عبيد الله» .
[2] في الأصل «أبو» .

(26/210)


عمر بن أحمد بن محمد [1] بن ممّه الخلال أبو حفص البغدادي المعدّل.
سمع: الحسين بن الأحوص [2] ، ومحمد بن يحيى المَرْوَزي.
وعنه: ابن رزقويه، ومحمد بن طلحة.
وثّقه الخطيب، مات في ذي الحجّة، وهو والد عبد الرحمن شيخ ابن المهتدي باللَّه.
عيسى بن محمد بن أحمد [3] البغدادي أبو علي الطّوماري [4] من ولد ابن جُرَيْج.
حدّث عن: الحارث بن أبي أسامة، وإبراهيم الحربي، وابن أبي الدنيا، وبِشْر بْن موسى، ومحمد بْن أحمد بْن البراء، ومحمد بن يونس الكديمي، وجعفر بن أبي عثمان الطيالسي، وجماعة.
وعنه: أبو الحسن بن رزقويه، وعلي بن عبد الله الهاشمي، وابن داود الرّزّاز، وأبو علي بن شاذان، وأبو نُعَيم، وكان قد شُهِر بصحبة ابن طومار الهاشمي.
قال ابن الفرات: لم يكن بذاك، حدّث من غير أصول في آخر أمره.
وقال ابن أبي الفوارس: كان يذكر أنّ عنده تاريخ ابن أبي خيثمة، وكُتُب ابن أبي الدّنيا، ولم تكن له أصول، وكان يحفظ حكايات. وذكر أنّه قرئ عليه كتاب «الكامل» للمبّرد من غير كتابه، وذكر أنّ مولده في المحرّم
__________
[1] تاريخ بغداد 11/ 250 رقم 5999، المنتظم 7/ 54 رقم 74.
[2] كذا في الأصل، وفي تاريخ بغداد «ابن أبي الأحوص» .
[3] تاريخ بغداد 11/ 176 رقم 5887، العبر 2/ 316، شذرات الذهب 3/ 30، اللباب 2/ 289، الأنساب 8/ 267، 268، ميزان الاعتدال 3/ 322، سير أعلام النبلاء 16/ 64، لسان الميزان 4/ 404، النجوم الزاهرة 4/ 61، 62.
[4] الطّوماري: بضم الطاء وسكون الواو وفتح الميم وبعد الألف راء. هذه النسبة إلى الطومار، وهو لقب رجل يدعى أبا الفضل بن طومار الهاشمي. (اللباب) .

(26/211)


سنة اثنتين وستين ومائتين. ومات في صفر.
قلت: تفرّد بالسماع من غير واحد.
الفضل بن الفضل بن العبّاس الكنْدي إمام جامع همدان سمع الكثير من: عيسى بن هارون، وأبي خليفة، وزكريّا السّاجي، وأبي يعلى الموصلي، وجماعة.
وعنه: الحسين بن منجويه، وأبو طاهر بن سلمة، وعبد الرحمن بن شبانة، وجماعة.
وكان صدوقا. قاله شيرويه، وقال: مات في ربيع الآخر.
قلت: وقع لنا حديثه في الثاني من حديث ابن شبانة.
محمد بن أحمد بن محمد أبو علي بن زُبَارة [1] العلوي النَّيْسَابُوري شيخ الأشراف.
سمع: الحسين بن الفضل، وغيره.
وعنه: الحاكم، وعاش مائة سنة، سوى شهرين.
محمد بن إبراهيم الأصبهاني [2] .
سمع محمد بن علي الفرقدي، وجماعة.
وعنه: أبو نُعَيم، ووثّقه، ومحمد بن أحمد الصابوني، وعلي بن أحمد ابن داود الرّزّاز.
محمد بن جعفر بن إبراهيم الفسوي الفقيه أبو جعفر.
سمع: الحسن بن سفيان، وعبد الله بن الفرهاد، ومحمد بن جرير، والباغَنْدي، وأبا عَرُوبة، والمفضّل الجندي، وعلان بن الصَّيْقل، وابن جَوْصا، فَطَوَّف وأكثر التّرحال.
__________
[1] زبارة: بضمّ الزاي وموحّدة وآخره راء. (الإكمال 4/ 197 في الحاشية) .
[2] أخبار أصبهان 2/ 298.

(26/212)


روى عنه الحاكم [و] قال: تُوُفّي في رجب.
محمد بن جعفر بن محمد [1] بن مطر النَّيْسَابُوري، أبو عمرو بن مطر المعدّل الزاهد.
شيخ العدالة ببلده ومعدن الورع، معروف بالسماع والرحلة والإتقان، كذا قال فيه الحاكم.
سمع: أبا عمرو، وأحمد المُسْتَملي، وإبراهيم بن أبي طالب، وإبراهيم بن علي الذُّهلي، ومحمد بن أيّوب الرازي، ومحمد بن يحيى المَرْوَزي ثم البغدادي، والفريابي، وأبا خليفة، ومحمد بن جعفر بن حبيب الكوفي.
وعنه: أبو علي الحافظ مع تقدّمه، وأبو الحسين الحجّاجي، وأبو عبد الله الحاكم، وأبو بكر محمد بن إبراهيم الفارسي المشّاط، وأبو نصر عمر بن قتادة، وآخرون.
وقد روى عنه أبو العباس بن عُقْدَةَ، وهو من صغار شيوخه.
قال الحاكم: وأعجب من ذلك ما: ثنا محمد بْن صالح بن هاني، نا أَبُو الحسن الشافعي، عن أبي عمرو بن مطر، وقد ماتا قبله بدهر، وهو الذي انتقى الفوائد على أبي العباس فأحيا به علم الأصم بتلك الفوائد، فإنّ الأصم أخذ أصوله واعتمد على كتاب أبي عمرو بن مطر.
قال الحاكم: وحدّثني أبو زيد بالكوفة، نا أبو عمرو محمد بن جعفر النَّيْسَابُوري بالكوفة سنة ستَّ وثلاثمائة، ثنا سليمان بن سلام فذكر حديثًا.
قال الحاكم: قلَّ ما رأيت أصبرَ على الفقر من أبي عمرو، فإنّه يتجمّل بدَسْت ثياب الجمعة وحضور المجلس، ويلبس في بيته فروًا ضعيفة، ويأكل رغيفًا وبصلة أو جزرة. وبلغني انّه كان يُحْيى الليل، وكان يأمر بالمعروف
__________
[1] العبر 2/ 316، الوافي بالوفيات 2/ 302 رقم 740 وفيه «أبو عمر» ، البداية والنهاية 11/ 271، شذرات الذهب 3/ 31، مرآة الجنان 2/ 373، المنتظم 7/ 56 رقم 79، سير أعلام النبلاء 16/ 163 رقم 117، النجوم الزاهرة 4/ 62، الرسالة المستطرفة 17.

(26/213)


وينهى عن المُنْكَر، ويضرب اللّبِنَ لقبور الفقراء، ولم أر في مشايخنا له في الاجتهاد نظيرًا. وتُوُفّي في جمادي الآخرة سنة ستّين، وهو ابن خمس وتسعين سنة. (رضي الله عنه) .
محمد بن أحمد بن موسى القاضي أبو عبيد الله الرازي الخلال ابن أخي علي بن موسى القُمّي.
فقيه أهل الرّيّ وشيخ الحنفية.
سمع: محمد بن أيّوب بن الضُّريْس، وإبراهيم بن يوسف.
وعنه: الحاكم وقال: وكان من أفصح من رأينا وأَدْيَنِهم، ولي قضاء [1] سمرقند وفرغانة، وكان والد قاضي الريّ.
قال الحاكم: انتقيت على أبي عبد الله عشرين [2] جزءًا، ومات بفرغانة في رمضان وهو على قضائها.
محمد بن جعفر بن محمد [3] بن الهَيْثَم بن عِمْران أبو بكر الأنباري البُنْدار، ويُعرف بابن أبي أحمد.
سمع: أحمد بن الخليل البُرْجُلاني [4] ، ومحمد بْن أَحْمَد بْن أَبِي الْعَوَّام، ومحمد بن إسماعيل التَّرْمِذي، وجعفر بن محمد الصائغ، وهو آخر من حدّث عنهم.
روى عنه: ابن سُمَيكة، وأبو بكر البرقاني، وأبو علي بن شاذان، وبشر
__________
[1] في الأصل «قضى» .
[2] في الأصل. «وعشرين» .
[3] تاريخ بغداد 2/ 150 رقم 571، المنتظم 7/ 55 رقم 77، العبر 2/ 316، البداية والنهاية 11/ 270، سير أعلام النبلاء 16/ 63، 64 رقم 44، النجوم الزاهرة 4/ 62، شذرات الذهب 3/ 31.
[4] البرجلاني: بضمّ الباء المعجمة بواحدة وسكون الراء وضم الجيم، وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى قرية من قرى واسط يقال لها برجلان. (اللباب 1/ 134) .

(26/214)


بن الفاتني، وعلي بن داود الرّزّاز، ومحمد بن أبي إسحاق إبراهيم المزكّي، وأبو نُعَيم الحافظ، وآخرون.
ومولده في شوّال سنة سبعٍ وستين ومائتين.
قال الخطيب: سألت البرقاني عنه فقال: كان سماعه صحيحًا بخطّ ابنه.
قال ابن أبي الفوارس: تُوُفّي فجأة يوم عاشوراء. قال: وانتفى عليه عمر البصري، وكان قريب الأمر فيه بعض الشيء، وكانت له أصول جياد بخطّ ابنه.
محمد بن جعفر بن محمد [1] بن كنانة أبو بكر البغدادي المؤدَّب.
حدّث عن: محمد بن يونس الكديمي، وأبي مسلم الكجي، ومحمد بن سهل العطّار.
وعنه: علي بن أحمد الرّزّاز، وبِشر بن عبد الله الفاتني، وغيرهما.
قال ابن أبي الفوارس: كان فيه تساهل.
وقال محمد بن العبّاس بن الفرات: كان قريب الأمر، وتوفي في جُمادي الأولى.
وقال ابن أبي الفوارس: تُوُفّي سنة ستّ وستيّن.
محمد بن الحسين بن محمد [2] أبو الفضل بن العميد الكاتب وزير الملك ركن الدولة الحسن بن بويه الدّيلميّ.
__________
[1] تاريخ بغداد 2/ 151 رقم 573، العبر 2/ 317، شذرات الذهب 3/ 31.
[2] العبر 2/ 317، الوافي بالوفيات 2/ 381 رقم 852، شذرات الذهب 3/ 31، وفيات الأعيان 2/ 75، النجوم الزاهرة 4/ 60، تكملة تاريخ الطبري 1/ 205، الكامل في التاريخ 8/ 605، الإمتاع والمؤانسة 1/ 66، تجارب الأمم 6/ 274- 282، يتيمة الدهر 3/ 154- 188، معاهد التنصيص 2/ 115، سير أعلام النبلاء 16/ 137، 138 رقم 95، هدية العارفين 2/ 46.

(26/215)


كان آية في الترسُّل والإنشاء، وكان متفلسفًا مُتَّهمًا برأي الأوائل، حتى كان يُسمّى الجاحظ الثاني، وكان يقال: بدأت الكتابة بعبد الحميد وخُتمت بابن العميد [1] .
وقد مدحه المتنّبي وغيره وأعطى المتنّبي ثلاثة آلاف دينار.
وقيل كان مع فنونه لا يدري الشَّرْع، فإذا تكلّم أحد [2] بحضرته في أمر الدين شُقّ عليه وخنس، ثم قطع على المتكلّم فيه.
وكان قد ألفّ كتابًا سماه «الخَلْق والخُلُق» فلم يُبَيّضه، ولم يكن الكتاب بذاك، ولكن جعس الرؤساء خُبيص وصُنان الأغنياء نَدّ [3] . وتوفي بالرّيّ.
وكان الصّاحب بن عبّاد [4] يلزمه ويصحبه، فلذلك قيل له: الصّاحب، وأقام في الوزارة ابنّ بعده سنة ستّين وهو الوزير أبو الفتح ذو الكفايتين [5] .
محمد بن الحسين بن عبد الله [6] أبو بكر الآجُرّي [7] ، مصنّف «الشريعة» في مجلّدين.
__________
[1] يتيمة الدهر 3/ 137.
[2] في الأصل «أحدا» .
[3] معاهد التنصيص 2/ 124.
[4] هو الصاحب أبو القاسم إسماعيل بن عبّاد. (انظر اليتيمة 3/ 169، معجم الأدباء 2/ 273، وفيات الأعيان 1/ 206، الوافي بالوفيات 9/ 125 رقم 2042) .
[5] يتيمة الدهر 3/ 162.
[6] الأنساب 1/ 69، المنتظم 7/ 55 رقم 78، صفة الصفوة 2/ 265، وفيات الأعيان 4/ 292 رقم 623، العبر 2/ 318، تاريخ بغداد 2/ 243، تذكرة الحفاظ 936، طبقات السبكي 2/ 150، البداية والنهاية 11/ 270، مرآة الجنان 2/ 373، الرسالة المستطرفة 42، العقد الثمين 2/ 3، النجوم الزاهرة 4/ 60، شذرات الذهب 3/ 35، الفهرست 301، 302، طبقات الحنابلة 332، 333، فهرسة ابن خير 285، 286، الكامل في التاريخ 8/ 617، الوافي بالوفيات 2/ 373، 374، سير أعلام النبلاء 16/ 133- 136 رقم 92، طبقات الحفّاظ 378، كشف الظنون 1/ 37، الرسالة المستطرفة 42، 43.
[7] الآجريّ: بفتح الألف الممدودة وضمّ الجيم وتشديد الراء المهملة هذه النسبة إلى عمل الآجرّ وبيعه. (اللباب 1/ 18) وقال الحنبلي: الآجري نسبة إلى قرية من قرى بغداد.
(شذرات الذهب 3/ 35) .

(26/216)


سمع: أبا مسلم الكجي، وأبا شعيب الحراني، وخلف بن عمرو العكبري، وحفص بن محمد الفريابي، وأحمد بن يحيى الحلواني، وجماعة.
وعنه: أبو الحسن الحمامي، وأبو محمد عبد الرحمن بن عمر النّحاس، وأبو الحسين بن بشران، وأخوه أبو القاسم عبد الملك، وأبو نُعَيم، وجماعة كبيرة من حجّاج المشارقة والمغاربة لأنّه جاور بمكة مدّة، وله تصانيف حسنة، وكان من الأئمة [1] .
قال الخطيب: كان ثقة ديّنًا له تصانيف، تُوُفّي بمكة في المحرّم.
قلت: رفع لنا جماعة أجزاء من جمعه.
محمد بن داود [2] أبو بكر الدُّقّي الدَّيَنَوري الزّاهد. شيخ الصوفية بالشام.
قرأ القرآن على: أبي بكر بن مجاهد، وحدّث عن الخرائطي، وصحِب جماعة وحكى عنهم، منهم أبو بكر محمد بن الحسن الدّقّاق، وأبو محمد الجريري، وأبو عبد الله بن الجلاء، وسعيد بن عبد العزيز الحلبي.
حكى عنه: عبد الوهاب الميداني، وبكر بن محمد، وأبو الحسن بن جهضم، وعبدان المنبجي، وعبد الواحد بن بكر، وطائفة كبيرة.
ذكره أبو عبد الرحمن السّلمي فقال: [عُمَّر فوق] [3] مائة سنة، وكان من أجلّ مشايخ وقته، وأحسنهم حالًا، كان من أقران الرّوذباريّ، سمعت عبد
__________
[1] في الأصل «أيمة» .
[2] المنتظم 7/ 56 رقم 80، البداية والنهاية 11/ 271، تاريخ بغداد 5/ 266 رقم 2758، طبقات الصوفية 448- 450، الرسالة القشيرية 28، اللباب 1/ 505، الأنساب 5/ 327، المختصر في أخبار البشر 2/ 111، سير أعلام النبلاء 16/ 138، 139 رقم 96، الوافي بالوفيات 3/ 63، طبقات الأولياء 306- 310، طبقات الشعراني 1/ 140، نتائج الأفكار القدسية 2/ 3.
[3] ساقطة من الأصل.

(26/217)


الواحد الوَرثاني يقول: سمعت الدُّقّي يقول: من ألف الاتّصال ثم ظهر له عين الانفصال تنقّص عيشه، وامتحق وقته، وصار متأنّسًا في محل الوحشة، وأنشأ يقول:
لو أنّ الليالي عذّبت بفراقنا ... محى دمع عين اللَّيْلِ نورُ الكواكب
ولو جُرّع الأيّامُ كأسَ فراقنا ... لأصبحت الأيّام شهب الذوائب [1]
وقال أَبُو نصر عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ السّراج الصُّوفي: حكى أبو بكر الدُّقّي قال: كنت بالبادية فوافيت قبيلة، فأضافني رجل، فرأيت غلامًا أسود مقيَّدًا هناك، ورأيت جِمالًا ميْتةً ثَمّ، فقال الغلام: اشفَعْ لي فإنّه لا يردّك، قلت: لا آكل حتى تحلّه، فقال: إنّه قد أفقرني. قلت: ما فعل؟ قال: له صوت طيّب فَحَدَا لهذه الجمال وهي مُثْقَلَةٌ، حتى قطعت مسيرة ثلاثة أيام في يوم، فلما حطّ عنها ماتتِ كلّها، ولكن قد وهبته لك، فلما أصبحنا أحببت أن أسمع صوته فسألته، وكان هناك جمل يُسْتَقَى عليه، فحدا، فهام الجمل على وجهه وقطع حباله، ولم أظنّ أني سمعت صوتًا أطيب منه، ووقعت لوجهي.
قال الميداني: تُوُفّي الدُّقّي في سابع جُمادي الأولى سنة ستّين.
محمد بن سليمان بن أحمد [2] بن محمد بن ذِكْوان أبو طاهر البعلبكي المؤدّب نزيل صيدا.
قرأ القرآن على: هارون بن موسى بن شريك الأخفش، وسمع أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ، وزكريّا خيّاط السنة، وأحمد بن إبراهيم البسري، والحسين بن محمد بن جمعة، وغيرهم.
قرأ عليه: عبد الباقي بن الحسن بن السّقّاء، وجعفر بن أحمد بن الفضل.
__________
[1] طبقات الصوفية 448.
[2] تاريخ دمشق (المخطوط) 11/ 599، الأنساب 357 ب، مرآة الزمان-/ 11 ق 1/ 16، معجم الشيوخ لابن جميع (مخطوط) 31، العبر 2/ 318، الوافي بالوفيات 3/ 125 رقم 1067، معرفة القراء 1/ 287، شذرات الذهب 3/ 35، موسوعة علماء المسلمين 4/ 191- 193 رقم 1434، حديث السكن بن جميع (نشرناه مع معجم الشيوخ للصيداوي) .

(26/218)


وروى عنه: أبو الحسين بن جُمَيْع، وابنه السّكَن، وابن مَنْدَه، وعليّ بن جَهْضَم، وصالح بن أحمد الميانجي [1] ، وآخرون.
وُلد سنة أربعٍ وستّين ومائتين، وتوفي سنة ستّين وثلاثمائة.
قال ابن عساكر [2] : وقيل مات سنة أربعٍ وخمسين وثلاثمائة.
قال أبو طاهر: قرأت على الأخفش بعد الثمانين ومائتين، وكان أبو طاهر يعلّم بجامع صيدا، فعل ذلك قبل موته بعامين لأنه احتاج.
محمد بن صالح بن علي [3] أبو الحارث الهاشمي البغدادي المالكي، قاضي نَسَا، وأخو [4] قاضي بغداد أبي [5] الحسن محمد بن صالح بن أمّ شَيْبان.
سمع: عبد الله بن زيدان [6] البجلي، وأبا محمد بن صاعد، وجماعة.
وعنه: أبو عبد الله الحاكم.
محمد بن طاهر بن محمد أبو طاهر النَّيْسَابُوري الصَّيْرفي الزاهد الصالح.
سمع: ابن خُزَيْمة، وأبا العبّاس السّرّاج.
وعنه الحاكم وقال: كان من العُبّاد الصابرين على الفاقة.
__________
[1] في الأصل «المانجي» ، و «الميانجي» هو قاضي صيدا. (انظر: ابن عساكر (المخطوط) 17/ 347) توفي سنة 429 هـ.
[2] تاريخ دمشق 37/ 602، الولاة والقضاة 574، النبلاء 16/ 226، 227 رقم 160، الوافي بالوفيات 3/ 156، النجوم الزاهرة 4/ 137، شذرات الذهب 3/ 70.
[3] تاريخ بغداد 5/ 362 رقم 2888، المنتظم 7/ 56 رقم 81.
[4] في الأصل «اخر» .
[5] في الأصل «وأبي» .
[6] كذا في الأصل. وفي تاريخ بغداد «زيدان» .

(26/219)


مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ [1] بْنِ أشْتَة [2] أبو بكر الأصبهاني المقرئ النّحوي، أحد الأعلام.
قرأ القرآن على: ابن مجاهد، ومحمد بن يعقوب المعدّل، وأبي بكر النقاش، وقرأ بأصبهان على محمد بن أحمد بن الحسن الكسائي، وطائفة، وبرع في القرآن وصنّف التصانيف.
قال أبو عمرو صاعد: مشهور، ثقة، عالم بالعربية، بصير بالمعاني، حسن التصنيف، صاحب سنة.
روى عنه جماعة من شيوخنا، وسمع منه: عبد المنعم بن غلبون، وخَلَف بن إبراهيم، وعبد الله بن محمد بن راشد الأندلسي.
وتوفي في مصر سنة ستّين.
محمد بن الفُرُّخان بن روزبه [3] أبو الطَّيّب الدُّوري.
حدّث ببغداد عن: أبيه، والفضل بن الحُباب أحاديث مُنْكَرَة.
وعنه: يوسف القوّاس، وابن السّوطي، وكان غير ثقة. وكان يحكي عن الجنيد وغيره.
توفي سنة ستّين وثلاثمائة أو قريبًا منه.
أبو القاسم بن أبي يعلى [4] الشريف الهاشمي. قام بدمشق وقام معه خلق من الشباب وأهل الغوطة، وقطع دعوة المصريين، ولبس السواد، ودعا
__________
[1] معرفة القراء 1/ 259، الإكمال 1/ 91 بالحاشية، المشتبه 28، الوافي بالوفيات 3/ 347، غاية النهاية 2/ 184، بغية الوعاة 1/ 142، طبقات المفسّرين للداوديّ 2/ 157، توضيح المشتبه لابن ناصر الدين 1/ 238.
[2] أشتة: بشين معجمة ساكنة وتاء معجمة باثنتين من فوقها مفتوحة. (الإكمال) .
[3] في الأصل «روبه» والتصحيح عن تاريخ بغداد 3/ 167 رقم 1213، المنتظم 7/ 56 رقم 82.
[4] العبر 2/ 319، مرآة الجنان 2/ 373، شذرات الذهب 3/ 35، أمراء دمشق 67، ذيل تاريخ دمشق- ص 1.

(26/220)


للمطيع للَّه، وذلك في ذي الحجّة سنة تسعٍ وخمسين، واستفحل أمره ونفى عن دمشق أميرها إقبال نائب شمَّول الكافوري، فلم يلبث إلّا أيّاما حتى جاء عسكر المصريين وقاتلوا أهل دمشق، وقُتل منهم جماعة، ثم هرب أبو القاسم الشريف في الليل، فصالح أهل البلد، وطلب أبو القاسم البرّيّة يريد بغداد فلحقه ابن عليان العدوي فأسره عند تَدْمُر وجابه، فَشَهَّرَه جعفر بن فلاح في عسكره على جمل، وذلك في المحرَّم سنة ستّين وسيّره إلى مصر.
قال ابن عساكر: قرأت بخط عبد الوهاب [إنّ] [1] أبا [2] جعفر بن فلاح وعد لمن جاء بالشريف ابن أبي يَعْلى بمائة ألف دِرْهم، فجيء به، ففرح، وطيف به على جمل، وعلى رأسه قَلَنْسُوَة يَهُوديّ، وفي لِحْيَيْه ريش، وبيده قصبة، ثمّ لان له ابن فلاح وقال: لأَكاتِبَنَّ مولانا بما يَسُرُّك. وأيش حَمَلّكَ على الخروج عن الطّاعة؟ قال: القضاء والقدر، وأغلظ لبني عدِيّ الذين جاءوا به وقال: غدرتم بالرجل، ففرح أكثر الناس بهذا، ودعوا بالخلاص لابن أبي يعلى لحِلْمه وَكَرَمِهِ وجُوده.
من لم يُحفظ وفاته وله شُهرة كتبنا: تقريبًا
أحمد بن إبراهيم بن جعفر أبو بكر العطّار، شيخ معمَّر.
سمع: محمد بن يونس الكُدَيْمي، وغيره.
وعنه: أبو نُعَيم الحافظ.
أحمد بن إبراهيم بن محمد [3] أبو العباس الكِنْدي البغدادي، نزيل مكة.
حدّث عن: يوسف القاضي، ومحمد بن جرير الطّبري، والخرائطي.
__________
[1] إضافة على الأصل.
[2] في الأصل «أبي» .
[3] تاريخ بغداد 4/ 18 رقم 1612.

(26/221)


وعنه: أبو الحسين بن بشُران، وأخوه عبد الملك، وأبو نُعَيم.
وثّقه الخطيب.
أحمد بن إسحاق بن محمد بن شَيْبان، أبو محمد الهَرَوي الضّرير، بغداديّ الأصل.
سمع سنة بِضْعٍ وسبعين ومائتين من مُعاذ بن نجدة عمّ والدته، ومن علي بن محمد الْجِعابي.
روى عنه: إسحاق بن إبراهيم بن الفرات، وأحمد بن عبد الرحمن الشيرازي، وأبو عثمان سعيد بن العباس القرشي، وهو من كبار شيوخ بن الفرات.
توفّي في حدود الستّين وثلاثمائة، وله ترجمة في كتاب ابن النجّار، وهو المُعَاد في سنة تسعٍ وستّين.
أحمد بن الحسن بن محمد [1] بن سهل أبو الفتح المالكي الواعظ ويُعرف بابن الحمصي.
حدّث ببغداد عن: أبي جعفر الطحاوي، وجعفر الطّيالسي.
وعنه: أبو نُعَيم الحافظ، وغيره.
أحمد بن صالح بن عمر [2] أبو بكر المقرئ. بغداديّ نزل الرملة.
قرأ عَلَى: الْحَسَن بْن الحُبَاب، والحسن بْن الحسين الصّوّاف، ومحمد بن هارون التّمّار، وابن مجاهد.
وعنه: عبد الباقي بن الحسن، وعبد المنعم بن غلبون، وعلي بن محمد
__________
[1] تاريخ بغداد 4/ 90 رقم 1733.
[2] تاريخ بغداد 4/ 205 رقم 1893، بغية الطلب (المخطوط) 1/ 160، تاريخ دمشق (المخطوط) 3/ 214، معرفة القراء 1/ 255، غاية النهاية 2/ 148، شذرات الذهب 3/ 35، موسوعة علماء المسلمين 1/ 302، 303 رقم 124.

(26/222)


ابن بِشْر الأنطاكي، وخَلَف بن قاسم، وآخرون، بعضُهم تلاوةً.
وصفه أبو عمرو الدّاني بالثقة والضبط وقال: مات بعد الخمسين.
أحمد بن علي بن الحسين أبو بكر الفارسي البيضاوي.
حدّث عن: محمد بن هارون بن المجّدر، وعبد الله بن سعيد القُرَشي.
وعنه عمر بن أحمد البرمكي، وأبو سعيد النقّاش، والحافظ أبو نُعَيم.
أحمد بن القاسم بن كثير [1] بن صدقة بن الرّيّان المالكي، أبو الحسن المصري، نزيل البَصْرة، شيخ معمّر.
يروي عن: محمد بن يونس الكديمي، والحارث بن أبي أسامة، وإسحاق بن إبراهيم الدّبري، وأحمد بن محمد البِرْتي، وعبد الله بن أبي مريم، وأبي عبد الرحمن النّسائي، ومحمد بن غالب تمتام، وأحمد بن إسحاق بن سبط، وغيرهم.
وعنه: علي بن عبدكويه، وأبو بكر بن أبي علي الذكواني، وأبو نُعَيم، وغيرهم.
قال ابن ماكولا: فيه ضَعْف.
وقال حمزة السَّهْمي: سمعت أبا محمد الحسن بن علي البصْري مولى أحمد بن محمد بن القاسم بن الرَّيّان، ليس بالمَرْضِيّ، سمعت منه.
قلت: مرّ في سنة سبع وخمسين، وهو راوي نسخة نُبْيط.
أحمد بن طاهر بن النّجْم [2] أبو عبد الله المَيَانَجي الحافظ. محدّث رحّال.
سمع: أبا مسلم الكجّي، وعَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن حنبل، ويحيى بن
__________
[1] العبر 2/ 319، شذرات الذهب 3/ 35، الإكمال 4/ 112.
[2] العبر 2/ 320، شذرات الذهب 3/ 36.

(26/223)


محمد البحتري الحِنّائي، وأحمد بن هارون البرديجي الحافظ، وجماعة، وأخذ هذا الشأن وتخرّج بسعيد بن عمرو البردعي.
روى عنه: عبد الله بن أبي زُرْعَة القزْويني، ويعقوب بن يوسف الأردبيلي، وجماعة، وآخر من بقي من أصحابه أحمد بن الحسين بن علي التَّرَّاسي بالمراغة.
وقال سعيد بن علي الرَّيْحاني: ومن شيوخ أبي الحسين أحمد بن فارس اللَّغوي: أحمد بن طاهر بن المنجم، فكان يقول عنه، إنّه ما رأي مثل نفسه، يعني ابن المنجّم.
قال ابن فارس: وما رأيت مثله.
قال الخليلي في «الإرشاد» : توفّي بعد الخمسين وثلاثمائة.
أحمد بن محمد بن أحمد [1] بن سهل أبو بكر البغدادي المعروف ببُكَيْر الحدّاد.
جاور بمكّة، وحدّث عن: محمد بن يونس الكُدَيْمي، وبِشْر بن موسى، والكَجّي، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وغيرهم.
وعنه: الدَارقُطْنيّ، وأبو محمد بن النّحّاس، وجماعة.
وثّقه الخطيب وقال: تُوُفّي بعد الخمسين.
أحمد بن محمد بن بِشْر [2] أبو بكر بن الشارب المقرئ، خُرَاسَانيّ.
نزل بغداد وأَدّب بها، وقرأ بها على أبي بكر الزَّيْنبيّ، وهو من أثبت أصحابه وأنبلهم.
قرأ عليه: عبد الباقي بن الحسن، وعلي بن عمر الحمامي، وأبو بكر بن شاذان الواعظ، وغيرهم.
__________
[1] تاريخ بغداد 4/ 364 رقم 2226.
[2] تاريخ بغداد 4/ 401 رقم 2301.

(26/224)


أحمد بن محمد بن أحمد [1] بن السّدّيّ [2] أبو الطَيّب الدُّوري ابن أخت الهيثم بن خلف.
سمع: الكُدَيْمي، ومحمد بن عثمان بن أبي شَيْبة، ومحمد بن إسحاق بن راهَوَيْه، والحسن بن مندة، [و] الحسن بن أبي المنذر.
ووثّقه الخطيب. تُوُفّي سنة نَيِّفٍ وخمسين.
أحمد بن محمد بن منصور [3] أبو بكر الأنصاري الدّامغاني الفقيه الحنفي، صاحب الطّحاوي.
تفقّه على: الطّحاوي، ولازَمَ ببغداد حلقة أبي الحسن الكَرْخي، فلما فُلِجَ جعل الفتوى إليه، وكان كبير الشأن إمامًا ورِعًا، وُلّي مرَّة قضاء واسِط لِدُيونٍ رَكِبَته.
روى عنه: أبو محمد عبد الله بن الأكفاني، وغيره، وتفقْه به جماعة.
أحمد بن محمد بن أحمد أبو حامد السّرَخْسِي.
سمع: محمد بن إبراهيم البوسَنْجي، وغيره.
وعنه: محمد بن جبريل بن ماج.
أحمد [4] بن محمد بن سالم أبو الحسن البْصري الصّوفي بن الصّوفي المتكلّم، صاحب مقالة السّالمية.
له أحوال ومُجَاهَدة وأتباع ومُجُون، وهو شيخ أهل البصرة في زمانه، عُمَّر دهْرًا، وأدرك سهل بن عبد الله التُسْتَرِيّ وأخذ عنه، لأنّ والده كان من
__________
[1] تاريخ بغداد 4/ 365 رقم 2228.
[2] في الأصل «السندي» .
[3] تاريخ بغداد 5/ 97 رقم 2496.
[4] كذا في الأصل، وقيل: «محمد بن أحمد بن سالم» كما ينقل عن أبي نعيم، وهو في الحلية محمد بن أحمد 10/ 378 رقم 652 وكذا في طبقات الصوفية للسلمي: وهو في العبر «أحمد بن محمد» . (2/ 320) .

(26/225)


تلامذة سهل، وبقي إلى قريب الستين وثلاث مائة، وكان [من] [1] أبناء التسعين.
قال أبو سعيد محمد بن النَقّاش الحافظ: رأيته وسمعت كلامه، ولم أكتب عنه شيئًا.
قلت: وكان دخول النقّاش البصرة سنة نيّف وخمسين وثلاثمائة.
روى عن أبي الحسن بن سالم: أبو طالب المكّي صاحب «القوت» [2] وصَحِبَه، وأبو بكر بن شاذان الرّازي، وأبو مسلم محمد بن علي بن عوف المرجّي. الأصبهاني، وأبو نصر الطوسي الصّوُفي، ومنصور بن عبد الله الصُّوفي، ومعروف الرَّيْحاني.
وذكره أبو نُعَيم في الحلْية [3] فقال: ومنهم أبو عبد الله محمد بْن أَحْمَد بْن سالم البصري، صاحب سهل التُسْتَريّ وحافظ كلامه، أدركناه وله أصحاب يُنْسَبُون إليه.
قلت: هكذا سمّاه وكناه في الحلية.
قال السَّلَمي في تاريخ الصوفيّة [4] : محمد بن أحمد بن سالم أبو عبد الله البصْري والد أبي الحسن بن سالم، روى كلام سهل، [هو] من كبار أصحابه، أقام بالبصرة، وله بها أصحاب يُسَمّون السالميّة، هجرهم النّاسُ لألفاظٍ هجنة أطلقوها وذكروها.
__________
[1] إضافة على الأصل.
[2] هو أبو طالب محمد بن علي بن عطية الحارث الواعظ المشهور بأبي طالب المكيّ المتوفى سنة 386 هـ. له كتاب «قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد» . قالوا: لم يصنّف في الإسلام مثله في دقائق الطريقة. (ترجمته في تاريخ بغداد 3/ 89، وفيات الأعيان 4/ 303، الوافي بالوفيات 4/ 116، ميزان الاعتدال 3/ 655، العبر 3/ 33، لسان الميزان 5/ 30، مرآة الجنان 2/ 430، البداية والنهاية 11/ 391، شذرات الذهب 3/ 120) .
[3] حلية الأولياء 10/ 378.
[4] طبقات الصوفية 414.

(26/226)


قال أبو بكر الرازي: سمعت ابن سالم يَقُولُ: [سَمِعْتُ] سهل بن عبد الله يَقُولُ: لا يستقيم قلب عبدٍ حتى يقطع كلّ حيلة وكلُ سببٍ غير الله.
وقال: قال سهل: ما اطّلع الله على قلب فرأى فيه همّ الدنيا إلّا مَقَتَه، والمَقْتُ أن يتركه ونفسه.
وقال أبو نصر الطُّوسي: سألت ابن سالم عن الوجل، فقال: انتصاب القلب بين يدي الله. وسألته عن العُجْب قال: أن يستحسن العبد عمله وترى طاعته. قلت: كيف يتهيّأ للعبد أنْ لا يستحسن صلاته وصومه وعبادته؟ قال:
إذا علم تقصيره فيها والآفات التي تدخُلُها فلا يستحسنه. وسمعته يقول: متى تنكسر النفس بترك الطعام هبها هبها، فسألته بما أستعين على قوّة نفسي؟
قال: أن تجعل حيث موضع نظر الله إنْ مددْت يدك قلت وإن مددت يدك.
هذا حسّ النفير التي تكسر به قوّته وتزول، لا لترك الطعام والشراب.
قلت: السنة لهم نِحْلَة لا أحقّقها.
أحمد بن محمد بن شارَك [1] الفقيه أبو حامد الهروي الشافعي.
مفتي هَرَاة وأديبها وعالمها [2] ومفسّرها ومحدّثها في زمانه.
سمع: محمد بن عبد الرحمن السَّامي، والحسن بن سفيان الفَسَوي النَّيْسَابُوري، وعبد الله بن زيدان البجلي، وأحمد بن الحسن الصُّوفي، وأبا يعلى الموصلي.
وعنه: أبو عبد الله الحاكم، وأبو إبراهيم النصرآبادي.
__________
[1] العبر 2/ 321، وفي طبقات الشافعية 2/ 98 «الشاركي» . قال السمعاني: الشّاركي: بفتح الشين المعجمة والراء وفي آخرها كاف. هذه النسبة إلى شارك، وهي بليدة بنواحي بلخ.
(الأنساب 7/ 243 نسخة محمد عوّامة) وقال ابن الأثير في اللباب 2/ 174 هذا وهم فالنسبة إلى رجل. وهذا ما نراه أيضا. وفي شذرات الذهب 3/ 36 «شادك» ، طبقات الشافعية للسبكي 3/ 45، 46، طبقات المفسّرين للسيوطي 5، طبقات المفسّرين للداوديّ 1/ 75، 76، سير أعلام النبلاء 16/ 273، 274 رقم 194، تاج العروس 3/ 150، الرسالة المستطرفة 28 وقد مرّت ترجمته في وفيات سنة 355 هـ.
[2] في الأصل «عاملها» .

(26/227)


وقال الحاكم: كان حسن الحديث. تُوُفّي بَهَراة سنة خمسٍ وخمسين.
وكذلك قال أبو النضر الفامي، وذكره مرة أخرى قال: تُوُفّي في ربيع الآخر سنة ثمانٍ وخمسين.
أحمد بن مطرّف النصري المغربي له ديوان تكلم فيه عن كثير من شيوخه في اللغة.
توفي بعد الخمسين ظنًّا. قاله السلفي.
إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الله بْن أبي العزائم [1] أبو إسحاق الكوفي.
آخر من حدّث عن: أَحْمَدُ بْنُ حَازِمِ بْنِ أَبِي غَرْزَةَ الْغِفَارِيُّ، وعن الخضِر بن ( ... ) [2] .
يروي عنه: أبو نُعَيم الحافظ، ومحمد بن أحمد الجواليقي الكوفي المُتَوَفّي بمصر سنة إحدى وثلاثين، وغيرُهما.
إبراهيم بن محمد بن الخصيب [3] الأصبهاني العَسَّال.
سمع ببغداد من: يوسف بن يعقوب القاضي.
وعنه: أبو نُعَيم، وأبو بكر بن أبي علي.
إبراهيم بن محمد بن إبراهيم [4] الورّاق الأصبهاني.
سمع: محمد بن العبّاس الأخرم.
وعنه: أبو نُعَيم.
الحسن بن عَبْد اللَّه بْن محمد [5] بْن أحمد بْن محمد بن الكاتب
__________
[1] العبر 2/ 321، شذرات الذهب 3/ 36.
[2] نقص في الأصل.
[3] أخبار أصبهان 1/ 200.
[4] أخبار أصبهان 1/ 200.
[5] الوافي بالوفيات 12/ 90 رقم 74.

(26/228)


البغدادي المقرئ.
محقّق ضابط مشهور من كبار أصحاب ابن مجاهد.
قرأ عليه: عبد الباقي بن الحسن، وعلي بن محمد الحذّاء.
الحسن [1] بن عبد الله النجاد الفقيه البغدادي، من كبار الحنابلة ببغداد.
صنّف في الأصول والفروع عن أبي محمد البربَهاري، وأبي الحسن بن بشّار.
تفقّه به عبد العزيز غلام الزّجّاج، وأبو عبد الله بن حامد وجماعة.
وكان في هذا الزمان موجودًا.
الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد [2] أبو محمد الرامَهُرْمُزِي [3] الحافظ القاضي، صاحب كتاب «المحدّث الفاصل بين الراوي والواعي» [4] حافظ مُتِقن واسع الرحلة.
سمع: أباه محمد بن عبد الله الحضرمي مُطَيّنًا، وقاضي الكوفة أبا الحُصَيْن الوادعي، ومحمد بن حيّان المازني، وعُبَيد بن غنّام، وأبا خليفة الْجُمَحي، ويوسف بن يعقوب القاضي، والحسن بن المثنّى العنبري، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة، والفريابي، وعبدان الأهوازي، وموسى بن
__________
[1] في الأصل، وفي العبر 2/ 321 «الحسن» ، وفي طبقات الحنابلة 2/ 140 رقم 619 وشذرات الذهب 3/ 36 «الحسين» .
[2] العبر 2/ 321، شذرات الذهب 3/ 37، الفهرست 220، معجم شيوخ ابن جميع 101، يتيمة الدهر 3/ 386، معجم الأدباء 9/ 5، المنتظم 6/ 228، تذكرة الحفاظ 905، اللباب 2/ 10، الوافي بالوفيات 12/ 64، أعيان الشيعة 22/ 69، الأنساب 6/ 52، 53، فهرسة ابن خير 475 و 522، سير أعلام النبلاء 16/ 73- 75 رقم 55، طبقات الحفاظ 369، 370، كشف الظنون 1612، هدية العارفين 1/ 270، 271، الرسالة المستطرفة 55.
[3] الرّامهرمزي: بفتح الراء والميم وضمّ الهاء وسكون الراء وضمّ الميم الثانية ثم الزاي. نسبة إلى رامهرمز، وهي إحدى كور الأهواز من بلاد خوزستان، (اللباب 2/ 10) .
[4] قال عنه ابن حجر في مقدّمة نخبة الفكر: «إنّه من أوّل ما ألّف في كتب اصطلاح أهل الحديث» . منه نسخة قديمة نفيسة بدار الكتب المصرية برقم 483 مصطلح، مصوّرة عن مخطوطة مكتبة رفاعة بسوهاج. (عن العبر) . وقد طبع.

(26/229)


هارون، وأبا شعيب الحرّاني.
وأوّل سماعه بفارس سنة تسعين ومائتين، وأوّل رحلته سنة بضعٍ وتسعين، وهؤلاء هم كبار من روى عنه من أهل فارس، ووقع لنا من تصنيفه كتاب «الأمثال» .
روى عنه: القاضي أبو عبد الله أحمد بن إسحاق النَّهاوندي، وأحمد بن موسى بن مردَوَيْه، والشيخ أبو الحسين محمد بن أحمد بن جُمَيْع الغسّاني في مُعْجَمِه [1] ، وطائفة من أهل رامَهُرْمُز وشِيرَاز.
قال أبو القاسم بن مَنْدَه في الوَفَيَات له: عاش إلى قريب الستّين وثلاثمائة برامَهُرْمُز.
الحسن بن عبيد الله بن طُغج [2] بن جُفّ أبو محمد.
وُلّي إمرة دمشق سنة ثمانٍ وخمسين فرحل بعد أشهر، واستخلف مكانه شموَّل الإخشيدي، ثم سار إلى الرملة، فالتقي هو وجعفر بن فلاح في آخر السنة، فانهزم جيشه وأخذ الحسن أسيرًا، وحُمل إلى المغرب إلى المُعِزّ [3] بن إسماعيل العُبيْدي الخليفة الخارجي، وولّت دولة الإخشيذية، ولعلّه قُتِل سرًّا.
سعد بن محمد بن إبراهيم الناقدي ( ... ) [4] .
صِدَّيق بن سعيد [5] ، أبو الفضل الصّوناخي، وصوناخ قرية من عمل إسبيجاب.
__________
[1] معجم الشيوخ لابن جميع الصيداوي (بتحقيقنا) 249 رقم 209.
[2] أمراء دمشق 27 رقم 90، النجوم الزاهرة 4/ 73، تهذيب تاريخ دمشق 4/ 190، الكامل في التاريخ 8/ 591، الوافي بالوفيات 12/ 97 رقم 84، سير أعلام النبلاء 16/ 223 رقم 157.
[3] في الأصل «معد» .
[4] ترجمته غير مقروءة في الأصل، وهي مقدار خمسة أسطر.
[5] الأنساب 8/ 112، اللباب 2/ 251، سير أعلام النبلاء 16/ 132 رقم 89، ميزان الاعتدال 2/ 314، لسان الميزان 3/ 189.

(26/230)


قدٍم سمرقند، وسمع الكُتُب عن محمد بن نصر المَرْوَزي الفقيه، وببُخَارى عن سهل بن شاذويه، وحامد بن سهل، وصالح بن محمد.
مات بفرياب بعد الخمسين وثلاثمائة. قاله ابن السمعاني [1] .
عَبْد الله بْن عُبَيد الله بْن يحيى [2] ، أبو القاسم العسكري، المقرئ، البزّار.
روى عن: أحمد بن بِشْر الطيالسي، ومحمد بن إسحاق بن راهويه، وعليّ بن داود الرّزّاز [3] .
عبد الله بن محمد بن حمزة [4] بن أبي كريمة أبو يَعْلَى الصيداوي.
سمع: أباه، ومحمد بن المُعَافَى الصيداوي، ومحمد بن الحسن بن قُتَيْبة.
ووُلّي قضاء بيت المقدس.
وعنه: ابن مَنْدَه، وتمّام الرّازي، ومُعَاذ بن محمد الصَّيداوي، وأبن جُمَيْع، وابنه السّكَن.
عبيد الله بن محمد بن حمزة [بن] جعفر بن أحمد بن عاصم بن الرَّوَّاس الدمشقي.
روى عن: أبيه والحسن بن الفرج الغزّي، وإسحاق المنجنيقي.
وعنه: تمّام، ومحمد بن موسى السَّمْسار.
عثمان بن أحمد بن شَنْبك [5] أبو سعيد الدَّيْنَوَرِي، ورّاق خَيْثَمَة [6] ونزيل طرابلس.
__________
[1] في الأصل بعدها ثلاثة تراجم غير مقروءة.
[2] تاريخ بغداد 10/ 39 رقم 5161.
[3] في الأصل بعده ترجمة غير مقروءة.
[4] معجم الشيوخ لابن جميع 129 و 130، تاريخ دمشق (المخطوط) 9/ 371، موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان (من تأليفنا) 3/ 216، 217 رقم 905.
[5] تسمية رجال البخاري للدارقطنيّ (مخطوط) 74 أ، الإكمال 4/ 262، تاريخ دمشق 26/ 114- 117، التهذيب 2/ 58، معجم الشيوخ لابن جميع (مخطوط) 154، موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان 3/ 276- 278 رقم 999.
[6] خيثمة بن سليمان الأطرابلسي (250- 343 هـ.) مسند طرابلس ومحدّث الشام. له عدّة

(26/231)


روى عنه: ابن صاعد، والبغوي، وابن ذَرِيح العُكْبُري، وأبو علي محمد بن سعيد الحمصي، ومحمد بن الربيع الجيزي.
وعنه: أبو الحسن بن جهضم، وتمّام، وأبو محمد بن ذكوان، وابن جُمَيْع، وعبد المنعم بن أحمد.
بقي إلى سنة خمسٍ وخمسين.
عثمان بن حسين البغدادي.
عن: جعفر الفريابي، وقاسم المطّرز، والباغَنْدي، وخلق.
وعنه: تمّام، وأبو نصر بن الجندي، وأبو نصر بن الحبّان، ومحمد بن عوف الدمشقيّون.
وكان ثقة عارفًا بالحديث. حدّث سنة سبعٍ وخمسين.
عثمان بن محمد بن إبراهيم بن رستم أبو عمر الماذرائي، ويُعرف بابن الأطروش.
حدّث بمصر عن: أبيه، وأبي شُعَيْب الحرّاني، وجعفر بن أحمد بن عاصم، وجماعة.
روى عنه: عبد الرحمن بن عمر النّحّاس، وإبراهيم بن علي الغازي، وابن نظيف، وآخرون.
عتيق بن ما شاء الله بن محمد أبو بكر المصري المقرئ الغسّال.
قرأ عَلَى أَحْمَد بن عبد اللَّه بن هلال المصري.
روى عنه الحروف: أبو الطّيّب بن غلبون، وابنه طاهر، وذكر أنّه سمع من ابن هلال سنة خمسٍ وتسعين ومائتين، وتُوُفّي في عَشْر الستّين.
__________
[ () ] مصنّفات. نشرت بعضها في كتاب بعنوان «من حديث خيثمة بن سليمان القرشي الأطرابلسي» وصدر عن دار الكتاب العربيّ- بيروت- 1980.

(26/232)


علي بن الحسن بن عبد العزيز [1] الهاشمي.
عن: محمد بن يحيى المَرْوَزي، وجعفر الفِرْيابي.
وعنه: أبو الفضل بن داود، وأبو نُعَيم الحافظ.
علي بن حمد الواسطي.
سمع بِشْر بن موسى.
وعنه أبو نُعَيم.
عمر بن علي بن الحسن [2] ، أبو حفص العتكي [3] الأنطاكي.
سمع الحسن بن فيل، وأبا جعفر العُقَيْلي، وابن جَوْصا، ومحمد بن يوسف الهروي، والحسن بن علي بن روح الكفربطناوي [4] ، وطائفة كثيرة.
وقدٍم دمشق مستنفرًا لنجدة أهل أنطاكية في سنة سبع وخمسين وثلاثمائة.
وعنه: الحافظ عبد الغني، وابن نظيف الفرّاء، وعبد الوهاب الميداني، والمسدّد الأملوكي.
ولا أحسبه إلّا بقي إلى أيّام الطبقة الآتية، فإنّ الأملوكيّ متأخّر السّماع.
كَشَاجَم [5] أحد فحول الشعراء في عصر المتنبّي، اسمه أبو نصر محمود ابن الحسين.
__________
[1] تاريخ بغداد 11/ 383 رقم 6254.
[2] العبر 2/ 322، شذرات الذهب 3/ 38.
[3] العتكيّ: بفتح العين والتاء المثنّاة من فوقها وفي آخرها كاف. هذه النسبة إلى العتيك، وهو بطن من الأزد. (اللباب 2/ 322) .
[4] الكفربطناوي: الكفربطنائي: بفتح أوّلها وسكون الفاء وفتح الباء الموحدة وسكون الطاء المهملة وفتح النون، وبعد الألف ياء تحتها نقطتان. هذه النسبة إلى كفربطنا، وهي من قرى غوطة دمشق. (اللباب 3/ 102) .
[5] العبر 2/ 322، شذرات الذهب 3/ 38، الفهرست 1/ 139، حسن المحاضرة 1/ 322، تاريخ دمشق 47/ 394، مروج الذهب 4/ 366- 369، يتيمة الدهر 1/ 285- 289، سير أعلام النبلاء 16/ 285، 286 رقم 201، تاج العروس (مادة: كشم) ، هدية العارفين 2/ 401.

(26/233)


قدم دمشق، وروى عنه الحسين بن عثمان الخِرَقي وغيره.
ومن شعره وهو القائل:
يقولون تُبْ والكأس في كفّ أغيد ... وصوت المثاني والمَثَالِثِ عالي
فقلت لهم: لو كنت أضْمَرْتُ تَوْبَةً ... وأبْصَرتُ هذا كلّه لَبَدَالي
وله في كافور:
أكافور قُبِّحْتَ من خادِمٍ ... ولاقَتْكَ مسرِعَة جائحَه
حيث سَمِيّك في برده ... وأخطأك اللون والرائحة
وشِعْر كشاجم سائر مُتَدَاول.
محمد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد [1] بْن يعقوب أَبُو بكر الشَّيْباني الأصبهاني القَمّاط، ثقة، صاحب أصول.
سمع: أبا بكر بن أبي عاصم، وإبراهيم بن نائلة، وغيرهما.
وعنه: أبو بكر بن أبي علي، وأبو نُعَيم الأصبهانيّان.
محمد بن أحمد بن أبي مطيع الهَرَوي.
سمع: عثمان بن سعيد الدّارميّ.
وعنه: أبو الفضل الجاروي، وغيره.
محمد بن أحمد بن يوسف [2] أبو الطّيّب البغدادي المقرئ صاحب ابن شنّبوذ.
تغرّب وجال، وتحدّث بجُرْجَان وأصبهان عن: إدريس بن عبد الكريم الحدّاد، وغيره.
روى عنه: أبو نصر الإسماعيلي، وأبو نعيم الحافظ.
__________
[1] العبر 2/ 323، شذرات الذهب 3/ 38.
[2] تاريخ بغداد 1/ 377 رقم 336، أخبار أصبهان 2/ 288.

(26/234)


قال أبو نُعَيم: قدم علينا سنة تسعٍ وأربعين وثلاثمائة [1] .
محمد بن إبراهيم الفروي.
سمع أبا مسلم الكجّي.
وعنه أبو نُعَيم، ووثّقه.
محمد بن إسماعيل بن موسى الرّازي.
آخر من حدّث عن أبي حاتم الرّازي.
وعنه: علي بن أحمد بن داود الرّزّاز، وتُوُفّي بعد الخمسين وثلاثمائة.
محمد بن الحسن بن الوليد بن موسى أبو العبّاس الكلابي الدمشقيّ أخو تبوك وعبد الوهاب.
وسمع: القاسم بن اللَّيْث الرَّسْعَني، وإسحاق بن أحمد القطّان، وأبا عبد الرحمن النَّسَائي.
وعنه: شُعَيب بن عبد الرحمن بن عمر بن [2] نصر، ومكّي بن محمد، ومكّي بن عوف المُزَنيّ.
سمع منه عبد الوهاب الميداني في سنة خمسٍ وخمسين.
محمد بن صبيح بن رجا أبو طالب المصفّي.
سمع: محمد بن عبد الله الحَضْرَمي مُطَيّنًا، وأحمد بن إبراهيم السري، وأحمد بن أنس بن مالك، وأحمد بن علي بن سعيد المروزي، وغيرهم.
وعنه: أبو مسلم محمد بن أحمد الكاتب، وعبد الرحمن بن عمر بن نصر، ومحمد بن موسى السمسار.
وهو دمشقيّ.
__________
[1] العبارة عند أبي نعيم: «قدم علينا قبل الخمسين وسماعي منه سنة تسع وأربعين وثلاثمائة» .
[2] في الأصل «ابن» .

(26/235)


محمد بن عبد الله بن بَرّزَة [1] أبو جعفر الرّوذراوري [2] الدّاوديّ.
حدّث بهَمَذان سنة سبعٍ وخمسين عن: إسماعيل القاضي، وعُبَيْد بن شَرِيك بن دِيزيل.
[قال صالح بن أحمد الحافظ:] [3] ، وهو شيخ حَضَرْتُهُ، ولم أحمد أَمْرَه.
قلت: روى عنه ابن لال، وأبو طاهر بن سلمة، وابن فنجويه، وابن جهضم، وأحمد بن الحسن الإمام، وطائفة كثيرة.
حدّث في سنة سبعٍ وخمسين بَهَمَذَان.
محمد بن عبد الله بن عبد الله [4] بن أبي دَجَانَة عمرو بن عبد الله بن صَفْوَان البَصْري أبو زُرْعَة الدمشقي، ابن أخي أبي زُرُعَة الكبير، وأخو أحمد.
يروي عن: الحسين بن جمعة، وإبراهيم بن دُحَيْم، وجماعة، بعد سنة ثلاثمائة.
روى عنه: تمّام، وأبو علي بن مهنّا.
محمد بن علي بن مسلم العَقِيليّ [5] ، بصريّ.
سمع محمد بن يحيى بن المنذر القزّاز.
وعنه أبو نعيم.
__________
[1] العبر 2/ 323، شذرات الذهب 3/ 38، مشتبه النسبة 1/ 61، سير أعلام النبلاء 16/ 165 رقم 119، غاية النهاية 2/ 176، تبصير المنتبه 1/ 137.
[2] الرّوذراوري: بضمّ الرّاء وسكون الواو والذال المعجمة وفتح الراء والواو وبينهما ألف وفي آخرها راء أخرى. هذه النسبة إلى بلدة بنواحي همذان يقال لها روذراور. (اللباب 2/ 42) .
[3] ما بين الحاصرتين ساقط من الأصل، واستدركناه من العبر.
[4] تاريخ دمشق (مخطوط الظاهرية) 10/ 344 أ، تذكرة الحفّاظ 3/ 1001.
[5] ترجمته في الأنساب 9/ 21 و «العقيلي» : بفتح العين المهملة وكسر القاف وسكون الياء.

(26/236)


محمد بن حامد الماليني.
عن عثمان الدارمي.
وعنه ابن منصور محمد بن جبريل الهَرَوِي.
محمد بن عمر بن سلمة [1] اللخمي القُرْطُبي المعروف بابن سرّاج.
سمع: محمد بن عمر بن لُبَابة، وطبقته، ورحل فسمع بمصر من أحمد بن مسعود الزُّبَيْري، وجماعة.
سمع منه: محمد بن عبد الله بن سعيد البَلَوِي، وخَلَف بن القاسم وكان مُغَفَّلًا قليل الفهم.
توفّي في حدود الستّين وثلاثمائة.
محمد بن عمر بن عفّان [2] الدُّوري [3] نزيل مصر.
سمع محمد بن جرير، وحامد بن شعيب.
وعنه ابن نظيف.
وثّقه الخطيب.
محمد بن عليّ بن محمد [4] الحافظ أبو أحمد الكَرْخي القصّاب، أحد الأئمة، فيقال: إنّما قيل القصّاب لكثرة ما أهرق من دماء الكفّار.
وله تصانيف، منها: كتاب «ثواب الأعمال» ، وكتاب «عقاب الأعمال السّيّئة» ، وكتاب «شرح السّيئَّة» [5] ، وكتاب «تأديب الأئمة» .
__________
[1] تاريخ علماء الأندلس 2/ 71 رقم 1299 وفيه: «محمد بن عمر بن حزم بن سلمة» .
[2] تاريخ بغداد 3/ 31 رقم 954.
[3] في الأصل «الدّرزي» ، والتصحيح عن تاريخ بغداد.
[4] الوافي بالوفيات 4/ 114 رقم 1603، سير أعلام النبلاء 16/ 213 رقم 144، تذكرة الحفاظ 3/ 938، 939، طبقات الحفّاظ 379، هدية العارفين 2/ 47.
[5] في الوافي: «شرح السّنّة» .

(26/237)


وكان أبوه ممّن رحل وسمع من علي بن حرب، والرَّمادي.
وروى أيضًا أبو أحمد عن: محمد بن إبراهيم الطّيالِسي، وعبد الرحمن بن محمد بن سَلْم الرّازي، وجعفر بن أحمد بن فارس، ومحمد بن العبّاس بن أيّوب الأخرم، ومحمد بن أحمد الثّقفي، والحسن بن يزيد الدّقّاق، وطائفة.
روى عنه: ابناه أبو الحسن علي، وأبو الفرج عمّار، وأبو منصور المُظَفّري محمد بن الحسين البروجردي، وغيرهم.
محمد بن عيسى [1] بن عبد [2] الكريم بن حُبَيْش أبو بكر التميمي الطْرَسُوسي المعروف ببُكَيْر الخَزّاز.
روى عن: أبي القاسم البَغَوي، وعمر بن سنان المنبجي، ومحمد بن الفيْض الغسّاني، وأبي الطّيّب أحمد بن عبد الله الدّارمي، وجماعة.
ورحل وصنّف.
روى عنه: تمّام، وابن جميع، وأبو محمد عبد الرحمن بن أبي نصر، وعلي بن بِشْر بن العطّار. وسمع منه أبو نصر بن الجندي في سنة تسعٍ وخمسين، وهو آخر العهد به.
محمد بن محمد بن أحمد بن [حرّانة بن ماردة الفقيه أبو بكر الإبريْسَمِي السمرقنْدي الشّافعي] .
[روى عن] [3] : محمد بن صالح الكرابيسي، وأحمد بن بن الفضل البكري، ومحمد الأرزقاني، وجماعة.
وعنه أبو سعيد الإدريسي، وورّخه قبل الستّين.
محمد بن محمد الهَرَوي نزيل مكة، شيخ مُسِنّ.
__________
[1] تاريخ بغداد 2/ 405 رقم 935، معجم الشيوخ لابن جميع 42.
[2] في الأصل كتب «عبد الملك» ثم شطب «الملك» .
[3] ناقص من الأصل.

(26/238)


يروي عن إسحاق الدَّبري.
وعنه أبو منصور، ومحمد بن محمد بن الأزدي القاضي.
محمد بن محمد أبو جعفر [1] البغدادي المقرئ نزيل البصرة.
روى عن: أبي شُعَيّب الحرّاني، وخَلَف بن عمر العكْبري، وغيرهما.
وعنه: أبو نُعَيم.
محمد بن هارون أبو الحسين الثقفي الزّنْجاني.
شيخ مُعَمّر، رحل وسمع: علي بن عبد العزيز البَغَوي، وبِشْر بن موسى، ومحمد بن شاذان الجوهري، وغيرهم.
روى عنه الحسن الفلاكي.
حديثه بِعُلُوّ عند جعفر الهَمَداني.
محمد بن وصيف الفامي الهَرَوي.
روى عنه: محمد بن سهل العتكي صاحب خلاد بن يحيى.
وعنه: البوسنجي [2] .
المُطّلِب بن يوسف بن ميزغة، [أبو] [3] محمد الهَرَوي العقبي.
سمع عثمان بن سعيد الدارمي.
وعنه أبو منصور بن ساج، وأحمد بن محمد البِشْري.
مهلهل بن أحمد أبو الحسين الرزّاز المقري غلام ابن مجاهد.
نسخ الكثير على طريقة ابن مُقْلة، وحدّث عن موسى بن هارون، والفريابي.
__________
[1] تاريخ بغداد 3/ 221 رقم 1281.
[2] في الأصل: «وعنه سمعت البوسنجي» .
[3] في الأصل: «ومحمد» .

(26/239)


روى عنه: أبو سعيد النقّاش، وأبو نُعَيم الحافظ، وغيرهما.
يعقوب بن مُسَدد [1] القُلُوسِيُّ [2] البصْري نزيل طرابلس الشام.
روى عن: أبيه، وأبي يعلى الموصلي.
وعنه: ابن مَنْدَه، وعبد الرحمن بن عمر بن نصر، والحافظ عبد الغني المصري.
يوسف بن معروف بن جُبَيْر النَّسَفي.
سمع: محمد بن إبراهيم البوسنجي، وإبراهيم بن معقل النّسَفي وجماعة.
ومات بِكسّ [3] قبل الستّين بقليل.
__________
[1] تاريخ بغداد 14/ 294 رقم 7599، الأنساب 461 أ، معجم البلدان 1/ 416، بغية الطلب 2/ 28، اللباب 3/ 52، موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان 5/ 223 رقم 1858.
[2] القلوسي: بضم القاف واللام بعدهما واو وسين مهملة. قال ابن الأثير: هذه النسبة إلى القلوس فيما يظنّ، وهي حبال السفن. (اللباب) .
[3] كسّ: بكسر أوله وتشديد ثانية، مدينة تقارب سمرقند. قال البلاذري: كس هي الصّغد ...
بالسين المهملة، تعريب كشّ، بالشين المعجمة. (معجم البلدان 4/ 460) .

(26/240)


[تراجم المتوفّين في هذه الطبقة أيضًا]
أحمد بن إبراهيم بن أبي خالد [1] أبو جعفر القيرواني الطبيب المعروف بابن الجزّار صاحب التصانيف الطّبيبيّة.
صحب إسحاق بن سليمان الإسرائيلي، وأخذ عنه بعد الثلاثمائة، وطال عمره، وكان ديّنا متجمّلا منصوبا، خلّف أموالا طائلة، وكان صديق أبي طالب عمّ المُعِزّ العُبَيْدِي.
وله: كتاب «زاد المسافر في علاج الأمراض» ، و «كتاب في الأدوية المفردة» ، و «كتاب في الأدوية المركّبة يعرف بالبُغْيَة» ، وكتاب «العُدّة» وهو كتاب مُطَوّل في الطّبّ، ورسالة «النّفس وأقوال الأوائل فيها» ، وكتاب «طبّ الفقراء» ، ورسالة في «التحذير من إخراج الدّم لغير حاجة» ، وكتاب «الأسباب المولّدة للوباء في مصر بطريق الحيلة في دفع ذلك» ، وكتاب «المدخل إلى الطّبّ» سمّاه «الوصول إلى الأصول» ، وكتاب «أخبار الدولة وظهور المهدي بالمغرب» .
وبقي إلى أيام المُعِزّ باللَّه [2] ، ويجوز أن يكون تُوُفّي قبل الخمسين
__________
[1] عيون الأنباء 2/ 37، معجم الأدباء 2/ 136، الوافي بالوفيات 6/ 208 رقم 2671.
[2] كذا في الأصل، وهو «المعزّ لدين الله الفاطمي» .

(26/241)


وثلاثمائة. وله مصنّفات كثيرة.
محمد بن أحمد [بن] عبد العزيز أبو عبد الله السّوسي ثم البصْري الشاعر.
كان ظريفًا ماجنًا، ذكر أنّه ورث مالًا جزيلًا من أبيه فأنفقه في اللهو، واللّعِب، والعِشرة، وافتقر، وله القصيدة السائرة:
الحمد الله ليس لي بُخْتُ ... ولا ثِياب يَضُمُّها تَخْتُ
يصف فيها أنواع الخِراف والتَّهَتُّك. وقد كان بالموصل في سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة وبعدها.
أحمد بن محمد بن فرج [1] أبو عمرو الْجَياني الأندلسي الأديب الشاعر الإخباريّ، أحد الأئمّة.
قيل مات في حبس المُسْتَنْصِر الأموي.
صنّف كتاب «الحدائق» على نمط «كتاب الزهرة» لابن داود، وهو فَرْدُ في معناه، وله «كتاب القائمين بالأندلس» .
ومن شعره:
بأيّهما أنا في السُّكر [2] بادي ... بِسُكْرٍ الطّيْفِ أم سكُر الرُّقاد
سرى وأرادني أملي [3] ولكن ... عَفَفْتُ فلم أنلْ منه مُرَادي
وما في النّوم من حرجٍ ولكن ... جريت من العفاف على اعتيادي [4]
علي بن الحسين بن محمد [5] بن هاشم البغدادي أبو الحسن الورّاق نزيل دمشق.
نزيل دمشق.
__________
[1] معجم الأدباء 4/ 236، طبقات الأطباء 2/ 14.
[2] في طبقات الأطباء «الحب» .
[3] في الأصل «دار ادرامكي» ، والتصحيح عن طبقات الأطباء.
[4] في طبقات الأطباء «اعتقادي» .
[5] تاريخ بغداد 11/ 400 رقم 2279.

(26/242)


عن: أحمد بن الحسن الصّوفي، وقاسم المطّرز، وابن المجدّر، وطبقتهم.
وعنه: عبد الوهاب الكلابي، وتمام الرازي، وعبد الرحمن بن عمر بن نصر.
عمرو بن أحمد بن رشيد أبو سعيد المذحجي الطّبراني.
روى عن عبد الرحمن بن القاسم بن الرّوّاس، وجعفر بن أحمد بن عاصم، وجماعة.
وعنه: عبد الرحمن بن عمر بن نصر، وعبد الواحد بن بكر الرّازي، وأحمد بن محمد بن الحاجّ الإشبيلي.
عبد الله بن علي [1] القاضي العلامة أبو [2] محمد الطّبري الشّافعي.
المعروف بالعراقي، وبين أهل جُرْجان بالمنجنيقي.
وُلّي قضاء جُرْجان، وكان فقيهًا إمامًا فصيحًا بليغًا على مذهب الأشعريّ في النظر، ورد نيسابور سنة تسع وخمسين وثلاثمائة، وتُوُفّي بُترَب دال ببُخَارى.
وقد روى عن: عمران بن موسى بن مجاشع، ويحيى بن صاعد.
وعنه أبو [2] عبد الله الحاكم.
محمد بن عُبَيْد الله بن محمد بن الحكم أبو الحسين، ويقال: أبو سعد القزّي.
شاميّ حدّث عن أبيه، والعبّاس بن الفضل الدَبّاج.
وعنه الموحّد بن البرّي، وتمّام الحافظ، وغيرهما.
__________
[1] الأنساب 543 أ، اللباب 3/ 182، تبيين كذب المفتري 181، طبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 395، 396 رقم 1040.
[2] في الأصل «بن» .

(26/243)


ذكر ابن عساكر حديثين ساقطين، أحدهما هو عن أبيه، عن دُحَيْم، عن الوليد.
وعن أبيه، عن عمر بن عبد الواحد، عن الأوزاعي بإسناد الصّحيحين مرفوعًا قال: عَجّ حَجَرٌ إلى الله فقال: عبدتُك سنين ثم جعلتني أساس كَنِيف! فقال: أما ترضى أنّي عَدَلْتُ بك عن مجالس القُضاة! هذا وضعه هذا أو أبوه بيقين، رواه عنه تمّام.
أبو الحسن البلياني القاضي، شيخ المالكية بالمغرب، واسمه علي بن جعفر بن أحمد.
روى عن ابن مطر الإسكندرانّي.
أخذ عنه أبو الحسن القابسي، وغيره.
وقع في أسر النّصَارَى، وحمل إلى قسطنطينية، وعرفوا محلّه من العلم، وناظره طاغية الروم.
ذكره القاضي عياض، وما أرّخ موته.
وللَّه الحمد. آخر الطبقة.

(26/244)