تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، ت تدمري

بسم الله الرّحمن الرّحيم
الطبقة السابعة والثلاثون
حوادث سنة إحدى وستّين وثلاثمائة
أقامت الشيعة بدعة عاشورا ببغداد.
وفي صفر انقضّ كوكب هائل له دويّ كدويّ الرعد [1] .
وفي جُمادي الأخرة مات أبو القاسم سعيد بن أبي سعيد الجنابي القرمطي بهَجَر [2] ، وقام بالأمر بعده أخوه يوسف، ولم يبق من أولاد أبي سعيد الجنابي غيره [3] ، وعقد له القرامطة من بعد يوسف لستّة نفرٍ شركة بينهم [4] .
وجاءت كتب الحجّاج بأنّ بني هلال اعترضوهم، فقتلوا خلقًا كثيرًا، وبطل الحجّ، ولم يَسْلَم إلا من مضى مع الشريف أبي أحمد الْمُوسَوِي والد المُرْتَضَى، مضوا على طريق المدينة وحجّوا [5] ، ولم يكادوا [6] .
__________
[1] قارن بالمنتظم لابن الجوزي 7/ 57، والكامل لابن الأثير 8/ 126.
[2] هجر: بفتح أوّله وثانيه. مدينة هي قاعدة البحرين. (معجم البلدان 5/ 393) .
[3] انظر: تكملة تاريخ الطبري 1/ 210.
[4] المنتظم 7/ 57، النجوم 4/ 63.
[5] في الأصل «حجرا» .
[6] وفي المنتظم: «ولم يَسْلَم إلا من مضى مع الشريف أبي أحمد الموسوي على طريق المدينة وتم حجّهم» . (7/ 57) وانظر الخبر في (العير 2/ 324) . وشفاء الغرام 2/ 352.

(26/245)


وتمّ فيها الصلح بين ركن الدولة ابن بُوَيْه، وبين صاحب خُراسان ابن نوح السّاماني، على أن يحمل إليه ركن الدولة مائة وخمسين ألف دينار، ويزوّج ابن نوح ببنت عضد الدولة [1]
__________
[1] انظر: تكملة تاريخ الطبري 1/ 210، تجارب الأمم 2/ 311، البداية والنهاية 11/ 272.

(26/246)


[حوادث] سنة اثنتين وستين وثلاثمائة
فيها حشدت الروم، لعنها الله، وأقبلوا في عدد وعُدَّةٍ، فأخذوا نصيبيّن واستباحوا، وقتلوا، وأسروا.
وقدم بغداد من نجا منهم، فاستنفروا الناس في الجوامع وكسروا المنابر، ومنعوا الخطبة، وحاولوا الهجوم على الخليفة المطيع، واقتلعوا بعض شبابيك دار الخلافة حتى غُلّقتْ أبوابها، ورماهم الغلمان بالنَّشّاب من الرّواشِن، وخاطبوا الخليفة بالتعنيف وبأنّه عاجز عمّا أوجبه الله عليه من حماية حَوْزَة الإسلام، وأفحشوا القول.
ووافق ذلك غيبة الملك عزّ الدولة في الكوفة للزيارة، فخرج إليه أهل العقل والدين من بغداد، وفيهم الإمام أبو بكر الرازي الفقيه [1] ، وأبو الحسن علي بن عيسى النحوي [2] ، وأبو القاسم الداركي [3] ، وابن الدقّاق [4] الفقيه، وشكوا إليه ما دَهَمَ الإسلام من هذه الحادثة العظمى، فوعدهم بالغزو، ونادى
__________
[1] هو: أحمد بن علي تلميذ أبي الحسن الكرخي، كانت إليه رئاسة الحنفية. توفّي سنة 370 وستأتي ترجمته في وفيات الطبقة 37 للسنة المذكورة.
[2] هو: الربعي المتوفى سنة 420 هـ. (معجم الأدباء 5/ 283) .
[3] هو: عَبْد العزيز بْن عَبْد الله بْن محمد الفقيه الإمام- توفي سنة 375 هـ. ستأتي ترجمته في وفيات الطبقة 38 من هذا التاريخ.
[4] هو: محمد بن محمد بن جعفر من كبار فقهاء الشافعية. (تاريخ بغداد 3/ 229) .

(26/247)


بالنّفير في الناس، فخرج من العَوامّ خلقٌ عدد الرمل، ثم جهّز جيشًا، وغزوا فهزموا الروم، وقتلوا منهم مقتلة كبيرة، وأسروا أميرهم وجماعة من بطارقته، وأنفذت رءوس القتلى إلى بغداد، وفرح المسلمون بنصر الله [1] .
وصادروا بختيار بن بُوَيْه [وزير] المطيع فقال: أنا ليس لي غير الخطبة، فإن أحببتم اعتزلتُ، فشدُّوا عليه حتى باع قماشه، وحمل أربعمائة ألف درهم، فأنفقها ابن بُوَيْه في أغراضه، وأهمل الغزو، وشاع في الألسنة أنّ الخليفة صُودِر، كما شاع قبله أن القاهر كدي يوم جمعة، فانظر إلى تقلّبات الدهر [2] .
وفي شهر رمضان قُتل رجل من أعوان الوالي في بغداد، فبعث الرئيس أبو الفضل الشيرازي- وكان قد أقامه عزّ الدولة على الوزارة- من طرح النّاس من النحّاسين [3] إلى السمّاكين، فاحترق حريق عظيم لم يشهد مثله، وأحرقت أموال عظيمة وجماعة كثيرة من النساء، والرجال، والصبيان، والأطفال في الدّور وفي الحمّامات، فأحصى ما أحرق (من بغداد) [4] فكان سبعة عشر [ألفا] [5] وثلاثمائة دكّان، وثلاثمائة وعشرين دارًا، أجرة ذلك في الشهر ثلاثة وأربعون ألفًا، ودخل في الجملة ثلاثون [6] مسجدًا.
فقال رجل [7] لأبي الفضل الشيرازي: أيُها الوزير أرينا قدرتك، ونحن
__________
[1] راجع هذه الواقعة في تكملة تاريخ الطبري 1/ 210 و 211، تجارب الأمم 2/ 303 و 304، المنتظم 7/ 60، الكامل لابن الأثير 8/ 618 (حوادث سنة 361) ، البداية والنهاية 11/ 271 و 273 (حوادث سنتي 361 و 362 هـ.) ، النجوم 4/ 65، دول الإسلام 1/ 223.
[2] راجع في ذلك. تجارب الأمم 2/ 307، الكامل لابن الأثير 8/ 619 و 620، البداية والنهاية 11/ 272، تاريخ الخلفاء 402.
[3] هكذا في الأصل، وفي المنتظم «النخّاسين» .
[4] ما بين القوسين عن الهامش.
[5] ما بين الحاصرتين إضافة من المنتظم 7/ 60 ويوضح ابن كثير أنهم «سبعة عشر ألف إنسان» 11/ 273 وابن الأثير 8/ 628 وفي العبر 2/ 325 و 326 «ثلاثمائة وسبعة عشر دكانا» .
[6] وفي تكملة تاريخ الطبري 1/ 212 والمنتظم 7/ 60 والكامل 8/ 628. (ثلاثة وثلاثون) .
[7] هو: أبو أحمد الموسوي. (تكملة الطبري 1/ 212) .

(26/248)


نأمل من الله أن يرينا قدرته فيك، فلم يُجِبْه، وكَثُرَ الدَّعاء عليه [1] . ثم أنّ عزّ الدولة قبض عليه وسلّمه إلى الشريف أبي الحسن محمد بن عمر العلوي، فأنفذه إلى الكوفة، وسُقي ذراريح [2] ، فتقرّحت مثانته، فهلك في ذي الحجّة من هذه السنة، لا رحمه الله [3] .
وفي يوم الجمعة ثامن رمضان دخل المعزّ أبو تميم مَعدّ بن إسماعيل العُبَيدي مصر ومعه توابيت آبائه، وكان قد مهدّ له مُلْكَ الدّيار المصرية مولاه جَوْهَر، وبنى له القاهرة، وأقام بها دارًا للإمرة، ويُعرف بالقصرين [4] .
وفيها أقبل الدُّمُسْتُق في جيوشه إلى ناحية مَيّافارقين، فالتقاه ولد ناصر الدولة حمدان وهزم الروم، وللَّه الحمد، وأسر الدُّمُسْتُق الخبيث، وبقي في السجن حتى هلك [5] .
وفيها وزر ببغداد أبو طاهر بن بقيّة، ولُقّب بالنّاصح، وكان سمحا كريمًا، له راتب كل يوم من الملح ألف رطل، وراتبه من الشمع ألف مَنّ.
وكان عزّ الدولة قد استوزر ذاك المُدْبِر أبا الفضل الشيرازي، واسمه العبّاس بن الحسن [6] صهر الوزير المهلّبي، ثم عزله بعد عامين من وزارته
__________
[1] تكرّر بعد ذلك: «فلم يجبه وأكثر الدعاء عليه» .
[2] يقال: ذرح الطعام، وذرحه تذريحا: جعل فيه الذرائح، وهو سمّ. (القاموس المحيط) .
[3] انظر: تكملة تاريخ الطبري 1/ 212، المنتظم 7/ 60، العبر 2/ 326، تاريخ الخلفاء 402.
[4] قارن بالمنتظم 7/ 60 و 61 ودول الإسلام 2/ 223 والعبر 2/ 326 والنجوم الزاهرة 4/ 66، والبيان المغرب 1/ 228، والدرّة المضية 145، وتاريخ الأنطاكي، واتعاظ الحنفا 1/ 133 وما بعدها، وعيون الأخبار- السبع السادس 184 وما بعدها.
[5] تكملة تاريخ الطبري 1/ 211، تجارب الأمم 2/ 312.
[6] في المنتظم 7/ 61 «الحسين» : وكذلك في الكامل لابن الأثير 8/ 128.

(26/249)


بأبي الفرج محمد بن العبّاس فسانجس، ثم عزل أبا الفرج بعد سنة، وأعاد الشيرازي إلى الوزارة، فصادر الناس وأحرق الكّرخ، وكان أبو طاهر من صغار الكُتّاب، يكتب على المطبخ لعزّ الدولة، فآل أمره إلى الوزارة، فقال الناس: من الغضاوة إلى الوزارة. وكان كريمًا جوادًا، فغطّى كرمُهُ عيوبه، فوزر لعزّ الدولة أربعة أعوام، ثم قتله عضد الدولة وصلبه [1] .
__________
[1] قارن بالمنتظم 7/ 61 والنجوم الزاهرة 4/ 66.

(26/250)


[حوادث] سنة ثلاث وستين وثلاثمائة
فيها تقلّد قضاء القضاة أبو الحسن محمد بن أمّ شيبان الهاشمي، وعُزل ابن معروف بحكومة ابتغى فيها وجَه الله، وسأل مع ذلك الإعفاء من القضاء، فخُوطِب أبو الحسن، فامتنع، فأُلزٍم، فأجاب وشرط لنفسه شروطًا، منها أنّه لا يرتزق على القضاء ولا يخلع عليه ولا يُسام [1] ما لا يوجبه، ولا يشفع إليه في إنفاق حق أو فِعْل ما لا يقتضيه شرع.
وقرّر لكاتبه في كل شهر ثلاثمائة درهم، ولحاجبه مائة وخمسون درهمًا، وللفارض على بابه مائة درهم، ولخازن ديوان [2] الحكم، والأعوان ستمائة درهم، وللفارض [3] .
وركب إلى المطيع للَّه حتى سلّم إليه عهده، فركب من الغد إلى الجامع، فقرئ عهده، [و] تولّى إنشاءه أبو منصور أحمد بن عبيد [4] الله الشيرازي صاحب ديوان الرسائل [5] وهو:
__________
[1] كذا في الأصل، وفي المنتظم 7/ 64 «يأمر» .
[2] في المنتظم 7/ 64 «دار» .
[3] «وللفارض» ليست في المنتظم.
[4] وفي المنتظم 7/ 64 «عبد» .
[5] قارن بتكملة تاريخ الطبري 1/ 213، والمنتظم 7/ 64.

(26/251)


«هذا ما عهده عبد الله الفضل المطيع للَّه أمير المؤمنين إلى محمد بن صالح الهاشمي حين دعاه إلى ما يتولاه من القضاء بين أهل مدينة السلام مدينة المنصور، والمدينة الشرقية من الجانب الشرقي، والجانب الغربي، والكوفة، وسقي [1] الفرات، وواسط، وكرخي [2] ، وطريق [3] الفرات، ودجلة، وطريق [3] خراسان، وحلوان، وقرميسين، وديار مُضَر، وديار ربيعة، وديار بكر، والموصل، والحرمين، واليمن، ودمشق، وحمص، وجند قِنَّسرين، والعواصم، ومصر، والإسكندرية، وجُنْدي فلسطين، والأردن، وأعمال ذلك كلها، وما يجري من ذلك من الإشراف على من يختاره لنقابة من العباسيين بالكوفة، وسقْي [4] الفرات، وأعمال ذلك، وما قلّده إيّاه من قضاء القضاة، وتصفّح [5] حوال الحكام، والاستشراف على ما يجري عليه أمر الأحكام في سائر النواحي، والأمصار التي تشتمل عليها المملكة، وتنتهي إليها الدعوة، وإقرار من يحمد هَدْيَه وطريقته، والاستبدال بمن يذمّ سَمْته وسجيّته نظرًا [منه للكافة] [6] ، واحتياطًا للخاصة والعامة، وحُنُوًّا على الملّة والذمّة عن علم بأنّه المقدّم في بيته وشرفه، المبرّز في عفافه [وظلفه] [7] ، المُزكّي في دينه وأمانته، الموصوف في ورعه ونزاهته، المشار إليه بالعلم والحِجى، المجتمع عليه في الحلم والنُّهَى، والبعيد من الأدناس، اللّبَاس من التُّقَى [8] أجمل لباس، النقيّ الجيب، المخبور [9] بصفاء الغيب، العالم بمصالح الدنيا، العارف بما يفيد سلامة العُقْبَى، آمره بتقوى الله فإنها الْجُنّة الواقية، وليجعل كتاب الله في كل ما يعمل فيه رويته، ويترتّب عليه حكمه وقضيّته، إمَامَه
__________
[1] وفي المنتظم 7/ 64 «شقي» .
[2] في المنتظم «كوخى» .
[3] في المنتظم «طريقي» .
[4] في المنتظم 7/ 65 «شقي» .
[5] في المنتظم «تصليح» .
[6] ما بين الحاصرتين إضافة من المنتظم وفي الأصل «لحده بمكانه» .
[7] إضافة من المنتظم.
[8] في المنتظم «اللابس من النقاء» .
[9] في المنتظم «المحبور» وفي تاريخ الخلفاء للسيوطي 403 «المحبوّ» .

(26/252)


الذي يفزع إليه، وعماده الذي يعتمد عليه، وأنْ يتّخذ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منارًا يقصده، ومثالًا يتبعه، وأن يُراعي الإجماع، وأن يقتدي بالأئمة الراشدين، وأن يُعْمِل اجتهاده فيما لا يوجد فيه كتاب ولا سنة ولا إجماع، وأن يُحْضِر مجلسًه من يستظهر بعلمه ورأيه، وأن يسوّي بين الخصمين إذا تقدّما إليه في لَحْظهِ وَلَفْظِهِ، ويُوَفّي كُلا منهما [1] من إنصافه وعدله، حتى يأمن الضعيف من حَيْفه، وييأس القوسُ من ميله، وآمره أن يشرف على أعوانه وأصحابه، ومن يعتمد عليه من أمنائه وأسبابه، إشرافًا يمنع من التخطّي إلى السيرة المحظورة، وتدفع عن الإسفاف [2] إلى المكاسب المحجورة [3] » .
وذكر من هذا الجنس كلامًا طويلًا [4] .
وفيها قُلَّد أبو محمد عبد الواحد بن الفضل بن عبد الملك الهاشمي نقابة العباسيين، وعُزل أبو تمّام الزينبي [5] .
وفيها ظهر ما كان المطيع للَّه يستره من مرضه وتعذُّر الحركة عليه وثِقَل لسانه بالفالج، فدعاه حاجب عزّ الدولة سبكتكين إلى خلع نفسه وتسليم الأمر إلى ولده الطائع للَّه، ففعل ذلك، وعقد له الأمر في يوم الأربعاء ثالث عشر ذي القعدة، فكانت مدّة خلافة المطيع تسعًا وعشرين سنة وأربعة أشهر وأربعة وعشرين يومًا [6] . وأثبت خلْعه [7] على القاضي أبي الحسن بن أمّ شيبان بشهادة
__________
[1] في الأصل: «كلامهما» والتصويب من (المنتظم 7/ 65 وتاريخ الخلفاء 404) .
[2] في الأصل «الإشفاق» والتصويب من (المنتظم وتاريخ الخلفاء) .
[3] في المنتظم: «المحظورة» .
[4] قارن النص مع المنتظم 7/ 64 و 65 وتاريخ الخلفاء 403 و 404.
[5] انظر: تكملة تاريخ الطبري 1/ 213، المنتظم 7/ 65 و 66.
[6] انظر: الفخري 289، الإنباء في تاريخ الخلفاء 178، تكملة تاريخ الطبري 1/ 215، مختصر تاريخ الدول لابن العبري 170، العبر 2/ 329، المنتظم 7/ 66، النجوم الزاهرة 4/ 105، تاريخ الخلفاء للسيوطي 404، مختصر التاريخ لابن الكازروني 189، ونهاية الأرب 23/ 201.
[7] في الأصل «وآمت حلفه» والتصحيح من تاريخ الخلفاء 404.

(26/253)


أحمد بن حامد بن محمد [1] ، وعمر بن محمد، وطلحة بن محمد بن جعفر الشاهد.
وقال أبو منصور بن عبد العزيز العُكْبري: كان المطيع للَّه بعد أن خُلع يسمّى الشيخ الفاضل [2] .
قلت: وكان هو وابنه مستَضعَفين مع بني بُوَيْه، ولم يزل أمر الخلفاء في ضَعْفٍ إلى أن استخلف المقتفي للَّه فانصلح أمر الخلافة قليلًا.
وكان دسْت الخلافة لبني عُبيد الرافضة بمصر أمتن، وكلمتهم أنفذ، ومملكتهم تناطح مملكة العبّاسيين في وقتهم، والحمد للَّه على انقطاع دعوتهم.
وفيها بلغ ركب العراق سَمِيراء [3] فرأوا هلال ذي الحجّة، وعرفوا أن لا ماء في الطريق بين فَيْد [4] إلى مكة إلّا ما لا يكفيهم، فعدلوا مساكين إلى بطن نخل يطلبون مدينة الرسول صَلَّى الله عليه وسلّم، فدخلوها يوم الجمعة سادس ذي الحجّة مجهودين، فعرّفوا [5] فِي مسجد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان أميرهم أبو منصور محمد ابن عمر بن يحيى العلوي، وقدم الركب الكوفة في أول المحرّم سنة أربعٍ [6] ، فأقاموا بالكوفة أيامًا لفساد الطريق، ثم جمعوا لمن خفرهم [7] .
وأمّا مكة والمدينة فأقيمت الخطبة والدعوة بالبلدين لأبي تميم المُعٍزّ العُبَيْدي، وقُطِعت خطبة الطائع للَّه في هذا العام من الحجاز ومصر والشام
__________
[1] في الأصل «محمد بن عمر» والتصويب من المنتظم والنجوم.
[2] المنتظم 7/ 66، تاريخ الخلفاء 404.
[3] سميراء: بفتح أوّله، وكسر ثانيه، بالمدّ، وقيل بالضمّ. منزل بطريق مكة. (معجم البلدان 3/ 255) .
[4] فيد: بالفتح ثم السكون، ودال مهملة. منزل بطريق مكة. (معجم البلدان 4/ 282) .
[5] عرّفوا: أي وقفوا وقوف عرفة.
[6] قارن بالكامل لابن الأثير 8/ 661 ودول الإسلام 2/ 234.
[7] انظر الخبر في (المنتظم 7/ 74) ، وشفاء الغرام 2/ 352.

(26/254)


والمغرب، وكان الرفض ظاهرًا قائمًا في هذه الأيام، وفي العراق، والسنة خاملة مغمورة لكنها ظاهرة بخراسان وأصبهان، فالأمر للَّه.
وفيها كان الحرب شديدًا بينهم وبين الأعراب القرامطة الذين ملكوا الشام، وحاصروا المعزّ بمصر مدّة، ثم ترحّلوا شبه منهزمين حتى دخلوا إلى بلاد الحَسَا [1] والقطيف [2] .
وقدم إلى الشام نائب المعزّ، والله أعلم.
__________
[1] الحسا: الأحساء: بالفتح والمدّ، جمع حسي، بكسر الحاء وسكون السين. مدينة بالبحرين معروفة ومشهورة. (معجم البلدان 1/ 112) .
[2] انظر: تاريخ أخبار القرامطة (حوادث سنة 363 هـ.) - ص 59 وما بعدها، والكامل لابن الأثير 8/ 639.

(26/255)


[حوادث] سنة أربع وستين وثلاثمائة
في المحرّم أوقع العيّارون [1] حريقا بالخشّابين مبدؤه من باب الشعير، فاحترق أكثر هذا السوق، وهلك شيء كثير، واستفحل أمر العيّارين ببغداد حتى ركبوا الخيل وتلقّبوا بالقوّاد، وغلبوا على الأمور وأخذوا الخفارة من الأسواق والدروب، وكان فيهم أسود الزند [2] كان يأوي قنطرة الزَّبَد [3] وشحذ [4] وهو عريان، فلما كثُر الفساد [رأى] [5] هذا الأسود من هو أضعف منه قد أخذ السيف، فطلب الأسود سيفًا ونهب وأغار، وحفّ به طائفة وتقوّى، وأخذ الأموال، واشترى جارية بألف دينار، ثم راودها فتمنّعت، فقال: ما تكرهين منّي قالت: أكرهك كلّك، قال: ما تحبّين؟ قالت: تبيعني. قال: أو خيرًا من ذلك. فحملها إلى القاضي وأعتقها، ووهبها ألف دينار، فتعجّب الناس من
__________
[1] انظر عن بدء أمرهم ببغداد في (مروج الذهب للمسعوديّ 2/ 239- 241) .
[2] كذا في الأصل، وفي الإمتاع والمؤانسة لأبي حيّان التوحيدي 3/ 160 وتكملة تاريخ الطبري 1/ 217، والمنتظم لابن الجوزي 7/ 57 «أسود الزيد» .
[3] في الأصل «الزند» وهو تصحيف، والتصحيح من (تاريخ بغداد 1/ 112) ويقال لها «قنطرة رحا البطريق» .
[4] في المنتظم 7/ 75 «ويستعظم من حضر» .
[5] ما بين الحاصرتين إضافة من تكملة تاريخ الطبري 1/ 217 والمنتظم 7/ 75 والنجوم 4/ 108.

(26/257)


سماحته، ثم خرج إلى الشام فهلك هناك [1] .
وقُطعت خطبة الطائع للَّه وغيرها من يوم العشرين من جمادى الأولى، إلى أن أعيدت في عاشر رجب، فلم يُخطب في هذه الجمع في البلاد، وذلك لأجل تشغّب [2] وقع بينه وبين عَضُد الدولة.
[وكان عضد الدولة] [3] قد قدم العراق فأعجبه مُلُكُها، فعمل عليها، واستمال الجند، فتشغّبوا على عزّ الدولة، فأغلق بابه، وكتب عضد الدولة عن الطائع باستقرار الأمر لعضد الدولة على محمد بن بقية وزير عزّ الدولة، ثم اضطربت الأمور على عَضُد الدولة، ولم يبق بيده غير بغداد، فنفّذ إلى والده ركن الدولة يُعْلِمُهُ أنّه قد خاطر بنفسه وجُنْده، وقد هذّب مملكة العراق واستعاد الطائع إلى داره، وأن عزّ الدولة عاصٍ لا يقيم دولة، فلمّا بلغه غَضِب وقال للرسول: قل له: خرجت في نُصْرة ابن أخي أو في الطمع في مملكته؟ فأفرج عضد الدولة عن عزّ الدولة بختيار، ثم خرج إلى فارس [4] .
وفيها عُدمت الأقوات حتى أُبيع كرّ الدّقيق بمائة وسبعين [5] دينارها، والتمر ثلاثة أرطال بدرهم.
ولم يخرج وفد من بغداد بل خرجت طائفة من الخُراسانية [6] مخاطرة، فلحقتهم شدّة.
__________
[1] راجع هذه الحكاية في تكملة تاريخ الطبري 1/ 217 والمنتظم 7/ 75 والإمتاع والمؤانسة 3/ 260 والنجوم 4/ 107 و 108.
[2] هكذا في الأصل، وفي المنتظم «تشعث» وفي العبر 2/ 332 (شغب) .
[3] ما بين الحاصرتين إضافة من المنتظم 7/ 57.
[4] قارن بالمنتظم 7/ 75 و 76 والعبر 2/ 332 ودول الإسلام 2/ 225.
[5] في تكملة تاريخ الطبري 1/ 221 «بمائة وخمسة وسبعين دينارا» وفي المنتظم 7/ 76 «بمائة ونيّف وسبعين دينارا» .
[6] في الأصل «الخراسيين» والتصويب من المنتظم.

(26/258)


وفي سلخ ذي القعدة عُزل قاضي القضاة أبو الحسن محمد بن أمّ شيبان، ووُلّي أبو محمد بن معروف [1] .
وفي هذه السنين وبعدها كان الرفض يغلي ويفور بمصر والشام، والمغرب، والمشرق لا سيما العُبَيْدية الباطنية، قاتلهم الله.
قال مشرف بن مرجّا القُدسي، أخبرنا الشيخ أبو بكر محمد بن الحسن قال: حدّثني الشيخ الصالح أبو القاسم الواسطي قال: كنت مجاورا ببيت المقدس، فأمروا في أول رمضان بقطع التراويح، فصِحْتُ أنا وعبد الله الخادم: وا إسلامَاه ووا محمّداه، فأخذني الأعوان وحُبِست، ثم جاء الكتاب من مصر بقطع لساني فقُطِع، فبعد أسبوع رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَفَلَ في فمي، فانتبهت بَبرْد ريق رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ زال عنّي الألم، فتوضّأت وصلّيت وعمدت إلى المئذنة فأذّنت «الصلاة خير من النوم» ، فأخذوني وحُبِست وقُيّدُت، وكتبوا فيّ إلى مصر، فورد الكتاب بقطع لساني، وبضربي خمسمائة سَوْطٍ، وبصَلْبي، ففُعل بي، فرأيت لساني على البلاط مثل الرّيّة، وكان البرد والجليد، وصلّيت واشتدّ عليّ الجليد، فبعد ثلاثة أيام عهدي بالحدّائين يقولون: نعرّف الوالي أنّ هذا قد مات، فأتوه، وكان الوالي جيش بن الصمصامة [2] فقال: أَنْزِلوه، فألقوني على باب داود، فقوم يترحّمون عليّ وآخرون يلعنوني، فلما كان بعد العشاء جاءني أربعة فحملوني على نعش ومضوا بي ليغسّلوني في دار، فوجدوني حيًّا، فكانوا يصلحون لي جريرة بلَوْز وسُكّر أسبوعًا.
ثم رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي المنام ومعه أصحابه العشرة فقال: يا أبا بكر ترى ما قد جرى على صاحبك قال: يا رسول الله فما أصنع به؟ قال: اتْفُلْ في فيه، فتفل في فيّ، ومسح النبي صلى الله عليه وسلم صدري، فزال عنّي الألم، وانتبهت
__________
[1] تكملة تاريخ الطبري 1/ 221، المنتظم 7/ 76.
[2] في الأصل: «حبيش بن ضمضام» والتصحيح من: الكامل لابن الأثير 8/ 642 وأمراء دمشق- ص 25 رقم 84.

(26/259)


ببرد ريق أبي بكر، فناديت، فقام إليّ رجل، فأخبرته، وأسخن لي ماء، فتوضّأت به، وجاءني بثياب ونفقة وقال: هذا فتوح، فقمت فقال: أين تمرّ الله الله، فجئت المئذنة وأذّنْت الصُّبح: «الصلاة خير من النوم» ، ثم قلت قصيدة في الصحابة، فأخذت إلى الوالي فقال: يا هذا اذهب ولا تُقِم ببلدي، فإنّي أخاف من أصحاب الأخبار وأدخل فيك جهنّم، فخرجت وأتيت عُمان، فاكتريت مع عرب الكوفة، فأتيت واسط، فوجدت [أمّي] [1] تبكي عليّ، وأنا كل سنة أحجّ وأسأل عن القدس لعلّ تزول دولتهم، فرأيته طلق اللسان ألثغ.
وفي المحرّم ولي إمرة دمشق بدر الشمولي الكافوري [2] ، ولي نحوًا من شهرين من قِبَل أبي محمود الكتامي نائب الشام للمعزّ، ثم عُزل بأبي الثُّريّا الكردي [3] ، ثم ولي دمشق ريّان [4] الخادم المعزّي، ثم [عُزل] [5] أيضًا بعد أيام بسبكتكين التركي [6] .
__________
[1] إضافة على الأصل.
[2] أمراء دمشق ص 17 رقم 60.
[3] أمراء دمشق- ص 23 رقم 78.
[4] أمراء دمشق- ص 34 رقم 111.
[5] إضافة على الأصل.
[6] أمراء دمشق 37 رقم 119.

(26/260)


[حوادث] سنة خمس وستين وثلاثمائة
فيها كتب ركن الدولة أبو علي بن بُويْه إلى ولده عَضُد الدولة أبي شجاع أنّه قد سنّ وأنّه يؤثر مشاهدته، فاجتمعا، فقسم ركن الدولة الممالك بين أولاده فجعل لعضد الدولة فارس وكرمان [وأَرّجان] [1] ولمُؤيّد الدولة الرّيّ وأصبهان، ولفخر الدولة همذان والدّيَنَور، وجعل ولده أبا العبّاس في كنف [2] عضُد الدولة [3] .
وفي رجب عُمل مجلس الحكم في دار السلطان عزّ الدولة، وجلس ابن معروف، لأنّ عزّ الدولة التمس ذلك ليشاهد مجلس حكمه كيف هو [4] .
وفيها وفي التي تليها كانت الحرب [5] تَسْتَعِر بين هفتكين وبين جوهر المعزّي بأعمال دمشق، وعدّة الوقائع بينهما اثنتا عشرة وقعة، منها وقعة الشاغور [6] التي كاد يتلف فيها جوهر، ثم كان بينهما عدّة وقعات بعد ذلك [7] .
__________
[1] زيادة من (المنتظم 7/ 80) .
[2] في الأصل «كشف» .
[3] المنتظم 7/ 80.
[4] المنتظم، تاريخ الخلفاء 406.
[5] في الأصل «الحرق» .
[6] الشاغور: بالغين المعجمة، محلّة بالباب الصغير من دمشق مشهورة وهي في ظاهر المدينة.
(معجم البلدان 3/ 310) .
[7] راجع في ذلك: ذيل تاريخ دمشق 16 و 17.

(26/261)


[حوادث] سنة ست وستين وثلاثمائة
في جمادى الأولى [1] زفّت بنت عزّ الدولة إلى الطائع للَّه.
وفيها جاء أبو بكر محمد بن علي بن شَاهَوَيْه صاحب القرامطة، ومعه ألف رجل منهم إلى الكوفة، وأقام الدعوة بها لعَضُد الدولة، وأسقط خطبة عزّ الدولة، وكان ورد عنها معونة من القرامطة لعَضُد الدولة.
وفيها كانت وقعة بين عزّ الدولة، وعضد الدولة، أسر فيها غلام تركي لعزّ الدولة، فجنّ عليه واشتدّ حُزْنُه، وتسلّى عن كل شيء إلّا عنه، وامتنع [عن] [2] الأكل، وأخذ في البكاء، واحتجب عن الناس، وحرّم على نفسه الجلوس في الدّسّت، وكتب إلى عَضُد الدولة يسأله رد الغلام إليه، ويتذلّل، فصار ضحكة بين الناس، وعوتب فما ارْعَوَى، وبذل في فداء الغلام جاريتين عوديّتين [3] ، كان قد بذل في الواحدة [مائة ألف درهم] [4] ، فأبي أن يبيعها، وقال
__________
[1] ورد هذا الخبر عند الهمذاني في تكملة تاريخ الطبري 1/ 228 في حوادث سنة 365.
[2] إضافة على الأصل.
[3] في تكملة تاريخ الطبري 1/ 234 «عوّادتين» وكذلك في المنتظم 7/ 83.
[4] ما بين الحاصرتين إضافة من تكملة الطبري.

(26/263)


للرسول: إنْ توقّف عليك في ردّه فزد ما رأيت، وقد رضيت أن آخذه وأذهب إلى أقصى الأرض، فردّه عَضُدُ الدولة عليه [1] .
وحجّ بالناس من العراق أبو عبد الله أحمد بن أبي الحسين العلوي [2] .
وحجّت جميلة بنت ناصر الدولة ابن حمدان ومعها أَخَواها [3] إبراهيم وهبة الله، فضُرِب بحجّتها المثل، فإنّها استصحبت أربعمائة جمل، وكان معها عدّة محامل لم يُعْلَم في أيّها كانت، وكست المجاورين، ونثرت على الكعبة لما رأتها عشرة آلاف [4] دينار [5] ، وسقت جميع أهل الموسم السّويق بالسُّكّر والثلج [6] . كذا قال أبو منصور الثعالبي، فمن أين لها ثلج؟ وقُتل أخوها [هبة الله] [7] في الطريق، وأعتقت ثلاثمائة عبد ومائتي جارية، وأغنت المجاورين بالأموال.
قال أبو منصور الثعالبي: خلعت على طبقات خمسين ألف ثوب، وكان معها أربعمائة عمادية لا يُدْرَى في أيّها كانت، ثم ضرب الدهر ضرباته، واستولى عَضُدُ الدولة على أموالها وحصونها وممالك أهل بيتها، وأفضت بها الحال إلى كلّ قلّة وذِلّة، وتكشّفت عن فقر مُدْقِع.
وقد كان عَضُد الدولة خطبها، فامتنعت ترفّعا عليه، فحقد عليها، وما
__________
[1] انظر هذا الخبر في: تكملة تاريخ الطبري 1/ 233 و 234، تجارب الأمم 6/ 372، المنتظم 7/ 83 و 84، الكامل في التاريخ 8/ 673، العبر 2/ 340، دول الإسلام 2/ 226، تاريخ الخلفاء 406 و 407.
[2] المنتظم 7/ 84.
[3] في الأصل «أخوها» .
[4] في الأصل «ألف» .
[5] المنتظم 7/ 84، العبر 2/ 340، دول الإسلام 2/ 226 و 227.
[6] الخبر في: المنتظم 7/ 84، والعبر 2/ 340، ودول الإسلام 1/ 226، 227، والبداية والنهاية 11/ 287، وشفاء الغرام 2/ 353، والنجوم الزاهرة 4/ 126، 127، وشذرات الذهب 3/ 55.
[7] في الأصل «الواحد» وما بين الحاصرتين عن (مرآة الزمان والنجوم الزاهرة 4/ 126) .

(26/264)


زال يعتسف بها حتى عرّاها وهتكها، ثم ألزمها أنْ تختلف إلى دار القُحّاب فتتكسّب ما تؤدّيه في المصادرة، فلما ضاق بها الأمر غرّقت نفسها في دجلة [1] .
__________
[1] انظر: (مرآة الزمان، النجوم الزاهرة) .

(26/265)


[حوادث] سنة سبع وستين وثلاثمائة
فيها جاء الخبر بهلاك أبي يعقوب يوسف بن الجنابي القُرْمُطيّ صاحب هجر، فأُغلِقَت أسواق الكوفة ثلاثة أيام [1] ، وكان موازرًا لعَضُد الدولة.
وفيها عبر عزّ الدولة إلى الجانب الغربي على جسر عمله ودخل إلى قطربُّل [2] وتفرّق عنه الديلم، ودخل أوائل أصحاب عَضُد الدولة بغداد، وخرج يتلقّاه، وضُربت له القباب المزيَّنة، ودخل البلد. ثم إنّه خرج لقتال عزّ الدولة، فالتقوا، فأخِذ عزّ الدولة أسيرًا، وقتله بعد ذلك [3] .
وخلع الطائع على عَضُد الدولة خلع السلطنة وتوّجه بتاج مجوهر، وطوّقه، وسَوّره، وقلّده سيفًا، وعقد له لواءين بيده، أحدهما مُفضّض على رسم الأمراء، والآخر مُذَهّب على رسم وُلاةِ العهود، ولم يعقد هذا اللواء الثاني لغيرة قبله، ولقّبه تاج المِلّة، وكُتب له عهد بحضرته وقرئ بحضرته، ولم تجر العادة بذلك، إنّما كان يدفع العهد إلى الوُلاة بحضرة أمير المؤمنين، فإذا أخذه قال أمير المؤمنين: هذا عهدي إليك فاعْمل به، وبعث إليه الطائع
__________
[1] تكملة تاريخ الطبري 1/ 236، المنتظم 7/ 86، النجوم 4/ 129.
[2] قطربُّل: بالضمّ ثم السكون ثم فتح الراء، وباء موحّدة مشدّدة مضمومة، ولام، وقد روي بفتح أوّله وطائه، وأما الباء فمشدّدة مضمومة في الروايتين، وهي كلمة أعجمية: اسم قرية بين بغداد وعكبرا. (معجم البلدان 4/ 371) .
[3] العبر 2/ 343.

(26/267)


هدايا كثيرة، فبعث هو إلى الطائع تقادُمَ من جملتها خمسون ألف دينار وألف ألف درهم، وبغال، ومِسْك، وعنبر [1] .
وفيها زادت [2] دجلة ببغداد حتى بلغت إحدى وعشرين ذراعًا، وكادت بغداد تغرق، وغرقت أماكن.
وفي ذي القعدة زُلْزلَت سِيراف، وسقطت الشُّرّف، وهلك أكثر من مائتي إنسان تحتها [3] .
وفيها تمّت عدّة مصافّات بين هفتكين وبين العُبَيْديين، قُتل فيها خلق كثير، وطار صيت هفتكين بالشجاعة والإقدام، ولم يكن معه عسكر كثير.
ثم سار إليه الحسن بن أحمد القُرْمُطي وعاضَدَه، وتحالفا، وأعانهما أحداث دمشق، وقصدوا جوهرا، فتقهقر إلى الرملة وتحصّن بها، ثم تحوّل إلى عسقلان وحاصروه حتى آكل عسكرُهُ الْجِيَفَ، ثم خرج بهم جوهر بذمامٍ أعطاه هفتكين، ومضوا إلى مصر، فتأهّب العزيز وسار بجيوشه، فالتقاه هفتكين بالرملة، فقال العزيز لجوهر: أرني هفتكين، فأراه إيّاه وهو يجول بين الصّفّين على فرس أدهم وعليه كذاغند [4] أصفر، يطعن بالرمح تارة ويضرب باللّتّ، فبعث العزيز إليه رسولًا يقول: يا هفتكين أنا العزيز وقد أزعجتني من سرير ملكي وأخرجتني لمباشرة الحرب بنفسي، وأنا طالب الصلح معك،
__________
[1] عن المنتظم 7/ 86 و 87 وتاريخ الخلفاء 407.
[2] تكرّرت مرّتين في الأصل.
[3] الخبران في المنتظم 7/ 87.
[4] في الأصل «قراغيد» والتصحيح من (ذيل تاريخ دمشق 18) . وهو ما يلبسه الفارس على جسمه يتّقي به الطعن.

(26/268)


ولك يد الله على أن أصطفيك، وأقدّمك على عسكري، وأهب لك الشام بأسره، فنزل وقبّل الأرض. ثم اعتدل وقال: أما الآن فما يمكنني إلّا الحرب، ولو تقدّم هذا لأمكن، ثم حمل على الميسرة فهزمها، فحمل العزيز بنفسه، فحملت معه ميمنته، فانهزم هفتكين، والحسن القُرْمُطي، وقُتل من عسكرهما نحو عشرين ألف، ثم بذل العزيز لمن أتاه بهفتكين مائة ألف دينار.
وكان هفتكين تحت مفرّج بن دغفل بن جَرّاح، وكان مليحًا في العرب، فانهزم نحو الساحل ومعه ثلاثة، وبه جراح، وقد عطش، فصادفه مفرّج في الخيل فأكرمه، وسقاه، وحمله إلى أهله، ثم غدر به وسلّمه إلى العزيز لأجل المال، فبالغ العزيز في إكرامه، وإجلاله، وأعاده إلى رتبة الإمرة مثل ما كان.
فحكى القفطي في تاريخه أنّ العزيز أمر له بضرب سُرادق، وفرس، وآلات، وإحضار كل من حصل في أسره من جُنْد هفتكين وحاشيته، فكساهم وأعطاهم، ورتّب كل واحد منهم في منزلته، وركب الجيش فتلقّى هفتكين، وسار لإحضاره جوهر القائد، فلم يشكّ هفتكين أنّه مقتول، فلما وصل رأى من الكرامة ما بهره، ثم نزل في المخيّم، فشاهد أصحابه وحاشيته على ما كانوا عليه، فرمى بنفسه إلى الأرض، وعفّر وجهه وبكى بكاءً شديدًا، ثم اجتمع به العزيز وآنسه، وجعله من أكبر قوّاده، ثم سمّه بَعْدُ ابنُ كِلّس الوزير، فحزن عليه العزيز، فدارى ابن كلّس بخمسمائة ألف دينار [1]
__________
[1] قارن بذيل تاريخ دمشق 16- 21، والكامل لابن الأثير 8/ 658- 661، والبداية والنهاية 11/ 281 و 282. واتعاظ الحنفا 1/ 218 وما بعدها، والدرّة المضيّة 179، 180 و 189، وتاريخ الأنطاكي، وعيون الأخبار 222، والخطط 2/ 281، ووفيات الأعيان 2/ 152.

(26/269)


[حوادث] سنة ثمان وستين وثلاثمائة
فيها أمر الطائع للَّه بأن يُضرب على باب عَضُد الدولة الدّبادِب وقت الصُّبح والمغرب والعشاء، وأَنْ يُخْطَبَ له على منابر الحضرة.
قال ابن الْجَوْزِي [1] : وهذان أمران لم يكونا من قبله، ولا أطلقا لِوُلاة العُهُود. وقد كان مُعِزّ الدولة، أحَبّ أن تَضْرَب له الدَّبادب بمدينة السلام، وسأل المطيعَ للَّه ذلك، فلم يأذن له.
قلت: وما ذاك إلّا لِضَعْف أمر الخلافة.
وفيها توثّب على دمشق قَسّام [2] كما هو مذكور في ترجمته سنة ستّ وسبعين.
__________
[1] المنتظم 7/ 92.
[2] هو: قسّام الحارثي من بني الحارث بن كعب من اليمن. انظر عنه في تاريخ دمشق لابن عساكر تحقيق د. صلاح الدين المنجد- ق 1- ج 2- ص 172، ديوان عبد المحسن الصوري 2/ 147، أمراء دمشق 68 رقم 215.

(26/271)


[حوادث] سنة تسع وستين وثلاثمائة
في صفر قبض عَضُد الدولة [على] قاضي القضاة أبي محمد بن معروف، وأنفذه إلى القلعة بفارس، وقلّد أبا سعد بِشْر بن الحسين القضاء [1] .
وفي شعبان ورد رسول العزيز صاحب مصر إلى عضد الدولة بكتاب، وما زال يبعث إليه برسالة بعد رسالة، فأجابه بما مضمونه صِدْق الطّوِيّة وحُسْن النيّة [2] .
وسأل عَضُدُ الدولة الطائعَ أن يزيد في لقبه «تاج الملّة» ويجدّد الخُلع عليه ويُلّبِسه التاج، فأجابه، وجلس الطائع على السرير وحوله مائة بالسيوف والزّينة، وبين يديه مُصْحَف عثمان، وعلى كتفه البُرْدَةُ، وبيده القضيب، وهو متقلّد سيف النبي صلى الله عليه وسلم، وضُرِبت ستارة بعثها عَضُدُ الدولة، وسأل أن تكون حجابًا للطائع، حتى لا تقع عليه عين أحدٍ من الْجُنْد قبله، ودخل الأتراك والدّيْلَم، وليس مع أحد منهم حديد، دون [3] الأشراف وأصحاب المراتب من الجانبين، ثم أذِن لعَضُد الدولة فدخل، ثم رُفعت الستارة، وقبّل عضُدُ الدولة
__________
[1] المنتظم 7/ 98.
[2] المنتظم 7/ 98، العبر 2/ 350.
[3] كذا في الأصل، وفي تاريخ الخلفاء للسيوطي 408 «ووقف» .

(26/273)


الأرض، فارتاع زياد القائد، وقال بالفارسية: ما هذا أيّها الملك، أهذا الله [1] عزّ وجلّ؟ فالتفت إلى عبد العزيز بن يوسف وقال له: فَهّمْه وقل له: هذا خليفة الله في الأرض، ثم [استمر] [2] يمشي ويقبّل الأرض سبع [3] مرات، فالتفت الطائع إلى خالص الخادم وقال: استَدنِه، فصعد عضُدُ الدولة، فقبّل الأرض دفعتين، فقال له: أدْن إليّ أدْن إليّ، فدنا [4] وقبّل رجْلَه، وثنى الطائع برِجْله عليه [5] ، وأمره، فجلس على كُرْسيّ، بعد أن كرّر عليه: اجْلس، وهو يستعفي فقال: أقسمتُ لَتَجلِسْ، فقبّل الكرسيّ وجلس، وقال له: ما كان أَشْوَقُنا إليك وأَتْوَقُنا إلى مفاوضتك، فقال: عُذْري معلوم، وقال: نِيّتُك موثوقٌ بها، وعقيدتك مسكونّ إليها، فأومى برأسه، ثم قال له الطائع: قد رأيت أن أفوّض إليك ما وكّل الله من أمور الرعيّة في شرق الأرض وغربها، وتدبيرها في جميع جهاتها، سوى خاصّتي وأسبابي، فَتَوَلَّ ذلك مستخيرًا باللَّه.
قال: يعينني الله على طاعة مولانا وخِدْمته. وأريد وُجُوهَ القوّاد أن يسمعوا لفظ أمير المؤمنين. فقال الطائع: هاتوا الحسين بن موسى، ومحمد ابن عمرو بن معروف، وابن أمّ شيبان، والزينبي، فقدموا، فأعاد الطائع القول بالتفويض، ثم التفت إلى طريف الخادم فقال: يا طريف تفاض عليه الخُلَع ويُتَوّج، فنهض إلى الرّواق وألْبِس الخُلَع، وخرج قادمًا ليقبّل الأرض، فلم يُطِقْ لكثرة ما عليه، فقال الطائع: حسْبُك، وأمره بالجلوس، ثم استدعى الطائع تقديم ألويته، فقدّم لواءين، واستخار الله، وصلّى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعقدهما، ثم قال: يقرأ كتابه، خار الله لك ولنا وللمسلمين، آمرك بما أمرك الله به، وأنهاك عما نهاك الله عنه، وأبرأ إلى الله مما سوى ذلك، انهض على اسم الله، ثم أخذ الطائع سيفًا كان بين المخدَّتَيْن فقلَّده به مضافًا إلى السيف الذي قلّده مع الخلْعة، وخرج من باب الخاصّة، وسار في البلد، ثم
__________
[1] في الأصل «للَّه» ، وفي بعض النسخ «أهذا هو الله» .
[2] سقطت من الأصل، والإضافة عن المنتظم 7/ 99 وتاريخ الخلفاء 408.
[3] في المنتظم «تسع» .
[4] في الأصل «فدنى» .
[5] في تاريخ الخلفاء «وثنى الطائع يمينه عليه» .

(26/274)


بعث إليه الطائع [هديّة] [1] فيها غلالة قصب، وصينيّة [2] ذهب خرداذي [3] بلّوْر [4] فيه شراب، وعلى فم الخرداذي [5] خرقة حرير مختومة وكأس بلّور [6] ، وأشياء من هذا الفنّ، فجاء من الغد أبو نصر الخازن ومعه من الأموال نحو ما ذكر في دخوله الأول في السنة الماضية.
ولما عاد عضُدُ الدولة [7] جلس للهناء، فقال أبو إسحاق الصابي قصيدة منها:
يا عضد الدّولة الّذي علقت ... يداه من فخره بأعرقهْ
يفتخر النّعل [8] تحت أَخْمَصِهِ ... فكيف بالتّاجِ فوق مَفْرِقهُ [9]
وفيها تزوج الطائع للَّه ببنت عضُدُ الدولة على مائة ألف دينار، وكان الوكيل عن عضُدُ الدّولة أبو علي الفارسي النّحوي، والذي خطب القاضي أبو علي المُحَسّن بن علي التّنوخي [10] .
وفي هذا الوقت كان قسّام متغلّبًا على دمشق كما هو مذكور في ترجمته.
__________
[1] ساقطة من الأصل، والإضافة من (المنتظم 7/ 100) .
[2] في الأصل «صنينة» .
[3] في الأصل «حزدادين» .
[4] في الأصل «بلون» ، والتصحيح عن (المنتظم 7/ 100) .
[5] في الأصل «الحردادين» .
[6] في الأصل «بلون» .
[7] ما بين الحاصرتين إضافة من المنتظم.
[8] في المنتظم «النحل» .
[9] في المنتظم 10 أبيات.
[10] المنتظم 7/ 101، النجوم 4/ 135.

(26/275)


[حوادث] سنة سبعين وثلاثمائة
وفيها خرج من همذان عضُدُ الدولة وقدم بغداد، فتلقّاه الطائع، وزُيّنت بغداد.
قال عبد العزيز حاجب النّعمان [1] : لم تجر عادة بخروج الخلفاء لتلقّي أحدٍ من الأمراء، فلما توفّيت فاطمة بنت مُعِزّ الدّولة ركب المطيع للَّه فَعزّاه، فقبّل الأرض.
قال حاجب النّعمان: وجاء رسول يطلب من الطائع أن يتلقّاه، فما وسِعَه التَّاخُّر وتلقّاه في دجلة، ثم أمر عضُدُ الدولة بأن يُنادي قبل دخوله بمنع العَوَامّ من الدعاء له والصّيْحَة، وتوعّد على ذلك بالقتل، قال: فما نطق أحد، فأعجبه ذلك من طاعة العوامّ. والله أعلم [2] .
__________
[1] كذا في الأصل، وفي المنتظم: «أبو الحسن علي بن عبد العزيز بن حاجب النعمان» .
[2] راجع الخبر في (المنتظم 7/ 104، والعبر 2/ 354) ، وهو مختصر في (النجوم الزاهرة 4/ 138 وتاريخ الخلفاء 409) .

(26/277)


سنة إحدى وستّين وثلاثمائة ومن تُوُفّي فيها
أحمد بن المحدّث محمد بن العبّاس [1] بن نجيح البغدادي أبو الحسن، رئيس المعتزلة ببغداد.
وَرّخَه طلحة في ربيع الآخر وقال: كان رئيس المعتزلة.
أحمد بن محمد بن سعيد بن سهل بن شبّرة، بالمُعْجَمَة، والتثقيل. أبو حامد النَّيْسَابُوري الصّيْرفي الزّاهد الثّبْت، نزيل سمرقند.
روى عن: عمر البحتري، وأبن خُزَيمَةَ، والسّرّاج.
قال الإدريسي: ثقة، كتبنا عنه، ومات بسمرقند في شعبان.
أحمد بن مستور [2] الأمير، ولي دمشق للحسن بن أحمد القرمطي المعروف بالسيد عند تغلّبة ثانيًا على الشام، وذلك في رمضان. ومات بعد عشرة أشهر، أعنى أحمد.
إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم [3] البغدادي البُزُوري [4] أبو إسحاق [5] المقرئ.
__________
[1] له حكاية في (نشوار المحاضرة 5/ 122) .
[2] في الأصل «مسور» ، والتصحيح من «أمراء دمشق 7 رقم 18» .
[3] الإكمال 1/ 474، تاريخ بغداد 6/ 16 رقم 3046، معرفة القراء 1/ 262 رقم 65.
[4] البزوري: بضم الباء الموحّدة والزاي والراء بعد الواو. هذه النسبة الى البزور. (الباب 1/ 148) .
[5] ساقطة من الأصل.

(26/279)


قرأ عليه: إسحاق الخُزَاعي، والحسن بن الحسين الصّوّاف، وأحمد بن فرج، وجماعة.
وكان من أئمّة هذا الشأن، وحدّث عن البغوي وغيره.
قرأ عليه: محمد بن عمر بن بكير، وعلي بن محمد الحدّاد، وعبد الباقي بن الحسن.
مات في ذي الحجّة.
بكّار بن محمد بن أحمد بن إسحاق أبو الحسن المعافري المصري الزّاهد.
وقد حدّث وسمع منه أبو القاسم يحيى بن أبي الطحّان.
الحسن بن الخضر بن عبد الله [1] الأَسْيُوطي [2] .
حدّث عن: أبي عبد الرحمن النسائي، وأبي يعقوب المنجنيقي، وجماعة. وكان صاحب حديث.
وعنه: محمد بن الفضل بن نظيف، ويحيى بن علي بن الطحّان، وأبو القاسم ابن بشران، وغيرهم.
وتوفي في ربيع الأول.
خَلَف بن محمد بن إسماعيل [3] بن إبراهيم بن نصر البخاري أبو صالح الخيّام، وهو الذي يخيط الخيم. كان بندار الحديث.
__________
[1] العبر 2/ 324، اللباب 1/ 61 وفيه: «أبو علي الحسن بن علي بن الخضر بن عبد الله الأسيوطي» . شذرات الذهب 3/ 39، الأنساب 1/ 263.
[2] الأسيوطي: بضم الألف وسكونا لسين المهملة وضم الياء المنقوطة بنقطتين من تحت وفي آخرها طاء مهملة بعد الواو. هذه النسبة إلى أسيوط، وهي مدينة الآن بمصر. ومنهم من يسقط الألف فيقول سيوط. (اللباب) .
[3] اللباب 1/ 475، العبر 2/ 324، النجوم 4/ 64، شذرات الذهب 3/ 39، الأنساب 5/ 226، 227، ميزان الاعتدال 1/ 662، سير أعلام النبلاء 16/ 70 رقم 51، لسان الميزان 2/ 404، 405.

(26/280)


روى عن: صالح بن محمد جَزَرَةَ، ونُصَيْر بن أحمد الكِنْدي، وموسى ابن أفلح، ومحمد بن علي بن عثمان، وعمر بن هنّاد، وفرح بن أيّوب، وحامد بن سهل، وطائفة بُبخَارى، ولم يَرْحَل.
وعنه: أبو عبد الله الحاكم، وأبو سعيد عبد الرحمن بن محمد بن محمد الإدريسي، وأبو عبد الله محمد بن أحمد الغُنْجار، وآخرون.
وتُوُفّي في جُمَادَى الأولى وله ستٌّ وثمانون، وقد تكلّم فيه أبو سعيد الإدريسي ولَيّنه.
عبد الرحمن بن أحمد بن عِمْران أبو القاسم الدّيَنَورِي الواعظ نزيل دمشق. سكن قرية قتيبة.
وحدّث عن: عبد الله بن محمد بن وهب الدّينَوَرِي، وأحمد بن عبد الرّزّاق، والغَسّال، وأبي جعفر الغنجاري، وابن عَرُوبة الحرّاني، وجماعة.
وعنه: تمّام، وعبد الوهاب الميداني، وسعيد بن أحمد بن فُطَيْس، وجماعة.
تُوُفّي في آخرها.
عُبَيْد الله بن أحمد بن الحسين القاضي أبو عمر بن السّمسار الفقيه الدّاوديّ الظّاهري، تلميذ أبي [بكر] [1] محمد بن داود الظاهري.
روى عن: محمد، وعن أبيه داود بن علي، وإسماعيل القاضي، وغيرهم. والأوّل أشبه.
قال المحسّن بن علي التَّنُوخيّ في «النشوار» : وعليّ بن نصر الكاتب [2] نزيل مصر، وذكر عليّ أنّه قرأ عليه كل مصنّفات أبي بكر بن داود، وأنّه كان إمامًا كبيرًا يتردّد إلى الرؤساء.
__________
[1] إضافة من نشوار المحاضرة 8/ 186.
[2] ذكره التنوخي في النشوار 7/ 264.

(26/281)


وقال هلال بن المحسّن: تُوُفّي فجأة في رجب، ثم جَزَمْتُ بأنّه لم يلق داود ولا إسماعيل.
عثمان بن عمر بن خفيف [1] أبو عمرو المقرئ المعروف بالدرّاج.
حدّث عن: هارون بن علي المزوّق [2] ، وعلي بن حمّاد العسكري، وابن المُجَدّر.
وعنه: أبو بكر البرقاني، ومحمد بن طلحة النّعالي، وجماعة.
وكان ثقة.
قال البَرْقاني: كان بَدَلًا من الأبدال.
وقال غيره: مات فجأة في رمضان، رحمة الله عليه.
عثمان بن محمد بن إبراهيم المادَرائي [3] أبو عمر، نزيل مصر.
سمع أبا مسلم الكجّي.
وعنه أبو محمد بن النّحاس.
علي بن أحمد بن فَرُّوخ [4] البغدادي الواعظ، ويُعرف بغلام المصري.
حدّث عَنْ: مُحَمَّد بْن جرير، ومُحَمَّد بْن محمد الباغَنْدِي، وجماعة.
قال الخطيب: ثنا عن ابن بُكَيْر قال: قال ابن أبي الفوارس: فيه تَسَاهُل.
فردوس بن أحمد بن محمد بن سعيد بن فردوس البزّاز أَبُو بكر [5] .
__________
[1] تاريخ بغداد 11/ 305 رقم 6098، المنتظم 7/ 58 رقم 83، البداية والنهاية 11/ 272، العبر 2/ 324، النجوم 4/ 64، شذرات الذهب 3/ 39.
[2] في الأصل «الررقي» ، والتصحيح من (تاريخ بغداد) .
[3] المادرائي: بفتح الميم وسكون الألف وفتح الدال المهملة والراء وسكون الألف الثانية وفي آخرها ياء تحتها نقطتان. هذه النسبة إلى مادرايا من أعمال البصرة. (اللباب 3/ 142) .
[4] تاريخ بغداد 11/ 324 رقم 6142.
[5] ذكره المؤلّف- رحمه الله- دون ترجمة.

(26/282)


محمد بن أحمد بن علي [1] بن شاهويه القاضي أبو بكر الفارسي الحنفي أحد الأعلام.
سمع: أبا خليفة زكريّا السّاجي، ودرّس بَنْيسابور، ثم درّس بُبخَاري بمدينة أبي حفص صاحب محمد بن الحسن مدّة.
ومات بنَيْسابور في ذي القعدة سنة إحدى وستّين وثلاثمائة.
محمد بن أحمد بن موسى بن يزداد القاضي أبو عبد الله القُمّي.
تُوُفّي بفَرْغانة في صفر، وحُمل تابوته إلى سمرقَنْد.
سمع: محمد بن أيّوب الرّازي، وإبراهيم بن يوسف الهِسِنْجاني [2] .
وولي قضاء سمرقند. وكان من كبار الحنفيّة، ثقة في الحديث.
روى عنه أبو سعد الإدريسي وغيره.
محمد بن حارث بن أسد [3] أبو عبد الله الخُشَني [4] القيرواني الحافظ.
أخذ عن أحمد بن نصر، وأحمد بن زياد، ودخل الأندلس فسمع قاسم ابن أصبغ، وأحمد بن عبادة، وسكن قرطبة وتمكّن من صاحبها الحَكَم بن النّاصر لدين الله، وصنّف له كُتُبًا منها «الاتفاق والاختلاف في مذهب مالك» ، وكتاب «الفتيا» ، وكتاب «تاريخ الأندلس» ، و «تاريخ الإفريقيّين» ، وكتاب «النّسب» .
__________
[1] وفيات الأعيان 1/ 584، الوافي بالوفيات 2/ 44 رقم 316 وفيه توفي سنة 362 هـ.
[2] الهسنجاني: بكسر الهاء والسين وسكون النون الأولى (الإكمال 7/ 418) وهذه النسبة إلى قرية من قرى الريّ يقال لها هسنكان فعرّب فقيل هسنجان (اللباب 3/ 388) .
[3] جذوة المقتبس 53 رقم 41، الوافي بالوفيات 2/ 315 رقم 762، بغية الملتمس 71 رقم 96، مرآة الجنان 2/ 375، تذكرة الحفّاظ، النجوم 4/ 64، شذرات الذهب 3/ 39، الإكمال 3/ 261، تاريخ علماء الأندلس 2/ 112، 113، ترتيب المدارك 4/ 531، الأنساب 5/ 130، معجم الأدباء 8/ 111، العبر 2/ 324، 325، سير أعلام النبلاء 16/ 165، 166 رقم 120، الديباج المذهب 2/ 212، 213، طبقات الحفاظ 397.
[4] في الأصل «الحسين» ، والخشنيّ: بضمّ الخاء وفتح الشين المعجمة، نسبة إلى خشن، قرية بإفريقية.

(26/283)


قال ابن الفَرَضيّ [1] : بلغني أنّه صنّف للحَكَم مائة ديوان، وكان شاعرا بليغا لكنّه يَلْحَن، وكان يتعاطى الكيميا، واحتاج بعد موت الحَكَم إلى أن جلس في حانوتٍ يبيع الأَدهان.
روى عنه أبو بكر بن حوئيل، وغيره. وتُوُفّي في صفر.
محمد بن الحسن بن سعيد [2] أبو العبّاس بن الخشّاب المخرمي الصُّوفي الزّاهد.
صاحب حكايات عن الشبلي وغيره.
وعنه السُّلَمي [3] والحاكم.
محمد بن الحسين بن محمد بن الحُسين الوزير ظهير الدين أبو شجاع، حفيد الوزير أبي شجاع الرّوذراوري [4] ثم البغدادي.
وَزَر قليلًا، ثم عُزِل، ولزم بيته دهرًا في نعمة وعافية.
مات في ذي القعدة، وقد شاخ.
محمد بن حُمَيْد بن سهل [5] المخرمي أبو بكر.
سمع: أبا خليفة، وجعفر الفِرْيابي، والهَيْثَم بن خَلَف الدّوري، وغيرهم.
وعنه: الدَّارقُطْنيّ، وأبو نُعَيم، وجماعة.
قال البرقاني ضعيف.
__________
[1] في تاريخ علماء الأندلس 2/ 112 رقم 1400.
[2] المنتظم 7/ 59 رقم 85، تاريخ بغداد 2/ 209 رقم 641.
[3] في طبقات الصوفية- راجع فهرس الأعلام- ص 543.
[4] الرّوذراوري: بضم الراء وسكون الواو والذال المعجمة وفتح الراء والواو وبينهما ألف وفي آخرها راء أخرى. هذه النسبة إلى بلدة بنواحي همذان يقال لها روذراور. (اللباب 2/ 42) .
[5] وقيل «ابن سهيل» . المنتظم 7/ 59 رقم 86، البداية والنهاية 11/ 272 وفيه «أحمد بن سهل بن شدّاد» ، تاريخ بغداد 2/ 264 رقم 734 وفيه «محمد بن حميد بن سهيل..» .

(26/284)


وقال ابن أبي الفوارس: فيه تساهل شديد [1] .
محمد بن عمر بن محمد [2] بن الفضل أبو عبد الله الْجُعْفي [3] البغدادي.
سمع: أبا شُعَيْب الحرّاني، وموسى بن هارون، وأبا [4] العبّاس بن مسروق.
وعنه: ابن رزقَوَيْه، وأبو نُعَيم.
قال ابن أبي الفوارس: كان كذّابًا.
محمد بن فارس بن حمدان [5] أبو بكر العطشي [6] يُعرف بالمَعْبَدِي [7] يقال: إنّه من ولد أمّ مَعْبَد الخُزَاعيّة.
حدّث عن: جعفر بن محمد القَلانَسي، والحسن بن علي المعمري.
روى عنه: الدَارقُطْنيّ، وعلي بن أحمد الرّزّاز، وأبو بكر البرقاني، وأبو نُعَيم.
قال أبو نُعَيم: كان غاليًا في الرفض غريقه.
محمد بن يحيى بن عوانة [8] بن عبد الرحيم الثعلبي [9] القُرطُبي أبو عبد الله.
__________
[1] العبارة في (المنتظم) : «فيه تساهل وشره» .
[2] تاريخ بغداد 3/ 31 رقم 955 وفيه «محمد بن عمر بن الفضل..» بإسقاط (محمد) .
[3] الجعفي: بضم الجيم وسكون العين المهملة وفي آخرها الفاء. هذه النسبة إلى القبيلة.
(اللباب 1/ 284) .
[4] في الأصل «أبو» .
[5] تاريخ بغداد 3/ 161 رقم 1203.
[6] العطشي: بفتح العين والطاء المهملتين.. نسبة لسوق العطش بالجانب الشرقي من بغداد.
(اللباب 2/ 436) .
[7] المعبدي: بفتح الميم وسكون العين وفتح الباء الموحّدة وفي آخرها دال مهملة. هذه النسبة إلى أم معبد الخزاعية. (اللباب 3/ 230) .
[8] تاريخ علماء الأندلس 2/ 71 رقم 1300، بغية الملتمس 145 رقم 317.
[9] في الأصل «التغلبي» ، والتصحيح عن (تاريخ علماء الأندلس) .

(26/285)


سمع من: أحمد بن خالد الحُباب، ومحمد بن قاسم، وقاسم بن أصبغ، وجماعة.
وكان ثقةً صالحًا، أمَّ بجامع قُرْطُبَة وأكثر الناس عنه.

(26/286)


[وَفَيَات هذه الطبقة
] سنة اثنتين وستّين وثلاثمائة
أحمد بن إبراهيم بن بكر القفْطي. روى عن النّسَائي بمصر.
أحمد بن بِشْر بن عامر [1] أبو حامد المَرْوَرُوذي الفقيه الشافعي نزيل البصرة.
تفقّه على: أبي إسحاق المَرْوَزي، وصنّف «الجامع» [2] في المذهب، وشرح «مختصر المُزَني» وصنّف في الأصول. وكان إمامًا لا يُشَقّ غُبارُهُ. وعنه أخذ فُقَهاء البصرة.
أحمد بن عثمان أبو سعيد [3] البغدادي الفقيه، ويُعرف بابن البَقّال.
حدّث بدمشق عن أبي القاسم البغوي، وأبي بكر بن أبي داود.
__________
[1] طبقات الفقهاء 114، الفهرست 214، طبقات الشافعية للسبكي 2/ 82 رقم 76 وقال السبكي: وعكس الشيخ أبو إسحاق فقال: ابن عامر بن بشر، طبقات العبادي، 76، الوافي بالوفيات 6/ 265 رقم 2755، العبر 2/ 326، وفيات الأعيان 1/ 69 رقم 23، البداية والنهاية 11/ 209، شذرات الذهب 3/ 40، مرآة الجنان 2/ 375، طبقات الشافعية لابن هداية الله 86، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 211، وفي كتب تلميذه أبي حيّان التوحيدي كالإمتاع والمؤانسة، والبصائر أخبار كثيرة عنه، معجم البلدان 5/ 112، سير أعلام النبلاء 16/ 166، 167 رقم 121، 1/ 199، 200.
[2] قال النووي: «وهو من أنفس الكتب» .
[3] تاريخ بغداد 4/ 300 رقم 2074، معجم الشيوخ لابن جميع 78 رقم 157.

(26/287)


وعنه ابن جُمَيْع، وأبو نصر بن الْجَبَّان.
حدّث في هذه السنة وانقطع خبره.
أحمد بن محمد بن زكريا [1] الأموي، مولاهم الأندلسي الرُّصافي [2] المالكي، مفتي ناجية ومحدّثها.
روي عن أحمد بن خالد وغيره، وتُوُفّي في صفر.
أحمد بن همّام أبو عمرو النَّيْسَابُوري، العبد الصالح.
رحل وسمع ببغداد من يوسف القاضي وطبقته.
وعنه الحاكم. وعاش بِضعًا وثمانين سنة.
أحمد بن محمد بن أحمد [3] بن عقبة بن مضرّس أبو الحسن، قاضي أرّجان.
روى عن البَغَوِي، وابن صاعد.
وعنه أبو نُعَيم الحافظ، وورّخه هكذا في تاريخ أصبهان. وقال في مُعْجَمه: قدم علينا أصبهان سنة خمس وستّين، فيجوز هذا.
أحمد بن محمد بن عُمارة [4] بن أحمد أبو الحارث اللّيْثي [5] الكنانيّ مولاهم الدمشقي.
سمع: أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ، وزكريّا السّجْزِي، ومحمد بن عبد الصمد، وأحمد بن إبراهيم بن دحيم، وجماعة.
__________
[1] تاريخ علماء الأندلس 1/ 48 رقم 162.
[2] الرّصافي: بضم الراء وفتح الصاد المهملة وبعد الألف الساكنة فاء. هذه النسبة إلى الرّصافة. مدينة بالأندلس عند قرطبة. (اللباب 2/ 29) .
[3] ذكر أخبار أصبهان 1/ 154.
[4] تهذيب ابن عساكر 2/ 69، تاريخ دمشق (المخطوط) 3/ 338 و 29/ 158 و 39/ 360، تاريخ بغداد 5/ 300، العبر 2/ 327، شذرات الذهب 3/ 40، سير أعلام النبلاء 16/ 70، 71 رقم 52، معجم الشيوخ لابن جميع 172 رقم 120.
[5] اللّيثي: بفتح اللام وسكون الياء وفي آخرها تاء مثلثة. هذه النسبة إلى ليث بن كنانة.
(اللباب 3/ 137) .

(26/288)


وعنه: ابن جُمَيع، وتمّام، وعبد الرحمن بن أبي نصر، وأحمد بن الحاجّ الإشبيلي، وعبد الوهاب المَيْدَاني.
وتُوُفّي في ربيع الآخر في عُشْر التّسعين.
إبراهيم بن عُبَيْد الله المَعَافِري [1] الإشبيلي.
سمع من: أحمد بن خالد، ومحمد بن فُطَيْس، وكان محدّثًا لُغَوّيًا بصيرًا بالشعر. قاله ابن الفرضي.
إبراهيم بن محمد بن يحيى [2] بن سختوَيْه النَّيْسَابُوري الشيخ أبو إسحاق المُزكّي.
قال الحاكم: هو شيخ نَيْسَابُور في عصره، وكان من العُبّاد المجتهدين الحجّاجين المُنْفِقِين على العلماء والفقراء.
سمع: ابن خُزَيْمة، وأبا العبّاس السّرّاج، وأحمد بن محمد الماسَرْجِسي [3] ، وأبا العبّاس الأزهري، وعبد الرحمن بن أبي حاتم الرّازي، ومحمد بن هارون الحَضْرَمِيّ، وأبا العبّاس الدَّغُوليّ [4] ، وخلقًا سواهم.
وأملى عدّة سنين، وكنّا نَعُدُّ في مجلسه أربعة عشر محدّثًا، منهم: أبو العبّاس الأَصَمّ، ومحمد بن يعقوب بن الأخرم.
__________
[1] تاريخ علماء الأندلس 1/ 18 رقم 41، والمعافري: بفتح الميم والعين وبعد الألف فاء مكسورة وراء، هذه النسبة إلى المعافر بن يعفر.. (اللباب 3/ 229) .
[2] العبر 2/ 327، مرآة الجنان 2/ 375، المنتظم 7/ 61 رقم 87، البداية والنهاية 11/ 274 و 275، تاريخ بغداد 6/ 168 رقم 3219، الوافي بالوفيات 6/ 123 رقم 2557، شذرات الذهب 3/ 40، سير أعلام النبلاء 16/ 163- 165 رقم 118، النجوم الزاهرة 49/ 69، الرسالة المستطرفة 96.
[3] في الأصل «الماسرخسي» ، والتصحيح من تاريخ بغداد. والماسرجسي: بفتح الميم والسين المهملة وسكون الراء وكسر الجيم والسين الثانية. هذه النسبة إلى ماسرجس، وهو اسم لجدّ أبي علي الحسن بن عيسى بن ماسرجس النيسابورىّ الماسرجسي. (اللباب 3/ 147) .
[4] الدّغولى: بفتح الدال والغين المعجمة وفي آخرها اللام بعد الواو. هذه النسبة إلى دغول، وهو اسم رجل. ويقال للخبز الّذي لا يكون رقيقا بسرخس: دغول. فلعلّ بعض أجداد المنتسب كان يخبزه، وهو بيت كبير مشهور بسرخس، منهم أبو العباس محمد بن عبد الرحمن بن سابور الدغولي أحد أئمة المسلمين. (اللباب 1/ 503 و 504) .

(26/289)


قلت: روى عنه الحاكم، وأبو الحسن بن رزقَوَيْه، وأبو الفتح بن أبي الفوارس، وأبو بكر البَرْقَانيّ، وأبو علي بن شاذان، وأبو نُعَيم، وآخر من روى عنه أبو طالب بن غيلان.
قال الخطيب [1] : كان ثقة ثبتا مُكْثِرًا مُوَاصِلًا للحجّ، انتخب عليه الدَارقُطْنيّ، وكتب النّاس عنه عِلْمًا كثيرًا مثل «تاريخ السّرّاج» وغير ذلك، و «تاريخ البخاري» وعدّة كُتُب لمُسْلم. وكان عند البَرْقَانيّ سقط أجزاءٍ وكُتُب، لكن ما رُوي عنه في صحيحة قال في نفسي منه لكثرة ما يُغْرِب، ثم إنّه قوّاه وقال: عندي عنه أحاديث عالية كنت أخرجتها نازلة، إلّا أنّي لا أقدر على إخراجها لِكبَر السنّ.
قال الخطيب [2] : وثنا الحسين بن شيطا: سمعت أبا إسحاق المُزكّي يقول: أنفقت على الحديث بِدَرًا من الدنانير، وقدمت بغداد سنة ستّ عشرة ومعي بخمسين ألف درهم بضاعة، ورجعت إلى نَيْسَابور ومعي أقلّ من ثُلُثِها، أنفقت ما ذهب على أهل الحديث.
تُوُفّي في شعبان، وقد خرج من بغداد، فَنُقِلَ إلى نَيْسَابور، وعاش سبعًا وستيّن سنة.
وهو والد علي، ويحيى، ومحمد، وعبد الرحمن، وقد رَوَوُا الحديث.
إسماعيل بن عبد الله بن محمد [3] بن ميكال الأديب أبو العباس شيخ [خراسان] [4] ووجهها وعَيْنُها، من ولد يَزْدَجِرْد بن بهرام جور ملك الفُرْس.
استعمل المقتدر أباه على الأهواز، فاستدعى أبا بكر بن دُرَيْد [5] لتأديب إسماعيل.
__________
[1] تاريخ بغداد 6/ 168.
[2] تاريخ بغداد 6/ 168.
[3] العبر 2/ 327، مرآة الجنان 2/ 375، معجم الأدباء 7/ 5 رقم 1، الوافي بالوفيات 9/ 148 رقم 4052، شذرات الذهب 3/ 41، اللباب 3/ 283، وفيات الأعيان 4/ 323 في الترجمة لابن دريد، يتيمة الدهر 4/ 354، إنباه الرواة 1/ 199- 201، سير أعلام النبلاء 16/ 156، 157 رقم 112.
[4] عن معجم الأدباء واللباب.
[5] هو: محمد بن الحسن بن دريد بن عتاهية. توفي سنة 321 هـ. ترجمته في: نور القبس

(26/290)


وفي ابنه يقول ابن دُرَيْد مقصورته [1] التي يقول فيها:
إن ابن ميكال الأمير انتاشني ... من بعد ما قد كنت كالشيء اللقا
ومد ضبعي أبو العباس من ... بعد انقباض الذّرع والباع الوزا [2]
نفسي الفداء لأميريّ ومن ... تحت السّما لأميريّ الفداء
قال الحاكم: سمعت محمد بن الحسين الوَضّاحي [3] ، سمعت أبا العبّاس يذكر صِلَة أبيه لابن دُرَيْد لما عمل هذه القصيدة، قال الوضّاحي:
فقلت: ما وصل إليه من خاصّتك؟ قال: لم تصل يدي إذْ ذاك إلّا إلى ثلاثمائة دينار، وضعتها بين يديه.
سمع أبو العبّاس من: عَبْدان الأهوازي كتابًا خَصَّه به، فسمعت أبا عليّ الحافظ يقول: استفدت منه أكثر من مائة حديث. وسمع أيضًا من السّرّاج، وابن خُزَيْمة، وعلي بن سعيد العسكري ونحوهم. وأملى مدّةً.
روى عنه: أبو علي الحافظ، وهو أسْندَ منه، وأبو الحسين الحجّاجي، وأبو عبد الله الحاكم وجماعة.
وقد عُرضت عليه ولايات جليلة فامتنع.
أَخْبَرَنَا محمد بْنُ عَبْدِ السَّلامِ، وَأَحْمَدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ، عَنْ زَيْنَبَ الْمِشْعَرِيَّةِ، أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ عَلِيِّ بْنِ مُظَفَّرٍ أَخْبَرَتْهَا قَالَتْ: أنا عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ محمد الْفَارِسِيُّ، أنا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أنا عَبْدانُ بْنُ أَحْمَدَ الْجَوَالِيقِيُّ سنة ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَتَيْنِ، ثنا زَاهِرُ بْنُ نُوحٍ، ثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ الْحَسَنِ الْكُوفِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْعَائِدُ في هبته كالعائد في قيئه» [4] .
__________
[ () ] للمرزباني 342، العبر 2/ 187، المحمدون من الشعراء 201، إنباه الرواة 3/ 92، مروج الذهب 4/ 320، وفيات الأعيان 4/ 323 رقم 637، التهذيب للأزهري 1/ 31.
[1] شرحها التبريزي، ونشرها المكتب الإسلامي بدمشق 1961، ص 137، 138.
[2] الوزا: القصر.
[3] الوضّاحي: بفتح الواو والضاد المشدّدة وبعد الألف حاء مهملة. هذه النسبة إلى الوضّاح.
(اللباب 3/ 369) .
[4] أخرجه الإمام أحمد في مسندة: 1/ 217 و 250 و 280 و 291 و 339 و 342 و 345

(26/291)


توفي أبو العبّاس في صفر، وله اثنتان وتسعون سنة.
حَفْص بن جُزّي [1] أبو عمر الأندلسي، من أهل فحص البلّوط [2] .
سمع من: عبيد الله بن محمد بن يحيى بن عبد العزيز، وسعيد بن حميد وجماعة. وكان عارفًا بالعربية.
سمع منه غير واحد بقرطبة، وعُمَّر دهرًا.
تُوُفّي ابن ثمانٍ وتسعين، سنة اثنتين أو ثلاثٍ وستّين.
سعيد بن القاسم بن العلاء [3] أبو عمرو البرذعي الطّرازي [4] المرابط نزيل مدينة طَرَاز من أول التَّرْك.
سمع: محمد بن حِبّان بن الأزهر الباهلي، وعبد الله بن الحسين الشّاماتي، وأبا خليفة الفضل بن الحُبَاب، وسهلان بن محمد بن مردَوَيه الأهوازي صاحب سليمان الشاذكُوني، وأحمد بن محمد بن ياسين الهَرَوِي، ومحمد بن يحيى بن مَنْدَه، وعبدان.
روى عنه: محمد بن إسماعيل الورّاق، والدار الدّارقطنيّ، وأبو علي بن فضالة الرازي شيخ الخطيب، وأبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الشّيرازي، وأبو عبد الله الحاكم، وقال: تُوُفّي غازيًا بأسبيجاب [5] .
__________
[ () ] و 2/ 182 و 208 و 430 و 492، البخاري في الهبة 14 و 30، والجهاد 137 والحيل 14، ومسلم في الهبات 7 و 8، وأبو داود في البيوع 81، والنسائي في الهبة 2- 4 والرقبي 2، وابن ماجة في الهبات 5.
[1] تاريخ علماء الأندلس 1/ 119 رقم 371.
[2] موضع قريب من قرطبة من بلاد الأندلس. (اللباب 1/ 176) .
[3] المنتظم 7/ 62 رقم 89، البداية والنهاية 11/ 275، تاريخ بغداد 9/ 110 رقم 4717، شذرات الذهب 3/ 41، تذكرة الحفاظ 3/ 936، 937، سير أعلام النبلاء 16/ 72، 73 رقم 54، طبقات الحفاظ 378.
[4] في الأصل «الطوعي» وهو تصحيف، والطّرازي: بفتح الطاء والراء المهملتين وكسر الزاي المعجمة. هذه النسبة إلى طراز، وهي مدينة على حدّ بلد الترك تجاور أسبيجاب. (اللباب 2/ 277) .
[5] أسبيجاب: أسفيجاب: بالفتح ثم السكون، وكسر الفاء، وياء ساكنة، وجيم، وألف، وياء

(26/292)


عبد الله بن أحمد الفرغاني. (تقدم) [1] .
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ [2] بْنِ عبد اللَّه بن الحسن الهمداني الذّكْواني [3] ، أبو محمد الأصبهاني القاضي.
سمع: عَبْدان، بن أحمد حاجب [4] بن أركين الفَرْغَاني، وجعفر بن أحمد بن سِنان، وعبد الله بن محمد بن العبّاس.
وعنه: أبو بكر بن أبي علي. قرأ عليه ابنه، وأبو نُعَيم.
عَبْد السلام بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حجّاج بن رِشْدين، أبو جعفر المصري.
يروي عن أبيه وعمومته.
عبد الملك بن الحسن بن يوسف [5] المعدّل البغدادي، أبو عمرو بن السّقَطي.
سمع: أبا مسلم الكجّي، ويوسف القاضي، وأحمد بن يحيى الحلواني، وأبا بكر الفِرْيابي.
وعنه: محمد بن راشد [6] الكاتب، وأبو علي بن شاذان، وأبو نُعَيم.
وانتخب عليه الدَارقُطْنيّ.
وشهد سنة إحدى عشرة وثلاثمائة عند قاضي بغداد أبي عمرو محمد بن يوسف، وعاش خمسا وثمانين سنة.
__________
[ () ] موحّدة. اسم بلدة كبيرة من أعيان بلاد ما وراء النهر في حدود تركستان. (معجم البلدان 1/ 179) .
[1] كتبت فوق اسم «عبد الله» .
[2] ذكر أخبار أصبهان 2/ 88.
[3] الذكوانيّ: نسبة إلى ذكوان، وهم بطن كبير من سليم بن منصور. (اللباب 1/ 531) .
[4] في الأصل «صاحب» والتصحيح من أخبار أصبهان.
[5] المنتظم 7/ 63 رقم 91، تاريخ بغداد 10/ 430 رقم 5590، الإكمال 4/ 492، الأنساب 7/ 92، سير أعلام النبلاء 16/ 167، 168 رقم 122.
[6] في سير أعلام النبلاء 16/ 168 «أسد» .

(26/293)


علي بن محمد بن إسماعيل [1] الطُّوسي الزَّمْلَكَاني [2] .
وعنه [3] الحاكم، وأبو نُعَيم.
عمر بن أحمد بن عمر [4] القاضي أبو عبد الله القصباني [5] ، عُرف بابن شقّ.
روى عن: علي بن العبّاس المقانعي، وابن المنذر الفقيه، وعلي بن سراج المصري.
وعنه: الدَارقُطْنيّ، وأبو نُعَيم، والبَرْقاني وقال: قلت حدّث في هذا العام.
عمرو بن أَحْمَد بن محمد [6] بن الحسن، أبو أحمد الاستراباذي الفقيه.
سمع: أباه، وهُمَيْم بن هَمّام، وعمران بن موسى بن مُجَاشِع، وأبو خليفة، وعبدان، وعبد اللَّه بْن ناجية، وعبد اللَّه بْن مسلم المقدسي، وابن قُتَيْبَة العسقلاني، ودرس الفقه بمصر على منصور بن إسماعيل الفقيه.
يروي عنه أبو سعد عبد الرحمن الإدريسي، وقال: أنا تولَّيت الصلاة عليه.
محمد بن أحمد بن خالد [7] بن يزيد [8] القُرْطُبي، أبو بكر، ابن مصنّف كتاب «فضل العلم» .
__________
[1] تاريخ بغداد 12/ 72 رقم 6474.
[2] الزّملكاني: بفتح الزاي وسكون الميم وفتح اللام والكاف وفي آخرها نون. هذه النسبة إلى قريتين، إحداهما بدمشق والثانية ببلخ. (اللباب 2/ 75) .
[3] هكذا في الأصل بحيث سقط شيوخه.
[4] تاريخ بغداد 11/ 251 رقم 6001.
[5] في الأصل «العصباني» والقصباني: بفتح القاف والصاد والباء الموحّدة وبعد الألف نون. هذه النسبة إلى بيع القصب. (اللباب 3/ 40) .
[6] تاريخ جرجان 534 رقم 1131.
[7] تاريخ علماء الأندلس 2/ 72 رقم 1304، جذوة المقتبس 39 رقم 9.
[8] في الأصل «زيد» والتصحيح من تاريخ علماء الأندلس والجذوة.

(26/294)


له رواية عن أبيه وغيره.
محمد بن أحمد بن علي [1] بن شاهَوَيْه، أبو بكر الفارسي الفقيه الشافعي، قاضي بلاد فارس.
أقام مدّة ببُخارى ثم بنَيْسَابور، وبها مات. وله في المذهب وجوهٌ بعيدة تفرّد بها.
تُوُفّي سنة إحدى، وقيل: سنة اثنتين وستيّن.
وحدّث عن أبي خليفة، وزكريا السّاجي.
وعنه الحاكم.
محمد بْن أحمد بْن كثير بْن دَيْسَم، أبو سعيد الهَرَوِيّ، سمع أحمد بن مقدام الهَرَوِيّ، وَهُوَ آخر من حَدَّثَ في الدُّنْيَا عَنْهُ، وعاش بعده اثنتين وتسعين سنة، ولعلّه ممّن جاوز المائة.
يروي عنه ابن العالي، وتُوُفّي في جمادى الآخرة.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ الْهَاشِمِيِّ، أَخْبَرَكُمْ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ رُوزْبَهْ، أنا أبو الوقت، أنا شيخ الإسلام أبو إِسْمَاعِيلَ، أنا أَحْمَدُ بْنُ محمد بْنِ مَنْصُورٍ بِبُوسَنْجَ [2] ، أنا أَبُو سَعِيدٍ محمد بْنُ أَحْمَدَ بْنِ كَثِيرٍ بِهَرَاةَ، ثنا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مِقْدَامٍ الْهَرَوِيُّ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا سَلَمَةُ بْنُ وَرْدَانَ، سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَهُوَ بَاطِلٌ بُنِيَ لَهُ فِي رِيَاضِ الْجَنَّةِ.
وَمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَهُوَ مُحِقٌّ بُنِيَ لَهُ فِي وَسَطِهَا. وَمَنْ حَسُنَ خُلُقُهُ بُنِيَ لَهُ فِي أَعْلاهَا» [3] . قال شيخ الإسلام في كتاب «ذمّ الكلام» : هذا الحديث أعلى حديث عندي.
__________
[1] الوافي بالوفيات 2/ 44 رقم 316، وفيات الأعيان 4/ 211 رقم 583، طبقات الفقهاء 144، الجواهر المضية 2/ 18.
[2] في الأصل «بنوسنج» .
[3] أخرجه الترمذيّ في البر 58، وابن ماجة في المقدّمة 7.

(26/295)


محمد بن أحمد بن محمد [1] . قال ابن أيمن أبو عبد الله القيسي المؤدّب القبري [2] .
رحل وسمع بمصر من أبي قتيبة بن الفضل، وأبي محمد بن الورد، والعبّاس ابن الرافقي.
وسمع النّاس منه كثيرًا. وقبره في مدينة صغيرة بالأندلس.
محمد بن أحمد بن منّه السّمسار، أبو أحمد النَّيْسَابُوري.
روى عن مُطَيْن.
وعنه الحاكم وغيره.
محمد بن إبراهيم بن حَسْنَوَيْه، أبو بكر النَّيْسَابُوري الورّاق الزّاهد العابد.
سمع: محمد بن إبراهيم البوسَنْجي، وجعفر بن سوار.
وعنه: الحاكم، وقال: عاش خمسًا وتسعين سنة، وبكى من خشية الله حتى عُمِيَ.
محمد بن إبراهيم بن إسحاق بن أبرَوَيْه أبو أحمد الأستراباذيّ. فاضل ثقة عابد.
سمع الكثير ورحل، وحدّث عن: محمد بن عبد بن عامر السمرقندي، ومحمد بن يزداد، والضَّحَّاك بن الحسين، وأحمد بن حفص السّعْدي، وجاوز التّسعين.
روى عنه أبو سعد الإدريسي وقال: توفّي فجأة.
__________
[1] تاريخ علماء الأندلس 2/ 72 رقم 1303.
[2] القبري: بعد القاف باء معجمة بواحدة ساكنة وبعدها راء. نسبة إلى قبرة بالأندلس. (الإكمال 7/ 136) .

(26/296)


مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن كوثر [1] أبو بحر البَرَبَهَاري [2] ، بغداديّ مُعَمّر.
حدّث عن: محمد بن الفرج الأزرق، ومحمد بن يونس الكديمي، وإسماعيل القاضي، ومحمد بن غالب، ومحمد بن سليمان الباغَنْدِي، وجماعة.
انتخب عليه الدَارقُطْنيّ، وأبو حفص بن شاهين.
قال أبو نُعَيم: كان يقول لنا الدَارقُطْنيّ: اقتصروا من حديث أبي بحر على ما انتخبته حسب.
وقال ابن أبي الفوارس: فيه نظر.
وقال البَرْقَاني: حضرت يومًا عند أبي بحر، فقال لنا ابن السّرَخْسي:
سأريكم أنّ الشيخ كذّاب، ثم قال له: فلان بن فلان ينزل المكان الفُلانيّ، سمعتَ منه؟ قال: نعم. قال البَرْقَانيّ: ولم يكن له وجود.
قال ابن أبي الفوارس: تُوُفّي لأربع بَقِين من جُمادى الأولى. قال:
ومولده سنة ستّ وستّين ومائتين [3] قال: وكان مُخَلّطًا، وله أصول جِياد، وله شيء [روي] [4] .
قلت: روى عبد الدائم حديثه بعلوّ عن ابن المعطوش.
محمد بن أبي الهيثم خالد بن الحسن المطوّعي البُخَاري.
سمع: شيخ بن محمد، وابن خزيمة، والباغندي، وطبقتهم.
__________
[1] العبر 2/ 327، المنتظم 7/ 63 رقم 92، البداية والنهاية 11/ 275، تاريخ بغداد 2/ 209 رقم 642، الأنساب 71، الوافي بالوفيات 2/ 338 رقم 790 وفيه وفاته سنة 332 وهو خطأ، ميزان الاعتدال 3/ 45، شذرات الذهب 3/ 41، اللباب 1/ 133، سير أعلام النبلاء 16/ 141- 143 رقم 101، لسان الميزان 5/ 131، 132.
[2] البربهاري: بفتح الباء الموحّدة والراء المهملة وفتح الباء الثانية والراء أيضا بعد الهاء والألف.
هذه النسبة إلى بربهار، وهي الأدوية التي تجلب من الهند يقال لها البربهار، ومن يجلبها يقال له البربهاري. (اللباب 1/ 133) . وفي الأنساب بسكون الراء بعد الباء.
[3] في الأصل «ثمانين» وهو تصحيف، والتصحيح من تاريخ بغداد.
[4] ساقطة من الأصل استدركتها من (سير أعلام النبلاء 16/ 142) .

(26/297)


وعنه: الحاكم وطائفة.
محمد بن العبّاس بن أحمد، أبو بكر المسعودي الاستراباذي الفقيه، رحّال.
وسمع: أبا يعلى المَوْصِليّ، ومحمد بن الحسين الخثعمي الكوفي، وطبقتهما.
وعنه أبو سعد الإدريسي، وقال: لا يُحْتَجّ به، بقي إلى هذه السنة.
محمد بن عبد الله بن محمد [1] الفقيه، أبو جعفر البَلْخي الحنفي. وكان يقال له من كماله في الفقه «أبو حنيفة الصغير» .
يروي عن محمد بن عَقيل وغيره.
وتُوُفّي ببُخارى في ذي الحجّة سنة اثنتين وستّين. وقد تفقّه على أبي بكر محمد بن أبي سعيد الفقيه.
أخذ عنه جماعة. كان يعرف بالهنْدواني [2] من محلّة باب هندوان، وعاش اثنتين وستيّن سنة، وكان من أعلام أئمّة مذهبه.
محمد بن عبد الملك بن محمد [3] بن عَدِيّ، أبو بكر الاستراباذي، أخو نُعَيم، نزل جُرْجَان، وكان خبيرًا بالشروط فقيهًا.
رحل وسمع من البَغَوِي، وابن أبي داود.
محمد بن محمد بن داود بن سعيد [4] أبو بكر، السّجزيّ النّيسابوري العدل.
__________
[1] العبر 2/ 328، مرآة الجنان 2/ 375، الوافي بالوفيات 3/ 347 رقم 1425، الجواهر المضية 2/ 68، الفوائد البهيّة 179، شذرات الذهب 3/ 41، اللباب 3/ 393، 394، سير أعلام النبلاء 16/ 131 رقم 87، النجوم الزاهرة 4/ 69، هدية العارفين 2/ 47.
[2] الهندواني: نسبة إلى محلّة ببلخ يقال لها: باب هندوان، لأنه ينزل فيها الغلمان والجواري الذين يجلبون من الهند.
[3] تاريخ جرجان 415 رقم 733 وأرّخ وفاته بسنة 364 هـ.
[4] في الأصل «وبكر» .

(26/298)


سمع بَهَراة: محمد بن مُعَاذ الماليني، وحاتم بن محبوب، ومعدان البَغَوِي، وطبقته، وبنَيْسَابور مؤمّل بن الحسن، وأبا عمرو الحيري، وبجُرْجان أبا نُعَيم، وبالرّيّ عبد الرحمن بن أبي حاتم.
روى عنه الحاكم وقال: كان من خيار التُّجَّار الأَمناء، ما رأينا منه إلّا ما يليق بأهل الصدق.
محمد بن موسى بن فَضَالَةَ [1] بن إبراهيم بن فضالة بن كثير، أبو عمر القُرَشي، مولى عبد العزيز بن مروان بن الحَكَم.
شيخ مُسْنِد، دمشقي.
سمع: أحمد بن أنس، وأبا قُصَيّ الْعُذْرِيَّ، والحسين بن محمد بن جمعة، وحاجب بن أركين، وعبد الرحمن بن القاسم الرّوّاس، ويزيد بن عبد الصمد، والحسن بن الفرج الغزّي، ومحمد بن محمد بن التّياح، وأبا القاسم البَغَوِي لقيه بمكة.
وعنه: تمّام، وأبو نصر بن الجندي، وعبد الرحمن بن أبي نصر، ومكّي بن الغَمْر، ومحمد بن رزق الله، وجماعة آخرهم محمد بن عبد السلام بن سعدان.
قال أبو محمد الكتّاني: تكلّموا فيه، وتُوُفّي في ربيع الآخر.
محمد بن هاني [2] أبو القاسم وأبو الحسن الأَزْدي الأندلسي. قيل إنّه
__________
[1] العبر 2/ 328، مرآة الجنان 2/ 375، شذرات الذهب 3/ 41، ميزان الاعتدال 4/ 51، سير أعلام النبلاء 16/ 157- 159 رقم 113، لسان الميزان 5/ 400، 401، النجوم الزاهرة 4/ 69.
[2] العبر 2/ 328، مرآة الجنان 2/ 375، البداية والنهاية 11/ 274، الحلّة السّيراء 1/ 304 و 305 و 2/ 391، شذرات الذهب 3/ 41، جذوة المقتبس 96 رقم 157، بغية الملتمس 140 رقم 301، تكملة الصلة 1/ 368، مطمح الأنفس لابن خاقان 74، المطرب من أشعار أهل المغرب لابن دحية 192، نفح الطيب للمقّري 4/ 40، معجم الأدباء 19/ 92، وفيات الأعيان 4/ 421 رقم 668، النجوم الزاهرة 4/ 67، المختصر في أخبار البشر 2/ 112، الإحاطة في أخبار غرناطة 2/ 288- 293، الفلاكة والمفلوكون 102، سير أعلام النبلاء

(26/299)


من ذرّية المهلّب بن أبي صُفْرَةَ.
كان أبوه شاعرًا أديبًا، وأمّا هو فحامل لواء الشعر بالأندلس، وُلد بأشبيلية، واشتغل بها، وكان حافظًا لأشعار العرب وأخبارها، اتّصل بصاحب أشبيلية وحظي عنده، فمن شعره:
ولما التقت ألحاظنا ووشاتنا ... وأعلن شقّ [1] الوشي ما الْوَشْيُ كاتمُ
تنفُس أنسيّ من الخِدْر ناشق ... فأسْعِدَ وحْشيّ من السّدر باغمُ [2]
وقلن [3] قطًا سارٍ سمعتُ حَفيفه ... فقلت: قلوب العاشقين الحوائمُ [4]
عَشِيّةَ لا آوي إلى غير ساجع ... ببَينك حتى كلُّ شيءٍ حَمائمُ
وكان مُنْهمِكًا في اللّذّات والمُحرّمات، مُتَّهمًا بدين الفلاسفة، ولقد هَمُّوا بقتّله، فأشار عليه مخدومه بالاخُتفاء، فهرب من الأندلس إلى المغرب، واجتمع بالقائد جوهر فامتدحه، ثم اتّصل بالمعزّ أبي تميم الذي بنى القاهرة، فامتدحه، فوصله، وأنعم عليه، ثم إنّه شرب عند أناسٍ وأصبح مخنوقًا.
وقيل: لم يُعْرَف سبب موته، وهلك في رجب سنة اثنتين وستّين عن نيّفٍ وأربعين سنة.
وله ديوان كبير في المدْح، وقد يفضي به المديح إلى الكُفْر، وليس يلحقه أحد في الشعر من أهل الأندلس، وهو نظير المتنبي.
منصور بن محمد البغدادي [5] المقرئ الحذّاء.
حدّث عن البغوي، وابن أبي داود.
__________
[16] / 131، 132 رقم 88، هدية العارفين 2/ 47.
[1] في الأصل «شوق» ، وفي ديوان ابن هانئ 722: «وأعلن سرّ الوشي» والتصويب من الجذوة والبغية.
[2] في الأصل «ناعم» .
[3] في الديوان وفي جذوة المقتبس والبغية: «قالت» .
[4] في الديوان «أبيات حبل البيت» .
[5] تاريخ بغداد 13/ 84 رقم 7062.

(26/300)


قال الخطيب: ثنا عنه أبو الفرج بن سميكة، وسمعت أبا نعيم يوثّقه، ثمّ ورّخ وفاته.
يحيى بْن عَبْد الله بْن محمد [1] ، أبو بَكْر القُرْطُبي المعروف بالمِغيلي [2] .
سمع: محمد بن محمد بن عبد الملك بن أنس، وجماعة. وحجّ وسمع من ابن الأعرابي.
وكان بارعًا في الآداب، بليغًا ذا فنون. والله أعلم.
__________
[1] تاريخ علماء الأندلس 2/ 190 رقم 1594.
[2] المغيلي: بفتح الميم وكسر الغين المعجمة وبالياء المعجمة باثنتين من تحتها. قال ابن ماكولا 7/ 272: «فهو أبو بكر المغيلي، شاعر أندلسي كان في أيام الحكم المستنصر، مشهور لا يعرف اسمه، قاله لنا الحميدي» . انظر: جذوة المقتبس 392 رقم 924 واللباب 3/ 242.

(26/301)


[وَفَيَات] سنة ثلاث وستين وثلاثمائة
أحمد بن محمد بن عبد البرّ [1] ، أبو عثمان التُّجَيْبي القُرْطُبي، يُعرف بابن الكَشْكيناني [2] .
حجّ وسمع أبا سعيد بن الأعرابي ورجع، وتُوُفّي في شوّال.
أحمد بن علي بن إبراهيم النّرسي البغدادي. تُوُفّي بالرملة وله إحَدى وثمانون سنة.
إبراهيم بن سليمان بن عدّي الشافعي العسكري المصري. تُوُفّي في رجب.
سمع أبا عبد الرحمن النَّسَائي.
إسماعيل بن محمد بن علان الخَوْلاني المصري المؤدّب.
يروي عن النّسائي، والحسن بن غُلَيْب.
أصبغ بن قاسم بن أصبغ [3] ، أبو القاسم، من أهل إستجة [4] .
__________
[1] تاريخ علماء الأندلس 1/ 49 رقم 163.
[2] الكشكيناني: بفتح الكاف وسكون الشين المعجمة بثلاث وكسر الكاف الثانية ونون مفتوحة وآخرها نون. نسبة إلى كشكينان قرية بنواحي قرطبة (معجم البلدان) .
[3] تاريخ علماء الأندلس 1/ 80 رقم 255، لسان الميزان 1/ 460 رقم 1420.
[4] إستجة: بالكسر ثم السكون، وكسر التاء فوقها نقطتان، وجيم وهاء، اسم لكورة بالأندلس

(26/303)


سمع: محمد بن عمر بن لبابة، وأحمد بن خالد بن الحباب، وحج فسمع من أبي جعفر العُقَيْلي، وابن الأعرابي، وسمع صحيح البخاري من صالح بن محمد الأصبهاني، عن إبراهيم بن معقل النّسَفي.
ولي قضاء إسْتِجَة، فأساء السّيرة وشَكَوه. وكان جسيمًا وسيمًا.
تُوُفّي في رمضان.
ثابت بن سِنان [1] بن ثابت بن قُرّة، أبو الحسن الحَرّاني الأصل الصّابي، ثم البغدادي.
كان يلحق بأبيه في صناعة الطّبّ، وصنّف تاريخًا كبيرًا [2] على الحوادث والوقائع التي تمّت في زمانه، وخدم بالطبّ الراضي باللَّه وجماعة من الخُلَفاء قبله.
وقال في تاريخه: لما سُلَّم أبو علي بن مُقْلَة [3] إلى الوزير عبد الرحمن بن عيسى، من جهة الراضي باللَّه، في سنة أربع وعشرين وثلاثمائة حمله إلى داره، ثم ضُرب ابن مُقْلَة بالمَقَارع في دار عبد الرحمن، وأُخذ خطه بألف دينار، وأنّه أُدْخِل عليه ليفصده فذكر من خبره فصلًا.
وتُوُفّي إبراهيم بن سِنان [4] أخو ثابت في أول خمس وثلاثين وثلاثمائة،
__________
[ () ] متّصلة بأعمال ريّة بين القبلة والمغرب من قرطبة. (معجم البلدان 1/ 174) .
[1] في الأصل «شعبان» والتصحيح من: العبر 2/ 330، شذرات الذهب 3/ 44، عيون الأنباء 1/ 224- 226، معجم الأدباء 7/ 142- 145، تاريخ الحكماء 109- 111، الكامل في التاريخ 8/ 221، الوافي بالوفيات 10/ 463 رقم 4969، طبقات الأطباء لابن جلجل 80، الفهرست 302، طبقات الأمم لصاعد 37، النجوم الزاهرة 4/ 111 وفيه وفاته سنة 365 هـ. وكذلك في تكملة تاريخ الطبري 1/ 228، أخبار الزمان 67.
[2] في الأصل «كثيرا» .
[3] هو: محمد بن علي بن الحسين بن مقلة. أديب، شاعر، حسن الخطّ، استوزره القاهر باللَّه، ثم سجنه. مات في السجن سنة 328 هـ. (الفهرست 1/ 168) .
[4] الفهرست 1/ 272، عيون الأنباء 1/ 226، تاريخ الحكماء 58، 59، كشف الظنون 1396، 1420، 1436، معجم المصنّفين 3/ 154- 156، الأعلام 1/ 36، معجم المؤلّفين 1/ 36.

(26/304)


ولم يستكمل أربعين سنة، وكان من الأذكياء البارعين في صناعة الطّبّ كأخيه وأبيه.
الحارث بن سعيد بن حمدان [1] ، أبو فراس الشاعر المشهور الأمير، وقد ذكرناه في سنة سبعٍ وخمسين.
وأمّا ابن الْجَوْزي فقال في «المنتظم» : تُوُفّي هذا في سنة ثلاثٍ وستّين، ثم ذكر أنّه قُتِل وما بلغ الأربعين، وأنّ سيف الدولة رثاه.
قلت: هذا متناقض، فمن شعره:
المَرْءُ نُصْبَ مصائبَ لا تنقضي ... حتى يُوارَى جسمُه في رمسه
فمؤجّل يَلْقَى الرّدَى في غيره [2] ... ومُعَجّل يَلْقَى الرَّدَى في نفسِهِ [3]
وله:
مرام الهَوَى صَعْبٌ وسَهْلُ الهَوَى وَعْرُ ... وأوعر [4] ما حاولته الحبّ والصّبْرُ
أواعدني بالوعد والموتُ دونَهُ ... إذا متّ عطشانًا فلا نزل القَطْرُ
بدوت وأهلي حاضرون لأنّني ... أرى أنّ دارًا [5] لست من أهلها نَفْرُ
وما حاجتي في المال أبغي وُفُورَهُ ... إذا لم يفْر عرض فلا وفَرَ الوَفْرُ
وقال أصحابي [6] الفِرارُ أو الرّدَى ... فقلت: هما أمران أحلاهُما مرّ
__________
[1] المنتظم 7/ 68 رقم 93، البداية والنهاية 11/ 278، 279، يتيمة الدهر 1/ 28، تهذيب ابن عساكر 3/ 439، زبدة الحلب 1/ 157، وفيات الأعيان 2/ 58، مرآة الجنان 2/ 369، شذرات الذهب 3/ 24، كشف الظنون 773، أعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء 4/ 44، الوافي بالوفيات 11/ 261 رقم 385، الأعلام 2/ 156، معجم المؤلفين 3/ 175، المختصر في أخبار البشر 2/ 108، 109، سير أعلام النبلاء 16/ 196، 197 رقم 136، العبر 2/ 294، 295، دول الإسلام 1/ 219، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد 103- 106، فوات الوفيات 1/ 353- 357، النجوم 3/ 333.
[2] وقيل: «في أهله» .
[3] البيتان في: يتيمة الدهر 1/ 46، والمنتظم 7/ 69.
[4] في المنتظم «وأعسر» .
[5] في المنتظم «الدار دارا» .
[6] في المنتظم «أصيحابي» .

(26/305)


سيذكرني قومي إذا جَدّ جِدُّها ... وفي الليلة [1] الظَّلْماء يُفْتَقَد البدْرُ
ولو سَدَّ غيري ما سَدَدْتُ اكتفوا به ... وما كان يغلو التِّبْرُ لو نَفَق الصُّفْرُ
ونحن أُناسٌ لا تَوَسُّط عندنا ... الصَّدْرُ دون العالمين أو القبْرُ
تهون علينا في المعالي نفوسُنا ... ومن خَطَبَ الحسناءَ لم يغلها مَهْرُ [2]
جُمَحُ بن القاسم بن عبد الوهاب [3] ، أبو العبّاس الْجُمَحي المؤذّن، دمشقيّ محدّث، يُعرف قديمًا بابن أبي الحواجب.
روى عن: عبد الرحمن بن الرَّواس، وأبي قُصَيّ إسماعيل العُذْري، وإبراهيم بن دُحَيْم، وأحمد بن بِشْر الصُّوري، ومحمد بن العبّاس بن الدَّرَفْس، وطبقتهم.
روى عنه: أبو عبد الله بن مَنْده، وتمّام بن عبد الوهاب المَيْداني، ومحمد بن عوف المزني، ومحمد بن عبد السلام.
وكان ثقة نبيلًا.
الحسن بن موسى بن بُنْدار [4] ، أبو محمد الدَّيْلمي.
حدّث ببغداد عن: أحمد بن محمد بن سليمان المالكي، وأحمد بن الحسين صاحب البَصْرى.
وعنه البَرْقَاني وغيره. وكان ثَبْتًا حافظًا. حدّث في هذه السنة.
حمزة بن أحمد بن مخْلَد [5] البغدادي القطّان.
سمع: أبا شعيب الحراني، وموسى بن هارون.
__________
[1] في المنتظم «الظلمة» .
[2] الأبيات في: المنتظم 7/ 70.
[3] العبر 2/ 330، تهذيب ابن عساكر 3/ 394، شذرات الذهب 3/ 45، تاريخ التراث العربيّ 1/ 321، سير أعلام النبلاء 16/ 77 رقم 58.
[4] تاريخ بغداد 7/ 430 رقم 4003.
[5] تاريخ بغداد 8/ 183 رقم 4308.

(26/306)


وعنه: البرقاني، ومحمد بن عمر بن بكير.
حدّث في هذه السنة.
صدوق.
سِيدابيْه بن داود [1] ، أبو الأصبغ المرشاني الأندلُسي.
سمع: محمد بن عمر بن لبابة، وأحمد بن خالد بن الحُباب.
وكان شيخًا صالحًا موصوفًا بالفقه، وحدّث.
العبّاس بن الحسين بن الفضل [2] الشّيرازي. وَزَرَ لعزّ الدولة بخُتَيَار بن مُعِزّ الدّولة، وكان ظالمًا جبّارًا، فقبض عليه ثم قتله في حبْسه، وله تسعٌ وخمسون سنة.
عبد الله بن عديّ [3] أبو عبد الرحمن الصَّابوني.
تُوُفّي ببُخَارى في ذي الحجّة.
مشى في الرّدّ على أبي حاتم بن حبّانِ فيما تأَوَّل من الصِّفات.
أخذ عن يحيى بن عمّار وغيره.
روى عنه ابن خُزَيْمة وطبقتهم.
عبد الحميد بن أحمد بن عيسى. سمع [4] النّسائي، وتُوُفّي في شعبان.
عَبْد الْعَزِيز بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أُسَيد، أبو بكر المدني المعدّل.
روى عن: محمد بن نُصَيْر، وزكريّا السّاجي.
__________
[1] تاريخ علماء الأندلس 1/ 193 رقم 580، الوافي بالوفيات 16/ 63، 64 رقم 85.
[2] المنتظم 7/ 73 رقم 96، البداية والنهاية 11/ 278، الوافي بالوفيات 16/ 659 رقم 709 وأخباره في تجارب الأمم 2/ 181 و 185 و 186 و 235- 237 و 240- 242 و 245- 247 و 259 و 260 و 292- 293 و 306- 313، وفي الكامل في التاريخ- الجزء 8 (راجع فهرس الأعلام) ، سير أعلام النبلاء 16/ 222، 223 رقم 156 وص 309 (دون رقم) ، النجوم الزاهرة 4/ 68، 69.
[3] الوافي بالوفيات 17/ 318 رقم 270.
[4] في الأصل «جمع» .

(26/307)


وعنه: أبو بكر بن أبي علي، وأبو نُعَيم، وغيرهما.
تُوُفّي في سلْخ ذي القعدة.
عبد العزيز بن إسحاق بن جعفر [1] ، أبو القاسم الزَّيدي البغدادي.
ذكره ابن أبي الفوارس فقال: كان له مذهب خبيث، ولم يكن في الرّواية بذاك. سمعت منه أجزاء فيها أحاديث رَدِيّة.
قلت: يُعرف بابن البقّال، حدّث عن: الباغَنْدي، وعلي بن العبّاس المقانعي.
قال التّنوخي: كان من متكلّمي الشّيعة، له مُصَنَّفات على مذهب الزَّيدِيّة، يجمع حديثًا كثيرًا، وله أخٌ شاعر مشهور.
عبد العزيز بن جعفر بن أحمد [2] بن يزداد، أبو بكر الفقيه الحنبلي، غلام الخلال شيخ الحنابلة وعالمهم المشهور.
تفقّه بأستاذه أبي بكر الخلال، وسمع من عبد الله بن أحمد بن حنبل فيما قيل، وسمع من محمد بن عثمان بن أبي شَيْبَة، وموسى بن هارون، والحسين بن عبد الله الخَرْقي، وأحمد بن محمد بن الْجَعْد الوشّاء، وأبي خليفة الفضل بن الحُبَاب، وجعفر الفِرْيابي، وجماعة.
وعنه: الْجُنْيد الخطبي، وبِشْرى الفاتني، وغيرهما. وتفقّه عليه أبو عبد الله بن بُطَّة، وأبو إسحاق بن شاقْلا، وأبو حفص العُكْبُري، وأبو الحسن التميمي، وأبو حفص البَرْمكي، وأبو عبد الله بن حامد.
__________
[1] تاريخ بغداد 10/ 458 رقم 5627، لسان الميزان 4/ 25 رقم 67.
[2] طبقات الفقهاء 172، طبقات الحنابلة 2/ 119، العبر 2/ 330، المنتظم 7/ 71 رقم 94 وفيه: «عبد العزيز بن أحمد بن جعفر بن يزداد» ، تاريخ بغداد 10/ 459، 460 رقم 5628، البداية والنهاية 11/ 278، الكامل في التاريخ 8/ 647، شذرات الذهب 3/ 45، النجوم الزاهرة 4/ 105، طبقات المفسرين 1/ 306 رقم 286، دول الإسلام 1/ 224، الأعلام 4/ 139، معجم المؤلفين 5/ 244، تاريخ التراث العربيّ 2/ 216 رقم 13، سير أعلام النبلاء 16/ 143- 145 رقم 102، هدية العارفين 1/ 577.

(26/308)


وكان كبير القدْر، صحيح النقل، بارعًا في نقل مذهبهِ.
قال أبو حفص البرمكي: سمعت أبا بكر عبد العزيز يقول: سمع منّي شيخنا أبو بكر الخلال نحو عشرين مسألة وأثبتها في كتابه.
وقال أبو يَعْلَى القاضي [1] : كان لأبي بكر عبد العزيز مصنّفات حَسنة منها «المقنع» وهو نحو مائة جزء، وكتاب «الشّافي» نحو ثمانين جزءًا، وكتاب «زاد المسافر» وكتاب «الخلاف مع الشافعي» وكتاب «مختصر السنة» .
تُوُفّي في شوّال سنة ثلاثٍ وستين، وله ثمانٍ وسبعون سنة في [سن] [2] شيخه الخلال، وسنّ شيخه المَرْوَزي، وسنّ أحمد بن حنبل.
ورُوي عنه أنّه قال في مرضه: أنا عندكم إلى يوم الجمعة، فمات يوم الجمعة، رحمه الله تعالى. ويُذكَر عنه زُهْدُ وقُنُوع.
وقد ذكر أبو يَعْلَى أنّه كان مُعَظّمًا في النُّفُوس، متقدّمًا عند الدولة، بارعًا في مذهب أحمد.
أَنْبَأَنَا الْمُؤَمَّلُ بْنُ الْبَالِسِيِّ، أنا أَبُو الْيُمْنِ الْكِنْدِيُّ، أنا أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ، نا أَحْمَدُ بْنُ الْجُنَيْدِ الْخُطَبِيُّ، نا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جَعْفَرٍ، نا عَلِيُّ بْنُ طَيْفُورٍ، نا قُتَيْبَةُ، نا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآَنَ وَعَلَّمَهُ» [3] . علي بن عبد الله بن الفضل [4] البغدادي، أبو الحسين.
حدّث بمصر عن: جعفر الفريابي، وأبي خليفة.
__________
[1] طبقات الحنابلة 2/ 119.
[2] إضافة على الأصل.
[3] أخرجه البخاري والترمذي وأبو داود. وفي أخرى للبخاريّ «أو علّمه» . رواه البخاري 9/ 66 و 67 في فضائل القرآن، باب: خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه، وأبو داود رقم 1452 في الصلاة، باب في ثواب قراءة القرآن، والترمذي رقم 2909 و 2910 في ثواب القرآن، باب: ما جاء في تعليم القرآن.
[4] تاريخ بغداد 12/ 6 رقم 6360.

(26/309)


وعنه: الدَارقُطْنيّ، وعبد الغني الأزدي.
عيسى بن موسى بن أبي محمد [1] بن المتوكّل على الله، أبو الفضل الهاشمي العبّاسي.
سمع: محمد بن خَلَف بن المَرْزُبان، وأبا بكر بن أبي داود، وجماعة.
وعنه: أبو علي بن شاذان.
قال الخطيب: كان ثقة ثَبْتًا. حدّثني الأزهري أنّ أبا الفضل لازم ابنَ أبي داود في سماع الحديث نيّفًا وعشرين سنة، ووُلد سنة ثمانين ومائتين، وأوّل سماعه من أبي بكر سنة تسعين.
غالب بن عبد الله بن موسى بن قليج، أبو بكر البزّاز، مصري.
تُوُفّي في جُمادى الأولى.
محمد بن أحمد بن سهل [2] بن نصر، أبو بكر الرَّمْلي الشهيد المعروف بابن النّابلسي.
حدّث عن: سعيد بن هاشم الطبراني، ومحمد بن الحَسَن بن قُتَيْبَة، ومحمد بن أحمد بن شيبان الرّملي.
وعنه: تمّام الرّازي، والدار الدّارقطنيّ، وعبد الوهاب المَيْداني، وعلي بن عمر الحلبي، وغيرهم.
قال أبو ذرّ الهَرَوي: سجنه بنو عُبَيْد وصلبوه على السنة. سمعت الدَارقُطْنيّ يذكره ويبكي ويقول: كان يقول وهو يُسْلخُ: كان ذلك في الكتاب مَسْطُورًا.
وقال أبو الفرج بن الْجَوْزي: أقام جوهر لأبي تميم صاحب مصر الزّاهد أبا بكر النّابلسي، وكان ينزل الأكواخ من الشّام، فقال: بلغنا أنَّك قلت: إذا
__________
[1] تاريخ بغداد 11/ 178 رقم 5889، المنتظم 7/ 74 رقم 97.
[2] العبر 2/ 330، مرآة الجنان 2/ 379، شذرات الذهب 3/ 46، دول الإسلام 1/ 224، النجوم الزاهرة 4/ 106، المحمّدون من الشعراء 117، سير أعلام النبلاء 16/ 148- 150 رقم 105، الوافي بالوفيات 2/ 44، 45، حسن المحاضرة 1/ 515.

(26/310)


كان مع الرجل عشرة أسهم وَجَبَ أنْ يرمي في الرُّوم سهمًا وفينا سبعة، فقال:
ما قلت هكذا، فظنّ أنّه يرجع عن قوله، فقال: كيف قلت؟ قال: قلت: إذا كان معه عشرة وَجَب أن يرميكم بتسعة، ويرمي العاشر فيكم أيضًا، فإنّكم قد غيّرتم الملّة، وقتلتم الصالحين، وادَّعيْتم أمور الإلهيّة، فشهّره ثم ضربه، ثم أمر يهوديًا بسَلْخه.
وقال هبة [الله] بن الأكفاني: سنة ثلاثٍ وستين تُوُفّي العبد الصالح الزاهد أبو بكر بن النّابلسي، كان يرى قتال المغاربة يعني بني عُبَيْد، وكان قد هرب من الرَّمْلَة إلى دمشق، فقبض عليه متولّيها أبو محمود الكُتامي [1] ، وحبسه في رمضان، وجعله في قفص خشب، وأرسله إلى مصر، فلما وصلها قالوا له: أنت الذي قلت: لو أنّ معي عشرة أسهم لرميت تسعةً في المغاربة وواحدًا في الرّوم، فاعترف بذلك، فأمر أبو تميم بسلْخه فسُلخ، وحُشِي جلْده تبنًا، وصُلب.
وقال معمر بن أحمد بن زياد الصّوفي: إنّما حياة السنة بعلماء أهلها والقائمين بنُصرة الدّين، لا يخافون غير الله، ولو لم يكن من غُرْبة السنة إلّا ما كان من أمر أبي بكر النّابلسي لمّا ظهر المغربيّ بالشام واستولى عليها، فأظهر الدّعِوة إلى نفسه، قال: لو كان في يدي عشرة أسهم كنت أرمي واحدًا إلى الروم وإلى هذا الطاغي تسعة، فبلغ المغربيَّ مقالتُهُ، فدعاه وسأله، فقال: قد قلت ذلك لأنّك فعلتَ وفعلت، فأخبرني الثّقة أنّه سُلِخ من مفرِق رأسه حتى بلغ الوجه، فكان يذكر الله ويصبر، حتى بلغ العَضُدَ، فرحِمَهُ السّلاخ، فوكز السّكَين في موضع القلب، فقضى عليه. وأخبرني الثّقة أنّه كان إمامًا في الحديث والفقه، صائم الدّهر، كبير الصَّوْلة عند الخاصّة والعامّة، ولما سلخ كان يسمع من جسده قراءة القرآن، فغلب المغربي بالشام وأظهر المذهب الرّديء، ودعا إليه، وأبطل التراويح وصلاة الضُّحَى، وأمر بالقنوت في الظّهر بالمساجد.
__________
[1] في الأصل «الكداني» .

(26/311)


وقُتل النابلسيّ في سنة ثلاثٍ وستين، وكان نبيلًا جليلًا، رئيس الرملة، هرب إلى دمشق فأخذ منها، وبمصر سُلخ.
وقيل: إنّه لما أُدخِل مصر، قال له بعض الأشراف ممّن يعانده:
الحمد للَّه على سلامتك، فقال: الحمد للَّه على سلامة ديني وسلامة دُنياك.
قلت: كانت محنة هؤلاء عظيمة على المسلمين، ولما استولوا على الشام هرب الصُّلحاء والفقراء من بيت المقدس، فأقام الزاهد أبو الفرج الطَّرَسُوسي بالأقصى، فخوّفوه منهم، فبيّت، فدخلت المغاربة وغَشَوْا به، وقالوا: العن كيت وكيت، وسمّوا الصحابة، وهو يقول: لا إله إلا الله، سائر نهاره، وكفاه الله شرّهم.
وذكر ابن الشَّعشاع المصري إنّه رآه في النّوم بعد ما قُتِل. وهو في أحسن هيئة. قال: فقلت: ما فعل الله بك؟ قال:
حباني مالكي بدوام عِزٍّ ... وواعدني بقرب الانتصارٍ
وقرّبني وأدْناني إليه ... وقال: انْعَمْ بعَيْش في جِوَارِي [1]
محمد بن أحمد بن عيسى [2] ، أبو بكر القُمّي.
سمع: أبا عَرُوبة الحرّاني، ومحمد بن قُتَيْبة العسقلاني.
سمع منه في هذا العام السَّكن [3] بن جميع بصيداء.
محمد بن إسحاق بن مُطَرّف [4] ، أبو عبد الله الأندلسي الإسْتِجِي [5] .
سمع من: عُبَيْد الله بن يحيى بن محمد بن عمر بن لبابة، وأحمد بن خالد.
__________
[1] الوافي بالوفيات 2/ 45.
[2] تاريخ دمشق (مخطوط التيمورية) 36/ 367.
[3] هو أبو محمد الحسن بن محمد بن أحمد بن جميع الصيداوي المعروف بالسكن. توفي سنة 436 هـ.
[4] تاريخ علماء الأندلس 2/ 73 رقم 1307، الوافي بالوفيات 2/ 196 رقم 567، بغية الوعاة 21.
[5] الإستجي: نسبة إلى إستجة: كورة بالأندلس.

(26/312)


وكان شاعرًا عالمًا باللغة والعربية. روى عنه [1] : إسماعيل وغيره.
مات في شوّال.
محمد بن الحسين بن إبراهيم [2] بن عاصم أبو الحسن الآبرّي [3] ثم السّجسْتاني.
رحل وطَوّف، وسمع: أبا العبّاس بن السّرّاج، وابن خُزَيْمة، ومحمد بن الربيع الجيزي، وأبا عَرُوبة الحّراني، ومحمد بن يوسف الهَرَوي، وزكريّا بن أحمد البلْخي، ومكحولًا البيروتي، وهذه الطبقة.
يروي عنه: علي بن بشري، ويحيى بن عمار السجستانيان.
وصنف كتابا كبيرا في مناقب الشافعي.
وآبر من قرى سجسْتان. تُوُفّي في شهر رجب.
مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ العبّاس، أبو الحسين الشيرازي اللالكائي.
ثقة. يروي عن حمّاد بن مدرك، وغيره.
محمد بن علي بن حسين، أبو بكر بن الفأفاء الرّازي، قاضي الدّيَنَور.
حدّث بهَمَذَان سنة ثلاثٍ وستّين بكتاب «الْجَرْح والتَّعديل» عن ابن أبي [4] حاتم، ويروي عن جماعة.
روى عنه الكتاب: أبو طاهر بن سلمة، وابن فنجويه، وابن تركان، وغيرهم.
__________
[1] في الأصل «عن» .
[2] الإكمال 1/ 123، الأنساب 13 أ، تاريخ دمشق (مخطوط التيمورية) 37/ 392 و 393، طبقات الشافعية الكبرى 2/ 149 و 150، العبر 2/ 330، شذرات الذهب 3/ 46، تذكرة الحفاظ 2/ 954، 955 رقم 899، المشتبه في أسماء الرجال 1/ 3، معجم البلدان 1/ 49، سير أعلام النبلاء 16/ 299- 301 رقم 210، طبقات الحفاظ 383، هدية العارفين 2/ 48، موسوعة علماء المسلمين 45/ 160، 161 رقم 1380.
[3] الآبري: بفتح الألف الممدودة وضم الباء المنقوطة بواحدة وفي آخرها الراء المهملة. هذه النسبة إلى آبر. وهي قرية من قرى سجستان. (اللباب 1/ 17) .
[4] في الأصل «أبي هاني» .

(26/313)


محمد بن الحسين [1] ، أبو العبّاس بن السّمسار الدّمشقي الحافظ، أخو أبي الحسن علي.
سمع: أحمد بن عُمَير بن جَوْصا، ومحمد بن خُزَيم، وعلي بن محمد بن كاس، وأبا [2] الْجَهْم بن طِلاب، وأبا [2] الدّحْداح أحمد بن محمد، وعبد الله بن السّريّ الحمصي الحافظ، [وسمع] [3] ببغداد من المحاملي، ومحمد بن أحمد بن مخلد.
وعنه: أخوه أبو الحسن، ومكّي بن الغَمْر، ومحمد بن عَوْف المُزَني، وجماعة.
قال المَيْدَاني: تُوُفّي في شهر رمضان.
وقال أبو محمد الكتّاني: كان ثقة نبيلًا حافظًا، كتب القناطير، وحدّث باليسير، وقد سمع أيضًا بمصر. مات عن بضْعٍ وستّين سنة.
مروان بن عبد الملك القُرْطُبي [4] الزّاهد.
سمع محمد بن عبد الملك بن أيمن [5] ، وأحمد بن بِشْر، وحجّ فسمع من محمد بن الصّمُوت بمصر.
وكان زاهدا عابدا خيّرا. توفّي في ربيع الآخر.
المُظَفَّر بن حاجب [6] أرَّكين، أبو القاسم الفَرغاني.
روى عن: أبي يَعْلَى الموصلي، وإسماعيل بن قيراط، ومحمد بن
__________
[1] في الأصل «موسى بن الحسين» ، والتصويب من العبر 2/ 331، ومرآة الجنان 2/ 379، وشذرات الذهب 3/ 47، والوافي بالوفيات 5/ 86 رقم 2089، تذكرة الحفاظ 3/ 984 رقم 918.
[2] في الأصل «أبي» .
[3] إضافة على الأصل.
[4] تاريخ علماء الأندلس 2/ 124 و 125 رقم 1418.
[5] في الأصل «سمع محمد بن عبد الملك القُرْطُبي سمع محمد بن عبد الملك بن أيمن» .
[6] العبر 2/ 331، شذرات الذهب 3/ 47 وفي الأصل «المظفر ابن مالكين» .

(26/314)


يزيد بن عبد الصّمد، وأبي عبد الرحمن النّسائي، وجعفر الفِرْيابي.
رحل [به] أبوه واعتنى به.
روى عنه تمّام الرّازي، وأبو نصر بن هارون، وأبو نصر بن الجندي، وآخرون.
حدّث في هذا العام.
قَرَأْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ عُذَيْرٍ، أَخْبَرَكُمْ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ محمد الأَنْصَارِيُّ حُضُورًا أَنَّ أَبَا الْحَسَنِ عَلِيَّ بْنَ الْمُسْلِمِ، أَخْبَرَهُمْ فِي سنة سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، أَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ، أنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى السِّمْسَارُ، أنا الْمُظَفَّرُ بْنُ حَاجِبٍ، أنا محمد بْنُ يَزِيدَ، ثنا مُوسَى بْنُ أَيُّوبَ النُّصَيْبِيُّ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَكَلَ لَعِقَ أَصَابِعَهُ الثَّلاثَ فَبَدَأَ بِالْوُسْطَى، ثُمَّ الَّتِي تَلِيهَا، ثُمَّ الإِبْهَامِ» [1] . نافع بن عبد الله [2] ، أبو صالح الخادم، مولى القاضي عبد الله بن محمد ابن عمر الأصبهاني.
يروي عن عَبْد اللَّه بْن محمد بْن عَبْد الكريم الرّازي.
وعنه أبو نُعَيم، وأبو بكر بن أبي علي.
وقال أبو نُعَيم: كان يصوم النّهار، ويقوم اللّيْل، ويتصدّق بِمُغَلّه، ويقتصر في فِطْرِهِ على ما يُطْلِق له مولاه.
تُوُفّي سنة اثنتين أو ثلاثٍ وستّين.
النُّعْمان بن محمد بن منصور [3] ، أبو حنيفة المقرئ القاضي.
__________
[1] أخرجه مسلم في الأشربة 136 وأبو داود في الأطعمة 49 والترمذي في الأطعمة 11 وأحمد بن حنبل في المسند 3/ 290 و 454.
[2] ذكر أخبار أصبهان 2/ 327.
[3] كتاب الولاة والقضاة 586، 587، رفع الإصر 136، العبر 2/ 331 وانظر عنه كتابه «رسالة افتتاح الدعوة» الّذي نشرته وداد القاضي ببيروت 1970، أما عن مؤلّفاته فانظر مقدّمة كتابه «دعائم الإسلام» الّذي طبع منه الجزء الأول في مصر سنة 1951، مرآة الجنان 2/ 379،

(26/315)


قال المسبّحي في «تاريخ مصر» [1] : كان من أهل الفقه والدّين والنُّبل، وله كتاب «أصول المذاهب» .
قال غيره: كان المتخلّف [2] مالكيا، ثم تحوّل إلى مذهب الشّيعة لأجل الرئاسة، ودَاخَل بني عُبَيْد، وصنّف لهم كتاب «ابتداء الدعوة» ، وكتابًا في الفقه، وكُتُبًا كثيرة في أقوال القوم، وجمع في المناقب والمثالب، وردّ على الأئمة، وتصانيفة تدلّ على زَنْدَقَتِه وانْسِلاخه مِن الدّين، وأنّه منافق، نافَقَ القوم، كما ورد أنّ مغربيًّا جاء إليه فقال: قد عزم الخادم على الدّخول في الدّعوة، فقال: ما يحملك على ذلك؟ قال: الذي حمل سيّدنا. قال: يا ولدي نحن أدخلنا في هواهم حَلْواهم، فأنت لماذا تدخل؟.
وللنُّعْمان كتاب «دعائم الإسلام» ثلاثون مجلَّدًا في مذهب القوم، ومنها «شرح الآثار» خمسون مجلّدًا، وغير ذلك. وكان ملازمًا للمعزّ أبي تميم، وولي القضاء له على مملكته، وقدم مصر معه من الغرب.
وتُوُفّي بمصر في رجب سنة ثلاثٍ وستّين، فأشرك المُعِزّ في القضاء بين ولده أبي الحسن علي، وبين الذُّهْلي أبي الطّاهر، فلما عجز الذُّهْلي وشاخ، استقل أبو الحسن بالقضاء، واستناب أخاه أبا عبد الله.
وكان أبو الحسن شاعرًا مُحْسِنًا.
يَعْلَى بن موسى البربري الصُّوفي الزّاهد.
وكان من سادات المغاربة. رأى ربَّ العِزَّةِ في المنام.
تُوُفّي في هذه السنة.
__________
[380،) ] طبقات المفسرين للداوديّ 2/ 346 رقم 660، لسان الميزان 6/ 167، وفيات الأعيان 5/ 48، دول الإسلام 1/ 224، النجوم الزاهرة 4/ 106، 107، اتعاظ الحنفا 1/ 149، سير أعلام النبلاء 16/ 150، 151 رقم 106، شذرات الذهب 3/ 47، روضات الجنات 2/ 219، 220، هدية العارفين 2/ 495، عيون الأخبار وفنون الآثار 200 وله أخبار كثيرة في «المجالس والمسايرات» من تأليفه، وتاريخ الأنطاكي.
[1] هو في حكم المفقود، نشر وليم ميلورد جزءا منه بعنوان «أخبار مصر في سنتين (414- 415 هـ.) طبعة الهيئة المصرية العامة للكتاب 1980.
[2] هكذا في الأصل، ولعلّه أراد «المتحنّف» .

(26/316)


[وَفَيَات] سنة أربع وستّين وثلاثمائة
أحمد بن عبيد الله بن محمود [1] بن شابور، أبو العبّاس الأصبهاني الفقيه المغربي، ولقبه خَرْطَبة.
كتب الكثير بأصبهان والرّيّ، وحدّث عن: عبد الله بن محمد بن وهب الدينوري، ومحمد بن إبراهيم بن زياد، وجماعة.
أحمد بن القاسم بن عُبَيْد الله [2] بن مهدي، أبو الفرج بن الخشّاب البغدادي الحافظ، نزيل ثغر طَرَسُوس.
حدّث بدمشق عن: محمد بن محمد الباغَنْدي، ومحمد بن جرير، وعبد الله بن إسحاق المدائني، والبَغَوِي، ومحمد بن الرَّبيع الجيزي، وأبي جعفر الطّحاوي، وجماعة.
وعنه: تمّام، وعبد الوهاب المدائني، وبقاء الخَوْلاني، ومحمد بن عَوْف المزيّن، ومكّي بن الغَمْر.
وتُوُفّي في صفر سنة أربع.
__________
[1] ذكر أخبار أصبهان 1/ 158.
[2] تاريخ بغداد 4/ 353 رقم 2200، تهذيب ابن عساكر 1/ 439، شذرات الذهب 1/ 48، الوافي بالوفيات 7/ 292 رقم 3276، سير أعلام النبلاء 16/ 151 رقم 107.

(26/317)


قال ابن النَّقُّور: ثنا عيسى بن الوزير، كتب إليّ أحمد بن القاسم بن الخشّاب قال: سمعت أبا جعفر أحمد بن محمد بن سلامة قال: سمعت محمد بن أبي عمران يقول: قال هلال الرّائي: أَوْثَقُ المَوَدَّات ما كان في الله عزَّ وجلّ.
أحمد بن القاسم بن يوسف [1] بن فارس الميانَجي، أخو القاضي يوسف.
يروي عن: إبراهيم بن يوسف الهِسِنْجاني [2] ، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وعلي بن عبد الله بن مبشّر، وعثمان بن محمد الذَّهبي، وجماعة.
وعنه: ابنه صالح، وحمزة الأطْرَابُلُسي، وحمزة بن محمد البَعْلَبكّي، وأبو الحسن علي بن موسى بن السّمسار.
وعاش إلى سنة أربعٍ وستّين وانقطع خبره.
أحمد بْن محمد بْن إِسْحَاق [3] بْن إبراهيم بْن أسباط مولى جعفر ابن أَبِي طالب، أبو بكر بن السُّنّي الدَّينَوَري الحافظ.
سمع: أبا عبد الرحمن النّسَائي، وعمر بن أبي غيلان البغدادي، وأبا خليفة زكريّا السّاجي، وأبا يعقوب المَنْجَنِيقي، وعبد الله بن زيدان البجلي، وأبا عروبة، وجماهر بن محمد الزَّمْلَكَاني، وطبقتهم بمصر والشّام والعراق والجزيرة.
__________
[1] تاريخ دمشق (مخطوط التيمورية) 3/ 155- 157، تهذيب ابن عساكر 1/ 439، موسوعة علماء المسلمين 1/ 374 رقم 186.
[2] الهسنجاني: بكسر الهاء والسين المهملة وسكون النون وفتح الجيم.. نسبة إلى قرية الريّ يقال لها هسنكان. (اللباب 3/ 388) .
[3] العبر 2/ 332، 333، مرآة الجنان 2/ 380، شذرات الذهب 3/ 47، تذكرة الحفّاظ 3/ 939 رقم 792، تهذيب ابن عساكر 1/ 451، طبقات الشافعية للسبكي 2/ 96، الوافي بالوفيات 7/ 362 رقم 3353، دول الإسلام 1/ 225، المشتبه 374، الإعلان بالتوبيخ 141، كشف الظنون 1451، معجم المؤلفين 2/ 80، تاريخ التراث العربيّ 1/ 321.

(26/318)


وعنه: أبو علي حمد [1] بن عبد الله الأصبهاني، ومحمد بن علي العلوي، وعلي بن محمد عمر الأسْدَابادي، وأحمد بن الحسين الكسّار [2] .
وقال القاضي أبو زُرْعَة رَوْح سِبْط ابن السّنّي: سمعت عمّي علي بن أحمد بن محمد يقول: كان أبي رحمه الله يكتب الحديث، فوضع القلم في أنبوبة المحبرة، ورفع يديه يدعو الله تعالى، فمات رحمه الله، وذلك في آخر سنة أربع وستيّن.
قلت: كان دَيِّنًا خيَّرًا، صنّف في القناعة [3] ، وفي عمل يومٍ وليلة [4] ، وغير ذلك، واختصر «سُنَنَ النَّسَائي» ، وعاش بِضْعًا وثمانين سنة.
أحمد بن محمد بن إبراهيم، أبو حامد النَّيْسَابُوري الواعظ المقرئ، رجل فاضل عالم.
ذكره الحاكم فقال: كان يُعْطي كلَّ نوع من أنواع العلوم حقَّه، وكتب الحديث الكثير، ولم يحدّث تَوَرُّعًا، ولزم مسجده ثلاثين سنة، وكانت شمائله تشبه شمائل السَّلَف.
سمع: عبد الله بن شِيرَوَيْه، وأحمد بن إبراهيم بن عبد الله بن خُزَيْمَة، والسَرّاج.
وله مصنَّفات تدلّ على كماله. تُوُفّي في شوّال، وله ستًّ وسبعون سنة. ولم يحدّث قطّ. فقال: روى عنه الحاكم حكاية.
أحمد بن محمد بن أيّوب [5] أبو بكر الفارسيّ الواعظ المفسّر، نزيل نيسابور.
__________
[1] في الأصل «حمدين» والتصويب من التذكرة.
[2] في الأصل «الكسا» .
[3] منه نسخة خطيّة بالمكتبة الظاهرية ضمن مجموع رقم 28/ 10 (233 أ- 243 ب) .
[4] طبع في حيدرآباد سنة 1315 و 1358 هـ. ومنه نسخ مخطوطة كثيرة في برلين وإسطنبول وبنكيبور ورامبورا. (راجع أرقامها في تاريخ التراث العربيّ 1/ 322) .
[5] طبقات المفسّرين للداوديّ 1/ 70 رقم 64، طبقات المفسّرين للسيوطي 5، الوافي بالوفيات 7/ 362 رقم 3354.

(26/319)


كان له أتْباع ومُريدون. وعظ ببخارى، وخاف الحنفيّة من تغلُّبه عليهم. كان يحضر مجلسه نحو عشرة آلاف.
كتب عنه أبو عبد الله الحاكم.
أحمد بن محمد بن فَرْجُون [1] ، أبو القاسم الأندلُسي.
سمع: عُبَيْد الله بن يحيى، وأيّوب بن سليمان، وطاهر بن عبد العزيز.
وحدّث، وكان ضابطًا، وفيه لين.
أحمد بن محمد بن المؤمل بن الحسن بن عيسى الماسرْجِسِيّ [2] النَّيْسَابُوري، أبو الحسن. من بيت عِلْمٍ ورواية، وكان رجلًا صالحًا.
روى عن: جدّه، وابن عَمْرو، وأحمد بن محمد الجيزي.
وعنه الحاكم.
أحمد بن مسلم بن شُعَيب، أبو العبّاس المَدِيني الأديب.
سمع على: سعيد العسكري، ومحمد بن جرير الطَّبَرِي.
وعنه: ابن أبي علي، وأبو نُعَيم.
أحمد بن هلال بن زيد، أبو عمر الأندلسي العّطار.
رحل، وسمع من محمد بن الرّبيع الْجِيزي، وغيره. وكان حافظًا للشروط، مُتْقِنًا عارفًا بقَوْل مالك.
أحمد بن يوسف، أبو حامد الإسْكاف النَّيْسَابُوري الأشقر. أحد الزُّهاد.
صَحِب أبا عثمان الحِيري، ورأى ابن أبي عطاء، والجريري، وصحِب أبا عمر الدّمشقي وجماعة. وله سياحة وأحوال وكلام نافع. أخرج في آخر
__________
[1] تاريخ علماء الأندلس 1/ 46 رقم 149.
[2] الماسرجسي: بفتح الميم والسين المهملة وسكون الراء وكسر الجيم والسين الثانية. نسبة إلى ماسرجس، وهو اسم لجدّ أبي علي الحسن بن عيسى بن ماسرجس النيسابورىّ الماسرجسي، كان نصرانيا وأسلم. (اللباب 3/ 147) .

(26/320)


عمره من بُخارى، فحجّ ومات بمكّة.
إبراهيم بن أحمد بن محمد [1] بن رجاء، أبو إسحاق النَّيْسَابُوري الأَبزاري الورّاق. وأبزار من قُرَى نَيْسَابور [2] .
سمع: مسدَّد بن قُطْن، وجعفر بن أحمد الحافظ، والحَسَن بن سُفْيان، ومحمد بن محمد الباغَنْديّ، وسعيد بن عبد العزيز، وسعيد بن هاشم الطَّبَراني، وهذه الطبقة.
وعنه: ابن منده، وأبو عبد الرحمن السلمي، وأبو عبد الله الحاكم، وقال: كان ممّن سَلِم المسلمون من لسانه ويده. وطلب الحديث على كِبَر السِّنّ، ورحل فيه. وسمعت أبا عليّ الحافظ يقول له: أنت يا أبا إسحاق «بَهْز بن أسد» [3] ، يعني لَثَبْته وإتقانه. وسمعت أبا علي يمازحه غير مرّة بقول: هذا الشيخ ما اغتسل من حلالٍ قط. فيقول: ولا من حرام يا أبا عليّ، وذلك أنّه ما تأهّل.
تُوُفّي في رجب، وله ستٌّ وتسعون سنة. وحدّث بَمْروِيَّاته على القبول.
إسحاق بن محمد بن إسحاق [4] النَّعالي [5] البغدادي، أبو يعقوب.
سمع: أبا خليفة، والفِرْيابي، وعبد الله بن ناجية.
قال الخطيب: ثنا عن البَرْقَاني، وابن أبي الفوارس، وابن دُوما النّعالي.
__________
[1] العبر 2/ 333، شذرات الذهب 3/ 48، الإكمال 1/ 146 بالحاشية نقلا عن ابن نقطة.
[2] انظر (اللباب 1/ 25) .
[3] بهز بن أسد العمي أبو الأسود البصري. قال الإمام أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: إِلَيْهِ الْمُنْتَهَى فِي التَّثَبُّتِ.
ووثّقه ابن معين، وأبو حاتم، وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً كَثِيرَ الْحَدِيثِ حجة، وذكره ابن حبان في الثقات. توفي سنة 197 وقيل بعد سنة 200 هـ. (تهذيب التهذيب 1/ 497، 498 رقم 923) .
[4] تاريخ بغداد 6/ 400 رقم 3457.
[5] النّعالي: بكسر النون وفتح العين المهملة وبعد الألف لام. هذه النسبة إلى عمل النعال.
(اللباب 3/ 316) .

(26/321)


وقال ابن أبي الفوارس: كان ثقة مأمونًا. مات يوم النَّحْر.
إسحاق الأمير، أبو منصور [1] ابن الإمام المتَّقي للَّه إبراهيم بن المقتدر جعفر [2] العبّاسي.
زَوَّجه أبوه بابنة ناصر الدّولة الحسن بن عبد الله بن حمدان على مهر مائة ألف دينار. وتُوُفّي في هذا العام في المحرَّم عن إحدى وخمسين سنة.
وكان ممّن ترشّح للخلافة.
إسماعيل بن أحمد بن محمد [3] الخلالي التّاجر، أحد الجوَّالين في طلب العلم.
سمع من: عمران بن موسى بن مُجَاشع، ومحمد بن إسحاق بن خُزَيْمة، وأبي يَعْلَى المَوْصِلي، والهَيْثم بن خَلَف، وأحمد بن عمرو البزّار.
وعنه: الحاكم، وأبو الفضل الجارودي، وجماعة.
وقد انتقى عليه رفيقه أبو علي النَّيْسَابُوري الحافظ.
وهو جُرْجاني نزل نَيْسَابُور.
جعفر بن علي بن أحمد [4] بن حمدان [5] ، أبو علي الأندلُسي صاحب المسيلة، وأمير الزّاب [6] من أعمال افريقية.
__________
[1] الوافي بالوفيات 8/ 396 رقم 3833.
[2] في الأصل «وجعفر» .
[3] تاريخ جرجان 151 رقم 173.
[4] معجم البلدان 2/ 904، وفيات الأعيان 1/ 360، البيان المغرب 2/ 242، الوافي بالوفيات 11/ 116 رقم 194، تاج العروس 7/ 386، الحلّة السيراء 1/ 305 في ترجمة أخيه يحيى، أعمال الأعلام.
[5] كذا في الأصل، وفي الحلة السيراء 1/ 305 «حمدون» .
[6] في الأصل «الميزاب» والتصحيح من معجم البلدان 3/ 124 وفيه: الزاب كورة عظيمة ونهر جرّار بأرض المغرب على البرّ الأعظم عليه بلاد واسعة وقرى متواطئة بين تلمسان وسجلماسة والنهر متسلّط عليها.

(26/322)


كان شيخًا كثير العطاء، مُؤثِرًا للعلماء، ولابن هانئ الأندلسي فيه مدائح، ومنها:
المُدْنَفان من البريّة كلّها ... جسمي وطرفُ بابليَّ أحْوَرُ
والمُشْرِقَاتُ النّيّرات ثلاثة ... الشمس والقمر المنير وجعفر [1]
المسيلة مدينة من أعمال الزّاب.
وكان بين جعفر وبين زيري بن مَنَاد عداوة وحُرُوب، جرت بينهما معركة هائلة، ثم قام بعده ابنه بُلُكّين، واستظهر على جعفر، فهرب منه إلى الأندلس، فقُتل في هذه السنة.
وأبوه علي هو الذي بنى المَسِيلَة. وزِيري هو جَدُّ المُعِزّ بن بادِيس.
الحسن بن سعيد القرشي، سمع أصحاب هشام بن عمّار.
الحسن بن علي بن أبي السّلاسل، أبو القاسم البَجَلي.
حدّث عن: أحمد بن علي القاضي المَرْوَزي.
وعنه: تمّام، وأبو نصر المزّي، ومحمد بن عَوْف المُزَني.
تُوُفّي في رجب.
سُبُكْتِكِين الأمير [2] ، حاجب [3] مُعِزّ الدولة بن بُوَيْه. خلع عليه الطائع وطَوَّقه وسَوَّرَه نصر الدولة، فلم تَطُلْ أيّامه.
قال أبو الفرج بن الجوزي: سقط من الفرس فانكسرت ضلعه، فاستدعى ابن الصَّلت المُجَبَر فردَّه، وبقي لا يمكنه الانحناء للرّكُوع، وكان يقول للمجبّر، إذا ذكرتُ عافيتي علي يدك فرحتُ بك ولا أقدر على
__________
[1] البيتان في وفيات الأعيان 1/ 360، والوافي بالوفيات 11/ 16.
[2] المنتظم 7/ 76 رقم 98، العبر 2/ 333، البداية والنهاية 11/ 282، شذرات الذهب 3/ 48، دول الإسلام 1/ 225، النجوم الزاهرة 4/ 108، الفخري في الآداب السلطانية 390، الوافي بالوفيات 15/ 116 رقم 166، تاريخ بغداد 1/ 105، كنز الدرر 167، تكملة تاريخ الطبري 1/ 215، 216، الإنباء في تاريخ الخلفاء 181.
[3] ويقال: صاحب.

(26/323)


مكافأتك، وإذا ذكرت حصول رجلك [1] فوق ظهري اشتدّ غَيْظي منك.
تُوُفّي في أواخر المحرّم، وكانت مدة إمارته شهرين ونصف، وخلف ألف ألف دينار وعشرة آلاف ألف دِرْهَم، وصندوقين [فيهما] [2] جواهر، وستين صُنْدُوقًا قماش، وفضيّات وتُحَف، ومائة وثلاثين سرجا مذهبة، منها خمسون في كلّ واحد ألف دينار، حلية، وستّمائة سَرج فضّة، وأربعة عشر ألف ثوب من أنواع القماش، وثلاثمائة عدْل فيها فَرْش وبُسُط، وثلاثة آلاف رأس من الدّوابّ، وألف جمل، وثلاثمائة مملوك دارية، وأربعة وأربعين [3] خادمًا.
وكان له دار هي دار المملكة اليوم، يعني صارت دار السلطنة. وقد غرم عليها أموالا [4] لا تُحْصَى.
وممّا رُوي عن المحسّن التَّنُوخيّ، عن أبيه قال [5] : بلغت النفقة على عمل البستان، يعنى الذي للدار، وسوق الماء إليه خمسة آلاف ألف درهم.
قال: ولعله قد أنفق على أبنية الدار مثل ذلك فيما أظن.
عبد الله بن محمد أبو أحمد بن الحريص البغدادي.
عن ابن صاعد، وإبراهيم بن عبد الصّمد الهاشمي.
حدّث بدمشق، فروى عنه أبو نصر بن الجبّان، وابن دُوما النّعالي.
أملي من حفظه في هذه السنة.
عبد الله بن محمد بن عثمان [6] بن سعيد بن هاشم بن إسماعيل، أبو محمد الأندلُسي.
سمع: سعيد بن حِمْيَر، وسعيد بن عثمان الأعناقي، وطاهر بن عبد
__________
[1] في المنتظم 7/ 77 «رجليك» .
[2] عن المنتظم.
[3] في المنتظم «أربعين» فقط.
[4] في الأصل «أموال» .
[5] نشوار المحاضرة 4/ 261 وانظر: الوزراء للصابي 29 و 163.
[6] تاريخ علماء الأندلس 1/ 232 رقم 709، جذوة المقتبس 252 رقم 532.

(26/324)


العزيز، وأحمد بن خالد، وجماعة.
وكان محدّثًا ضابطًا [1] ثقة. سمعه [2] جماعة، وتُوُفّي في ربيع الآخر.
عبد الجبّار بن عبد الصّمد بن إسماعيل [3] ، أبو هاشم السّلمي المؤدّب المقرئ.
قرأ القرآن على: أبي عُبَيْدة أحمد بن ذِكْوان، وسمع محمد بن خريم، وجعفر بن أحمد بن عاصم، والقاسم بن عيسي القَصّاب، ومحمد بن المُعافَى الصَّيْداوي، وسعيد بن عبد العزيز، وأبا شَيْبَة داود بن إبراهيم، وعلي ابن أحمد بن علان، وأبا بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر، وطائفة سواهم بالشّام ومصر والحجاز.
وعنه: تمّام الرّازي، ومكّي بن الغَمْر، وعبد الوهاب الميداني، وأبو الحسن بن جَهْضَم، وعلي بن بِشْر بن العطّار، ومحمد بن عَوْف المُزَني.
ووُلد سنة ستَّ وثمانين ومائتين.
قال عبد العزيز الكتّاني: تُوُفّي في صفر سنة أربعٍ وستّين، وجمع من المصنّفات شيئًا كثيرًا، وكان ثقة مأمونًا، انتقى عليه أحمد بن القاسم بن الخشّاب بدمشق.
عبد الرحمن بن أحمد بن جعفر، أبو القاسم اليزدي القاضي الحارث ابن أبي شيخ أبو محمد الغَنَوِي.
حدّث عن: جعفر الفِرْيابي، وعلي بْن الْحُسَيْن بْن حبّان، وَمحمد بْن جرير الطْبري.
وعنه: أبو بكر البَرْقَاني، ومحمد بن بكر، وبِشْر الفاتني.
قال ابن أبي الفوارس: كان فيه تساهل، بغدادي.
__________
[1] في الأصل «ضابط» .
[2] في الأصل «سمع» والصحيح ما أثبتناه.
[3] العبر 2/ 333، شذرات الذهب 3/ 48، سير أعلام النبلاء 16/ 52، 153 رقم 109، النجوم الزاهرة 4/ 109، موسوعة علماء المسلمين 3/ 37 رقم 740.

(26/325)


عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بْن جعفر [1] ، أبو بكر الأصبهاني الكسَائي.
سمع أبا بكر بن أبي عاصم.
عبد الرحمن بن محمد بن إدريس بن كامل، أبو محمد القُهُنْدُزي [2] شيخ كبير.
سمع: عثمان بن سعيد الدارمي، وأبا مسلم الكجّي، ويوسف القاضي.
وعنه: أبو أحمد المعلّم، وأبو منصور الديباجي، وأهل هَرَاة.
ذكره أبو النّضر الفامي.
عبد السّلام بن محمد بن أبي موسى [3] البغدادي، أبو القاسم المخرمي الصُّوفي.
سمع: أبا بكر بن أبي داود، وأبا عَرُوبة الحرّاني، وابن جَوْصا، وأحمد بن عبد الوارث العَسّال.
وعنه: علي بن سعيد البَغَوي، وابن جَهْضم، وأبو نُعَيم.
ووثّقه الخطيب [4] ، وجاور بمكّة مدّة، وكان شيخ الحرم في زمانه، رحمه الله. ممّن جمع بين علم الشريعة وعلم الحقيقة، جاور زمانًا.
عبد الواحد بن الحسن بن أحمد بن خَلَف الْجُنْدَيْسَابُوري [5] ، أبو الحسين.
__________
[1] ذكر أخبار أصبهان 2/ 120.
[2] في الأصل «القهذري» ، والتصحيح من اللباب 2/ 66 بضم القاف والهاء وسكون النون وضم الدال المهملة وفي آخرها الزاي. نسبة إلى قهندز، وهو من بلاد شتى. وهو المدينة الداخلة المسوّرة.
[3] المنتظم 7/ 79 رقم 99، الكامل في التاريخ 8/ 662.
[4] تاريخ بغداد 11/ 56 رقم 5736.
[5] الجنديسابوري: بضم الجيم وسكون النون وفتح الدال المهملة بعدها الياء المثنّاة من تحتها وفتح السين المهملة بعدها الألف والباء الموحّدة بعدها واو وراء. نسبة إلى مدينة من خوزستان يقال لها جنديسابور. (اللباب 1/ 296) .

(26/326)


وكان مولده سنة اثنتين وسبعين ومائتين.
علي بن أحمد بن علي [1] ، أبو الحَسَن المَصَّيصي.
حدّث ببغداد عن: أحمد بن خُليْد الحلبي، ومحمد بن معاذ درّان.
وعنه: البرقاني، ومحمد بن عمر بن بكير، وعلي بن أحمد بن داود الرّزّاز، وأبو نُعَيم.
تُوُفّي، وكان فيه تساهل، في جُمادى الآخرة سنة أربعٍ وستّين.
علي بن محمد بن المُعَلَّى [2] ، أبو الحسن الشُّونيزي [3] البغدادي.
سمع: أبا مسلم الكجّي، ومحمد بن يحيى المَرْوَزي، ويوسف بن يعقوب القاضي.
وعنه: ابن أبي الفوارس، والحسين بن شيطا، وأبو علي بن دُوما.
قال الخطيب: كان ثقة صالحًا.
عمر بن محمد بن عبد اللَّه [4] أبو القاسم التَّرْمِذي البزّار. بغداديّ فيه ضعف.
روَى عن: جدّه لأمّه محمد بن عبد الله بن مرزوق الخلال صاحب عفّان، ويوسف بن يعقوب القاضي.
__________
[1] تاريخ بغداد 11/ 324 رقم 6143، العبر 2/ 334.
[2] تاريخ بغداد 12/ 84 رقم 6497.
[3] الشونيزي: بضم الشين المعجمة وسكون الواو وكسر النون وسكون الياء المثناة من تحتها وفي آخرها زاي. نسبة إلى الشونيزية وهو موضع معروف ببغداد به مقبرة مشهورة بها مشايخ الطريقة سري السقطي والجنيد بن محمد وغيرهما. قال ابن الأثير في اللباب 2/ 215:
«وينسب إليها أبو الحسن علي محمد (كذا) بن الحسن بن يعقوب بن طالب الشونيزي، سمع أبا مسلم الكجي ويوسف بن يعقوب القاضي وغيرهما. روى عنه أبو الفتح بن أبي الفوارس الحافظ وغيره. وكان فيه تساهل، وكان يتشيّع. ومات سنة ثمان وتسعين ومائتين» .
وهذا وهم من ابن الأثير. فالتاريخ المذكور هو تاريخ ولادة الشونيزي. راجع تاريخ بغداد.
[4] تاريخ بغداد 12/ 254 رقم 6008.

(26/327)


وعنه: محمد بن عمر بن بُكَيْر، وبِشْر بن الفاتني، ومحمد بن دِرْهَم، وأبو نُعَيم.
قال ابن أبي الفوارس: فيه نظر.
الفضل، أبو القاسم [1] أمير المؤمنين المُطِيع للَّه بن المقتدر بن جعفر بن المعتضد العبّاسي الهاشمي.
ولي الخلافة بعد المُسْتَكْفي، وأُمُه أمّ ولد اسمها مَشْغَلَة، أدركت خلافته، وبُويع في سنة أربعٍ وثلاثين، ومولده في أوّل سنة إحدى وثلاثمائة.
قال ابن شاهين: وخلع نفسه غير مُكَره فيما صحّ عندي في ذي القعدة سنة ثلاثٍ وستّين، ونزل عن الأمر لولده أبي بكر عبد الكريم، ولقّبوه «الطائع للَّه» وسنّ أبي بكر يومئذ ثمان وأربعون سنة. ثم إنّ الطائع خرج إلى واسط ومعه أبوه فمات في المحرّم سنة أربعٍ وستيّن.
أنبأنا المسلّم بن محمد، أنا أبو النّعمان الْكِنْدِيُّ، أَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الشَّيْبَانِيُّ، أَنَا أَبُو بَكْر الخطيب، حدّثني محمد بن يوسف القطّان، سمعت أبا الفضل التميمي، سمعت المطيع للَّه، سمعت شيخي ابن منيع، سَمِعْتُ أحمد بن حنبل يقول: إذا مات أصدقاء الرجل ذُلّ.
الفضيل بن محمد بن أبي الحسين، أبو عاصم بن الشهيد الحافظ أبي الفَضيل الهَرَوِي الفقيه، وإليه ينسب الفضليّون بهراة.
كان فقيها حاذقًا.
القاسم بن أحمد بن إبراهيم بن محمد بن عُبَيْد الله بن موسى بن جعفر
__________
[1] تاريخ بغداد 12/ 379 رقم 6836، المنتظم 7/ 79 رقم 100، العبر 2/ 334، مرآة الجنان 2/ 380، شذرات الذهب 3/ 48، 49، دول الإسلام 1/ 225، النجوم الزاهرة 4/ 108، 109، مروج الذهب 4/ 372 وما بعدها، التنبيه والإشراف 345، أخبار الزمان 67، ومختصر تاريخ الدول 170، ومختصر ابن الكازروني 189، 190، ذيل تاريخ دمشق 11، أخبار الدول 169، 170، تاريخ العظيمي 307، الإنباء في تاريخ الخلفاء 177، 178، نهاية الأرب 23/ 201، تاريخ الأنطاكي.

(26/328)


الصّادق بْن محمد الباقر بْن زين العابدين، أبو محمد الحُسَيْني رحمه الله تعالى.
تُوُفّي في رمضان، وله أربعٌ وثمانون سنة.
محمد بن إبراهيم بن الخضر القاضي، أبو الفرج البصْري الشافعي، ويُعْرَف بابن سُكَّرَة.
سمع: عَبْدان الأهوازي. وتُوُفّي بمصر في ربيع الآخر، وقد ولي قضاء طبرية.
محمد بن إبراهيم بن أحمد، أبو طاهر الأصبهاني المحدّث ابن عمّ أبي نُعَيم الحافظ.
سمع: بمكّة: محمد بن إبراهيم بن المنذر، وببغداد ابن عيّاش القطّان.
محمد بن إبراهيم بن مقبل، أبو الفتح.
حدّث عن محمد بن سعيد القُشَيْري.
محمد بن بدر الحمامي [1] الطَّولوني، أبو بكر، أمير بلاد فارس وابن أميرها.
حدّث ببغداد عن: بكر بن سَهْل الدَّمْياطي، وأبي عبد الرحمن النّسَائي.
وعنه الدَارقُطْنيّ، وبشرى الفاتني، وأبو نُعَيم.
وقال أبو نُعَيم: كان ثقة. تُوُفّي في رجب ببغداد.
وقال محمد بن العبّاس بن الفُرات: كان له مذهب في الرفض، وما كان يدري من الحديث.
__________
[1] المنتظم 7/ 79 رقم 102، العبر 2/ 334، شذرات الذهب 3/ 49، النجوم الزاهرة 4/ 109، تاريخ بغداد 2/ 108، ميزان الاعتدال 3/ 31، الوافي بالوفيات 2/ 247 رقم 649، حسن المحاضرة 1/ 157.

(26/329)


محمد بن الحسن بن القاسم بن دُحَيْم الدمشقي، يُكْنَى أبا زُرْعَة.
سمع عمّ أبيه: إبراهيم اللخْمي الحَضري، من أهل قُرُطُبة. كان زاهدًا صالحًا.
سمع منه: الحبيب بن أحمد، ومحمد بن معاوية القُرَشي.
محمد بن عبد الله بن يعقوب الشيخ، أبو بكر النَّيْسَابُوري.
سمع: محمد بن إبراهيم البوشنجي، والحسين بن محمد العبّاني، وإبراهيم بن أبي طالب.
وكان يُؤَمّ في الجامع، قاله الحاكم. وحدّث عنه في تاريخه، وقال:
مات سنة أربعٍ وستّين.
محمد بن عبد الله بن إبراهيم [1] بن عَبْدَة، أبو الحسن التميمي السَّلِيطي [2] النَّيْسَابُوري.
سمع: محمد بن إبراهيم البُوشَنْجي، وجعفر بن أحمد التّرك، وإبراهيم بن علي الذّهلي، وخشنام بن بِشْر.
وحجّ في آخر عمره، فأكثر عنه العراقيّون.
روى عنه: الحاكم، وأبو الحسن بن رزقَوَيْه.
ووثّقه الخطيب، وتُوُفّي في المحرّم، وله اثنان وتسعون سنة.
وسمع منه بهَمَذان أبو بكر بن لال، وابن تركان.
محمد بن عبد الملك بن عديّ [3] بن زيد، أبو بكر الجرجاني الفقيه الشّروطي [4] .
__________
[1] تاريخ بغداد 5/ 459 رقم 2998، العبر 2/ 334 و 335، شذرات الذهب 3/ 49، النجوم الزاهرة 4/ 109، الأنساب 7/ 120، ميزان الاعتدال 3/ 613، سير أعلام النبلاء 16/ 75، 76 رقم 57، لسان الميزان 5/ 238، 239 وفي بعض النسخ «عبيد الله» .
[2] السليطي: بفتح السين المهملة وكسر اللام وسكون الياء آخر الحروف وفي آخرها طاء مهملة. نسبة إلى بعض أجداد المنتسب إليه. (اللباب 2/ 132) .
[3] تاريخ جرجان 415 رقم 733.
[4] الشروطي: بضم الشين والراء وبعدها الواو وفي آخرها الطاء. نسبة إلى الشروط، وهي كتابة

(26/330)


روى عن: أبيه، وأبي بكر بن أبي داود البَغَوِي، وابن صاعد.
روى عنه: القاضي أبو بكر الشَّالَنْجِي [1] ، وغيره.
محمد بن عبد الملك الخَوْلاني [2] الأندلُسي، المعروف بالنَّحْوي.
كان فقيهًا مُنَاظِرًا عارفًا بالمذهب. اختصر «المُدَوَّنَة» .
محمد بن محمد بن جعفر الْجُرْجَاني الشَّيْبَاني السّرّاج، أبو الحسن.
روى عن عِمران بن مَجَاشع.
وعنه أبو سعيد الماليني.
مُطَهَّر بن سليمان، أبو بكر بن أبي نواس الأنّباري الفَرَضيّ العَدْل.
عن: أبيه، وعبد الله بن ناجية، والباغَنْدي، والفِرْيَابي، وجماعة.
وعنه: النقّاش، وأبو نُعَيم.
تُوُفّي في ربيع الآخر، وقد رماه الدار الدَارقُطْنيّ بالكذِب، قال: سمعته يقول: حملني أبي إلى الفريابي سنة أربع وثلاثمائة. والفريابي مات سنة إحدى وثلاثمائة.
هارون بن أحمد بن هارون بن بُنْدار بن الحريش، أبو سهل الإسْتِراباذي [3] .
سمع: أبا خليفة، وإسحاق بن أحمد الخُزَاعي، وأبا عمران الجوني، وجماعة.
__________
[ () ] الوثائق بالديون والمبيعات وغير ذلك. (اللباب 2/ 193) .
[1] الشالنجي: بفتح الشين واللام بينهما ألف ساكنة وسكون النون وفي آخرها جيم. نسبة إلى بيع الأشياء من الشعر كالمخلاة والمقود والحبل. (اللباب 2/ 17، 177) .
[2] تاريخ علماء الأندلس 2/ 75 رقم 2316.
[3] الإستراباذي: بكسر الألف وسكون السين المهملة وكسر التاء المنقوطة باثنتين من فوقها وفتح الراء وبالياء الموحّدة بين الألفين في آخرها الذال المعجمة. نسبة إلى إستراباذ بلدة من بلاد مازندران بين سارية وجرجان (اللباب 1/ 51) .

(26/331)


وحدّث بسمرقند ونَيْسَابُور.
قال الحاكم: صحيح الأُصُول.
روى عنه هو، وأبو سعد عبد الرحمن بن محمد الإدريسي، وقال:
تُوُفّي ببخارى في رمضان، وكان شَرِهًا، حدّث من غير أصل.

(26/332)


[وَفَيَات] سنة خمس وستّين وثلاثمائة
أحمد بن جعفر بن أبي توبة، أبو الحسن الفَسَوي [1] الزّاهد. كان أوحد عصره في التَّصَوُّف وفي الحديث ببلده، وكانت الرّحلة إليه.
روى عن: علي بن سعيد الرّازي، وأحمد بن إبراهيم الرَّبَضِي [2] ، وعلي بن سميع الفارسي، وطائفة من أهل العراق والرّيّ.
تُوُفّي في ذي الحجّة. وكان وِرْدُه [3] فيما قال ابن السمعاني في «الأنساب» في اليوم والليلة ألف ركعة، رحمه الله.
أحمد بن جعفر بن محمد [4] بن سَلْم أبو بكر الخُتُّليّ [5] ، أخو محمد وعمر، وهو الأصغر.
__________
[1] الفسوي: بفتح الفاء والسين وفي آخرها واو. نسبة إلى فسا، مدينة من بلاد فارس. (اللباب 2/ 432) .
[2] الربضي: بفتح الراء والباء الموحّدة وفي آخرها ضاد معجمة. نسبة إلى قبيلة ومواضع، فالربض هي من مذحج، والربض هو السور الدائر حول المدن. (اللباب 2/ 15) .
[3] في الأصل «وروده» .
[4] تاريخ بغداد 4/ 71 رقم 1694، المنتظم 7/ 81 رقم 104، العبر 2/ 335، البداية والنهاية 11/ 283 وفيه تصحّف إلى «الحنبلي» ، شذرات الذهب 3/ 50، غاية النهاية 1/ 44، الوافي بالوفيات 6/ 290 رقم 2785، سير أعلام النبلاء 16/ 82، 83 رقم 66.
[5] الختّليّ: بضم أوله والفوقية المشدّدة. نسبة إلى الختّل، قرية بطريق خراسان. (الشذرات) .

(26/333)


سمع: أبا مسلم الكجي، وعبد الله بن أحمد، وإدريس بن عبد الكريم المقرئ، وأحمد بن علي الأبّار.
قال الخطيب: وكان صالحًا ثقة ثبْتًا، كتب عنه الدَارقُطْنيّ، وثنا عنه أبو الفتح بن أبي الفوارس، وأبو بكر البَرُقَاني، وكتب من القراءات والتفاسير أمرًا عظيمًا. ووُلد سنة ثمانٍ وسبعين ومائتين.
قال: أحمد بن جعفر بن سَلْم الفِرْسَاني [1] الأصبهاني: شيخ من طبقة الختّليّ، سمع أحمد بن عمرو البزّار.
روى عنه أبو سعيد النقّاش، وقال: توفّي سنة أربع وأربعين وثلاثمائة.
أحمد بْن مُحَمَّد بْن علي بْن عُمَر، أبو العبّاس النَّيْسَابُوري المُذكّر [2] .
سمع: أباه، وإبراهيم بن علي الذُّهْلي.
وعنه: الحاكم.
تُوُفّي في ربيع الآخر. من أبناء الثمانين.
أحمد بن موسى بن الحسين [3] بن علي، أبو بكر بن السّمْسار الدمشقي.
سمع: محمد بن خُرَيم، وأبا الْجَهْم بن طِلاب، ومَكْحُول البَيْروُتي، وابن جَوْصَا بإفادة أخيه أبي العبّاس.
وعنه: عبد الوهاب الميداني، وعلي بن الغَمْر، وأخوه أبو الحسين علي بن السّمسار، ومحمد بن عوف المُزني، وغيرهم.
أحمد بن نصر بن دينار الأصبهاني.
__________
[1] الفرساني: بكسر الفاء أو ضمّها وسكون الراء وفتح السين المهملة وبعد الألف نون. نسبة إلى فرسان وهي قرية من قرى أصبهان. (اللباب 2/ 421) .
[2] المذكر: بضم الميم وفتح الذال وكسر الكاف المشددة وفي آخرها راء. يقال لمن يذكّر الناس ويعظهم. (اللباب 3/ 187) .
[3] تاريخ دمشق (مخطوط التيمورية) 3/ 465، تهذيب ابن عساكر 2/ 100 و 101، موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان 1/ 432 رقم 258.

(26/334)


عن: أبي بكر بن أبي داود، وابن صاعد.
وعنه: أبو بكر بن أبي علي، وأبو نُعَيم.
وَرَّخه عبد الرحمن بن مَنْدَه.
أحمد بن نصر بن عبد الله [1] بن الفتح، أبو بكر البغدادي الذَّرّاع [2] .
حدّث بالنّهْرَوَان وغيرها عن: الحارث بن أبي أسامة، وإسماعيل القاضي، وجدّه لأمّه صَدَقَة بن موسى بن تميم، وثعلب.
وعنه ابن دُوما.
قال الخطيب: في حديثه نكرة يدلّ على أنّه ليس بثقة.
وسمع منه ابن دُوما في هذه السنة، ولم يؤرّخ موته فيما أعلم، وهو مُتَّهم، يأتي بالطّامّات، فَلْيُحْذَرْ منه.
إبراهيم بن عبد الله بن عُبَيْد البغدادي الثّلاج [3] .
عن محمد بن محمد بن سليمان الباغَنْدي.
وعنه أبو نصر بن الْجَبَّان، وابن أخيه أبو القاسم عبد الله بن الثّلاج [4] .
إسماعيل بن نُجَيْد بن أحمد [5] بن يوسف بن خالد، أبو عمرو السّلمي
__________
[1] تاريخ بغداد 5/ 184 رقم 2632، العبر 2/ 335، 336.
[2] الذرّاع: بفتح الذال المعجمة وتشديد الراء وبعد الألف عين مهملة، نسبة إلى ذرع الأشياء ومعرفتها بالذراع. (اللباب 1/ 530) .
[3] الثلّاج: بفتح الذال المعجمة وتشديد الراء وفي آخرها الجيم. قال ابن أخي صاحب الترجمة أبو القاسم عبد الله أن أحدا من أسلافه لم يبع ثلجا قطّ، وإنما كانوا بحلوان. وكان جدّه عبد الله متنعّما فكان يجمع كل سنة ثلجا كثيرا ليشربه، فاجتاز الموفق أو غيره من الخلفاء فطلب ثلجا فلم يوجد إلّا عنده فأهدى إليه منه فحلّ عنده محلّا لطيفا، وأقام أياما فكان يقول: اطلبوا ثلجا من عبد الله الثلاج، فعرف بذلك وغلب عليه. (اللباب) .
[4] توفي سنة 387 هـ. (اللباب 1/ 246) .
[5] المنتظم 7/ 84 رقم 107، العبر 2/ 336، طبقات الصوفية 454- 457 وراجع فهرس الأعلام، مرآة الجنان 2/ 381، البداية والنهاية 11/ 288 في وفيات سنة 366 هـ.، شذرات الذهب 3/ 50، دول الإسلام 1/ 226، طبقات الشافعية للسبكي 2/ 189، الوافي بالوفيات 9/ 231 رقم 4136، الأعلام 1/ 326، تاريخ التراث العربيّ 2/ 481 رقم 34 وجعل وفاته سنة 366 هـ. الرسالة القشيرية 28، سير أعلام النبلاء 16/ 146- 148 رقم

(26/335)


النَّيْسَابُوري الصُّوفي الزّاهد، شيخُ عصْرِه في الصّوفيّة والمعاملة، ومُسْنَدُ مِصْره.
قال الحاكم: ورث من آبائه أموالًا كثيرة، فأنفق سائرها على الزُّهَاد والعلماء.
سمع: أبا عثمان الحِيري، والْجُنَيْد. وسمع: إبراهيم بن أبي طالب، ومحمد بن إبراهيم البوسَنْجي، وأبا مسلم الكجّي، وعبد الله بن أحمد، ومحمد بن أيّوب الرّازي، وعلي بن الحسين بن الْجُنَيْد، وجماعة.
وعنه: سبْطه أبو عبد الرحمن السلمي، وأبو عبد الله الحاكم، وأبو نصر أحمد بن عبد الرحمن الصّفّار، وعبد الرحمن بن علي بن حمدان، وعبد القاهر بن طاهر الفقيه، وأبو نصر عمر بن عبد العزيز بن قَتَادة، وأبو العلاء صاعد بن محمد القاضي، وأبو نصر بن عبدش، وطائفة، آخرهم أبو حفص عمر بن مسرور.
ومن مناقبه أنّ شيخه أبا عثمان طلب شيئًا لبعض الثّغُور، فتأخّر ذلك، فضاق صدره، وبكى على رءوس النّاس، فجاءه أبو عمرو بن نُجَيْد بأَلْفَيْ دِرْهَم، فدعا له، ثم قال لما جلس: أيُها الناس إنّي قد رَجَوْتُ لأبي عمرو الجنّة بما فعل، فإنّه ناب عن الجماعة وحمل كذا، فقام ابن نُجَيْد على رءوس النّاس وقال: إنّما حملت ذلك من مال أُمّي وهي كارهة، فينبغي أن يُرَدّ عليّ لأَرُدّه عليها، فأمر أبو عثمان الحِيري بالكيس، فردّ إليه، فلما جنَّ عليه الليل، جاء بالكيس، وطلب من أبي عثمان سَتْرَ ذلك، فبكى أبو عثمان، وكان بعد ذلك يقول: أنا أخشى من همّة أبي عَمْرو.
وقال السُّلَمي: جدّي له طريقة ينفرد بها من صَوْن الحال وتلبيسه، وسمعته يقول: كلّ حال لا يكون عن نتيجة عِلْمٍ فإنّ ضَرَرَه على صاحبه أكبر من نَفْعه.
وسمعته يقول: لا تَصْفُو لأحدٍ قَدَمٌ في العُبُوديّة حتى تكون أفعاله عنده
__________
[ () ] 104، النجوم الزاهرة 4/ 127، طبقات الشعراني 1/ 141، نتائج الأفكار القدسية 2/ 4.

(26/336)


كلّها رِياءً، وأحواله كلّها عنده دعاوي.
وقال جدّي: من قدر على إسقاط جاهه عند الخَلْق سهل الإعراض عن الدّنيا وأهلها.
وسمعت أبا عمرو بن مطر، سمعت أبا عثمان الحِيري يقول- وخرج من عند ابن نُجَيْد-: يلومني النّاس في هذا الفتى وأنا لا أعرف على طريقته سواه، ورُبّما كان أبو عثمان يقول: أبو عمرو خَلَفِي من بعدي.
قال لي ابن أبي زرقاء: قال فلان: جدّك من أوتاد الأرض.
تُوُفّي ابن نُجَيْد في ربيع الأوّل عن ثلاثٍ وتسعين سنة، وقد سمعنا خبره بالإجازة العالية.
الحسن بن منير [1] ، أبو علي التَّنُوخي الدّمشقي.
سمع: عُبَيْد الله بن محمد بن سالم المقدسي، ومحمد بن خُرَيْم، وهذه الطبقة.
وعنه: محمد بن عَوْف المُزَني، ومحمد بن عبد السّلام بن سعدان.
تُوُفّي في ربيع الأول.
قال الكتاني: كان ثقةً نبيلًا.
الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد [2] بْن الْحُسَيْن بن عيسى بن ماسَرْجِس ابن علي الماسَرْجِسي النَّيْسَابُوري الحافظ. كان كثير السّماع والرّحلة.
سمع: جدّه أحمد بن محمد سِبْط ابن ماسَرْجس. وإليه نسبه.
وابن خُزَيْمة، وأبا العبّاس السّرّاج، وسمع بمصر والشّام، [ورحل في حدود الثلاثين وثلاثمائة] [3] .
__________
[1] تهذيب ابن عساكر 4/ 254.
[2] تاريخ دمشق (مخطوط التيمورية) 11/ 283 و 39/ 186، تهذيب ابن عساكر 4/ 354 وفيه «الحسين بن أحمد بن محمد» ، المنتظم 7/ 81 رقم 105، العبر 2/ 336، 337، مرآة الجنان 2/ 381، البداية والنهاية 11/ 283، شذرات الذهب 3/ 50، تذكرة الحفّاظ 2/ 955- 956 رقم 900، دول الإسلام 1/ 226 وفيه «الحسن» ، النجوم الزاهرة 4/ 111، سير أعلام النبلاء 16/ 287- 289 رقم 203، طبقات الحفاظ 383، الرسالة المستطرفة.
[3] ما بين الحاصرتين عن هامش الأصل.

(26/337)


قال الحاكم: هو سفينة عصره في كثرة الكتابة، ورحل إلى العراق سنة إحدى وعشرين، وأكثر المقام بمصر، وكتب عن أصحاب المُزَني، وأخذ بدمشق عن أصحاب هشام بن عمّار، وما صُنّف في الإسلام أكبر من مُسْنَدِه، فصنّف «المُسْنَدَ الكبير» مُهَذَّبًا معلّلا في ألف وثلاثمائة جُزْء. جمع حديث الزُّهْري جَمْعًا لم يسبقه إليه أحدٌ، وكان يحفظه مثل الماء، وصنّف الأبواب والشيوخ والمَغَازي والقبائل، وصنّف على البُخَاري كتابًا، وأدركَتُه المَنِيّة قبل إنجاحه إلى إسناده، ودُفِن عِلْمٌ كبير بدفنه، وسمعته يقول: سمعت أبي يقول: سمعت مسلم بن الحَجّاج يقول: صنّفت هذا المسند، يعني صحيحه من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة.
قال الحاكم في موضع آخر: صنّف حديث الزّهري. قرأه على محمد بن يحيى الذُّهْلي، وعلى التخمين، يكون مُسْنَدُه بخطوط الورّاقين في أكثر من ثلاثة آلاف جُزْء، إلى أن قال: تُوُفّي في رجب وله ثمان وستّون سنة.
الحَكَمُ بن عبد الرحمن بن محمد [1] المستنصر باللَّه الأمَوي صاحب الأندلس. تُوُفّي في المحرّم يوم عاشوراء سنة خمس وستين بالفالج مُنْصَرِفًا من بلاد إفْرنْجَة.
وقيل: تُوُفّي سنة ستَّ، كما سيأتي.
سعيد بن محمد بن عثمان سمع ابن أبي [2] شيبة، والفِرْيابي.
وعنه: ابن أبي الفوارس، والبرقاني، وأبو نعيم، ووثّقاه.
__________
[1] جذوة المقتبس 13، بغية الملتمس 18، معجم بني أمية للمنجد 25، العبر 2/ 341، 342، البداية والنهاية 11/ 285، الكامل في التاريخ 8/ 677، الحلّة السيراء 1/ 200- 205 رقم 77، شذرات الذهب 3/ 55، تاريخ علماء الأندلس 1/ 7، يتيمة الدهر 1/ 293، 294، جمهرة أنساب العرب 100، المختصر في أخبار البشر 2/ 117، دول الإسلام 1/ 117، سير أعلام النبلاء 16/ 230، 231 رقم 163، تاريخ ابن خلدون 4/ 144، النجوم الزاهرة 4/ 127 و 149، تاريخ الخلفاء 49، نفح الطيب 1/ 386- 396، أزهار الرياض 2/ 286- 294.
[2] ساقطة من الأصل.

(26/338)


يُكْنَى أبا إسحاق. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى.
عَبْد الله بْن أحمد بن إسحاق [1] بن موسى بن مِهْران الأصبهاني، أبو محمد سِبْط الزّاهد محمد بن يوسف البنّاء، ومِهران مولى عبد الله بن معاوية بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الجعفري.
رحل وسمع: أبا خليفة، وعبد الله بن ناجية، وإسحاق الخُزاعي المكي، ومحمد بن يحيى بن مَنْدَه، وإبراهيم بن متويه الإمام، وعَبْدان بن أحمد الأهوازي، وجماعة كثيرة.
وعنه: ابنه أبو نعيم، وأبو بكر بن علي الذّكواني، وغيرهما.
وتُوُفّي في رجب. وكان مولده في سنة إحدى وثمانين ومائتين.
أُنْبِئْتُ عن ابن مسعود أبي منصور، أنا الحدّاد، أنا أبو نُعَيم، نا أبي، ثنا أبو خليفة سنة ثلاثمائة، ثنا أبو الوليد، فذكر حديثًا.
عبد الله بن عديّ بن عبد الله [2] بن محمد بن مُبَارك، أبو أحمد الْجُرْجاني الحافظ، ويُعرف بابن القطّان.
رحل إلى الشّام ومصر رحلتين، أولاهما سنة سبْعٍ وتسعين، فسمع من الكبار: عبد الرحمن بن القاسم الرّوّاس، وأبا عقيل أنس بن السّلم، وأبا
__________
[1] ذكر أخبار أصبهان 2/ 93، العبر 2/ 337، شذرات الذهب 3/ 50، سير أعلام النبلاء 16/ 281 رقم 198.
[2] تاريخ دمشق (مخطوط التيمورية) 22/ 136- 140، العبر 2/ 337، اللباب 1/ 219، مرآة الجنان 2/ 381، تذكرة الحفّاظ 3/ 940- 942، شذرات الذهب 3/ 51، هدية العارفين 1/ 447، البداية والنهاية 11/ 283، الكامل في التاريخ 8/ 668، دول الإسلام 1/ 226، النجوم الزاهرة 4/ 111، تاريخ جرجان 287- 289 رقم 443، الأنساب 126 أ- 126 ب، طبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 206 رقم 820، الوافي بالوفيات 17/ 318 رقم 271، الأعلام 4/ 239، معجم المؤلفين 1/ 322، تاريخ التراث العربيّ 1/ 322 رقم 224، طبقات الشافعية للسبكي 3/ 315، 316، سير أعلام النبلاء 16/ 154، 156 رقم 111، طبقات الحفاظ 380، الرسالة المستطرفة 145، موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان 3/ 195- 197 رقم 885.

(26/339)


خليفة، والحسن بن سفيان، وبهلول بن إسحاق الأنباري، ومحمد بن سليمان بن أبي سُوَيْد، وعمران بن موسى بن مُجَاشع، وأبا عبد الرحمن النّسَائي، ومحمد بن يحيى المَرُوزي، وعبدان، وأبا يَعْلَى، والحسن بن محمد المدني صاحب يحيى بن بكير، والحسن بن الفرج الغَزّي، وأبا عَرُوبَة، وزكريّا السّاجي، وأحمد بن يحيى التُّسْتَريّ، والباغَنْدِي، وأبا يعقوب المَنْجَنيقي، وجعفر بن محمد بن اللّيث صاحب أبي الوليد، وعلي بن العبّاس البَجَلي، وأحمد بن الحسن الصُّوفي، [وأحمد] بن بِشْر الصُّوري [1] ، وأممًا سواهم.
وعنه: أبو العبّاس بن عُقْدَةَ، وهو من شيوخه، وأبو سعد الماليني، والحسن بن رامين، ومحمد بن عبد الله بن عبد كويه، وحمزة بن يوسف السَّهْمي [2] ، وأبو الحسين ابن العالي، وآخرون.
وكان مصنَّفًا حافظًا، له كتاب «الكامل في معرفة الضعفاء» [3] في غاية الحُسْن، ذكر فيه كلَّ من تكلمَ فيه، ولو كان من رجال الصَّحيح، وذكر في كل ترجمة حديثًا، فأكثر من غرائب ذلك الرجل ومناكيره، ويتكلّم على الرّجال بكلام [4] منصف.
قال الحافظ [5] ابن عساكر [6] : كان ثقةً على لَحْنٍ فيه. ولد سنة سَبْعٍ وسبعين ومائتين، وكتب الحديث ببلده سنة تسعين، وصنّف «الكامل في الضُّعفاء» نحو ستّين جُزْءًا.
قال حمزة السَّهْمي [7] : سألت الدَارقُطْنيّ أنْ يصنّف كتابًا في الضّعفاء،
__________
[1] في الأصل «الصوفي» والصحيح ما أثبتناه.
[2] روى عنه كثيرا في تاريخ جرجان- راجع فهرس الأعلام.
[3] مطبوع.
[4] في الأصل «بكلا» .
[5] في الأصل «الحاكم» .
[6] تاريخ دمشق 22/ 139.
[7] تاريخ جرجان 267.

(26/340)


[فقال] [1] : أليس عندك كتاب ابن عَدِي؟ قلت: نعم. قال: فيه كفاية لا يُزاد عليه.
وقد صنّف ابن عَدِي على مختصر المُزْني كتابًا سمّاه «الانتصار» .
قال حمزة السَّهَمي [2] : كان حافظًا مُتْقِنًا، لم يكن في زمانه مثله، تَفَرّد بأحاديث وهب منها لابنيه: عَدِيّ، وأبي زُرْعَة، وتَفَرَّدا بها.
وقال أبو الوليد السّاجي: ابن عَدِيّ حافظ لا بأس به.
قال حمزة: تُوُفّي في جُمادى الآخرة، وصلّى عليه أبو بكر الإسماعيلي.
قلت: كان لا يعرف العربية، مع عُجْمَه فيه، وأمّا في العِلَل والرّجال فحافظٌ لا يُجَارَى.
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ [3] بن النّاصح بن شُجاع، أبو أحمد المفسّر الفقيه الشّافعي الدمشقي، نزيل مصر.
سمع: أحمد بن علي بن سعيد المَرْوَزي، وعبد الرحمن بن القاسم بن الرّوّاس، وعلي بن غالب السّكْسكي، ومحمد بن إسحاق بن راهَوَيْه، وعبد الله بن محمد بن علي البلْخيّ الحافظ، وجُنَيْد بن خَلَف، السَّمرْقَنْدِي، لقي هؤلاء الثلاثة في الحجّ.
وانتقى: عليه أبو الحسن الدَارقُطْنيّ، وحدّث عنه الحفّاظ: عبد الغني، وابن مَنْدَه، وأحمد بن محمد بن أبي العوّام، وأبو النّعمان تراب، وإسماعيل
__________
[1] ساقطة من الأصل.
[2] تاريخ جرجان 267.
[3] العبر 2/ 338، شذرات الذهب 3/ 51، طبقات الشافعية الكبرى 3/ 314، طبقات القراء لابن الجزري 1/ 452، حسن المحاضرة 1/ 169، طبقات المفسرين 1/ 250 رقم 241 وفيه يكنى «أبا بكر» ، طبقات الشافعية للإسنوي 2/ 398- 399 رقم 1046، الوافي بالوفيات 17/ 484، 485 رقم 409، سير أعلام النبلاء 16/ 282، 283 رقم 199، شذرات الذهب 3/ 51.

(26/341)


بن عبد الرحمن النَحّاس، وإبراهيم بن علي الغازي، وعلي بن محمد بن علي الفارسي، وآخرون.
وتُوُفّي في رجب.
عبد الرحمن بن جعفر بن محمد بن داود بن حسن بن محمد بن أحمد بن خلاد، أبو محمد التميمي الْجَوْهَري الضّرير، قاضي الصَّعيد، ويُعرف بابن بنت نُعَيم.
يروى: عن محمد بن زبّان، وأبي جعفر الطّحاوي.
وعنه: يحيى بن الطّحّان، وغيره.
عثمان بن محمد بن عثمان [1] بن محمد بن عبد الملك، أبو عمرو العثماني.
روى عن جماعة.
أكثر عنه أبو نُعَيم الحافظ في تواليفه، وهو ليس [2] صاحب حديث لكنّه راوية للموضوعات والعجائب.
روى بدمشق وأصبهان، عن: محمد بن الحسين بن مكرم، ومحمد بن عبد السلام، وخَيْثَمة بن سُلَيْمان، وأبي الحُسين الرّازي، ومحمد بن أحمد بن إسحاق، وخلق.
وعنه: أبو نُعَيم، وتمّام الرّازي، وأبو بكر بن مَرْدَوَيْه، وأبو بكر بن علي الذّكواني، وآخرون.
عصام بن محمد بن أحمد، أبو عاصم القَطْري، الذي روى عن سلم ابن عصام، ومحمد بن عمر بن حفص الجوزجيري.
وعنه أبو نعيم.
القطري بفتح القاف.
__________
[1] حلية الأولياء 2/ 196 و 371 و 374 و 7/ 82، تاريخ دمشق 27/ 233، موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان 3/ 251 رقم 1006.
[2] في الأصل «نصر» .

(26/342)


علي بن الحسين بن إبراهيم بن سعد، أبو طالب الحمصي، بالرَّمْلة.
علي بن الحسين بن عبد الرحمن القاضي، أبو الحسن البخاري المعروف بالسّديوري [1] ، من كبار أصحاب أبي الحسن الكرخي.
وُلّي قضاء مَرْوَ، وحدّث عن: عبد الرحمن بن أبي حاتم، ومحمد بن نجدة.
حدّث عنه الحاكم، وأرّخ عنه فيها.
علي بن عبد الله بن وَصِيف [2] ، أبو الحسن النّاشئ، شاعر مُحْسِن.
أخذ عِلْم الكلام عن أبي سهل إسماعيل بن علي بن نُوبَخْت النّاشئ [3] ، وأملى ديوان شعره بالكوفه سنة خمس وعشرين وثلاثمائة، وكان المتنبي يحضر الإملاء وهو شابّ، وقصد النّاشئ سيفَ الدَّولة وامتدحه بحلب، فأجازه، وعُمَّر، وبقي إلى هذه السنة.
وله:
كأنّ سِنان ذابِلِهِ ضميرٌ ... فليس عن القُلُوب له ذَهَابُ
وصَارِمُهُ كَبَيْعَتِهِ بخُمٍّ ... معاقدها [4] من الخَلْقِ الرَّقاب [5]
علي بن عبد الله بن العبّاس [6] الجوهري، أبو محمد.
سمع: الفِرْيابي، وعبد الله بن ناجية، والباغندي.
__________
[1] السّديوري: بفتح السين وكسر الدال المهملتين وسكون الياء المثناة من تحتها وفتح الواو وفي آخرها راء. نسبة إلى سديور، ويقال لها سدور، وهي إحدى قرى مرو. (اللباب 2/ 110) وقد تصحّفت في الأصل إلى «السدردري» .
[2] ويعرف بالناشئ الأصغر، الحلّاء. ترجمته في: يتيمة الدهر 1/ 248، معجم الأدباء 13/ 280، لسان الميزان 4/ 238 وفيات الأعيان 3/ 369- 371 رقم 466، فهرست الطوسي 89، سير أعلام النبلاء 16/ 222 رقم 155.
[3] كذا في الأصل، وفي «وفيات الأعيان» . «المتكلّم» .
[4] كذا في الأصل، وفي وفيات الأعيان ومعجم الأدباء 13/ 290 «مقاصدها» .
[5] البيتان في: معجم الأدباء 13/ 290 ووفيات الأعيان 3/ 369، 370.
[6] تاريخ بغداد 12/ 6 رقم 6361.

(26/343)


وعنه: أبو الفتح بن أبي الفوارس، ومحمد بن علان.
وعاش نيّفًا وسبعين سنة.
قال ابن [أبي] [1] الفوارس: كان فيه تَسَاهُلٌ شديد.
علي بن هارون [2] ، أبو الحسن الحربي السَّمْسار.
سمع: موسى بن هارون، ومحمد بن يحيى المروزي، ويوسف القاضي.
وعنه: أبو بكر البَرْقَاني، وأبو نُعَيم بن محمد بن عبد الله الرّازي الصُّوفي المقرئ.
صحب يوسف بن الحسين الزّاهد، والمشايخ الكبار، وكان من أعيان المشايخ. أنفق أمواله على الفقراء. وله حكايات.
محمد بن أحمد بن محمد بن يزيد العْدل أبو بكر الأصبهاني ثم النَّيْسَابُوري.
سمع: عبد الله بن شيرويه [3] ، وجعفر الحافظ.
وعنه: الحاكم.
محمد بن إبراهيم بن موسى، أبو غانم السَّهْمي الصائغ.
يروي عن: أبي نُعَيم الإسَتِراباذي، وغيره.
وعنه: أبو سعيد الماليني.
محمد بن إبراهيم بن حسن [4] بن موسى النَّيْسَابُوري، أبو العبّاس المناشكي [5] المحامليّ.
__________
[1] ساقطة من الأصل.
[2] تاريخ بغداد 12/ 120 رقم 6567.
[3] في الأصل «سيرويه» .
[4] اللباب 3/ 258، الأنساب 11/ 484.
[5] في الأصل «المناسكي» والتصحيح من (اللباب 3/ 258) حيث قال: المناشكي: بفتح الميم والنون وسكون الألف وبعدها شين معجمة وكاف. نسبة إلى مناشك، وهي محلّة من محالّ نيسابور وبها باب ينسب إلى هذه المحلّة يقال له دروازه منشك.

(26/344)


سمع: محمد بن عمرو الحَرَشِي، والمُسَيّب بن زُهَيْر، وطبقتهما.
مات في رمضان عن أربعٍ وتسعين سنة.
وعنه الحاكم.
محمد بن طاهر [1] أبو نصر الوزيري المفسّر الأديب.
سمع: عبد الله بن الشّرفي، وأبا حامد بن بلال.
وعنه: أبو عبد الله الحاكم.
تُوُفّي بهَراة، وكان من أئمّة الشافعية.
محمد بن علي بن إسماعيل [2] ، الإمام أبو بكر الشّاشي الفقيه الشافعي، المعروف بالقَفَّال الكبير.
كان إمام عصره بما وراء النهر، وكان فقيهًا محدّثًا أُصُوليًّا لُغَوِيًّا شاعرًا، لم يكن للشافعيّة بما وراء النهر مثله في وقته.
رحل إلى خُراسان وإلى العراق والشّام، وسار ذِكْرُه، واشتهر اسمه، وصنّف في الأُصُول والفروع.
قال الحاكم: كان أَعْلَمَ ما وراء النّهر يعني في عصره- بالأصول، وأكْثَرَهُمْ رِحلةً في طلب الحديث.
__________
[1] الأنساب 584 أ، طبقات الشافعية الكبرى 3/ 175، لسان الميزان 5/ 207، ميزان الاعتدال 3/ 586، طبقات المفسّرين للداوديّ 2/ 155 رقم 499.
[2] تهذيب الأسماء واللغات 2/ 282، طبقات الفقهاء 112 وفيه مات سنة 336، وكذلك في الوفيات لابن قنفذ 212 رقم 336. طبقات الشافعية لابن هداية الله 88، العبر 2/ 338، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 200، وفيات الأعيان 3/ 338، النجوم الزاهرة 4/ 111، شذرات الذهب 3/ 51، مفتاح السعادة 1/ 252 و 2/ 178 وفيه «وفاته سنة 335 أو 336 وقيل 365» ، مرآة الجنان 2/ 381، الأنساب 460 أ، تبيين كذب المفتري 182، طبقات العبادي 92، طبقات المفسرين للسيوطي 36، اللباب 2/ 275، الوافي بالوفيات 4/ 112، طبقات المفسرين للداوديّ 2/ 196 رقم 536، دول الإسلام 1/ 226، معجم الأدباء 6/ 379، الأعلام 7/ 159، معجم المؤلفين 10/ 308، الفهرست 303، معجم البلدان 3/ 309، سير أعلام النبلاء 16/ 283- 285 رقم 200، طبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 79، 80، هدية العارفين 2/ 48، طبقات الأصوليين 1/ 201، 202.

(26/345)


سمع: إمام الأئمّة ابن خُزَيْمة، ومحمد بن جرير الطَّبَري، وعبد الله المدائني، ومحمد بن محمد الباغَنْدِي، وأبا القاسم البَغَوِي، وأبا عَرُوبة الحَرّاني، وطبقتهم.
وقد قال الشيخ أبو إسحاق في الطبقات [1] : إنّه تُوُفّي سنة ستًّ وثلاثين وثلاثمائة، وهذا وَهْمٌ، ولعلّه تَصَحَّفَ عليه ثلاثين بلفظة ستّين، فإنّ أبا عبد الله ذكر وفاته في آخر سنة خمسٍ وستّين بالشاش.
وكذا ورَّخُه أبو سعد السَّمْعَاني [2] ، وزاد أنّه وُلِد سنة إحدى وتسعين ومائتين.
وقال الشيخ أبو إسحاق [3] إنّه درس على أبي العبّاس بن شُرَيْح.
قلت: ولم يدركه فإنّه رحل من الشاش سنة تسع وثلاثمائة، وأبو العباس فقد ذكرنا وفاته سنة ستًّ وثلاثمائة.
قال أبو إسحاق [4] : له مصنّفات كثيرة، ليس لأحدٍ مثلها، وهو أوّل من صنَّف الْجَدَل الحَسَنَ من الفقهاء، وله كتاب في أُصُول الفقه، وله شرح الرّسالة، وعنه انتشر فقه الشّافعيّ فيما وراء النَّهر.
قلت: ومن غرائب وجوه القَفَّال هذا ما ذكره في «الروضة» أبو زكريّا إنّ المريض يجوز [له] [5] الجمع بين الصلاتين بعُذْر المرض، ومن ذلك أنّه يستحبّ أنّ الكبير يعِقّ عن نفسه، وقد قال: لا يُعَقّ عن كبير [6] .
وممن روى عنه: أبو عبد الله الحاكم، وابن مَنْدَه، وأبو عبد الرحمن السلمي، وأبو عبد الله الحليمي، وأبو نصر عمر بن قتادة، وغيرهم.
__________
[1] طبقات الفقهاء 112.
[2] الأنساب 260 أ.
[3] طبقات الفقهاء 112.
[4] طبقات الفقهاء 112.
[5] إضافة على الأصل لتستقيم العبارة.
[6] قال أبو زكريا النواوي في «الروضة 3/ 229» : «واستحسن القفّال الشاشي أن يفعلها، ويروى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ عقّ عن نفسه بعد النبوّة، ونقلوا عن نصّ الشافعيّ في البويطي أنه لا يفعل ذلك واستغربوه» .

(26/346)


وابنه القاسم هو مصنّف «التّقريب» نقل عنه صاحب «النّهاية» وصاحب «الوسيط» .
وقال ابن السّمعاني في أبي بكر القفّال: إنّه صنّف كتاب «دلائل النُّبُوَّة» وكتاب «محاسن الشّريعة» [1] .
قال أبو زكريّا النّواوي: إذا ذُكر القَفّال الشّاشي فالمُرَاد هو، وإذا ورد القَفّال المَرُوزي، فهو القَفَّال الصّغير الّذي كان بعد الأربعمائة. قال: ثم إنّ الشّاشي يتكرّر ذِكْرُهُ في التّفسير والحديث والأصول والكلام، وأمّا المَرْوَزي فيتكرّر ذِكْره في الفِقْهِيّات.
وقال أبو عبد الله الحليمي: كان شيخنا القَفَّال أعْلَمَ مَن لَقيتُهُ من علماء عصره. فقال البَيْهَقيّ في «شُعَب الإيمان» أنشدنا ابن قَتَادة، أنشدنا أبو بكر القَفَّال:
أَوَسَّع رَحْلي على مَن نَزَل ... وزادي مُبَاحٌ على من أَكَلَ
نُقَدِّمُ حاضِرَ ما عندَنا ... وإنْ لمَ يكن غير خُبْزٍ وخَلّ
فأمّا الكريم فيرضى بِهِ ... وأمّا اللّئيمُ فمن لم أَبَلْ [2]
قال أبو الحسن الصّفّار: سمعت أبا سهل الصّعلوكي، وسئل عن تفسير أبي بكر، فقال: قدّسه من وجهٍ ودَنَّسَه من وجه. ودنّسه من وجه أي دنّسه من جهة مذهب الاعتزال.
مُطَهّر بْن أحمد بْن محمد [3] بْن عليّ بْن أحمد بن مجاهد، أبو عمر
__________
[1] وله قصيدة هجاء ردّ فيها على قصيدة معرّبة للأمبراطور البيزنطي (نيقيفور فوكاس
osPhokas Nekephor - (التي أرسلها إلى الخلفية المطيع للَّه العباسي. (انظر: طبقات الشافعية الكبرى 2/ 179- 184) وقد نشر قصيدة القفال الدكتور صلاح الدين المنجد تحت عنوان (خصومات دبلوماسية بين بزنطية والعرب- ص 26 وما بعدها- بيروت 1982) .
[2] الأبيات في: تهذيب الأسماء واللغات 2/ 383، وطبقات الشافعية الكبرى 3/ 204، وطبقات المفسّرين للداوديّ 2/ 198 مع اختلاف يسير.
[3] ذكر أخبار أصبهان 2/ 324.

(26/347)


الحَنْظَلي. شيخ أصبهانيّ.
سمع: محمد بن العبّاس الأخرم، ومحمد بن يحيى بن مَنْدَه، ونوح بن منصور.
وعنه: أبو بكر بن أبي علي، وأبو نُعَيم الحافظ، وقال: تُوُفّي في رجب.
مَعَدّ المُعِزّ لدين الله [1] أبو تميم ابن المنصور إسماعيل القائم بن المهدي العُبَيْدي، صاحب المغرب، والذي بُنِيَتْ له القاهرة المعزّيَّة، وهو أول من تملّك ديار مصر من بني عُبَيْد الرّافضة المدَّعِين أنّهم عَلَويّون [2] .
وكان ولي عهد أبيه، فاستقلّ بالأمر في آخر سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة، وسار في نواحي إفريقية يمهّد مملكته، فذلّل العُصاة، واستعمل غلمانه على المدن، واستخدم الْجُنْدَ، ثم جهزّ مولاه جوهر القائد في جيش كثيف، فسار فافتتح سِجِلْمَاسَة [3] ، وسار حتى وصل إلى البحر المحيط، وصِيدَ من سمكه، وافتتح مدينة فاس، وأرسل بصاحبها وبصاحب سبتة
__________
[1] المنتظم 7/ 82 رقم 106، العبر 2/ 339، مرآة الجنان 2/ 383- 385، البداية والنهاية 11/ 283، 284، الكامل في التاريخ 8/ 663- 665، شذرات الذهب 3/ 52- 54، مختصر تاريخ الدول 171، دول الإسلام 1/ 226، كنز الدرر 119 و 173، اتعاظ الحنفا 1/ 93 وما بعدها، ذيل تاريخ دمشق 14، تكملة تاريخ الطبري 1/ 225، نهاية الأرب 23/ 203، بدائع الزهور ج 1 ق 1/ 191، تاريخ ابن الوردي 1/ 299، البيان المغرب 1/ 221 وما بعدها، وفيات الأعيان 5/ 224- 228، سير أعلام النبلاء 15/ 159- 167 رقم 68، تاريخ ابن خلدون 4/ 45- 51، خطط المقريزي 1/ 351- تاريخ الأنطاكي، المغرب في حلى المغرب 38- 45، تاريخ العظيمي 307، أخبار الدول 190 و 2/ 222، النجوم الزاهرة 4/ 69- 104، عيون الأخبار 9 وما بعدها.
[2] في الأصل «عليّون» .
[3] سجلماسة: بكسر أوله وثانيه، وسكون اللام، وبعد الألف سين مهملة. مدينة في جنوبي المغرب في طرف بلاد السودان بينها وبين فاس عشرة أيام تلقاء الجنوب. (معجم البلدان 3/ 192) .

(26/348)


أسيرين إلى المُعّز [1] . ووطَّد له من إفريقية إلى البحر، سوى مدينة سبّتة، فإنّها بقيت لبني أميّة أصحاب الأندلس [2] .
وذكر هذا القفْطي أنّ المُعِزّ عزم على تجهيز عسكر إلى مصر، فسألته أمّه تأخير ذلك لتحجّ خفية، فأجابها، وحجّت، فلمّا حصلت بمصر، أحسّ بها الأستاذ كافور الإخشيدي، فحضر وخدمها وحمل إليها هدايا، وبعث في خدمتها أجنادًا، فلمّا رجعت من حجّها منعت ولدها من غزو بلاده، فلما تُوُفّي كافور بعث المُعِزّ جيوشه، فأخذوا مصر.
قال غيره: ولما بلغ المُعِزّ موت كافور صاحب ديار مصر، جهّز جَوْهَر المذكور إليها، فجبي جوهر القطائع التي على البربر، فكانت خمسمائة ألف دينار، وسار المُعِزّ بنفسه إلى المهديّة في الشتاء، فأخرج من قصور آبائه من الأموال خمسمائة حِمْل، ثم سار جوهر في الجيوش إلى مصر في أوّل سنة ثمانٍ وخمسين، وأنفق الأموال. وكان في أُهْبَةٍ هائلة، وصادف بمصر الغلاء والوباء، فافتتحها، وافتتح الحجاز والشام، ثم أرسل يُعَرَّف المُعِزّ بانتظام الحال، فاستخلف على إفريقية بُلُكّين بن زيري الصَّنْهاجي، وسار في خزانته وجيوشه في سنة إحدى وستّين. ودخل الإسكندريّة في شعبان سنة اثنتين وستّين، فتلقّاه قاضي مصر أبو الطّاهر الذُهْلي [3] والأعيان، فطال حديثه معه، وأعلمهم بأنّ قَصْدَه القصد المبارك من إقامة الجهاد والحق، وأنْ يختم عمره بالأعمال الصالحة، وأن يعمل بما أمره به جَدُّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ووعظهم وطَوَّل حتى بكى بعضهم، ثم خلع على جماعة، ثم سار فنزل بالجيزة، فأخذه جيشه في التَّعْدِية إلى مصر، ثم دخل القاهرة، وقد بُنيت له بها دُور الإمرة. ولم يدخل مصر، وكانوا قد احتفلوا وزيّنوا مصر، فلما دخل القصر خرّ ساجدًا، وصلّى ركعتين [4] .
__________
[1] الكامل في التاريخ 8/ 524- 525.
[2] البيان المغرب 1/ 222.
[3] ستأتي ترجمته في هذه الطبقة.
[4] وفيات الأعيان 5/ 227.

(26/349)


وكان عاقلا حازما أديبا سريّا جوادًا مُمَدّحًا، فيه عدل وإنصاف، فمن ذلك، قيل إنّ زوجة الإخشيد لما زالت دولتهم أودعت عند يهودي بغلطن [1] كلّه جوهر، ثم فيما بعد طالبته، فأنكر، فقالت: خُذْ كُمَّ البغلطان [1] ، فأبي، فلم تزل حتى قالت: هات الكُمَّ وخُذِ الجميع، فلم يفعل. وكان فيه بضع عشرة درّة، فأتت قصر المُعِزّ فإذِن لها، فأخبرته بأمرها، فأحضره وقرّرَه، فلم يقرّ، فبعث إلى داره من خرب حيطانها، فظهرت جرّة فيها البلغطان [1] ، فلما رآه المعز تحيّر من حُسْنه، ووجد اليهوديّ قد أخذ من صدره درّيتن، فاعترف أنّه باعهما بألف وستمّائة دينار، فسلّمه بكماله، فاجتهدت أن يأخذه هديّة أو بثمن، فلم يفعل، فقالت: يا مولانا هذا كان يصلح لي وأنا صاحبة مصر، فأمّا اليوم فلا، ثم أخذته وانصرفت [2] .
وجاء أنّ المنجّمين، أخبروه أنّ عليه قطْعًا [3] ، وأشاروا عليه أن يتّخذ سردابًا ويتوارى فيه سنة، ففعل، فلما طالت غيبته ظنّ جُنْدُهُ المغاربة أنّه قد رُفِع، فكان الفارس منهم إذا رأى الغمام ترجّل ويقول: السلام عليك يا أمير المؤمنين. ثم خرج بعد السنة، وتُوُفّي بعد ذلك بيسير [4] .
وكان قد قرأ فنونا من العلم والأدب، والله أعلم بسريرته.
قيل أنّه أحضر إليه بمصر كتاب فيه شهادة جدّه عُبَيْد الله بسَلَمِيّة، وكتب: «شهد عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الباهلي» . وفي الكتاب شهادة جماعة من أهل سَلَمِيَّةَ وحمص، فقال: نعم هذه شهادة جدّنا، وأراد بقوله:
الباهلي أنّه من أهل المُبَاهَلَة لا أنّه من باهِلَة [5] .
وكان المُعِز أيضًا ينظر في النجوم.
__________
[1] هكذا في الأصل «بغلطن» و «بغلطان» و «بلغطان» . وفي سير أعلام النبلاء 15/ 162 «مغلطاق» .
[2] النجوم الزاهرة 4/ 78.
[3] نعتقد أنه كان نجما رصدا.
[4] الكامل في التاريخ 8/ 664.
[5] باهلة: قبيلة عربية من قيس بن عيلان.

(26/350)


وقيل إنّه قال هذين البيتين:
أَطْلَعَ الحُسْنُ من جبينك شَمْسًا ... فوق ورْدٍ من وَجْنَتَيْك أَطَلًا
وكأنّ الْجَمَالَ خَافَ على الوردِ ... ذُبُولًا فمدّ بالشَّعْرٍ ظلًا [1]
وله فيما قيل:
للَّه ما صَنَعَتْ بنا ... تلك المحاجِرُ في المعاجرْ
أمْضَى وأقْضَى في النّفُوس ... من الخناجر في الحَناجر
ولقد تعبت ببَيْنِكُم ... تَعَبَ المُهاجِرِ في الهواجِرُ [2]
تُوُفيّ فِي ربيع الآخر سنة خمسٍ وستّين، وله ستّ وأربعون سنة، وكان مولده بالمهديّة.
منصور بن عبد الملك بن نوح [3] بن نصر بن أحمد بن إسماعيل، أبو صالح الأمير السَّاماني، أمير بُخَارَى وسَمَرْقَنْد، وأبن أمرائها السّامانيّة.
تُوُفّي في شوّال، وتملّك بغداد بعده ولده أبو القاسم نوح إحدى وعشرين سنة.
__________
[1] البيتان في وفيات الأعيان 5/ 228 وفيه «جفافا» بدن «ذبولا» .
[2] الأبيات في وفيات الأعيان 5/ 228.
[3] الكامل في التاريخ 8/ 673، البداية والنهاية 11/ 285، تاريخ مختصر الدول لابن العبري 171 وفيه وفاته سنة 366 هـ.، النجوم الزاهرة 4/ 111.

(26/351)


[وَفَيَات] سنة ست وستين وثلاثمائة
أحمد بن جعفر [1] ، أبو الفرج النّسَائي.
حدّث ببغداد عن يوسف القاضي، وجعفر الفِرْيَابي.
وعنه البرقاني، وأبو نعيم.
قال محمد بن العبّاس بن الفُرات: ليس بثقة.
أحمد بن الصقر [2] ، أبو الحسن المنبجي [3] المقرئ.
قرأ على: أبي طاهر بن أبي هاشم، وأبي عيسى بكّار بن أحمد، وأبي مقسم.
صنّف كتاب «الحُجَّة في القراءات السّبْع» .
روى عنه: عَبْدان بن عمر الْمَنْبِجِي، وعلي بن معيوف العين ثرمائي [4] .
__________
[1] ميزان الاعتدال 1/ 87 رقم 318، لسان الميزان 1/ 144 رقم 45.
[2] معرفة القراء الكبار 1/ 270 رقم 5، غاية النهاية 1/ 63.
[3] ستأتي ترجمته مرة أخرى في المتوفّين في عشر السبعين وثلاثمائة.
[4] العين ثرمائي: بفتح الثاء المعجمة بثلاث وسكون الراء وفتح الميم وكسر الهمزة السابقة للياء. نسبة إلى عين ثرماء، قرية في غوطة دمشق. ويقال: العين ثرمي. (انظر معجم البلدان 4/ 177) .

(26/353)


أحمد بن محمد بن فرج [1] الْجَيَّاني [2] .
روى عن قاسم بن أصْبَغ، وغيره.
وجمع في اللغة والشَّعْر. ألّف كتاب «الحدائق» ، عارض به كتاب «الزّهرة» لابن داود الطّاهري.
سُجِن سنوات من قِبَل الدّولة لسِعَايةٍ لَحِقَتْه حتى مات.
أحمد بن عبد الرحمن بن القاسم بن عبد الرحمن بن صالح بن عبد الغفّار بن داود الحَرَّاني ثمّ المصري، أبو صالح.
تُوُفّي في شَعْبان.
أحمد بْن محمد بْن أحمد بن بُندار، أبو بكر الأستراباذي، نزيل سمرقند. شيخ صالح ورع، كثير المعروف.
رحل وسمع: عبد الله بن زيدان، ومحمد الخَثْعَمي، وأبا العبّاس السّرّاج، ومحمد بن محمد الباغَنْدي.
وعنه أبو سعد عبد الرحمن الإدريسي.
أحمد بن محمد بن جمعة [3] بن السّكَن، أبو الفوارس النَّسَفِي [4] .
سمع: محمد بن إبراهيم البُوشَنْجي، وإبراهيم بن معقل النّسَفي، وزكريّا بن حسين.
وعنه خَلَفُ بن أحمد الأمير، والحسن بن أبي الحَجَّاج، وغيرهما.
تُوُفّي أوّل السّنة، وكان مسند وقته بنسف.
__________
[1] جذوة المقتبس 104 رقم 176، بغية الملتمس 151 رقم 331، الصلة لابن بشكوال 1/ 5 رقم 2.
[2] الجيّاني، بفتح الجيم وتشديد الياء المعجمة باثنتين من تحتها وفي آخرها نون. نسبة إلى جيّان، بلدة كبيرة من الأندلس. (اللباب 1/ 320) .
[3] الوافي بالوفيات 7/ 371 رقم 3364.
[4] النّسفي: بفتح النون والسين وفي آخرها فاء. نسبة إلى نسف وهي من بلاد ما وراء النهر ويقال لها نخشب. (اللباب 3/ 308) .

(26/354)


أحمد بْن محمد بن حمدون [1] بن بُندار، أبو الفضل الشَّرْمَقَاني [2] الفقيه الأديب الحافظ. وشرمقان: بليدة من ناحية نَسَا.
رحل وسمع: الحسن بن سفيان، ومسدّد بن قَطَن النَّيْسَابُوري، وأبا القاسم البَغَوِي، وأبا عَرُوبة، وابن جَوْصَا، وطائفة سواهم.
وعنه الحاكم، وأبو سعد الماليني.
عندي مجلّد من حديثه.
قَرَأْتُ عَلَى محمد بْنِ أَبِي الْعِزِّ بِطَرَابُلْسَ، أنا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رِفَاعَةَ، أنا الْجُعْفِيُّ، أنا أَبُو سَعْدٍ الْمَالِينِيُّ، أنا أَبُو الْفَضْلِ أَحْمَدُ بْنُ محمد الشَّرْمَقَانِيِّ الثَّانِي، ثنا أَبُو محمد، هُوَ الْبَغَوِيُّ، ثنا شجاع بْنُ مَخْلَدٍ، وَأَبُو بَكْرِ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وأبو خيثمة قالوا: أنا ابن عُلَيَّةَ، عَنْ خَالِهِ الْحَذَّاءِ، حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ حُمْرَانَ، عَنْ عُثْمَانَ. [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ» ] [3] . أحمد بن محمد بن علي [4] الخزاعي، أبو علي بن الزَّفْتي [5] الدمشقي.
سمع: أبا عُبَيْدة بن ذِكْوان، وأبا الجهم [6] بن طلاب، ومكحولا
__________
[1] معجم البلدان 3/ 338، الوافي بالوفيات 8/ 77 رقم 3503، الأنساب 7/ 326 (تحقيق محمد عوّامة) ووقع خطأ في تاريخ وفاته في معجم البلدان حيث جاء (سنة 316) فليراجع، تهذيب تاريخ دمشق 2/ 51، سير أعلام النبلاء 16/ 286، 287 رقم 202.
[2] في الأصل «السرمقاني» بالسين المهملة، وهو تحريف، والتصحيح من (الأنساب معجم البلدان) «الشرمقاني» بفتح الشين المعجمة، وسكون الراء، وفتح الميم، والقاف، وفي آخرها النون. نسبة إلى شرمقان، وهي بلدة قريبة من أسفراين، بنواحي نيسابور، يقال لها «جرمقان» بالجيم، وقد كانت من أعمال نسا. (الأنساب 7/ 323) .
[3] ما بين الحاصرتين ساقط من الأصل استدركته من سير أعلام النبلاء 16/ 287 وفي الأصل بعد لفظ عثمان: «مشايخ خراسان في الأدب والفقه وكثرة الطلبي!» . أما الحديث فأخرجه أحمد في المسند 1/ 69 ومسلم في الإيمان (26) ، وإسناده صحيح.
[4] تاريخ دمشق (مخطوط التيمورية) 3/ 362، تهذيب ابن عساكر 2/ 67، موسوعة علماء المسلمين 1/ 409 رقم 231.
[5] الزّفتي: بكسر الزاي وسكون الفاء وفي آخرها التاء ثالث الحروف. نسبة إلى الزفت.
(اللباب 2/ 72) .
[6] في الأصل: «أبا الجهل» وهو تصحيف.

(26/355)


البَيْرُوتي، وأبا جعفر محمد بن عمرو العُقَيْلي.
وعنه: تمّام، وعبد الوارث المَيْداني، ومكّي بن الغَمْر، وجماعة.
إبراهيم بن أحمد بن محمد المصري، رئيس المؤذّنين بمصر. تُوُفّي فجأة، وقد حدث في هذا العام عن محمد بن زَبَان.
وعنه يحيى بن الطّحّان، وقال: تُوُفّي في ذي الحجّة.
إسماعيل بن سعيد بن عبد الواسع [1] ، أبو سعيد الْجُرْجَاني.
عن: عِمْران بن موسى بن مُجَاشِع، وعبد الرحمن بن عبد المؤمن، وابن عبد الكريم الوزّان، وجماعة.
قال حمزة السّهْمي: كان ثقة صالحًا، ثم روى عنه في تاريخه وقال:
تُوُفّي في جُمادى الأولى.
ثابت بن إبراهيم بن هارون [2] ، أبو الحسن الحَرّاني الطّبيب، من كبار الأطبّاء ببغداد.
كان نظير ثابت بن سِنان، وكان أبو الحسن هذا أَسَنّ من ابن سنَان، وله إصابات عجيبة مذكورة في تاريخ الموفق ابن أبي أُصَيْبَعَة.
عاش سِتًّا [3] وثمانين سنة.
جعفر بن محمد بن جعفر، أبو محمد اليَزْدِيّ التّاجر.
سمع: محمد بن بصير، وحاجب بن أركين.
وعنه: أبو بكر بن أبي علي، وأبو نُعَيم، وأهل أصبهان.
الحارث بن عبد الجبّار [4] ، أبو الأصبغ الأندلسي.
__________
[1] تاريخ جرجان 146 رقم 166.
[2] تاريخ مختصر الدول لابن العبري 173، 174 وفيه وفاته سنة 369، عيون الأنباء 1/ 227 طبعة الوهبية، أخبار الحكماء 111، الفهرست 303، الوافي بالوفيات 10/ 465 رقم 4970.
[3] في الأصل «ستين وثمانين» .
[4] تاريخ علماء الأندلس 1/ 105 رقم 327.

(26/356)


سمع بإِلِبيرَة [1] من محمد بن فُطَيْس، وبقُرْطُبة من أحمد بن خالد بن الحُبَاب.
وكان ثقة.
الحسن بن أحمد بن أبي سعيد [2] ، أبو محمد الجنابي القُرْمُطي، المعروف بالأعصم. مولده بالأَحْسَاء ومات [3] بالرَّمْلة، وله شعر جيّد وفضيلة.
غلب على الشام، وكان كبير القرامطة ورأسهم في زمانه، واستناب على دمشق وشاح بن عبد الله، وقدم نائبًا إلى دمشق سنة ستّين. وكسر جيش المصريين، وقتل مُقَدَّمهم جعفر بن فلاح، وكانوا قد أخذوا دمشق، ثم إنّه توجّه إلى مصر وحاصرها شهورًا، واستخلف على دمشق ظالم بن موهوب [4] العُقَيْلي، وكان يُظْهر دولة أمير الطائع للَّه [5] .
أخباره في تاريخ دمشق، وفي الحوادث.
الحسن بن بُوَيْه فَنّاخسْرُو [6] السلطان رُكْن الدولة أبو علي الدّيْلَمي، صاحب أصبهان والرّيّ وهمذان وعراق
__________
[1] إلبيرة: الألف فيها ألف قطع وليس بألف وصل. وهي كورة كبيرة من الأندلس ومدينة.
(معجم البلدان 1/ 244) .
[2] تهذيب ابن عساكر 4/ 151- 153، معجم البلدان 2/ 122 و 3/ 848، اللباب 1/ 238، البداية والنهاية 11/ 286، 287 وفيه «الحسين» ، الوافي بالوفيات 11/ 373 رقم 543، فوات الوفيات 1/ 227، مرآة الجنان 2/ 385، العبر 2/ 340، دول الإسلام 1/ 227، أمراء دمشق 26، النجوم الزاهرة 4/ 128، تاريخ أخبار القرامطة 95، سير أعلام النبلاء 16/ 274- 276 رقم 195 شذرات الذهب 3/ 55.
[3] في الأصل «مولده» وهو خطأ.
[4] في الأصل «مرهوب» والتصحيح من المصادر التاريخية. انظر: الكامل في التاريخ 8/ 656، أمراء دمشق 46 رقم 151، البداية والنهاية 11/ 281، اتعاظ الحنفا 1/ 211، ذيل تاريخ دمشق 15.
[5] كذا في الأصل، ويبدو الاضطراب في العبارة. وفي سير الأعلام 16/ 275: «وكان يظهر طاعة الطائع العباسي» .
[6] المنتظم 7/ 185 رقم 108، العبر 2/ 341، دول الإسلام 1/ 227، البداية والنهاية 11/ 284، 285 و 288، الكامل في التاريخ 8/ 241، تاريخ مختصر الدول 171، معجم

(26/357)


العجم كلّه، والد السلطان عَضُد الدولة وفخر الدولة ومُؤيّد الدولة.
كان ملكًا جليلًا سعيدًا في أولاده، قسّم عليهم الممالك، فقاموا بها أحسن قيام، وملك أربعًا وأربعين سنة وأشهرًا، وكان أبو الفضل بن العميد وزيره، فلما مات ابن العميد استوزر ولَدَه أبا الفتح بن العميد، وأمّا الصّاحب إسماعيل بن عبّاد فكان وزير ولديه مؤيّد الدولة وفخر الدولة.
تُوُفّي ركن الدولة في المحرّم عن نيّف وثمانين سنة بِقُولَنْجٍ أصابه، ووجد بعده عضُدُ الدولة طريقًا إلى ما كان يُخفيه من قَصْد العراق، وهو أخو مُعِزّ الدولة أحمد، وعماد الدّولة علي.
الحَكم المستنصر باللَّه [1] ، صاحب الأندلس أبو العاص بن النّاصر لدين الله عَبْد الرَّحْمَن الأمويّ.
بقي في المملكة بعد أبيه ستّة عشر عامًا، وعاش ثلاثًا وستّين سنة.
وكان حَسَنَ السّيرة، مُكْرِمًا للقادمين عليه. جَمَع من الكتب ما لا يحدّ ولا يوصف كثرة ونَفَاسةُ، مع العلم والنَّبَاهة، وحُسْن السّيرة وصفاء السّريرة.
سمع من: قاسم بن أصبغ، وأحمد بن دُحَيْم، ومحمد بن محمد بن عبد السلام الخشني، وزكريًا بن خطّاب، وأكثر منه. وأجاز له ثابت بن قاسم، وكتب عن خلق كثير سوى هؤلاء.
__________
[ () ] البلدان 4/ 189، أمراء دمشق 26 رقم 87، مرآة الجنان 3/ 93، الوافي بالوفيات 11/ 411 رقم 589، النجوم الزاهرة 4/ 127، شذرات الذهب 3/ 55، كنز الدرر (الدرّة المضيّة في أخبار الدولة الفاطمية) 178، تكملة تاريخ الطبري 1/ 229، نهاية الأرب 23/ 203، المختصر في أخبار البشر 2/ 116، وفيات الأعيان 2/ 118، 119، سير أعلام النبلاء 16/ 203 رقم 141.
[1] العبر 2/ 341، 342، البداية والنهاية 11/ 285، الكامل في التاريخ 8/ 677، شذرات الذهب 3/ 55، جذوة المقتبس 13، بغية الملتمس 18، معجم بني أمية للمنجد 25، دول الإسلام 1/ 227، النجوم الزاهرة 4/ 127، نهاية الأرب 23/ 400، تاريخ علماء الأندلس 10/ 7، يتيمة الدهر 1/ 293، 294، جمهرة أنساب العرب 100، المختصر في أخبار البشر 2/ 117، سير أعلام النبلاء 16/ 23، 231، تاريخ ابن خلدون 4/ 144، تاريخ الخلفاء 649، نفح الطيب 12/ 386.

(26/358)


وكان يستجلب المُصَنَّفات من الأقاليم والنّواحي، باذلًا فيها ما أمكن من الأموال، حتّى ضاقت عنها خزائنه، وكان ذا غرام بها، قد آثر ذلك على لذّات الملوك، فاستوسع عِلْمُهُ، ودقّ نظره، وجمّت استفادته. وكان في المعرفة بالرّجال والأنساب والأخبار أُحْوَذيّا نسيجَ وحْدِه.
وكان أخوه عبد الله المعروف بالولد [1] على هذا النَّمط من محبّة العلم، فقتل في أيّام أبيه.
وكان الحَكَم ثِقَةً فيما ينقله.
قال ابن الأبّار [2] : هذا أضعافه فيه. وقال: عجبًا لابن الفَرَضيّ، وابن بَشْكَوال كيف لم يذكراه. كنيته أبو العاص. وولي الأمر في سنة خمسين وثلاثمائة بعد والده، وقلّ ما نجد له كتابا من خزانته إلا وله فيه قراءة أو نظر [3] في أيّ فنّ كان، ويكتب فيه نَسَبَ المؤلّف ومَوْلِدَه ووفاته، ويأتي من ذلك بغرائب لا تكاد توجد إلّا عنده لعنايته بهذا الشأن.
تُوُفّي بقصر قُرْطُبة في ثاني صفر، رحمه الله.
وقد شدّد في إبطال الخمور في مملكته تشديدًا مُفْرِطًا، ومات بالفالج، وولي الأمر بعده ابنه المؤيّد باللَّه هشام، وسِنّه يومئذٍ تسع سنين، وقام بتدبير المملكة الحاجب أبو عامر محمد بن عبد الله بن أبي عامر العامري القَحْطَاني الملقّب بالمنصور، فكان هو الكُلّ.
عبد الله بن غانم، أبو محمد الطويل النَّيْسَابُوري الصَّيْدلاني.
سمع أبا عبد الله البُوشَنْجي، وأبا بكر الجارُودي.
قال الحاكم: عاش مائة وسنتين [4] .
__________
[1] الولد: مصطلح أندلسي لا يطلق إلّا على الأمراء، وكثيرا ما يختص به وليّ العهد.
[2] الحلّة السّيراء 1/ 200- 205 رقم 77.
[3] في الأصل «نظرا» .
[4] في الأصل «مائة وستين» وهو تحريف.

(26/359)


عبد الله بن موسى بن كريد [1] ، أبو الحسن السلامي.
غلط من سمّى وفاته فيها، إنّما تُوُفِّيَ [سَنَةَ أَرْبَعٍ] [2] وَسَبْعِينَ.
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ [3] بْنِ زياد، أبو محمد النَّيْسَابُوري المعدّل.
سمع: جدّه أحمد بن إبراهيم بن عبد الله بن بنت نصر بن زياد، وعبد الله بن محمد بن شِيرَوَيْه، وحدّث عنهما بمُسْنَد إسحاق، وموسى بن جعفر بن أحمد الحافظ، ومن مُسدّد بن قَطَن، وفي الرّحلة من أحمد بن الحسن الصُّوفي الحرّاني، والهَيْثَم بن خَلَف الدُّوري، والمُفَضّل بن محمد الْجُنْدي، وغيرهم.
وعنه: الحاكم أبو عبد الله، وقال: تُوُفّي سنة ستًّ وستيّن، وله ثلاث وثمانون سنة وروى عنه مُسْنَد إسحاق: أبو سعد عبد الرحمن بن حمدان النَّصْروي.
عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن بَقِيّ [4] بْن مَخْلَد، أبو الحسن القُرْطُبي.
سمع من: أبيه، ومحمد بن عمر بن لُبَابة، وأسلم، وأحمد بن خالد، وجماعة.
وكان ثِقَةً، ضابطًا، فصيحًا، بليغًا، وَقُورًا. سمع النّاس منه كثيرًا.
قال ابن الفَرَضي: أخبرني مَن سمعه يقول: الإجازة عندي وعند أبي وجدّي كالسّماع، أريد علي الصّلاة بقُرْطُبة واستعفى عن ذلك، وتُوُفّي في ربيع الأوّل، وله أربعٌ وستُّون سنة.
__________
[1] تاريخ بغداد 10/ 148، 149 رقم 5299، ميزان الاعتدال 2/ 508 رقم 4269 و 2/ 509 رقم 4632 و 2/ 509 رقم 4634، لسان الميزان 3/ 368 رقم 1470، الوافي بالوفيات 17/ 644 رقم 542.
[2] ما بين الحاصرتين ليستا في الأصل.
[3] العبر 2/ 342، شذرات الذهب 3/ 56.
[4] تاريخ علماء الأندلس 1/ 263 رقم 798:

(26/360)


عبد الرحمن بن إسماعيل بن عبد الله بن سليمان، أبو عيسى الخَوْلاني المصري الفُرُوضي.
يروي عن: أبي عبد الرحمن النَّسَائي، وأبي يعقوب المَنْجَنِيقي.
وعنه: علي بن منير الخلال، ويحيى بن علي الطّحّان، وقال: تُوُفّي في صَفَر.
عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بن محبور، أبو الفرج التّميمي النَّيْسَابُوري، بقيّة الكراميّة، ومُحَدَّثهم.
سمع: الحسين بن محمد القَبَّاني، وأبا يحيى البزّاز، وطائفة.
روى عنه: الحاكم وغيره.
تُوُفّي في شعبان عن ثمانٍ [1] وثمانين سنة.
عثمان بن الحجّاج بن يعقوب بن يوسف، أبو عَمْرو الخَوْلاني المصري الشاعر.
تُوُفّي في صفر.
عصام [2] بن العبّاس، أبو محمد الضَّبّي الهَرَوي.
روى عن: محمد بن مَخْلَد العطّار، وغيره.
وعنه: ابنه رافع، وأبو عثمان القُرشي الهروي.
علي بن أحمد بن عبد العزيز [3] أبو الحسن الْجُرْجاني المُحْتَسِب، نزيل نَيْسَابور.
سمع: عمر بن محمد بن بُجَيْر، وعمران بن موسى بن مُجَاشِع الحافظ، ومحمد بن يوسف الفَرَبْرِي [4] ، وحدّث بنيسابور.
__________
[1] في الأصل «ثماني» .
[2] في الأصل «عصم» .
[3] مرآة الجنان 2/ 386، شذرات الذهب 3/ 56 وفيه «علي بن عبد العزيز» طبقات الفقهاء للشيرازي 122، تاريخ جرجان 318 رقم 560، ميزان الاعتدال 3/ 112، سير أعم النبلاء 16/ 247 رقم 177، لسان الميزان 4/ 194، 195.
[4] الفربري: بفتح الفاء والراء وسكون الباء الموحدة وفي آخرها راء ثانية. نسبة إلى فربر. بلدة

(26/361)


أخذ عنه أبو عبد الله الحاكم، وقال: تُوُفّي في صفر. وقال أيضًا: كثير السَّمَاع معروف بالطَّلَب، إلّا أنّه وقع إلى أبي بِشْر المصعبي الفقيه، فكانّه أخذ سيرته في الحديث، فظهرت منه المجازفة عند الحاجة إليه، فتُرِك.
قال: وسمع «صحيح البُخَاري» وثنا بالعجائب عن أبي بشر المروزي، يعني المصعبي.
علي بن أحمد بن المَرْزُبان [1] أبو الحسن [2] البغدادي الفقيه الشافعي.
كان إمامًا ورِعًا.
أخذ الفقه عن أبي الحسين بن القطّان.
وعنه أخذ الشيخ أبو حامد الإسْفرايني أوّل ما قَدِم العراق.
وهو صاحب وجهٍ في المذهب.
وبلَغَنَا عنه أنّه قال: ما لأحدٍ عليّ مَظْلِمَة.
تُوُفّي في رجب من السنة.
عيسى بن العلاء بن نذير [3] ، أبو الأصْبَغِ السَّبْتي [4] .
دخل الأندلس، وسمع من: أحمد بن خالد بن الحباب، ومحمد بن عبد الملك بن أيمن، وقاسم بن أصبغ.
ولي قضاء سَبْتة وخطابَتَها، وعاش سَبْعًا وثمانين سنة.
عيسى بن عبد الرحمن بن حبيب [5] ، أبو الأصبغ المصمودي الأندلسي.
__________
[ () ] على طرف جيحون مما يلي بخارى. (اللباب 2/ 418) .
[1] طبقات الشافعية للشيرازي 91، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 346، تاريخ بغداد 11/ 325، تهذيب الأسماء واللغات للنووي 2/ 214، طبقات الفقهاء 96، البداية والنهاية 11/ 289، وفيات الأعيان 3/ 281، مرآة الجنان 2/ 385، شذرات الذهب 3/ 56، تاريخ التراث العربيّ 1/ 324، سير أعلام النبلاء 16/ 246 رقم 172.
[2] في الأصل «والحسن» .
[3] تاريخ علماء الأندلس 1/ 337 رقم 995.
[4] السبتي: بفتح السين وسكون الباء الموحّدة وفي آخرها التاء ثالث الحروف. نسبة إلى مدينة سبتة بالمغرب على ساحل البحر. (اللباب 2/ 98) .
[5] تاريخ علماء الأندلس 1/ 334 رقم 988.

(26/362)


سمع: محمد بن عبد الملك بن أيمن، ورحل مع عبد الرحمن بن عبد الله بن المقرئ، وابن الأعرابي، وجماعة كثيرة.
وكان أحد الفقهاء. تُوُفّي في جُمادى الآخرة بأُشونة [1] .
علي بن محمد بن الحسين [2] ، ويلقّب: «ذو الكِفَايتين» ، أبو الفتح ابن الوزير أبي [3] الفضل محمد بن العميد.
وُلّي الوزارة بعد موت والده لبني بَوَيْه، وكان شاعرًا محسِنًا مفلِقًا. مدح عَضُدَ الدَّولة بن بُوَيْه وغيره.
وله من مَطْلَع قصيدة بديعة:
أُفِيضَتْ عُقُودٌ أَمْ أُفِيضَتْ مَدَامِعُ ... وهذي دُمُوعٌ أَمْ نُفُوسٌ هَوَامِعُ
ومنها في وصف العدوّ المخذول:
بطرتم فَطِرْتُمْ والعَصَا زَجْرُ مَن عَصَى ... وتَقْوِيمُ عبدِ الهُونِ بالهُونِ رادِعُ
وقد وَزَرَ وعظُم قدره، ومات في ربيع الآخر سنة ستَّ وستّين تحت العذاب.
القاسم بن غانم بن حَمَوَيْه، أبو محمد الطّيب الصّيْدَلاني. شيخ نَيْسَابُوريّ معْمَر.
سمع: محمد بن إبراهيم البوشنجي، والحسين بن محمد القبّاني، وجماعة.
وعنه الحاكم قال: لم تعجبني منه رواية تاريخ يحيى بن بكير عن البُوشنجي.
قال: وتُوُفّي في ذي الحجّة، وله مائة وخمس سنين، فإنّي لم أزل
__________
[1] تصحّف في الأصل إلى «باسوته» . وأشونة: بالنون مكان القاف. حصن بالأندلس من نواحي إستجة. (معجم البلدان 1/ 202) .
[2] معجم الأدباء 14/ 191- 240 رقم 38 إنباه الرواة 1/ 323.
[3] في الأصل «أبو» .

(26/363)


أسمع أنّ مولده سنة ستيّن ومائتين [1] .
محمد بن أحمد [2] بن شَبَّوَيْه [3] ، أبو عبد الله الأصْبَهَاني الورّاق.
قال أبو نُعَيم: كتب بالشّام والعراق، وثنا قال: ثنا علي بن محمد بن زيد بحَرَّان، ثنا هاشم بن القاسم الحرّاني، فذكر حديثًا.
محمد بن بَطّال بن وهب [4] بن عبد الله التميمي اللُّورَقي [5] .
رحل إلى المشرق مرّتين، أولاهما سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، فسمع من أبي: سعيد بن الأعرابي، وابن أبي مطر الإسكندراني، وأحمد بن مسعود الزُّبَيْرِي، وطبقتهم. وعُنِي بالحديث والتَّقْييد.
سمع منه غير واحدٍ من علماء قُرْطُبَة، وتُوُفّي بِلْورَقَة، رحمه الله.
محمد بن جعفر بن محمد [6] بن كنانة، أبو بكر البغداديّ المؤدّب.
روى عن: محمد بن يونس الكديمي، وابن مسلم الكَجّي، ومحمد بن سهل العطّار.
وعنه: علي بن أحمد الرّزّاز، وبشري الفاتني.
قال ابن أبي الفوارس: كان فيه تَسَاهُل، لم يكن عندي بذاك.
محمد بن الحسن بن أحمد [7] بن إسماعيل، أبو الحسن النَّيْسَابُوري السّرّاج المقرئ الزّاهد.
رحل وسمع: أبا شُعَيْب الحَرّاني، والحسين بن المُثَنَّى العَنْبَرِي، ومُطَيّنًا، وموسى بن هارون، ويوسف بن يعقوب القاضي، وطبقتهم.
__________
[1] في الأصل أقحمت كلمة على العبارة فجاءت: سنة ستين ومحمد مائتين» .
[2] ذكر أخبار أصبهان 2/ 294.
[3] في الأصل «سيبويه» وهو تصحيف.
[4] تاريخ علماء الأندلس 2/ 75 رقم 1317، بغية الملتمس 64 رقم 72.
[5] اللورقي: بالضم ثم السكون والراء المفتوحة والقاف. نسبة إلى مدينة لورقة بالأندلس من أعمال تدمير. (معجم البلدان 5/ 25) .
[6] تاريخ بغداد 2/ 151 رقم 573.
[7] المنتظم 7/ 86 رقم 111، العبر 2/ 342، مرآة الجنان 2/ 387، شذرات الذهب 3/ 57.

(26/364)


روى عنه: أبو عبد الله الحاكم، وأبو سعيد الماليني، وأبو الحسين بن العاني، وأبو بكر محمد بن إبراهيم المشّاط، والأستاذ محمد بن القاسم الماوَرْدِي القُلُوسي، وأبو بكر محمد بن عبد العزيز الجزري، وخَلْقٌ من النَّيْسَابُوريّين، وغيرهم.
قال الحاكم: قَلَّ ما رأيت اجتهادًا وعبادة [1] منه. وكان يعلَّم القرآن، وما أَشَبَّه حالَه إلّا بحال أبي يونس الفُوّي الزّاهد، صلّى حتى أقعد، وبكى حتى عمي. حدّث أبو الحسن من أُصُول صحيحة، وتُوُفّي يوم عاشوراء. وسمعته يَقُولُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام، فتبعته حتى وقف على قبر يحيى، وتقدّم، وصفّ خلفه جماعة من الصحابة فصلّى عليه، ثم التفت فقال: هذا القبر أمان لأهل المدينة.
محمد بن عبد الله بن زكرّيا [2] بن حَيَّوَيْه، أبو الحسن القاضي النَّيْسَابُوري المصري.
قدم مصر في صِغَره، أو وُلد بها. وسمع: بكر بن سهل الدَّمْياطي، وأحمد بن عمرو البزّار، وأحمد بن شُعَيْب النّسائي، وعبد الله بن أحمد بن عبد السّلْم الخَفّاف، وغيرهم.
وهو ابن أخي يحيى بن زكريّا بن حَيَّوَيْه الحافظ الأعرج، صاحب قُتَيْبَة، وابن راهَوَيْه، فروى عن عمّه أيضًا، وأحسبه هو المدني. رحل به إلى مصر.
روى عنه: الحافظ عبد الغني المصري، وعلي بن محمد الخُراساني القيّاس، وهارون بن يحيى الطّحّان، وأبو القاسم يحيى بن علي بن الطحان،
__________
[1] تكرّرت كلمة «وعبادة» في الأصل.
[2] العبر 2/ 342، الكامل في التاريخ 8/ 688، شذرات الذهب 3/ 57، حسن المحاضرة 1/ 169، الأعلام 7/ 97، معجم المؤلفين 10/ 15، تاريخ التراث العربيّ 1/ 324 وفيه أن وفاته سنة 663 هـ.، بدائع الزهور ج ق 1/ 192، طبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 484 رقم 1169.

(26/365)


ومحمد بن جعفر بن أبي الذكر، وجماعة آخرهم محمد بن الحسين النَّيْسَابُوري المصري الطّفّال.
تُوُفّي في رجب من السنة، وكان شافعيّا رأسًا في الفرائض.
وثّقه ابن ماكولا [1] وقال: وكان ثقة نبيلًا. قال: مولدي سنة ثلاث وسبعين ومائتين.
قال ابن عساكر: روى عنه: النّسَائي، وجعفر بن أحمد بن عاصم، وإسحاق بن إبراهيم المَنْجَنيقي، ومحمد بن جعفر بن أَعْيَن، وسمّى جماعة.
قال الدَارقُطْنيّ: كان رحمه الله لا يترك أحدا يتحدث، وقال: جئت إلى شيخ عنده «الموطأ» وكان يقرأ عليه وهو يتحدّث، فلما فرغ قلت: أيها الشيخ نقرأ عليك الحديث وأنت تتحدّث؟ فقال: كنت أسمع، فلم أَعُدْ إليه.
محمد بن محمد بن يعقوب، أبو بكر المصري السّرّاج.
روى عن أبي يعقوب المنجنيقي، والنّسَائي.
وتُوُفّي في آخر السنة.
محمد بن علي بن عبد الله [2] الوَزْدُولي [3] الْجُرْجَاني النهرواني.
روى عن أحمد بن محمد بن عبد الكريم الوزّان، ومات ببغداد.
مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أَحمد بْن مَنْصُور، أَبُو منصور القَزْوِيني الفقيه.
رحل وسمع: عمران بن موسى بن مُجَاشِع، وأبا يَعْلَى المولى، وعمران بن أبي غيلان، وحامد بن شعيب، وحدّث ببلده.
__________
[1] الإكمال 2/ 361.
[2] تاريخ بغداد 3/ 87 رقم 1074، الأنساب 12/ 258، اللباب 3/ 363.
[3] الوزدولي: بفتح الواو وسكون الزاي وضم الدال المهملة وسكون الواو وفي آخرها لام. نسبة إلى وزدول من قرى جرجان. (اللباب 3/ 363) .

(26/366)


[وَفَيَات] سنة سبع وستين وثلاثمائة
أحمد بن إبراهيم بن بِشْر، أبو بكر اللّحياني المصري.
يروي عن النّسَائي.
وعنه يحيى بن الطّحّان، وقال: تُوُفّي في أوّل السنة.
أحمد بن عيسى بن النّعْمان، أبو عمرو الصّائغ.
روى عنه أبو سعد الإدريسي في تاريخ إسْتِراباذ، قال: هو محدّث ثقة.
سمع محمد بن إبراهيم بن شعيب الغازي وغيره، ومات سنة سبعٍ أو ثمانٍ وستّين.
أحمد بن يعقوب، أبو بكر الجرْجاني الأديب.
روى عن أَبِي خليفة.
كان كَذَّابًا.
إبراهيم بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد [1] بْن محموَيْه، أبو القاسم النّصراباذيّ
__________
[1] المنتظم 7/ 89 رقم 112، تاريخ بغداد 6/ 169 و 170، تهذيب ابن عساكر 2/ 246- 250، طبقات الصوفية للسّلمي 484- 488، الرسالة القشيرية 39، اللباب 3/ 225، نتائج الأفكار القدسية 2/ 13- 15، طبقات الشعراني 1/ 144، سير أعلام النبلاء 10 ق 2/ 212، النجوم الزاهرة 4/ 129- 131، شذرات الذهب 3/ 58، مرآة الجنان 2/ 387، دول الإسلام 1/ 227، الوافي بالوفيات 6/ 117 رقم 2549، تاريخ التراث

(26/367)


الواعظ الصُّوفي الزّاهد. ونَصْراباذ محلّة بنَيْسَابور.
سمع: ابن خُزَيْمة، والسّرّاج، ويحيى بن صاعد، وابن جَوْصَا، ومَكْحُولا البَيْرُوتيّ، وأحمد بن عبد الوارث العسّال، وهذه الطبقة بالعراق والشّام ومصر.
وعنه: أبو عبد الله الحاكم، وأبو عبد الرحمن السُّلَمي، وأبو حازم العَبْدَرِي، وأبو العلاء محمد بن علي الواسطي.
وقال السُّلَمي: كان شيخ الصُّوفيّة بنَيْسَابور، له لسان الإشارة، مقرونًا بالكتاب والسنة. كان يرجع إلى فنون من العلم، منها حِفْظ الحديث وفهمه، وعِلْم التاريخ وعلوم المعاملات والإشارة. التَقَى الشّبْلي، وأبا علي الرُّوذْبَاري. قال: ومع مُعْظَم حاله كم مرّة قد ضُرِب وأُهين وكم حُبس، فقيل له: إنّك تقول: الرُّوح غير مخلوق، قال: لست أقول ذا ولا أقول أنّ الرُّوح مخلوق، ولكنّ أقول ما قال الله: «قُلِ الرُّوحُ مِنْ أمر ربّي» [1] ، فَجَهِدوا به، فقال: ما أقول إلّا ما قال الله.
قلت: هذا كلام زيْف، وما يَشُكُّ مسلم في خلْق الأرواح، وأمّا سؤال اليهود لنبيّنا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الروح فإنّما هو عن ماهيّتها وكيفيّتها لا عن خلْقِها، فإنّ الله خالق كلّ شيء، وخالق أرواحنا ودَوَابّنا وموتنا وحياتنا.
قال السُّلَمي: وقيل له: إنّك ذهبت إلى النّاوُوس وطفْت به وقلتَ: هذا طوافي، فقالوا له: إنّك نقصت محلّ الكعبة، فقال: لا ولكنّهما مخلوقان، لكن جُعِل ثَمَّ فضْل ليس هاهنا، وهذا كمن يكرم الكلب لأنّه خلْقُ الله، فَعُوتِبَ في ذلك سنين.
قلت: وهذه سقْطَة أخرى له، والله يغفر له، أَفَتَكُونُ قِبْلَةُ الإسلام مثل
__________
[ () ] العربيّ 2/ 481، 482 رقم 35، العبر 2/ 343، طبقات الأولياء 26- 28، العقد الثمين 3/ 237- 239، موسوعة علماء المسلمين 1/ 252- 255 رقم 52
[1] قرآن كريم- سورة الإسراء- رقم 85.

(26/368)


القبور التي لُعِن من اتَّخَذَها مسجدًا؟
قال السّلمي: وسمعت جدّي ابن بجيد يقول: منذ عرفت النَّصْراباذي ما عرفت له جاهليّة.
وقال الحاكم: هو لسان أهل الحقائق في عصره، وصاحب الأحوال الصحيحة، وكان جَمَّاعةً للرّوايات ومن الرّحالين في الحديث، وكان يُوَرَّق قديمًا، فلما وصل إلى علم الحقيقة ترك الورَاقَةَ وغاب عن نَيْسَابُور نَيِّفًا وعشرين سنة، وكان يَعِظُ ويذكّر، ثم إنّه في سنة خمسٍ وستّين حجّ وجاور بمكّة، ثم لِزم العبادة حتى تُوُفّي فيها في ذي الحجّة سنة سبعٍ، ودُفن عند الفُضَيْل بن عِيَاض.
قال الحاكم: وبِيعَت كُتُبُهُ وأنا في بغداد، وكشفتْ تلك الكتبُ عن أحوالٍ، والله أعلم. وسمعته يقول، وعُوتب في الرُّوح، فقال لمن عاتبه: إنْ كان بعد الصَّدَّيقين، مُوَحّدٌ فهو الحلاج.
قال الخطيب [1] : كان ثقة.
وقال أبو سعيد الماليني: سمعته يقول: إذا أعطاكم حباكم، وإذا لم يُعْطِكُم حماكمَ، فشَتَّان ما بين الحبا والحِمى، فإذا حباك شغلك، وإذا حماك جمّلك.
قال النّصرآبادي آباذي: إذا أخبر الله عن آدم بصفة آدم قال: «وعصى آدم» [2] وإذا أخبر الله عنه بفضله عليه قال: «إنّ الله اصطفى آدم» [3] .
وقال: أصْل التَّصَوُّف ملازمة الكتاب والسنة، وترْك الأَهْواء والبِدعَ، وتعظيم حُرْمة المشايخ، ورؤية أعْذار الخلق، وحسن صحبة الرّفقاء، والقيام
__________
[1] تاريخ بغداد 6/ 169.
[2] قرآن كريم- سورة طه- الآية 121.
[3] قرآن كريم- سورة آل عمران- الآية 3.

(26/369)


بخدمتهم، واستعمال الأخلاق الجميلة، والمداومة علي الأوراد، وترك ارتكاب الرّخص [1] .
وقال: نهايات الأولياء بدايات الأنبياء.
وقال: المحبّة مُجَانَبَة السُّلُوِّ علي كل حال، ثم أنشد:
ومَن كان في طول الهوى ذاق سلوة ... فإني من ليلى بها غير ذائِقِ
وأكبر شيءٍ نِلْتُه وِصَالها ... أَمَانيُّ لم تَصْدُقْ كَلَمْحَةِ بَارِقِ [2]
قال السُّلَمِي: كان أبو القاسم النَّصْراباذي يحمل الدَّواة والوَرَق، وكلّما دخلنا بلدًا قال لي: قم حتى نسمع، وذلك في سنة ستّ وستّين وثلاثمائة، فلما دخلنا بغداد قال: قم بنا إلى القَطِيعي، وكان له ورّاق قد أخذ من الحاجّ شيئًا ليقرأ لهم، فدخلنا، فأخطأ الورّاق غير مرّة، والنَّصْراباذي يردُّ عليه، وأهل بغداد لا يحملون هذا من الغُرَباء، فلما ردّ عليه الثالثة قال: يا رجل إنْ كنت تُحْسِن تقرأ فتعال، كالمُستهزِئ به، فقام الأستاذ أبو القاسم وقال: تأخّر قليلًا، وأخذ الجزء فقرأ قراءة تحيّر منها القَطِيعيّ ومَن حوله، فقرأ ثلاثة أجزاء، وجاء وقت الظُّهر، فسألني الورّاق: مَن هذا؟ قلت: الأستاذ أبو القاسم النَّصْراباذي، فقام وقال: أيُّها النّاس، هذا شيخ خُراسان [3] .
قال السُّلمي: وقد خرج بنا نسْتسقي مرّة، فعمل طعامًا كثيرًا، وأطعم الفقراء، فجاء المطر كأفواه القِرَب، وبقيتُ أنا وهو لا نقدر على المُضِيء بحالٍ. قال: فأومأ إلى مسجد، فكان يكفّ، وكنّا صِيامًا، فقال: لعلّك جائع؟ تريد أنْ أطلب لك من الأبواب كَسْرة؟ قلت: معاذ الله.
وكان يترنْم بهذا:
خرجوا لِيَسْتَسْقُوا فقلت لهم: قِفُوا ... دمعي ينوب لكم عن الأنواء
__________
[1] قارن الطبقات الأولياء 27.
[2] القول والبيتان في: طبقات الأولياء 27.
[3] الرواية باختصار في طبقات الأولياء 28، ونتائج الأفكار 2/ 14.

(26/370)


قالوا: صَدَقْتَ ففي دموعك مقنعُ ... لكنّها ممزوجة بِدِمَاء [1]
قلت: ومن مُرِيديه أبو علي الدّقّاق شيخ أبي القاسم القُشَيري، رحمهم الله تعالى.
إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن، أبو إسحاق السَّرْخَسي [2] ثم الهَرَوي، والد الشيخين إسماعيل، وإسحاق أبي يعقوب الحافظ، ويعرف بالقَرّاب.
إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الهَرَوي الورّاق.
روى عن أبي علي محمد بن محمد بن يحيى القَرْاب، وغيره.
وعنه شُعَيْب البوشَنْجي.
بَخْتِيَار عزّ الدولة [3] بن مُعِز الدولة أحمد بن بُوَيْه الدَّيْلمي، أَبُو منصور.
ولي المُلْك بالعراق بعد أبيه، وتزوّج الخليفة بابنته «شاه ناز» على مائة ألف دينار، وخطب وقت العَقْد القاضي أبو بكر بن قُرَيْعَة، وذلك في سنة أربعٍ وستّين.
وكان عزّ الدولة ملكا سريّا شديا القوى، قيل إنّه كان يُمْسِك الثَّوْر العظيم بقَرْنَيْه فيَصْرَعه، وكان متوسّعًا في النَّفقات والكُلَف.
حكى بِشْر الشمعي أنّ راتبه من الشمع كان في كلّ شهر ألف مَن.
وكان بين عزّ الدَّولة وبين ابن عمّه عَضُد الدّولة منافسات في الملك
__________
[1] البيتان باختلاف الألفاظ في طبقات الأولياء 28.
[2] السّرخسي: نسبة إلى بلدة قديمة من بلاد خراسان يقال لها: سرخس، وسرخس. (الأنساب 7/ 69) .
[3] المنتظم 7/ 89 رقم 113، العبر 2/ 343، 344، البداية والنهاية 11/ 291، شذرات الذهب 3/ 59، دول الإسلام 1/ 227، النجوم الزاهرة 4/ 129، وفيات الأعيان 1/ 167 رقم 109، يتيمة الدهر 2/ 219، الوافي بالوفيات 10/ 84- 86 رقم 4528، الكامل في التاريخ 8/ 575- 580 و 688- 693، المختصر في أخبار البشر 2/ 119، سير أعلام النبلاء 16/ 231، 232 رقم 164، تاريخ الخلفاء 649، مآثر الإنافة 1/ 312.

(26/371)


أدّت إلى التَّنازع، وأفضَتْ إلى القتال بينهما، فالتقيا في شوّال من السنة، فقُتل عزّ الدّولة في المعركة، وحُمِل رأسه إلى يَدَيْ عَضُد الدولة، فوضع المنديل على وجهه وبكى، وتملّك بعده، واستقلّ بالممالك. وعاش عزّ الدّولة سِتًّا وثلاثين سَنَةً.
وَقَدْ مَرَّ مِنْ أَخْبَارِهِ فِي الْحَوَادِثِ.
تامش بن تَكِين، أبو منصور المُعْتَمِدي. حدّث بمصر.
حسن بن وليد [1] ، أبو بكر القُرْطُبي الفقيه النَّحْوي، المعروف بابن العريف.
كان بارعًا في النّحْو، خرج إلى مصر في أواخر عمره، ورَأس فيها، وكانت له حلقة بجامعها، وبها تُوُفّي.
دارم بن أحمد بن السّريّ بن صقر، أبو معن الرّفّاء المصري.
يروي عن ابن زبّان.
عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بْن جعفر [2] ، أبو محمد الهاشمي الْجُرْجاني ثم النَّيْسَابُوري الغازي المرابط.
سمع أبا العباس السَّرّاج، وابن خُزَيْمة.
وعنه الحاكم. وكان من المُطَوُّعَة.
عبد الله بن علي بن حسن [3] ، أبو محمد القومسي [4] الفقيه، قاضي جُرْجان.
روى عن أبيه، والبَغَوِي، وابن صاعد، وتفقّه على أبي إسحاق المروزي.
__________
[1] تاريخ علماء الأندلس 1/ 112 رقم 349، بغية الوعاة 1/ 527 رقم 1092.
[2] تاريخ جرجان 259 رقم 420.
[3] تاريخ جرجان 274 رقم 456.
[4] القومسي: بضم القاف وسكون الواو وفي آخرها سين مهملة. نسبة إلى قومس، يقال لها بالفارسية كومش. وهي كورة كبيرة واسعة تشتمل على مدن وقرى ومزارع في ذيل جبل طبرستان. (اللباب 2/ 64، معجم البلدان 4/ 414) .

(26/372)


تُوُفّي في ربيع الآخر، وقد قارب الثمانين.
عَبْدِ اللَّهِ، وَيُقَالُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ بن عبد الله، الإمام أبو القاسم القُرَشي الحرّاني، إمام جامع دمشق.
روى عن محمد بن أحمد بن أبي شيخ الحَرَّاني.
روى عنه عبد الرحمن [1] بن عمر بن نصر، وجماعة.
وكان عبدًا صالحًا. تُوُفّي في جُمادى الآخرة، ودُفن بمقبرة باب كَيْسان.
عُبَيْد اللَّه بْنُ عَبْدِ اللَّهِ [2] بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سمرة البُنْدَار البَغَوِي، ثم البغدادي.
سمع محمد بن محمد الباغنْدِي، وطبقته.
وعنه البَرْقَاني، ووثّقه، وعلي بن عبد العزيز الظّاهري، ومحمد بن عمر بن بكير.
وكان ذا معرفة وعِلم.
عبد الغفار بن عبيد الله بن السّريّ [3] ، أبو الطيّب الحُضَيْني [4] الواسطي المقرئ النَّحْوي.
رأيت له مُصَنَّفًا في القراءات.
قرأ على: ابن مجاهد، وعلى محمد بن جعفر بن الخليل، وأبي العباس أحمد بن سعيد بن الضَّرير.
قرأ عليه: محمد بن الحسين الكارزيني، وغيره.
__________
[1] تكرّرت عبارة «روى عنه عبد الرحمن» في الأصل.
[2] المنتظم 7/ 90 رقم 114.
[3] معرفة القراء الكبار 1/ 270 وفي طبقات القراء لابن الجزري وفاته سنة 369 هـ.، اللباب 1/ 372، الأنساب 4/ 165، 166، الإكمال 3/ 38.
[4] الحضيني: بضم الحاء وفتح الضاد وسكون الياء تحتها نقطتان وفي آخرها النون. (اللباب 1/ 372) .

(26/373)


وحدّث عن عمر بن أبي غيلان، ومحمد بن جرير الطّبري، وأحمد بن حمّاد بن سفيان، وجماعة.
حدث عنه أبو العلاء الواسطي، والصّحناني، وإبراهيم بن سعيد الرّفاعي، وأحمد بن محمد بن علان المعدّل، وغيرهم.
وأصله كوفيّ، سكن واسطا وأقرأ بها النّاس.
قال خميس الحوزي [1] : أظنّ أنّه توفّي سنة سبع وستّين وثلاثمائة.
وكان ثقة.
قلت: وقرأ عليه القراءات أبو بكر أحمد بن المبارك الواسطي، وأقرأها ببغداد بعد الأربعمائة.
عبد الملك بن العبّاس، أبو علي القَزْوِيني الزّاهد.
قال الخليلي: سمعت شيوخنا يقولون: إنّه كان من الأبدال.
سمع الحسن بن علي الطَّوسي، وعبد الرحمن بن أبي حاتم.
عثمان بن الحسن بن عزرة [2] ، أبو يَعْلَى البغدادي الورّاق المعروف بالطُّوسي.
سمع: أبا القاسم البَغَوِي، والحسين بن عفير، وابن أبي داود، وأخا أبي اللَّيْث الفرائضي.
روى عنه: عبد الله بن يحيى السُّكَّري، والبرْقَاني، وقال: كان ثقةً ذا مَعرِفةٍ، وله تخريجات وجُمُوع.
تُوُفّي في ربيع الآخر.
عثمان بن أحمد بن سمعان [3] ، أبو عمرو المجاشي [4] .
__________
[1] في الأصل «حميس الجوزي» وهو تحريف، والتصحيح من معرفة القراءات.
[2] تاريخ بغداد 11/ 307 رقم 6102.
[3] تاريخ بغداد 11/ 306 رقم 6100، اللباب 3/ 165.
[4] المجاشي: بفتح الميم والجيم وسكون الألف وفي آخرها شين معجمة. (اللباب) .

(26/374)


سمع: الحسن بن عُلْوِيَة، والهَيْثَم بن خَلَف، وأحمد بن فرج.
روى عنه: محمد بن طلحة بن عمير بن بكير، وجماعة.
وثّقه الخطيب.
عليّ بْن أحمد بْن محمد بْن خلف بن القاسم البغدادي بن وكيع البَغَوِي [1] .
علي بن محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن هارون، أبو الحسن الحَضْرَمي المصري الطّحّان، والد المحدّث أبي القاسم يحيى.
سمع: أحمد بن عبد الله الوارث، والطّحَاوي.
علي بن مُضَارب بن إبراهيم، أبو القاسم النَّيْسَابُوري القارئ الزّاهد.
سمع: أبا عبد الله البُوشَنْجي، وإبراهيم بن علي الذُّهْلي، وغيرهما.
تُوُفّي في ذي الحجّة. وعنه الحاكم.
عمر بن محمد بن بهته [2] ، أبو حفص المناشر.
سمع من: أبي مسلم الكَجّي حديثًا واحدًا، وسمع أبا بكر الفِرْيَابي، ومحمد بن صالح الصائغ.
وعنه: محمد بن عمر بن بكير.
وعاش مائةً وسنتين.
عبد الله بن محمد [3] ، الشيخ القدوة، أبو محمد الراسبي [4] البغدادي الزّاهد، تلميذ أبي محمد الجريري، وابن عطاء.
أخذ عنه: أبو عبد الرحمن السُّلَمي وقال: أقام بالشّام مدّةً، ثم رجع إلى بغداد ومات بها.
ومن كلامه: البلاء صُحْبَةُ مَن لا يوافِقُكَ ولا تستطيع تركه.
__________
[1] ذكره دون ترجمة.
[2] تاريخ بغداد 11/ 257 رقم 6012.
[3] طبقات الصوفية 513.
[4] في الأصل «الراشني» وهو تصحيف.

(26/375)


وقال: الهمومُ عقوباتُ الذُّنُوب.
[وقال] المحبَّةُ إن ظهرت فَضَحَتْ، وإنْ كُتِمتْ قَتَلْتَ [1] .
القاسم بن علي بن جعفر [2] ، أبو أحمد البغدادي البَلاذُرٍيّ.
عن صاحب أرْكين الفَرَغَاني.
وعنه أبو العلاء الواسطي. ووثّقه، والمقرئ أبو الحسن الحذّاء.
وكان مُعْتَزِلِيًّا، وَرَّخَه ابن أبي الفوارس.
محمد بن أحمد بن عبد الله [3] بن نصر بن بجير القاضي، أبو الطّاهر الذُّهْلي البغدادي، نزيل مصر وقاضيها.
ولي قضاء واسط، وقضاء جانب بغداد، وقضاء دمشق، ثم مصر معها، واستناب على دمشق أبا الحسن بن حَذْلَم، وأبا علي بن هارون.
وحدّث عن: بِشْر بن موسى، وأبي مسلم الكَجيّ، وأبي العبّاس ثعلب، ومحمد بن يحيى المَرْوَزي، وموسى بن هارون، ومحمد بن عثمان بن أبي سُوَيْد، وأبي شُعَيْب الحرّاني، وأبي خليفة، وخلقٍ سواهم.
روى عنه: الدَارقُطْنيّ، وتمّام، وعبد الغني بن سعيد، وابن الحاجّ الإشْبيلي، ومحمد بن نظيف، ومحمد بن الحسين الطّفّال، وآخرون.
ووثّقه الخطيب.
قال ابن ماكولا [4] : أنا أبو القاسم بن ميمون الصَّدَفي، أنا عبد الغني
__________
[1] راجع طبقات الصوفية 513 و 514 ففيه بعض الاختلاف في العبارات.
[2] تاريخ بغداد 11/ 450 رقم 6932.
[3] تاريخ بغداد 1/ 313 رقم 196، المنتظم 7/ 90 رقم 116، العبر 2/ 344، 345، شذرات الذهب 3/ 60، النجوم الزاهرة 4/ 130، الوافي بالوفيات 2/ 45 رقم 318، الديباج المذهب 314، حسن المحاضرة 1/ 191، كتاب الولاة والقضاة للكندي 581- 586، رفع الإصر عن قضاة مصر 98، قضاة دمشق لابن طولون 34، 35، معجم المؤلفين 8/ 284، تاريخ التراث العربيّ 2/ 152 رقم 24، ترتيب المدارك 3/ 286- 288، سير أعلام النبلاء 16/ 204- 210 رقم 142، طبقات المفسّرين للداوديّ 2/ 68- 70، شجرة النور الزكية 91.
[4] الإكمال 1/ 196 وليس فيه العبارة المذكورة.

(26/376)


الحافظ قال: قرأت على القاضي أبي الطّاهر كتاب «العلم» ليوسف بن يعقوب، فلما فرغ قال: كما قُرئ عليك؟ قال: نعم إلا اللّحنة بعد اللّحنة.
قلت: أيّها القاضي فسَمِعْتَه معربا! قال: لا. قلت: هذه بهذه. وقمت من ليلتي، فجلست عند اليتيم النّحْوِي.
وقال طلحة بْن محمد بْن جَعْفَر: استُقْضِي المتّقي للَّه سنة تسع وعشرين وثلاثمائة أبا طاهر محمد بن أحمد الذُّهْلي، وله أبُوّة في القضاء، سديد المذهب، متوسّط الفقه، على مذهب مالك، وكان له مجلس يجتمع إليه المخالفون ويناظرون بحضرته، وكان يتوسّط الفقه بينهم، ويتكلّم بكلام سديد، ثم صُرِف بعد أربعة أشهر، ثم استُقْضِيَ على الشرقيّة سنة أربعٍ وثلاثين، وعُزل منذ نحو خمسة أشهر [1] .
وقال عبد الغني: سألت أبا الطَّاهر عن أوّل ولايته القضاء فقال: سنة عشر وثلاثمائة. وقد كان ولي البصرة. وقال لي: كتبت العلم سنة ثمانٍ وثمانين ومائتين، ولي تسعُ سنين.
قال: وقرأ القرآن كلّه وله ثمان سنين، وكان مُفَوَّهًا حَسَنَ البديهة، شاعرا، حاضر الحُجّة، علامة، عارفًا بأيّام النّاس، غزير الحِفْظ، لا يَمَلُّه جليسه من حُسْن حديثه، وكان كريمًا، ولي قضاء مصر سنة ثمانٍ وأربعين وثلاثمائة. وأقام على القضاء ثماني عشرة سنة.
قال الحافظ عبد الغني: وسمعت الوزير أبا الفرج يعقوب بن يوسف يقول: قال لي الأستاذ كافور: اجتمعْ بالقاضي أبي الطاهر فسلّمْ عليه، وقُلْ له: إنّه بلغني أنّك تَنْبَسِط مع جُلَسَائك، وهذا الانبساط يُقِلُّ هَيْبَةَ الحُكم، فَأَعْلَمْتُهُ بذلك، فقال لي: قل للأستاذ: لستُ ذا مالٍ أفيض به على جُلَسائي، فلا يكون أقلّ من خُلُقي، فأخبرتُ الأستاذَ فقال: لا تعاوِدْه، فقد وضع القَصْعَة.
قال عبد الغني: سمعت أحمد بن محمد بن سعرة، أنّه سمع أبا بكر
__________
[1] تاريخ بغداد 1/ 313، 314.

(26/377)


ابن مُقَاتل يقول: أنفق القاضي أبو طاهر بيت مالٍ خَلَّفَه له أبوه.
قال عبد الغني: لما تلقّى أبو الطّاهر القاضي المُعِزَّ أبا تميم بالإسكندريّة سأله المُعِزّ فقال: يا قاضي كم رأيت من خليفة؟ قال واحدًا.
قال: مَن هو؟ قال: أنت، والباقون مُلُوك، فأعجبه ذلك. ثم قال له:
أحَجَجَتَ؟ قال: نعم. قال: وسلَّمت على الشَّيْخَيْن: قال: شغلني عنهما النبي صلى الله عليه وسلم، كما شغلني [الخليفة] عن وليّ عهده، فازداد به المُعِزّ إعجابًا، وتخلّص من وليّ العهد، إذ لم يسلّم عليه بحضرة المُعِزّ، فأجازه المُعِزُّ يومئذ بعشرة آلاف [1] دِرْهَم.
وحدّثني زيد بن علي الكاتب: أنشدنا القاضي أبو الطّاهر السَّدُوسي لنفسه [2] :
إنّي وإنْ كنتُ بأمر الهَوَى ... غِرًّا فسِتْري غيرُ مَهْتُوكِ
أكني عن الحبّ ويبكي دَمًا ... قلبي ودمعي غير مَسْفُوكِ
فظاهري ظاهرُ مُسْتملكٍ ... وباطني باطنُ مَمْلُوكٍ
أخبرني أبو القاسم حُمار بن علي بصُور قال: أتيت القاضي أبا الطّاهر بأبيات قالها في ولده، فبكى وأنشدناها وهي:
يا طالبًا بعد قَتْلي ... الحَجّ للَّه نُسْكًا
تَرَكْتَني فيك صَبًّا ... أبكي عليك وأبكي
وكيف أسْلُوك قُلْ لي ... أمْ كيف أصبر عَنْكا [3]
روحي فِداؤك هذا ... جزاء عبدِك مِنْكا
حدّثني محمد بن علي الزَّيْنَبي، ثنا محمد بن علي بن نوح قال: كنّا في دار القاضي أبي الطّاهر، نسمع عليه، فلمّا قمنا صاح بي بعض من
__________
[1] في الأصل «ألف» .
[2] تكرّرت كلمة «لنفسه» .
[3] الأبيات في: «المقفّى» للمقريزي، اختيار وتحقيق محمد اليعلاوي- ص 275- طبعة دار الغرب، بيروت 1987.

(26/378)


حضر: يا قاضي، وكان ابن نوح يلقّب بالقاضي، فسمع القاضي أبو الطّاهر، فأنفذ إلينا حاجبه فقال: من القاضي فيكم؟ فأشاروا إليّ، فلمّا دخلت عليه قال لي: أنت القاضي؟ فقلت: نعم. فقال لي: فأنا ماذا؟ فسكتُّ، ثم قلتُ:
هو لقب لي. فتبسّم، فقال لي: تحفظ القرآن؟ قلت: نعم. قال: تَبِيتُ عندنا الليلة أنت وأربعةُ أنْفُسٍ معك، وتواعِدُهم ممّن تَعْلَمه يحفظ القرآن والأدب، قال: ففعلت ذلك، وأتيت المغرب، فقُدّم إلينا ألوانٌ وحلوى [1] ، فلم يحضر القاضي، فلما قارَبْنا الفراغ خرج إلينا القاضي يزحف من تحت ستْر، ومَنَعَنا من القيام، وقال: كُلُوا معي، فلم آكل بَعْدُ، ولا يجوز أن تَدَعُوني آكُل وحدي [2] ، فَعَرَفُنا أنّ الذي دعاه إلى بيتنا عنده غَمُّهُ على ولده أبي العبّاس، وكان غائبًا بمكّة، ثم أمر من يقرأ منّا، ثمّ استحضر ابن المقارعي وأمره بأن يقول [3] . وقام جماعة منّا وتَوَاجَدُوا بين يديه، ثم قال شِعْرًا في وقته، وألقاه على ابن المقارعي يغنّي به، والشعر هو:
يا طالبًا بعد قتْلي فبكى القاضي بكاءً شديدًا، وقدم ابنه بعد أيّام يسيرة، فقلت: هذا وما قبله من خطّ أمين الدّين محمد بن أحمد بن شهيد. قال: وجدت بخطّ عبد الغني بن سعيد الحافظ، فذكر ذلك.
قال ابن زُولاق في «أخبار قُضاة مصر» : وُلد أبو الطّاهر الذُّهْلي ببغداد في ذي الحجّة سنة تسعٍ وسبعين ومائتين [4] ، وكان أبوه يلي قضاءَ واسط، فصُرف بابنه أبي طاهر من واسط، وولي موضعه، واخبرني أبو طاهر أنّه كان يَخْلِف أباه على البصْرة سنة أربعٍ وتسعين.
قال: وولي قضاءَ دمشق من قِبَل المطيع، فأقام بها تِسْعَ سِنين، ثم دخل مصر زائرًا لكافور سنة أربعين، ثم ثار به أهل دمشق وآذوه، وعملت
__________
[1] في الأصل «حلوا» .
[2] إضافة على الأصل يقتضيها المعنى.
[3] أضاف في السير 16/ 208: «أي يغنّي» .
[4] الولاة والقضاة 493.

(26/379)


عليه محاضر، فعُزل، وأقام بمصر إلى آخر أيّام ابن الخصيب وولده، فسعى في القضاء ابنُ وليد وبذل ثلاثة آلاف دينار، وحملها على يد فنك الخادم، فمدح الشُّهود أبا الطّاهر وقاموا معه، فولاه كافور، وطلب له العهد من ابن أمّ شَيْبان، فولاه القضاء، وحمدت سيرته بمصر. واختصر «تفسير الجبّائي» و «تفسير البَلْخي» ، ثم أنّ عبد الله بن وليد ولي قضاء دمشق.
وكان أبو طاهر قد عُني به أبوه، فسمّعه [1] سنة سبعٍ وثمانين ومائتين، فأدرك الكبار.
قال: وقد سمع من عبد الله بن أحمد بن حنبل، وبِشْر بن موسى، وإبراهيم الحربي، ولم يُخَرّج عنهم شيئًا لصِغَره، وحصل للنّاس عنه، إملاء وقراءةً، نحوُ مائتي جُزْء.
وحدث بكتاب «طبقات الشعراء» لمحمد بن سلام، عن أبي خليفة الْجُمَحي، عن ابن سلام.
ولم يزل أمره مستقيمًا إلى أنْ لحقته عِلّة عَطّلَتْ شقّه سنة ستّ وثلاثمائة، فقلّد العزيز حينئذ القضاء عليّ بن النُّعمان، فكانت ولاية أبي طاهر ستَّ عشرة سنة وعشرة أشهر، وأقام عليلًا، وأصحاب الحديث ينقطعون إليه، وتُوُفّي آخر يومٍ من سنة سبعٍ وستّين.
قلت: وقيل كان قد استعفى من القضاء قبل موته بيسير.
قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ، أَخْبَرَكَ الْمُسْلِمُ الْمَازِنِيُّ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ الدَّارَانِيُّ سنة إِحْدَى وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، أنا سَهْلُ بْنُ بِشْرٍ، أنا عَلِيُّ بْنُ محمد الْفَارِسِيُّ، أنا محمد بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الذُّهْلِيُّ، ثنا يُوسُفُ الْقَاضِي، ثنا محمد بْنُ أَبِي بَكْرٍ، نا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، نا أَبِي، سَمِعْتُ يَعْلَى بْنَ حُكَيْمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَتَاهُ مَاعِزٌ قَالَ: «وَيْحَكَ لَعلَّكَ قَبَّلْتَ أَوْ غَمَزْتَ أَوْ نظرت» ؟ قال: لا. قال رسول الله
__________
[1] في الأصل «فسمعته» .

(26/380)


صلّى الله عليه وسلّم: أنكتها؟ - لا يكنى-، قَالَ: نَعَمْ. فَعِنْدَ ذَلِكَ أَمَرَ بِرَجْمِهِ» [1] . محمد بن إسحاق بن منذر [2] بن إبراهيم بن محمد بن السليم، ابن الدّاخل إلى الأندلس أَبِي عكرمة جعفر، أبو بكر القُرْطُبي، قاضي الجماعة.
ولد سنة اثنتين وثلاثمائة، وَوُلِّيَ قضاء الجماعة بالأندلس في أوّل سنة ست وخمسين.
سمع: أحمد بن خالد، ومحمد بن عبد الملك بن أيمن، وحجّ فسمع أبا سعيد ابن الأعرابي، وبمصر من جماعة، ورجع فأقبل على التدْريس والزُّهْد والعبادة.
وكان من كبار المالكية، حافظًا للفقه، بصيرًا باختلاف العلماء، عالمًا بالحديث والعربية.
قال ابن الفَرَضِي: تُوُفّي في رمضان سنة خمسٍ وستّين. كذا نقل القاضي عِيَاض. ولم أر ابنَ الفَرَضي ذكر وفاته في تاريخه، إلّا في سنة سبعٍ في جمادى الأولى.
وقال أبو حَيّان: تُوُفّي سنة سبعٍ وستّين.
محمد بن الحسن بن علي [3] بن يقطين، أَبُو جعفر اليقطيني [4] البغدادي البزّاز.
__________
[1] رواه البخاري 12/ 119 و 120 في المحاربين. باب هل يقول الإمام للمقرّ،: لعلّك لمست أو غمزت، ورواه مسلم (رقم 1693) في الحدود، باب من اعترف على نفسه بالزنا.
وماعز هو: ماعز بن مالك كان يتيما في حجر نعيم بن هزال. (جامع الأصول 3/ 525) .
[2] تاريخ علماء الأندلس 2/ 77 رقم 1319، جذوة المقتبس 43 رقم 21، بغية الملتمس 59 رقم 57، العبر 2/ 345، شذرات الذهب 3/ 60، ترتيب المدارك 4/ 541- 549، المغرب في حلى المغرب 1/ 214، مشتبه النسبة 1/ 368، تاريخ قضاة الأندلس 75- 77، سير أعلام النبلاء 16/ 243- 244 رقم 170، الديباج المذهب 2/ 214- 216.
[3] تاريخ بغداد 2/ 211 رقم 643، المنتظم 7/ 91 رقم 117، اللباب 3/ 416، الأنساب 12/ 420، 421.
[4] اليقطيني: بفتح الياء وسكون القاف وكسر الطاء المهملة وسكون الياء تحتها نقطتان وبعدها نون. نسبة إلى يقطين وهو اسم لجدّ أبي عبد الله محمد بن أحمد.. البزار اليقطيني (اللباب) .

(26/381)


سمع: أبا خليفة، وأبا يَعْلَى المَوْصلي، والباغَنْدي، وجماعة. وسافر وكتب بالشام والجزيرة والبصْرة، وكان صدوقا فهما. قاله الخطيب.
وعنه: الدار الدَارقُطْنيّ، وأبو نُعَيم، وجماعة.
تُوُفّي في ربيع الآخر.
محمد بن حسّان بن محمد، أبو منصور [ابن] العلامة أبي الوليد الفقيه النَّيْسَابُوري.
كان يصوم صَوْمَ داود ثلاثين عامًا.
سمع: السّرّاج، وأبا العبّاس الماسرْجسي.
وكان من كبار الفقهاء. رَفَسَتْه دابّته فاستُشْهِد يوم الأضحى.
روى عنه الحاكم. وله أخ باسمه عاش بعده مدّة.
محمد بن الحسن بن خالد، أبو بكر الصّدَفي المصري الورّاق.
روى عن: محمد بن محمد بن بدر الباهلي، وغيره.
محمد بن الحسين النَّيْسَابُوري الفقيه، أبو الحسين الحنفي.
سمع: السّرّاج، وأبا عمرو الحيري.
وعنه: الحاكم.
محمد بن المظفّر الجارُودي الهَرَوي.
سمع الفقيه عبد الله بن عروة.
وعنه: أبو عثمان سعيد القُرَشي.
محمد بن عبيد الله بن الوليد [1] ، أبو بكر المُعَيْطي [2] القُرْطُبي.
سمع: أباه، ووهب بن مَسَرّة، وجماعة.
وكان عارفًا بمذهب مالك واختلاف أصحابه، بارعًا في ذلك، زاهدًا
__________
[1] تاريخ علماء الأندلس 2/ 78 رقم 1320.
[2] المعيطي: بضم الميم وفتح العين وسكون الياء آخر الحروف وفي آخرها طاء مهملة.
(اللباب 3/ 239) .

(26/382)


وَرِعًا مُتَبّتلًا، ولي رتبة الشُّورى، ثم ترك ذلك، ورفض الخَلَق، ولبس الصُّوف، فصام نهارة وقام ليله، وأكل من كَدَّه وتَعَبِه، وقد صنّف في مذهب مالك، وتُوُفّي في ذي القعدة، وعاش أقلّ من أربعين سنة.
محمد بن عبد الرحمن القاضي [1] ، أبو بكر بن قُرَيْعة [2] البغدادي.
سمع: أبا بكر بن الأنْباري، ولا تُعْرَف له رواية حديثٍ مُسْنَد.
وقد قيّده ابن ماكولا [3] بقاف مضمومة، وكذا هو مضبوط في تاريخ الخطيب.
ولاه القاضي أبو السّائب قضاء السندية وغيرها من أعمال بغداد. وكان من عجائب الدّنيا في سُرعة الجواب في أمْلًح سجْع، وكان مختصًّا بالوزير أبي محمد المهلّبي، وله مسائل وأجوبة مدوَّنة في كتابٍ موجود، وكان الفُضَلاء يداعبونه برسائل هزْليّة، فيجيب من غير توقُّف.
تُوُفّي في جُمادى الآخرة وهو في مُعْتَرَك المَنَايا، رحمه الله.
محمد بن عمر بن عبد العزيز [4] أبو بكر بن القوطيّة القرطبي اللّغوي.
__________
[1] تاريخ بغداد 2/ 317 رقم 806، المنتظم 7/ 91 رقم 118، العبر 2/ 345، مرآة الجنان 2/ 388، 389، البداية والنهاية 11/ 292، الكامل في التاريخ 8/ 694، شذرات الذهب 3/ 60- 62، وفيات الأعيان 1/ 655، الوافي بالوفيات 3/ 227 رقم 228، مطالع البدور 1/ 139، الهفوات النادرة 324- 331، رسائل الصابي 1/ 143، نهاية الأرب 4/ 12، البصائر والذخائر للتوحيدي 3 ق 1/ 174- 176، نشوار المحاضرة القصة 5/ 4، الفرج بعد الشدة 2/ 285، المختصر في أخبار البشر 2/ 119، 120، الإكمال 7/ 117، سير أعلام النبلاء 16/ 326 رقم 234.
[2] قريعة: بضم القاف وفتح الراء وسكون الياء التحتية بعدها عين مهملة، وهو لقب جده.
(الأنساب) .
[3] الإكمال 7/ 117.
[4] يتيمة الدهر 2/ 74- 85، إنباه الرواة 3/ 178، التحفة الأبية للفيروزآبادي 108، 109، تاريخ علماء الأندلس 2/ 76 رقم 1318، جذوة المقتبس 76 رقم 111، بغية الملتمس 112 رقم 223، العبر 2/ 345، مرآة الجنان 2/ 389، 390، شذرات الذهب 3/ 62، 63، وفيات الأعيان 4/ 368- 371، الوافي بالوفيات 4/ 242 رقم 1772، معجم الأدباء 8/ 272- 277، لسان الميزان 5/ 324، مطمح الأنفس لابن خاقان 58، الديباج المذهب

(26/383)


سمع: سعيد بن جابر، وأسلم بن عبد العزيز، وابن لُبَابة، ومحمد بن عبد الله الزبيدي، وطاهر بن عبد العزيز، وجماعة.
وكان علامة زمانه في اللغة والعربية، حافظًا للحديث والفقه، إخْباريًّا، لا يُلحق شَأُوُهُ، ولا يُشَقُّ غُبارُهُ. ولم يكن بالماهر في الفقه والحديث.
صنّف كتاب «تصاريف الأفعال» ، فتح الباب لمن بعده، وتبعه ابن القَطَّاع. وله كتاب حافل في «المقصور والممدود» ، وكان عابدًا ناسكًا خيّرًا، دقيق الشعر، إلّا أنّه تَزَهَّد عنه.
وكان أبو علي يبالغ في تعظيمه.
تُوُفّي في ربيع الأوّل.
والقوطيّة: هي جدَّة أبي جدّه، وهي سارة بنت المنذر بن غيطشة [1] ، من بنات الملوك القوطية الذين كانوا بإقليم الأندلس، وهم من ذُرِّيّة قوط بن حام بن نوح أبي [2] السُّودان والهند والسَّنْد.
وفَدَت سارةُ هذه على هشام بن عبد الملك إلى الشام متظلّمةً من عمها أرْطباس، فتزوَّجها بالشّام عيسى بن مُزَاحِم، مولى عمر بن عبد العزيز، رحمة الله عليه، ثم سافر معها إلى الأندلس، فولدت له إبراهيم والد عبد العزيز.
كذا نقل القاضي شمس الدين ابن خلّكان [3] ، والله أعلم.
وقد صنّف تاريخًا في أخبار أهل الأندلس، وكان يُمْليه عن ظهر قلبه في كثير من الأوقات. وقد طال عمره، وأخذ الناس عنه طبقة بعد طبقة.
__________
[262،) ] بغية الوعاة 84، كشف الظنون 133، و 462، هدية العارفين 2/ 49، معجم المؤلفين 11/ 84، تاريخ التراث العربيّ 1/ 590، ترتيب المدارك 4/ 553، 554، سير أعلام النبلاء 16/ 219 د 220 رقم 153، نفح الطيب 3/ 73، شجرة النور الزكية 1/ 99.
[1] في الأصل «المنذر بن خطية» وهو تصحيف. راجع: وفيات الأعيان 4/ 370 ملحوظة رقم 4.
[2] في الأصل «أبو» .
[3] وفيات الأعيان 4/ 370.

(26/384)


سمع منه ابن الفرضي.
محمد بن فرج بن سبعون [1] ، أبو عبد الله النحلي [2] ، ويُعرف بابن أبي [3] سهل الأندلسي البجّاني [4] .
رحل وسمع بمكة من ابن الأعرابي، وجماعة.
محمد بن محمد بن بقيّة [5] بن علي، نَصِير الدولة، أبو الطّاهر وزير عزّ الدَّوّلة بَخْتيار بن مُعِزّ الدَّولة.
كان أحد الأجواد والرؤساء، أصله من أَوَانا [6] من عمل بغداد، استوزر سنة اثنتين وستيّن، وقد تقلّب به الدهر ألوانًا، حتى بلغ الوزارة، فإنّ أباه كان فلاحًا، وآل أمره إلى ما آل، ثم خَلَعَ عليه المطيع للَّه، واستوزره أيضًا، ولقّبه النّاصح، مُضافًا إلى نصير الدولة، فصار له لَقَبَان، وكان قليل العربيّة، ولكنّ السَّعْد والإقبال غطّى [7] ذلك. وله أخبار في الْجُود والأَفَضال، وكان كثير التّنَعم والرَّفاهية. وله أخبار في ذلك. وقُبِض عليه بواسط في آخر سنة ست وستّين، وسَمَلُوا عينيه. وكان نوّاب [8] لمُعِزّ الدَّولة على عضُدُ الدولة [9] ، فلما قُتِل عزُّ الدولة بختيار، ملك عضُدُ الدولة وأهلكه، فيقال إنّه ألقاه تحت أرجل الفِيَلَة، ثم صُلِب عند البيمارستان العضُدِي في شوّال سنة سبعٍ، ويقال إنّه خَلَعَ في وزارته في عشرين يومًا عشرين ألف خلعة.
__________
[1] تاريخ علماء الأندلس 2/ 78 رقم 1321.
[2] في الأصل «البجلي» وهو تحريف، والتصويب من تاريخ ابن الفرضيّ.
[3] تكرّر لفظ «ابن» .
[4] البجّاني: بالفتح ثم التشديد، وألف ونون. نسبة إلى مدينة بجّانة بالأندلس من أعمال كورة إلبيرة. (معجم البلدان 1/ 339) .
[5] النجوم الزاهرة 4/ 130، شذرات الذهب 3/ 63- 65.
[6] أوانا: بالفتح والنون. بليدة كثيرة البساتين والشجر، من نواحي دجيل بغداد. (معجم البلدان 1/ 274) .
[7] في الأصل «غطّا» .
[8] كذا في الأصل، ولعلّها تصحيف «مؤيّدا» .
[9] تكرّرت عبارة «على عضد الدولة» في الأصل.

(26/385)


قال بعضهم: رأيته شرب ليلة، فَخَلَعَ مائة خلعة على أهل المجلس، وعاش نيّفًا وخمسين سنة.
ورثاه أَبُو الحسن محمد بن عمر الأَنْباريّ بكلمته السّائرة:
عُلُوٌّ في الحياة وفي الممات ... لَحَقُّ أنت إحدى الْمُعْجِزَاتِ
كأنّ النّاس حَوْلَكَ حين قاموا ... وُفُودُ ذَاكَ أيّام الصَّلاتِ
كأنّك قائمُ فيهم خطيبًا ... وكُلُّهُمُ قِيامٌ للصّلاة
ولما ضَاقَ بطنُ الأرض عن أنْ ... يَضُمَّ عُلاك من بعد المَمَات
أصاروا الْجَوَّ قَبْرَكَ واستنابوا ... عن الأكفان ثَوْبَ السَّافِياتِ
لِعِظَمِكَ في النُّفُوس تبيت تُرْعَى ... بحُفّاظٍ وحُرّاسٍ ثِقَات
ولم أر قبل جذْعِكَ قَطّ جذْعًا ... تمكَّن من عِنَاق المَكْرُمات
في أبيات أخر.
وبقي مصلوبًا إلى أن تُوُفّي عضُدُ الدولة، ولما بلغ عضُدُ الدّولة هذا الشَّعْرُ قال: عليّ بقائله، فاختفى، ثم سافر بعد عامٍ إلى الصّاحب إسماعيل بن عَبّاد، فقال: أَنْشِدْني القصيدة، فلمّا أتى هذا البيت الأخير، قام إليه وعانقه، وقبّل فاه، وأنفذه إلى عضد الدولة، فلما مَثُلَ بين يديه قال: ما الذي حملك على مَرْثِيّة عدُوّي؟ قال: حقوُقُ سَلَفَتْ وأيادٍ مَضَتْ، فجاش الحزنُ في قلبي، فرَثَيْت. فقال: هل يحضُرُكَ شيءُ في الشُّموع، والشُّموع تُزْهِر بين يديه، فقال:
كأنّ الشُّموعَ وقد أَظْهَرَتْ ... من النّار في كلّ رأسٍ سِنانا
أصابعُ أعدائك الخائفين ... تَضْرَعُ تَطْلُبُ منك الأَمانا
قال: فأعطاه بِدْرَةً وفَرَسًا، وهو من المقلين في الشَّعْر.
محمد بن محمود بن إسحاق [1] النَّيْسَابُوري، أبو بكر.
__________
[1] تاريخ بغداد 3/ 261 رقم 1354.

(26/386)


حدّث في العام بهمذان: عن ابن خُزَيْمة، ومحمد بن الصبّاح صاحب قتيبة بن سعيد.
يروي عنه: عبد الله بن عمر الصَّفَار، وأبو الحسن بن عَبْدُوس.
محمد بن يوسف بن موسى [1] ، أبو الحسن بن الصبّاغ.
بغداديّ، يروي عن أبي بكر بن داود، وجماعة.
وعنه علي بن عبد العزيز. وقال: كان حافظًا.
محمد بن يوسف بن يعقوب [2] الصّوّاف، أبو بكر البغدادي.
سمع: أبا عَرُوبة الحرّاني، وأبا جعفر الطّحاوي، وأحمد بن جَوْصَا.
وعنه: البَرْقَاني، ومحمد بن عمر بن بكير.
يحيى بن زكريا، أبو سعيد المصري.
يروي عن أَبِي يعقوب المنجنيقي.
يحيى بن عبد الله بن يحيى [3] ، أبو عيسى اللَّيْثي القُرْطُبي.
سمع المُوَطَّأ من عمّ أبيه عُبَيْد الله بن يحيى، ومن محمد بن عمر بن لُبَابة، وأَسْلَم بن عبد العزيز، وأحمد بن خالد، وأبيه عبد الله، وسمع من علي بن الحسن المرّيّ بَبجَّانَةَ، ومن جماعة.
وكان قاضيًا ببجّانَةَ وإِلبِيرَة، وكان أخوه بقُرْطُبَة فولاه أحكام الرّدّ، وطال عمره حتى انفرد بالرواية عن عُبَيد الله، ورحل النّاس إليه من جميع كُور الأندلس.
وروى عن عُبَيْد الله- سوى المُوَطَّأ- حديث اللّيث، وشجاع [4] بن
__________
[1] تاريخ بغداد 3/ 408 رقم 1539.
[2] تاريخ بغداد 3/ 403 رقم 1538.
[3] تاريخ علماء الأندلس 2/ 191 رقم 1597، جذوة المقتبس 376 رقم 896، بغية الملتمس 503 رقم 1478، العبر 2/ 346، شذرات الذهب 3/ 65.
[4] كذا في الأصل، وفي تاريخ ابن الفرضيّ: «سماع ابن القاسم» .

(26/387)


القاسم، «وعشرة» يحيى بن يحيى، وتفسير عبد الرحمن بن زيد بن أسْلم، ونُتَفًا من حديث الشيوخ.
تَرْجَمَهُ ابن الفَرَضيّ وقال: اختلفت إليه في سماع الموطّأ سنة ست وستّين. وكانت الدَّولة في أيّام الجمع [1] ، فتمّ لي سماعه منه، وسمعت [2] منه التّفسير لعبد الله بن نافع، ولم أَشْهَدْ بقُرْطُبة مجلسًا أكثر بِشْرًا من مجلسنا في المُوَطّأ، إلّا ما كان من بعض مجالس يحيى بن مالك، وهو أوّل من سمعت عليه، ثمّ اشتغلت بالعربيّة عن مواصلة الطَّلَب إلى سنة تسعٍ وستّين. ثمّ اتّصل طلبي وسماعي [3] .
وسمع منه يحيى أمير المؤمنين المُؤَيَّد باللَّه، أبقاه الله، سنة أربعٍ وستّين، وجماعةٌ من الشيوخ والكُهُول، وطبقات النّاس.
تُوُفّي في ثامن رجب.
قلت: روى عنه أبو عمر الطّلَمنْكِي، ويونس بن مُغيث، وأبو عبد الله ابن يحيى بن الحذّاء، والحافظ أبو عبد الله بن عمر بن الفخّار، وخَلَف بن عيسى الوشقي [4] ، وعثمان بن أحمد، وخَلْق.
يحيى بن هلال بن زكريا [5] الأندلسي.
سمع: عمّه يحيى، وأحمد بن خالد بن محمد بن أيمن، وحدّث ورحل إلى بَجّانة، فسمع من سعيد بن فحلون.
وكان سَمْحًا ينشر عِلْمه، فقيهًا بالشُّرُوط، فسمع منه جماعة كثيرة.
تُوُفّي في جُمادى الأولى.
__________
[1] كذا في الأصل، وعبارة ابن الفرضيّ: «وكانت الدولة فيه في أيام الجمع بالغدوات» .
[2] في الأصل «سمع» وما أثبتناه يتّفق مع بقيّة السّياق.
[3] كذا في الأصل، والعبارة عند ابن الفرضيّ: «ومن هذا التاريخ اتصل سماعي من الشيوخ» .
[4] الوشقي: بفتح الواو وسكون الشين وفي آخرها قاف. نسبة إلى وشق، وقيل وشقة، وهو بطن من العتيك، ووشقة مدينة بالأندلس. (اللباب 3/ 367) .
[5] تاريخ علماء الأندلس 2/ 191 رقم 1596.

(26/388)


[وَفَيَات] سنة ثمان وستّين وثلاثمائة
أحمد بن جعفر بن حمدان [1] بن مالك بن شبيب، أبو بكر القطِيعي [2] البغدادي. كان يسكن قطيعة الدّقيق.
سمع: محمد بن يونس الكديمي، وإبراهيم الحربي، وبِشْر بن موسى، وأحمد بن علي الأبّار، وعبد الله بن أحمد، سمع منه «المُسْنَد» ، وإسحاق بن الحسن الحربي، وأبا شعيب الحرّاني، وطائفة كثيرة. وكان مُسْنَد العراق في زمانه.
روى عنه عبد الله: «المسند» ، و «التاريخ» ، و «الزّهد» ، و «المسائل» .
قال الخطيب [3] : وكان قد غرق بعض كُتُبِه، فاستحدث [4] نسخا من
__________
[1] تاريخ بغداد 4/ 73 رقم 1697، المنتظم 7/ 92 رقم 119، العبر 2/ 346، 347، البداية 11/ 293، شذرات الذهب 3/ 65، دول الإسلام 1/ 228، غاية النهاية 1/ 43، ميزان الاعتدال 1/ 41، لسان الميزان 1/ 145، الوافي بالوفيات 6/ 290 رقم 2786، اللباب 3/ 48، الأعلام 1/ 103، معجم المؤلفين 1/ 182، تاريخ التراث العربيي 1/ 325، 326 رقم 229، الأنساب 10/ 203، طبقات الحنابلة 2/ 6، 7، النشر في القراءات العشر 1/ 192، سير أعلام النبلاء 16/ 210- 213 رقم 143، المنهج الأحمد 2/ 57، الرسالة المستطرفة 93.
[2] القطيعي: بفتح القاف وكسر الطاء وسكون الياء آخر الحروف وبعدها عين مهملة. نسبة إلى القطيعة، وهو اسم لعدّة محالّ ببغداد. (اللباب) .
[3] تاريخ بغداد 4/ 73.
[4] في الأصل «فاستحلت» .

(26/389)


كتاب لم يكن فيه سماعه، فغمزه النّاس. لم نر أحدًا ترك الاحتجاج به.
روى عنه الدَارقُطْنيّ، وابن شاهين، والحاكم، وأبو الحسن بن رزقويه، وأبو الفتح بن أبي الفوارس، وأبو بكر البَرْقَاني، وأبو نُعَيم، ومحمد بن الحسين بن بكير، والحسن بن علي بن المذهّب، وآخر من روى عنه في الدّنيا أبو محمد الجوهري.
ولد في أوّل سنة أربعٍ وسبعين ومائتين.
قال محمد بن الحسين بن بكير: سمعته يقول: كان عبد الله بن أحمد يجيئنا، فيقرأ [1] عليه أبو عبد الله بن الجصّاص عمّ والدتي ما يريد، ويُقعدني في حِجْره حتى يقال له: يؤلمك، فيقول: إنّي أحبّه [2] .
وقال أبو الحسن محمد بن العبّاس بن الفرات: كان القَطِيعي [3] كثير السّماع من عبد الله بن أحمد، إلّا أنّه خَلَطَ في آخر عمره، وكُفَّ بَصَرُهُ، وخَرَّف، حتّى كان لا يعرف شيئًا مما يُقْرَأ عليه [4] .
وقال أبو الفتح بن أبي الفوارس: لم يكن في الحديث بذاك، في بعض المُسْنَد أصُولُ فيها نَظَر، ذكر أنّه كتبها بعد الغَرَق، نسأل الله سَتْرًا جميلًا، وكان مستورًا صاحب سنة [5] .
وقال البَرْقاني: كان شيخًا صالحًا، وكان لأبيه اتّصال ببعض السّلاطين، فعُزِي لابن ذلك السّلطان على عبد الله بن أحمد المُسْندي، وحضر ابن مالك القَطِيعي سماعه، ثم غرقت قطعة من كُتُبه فنسخها من كتاب، وذكروا أنّه لم يكن سماعه فيه، فغمزوه لأجل ذلك، وثَبُتَ عندي أنّه صَدُوق، وإنّما كان فيه بَلَهٍ. ولما اجتمعت مع الحاكم أبي عبد الله ليّنت ابن مالك، فأنكر عليّ
__________
[1] في الأصل «فنقرأ» .
[2] تاريخ بغداد 4/ 73.
[3] في الأصل «كان يقول القطيعي» وقد أسقطت «يقول» لأنّها مقحمة من الناسخ لا محلّ لها.
[4] تاريخ بغداد 4/ 74.
[5] تاريخ بغداد 4/ 74.

(26/390)


وقال: كان شيخي، وحسَّن حاله [1] .
قلت: كان الحاكم قد رحل سنة سبْعٍ وستّين ثاني مرّة، وسمع «المُسْنَد» من ابن مالك القطِيعي، واحتجّ به في «الصَحيح» .
وقال أبو القاسم الأزهري: تُوُفّي أبو بكر بن مالك ودُفن يوم الإثنين لسبعٍ بقين من ذي الحجّة.
قلت: ومن طبقته:
أبو بكر (أحمد بن جعفر بن حمدان) [2] السَّقَطي [3] . بصريّ معروف.
سمع: عبد الله بن أحمد بن إبراهيم الدّورقي [4] ، والحسن بن المُثَنّى العَنْبَري.
وعنه: أبو نُعَيم الحافظ، وأبو الحسن بن صَخْر الأَزْدي، وأحمد بن محمد بن الحاجّ الإشبيلي.
حمزة بن حمدان [5] أبو الحسن الطّرَسُوسي.
حدّث بالسّاحل عن: عبد الله بن جابر الطّرَسُوسي، ومحمد بن حصن الرّسّي.
__________
[1] المصدر نفسه.
[2] في الأصل خلط في اسم صاحب هذه الترجمة حيث جاء «أبو بكر حمزة بن حمدان السقطي» . وما أثبتناه هو الصحيح حيث ترجم له السمعاني وذكر شيخيه اللذين روى عنهما، وتلميذه الّذي روى عنه، فقال: «أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان السقطي من أهل البصرة، يروي عن عبد الله بن أحمد بن إبراهيم الدَّوْرَقي، والحسن بن المثنّى العنبري.
روى عنه أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني» . (الأنساب 7/ 92) .
[3] السقطي: بفتح السين المهملة والقاف وفي آخرها طاء مهملة. نسبة إلى بيع السقط، وهي الأشياء الخسيسة كالجرز، والملاعق ... (الأنساب 7/ 91، اللباب 2/ 122) .
[4] في الأصل «الدورقين الحسن» .
[5] في الأصل: «أحمد بن جعفر بن حمدان» وقد سبق وأوضحت الخلط الحاصل في الترجمة السابقة.

(26/391)


وعنه: الحسن بن محمد بن جُمَيْع [1] ، والخصيب بن عبد الله القاضي، وعبد الرحمن بن عمر بن نصر، وغيرهم.
أحمد بن خالد بن يزيد [2] بن أبي هاشم، أبو القاسم الأسدي الأندلسي، خطيب بَجّانة.
حدّث عن: فضل بن سلمة، ومحمد بن فُطَيْس.
وتُوُفّي في شوّال، رحمه الله.
أحمد بن محمد بن صالح [3] ، أبو العبّاس البرُوجِرْدِي [4] الخطيب.
نزل بغداد، وحدّث عن: إبراهيم بن الحسين بن ديزيل.
وعنه: هلال الحفّار، ومحمد بن عمر بن بكير، ومحمد بن محمد السّوّاق.
حدّث في شوّال سنة ثمان وستّين وثلاثمائة.
أحمد بن محمد بن مهران [5] الأصبهاني المعدّل.
روى عن: محمد بن العبّاس الأخرم، وحاجب بن أركين.
وعنه: أبو بكر بن أبي علي، وأبو نُعَيم.
تُوُفّي في شوّال.
أحمد بن محمد بن يوسف [6] ، أبو القاسم المَعَافِريّ القُرْطُبي.
سمع من: عبد الله بن يونس، وقاسم بن أصبغ، وحجّ سنة اثنتين
__________
[1] هو المعروف بالسكن الصيداوي.
[2] تاريخ علماء الأندلس 1/ 47 رقم 153.
[3] تاريخ بغداد 5/ 38 رقم 2391.
[4] البروجردي: بضم الباء والراء بعدهما الواو وكسر الجيم وسكون الراء الثانية وفي آخرها الدال المهملة. نسبة إلى بروجرد. وهي بلدة من بلاد الجبل على ثمانية عشر فرسخا من همدان.
(اللباب 1/ 143، 144) .
[5] ذكر أخبار أصبهان 1/ 156.
[6] تاريخ علماء الأندلس 1/ 49 رقم 166.

(26/392)


وأربعين، فسمع من أبي محمد بن المُوَرّد، وآخرين، وأدَّب المُؤَيُد باللَّه بن المُسْتَنْصِر الحَكم.
أحمد بن موسى بن عيسى [1] الجرجاني، الوكيل على أبواب القُضاة.
سمع: عمران بن موسى بن مجاشع، وأحمد بن حفص السَّعْدِي، وكتب الكثير، وصنّف وهو ضعيف. اتَّهَمَهُ بعضُهم.
وقال حمزة: له فَهْمٌ ودراية، أتي بمناكير عن شيوخٍ مجاهيل.
إبراهيم بن محمد بن سهل [2] الْجُرْجَاني المؤدَّب.
يروي عن أبي القاسم البَغَوِي، وغيره.
وعنه حمزة السَّهمْي.
وله رحلة إلى دمشق لقي فيها ابن عتّاب الزَّفْتي.
إسحاق بن أحمد بن علي [3] بن إبراهيم بن قُولُوَيْه، أبو يعقوب الأصبهاني التاجر.
سمع: إبراهيم بن يوسف الهِسْنجاني، وأهل الرّيّ.
وعنه: أبو بكر بن أبي علي، وأبو نعيم.
توفي في ربيع الأوّل.
جعفر بن محمد بن جعفر [4] بن موسى بن قُولُويه، أبو القاسم السَّهْمي الشّيعي.
قلت: كان ابن قولويه هذا من كبار الشّيعة، ومن علمائهم المشهورين، وكان من أصحاب سعد بن عبد الله، وهو شيخ الشيخ المفيد. وقال فيه المفيد: كما يُوصَفُ النّاسُ من جميلٍ وِفقْهٍ ودينٍ وثِقَةٍ، فهو فوق ذلك.
وله كُتُبٌ حِسان، منها: «كتاب الصّلاة» و «كتاب الجمعة والجماعة»
__________
[1] تاريخ جرجان 103 رقم 86، شذرات الذهب 3/ 67.
[2] تاريخ جرجان 137 رقم 151 وراجع فهرس الأعلام.
[3] ذكر أخبار أصبهان 1/ 121.
[4] لسان الميزان 2/ 125 رقم 536.

(26/393)


و «كتاب قيام الليل» ، و «كتاب الصّداقة» ، و «كتاب قسمة الزّكاة» ، و «كتاب الشُّهور والحوادث» ، وغير ذلك من كُتُب الفقه.
حمل عنه الشيخ محمد بن محمد بن النّعمان المفيد، وأبو جعفر محمد بن يعقوب، وأبو الحسين يحيى بن محمد بن عبد الله الحسيني، وأحمد بن عبدون، والحسين بن عُبيد الله الغضائري، وحيدرة بن نُعَيم السَّمَرْقَنْدي، ومحمد بن سليم الصَّابُوني بمصر.
وأحسبه من أهل مصر. ذكر ابن أبي علي وفاته في هذه السنة.
جعفر بن محمد، أبو العبّاس البابوي الهَرَوي.
روى عن: الحسين بن إدريس.
وعنه: إسماعيل بن إبراهيم بن محمد المقرئ القرّاب.
تُوُفّي في جُمَادَى الأولى.
الحَسَن بن عبد الله [1] بن المَرْزُبان [2] ، أبو سعيد السَّيرافي النَّحوي القاضي، نزيل بغداد.
حدَّث عن: أبي بَكْر بْن زياد النَّيْسابوريّ، ومحمد بْن أبي الأزهر، وابن دريد.
__________
[1] في الأصل «عبدان» .
[2] تاريخ بغداد 7/ 341 رقم 3863، المنتظم 7/ 95 رقم 121، العبر 2/ 347، مرآة الجنان 2/ 390، البداية والنهاية 11/ 294، الكامل في التاريخ 8/ 698، شذرات الذهب 3/ 65، إنباه الرواة 1/ 313، الأنساب 321 ب، نزهة الألبّاء 227- 229، بغية الوعاة 221، وفيات الأعيان 1/ 130، الفهرست 62، طبقات الزبيدي 129، اللباب 1/ 586، الجواهر المضيّة 1/ 196، معجم الأدباء 8/ 145، معجم البلدان 5/ 193، النجوم الزاهرة 4/ 133، روضات الجنات 218، المختصر في أخبار البشر 2/ 120، الفلاكة والمفلوكون 71، كشف الظنون 140، 150، 1107، 1427، 1470، دول الإسلام 1/ 228، الوافي بالوفيات 12/ 74 رقم 65، لسان الميزان 2/ 218، دمية القصر 1/ 507، غاية النهاية 1/ 218، تاريخ ابن الوردي 1/ 303، الإمتاع والمؤانسة 1/ 108- 133، البلغة في تاريخ أئمّة اللغة 61، 62، طبقات المعتزلة لابن المرتضى 131، سير أعلام النبلاء 16/ 247- 249 رقم 174، هديّة العارفين 1/ 271.

(26/394)


وعنه: علي بن أيّوب القُمي، ومحمد بن عبد الواحد بن رزمة، وغيرهما.
وكان مَجُوسيًا، أسلم وسَمُّوه «عُبَيْد الله» .
وكان أبو سعيد إمامًا كبير الشّأن، تصدّر لإقراء القراءات والنّحّو واللُّغة والفرائض والحساب والعَرُوض، وكان من أعلم النّاس بنحو البصريّين، عارفا بفقه أبي حنيفة.
قرأ القرآن على: أبي بكر من مُجاهد، وأخذ اللغة عن ابن دُرَيْد، [والنّحّو] [1] عن أبي بكر بن السّرّاج.
وكان لا يأكل إلّا من كسْب يمينه تَدَيُّنًا. وكان لا يجلس للقضاء ولا للاشتغال حتى يَنْسَخَ كرّاسًا يأخذ أَجْرَته عشْرة دراهم.
قال ابن أبي الفوارس: وكان يُذْكَر عنه الاعتزال، ولم يظهر منه شيء [2] .
قلت: ومن تصانيفه «شرح كتاب سيبويه» و «كتاب ألفاظ القطع والوصل» ، و «كتاب الإقناع» في النحو، لكن كملّه وَلَدُهُ يوسف، وجزّأ «أخبار النُّحاة» .
وتُوُفّي في رجب، وله أربعٌ وثمانون سنة. وكان نحويّ العراق.
أخبرنا سُنْقُر الحلبي بها، أنا يحيى بن جعفر بن عبد الله بن محمد الدّامغاني في رمضان سنة أربعٍ وعشرين وستّمائة، قدم علينا، أَنَا أَبِي، أَنَا أحمد بْن علي بْن سوار المقرئ، أنا محمد بن عبد الواحد بن رزق، أنا الحسن بن عبد الله بن المرزبان، ثنا محمد بن منصور بن أبي الأزهر، ثنا الزُّبَيْر بن بكّار، حدّثني أنس بن عِيَاض قال: حدّثني من سمع يحيى بن أبي كثير اليمامي يقول: لا يدرك العلم براحة الجسم.
__________
[1] مستدركة من سير النبلاء 16/ 248.
[2] تاريخ بغداد 7/ 342.

(26/395)


الحسن بن عبد الله بن محمد [1] الإمام، أبو محمد البغدادي، ويُعرف بابن الكاتب، وبابن القُريق [2] .
تلا بالروايات على: ابن محمد، وابن تومان، وأبي بكر النّقّاش.
قرأ عليه: منصور بن محمد بن إبراهيم، ويروي عنه في كتابه الملقَّب ب «الإشارات» بالقراءات من جمعه.
قال منصور: كان من عباد الله الصالحين الفاضلين.
قلت: ويروي عنه ولده أبو الفتح محمد بن الحسن بالأهواز.
مات في ذي الحجّة سنة ثمان. ذكره ابن النّجّار.
الحسين بن إبراهيم بن جابر [3] بن أبي الزّمّام، أبو علي [4] الدمشقي الفَرَضي.
روى عن: محمد بن المُعَافَى، ومحمد بن خُرَيّم، وأصحاب هشام بن عمّار.
وعنه: عبد الوهاب الدّاراني، ومحمد بن عوْف المُزَني، وعلي بن بِشْري، ومكّي بن الغَمْر، وثريّا بن أحمد الألهاني.
وثّقه عبد العزيز الكتّاني، وهو آخر من حدَّث عن محمد بن يزيد بن عبد الصّمد.
حامد بن أحمد بن العبّاس، أبو بكر الصّرّام [5] . من شيوخ همذان.
__________
[1] الوافي بالوفيات 12/ 90، 01 رقم 74.
[2] القريق: بقافين الأولى مضمومة وبينهما راء مكسورة بعدها ياء آخر الحروف ساكنة: قال الصفدي: كذا وجدته مضبوطا.
[3] تاريخ دمشق (مخطوط التيمورية) 3/ 426، التهذيب 4/ 290، موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان 2/ 132 رقم 465.
[4] في الأصل «وأبو» .
[5] الصّرّام: بفتح الصاد المهملة، وتشديد الراء. نسبة إلى بيع الصّرم وهو الّذي ينعل به الخفاف. (الأنساب 8/ 54، اللباب 2/ 238) .

(26/396)


سمع ببلده ورحل إلى بغداد، فسمع من: محمد بن حَمْدَويْه المَرْوَزي، والقاضي المَحَاملي، وأبي بكر بن الأنباري، وطبقتهم.
روى عنه: أحمد بن تركان، وأبو منصور بن المحتسِب، وجماعة كثيرة.
تُوُفّي في شوّال سنة ثمانٍ وستّين.
حُمَيْدان بن خراش [1] العُقَيْلي، ولي إمرة دمشق في هذا العام للعزيز العُبَيْدي، وكان قَسّام يأخذ الأمر بالبلد، فوقع بينه وبينه، ثمّ طرده قَسّام والعَيَّارُون، ونُهِبَت داره، وهرب واستفحل شأن قَسّام.
صالح بن عليّ بن محمد بن عليّ بن محمد بن علي، أبو بكر الحرَاني.
[روى عن] [2] ابن قُتَيْبَة العسقلاني.
عبد الله بن إبراهيم بن يوسف [3] ، أبو القاسم الْجُرْجَاني [4] الآبنْدُوني [5] الحافظ. وآبنْدُون من قُرى جُرّجان. رفيق ابن عَدِيّ في الرّحلة.
سكن بغداد، وحدّث عن: أبي خليفة، وأبي يَعْلَى، والحسن بن سفيان، وأبي العبّاس بن السرّاج، والقاسم المطرّز، وعمر بن سنان المنبجي، ومحمد بن الحسن بن قتيبة.
__________
[1] تهذيب ابن عساكر 4/ 457، أمراء دمشق 28 رقم 93 وضبطه المحقّق «جوّاس» .
[2] ما بين الحاصرتين ساقط من الأصل. وفيه بعد: «الحراني» «وابن» .
[3] تاريخ جرجان 271 رقم 444، المنتظم 7/ 95 رقم 122، العبر 3/ 347، 348، البداية والنهاية 11/ 294، تذكرة الحفاظ 3/ 943، 944، شذرات الذهب 3/ 66، النجوم الزاهرة 4/ 133، تاريخ بغداد 9/ 407 رقم 5015، الأنساب 13 أ، تهذيب ابن عساكر 7/ 290، 291، الوافي بالوفيات 17/ 6 رقم 3، سير أعلام النبلاء 16/ 261- 263 رقم 184، طبقات الحفّاظ 380، 381.
[4] في المنتظم «الزنجاني» .
[5] الآبندوني: بألف ممدودة وفتح الباء الموحدة وسكون النون وضم المهملة. نسبة إلى آبندون من قرى جرجان.

(26/397)


قال الخطيب [1] : كان ثقةً ثَبْتًا له تصانيف، ثنا عنه البَرْقاني، وأبو العلاء الواسطي، وكان عَسِرًا في الحديث.
وقال البَرْقاني، كان محدّثًا زاهدا متقلّلا من الدّنيا، لم يكن يحدّث غير واحد، فقيل له في ذلك، فقال: أصحاب الحديث فيهم سوء أدب، وإذا اجتمعوا للسّماع تحدّثوا، وأنا لا أصبر على ذلك. وأخذ البَرْقَاني يصف أشياء من تقلّله وزُهُده وأنّه أعطاه وقال: أحملها إلى الباقلاني ليطرح عليها ماء الباقلاء، فوقعت على الكسْر باقلاتان، فرفعهما وقال: هذا الشيخ يعطيني كلّ شهر دانقًا حتى أبلّ له الكِسَر [2] .
قلت: وقد روى عنه ابن قُتَيْبة الإمام أبو بكر الإسماعيلي، وإبراهيم بن شاه المَرُوذي، وأبو نُعَيم الأصبهاني.
قال الحاكم: خرج الآبندوني إلى بغداد سنة خمسين، وسكنها إلى أن مات.
وقال غيره: عاش خمسًا وتسعين سنة، رضي الله عنه.
عبد الله بن إبراهيم بن عبد الملك الأصبهاني الواعظ، أبو محمد.
روى عن: البَغَوِي، وأبي عَرُوبة الحرّاني.
وعنه: أبو نُعَيم، وأبو بكر بن أبي علي.
تُوُفّي في رجب.
عبد الله بن الحسن بن سليمان [3] ، أبو القاسم بن النخّاس، بالمعجمة، البغدادي المقرئ.
سمع: عبد الله بن ناجية، وأحمد بن الحسن الصّوفي، وأبا القاسم البغوي، وجماعة.
__________
[1] تاريخ بغداد 9/ 407.
[2] تاريخ بغداد.
[3] تاريخ بغداد 9/ 438 رقم 5057، المنتظم 7/ 96 رقم 124.

(26/398)


وروى عنه: أبو بكر بن مجاهد المقرئ، وهو أكبر منه، وأبو الحسن الحمّامي، وأبو بكر البَرْقَاني، وأبو طالب عمر بن إبراهيم الفقيه.
وقال أبو الحسن بن الفرات: قلّ ما رأيت في الشيوخ مثله.
وقال الخطيب: كان ثقة، وُلِد سنة تسعين ومائتين.
قلت: قرأ على الحسن بن الحسين الصّوّاف، وغيره.
عَبْد اللَّه بْن محمد بْن جعْفَر بْن حيّان، أبو العبّاس الجنابي البُوشَنْجي الهَرَوِي.
روى عن: محمد بن القاسم بن زكريّا الكوفي، وطائفة، كابن عُقْدَةَ، وهو سميّ أبي الشيخ وعصْريّه.
روى عنه: أبو بكر البَرْقَاني، وأبو الفضل الجارودي، وأبو عثمان سعيد بن العبّاس القُرَشي، وغيرهم.
تُوُفّي في هذا العام.
عبد الله بن محمد بن محمد [1] الأصبهاني المارستاني الخازن.
رَوَى عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ العبّاس، ومحمد بن عبد الله بن رستم.
وعنه: أبو بكر بن أبي علي، وأبو نُعَيم، وغيرهما.
عبد الله بن الإمام زكريّا [بن] يحيي بن محمد العَنْبَرِي النَّيْسَابُوري، أبو محمد. رجل صالح.
روى عن: أبي العبّاس السّرّاج، وابن خُزَيْمة.
وعنه: الحاكم.
عبد الصّمد بن محمد بن حَيَوَيْه [2] ، أبو محمد البخاري، الحافظ الأديب.
__________
[1] ذكر أخبار أصبهان 2/ 88.
[2] تاريخ دمشق (مخطوط التيمورية) 24/ 161، موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان 3/ 138 رقم 10.

(26/399)


سمع: محمد بن محمد بن حاتم السّجِسْتاني، ومَكْحُولا البَيْرُوتي.
وعنه: تمّام الرّازي، ومحمد بن عمر بن بكير.
وكان واسع الرّحلة، له صحيح مخرَّج على البُخَاري، جَوَّدَه. وتُوُفّي بالدّينَوَر.
وقد روى عنه الحاكم قال: سمعت أبا بكر بن حرب شيخ أهل الرأي ببلدنا يقول: كثيرًا ما أرى أصحابنا يظلمون أهل الحديث، كنت عند حاتم العَتَكي، فدخل عليه شيخ من أهل الرأي فقال: أنت الذي تروي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّرَ بقراءة الفاتحة خلف الإمام؟ فقال: قد صحّ الحديث، لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب. فقال له: كَذَبْتَ، إنّ فاتحة الكتاب لم تكن فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إنّما نزلت في عهد عمر.
قلت: إسنادُها صحيح.
علي بن محمد بن صالح [1] بن داود، أبو الحسن الهاشمي المقرئ الضّرير. مقريء البصرة.
قرأ القرآن على: أبي العبّاس أحمد بن سهل الأشناني.
قرأ عليه: طاهر بن غلبون.
علي بن محمد بن أحمد [2] الْجُرْجاني الزّاهد الفقيه، المعروف بأبي الحسن القَصْري.
كان مُفْتيًا عارفًا بمذهب الشافعيّ.
روى عن: البَغَوِي، وأبي بكر بن أبي داود أحمد بن عبد الكريم الوزّان، وعبد الرحيم بن عبد المؤمن.
توفّي يوم عاشوراء.
روى عنه: حمزة السّهمي، والجرجانيّون.
__________
[1] معرفة القراء الكبار 1/ 259 رقم 58، غاية النهاية 1/ 568.
[2] تاريخ جرجان 316 رقم 556 وانظر عنه فهرس الأعلام.

(26/400)


عمر بن عُبَيْد الله بن إبراهيم بن أحمد الأصبهاني بن الوزّان، إمام الجامع.
[سمع] [1] أبا القاسم البَغَوِي، وأحمد بن محمد بن شَبه.
وعنه: أبو بكر بن أبي علي، وأبو نُعَيم.
عيسى بن حامد بن بِشْر [2] القاضي، أبو الحسين الرُّخَّجي [3] ثم البغدادي، المعروف أيضا بابن بنت القُنَّبيطي.
سمع من: جدّه محمد بن الحسين القُنَّبيطي، ومحمد بن جعفر القتّات، وإبراهيم بن شريك، وجعفر بن محمد الفِرْيابي، وعبد الله بن ناجية.
وكان من تلامذته: محمد بن جرير السَّوَّاق، وأبو العلاء محمد بن علي الواسطي، وعلي بن عبد العزيز الظاهريّ، وأبو علي بن دُوما.
وثَقه ابن أبي الفوارس وقال: تُوُفّي في ذي الحجّة [4] .
الغضنفر أبو تغلب بن ناصر الدّولة [5] الحسن بن عبد الله بن حمدان التَّغْلِبِيُّ صاحب المَوْصِل وابن صاحبها.
مرّ في ترجمة أبيه، وكيف قبض على أبيه، واستبدّ بالأمر، ثم إنّه حارب عضُدُ الدولة ابن بُوَيْه، وصار إلى الرّحْبة، ثم هرب منها خوفًا من ابن
__________
[1] إضافة على الأصل.
[2] تاريخ بغداد 11/ 178 رقم 2890، المنتظم 7/ 97 رقم 125، العبر 2/ 348، شذرات الذهب 3/ ج 67.
[3] الرّخّجي: بضم الراء المهملة وفتح الخاء المعجمة المشدّدة وفي آخرها الجيم. نسبة الرخّجية قرية بقرب بغداد. (اللباب 2/ 20) .
[4] تاريخ بغداد 11/ 187.
[5] شذرات الذهب 3/ 59 ذكره في وفيات سنة 367 هـ. وكذلك جاء في النجوم الزاهرة 4/ 131، الكامل في التاريخ (حوادث 369) ، وفيات الأعيان 2/ 117 في ترجمة ناصر الدولة بن حمدان، العبر 2/ 344، فوات الوفيات 3/ 172، 173، سير أعلام النبلاء 16/ 306، 307 رقم 215، تاريخ الفارقيّ 30، تاريخ العظيمي 309، ذيل تاريخ دمشق 39، 40.

(26/401)


عمّه سعد الدولة صاحب حلب، ومن بني كِلاب، فإنّ عضُدُ الدولة كاتَبَهُم وجَبَّرَهُم عليه، فوصل إلى مَرْج دمشق، وأراد دخولَها، فمانَعَهُ صاحبُها قَسّامُ، فأنفذ أبو تَغْلِب كاتبه إلى العزيز يستنجد به، ثم نزل بِحَوْران، وفارق ابن عمّه الغطْرِيف، وردّ إلى خدمته عضُدُ الدولة، فجاء الخبر من كاتبه بأن يُقْدِم على العزيز، فخاف وتوقف، ثم نزل بأرض طبريّة، وبعث العزيز مولاه الفضل [1] ليأخذ له دمشق، فاجتمع به أبو تَغْلِب، ثم تفرّقا عن وَحْشَةٍ.
وكان مُفرّج الطائي قد استولى على الرّمْلة، فاتّفق مع فضْلٍ على حرب أبي تَغْلِب وبني عَقيِل النّازلين بالشّام، فوقع التّصَافُّ بظاهر الرَّملة في سنة تسعٍ، مُسْتَهل صفر، فانهزم بنو عقيل، وأسر مُفَرّج أبا تغلب، ثم قتله صبْرًا، وبعث برأسه إلى العزيز. ذكر ذلك القفْطي.
ولم يذكر ابن عساكر أبا تغلب في تاريخه، والله أعلم.
محمد بن أحمد بن علي، أبو الحَسَن الواعظ الصُّوفي، صاحب ابن الجلاء.
حدّث بدمشق في هذه السنة عن: أحمد بن المُعَلّى الدّمشقي، والعبّاس بن يوسف الشّكَلي، وعبد الله البغوي.
وعنه: الحسين بن جعفر الْجُرْجاني، وعبد الوهاب المَيْداني.
محمد بن أحمد بن طاهر [2] ، أبو طاهر الصّوفي شيخ الملاشة.
كان كثير الاجتهاد والتلاوة، أنفق على الفقراء ما لا يُحْصَى.
محمد بن إبراهيم بن محبّ [3] ، أبو عبد الله الزُّهْري الأندلسي.
سمع ببجانة من سعيد بن فحلون، وأحمد بن جابر.
وعاش ستّين سنة.
__________
[1] في الأصل «مولاه الفضل مولاه» .
[2] النجوم الزاهرة 4/ 131، 132.
[3] تاريخ علماء الأندلس 2/ 79 رقم 1324.

(26/402)


محمد بن عبد الرحمن بن عَمْرو، أبو بكر الرّحَبي [1] الحمصي القاضي.
سمع: أباه، ومحمد بن جعفر بن رزِين، وأبا الْجَهْم بن طِلاب، ومحمد بن يوسف الهَروي، وجماعة.
وعنه: الدَارقُطْنيّ، وهو من أقرانه، والمُسَدّد الأملوكي، وعلي بن السّمْسار.
حدّث أيضًا بدمشق في هذه السنة.
محمد بن عُبَيْدُون بن فهد [2] الأندلسي القرطبي.
سمع: من أبيه، وروى عن: محمد بن وَضّاح جُزءًا سمعه منه، وهو ابن إحدى عشرة سنة. وروى عنه المُدَوَّنة بالإجازة، وهو آخر من حدَّث في الدُّنيا عن ابن وضّاح.
قال ابن عفيف: وقد طُعِن في عدالته.
وقال ابن الفَرَضي: كان ذاهِبَ السَّمْع، لم أرْوِ عنه. وُلد سنة اثنتين وسبعين ومائتين.
محمد بْن علي بْن عَبْد اللَّه [3] بْن إسحاق، أبو علي الْجُرْجاني الوَزْدُولي، ووزْدول من قُرى جُرْجان.
نزل بغداد، وحدّث عن: عمران بن موسى بن مجاشع، ويحيى بن صاعد، وأبي عَرُوبة.
وعنه: أبو سعيد الماليني، وأحمد بن علي البادي. سمع منه في هذا العام.
__________
[1] الرّحبي: بفتح الراء والحاء وفي آخرها باء موحّدة. نسبة إلى بني رحبة، بطن من حمير.
(اللباب 2/ 19) .
[2] تاريخ علماء الأندلس 2/ 79 رقم 1322. وفي الأصل «عبيدون بن فهر فهد» .
[3] تاريخ جرجان 75 رقم 22، تاريخ بغداد 3/ 87 رقم 1074.

(26/403)


محمد بن عيسى بن عَمْرَوَيه [1] ، أبو أحمد النَّيْسَابُوري الْجُلُودي الزّاهد، راوي «صحيح مسلم» .
سمع: عبد الله بن شِيرَوَيْه، وإبراهيم بن محمد بن سُفْيَان الفقيه، وأحمد بن إبراهيم بن عبد الله، ومحمد بن إسحاق بن خُزَيْمة، وأبا بكر بن زنْجَويْه القُشَيْري، ومحمد بن المسيّب الأرغَيَاني، وغيرهم بنَيْسَابور، ولم يرحل منها.
روى عنه: الحاكم أبو عبد الله، وأحمد بن الحسن بن بُنْدَار الرّازي، وأبو سعيد عمر بن محمد السّجْزي، وأبو سعيد محمد بن علي النّقّاش، وأبو محمد بن يوسف، وعبد الغافر بن محمد الفارسي، وآخرون، وآخرهم عبد الغافر.
قال الحاكم في تاريخه: محمد بن عيسى بن محمد بن عبد الرحمن الزّاهد، أبو أحمد الْجُلُودي، كذا سمّي أباه وجدّه، وقال: هو من كبار عُبّاد الصُّوفية، صحِب أصحاب أبي حفْص، وكان يورّق بالأجْرة، ويأكل من كسْب يده، وكان ينتحل مذهب سُفيان الثَّوْري ويعرفه. تُوُفّي في الرابع والعشرين من ذي الحجّة. قال: وخُتم بوفاته سماع «كتاب مُسْلم» ، فإنّ كل من حدّث به بعده عن إبراهيم بن سُفْيان فإنّه غير ثقة.
وقال الحاكم: وقد سُئل عن الْجُلُودي: كان من أعيان الفقراء الزّهّاد، من أصحاب المعاملات في التّصَوّف، ضاعت سماعاته من أبي سفيان، فنسخ البعض من نسخة لم يكن له فيها سماع.
وقال ابن دِحْيَة: اخْتُلِف في الْجُلُوديّ، فقيل: بفتح الجيم التفاتًا إلى ما ذكره يعقوب في «الإصلاح» ، ونقله ابن قُتَيْبة في «الأدب» ، وليس هذا من ذاك في شيء، لأنّ الذي ذكره يعقوب رجل منسوب إلى جلود من قرى
__________
[1] المنتظم 7/ 97 رقم 128، العبر 2/ 348، مرآة الجنان 2/ 391، البداية والنهاية 11/ 294، الكامل في التاريخ 8/ 711، شذرات الذهب 3/ 67، دول الإسلام 1/ 228، النجوم الزاهرة 4/ 133، الأنساب 133، الوافي بالوفيات 4/ 297 رقم 1833.

(26/404)


إفريقية، بينه وبين هذا أعوام عديدة، وهذا متأخّر كان يحكم في الدار التي تباع فيها الْجُلُود للسُّلطان، وكان الصّواب عند النَّحويّين أن يقال «الْجُلْدي» ، لأنّك إذا نَسَبْتَ إلى الجمع رددت إلى الواحد، كقولك «صحفي» و «فرضيّ» .
وقال ابن نُقْطَة: رأيت نَسَبَه بخطّ غير واحد من الحُفَّاظ: «محمد بن عيسى بن عَمْرَوَيْه بن منصور» .
قال الحاكم: ودُفن في مقبرة الحيرة، وهو ابن ثمانين سنة.
محمد بن محمد بن يعقوب [1] بن إسماعيل بن حجّاج النَّيْسَابُوري الحافظ أبو الحافظ، أبو الحسين الحجّاجي. المقرئ العبد الصالح الصّدُوق.
قرأ القرآن ببغداد على: ابن مجاهد، وسمع عمر بن أبي غيلان، وعبد اللَّه بْن إِسْحَاق المدائني، ومحمد بْن جرير الطبري، وببلده أبا [2] العباس الثقفي، وأبا بكر بن خزيمة، وأحمد بن محمد الماسِرجِسي، ومحمد بن المسيّب. وبالرّيّ محمد بن جعفر بن نصر الرّازي، وبالكوفة عليّ بن العباس المَقَانِعي، وبمصر علان بن الصّيْقَل، وأُسامة بن علي الرّازي، وبدمشق أبا الجهم بن طِلاب، وابن جَوْصَا.
مصنّف العِلَل والشَّرْحِ وَالأبواب.
وعنه: أبو علي الحافظ، وهو أكبر منه، وأبو بكر بن المقرئ، وهو من طبقته، بل أقدم منه، وأبو عبد الله بن مَنْدَه، والحاكم، وأبو بكر البرقاني العبدوي:
__________
[1] تاريخ دمشق (مخطوط التيمورية) 39/ 335- 338، تاريخ بغداد 3/ 223 رقم 1284، العبر 2/ 349، مرآة الجنان 2/ 391، شذرات الذهب 3/ 67، تذكرة الحفاظ 3/ 944، 945، النجوم الزاهرة 4/ 134، الوافي بالوفيات 1/ 128 رقم 41، موسوعة علماء المسلمين 4/ 360 رقم 1597، الأنساب 4/ 58، 59، اللباب 1/ 34، طبقات الحفاظ 381، سير أعلام النبلاء 16/ 240، 243 رقم 169.
[2] في الأصل «أبو» .

(26/405)


قال الحاكم: سمعت أبا علي الحافظ يقول: ما في أصحابنا أفهم ولا أثبت من أبي الحسين، وأنا ألقّبه بعَفافٍ لِثَبْتِهِ.
قال الحاكم: وَلَعمْرِي أنّه لَكَمَا قال الحافظ أبو علي، فإنّ فَهْمَه كان يزيد على حِفْظِه.
قال الحاكم: وكان يمتنع عن الرواية وهو كهّل، فلمّا بلغ الثمانين لازمه أصحابُنَا باللّيل والنّهار، حتى سمعوا منه كتابه في «العِلَل» ، وهو نيّف وثمانون جُزْءًا. وسمعوا منه «الشيوخ» وسائر المصنّفات. صَحِبْتُهُ سِتًّا وعشرين سنة باللّيل والنّهار، فما أعلم أنّي علمت أنّ الْمَلَكَ كتب عليه خطيئة.
وثنا أبو علي الحافظ في مجلس إملائه قال: حدّثني أبو الحسين بن يعقوب، وهو أثبت من حدَّثنا عنه اليوم، فذكر حديثًا.
تُوُفّي خامس ذي الحجّة، عن ثلاثٍ وثمانين سنة.
محمد بْن يعقوب بْن إِسْحَاق بْن محمود بن إسحاق، أبو حاتم الهَرَوِي.
يروي عن: محمد بن اللَّيْثِ الْقُهُنْدُزِي [1] ، ومحمد بن عبد الرحمن الشّامي، والحسين بن إدريس، وجماعة.
وعنه: ابنه أبو محمد، ومحمد بن المنتصر، وإسحاق القرّاب، وأبو عثمان سعيد القُرَشي.
وكان فقيهًا فاضلًا. وتُوُفّي في رجب.
هَفْتَكِن أبو منصور [2] التُرْكي الشّرّابي الأمير.
__________
[1] القهندزي: بضم القاف والهاء وسكون النون وضم الدال المهملة في آخرها الزاي. نسبة إلى قهندز، وهو من بلاد شتّى، وهو المدينة الداخلة المسوّرة. (اللباب 3/ 66) .
[2] تكملة تاريخ الطبري 1/ 225 وما بعدها، العبر 2/ 439، 350، شذرات الذهب 3/ 67، 68، دول الإسلام 1/ 228، النجوم الزاهرة 4/ 133، 134، ذيل تاريخ دمشق 11 وما بعدها، البداية والنهاية 11/ 280 وما بعدها، تاريخ يحيى بن سعيد الأنطاكي، الدرّة المضية 167 وما بعدها، مرآة الزمان 55 (نسخة دار الكتب المصرية رقم 551 تاريخ- ج 11) ،

(26/406)


هرب من بغداد خوفًا من عضُدُ الدولة، ونزل بنواحي حمص، فسار إليه ظالم العُقَيْلي من بَعْلَبَكّ ليأخذه، فلم يقدر، وكاتبوا هفتكين من دمشق، فقَدِمَها وغلب عليها في سنة أربعٍ وستّين، وأقام الدَّعوة العبّاسية، وأزال دعوة بني عُبيْد، ثم تأهّب لقتالهم وتَوَجَّه في شعبان من السنة، فنزل على صيْدا، ودافع جُنْدُ بَنِي عُبَيد، فقَتَلَ منهم مقتلة عظيمة، وأخذ مراكب لهم في ساحل صيدا، فسار لحربه من مصر جوهر، فحصّن هو دمشق، فنازلها جوهر المُعِزّي بجيوشه في ذي القعدة سنة خمس وستّين، وحاصرها سبعة أشهر، ثم ترحّل لمّا بلغه مجيء القُرْمُطيّ من الأَحساء، فسار هفتكين في طلب جوهر، فأدركه بعَسْقَلان، فكسر جوهرًا وتحصّن جوهر بعسقلان، فحاصرها هفتكين سنة وثلاثة أشهر، ثم أَمّنه فنزل وراح، فصادف صاحبَ مصر العزيز نِزَارًا [1] وقد خرج في جيوشه قاصدًا دمشق، فردّ في خدمته، فكانوا سبعين ألفًا، فالتقاهم هفتكين وثبت، ثم أنكسر، وأسروه في أول شعبان سنة ثمانٍ وستّين وحُمِل إلى مصر، ثم مَنّ عليه العزيز وأطلقه، وصار له موكب، فخافه الوزير يعقوب بن يوسف بن كلّس فقتله، دسّ عليه من سقاه السّمّ، وقيل بل هلك في سنة إحدى وسبعين، وكان إليه المنتهى في الشّجاعة.
__________
[ () ] اتعاظ الحنفا 1/ 221، زبدة الحلب 1/ 252، ثمرات الأوراق 79، وفيات الأعيان 4/ 53، 54 في ترجمة عضد الدولة، المختصر في أخبار البشر 2/ 115، سير أعلام النبلاء 16/ 307، 308 رقم 216، وقد تحرّف اسمه إلى: «الفتكين» و «أفتكين» و «الفنتكين» و «هفكين» .
[1] في الأصل «بزارا» .

(26/407)


[وَفَيَات] سنة تسع وستين وثلاثمائة
أحمد بن إسحاق بن محمد بن أحمد بن الحسين بن شيبان، أبو محمد البغدادي الشَّيْباني ثم الهَرَوي الضَّرير.
سمع: مُعَاذ بن نَجْدَة، وعلي بن محمد الجكاني [1] ، وأقرانهما.
روى عنه: أبو الفضل بن أبي عصمة، وأبو عثمان سعيد القُرَشي، وأبو حازم العبدوي.
تُوُفّي في جُمادي الآخرة.
أحمد بن الحسين بن أحمد [2] بن المؤمّل الصّيّرفي البغدادي، ابن أخي أبي عُبَيْدِ بْنِ المؤمّل.
تُوُفّي في المحرّم.
قال ابن أبي الفوارس: كان فيه نَظَر.
أحمد بن عبد الوهاب بن محمد بن أبي صِدام، أبو بكر اللهْبي الصّابوني، دمشقيّ مستور الحال.
__________
[1] كذا في الأصل، ونرجّح أن الصحيح «الجكواني» : بضم الجيم وسكون الكاف وبالواو المفتوحة وفي آخرها النون بعد الألف. نسبة إلى جكوان وهي قرية بسجستان. (اللباب 1/ 286) .
[2] تاريخ بغداد 4/ 106 رقم 1761.

(26/409)


روى عن: سعيد بن عبد العزيز، وابن الدُّرَفْس [1] ، وجماهر الزَّمْلَكاني، ومحمد بن خريم.
وعنه: تمام، وعبد الوهاب الميداني، وعلي بن السمسار، وجماعة.
تُوُفّي في ربيع الأوّل.
أَحْمَد بْن عبد الوهاب بن يونس [2] ، أبو عمر القرطبي، الفقيه الشافعي، تلميذ عبيد الشافعي الفقيه.
كان ذكيا عالما بالاختلاف، كيسا مناظرا نحويا لغويا، وكان ينسب إلى الاعتزال.
توفي فيها وفي صدور سنة سبعين.
أحمد بن عطاء بن أحمد [3] بن محمد بن عطاء، أبو عبد الله الصوفي الكبير، نزيل صور.
حدث عن: أبي القاسم البَغَوِي، وابن أبي داود، وعلي بن محمد بن عبيد الحافظ، والحسين بن إسماعيل المحاملي، وجماعة.
__________
[1] الدّرفس: بضم الدال وفتح الراء وسكون الفاء وفي آخرها السين المهملة، نسبة إلى الدّرفس وهو اسم جدّ عبد الرحمن بن محمد بن العبّاس بن الوليد بن محمد بن عمر بن الدرفس الدمشقيّ الدرفسي. (اللباب 1/ 498) .
[2] تاريخ علماء الأندلس 1/ 47 رقم 154، الوافي بالوفيات 7/ 162 رقم 3094.
[3] الرسالة القشيرية 29، تاريخ بغداد 4/ 336 و 337، الوافي بالوفيات 7/ 184 رقم 3124، تاريخ دمشق (مخطوط التيمورية) 3/ 11، تهذيب تاريخ دمشق 1/ 393- 395، حلية الأولياء 10/ 383، آثار البلاد للقزويني 374، اللباب 3/ 265، الكامل في التاريخ 8/ 710، المغني 1/ 47، سير أعلام النبلاء (مصوّرة دار الكتب المصرية) 10 ق 2/ 202، طبقات الصوفية 497، طبقات الشعراني 1/ 145، الأنساب 544 ب، العبر 2/ 350، شذرات الذهب 3/ 68، أنبأه الرواة 1/ 144، تاريخ علماء الأندلس 1/ 20، المنتظم 7/ 101 رقم 130، مرآة الجنان 2/ 392، البداية والنهاية 11/ 296، النجوم الزاهرة 4/ 135، معجم البلدان 3/ 77، سير أعلام النبلاء 16/ 227، 228 رقم 161، نتائج الأفكار القدسية 2/ 16- 19، طبقات الأولياء 4 ذ- 57 رقم 10، معجم الشيوخ لابن جميع الصيداوي بتحقيقنا 203 رقم 160، موسوعة علماء المسلمين 1/ 328- 232 رقم 159، الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي 1/ 80 رقم 216.

(26/410)


وعنه: ابن جميع، وأبنه السكن، وعبد الله بن بكر الطبراني، وأحمد بن الحسن الطيان، وأبو عبد الله بن باكويه، وعلي بن جهضم، وعلي بن عياض الصوري، وآخرون.
قال حمزة السهمي: سمعت أبا طاهر الرّقّي، سمعت أحمد بن عطاء يقول: كلّمني جمل في طريق مكة، رأيت الجمال والمحامل عليها، وقد مدّت أعناقها في الليل، فقلت: سبحان الله، من يحمل عنها ما هي فيه، فالتفتَ إلى جمل فقال لي: قلْ جلّ الله، فقلتُ: جَلَّ الله [1] .
وقال السُّلَمي: أحمد بن عطاء هذا ابن أخت أبي الرُّوذْبَاري، يرجع إلى أنواع من العلوم، منها علم القراءات وعلم الشريعة، وعِلْمُ الْحَقِيقة، وإلى أخلاقً في التجويد [2] يختصّ بها ويُربي على أقرانه، وهو أوحد مشايخ وقته في بَابَتهِ وطريقته.
تُوُفّي في ذي الحجّة سنة تسعٍ وستّين.
وقال الخطيب [3] : روى أحاديث غلط فيها غلطًا فاحشًا [4] ، فسمعت الصّوري [5] يقول: حدّثونا عن الرُّوذْبَاري، عن إسماعيل الصَّفّار، عن ابن عَرَفَة أحاديث لم يُروِها الصَّفّار، قال: ولا أظنّه معتمد الكذِب لكن شُبّه عليه.
وقال الْقُشَيْرِيُّ [6] : كان شيخ الشام في وقته.
ومن كلام أحمد بن عطاء: «الذَّوْقِ أَوّل المواجيد، فأهل الْغَيْبَةِ إذا شربوا طاشوا، وأهل الحضور إذا شربوا عاشوا» [7] .
__________
[1] طبقات الأولياء لابن الملقن 56 وانظر الرسالة القشيرية 30، وآثار البلاد 374.
[2] كذا في الأصل، وقد كتب على الهامش «كذا» بجانب كلمة «أخلاق» . أما العبارة عند السلمي فهي: «وأخلاق وشمائل يختصّ بها» - ص 497.
[3] تاريخ بغداد 4/ 336.
[4] في الأصل «غلط فاحش» .
[5] في الأصل «الصور» والصحيح ما أثبتناه، والصوري هو محمد بن علي الحافظ شيخ الخطيب البغدادي، توفي سنة 441 هـ.
[6] الرسالة القشيرية 29.
[7] حلية الأولياء 10/ 383.

(26/411)


وقال: «ما من قبيح إلّا وأقبح منه صُوفيٌّ شحيح» [1] .
وقال: «التّصَوُّف ينفي عن صاحبه البُخْل. وكتب الحديث ينفي عن صاحبه الجهْل، فإذا اجتمعا في شخص فناهيك به نُبْلًا» .
وقال: «ليس كلّ من يَصْلُحُ للمُجالسَة يَصْلُحُ للمُؤانَسَة، وليس كلّ من يَصْلُح للمؤانَسة يُؤْتَمَن على الأسرار» [2] .
أحمد بن محمد بن حَسنَوَيْهِ بْنِ يونس، أبو حامد الهَرَوِي العدْل.
سمع: الحسين بن إدريس، وغيره.
وعنه: إسحاق القرّاب، وأبو بكر البرقاني، وأبو حازم العبدوي، وأبو عثمان سعيد القُرَشي.
وقال أبو النَّضْرِ الْفامي: كان ثقة.
قلت: تُوُفّي في رمضان.
أحمد بن محمد بن دلان بن هارون الفقيه، أبو حامد الزَّوْزَني [3] .
تُوُفّي في جُمادى الآخرة.
إبراهيم بن أحمد بن عمر [4] بن حمدان بن شَاقْلا [5] ، أبو أسحاق البغدادي البزّاز، شيخ الحنابلة وفقيههم.
كان إمامًا في الأصول والفروع.
سمع من: دعلج بْن أحمد، وأبي بَكْر الشّافعيّ، وأبي عَلِيّ بن
__________
[1] تاريخ دمشق 3/ 11.
[2] حلية الأولياء 10/ 384.
[3] الزّوزني: بسكون الواو بين الزايين وفي آخرها النون، نسبة إلى زوزن بلدة كبيرة بين هراة ونيسابور. (اللباب 2/ 80) .
[4] العبر 2/ 351، طبقات الحنابلة 2/ 128، شذرات الذهب 3/ 68، تاريخ بغداد 6/ 17، الوافي بالوفيات 5/ 310 رقم 2381، طبقات الفقهاء 173، سير أعلام النبلاء 16/ 292 رقم 207.
[5] شاقلا: ويعرف بالشاقلائي: بفتح الشين المعجمة وسكون الألف والقاف وبعدها لام ألف وفي آخرها ياء مثنّاة من تحت. نسبة إلى شاقلا، وهو جدّ المترجم. (اللباب) .

(26/412)


الصوّاف، وتفقه على أبي بكر عبد العزيز.
وكان يُشْغِل الناس، وله حلقة بجامع المنصور.
تُوُفّي في رجب وله أربعُ وخمسون سنة، لم يبلغ سنُ الرواية.
إبراهيم بن ثابت [1] ، أبو إسحاق الدّعّاء المذكّر، يقال إنّه لقي الْجُنَيْد.
قال السُّلمي [2] : كان من أورع المشايخ وأزهدهم وأحسنهم حالًا [3] وألزمهم للشريعة. وكان له حلقة ببغداد، تقدّمت إليه وسألته أن يدعُوَ لي فقال: يا أخي اخْتَر [4] ما جرى لك في الأَزَل خيرٌ لك من معارضته الوقت.
وكان يقول: كان الْجُنَيْدُ يَأْتي إلى دارنا.
وقال إبراهيم: دع ما تندم عليه.
الحسن بن أحمد بن دُليف الأزركاني [5] .
حدّث عن ابن الجارود.
الحسن بن علي بن شعبان، أبو علي المصري.
روى عن ابن المنذر.
الحسن بن علي البصري [6] الحنفي، المعروف بالجعل.
كان مقدّما في الفقه والكلام، عاش ثمانين سنة. وكان من كبار المُعْتَزِلة، وله تصانيف على قواعدهم.
__________
[1] تاريخ بغداد 6/ 49 رقم 3072 وستأتي ترجمته في السنة التالية.
[2] حكاه عنه الخطيب في تاريخه، والخبر غير موجود في طبقات الصوفية للسلمي.
[3] في الأصل «مالا» وهو تحريف.
[4] في الأصل «اختار» .
[5] الأزركاني: ذكر ابن الأثير هذه النسبة دون التعريف بها. (اللباب 1/ 47) ولم يذكرها ابن ماكولا.
[6] طبقات الفقهاء للشيرازي 143، تاريخ بغداد 8/ 73 رقم 4153، المنتظم 7/ 101 رقم 131، العبر 2/ 451، شذرات الذهب 3/ 68، الفهرست 108، طبقات المفسرين 1/ 155 رقم 151، النجوم الزاهرة 4/ 135، الجواهر المضية 3 رقم 345.

(26/413)


ذكره أبو إسحاق في «طبقات الفقهاء» [1] فقال فيه: رأس المعتزلة.
وكناه: أبا عبد الله.
قال الخطيب [2] : له تصانيف كثيرة في الاعتزال. قال لي أبو عبد الله الصّيْمَرِي: كان مقدّمًا في الفقه والكلام مع كثرة أماليه فيهما وتدريسه لهما.
قال: وتُوُفّي في ذي الحجّة. وحدّثني التَّنُوخيّ أنّه وُلدِ سنة ثلاثٍ وتسعين وثلاثمائة. قيل: وصلّى عليه أبو علي الفارسي النّحّوي.
الحسين بن كَهْمَس [3] ، أبو علي الجوهري المصري المعدّل.
سمع أبا العلاء الكوفي، وتُوُفّي في شعبان.
الحسين بن محمد بن علي [4] أبو سعيد الأصبهاني الزّعفراني.
كان- فيما ذكر أبو نُعَيم- بندار البلد في كثرة الأصول والحديث، صاحب معرفة وإتقان، صنّف المُسْنَد والتّفسير والشيوخ، وله من المصنّفات شيء كثير.
سمع: أبا القاسم [5] البَغَوِي، ويحيى بن صاعد، والحسين بن علي بن زيد.
وعنه: أبو بكر بن أبي علي، وأبو نُعَيم، وأهل أصبهان.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلامَةَ إِجَازَةً، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ الْجَمَّالِ، أَنَّ أَبَا عَلِيٍّ الْحَدَّادَ أَخْبَرَهُ، قَالَ: أنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا الْحُسَيْنُ بن محمد، ثنا الحسين بن
__________
[1] ص 143.
[2] تاريخ بغداد 8/ 73.
[3] كهمس: بفتح الكاف وسكون الهاء وفتح الميم في آخرها السين المهملة.
قال ابن الأثير: وهو جد أبي جعفر عبد الله بن عمر بْن إِسْحَاق بْن محمد بْن مَعْمَر بْن حبيب بن كهمس بن المنهال الكهمسي. مصري.. (اللباب 3/ 121) .
[4] ذكر أخبار أصبهان 1/ 283، شذرات الذهب 3/ 69، تذكرة الحفاظ 2/ 956، 957 رقم 901، سير أعلام النبلاء 16/ 517، 518 رقم 380، طبقات الحفاظ 383، 384، طبقات المفسّرين للسيوطي 12، طبقات المفسّرين للداوديّ 1/ 160.
[5] إضافة على الأصل من تذكرة الحفاظ.

(26/414)


عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، ثنا محمد بْنُ عَمْرِو بْنِ حَنَانٍ، ثنا بَقِيَّةُ بْنُ أَبِي فَرْوَةَ الرَّهَاوِيُّ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ أَمَانُ كُلِّ خَائِفٍ» [1] . خالد بن هاشم [2] أبو زيد القُرْطُبي الوزير.
سمع: أسلم بن عبد العزيز، وأحمد بن خالد بن الحُباب.
وتُوُفّي في صفر، ووَزِر قليلًا للمؤيد باللَّه.
رُحَيم بن سعيد بن مالك [3] الضّرير، أبو سعيد العابر.
سمع: أبا زُرْعَة الدّمشقي، وهو آخر من حدّث عنه، وحاجب بن أُركين.
روى عنه: عبد الغني بن سعيد الحافظ، ويحيى بن علي بن الطّحّان، وأحمد بن عمر الجهازي.
قال عبد الغني: سمعته يقول: سمعت من أبي زرعة.
وقال ابن الطّحّان: سمعنا منه سنة تسعٍ وستّين، وعاش بعد ذلك يسيرًا. قال: عُمْري مائةٌ وسَبْعُ سِنين.
سعيد بن أَبِي سعيد محمد [4] بن أحمد بن سعيد، أبو عثمان الصُّوفي النَّيْسَابُوري.
قال الحاكم: رفيقي، لعلّه كتب بانتخابي على الشيوخ نحو مائة ألف
__________
[1] رواه في (الفتح الكبير في ضم الزيادة إلى الجامع الصغير- الشيخ يوسف النبهاني- ص 72 من الجزء الثاني) عن طريق شداد بن أوس بزيادة حرف اللام على لفظة «كل» وذكر أن الديلميّ رواه في مسند الفردوس. وهو في: ذكر أخبار أصبهان 1/ 283، ومسند الفردوس 2/ 214 رقم 2509.
[2] تاريخ علماء الأندلس 1/ 132 رقم 400.
[3] تهذيب ابن عساكر 5/ 321.
[4] طبقات الصوفية 20 و 305، تاريخ بغداد 9/ 111 رقم 4719، المنتظم 7/ 102 رقم 133.

(26/415)


حديث بخُراسان والعراق، فقد وصل إليّ من سماعي بخطّه الدقيق أكثر من ستّمائة جزء.
سمع: الأصمّ وغيره، وببغداد أحمد بن كامل، وعبد الله بن إسحاق الخُراساني. ومات كهلًا.
وروى عنه: الحاكم، وأبو العلاء الواسطي.
عبد الله بن أحمد بن راشد [1] بن شُعيْبٍ، أَبُو محمد بن أخت وليد البغداديّ الفقيه الظّاهري، قاضي دمشق.
حدّث عن: ابن قُتَيْبة العَسْقَلانِي، وعلي بن عبد الله الرَّمْلي.
وعنه: ابن منير، وابن نظيف الفَرَّاء، ومحمد بن جعفر بن المذكّر، وغيرهم.
ذكره ابن عساكر [2] ، فقال: وكان خيّاطا فوُلّي قضاء مصر في دولة الأخشيد. قال: وقيل: وكان سخيفًا أخذ الرّشوة، وهَجَوْهُ بقصيدة. ووُلّي قضاء دمشق سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة، وطال عمره. تُوُفّي في ذي القعدة، ووُلّي قضاء مصر سنة تسع وعشرين وثلاثمائة، وعزل سنة تسع وعشرين وثلاثمائة.
وقال أبو محمد بن حَزْم: أبو محمد عبد اللَّه بن محمد بن شُعَيْب المعروف بابن أخت وليد، ولي قضاء دمشق ومصر، وله مصنّفات كثيرة. أخذ عن أبي الحسن عبد الله بن أحمد بن المغلّس الدّاودي، ثم قرأت في كتاب «قضاة مصر» لابن زُولاق قال: كان محمد بن بدر قاضي مصر قد أوقف من الشهود عبد الله بن وليد، فدخل يومًا على محمد بن بدر، فلم يوسّع له أحد.
__________
[1] تهذيب ابن عساكر 7/ 283، 284، الوافي بالوفيات 17/ 18 رقم 15، ميزان الاعتدال 2/ 390 رقم 4196، رفع الإصر 2/ 271- 281، لسان الميزان 3/ 251، 252 رقم 1094، قضاة الشافعية للنعيمي 35، 36 رقم 55، سير أعلام النبلاء 16/ 225، 226 رقم 159، حسن المحاضرة 2/ 146، الولاة والقضاة 564، 575.
[2] تهذيب تاريخ دمشق 7/ 283.

(26/416)


فقال ابن بدر: عندي يا أبا محمد، فأبى، وجلس قليلًا وانصرف، ثم كتب إلى بغداد إلى ابن أبي السّوار يطلب أن يولّيه قضاء مصر، وبذل له، وأعانه جماعة ببغداد، فكتب إلى بالقضاء، فجاءه العهد في رمضان سنة ثمانٍ وعشرين وثلاثمائة. وكان قاضي الرّملة الحسين بن هارون بمصر، فركب إليه ابن الوليد يُعَرّفه بالأمر، وأراه عَهْدَه، والتمس معونته، فطمع ابن هارون في الأمر، وقوّي قومٌ نَفْسَه، فأعانه الإخشيذ، ففتر أمر ابن وليد، ولم يُعِنْهِ الإِخْشيد، وتمرّض، فكان النّاس يقولون: «عبد الله بن وليد، أبرد من الجليد، عبد الله بن وليد، تحت القضاء الشديد، عبد الله بن وليد، هو ذا يموت شهيد» .
ثم بعد سنة ولي مصر ابن وبر فلم يلبث أنْ مات، وبقي ابن وليد في القضاء، فتولّى من جهة ابن هارون قاضي الرملة المذكور، وقُرئ عهد الرّاضي باللَّه إلى أبن هارون بقضاء مصر، ثم عُزِل ابن وليد عن الحكم بعد ستّة أشهر، وحكم بعده أبو المذكّر محمد بن يحيى المالكي عشرة أيام، وصُرِف، وقد وُلّي ابن وليد مرّةً ثانية وثالثة بمصر. والثالثة كانت من جهة المستكفي باللَّه، فكانت أجلّ ولاياته، ثم تكبّر وتجبّر، فاستهان بالنّاس، وكان يَهْزِل في مجلسه ويلعب، وطالت ولايته، وخُلع المستكفي فجاءه تقليد القضاء من المُطيع [1] .
ثم إنّ المطيع ردّ قضاء مصر إلى محمد بن الحسن الهاشمي، فكتب إلى ابن وليد بالعهد من قِبَلَه، ثم إنّه أخذ في تكثير الشُّهود وتعديل من لا يليق، فَقَتّره، وكان قبل ذا تاجرًا بزّازًا كثير الأموال، ثم عُزِل ووُلّي بعد مدة قضاء دمشق. وله أخبار يطول ذِكُرها، إنّ الله يسامحه.
وحُفِظ عنه أنّه كان يقول لحاجبه: أين اليهود، يعني الشُّهود، والكُمَنَاء، يعني الأُمناء.
وقالت له أمرأة خذ بيدي، فقال: وبرجلك.
__________
[1] الولاة والقضاة 568.

(26/417)


وكان يُنْقَمُ عليه هَزْلُه المقذع، وببسطه في الأحكام والارتشاء، وكان أبو طاهر الذّهْلي لا ينفّذ له حُكْمًا.
عبد الله بن إبراهيم بن أيّوب [1] بن مَاسِي، أبو محمد البغدادي البزّاز.
سمع: أبا مسلم الكَجّي، وأبا شعيب الحرّاني، وخَلَف بن عمرو العُكْبَرِي، ويوسف القاضي، وأحمد بن أبي عَوْفٍ الْبُزُوري، وغيرهم.
وعنه: أبو الحسين بن رزقَوَيْهِ، وأبو الفتح بن أبي الفوارس، والبَرْقَاني، وإبراهيم [2] بن عمر الْبَرْمَكِيُّ الفقيه، وآخروه.
ووُلد سنة أربعٍ وسبعين ومائتين.
قال الخطيب [3] : كان ثقة ثَبتًا، سألت البَرْقَاني: أيّما أحبّ إليك، ابن مالك القَطِيعي، أو ابن مَاسِي؟ فقال: ليس هذا مما يُسأل عنه، ابن ماسي ثقة ثبت لم يتكلّم فيه.
قلت: ابن ماسي في رجب، وله خمسٌ وتسعون سنة.
عَبْد اللَّه بْن محمد بْن جعْفَر [4] بْن حبّان، أبو محمد الأصبهاني الحافظ، أبو الشيخ صاحب التصانيف.
وُلد سنة أربعٍ وسبعين ومائتين.
وسمع في صِغره: جدّه لأُمَّه محمود بن الفرج الزّاهد، وإبراهيم بن
__________
[1] تاريخ بغداد 9/ 408 رقم 5016، المنتظم 7/ 102 رقم 134، العبر 2/ 351، البداية والنهاية 11/ 296، شذرات الذهب 3/ 68، سير أعلام النبلاء 16/ 252، 253 رقم 176، النجوم الزاهرة 4/ 137.
[2] في الأصل «والبرقاني وإبراهيم والبرقاني وإبراهيم بن عمر البرمكي» .
[3] تاريخ بغداد 9/ 408.
[4] ذكر أخبار أصبهان 2/ 90، العبر 2/ 351، 352، شذرات الذهب 3/ 69، تذكرة الحفاظ 3/ 945- 947، الرسالة المستطرفة، طبقات القراء لابن الجزري 1/ 447، اللباب 1/ 331، النجوم الزاهرة 4/ 136، طبقات المفسرين 1/ 240، دول الإسلام 1/ 228، الوافي بالوفيات 17/ 485 رقم 410، هدية العارفين 1/ 447، الأعلام 4/ 264، معجم المؤلفين 6/ 114، تاريخ التراث العربيّ 1/ 326 رقم 230.

(26/418)


معدان، ومحمد بن عبد الله بن الحسن بن حفص رئيس أصبهان، ومحمد بن أسد المَدِيني، وأحمد بن محمد بن علي الخُزاعي، وعبد الله بن محمد بن زكريّا، وإبراهيم بن رُسُتَة [1] ، وأبا بكر أَحْمَد بن عَمْرو بن أبي عاصم، وأبا بكر أحمد بن عمر البزّاز، وإسحاق بن إسماعيل الرّمْلي.
وأوّل سماعه سنة أربعٍ وثمانين، ورحل فسمع بالبصْرة من أبي خليفة وغيره، وببغداد من أحمد بن الحسن الصُّوفي وطبقته، وبمكّة المفضَّل الجندي وغيره، وبالموصل من أبي يَعْلَى، وبحرّان من أبي عَرُوبة، وبالرّيّ وأماكن أُخَر.
وكان حافظًا عارفًا بالرّجال والأبواب، كثيَر الحديث إلى الغاية، صالحًا عابدًا قانتًا للَّه، صنّف تاريخ بلده والتاريخ على السّنين، وكتاب «السنة» وكتاب «العظمة» وكتاب «ثواب الأعمال» وكتاب «السُّنَن» [2] .
وقد وقع لنا أشياء من حديثه وتخاريجه.
روى عنه أبو سعد الماليني، وأبو بكر بن مَرْدَوَيْه، وأبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الشّيرازي، وأبو نُعَيم، ومحمد بن علي بن سمويه المؤدّب، وسفيان بن حَسَنكَوَيْه، وأبو بكر محمد بن علي بن برد، والفضل بن محمد القاساني، وحفيده محمد بن عبد الرّزّاق بن عبد الله، وأبو طاهر محمد بن أحمد بن عبد الرّحيم الكاتب، وخلق سواهم.
قال بهروزمرد أبو نُعَيم: كان أحد الأعلام، صنّف الأحكام والتّفسير، وكان يفيد عن الشيوخ ويصنّف لهم ستّين سنة، وكان ثقة. أخبرنا علي بن عبد الغني المعدّل في كتابه، أنّه سمع يوسف بن خليل الحافظ يقول: رأيت في النَّوم كأنّي دخلت مسجد الكوفة، فرأيت في وسطه شيخا طوالا لم أر [3]
__________
[1] رستة: بضم الراء وسكون السين المهملة وفتح التاء المعجمة باثنتين من فوقها. وهو: أبو إسحاق إبراهيم بن أبان بن رستة المديني، أحد الثقات، توفي سنة 339 هـ. (الإكمال 4/ 73، 74) .
[2] راجع عن مصنّفاته: تاريخ التراث العربيّ 1/ 326- 328.
[3] إضافة على الأصل من تذكرة الحفّاظ 2/ 946.

(26/419)


قطّ أحسن منه، وعليه ثياب بيض، فقيل لي: أتعرف هذا؟ قلت: لا. فقيل لي: هو أبو محمد بن حَيّان، فخرجت خلفه، وقلت له: أنت أبو محمد بن حَيّان؟ فقال: أنا أبو محمد. قلت: أليس قد مُتَّ؟ قال: بلى. قلت: فباللَّه، ما فعل الله بك؟ قال: «الْحَمْدُ للَّه الَّذِي صَدَقَنَا وعده وأورثنا الأرض» [1] ، إلى آخر الآية. فقلت: أنا يوسف بن خليل الدّمشقي جئت لأسمع حديثك وأُحَصّل كُتُبَك. فقال: سلّمك الله، وفَّقك الله، ثمّ صافحته، فلم أر شيئًا قطّ ألْيَن من كفّه، فَقَبّلتُها ووضعتها على عيني.
تُوُفّي أبو الشيخ فيما ذكر أبو نُعَيم في سَلْخِ الْمُحَرَّم من السنة.
عبد الرحمن بن أحمد بن حَمْدَوَيْهِ، أَبُو سعيد النَّيْسَابُوري المقرئ المؤذّن.
كان [2] خيُرًا مجتهدًا من أولاد المحدّثين.
حجّ به أبوه سنة ثلاثمائة، وجاور به، فسمّعه من: أحمد بن زيد بن هارون القزّاز صاحب إبراهيم بن المنذر الحرامي، ومن جماعة، ثم رجع وسمع من عبد الله بن شِيَرَوَيْه، ومحمد بن شادل، والسّرّاج، وابن خُزَيْمَة، وببغداد من البَغَوِي، وجماعة.
وخرّج له الحاكم فوائد، وحدّث بأصبهان وبالبصرة وغيرهما.
روى عنه: الحاكم، وأبو حفص بن مسرور.
عبد الرحمن بن عبيد الله بن موسى [3] ، أبو [4] المطرَّف بن الزّامر القُرْطُبي.
سمع: أحمد بن يحيى بن الشامة، ووهب بن مسرّة، ومحمد بن
__________
[1] قرآن كريم- سورة الزّمر- الآية 74.
[2] في الأصل «كأنه» .
[3] تاريخ علماء الأندلس 1/ 264 رقم 801.
[4] ساقطة من الأصل.

(26/420)


معاوية القُرَشي، وخلقًا، ورحل فسمع من الآجُريَّ [1] وطبقته، وكان كثير الجمع للحديث.
عاش خمسين سنة.
عبد العزيز بن محمد بن الحسن بن محمد التّميمي الْجَوْهَري، أبو محمد قاضي الصعيد.
روى عن: ابن زبان، وأبي جعفر الطّحاوي.
عبيد الله بن العبّاس بن الوليد [2] بن مسلم، أبو أحمد الشَّطَوي [3] .
بغداديّ ثقة.
سمع: عبد الله بن ناجية، وإبراهيم بن موسى الْجَوْزي، وأحمد بن حسن الصُّوفي.
وعنه: أبو العلاء الواسطي، وعلي بن عبد العزيز الظّاهري، ومحمد بن عمر بن بكير، وأبو علي بن دُوما.
وقال ابن أبي الفوارس: تُوُفّي في شوّال، وكان فيه تَسَاهُل.
علي بن حفص الأَرْدُبيلي [4] الحافظ.
سمع: الحسن بن علي الطُّوسي، ومحمد بن إبراهيم الأصبهاني، وجماعة.
وكان حافظا كأبيه.
__________
[1] الآجرّي: بفتح الألف الممدودة وضم الجيم وتشديد الراء المهملة، نسبة إلى عمل الآجرّ وبيعه. (اللباب 1/ 18) وفي الأصل «الأخرى» والتصويب من ابن الفرضيّ حيث قال:
«ورحل فسمع بمكة من أبي بكر الآجري» .
[2] تاريخ بغداد 10/ 359 رقم 5516.
[3] الشطوي: بفتح الشين المعجمة والطاء المهملة وفي آخرها واو. نسبة إلى الثياب الشطوية وبيعها، وهي منسوبة إلى شطا من أرض مصر. (اللباب 2/ 196، الأنساب 7/ 336) .
[4] الأردبيلي: بفتح الألف وسكون الراء وضم الدال المهملة وكسر الباء الموحّدة وسكون الياء المنقوطة من تحتها وفي آخرها اللام.. نسبة إلى بلدة أردبيل من أذربيجان. (اللباب 1/ 41) وقال ياقوت بفتح الدال. (معجم البلدان 1/ 145) .

(26/421)


عمر بن أحمد بن السّرّاج [1] الشاهد، أبو حفص، بغداديّ ثقة.
أخذ عن: أبي بكر بن الأنباري.
عمر بن أحمد بن يوسف [2] ، أبو حفص البغدادي، وكيل الخليفة المُتَّقي للَّه، يُعرف بأبي نُعَيم.
روى عن: أحمد بن الحسن الصُّوفي، وغيره.
روى عنه: أبو الفتح بن أبي الفوارس، وبشري الْفَاتني.
وثّقه الخطيب.
محمد بن أحمد بن جعفر، أبو عمر الأَرْغِيَاني [3] المؤذّن. ثقة.
حدّث بسمرقند: عن أبي العبّاس السّرّاج، وعلي بن الفضل البلْخي.
وعنه: أبو سعيد الإدريسي.
تُوُفّي بسَمَرْقَنْدَ فِي ذي القِعْدَة.
مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن حامد بن حميرويه، أبو أحمد النَّيْسَابُوري الكرابيسي الحافظ.
سمع: السّرّاج، ومُؤمّل بن الحسن، وطبقتهما، ورحل فسمع من أبي حاتم، وأبي عُقْدَةَ، وطبقتهما.
قال الحاكم: كان يرجع إلى معرفة وفَهْم. سمع الكثير، وصنّف وثنا [4] .
تُوُفّي في صفر.
محمد بن أحمد بن حامد، أبو جعفر بن المُيَتَّم البغدادي، مولى الهادي.
__________
[1] تاريخ بغداد 11/ 258 رقم 6015.
[2] تاريخ بغداد 11/ 257 رقم 6013.
[3] الأرغياني: بفتح الألف وسكون الراء وكسر الغين المعجمة وفتح الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وفي آخرها النون. نسبة إلى أرغيان وهي اسم لناحية من نواحي نيسابور. (معجم البلدان 1/ 153، اللباب 1/ 43) .
[4] كذا في الأصل.

(26/422)


قال ابن [أبي] الفوارس: كتبنا عنه، عن الفِرْيابي، وغيره، وكان لا بأس به، وكان فيه دُعابة.
تُوُفّي في شوّال.
محمد بن سُليمان بن محمد [1] بن سُليمان بن هارون، الإمام أبو سهل الحنفي العجلي الصُّعْلُوكي النَّيْسَابُوري.
الفقيه الشّافعي الأديب اللُّغَوي المتكلّم المفسّر النّحوي الشّاعر المفتي الصُّوفي، حَبْرُ زمانه بقيّة أقرانه. هذا قول الحاكم فيه.
وقال: وُلد سنة ست وتسعين ومائتين، وأوّل سماعه سنة خمسٍ وثلاثمائة. واختلف إلى أبي بكر بن خُزَيْمَة، ثم إلى أبي علي محمد بن عبد الوهاب الثَّقَفي، وناظَرَ وبرع، ثم استُدْعى إلى أصبهان، فلما بلغه نعيُّ عمّه أبي الطّيّب، خرج متخفّيا، فورد نيسابور سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة، ثم نقل أهله من أصبهان، وأفتى ودرّس بنَيْسَابور نيّفًا وثلاثين سنة.
سمع: ابن خُزَيْمَة، وأبا العبّاس السّرّاج، وأبا العبّاس أحمد بن محمد الماسَرْجِسي، وأبا قريش محمد بن جمعة، وأحمد بن عمر المحمداباذي، وبالرّيّ أبا محمد بن أبي حاتم، وببغداد إبراهيم بن عبد الصمد، وأبا بكر بن الأنباري، والمَحَاملي.
وكان يمتنع من التحديث كثيرًا إلى سنة خمسٍ وستّين، فأجاب للإملاء. وقد سمعت أبا بكر بن إسحاق الضُّبَعي غير مرّة يعود الأستاذَ أبا
__________
[1] طبقات الشافعية الكبرى 3/ 167، طبقات الشافعية لابن هداية الله 92، الوافي بالوفيات 3/ 124، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 241، يتيمة الدهر 4/ 384، مفتاح السعادة 2/ 177، شذرات الذهب 3/ 69، النجوم الزاهرة 4/ 136، وفيات الأعيان 4/ 204 رقم 578، طبقات الصوفية 344، العبر 2/ 352، مرآة الجنان 2/ 393، طبقات الفقهاء 95، طبقات المفسرين 2/ 147 رقم 495، دول الإسلام 1/ 228، الرسالة القشيرية 150، طبقات العبّادي 99، الأنساب 8/ 63، تبيين كذب المفتري 183- 188، اللباب 2/ 242، طبقات الأولياء 215، 216، سير أعلام النبلاء 16/ 235- 239 رقم 168، الفلاكة والمفلوكون 137، 138.

(26/423)


سهل ويقول: بارك الله فيك لا أصابك العين. وسمعت أبا منصور الفقيه يقول: سئل أبو الوليد الفقيه عن أبي بكر القفّال وأبي بكر الصّعلوكي أيّهما أَرْجَح؟ فقال: ومن يقدر أن يكون مثل أبي سهل.
وقال الصّاحب إسماعيل بن عبّاد: ما رأينا مثل أبي سهل، ولا رأي مثل نفسه.
وقال الحاكم أبو عبد الله: أبو سهل مفتي البلدة وفقيهها، وأَجْدل من رأينا من الشّافعيّين بخُراسان، ومع ذلك أديب، شاعر، نَحْوِيّ، كاتب، عَرُوضِيّ، مُحِبٌّ للفقراء.
وقال أبو إسحاق الشّيرازي [1] : أبو سهل الصّعلوكي الحنفي من بني حنيفة، صاحب أبي إسحاق المَرْوَزي، مات في آخر سنة تسعٍ وستّين، وكان فقيهًا، أديبًا، شاعرًا، متكلمًا، مفسّرًا، صوفيًّا، كاتبًا. وعنه أخذ ابنه أبو الطّيّب، وفُقَهاء نَيْسَابُور.
قلت: وهو صاحب وجه، ومن غرائبه أنّه قال: إذا نوى غسْلَ الْجَنَابة والجمعة معًا لا يجزئه لواحد. وقال بوجوب النّية لإزالة النّجاسة.
وقد نقل الماوَرْدِيّ، وأبو محمد البَغَوِي للإجماع أنّها لا تُشْتَرَط.
وقال [أبو] العبّاس الفَسَوي: كان أبو سهل الصّعلوكي مُقَدَّمًا في علم الصُّوفيّة، صحِب الشِّبْلِيَّ، وأبا علي الثقفي، والمُرْتَعِش، وله كلام حَسَنُ في التّصوُّف.
قلت: مناقبه جمّةٌ، ومنها ما رواه القُشَيْري أنّه سمع أبا بكر بن فورك يقول: سئل الأستاذ أبو سهل عن جواز رؤية الله بالعقل، فقال: «الدليل عليه شوق المؤمنين إلى لقائه، والشوق إرادة مُفْرِطة، والإرادة لا تتعلّق بمُحَال» .
وقال السُّلَمي [2] : سمعت أبا سهل يقول: ما عقدت على شيء قطّ، وما
__________
[1] طبقات الفقهاء 120 في ترجمة «أبو الطيب سهل بن محمد.. الصعلوكي» .
[2] القول ليس في طبقاته، وهو في طبقات الأولياء 215.

(26/424)


كان لي قُفْلٌ ولا مفتاح، ولا صَرَرْتُ على فضّة ولا ذهب قطّ.
وسمعته يُسأَل عن التّصوُّف فقال: الإعراض عن الاعتراض [1] .
وسمعته يقول: من قال لشيخه: «لِمَ» ، لا يفلح أبدًا [2] .
وقد حضر أبو القاسم النَّصْراباذي وجماعة، وحضر قوّال، فكان فيما عني به، هذا:
جعلت تَنَزّهي نظري إليكا.
فقال النَّصراباذي: «جعلت» ، فقال أبو سهل: بل جعلتُ، فرأينا النّصراباذاي ألْطَفَ قولا منه في ذلك، فرأى ذلك فينا، فقال: ما لنا وللتفرقة، أليس يمين الجمع أحقّ؟ فسكت النَّصْراباذي ومن حضر.
وقال لي أبو سهل: أقمت ببغداد سبع سنين، فما مرّت بي جمعة إلّا ولي علي الشّبلي وقفة أبو سؤال، ودخل الشِّبْلِيُّ على أبي إسحاق المَرْوَزي فرآني عنده، فقال: ذا المجنون من أصحابك؟ [قال] : لا بل من أصحابنا.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ أَحْمَدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ بن تاج الأُمَنَاءِ، أنا محمد بْنُ يُوسُفَ الْحَافِظُ، أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي الْقَاسِمِ الشِّعْرِيِّ أَخْبَرَتْهُ.
(ح) [3] وَأَنَا أَبُو الْفَضْلِ، أَنَّهَا كَتَبَتْ إِلَيْهِ تُخْبِرُهُ، أَنَّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ أَبِي الْقَاسِمِ أَخْبَرَهَا، نا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَسْرُورٍ، ثنا أَبُو سَهْلٍ محمد بْنُ سُلَيْمَانَ الْحَنَفِيُّ إِمْلاءً، ثنا أَبُو قُرَيْشٍ الْحَافِظُ، ثنا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ نَضْلَةَ، نا مَالِكٌ، عَنْ سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ، وَالْكَافِرُ يأكل في سبعة أمعاء» [4] .
__________
[1] في الأصل «الأغراض» . والقول في الرسالة القشيرية 166، وطبقات الأولياء 215.
[2] في الأصل «ان را» . والقول في: طبقات الشافعية للسبكي 2/ 162 وطبقات الأولياء 215، وهذا قول متزمّت لا يقرّه المنطق، إذا كان التلميذ يسأل مستوضحا شيخه في مسألة شرعية ليبيّن له الحلال والحرام.
[3] إشارة لتحويلة السند.
[4] أخرجه البخاري في الأطعمة 12، والترمذي في الأطعمة 20، وأبو داود في الأطعمة 13 وفي الوصايا 1، والإمام مالك في الموطأ، باب صفة النبي 9، والإمام أحمد في مسندة 2/ 21 و 43 و 74 و 145.

(26/425)


وبهذا الإسناد إلى ابن مسرور. قال: أنشدنا أبو سهل لنفسه:
أنام على سَهْوٍ وتبكي الحمائم ... وليس لها جرم ومنّي الجرائم
كذبتُ وبيتٍ الله لو كنتَ عاقلًا ... لما سبقتني بالبكاء الحمائم [1]
وقال الحاكم: سمعت الأستاذ أبا سهل ودفع إليه مسألة، فقرأها علينا، وهي:
تمنَّيتُ شهرَ الصَّوْمِ لا لِعبادةٍ ... ولكنْ رجاءَ أنْ أرى ليلةَ القَدْرِ
فأدعوا له النَّاس دعوة عاشقٍ ... عسى أن يُريحَ العاشقين من الهجْر
فكتب أبو سهل في الحال:
تمنّيت ما لو نلته فَسَدَ الهَوَى ... وحلّ به للحين قاصمة الظَّهْر
فما في الهَوَى طبٌّ ولا لَذَّةٌ سوى ... مُعَاناةِ ما فيه يُقاسي من الهجْرِ
قال الحاكم: فتُوُفّي أبو سهل في ذي القعدة سنة تسعٍ وستين بنَيْسَابور.
محمد بن صالح بن علي [2] بن يحيى بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد الله ابن عِيسَى بْنُ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ بْن عَبْد اللَّه بن العبّاس القاضي، أبو الحسن الهاشمي العبّاسي البغدادي، الكوفيّ الأصل، المعروف بابن أمّ شَيْبَان قاضي بغداد.
سمع: عبد الله بن زيدان [3] البَجَلي، ومحمد بن عُقْبَة.
وروى عنه: أبو بكر البرقاني، وغيره.
__________
[1] البيتان في طبقات الشافعية للسبكي 3/ 171، والوافي بالوفيات 3/ 124، وطبقات المفسرين للداوديّ 2/ 151.
[2] تاريخ بغداد 5/ 363- 365 رقم 2889، المنتظم 7/ 102 رقم 135، العبر 2/ 352، 353، البداية والنهاية 11/ 296، شذرات الذهب 3/ 70، دول الإسلام 1/ 228، النجوم الزاهرة 4/ 137، الوافي بالوفيات 3/ 156 رقم 1113، كتاب الولاة وكتاب القضاة 72، 73، رفع الإصر 107 ب، سير أعلام النبلاء 16/ 226، 227 رقم 160.
[3] في الأصل «زيد» .

(26/426)


وولّي القضاء سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة، وقدم بغداد من الكوفة مع أبيه وأخيه القاضي محمد الّذي مرّ بعد ثلاثمائة. وقرأ على ابن مجاهد، ثم صاهَرَ أبا عمر محمد بن يوسف القاضي على بنت بنته.
قال طلحة بن جعفر: هو رجلّ عظيمُ القَدْر، واسعُ العلم، كثيرُ الطلب، حَسَنُ التّصنيف، ينظر في فنون، متوسّطٌ في مذهب مالك. قال: ولا أعلم هاشميًّا تقلّد قضاء بغداد غيره، جُمعت له بغداد، ثم قُلّد معها قضاء مصر، وقطعة من الشام [1] .
وقال ابن أبي الفوارس: كان نبيلًا فاضلًا، ما رأينا في معناه مثلَه، وفي الصدق نهاية [2] .
ولد سنة ثلاثٍ وتسعين ومائتين. قال: وتُوُفّي فجأة لِلَيْلَةٍ من جُمادى الأولى.
قلت: كان من خِيار القُضاة في زمانه مع الشَّرف والعِلْم.
محمد بن عبد الرحمن بن سهل [3] بن مَخْلَد، أبو عبد الله الأصبهاني الغَزَّال. محدّث رحّال جوّال.
[سمع] [4] عَبْدان الأَهوازي، ومحمد بن زبان بن حبيب، وعلي بن أحمد علان، والقاسم بن عيسى القصّار الدمشقي، وطبقتهم.
وعنه: أبو بكر بن أبي علي الذّكْواني، وأبو نُعَيم الأصبهاني، وقال: هو أحد من يُرْجَعُ إلى حِفْظٍ وَمَعْرفة، وله مصنّفات.
تُوُفّي في ذي الحجّة.
__________
[1] تاريخ بغداد 364.
[2] تاريخ بغداد 5/ 364.
[3] ذكر أخبار أصبهان 2/ 294، تذكرة الحفاظ 2/ 964، 965 رقم 905، سير أعلام النبلاء 16/ 217 رقم 150، طبقات الحفّاظ 385، شذرات الذهب 3/ 47، هدية العارفين 2/ 49.
[4] إضافة على الأصل من التذكرة.

(26/427)


وروى عنه أيضًا: أبو سعد الماليني، وأبو بكر أحمد بن الحارث الأصبهاني، وطائفة.
وله تصانيف في القراءات والحديث.
محمد بن علي بن الحسن [1] بن أحمد، أبو بكر النّقّاش الحافظ المصري نزيل تنّيس.
وُلد سنة اثنتين وثمانين ومائتين، وهو راوي نسخة فُلَيْح.
تُوُفّي في شعبان.
روى عن: محمد بن جعفر الإمام نزيل دِمْياط صاحب إسماعيل بن أبي أُوَيْس، وأحد شيوخ النَّسَائي أيضًا، وأبي عبد الرحمن النّسَائي، وأبي يعقوب إسحاق المنْجَنيِقي. ورحل من مصر، فسمع بدمشق جماهر بن محمد الزّملكاني، وببغداد عمر بن أبي غيلان، ومحمد بن أبي صالح بن ذَرِيح، وبالمَوْصِل أبا يَعْلَى، وبالأهواز عبدان، في خلقٍ سواهم.
وعنه: الدَارقُطْنيّ، والحسين بن جعفر الكاملي، ويحيى بن علي الطّحّان، وعلي بن إبراهيم بن علي الغازي، والحسن بن جماعة الإسْكَنْدَرَاني، وعلي بن الحسين بن جابر التنّيسي القاضي، وغيرهم. ورحل إليه الدَارقُطْنيّ إلى تنّيس.
تُوُفّي النّقّاش رابع شعبان، وكان أحد أئمّة الحديث.
محمد بن محمد بن إسماعيل، أبو نصر الكرابيسي النَّيْسَابُوري.
يروي عن: علي بن عَبدان، وابن الشّرقي.
ما كأنّه شاخ.
محمد بن المهلّب بن محمد، أبو بكر المصري الصَّيْدلاني العدل.
تُوُفّي في صفر، وله مائة وتسع سنين.
__________
[1] العبر 2/ 353، شذرات الذهب 3/ 70، تذكرة الحفاظ 2/ 957- 959 رقم 902، النجوم الزاهرة 4/ 137، الوافي بالوفيات 4/ 114، 115 رقم 1604، حسن المحاضرة 148، بدائع الزهور ج 1 ق 1/ 194.

(26/428)


محمد بْن يحيى بْن عَبْد العزيز [1] ، أَبُو عَبْد الله القرطبي بن الخرّاز.
سمع: محمد بن عمر بن لُبَابة، وعمر بن حفص، وأسلم بن عبد العزيز، وأحمد بن خالد، وجماعة.
ووُلّي قضاء طُلَيْطِلَة وباجة، ووُلّي الصلاة بقُرطُبَة، وزَمِن [2] في الآخر سبعة أعوام، فأكثروا عنه.
قال ابن الفَرَضي [3] : لزِمتُهُ عامًا، وكان ثقة مأمونًا. تُوُفّي في شوال.
مَخْلَد بن جعفر بن مَخْلَد [4] بن سُهَيْلٍ، أَبُو علي الفارسي الدّقّاق الباقَرْحي [5] .
سمع: يحيى بن محمد البحتري، ويوسف القاضي، ومحمد بن يحيى المَرْوَزي، والحسن بن علويّه، وأبا العبّاس بن مسروق، وأحمد بن يحيى الحَلَواني.
وله مَشْيَخَةٌ سمعناها.
روى عنه: أبو الفتح بن أبي الفوارس، وأبو نُعَيم، وأبو العلاء الواسطي، ومحمد بن علي العلاف، ومحمد بن الحسين بن بكير.
قال أحمد بن علي البَادَا: كان ثقةً صحيحَ السّماع، غير أنّه لم يكن يعرف شيئا من الحديث.
__________
[1] تاريخ علماء الأندلس 2/ 79 رقم 1325، جذوة المقتبس 99 رقم 166، بغية الملتمس 145 رقم 315.
[2] زمن: ابتلي بمرض مزمن.
[3] تاريخ علماء الأندلس 2/ 79.
[4] تاريخ بغداد 13/ 176 رقم 7155، العبر 2/ 354، شذرات الذهب 3/ 70، النجوم الزاهرة 4/ 137، الأنساب 2/ 50، ميزان الاعتدال 4/ 82، سير أعلام النبلاء 16/ 254، 255 رقم 177، لسان الميزان 5/ 87.
[5] الباقرحي: بفتح الباء والقاف وسكون الراء وفي آخرها الحاء المهملة. نسبة إلى باقرح، وهي قرية من نواحي بغداد. (اللباب 1/ 112) .

(26/429)


وقال ابن أبي الفوارس: كان له [أصول] [1] كثيرة عن الفِرْيابي، ويوسف القاضي، وغيرهما جياد بخطّه.
وقال أبو نُعَيم: بَلَغَنَا أنّه خَلّط بعد سفري.
وقال أبو الحسن محمد بن العبّاس بن الفُرَات: كان مخلد بن جعفر أصولُهُ صحيحة، ثم إنّ ابنه حمله في آخر عمره على ادّعاء أشياء، منها «المغازي» عن المروزي، و «المبتدأ» عن ابن علوية، و «تاريخ الطبري» الكبير، وغير ذلك، فشَرِهَتْ نفسه إلى [ذلك] [1] وقبل منه، واشترى [له] [1] هذه الكتب، فحدّث بها، فانْهَتَكَ.
وقال ابن أبي الفوارس: حدّث بالتاريخ والمبتدأ من كتاب ليس فيه سماع له، أسأل الله السَّتْرَ الجميل، ولعلّ أنّه ظنّ أنّ هذا يجوز عند أصحاب الحديث، إذا سمع كتابًا معروفًا أن يقرأه من كتاب غيره. قال: وتُوُفّي لِلَيْلَةٍ بقيت من ذي الحجّة [2] .
يحيى بن يعقوب بن حامد، أبو زكريّا القَزْويني البزّاز.
سمع: محمد بن أيّوب بن الضُّرَيْس، وأبا خليفة الْجُمَحي، وعمر بن إسماعيل بن أبي غيلان.
وكان فقيهًا مالكيّ المذهب. عاش دهرًا.
أحسبه تُوُفّي بقزوين.
__________
[1] ساقطة أضفناها على الأصل اعتمادا على تاريخ بغداد.
[2] تاريخ بغداد 13/ 177.

(26/430)


[وَفَيَات] سنة سبعين وثلاثمائة
أحمد بن سعيد [1] ، أبو الحسين البغدادي الذَّهبي وكيل دعلج.
روى عن: جعفر الجلدي، وأبي مزاحم موسى بن عبيد الله الخاقاني، وعبد الكريم بن النّسَائي، سمع منه كتاب والده في الضُّعفاء، وسمع من هذا الشيخ أبو الحسن الدَارقُطْنيّ هذا الحديث:
وروى عنه: عبد الغني بن سعيد، وأبو بكر البَرْقاني.
وذكر البَرْقاني أنّه كان فاضلًا، وتُوُفّي بطريق مكة.
أحمد بن عبد الكريم الحلبي راوي جزء الرافعي عنه.
روى عنه: المسدّد الأَمْلُوكي [2] ، وغيره.
أحمد بن علي، أبو بكر الرّازي [3] ، العلامة صاحب التصانيف، وتلميذ
__________
[1] تاريخ بغداد 4/ 172 رقم 1854.
[2] الأملوكي: بضم الألف وسكون الميم وضم اللام وفي آخرها كاف. نسبة إلى أملوك، بطن من ردمان. (اللباب 1/ 84) .
[3] طبقات الفقهاء للشيرازي 144، الفهرست 208، الجواهر المضيّة 1/ 84، تاريخ بغداد 4/ 314 رقم 2112، المنتظم 7/ 105 رقم 138، العبر 2/ 354، البداية والنهاية 11/ 297، الكامل في التاريخ 9/ 9، شذرات الذهب 3/ 71، تذكرة الحفاظ 3/ 959، تاج التراجم 6، الفوائد البهيّة 27، طبقات المفسرين 55 رقم 50 وفيه «توفي في العشر الأول

(26/431)


أبي الحسن الكَرْخي، وإليه انتهت رئاسة الحنفية ببغداد، وعنه أخذ فقهاؤها.
وكان مشهورًا بالزُّهْدِ وَالفقه.
عُرِض عليه قضاء القضاة فامتنع منه.
روى في تصانيفه عن: أبي العبّاس الأصمّ، وعبد الباقي بن قانع، والطّبراني.
وعاش خمسًا وستّين سنة. قدم بغداد في صباه وسكنها. وتصانيفه تدلّ على حِفْظه للحديث وبصره به. وكان رأسًا في الزّهد.
قال أبو بكر الخطيب: [1] ثنا أبو العلاء الواسطي قال: لما امتنع القاضي أبو بكر الأبهري المالكي من أن يَلِيَ القضاء قالوا: فمن يَصْلُح؟ قال: أبو بكر الرّازي. وكان الرّازي يزيد حاله على منزلة الرّهبان في العبادة- فأُريد للقضاء فامتنع، وكان يميل إلى الاعتزال. وفي تصانيفه ما يدلّ على ذلك في مسألة الرؤية وغيرها.
وتُوُفّي في [ذي] [2] الحجّة، وعاش خمسًا وستّين سنة. قدم بغداد في صباه.
أحمد بن محمد بن بشر [3] ، أبو بكر بن الشّارب، المقرئ.
قرأ برواية قُنْبُل على: أبي بكر محمد بن موسى بن محمد الهاشمي الزَّينَبِي صاحب قُنْبُل.
قرأ عليه: أبو العلاء محمد بن علي الواسطي ومحمد بن الحسين الكارزيني.
__________
[ () ] من ذي الحجة سنة ست وسبعين وثلاث مائة» . مفتاح السعادة 2/ 7، 8، تاريخ التراث العربيّ 2/ 95، 96 رقم 23، سير أعلام النبلاء 16/ 340، 341 رقم 247، الوافي بالوفيات 7/ 241، النجوم الزاهرة 4/ 138، هدية العارفين 1/ 66، طبقات الأصوليين 1/ 203- 205.
[1] تاريخ بغداد 5/ 463.
[2] ساقطة من الأصل.
[3] تاريخ بغداد 4/ 401 رقم 2301.

(26/432)


تُوُفّي في المحرّم.
أحمد بن محمد، أبو العبّاس [1] الدّارمي المَصَّيصي، الشّاعر المشهور بالنّامي، أحد شعراء سيف الدّولة الخَوَاصّ، وكان تِلْوَ المتنبّي في الرّتبة عند سيف الدّولة.
وكان عارفا باللّغة. أملى آدابًا بحلب عن: علي بن سليمان الأخفش، وابن دَرَسْتَوَيْهِ الْفارسي، وأبي بكر الصُّولِيِّ، وجماعة.
روى عنه: أبو القاسم الحسين بن علي بن أسامة الحلبي، وأبو الحسين أحمد بن علي أخوه، [و] أبو بكر الخالدي، والقاضي أَبُو طاهر صالح بن جعفر الهاشمي.
وله في سيف الدّولة:
أميرَ العُلَى أنّ العَوَالي كواسبُ ... عَلاءكَ في الدُّنيا وفي جنّة الخُلْدِ
يمرُّ عليك الحَوْلُ سيفُك في الطّلى ... وطرْفُكَ ما بين الشّكيمة واللْبد
ويمضي عليك الدّهر فعلُك للعُلى ... وقولُك للتَّقْوَى وكفُّك للرُفْدِ [2]
وله مع المتنبّي وقائع ومعارضات في الأناشيد، وليس هو من رجال المتنّبي، ولكنّه شاخ، وبقي شيخ الأُدباء بالشام.
ذكر أبو الخَطَّاب بن عَوْن قال: دخلت عليه فوجدت رأسه كالثُغَامة بياضًا، وفيه شعرة واحدة سوداء، فقلت له: يا سيّدي في رأسك شعرة سوداء، فقال: نعم هذه بقية شبابي وأنا أفرح بها، ولي فيها:
رأيتُ في الرأس شعرةً بَقِيَتْ ... سوداءَ تَهوى العيونُ رؤيتهَا
فقلتُ للبيضِ إذ تُروَّعها ... باللَّه إلّا رحمتِ غربتها
فَقَلَّ لَبْثُ السوداء في وطَنٍ ... تكونُ فيه البيضاء ضرّتها [3]
__________
[1] يتيمة الدهر 1/ 190- 197، وفيات الأعيان 1/ 125 رقم 51، الوافي بالوفيات 8/ 96 رقم 3520.
[2] الأبيات في وفيات الأعيان 1/ 126.
[3] الأبيات في وفيات الأعيان 1/ 126.

(26/433)


ثم قال لي: بيضاء واحدة تروّع ألف سوداء فكيف حال سوداء بين ألف بيضاء.
وتُوُفّي النامي عن تسعين سنة. وشعره قليل كان بطيء الخاطر، ربّما بقي أشهرًا في عمل القصيدة. وكان يَحْدُثُ لسيف الدّولة الحادثة أو الفتح فيُهَنّيه بذلك بعد أشهر.
والمَصّيصة مجاورة لطرسوس على ساحل بحر الرُّوم، بناها صالح بن علي عمّ المنصور سنة أربعين ومائة، وهي اليوم بيد صاحب سيس [1] .
أحمد بْن محمد بْن هارون [2] ، أبو بَكْر الرّازي الدَّيْبُلي.
ذكر أنّه قرأ القرآن بحرف عاصم على حسنون بن الهيثم الدُّوَيْري صاحب هُبَيْرَة، وسمع من إبراهيم بن شريك، وجعفر الفِرْيابي.
ومولده سنة خمسٍ وسبعين ومائتين.
قال أبو العلاء الواسطي: قرأت عليه القرآن، وختمت عليه في جُمادي الآخرة سنة سبعين، وتُوُفّي لسبْعٍ بقين من رجب في السنة. وقال لي: قرأت على حسنون في سنة ثمانٍ وثمانين، وسنة تسعٍ وثمانين ومائتين، ثلاث ختْمات. وتُوُفّي سنة تسعين.
وسمع منه: أبو العلاء، وأبو علي بن دُوما. وكان يكون بالحربية.
أحمد بن منصور بن الأغَرّ [3] اليَشْكري [4] الدِّينَورِي.
سكن بغداد، وروى عن: أبي بكر بن أبي داود، وابن دُرَيْد، والصّولي. والغالب عليه الأخبار.
__________
[1] في الأصل «تنيس» ، و «سيس» : بكسر السين وسكون الياء. أحدثها بعض خدّام الرشيد وسمّاها سيسية، وبينها وبين عين زربة 24 ميلا، وكذلك بينها وبين المصّيصة. (تقويم البلدان 257) .
[2] تاريخ بغداد 5/ 113 رقم 2523.
[3] تاريخ بغداد 5/ 154 رقم 2593، العبر 2/ 355، شذرات الذهب 3/ 7.
[4] اليشكري: بفتح الياء وسكون الشين وضم الكاف وبعدها راء نسبة إلى يشكر بن وائل.
(اللباب 3/ 413) .

(26/434)


أدّب الأمير حسن بن عيسى بن المقْتدر فسمع من اليَشْكُرِيّات.
إبراهيم بن ثابت [1] ، الزّاهد القُدْوَة، أبو إسحاق الدّعّاء، بغداديّ كبير، لقي الْجُنَيْد، وحفظ عنه:
حكى عن: يوسف القوّاس، وعلي بن الحسن القزويني، وغيرهما.
قال السلَمي [2] : لقي الْجُنَيْدِ وَصَحب المشايخ، وكان من أورع الشيوخ وأزهدهم وألزمهم لطريقة الشريعة. قلت له: أوَصِني، قال: دع ما تندم عليه.
وقال هلال بن المحسّن: بلغ المائة، ومات في صفر سنة سبعين.
إبراهيم بن جعفر [3] ، أبو محمود [4] الكُتامي المغربي، أحد قُوّاد المُعِزّ.
قدم دمشق مقدّمًا على جيوش المصريين في رمضان سنة ثلاثِ وستّين، فرحّل عن دمشق ظالمًا العُقَيْلي، واستعمل على البلد جيش بن الصَّمْصامة ابن أخيه، ثم عزله وولّي غيره، وعزله أيضًا، حتى قدم ريّان الخادم [5] بعزْلِ أَبي محمود، وجرت بين أبي محمود وبين الدماشقة حروب كثيرة وفِتَن وأراجيف، فخرج إلى طبريّة، ثم إنّه ولي دمشق بعد حُمَيْدان العُقَيْلي وكان بها قَسَّام، وقد قوي بها وله أتباع وجُمُوع، فلم يكن لأبي محمود الكُتَامي معه أمر، وبقي ذليلًا مُسْتَضْعَفًا مع قسّام، وكان ضعيف العقل سيّئ التدبير.
تُوُفّي في صفر سنة سبعين.
إسحاق بْن محمد بْن إِسْحَاق [6] بْن إبراهيم بْن مُطرَّف، أبو بكر النَّضري الأندلسي من أهل إستجة.
__________
[1] تاريخ بغداد 6/ 49 رقم 3072 وقد مرّت ترجمته في وفيات السنة الماضية.
[2] انظر ترجمته السابقة.
[3] الكامل في التاريخ 9/ 9، الوافي بالوفيات 5/ 340 رقم 2410، أمراء دمشق 3 رقم 1.
[4] في الأصل «أبو محمد» والصحيح ما أثبتناه.
[5] كان نائبا للفاطميين على طرابلس. انظر: تاريخ طرابلس السياسي والحضاريّ (من تأليفنا) - طبعة ثانية- ج 1/ 262، 263.
[6] تاريخ علماء الأندلس 1/ 72 رقم 236.

(26/435)


سمع محمد بن عبد الملك بن أيمن.
وكان نَحْوِيًّا لُغَويًّا شاعرًا بليغا فصيحًا.
تُوُفّي في شعبان.
إسماعيل بن القاسم بن إسماعيل، أبو القاسم الحلبي.
حدّث في هذه السنة بحمص في ذي القعدة عن: علي بن عبد الحميد الغضائري، ويعقوب بن إسحاق العسقلاني، وأبي أحمد العبّاس بن الفضل المكّي، ويحيى بن علي الكنْدي، وأبي عبد الله محمد بن يزيد الدَّوْرَقِي، لقيه بطَرَسُوس وحدّثه عن بِشْرِ بن معاذ، وغيره.
روى عن: المسدّد بن علي الأُمْلُوكي.
بِشْرِ بْن أحمد بن بِشْرِ [1] بْنِ محمود، أبو سهل الإسْفراييني الدَّهْقَان، شيخ تلك النّاحية في عصره، أحد المذكورين بالشَّهامة.
سمع: محمد بن محمد بن رجا، وأحمد بن سهل، وجعفر السّاماني، وإبراهيم بن علي الذُّهْلي، ورحل إلى الحسن بن سُفْيان فقرأ عليه المُسْنَد، وسمع ببغداد: محمد بن يحيى المَرُوزي، وعبد الله بن ناجية، والفِرْيابي، وسمع بالموصل من أبي يَعْلَى مُسْنَدَه، وأملى زمانًا.
قال الحاكم: انتخبتُ عليه وأملي زمانًا من أصولٍ صحيحة.
روى عنه: العلاء بن محمد بن سعيد، وشريك بن عبد الملك المهرجاني، ومحمد بن حُميْمٍ الْفقيه، ومحمد بن محمد بن أبي المعروف، [وهم من] [2] شيوخ البيهقي، وعمر بن أحمد بن مسرور الزّاهد.
تُوُفّي في شوال وله ستٌّ وتسعون سنة.
الحسن بن إسحاق بن إبراهيم [3] بن زيد، أبو محمد الأصبهاني المعدّل.
__________
[1] العبر 2/ 355، شذرات الذهب 3/ 71، سير أعلام النبلاء 16/ 228، 229 رقم 162، النجوم الزاهرة 4/ 139.
[2] ساقط من الأصل.
[3] ذكر أخبار أصبهان 1/ 273، تهذيب ابن عساكر 4/ 156.

(26/436)


رحل وحدّث عن العراقييّن والشّاميّين.
قال أبو نُعَيم: كثير الحديث، له معرفة وإتقان [1] ، ثنا عن محمد بن سعيد البُرجُمي [2] الحمصي، وعمر بن سهل، والحسن بن علي الشعراني الطَّبَراني.
وعنه أبو بكر، وأبو نُعَيم، وآخرون.
الحسن بن بِشْرِ بْنِ يحيى [3] ، أبو القاسم الآمدي النَّحْوي الكاتب.
سمع من إبراهيم بن عَرَفة نَفْطَوَيْهِ النّحوي وغيره، وله كتاب «المختلف والمؤتلف في أسماء الشعراء» وكتاب «نثر المنظوم» وكتاب «الموازنة بين أبي تمّام والبُحْتُرِي» وهو كتاب مشهور. وكتاب «شدّة حاجة المرء إلى أن يعرف نفسه» وكتاب «فعلت وأفعلت» وهو كتاب نفيس في معناه، وكتاب «ديوان شعره» وله سوى ذلك من التّصانيف الأدبية.
ذكره التّنُوخي فقال: وُلد بالبصرة وأخذ ببغداد عن: الأخفش، والزَّجّاج، وابن دُرَيْد، وغيرهم، وانتهت رواية القديم والأخبار في آخر عمره إليه بالبصرة، ومات سنة سبعين وقد ولي قضاء البصرة، وكان من أئمّة الأدب.
الحسن بن رَشيق [4] ، أبو محمد العسكري، عسكر مصر، المعدّل الحافظ.
__________
[1] عبارة أبي نعيم في تاريخه «كثير الحديث صاحب أصول ومعرفة وإتقان» .
[2] في الأصل «الترحمي» .
[3] الكامل في التاريخ 9/ 9، الفهرست 155، معجم الأدباء 8/ 75، معجم البلدان 1/ 67 و 3/ 336 و 4/ 38، إنباه الرواة 1/ 285، بغية الوعاة 1/ 500، الوافي بالوفيات 11/ 407- 409 رقم 585، كشف الظنون 462 و 1447 و 1637 و 1889 و 1928، إيضاح المكنون 1/ 225، الأعلام 2/ 199، معجم المؤلفين 3/ 209.
[4] العبر 2/ 355، شذرات الذهب 3/ 71، تذكرة الحفاظ 2/ 959، 960 رقم 903، غاية النهاية 1/ 212، اللباب 2/ 137، الوافي بالوفيات 12/ 16 رقم 10، ميزان الاعتدال 1/ 490، لسان الميزان 2/ 207، حسن المحاضرة 1/ 148، تاريخ التراث العربيّ 1/ 328، بدائع الزهور ج 1 ق 1/ 194، معجم البلدان 4/ 123، سير أعلام النبلاء

(26/437)


روى عن: أبي عبد الرحمن النَّسَائي، وأحمد بن حمّاد زُغَبَة، وأحمد بن إبراهيم أبي دجانة المَعَافِري، والمفضّل بن محمد الجندي، وعلي بن سعيد بن بشير، ومحمد بن عثمان بن سعيد السّرّاج العنزي، ومحمد بن خالد البرذعي، وأحمد بن محمد بن يحيى الأنماطي، وأبي الرَّقْراق صاحب يحيى بن بكير، وأحمد بن محمد بن عبد العزيز المعلّم، ويموت بن المُزَرَّع، وخلق كثير.
وعنه: الدَارقُطْنيّ، وعبد الغني، وأبو محمد بن النّحّاس، وإسماعيل بن عمرو المَقْبُرِي، ويحيي بن علي بن الطّحّان، ومحمد بن مُغَلَّس الدّاودي، ومحمد بن جعفر بن أبي المذكّر، وعلي بن ربيعة التميمي، وأبو القاسم علي بن محمد الفارسي، ومحمد بن الحسين بن الطّفّال، وآخرون من المصريّين والمغاربة، وأهل الأندلس.
وكان محدّث ديار مصر في زمانه.
قال أبو القاسم يحيى بن الطّحّان في تاريخه: روى عن النّسَائي وأحمد بن حمّاد وخلقٍ لا أستطيع ذِكْرهم، ما رأيت عالمًا أكثر حديثًا منه، قال لي:
وُلدت في صفر سنة ثلاثٍ وثمانين ومائتين، وتُوُفّي في جُمادى الآخرة سنة سبعين.
الحسن بن محمد بن يحيى بن المغيرة، أبو علي الثَّقَفي الْجُرْجاني.
سمع عمران بن موسى بن مجاشع، وأبا بكر ابن خُزَيْمَة، وأبا العبّاس السّرّاج.
وعنه: القاضي أبو بكر الْجُرْجاني، وحمزة السَّهْمي [1] ، وأبو الحسن الحناطيّ.
وقد سمع من البغوي ببغداد.
__________
[16] / 280، 281 رقم 197، طبقات الحفاظ 384، النجوم الزاهرة 4/ 139.
[1] لم يذكره في تاريخ جرجان.

(26/438)


الحسين بن أحمد بن حمدان [1] بن خالويه، أبو عبد الله الهمذاني النَّحْوي اللّغوي.
قدم بغداد فأخذ عن: أبي بكر بن الأنباري وأبي بكر بن مجاهد، وقرأ عليه، وأبي عمر الزّاهد غلام ثَعْلَب، ونفْطَوَيْه، وأبي سعيد السّيرافي، وقيل إنّه أدرك ابن دُرَيْدٍ وَأَخذ عنه. ثم إنّه قدم الشّام وصحِب سيف الدولة بن حمدان، وأدّب بعض أولاده، ونفق شوقه بحلب، واشتهر ذكره، وقصده الطُّلاب من الآفاق.
أخذ عنه: عبد المنعم بن غلبون، والحسن بن سليمان، وغيرهما.
وكان صاحب سنة. وصنّف في اللغة كتاب «ليس» . وكتاب «شرح الممدود والمقصور» وكتاب «أسماء الأسد» ذكر له خمسمائة اسم، وكتاب «البديع في القراءات» وكتاب «الْجُمَل في النّحو» وكتاب «الاشتقاق» وكتاب «غريب القرآن» ، وله مصنّفات سوى ما ذكرنا [2] .
ومات بحلب سنة سبعين، وقيل سنة إحدى وسبعين.
حَكَم بن محمد بن هشام [3] ، أبو القاسم القُرَشي القَيْرَواني المقرئ [4] .
[قرأ القران] [5] بالقَيْروان على الهَوّاري أبي بكر صاحب ابن خيرون،
__________
[1] العبر 2/ 356، مرآة الجنان 2/ 494- 495، البداية والنهاية 11/ 297، شذرات الذهب 3/ 71، نزهة الألباء 230، بغية الوعاة 231، وفيات الأعيان (تحقيق محيي الدين عبد الحميد) 1/ 433، إنباه الرواة 1/ 324، وفيه الحسين بن محمد بن خالويه» ، طبقات الشافعية الكبرى 3/ 269، طبقات القراء لابن الجزري 1/ 237، الفهرست 84، لسان الميزان 2/ 267، معجم الأدباء 4/ 4، يتيمة الدهر 1/ 123، النجوم الزاهرة 4/ 139، طبقات المفسرين 1/ 148، روضات الجنات 237، الفلاكة والمفلوكين 101، المزهر 2/ 421، كشف الظنون 123، 602، 1397، 1454، 1461، 1808، غاية النهاية 1/ 237، الوافي بالوفيات 12/ 323 رقم 303، أعيان الشيعة 25/ 48.
[2] أحصاها القفطي في أنباه الرواة 1/ 325.
[3] تاريخ علماء الأندلس 1/ 121 رقم 377.
[4] في الأصل «المقبري» وهو خطأ.
[5] ما بين الحاصرتين ساقط من الأصل أضفناه نقلا عن تاريخ ابن الفرضيّ.

(26/439)


ثم دخل مصر فجالس بنان [1] الحمال [2] الزّاهد، وسمع من الحسين بن محمد بن داود، وقرأ على قُرّائها، ودخل العراق فقرأ بها القراءات، وصحب أبا عمرو الزّاهد، وقدِم الأندلس، فأكرمه المستنصِر.
وكان فيه صلابةٌ في السنة وإنكارُ على المُبْتَدِعَة. وكان يُقرئ القرآن.
تُوُفّي في ربيع الآخر، عن ثِنْتَين وثمانين سنة.
الزبير بن عبيد الله [3] بن موسى، أبو يَعْلَى التُّوزي البغدادي، نزيل نَيْسَابُور.
وسمع البَغَوِي، وابن صاعد، وطائفة، ورحل، وحصّل، وتعاني التجارة.
وتُوُفّي بالمَوْصِل سنة سبعين. رحمه الله.
عبد الله بن أحمد بن جعفر [4] بن أحمد بن زياد بن مهران، أبو محمد الشَّيْبَاني.
سمع: السّرّاج، وابن خُزَيْمَة.
تُوُفّي في جُمادى الآخرة بنَيْسَابور، وقيل مات سنة إحدى وسبعين.
عبد الله بن أحمد بن الصدّيق [5] المَرْوَزي.
سمع حديثًا من محمد بن إبراهيم البوسنجي، وسمع ممّن بعده.
وروى عنه: أبو بكر البَرْقاني، ومحمد بن عبيد الله الحنّائي، وجماعة.
من أبناء التّسعين.
__________
[1] في الأصل «بيان» والتصحيح من تاريخ ابن الفرضيّ.
[2] عبارة ابن الفرضيّ: «فتحلّق بها إلى بنان العابد وجالسه» .
[3] تاريخ بغداد 8/ 473 رقم 4589، وفيه «ابن عبد الله» ، المنتظم 7/ 106 رقم 139، الكامل في التاريخ 9/ 9 وفيه «ابن عبد الواحد» .
[4] تاريخ بغداد 9/ 391 رقم 4986 وفي الأصل «عبد الله بن حامد أحمد..» .
[5] تاريخ بغداد 9/ 390 رقم 4984.

(26/440)


عبد الله بن محمد الأصبهاني [1] ، أبو محمد الصائغ.
سمع: الحسين بن إدريس بَهَراة، وجعفر الفِرّيابي ببغداد، وعلي بن سعيد العسكري بأصبهان، وجماعة.
وعنه: أبو نُعَيم، وأبو بكر أحمد بن محمد بن الأسود الشُّرُوطي، وغيرهما.
تُوُفّي في رجب سنة سبعين.
عَبْد الله بْن محمد بْن محمد [2] بْن فُورَك بن عطاء، أبو بكر الأصبهاني المقرئ القبّاب، هو الّذي يعمل المحارة.
كان مُسْنَد أصبهان في عصره ومقرئها.
سمع: محمد بن إبراهيم الجيزاني في سنة ثمانٍ وسبعين ومائتين، وأبا بكر بن [أبي] عاصم، وعبد الله بن محمد بن النّعمان، وعلي بن محمد الثَّقَفي، وعبد الله بن محمد بن سلام، وطائفة.
وقرأ القرآن على أبي الحسن محمد بن أحمد بن شنّبوذ.
وعنه: أبو نُعَيم الفضل بن أحمد بن الخياط، وعلي بن أحمد بن مهران الصّحّاف، وأبنه عبد الرحمن بن أبي بكر، وأبو طاهر محمد بن أحمد بن عبد الرّحيم الكاتب، وآخرون.
وتوفي في ذي القعدة.
قرأ عليه أبو بكر محمد بن عبد الله بن المَرْزُبان، وآخرون.
عبد الرحمن بن محمد بن إبراهيم [3] ، أبو عمر الأصبهاني القطّان.
__________
[1] ذكر أخبار أصبهان 2/ 76.
[2] ذكر أخبار أصبهان 2/ 90، العبر 2/ 356، شذرات الذهب 4/ 72، الأنساب 440 أ، تذكرة الحفاظ 3/ 960، طبقات القراء 1/ 454، اللباب 2/ 238، النجوم الزاهرة 4/ 139، طبقات المفسرين 1/ 251 رقم 243، الوافي بالوفيات 17/ 486، 487 رقم 411، مشتبه النسبة 2/ 519، سير أعلام النبلاء 16/ 257، 258 رقم 179.
[3] ذكر أخبار أصبهان 2/ 120.

(26/441)


رحل وسمع أبا القاسم، البَغَوِي، وابن أبي داود.
وعنه: أبو نُعَيم، وأبو بكر بن أبي علي.
عُبيد [1] الله بن علي بن جعفر أبو الطيّب الدّقّاق.
عن: محمد بن سليمان الباهلي، وعبد الله بن الحسن الطّيبي.
وعنه: البّرْقَاني.
عُبَيْدُ [2] اللَّه بن العبّاس بن الوليد بن مسلم الشَّطَوِي.
سمع: عبد الله بن ناجية، وإبراهيم بن موسى الْجَوْزي، وأحمد بن الحسن الصّوفي.
روى عنه: علي الظّاهري، وأبو العلاء الواسطي، وابن بكير، وأبو علي ابن دُوما.
وكان ثقة.
عبيد الله بن الحسين، أبو القاسم الحَذَّاء قاضي المَوْصِل.
سمع: أبا يَعْلَى المَوْصِلي.
وعنه: أبو القاسم التَّنُوخي وإبراهيم بن عمر البرْمَكيّ.
وهو أقدم شيوخ التَّنُوخي وفاة.
عَليّ بْن عَبْد الله بْن محمد [3] بْن عبيد، أبو الحسن البغدادي الزجاج الشّاهد.
روى عن: أبي العلاء الْجَوْزَجَاني، وحسنون بن موسى.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو القاسم التنوخي وقَالَ: كَانَ نبيلا، قرأ على أحمد بن سهل الأشناني.
__________
[1] في الأصل «عبد» والتصحيح من: المنتظم 7/ 106 رقم 140، تاريخ بغداد 10/ 359 رقم 5515.
[2] في الأصل «عبد» والتصحيح من المنتظم 7/ 106 رقم 141، تاريخ بغداد 10/ 359 رقم 5516.
[3] تاريخ بغداد 12/ 7 رقم 6362.

(26/442)


وقال العتيقي: ثقة مأمون، مات في رجب، وله خمسٌ، وسبعون سنة.
علي بن عيسى بن محمد بن المُثَنَّى، أبو الحسن الهَرَوِي الماليني.
سمع: الحسن بن سُفَّيان، ومحمد بن المنذر بن شكر، وغيرهما.
وعنه، أبو يعقوب إسحاق القَرّاب، وأبو عثمان سعيد القُرَشي.
وتُوُفّي في المحرَّم.
عمر بن أحمد بن ريطة الأصبهاني. تُوُفّي في ربيع الأوّل.
محمد بن جعفر، أبو الحسين الأصبهاني الواعظ الأبحّ.
يروي عن: محمد بن سهل، وأبي عمرو بن عُقْبَة، وأحمد بن محمد بن أسيد، والهُذَيْلِ بْنِ عبد الله.
وكان كثير الحديث حَسَن المعرفة به.
روى عنه: أبو بكر ابن أبيّ، وأبو نُعَيم.
وتُوُفّي في شعبان.
محمد بن أحمد بن الأزهر [1] بن طلحة، أبو منصور الهَرَوِي الأزهَرِي النَّحْوِي اللُّغَوي الشّافعي.
سمع بهَرَاة من: الحسين بن إدريس، ومحمد بن عبد الرحمن السّامي وطائفة، ثم رحل إلى بغداد. وسمع: أبا القاسم البَغَوِي، وأبا بكر بن أبي داود، وإبراهيم بن عرفة، ونطويه، وابن السّرّاج، وأبا الفضل المنذري. ولم
__________
[1] العبر 2/ 356، مرآة الجنان 2/ 395، 396، شذرات الذهب 3/ 72، معجم الأدباء 17/ 164، وفيات الأعيان 3/ 458، طبقات الشافعية للسبكي 3/ 63، طبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 49 رقم 29، اللباب 1/ 38، الوافي بالوفيات 2/ 45، المختصر في أخبار البشر 2/ 128، بغية الوعاة 15/ 19، طبقات الشافعية لابن هداية الله 30، وانظر مقدّمة كتاب «تهذيب اللغة» للأزهري، المجلد الأول، بتحقيق عبد السلام هارون- طبعة مصر، تذكرة الحفاظ 3/ 960، مفتاح السعادة 1/ 111، النجوم الزاهرة 4/ 139، طبقات المفسرين 2/ 61 رقم 431، روضات الجنات 175، نزهة الألباء 323، 324، سير أعلام النبلاء 16/ 315- 317 رقم 222، البلغة في تاريخ أئمة اللغة 205، إيضاح المكنون 1/ 608، هدية العارفين 2/ 49.

(26/443)


يأخذ عن ابن دُرَيْدٍ تَديُّنًا لأنّه قال: دخلت داره غير مرّة فألفيته على كرسيّه سكرانًا [1] .
أخذ عنه: أبو عبيد الهَرَوِي صاحب الغريبين، وحدّث عنه أبو يعقوب القَرّاب، وأبو ذرّ عبد بن أحمد، وأبو عثمان سعيد القرشي، وأبو الحسين الباشاني، وغيرهم.
وكان بارعًا في المذهب، ثقةً ورِعًا فاضلًا. وقيل إنّه أُسِر فوجدوا بخطّه قال: امتُحنتُ بالأسر سنة عارَضَتُ القرامطة الحاجّ بالهَبِير [2] ، وكان القوم الذين وقعت في سهمهم عربا نشئوا بالبادية يبتغون مساقط الغَيْثِ أَيام النَّجْع، ويرجعون إلى إعداد المياه في محاضرهم زمن القَيْظ، ويتكلّمون بطباعهم البدويّة، ولا يكاد يوجد في منطقهم لحن، أو خطأ فاحش، فبقيت في أسْرهم دهرا طويلا، وكنّا نشتّي بالدّهناء [3] ، ونرتبع بالصّمّان [4] ، وأسندت منهم ألفاظًا جَمّة.
صنّف كتاب «تهذيب اللُّغة» في عشْرِ مجلّدات، وكتاب «التقريب في التفسير» وكتاب «تفسير ألفاظ كتاب المُزَني» وكتاب «عِلَل القراءات» وكتاب «الروح وما ورد فيها من الكتاب والسنه» وكتاب «تفسير الأسماء الحُسْنَى» وكتاب «الردّ على اللّيث» وكتاب «تفسير إصلاح المنطق» وكتاب «تفسير السّبع الطّوال [5] » وكتاب «تفسير ديوان أبي تمّام» ، وله سوى ذلك من المصنّفات.
__________
[1] في الأصل «سكران» .
[2] الهبير: بفتح أوله وكسر ثانيه. رمل زرود في طريق مكة. (معجم البلدان 5/ 392) .
[3] الدّهناء: بفتح أوله وسكون ثانيه ونون وألف تمدّ وتقصر. هي سبعة أجبل من الرمل في عرضها، من ديار بني تميم، بين كل جبلين شقيقة، وطولها من حزن ينسوعة إلى رمل يبرين، وهي من أكثر بلاد الله كلأ مع قلّة أغذاء ومياه، وإذا أخصبت الدهناء ربّعت العرب جمعا لسعتها وكثرة شجرها.. (معجم البلدان 2/ 493) .
[4] الصّمّان: بالفتح ثم التشديد، وآخره نون. جبل في أرض تميم أحمر. وقيل هي أرض فيها غلظ وارتفاع وفيها قيعان واسعة وخبارى تنبت السدر عذبة ورياض معشبة، وإذا أخصبت ربعت العرب جمعا. (معجم البلدان 3/ 423) .
[5] في الأصل «الطول» .

(26/444)


أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ الْخَلالِ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، أنا عَبْدُ الأَوَّلِ بْنُ عِيسَى، أَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أنا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمْدَوَيْهِ، ثنا محمد بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الأَزْهَرِ إِمْلاءً، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُرْوَةَ، ثنا محمد بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ غُنْدَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: شَهِدْتُ عُثْمَانَ وَعَلِيًّا، فَنَهَى عُثْمَانُ عَنِ الْمُتْعَةِ وَأَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَلِيٌّ أَهَلَّ بِهِمَا، فَقَالَ: لَبَّيْكَ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ، فَقَالَ عُثْمَانُ: تَرَانِي أَنْهَى النَّاسَ وَأَنْتَ تَفْعَلُهُ! فَقَالَ: لَمْ أَكُنْ لأَدَعَ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ. إسناده صحيح، وهو شيء غريب، إذ فيه رواية علي بن الحسين عن مروان، وفيه تصويب مروان اجتهاد عليّ على اجتهاد عثمان، مع كون مروان عُثْمانيًّا، والله أعلم.
تُوُفّي في ربيع الآخر، رحمه الله. وُلِد سنة اثنتين وثمانين ومائتين.
محمد بن أَحْمَد بن طالب [1] ، أبو الحسن البغدادي نزيل طرابلس الشام.
حدّث عن: أبي القاسم البَغَوِي، وابن الأَنْبارِي، وحرمي بن أبي العلاء، وجماعة.
وعنه: حمزة بن عبد الله بن الشامّ [2] وعبيد الله [3] بن القاسم الطّرابلسيّان.
__________
[1] تاريخ بغداد 1/ 310، الأنساب 22 أ، تاريخ دمشق (مخطوط التيمورية) 36/ 318، معجم الأدباء 17/ 167، الوافي بالوفيات 2/ 47 رقم 323 وفيه أن وفاته كانت سنة 371 هـ.
[2] الشامّ: بشدّة فوق الميم. نسبة إلى جدّه الّذي كان يعرف بالشّام يده، فاختصر بعد ذلك وقيل الشامّ. (بغية الطلب- مصوّرة دار الكتب المصرية 1/ 65 و 8/ 160) وانظر للمحقّق: الحياة الثقافية في طرابلس الشام خلال العصور الوسطى- ص 82- طبعة دار فلسطين، بيروت 1973، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان 4/ 74 رقم 1282.
[3] في الأصل «عبدان» والتصويب من مصادر ترجمته، وهو قاضي طرابلس الهمدانيّ. (تاريخ بغداد 1/ 310 و 4/ 166 و 297 و 8/ 161 و 13/ 181 و 265 و 14/ 23) وانظر عنه كتابنا: الحياة الثقافية في طرابلس الشام 276، وموسوعة علماء المسلمين 3/ 266، 267 رقم 983.

(26/445)


محمد بن أحمد بن محمد بن مسوّر [1] ، أبو عبد الله مولى بني هاشم القُرْطُبي.
سمع من: جدّه محمد بن مسوّر، وأحمد بن خالد، وجماعة.
قال ابن الفَرَضي: كان شيخًا قليل العلم، سمعت منه أنا وغيري.
تُوُفّي في صفر.
محمد بن أحمد بن محمد بن حمّاد [2] بن المتيّم، أبو جعفر الهاشمي، مولى الهادي.
سمع من [3] : محمد بن يحيى المَرْوَزي، ومحمد بن جعفر القَتّات، والفِرّيابي.
وعنه: البَرْقَاني، وأبو طاهر العلاف، وأبو نعيم.
ورّخه ابن أبي الفوارس، وقال: كان لا بأس به.
محمد بن إبراهيم بن الفرخان [4] ، أبو جعفر الأستراباذي الفقيه.
ثقة ثَبْتٌ مُتْقِن. نزل سمرقند، وبها تُوُفّي في ربيع الآخر.
روى عن: أبي القاسم البَغَوِي، وابن أبي داود.
وعنه: أبو سعد الإدريسي.
محمد بن جعفر بن الحسين [5] ، أبو بكر البغدادي، الورّاق الحافظ، غندر [6] .
__________
[1] تاريخ علماء الأندلس 2/ 80 رقم 1326.
[2] المنتظم 7/ 107 رقم 142، وفي الأصل «حمادان» .
[3] في الأصل «منه» .
[4] شذرات الذهب 3/ 73 وفيه «أبو زرعة اليمني الأستراباذي محمد بن إبراهيم الحافظ» .
[5] ذكر أخبار أصبهان 2/ 296، طبقات الصوفية للسلمي 204، الأنساب 539 أ، تاريخ بغداد 2/ 152 رقم 574، تاريخ دمشق (مخطوط التيمورية) 37/ 271، المنتظم 7/ 107 رقم 143، مرآة الجنان 2/ 396، العبر 2/ 357، الكامل في التاريخ 9/ 9، البداية والنهاية 11/ 297، الوافي بالوفيات 2/ 302 رقم 741، تذكرة الحفّاظ 2/ 960- 964 رقم 904، النجوم الزاهرة 4/ 139، شذرات الذهب 3/ 73، معجم الشيوخ لابن جميع (مخطوط) 21، سير أعلام النبلاء 16/ 214، 215 رقم 145، طبقات الحفاظ 384، 385، موسوعة علماء المسلمين 4/ 137، 138 رقم 1350.
[6] غندر: بضم الغين المعجمة وسكون النون وفتح الدال المهملة. وقد تضمّ (المغني في ضبط

(26/446)


سمع: الحسن بن علي بن شبيب المعمري، ومحمد بن محمد بن سليمان الباغندي، وابن دُرَيْد، وأبا عَرُوبة الحَرّاني، ومَكّحُولا البَيْرُوتي، وأبا الْجَهم بن طِلاب، وأبا جعفر الطّحَاوي، وطائفة سواهم.
وعنه: أبو عبد الله الحاكم، وابن جُمَيْعٍ الْغَسّاني، وعبد الرحمن السُّلَمي، وعمر بن أبي سعد الهَرَوِي، وأبو نُعَيم.
قال الحاكم: بقي عندنا بنَيْسَابور سنتين سنة ست وسبعٍ وثلاثين يُفيدنا، وخرّج إلى أفراد الخُرَاسَانيّين من حديثي في سنة ستّ وستين، ودخل إلى أرض التُرْك، وكتب من الحديث ما لم يتقدّمه فيه أحدٌ كَثْرَةً، ثم استُدْعِيَ من مرو إلى الحضرة ببُخَارى ليحدّث بها، فتُوُفّي، رحمه الله، في المَفَازة سنة سبعين.
وقال الخطيب: كان حافظًا ثقة.
محمد بن الحسن، أبو جعفر الفقيه الشافعي المعروف بالباحث.
له ترجمة طويلة عند ابن الصَّلاح.
محمد بن حسنام، أبو عمرو النَّيْسَابُوري الكاغَذِي [1] .
سمع جعفر بن أحمد، وعبد الله بن شِيرَوَيْه.
وعنه، الحاكم، وطائفة.
محمد بن العبّاس بن موسى [2] بن فسانجس، الوزير الكبير أبو الفرج
__________
[ () ] أسماء الرجال ومعرفة كنى الرواة وألقابهم وأنسابهم- للهندي 191) .
[1] الكاغذي: بفتح أوله والغين المعجمة وفي آخرها ذال معجمة. نسبة إلى عمل الكاغذي الّذي يكتب عليه. (اللباب 3/ 76) .
[2] الكامل في التاريخ 9/ 9، الوافي بالوفيات 3/ 198 رقم 1173، الدرة المضية لابن أيبك 163، ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 1، تجارب الأمم 1/ 260 و 284، نشورا المحاضرة 1/ 94 و 207 و 277 و 2/ 219، 220 و 3/ 75، 193، 274 و 4/ 35، 50، 51، 65، 90، 123، 124، الفرج بعد الشدّة 1/ 311، 39، 239، 240، 241، 242 و 3/ 266، 274 و 5/ 50، تكملة تاريخ الطبري 1/ 231، سير أعلام النبلاء 16/ 308، 309 رقم 217.

(26/447)


الشَّيرازي، كاتب مُعِزّ الدولة.
ردّ إليه أمور الأموال، فلما مات المُعِز لُقّب بالوزارة من الخليفة المطيع ووزِر لعزّ الدولة، ثم عُزِل بعد سنة وحُبس.
تُوُفّي في ذي القعدة سنة سبعين، وله اثنتان وستّون سنة.
محمد بن عليّ بن عبد الله، أبو جعفر المَرْوَزي، أحد الشّعراء بخُراسان ويُعرف بالباحث.
أخذ عند الحاكم وقال: سمع بعد الأربعين وثلاثمائة، ومات ببُخَارى.
محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن بالويه، أبو الحسين المُزَكّي [1] النَّيْسَابُوري.
سمع: مُسَدّد بن قَطَن، وعبد الله بن شِيرَوَيْه، وجماعة.
وعنه: الحاكم، وأبو حفص بن مسرور.
محمد بن عبد الله بن سعيد [2] البَلَوِي، أبو عبد الله القُرُطُبي الغاسل.
سمع من: قاسم بن أصبغ، ووهب بن مسرة، ومحمد بن عبد الله بن أبي دليم، وطائفة.
وكان محدّثا مُكْثِرًا، له حِفْظٌ وفَهْم. سمع من غير واحد. وكان يقرأ للعامَة بقُرْطُبَة.
محمد بن عمرو [3] بن سعيد [4] ، أبو عبد الله الأندلسي.
حجّ وسمع من: ابن الأعرابي، وحدّث عنه، وكان يروي سنن أبي داود وأشياء.
__________
[1] المزكّي: بضم الميم وفتح الزاي وفي آخرها كاف مشدّدة. نسبة لمن يزكّي الشهود ويبحث عن حالهم ويعرفه القاضي. (اللباب 3/ 204) .
[2] تاريخ علماء الأندلس 2/ 80 رقم 1327.
[3] في الأصل «عمر» .
[4] تاريخ علماء الأندلس 2/ 81 رقم 1329.

(26/448)


محمد بن محمد بن جعفر بن مطر، أبو بكر أخو أبي أحمد.
وُلِد الشيخ أبي عمرو بن مطر ببغداد.
سمّعه أبوه من عبد الله بن شِيرَوَيْه، وأحمد بن إبراهيم بن عبد الله السّرّاج، وهذه الطبقة بنَيْسَابور، ولم يكن الحديث من شأنه.
قال الحاكم أبو عبد الله: كان قديمًا من أعيان الشّهود، ثم سكتوا عنه.
تُوُفّي في رمضان سنة سبعين.
محمد بن يحيى بن خليل [1] القُرْطُبي.
روى عن أحمد بن خالد، وابن أيمن، وحجّ، فسمع من أبي سعيد بن الأعرابي وغيره.
ووُلّي أحكام الشرطة، وتُوُفّي في رجب.
__________
[1] تاريخ علماء الأندلس 2/ 80 رقم 1328.

(26/449)


المتوفّون في عشر السّبعين وثلاثمائة تقريبًا لا يقينًا
أحمد بن عبد الله البَغَوِي الأستراباذي. شيخ مُعَمَّر.
سمع: محمد بن جعفر بن طرخان الرّاوي، عن إسماعيل ابن ابنة السُّدّي، وطبقته.
روى عنه: أبو سعد الإدريسي، ومات بعد الستّين وثلاثمائة.
أحمد بن [عبيد الله بن] [1] الحسن بن شُقَيْرٍ، أَبُو العلاء البغدادي النَّحوي.
وحدّث بدمشق عن: ابن المُجَدَّر [2] ، وحامد بن شعيب، ومحمد بن محمد الباغَنْدِي، وأبي [3] القاسم، البَغَوِي، وابن دُرَيْد.
روى عنه: تمّام الرّازي، ومكّي بن الغَمْر، وعبد الوهاب بن الجبّان، وغيرهم.
وصنّف لسيف الدولة كتابًا في أجناس العِطْرِ وأنواع الطّيب، وكتابًا سمَاه «المسلسل في اللغة» لأنّه كالسّلسلة، وله شعر.
__________
[1] في الأصل: «أحمد بن عبد الحسن» . والتصحيح من: بغية الوعاة 1/ 333 رقم 631.
[2] في الأصل «المحدد» .
[3] في الأصل «أبو» .

(26/451)


أحمد بن علي بن إبراهيم [1] أبو الحسين الأنصاري الدمشقي.
حدّث عن: أحمد بن عامر بن المُعَمَّر، وجعفر بن أحمد بن عاصم، وغيرهما.
وعنه: الحافظ عبد الغني الأَزْدي، وأبو سعد الماليني، وعلي بن السّمْسار، وغيرهم.
أحمد بن علي بن عبد الله بن [2] سعيد، أبو الخير الحمصي الحافظ.
قدم دمشق، وحدّث عن محمد بن أحمد بن الأبحّ، ومحمود الرّافقي، وأحمد بن محمد بن خالد بن علي، ومحمد بن بركة، وأبي بكر الخرائطي، وخلق.
وعنه: تمّام الرّازي، وعبد الوهاب الميداني، ومكّي بن الغَمْر، ومحمد بن عَوْف المُزَني، وآخرون.
أحمد بن عبد الرحمن بن أبي المغيرة الأزدي الحاركي، أبو العبّاس البصريّ.
سمع: أحمد بن عمرو القَطِرانيِ، والبغدادي الصُّوفي.
وعنه: الحسن بن صَخْر.
أحمد بن محمد بن العلاء، أبو الفرج الشّيرازي ثم البغدادي الصُّوفي نزيل الرّيّ.
حدّث بأصبهان عن: البَغَوِي، وابن صاعد، وحسين الحلاج، والشَّبْلي، وهو صاحب حكايات.
روى عنه: أبو بكر بن أبي علي الذكْواني [3] ، والقاضي زيد بن علي الرّازي، والحسين بن محمد الفلاكي الزَّنْجاني وغيرهم.
__________
[1] تهذيب ابن عساكر 1/ 398.
[2] تهذيب ابن عساكر 1/ 406.
[3] الذّكواني: بفتح الذال المعجمة وسكون الكاف وفتح الواو وفي آخرها نون. نسبة إلى ذكوان، وهو اسم لبعض أجداد المنتسب إليه. (اللباب 1/ 530) .

(26/452)


ذكره ابن النّجار.
أحمد بن إسحاق بن محمد [1] الحلبي القاضي، أبو جعفر الملقّب بالْجَرْد.
وُلّي قضاء حلب، وحدّث عن أحمد بن خُلَيْد الحلبي، وعمر بن سِنان المَنْبِجي، وجماعة.
وعنه: القاضي أبو الحسن علي بن محمد الحلبي، وتمّام الرّازي، وابن نظيف، وآخرون.
أحمد بن الصقر، أبو الحسن [2] المنبجي المقرئ.
قرأ على أبي طاهر بن أبي هاشم، وبكار، وأبي بكر النّقّاش.
وصنّف كتاب «الحُجَّة في القراءات السَّبْع» .
روى عنه: ابن عمر المَنْبِجِي، وعلي بن معيوف العين ثَرْمَائي.
نقل ابن عساكر أنّه توفّي قبل الستّين وثلاثمائة، وأحسبه بعد ذلك قليلًا [3] .
أحمد بن محمد بن علي [4] بن الحَكَم، أبو بكر النَّرْسِي [5] .
سمع عمر بن أبي غيلان، وعبد الله المدائني بن زيدان البَجَلي، وأبا عَرُوبة، وعبد الله بن علي بن الأخيل الحلبي.
بقي إلى سنة ست وستّين، وانتقى عليه الدَارقُطْنيّ بمصر.
روى عنه: محمد بن الحسن النّاقد، وعلي بن منير الخلال، وعبد الجبّار بن أحمد الطّرسوسي.
__________
[1] الوافي بالوفيات 6/ 239 رقم 2716، الجواهر المضيئة 1/ 60، أعلام النبلاء 4/ 62.
[2] معرفة القراء الكبار 1/ 270.
[3] أقول: قيّد الذهبي وفاته في معرفة القراء بسنة 366 هـ.
[4] تهذيب ابن عساكر 2/ 69.
[5] النّرسي: بفتح النون وسكون الراء وكسر السين المهملة. نسبة إلى نرس: وهو نهر من أنهار الكوفة عليه عدّة من القرى. (اللباب 3/ 305، 306) .

(26/453)


أحمد بن محمد بن علي [1] بن هارون، أبو العبّاس البرذعي الحافظ.
حدّث بدمشق عن: ابن أبي داود، ومكحول البَيْرُوتي، ونَفْطَوَيْه النَّحْوي، وابن عُقْدَةَ الحافظ.
وعنه: تمّام [2] ، وأبو نصر بن الجبّان، ومكّي بن الغَمْر، والحسن بن علي بن شوّاش.
أحمد بن محمد بن علي [3] بن مُزاحِم، أبو عمرو [4] الصُّوري [5] .
سمع: جماهر بن محمد الزَّمْلَكَاني، وأبا يعقوب المَنْجَنيقي نزيل مصر.
وعنه فتاه فاتك [6] .
أحمد [بن محمد] [7] بن منصور [8] الإمام، أبو [بكر] [9] الدَّامَغاني [10] ، شيخ الحَنَفيَّة ببغداد.
تفقّه بمصر على الطَّحَاوي، [و] ببغداد على أبي الحسن الكَرْخي، فلما فُلج الكَرْخي جعل الفَتْوَى إليه، فأقام ببغداد وهَرَاة دهرًا يدرّس ويفتي.
__________
[1] تاريخ دمشق (مخطوط التيمورية) 3/ 364، تهذيب ابن عساكر 2/ 67، موسوعة علماء السلمين 1/ 411 رقم 234.
[2] في الأصل اضطراب: «وعنه تمام وجماعة وعنه تمام ... » .
[3] تاريخ دمشق (مخطوط التيمورية) 3/ 366، تهذيب ابن عساكر 2/ 66، 67، موسوعة علماء السلمين 1/ 410، 411 رقم 233.
[4] في الأصل «أبو عمر» .
[5] الصّوري: بضم الصاد المهملة المشدّدة، وسكون الواو وراء مكسورة. نسبة إلى مدينة صور جنوبي صيدا على ساحل الشام.
[6] هو: «فاتك بن عبد الله المزاحمي أبو شجاع الصّوري» . (تاريخ دمشق- مخطوط التيمورية 22/ 672 و 28/ 500 و 44/ 465، تهذيب ابن عساكر 2/ 63) . وموسوعة علماء المسلمين 4/ 13 رقم 1198.
[7] ما بين الحاصرتين ساقط من الأصل والتصويب من تاريخ بغداد وغيره.
[8] تاريخ بغداد 5/ 97 رقم 2496، نشوار المحاضرة 5/ 94 و 6/ 201.
[9] ساقطة من الأصل.
[10] الدّامغانيّ: بفتح الدال وسكون الألف وفتح الميم والغين المعجمة وسكون الألف وبعدها نون. نسبة إلى دامغان، وهي مدينة من بلاد قومس. (اللباب 1/ 486) .

(26/454)


أخذ عنه القاضي أبو محمد الأَكْفاني وغيره.
إسحاق بن إبراهيم [1] ، العَلامة الفارابي اللُّغوي.
صنّف كتاب «ديوان الأدب» في اللّغة. كان من كبار أئمّة هذا الفنّ، وهو معاصر الأَزهريّ صاحب «التهذيب» . سافر الكثير، ورحل [إلى] اليمن، فعزم فُضَلاؤها على قراءة ديوان الأدب عليه، فَبَغَتَهُ الأَجَلُ قبل ذلك.
وهو خال ابن نصر الْجَوْهَري [2] صاحب «الصِّحاح» . وهما تُرْكِيّان، قاما بضبْط لسان العرب قيامًا لم تنهض به العرب العَرْباء.
وكان الْجَوْهَرِي من أبدع أهل زمانه كتابةً، فنسخ في سنة ثمانٍ وثمانين وثلاثمائة نسخة بديوان الأدب.
وفيه يقول بعض الشعراء:
كتاب ديوان العرب ... أحلى جَنًا من الضَّرَبْ
أَوْدَعَهُ مُنْشِئُه ... أَكْثَرَ ألفاظِ العَرَب
ما ضَرَّ مَن يُحْسِنُه ... خُمُولُ ذِكْرٍ في النَّسَب
وللفارابي من الكتب أيضًا كتاب «بيان الإعراب» وكتاب «شرح أدب الكاتب» .
توفّي بزبيد في هذه الحدود أو بعدها، رحمه الله.
إسماعيل بن علي بن محمد [3] ، أبو الطّيّب الفحّام، بغداديّ جليل.
وثّقه البَرْقاني.
سمع: ابن ناجية، وأبا يعلى المَوْصِلي، وابن ذَرِيحْ، وطبقتهم.
وعنه: البَرْقَاني، وأبو العلاء الواسطي القاضي، ومحمد بن عمر بن بكير، وغيرهم.
__________
[1] معجم الأدباء 6/ 61، الوافي بالوفيات 8/ 395 رقم 3832، بغية الوعاة 1/ 437 رقم 890، الأنساب 2/ 415، اللباب 2/ 402، مفتاح السعادة 1/ 97، كشف الظنون 48، 774، إيضاح المكنون 1/ 204، معجم المصنّفين 3/ 67- 71، معجم المؤلّفين 2/ 227.
[2] هو: إسماعيل بن حماد الجوهري الفارابيّ اللغوي الأديب المتوفى سنة 393 هـ.
[3] تاريخ بغداد 6/ 307 رقم 3351.

(26/455)


الحسن بن علي بن داود، أبو علي المصري المطرّز.
حدّث ببغداد عن: أبي شيبة داود بن إبراهيم، ومحمد بن محمد بن النّفّاح الباهلي، وعلي بن أحمد بن علان.
وعنه البَرْقَاني وجماعة. وانتخب عليه الدَارقُطْنيّ سنة ثلاثٍ وستين.
الحسين بن محمد بن أسد [1] ، أبو القاسم الدَّيْبلي.
حدّث بدمشق عن: محمد بن عثمان بن أبي شَيْبة، والحَسَن بن علوية القطان، ومحمد بن يحيى المروزي.
وعنه: تمام الرازي، وعبد الرحمن بن عمر بن نصر، وأبو العبّاس بن السّمْسَار.
السَّريّ بن أحمد الكِنْدي [2] ، أبو الحسن المَوْصِلي الشاعر المعروف بالرّفّاء.
شاعر محسن له مدائح في سيف الدّولة، وكان بين الرّفّاء وبين الخالِدِيين، هجاءٌ وأمورٌ، وآل بهما الأمر إلى أذِيَّته، حتّى قطع سيف الدّولة رسمه، فانحدر إلى بغداد، ومدح الوزير أبا محمد المهلّبي، فقدم الخالِدِيّان، وهما محمد وسعيد ابنا هاشم إلى بغداد، وشرعا يُؤْذِيانه بِكلّ ممكن، حتى يُقال إنّه عَدِمَ القُوت، فجلس يَنْسَخُ، ويبيع شعره. وتوفّي بعد الستّين وثلاثمائة. وديوانه موجود بأيدي الفُضَلاء.
فمن شعره:
بنفسي من أَجُود له بنفسي ... ويَبْخَلُ بالتحيّة والسلام
ويلقاني بعزّة مستطيل ... وألقاه بذلّة مستهام
__________
[1] تهذيب ابن عساكر 4/ 358.
[2] المنتظم 7/ 62 رقم 90، العبر 2/ 357، شذرات الذهب 3/ 73، 74، يتيمة الدهر 2/ 103- 165، تاريخ بغداد 9/ 194، معجم الأدباء 11/ 182، وفيات الأعيان 2/ 104 رقم 243، الوافي بالوفيات 15/ 136 رقم 194، وانظر مقدّمة ديوان السرّي الرّفّاء- الجزء الأول بتحقيق د. حبيب حسين الحسيني- طبعة دار الطليعة، بيروت 1980، الأنساب 6/ 247، البداية والنهاية 11/ 270 و 274، سير أعلام النبلاء 16/ 218 رقم 151، النجوم الزاهرة 4/ 67.

(26/456)


وَحَتفي كامِنُ في مُقْلَتَيهِ ... كُمُونَ المَوْتِ في حَدّ السّهامِ [1]
وله:
بنفسي من رَدَّ التّحِيّة ضاحكًا ... فجدّدَ بعد اليأس في الوَصْلِ مَطْمَعي
وحَالَتْ دُمُوعُ العينِ بيني وبينه ... كأَنَّ دموعَ العَيْن تَعْشَقُهُ معى [2]
وله:
ولا وَصْلَ إلّا أنْ أَرْوح ملججًا ... على أخضر من فوق أدْهم مُزْبدِ [3]
شَوائل أَذْنابٍ يُخَيل أَنَّها ... عَقَارِبُ دَبَّتْ فوق صَرْح مُمَرَّد [4]
الحسن بن علي بن عمر [5] الحلبي، أبو محمد بن كَوْجَك العَبْسي الأديب.
روى عن: الغضائري، وعبد الرحمن بن أخي الإمام، ومحمد بن جعفر المَنْبجِي.
وعنه: تمّام وعبد الوهاب الميداني، ومكّي بن الغمْر، وآخرون.
الحسن بن محمود بن أَحْمَد [6] بن محمود، أبو القاسم الرّبعي الدّمشقيّ.
__________
[1] في اليتيمة «الحسام» .
[2] الديوان 2/ 391 رقم 316، البيتان 1 و 3.
[3] ورد هذا البيت في الديوان 2/ 138 قصيدة رقم 169، البيت رقم 11 بعبارة:
ولا وصل إلّا أن أروح مغرّزا بأدهم في تيّار أخضر مزبد
[4] الديوان 2/ 137 رقم البيت 6.
[5] تهذيب ابن عساكر 4/ 232.
[6] تهذيب ابن عساكر 4/ 251، 252.

(26/457)


روى عن: محمد بن حزم، وأبي الْجَوْصَا، ومحمد بن يوسف الهَرَوِي.
وعنه: تمّام، ومكّي بن الغَمْر، ومحمد بن عون المزيّن.
علي بن محمد بن أحمد بن عطيّة الحضْرمي البصْري.
سمع من الحارث بن أبي أسامة.
وعنه أبو عبد الله بن باكَوَيْه الشّيرازي.
لا أعرفه.
عبد الله بن عمر بن أيّوب [1] ، والد أبي محمد نصر بن الحيّان الدّمشقي.
يروي عن: ابن خُرَيْم، وابن جَوْصَا، وغيرهما.
وعنه: ابنه، ومحمد بن عَوْف المُزَني، ومكّي بن محمد بن الغَمْر.
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي العجائز [2] ، أبو محمد الأزْدي الدّمشقي.
روى عن: أبي الجهمْ بن طِلاب، وأبي بكر الخرائطي، وجماعة.
وعنه: عبد الغني المصري، وأبو الحسين عبد الوهاب المَيْداني، وسعيد بن فُطَيْس.
عبد العزيز بن محمد بن إسحاق [3] الطّبري المتكلّم.
روى عن: محمد بن جرير الطبري، وأخذ الكلام عن أبي الحسن الأشعري.
قال ابن عساكر: سكن دمشق ونشر بها مذهب السنة، وله مصنّف في الردّ على المقتدر والملحد.
__________
[1] تاريخ دمشق (مصوّرة مجمع اللغة بدمشق- 1978) - ص 9- 11.
[2] تاريخ دمشق (مخطوط التيمورية) 21/ 200.
[3] تاريخ دمشق (مخطوط التيمورية) 24/ 237.

(26/458)


عبد الرحمن بن المظفر البغدادي [1] ، نزيل هَرَاة.
روى عن أبي القاسم البَغَوِي، وابن صاعد، وجماعة.
روى عنه أبو بكر البَرْقَانيّ ووثّقَه.
عبد الجبّار بن عبد الله بن محمد [2] ، أبو علي بن مهنّا الخَوْلاني الدّاراني، مصنّف «تاريخ داريا» [3] .
حدّث عن: ابن جَوْصَا، ومحمد بن يوسف الهروي، ومحمد بن جعفر الخرائطي، والحسن بن حبيب الحضائري، وجماعة غيرهم [4] ، ورحل فسمع بالرَّمْلَة وأنطاكية.
روى عنه: تمّام، وعلي بن طَوْق، وأبو نصر بن الحَيّان [5] ، وعلي بن محمد الخُرَاساني نزيل داريّا.
محمد بن سعيد بن عبدان [6] ، أبو الفرج الفارسي ثم البغدادي، نزيل طرابلس الشام، ويُعرف بابن أبي عثمان.
روى عن: حامد بن شُعَيْب، وعلي بن زاطيا، وعبد الله المدائني، والمفضّل الجندي، وطبقتهم.
وعنه: تمّام، والحافظ عبد الغني، وأبو العبّاس بن الحاجّ، وشهاب الصُّوري.
قال أبو الفتح بن مسرور: سألته عن مولده فقال: سنة سبعٍ وثمانين ومائتين، وكان ثقة. سمعت [منه في] [7] سنة خمسٍ وخمسين وثلاثمائة.
علي بن محمد بن أحمد القصّار الأصمّ.
عن عبد الله بن ناجية، وغيره.
__________
[1] تاريخ بغداد 10/ 298 رقم 5438.
[2] معجم البلدان 2/ 432.
[3] نشرة محقّقا سعيد الأفغاني بدمشق 1951 م.
[4] في الأصل «وغيرهم» .
[5] في الأصل «الجبان» .
[6] تاريخ بغداد 5/ 312 رقم 2827.
[7] إضافة على الأصل.

(26/459)


وعنه. علي بن عبد العزيز الطّاهري، والبَرْقَانيّ، وقال: ثقة.
عمر بن نوح بن خلف [1] بن محمد بن الخصيب، أبو القاسم البجلي البُنْدَار.
شيخ جليل من ثقات البغداديّين.
روى عن: أبي خليفة الْجُمَحي، ومحمد بن أبي سُوَيْد الذّارع، وجعفر الفِرْيابي، وزكريّا السّاجي، وطائفة.
وعنه: أبو بكر البَرْقَانِيّ، وبشري الفاتني، وعلي الظّاهري، ومحمد بن عمر بن بكير.
سئل عنه البرقاني فقال: ذاك في قياس أبي علي الصّوّاف في الفضل والثّقة.
قيل مولده سنة سبعٍ وسبعين ومائتين، ومات بعد سنة أربع وستّين وثلاثمائة.
عمر بن بشران بن محمد [2] بن حفص البغدادي السّكْري.
سمع: علي بن العبّاس المَقَانعي، وعبد الله بن زيدان، وأحمد بن الحسن الصُّوفي، والبَغَوِي، وطبقتهم.
وعنه: أبو بكر البَرْقَانيّ، وقال: كان حافظًا كثير الحديث. وهو أخو جدّ أبي القاسم بن بشران.
مات قبل سنة ثمانٍ وستّين.
محمد بن زرعان [3] ، أبو بكر الأنماطي.
حدّث عن جعفر الفِرْيابي، وأحمد بن الحسن الصُّوفي.
روى عنه البَرْقَانيّ ووثّقه.
__________
[1] تاريخ بغداد 11/ 255 رقم 6009.
[2] تاريخ بغداد 11/ 256 رقم 6010.
[3] تاريخ بغداد 5/ 290 رقم 2794.

(26/460)


بقي إلى سنة أربعٍ وستّين.
محمد بن عبد الله بن شيرويه، أبو بكر النَّيْسَابُوري نزيل فسا [1] .
روى عن أبيه. وأبوه صاحب إسحاق بن رَاهَوَيْه، وعن الحسن بن سفيان، ومحمد بن عبد الله الدُّوَيْرِي.
وعنه أبو سعد الماليني وغيره.
وثّقه ابن نُقْطَه.
عبد المؤمن بن عبد المجيد، أبو يَعْلَى النَّسَفي [2] .
روى عن: محمد بن إبراهيم البُوسنْجي، وإبراهيم بن معقل.
روى عنه: جعفر بن محمد التوبني.
عمر بن أحمد بن عمر [3] القاضي، أبو عبد الله القصباني [4] ، بغداديّ ثقة.
روى عن: علي المَقَانِعي، وجماعة.
روى عنه: البَرْقَانيّ، وابن بكيرٍ، وأبو نُعَيم، ومن الكبار الدَارقُطْنيّ ووثّقه.
فاروق بن عبد الكبير [5] بن عمر، أبو حفص الخَطابي البَصْري، محدّث البصرة ومسندها.
__________
[1] فسا: بالفتح، والقصر، كلمة عجمية، وعندهم بسا، بالباء. مدينة بفارس بينها وبين شيراز أربع مراحل. (معجم البلدان 4/ 260، 261) .
[2] النسفي: بفتح النون والسين وفي آخرها فاء. نسبة إلى نسف من بلاد ما وراء النهر يقال لها نخشب. (اللباب 3/ 371) .
[3] تاريخ بغداد 11/ 251 رقم 6001.
[4] القصباني، بفتح القاف والصاد والباء الموحدة وبعد الألف نون. نسبة إلى بيع القصب.
(اللباب 3/ 40) .
[5] العبر 2/ 357، شذرات الذهب 3/ 74.

(26/461)


سمع: محمد بن يحيى بن المنذر القزّاز، وعبد الله الكَجّي [1] ابن [2] أَبِي يونس، وهشام بن علي السَّيرافي، وأبا مسلم إبراهيم بن عبد الله الكَجّي، وجماعة.
وبقي إلى سنة إحدى وستّين أو اثنتين وستّين.
روى عنه: علي بن يحيى بن عَبْدَ كَوَيْن، وأبو بكر محمد بن أبي علي الذّكْواني، وأبو نُعَيم أحمد بن محمد الصَّقْر البغدادي.
فرج بن إبراهيم، أبو القاسم النّصِيبي [3] الصُّوفي الأعمش، يُعرف بفرج.
روى عن أبي بكر الخرائطي، وأبي سعيد بن الأعرابي.
وعنه: تمّام الرّازي، ومكّي بن الغَمْر، وأبو عبد الله بن باكَوَيْه الشّيرازي.
محمد بن أحمد بن غريب [4] بن طريف، أبو المُنيب الطّبري الفقيه.
قدِم أصبهان، ثم خرج إلى شِيراز، وحدّث عن: يحيى بن محمد بن صاعد، وعلي بْن عَبْد اللَّه بْن مبشّر.
وعنه أبو نُعَيم.
محمد بن أحمد بن جعفر بن يزيد، أبو بكر بن آذين الهمذاني الفامي الرّجل الصّالح.
سمع الكثير بعد الثلاثمائة [5] بهمذان، ورحل إلى بغداد، فسمع من:
__________
[1] الكجّي: بفتح أوّله وتشديد الجيم. نسبة إلى الكجّ وهو الجصّ. (اللباب 3/ 85) .
[2] في الأصل أقحمت كلمة «جماعة» على النص فجاء: «وجماعة بن أبي يونس» .
[3] النّصيبي: بفتح النون وكسر الصاد وسكون الياء آخر الحروف وكسر الباء الموحّدة.
نسبة إلى نصيبين، مدينة مشهورة من بلاد الجزيرة العراقية. (اللباب 3/ 312) .
[4] ذكر أخبار أصبهان 2/ 293.
[5] في الأصل «الثلاث المائة» .

(26/462)


محمد بن محمد الباغَنْدي، وحامد بن شُعَيب البَلْخي، وأبي القاسم البَغَوِي، وطائفة كثيرة، وعُني بهذا الشأن.
روى عَنْهُ: عليّ بْن عَبْد الله بْن عبدوس، وأبو منصور المحتسب، وعبد الرحمن الإمام، وأبو العلاء رافع العدل، وعبد الله بن أحمد الغضائري.
محمد بن أحمد بن حجوش الخُزَيْمي المُرّي الدّمشقي، كان من أهل العلم والبيوتات.
سمع: أحمد بن أنس بن مالك، ومحمد بن يزيد بن عبد الصّمد، وابن خُزَيْمَة، وأبي العبّاس السّرّاج وخلقا [1] .
وله رحلة إلى خراسان.
روى عنه: تمّام، وعبد الوهاب المَيْداني، وقد ولي خطابة دمشق.
قال الميداني: كان مقصّرًا في صلاته وخطبته لأنّه مقامٌ هائل.
محمد بن أَحْمَد بْن محمد [2] بْن يعقوب بْن مجاهد الطائي، أبو عبد الله المتكلّم، صاحب أبي الحسن الأَشْعري، وهو بَصْريّ.
قدم بغداد ودرّس بها عِلْم الكلام، وصنّف التّصانيف. وعليه درس القاضي أبو بكر بن الطّيّب الباقِلاني هذا الفنّ.
قال الخطيب: ذكر لنا غير واحد أنّه كان ثخين السّتْر، حَسَنَ التديّن، رحمه الله.
محمد بن أحمد بن عبد الله [3] ، أبو عبد الله النَّقَوِي [4] اليمني الصَّنْعاني، بعد العشرين وأربعمائة بمكّة.
__________
[1] في الأصل «وخلوة» .
[2] تاريخ بغداد 1/ 343 رقم 261، العبر 2/ 358، شذرات الذهب 3/ 74.
[3] العبر 2/ 358، شذرات الذهب 3/ 75، اللباب 3/ 323.
[4] النّقوي: بفتح النون والقاف وبعد الواو ياء النسبة. (اللباب) .

(26/463)


ذكر حمزة السّهمي أنّ رفيقه ابن دلّان [1] رحل إلى اليمن ليسمع من النَّقَوِي في سنة سبع وستّين.
وروى عنه «جامع عبد الرّزّاق» أبو نصر أحمد بن محمد الباكوي النّيسابوري في سنة أربعمائة.
محمد بن حَميد بن مَعْيُوف [2] بن بكر، أبو بكر الهمذاني البيت سَوَا [3] الدمشقي.
سمع: محمد بن المُعَافَى الصَّيْداوي، والحسين بن علي بن عوانة الكَفْربَطنَائي [4] ومحمد بن حصن الآلوسي، ومضاء بن مقاتل الأذَني [5] صاحب لوين، وجماعة.
وعنه: تمّام، ومكّي بن محمد [بن الغَمْر، و] [6] محمد بن عوف المُزَني، وعلي بن سمسار، وأبو الحسن المَيْداني، ووصفه بالصَّلاح.
محمد بن زُرَيْق [7] ، أبو منصور البلدي [8] المقرئ.
__________
[1] ابن دلان هو: أبو جعفر محمد بن علي بن دلان الجرجاني. توفي سنة 369 هـ. (تاريخ جرجان 447 رقم 859) . (
[2] تاريخ دمشق (مخطوط التيمورية) 35/ 156 و 37/ 423، معجم البلدان 1/ 521، موسوعة علماء المسلمين 4/ 172 رقم 1395.
[3] البيت سوا: بيت سوا: بالفتح، والقصر. (معجم البلدان 1/ 521) وصحّفت في الأصل إلى: «اكتبت سواي» .
[4] الكفربطنائي: بفتح أولها وسكون الفاء وفتح الباء الموحّدة وسكون الطاء المهملة وفتح النون وبعد الألف ياء تحتها نقطتان. نسبة إلى كفربطنا، وهي من قرى غوطة دمشق. (اللباب 2/ 102) وقد تصحّفت في الأصل إلى «الكفر بطنارقي» .
[5] الأذني: بفتح أوله وثانيه، ونون بوزن: حسنة. نسبة إلى أذنه، بلد من الثغور قرب المصّيصة. (معجم البلدان 1/ 133، 133) وقد تصحّفت في الأصل إلى «الارلى» .
[6] ما بين الحاصرتين ساقط من الأصل وأضفناه اعتمادا على ابن عساكر.
[7] في الأصل «رزيق» ، والتصويب من (معجم البلدان 1/ 482) .
[8] البلدي: بفتح الباء الموحّدة واللام وفي آخرها الدال المهملة. نسبة إلى مدينة قديمة على دجلة فوق الموصل. (معجم البلدان 1/ 481) قال ابن الأثير: يقال لها بلد الحطب. (اللباب 1/ 173) .

(26/464)


قرأ القرآن لابن كثير على محمد بن عبد العزيز بن الصّبّاح، وسمع من أبي يَعْلَى المَوْصِلي، وابن المنذر الفقيه، وتصدّر للإقراء بطَرَسُوس من الثّغْر.
قرأ عليه: عبد الباقي بن الحسن، وحدّث عنه: تمّام، وعبد الوهاب الميداني: والهيثم بن أحمد الصّبّاغ.
محمد بن عبد الله بن أحمد [1] بن أبي الخطّاب الحرّاني المَلَطيّ الأصل، أبو عبد الله قاضي حمص.
سمع: يحيى بن محمد بن صاعد، ومحمد بن سعيد الترخمي، ومحمود بن محمد الرّافقي، وأبا عبد الله نفطويه، وجماعة.
وعنه: تمّام، وعلي بن بشري العطّار، وشعيب بن عبد الرحمن بن عمر، وجماعة.
محمد بن عبد الرحمن بن الفضل [2] بن الحسين، أبو بكر التميمي الْجَوْهَري الخطيب، صاحب التّفاسير والقراءات. كذا قال فيه أبو نُعَيم.
سمع: أبا خليفة، وعَبْدان الأهوازي، وأحمد بن الحسن الصّوفي، وجماعة.
وعنه: أبو بكر بن أبي علي المعّدل، وأبو نُعَيم، وقال: تُوُفّي بعد الستّين.
محمد بن عبد الواحد بن إسماعيل [3] الهاشمي البغدادي.
يروي عن محمد بن محمد الباغَنْدِي، وغيره.
وعنه: أبو سعد الماليني، وأبو بكر البَرْقَانيّ، وقال البَرْقَانيّ: كان ثقة زاهدا.
__________
[1] تاريخ دمشق (مخطوط التيمورية) 38/ 164.
[2] ذكر أخبار أصبهان 2/ 294.
[3] تاريخ بغداد 3/ 359 رقم 866.

(26/465)


محمد بن عليّ بن محمد [1] ، أبو بكر المالكي الخرّاز.
سمع: أبا مسلم الكَجّي، وحامد بن شعيب البَلْخي.
وقال الخطيب: ثقة.
مسلم بن عُبَيْدِ الله بن طاهر بن يحيى بن الحسن، أبو جعفر العَلَوِي الحَسَني المَدَني.
سمع: من جدّه طاهر، ومحمد بن إبراهيم الدَّيْبُلي [2] ، وأبي بِشْرٍ الدُّولابي، والخضر بن داود.
سمع كتاب «النَّسب» للزُّبَيْر [3] .
روى عنه الدَارقُطْنيّ. هو حافظٌ نبيل.
موسى بن عبد الرحمن [4] ، أبو عمران البَيْرُوتي الصّبّاغ المقرئ إمام جامع بيروت.
كان أَسْنَدَ من بقي بالسّاحل، فإنه قرأ القرآن على هارون بن شريك الأخفش، وسمع من أبي زُرْعَة المَوْصِلي، وأحمد بن عبد الوهاب الحَوْطي، وأبي مسلم الكَجّي، والحسين بن السَّمِيدَع، وجماعة.
رَوَى عَنْهُ: أبو عَبْد اللَّه بْن مندة، وأبو الحسين ابن جُمَيْع، وابنه الحسن بن جُمَيْع، وتمّام الرّازي، والخصيب بن عبد الله القاضي، وعبد الوهاب المَيْداني، وصالح بن أحمد المَيَانجِي، وغيرهم.
ويُحْتَمَل أن تكون وفاته قبل الستّين، يُكْتَب هنا.
__________
[1] تاريخ بغداد 3/ 87 رقم 1075 وفيه «محمد بن علي عيسى» .
[2] الدّيبلي: بفتح الدال وسكون الياء المثناة من تحتها وضم الباء الموحدة وفي آخرها لام. نسبة إلى ديبل، مدينة على ساحل البحر الهندي قريبة من السند. (اللباب 1/ 522، 523، معجم البلدان 2/ 495) .
[3] كتاب النسب هو: «جمهرة نسب قريش وأخبارها» للزبير بن بكار، 172- 256 هـ.) - نشر الجزء الأول منه بتحقيق محمود محمد شاكر بالقاهرة 1381 هـ.
[4] معرفة القراء الكبار 1/ 257، 258، معجم الشيوخ لابن جميع الصيداوي 161، 162.
الأنساب 99 أ، تاريخ دمشق (مخطوط التيمورية) 10/ 255 و 12/ 454 و 36/ 338 و 43/ 572، 573، موسوعة علماء المسلمين 5/ 104، 105 رقم 1722.

(26/466)


أبو الحسن بن عطيّة البصْري.
روى عن: الحارث بن أبي أسامة التميمي.
وعنه: أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن باكَوَيْهِ الشّيرازي.
يوسف بن يعقوب النّجيرَمي [1] ، أبو يعقوب بصْري مشهود، عالي الإسناد.
سمع: أبا مسلم الكجّي، والحسن بن المُثَنَّى العَنْبري، والمفضل بن الحُبَاب الْجُمَحي، وزكريّا بن يحيى السّاجي، ومحمد بن حيّان المازني وجماعة.
روى عنه: أبو نُعَيم الحافظ، وأبو عبد الله محمد بْن عَبْد الله بن باكَوَيْهِ الشّيرازي، وإبراهيم بن طلحة بن غسّان المطوّعي، وجماعة آخرهم القاضي أبو الحَسَن محمد بْن علي بْن صخْرٍ الأَزْدي.
وقد حدّث في سنة خمس وثلاثمائة.
أبو الحسن الباهلي البصْري المتكلّم.
أخذ عن الأشْعَرِي عِلْمَ الْمنْطقِ، وسمع وتقدّم، وكان من أذكياء العالم، مع الدّين والتعبُّد.
قال ابن الباقلّاني: كتبت أنا، والأستاذ أبو أسحاق الإسفِرايني، والأستاذ ابن فُورَك معنا في درس أبي الحسن الباهلي، كان يدرّس لنا كل جمعة، وكان يرخي السّتر بيننا وبينه، وكان من شدّة اشتغاله باللَّه مثل والِه أو مجنون، لم يكن يعرف مبلغ دَرسنا حتى نذكّره، وكنّا نسأل عن سبب الحجاب، فأجاب بأنّنا نرى السُّوقَة وهم أهل الغفلة فروني بالعين التي
__________
[1] العبر 2/ 358 اللباب 3/ 300 والنّجيرمي: بفتح النون وكسر الجيم وسكون الياء آخر الحروف وفتح الراء وبعدها ميم، نسبة إلى نجيرم، ويقال نجارم، وهي محلّة بالبصرة.
أما ياقوت الحموي فقال: نجيرم: بفتح أوله وثانيه وياء ساكنة وراء مفتوحة.. بليدة مشهورة دون سيراف مما يلي البصرة على جبل هناك على ساحل البحر رأيتها مرارا.. فإن كان بالبصرة محلّة يقال لها نجيرم فهم ناقلة هذا الاسم إليها وليس مثلها ما ينقل منها.. ثم ذكر منها صاحب الترجمة يوسف بن يعقوب دون أن يترجم له. (معجم البلدان 5/ 274) .

(26/467)


ترونهم، و [1] كان يحتجب من جارية تحدثه.
قال أبو إسحاق الأسفراييني: أنا في جانب أبي الحسن الباهلي كقَطْرة في البحر.
محمد بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه [2] ، أبو الحُسين الْجُرْجاني المقرئ الحافظ ثقة [3] رحّال، جوّال.
سمع: عمران بن موسى بن مجاشع، وابن خُزَيْمَة، وابن جَوْصَا، وأبا العبّاس السّرّاج، وطبقتهم، وأكثر الترحال في الشيخوخة.
روى عنه: أبو نُعَيم الحافظ.
محمد بن محمد بن عمرو [4] ، أبو نصر النَّيْسَابُوري المحدّث الشاعر الملقَّب بالبَيْض.
نزل حلب ومدح سيف الدّولة.
ويروي عن: إمام الأئمّة ابن خُزَيْمَة، والبَغَوِي، وعَبْدان الأهْوازي، وأبي عَرُوبة، وزكريّا السّاجي، وابن نيروز [5] الأنْماطي، وابن عُقدَة.
وعنه: حمزة بن الشّامّ، وأحمد بن عبد الرحمن بن قابوس الأطرابُلُسِيّان، وأبو الخير أحمد بن علي، ولا حق المَقْدِسي، وغيرهم.
وهو صاحب القصيدة المطبوعة التي أوّلها:
حَبَاؤُكَ مُعْتَادٌ وأَمْرُكَ نافِذٌ وعبدُكِ مُحْتَاجٌ إلى ألفِ دِرْهَم وقد أوردتُها في «مختصر دمشق» . رأيت له مجلَّدًا في أصول الفقه سمّاه «المدخل إلى الاجتهاد» يدلّ على اعتزاله وعلى حفظه للحديث وسعة رحلته.
__________
[1] في الأصل «إنّه» .
[2] ذكر أخبار أصبهان 2/ 292.
[3] في الأصل «بصلة رجال» . موسوعة علماء المسلمين 4/ 355، 356 رقم 1591.
[4] تاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 39/ 308، 309.
[5] في الأصل «نيرون» وهو تحريف.

(26/468)


مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه [1] بْن بُنْدار الحافظ، أبو زُرْعَة الإسْتِراباذي المعروف باليمني لسّكْناه اليمنَ مدّةً.
سمع على: الحسن بن معدان الفارسي، وأبا القاسم البَغَوِي، وأبا العبّاس السّرّاج، وأبا عَرُوبة الحرّاني، وطبقتهم.
وله رحلة واسعة ومعرفة.
تُوُفّي سنة بضعٍ وستيّن.
روى عنه: أبو سعيد الإدريسي، وحمزة السَّهْميّ، وغيرهما.
ابن نُباته الخطيب [2] . هو الأستاذ البارع، أبو يحيى عبد الرحيم بن محمد بن إسماعيل بن نباته الفارقي.
ذكرته في سنة أربعٍ وسبعين، وسيأتي، والله أعلم.
آخر الطبقة
__________
[1] تاريخ جرجان 540 رقم 1160.
[2] المختصر في أخبار البشر 2/ 130، العبر 2/ 367، سير أعلام النبلاء (مصورة دار الكتب المصرية) 10/ 227، شذرات الذهب 4/ 83، البداية والنهاية 11/ 303، وفيات الأعيان 3/ 156 رقم 373، دول الإسلام 1/ 230، هدية العارفين 1/ 559.

(26/469)