تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، ت تدمري

بسم اللَّه الرَّحْمَن الرحيم
الطبقة الْأربعون
حوادث سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة
فيها جلس القادر للحُجَّاج الخُرَاسانية، وأعلمهم أَنَّهُ قد جعل وليّ عهده ولده أَبَا الفضل الغالب باللَّه، وله يومئذ ثمان سنين وأربعة أشهر، وسبب عَجَلَته فِي ذَلِكَ أنّ عَبْد اللَّه بْن عثمان العباسي الواثقي الخطيب خرج إلى خُرَاسان، واتفق هُوَ ورجل رئيس عَلَى أن افتعلا كتابًا من القادر بتقليد الواثقيّ ولاية العهد من بعده، ودخل عَلَى بعض السلاطين، فاحترمه وخطب لَهُ بعد القادر، وكتب إلى القادر باللَّه، فبادر بولاية العهد لابنه، وأثْبَتَ فسق [1] الواثقي، ولم يزل الواثقيّ فِي البلاد النائية حتى مات غريبًا خائفًا من سوء افترائه [2] .
__________
[1] في الأصل «وسبق» وهو تصحيف.
[2] قارن بالمنتظم لابن الجوزي 7/ 215، والكامل في التاريخ لابن الأثير 9/ 165، 166.

(27/223)


[حوادث] سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة
فيها ثارت العامّة ببغداد عَلَى النَّصارَى، فنهبوا البيعة وأحرقوها، سقطت على جماعة من المسلمين، فهلكوا، وعَظُمَت الفتنة ببغداد، وانتشر الدُّعار [1] .
وبطل الحجّ من العراق فِي هذه السنة [2] .
وفيها ولد [أبو] الحسن و [أبو] [3] الْحُسَيْن توأمين للسلطان بهاء الدولة، فعاش [أَبُو] [4] الْحُسَيْن سبع سنين، وأمّا أَبُو عَلِيّ فعاش وملك العراق، ولُقّب مشرف [5] الدولة.
وزاد أمر الشُّطَّار ببغداد، وواصلوا أخذ العملات والأموال، وقتلوا، وأشرف النّاس معهم عَلَى خطّه [6] صعبة، وكان فيهم من هُوَ عباسي وعَلَوِيّ، فبعث بهاء الدولة أبا عَلِيّ عميد الجيوش إلى العراق، ليدبّر أمورها، فقدم بغداد، وزيِّنَت لَهُ، وغرق [7] جماعة، ومُنع الشّيعة والسُّنّية من إظهار مذهبهم،
__________
[1] الدّعّار: مفردها «دعر» ، يقال: فلان دعر أي غليظ جاف. والدعر: العود يدخّن ويتّقد وما احترق من الحطب وغيره فطفئ قبل أن يشتدّ احتراقه. وعود دعر عفر ردى كثير الدخان.
قيل ومنه أخذت الدعارة. (محيط المحيط) ، تكملة المعاجم لدوزى 4/ 359.
[2] المنتظم 7/ 219.
[3] في الأصل: «ولد الحسن والحسين» ، والتصويب من المنتظم.
[4] إضافة من المنتظم.
[5] الأصل «شرف» والتصويب من المنتظم والكامل.
[6] في الأصل «خطر» والتصحيح من المنتظم.
[7] في الأصل «بفرق» والتصحيح من المنتظم.

(27/225)


ونفي الدُّعَّار، ونفي ابن المعلّم فقيه الشيعة، وقامت هيبته [1] .
وفي المحرّم عزا [2] السلطان محمود بْن سبكتكين الهند، فالتقاه صاحبها الملك «جيبال» ، ومعه ثلاثمائة فيل، فنصر اللَّه محمود، وقتل من الكفار خمسة آلاف، ومن الفيول خمسة عشر فيلا، وأُسِر «جيبال» فِي جماعة من قوّاده، فكان عَلَيْهِ من الجواهر ما قيمته مائتا ألف دينار، وبلغت القيمة من الرقيق خمسمائة ألف رأس، نقل ذَلِكَ صاحب «سيرة محمود بن سبكتكين» الْأديب الكاتب أَبُو النَّصر مُحَمَّد بْن عَبْد الجبّار العُتْبي، وقد سَمِعَ هذا من أَبِي الفتح البُسْتِي وجماعة.
قَالَ أَبُو النّصر: وافتدى الملك نفسه بخمسين فيلا. وكان مُسِنًا، فتألّم مما تمّ عَلَيْهِ، وآثر النّار عَلَى العار، فحلق شعره، ثم حرّق نفسه حتى تلف.
قَالَ أَبُو النّصر: وافتدى الملك نفسه بخمسين فيلا [3] .
__________
[1] المنتظم 7/ 220، الكامل في التاريخ 9/ 178.
[2] في الأصل «غزي» .
[3] تكرّرت هذه العبارة كما هو واضح. وتراجع هذه الوقائع في (الكامل في التاريخ 9/ 169، 170) .

(27/226)


[حوادث] سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة
فيها منع عميد الجيوش يوم عاشوراء من النَّوح وتعليق المُسُوح فِي الْأسواق، ومنع السُّنِّيّة عمّا أبدعوه فِي أمر مُصْعَب بْن الزُّبَيْر [1] .
وفيها قبض بهاء الدّولة عَلَى وزيره أَبِي غالب مُحَمَّد بْن خَلَف، وقرّر عَلَيْهِ مائة ألف دينار [2] .
وفيها برز عميد الجيوش، وذهب إلى سُورا [3] ، فاستدعى سيف الدّولة عَلِيّ بْن مَزْيَد، وقرر عَلَيْهِ فِي العام أربعين ألف دينار عَنْ بلاده، وأقرّه عليها [4] .
وفي ربيع الآخر منها أمر نائب دمشق بمصوَلة [5] الْأسود الحاكمي بمغربيّ، فطيف بِهِ عَلَى حمار، ونودي عَلَيْهِ: هذا جزاء من يحبّ أَبَا بَكْر وعُمَر، ثم أمر بِهِ، فأخرج إلى الرملة [6] فضربت عُنُقُه هناك، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، ولا رضى عن قاتله.
__________
[1] المنتظم 7/ 222.
[2] المنتظم 7/ 222.
[3] سورا: موضع بالعراق من أرض بابل وهي مدينة السريانيين. (معجم البلدان 3/ 278) .
[4] المنتظم 7/ 223.
[5] هكذا قيّد في الأصل مع الضبط، وهو «تمصولت» في تاريخ دمشق، و «تموصلت» في (أمراء دمشق 21 رقم 74) ويقال: «طزملت» و «طمزان» . ويقال أيضا: «تمسولت» بن بكار. (ذيل تاريخ دمشق 58 و 63) وانظر عنه: (اتعاظ الحنفا 2/ 34، 35، 43، 46، 48) ، والمختصر في أخبار البشر 2/ 136، النجوم الزاهرة 4/ 207، تاريخ ابن الوردي 1/ 317.
وهو: أبو محمد الأسود، كما في: مآثر الإنافة 1/ 324.
[6] في الأصل «الرماد» .

(27/227)


وفيها نازل السلطان محمود بْن سُبُكْتِكين بسِجِسْتان، وأخذها من صاحبها خَلَف بْن أحْمَد بالأمان، فاستناب عليها الحاجب قنجي من كبار قوّاد أَبِيهِ، فخرج عَلَيْهِ أهل سِجِسْتان بعد أشهر، فسار محمود فِي عشرة آلاف وحاربهم، وقتل منهم مقتلة كبيرة في ذي الحجّة [1] .
__________
[1] قارن مع الكامل في التاريخ 9/ 172 و 175.

(27/228)


[حوادث] سنة أربع وتسعين وثلاثمائة
فيها قلّد بهاء الدّولة الشريفَ أَبَا أحْمَد الْحُسَيْن بْن مُوسَى المُوسَوِي قضاءَ القُضاة والحجّ والمَظَالم ونقابة الطّالبيّين، وكتب لَهُ من شيراز العهد، ولقبه «الطاهر الْأوحد ذو المناقب» ، فلم ينظر فِي قضاء القُضاة، لامتناع القادر باللَّه من الْأذن لَهُ [1] .
وحج بالنّاس أَبُو الحارث مُحَمَّد بْن مُحَمَّد العَلَوِي، فاعترض [الحاجّ] [2] الأصفر المنتفقي ونازلهم، وعوّل عَلَى نهبهم، فقالوا: من يكلّمه ويقرّر لَهُ ما يأخذ؟ فنفذوا أَبَا الْحَسَن [3] بْن الرّفّاء وأَبَا عَبْد اللَّه بْن الدَّجاجيّ، وكانا من أحسن النّاس قراءة، فدخلا إِلَيْهِ، وقرءا بين يديه، فَقَالَ: كيف عَيْشُكُما ببغداد؟ فقالا: نِعْمَ العيش، تصلنا الخلع والصِّلات. فَقَالَ: هَلْ وهبوا لكما ألفا [4] ألف دينار؟ قالا: لا، ولا ألف دينار. فَقَالَ: قد وهبت لكما الحاجَّ وأموالهم، فدعوا لَهُ وانصرفوا، وفرح النّاس. ولما قرءا بعرفات، قَالَ أهل مصر والشام: ما سمعنا عنكم بتبذير مثل هذا! يكون عندكم شخصان مثل هذين، فتستصحبونهما معكم معًا، فإن هَلَكا، أيّ شيء تحملون [5] ؟
__________
[1] المنتظم 7/ 226، 227.
[2] زيادة من المنتظم.
[3] في المنتظم «الحسين» وما أثبتناه يتفق مع ابن الأثير في الكامل، وتاريخ بغداد 11/ 323.
[4] في المنتظم 7/ 227 «ألف» .
[5] في المنتظم: «فبأىّ شيء «تتجمّلون» .

(27/229)


وأخذهما [1] أَبُو الحسين بْن بُوَيْه مَعَ أَبِي عبد اللَّه بْن بهلول، وكانوا يُصَلُون بِهِ بالنّوبة [2] التّراويح، وهم أحداث [3] .
__________
[1] في الأصل «وأخذ» والتصحيح من مفهوم رواية ابن الجوزي حيث يقول: «ولما ورد أبو الحسين بن بويه بغداد أخذ هذين القارئين ومعهما أبو عبد الله بن البهلول.» (7/ 228) .
[2] أي: بالتناوب.
[3] المنتظم 7/ 227، 228، الكامل 9/ 182.

(27/230)


[حوادث] سنة خمس وتسعين وثلاثمائة
حجّ بالعراقيين جَعْفَر بْن شعيب السّلار، ولحقهم عَطَش فِي طريقهم، فهلك خلْق كثير [1] .
وفي المحرم قتل الحاكم بمصر جماعة من الْأعيان صبَرًا [2] .
وفيها قُتِل المنتصر أَبُو إِبْرَاهِيم إِسْمَاعِيل بْن نوح بْن نصر بن نوح السّاماني، وكان قد أُسِر أخوه عَبْد الملك، كما ذكرنا فِي سنة تسعٍ وثمانين.
واستولى عَلَى ما وراء النهر إيلك خان، وقبض عَلَى أَبِي إِبْرَاهِيم هذا، وعلى أخيه عَبْد الملك، وعلى نوح بْن منصور الرضيّ، وعلى أعمامهم أَبِي زكريّا، وأَبِي سُلَيْمَان، فتحيّل المنتصر وهرب من السجن فِي زيّ امْرَأَة كانت تنتابهم لمصالحهم، واختفى أيامًا عند عجوز، وذهب إلى خُوَارِزْم، فتلاحق بِهِ من بَدْوِ نمار من بقايا الدّولة السّامانية، حتى اجتمع شَمْلُه، وكثف خيله ورِجْله، وأغار بعض عمّاله عَلَى بُخَارَى، وبيتوا بضعة عشر قائدًا من القوّاد، وحملوا فِي وثاقٍ إلى خُوَارِزْم، وانهزم من بقي من قوّاد إيلك خان، وعاد المنتصر إلى بُخارى، وفرح النّاس، فجمع إيلك جيوشه، وتكاثفت أيضًا جموع المنتصر، وقصد نيسابُور، وحارب أميرها نصر بْن سُبُكْتِكين أخا محمود، فهزمه، وأخذ نيسابور، فانزعج لذلك السّلطان محمود، وطوى
__________
[1] المنتظم 7/ 229.
[2] انظر: اتعاظ الحنفا 2/ 59.

(27/231)


المغار، حتى وافى [1] نيسابُور، فتقهقر عَنْهَا المنتصر إلى أَسْفِرايين [2] ، وجبى الخراج، وقدم لَهُ شمس المعالي [قابوس] [3] خيلا وجمالا وبغالا، وألف ألف دِرْهَم، وثلاثين ألف دينار، مُدارةً عَنْ جُرْجَان.
ثم إنّ المنتصر عاد إلى نيسابور، فتحيّز عنها أخو محمود، وجبى المنتصر منها الْأموال، ثم التقى هُوَ وأخو محمود، فكانت بينهما وقعة ملحمة هائلة، فكانت النّصرة لصاحب الجيش نصر بْن سُبُكْتِكين، وانهزم المنتصر، فجاء إلى جُرْجَان، فدفعه عَنْهَا شمس المعالي، ثم التقى المنتصر أيضًا هُوَ والسُّبُكْتِكينيّة بظاهر سَرْخَس، وقُتِل خلْقٌ من الفريقين، وانهزم جَمْعُ المنتصر، وقُتِل جماعة من قوّاده، فسار المنتصر يعتسف المهالك، فانتبذ بِهِ إلى محالّ الْأتراك الغُزِّيَّة، ولهم مَيْل إلى آل سامان، فأخذتهم المَذَمَّة من خُذْلانه، وحرّكتهم الحَمِيَّة لعونه فِي سنة ثلاث وتسعين، وقصدوا أيلك خان، وحاربوه، ثم خافهم المنتصر وفارقهم، وراسل السُّلطانَ محمود بْن سُبُكْتِكين يذكِّره بحقوق سَلَفِه عَلَيْهِ، فأكرم محمود رسوله، وتماثل حال المنتصر، وجرت لَهُ أحوال وأمور وحروب عديدة.
وكان موصوفًا بالدَّهاء والشّجاعة المُفْرِطة، ثم قام معه فتيان أهل سمَرْقَنْد، وتراجع أمره، فسمع الخان باحتداد شوكته واشتداد وطْأَته، فزحف [4] إِلَيْهِ فِي شعبان سنة أربع وتسعين وثلاثمائة، وانكسر الخان أيلك، ثم جمع وحَشَد وكَرَّ لطلب الثّأر، فالتقوا، فخامر خمسة آلاف من جيش المنتصر، وانحازوا إلى أيلك، فاضطّر المنتصر إلى الانهزام، واستَمَرَّ القتْلُ بجيشه، وبقي المنتصر أينما قصد، شُهِرَت عَلَيْهِ السّيوف وكَثُر أضداده، ودَلف إِلَيْهِ صاحب الجيش ابن سبكتين، ووُلّي سرخس، وولّى طوس. وحثّوا الظّهر في
__________
[1] في الأصل «وأوفى» .
[2] أسفرايين: بالفتح ثم السكون، وفتح الفاء، وراء، وألف، وياء مكسورة، وياء أخرى ساكنة، ونون. بليدة حصينة من نواحي نيسابور على منتصف الطريق من جرجان، واسمها القديم «مهرجان» . (معجم البلدان 1/ 177) .
[3] إضافة على الأصل من الكامل 9/ 157 للتوضيح.
[4] في الأصل «فرجف» .

(27/232)


طلبه، ففاتهم إلى بِسطام، فرماه شمس المعالي بنحو ألفين من الْأكراد والشاهجانية، فأزعجوه عَنْهَا حتى ضاقت عَلَيْهِ المسالك، فتلقّاه ابن سرخك الساماني، بكتاب يخدعه فِيهِ، فانفعل طمعًا فِي وفائه، فثنته خَيْل أيلك خان بطرف خُرَاسان، فطاردهم، ثم ولاهم ظهره، فأسروا إخوته، والتجأ إلى ابن بهيج الْأعْرابي، فما خَفَر حقَّ مَقْدَمِه، وروّى الْأرض من دمه [1] ، كما عناه أَبُو تمام بقوله:
فتًى مات بين الطَّعْن والضَّرْب مِيتَةً ... تقوم مقامَ النَّصْر إذ فاته النَّصْرُ
فأثبتَ فِي مُسْتَنْقَع الموتِ رِجْلَه ... وقَالَ لها من دون أَخْمَصِك الحَشْرُ
غدا [2] غدوة الحمد فسبح رِدائه ... فلم ينصرف إلا وأكفانه الْأجْرُ
مضى طاهرَ الْأثواب لم تبق رَوْضَةٌ ... غداةَ ثَوَى إلا اشتهتْ أَنَّها قَبْرُ
عليكَ سلامُ اللَّه وقْفًا فإنّني ... رَأَيْت الكريمَ الحُرَّ لَيْسَ لَهُ عُمْرُ [3]
وانقضت الْأيام السامانيّة، وذلك في أوائل سنة خمس وتسعين وثلاثمائة.
__________
[1] راجع هذه الحوادث في الكامل في التاريخ 9/ 156- 159.
[2] في الأصل «غدي» .
[3] الأبيات في ديوان أبى تمّام 4/ 79، 85 من قصيدة يرثى بها محمد بن حميد الطوسي أحد قوّاد المأمون الّذي أرسله لقتال بابك الخرّمىّ.

(27/233)


[حوادث] سنة ستّ وتسعين وثلاثمائة
فيها تولّى ابن الْأكفاني قضاءَ جميع بغداد [1] .
وفيها جلس القادر باللَّه لأبي المنيع قرواش بْن أَبِي حسّان، ولقّبه بعميد [2] الدولة، وتفرد قرواش بالإمارة [3] .
وحجّ بالناس مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عُمَر العَلَوِي، وخطب بالحَرَمَيْن للحاكم صاحب مصر عَلَى القاعدة، وأمر النّاسَ بالحَرَمَيْن بالقيام عند ذِكْره، وفعل مثل ذَلِكَ بمصر، وكان إذا ذُكِر قاموا وسجدوا فِي السُّوق، وفي مواضع الاجتماع [4] ، فإنّا للَّه وإنّا إِلَيْهِ راجعون، فلقد كَانَ هَؤُلاءِ العُبَيْدِيُّون شرًّا عَلَى الْإسلام وأهله من الشرّ.
__________
[1] المنتظم 7/ 230.
[2] في المنتظم «معتمد» .
[3] المنتظم 7/ 230.
[4] المنتظم 7/ 230، 231.

(27/234)


[حوادث] سنة سبع وتسعين وثلاثمائة
فيها خروج أَبِي ركوة الْأمويّ من ولد هشام بْن [عَبْد] الملك، واسمه الوليد، وكان يحمل ركوة فِي السَّفر، ويتزهَّد، وقد لقي المشايخ، وكتب الحديث بمصر، وحجّ، ودخل اليمن والشام، وكان فِي خلال أسفاره يدعو إلى القائم من ولد هشام بْن عَبْد الملك، ويأخذ البَيْعَة عَلَى من ينقاد لَهُ، ثم جلس معلِّمًا، واجتمع عنده أولاد العرب، فدعاهم فوافقوه، وأسَرَّ إليهم أَنَّهُ الْإمَام، ولقّب نفسه بالثائر بأمر اللَّه المنتصف [1] من أعداء اللَّه، فعرف بهذا بعض الولاة، فكتب إلى الحاكم بأن يأذن لَهُ فِي طَلَبه قبل أن تقوَى شوكتُه، فأمره باطِّراح الْأمر والفكر فِيهِ، لئلا يجعل لَهُ سوقًا، وينبّه عَلَيْهِ، وكان يخبرهم عَنِ المُغَيَّبات، ثم حاربه ذَلِكَ الوالي فِي عسكره، فظفر بِهِ أَبُو ركْوة، ثم أخذوا أسلابهم، فأصاب مالية. ونزل بَرْقَة، فجمع لَهُ أهلها مائتي ألف دينار، وأخذ من يهوديّ مائتي ألف دينار، ونقش السِّكَّة باسمه، وخطب النّاس ولعن الحاكم وشتمه، فحشد لَهُ الحاكم وجهّز لقتاله ستّة عشر ألفًا، عليهم الفضل بْن عَبْد اللَّه، وأنفق فيهم ذهبًا عظيمًا، فلما قارب تلقّاه أَبُو ركْوة، فرام مُناجَزَتَه، والفضلُ يُرَاوِغ، فَقَالَ أصحاب أَبِي ركْوة: قد بذلنا نفوسنا دونك، ولم يبق فينا فضْل لمعاودة حرب، ونحن مطلوبون لأجلك، فخذ لنفسك، وانظر أيّ بلد شئت لنحملك إليه، فذهب إلى بلد النُّوبة لأنّه كَانَ مُهَادِنَه، فبعث الفضل فِي طلبه عسكرًا، فأدركوه، فأسلمه أصحابه، فحمل إلى
__________
[1] في المنتظم 7/ 233 «المنتصر» .

(27/235)


الحاكم. فأُركب جملا وطِيف بِهِ، ثم قُتِل [1] .
وبالغ الحاكم فِي إكرام الفضل وإعطائه الْأقْطاع، فمرض، فعاوده مرّتين دُفْعَتين، فلما عُوفي قتله [2] .
وفيها ورد كتاب من بهاء الدولة بتقليد الشريف أَبِي الْحَسَن مُحَمَّد بْن أَبِي أحْمَد الْحُسَيْن بْن مُوسَى العلوي الحَسَني النّقابة والحجّ، وتلقيبه بالرِّضى ذي الحَسَبَيْن، ولُقِب أخوه أَبُو القاسم بالشريف المرتضى ذي المجدَيْن [3] .
وفي رمضان قلّد سند الدولة على بن مزيد [4] ما كَانَ لقرواش، وخلع عَلَيْهِ [5] .
وثارت عَلَى الحجَّاج ريح سوداء بالثعْلبية [6] حتى لم ير بعضهم بعضًا، وأصابهم عطش شديد، واعتقلهم ابن الجرّاح عَلَى مال [7] طلبه، وضاق الوقت، فردّوا، ووصل أوّلُهم إلى بغداد يوم التَّرْوِيَة [8] ، فلا قوّة إلّا باللَّه.
__________
[1] انظر خبر أبى ركوة في: المنتظم 7/ 233، 234، والكامل في التاريخ 9/ 197- 203، واتعاظ الحنفا 2/ 60- 66، وذيل تاريخ دمشق 65، 66، والنجوم الزاهرة 4/ 212، والبداية والنهاية 11/ 337، وتاريخ ابن خلدون 4/ 58، وشذرات الذهب 3/ 148، والعبر 3/ 62، 63، ودول الإسلام 1/ 238، وعيون الأخبار 209- 252، والمختصر في أخبار البشر 2/ 138، وتاريخ ابن الوردي 1/ 319، والبيان المغرب 1/ 257، 258، وانظر:
تاريخ يحيى بن سعيد الأنطاكي (بتحقيقنا) .
[2] انظر: اتعاظ الحنفا 2/ 66، 67.
[3] المنتظم 7/ 234.
[4] في الأصل: «سيف الدولة على بن يزيد» .
[5] المنتظم 7/ 234.
[6] في الأصل «بالتغلبية» وهو تحريف، والثعلبية: من منازل طريق مكة من الكوفة. (معجم البلدان 2/ 78) .
[7] في الأصل «ما» والتصحيح من (المنتظم 7/ 234) .
[8] المنتظم 7/ 234، الكامل 9/ 205، شفاء الغرام (بتحقيقنا) 2/ 356.

(27/236)


[حوادث] سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة
فِي ربيعٍ الآخر، وقع ثلج عظيم ببغداد، حتى كَانَ سُمْكُه فِي بعض المواضع ذراعًا ونصفًا، وأقام أسبوعًا لم يذُبْ، ورُمِي إلى الشوارع، وبلغ وقْعُه إلى الكوفة، وإلى عَبَّادان [1] .
وكثرت العملات ببغداد واللُّصُوص، وقُتِل منهم جماعة [2] .
وفي رجب قصد بعضُ الهاشميّين أَبَا عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن النُّعْمَان بْن المعلّم شيخ الشيعة، وهو فِي مسجد، وتعرّض بِهِ تعرُّضًا امتعض منه تلامذته، فثاروا واستنفروا أهلَ الكَرْخ، وصاروا إلى دار القاضي أَبِي مُحَمَّد الْأكفاني والشيخ أَبِي حامد الإِسْفِرَايِينِيّ فسَبُّوهما، وطلبوا الفقهاء ليُوقِعوا بهم، ونشأت فتنة عظيمة، وأُحْضِر مُصْحَفٌ ذكروا أنّه مُصْحَفٌ ابن مَسْعُود، وهو يخالف المصاحف، فجمع له القضاة والكبار، فأشار أَبُو حامد والفقهاء بتحريفه، ففعل ذَلِكَ بمحضرهم، وبعد أيّام كتب إلى الخليفة بأنّ رجلا حضر المشهد ليلة نصف شعبان، ودعا عَلَى من أحرق المُصْحَفٌ وشتمه، فتقدّم بطلبه، فأُخِذ، فرسم بقتله، فتكلّم أهل الكرْخ فِي أمر هذا المقتول لأنّه من الشيعة، ووقع القتال بينهم وبين أهل البصْرة وباب الشعير ونهر القلائين [3] وقصد أهلُ الكرْخ دار أَبِي حامد، فانتقل عَنْهَا، ونزل دار القطن، وصاح الرَّوَافض: «يا حاكم يا منصور» ، فأحفظ [4] القادر باللَّه ذلك، وأنفذ الفرسان
__________
[1] المنتظم 7/ 237.
[2] تاريخ يحيى بن سعيد الأنطاكي (بتحقيقنا) .
[3] في الأصل «القلابين» والتصحيح من (المنتظم 7/ 238) .
[4] في الأصل «فاحفض» وهو تصحيف.

(27/237)


الذين عَلَى بابه لمعاونة السُّنَّة، وساعدهم الغلمان، فانكسر الرَّوَافض وأحرق ما يلي نهر الدَّجَاج، ثم اجتمع الرؤساء إلى الخليفة، فكلّموه، فعفا عَنْهُمْ، ودخل عميد الجيوش بغداد، فراسل ابن المعلّم بأن يخرج عَنْ بغداد ولا يساكنه، ووكّل بِهِ، فخرج فِي رمضان، وضرب جماعة، ممّن قام فِي الفتنة، وحبس آخرين، ومنع القصّاص ومن الْجُلوس، ثم سَأَلَ ابن مُزْيَد فِي ابن المعلّم فردَّ وأذِنَ للقُصَّاص، بشرط أن لا يتعرضوا للفِتَن [1] .
وفي شعبان وقع بَرَدٌ فِي الواحدة نحو خمسة دراهم [2] .
وفيه زُلْزِلَت الدِّينور [3] ، فمات تحت الرَّدْم أكثر من ستّة عشر ألف آدمي، وفرّ السّالمون إلى الصّحراء، فأخذوا أكواخًا، وهلك ما لا يُحْصَى، وأهدمت أكثر المدينة، وزُلْزِلَت سِيرَاف والسّيف [4] ، وغَرَّق الماءُ عدَّة مراكب، ووقع هناك بَرَدٌ عظيم، ووُزِنَت بَرَدَةٌ، فكانت مائة وستّة دراهم [5] .
وفيها هدم الحاكمُ بيعةَ قمامة التي بالقُدس، وهي عظيمة القدر عند النَّصارى، يحجُّون إليها، وبها من السُّتُور والآلات والأواني الذَّهب شيءٌ مفْرِط، وكانوا فِي العيد يظهرون الزّينة، وينصبون الصّلبان، وتعلّق القُوَّامُ القناديلَ فِي بيت المذبح، ويجعلون فيها دهن الزئبق، ويجعلون بين القنديلين [6] خيطًا الحرير متصلا، وكانوا يَطْلُونه بدهن البلسان، ويتقرّب بعض الرّهبان، فيتعلّق النّارَ فِي خيطٍ منها من موضعٍ لا يراه أحد، فيتنقّل بين القناديل، فيرقد الكلّ ويقولون: نزل النُّور من السّماء فأوقدها، فيضجّون،
__________
[1] المنتظم 7/ 237، 238، الكامل في التاريخ 9/ 208، مرآة الجنان 2/ 448، 449، البداية والنهاية 11/ 338.
[2] المنتظم 7/ 338.
[3] في الأصل «الدور» .
[4] في الأصل «السبب» .
[5] المنتظم 7/ 238، الكامل 9/ 208، تاريخ الزمان 76، مرآة الجنان 2/ 449، البداية والنهاية 11/ 339، شذرات الذهب 3/ 150، وانظر: تاريخ يحيى بن سعيد الأنطاكي (بتحقيقنا) .
[6] في الأصل «القندلين» .

(27/238)


فلمّا وُصِفَت هذه الحالة للحاكم، كتب إلى والي الرَّمْلة، وإلى أحمد بن يعقوب الدّاعي بأن يقصد بيتَ المقدس، ويأخذ القضاةَ والأشرافَ والرؤساءَ، وينزلون عَلَى هذه الكنيسة، ويُبِيحُوا للعامَّة نَهْبَها، ثم يخربونها إلى الْأرض، وأحسّ النَّصَارَى، فأخرجوا ما فيها من جوهر وذهب وستُور، وانْتُهِب ما بقي، وهُدِمت.
ثم أمر بهدم الكنائس، ونَقَضَ بعضها بيده، وأمره بأن يعمِّر مساجدَ للمسلمين، وأمر بالنّداء: من أراد الْأسْلامَ فلْيُسْلِم، ومن أراد الانتقال إلى بلد الروم كَانَ آمنًا إلى أن يخرج، ومن أراد المقام عَلَى أن يَلْزَم ما شُرِطَ عَلَيْهِ فلْيَقُم. وشَرَط عَلَى النصارى تعليقَ الصُّلْبان ظاهرةً عَلَى صُدُورهم، وعلى اليهود تعليق مثال رأس العجل في أعناقهم، ومنعهم من ركوب الخيل، فعملوا صلبان الذَّهب والفضّة، فأنكر الحاكم ذاك، وأمر المحتسبين بإلزامهم تعليقَ صُلبان الخشب، وأن يكون قدر الواحد أربعة أرطال، واليهود تعليق خشبة كالمدقّة، وزنها ستّة أرطال، وأن يشدّ فِي أعناقهم أجراسًا عند دخولهم الحمّامات.
ثم إنَّه قبل أن يُقْتل أذّن فِي إعادة البِيَعِ والكنائس، وأذِن لمن أسلم أن يعود إلى دينه، لكونه مُكْرَهًا. وقَالَ: تنزّه [1] مساجدنا عمّن لا نيّة لَهُ فِي الإسلام [2] .
__________
[1] في المنتظم 7/ 240 «ننزّه» .
[2] وقد علّق ابن الجوزي على ذلك فقال: «وهذا غلط قبيح منه وقلّة علم فإنه لا يجوز أن يمكن من أسلم من الارتداد» . وانظر: الكامل 9/ 208، 209، وتاريخ الزمان 76، 77، ومرآة الجنان 2/ 449، والبداية والنهاية 11/ 339، واتعاظ الحنفا 2/ 74، 75، وشذرات الذهب 3/ 150، وتاريخ الأنطاكي (بتحقيقنا) .

(27/239)


[حوادث] سنة تسع وتسعين وثلاثمائة
وفي شعبان عصفت ريح شديدة بالعراق، وألقت رملا أحمر بالطُّرُق والبيوت [1] .
وفيها عُزِل أَبُو عَمْرو [2] قاضي القُضاة، ووُلِّي القضاءَ أَبُو الْحَسَن بْن أَبِي الشّوارب، فَقَالَ العُصْفُرِي الشّاعر:
عندي حديثٌ ظريفٌ ... بِمِثْلِهِ يُتَغَنَّى
من قاضيين يُعَزَّى ... هذا وهذا يُهَنّا
هذا يَقُولُ: أَكْرَهُونا ... وذا يَقُولُ: اسْتَرَحْنَا
ويكذِبان جميعًا [3] ... ومَن يُصَدَّقُ مِنّا [4]
ورجع الرَّكْبُ العراقي خوفًا من ابن الجرّاح الطّائي، فدخلوا بغدادَ يوم عَرَفة، وخرج بنو رعب [5] الهلاليّون، وهم ستّمائة، عَلَى رَكْب البصْرة، فأخذوا منهم بما قيمته ألف ألف دينار. كذا نقل ابن الْجَوْزِي فِي مُنْتَظَمِه [6] .
وفيها وُلّى دمشقَ أَبُو الْحَسَن حامد بْن ملهم للحاكم، بعد عليّ بْن جَعْفَر بْن فلاح، فوليها سنة وأشهرًا، ثم عُزِلَ، وكان جوادًا ممدّحا، وولّى
__________
[1] المنتظم 7/ 243.
[2] في الأصل «عمرو» .
[3] المنتظم 7/ 243، 244، الكامل 9/ 211، البداية والنهاية 11/ 341.
[4] في المنتظم «ويكذبان ونهذى» وكذا في الكامل في التاريخ 9/ 211.
[5] في الأصل «زعب» والتصويب من (المنتظم 7/ 244) .
[6] المنتظم 7/ 244، مرآة الجنان 2/ 450، البداية والنهاية 11/ 341.

(27/241)


بعده أو معه القائد أَبُو منصور ختكين [1] الدّاعي المعروف بالضَّيف [2] ، ذكره ابن عساكر فَقَالَ: وُلِّي إمرة دمشق مرّتين للحاكم فأساء السّيرة [3] .
وفي جُمادى الآخرة كانت الفتنة بالأندلس، وثار مُحَمَّد بْن هشام الْأمويّ عَلَى متولِّي الْأندلس، وانْخَرَمَ النّظام ووَهَى سلطانُ بني أُمَيّة بالأندلس [4] .
__________
[1] في الأصل «جتكين» والتصويب من (أمراء دمشق 29 رقم 98) .
[2] في الأصل «النضيف» .
[3] انظر: تاريخ الأنطاكي وملحقة بتحقيقنا.
[4] انظر: الكامل 9/ 216- 219.

(27/242)


[حوادث] سنة أربعمائة
نقص فِي ربيع الآخر نهر دِجْلة نُقْصانًا لم يُعْهد مثله، وامتنع سَيْر السُّفُن من أَوَانَا [1] والرّاشديّة من أعالي دِجلة، لأجل جزائر ظهرت، ولا يُعْلَم أنّ كَرْيَ [2] دِجلةَ وقع قبل ذَلِكَ [3] .
وفيها عمل أَبُو مُحَمَّد الْحَسَن بْن الفضل بْن سهلان عَلَى مشهد عليّ سُورًا منيعًا من ماله، لكثرة من يطرقه من الْأعراب، وتحصّن المشهد [4] .
وفي رمضان أُرْجِف بالقادر باللَّه بموته، فجلس للنّاس يوم الجمعة وعليه البُرْدَة، وبيده القضيب، وقبّل الشَّيْخ أَبُو حامد الإِسْفِرَايِينِيّ الْأرضَ، فسأل الْحَسَن بْن حاجب النُّعْمَان الخليفة أن يقرأ آيات من القرآن يسمعها النّاس، فقرأ عند ذَلِكَ بصوتٍ عالٍ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ في الْمَدِينَةِ 33: 60 الآيات [5] .
وفيها ورد الخبر إلى العراق [بأن الحاكم] [6] أنفذ إلى دار جعفر الصّادق
__________
[1] في الأصل «أوابا» وهو تحريف، وأوانا: بالفتح والنون، بليدة من نواحي رجيل بغداد.
(معجم البلدان 1/ 274) .
[2] في الأصل «كرمي» وهو تصحيف، والتصحيح من (المنتظم 7/ 245) .
[3] المنتظم 7/ 245، الكامل 9/ 219، البداية والنهاية 11/ 342.
[4] المنتظم 7/ 246.
[5] سورة الأحزاب- الآية 60، والخبر في المنتظم 7/ 246، والكامل 9/ 219، 220، البداية والنهاية 11/ 342.
[6] ساقطة من الأصل، والإستدراك من (المنتظم 7/ 246) .

(27/243)


بالمدينة من فتحها وأخذ ما فيها، ولم يتعرّض لهذه [1] الدّار أحد، وكان الحاكم قد أنفذ رجلا ومعه صِلات العلويين وزادُهم، وأمره أن يجمعهم ويُعْلِمَهم إيثاره لفتح هذه الدّار، والنّظر إلى ما فيها من آثار جَعْفَر بْن مُحَمَّد، وَحُمِلَ ذَلِكَ إِلَيْهِ ليراه ويردّه، ووعدهم عَلَى ذَلِكَ بالإكرام، فأجابوه، ففُتِحَت، فوُجِد فيها مصحفٌ وقعب من خشب مطوَّق بحديد، ودرقة خَيْزران وحربة وسرير، فحُمِل ذَلِكَ، ومضى معه جماعة من الحسينيّين، ولما وصلوا إلى مصر أعطاهم مبلغًا، وردّ عليهم السّرير وأخذ الباقي، وقَالَ: أَنَا أحقُ بِهِ [2] .
وأمر بعمارة «دار العِلْم» [3] ، وأحضر فيها فقهاء ومحدّثين. وعمّر أيضًا الجامع الحاكمى بالقاهرة، واتّصل الدعاء له، فبقي كذلك ثلاث سنين، ثم أقبل يقتل أهل العلم، وأغلق دار العلم، ومنع من كل ما يفعل من الخير [4] ، ثم قُتِل سرًّا [5] .
وحجّ بالنّاس من العراق أَبُو الحارث مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عُمَر العَلَوي الكُوفي. [6] وفيها غزا [7] محمود بْن سُبُكْتِكين الهند، فكانت وقعة نارين، ونصر اللَّه الْإسلام، فله الحمد، وغنم المسلمون ما لا يُحدُّ ولا يوصف، وطلب صاحب الهند الهدنة، وبعث بتُحَفٍ وتقادُم مَعَ أقاربه [8] .
قال أبو النصر محمد بن عبد الجبار في سيرة السلطان محمود: نشط
__________
[1] في الأصل «لهذا» .
[2] المنتظم 7/ 246، الكامل 9/ 219، البداية والنهاية 11/ 342.
[3] انظر عنها في: المغرب في حلى المغرب 60.
[4] المنتظم 7/ 246، 247، مرآة الجنان 2/ 452، البداية والنهاية 11/ 342، شذرات الذهب 3/ 158.
[5] تأخر قتل الحاكم حتى سنة 410 هـ أو 411 هـ.
[6] المنتظم 7/ 247.
[7] في الأصل «غزي» .
[8] الكامل في التاريخ 9/ 213.

(27/244)


السلطان في سنة أربعمائة لغزو الهند تقرُّبًا إلى اللَّه، فنهض يحثّ الخيول، ويخترق الحزون والسّهول، إلى أن توسّط ديار [1] الهند فاستباحها، ونكّس أصنامها، وأوقع بعظيم العُلُوج وقعةً أفاء اللَّه عَلَيْهِ بها أمواله، وأغنم خيوله وأفياله، وحكَّم فيها سيوفَ أوليائه، يحرسونهم ما بين كل سبسب وفَدْفَد، ويجرّرونهم عند كلّ مهبط ومصعد، وردّ إلى غَزْنَة بالغنائم، فلما رَأَى ملك الهند ما صبّ اللَّه عَلَيْهِ وعلى أهل مملكته من سَوْط العذاب بوقائع السلطان، أيقن أَنَّهُ لا قِبَل لَهُ بثقل وطْأته، فأرسل إليه أعيان أقاربه ضارعا إليه في هدنة يقف فيها عند أمره، ويسمح بماله ووفره، على أن يقود إليه بادئ الأمر وخمسين فيلا، معها مالا عظيم الخطر، بما يضاهيه من مسار تلك الديار، ومتاع تِلْكَ البقاع، وعلى أن يناوب كلّ عام من أفناء عسكره فِي خدمة باب السلطان بألفي رَجُل، إلى إتاوة معلومة. فأوجب السلطان إجابته ببذل طاعته، وإعطائه الجزية عن يده، وبعث إِلَيْهِ من طالبه بتصحيح المال، وقَوْد الْأفيال، فنفّذ ما وعدوا، وانعقدت الهدنة، وتتابعت القوافل من خُرَاسان والهند، وللَّه الحمد.
وبقيت جبال الغَوْر فِي وسط ممالك السلطان محمود، وبها قوم من الضُّلال الخالين عَنْ سِمَة الْإسلام يخِيفون السّبيل، ويتمنّعون بتلك الجبال الشواهق، فأَهمَّ السلطانَ شأنُهم، وصمّم عَلَى تدويخ ديارهم وانتزاع بعرة الاستطالة من رءوسهم، فأجْلَب عليهم بخيله ورِجْله، وقدّم أمامه والي هَرَاة التونتاش، ووالي طُوس أرسلان، فسارا مقتحمين مضايق تِلْكَ المسالك، إلى مضيق قد غصّ بالكماة، فناوشوا الحربَ تناوشًا بطلت فِيهِ العوامل إلا الصّوارم فِي الجماجم والخناجر فِي الحناجر، وتصابر الفريقان، حتى سالت نفوس، وطارت رءوس، فلحِقَهم السلطان فِي خواصّ أبطاله، وجعل يُلْجئُهم إلى ما وراءهم شيئًا فشيئًا، إلى أن فرّقهم فِي عَطَفات الجبال، واستفتح المجال إلى عظيم الكَفَرَة المعروفة بابن سُورَى، فغزاه فِي عُقر داره، وأحاط ببلده، وشد عَلَيْهِ، فبرز الرجل فِي عشرة آلاف كأنّما خلقوا من حديد، وكأنّ
__________
[1] في الأصل «وبار» .

(27/245)


أكبادهم الجلاميد، يستأنسون بأهل الوقائع استئناس الظَّبَايا السّرائع، ودام القتال إلى نصف النّهار، فأمر السلطان بتوليتهم الظهور استدراجًا، فاغترُّوا وانقضُّوا عَلَى مواقعتهم، واغتنموا الفرصة، فكرّت عليهم الخيول بضربات غنيت بذواتها عَنْ أدواتها، فلم ترتفع منها واحدة إلا عَنْ دماغ منثور، ونِياط مبتور، وصُرع في المعركة رجال كهشيم المحتظر، أو أعجازِ نخْلٍ مُنْقَعِر، وأُسِر ابن سُورَى وسائر حاشيته، وأفاء اللَّه عَلَى السلطان ما اشتمل عَلَيْهِ حُصْنُه من ذخائره التي اقتناها كابرٌ عَنْ كابر، وورثها كافرٌ عَنْ كافر، وأمر السلطان بإقامة شعار الْإسلام فيما افتتحه من تلك القلاع، فأفصحت بالدّين المنابر، واشترك فِي عزّ دعوته البادي والحاضر، ولِعظَم ما ورد عَلَى ابن سُورَى، مصّ فصّ خاتمٍ مسموم، فاتلف نفسه، وخسر الدُّنيا والآخرة.
وأما الْأندلس فتمّ فيها فِتَنٌ هائلة، وانقضت أيام الْأمَوِيّين، وتفرقت الكلمة.
وفي ربيع الأوّل سنة أربعمائة دخل البربر والنَّصَارَى قُرْطُبَة، فقتلوا من أهلها أَزْيَدَ من ثلاثين ألفًا، وتملّكها سُلَيْمَان الْأمويّ المستعين، واستقرّ بها سبعة أشهر، ثم بلغه أنّ المهديّ الْأمويّ، وهو ابن عمّه، قد استنجد بالنَّصَارَى لأخذ الثأر منه، فتأهَّب، ثمّ وقع بينهم مصافُّ، فانهزم البربر والمستعين، وذلك فِي رابع شوّال، ودخل المهديّ قُرْطُبَة بدولته الثانية، فصادرهم، وفعل الْأفاعيل، وخرج يتبع البربر، فكرُّوا عَلَيْهِ فهزموه، واستُبِيحَ عسكرُهُ، وقُتِل نحو العشرين ألفًا من أهل قُرْطُبَة [1] ، فإنا للَّه وإنا إِلَيْهِ راجعون، واللَّه أعلم.
آخر الحوادث، والحمد للَّه وحده.
__________
[1] راجع: الكامل في التاريخ 9/ 216- 219.

(27/246)


[وفيات هذه الطبقة]
سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة
أحمد بن عبد الله بن حميد [1] بن زُرَيْق [2] ، أَبُو الْحَسَن البغدادي نزيل مصر.
سَمِعَ: أبا عَبْد الله المَحَامِليّ، ومحمد بْن مخلد، وأَبَا عَلِيّ مُحَمَّد بْن سَعِيد الرّقّي الحافظ، ومحمد بْن بكّار السَّكْسَكي، ومُحَمَّد بْن يوسف الهَرَوِي، ومحمد بن جعفر بن ملاس، وخلقا سواهم، وانتقى عَلَيْهِ خَلَفُ الوساطي.
رَوَى عَنْهُ ابن بنته أَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن مكّي الْمَصْرِيّ، ورشأ بْن نظيف، وعَبْد العزيز بْن عَلِيّ الْأزْجِي، وَأَبُو عُمَر أحْمَد بْن عَبْد اللَّه النّاجي، وآخرون.
وثّقه الصُّورِي.
وزُرَيْق بتقديم الزّاي. تُوُفّي في ربيع الأوَّل.
أحمد بْن محمد بْن نوح، أَبُو حامد الْبُخَارِيّ، قاضي نَسَف. روى عن أبي نعيم عبد الملك بن عَدِيّ، وعيسى بْن عَبْد اللَّه العثماني صاحب بُنْدار.
رَوَى عَنْهُ: جَعْفَر المُسْتَغْفِري، وقَالَ: تُوُفِّي في شوّال.
__________
[1] تاريخ بغداد 4/ 236 رقم 1957 وفيه قدّم رزيق على ابن حميد، العبر 3/ 48، 49، شذرات الذهب 3/ 135، تذكرة الحفاظ 3/ 1023، الإكمال 4/ 54، مشتبه النسبة 1/ 314، سير أعلام النبلاء 16/ 552 رقم 403، الرسالة المستطرفة 114، تبصير المنتبه 2/ 600.
[2] في الأصل «رزيق» .

(27/247)


أحمد بن محمد بن أحمد [1] بن مُوسَى بْن هارون الْأنصاري القُرْطُبي، أَبُو بَكْر.
سَمِعَ مُحَمَّد بْن معاوية، وأَحْمَد بْن ثابت التغلبي، وحجّ فسمع أَبَا الْعَبَّاس الكِنْدِي، والْحَسَن بْن رشيق.
وكان صالحًا منقطعًا، رحمه اللَّه.
أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الْأستاذ، أَبُو الْعَبَّاس السِجسْتاني الزّاهد نزيل نيسابُور.
صحِب الشِّبْليّ، وسمع من أَبِي عَمْرو الحيري، وطبقته، وقلَّ ما رَوَى.
أرّخه الحاكم.
أحْمَد بْن يوسف بْن أحْمَد [2] بْن إِبْرَاهِيم بْن أيوب بْن عَمْرو بْن مُسْلِم بْن واضح، أَبُو بكر الثّقفي الخشّاب الأصبهاني المؤذّن.
والْحَسَن الداركي، والفضل بْن الخصيب، وجماعة.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْر بْن عَلِيّ، وَأَبُو نُعَيْم أحْمَد بْن عَبْد اللَّه، وَأَبُو سهل أحْمَد بْن أحْمَد الصَّيْرَفي، وأَحْمَد بْن الفضل الباطَرْقَانِي، وجماعة.
إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد [3] حاجب، أَبُو عَلِيّ الكشاني [4] .
رَوَى الصّحيح عَنِ الفَرَبْرِي.
وقَالَ الإدريسي: تُوُفِّي فيها، وهو آخر من حدّث بالجامع الصّحيح.
وسيعاد في الآتية.
__________
[1] تاريخ علماء الأندلس 1/ 58، 59 رقم 195.
[2] ذكر أخبار أصبهان 1/ 164، العبر 3/ 49، شذرات الذهب 3/ 135، سير أعلام النبلاء 16/ 551، 552 رقم 402.
[3] تذكرة الحفاظ 3/ 1023، الإكمال 7/ 185، الأنساب 4/ 11 و 431، معجم البلدان 4/ 262، اللباب 3/ 99، العبر 3/ 52، مشتبه النسبة 2/ 552، سير أعلام النبلاء 16/ 481 رقم 354، تبصير المنتبه 3/ 1216.
[4] الكشاني: ضبطت في معجم البلدان بفتح الكاف. وفي الأنساب وغيره بالضم، والنسبة إلى «كشانية» بلدة من بلاد الصّغد بنواحي سمرقند.

(27/248)


جَعْفَر بْن الفضل بْن جَعْفَر [1] بْن مُحَمَّد بن موسى بن الحسن الفرات، الوزير المحدّث، أبو الفضل ابن الوزير أَبِي الفتح بْن حِنْزَابة البغدادي، نزيل مصر.
وَزَرَ أَبُوهُ للمقتدر فِي السنة التي قُتِل المقتدر فيها، وتقلّد أَبُو الفضل وزارة صاحب مصر كافور.
وحدّث عَنْ: مُحَمَّد بْن هارون الحَضْرَمِي، والْحَسَن بْن مُحَمَّد الداركي الْإصبهاني، ومُحَمَّد بْن زهير الْأبُلّي، ومُحَمَّد بْن حمزة بْن عمارة، وأَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن جَعْفَر الخرائطي، ومُحَمَّد بْن سَعِيد الحمصي، وجماعة.
قَالَ الخطيب: كَانَ يذكر أَنَّهُ سَمِعَ من أَبِي [القاسم] [2] البَغَوي مجلسًا، ولم يكن عنده، وكان يَقُولُ: من جاءني بِهِ أغنيته. وكان يُمْلي الحديث بمصر، وبسببه خرج الدار قطنى إلى هناك، فإن [ابن] [3] حنزابة كَانَ يريد أن يصنّف مسندا، فخرج أبو الحسن الدار قطنى إلى مصر، فأقام عنده مدّة، وحصل لَهُ منه مال كثير [4] .
وروى عنه الدار قطنى أحاديث.
وُلِد ابن حنزابة فِي ذي الحجّة سنة ثمان وثلاثمائة، وتُوُفِّي فِي ثالث عشر ربيع الْأوّل.
ومن شعره:
من أخْملَ النفسَ أحياها ورَوَّحَها ... ولم يَبِتْ طَاويا منها عَلَى ضَجَر
إن الرّياح إذا اشتدَّت عواصفُها ... فليس ترمي سوى [5] العالي من الشجر [6]
__________
[1] تاريخ بغداد 7/ 234 رقم 3723، المنتظم 7/ 215، 216 رقم 347، البداية والنهاية 11/ 329، الكامل في التاريخ 9/ 168، تذكرة الحفاظ 3/ 1023- 1025 رقم 953، العبر 3/ 49، 0، النجوم الزاهرة 4/ 203، شذرات الذهب 3/ 135، معجم الأدباء 7/ 163، فوات الوفيات 1/ 203، الفخرى في الآداب السلطانية 225، وفيات الأعيان 1/ 346، الوافي بالوفيات 11/ 118- 122 رقم 202، سير أعلام النبلاء 16/ 484- 488 رقم 357، حسن المحاضرة 1/ 352، 353، طبقات الحفاظ 405.
[2] ساقطة من الأصل.
[3] ساقطة من الأصل.
[4] تاريخ بغداد 7/ 234.
[5] في الأصل «سوءا» والتصحيح من تاريخ بغداد.
[6] في الوافي بالوفيات 11/ 119 «الثمر» .

(27/249)


وقَالَ السلفي: كَانَ أَبُو الفضل بْن حنزابة من الثِّقات الحُفَّاظ المتبجّحين بصُحبة أصحاب الحديث، مَعَ جلالة ورئاسة. يرْوِي ويُملي بمصر فِي حال وزارته، ولا يختار عَلَى العلم وصحبة أهله شيئًا، وعندي من أماليه فوائد، ومن كلامه عَلَى الحديث وتصرّفه الدّالّ عَلَى حدّة فهمه ووفور علمه.
وقد رَوَى عَنْهُ حمزة الكناني الحافظ مَعَ تقدّمه.
وقَالَ غير السِّلَفي: إنّ ابن حنزابة بعد موت كافور، وَزَرَ لأبي الفوارس احمد بْن عليّ الإخشيدي، فقبض عَلَى جماعة من أرباب الدولة وصادرهم، وصادر يعقوب بْن كلس، وأخذ منه أربعة آلاف دِينار، فهرب إِلى المغرب، وآل أمره إِلى أن وزر لبني عُبَيْد. ثم إن ابن حنزابة لم يقدر عَلَى رِضَى الإخشيدية، واضطربت عَلَيْهِ الْأحوال، واختفى مرّتين ونُهِبت داره. ثم قدم أمير الرملة أَبُو الْحَسَن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن طُغج وغلب عَلَى الْأمور، وصادر الوزير ابن حنزابة وعذّبه، فنزح إلى الشام فِي سنة ثمانٍ وخمسين، ثم بعد ذَلِكَ رجع إلى مصر [1] .
وممّن رَوَى عَنْهُ الحافظ عَبْد الغني بْن سَعِيد.
وقَالَ الْحَسَن بْن أحْمَد بْن صالح السبيعي: قدِم علينا الوزير جَعْفَر بْن الفضل إلى حلب، فتلقّاه النّاس، فكنت فيهم، فعرف أنّي محدّث، فَقَالَ:
تعرف إسنادًا فِيهِ أربعة من الصحابة، كلّ واحد يروى عن صاحبه؟ قلت:
نعم، وذكرت لَهُ حديث السّائب بْن يزيد، عَنْ حُوَيْطَب بْن عَبْد العُزَّى، عَنْ عَبْد اللَّه بْن السعدي، عَنْ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُم فِي العمالة [2] ، فعرف لي ذَلِكَ، وصار لي به عنده منزلة.
__________
[1] وفيات الأعيان 1/ 347.
[2] حديث العمالة، أخرجه البخاري في كتاب الأحكام، باب رزق الحاكم والعاملين عليها، من طريق أبى اليمان، عن شعيب، عن الزهري، أخبرنى السائب بن يزيد بن أخت نمر، أنّ حويطب بن عبد العزّى أخبره أنّ عبد الله بن السعدىّ أخبره أنه قدم على عمر في خلافته، فقال له عمر: ألم أحدث أنك تلى من أعمال الناس أعمالا، فإذا أعطيت العمالة كرهتها؟
فقلت: بلى، فقال عمر: ما تريد إلى ذلك؟ فقلت: إنّ لي أفراسا وأعبدا، وأنا بخير، وأريد

(27/250)


وقيل إنّ الوزير ابن حنزابة كَانَ يُستعمل له الكاغذ بسَّمَرْقَنْد، ويُحمل إلى مصر فِي كل سنة، وكان عنده عدّة نُسَّاخ.
وقَالَ عَبْد اللَّه بْن يوسف: حضرت عند أَبِي الْحُسَيْن بْن المهلّبي بالقاهرة، فَقَالَ: كنت منذ أيام حاضرًا فِي دار الوزير أَبِي الفرج بْن كلّس، فدخل عَلَيْهِ أَبُو الْعَبَّاس بْن الوزير أَبِي الفضل بْن حنزابة، وكان قد زوّجه ابنَتَه، وأكرمه وأَجَلَّه، وقَالَ لَهُ: يا أَبَا الْعَبَّاس، يا سيّدي، ما أَنَا بأَجَلّ من أبيك، ولا بأفضل، أتدري ما أقعد أباك خلف النّاس، شَيْلُ أنفه بأبيه، يا أَبَا الْعَبَّاس لا تشِلْ أنفَك بأبيك [1] ، تدري ما الْأقبال؟ نشاطٌ وتواضُعُ، وتدري ما الْأدْبار؟
كسلٌ وترافعٌ [2] .
وقَالَ غيره: كَانَ الوزير أَبُو الفضل يُفطِر وينام نومة ثم ينهض في الليل لمتوضّئه، ويدخل بيت مُصَلاه، فيصفّ قدميه إلى الغَداة، ولما تُوُفِّي صلّى عَلَيْهِ فِي داره الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بْن النُّعْمَان القاضي، وحضر جنازته قائد القوّاد وسائر الْأكابر، ودفن فِي مجلس بداره الكبير [3] ، المعروفة بدار العامّة [4] .
قَالَ المختار المسبّحي: إنه لما غُسِّل، جُعِل فِيهِ ثلاث شعرات مِنْ شَعْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كان ابتاعها بمالٍ عظيم، وكانت عنده فِي دِرْج ذهب، مختومة الْأطراف بالمِسْك، ووصى بأن تُجعل فِي فِيهِ، ففعل ذَلِكَ [5] .
وحنزابة: جارية، هِيَ أمّ والده الفضل. والحنزابة، فِي اللغة: القصيرة الغليظة.
__________
[ () ] أن تكون عمالتي صدقة على المسلمين، قال عمر: لا تفعل، فإنّي كنت أردت الّذي أردت، وكأن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعطيني العطاء، فأقول: أعطه أفقر إليه منّى، حتى أعطانى مرة مالا، فقلت: أعطه أفقر إليه منّى، فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «خذه فتموّله وتصدّق به، فما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل، فخذ، وإلّا فلا تتبعه نفسك» . وأخرجه النسائي 5/ 104، 105، وأحمد في المسند 1/ 17.
[1] لا تهشل أنفك: أي لا تتكبّر وتشمخ بأنفك.
[2] انظر نحوه في (معجم الأدباء) 7/ 173، 174.
[3] في الأصل «الكبير» .
[4] معجم الأدباء 7/ 169، 170، وفيات الأعيان 1/ 349، 350.
[5] فوات الوفيات 1/ 293.

(27/251)


قال ابن طاهر: رَأَيْت عند الحبّال كثيرًا من الْأجزاء التي خُرّجت لابن حنزابة، وفي بعضها الجزء المُوَفى ألفًا [1] من مُسْنَد كذا، والجزء المُوَفى خمسمائة من مُسْنَد كذا، وكذا سائر المُسْنَدات، ولم يزل ينفق فِي البِرّ والمعروف الْأموال،: وأنفق الكثير عَلَى أهل الحرمين، إلى أن اشترى دارًا من أقرب الدُّور، إلى الضّريح النَّبَوِي، لَيْسَ بينه وبين القبر إلا الحائط، وطريق فِي المسجد، وأوصى أن يُدْفَن فيها، وقرر عند الْأشراف ذَلِكَ، فسمحوا لَهُ بذلك، فلما حمل تابوته، من مصر، خرجت الْأشراف من الحرمين لتلقّيه، وحجّلوا بِهِ، وطافوا بتابوته، ثم ردُّوه إلى المدينة ودفنوه فِي تِلْكَ الدار، فعلوا ذَلِكَ لِما لَهُ عليهم من الْأفضال [2] .
حامد بْن مُحَمَّد بْن المطيّب، أَبُو منصور الماليني.
رَوَى عَنْ أَبِي عَلِيّ الرّفّاء، وأَبِي مُحَمَّد المُزَني، وابْن أَبِي عَوْن الفَسَوِي.
رَوَى عَنْهُ: الْإمَام أَبُو عاصم العَبَّادِي، وغيره، وتُوُفِّي فِي شعبان.
الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد [3] بْن شُعْبَة، أَبُو [4] عَلِيّ المَرْوَزِي السبخي.
سكن بغداد، وحدث بجامع التِّرْمِذِيّ عَنِ المحبوبي. وحدّث عَنْ إِسْمَاعِيل الصّفّار وغيره.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو الْحَسَن العتيقي، وغيره.
قَالَ الْأزهري: سَمِعْتُ منه، وكان ثقة فَهْمًا.
وقَالَ أحْمَد بْن عمران بْن البقّال: مات فِي نصف ذي الحجّة.
الْحُسَيْن بْن أحْمَد بْن الحجّاج [5] ، أَبُو عَبْد اللَّه البغدادي الشيعي الشاعر المشهور، صاحب الدّيوان الكبير الَّذِي هُوَ عدّة مجلّدات في الفحش والسّخف،
__________
[1] في الأصل «ألف» .
[2] تاريخ بغداد 7/ 423 رقم 3990.
[3] معجم الأدباء 7/ 169، 170، وفيات الأعيان 1/ 349، 350.
[4] في الأصل «وعلى» .
[5] تاريخ بغداد 8/ 14، 15 رقم 4052، العبر 3/ 50، المنتظم 7/ 216- 218 رقم 348، معجم الأدباء 9/ 206- 232 رقم 22، معجم البلدان 4/ 155، مرآة الجنان 2/ 444.

(27/252)


وقد أفرد بعضُ الْأدباء من شعره شيئًا حسنًا، وكان قد وُلِّي حِسْبَةَ بغداد، وكان إذا مدح أحدًا فكأنّما قد هجاه فِي شعره فِي الركاكة.
وكان غاليا فِي التشيُّع. ومن شعره.
نَمَّت بسري فِي الهَوَى أَدْمُعي ... ودَلَّت الواشي عَلَى موضِعي
يا معشَرَ العشّاق إن كنتمُ ... مثلي وفي حالي فموتوا معي [1]
وله:
قَالُوا غدًا [2] العيد فاستبشر بِهِ فَرَحًا ... فقلت: ما لي وما للعيد والفَرَحِ
قد كان ذا والنَّوى لم تمس [3] نازلةً ... بعَقْوَتي وغُراب البَيْن لم يَصِحِ
أيام لم يحترم قربي الشباب [4] ولم ... يغد الشباب [5] عَلَى بابي [6] ولم يَرُح
وطائرٌ ناح فِي صحراء [7] موُنِقَةٍ ... عَلَى شَفَا جدْوَلٍ بالعُشْبِ مُتَّشح
بكّى وناح ولولا أَنَّهُ شَجَن ... بشجو قلبي المُعَنَّى فيك لم يَنُحِ
بيني وبينك عهد [8] لَيْسَ تخلفه [9] ... بعد المزار ووعد [10] غير مُطَّرح
وما ذكرتك، والأقداح دائرة ... إلا مزجت بدمعي باكيا قدحي
ولا سَمِعْتُ بضربٍ فِيهِ ذِكْر هوًى [11] ... إلا غصبت [12] عليه كلّ مقترح
__________
[ () ] البداية والنهاية 11/ 329، 330، وفيات الأعيان 2/ 168- 172 رقم 192، الوافي بالوفيات 12/ 331- 337 رقم 312، يتيمة الدهر 3/ 25- 28، الكامل في التاريخ 9/ 168، روضات الجنات، 328، أعيان الشيعة 25/ 81، شذرات الذهب 3/ 136، 137، الإمتاع والمؤانسة 1/ 137، مطالع البدور 1/ 39، تذكرة الحفاظ 3/ 1023، النجوم الزاهرة 4/ 204، 205.
[1] تاريخ بغداد 8/ 14، وفيات الأعيان 2/ 169.
[2] في الأصل «غد» .
[3] في الأصل «تسر» ، والتصحيح من المنتظم 217.
[4] في المنتظم «قربى المنون» وفي معجم البلدان: «قربى البعاد» .
[5] في المنتظم ومعجم البلدان: «الشتات» .
[6] في المنتظم ومعجم البلدان: «شملي» .
[7] في المنتظم والمعجم: «ناح في خضراء» .
[8] في المنتظم «ود» . كما في معجم البلدان.
[9] في المنتظم «يخلقه» وفي معجم البلدان «لا يغيره» .
[10] في المنتظم «وعهد» . وكذلك في معجم البلدان.
[11] في المنتظم «ولا سمعت لصوت فيه ذكر نوى» . وكذلك في معجم البلدان.
[12] في المنتظم «عصيت» . وكذلك في معجم البلدان.

(27/253)


ومن شعره:
يا صاحبَ البيت الَّذِي ... قد مات ضيفاه [1] جميعا
حصّلتنا حتى نمو ... ت بدائنا عَطَشًا وجُوعًا
ما لي أرى فلك الرغى ... فت لديك مسترقى [2] رفيعا
كالبدر لا نرجو [3] إلى ... وقت المساء لَهُ طُلُوعًا [4]
ومن شعره:
يا ذاهبا في داره جائيا [5] ... بغير معنى وبلا فائدهْ
قد جُنّ أضيافك من جُوعِهِمْ ... فاقْرَأْ عليهمْ سُورَة المائدهْ [6]
ومن شعره وكان اثني عشريا:
فمذهبي أنَّ خير النّاس كلّهم ... بعد النَّبِيّ أميرُ المؤمنين عَلِيّ
وليس سَبُّ أَبِي بَكْرٍ ولا عُمَر ... شيءٌ يقوم بِهِ قولي ولا عملي
أعوذ باللَّه من أمرٍ يَسُوءُهما ... كلا فإنّ طريقي فِي الصَّواب جلي
وله معانٍ مُسْتَنْكَرَة فِي الفُحْش لم يُسبَق إلى مثلها.
رَوَى عَنْهُ من شعره التنوخي وغيره.
مات بالنّيل [7] فِي جُمادى الآخرة، وحُمل إلى بغداد.
سَعِيد بْن أحْمَد بْن سَعِيد [8] بْن مُوسَى بْن جُدَير [9] ، أَبُو عثمان
__________
[1] في اليتمة «أضيافه ماتوا» .
[2] في اليتيمة «مشترفا» .
[3] في الأصل «برجوا» .
[4] يتيمة الدهر 3/ 68.
[5] في معجم الأدباء: «رائحا.. غاديا» .
[6] وفيات الأعيان 2/ 170، معجم الأدباء 9/ 226، يتيمة الدهر 2/ 69.
[7] النّيل: بكسر النون وسكون الياء المثناة من تحتها وبعدها لام، وهي بلدة على الفرات بين بغداد والكوفة. (وفيات الأعيان 2/ 171) .
[8] تاريخ علماء الأندلس 1/ 175، 176 رقم 531 وفيه «سعيد بن أحمد بن محمد بن سعيد..» .
[9] وفي الأصل «جرير» .

(27/254)


القُرْطُبي، صالح زاهد متقشف.
سَمِعَ خَالِد بْن سعْد، وأَحْمَد بْن سَعِيد بْن حَزْم، وأَحْمَد بْن مسور، وجماعة.
رَوَى عَنْهُ ابن الفَرَضِيّ.
سَعِيد بْن عَلِيّ بْن شُعيب بْن عَبْد الوهّاب القاضي، أَبُو نصر الهَمَذَاني.
رَوَى عَنْ أَبِي [1] عَبْد الرَّحْمَن بْن حمدان الجلاب، وأَبِي القاسم بْن أَبِي صالح، ومُحَمَّد بْن عَبْد الواحد البزّاز، وإِسْمَاعِيل الصّفّار، وأَبِي سَعِيد بْن الْأعْرابي، وابْن البَخْتَرِيّ، وأَبِي عَمْرو بْن السّمّاك، وطائفة كثيرة.
رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّد الزَّجَّاج، وحمد بْن سهل، ومُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن بُوَيْه الأسداباذي، وَأَبُو منصور مُحَمَّد بْن منصور بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن البُرُوجِرْدِي [2] .
قَالَ شِيرَوَيْه: كَانَ ثقة صَدُوقًا مرضيًّا فِي حُكْمه، مات بأسداباذ [3] ، وحُمل إلى هَمَذَان فِي ذي القعدة.
وَأَخْبَرَنَا فَيْد بْن عَبْد الرَّحْمَن الصّوفي، أَنَا مُحَمَّد بْن عيسى إجازةً، أَنَّهُ سَمِعَ صالحًا الحافظ يَقُولُ: رَأَيْت فِي المنام كأن الدُّنيا كلّها ظُلْمة، إلا حيث كَانَ القاضي شعيب بْن عَلِيّ واقفًا، فقلت لَهُ: يا أَبَا نصر النّور، يا أَبَا نصر النّور.
ضِرار بْن نافع، أَبُو عَمْرو الضّبِّي الهَرَوِي.
سَمِعَ أَبَا الْحُسَيْن النيسابُوري الحافظ وغيره.
عَبْد اللَّه بْن أحْمَد بْن محمد بن أحمد الماسرجسي.
__________
[1] في الأصل «أبيه» .
[2] في الأصل «البردجردى» والتصويب عن اللباب 1/ 143. بضم الباء والراء بعدهما الواو وكسر الجيم وسكون الراء الثانية وفي آخرها الدال المهملة. نسبة إلى بروجرد، بلدة من بلاد الجبل قرب همذان.
[3] أسداباذ: بفتح أوله وثانيه، وبعد الألف موحّدة، وآخره ذال معجمة. بلدة عمّرها أسد بن ذي السرو الحميري في اجتيازه مع تبّع. وهي مدينة بينها وبين همذان مرحلة واحدة نحو العراق. (معجم البلدان 1/ 176) .

(27/255)


رَوَى عَنِ الْأصمّ وغيره.
عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد، أَبُو الْعَبَّاس السِجِسْتاني الصُّوفِي.
سَمِعَ ابن الصُّوفِي، ومكّي بْن عَبْدان، وكان من الزُّهّاد.
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن عَلِيّ بْن زياد، أَبُو القاسم النّيسابورى النّهدى.
سمع ابن الشرفي، ومُحَمَّد بْن حمدون.
وعنه الحاكم.
عَبْد الرَّحْمَن بْن أحْمَد، أَبُو سهل البلْخي.
رَوَى عَنِ ابن طَرْخان المُسْنَد، وكتب بنَسَف عَنْ عَبْد المؤمن بْن خَلَف، وجماعة.
قَالَ جَعْفَر المُسْتَغْفِري: هُوَ اليوم محدّث بلْخ. قَالَ: وتُوُفِّي فِي ربيع الآخر.
عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بن أحْمَد بْن سَعِيد، أَبُو القاسم التّاجر النّيسابُوري، وكان يُحمل إلى مجالس الحديث ومعه العبيد والخَدَم وجماعة من الورّاقين، فسمع من أَبِي الْعَبَّاس الْأصمّ، ثم رحل بِهِ طاهر الورّاق إلى المحبوبي بمرُو فأَكْثَرَ عَنْهُ، وتفقّه عَلَى أَبِي سهل الصّعْلوكي، ثم فِي آخر عمره استُشْهِد عَلَى يد الملحد عَبْد الملك البُستي فِي رمضان.
عَبْد الخالق بْن شبلون [1] ، أَبُو القاسم المغربي المالكي.
تفقّه عَلَى أَبِي سَعِيد خَلَف بْن أَبِي هشام، وكان الاعتماد عَلَيْهِ بالقَيْروَان. رحمه اللَّه تعالى.
عَبْد العزيز بْن أحْمَد الفقيه [2] ، أَبُو الْحَسَن الخوزي [3] شيخ أهل الظاهر.
__________
[1] الديباج المذهب 158.
[2] المنتظم 7/ 218 رقم 349، العبر 3/ 50، مرآة الجنان 2/ 444، البداية والنهاية 11/ 330، تذكرة الحفاظ 3/ 1023، شذرات الذهب 3/ 137، طبقات الفقهاء 178، 179، الفهرست 219، الكامل في التاريخ 9/ 168.
[3] في الأصل «الحززى» وهو تصحيف، وقد وقع التصحيف والتحريف في جميع مصادر ترجمته، سوى مرآة الجنان حيث قيّده اليافعي وقال: «الخوزي: بالخاء المعجمة والزاى» .

(27/256)


أخذ عَنْ قاضي القضاة بِشْر بْن الْحُسَيْن الظاهري، وقدِم من شيراز فِي صُحْبة السلطان عَضُد الدولة.
وأخذ عَنْهُ فقهاء بغداد كأبي بَكْر مُحَمَّد بْن عُمَر القاضي الداودي، وقاضي فيروزآباد [1] أَبُو عَلِيّ الداودي.
قَالَ القاضي أَبُو عَبْد اللَّه الصَّيْمَريّ: ما رَأَيْت فقيهًا أَنْظَرَ من الخوزي [2] ، وأَبِي حامد الإِسْفِرَايِينِيّ.
عَبْد الملك بْن مُحَمَّد الفارسي البغدادي، أخو أَبِي عُمَر بْن مهدي، سَمِعَ إِسْمَاعِيل الصّفّار، وعثمان بْن السّمّاك، وكان سفّارًا، فحدّث بأماكن.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو سعد السّمّاك، وَأَبُو يَعْلَى الخليلي، وأجاز لأبي القاسم البسري.
مات فِي ذي القعدة.
عَلِيّ بن الحسين بْن عَلِيّ [3] بْن الرّازي البغدادي.
حدّث عَنْ أَبِي بَكْر بْن الْأنباري، والمَحَامِلي، وغيرهما.
رَوَى عَنْهُ: الجوهري، والتنوخي، وجماعة.
قَالَ الْأزهري: كذّاب، ووثّقه العتيقي وغيره.
عيسى بْن دَاوُد بْن الجرّاح [4] ، أَبُو القاسم بْن الوزير أَبِي الْحَسَن البغدادي.
سَمِعَ: أَبَا القاسم البَغَوي، وأَبَا بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، وابْن صاعد، وبدر بْن
__________
[1] فيروزاباد: بالكسر ثم السكون. بلدة بفارس قرب شيراز كان اسمها جور. (معجم البلدان 4/ 283) .
[2] في الأصل «الجزري» .
[3] تاريخ بغداد 11/ 388، 389 رقم 6261.
[4] هو: عيسى بن عليّ بن عيسى بن داود بن الجرّاح. تاريخ بغداد 10/ 179، 180، المنتظم 7/ 218، 219 رقم 350، البداية والنهاية 11/ 330، العبر 3/ 50، 51، تذكرة الحفاظ 3/ 1023، شذرات الذهب 3/ 137، 138، هدية العارفين 1/ 806، معجم المؤلفين 8/ 29، الكامل في التاريخ 9/ 168، الإمتاع والمؤانسة 1/ 36، الفهرست 186، ميزان الاعتدال 3/ 319، سير أعلام النبلاء 16/ 549- 551 رقم 401، لسان الميزان 4/ 402.

(27/257)


الهَيْثَم، وأَبَا بَكْر بْن دُرَيْد، ومُحَمَّد بْن نوح، وأَبَا بَكْر بْن مجاهد، وأباه أَبَا الْحَسَن، وجماعة.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو القاسم الْأزهري، وَأَبُو مُحَمَّد الخلال، وَأَبُو القاسم التنوخي، وعَبْد الواحد بْن شطا، وَأَبُو جَعْفَر بْن المسلمة، وَأَبُو الْحُسَيْن بْن النَّقُور، وآخرون.
قَالَ الخطيب: كَانَ ثَبْت السَّماع، صحيح الكتاب. وُلِد سنة اثنتين وثلاثمائة، وأنشدني أَبُو يَعْلَى بْن الفرّاء، أنشدنا عيسى الوزير لنفسه:
رُبَّ مَيْتٍ قد صار بالعِلْم حيا ... ومُبَقَّى قد حاز جَهْلا وعَيّا [1]
فاقْتَنُوا العِلْمَ كي تنالوا خُلُودًا ... لا تَعُدُّوا الحياةَ في الجهل شيئا [2]
وقال: أنشده التنوخي: أنشدنا عيسى لنفسه:
قد فات ما ألقاه تحديدي ... وجلّ عَنْ وصْفي وتعديدي
وقلتُ للأيام هُزأ بها ... بحقّ مَن أغراكِ بي زيدي [3]
وقَالَ: ذكر لي مُحَمَّد بْن أَبِي الفوارس أنّ وفاة عيسى بْن الوزير كانت يوم الجمعة، مُسْتَهَلّ ربيع الْأول سنة إحدى وسبعين. قَالَ: وكان يُرْمى بشيء من مذهب الفلاسفة.
وقَالَ غيره: تُوُفِّي فِي ربيع الآخر. وقيل: فِي المحرَّم.
وقع لنا جُزْء من عواليه عن الأبرقوهي.
كَعْبُ بْن عَمْرو البلْخي [4] . حدّث عَنْ إِسْمَاعِيل الصّفّار، وابْن الْأعْرابي.
وعنه أَبُو مُحَمَّد الخلال، وعَبْد العزيز الْأزْجِي.
وضع حديثًا.
قَالَ الخطيب: كان غير ثقة.
__________
[1] في تاريخ بغداد وغيره «غيّا» .
[2] تاريخ بغداد 11/ 179.
[3] تاريخ بغداد 11/ 180.
[4] تاريخ بغداد 12/ 493 رقم 6964.

(27/258)


محمد بن أحمد بن عبد الله، أَبُو عُمَر السّليطي، من وجوه أهل نيسابُور، وزَوْج بِنْت الْإمَام أَبِي بَكْر الضَّبُعي.
سَمِعَ أبا حامد بن الشرفي، ومكي بن عبدان، وغيرهما.
تُوُفِّي فِي ذي القعدة.
مُحَمَّد بْن الحُسين بْن داسة الْإصبهاني الصُّوفِي. خرّج لَهُ الحاكم عَنِ الْأصمّ وأقرانه، وذكر [أَنَّهُ] [1] سَمِعَ من أَبِي حامد بْن السَّمَرْقَنْدِيّ.
مُحَمَّد بْن الحسين بْن سُلَيْم [2] ، أَبُو بَكْر البغدادي النّجاد.
سَمِعَ ابن عُقْدَة الحافظ، ومُحَمَّد بْن جَعْفَر المطيري.
رَوَى عَنْهُ: الْأزهري، والعتيقي، ووثّقه.
مُحَمَّد بْن حُمَيْد بْن مُحَمَّد [3] بْن الْحُسَيْن بْن حُمَيْد بْن الرّبيع اللَّخْمي الخزّاز، أَبُو بَكْر، من بيت عِلم وشُهْرة.
رَوَى عَنْ يوسف بْن بهلول الْأنباري، وأَبِي بَكْر الصُّولي.
رَوَى عَنْهُ العتيقي، والأزهري.
مُحَمَّد بْن عثمان بْن شهاب [4] ، أَبُو الْحَسَن المعروف بالبغوي [5] رحل [إلى] [6] بغداد.
رَوَى عَنْ أَبِي حامد الحَضْرَمِي، ومُحَمَّد بْن منصور المنيعي، ومُحَمَّد بْن نوح، وسعيد بْن أخى زُبَير الحافظ.
رَوَى عَنْهُ: عُبَيْد اللَّه الْأزهري، والعتيقي، وجماعة.
وثّقه العتيقي، وتُوُفِّي فِي رمضان عن ثمانين سنة.
__________
[1] إضافة على الأصل.
[2] تاريخ بغداد 2/ 214 رقم 651.
[3] تاريخ بغداد 2/ 265 رقم 735.
[4] هو: محمد بن عثمان بن محمد بن عثمان بن شهاب. (تاريخ بغداد 3/ 50، 51 رقم 989) .
[5] في الأصل «بالنفرى» وهو تصحيف. والتصحيح من تاريخ بغداد.
[6] إضافة على الأصل.

(27/259)


مُحَمَّد بْن مُسْلِم بْن السّمْط، أَبُو بَكْر بْن الدّلاء الدمشقي المعدِّل.
رَوَى عَنْ أَبِي هاشم، ومُحَمَّد بْن عَبْد الْأعلى، وابْن جَوْصَا، وأَبِي الدَّحْداح مُحَمَّد بْن أحْمَد، وجماعة.
رَوَى عَنْهُ: تمّام الرّازي، وعَلِيّ الحنّائي، وَأَبُو عَلِيّ الْأهوازي.
تُوُفِّي فِي ذي الحجّة.
مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مَسْلَمة بْن سَعِيد بْن تيري، أَبُو مُحَمَّد الْأبَّاري الْأندلسي ابن أخي خطّاب بْن مَسْلَمَة الزّاهد. وكان هذا أيضًا زاهدًا متبتلا، فقيهًا عارفًا بمذهب مالك.
سَمِعَ: وَهْب بْن مَسَرَّة، وابْن عَوْن اللَّه، وبمكّة أَبَا بَكْر الْأجُرِّي، وقُرِئت عَلَيْهِ المُدَوَّنَة وغيرها.
تُوُفِّي فِي هذا العام، وشيَّعه خلْقٌ عظيم.
قرأ عَلَيْهِ أَبُو عُمَر بْن عَبْد البَرّ جُزْءين من حديثه.
مقلَّد [1] بْن المُسَيّب بْن رافع، حسام الدولة، أَبُو حسّان العُقَيْلِي صاحب المَوْصِل.
كَانَ أخوه أَبُو الذَّوَّاد مُحَمَّد [2] أول من تغلّب عَلَى المَوْصِل، وملكها فِي سنة ثمانين وثلاثمائة، وملك حسام الدولة بعده فِي سنة سبعٍ وثمانين، وكان أعور، لَهُ سياسة وحُسْن تدبير، واتسعت [3] مملكته. نفّذ إِلَيْهِ الخليفة القادر باللَّه اللّواء والخلع، فاستخدم من التّرك والدّيلم ثلاثة آلاف فارس، وأطاعته عرب خَفَاجَة.
وله شِعْر وسط وحَسَن. قتله فِي هذا العام غلام له تركىّ في صفر،
__________
[1] في الأصل «محمد» وهو خطأ، مرآة الجنان 2/ 444، البداية والنهاية 11/ 329، الكامل في التاريخ 9/ 164، دول الإسلام 1/ 236، العبر 3/ 51، النجوم الزاهرة 4/ 203، شذرات الذهب 3/ 138، المختصر في أخبار البشر 2/ 135، وفيات الأعيان 5/ 260- 269، تاريخ ابن خلدون 4/ 255- 257، سير أعلام النبلاء 13/ 5، 6 رقم 1، منية الأدباء في تاريخ الموصل الحدباء 46، 47، تاريخ العظيمي 313.
[2] في الأصل «محمد بن أول» .
[3] في الأصل «واسيعت» وهو تصحيف.

(27/260)


فيقال: قتله لأنّه سمعه يوصي رجلا من الحاجّ أنْ يسلّم عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى الله عليه وآله ويقول: قل لَهُ لولا صاحباك لزُرْتك [1] .
فأخبرنا مُحَمَّد بْن النّحّاس، أَنَا يوسف السّاوي، أَنَا السِّلَفيّ، أَنَا أَبُو عَلِيّ البرداني، أَنَا أَبِي، والْحَسَن بْن طَالِب البزّاز، وابْن نبهان الكاتب، قَالُوا:
أراد رَجُل الحجّ، فأحضره الْأمير مقلّد وقَالَ: اقرأ عَلَى النَّبِيّ صلّى اللَّه عَلَيْهِ وسَلَّم السلام وقل لَهُ: لولا صاحباك لزرتك. قَالَ الرجل: فحججتُ وأتيت المدينة، ولم أقلْ ذَلِكَ إجلالا، فنمت، فرأيت النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي منامي، فَقَالَ: يا فلان، لِمَ لا تؤدِّ الرّسالة؟ فقلت: يا رَسُول الله أجللتك، فرفع رأسه إلى رجل قائم فقال: خذ هذا الموسى، يعنى مقلّدا، فوافيت إلى العراق، فسمعت أن الأمير مقلّد ذبح على فراشه، ووجد الموسى عند رأسه، فذكرت للناس الرّؤيا، فشاعت، فأحضرني ابنه قرواش، فحدثته، فَقَالَ لي: تعرف الموسى؟ فقلت: نعم.
فأحضر طبقًا مملوءًا مواسي، فأخرجته منهم، فَقَالَ: صدقتَ، هذا وجدته عَنْد رأسه، وهو مذبوح.
رثاه الشريف الرضِيّ وجماعة، وقام بالمُلك بعده ابنه معتمد الدولة أَبُو المنيع قِرواش [2] فبقي خمسين سنة.
المؤمل بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد [3] بْن مُحَمَّد، أَبُو القاسم الشَّيْباني البغدادي البزّاز نزيل مصر.
حدّث عَنْ أَبِي القاسم البغوي، وأبي بكر بن أبي داود، وابن صاعد، وأَبِي حامد الحَضْرَمِي، ويعقوب الحرّاب.
رَوَى عَنْهُ: يوسف بْن رباح، وَأَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن مكّي الْمَصْرِيّ، وآخرون.
وثّقه الخطيب وقَالَ: عاش أربعا وتسعين.
__________
[1] وفيات الأعيان 5/ 263، والنجوم الزاهرة 4/ 203، وشذرات الذهب 3/ 138.
[2] في الأصل «قراش» وهو تصحيف.
[3] تاريخ بغداد 13/ 183 رقم 7159، العبر 3/ 51، تذكرة الحفاظ 3/ 1023، 1024، سير أعلام النبلاء 16/ 556، 557 رقم 408، حسن المحاضرة 1/ 371.

(27/261)


مهدي بن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد، أَبُو سَلَمَة النيسابُوري الصّيْدَلانِي.
روى عن عبد الله بن الشرفي، وتُوُفِّي فِي رجب فِي عشر الثمانين.
هِبَةُ اللَّه بْن مُوسَى بْن الْحَسَن، أَبُو الْحُسَيْن المُزَني المَوُصِليّ.
تُوُفِّي، وله خمسٌ وتسعون سنة.
وَهْبُ بْن مُحَمَّد بْن محمود [1] الْأمويّ القرطبي.
سمع: قاسم بن أصبغ، ووهب بن مَسَرَّة، وكان فقيهًا عارفًا بمذهب مالك، عابدًا مُصَلِّيا مُفْتيا، لَهُ حلقة بالجامع.
شاوره ابن السليم فِي الْأحكام، وقد حدّث، وأخذ عَنْهُ جماعة.
وقد رَوَى عَنْهُ: أَبُو عُمَر بْن عَبْد البَرّ، وسمّاه فِي شيوخه.
يحيى بْن عَبْد الرَّحْمَن العاصمي النيسابُوري. سَمِعَ من الْأصمّ، وحدّث.
__________
[1] تاريخ علماء الأندلس 2/ 166 رقم 1522.

(27/262)


[وفيات] سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة
أحْمَد بْن سَعِيد بْن بشر [1] ، أَبُو الْعَبَّاس بْن الحصار القُرْطُبي.
سَمِعَ من قاسم بْن أَصْبَغ، وابْن أَبِي دُلَيْم، ومَسْلَمَة بْن القاسم، وجماعة. وكان محدّثًا مُفْتيا.
سَمِعَ النّاس منه كثيرًا، ولم يكن بالضّابط.
تُوُفِّي فِي شعبان.
أحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن حسن [2] ، أَبُو عُمَر القُرْطُبي الفقيه، قاضي رَيّه [3] .
رَوَى عَنْ قاسم بْن أَصْبَغ.
أحْمَد بْن الْعَبَّاس الْأمْلُوكي [4] الطّحّان، مصري.
رَوَى عَنْ مُحَمَّد بْن الرّبيع الْجِيزِي، وغيره.
أحْمَد بْن الفرج [5] ، أَبُو الْحَسَن الفارسي، بغدادي، ثقة، فَهْم.
رَوَى عَنِ المَحَامِلي، وأَبِي الْعَبَّاس بْن عُقْدَة.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو بكر البرقاني، وغيره.
__________
[1] تاريخ علماء الأندلس 1/ 60 رقم 198.
[2] تاريخ علماء الأندلس 1/ 60 رقم 199.
[3] ريّة: بفتح أوله، وتشديد ثانيه. كورة واسعة بالأندلس متّصلة بالجزيرة الخضراء وهي قبالىّ قرطبة. (معجم البلدان 3/ 116) .
[4] الأملوكي: بضم الألف وسكون الميم وضم اللام وفي آخرها كاف. نسبة إلى أملوك وهو بطن من ردمان، وردمان بطن من رعين، وهو ردمان بن وائل بن رعين. (الأنساب 1/ 349) .
[5] تاريخ بغداد 4/ 344 رقم 2171.

(27/263)


إبراهيم بْن مُحَمَّد [1] بْن محمود الْإصبهاني. من أعيان العلماء والتّجّار.
حدّث بنيسابُور بمُسْنَد الطَّيَالِسي، عَنِ ابن فارس.
تُوُفِّي فِي صفر.
إِسْمَاعِيل بْن سَعِيد بْن سُوَيْد [2] ، أَبُو القاسم البغدادي.
حدّث عَنْ أَبِي بَكْر بْن دُرَيْد، وابْن زياد النّيسابورى، وأَبِي بَكْر بْن الْأنْباري، ومُحَمَّد بْن مَخْلَد.
روى عنه: عبيد الله الأزهري، وأبو القاسم التنوخي، والقاضي أَبُو يَعْلَى بْن الفرّاء.
قَالَ ابن أَبِي الفوارس: فِيهِ تساهُلٌ فِي السماع والدّين.
قَالَ الخطيب: كَانَ بعض سماعه مستورًا، رَأَيْت إلحاقه فِيهِ.
قلت: رَوَى كتاب «الوقف والابتداء» عَنْ مُؤَلِّفه.
إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد [3] بْن حاجب، أَبُو عَلِيّ الكُشَاني [4] السَّمَرْقَنْدِيّ.
سمع «صحيح البخاري» سنة عشرين وثلاثمائة من الفِرَبْرِي وحدّث بِهِ.
رَوَى عَنْهُ «الصحيح» : أَبُو عَبْد اللَّه الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد الخلال أخو الحافظ أبى محمد، وأبو سهل أحْمَد بْن عَلِيّ الْأبِيَورْدي [5] ، وَأَبُو طاهر محمد بن
__________
[1] ذكر أخبار أصبهان 1/ 182.
[2] تاريخ بغداد 6/ 308، 309 رقم 3353 وفيه: «إسماعيل بن سعيد بن إسماعيل بن محمد بن سويد» ، المنتظم 7/ 220 رقم 351.
[3] العبر 3/ 52، شذرات الذهب 3/ 39، الإكمال 7/ 185، الأنساب 4/ 11 و 10/ 431، معجم البلدان 4/ 262، اللباب 3/ 99، مشتبه النسبة 2/ 552، سير أعلام النبلاء 16/ 481 رقم 35، تبصير المنتبه 1216.
[4] الكشاني: بضم أولها والشين المعجمة وفي آخرها النون. نسبة إلى كشانية، بلدة من بلاد الصّغد بنواحي سمرقند. (اللباب 3/ 98) .
[5] في الأصل «الأنبورى» وهو تحريف. والأبيورديّ: بفتح الألف وكسر الباء الموحدة وسكون الياء المعجمة باثنتين من تحت وفتح الواو وسكون الراء وفي آخرها الدال المهملة. نسبة إلى أبيورد، بلدة من بلاد خراسان. (اللباب/ 27) .

(27/264)


عَلِيّ الشُجاعي، وغُنْجار أَبُو عَبْد اللَّه الحافظ، وعُمَر بْن أحْمَد بْن شاهين بسَّمَرْقَنْد.
وقَالَ حمزة أَبُو سعد الإدريسي: تُوُفِّي سنة إحدى وتسعين.
وقَالَ مؤتمن الساجي: سنة اثنتين.
الْحَسَن بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه، أَبُو عَلِيّ بْن الرئيس أَبِي الحسن النّيسابورى.
سمع الأصمّ ببخارى، [و] أبا بَكْر بْن خنيس بمَرْو، وخرّج لَهُ الفوائد.
وحدّث ببغداد ونيسابُور، وتُوُفِّي فِي ذي القعدة.
يقال لَهُ «المحمي» .
الْحَسَن بْن إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد [1] الضّرّاب الْمَصْرِيّ، أَبُو مُحَمَّد مصنّف «المروءة» .
سَمِعَ أحْمَد بْن مروان الدِّينَوَرِي، وأَبَا [2] الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن أَبِي الحديد الْمَصْرِيّ، وأَحْمَد بْن مَسْعُود المقدسي، وعثمان بْن مُحَمَّد الذهبي، وأَحْمَد بْن عُبَيْد الحمصي، وعَبْد اللَّه بْن جَعْفَر بْن الورد، ودعْلج بْن أحْمَد السَّجْزِي، وطائفة، وزار بيت المقدس، فسمع بِهِ وبعسقلان.
رَوَى عَنْهُ: ابنه عَبْد العزيز: وأَحْمَد بْن عَلِيّ بْن هاشم المقرئ، ورشأ بْن نظيف الدمشقي، وجماعة.
تُوُفِّي فِي ربيع الآخر، وكان مولده في سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة، وقد روى عنه الدار قطنى مَعَ تقدّمه.
عَبْد اللَّه بْن أحْمَد بْن خَالِد بْن رُوزْبَة، أَبُو بَكْر الفارسي الكِسْرَوِي.
سَمِعَ القاسم بْن أَبِي صالح الجّلاب، ومُحَمَّد بن عبد الواحد بن
__________
[1] العبر 3/ 752 تذكرة الحفاظ 3/ 1024، سير أعلام النبلاء (المصور) 10 ق 2/ 282، لسان الميزان 2/ 197، حسن المحاضرة 1/ 371، شذرات الذهب 3/ 140، الوافي بالوفيات 11/ 405 رقم 582، معجم المؤلفين 3/ 207، الإكمال 5/ 207، الأنساب 8/ 150، حسن المحاضرة 1/ 371، هدية العارفين 1/ 272.
[2] في الأصل «أبو» .

(27/265)


شاذان، وعَلِيّ بْن قرقور، وجماعة بهَمَذَان، وأَحْمَد بن سلمان النّجّار وجعفر الخلْدي، وعَبْد اللَّه بْن إِسْمَاعِيل الهاشمي ببغداد، ومُحَمَّد بْن الْعَبَّاس بْن وَصِيف الغزّى السّمّان، وحامد بْن مُحَمَّد الرّفاء، وجماعة بالشّام وأماكن.
رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن عيسى، وحَمْد بْن سهل، والخليل بْن عَبْد اللَّه القِزْوِيني الحافظ، وآخرون.
وكان ينسخ بهَمَذَان بالأجْرة، وسكن هَمَذَان، وكان يستقي الماء للبيوتات.
وقيل إنّه رئي فِي النَّوم، فَقَالَ: غفر اللَّه لي بكثرة صلاتي على النّبىّ صلّى الله عليه وآله. وكان يكتب خطًّا فِي دِقَّة الشَعْر، فسُئل: لم تفعل ذَلِكَ؟ فَقَالَ: من قلّة الوَرق والورِق، والحمل عَلَى العُنُق.
قَالَ شِيرَوَيْه: كَانَ ثقة صدوقًا.
عَبْد اللَّه بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد [1] بْن ثرثال، أَبُو مُحَمَّد البغدادي نزيل مصر.
تُوُفِّي فِي شوّال، وهو نسيب أحْمَد بْن عَبْد العزيز صاحب الجزء المشهور.
عَبْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم بْن محمد [2] الفقيه، أبو محمد الْأصيلي.
أصله من كورة شَذُونَة، ورحل بِهِ والده إلى أَصِيل [3] من بلاد العُدْوَة، فنشأ بها وطلب العلم، وتفقه بقُرْطُبَة، وسمع من ابن المشّاط، وابن السّليم،
__________
[1] هو: عبد الله بن أحمد بن حامد بن محمد بن ثريال.. (تاريخ بغداد 9/ 390، 391 رقم 4985) .
[2] تاريخ علماء الأندلس 1/ 249 رقم 760، جذوة المقتبس 257 رقم 542، بغية الملتمس 340 رقم 906، العبر 3/ 52، 53 تذكرة الحفاظ 3/ 1024 رقم 954، شذرات الذهب 3/ 140، طبقات الفقهاء 164، ترتيب المدارك 4/ 642- 648، معجم البلدان 1/ 213، الديباج المذهب 138، 139، شذرات الذهب 3/ 140، الوافي بالوفيات 17/ 7 رقم 4، مرآة الجنان 2/ 444، سير أعلام النبلاء 16/ 560 رقم 412، الوفيات لابن قنفذ 223، طبقات الحفاظ 405، 406، شجرة النور الزكية 1/ 100، 101.
[3] في الأصل «أصلا» وهو تصحيف، و «أصيل» : ياء ساكنة ولام. بلد بالأندلس من أعمال طليطلة. (معجم البلدان) .

(27/266)


وأَبَان بْن عيسى [1] ، وأخذ عَنْ وهب بْن مَسَرَّة بوادي الحجارة، ثم رحل إلى المشرق، فكتب بمصر عَنْ أَبِي الطّاهر الذُّهْلِي، وابْن حَيَّوَيْهِ النيسابُوري، وابْن إِسْحَاق بْن سُفْيَان، وكتب بمكّة عَنْ أَبِي زيد المَرْوَزِي «صحيح الْبُخَارِيّ» ، وكتب عَنِ الْأجُرِّي، ثم دخل بغداد، وأخذ عَنْ أَبِي بَكْر الشّافعيّ، وأَبِي عَلِيّ بْن الصّوّاف، وأبى بكر الأبهري، وأبى [2] الحسن الدار قطنى، وأَبِي أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الْجُرْجَاني.
وصنف كتابًا سمّاه «الدلائل» ذكر فِيهِ عَنْ مالك، وأَبِي حنيفة، والشافعي، وكان عالمًا بالحديث والسّنّة.
قال القاضي عياض: قال الدار قطنى: حَدّثَنِي أَبُو مُحَمَّد الْأصيلي، ولم أر مثله.
قَالَ عياض: وكان من حُفَّاظ مذهب مالك، ومن العالمين بالحديث وعِلَله ورجاله، وكان يرى [3] القول فِي (إتيان النّساء فِي أَدْبارهنّ) كراهيةً دون التَّحريم، عَلَى أنّ الْأثار فِي ذَلِكَ شديدة. وكان يُنْكر الغُلُوَّ فِي كرامات الْأولياء، ويثبت منها ما صحّ، ودعاء الصّالحين.
ولّي قضاء سَرَقُسْطَة، ثم إنّه كره أميرها، فأقيل من القضاء، وبقي عَلَى الشُّورَى بقُرْطُبَة. وكان نظير أَبِي مُحَمَّد بْن أَبِي زيد بالقَيْروَان، وعلى طريقه وهَدْيِه، إلا أَنَّهُ كانت فِيهِ زعارة.
حمل النّاس عَنْهُ، وتُوُفِّي فِي تاسع عشر ذي الحجّة، سنة اثنتين وتسعين، وشَيَّعه الخلائق.
عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن زيرك، أَبُو سهل التميمي الهَمَذَاني. صَدُوق مُكْثِر.
رَوَى عَنْ: أَبِي القاسم بْن عُبَيْد، وأَبِي الفضل الكِنْدِي، والقاسم بْن مُحَمَّد بْن السّرّاج، وطائفة.
__________
[1] تكرر في الأصل «وابن السليم وأبان بن عيسى» .
[2] في الأصل «أبو» .
[3] في الأصل «يرو» .

(27/267)


روى عنه: عبد الغفّار، ويوسف الهمدانيّ الخطيب.
عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد الضرير [1] المقرئ ببغداد. كَانَ رجلا صالحًا.
رَوَى عَنْ أَبِي جَعْفَر بْن البَخْتَرِي، وأَبِي عَلِيّ الصّفّار.
رَوَى عَنْهُ آحاد المحدّثين.
عَبْد الْأعلى بْن مُحَمَّد النيسابُوري الفقيه الشافعي.
تفقه عَلَى أَبِي الوليد حسّان بْن مُحَمَّد، وحدّث عَنْ أَبِي العبّاس الأصمّ وغيره.
تُوُفِّي فِي المحرم.
عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي شريح [2] أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن يحيى بْن مَخْلَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن المغيرة بْن ثابت، أَبُو مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ الهَرَوِي سيّد خراسان في زمانه.
ولد بعد الثلاثمائة.
وسمع: مُحَمَّد بْن عقيل البلْخي، وعَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد البَغَوي، ويحيى بْن صاعد، ومُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن نيروز الْأنماطي، وإِسْمَاعِيل الوَرّاق، وأَحْمَد بْن سَعِيد الطبّري، وجماعة، ورحل بِهِ أَبُوهُ، وأدرك بِهِ البَغَوي فِي آخر عمره. وكان صدوقًا صحيح السَّماع.
وحدّث عَنْهُ كثير من أهل هَرَاة، منهم: أَبُو عُمَر عَبْد الواحد بْن أحْمَد المليحي، وسفيان بْن مُحَمَّد التنوخي، وَأَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الغميري وَأَبُو صاعد يَعْلَى بْن هبة اللَّه الفضيلي، وَأَبُو عاصم الفضيل، ومُحَمَّد بْن أَبِي مَسْعُود الفارسي، وعَبْد الرَّحْمَن البوسنجي، وبِيبي بِنْت عَبْد الصَّمد الهرثمية [3] وآخرون.
وحديثه اليوم أعلى ما يُرْوَى فِي الدُّنيا، وقد تدلّت شمسه للغروب.
__________
[1] تاريخ بغداد 10/ 139 رقم 5280.
[2] تذكرة الحفاظ 3/ 1024، العبر 3/ 53، تذكرة الحفاظ 3/ 140، مرآة الجنان 2/ 444، سير أعلام النبلاء 16/ 526- 528 رقم 388.
[3] في الأصل «الهرمية» .

(27/268)


وكانت وفاته فِي صفر، وله خمسٌ وثمانون سنة.
أنبأنا جماعة سمعوا من ابن بهرون، أنا أبو الوقت، أنا شيخ الإسلام أبو إِسْمَاعِيلَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ الْبَلْخِيَّ الْمُؤَذِّنَ يَقُولُ: كُنْتُ مَعَ ابْنِ [أَبِي] [1] شُرَيْحٍ فِي طَرِيقٍ غَوْرٍ، فَأَتَاهُ إِنْسَانٌ فِي بَعْضِ تِلْكَ الْجِبَالِ فَقَالَ: إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَقَالَ: هُوَ وَلَدُكَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ» [2] . فعاوَدَه، فَرَدَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ، فَقَالَ الرَّجُلُ: أَنَا لا أَقُولُ بِهَذَا. فَقَالَ:
هَذَا الْغَزْوُ، وسَلَّ عَلَيْهِ السَّيْفَ، فَأَكْبَبْنَا عَلَيْهِ وَقُلْنَا: جَاهِلٌ لا يَدْرِي مَا يَقُولُ.
عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن ماك القِزْوِيني. من بيت حديثٍ ورواية.
سَمِعَ من إِسْحَاق بْن مُحَمَّد بْن مِهْرَوَيْه، وببغداد من إِسْمَاعِيل الصَّفّار.
أكثر عَنْهُ أَبُو يَعْلَى الخليلي.
عَبْد الوهاب بْن أَبِي أحْمَد [3] مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن إِبْرَاهِيم، أَبُو عامر الْإصبهاني الغَسَّال.
عُبَيْد بْن مُحَمَّد بْن حُمَيْد [4] ، أبو عبد الله القيسي القرطبي.
سمع من: قاسم بْن أَصْبَغ [ورحل سنة اثنتين وأربعين] [5] فسمع من
__________
[1] ساقطة من الأصل.
[2] الحديث: «عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال: (الولد للفراش، وللعاهر الحجر» . أخرجه البخاري 12/ 113 في الحدود، باب للعاهر الحجر، وفي الفرائض، باب الولد للفراش، ومسلم رقم 1458 في الرضاع، باب الولد للفراش، والترمذي رقم 1157 في الرضاع، باب ما جاء أن الولد للفراش، والنسائي 6/ 180 في الطلاق، باب إلحاق الولد بالفراش. قال الحافظ ابن حجر في «الفتح» : حديث الولد للفراش، قال ابن عبد البرّ: هو من أصحّ ما يَرْوِي عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، جاء عن بضعة وعشرين نفسا من الصحابة. (انظر: جامع الأصول لابن الأثير 10/ 728) . وأخرجه مالك في الموطّأ 2/ 739 من حديث عائشة، وكذلك البخاري في الخصومات، باب دعوى الوصىّ للميت، وأبو داود (2273) ، وأحمد في المسند 1/ 239، وابن ماجة (2006) ومن حديث عمر، وأبى إمامة (2005) و (2007) .
[3] ذكر أخبار أصبهان 2/ 134، 135.
[4] تاريخ علماء الأندلس 1 (341، 342 رقم 1004) .
[5] ما بين الحاصرتين ساقط من الأصل، والاستدراك عن ابن الفرضيّ.

(27/269)


أحْمَد بْن سَلَمَة الهلالي [1] وابْن الجران [2] وأَحْمَد بْن محمود الشمعي، وجماعة كثيرة.
وكان شيخًا صالحًا متعبدًا مجاهدًا. سَمِعَ النّاس منه كثيرًا، وحجّ فِي آخر عمره، فتوفي بالحجاز فِي المحرّم.
عثمان بْن جِنِّي [3] ، أَبُو الفتح المَوْصلي النَّحْوي اللُّغَوِي، صاحب التّصانيف.
كَانَ جني مملوكًا رُوميًّا لسليمان بْن فهد الْأزْدِيّ.
لزم أَبُو الفتح: أَبَا عَلِيّ الفارسي وتبعه فِي أسفاره حتى أحكم العربية، وصنّف فِي حياته، وسكن بغداد وأقرأ بها الْأدب، وصنّف «اللُّمَع» وكتاب «سر الصّناعة» [4] وكتاب «شرح تصريف المازني» [5] وكتاب «التّلقين في النّحو» ،
__________
[1] في الأصل «الحلال» وهو تصحيف، والتصحيح من تاريخ ابن الفرضيّ.
[2] في الأصل «الجراب» وهو تصحيف، والتصحيح من تاريخ ابن الفرضيّ.
[3] تاريخ بغداد 11/ 311، 312 رقم 6111، الفهرست 1/ 87، معجم الأدباء 12/ 81- 115، البداية والنهاية 11/ 331، إنباه الرواة 2/ 335- 340، اللباب 1/ 243، مرآة الجنان 2/ 445، نزهة الألباء 244- 246، دمية القصر 297، 298، دول الإسلام 1/ 236، الكامل في التاريخ 9/ 179، وفيات الأعيان 3/ 246- 249 رقم 412، المختصر في أخبار البشر 2/ 136، بغية الوعاة 2/ 132 رقم 1625، العبر 3/ 53، المنتظم 7/ 220، 221 رقم 352، تذكرة الحفاظ 3/ 1024، النجوم الزاهرة 4/ 205، شذرات الذهب 3/ 140، 141، كشف الظنون 339، 385، 412، 416، 418، 493، 491، 706، 810، 988، 1272، 1377، 1405، 28، 1431، 1438، 1449، 1457، 1462، 1562، 1608، 1612، 1793، 1850، 1882، 1913، مفتاح السعادة 1/ 114، 115، إيضاح المكنون 2/ 531، هدية العارفين 1/ 651، 652، روضات الجنات 466، 467، أعيان الشيعة 39/ 208، معجم المؤلفين 6/ 251، 252، تاريخ ابن الوردي 1/ 317، يتيمة الدهر 1/ 108، تلخيص ابن مكتوم 165، 166، سير أعلام النبلاء 17/ 17- 19 رقم 9.
[4] نشر الجزء الأول منه منه الأستاذ مصطفى السّقّاء وآخرون في مطبعة مصطفى الحلبي، بالقاهرة 1954.
[5] نشره هوبرغ في ليبنرغ 1885، ونشر مع شروح للشيخ محمد نعسان الحموي بمصر 1331 هـ.

(27/270)


[و] كتاب «التعاقب» وكتاب «الخصائص» [1] كتاب «المذكّر، [و] المؤنّث» وكتاب «المقصور والممدود» وكتاب «إعراب الحماسة» ، [و] كتاب «المحتسب فِي شواذ القراءات» ، [2] وله شِعْر جيّد.
وخدم ملوك بني بُوَيْه، كعَضُد الدولة وشرف الدولة، وكان يلزمهم، وقيل إنّه كَانَ بفَرْد عين، وقد قرأ ديوان المتنبّي على المتنبّي، وصنّف شرحه.
توفّى في صفر، وهو فِي عشر السبعين رحمه اللَّه.
وله كتاب سمّاه «البشرى والظَّفَر» شرح فِيهِ بيتًا واحدًا من شعر الْأمير عَضُد الدولة، وقدّمه لَهُ، وهو:
أهلا وسهلا بذي البُشْرَى ونَوْبتها ... وباشتمال سرايانا عَلَى الظَّفَرِ
أوسَعَ الكلام فِي شرحه واشتقاق ألفاظه.
أخذ عَنْهُ الثمانيني [3] ، وعَبْد السّلام البصْري، وَأَبُو الْحَسَن الشمسي، وطائفة.
عَلِيّ بْن عَبْد العزيز [4] القاضي، أَبُو الْحَسَن الْجُرْجَاني، الفقيه الشافعي الشاعر، وله ديوان مشهور، وكان حَسَنَ السّيرة في أحكامه، صدوقا، جمّ
__________
[1] حقّقه الأستاذ محمد على النجار وطبعه في مصر 1376 بطبعة دار الكتب المصرية في ثلاثة أجزاء.
[2] طبع باسم «المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات والإيضاح عنها» ، وذلك بإشراف المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بمصر سنة 1386 هـ.
[3] الثمانيني: هو أبو القاسم عمر بن ثابت الثمانيني النحويّ الضرير، منسوب إلى «ثمانين» بليدة صغيرة بأرض الموصل، يُقال أنّها أول قريةٍ بُنيت بعد الطوفان. انظر عنه في: معجم البلدان 2/ 84، ومعجم الأدباء 16/ 57، 58، والمنتظم 8/ 146، ووفيات الأعيان 3/ 443، 444، والعبر 3/ 200، ونكت الهميان 220، وبغية الوعاة 2/ 217، وشذرات الذهب 3/ 269.
[4] يتيمة الدهر 3/ 187 و 195 و 4/ 3، 4، المنتظم 7/ 221، 222 رقم 353، تاريخ جرجان 318 رقم 560، البداية والنهاية 11/ 331، 332، معجم الأدباء 14/ 14، النجوم الزاهرة 4/ 205، وفيات الأعيان 3/ 278- 281 رقم 426، طبقات الشافعية الكبرى 2/ 308، طبقات الفقهاء 122، تذكرة الحفاظ 3/ 1025، المختصر في أخبار البشر 2/ 136، تاريخ ابن الوردي 1/ 318، طبقات العبادي 111، مرآة الجنان 2/ 386، طبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 348- 351، سير أعلام النبلاء 17/ 19- 21 رقم 10.

(27/271)


الفضائل، بديع الخط جدًّا. وَرَدَ نيسابُور سنة سبعٍ وثلاثين، مَعَ أخيه فِي الصِّبا، وسمعا سائر الشيوخ.
وُلِّي قضاء الرّيّ.
وقَالَ الثَّعَالِبي فِي «يتيمة الدَّهْر» [1] : هُوَ فرد الزمان، ونادرة الفلك، وإنسان حدقة العِلْم، وقُبَّةُ [2] تاج الْأدب، وفارس عسكر الشِّعْر، يجمع خطّ ابن مُقْلَة، إلى نثر الجاحظ، إلى نظْم البُحْتُرِي.
وشِعْره كثيره. وله كتاب «الوساطة بين المتنبّي وخُصُومه» ، وأبان فِيهِ عَنْ فضلٍ غزير.
وهو القائل:
يقولون لي فيكَ انقباضٌ وإنَّما ... رأوا رجلا عَنْ موقف الذُّلّ أَحْجَمَا
الأبيات المشهورة [3] .
تُوُفِّي بالرّيّ، وحُمل إلى جُرْجَان فدُفِن بها.
ومن شعر أَبِي الْحَسَن الْجُرْجَاني هذا.
ولا ذَنْبَ للأفكار أنت تركتها ... إذا احتشدت [4] لم تنتفع باحتشادها
سبقت بأفراد [5] المعاني وأَلِفَتْ ... خَواطِرُك الْألفاظَ بعد شِرادِها
فإنْ نَحْنُ حاولنا اختراعَ بديعةٍ ... حَصَلنا عَلَى مسْرُوقها ومُعادِها [6]
وله:
قد بَرَّح الحُبُّ بمشتاقِكْ ... فأَوْلهٍ أحسن أخلاقِكْ
لا تَجْفُهُ وارْعَ لَهُ حقَّهُ ... فإنّه آخر عشّاقك [7]
__________
[1] ج 4/ 3.
[2] في اليتيمة: «ودرّة» .
[3] انظر الأبيات في: يتيمة الدهر 4/ 23، ومعجم الأدباء 14/ 17، 18، وطبقات الشافعية الكبرى 3/ 460.
[4] في الأصل «حشدت» .
[5] في وفيات الأعيان «لأفراد» .
[6] يتيمة الدهر 4/ 16، وفيات الأعيان 3/ 280.
[7] البيتان في: وفيات الأعيان 3/ 279، وهما باختلاف بعض الألفاظ في يتيمة الدهر 4/ 10.

(27/272)


وللصّاحب إِسْمَاعِيل بْن عَبّاد يخاطبه:
إذا نَحْنُ سلَّمنا لك العِلْم كلَّه ... فَدَعْنَا وهذِي الكُتُبَ ننشئ صُدُورَها
فإنهم لا يرتَضُون مجيئنا ... بجِزع إذا نظمت أنت شُذُورَها [1]
وللقاضي أَبِي الْحَسَن الْجُرْجَاني «تفسير القرآن» ، وكتاب «تهذيب التاريخ» [2] .
قَالَ الثَّعَالِبي: ترقَّى محلُّه إلى قضاء القُضَاة بالرّيّ فلم يعزله إلا موتُه [3] .
قَالَ: صلى عَلَيْهِ القاضي عَبْد الجّبار بْن أحْمَد.
وقَالَ أَبُو سعد منصور بْن الْحُسَيْن الْأبي فِي تاريخه: وقع اختيار فخر الدولة بْن رُكْن الدولة عَلَى أنْ تولّى عَلِيّ بْن عَبْد العزيز الْجُرْجَاني قضاءَ مملكته، فولاه بعد موت الصّاحب بْن عَبَّاد بعامٍ، فكان ذَلِكَ من محاسن فخر الدولة، وكان هذا القاضي لم ير لنفسه مثلا ولا مقارِنًا، مَعَ العِفَّة والنّزاهة والعدل والصَّرامة.
وقَالَ حمزة السَّهْمي [4] : أَبُو الْحَسَن [عَلِيّ بْن] [5] عَبْد العزيز بْن الْحَسَن بْن [عَلِيّ بْن] [6] إِسْمَاعِيل الْجُرجاني، كَانَ قاضي القُضاة بالرّيّ، وكان من مفاخر جُرْجَان.
تُوُفِّي فِي الثالث والعشرين من ذي الحجّة.
مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن حبيب، أَبُو سهل النيسابُوري المقرئ العابد.
سَمِعَ أَبَا الْعَبَّاس الْأصمّ وجماعة.
تُوُفّي فِي صَفَر.
مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن يحيى المُزَكِّي، أبو الحسين النّيسابورى.
__________
[1] البيتان في معجم الأدباء 14/ 16.
[2] تكرّر بعدها «تفسير القرآن» .
[3] اليتيمة 4/ 3.
[4] في تاريخ جرجان 318 رقم 560.
[5] ساقطة من الأصل. والاستدراك من تاريخ جرجان.
[6] زيادة من تاريخ جرجان.

(27/273)


سَمِعَ الْأصمّ وأقرانه، وحدّث.
وتُوُفِّي فِي شوّال.
مُحَمَّد بْن خليفة بْن عَبْد الجبار [1] بْن عَبْد اللَّه البَلَوِي القُرْطُبي، أَبُو عَبْد اللَّه المؤدّب.
حجّ سنة ثمان وأربعين، وسمع من أَبِي الْحَسَن الخُزَاعي، وأَبِي بَكْر الْأجُرِّي، وكان ضَعِيفًا مُغَفَلا، حطّ عَلَيْهِ ابن الفرضىّ.
وقد روى عنه أبو عمرو والدّانيّ المقرئ.
مُحَمَّد بْن سعدون [2] ، أَبُو عَبْد اللَّه الْأندلسي.
سَمِعَ بقُرْطُبَة، وحجّ، فسمع من ابن الورد، وابْن أَبِي الموت، وابْن السَّكَن، والآجُرِّي، وكان زاهدًا ورِعًا.
سَمِعَ منه ابن الفَرَضِيّ وقَالَ: كَانَ ضعيف الكتاب، غير ضابطٍ، رحمه الله.
محمد بْن عبد الرَّحْمَن بْن حنشام [3] ، أبو الحسين بْن البيع.
سَمِعَ مُحَمَّد بْن حَمْدَوَيْه المَرْوَزِي، والقاسم بْن إِسْمَاعِيل المَحَامِلي ببغداد، وسمع بالشّام من جماعة.
قَالَ الخطيب: كَانَ ثقة، ثنا عنه البرقاني والأزهري.
قلت: وروى عنه أبو القاسم بن الفسوي، وأبو الحسين محمد بْن أحْمَد الْأبنوسي.
مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن على القاضي، أبو عبد الله بن الدّقّاق الْمَصْرِيّ.
سَمِعَ أَبَا سَعِيد بْن الْأعْرابي، ومُحَمَّد بْن الربيع بْن سُلَيْمَان، وأَبَا إِسْحَاق بن أبى ثابت، وابن حذلم، وجماعة.
__________
[1] تاريخ علماء الأندلس 2/ 104 رقم 1387، جذوة المقتبس 54 رقم 48، بغاية الملتمس 74 رقم 111.
[2] تاريخ علماء الأندلس 2/ 104، 105 رقم 1388.
[3] في الأصل «حسنام» والتصحيح من تاريخ بغداد 2/ 322 رقم 809.

(27/274)


رَوَى عَنْهُ هبة اللَّه بْن إِبْرَاهِيم الصّوّاف، وانتقى عليه الدار قطنى، مَعَ جلالته.
وَرَّخه الحبّال.
مُحَمَّد بْن عَبْد الْأعلى، أَبُو بَكْر النيسابُوري الفقيه.
سَمِعَ الْأصمّ، وأَبَا الوليد الفقيه.
مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بْن زكريّا، أَبُو حاتم الخُزَاعِي الرّازي الّلّبان.
عَنْ ميسرة بْن عَلِيّ، وحامد الرّفّاء، وابْن عَدِيّ.
وعنه: أَبُو العلاء الواسطي، والجوهري، وابْن المهتدي باللَّه، وعدّة.
بقي إلى هذا العام.
مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن جَعْفَر [1] ، أَبُو بَكْر الدّقّاق، الفقيه الشافعي الحاكم.
قَالَ الخطيب: رَوَى حديثًا واحدَا، ولم يكن عنده سواه، لأن كُتُبه احترقت. أنبأه الصَّيْمَريّ عَنْهُ، عَنْ أحْمَد بْن إِسْحَاق بْن البهلول، عَنْ أَبِي كريب.
وكان أَبُو بَكْر هذا يلقّب خُبَاط. وله كتاب فِي الْأصول عَلَى مذهب الشافعي، وكان فِيهِ دُعَابَة.
مُحَمَّد بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حمدويه بْن نُعَيْم، أَبُو سهل الضبّي ابن أخي عَبْد اللَّه الحاكم النيسابُوري.
قَالَ الحاكم: سَمِعَ الكثير قبلي ومعى، وكتب بخطّه جملة، وحدّث، وكان أكبر منّي بخمس عشرة سنة، وكذا علقمة بْن قيس، أكثر من عمّه عَبْد الله بن شبرمة.
__________
[1] تاريخ الخطيب 3/ 229 رقم 1294، طبقات الفقهاء 118، الوافي بالوفيات 1/ 116 رقم 18، المنتظم 7/ 222 رقم 354، الكامل في التاريخ 9/ 171، طبقات الشافعية للسبكى 1/ 522، 523 رقم 475، النجوم الزاهرة 4/ 206، الأنساب 5/ 361، كشف الظنون 1300، معجم المؤلفين 11/ 203.

(27/275)


تُوُفِّي سنة اثنتين وتسعين فِي جُمادى الآخرة، وله سبعٌ وثمانون سنة.
رحمه اللَّه.
مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن الفضل، أَبُو حاتم النيسابُوري، الوكيل فِي مجالس القُضاة.
حدّث عَنْ أَبِي بكرة القطّان، وغيره.
ذكره الحاكم.
ميمون بْن حمزة بْن الْحُسَيْن بْن حمزة، أَبُو القاسم العلوي الْمَصْرِيّ.
رَوَى عَنْ: أحْمَد بْن عَبْد الوارث العسّال، وأَحْمَد بْن مُحَمَّد الطَّحاوي، وجماعة.
رَوَى عَنْهُ: حفيده أَبُو إِبْرَاهِيم أحْمَد بْن القاسم شيخ الرّازي.
الوليد بْن بَكْر بْن مخلد [1] بن أبى دياز [2] ، أبو العبّاس العمرىّ الأندلسيّ القفطيّ.
رحل من الْأندلس إلى مصر والشام والعراق وخراسان، وحدّث عَنْ:
عَلِيّ بْن أحْمَد بْن الخصيب، والْحَسَن بْن رشيق الْمَصْرِيّ، ويوسف الميانجي، وأَبِي بَكْر الرَّبْعِي، وأَحْمَد بْن جَعْفَر الرملي، وجماعة.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو الطّيّب الكوفي، والحافظ عَبْد الغني الْمَصْرِيّ، وَأَبُو ذَرْ عَبْد بْن أحْمَد الْهَرَويّ، وَأَبُو الْحَسَن العتيقي، وَأَبُو طَالِب العشاري، وَأَبُو سَعِيد السّمّان، وأَحْمَد بْن منصور بْن خلف المغربي، والْحُسَيْن بْن جَعْفَر السّلْماسي.
__________
[1] جذوة المقتبس 361، بغية الملتمس 480، الصلة لابن بشكوال 2/ 642، تاريخ دمشق (مخطوط التيمورية) 45/ 319، تاريخ بغداد 13/ 450، العبر 3/ 53، مشتبه النسبة 30 أ، الكامل في التاريخ 9/ 179، مرآة الجنان 2/ 445، النجوم الزاهرة 4/ 206، موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان ق 1- ج 5/ 172 رقم 1789، تذكرة الحفاظ 3/ 1025، سير أعلام النبلاء 17/ 65- 67 رقم 34، طبقات الحفاظ 419، 420، نفح الطيب 2/ 380، شذرات الذهب 3/ 141، تاج العروس 3/ 456 (مادّة غمر) .
[2] هكذا في الأصل. وفي سير أعلام النبلاء و «دبار» ، وفي تاريخ بغداد، والصلة، وجذوة المقتبس «بن أبى زياد» ، وفي «نفح الطيب» : «ابن زياد» . والله أعلم بصحّة ذلك.

(27/276)


وله شعر جيّد.
قَالَ عَبْد اللَّه بْن الفرضىّ [1] : كان إماما في الحديث والفقه، وعالما باللّغة والعربية، ولقي فِي رحلته فيما ذكر أزْيَدَ من ألف شيخ، وكان أَبُو عَلِيّ الفارسي يرفعه ويثني عَلَيْهِ [2] .
وقَالَ الحاكم: إنه سكن نيسابُور، ثم انصرف إلى العراق، وعاد إلى نيسابُور، وهو مقدَّم فِي الْأدب، شاعر فائق. تُوُفِّي بالدَّيِنَوَر فِي رجب [3] .
وقَالَ الحافظ عَبْد الغني [4] فِي نسبه: الغمْري بالعَيْن المعجمة، ثنا بكتاب «التاريخ» لعبد اللَّه بْن صالح العجلي [5] .
وقَالَ الْحَسَن بْن شُريح: الوليد هذا عُمْريّ، ولكنّه دخل بلد إفريقية، ومضى ينقّط الغَيْن حتى يَسْلَم، وهو مؤدَّبي، وقَالَ: إذا رجعت إلى الْأندلس جعلت النّقطة التي عَلَى الغين ضمّة [6] .
وقَالَ الخطيب: كَانَ ثقة كثير السّماع [7] .
__________
[1] لم نجد ترجمته في «تاريخ علماء الأندلس» لابن الفرضيّ.
[2] تذكرة الحفاظ 3/ 1081.
[3] تذكرة الحفاظ 3/ 1080.
[4] هو عبد الغنى بن سعيد الأزدي المصري المتوفى سنة 409 هـ.
[5] مشتبه النسبة في الخط واختلافها في المعنى واللفظ. (مخطوطة المتحف البريطاني) ورقة 30 أ- رقم الترجمة حسب تحقيقنا (739) .
[6] تاريخ دمشق 45/ 319 (المخطوط) .
[7] تاريخ بغداد 13/ 450.

(27/277)


[وفيات] سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة
أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد [1] بْن الْحَسَن بْن سَعِيد، أَبُو عَلِيّ الْإصبهاني المقرئ نزيل دمشق.
قرأ عَلَى. زيد بْن أَبِي بلال الكوفي، وأَبِي بَكْر بْن النقاش، وجماعة، وسمع بدمشق من جماعة متأخرين، وبإصبهان من الطَّبَراني، وبجرجان من ابن عَدِيّ، وبالبصرة من أَبِي إِسْحَاق الهجيمي، وغيرهم.
رَوَى عَنْهُ، تمام الرّازي، وهو أسند منه، وَأَبُو نصر بْن الحبّان، وإِسْمَاعِيل بْن رجاء العسقلاني.
ودُفِن بباب الفراديس، وشيعه خلق. وله مصنَّف فِي القراءات.
وقيل مات عام أوّل.
أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حاتم، أَبُو حاتم الطُّوسي الفقيه. سَمِعَ أَبَا سَعِيد ابن الْأعْرابي، والصّفّار، وطبقتهما.
وعنه الحاكم.
لَيْسَ بحكيم، من جُزْء ابن عَرَفَة.
أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن المَرْزُبَان [2] بْن آزر جشْنَس، أَبُو جَعْفَر الْأبْهَرِي، أبهر إصبهان.
سَمِعَ جُزْء لَوِين من أَبِي جَعْفَر مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الحَزُّوري فِي سنة
__________
[1] تاريخ دمشق (مخطوط التيمورية) 3/ 164، التهذيب 1/ 442، موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان ق 1- ج 1/ 382 رقم 198.
[2] تذكرة الحفاظ 3/ 1026، العبر 3/ 54، شذرات الذهب 3/ 142.

(27/279)


خمس وثلاثمائة، وكان أديبًا فاضلا.
رَوَى عَنْهُ: شجاع وأَحْمَد ابنا عَلِيّ بْن شجاع المصقلي، وعَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن مَنْدَه، وهو الَّذِي وَرَّخ وفاته، وَأَبُو عيسى عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن زياد، وَأَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن عُمَر بْن إِبْرَاهِيم الطَّهْرَاني، والمطهَّر بْن عَبْد الواحد البزاني، وأبو بكر محمد بْن مَاجَه الْأبْهَرِي، وغيرهم.
محلّه الصِّدْق.
إِبْرَاهِيم بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد [1] ، أَبُو إِسْحَاق الطَّبري المقرئ المالكي المعدِّل.
وُلِد سنة أربعٍ وعشرين وثلاثمائة، وحدّث عَنْ: إِسْمَاعِيل الصّفّار، وعَلِيّ الستوري، وأَحْمَد بْن سُلَيْمَان العَبَّاداني، وطبقتهم، وقرأ لقالُون عَلَى أُبَيّ بْن بويان، وقرأ لأبي عَمْرو عَلَى أَبِي بَكْر أحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن الولي، والْحَسَن بْن مُحَمَّد الفحّام، وقرأ لعاصم عَلَى أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن زياد النَّقّاش، وقرأ لحمزة عَلَى أَبِي بَكْر مُحَمَّد بن الحسن بْن يعقوب بْن مقسم صاحب إدريس الحدّاد، وقرأ لحمزة أيضًا عَلَى أَبِي عيسى بكّار بْن أحْمَد، وأَبِي الْحَسَن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن مُرَّة الطُّوسي.
قرأ عَلَيْهِ شيخا أَبِي طاهر بْن سوار: أَبُو عَلِيّ الْحَسَن بْن عَلِيّ العطّار، وَأَبُو عَلِيّ الْحَسَن بْن أَبِي الفضل الشرمقاني [2] ، وغيرهما.
قَالَ الخطيب [3] : كَانَ الدار قطنى قد خرّج للطّبرى خمسمائة جُزْء، وكان مفضلا عَلَى أهل العِلْم، وداره مَجْمَع أهل القرآن والحديث، وكان ثقةً.
قلت: وروى عَنْهُ جماعة، وكان عارفًا بمذهب مالك، وعليه حفظ
__________
[1] تاريخ بغداد 6/ 17 رقم 3047، معرفة القراء الكبار 1/ 288 رقم 34، تذكرة الحفاظ 3/ 1026، العبر 3/ 54، شذرات الذهب 3/ 142، المنتظم 7/ 223 رقم 355، غاية النهاية 1/ 5، الوافي بالوفيات 5/ 303، النجوم الزاهرة 4/ 209.
[2] الشّرمقانيّ: بفتح الشين المعجمة، وسكون الراء، وفتح الميم والقاف. نسبة إلى «شرمقان» وهي بلدة قريبة من أسفراين بنواحي نيسابور. (الأنساب 7/ 323) .
[3] قول الخطيب غير موجود في ترجمة الطبري هذا من تاريخ بغداد. وهو في (غاية النهاية 1/ 6) .

(27/280)


القرآن الشريف الرضيّ. وبخل الرضيّ [فَنَحَلَ الشريف] [1] دارًا فاخرة بالكرخ.
إدريس بْن عَلِيّ بْن إِسْحَاق [2] ، أَبُو القاسم البغدادي المؤدب.
حدّث عَنْ: أَبِي حامد الحَضْرَمِي، وإبراهيم بْن عَبْد الصَّمد القاضي الهاشمي، وأَبِي بَكْر بْن الْأنباري، وقرأ القرآن عَلَى أَبِي الْحَسَن بْن شنَّبوذ.
قَالَ العتيقى: ولد سنة اثنتين وثلاثمائة، وكان ثقةً مأمونًا، وتُوُفِّي فِي رمضان.
رَوَى عَنْهُ الْأزهري، والْحُسَيْن الطَّناجيري، وجماعة.
إِسْمَاعِيل بْن حمّاد [3] ، أَبُو نصر الْجَوْهري مصنّف «الصِّحاح» .
كَانَ من «فاراب» أحد بلاد التُّرْك، وكان يُضْرَب بِهِ المَثَل فِي حِفْظ اللُّغة، وحُسْن الكتابة، ويذْكر خطُّه مَعَ خطّ ابن مُقْلَة، ومُهَلْهَل والبَرِيدِيّ.
كَانَ يُؤْثِر الغُرْبَة عَلَى الوطن. دخل بلاد ربيعة، ومُضَر فِي طلب الْأداب، ولما قضى وَطَرَه من قَطْع الْأفاق والأخْذ عَنْ علماء الشام والعراق وخُراسان، أنزله [4] أَبُو الْحُسَيْن الكاتب عنده، وبالغ فِي إكرام مثواه جُهْدَه، فسكن بنيسابُور يدرّس ويصنّف اللُّغة، ويعلّم الكتابة، وينسخ الخِتَم [5] .
وفي كتابه «الصِّحاح» [6] يَقُولُ إِسْمَاعِيل بن محمد النّيسابورى:
__________
[1] في الأصل: «ونحل الرضى» ، وما أثبتناه بين الحاصرتين عن (معرفة القراء) .
[2] تاريخ بغداد 7/ 15 رقم 3483، المنتظم 7/ 223، 224 رقم 356.
[3] إنباه الرواة 1/ 194، معجم الأدباء 6/ 151- 165، دمية القصر 300، سلّم الوصول 193، معجم البلدان 4/ 225، المزهر 1/ 97- 99، نزهة الألباء 252، يتيمة الدهر 4/ 373، 374، كشف الظنون 1071- 1073، بغية الوعاة 1/ 446- 448 رقم 913، الوافي بالوفيات 9/ 111- 114 رقم 4028، لسان الميزان 1/ 400- 402 رقم 1258، طبقات النحويين واللغويين لابن قاضى شهبة 215- 218، مرآة الجنان 2/ 446، مفتاح السعادة 1/ 100- 103، العبر 3/ 55، دول الإسلام 1/ 236، النجوم الزاهرة 4/ 207، شذرات الذهب 3/ 142، 143، روضات الجنات 110، 111، معجم المؤلفين 2/ 267، تذكرة الحفاظ 3/ 3/ 1026، سير أعلام النبلاء 17/ 80- 82 رقم 46، تاريخ الأدب العربيّ 2/ 259- 263.
[4] في الأصل «فأنزله» .
[5] إنباه الرواة 1/ 194، معجم الأدباء 6/ 153، الوافي بالوفيات 9/ 112.
[6] طبع عدّة طبعات.

(27/281)


هذا كتاب «الصحاح» سيّد ما [1] ... صُنِّف قبل الصِّحاح فِي الْأدب
تشْمَل أنواعَه [2] وتجمع ما ... فُرِّق فِي غيره من الكُتُب [3]
ومن العجب أن المصريين يَرْوُون الصِّحاح عَنِ ابن القَطَّاع [الصِّقِلّي] [4] ، ولا يرويه أحد بخُراسَان، وقد قِيلَ إن ابن القَطَّاع ركَّب لَهُ سَنَدًا لما رَأَى رغبة المصريّين فِيهِ، ورواه لهم، نسأل اللَّه السَّتْر [5] .
وفي «الصِّحاح» أشياء لا ريب فِيهِ أَنَّهُ نقلها من صُحُفٍ فصَحَّف [6] ، فانتُدِب لها علماء مصر، وأصلحوا أوهامًا.
وقيل إنّه اختلط فِي آخر عمره [7] .
ومن شِعْره:
يا صاحبَ الدَّعوةِ لا تَجْزَعَنْ ... فكلُّنا أزْهَدُ من كُرْزِ [8]
والماءُ كالعنبر فِي قُومِسٍ ... من عِزِّهِ يُجْعَلُ فِي الحِرْزِ
فَسَقِّنَا ماءً بلا مِنَّةٍ ... وأنت فِي حِلٍّ من الخُبْز [9]
وله:
فها أَنَا يونُسٌ فِي بطن حُوتٍ ... بنيسابُور فِي ظُلْمَ [10] الغَمام
فبيتي والفؤاد ويوم دَجْنٍ ... ظلامٌ في ظلام في ظلام [11]
__________
[1] في الأصل «سيدنا» ، وفي الوافي بالوفيات، ومعجم الأدباء:
«هذا كتاب الصحاح أحسن ما» .
والّذي أثبتناه عن: إنباه الرواة 1/ 195.
[2] في معجم الأدباء 6/ 156 «أبوابه» .
[3] إنباه الرواة 1/ 159، معجم الأدباء 6/ 156، الوافي بالوفيات 9/ 114.
[4] زيادة للتوضيح.
[5] إنباه الرواة 1/ 197.
[6] إنباه الرواة 1/ 196، وانظر معجم الأدباء 6/ 156.
[7] إنباه الرواة 1/ 196، وانظر معجم الأدباء 6/ 157.
[8] في الأصل «كوز» وهو تصحيف، والتصحيح من إنباه الرواة: وكرز هو: ابن وبرة الكوفي.
له ترجمة في صفة الصفوة لابن الجوزي 3/ 63.
[9] إنباه الرواة 1/ 197، معجم الأدباء 6/ 160، 161.
[10] في اليتيمة والوافي «ظلل» . وفي معجم الأدباء «ظلّ» .
[11] يتيمة الدهر 4/ 374، معجم الأدباء 6/ 159، 160، الوافي بالوفيات 9/ 113، إنباه الرواة 1/ 196.

(27/282)


قَالَ جمال الدين عَلِيّ بْن يوسف القفطي [1] : مات الجوهري متردِّيا من سطح داره بنيسابُور، في سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة: قال: وقيل: مات في حدود الأربعمائة.
وقيل إنه تَسَوْدَنَ وعمل لَهُ دفَّيْن، وشدَّهما كالْجَنَاحين معًا [2] ، وقَالَ:
أريد أن أطير، وقفز، فأهلك نفسه، رحمه اللَّه [3] . وكان من أذكياء العالم.
أخذ العربية عَنْ أَبِي سَعِيد السِّيرَافِي، وأَبِي عَلِيّ الفارسيّ، وأخذ اللُّغة عَنْ خاله أَبِي إِبْرَاهِيم إِسْحَاق الفارابي.
وقيل إن «الصِّحاح» كَانَ قد بقي عَلَيْهِ منها قطعة مسوَدَّة، فبيَّضَها بعد موته تلميذه إِبْرَاهِيم بْن صالح الورّاق، فغلط فِي أماكن، حتى أَنَّهُ قَالَ فِي «سفر» [4] هُوَ بالألف واللام، وهذا يدلّ عَلَى أَنَّهُ لم يقرأ القرآن، وقَالَ: «الجرّ أضلّ الجبل» ، فصيرها كلمةً واحدة، بضادٍ مُعْجَمة، وإنّما هِيَ «الجرّ» بالتثقيل، «أصل الجبل.» قَالَ الراضي:
رأيتُ فتى أشقرًا أزرقًا [5] ... قليل الدِّماغ كثيرَ الفُضُولِ
يُفَضِّلُ من حُمْقِهِ دائمًا ... يزيد [6] بْن هندٍ عَلَى ابن البَتُولِ [7]
أُمَيّة بْن أحْمَد بْن حمزة، أبو الْعَبَّاس الْقُرَشِيّ المرْواني الأندلسى المالكي.
كان فقيها نبيلا مشاورا بالأندلس. ذكره القاضي عياض.
__________
[1] إنباه الرواة 1/ 196.
[2] في الأصل «معنى» .
[3] انظر: معجم الأدباء 6/ 157.
[4] لعلّ المراد هنا ما جاء في الآية الكريمة فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ 2: 184 (سورة البقرة) .
[5] في إنباه الرواة «أحمرا» .
[6] هو يزيد بن معاوية نسبه إلى جدّته لأبيه هند بنت عتبة زوج أبى سفيان.
[7] البتول: فاطمة الزهراء أو بنت الرسول. والبيتان في يتيمة الدهر 4/ 374، إنباه الرواة 196، معجم الأدباء 6/ 157، 158.

(27/283)


حَزْم بْن أحْمَد بْن حَزْم [1] بْن كوثر، أَبُو بَكْر القَيْسي القُرْطُبي.
حجّ سنة ثمانٍ وأربعين، فسمع عَبْد الرَّحْمَن بْن أحْمَد بْن أبى مسرّة، [و] أبا بَكْر الْأجُرِّي، وحدث بتُسْتَر.
تُوُفِّي فِي جُمادى الْأولى.
الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن أحْمَد [2] ، أَبُو مُحَمَّد بْن وكيع التنيسي، الشاعر المشهور، لَهُ ديوان شعر، وله كتاب فِيهِ سرقات أَبِي الطّيّب المتنبّي، سمّاه «المنصف [3] » .
وتُوُفِّي بتنيس، وهو نافلة مُحَمَّد بْن خلف بن حبّان الضبّى وكيع البغدادي القاضي.
الحسن بن محمد بن القاسم [4] ، أبو علي المخزومي البغدادي المؤدب.
رَوَى عَنْ: أَبِي داود، وأبى داود، وأَبِي بَكْر بْن زياد النيسابُوري، وابْن مجاهد المقرئ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو القاسم الْأزهري، وَأَبُو مُحَمَّد الخلال.
ووثّقه الخطيب. وعاش اثنتين وتسعين سنة.
الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق [5] البغدادي المعروف بابن السّوطى [6] .
__________
[1] تاريخ علماء الأندلس 1/ 117 رقم 364.
[2] يتيمة الدهر 1/ 317- 343، وفيات الأعيان 2/ 104- 107 رقم 171، مرآة الجنان 2/ 445، 346، كشف الظنون 224، 769، 1862، إيضاح المكنون 2/ 264، أعيان الشيعة 22/ 207- 225، معجم المؤلفين 3/ 248، الكنى والألقاب 1/ 437، الوافي بالوفيات 12/ 114- 119، سير أعلام النبلاء 17/ 64 رقم 33، شذرات الذهب 3/ 141 وفيه «وكيع» بدون «ابن» وهو غلط.
[3] طبع في دار قتيبة بدمشق سنة 1982 بتحقيق الدكتور محمد رضوان الداية.
[4] تاريخ بغداد 7/ 423 رقم 3991، المنتظم 7/ 224 رقم 357.
[5] تاريخ بغداد 8/ 102 رقم 4209، الأنساب 7/ 192 وفيه: «أبو القاسم الحسين بن إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل بن محمد بن أبان البغدادي» .
[6] السّوطى: بفتح السين وسكون الواو وفي آخرها الطاء المهملة. نسبة إلى السّوط وعمله.
(الأنساب) 7/ 192) .

(27/284)


سَمِعَ: أحْمَد بْن عثمان الْأدمي، وجماعة.
رَوَى عَنْهُ أَبُو طَالِب العشاري، وكان كثير الوهم.
خَلَفُ بْن القاسم بْن سهل [1] بْن أسود، أبو القاسم الأندلسى بن الدّبّاغ، الحافظ.
رحل إلى المشرق، فسمع بمصر: أَبَا مُحَمَّد بْن الورد البغدادي، وسَلَم بْن الفضل، والْحَسَن بْن رشيق، وجماعة، وسمع بدمشق عَلِيّ بْن العقب، وأَبَا الميمون بْن راشد، وبمكة من بُكَيْر الحدّاد، وأَبِي الْحَسَن الخُزَاعِي، والآجُرِّي، وبقُرْطُبَة من أحْمَد بْن يحيى بْن الشامة، ومُحَمَّد بْن معاوية، وقرأ بالرّوايات عَلَى جماعة.
وكان حافظًا فَهْمًا، عارفًا بالرجال. صنّف حديث مالك، وحديث شُعْبَة، وأشياء فِي الزُّهد.
تُوُفِّي فِي ربيع الآخر.
رَوَى عَنْهُ جماعة. وقد قرأ بالرّملة عَلَى أحْمَد بْن صالح صاحب ابن مجاهد.
وُلِد سنة خمس وعشرين.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَمْرو الدّاني، وابْن عَبْد البَرّ، وكان لا يُقدِّم عَلَيْهِ أحدًا من شيوخه، وهو محدّث الْأندلس فِي زمانه.
سَعِيد بْن مُحَمَّد، أَبُو عثمان النيسابُوري السُّكّري المعدِّل، سَمِعَ أَبَا الْعَبَّاس الْأصمّ.
تُوُفِّي فِي ذي القعدة.
سُلَيْمَان بْن الفتح، أَبُو عَلِيّ بْن مَكرم السّرّاج المَوْصِلي، من كُتَّاب الشّعراء.
ديوانه مجلّد، الغالب عليه الهجو والسّخف والمجنون، وله مكاتبات إلى
__________
[1] تاريخ علماء الأندلس 1/ 136- 138 رقم 417، جذوة المقتبس 209- 211 رقم 422، بغية الملتمس 286- 289 رقم 717، الديباج المذهب 114، 115، شذرات الذهب 3/ 144.

(27/285)


الخالديَّيْن، والهائم، والببَّغاء، والبديهي.
يُحوَّل إلى سنة ثمانٍ وتسعين، ففيها مات.
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن مُحَمَّد الرومي النيسابُوري.
صالح، لكن قَالَ الحاكم: لم يقتصر عَلَى سماع «الصّحيح» من الشُّرّاح، فروى عَنِ ابن خُزَيْمَة.
وتُوُفِّي فِي رمضان.
قلت: رَوَى عَنْهُ أحْمَد بْن منصور بْن خَلَف المقرئ، وسعيد بْن أَبِي سَعِيد العيّار.
عَبْد الكريم هُوَ أمير المؤمنين الطائع [1] بْن المطيع للَّه الفضل بْن المقتدر جَعْفَر بْن المعتضد، يُكْنَى أَبَا بَكْر، وأُمُّهُ أَمَة.
قَالَ أَبُو عَلِيّ بْن شاذان: تقلد الطائع للَّه الخلافة فِي ذي القعدة سنة ثلاث وستين وثلاثمائة، وقبضوا عَلَيْهِ فِي شعبان سنة إحدى وثمانين، وبقي إلى هذه السنة، فتوفي فيها. قَالَ: ورأيته رجلا مرْبُوعًا، كبير الْأنف، أبيض الشعر [2] .
قَالَ أَبُو الفرج بْن الْجَوْزِي [3] : ولما وُلِّي الطائع ركب وعليه البُرْدَة، ومعه الجيش، وبين يديه سُبُكْتِكين، فِي تاسع عشر ذي القعدة، وخلع من الغد عَلَى سُبُكْتِكين خِلَعَ السّلطنة، وعقد لَهُ اللواء، ولقّبه «نصر الدولة» ، وحضر
__________
[1] المنتظم 7/ 224، 225 رقم 358، تاريخ بغداد 11/ 79، 80 رقم 5754، البداية والنهاية 11/ 332، الكامل في التاريخ 9/ 1175، دول الإسلام 1/ 236، العبر 3/ 55، الإنباء في تاريخ الخلفاء 179، خلاصة الذهب المسبوك 258- 261، الفخرى 290، النجوم الزاهرة 4/ 208، شذرات الذهب 3/ 143، مرآة الجنان 2/ 446، النبراس 124- 127، نكت الهميان 196، 197، سير أعلام النبلاء 15/ 118- 127 رقم 62، تاريخ الزمان 71، تاريخ مختصر الدول 177، تاريخ ابن خلدون 3/ 436، تاريخ الفارقيّ 63، تاريخ العظيمي 317، نهاية الأرب 23/ 204- 206، المختصر في أخبار الشر 2/ 127، مختصر التاريخ لابن الكازروني 191- 195، تاريخ ابن الوردي 1/ 310، الدرّة المضيّة 228، ذيل تاريخ دمشق 11، صبح الأعشى 3/ 258، مآثر الإنافة 1/ 311، أخبار الدول وآثار الأول 170، 171، تاريخ يحيى بن سعيد الأنطاكي (بتحقيقنا) .
[2] تاريخ بغداد 11/ 79.
[3] في المنتظم 7/ 67.

(27/286)


عيد الْأضحى، فركب الطائع إلى المصلَّى، وعليه قباء وعمامة، وخطب خطبة خفيفة، بعد أن صلّى بالنّاس، ثم إنّ عزّ الدولة [أدخل يده] [1] فِي إقطاع سُبُكْتِكين، فجمع سُبُكْتِكين، الْأتراك الذين ببغداد، ودعاهم إلى طاعته، فأجابوه، وراسل أَبَا إِسْحَاق مُعِزّ الدولة يُعْلمه بالحال ويُطْمِعُهُ أن يعقد لَهُ الْأمر، فاستشار أمَّه، فمنعته، فصار إليها من بغداد جماعة، فصوَّبوا لها محاربة سُبُكْتِكين فحاربوه فهزمهم، واستولى عَلَى ما كَانَ ببغداد لعزّ الدّولة، ونادت العامّة بنصر سُبُكْتِكين، فبعث إلى عزّ الدولة يَقُولُ: إنّ الأمر قد خرج عن يدك، فأخرج لي عَنْ واسط وبغداد، وليكونا لي، ويكون لك الأهواز والبصرة، ودعي الحرب.
وكتب عزّ الدولة إلى عَضُد الدولة يستنجده، فتوانى، وصار النّاس حزبين، وأهل التشيّع ينادون بشعار عزّ الدولة، والسّنّة والدّيلم ينادون بشعار سُبُكْتِكين، واتّصلت الحروب، وسُفِكَت الدماء، وكشفت الدُّور، وأُحْرِق الكَرْخ حريقًا ثانيا [2] .
وكان الطائع شديد الحَيْل، قويًّا فِي خلْقه [3] .
[وتقلّد] [4] بهاء الدولة بن عضد الدولة بإشارة الْأمراء ومعونتهم. ثم كَانَ فِي دار عَبْد القادر باللَّه مُكَرَّمًا مُحْتَرَمًا، إلى أن مات ليلة عيد الفِطْر، وصلّى عَلَيْهِ القادر باللَّه، وكبّر عَلَيْهِ خمْسًا، وحُمل إلى الرّصافة، وشيّعه الأكابر
__________
[1] ما بين الحاصرتين ساقط من الأصل، والإستدراك من المنتظم 7/ 68 (حوادث سنة 363 هـ.) .
[2] المنتظم 7/ 68.
[3] قال ابن الجوزي إنّ الطائع كان «حسن الجسم شديد القوّة، وفي رواية أنه كان في دار الخلافة أيل عظيم، فكان يقتل بقرنه الدّوابّ والبغال ولا يتمكّن أحد من مقاومته، فاجتاز الطائع للَّه فرآه وقد شقّ راويه، فقال للخدم: أمسكوه، فسعوا خلفه حتى ألجئوه إلى مضيق وبادر الطائع فأمسك قرنيه بيديه، فلم يقدر أن يخلّصهما، واستدعى بنجّار فقال: ركّب المنشار عليهما، ففعل، فلما بقيا على يسير قطعهما بيده، وهرب الأيل على وجهه» .
(المنتظم 7/ 68، 67) 8.
[4] في الأصل بياض، وقد أضفنا ما بين الحاصرتين لضرورة السياق.

(27/287)


والخَدَم، ورثاه الشريف الرّضِيُّ بقصيدة [1] .
وقَالَ أَبُو حفص بْن شاهين: خلع المطيع نفسه غير مُكْرَه، فما صحّ عندي، ووُلّي ابنه الطائع، وسنُّه يوم وُلّي ثلاثة وأربعون سنة [2] .
قلت: فيكون عمره ثلاثًا وسبعين سنة.
عَبْد الملك بْن أحْمَد بْن عَبْد الملك [3] بْن شُهَيد الوزير، أَبُو مروان القُرْطُبي.
رَوَى عَنْ: قاسم بْن أَصْبَغ، ووهب بْن مَسَرَّة، وكان إمامًا فِي اللغة والإخبار.
صنف «التاريخ الكبير» عَلَى السّنين، من وفاة عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، إلى وقته، وهو أزيد من مائة سنة، وتُوُفِّي فِي رابع ذي القعدة بالذّبحة، عَنْ سبعين.
رَوَى عَنْهُ [4] ابن عائذ.
عثمان بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد [5] ، أَبُو عَمْرو المُخَرَّمي القارئ [6] .
سَمِعَ إِسْمَاعِيل الصّفّار، والْحُسَيْن بْن صفوان، وبنيسابور: الْأصمّ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو العلاء الواسطي، وَأَبُو الْحَسَن العتيقي، ووثّقه العتيقي.
تُوُفِّي بالدِّينَوَر.
عُمَر بْن زكار [7] أَبُو حفص التمّار، بغدادي.
رَوَى عَنْ: المَحَامِلي، وعثمان بْن جَعْفَر اللّبّان، وإِسْمَاعِيل الصّفّار.
__________
[1] مطلعها:
أيّ طود دكّ من أيّ جبال ... لقّحت أرض به بعد حيال
ما رأى حىّ نزار قبلها ... جبلا سار على أيدي الرجال
(ديوان الشريف الرضىّ 2/ 666 طبعة بيروت 1309 هـ.) وانظر: المنتظم 7/ 224.
[2] في المنتظم 7/ 66 «وكان سنّة يوم ولىّ ثمان وأربعين سنة، وقيل: خمسين» .
[3] الصلة لابن بشكوال 2/ 355، 356 رقم 711.
[4] في الأصل «عن» .
[5] تاريخ بغداد 11/ 312 رقم 6112، المنتظم 7/ 225 رقم 359.
[6] في الأصل «المخزومي العاربى» وهو تصحيف.
[7] في الأصل «ركاز» وهو تحريف، والتصويب من (تاريخ بغداد 11/ 270 رقم 6033) .

(27/288)


رَوَى عَنْهُ: عَبْد العزيز الْأزْجِي، وعُبَيْد اللَّه الْأزهري، وهبة اللَّه اللالكائي.
قَالَ العتيقي: ثقة مأمون.
القاسم بن أحمد [1] ، أبو محمد التّجيبي الطُّليْطِلي نزيل قُرْطُبَة، ويعرف بابن أرفع رأسه.
سَمِعَ قاسم بْن أَصْبَغ، ومُحَمَّد بْن أَيْمَن، وابْن المَشَّاط، وشاوره ابن السّليم وغيره فِي الْأحكام. ووُلِّي قضاء بلده وقضاء بَطَلْيُوس، وتولّى بناء حصون الثَّغْر.
وكان ثقة، تفقه بِهِ جماعة، وكان خبيرًا بمذهب مالك.
رَوَى عَنْهُ: ابن الفَرَضِيّ، وَأَبُو عُمَر بْن عَبْد البَرّ، وجماعة.
تُوُفِّي فِي جُمادى الآخرة، وكان ثقة، مَزَّاحًا.
كُوهي بْن الْحَسَن [2] ، أَبُو مُحَمَّد الفارسي.
حدّث عَنْ أحْمَد أخي أَبِي اللَّيْث الفرائضي، وأَبِي حامد مُحَمَّد بْن هارون الحضْرمي.
رَوَى عَنْهُ: عَبْد العزيز الْأزْجِي، وَأَبُو عَبْد اللَّه الصَّيْمَريّ القاضي التنوخي، وغيرهم.
وثّقه الخطيب، وتُوُفِّي فِي شوّال.
مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ، أَبُو بَكْر الطاهري البغدادي الضّرير، نزيل إصبهان.
حدّث عَنْ: أَبِي القاسم عَبْد اللَّه بْن محمد بْن عبد الكريم الرازي، ومُحَمَّد بْن عيّاش المّوْصلي. سَمِعَ عَلِيّ بْن حرْب، وأَبَا [3] صالح السليل بْن أحْمَد، وجماعة.
رَوَى عَنْهُ: أحْمَد بْن عَلِيّ اليزدي، وعَبْد الرحمن، وعبيد الله، ابنا أبى
__________
[1] تاريخ علماء الأندلس 1/ 371 رقم 083، بغية الملتمس 447 رقم 1297.
[2] تاريخ بغداد 12/ 493 رقم 76965 المنتظم 7/ 225 رقم 360.
[3] في الأصل «أبى» .

(27/289)


عَبْد اللَّه بْن مَنْدَه، وغيرهم.
ومات فِي عاشر ذي القعدة. ذكره ابن النّجّار.
مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن عَبْد الْأعلى، أَبُو عَبْد اللَّه المغربي المقرئ الزّاهد المعروف بالورشي.
سَمِعَ بمصر والشام والعراق وأصبهان بعد الخمسين وثلاثمائة، وكان راسًا فِي علم القرآن.
تُوُفِّي بسجستان. ذكره الحاكم فِي تاريخه.
مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مهدي الْإسكافي، أَبُو عَبْد اللَّه الشاهد، من فُضَلاء بغداد.
جمع تاريخًا كبيرًا عَلَى السنين، بدأ فِيهِ بسنة الهجرة النبويّة.
وقال ابن الخازن: نقلت منه أشياء حسنة.
وقال ابن النّجّار: كَانَ ثقةً أمينًا عفيفًا، مات فِي رجب سنة ثلاثٍ وتسعين.
مُحَمَّد بْن ثابت [1] ، أَبُو الْحَسَن الصَّيْرَفي، بغداديّ.
عَنْ إِسْمَاعِيل الصّفّار، وابْن السّمّاك.
وعنه: عُبَيْد اللَّه بْن أحْمَد الصَّيْرَفي.
مات سنة ثلاثٍ وتسعين فِي رمضان.
مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن دَاوُد، أخو أبي الْحَسَن مُحَمَّد الْحُسَيْن العلوي النيسابُوري. كَانَ كثير المروءة والإفضال عَلَى الصُّلَحاء. يُكنى أَبَا عَلِيّ.
رَوَى عَنْ أَبِي حامد بْن بلال، ومُحَمَّد بْن الْحُسَيْن القطّان.
رَوَى عَنْهُ الحاكم، وقَالَ: تُوُفِّي فِي شعبان.
وذكر ابن الصَّلاح هذا وأخاه فِي «طبقات الشافعيّين» ، وقيل إنّ هذا درّس فقه الشافعيّ.
__________
[1] تاريخ بغداد 2/ 111 رقم 506، المنتظم 7/ 225 رقم 361.

(27/290)


محمد بن عبد الله بن أبي عامر [1] مُحَمَّد بْن الوليد القحطاني المَعَافِرِي الْأندلسي الملك المنصور الحاجب، أَبُو عَبْد اللَّه، مدبر دولة الخليفة المؤَيَّد [2] باللَّه هشام بْن المستنصر الْأمويّ صاحب الْأندلس [3] .
بويع بعد أَبِيهِ، وله تسعُ سنين، وكان الحاجب أَبُو عامر هُوَ الكلّ، فعمد أوّل تغلُّبه عَلَى الْأمر إلى خزائن المستنصر باللَّه الحَكَم بْن النّاصر، الجامعة للكُتُب، فابرز ما فيها من صنوف التواليف من خواصّة العلماء، وأمر بإفراد ما فيها من كتب الْأوائل، حاشى كُتُب الطّبّ والحساب، وأمر بإحراقها، فأُحرِقت، وطُمِس بعضُها، وكانت كثيرة جدًّا، ففعل ذَلِكَ تحبُّبًا إلى العوامّ، وتقبيحًا لرأي المستنصر عندهم [4] .
وكان أَبُو عامر حازمًا مدبّرًا وشجاعًا بطلا غزا ما [5] لم يغزه [6] أحد من الملوك، وافتتح فتوحًا كثيرة، وبقي فِي المملكة ستًّا وعشرين سنة.
وكان عالمًا فاضلا، كثير المآثر والمحاسن، قد طلب العلوم فِي صباه، وزانت بهيبته أقطار الْأندلس، وآمنت بِهِ لفَرطْ سياسته، وقد استوزر جماعة، كَانَ المؤيَّد باللَّه معهم صورة بلا معنى، فإنّه استولى عَلَى التدبير والحجوبية، ولم يبق أحد مَعَ الدولة يقدر عَلَى رؤية المؤَيَّد، بل كَانَ أَبُو عامر يدخل عَلَيْهِ القصر ويخرج، فيترك إمرة أمير المؤمنين بكذا، وينهى عَنْ كذا، فلا يخالفه
__________
[1] الحلّة السيراء 1/ 268- 277 رقم 101، الكامل في التاريخ 9/ 176، العبر 3/ 56، دول الإسلام 1/ 237، الوافي بالوفيات 3/ 312، 313 رقم 1360، المختصر في أخبار البشر 2/ 136، تاريخ ابن الوردي 1/ 317، يتيمة الدهر 2/ 62، جذوة المقتبس 78، 79، الذخيرة في محاسن الجزيرة ج 1 ق 4/ 56- 78، بغية الملتمس 105، تكملة الصلة 1/ 437، المغرب في حلى المغرب 1/ 199- 203، البيان المغرب 2/ 301، تاريخ ابن خلدون 4/ 147، نفح الطيب 1/ 396- 423 و 3/ 85- 94، سير أعلام النبلاء 17/ 15، 16 رقم 7، شذرات الذهب 3/ 143، 144.
[2] في الأصل «المؤيدة» .
[3] كرّر بعدها «المؤيد باللَّه» .
[4] الوافي بالوفيات 3/ 312.
[5] في الأصل «عزاما» وهو تصحيف، والتصحيح من (الوافي بالوفيات) .
[6] في الأصل «يعره» .

(27/291)


أحد، وكان يمنع المؤَيَّد من الاجتماع بأحد، وإذا كَانَ بعد سنين أركبه وجعل عَلَيْهِ بُرْنُسًا، وألبس جواريه مثله، فلا يعرف المؤَيَّد فِي سائر الجواري، ويخرجه ليتنزّه فِي الزَّهْراء، ثم يعود إلى القصر عَلَى هذه الحالة، وليس لَهُ إلا الخطبة والسِّكّة.
وكان أَبُو عامر لَهُ فِي الجمعة مجلس حافل، تجتمع فِيهِ العلماء للمناظرة.
وغزا [1] فِي أيّامه نيّفًا وخمسين غزوة، وملا بلاد المسلمين غنائم وسَبْيا، حتى قِيلَ: لقد ابتيعت بِنْت عظيم من عظماء الروم ذات حُسْن وجمال بقُرْطُبَة بعشرين دينارًا عامِرِيَّة، وكان إذا فرغ من قتال العدوّ، نَفَضَ ما عَلَيْهِ من غُبَار، ثم يجمعه ويحفظه، فلما احتضر، أمر بما اجتمع من ذَلِكَ الغبار أن يُذَرَّ على كَفَنِه. وتُوُفِّي- رحمه [اللَّه] [2]- وهو بأقصى الثغور، عند موضعٍ يعرف بمدينة سالم، مبطونًا شهيدًا فِي هذه السنة. وللشعراء فِيهِ مدائح كثيرة، وكان يُجِيزُهم بالذَّهَب الكثير، وقام بالأمر بعده ولده أَبُو مروان عَبْد الملك بْن أَبِي عامر، ولقبوه بالمظَّفر [3] ، فدامت أيّامه فِي الْأمن والخصْب، ولكنْ لم تَطُلْ مدَّتُه، ومات، فثارت الفِتَن بالأندلس.
مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الْعَبَّاس [4] بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن زكريّا، محدّث العراق، أَبُو طاهر البغدادي الذَّهبي المخلِّص.
سَمِعَ: أَبَا القاسم البغوي، وأبا بكر بن أبي داود بْن صاعد وأَحْمَد بْن سُلَيْمَان الطُّوسي، ورضوان الصّيدلانى، ومحمد بن هارون الحضرميّ، وجماعة.
__________
[1] في الأصل «غزي» .
[2] سقط لفظ الجلالة من الأصل.
[3] انظر: نفح الطيب 1/ 423.
[4] تاريخ بغداد 2/ 322 رقم 810، المنتظم 7/ 225 رقم 362، البداية والنهاية 11/ 333، الوافي بالوفيات 3/ 230 رقم 1231، الكامل في التاريخ 9/ 179، النجوم الزاهرة 4/ 208، تذكرة الحفاظ 3/ 1026، العبر 3/ 56، شذرات الذهب 3/ 144، دول الإسلام 1/ 237، سير أعلام النبلاء 16/ 478، 479 رقم 353، هدية العارفين 20/ 57، الرسالة المستطرفة 90.

(27/292)


رَوَى عَنْهُ: هبة اللَّه اللالكائي، وَأَبُو مُحَمَّد الخلال، وَأَبُو سعد إِسْمَاعِيل بْن عَلِيّ السّمّان، وأبو طالب المحسّن بن شفيروز الفقيه، وإبراهيم بْن مُحَمَّد بْن مُوسَى الشَّرَوِي الفقيه نزيل بغداد، وعَبْد العزيز بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن القطّان، وأَحْمَد بْن مُحَمَّد النَّقُّور، وعَلِيّ بْن أحْمَد بْن البُسْريّ، وعَبْد العزيز بْن عَلِيّ الْأنماطي، وخلق كثير آخرهم مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الزَّيْنَبِي.
قَالَ الخطيب: كَانَ ثقة، مولده في شوّال سنة خمس وثلاثمائة.
وقَالَ المخلِّص: أول سماعي من البَغَوي فِي سنة اثنتي عشرة.
قلت: انتقى عَلَيْهِ الفتح بْن أَبِي الفوارس عدّة أجزاء، وَأَبُو بَكْر البقّال عدّة أجزاء.
والمخلِّص هُوَ الَّذِي يخلّص الغشّ من الذَّهب بالتعليق والنّار، وقد وقع لنا جملة صالحة من عوالي المخلِّص.
وكانت وفاته فِي رمضان من السنة، رحمه اللَّه.
فَمِنْ حَدِيثِهِ، قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ بِمِصْرَ، أَخْبَرَكُمُ الْمُبَارَكُ بْنُ الْجَوْرَدِ، أَنَا أحْمَدُ بْنُ الطَّلايَةِ، أَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيٍّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُخْلِصُ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ الْحَضْرَمِيُّ، أَنَا [1] إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ إِسْرَائِيلُ، أَنَا كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأبُلِّيُّ، ثَنَا أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فليتبوَّأ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» [2] . هَذَا حديث لنا
__________
[1] في الأصل «أبا» وهو تحريف.
[2] روى البخاري في صحيحه (1/ 38 طبعة دار إحياء التراث العربيّ) باب: إثم من كذب على النبي، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «تسمّوا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي، ومن رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثّل في صورتي. ومن كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فليتبوَّأ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» . وأخرج البخاري والترمذي حديث بنى إسرائيل. (البخاري 6/ 361) في الأنبياء، باب ما ذكر عن بنى إسرائيل. (الترمذي رقم 2671) في العلم، باب ما جاء في الحديث عن بنى إسرائيل. (مسلم- مجلد 1- ج 1/ 7، 8) عن أبى هريرة. وأخرجه الترمذي أيضا 4/ 142 رقم 2796 عن عبد الله، مرفوعا. قال ابن الجوزي: روى هذا الحديث عن النبي صلّى الله عليه وسلم 98 صحابيا منهم العشرة ولا يعرف ذلك في غيره، وذكر ابن دحية أنّه خرّج من نحو أربعمائة طريق. ومنها: «من نقل عنى ما لم أقله

(27/293)


تُساعيّ لنا متّصل الْأسناد، وإن كَانَ [كثير الْأبلّي] [1] من الضعفاء، فَيَبْعُدُ أَنَّهُ تعمّد الكذب فِي سماعه لهذا الحديث من أَنس، إذ فِيهِ من الوعيد ما فِيهِ.
مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ [2] بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّد، أَبُو الْحَسَن القُرَشي المخزومي السّلاميّ المشهور.
نشأ ببغداد، ولقي بالمَوْصِل جماعةً من الْأدباء، منهم أَبُو الفرج الببّغاء، وَأَبُو عثمان الخالدي، وَأَبُو الْحَسَن التَّلَّعَفْرِي، فأعجبتهم براعته عَلَى حداثة سِنِّه، إلا التَّلَّعَفْرِي، فإنه اتّهمه فِي شِعْره.
وفيه يَقُولُ السلامي:
سَمَا التَّلَّعَفرِي إلى وصالي ... ونفسُ الكلب تكبر عَنْ وصالهْ
ينافي خُلُقُه خُلُقي وتَأْبَى ... فِعالي أنْ تُضاف إلى فِعالِهْ
فصنعتيَ النفيسة فِي لساني ... وصنعته الخسيسةُ فِي قَذالهْ
فإنْ أشعر فما هُوَ من رجالي ... وإنْ يُصْفَعْ فما أَنَا من رجالهْ [3]
قصد السَّلاميّ حضرة الصّاحب إِسْمَاعِيل بْن عَبّاد وهو بإصبهان، فامتدحه، فبالغ الصّاحب فِي إكرامه وإعطائه، ثم قصد حضرة السلطان عضد
__________
[ () ] فليتبوَّأ مقعده من النار. قالوا: وهذا أصعب ألفاظه وأشقّها لشموله للمصحّف واللحاف والمحرّف. (كشف الخفاء 2/ 379) وانظر كتابنا: من حديث خيثمة بن سليمان القرشي الأطرابلسي- ص 76- طبعة دار الكتاب العربيّ، بيروت 1980.
[1] إضافة على الأصل للتوضيح. وعن كثير بن عبد الله الأبليّ، انظر: الضعفاء الكبير 4/ 8 رقم 1560، والجرح والتعديل ج 3 ق 2/ 154، وميزان الاعتدال 3/ 406، والتاريخ الكبير 7/ 218 رقم 950، والتاريخ الصغير 181، والضعفاء الصغير 274، والضعفاء والمتروكين للنسائى 302 رقم 506، والضعفاء والمتروكين قطنى 144 رقم 445، والكامل لابن عدىّ 6/ 2085، 2086، والمغنى 2/ 30 رقم 5083.
[2] في تاريخ بغداد 2/ 335 رقم 833 «عبيد الله» وهو «عبد الله» في الأصل، وفي المنتظم 7/ 225، 226 رقم 363، مرآة الجنان 2/ 446، 447، البداية والنهاية 11/ 333، الوافي بالوفيات 3/ 317- 319 رقم 1370، وفيات الأعيان 4/ 403- 409 رقم 665، الإمتاع والمؤانسة 1/ 134، يتيمة الدهر 2/ 396، الكامل في التاريخ 9/ 179، المختصر في أخبار البشر 2/ 136، تاريخ ابن الوردي 1/ 318، النجوم الزاهرة 4/ 209، الأنساب 7/ 209، سير أعلام النبلاء الدهر 107/ 73، 74 رقم 39.
[3] وفيات الأعيان 4/ 405.

(27/294)


الدولة إلى شيراز، فأقبل عَلَيْهِ، واختصّ بِهِ، وكان يَقُولُ: إذا رَأَيْت السَّلاميَّ فِي مجلسي، ظننت أنّ عُطَارِد نزل من الفَلَك، فوقف بين يديّ.
وللسَّلاميّ فِيهِ:
يُشَبِّهُهُ المُدَّاحُ فِي البأسِ والنَّدَى ... بمَنْ لو رآه كَانَ أصَغَرَ خادِمِ
فِي جَيْشه خَمْسون [1] ألفًا كَعَنْتَرٍ ... وأمضى وفي خُزّانه ألفُ حاتمِ [2]
تُوُفِّي السَّلاميّ فِي جُمادى الْأولى من السنة، وهو فِي عشر الستّين، وشِعْرُه سائر مُدَوَّن.
مُحَمَّد بْنُ عَلِيِّ [3] بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ القاسم بْن مُحَمَّد الشريف السيد، أَبُو الْحَسَن العَلَوِي الزَّيْدي الهَمَذَاني المعروف بالوصيّ [4] .
رَوَى عَنْ: عَبْد الرَّحْمَن الجلاب، وأَحْمَد بْن عُبَيْد، وعبدان بْن يزيد الدّقّاق، وجماعة بهَمَذَان، وإِسْمَاعِيل الصّفّار، وجعفر الخلدي، وابْن كامل القاضي ببغداد، والطَّبراني بإصبهان، وخَيْثَمة الأطرابلسيّ بالشام، وجماعة.
روى عنه: مُحَمَّد بْن عيسى، وعَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي اللَّيْث الصّفّار، ومُحَمَّد بْن عُمَر بْن عزيز التككي، وجعفر بْن مُحَمَّد الْأبْهَرِي، وآخرون.
قَالَ شِيرَوَيْه: كَانَ ثقة صدوقًا صوفيًّا واعظًا، تفقه ببغداد على أبي علي بن أبي هريرة، وتزهّد، وجاور بمكّة، ورجع فأقام ببُخَارَى مدّةً، وبها مات فِي ثاني عشر المحرَّم، سنة ثلاث وتسعين.
قلت: رَوَى عَنْهُ أيضًا أَبُو سعد الكَنْجَرُوذِي، وسمع من الْأصمّ.
وقيل إنه مات ببلخ [5] .
__________
[1] في الأصل «خمسين» .
[2] يتيمة الدهر 2/ 421، وفيات الأعيان 4/ 409.
[3] الأنساب 585 أ، تاريخ دمشق (مخطوط التيمورية) 3/ 341 و 38/ 198 و 570، لسان الميزان 5/ 299، موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان ق 1- ج 4/ 272 رقم 1535، تذكرة الحفاظ 3/ 1026، المنتظم 7/ 230 رقم 371 (وفيات 395 هـ.) ، البداية والنهاية 11/ 335، تاريخ بغداد 3/ 90، 91، اللباب 3/ 368، سير أعلام النبلاء 17/ 77- 79 رقم 43.
[4] في الأصل «بالرضى» ، والتصويب من مصادر ترجمته.
[5] تاريخ بغداد 3/ 91.

(27/295)


وقَالَ السُّلَمي: كَانَ أحد الْأشراف عِلْمًا ونَسَبًا ومحبّة للفقراء، وصُحْبَةً لهم، ما يرجع إِلَيْهِ من العلوم كُتُب الحديث والفقه، وصحب الخلدي، وكان يُكْرِمه، ودخل دُوَيْرةَ الصُّوفِيّة بالرّملة، وكان يخدمهم أيامًا، حتى قدِم فقير فأتى فقبّل رأسه، وقَالَ: هذا شريف الجبل، وليس بهَمَذَان أغنى منهم ولا أجلّ، فقام عَبَّاس الشاعر فقبّل رِجْله، فأخذ الشريف أَبُو الْحَسَن ركوته، وذهب إلى مصر.
وقَالَ الحاكم: عاش ثلاثًا وثمانين سنة.
وقال أبو سعيد الإدريسي: يُحْكَى عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يجازف فِي الرواية فِي آخر عمره [1] .
مُحَمَّد بْن يوسف بْن يعقوب بْن إِسْحَاق بْن بهلول التنوخي الْأنْباري، أَبُو غانم بْن الْأزرق.
رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وأَبِي بَكْر بْن الْأنْباري، ومُحَمَّد بْن مَخْلَد، وتُوُفِّي بالأنبار.
وليد بْن عَبْد الرَّحْمَن [2] ، أَبُو الْعَبَّاس القيسي القُرْطُبي الزَّيّات.
سَمِعَ من أحْمَد بْن مَطَرِّف، ومُحَمَّد بْن معاوية، وأَحْمَد بْن سَعِيد، وجماعة.
وعاش سبعين سنة.
يحيى بْن مُحَمَّد بْن يحيى، أَبُو بِشْر النيسابُوري الكاتب.
رَوَى عَنِ الْأصمّ، وعَلِيّ بْن حمشاد.
وتُوُفِّي فِي شعبان.
يوسف بْن مُحَمَّد بْن عُمَر [3] بْن يوسف بْن عمروس أَبُو عُمَر الأندلسى الأستجي.
__________
[1] تاريخ بغداد 3/ 91.
[2] تاريخ علماء الأندلس 2/ 163 رقم 1514.
[3] تاريخ علماء الأندلس 2/ 208 رقم 1639، جذوة المقتبس 367 رقم 770، بغية الملتمس 488 رقم 1435.

(27/296)


سَمِعَ الكثير من: قاسم بْن أَصْبَغ، ومُحَمَّد بن عبد الله بن أبي دليم [1] وجماعة، وكان إمامًا فقيهًا رأسًا فِي الفتيا.
تُوُفِّي فِي جُمادى الْأولى، وله ثلاث وسبعون سنة، وسمع من غير واحد.
وروى عَنْهُ ابن عبد البرّ.
__________
[1] في الأصل «دلهم» وهو تصحيف.

(27/297)


[وفيات] سنة أربع وتسعين وثلاثمائة
أحْمَد بْن إِبْرَاهِيم القصّار [1] ، إصبهانيّ محدّث.
رَوَى عَنْ أَبِي عُمَر، وأَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حكيم، وأَبِي عَلِيّ الصّحّاف، فَمن بعدَهما.
قَالَ أَبُو نُعَيْم: كَانَ يختلف معنا، إلى أن تُوُفِّي فِي ذي الحجّة، رحمه اللَّه.
أحْمَد بْن عُمَر بْن خُرْشِيد [2] قُولَه، أَبُو عَلِيّ الْإصبهاني التاجر.
حدّث بمصر عَنْ: أَبِي حامد مُحَمَّد بْن هارون الحَضْرَمِي، وأَبِي بَكْر بْن زياد النيسابُوري، وغيرهما.
رَوَى عَنْهُ: العتيقي، وإِسْمَاعِيل بْن رجاء العسقلاني، ورشأ بْن نظيف، وخلق.
وثّقه الخطيب، وذكر العتيقي أنّه سَمِعَ منه بمصر وبمكّة وبغداد، وكان يحجّ كل سنة.
قَالَ الخطيب: سكن مصر حتى مات.
وقَالَ الحبّال: مات فِي جُمادى الْأولى، رحمه اللَّه.
أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الفَضْل، أَبُو الْعَبَّاس بْن النَّهَاوَنْدِي الزّاهد العارف.
وَرَّخه السُّلَمي، وقَالَ: صحب جعفر الجليدى، له مجاهدة عظيمة وأحوال.
__________
[1] ذكر أخبار أصبهان 1691.
[2] تاريخ بغداد 4/ 292، 293 رقم 2053 وفي الأصل «خرشند» . ذكر أخبار أصبهان 1/ 661.

(27/299)


إِبْرَاهِيم بْن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيم [1] بْن الْحُسَيْن بْن سَيْبُخْت [2] ، أبو الفتح البغدادي الكاتب، نزيل مصر.
حدّث عَنْ: أَبِي القاسم البَغَوي، وأَبِي بَكْر بْن أَبِي دَاوُد.
رَوَى عَنْهُ: عَبْد الملك بْن عُمَر الرزّاز، ورشأ بْن نظيف، وجماعة.
قال الخطيب: كان سيّئ الحال فِي الرّواية، وقَالَ مرّة: ساقط الرّواية.
تُوُفِّي بمصر فِي جُمادى الآخرة.
أفلح بْن يحيى القُرْطُبي [3] ، مولى إِبْرَاهِيم بْن يوسف،.
وحجّ وسمع من الْأجُرِّي، وأَبِي بَكْر بْن خَرُوف، وجماعة.
كتب عَنْهُ غير واحد.
بدر، أَبُو الغصن [4] مولى أحْمَد بْن قطن الزّيّات القُرْطُبي.
سَمِعَ قاسم بْن أَصْبَغ، وبمصر من حمزة الكناني، وأَبِي الْعَبَّاس الرّازي، وأَبِي أحْمَد بْن النّاصح.
وكان رجلا صالحًا. رَوَى أحاديث، ولم يكن كثير عِلْم.
تمصولت [5] الْأسود، يقال طزملت الْأمير الْمَصْرِيّ الرافضيّ.
وُلِّي دمشق للحاكم سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة، وفي سنة ثلاث عزَّر رجلا مغربيا بدمشق عَلَى حمار [ونودي عَلَيْهِ:] [6] هذا جزاء من يحبّ أَبَا بَكْر وعُمَر، ثم قتله.
مات إلى غير رحمة اللَّه فِي صفر.
حباشة بْن حسن [6] . سَمِعَ بالقَيْروَان: إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الله القلانسي،
__________
[1] تاريخ بغداد 6/ 133 رقم 3167، مرآة الجنان 2/ 447، العبر 3/ 57، شذرات الذهب 3/ 144.
[2] في الأصل «سبيخت» والتصويب من تاريخ بغداد وغيره.
[3] تاريخ علماء الأندلس 1/ 83، 84 رقم 263.
[4] تاريخ علماء الأندلس 1/ 96 رقم 294.
[5] في الأصل «مصولت» ، وما أثبتناه. هو الصحيح وينسجم مع الترتيب للتراجم. وقد سبق التعريف بصاحب الترجمة في حوادث سنة 393 هـ. فليراجع.
[6] تاريخ علماء الأندلس 1/ 128، 129 رقم 395.

(27/300)


وزياد بْن عَبْد الرَّحْمَن، ودخل إلى الْأندلس، فصحب مُحَمَّد بْن عبد اللَّه بْن الحدّاد، وتردّد فِي الثُّغور مُرابطًا، ثم رحل إلى المشرق، فسمع من أَبِي [زيد] [1] المَرْوَزِي وغيره، ورجع إلى الْأندلس، وكان من فقهاء المالكية.
توفّى بقرطبة.
سعيد بن محمد بن الفضل الفقيه، أَبُو سهل النيسابُوري الواعظ.
سَمِعَ مكّي بْن عَبْدان.
وعنه: الحاكم، وطائفة.
شاه بْن عَبْد الرَّحْمَن، أَبُو مُعاذ الهَرَوِي الماليني.
رحل وسمع عَلِيّ عَبْد اللَّه بْن مبشر الواسطي، وأَبَا بَكْر عَبْد اللَّه بْن زياد النيسابُوري، وله جُزْء سمعناه.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو عُمَر المليحي، وأبو عثمان الصّابونى، [و] [2] أبو عاصم الجوهري الهروي، وهو آخر من حدّث عنه، وحدّث عَنْهُ أيضًا أَبُو يَعْلَى الصَّابُونِي.
تُوُفِّي فِي جُمادى الْأولى بهَرَاة.
طلحة بْن أسد بْن عَبْد اللَّه [3] بْن المختار الرّقّي، نزيل دمشق.
رَوَى عَنْ أَبِي بَكْر الْأجُرِّي، وأَبِي عَلِيّ الْحَسَن، بْن منير التنوخي، وجماعة.
رَوَى عَنْهُ: أحمد بن الحسن الطيان، ورشأ بن نظيف، وَأَبُو عَلِيّ الْأهوازي، وغيرهم.
وكان من الصالحين. تُوُفِّي فِي ربيع الْأوّل.
قَالَ الكتّاني: حدّث بكُتُب الْأجُرِّي كلّها، وكان ثقة مأمونًا، يُذْكَر عَنْهُ من السَّخاء والكرم شيء عظيم، رحمه الله.
__________
[1] ساقطة من الأصل، أضفناها من تاريخ علماء الأندلس.
[2] ورد بدل «و» : «توفى» .
[3] تهذيب ابن عساكر 7/ 67.

(27/301)


عَبْد اللَّه بْن محمد بْن أحمد [1] بْن عَبْد الوهاب، أَبُو عُمَر السُّلَمي الْإصبهاني المقرئ الورّاق.
رَوَى عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الزُّهْرِيّ بْن أخي رُسْتَه، وعَبْد اللَّه بْن الصبّاح، ومُحَمَّد بْن عُمَر الجورجيري، وابْن الجارود، وأَبِي الْحَسَن اللنباني، وغيرهم، وكتب الكثير.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْر بْن أَبِي عَلِيّ الذّكْواني، وعَبْد الوهاب بْن مَنْدَه.
تُوُفِّي فِي ذي القعدة.
عَبْد اللَّه بْن أحْمَد بْن عبد الله [2] بن زر، بفتح الزاي، أبو محمد الخواري [3] الرازي.
روى عن أحمد بن جَعْفَر بْن نصر الجمّال، وإِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد السمناني صاحب [عيسى بْن حمّاد زغبة] [4] .
قاله الْأمير ابن ماكولا وأنّه مات فِي صفر.
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّد بْن نَصْرَوَيْه، أَبُو مُحَمَّد النيسابُوري، ابن خال الحاكم.
سَمِعَ الْأصمّ، وأَحْمَد بْن إِسْحَاق الضّبعي، وحدّث فِي ربيع الآخر.
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أبو القاسم النيسابُوري المطوّعي.
سَمِعَ ببغداد من جَعْفَر الخلْدي، وعَبْد اللَّه بْن عدي الحافظ.
تُوُفّي فِي جُمَادَى الآخرة.
عَبْد الرَّحْمَن بْن أحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن عثمان، أَبُو مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ النيسابُوري الحافظ العماري.
سَمِعَ: أَبَا بَكْر بْن إِسْحَاق العتيقي، وأَبَا عَلِيّ الرّفّاء، وطبقتهما، وصنّف وذاكر.
__________
[1] العبر 3/ 57، مرآة الجنات 2/ 447، شذرات الذهب 3/ 144.
[2] الإكمال 3/ 214 و 4/ 183، 184.
[3] الخواريّ: نسبة إلى خوار الرّيّ. قاله ابن ماكولا.
[4] ما بين الحاصرتين ساقط من الأصل والاستدراك من (الإكمال) .

(27/302)


قال الدار قطنى: سررت برؤيته، عاش سبْعًا وخمسين سنة.
رَوَى عَنْهُ الحاكم.
عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد، أَبُو سَعِيد النّيسابورى الخلّال.
سمع: أبا العبّاس الأصمّ، وغيره، وحدّث بطريق مكّة.
عَبْد السلام بْن عَلِيّ [1] ، أبو أحمد البغدادي المعلّم.
سمع الجذّاع، حدّث عَنْ: أَبِي بَكْر بْن مجاهد، وابْن زياد النيسابُوري، وأَبِي مُزَاحم مُوسَى بْن عُبَيْد اللَّه الخاقاني، والمَحَامِلي.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو القاسم الْأزهري، وَأَبُو الْحَسَن العتيقي، وعَبْد العزيز الْأزْجِي، وثَّقه العتيقي.
عَبْد الملك بْن إدريس الْأزْدِيّ [2] ، أَبُو مروان بْن الجزيري الكاتب الشاعر، نزيل قُرْطُبَة.
تُوُفِّي فِي حبْس المظفّر بْن أَبِي عامر، ولم يخلف مثله كتابةً ولا بلاغةً وشعرًا، وبه خُتِم بُلَغاء كُتّابِ الْأندلس.
مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن محمد [3] بن عبد الله بن الخَلاص القَيْسي البجّاني الْأندلسي.
عُنِي بالحديث وحجّ، وسمع من: أَبِي مُحَمَّد بْن الورد، وحمزة الكناني، وعَلِيّ بْن الْحَسَن [بْن] [4] علان الحرّاني، ومُحَمَّد بْن جَعْفَر غُنْدر.
وكان زاهدًا صالحًا متواضعًا حافظًا.
قَالَ ابن الفَرَضِيّ: سَمِعْتُ منه ببَجَّان، وسمع منه غير واحد.
تُوُفِّي فِي رجب.
__________
[1] تاريخ بغداد 11/ 57 رقم 5738، المنتظم 7/ 2228، 229 رقم 366.
[2] الحلّة السيراء 1/ 266 و 2/ 225، الصلة لابن بشكوال 2/ 356، 357 رقم 762.
[3] تاريخ علماء الأندلس 2/ 107، 108 رقم 1391، جذوة المقتبس 41 رقم 14، بغية الملتمس 50 رقم 22.
[4] ساقطة من الأصل.

(27/303)


مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد [1] ، أَبُو عَبْد اللَّه الْأنْصَارِيّ الأندلُسيّ من أهل رَيَّه [2] .
حجّ سنة ثلاثٍ وأربعين، وله اثنتان وعشرون سنة، فسمع من عثمان بْن مُحَمَّد السَّمَرْقَنْدِيّ، وأَحْمَد بْن سَلَمة بْن الضَّحّاك، وإِسْمَاعِيل بْن الْجُراب، وعَبْد اللَّه بْن جَعْفَر بْن الورد، ومُحَمَّد بْن عيسى التميمي البغدادي بْن العلاف، وسمع «صحيح الْبُخَارِيّ» من ابن السَّكَن، ورجع فلزم الزُّهْدَ والانقباض، ووُلِّي الخطابةَ بموضعه، وكان رقيقًا بكّاء.
تُوُفِّي فِي شعبان.
سَمِعَ النّاس منه.
مُحَمَّد بْن حسين بْن مُحَمَّد [3] بْن أسد، أَبُو عَبْد اللَّه التميمي الطّبْني [4] ، الْأديب، نزيل الْأندلس.
قِيلَ إنّه لم يدخل الْأندلس أحدٌ أشعرَ منه، وكان واسع الأدب والمعروفة، واتَّصل بالحاجب أَبِي عامر، ووُلّي الشرطة، وعاش أكثر من تسعين سنة. وكان دخوله الْأندلس في سنة خمس وعشرين وثلاثمائة، وتُوُفِّي فِي يومٍ من سنة أربعٍ وتسعين، وشهده المُظَفَّر بْن أَبِي عامر، والأعيان.
مُحَمَّد بْن عَبْد الملك بْن ضيفون [5] ، أَبُو عَبْد اللَّه اللَّخْمي القُرْطُبي الحدّاد.
سَمِعَ: عَبْد اللَّه بْن يونس الغبري، وأَحْمَد بْن زياد، وقاسم بن أصبغ،
__________
[1] تاريخ علماء الأندلس 2/ 108 رقم 1392.
[2] ريّة: بفتح أوله وتشديد ثانيه. كورة واسعة بالأندلس متصلة بالجزيرة الخضراء وهي قبلىّ قرطبة. (معجم البلدان 3/ 116) .
[3] تاريخ علماء الأندلس 2/ 118 رقم 1406، جذوة المقتبس 50 رقم 38، بغية الملتمس 68 رقم 84.
[4] في الأصل «الطيبي» والتصويب من (البغية) حيث قال: وطبنة بلد من أرض الزاب بعدوة الأندلس.
[5] في الأصل «صفوان» والتصحيح من: تاريخ علماء الأندلس 2/ 108، 109 رقم 1393، شذرات الذهب 3/ 144، 145 وفيه «صيفون» ، مرآة الجنان 2/ 447، دول الإسلام 1/ 237.

(27/304)


وحجّ فِي سنة تسعٍ وثلاثين، وشهد رَدَّ الحجر الْأسود إلى مكانه فِي هذا العام.
وسمع [منه] [1] : ابن الْأعْرابي، وعَبْد الكريم بْن النَّسَائي، ومُحَمَّد بْن يحيى بْن دحمان المصِّيصي، سَمِعَ منه بأطْرَابُلُس، وعَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن سرور الغَسّال بمدينة القَيْروَان.
وكان صالحًا عَدْلا، كتب النّاس عَنْهُ، وعلت سِنُّهُ، واضطرب فِي أشياء قُرِئت عَلَيْهِ لم يسمعها، ولم يكن ضابطًا. قَالَ لي: وُلِدْت سنة ثلاثٍ وثلاثمائة، وتُوُفِّي فِي شوّال. قاله ابن الفَرَضِيّ، وآخر من حدَّث عَنْهُ أَبُو عُمَر عُمَر بْن [عَبْد] [2] البَرّ.
مُحَمَّد بْن عُمَر بْن مُحَمَّد [3] بْن حُمَيْد، أَبُو الْحَسَن بْن بهتة [4] البغدادي البزّاز.
سَمِعَ إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الصَّمد الهاشمي، والمَحَامِلي، والْحُسَيْن المطبقي، وغيرهم.
رَوَى عَنْهُ: العتيقي وقَالَ: ثقة.
مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه، أَبُو نصر الْأنماطي، نيسابوري صالح، خدم أَبَا عَلِيّ الثقفي، وصحِب الزُّهّاد والأئمّة.
مُحَمَّد بْن عطاء اللَّه القُرْطُبي النَّحْوِيّ، من كبار أئمّة العربية.
مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن حسّان الماليني، ختن الشاركي، أحد المحدّثين بهَرَاة.
رَوَى عَنْ أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ الباشاني.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو عثمان الصّابوني، وغيره، وَأَبُو عطاء عَبْد الرحمن بن محمد الجوهري.
__________
[1] ساقطة من الأصل.
[2] ساقطة من الأصل.
[3] تاريخ بغداد 3/ 34 رقم 962.
[4] في الأصل «نهتة» .

(27/305)


مُحَمَّد بْن يحيى بْن زكريّا [1] بْن يحيى التميمي، العلامة أَبُو عَبْد اللَّه بْن برطال القُرْطُبي القاضي المالكي.
سَمِعَ من أَحْمَد بْن خَالِد الْحُبَاب، وقاسم بْن أَصْبَغ، ومُحَمَّد بْن عيسى، وحجّ، فسمع من إِبْرَاهِيم العبقسي، وأَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن جامع السُّكَّري، ووُلِّي قضاء رَيَّه، ثم وُلِّي قضاء الجماعة والصّلاة. وعاش إلى أن [عَلَتْ] [2] سِنُّه، وثَقُلَتْ ذِهْنُه، فصرفه [3] الحاجب أَبُو عامر من القضاء، ونقله إلى الوزارة.
رَوَى عَنْهُ: عَبْد اللَّه بْن الفَرَضِيّ، وسراج بْن عَبْد اللَّه.
وحدّث أيضًا عَنْ عثمان بْن مُحَمَّد السَّمَرْقَنْدِيّ وخلْقٍ، وعاش خمسًا وتسعين سنة. وكان حُجَّةً. ورحل [4] فِي سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة، وكان كبير الشأن وافر الجلالة، لحق مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الحناش، وإِسْمَاعِيل بْن القراب.
تفرّد بأشياء.
يحيى بْن إِسْمَاعِيل بْن يحيى [5] بْن زكريّا بْن حَرْب، وحرب ابن أخي الزّاهد أحمد بن حرب النّيسابورى، وأبو زكريّا المزَكِّي المعروف بالحربي.
كَانَ أديبًا إخباريا، كثير العلوم، رئيسًا.
سَمِعَ أَبَا الْعَبَّاس، السّرّاج، ومكيّ بْن عَبْدان، وعَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد الشرفي، وأَحْمَد بْن حمدون الْأعمش، وعَبْد الواحد بْن محمد بن سعيد، وغيرهم، وحدّث بنيسابورى والرّيّ وببغداد، فأكثروا عَنْهُ ثَمَّ.
رَوَى عَنْهُ: الحاكم، وَأَبُو بَكْر الْأرْدَسْتَاني، ومُحَمَّد بْن أَبِي عَمْرو النيسابُوري شيخ الخطيب، وَأَبُو سعد مُحَمَّد بن محمد بن على الحاكم،
__________
[1] تاريخ علماء الأندلس 2/ 105- 107 رقم 1390.
[2] سقطت من الأصل واستدركناها من تاريخ ابن الفرضيّ.
[3] في الأصل «فضربه» والتصحيح من تاريخ ابن الفرضيّ.
[4] في الأصل «ورحلت» .
[5] العبر 3/ 57، 58، شذرات الذهب 3/ 145.

(27/306)


وَأَبُو الْحَسَن أحْمَد بْن عَبْد الرحيم الإسماعيلي، وَأَبُو عثمان البحيري، وَأَبُو نصر عَبْد الرَّحْمَن بْن عَلِيّ التاجر، وآخرون.
وتُوُفِّي فِي ذي الحجّة، وهو صَدُوق فِيهِ بدعة.
يحيى بْن مُحَمَّد بْن وهب [1] بْن مَسَرَّة بْن حكم، أبو زكريا التميمي الفرجي، من مدينة الفرج بالأندلس.
سَمِعَ من جدِّه، ورحل فسمع بمصر من الْحَسَن بْن رشيق، وأَبِي بَكْر بْن إسماعيل المهندس، وجماعة.
رَوَى عَنْهُ النّاس كثيرًا، واختصر كتاب «الْأسماء والكنى» للنَّسَائي، وعاش ستّين سنة. رحمه اللَّه.
يعيش بْن سَعِيد بْن مُحَمَّد [2] ، أَبُو القاسم القُرْطُبي الورّاق المعروف بابن الحَجّام.
سَمِعَ من قاسم بن أصبغ، ومحمد بن عبد اللَّه بْن أَبِي دُلَيْم، وجمع لمحمد بْن معاوية مُسْنَد حديثه.
وقد ذهب بَصَره بآخرة، وتُوُفِّي فِي صفر. كتب النّاس عَنْهُ.
[رَوَى] عَنْ: شريح الذكواني.
لُبنَى كاتبة الخليفة المستنصر [3] باللَّه الحَكَم بْن النّاصر الْأمويّ.
كانت نَحْوِيّة، حاذقة بالكتابة، شاعرة، بصيرة بالحساب، لم يكن فِي قصر الْأمرة أنبل منها، وكان خطّها مليحًا، ومعرفتها بالعَرُوض تامّة.
تُوُفِّيت فِي هذه السنة.
__________
[1] الصلة لابن بشكوال 2/ 660، 661 رقم 1450.
[2] تاريخ علماء الأندلس 2/ 199 رقم 1612، جذوة المقتبس 386، 387 رقم 916.
[3] الصلة لابن بشكوال 2/ 692 رقم 1529.

(27/307)


[وفيات] سنة خمس وتسعين وثلاثمائة
أحْمَد بْن عَلِيّ بْن أحْمَد بْن عمران، أَبُو الْعَبَّاس الْإصبهاني الخلْقاني.
ثقة، ديِّن.
سَمِعَ بالبصْرة من عَلِيّ بْن إِسْحَاق المارداني، وغيره.
رَوَى عَنْهُ: الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن سُلَيْم، ومُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مَتَّوَيْه، والإصبهانيّون.
تُوُفِّي فِي جُمادى الآخرة.
أحْمَد بْن فارس بْن زكريّا [1] بْن مُحَمَّد بْن حبيب، أَبُو الْحَسَن الرّازي، وقيل القِزْوِيني، المعروف بالرازي المالكي اللُّغَوِي، نزيل همذان وصاحب
__________
[1] فهرست الطوسي 36، معجم الأدباء 4/ 80- 98، إنباه الرواة 1/ 92- 95، وفيات الأعيان 1/ 118- 120 رقم 49، البداية والنهاية 11/ 296 و 335، يتيمة الدهر 3/ 402، نزهة الألباء 235- 237، دمية القصر 257، الوافي بالوفيات 7/ 278- 280 رقم 2360، بغية الوعاة 1/ 352، 353 رقم 680، العبر 3/ 58، المختصر في أخبار البشر 2/ 142، مفتاح السعادة 1/ 96، 97، الكامل في التاريخ 8/ 711 (وفيات سنة 369 هـ.) وكذلك في النجوم الزاهرة 4/ 212، 213، مرآة الجنان 2/ 442 (وفيات سنة 390 هـ.) ، شذرات الذهب 3/ 132، 133، الديباج المذهب 35 وفيه توفى سنة 391 هـ. منهج المقال 40، منتهى المقال 39، تنقيح المقال 1/ 76، روضات الجنات 64، 65، أعيان الشيعة 9/ 215- 228، طبقات النحويين لابن قاضى شهبة 189، كشف الظنون 33، 89، 90، 173، 690، 722، 827، 828، 1068، 1069، 1279، 1288، 1454، 1574، 1605، 1615، 1804، 1848، إيضاح المكنون 1/ 421، معجم المؤلفين 1/ 40، 41، ترتيب المدارك 4/ 610، 611، المنتظم 7/ 103 وفيات 369، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد 65- 67، سير أعلام النبلاء 17/ 103- 106 رقم 65، الديباج المذهب

(27/309)


«المُجْمَل فِي اللُّغة» [1] .
رَوَى عَنْ: أَبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيم القطّان، وسليمان بْن يزيد الفاميّ، وعلى بن محمد بْن مِهْرَوَيْه القِزْوِينيّين، وسعيد بْن مُحَمَّد القطّان، ومُحَمَّد بْن هارون الثقفي، وعَبْد الرَّحْمَن الجلاب، وأَحْمَد بْن حُمَيْد الهمذانيّين، وأَبِي القاسم الطّبراني، وأَبِي بَكْر بْن السني، وجماعة.
رَوَى عَنْه: أَبُو سهل بْن زيرك، وَأَبُو منصور بْن عيسى الصُّوفي، وعَلِيّ بْن القاسم الخيّاط المقرئ، وَأَبُو منصور بْن المحتسِب، وآخرون.
وُلِد بِقزْوِين، ونشأ بهَمَذَان، وكان أكثر مقامه بالرّيّ.
وكان كاملا فِي الْأدب، فقيهًا، مُنَاظِرًا، مالكيا. وكان يناظر فِي الكلام، وينصر مذهب أهل السُّنَّة، وطريقته فِي النَّحْو طريقة الكوفيين، كَانَ بالجبل نظير ابن لنكك [2] بالعراق، وجميع إتقان العلماء، إلى ظُرْف الكُتّاب والشعراء.
وله مصنفات بديعة ورسائل مفيدة، وأشعار جيّدة، وتلامذة فيهم كثرة، وكان شديد التعصّب لال العميد، وكان الصّاحب إِسْمَاعِيل بْن عَبّاد يكرهه لذلك، وكان قد صنّف «كتاب الحجْر» وسيّره إلى الصّاحب، فَقَالَ: رُدُّوا «الحِجْر» من حيث جاء، وأمر لَهُ بجائزة قليلة [3] .
وقَالَ بعضهم: كَانَ إذا ذُكِرت اللُّغة فهو صاحب مُجْمِلها، لا بل صاحبها المجمّل لها. وكان يحثّ الفقهاء دائمًا عَلَى معرفة اللُّغة، ويلقي عليهم ويُخْجِلُهم ليتعلّموا اللُّغة، ويقول: من قَصَرَ عِلْمَه عَلَى [4] الفقه وغولط غلط [5] .
__________
[ () ] 6/ 163- 165، الفلاكة والمفلوكون 108- 110، طبقات المفسرين 1/ 59- 61، هدية العارفين 1/ 68، 69، سلّم الوصول 112.
[1] طبع الجزء الأول منه فقط مرتين. الأولى سنة 1914 والثانية سنة 1947 بالقاهرة.
[2] هو أبو الحسين محمد بن جعفر بن لنكك. من أهل البصرة، كان من النحاة والأدباء، روى قصيدة دعبل الثائيّة التي مدح بها أهل البيت.
[3] انظر: يتيمة الدهر 3/ 200.
[4] في الأصل «عن» وما أثبتناه أصحّ.
[5] انظر: إنباه الرواة 1/ 92.

(27/310)


وقَالَ سعد بْن عَلِيّ الزَّنْجاني: كَانَ أَبُو الْحُسَيْن بْن فارس من أئمّة اللُّغة مُحْتَجًّا به فِي جميع الجهات غير مُنازَع، رحل إلى أَبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيم القطّان الْأوحد فِي العلوم، ورحل إلى زَنْجان [1] إلى أَبِي بَكْر أحْمَد بْن الْحَسَن الخطيب راوية ثعلب، ورحل إلى مشايخ، إلى أحْمَد بْن طاهر بْن النجم، وكان يَقُولُ: ما رَأَيْت مثله.
قَالَ سعد: وحُمِل ابن فارس إلى الرّيّ ليقرأ عَلَيْهِ مجد الدولة بْن فخر الدولة، وحصّل بهما مالا، وبرع ذَلِكَ الْأمير فِي الأدب. قال: وكان ابن فارس من الْأجواد، حتى أَنَّهُ يَهَبُ ثيابه وفرش بيته. وكان من رؤساء أهل السُّنَّة المجرّدين عَلَى مذهب أهل الحديث. توفّى في صقر، سنة خمسٍ وتسعين. انتهى قول الزَّنْجاني [2] .
وكذا وَرَّخه عَبْد الرَّحْمَن بْن مَنْدَهْ وغيره.
وقيل: مات سنة تسعين وثلاثمائة، وهو قول ضعيف.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْفَرَّاءِ، أَنَا الْبَهَاءُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَسِتِّمَائَةِ، أَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَبْدُ الْحَقِّ، أَنَا هَادِي بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ الْقَاسِمِ سنة ستّ وأربعين وأربعمائة، أنا أحمد بن فارس اللّغوي، ثنا على بن أبى خالد بقزوين، ثنا الدّبرىّ، عن عبد الرّزّاق، عن الثّوري، عن عبد الله بن السَّائِبِ، عَنْ زَاذَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِنَّ للَّه مَلائِكَةٌ فِي الْأرْضِ سَيَّاحِينَ يُبَلِّغُونِي عَنْ أُمَّتِي السَّلامَ [3] . ومن شعر ابن فارس:
__________
[1] زنجان: بفتح أوله وسكون ثانيه ثم جيم وآخره نون. بلد كبير مشهور من نواحي الجبال بين أذربيجان وبينها. (معجم البلدان 3/ 152) .
[2] وفيات الأعيان 1/ 119، الديباج المذهب 1/ 165.
[3] أخرجه البخاري في الدعوات 66 ومسلم في الذكر 25، والترمذي في الدعوات 129، والنسائي في السهو 46، والدارميّ في الرقاق 58، والإمام أحمد في مسندة 1/ 387 و 441 و 452 و 2/ 251، و 252 و 358 و 359 و 382، وصحّحه ابن حبّان 2393، والحاكم في المستدرك 2/ 421، وابن القيّم في جلاء الأفهام 27.

(27/311)


مرَّتْ بنا هيفاءُ مجدولة [1] ... تركيَّةٌ تنمى لتركييِّ
ترنُو بطَرْفٍ فاترٍ فاتنٍ ... أضْعَف من حُجَّةِ نحويّ [2]
وله:
سَقَى هَمَذَانَ الغيثُ لستُ بقائلٍ ... سوى ذا وفي الأحشاء نار تضرّم
وما لي لا أصفي الدُّعاء لبلدةٍ ... أفَدْتُ بها نِسْيَانَ ما كنتُ أعلمُ
نَسيتُ الَّذِي أحْسَنْتُهُ غيرَ أَنّني ... مَدِينٌ وما فِي جَوفِ بيتيَ دِرْهَمُ [3]
أحْمَد بْن القاسم بْن عَبْد الرَّحْمَن [4] ، أَبُو الفضل التميمي التاهرتي [5] البزّاز.
قدم قُرْطُبَة صغيرًا، فسمع من قاسم بْن أَصْبَغ، وأَحْمَد بْن الفضل الدِّينَوَرِي، وأَبِي عَبْد الملك بْن أَبِي دليم، ومُحَمَّد بْن معاوية الْقُرَشِيّ، ووهب بْن مَسَرَّة، ومُحَمَّد بْن عيسى بْن رفاعة.
وكان صالحًا زاهدا منقبضا. ولد بتاهرت سنة تسع وثلاثمائة، وأتى قُرْطُبَة سنة بضْعَ عشرةٍ فسمَّعَه أبوه من هَؤُلاءِ أربعٍ وثلاثين، وطلب بنفسه.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو عُمَر بْن عَبْد البَرّ، وتُوُفِّي في جُمَادَى الْآخرة.
أَحْمَد بن محمد بن أحْمَد [6] بْن عُمَر الزّاهد، أَبُو الْحُسَيْن بْن أَبِي نصر النيسابُوري الخفّاف.
قَالَ الحاكم: مُجَاب الدَّعوة، وسماعاته صحيحة بخطّ أَبِيهِ، من أَبِي
__________
[1] في اليتيمة «مقدودة» ، وكذلك في معجم الأدباء.
[2] البيتان في: يتيمة الدهر 3/ 370، ومعجم الأدباء 4/ 87، ووفيات الأعيان 1/ 119، والوافي بالوفيات 7/ 279، 280.
[3] الأبيات في: يتيمة الدهر 3/ 369، ومعجم الأدباء 4/ 86، ووفيات الأعيان 1/ 119، وإنباه الرواة 1/ 93.
[4] الصلة لابن بشكوال، 1/ 84 رقم 182، العبر 3/ 58، شذرات الذهب 3/ 145، الأنساب 3/ 14.
[5] في الأصل «القاهري» .
[6] العبر 3/ 58، شذرات الذهب 3/ 145، دول الإسلام 1/ 237، النجوم الزاهرة 4/ 213، مرآة الجنان 2/ 447.

(27/312)


الْعَبَّاس السّرّاج وأقرانه، وبقي واحدَ عصره فِي عُلُوِّ الْأسناد، وتُوُفِّي فِي ربيع الْأوّل، وصلَّيت أَنَا عَلَيْهِ، وله ثلاث وتسعون سنة.
قلت: رَوَى عَنْهُ الحاكم، وَأَبُو بَكْر عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن حَسْكَوَيْه، وَأَبُو القاسم عَبْد الكريم بن هوازن الصُّوفِي، وَأَبُو الْحَسَن بْن عَبْد الرحيم الإسماعيلي، والسيد عَلِيّ بْن مُحَمَّد الحسيني، وَأَبُو المظفّر مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل الشجاعي، وَأَبُو نصر الْحُسَيْن بْن أحْمَد القاضي الحريمي [1] ، وَأَبُو الفضل بْن عَبْد اللَّه بْن المحبّ، وسعيد بْن العَيَّار، وعائشة بِنْت مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن البسطامي، وخلق سواهم. وقع لنا جملةٌ من عَوَالِيه.
أحْمَد بْن مُحَمَّد، أَبُو الْحُسَيْن السمناوي. تُوُفِّي بمصر فِي صفر.
رَوَى عَنْ: مُحَمَّد بْن عيسى بْن قرَّة الزُّهْرِيّ.
رَوَى عَنْهُ مُحَمَّد بْن أَبِي عَدِيّ السَّمَرْقَنْدِيّ فِي مشيخة الرّازي، وأَحْمَد بْن القاسم بْن ميمون بْن حمزة الحسيني.
إِبْرَاهِيم بْن مبشّر [2] ، أَبُو إِسْحَاق البكري الْأندلسي المغربي المؤدّب.
عرض القراءة عَلَى مُحَمَّد الْأنطاكي، وكان يقرئ في دكّانه، واحتجم فصفا دمه.
جعفر بن عبد الرزّاق الدمشقي المهندس.
رَوَى عَنْ جَدّه أحْمَد بْن خمارويه، وأَبِي بَكْر الخرائطي.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو ذَرّ الهَرَوِي، وَأَبُو عَلِيّ الْأهوازي.
الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن درستويه، أَبُو عَلِيّ الدمشقي المعدِّل الْإمَام.
حدّث عَنْ: مكحول، ومُحَمَّد بْن خُرَيْم، وابْن جَوْصا، وجماعة.
وكان ثقة. تُوُفِّي فِي ربيع الأوّل.
روى عنه: ابنه محمد، [و] [3] على بن محمد الحنّائيّ، وأبو على
__________
[1] في الأصل «الحرميتى» .
[2] الصلة لابن بشكوال 1/ 88 رقم 193.
[3] إضافة ضرورية للفصل بين الاسمين.

(27/313)


الْأهوازي وَأَبُو القاسم الحنّائي، وإِبْرَاهِيم بْن الخضر الصائغ.
قَالَ الكتاني: كان ثقةً ثَبْتًا.
الْحُسَيْن [1] بْن عَلِيّ بْن النُّعْمَان، أَبُو عَبْد اللَّه، قاضى قضاة مملكة الحاكم.
ولّى سنة تسع وثمانين وثلاثمائة، وعزل في سنة أربع وتسعين، وفي أوّل سنة خمس قتله الحاكم وأحرق جثّته، ووُلِّي بعده ابن عمّه عَبْد العزيز.
الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل [2] بْن أَبِي عابد، أَبُو القاسم الكوفي.
سَمِعَ أحْمَد بْن عثمان الْأدمي، واليَمَان بْن مُحَمَّد الغَوْثي، وزيد العامري.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو القاسم التنوخي وقَالَ: كَانَ ثقة، وُلِّي قضاءَ الكوفة نيابةً، وكان حنفيًّا، فاضلا، زاهدًا.
دَاوُد بْن رضوان، أَبُو عَلِيّ السَّمَرْقَنْدِيّ الفقيه الحنفي.
تفقّه بالعراق، وسمع من ابن داسة السُّنَن، ودرّس بنيسابُور دهرًا، وحدّث.
وتُوُفِّي فِي رجب.
سَعِيد بْن نصر [3] ، أَبُو عثمان مولى النّاصر لدين اللَّه عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد الْأمويّ.
رَوَى عَنْ: قاسم بْن أَصْبَغ، وأَحْمَد بْن مَطَرِّف، وأَحْمَد بْن دُحَيْم، ومُحَمَّد بْن معاوية، وطائفة. وعُنِي بالرّواية والضَّبْط، وكان ثقة.
__________
[1] في الأصل «الحسن» والتصويب من كتاب الولاة والقضاة 596- 599، الدرة المضية 270، اتعاظ الحنفا 2/ 49، 50، 59.
[2] تاريخ بغداد 8/ 103 رقم 4212، المنتظم 7/ 229 رقم 368 وفيه ابن أبى عائذ.
[3] جذوة المقتبس 234، 235، الصلة لابن بشكوال 1/ 207، تاريخ دمشق (مخطوط التيمورية) 16/ 34، موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان ق 1- ج 2/ 290 رقم 631، بغية الملتمس 313، 314 رقم 823.

(27/314)


رَوَى عَنْهُ: ابن عَبْد البَرّ، وَأَبُو عَمر بْن الحذّاء، وآخرون. ونَيِّف عَلَى الثمانين فِي ذي الحجّة.
أثنى عَلَيْهِ ابن عَبْد البَرّ، قَالَ: أحسن التّقييد والضَّبْط، وكان من أهل الورع والفضْل، رحمه اللَّه.
شَيْبَةُ بْن مُحَمَّد بن أحمد بن شعيب بن هارون، أبو مُحَمَّد الشعيبي.
سَمَّعه أَبُوهُ من عَبْد اللَّه بْن الشرفي، وعَلِيّ بْن مُحَمَّد الوَرّاق، وجماعة.
تُوُفِّي فِي المحرَّم.
عاصم بْن يحيى النيسابُوري الزّاهد. سَمِعَ أَبَا حامد بْن بلال، وجماعة.
قَالَ الحاكم: وحدّثني أَبُو حازم العبدري أَنَّهُ كتب بخطّه ألف مُصْحَف.
عُبَيْد اللَّه بْن أحمد بن الحسين النّيسابورى الحنبلىّ الواعظ.
حدّث عن: أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن القطّان وأقرانه، وأفتى نَيِّفًا وخمسين سنة.
تُوُفِّي فِي رجب.
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ [1] بْن أسد، أَبُو مُحَمَّد الْجُهَني الطُّليْطِلي الْأندلسي الفقيه المالكي المغربي، أحد الْأعلام، البزّار، ثقة أديب ومحدّث مُسْنَد.
سَمِعَ من قاسم بْن أَصْبَغ وغيره، ورحل فسمع بمصر عَبْد اللَّه بْن جَعْفَر بْن الورد، وابْن السَّكَن، وبمكّة أحْمَد بْن أَبِي الموت صاحب عَلِيّ بْن عَبْد العزيز، وكان لا يُعيِرُ كتابًا إلا لمن يثق بِهِ [2] ، ولا يسمع من غير كتابه، ويحّب التلاوةَ فِي المُصْحَف، وقد امتُحِن أيَّام المنصور ابن [3] أَبِي عامر بالحَبْس والقيد، والإخراج من الأندلس.
__________
[1] تاريخ علماء الأندلس 1/ 248 رقم 759، جذوة المقتبس 251، 252 رقم 530، بغية الملتمس 331، 332 رقم 881.
[2] في الأصل «يثقه» .
[3] ساقطة من الأصل.

(27/315)


روى عنه: أبو عمر بن عبد البر، وهو من كبار شيوخه، وَأَبُو المُطَرِّف بْن فُطَيْس، وَأَبُو عُمَر بْن الحذَّاء، ومُصْعَب بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد الفَرَضِيّ، والخَوْلاني وآخرون.
ولد سنة عشر وثلاثمائة، وتوفي في آخر السنة.
عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن جَعْفَر [1] ، أَبُو الْحُسَيْن البزّاز. سَمِعَ ابن عُبَيْد [2] ومُحَمَّد بْن مَخْلَد.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو الْحَسَن العتيقي، وَأَبُو القاسم الْأزْجِي.
وقَالَ الْأزْجِي: ثقة عَبْد الرَّحْمَن بْن طلحة بْن مُحَمَّد [3] بْن عيسى، أَبُو عُمَر التيمي الطَّلْحي الْإصبهاني.
رَوَى عَنْ أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أسيد، والفضل بن الخصيب، [و] ابن [4] الجارود،.
رَوَى عَنْهُ [5] : شُرَيْح الذكّواني.
عَبْد الرَّحْمَن بْن عثمان [6] ، أَبُو المُطَرِّف القُشَيْري القُرْطُبي الحيّان.
رَوَى عَنْ: عاصم بْن أَصْبَغ، وأَحْمَد بْن ثابت القُرْطُبي التَّغْلِبي، وسعيد بْن عثمان.
وحجّ سنة خمسٍ وخمسين. وكان صالحًا منقبِضًا زاهدًا ثقة، وروى الكثير.
رَوَى عَنْهُ: عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب، وَأَبُو إِسْحَاق بْن شنظير، وَأَبُو عمرو الدّانيّ.
__________
[1] تاريخ بغداد 10/ 128 رقم 5267، المنتظم 7/ 230 رقم 369.
[2] في الأصل «عبده» .
[3] ذكر أخبار أصبهان 2/ 124.
[4] في الأصل: «الخصيب بن الجارود» والتصحيح من أخبار أصبهان.
[5] في الأخبار «عن» . وقد أضفنا «روى» ، على الأصل.
[6] تاريخ علماء الأندلس 1/ 265 رقم 803، بغية الملتمس 368 رقم 1053.

(27/316)


مولده سنة أربع وعشرين وثلاثمائة، وتُوُفِّي فِي ذي الحجّة بقرية راشد.
عَبْد الوارث بْن سُفْيَان بْن جُبْرُون [1] ، أَبُو القاسم القُرْطُبي المعروف بالحبيب.
سَمِعَ من قاسم بْن أَصْبَغ أكثر رواياته، وكان أوثق النّاس فِيهِ، وأكثرهم.
ملازمةً لَهُ، وسمع أيضًا من وهب بن مسرة، ومحمد بن عبد الله بن أَبِي دُلَيْم.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّد عَبْد اللَّه الْأصيلي فِي غير موضع من كتاب «الدّلائل» وأبو عمران الفاسى الفقيه، [و] أبو عمر بْن الحذّاء، وَأَبُو عُمَر بْن عَبْد البَرّ.
وقَالَ ابن الحذّاء: كَانَ شيخًا صالحًا عفيفًا، يعيش من ضَيْعَة ورِثها من أَبِيهِ، وقال: مولده [2] سنة سبع عشرة وثلاثمائة، وأوّل سماعه سنة ثلاثٍ وثلاثين، وتُوُفِّي لخمسٍ بقين من ذي الحجّة.
وقَالَ ابن عَبْد البَرّ: قرأت عَلَيْهِ تاريخ أحْمَد بْن أَبِي خَيْثَمة، عَنْ قاسم بْن أَصْبَغ، عَنْهُ، وقرأت عَلَيْهِ مُوَطَّأَ ابْن وهب، ثلاثون كتابًا، عَنْ قاسم بن أصبغ، عن ابن وَضَّاح، عَنْ سَحْنُون، عَنْهُ، وقرأت عَلَيْهِ مُوَطَّأَ يحيى بْن بُكَيْر، وأجزاء كثيرة.
عَلِيّ بْن مُحَمَّد [3] ، أَبُو الْحَسَن الشيرازي المقرئ المعروف بالمُقَّنعي [4] ، نزيل بغداد، ووالد أَبِي مُحَمَّد الجوهري.
حدّث عَنْ إِبْرَاهِيم بْن علي الهُجَيْمي، وقرأ بالبصرة على ابن خشنام [5] ،
__________
[1] الصلة لابن بشكوال 2/ 382، 383 رقم 819 وفي الأصل «جيرون» العبر 3/ 59، شذرات الذهب 3/ 145، 146، مرآة الجنان 2/ 447، جذوة المقتبس 295، 296، بغية الملتمس في الأصل 399، 400، سير أعلام البلاء 17/ 84 رقم 49.
[2] في الأصل «وولدى» .
[3] الأنساب 11/ 450.
[4] المقنّعى: بضم الميم وفتح القاف والنون وتشديدها. نسبة لمن تقنّع تحت العمامة كما يفعله العدول ببغداد. (الأنساب 11/ 448، 449) .
[5] في الأصل «حشنام» .

(27/317)


وببغداد عَلَى عَبْد الواحد بْن أَبِي هاشم، وتصدّر للإقراء.
قَالَ ابنه: قَالَ لي أَبِي: ما طلع الفجر عليّ إلا وأنا أدرس القرآن.
مات فِي المحرَّم.
عَبْد العزيز بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن مهران، أَبُو الْحَسَن التَّيمي.
عَنْ: أَبِي عَلِيّ الصّحّاف، وأَبِي عَمْرو بْن حكيم، وأَحْمَد بْن شعيب.
مات فِي شعبان بإصبهان.
رَوَى عَنْهُ: سَعِيد البقّال.
مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن أبي النَّجُود، أَبُو الفرج البغدادي المقرئ، نزيل الدّيار المصرية.
أخذ القراءة عَرْضًا وسماعًا عَنْ أَبِي طاهر بْن أَبِي هاشم، وسمع منه كُتُبه، وروى الحروف عَنْ أحْمَد بْن جَعْفَر الختلي، وسمع من دَعْلَج السِّجْزي وجماعة.
قرأ عَلَيْهِ جماعة بمصر، وخرج منها قبل موته بيسير إلى الشام، فتوفي سنة خمسٍ، أو ستٍ وتسعين. رحمه اللَّه.
مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن الْعَبَّاس، أَبُو الْحَسَن الْأخميمي الْمَصْرِيّ [1] .
سَمِعَ مُحَمَّد بْن زبان بن حبيب، وعلي بن أحمد علان، ومحمد بن عبد الله بن سعيد المهرانى، وإِسْمَاعِيل بْن دَاوُد بْن وردان، وأَبَا جَعْفَر أحْمَد بْن مُحَمَّد الطَّحاوي، ومُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل المهندس، وجماعة.
رَوَى عَنْهُ: الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن مكّي ثلاثة أجزاء لطاف، وتُوُفِّي فِي ذي القعدة.
مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد [2] بْن حمدان، أبو أحمد المراري [3]
__________
[1] في الأصل «البصري» وهو تحريف.
[2] الأنساب 11/ 222.
[3] المراري: بفتح الميم، والألف بين الراءين المهملتين، نسبة إلى المرار، وهو نوع من الجبال المتّخذة من القنّب وهو جلد الكتّان، إلى بيعة وعمله. (الأنساب 11/ 222) .

(27/318)


النيسابُوري المعدِّل.
رَوَى عَنْ: مكّي بْن [1] عَبْدان، والمَحَامِلي، وأَبِي الْعَبَّاس بْن عُقْدة، وغيرهم.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو سعد الكَنْجَرُوذِي [2] ( ... ) [3] .
تُوُفِّي فِي جُمَادَى الآخرة.
مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد [4] بْن مُوسَى، أَبُو نصر المَلاحِمي [5] الْبُخَارِيّ.
حدّث بنيسابُور وبغداد، عَنْ محمود بْن إِسْحَاق [عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل الْبُخَارِيّ كتاب القراءة وراء الإمام] [6] ، وكتاب «رَفْع اليدين فِي الصّلاة» لَهُ، وروى أيضًا عَنْ: عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن يعقوب الفقيه، وعَلِيّ بْن قُرَيْش، وسهل بْن السّرِيّ الحافظ، والهيثم بْن كليب الشاشي، وجماعة.
رَوَى عَنْهُ: الحاكم، وَأَبُو العلاء الواسطي، ومُحَمَّد بْن أحْمَد بْن حسنون النَّرْسي، وعَبْد الصَّمد بْن عَلِيّ بْن المأمون، وجماعة.
وقَالَ أَبُو العلاء: تُوُفِّي أَبُو نصر، وكان من أعيان المحدّثين وحُفَّاظهم فِي سنة خمسٍ وتسعين. زاد غيره: فِي جمادي الآخرة.
ووُلِد سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة.
__________
[1] في الأصل «عن» .
[2] الأنساب 11/ 223 «الجنزروذيّ» ، وهو تحريف.
[3] بياض في الأصل مقدار ثلاث كلمات. وتراجع ترجمته في (الأنساب) .
[4] المنتظم 7/ 230 رقم 370، تاريخ بغداد 1/ 350 رقم 273، شذرات الذهب 3/ 146، البداية والنهاية 11/ 335، الأنساب 11/ 549، اللباب 3/ 277، العبر 3/ 59، سير أعلام البلاء 17/ 86، 87 رقم 52.
[5] انظر النسبة في (الأنساب واللباب) .
[6] ساقطة من الأصل، والاستدراك من تاريخ بغداد، وقد أثبت في الأصل جملة مضطربة هي:
«عن محمود بن إسحاق بكتاب القراءة الإمام خلف البخاري» .

(27/319)


مُحَمَّد بْن أَبِي يعقوب إِسْحَاق [1] بْن مُحَمَّد بْن يحيى بْن [مَنْدَهْ] [2] واسم مَنْدَهْ: إِبْرَاهِيم بْن الوليد بْن سَنْدَه بْن بُطّه بْن أُسْتَنْدار [3] الحافظ الكبير، أَبُو عَبْد اللَّه العَبْدي الْإصبهانيّ.
رحل وطوَّف الدُّنيا، وجمع، وصنَّف، وكتب ما لا ينحصر، وحدّث عَنْ أَبِيهِ، وعمّ أَبِيهِ عَبْد الرَّحْمَن بْن يحيى، وأَبِي عَلِيّ الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن النَّضْر، ومُحَمَّد بْن حمزة بْن عمارة، ومُحَمَّد بْن الْحُسَيْن القطّان، وأبى حامد بن بلال، وأبى سعيد بن الْأعْرابي، وخَيْثَمة [4] ، والأصمّ، وإِسْمَاعِيل الصّفّار، وابْن البَخْتَرِي، والهيثم بْن كُلَيْب الشّاشي، وأَبِي الطّاهر أحْمَد بْن عُمَر المَدِيني، وأَبِي الميمون بْن راشد الدمشقي، وابْن حَذْلَم، وأَبِي عَمْرو أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حكيم المديني، ومُحَمَّد بْن أحْمَد بْن محبوب المَرْوَزِي، وعثمان بْن أحْمَد بْن السّمّاك، وعَبْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم بْن الصّباح، وأبى طاهر محمد بن الحسن المَجْداباذي، ومُحَمَّد بْن عُمَر بْن حفص الْإصبهاني، وخلق كثير، لقيهم بإصبهان وخُرَاسان والعراق والحجاز ومصر والشّام وبخارى،
__________
[1] ذكر أخبار أصبهان 2/ 306، من أدركه الخلّال من أصحاب ابن مندة (مخطوطة الظاهرية) 144 أو 58 أ، أحاديث لأبى الحسن محمد بن عبد الملك إمام الحرمين (مخطوطة الظاهرية) 207 أ، ب، تاريخ دمشق (مخطوط التيمورية) 1/ 129 و 4/ 227 و 11/ 200 و 571 و 25/ 46 و 37/ 92، 323 و 38/ 198 و 399، التهذيب 1/ 432 و 2/ 58 و 4/ 357، مرآة الزمان 11 ق 1/ 16، الرحلة في طلب الحديث 211، الوافي بالوفيات 2/ 190، 191، معجم البلدان 1/ 217، البداية والنهاية 11/ 336، المنتظم 7/ 232، 233، العبر 3/ 59، 60، تذكرة الحفاظ 3/ 973، 974، و 1031- 1036، ميزان الاعتدال 3/ 26، تاريخ الخميس 2/ 397، لسان الميزان 5/ 70- 72، معجم المؤلفين 9/ 42، فهرست مخطوطات الحديث بالظاهرية 119، 120، شذرات الذهب 3/ 146، تاريخ التراث العربيّ 1/ 528- 530، موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان ق 1- ج 4/ 118 رقم 1327، طبقات الحنابلة 2/ 267 رقم 630، دول الإسلام 1/ 237، النجوم الزاهرة 4/ 213، مناقب الإمام أحمد 518، الكامل في التاريخ 9/ 190، غاية النهاية 2/ 98، طبقات الحفاظ 408، هدية العارفين 2/ 57، وكتاب الإيمان لابن مندة (1985) .
[2] إضافة على الأصل للضرورة.
[3] استندار: سمة للجيش، كما في (أخبار أصبهان) لأبى نعيم.
[4] هو خيثمة الأطرابلسي المتوفى 343 هـ.

(27/320)


وبقي فِي الرّحلة نَيِّفًا وثلاثين سنة، وأقام بما وراء النَّهر زمانًا.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو الشَّيْخ، وهو من شيوخه، والحاكم أَبُو عَبْد اللَّه، وتمّام الرّازي، وحمزة السَّهْمي، وَأَبُو نُعَيْم، ومُحَمَّد بْن أحْمَد غُنْجَار، وأَحْمَد بْن الفضل الباطَرْقَانِي، وأَحْمَد بْن محمود الثقفي، وَأَبُو الفضل عَبْد الرَّحْمَن بْن أحْمَد العجلي الرّازي، وأَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن المَرْزُبَان، وعُمَر بْن مُحَمَّد بْن عُمَر المعداني، وعَبْد الواحد بْن أحْمَد بْن البقّال، والمطَّهر بْن عَبْد الواحد البزّاني، وأَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عُمَر النّقّاش، والفضل بْن عَبْد الواحد الخيّام، وَأَبُو طاهر المنتجع بْن أحْمَد، وَأَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن عُمَر الطَّهْراني، وَأَبُو المظفَّر عَبْد اللَّه بْن شبيب المقرئ، وشجاع بْن عَلِيّ المصقليّ، وأخوه أحْمَد، وزياد بْن مُحَمَّد بْن زياد الجلاب، وَأَبُو سهل حَمْد بْن أحْمَد، وعائشة [1] بِنْت الْحَسَن الوَركانيّة، وبنوه عُبَيْد اللَّه، وعَبْد الرَّحْمَن، وعَبْد الوهاب، وخلْق سواهم.
قَالَ الباطَرْقَانِي: ثنا أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن إِسْحَاق العَبْدي إمام الْأئمّة لَقَّاه اللَّه رضوانه [2] .
وقَالَ الحاكم: أوّل خروجه إلى العراق من عندنا، سنة تسعٍ وثلاثين وثلاثمائة، فسمع بها، وبالشّام، وأقام بمصر سنين، وصنّف «التاريخ» و «الشّيوخ» ، ثم التقينا ببُخَارَى، وقد زاد زيادة ظاهرة، وجاءنا إلى نيسابُور سنة أربعٍ أو خمسٍ وسبعين، ثم خرج إلى وطنه.
وقَالَ عَبْد اللَّه بْن أحْمَد السُّوذَرْجاني [3] : سَمِعْتُ ابن مَنْدَه يَقُولُ: كتبت [4] عَنْ ألف شيخ، لم أر فيهم أتقن من أَبِي أحْمَد العَسَّال.
وقَالَ الحاكم: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيّ النيسابُوري يَقُولُ: أَبُو عَبْد اللَّه، من بيت الحديث والحِفْظ، وأحْسَنَ الثَناءَ عَلَيْهِ، وقَالَ: ألا ترون إلى قريحته؟ [5] .
__________
[1] في الأصل «ولكين وعائشة» .
[2] تذكرة الحفاظ 3/ 1033.
[3] السّوذرجانى: بضم السين وفتح الذال وسكون الراء وفتح الجيم وبعد الألف نون. نسبة إلى سوذرجان، قرية من قرى أصبهان. (اللباب 2/ 153) .
[4] في الأصل «كتب» .
[5] تذكرة الحفاظ 3/ 1033.

(27/321)


وقَالَ إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد التيمي الحافظ: سَمِعْتُ عمر السّمناني غير مرّة يَقُولُ: جرى [1] ذكر أَبِي عَبْد اللَّه بْن مَنْدَه عند أَبِي نُعَيْم، فَقَالَ: جبلا من الجبال وقَالَ ابن طاهر: سَمِعْتُ سَعِيد بْن عَلِيّ الحافظ بمكّة يَقُولُ: وسُئل عن الدار قطنى، وابن منده، والحافظ عبد الغني بن سعيد، فقال: أمّا الدار قطنى فأعلمهم بالعِلَل، وأمّا ابن مَنْدَه فأكثرهم رِوايةً، مَعَ المعرفة التامّة، وأمّا الحاكم فأحسنهم تصنيفًا، وأمّا عَبْد الغني [2] فأعرفهم بالأنساب.
وقَالَ أَبُو عَبْد اللَّه بْن ذُهْل الهَرَوِي: سَمِعْتُ ابن مَنْدَه [يَقُولُ] : [3] لا يخرّج الصحيح إلا من ينزل أو يكذب [4] .
وقَالَ أحْمَد بْن الفضل الباطَرْقَانِي: كتب أَبُو أحْمَد العَسَّال إلى عَبْد اللَّه بن مندة وهو بنيسابورى، فِي حديث أشْكِل عَلَيْهِ، فأجابه بإيضاحه، وبيان عِلَله [5] .
وذكر غير واحد، عَنْ أَبِي إِسْحَاق بن حمزة الحافظ أَنَّهُ قَالَ: ما رَأَيْت مثل أَبِي عَبْد اللَّه بْن مَنْدَه.
قلت: أَبُو إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن حمزة. توفّى سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة، وقد روى مع تقدّمه عن ابن مَنْدَه، وقد قَالَ فِيهِ ابن مَنْدَه:
ما رَأَيْت أحفظ منه.
وقَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن مَنْدَه: كتب أَبِي عَنْ أربعة من شيوخه، عَنْ كلّ واحدٍ ألف جُزْء. كتب عَنِ [ابن] [6] الْأعْرابي بمكّة ألف جُزْء، وعن خَيْثَمة
__________
[1] في الأصل «جرنى» .
[2] في الأصل: «وأما ابن عبد الغنى» وهو وهم.
[3] ساقطة من الأصل والإستدراك من (تذكرة الحفاظ) .
[4] قال الحافظ في شرح ذلك: «يعنى أن شيوخ المتأخرين لا يرتقون إلى درجة الصحّة، فيكذب المحدّث إنّ خرّج عنهم» . (تذكرة الحفاظ 1033) .
[5] تذكرة الحفاظ 3/ 1034.
[6] ساقطة من الأصل.

(27/322)


بأطْرَابُلُس [1] ألف جُزْء، وعن أَبِي الْعَبَّاس الْأصمّ بنيسابور ألف جُزْء [2] ، وعن الهَيْثَم بْن كُلَيْب ببُخَارَى ألف جُزْء. وسمعت أَبِي يَقُولُ: كتبت عَنْ ألفٍ وسبعمائة شيخ.
وقَالَ جَعْفَر بْن مُحَمَّد المُسْتَغْفِري الحافظ: ما رَأَيْت أحفظ، من [3] ابن مَنْدَه، سَأَلْتُهُ ببُخَارَى: كم تكون سماعات الشَّيْخ؟ قَالَ: تكون خمسة آلاف مَنٍ [4] .
وقَالَ أحْمَد بْن جَعْفَر الْإصبهاني الحافظ: كتبت عَنْ أكثر من ألف شيخٍ، ما فيهم أحفظ من أَبِي عَبْد اللَّه بْن مَنْدَه [5] .
وكان أَبُو عَبْد اللَّه قد تزوج فِي عَشْر الثمانين، فولد لَهُ عَبْد الرَّحْمَن، وعُبَيْد اللَّه، وعَبْد الرّحيم، وعَبْد الوهاب.
وقَالَ شيخ الْإسلام أَبُو إِسْمَاعِيل الْأنْصَارِيّ: أَبُو عَبْد اللَّه بْن مَنْدَهْ، سيد أهل زمانه [6] .
وقَالَ الحافظ أَبُو زكريّا يحيى بْن عَبْد الوهّاب بْن مَنْدَه: كنت مَعَ عمّي عُبَيْد اللَّه فِي طريق نيسابُور، فلما بلغنا بئر مجنّة [7] ، وقال عمّي: كنت مرّة هاهنا، تعرّض لي شيخ جمّال، فَقَالَ: كنت قافلا عَنْ خُرَاسان مَعَ أَبِي، فلما وصلنا إلى هنا، إذا نَحْنُ بأربعين وقْرًا من الْأحمال، فظننّا أَنَّهُ منسوج الثّياب، وإذا خيمة صغيرة، فيها [شيخ] [8] ، فإذا هو والدك، فسأله بعضنا عن تلك
__________
[1] أطرابلس: هي طرابلس الشام، المعروفة الآن باسم (طرابلس لبنان) ، انظر عن اسمها دراسة مسهبة في كتابنا (تاريخ طرابلس السياسي والحضارى عبر العصور- د. عمر عبد السّلام تدمرى. ج 1/ 17 وما بعدها- طبعة دار البلاد، طرابلس 1978) .
[2] من أدركه الخلّال من أصحاب ابن مندة (المخطوط) 144 أ.
[3] في الأصل «أحفظ منه من» .
[4] تذكرة الحفاظ 3/ 1034 وفيه: «المنّ يجيء عشرة أجزاء كبار» .
[5] التذكرة 3/ 1034.
[6] التذكرة 3/ 1034.
[7] قيّدها في (تذكرة الحفاظ) «مجّة» ؟.
[8] ساقطة من الأصل، والإستدراك من (تذكرة الحفاظ) .

(27/323)


الأحمال، فقال: هذا متاع، قَلّ مَن يرغب فِي هذا الزمان فِيهِ، هذا حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [1] .
وقَالَ الباطَرْقَانِي: سَمِعْتُ أَبَا عَبْد اللَّه يَقُولُ: طُفْتُ الشَّرقَ والغرب مرّتين، وكنت مَعَ جماعة عند أَبِي عَبْد اللَّه [فِي الليلة] [2] التي تُوُفِّي فيها، ففي [3] آخر نَفَسِه، قَالَ واحد منَّا: لا إله إلا اللَّه، يريد تلقينه، فأشار بيده إِلَيْهِ دفعتين ثلاثة، أيْ أُسْكُت، يقال لي مثل هذا؟! وتُوُفِّي ليلة الجمعة، سلْخ ذي القعدة.
قلت: وكان أَبُو نُعَيْم كثير الحَطّ عَلَى ابن مَنْدَه، لمكان المعتقد واختلافهما في المذهب، فَقَالَ في تاريخه: ابن مندة، حافظ من أولاد المحدّثين، تُوُفِّي فِي سلْخ ذي القعدة، واختلط فِي آخر عمره، فحدث عَنْ أبى [4] أسيد، وعبد الله بن أخي أَبِي زُرْعَة، وابْن الجارود، بعد أن سَمِعَ منه أنّ لَهُ عَنْهُمْ إجازة، وتخبّط فِي أماليه، ونَسَبَ إلى جماعة أقوالا فِي المعتقد لم يعرفوا بها، نسأل اللَّه السَّتْر والصّيانة [5] .
قلت: أي واللَّه، نسأل اللَّه السّتْر وتَرْكَ الهَوَى والعَصَبِيَّة. وسيأتي فِي ترجمته [5] شيء من تضعيفه، فليس ذَلِكَ موجبًا لضَعْفه، ولا قوله موجبا لضعف ابن مندة، ولو سمعنا كلام الْأقران، بعضهم فِي بعض لاتَّسَع الخَرْقُ.
مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن [6] العلوي، تقدّم فِي سنة 393، وأرّخه غُنْجار فِي هذه السّنة.
مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن الفضل بْن مُحَمَّد بْن عقيل، أَبُو نصر الخُزَاعِي النيسابُوري.
__________
[1] التذكرة 3/ 1035.
[2] ساقطة من الأصل، أضفناها لسلامة المعنى.
[3] في سير أعلام النبلاء 17/ 34 «ابن أسيد» وهو غلط.
[4] أخبار أصبهان 2/ 306.
[5] في الأصل «ترجمة» ، ويقصد أبا نعيم الأصبهاني.
[6] تقدّمت ترجمته.

(27/324)


سَمِعَ أَبَا بَكْر مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن القطّان، والأصمّ، وتُوُفِّي فِي رجب، بعد أن حدّث سنين.
روى عَنْهُ: أَبُو يَعْلَى الصّابوني.
مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن القصّار الخلقاني النيسابُوري.
سَمِعَ الْأصمّ، وأَبَا بَكْر بْن إِسْحَاق الضَّبُعي، وحدّث فِي رمضان.
مُحَمَّد بْن عَلِيّ، أَبُو عَلِيّ البَلاذُرِيّ.
تفقه عَلَى أَبِي إِسْحَاق المَرْوَزِي ببغداد، وسمع من الشِّبْليّ، والموجودين.
لقيه الحاكم ببُخَارَى، ثم قدم نيسابوري، ونزل عند القاضي أَبِي بَكْر الحيري.
مات فِي نصف المحرَّم، وكان من كبار الشّافعيّة.
مُحَمَّد بْن القاسم، أَبُو منصور النيسابُوري.
عَنِ الْأصمّ، وأَبِي مُحَمَّد الفاكهي الْمَكِّيّ.
وخرجوا لَهُ فوائد، وتُوُفِّي فِي ذي القعدة.
يعقوب بْن أَبِي إِسْحَاق القرّاب الهَرَوِي، أخو الحافظ إِسْحَاق وإِسْمَاعِيل.
رَوَى عَنْ أَبِي الفضل بْن حِمْيَرَوَيْه، ومات شابًا، رحمه اللَّه.
قَلَّ مَن حمل عنه.

(27/325)


[وفيات] سنة ست وتسعين وثلاثمائة
أحمد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ [1] بْنِ عَلِيِّ بْن شريعة [2] أَبُو عُمَر اللَّخْمِي الْأشبيلي المعروف بابن البّاجي [3] الحافظ.
سَمِعَ من أَبِيهِ جميع ما عنده، من ذَلِكَ مصنّف أَبِي بَكْر [بْن أَبِي] [4] شَيْبَة، جميعه عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْد اللَّه بْن يونس القَبري، عَنْ بقيّ، عَنْهُ.
قَالَ الخَوْلاني: كَانَ عارفًا بالحديث ووجوهه، إمامًا مشهورًا، لم تر عيني مثله فِي المحدثين وقارًا وسَمْتًا، رحل مَعَ ابنه مُحَمَّد، ولقي شيوخًا جُلَّة، ووُلّي أَبُو عُمَر قضاءَ إشْبِيلْيَة مدَّة يسيرة، ثم رحل إلى قُرْطُبَة فاستوطنها، وأخذنا عَنْهُ كثيرًا، وكان مولده سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة، وتُوُفِّي فِي حادي عشر المحرَّم، سنة ستٍ وتسعين، وشهدتُ جنازته فِي محفل عظيم من وجوه النّاس وكُبَرَائهم [5] .
وقَالَ عَبْد الغني بْن سَعِيد فِي «مشتبه النسبة» [6] : أَبُو عُمَر هذا كتبت عنه
__________
[1] الصلة لابن بشكوال 1/ 11 رقم 15، العبر 3/ 60، شذرات الذهب 3/ 147، مرآة الجنان 2/ 447، 448، تذكرة الحفاظ 3/ 1058، 1059 رقم 970، جذوة المقتبس 128، 129، ترتيب المدارك 4/ 684، الأنساب 2/ 18، 19، بغية الملتمس 172- 174، اللباب 1/ 103، مشتبه النسبة 2/ 628، سير أعلام النبلاء 17/ 74، 75 رقم 40، الديباج المذهب 1/ 234، 235، طبقات الحفاظ 414.
[2] في الأصل «سريعة» .
[3] في الأصل «الناجي» .
[4] ساقطة من الأصل.
[5] الصلة لابن بشكوال 1/ 11، 12.
[6] في الأصل «سه السه» .

(27/327)


وكتب عني [1] .
وحدّث أيضًا عَنْ أَبِي عُمَر بْن عَبْد البَرّ، وقَالَ: كَانَ يحفظ غريب [2] الحديث لأبي عُبَيْد وابْن قُتَيْبَة حِفْظًا حَسَنًا، وشاوره ابن أَبِي الفوارس القاضي فِي الْأحكام وهو ابن ثماني عشرة سنة، وجمع لَهُ أَبُوهُ علوم الْأرض، ولم يحتج إلى أحدٍ، إلا أَنَّهُ رحل متأخرًا، ولقي فِي الرحلة أَبَا بَكْر بْن إِسْمَاعِيل المهندس، وأَبَا العلاء بْن ماهان. قَالَ: وكان فقيه عصره، وإمام زمانه، لم أر بالأندلس مثله [3] .
وقَالَ ابن عَبْد البَرّ: كتبت عَلَيْهِ مصنّفات ابن أَبِي شيبة سنة خمس وتسعين وثلاثمائة، رحمه اللَّه. وكان إمامًا فِي الْأصُول والفروع.
رَوَى عَنْهُ ابنه مُحَمَّد.
أحْمَد بْن بيري الواسطي. ترجمته في بضع وأربعمائة، قَالَ لنا ابن الخلال: أَنَا جَعْفَر، نا السِّلَفي قَالَ: سَأَلت خميسًا الجوربي، عَنِ ابن بيري [فَقَالَ] [4] : هُوَ أَبُو بَكْر [5] أحْمَد بْن عُبَيْد بْن الفضل بْن سهل بْن بيري. سَمِعَ البَغَوي، وابْن أَبِي دَاوُد، وابْن صاعد الصّولى، وابن مبشّر الواسطي، وكان ثقة. كُفَّ بآخر عمره.
آخر من حدّث عَنْهُ بواسط أَبُو الْحَسَن بْن مَخْلَد، والداني المفضّل.
قَالَ خميس: قَالَ لي أَبُو المعالي ابن سانده: وُلِدْتُ فِي السنة التي مات فيها أَبُو بَكْر بْن بيري سنة ستٍ وتسعين.
أحْمَد بْن موفق [6] أَبُو القاسم الْأمويّ القُرْطُبي.
رَوَى عَنْ أحْمَد بْن سَعِيد بْن حَزْم، وأحمد بن مطرّف، ووهب بن مسرّة.
__________
[1] مشتبه النسبة (المخطوط) 43 أ.
[2] في الأصل «غربي» .
[3] الصلة 1/ 12، الجذوة 128، 129، الديباج 1/ 235، تذكرة الحفاظ 3/ 1059.
[4] إضافة على الأصل.
[5] أضاف بعدها في الأصل «بن» .
[6] في الأصل «موسى» والتصويب من (الصلة 1/ 12 رقم 16) .

(27/328)


حجّ فسمع من حمزة الكناني، وأَبِي بَكْر الْأجُرِّي.
مات فِي عَشْر الثمانين.
أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن زكريّا [1] الْأستاذ، أَبُو الْعَبَّاس الفَسَوِي الزّاهد، شيخ الحرم.
سَمِعَ ابن عَدِيّ الْجُرْجَاني، وأحمد بن عطاء الرّوذباريّ، وجمح بْن القاسم الدمشقي، وأَبَا بَكْر الرّبعي، وطائفة بالشام والعراق والعجم.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو نصر بْن الحبّان، وَأَبُو عَلِيّ الْأهوازي، وَأَبُو يَعْلَى إِسْحَاق الصَّابُونِي، وطائفة.
قَالَ الخطيب، كَانَ ثقة، ثنا عَنْهُ أَبُو مُحَمَّد الخلال وغيره.
أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عمران [2] ، أَبُو الْحَسَن بْن الجندي النهشلي البغدادي.
وُلِد فِي آخر سنة ستّ وثلاثمائة، وسمع من أَبِي القاسم الْأزهري، وأَبِي [3] مُحَمَّد الخلال، وأَبِي الْحُسَيْن بْن النقّور، وآخرون.
قَالَ الْأزهري:
حضرته وهو يُقْرَأ عَلَيْهِ كتاب «ديوان الْأنواع» الَّذِي جَمَعَهُ، فَقَالَ لي ابن الْأبنوسي: لَيْسَ هذا سماعه، وإنّما رَأَى نسخة [4] عَلَى ترجمتها اسم [5] وافق اسمه فادَّعَى ذَلِكَ.
وقَالَ العتيقي: تُوُفِّي فِي جمادي الآخرة، وكان يُرْمَى بالتشيّع، وكانت له أصول حسان.
__________
[1] تاريخ بغداد 5/ 9، تاريخ دمشق (مخطوط التيمورية) 3/ 310، التهذيب 2/ 50، موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان ق 1- ج 1/ 395 رقم 213.
[2] تاريخ بغداد 5/ 77 رقم 2464، العبر 3/ 60.
[3] في الأصل «أبو» .
[4] الأصل «على نسخة على» .
[5] الأصل «أسماء» .

(27/329)


إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن الشَّرَفي [1] الحَضْرَمِي، خطيب قُرْطُبَة، أَبُو إِسْحَاق.
رَوَى عَنْ أحْمَد بْن مَطَرِّف، وأَبِي عيسى اللَّيْثي، وجماعة، وكان مجلسه محتفلا بوجوه [2] النّاس وطلبة العلم، وكان ذكيًّا حافظًا، ولكنْ أصابه فالجٌ وخَرَسٌ، وكان إِلَيْهِ شُرْطة قُرْطُبَة، وكان ابن عامر الحاجب يَقُولُ: إنه يَصْلُحُ لكلّ أمر.
إِسْحَاق بْن عَبْد اللَّه بْن إِسْحَاق النّصْري [3] ، أَبُو يعقوب الحنفي، شيخ الحنفيّة وعالمهم بجُرْجَان.
يَرْوِي عَنْ دَعْلَج، وابن عَلِيّ بْن الصّوّاف.
وتُوُفِّي فِي المحرَّم.
إِسْمَاعِيل بْن أبي بكر [4] أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل بْن الْعَبَّاس، العلامة، أَبُو سَعِيد [5] الإسماعيلي الْجُرْجَاني الفقيه، شيخ الشافعية بجُرْجَان.
كَانَ مقدَّمًا فِي الفقه والعربية، كثير التصانيف، رئيسًا مُفَضَلا عَلَى أهل العِلْم.
رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وابْن عَدِيّ، وأَبِي الْعَبَّاس الْأصمّ، وابْن دُحَيْم الشَّيْباني، وأَحْمَد بْن كامل بْن شجرة، وعن مُحَمَّد بْن حفص الْمَكِّيّ، وجماعة.
رَوَى عَنْهُ بنوه: الفضّل، والسّريّ، وسعد، ومسعدة، وَأَبُو القاسم التنوخي، وَأَبُو مُحَمَّد الخلال، وحمزة بْن يوسف السَّهْمي، وخلْق سواهم.
__________
[1] الصلة لابن بشكوال 1/ 88، 89 رقم 194.
[2] في الصلة «بوجود» .
[3] في الأصل «البصري» والتصويب من (تاريخ جرجان 165 رقم 194) .
[4] تاريخ بغداد 6/ 309 رقم 2354، تاريخ جرجان 147 رقم 170، المنتظم 7/ 231 رقم 372، مرآة الجنان 2/ 448، البداية والنهاية 11/ 336، العبر 3/ 60، 61، النجوم الزاهرة 4/ 214، شذرات الذهب 3/ 147، الوافي بالوفيات 9/ 87 رقم 4002، طبقات الفقهاء 121، طبقات الشافعية الكبرى 3/ 37 (في ترجمة أخيه أبى نصر) . تبيين كذب المفترى 207- 211، طبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 51، 52، سير أعلام النبلاء 17/ 87، 88.
[5] في تاريخ بغداد، والعبر، وطبقات الفقهاء وغيره «سعد» .

(27/330)


وثّقه الخطيب وغيره.
قَالَ القاضي أَبُو الطيب: ورد الإمام أَبُو سعد بغداد، فأقام بها، ثم حجّ. عقد لَهُ الفقهاء مجلسين، فولي أحدهما أبو حامد الأسفرايني، والآخر أبو محمد البافي [1] .
وتُوُفِّي فِي نصف ربيع الآخر ليلة الجمعة، وله ثلاثٌ وستُّون سنة، وممّا أكرمه اللَّه بِهِ أَنَّهُ مات، وهو فِي صلاة المغرب يقرأ: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ 1: 5 ففاضت نفسه [2] .
قَالَ حمزة السَّهْمي [3] : كَانَ إمام زمانه، مقدَّمًا فِي الفقه والعربيّة والكتابة والشُّروط والكلام، صنَّف فِي أصول الفقه كتابًا كبيرًا، وتخرّج على يده جماعة، مع الورع الثخين، والمُجَاهَدَة والنُّصْح للإسلام، والسَّخاء، وحُسْن الخُلُق، بالغ السَّهْمي فِي تقريظه.
إِسْحَاق بْن مُحَمَّد بْن حمدان [4] بن نوح، أبو إبراهيم المهلّبيّ الْبُخَارِيّ الخطيب.
رَوَى عَنْ مُحَمَّد بْن حَمْدَوَيْه المَرْوَزِي، وعَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد الحارثي، وجماعة.
وعنه: أَبُو القاسم الْأزهري، والْحُسَيْن أخو الخلال، وغيرهما.
حاتم بْن عَبْد اللَّه بْن أحْمَد [5] بْن حاتم بْن فرانك [6] ، أَبُو بَكْر القُرْطُبي البزّاز.
ولد سنة إحدى عشرة وثلاثمائة، وحدّث عَنْ أحْمَد بْن خَالِد بْن الحُبَاب، وعَبْد اللَّه بْن يونس القبري، والْحَسَن بْن سعد، وعمّر دهرا.
__________
[1] تاريخ بغداد 6/ 310، المنتظم 7/ 231.
[2] تاريخ جرجان 107، المنتظم 7/ 231، البداية والنهاية 11/ 336.
[3] تاريخ جرجان 106، 107.
[4] تاريخ بغداد 6/ 402 رقم 3460.
[5] تاريخ علماء الأندلس 1/ 108 رقم 336، جذوة المقتبس 203 رقم 404.
[6] كذا في الأصل، وفي تاريخ ابن الفرضيّ «حنين» .

(27/331)


رَوَى عَنْهُ القاضي أَبُو عُمَر بْن الحَذَّاء وقَالَ: أظنّه مات فِي سنة ستٍ وتسعين.
شعيب بْن مُحَمَّد بْن شعيب، أَبُوهُ صالح العجلي البَيْهَقي، وكان أَبُوهُ فقيه عصره للشّافعيّة بنيسابُور [1] .
وسمع شعيب من: أَبِي نُعَيْم عَبْد الملك بْن عَدِيّ، ومُحَمَّد بْن حمدون، وأَبِي حامد بْن الشرفي، ومكيّ بْن عَبْد اللَّه، وبالعراق من أبى بكر بن الْأنباري، وأَبِي عَبْد اللَّه المَحَامِلي، وروى الكثير بنيسابُور.
رَوَى عَنْهُ الحاكم، وقَالَ: تُوُفِّي فِي صفر، وولد سنة تسع وثلاثمائة، وَأَبُو عثمان سَعِيد البحيري.
طَالِب بْن عثمان [2] ، أَبُو أحْمَد الْأزْدِيّ النَّحْوِيّ البغدادي المؤدّب.
سَمِعَ محمد بن حمدويه المروزي، وأبا بكر بن الْأنباري، والمَحَامِلي.
رَوَى عَنْهُ: عَلِيّ بْن مُحَمَّد المالكي، ومُحَمَّد بْن مُحَمَّد الْحُسَيْن العطّار، وجماعة، وآخرهم أَبُو الْحُسَيْن بْن المهتدي الخطيب.
عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد [3] ، أَبُو زيد القُرْطُبي العطّار.
وروى عَنْ أحْمَد بْن سَعِيد بْن حَزْم الصَّدَفي، وأَحْمَد بْن المُطَرِّف بْن أَبِي عيسى، وجماعة، وحجّ، وسمع من حمزة الكناني، وبكر بْن الحدّاد، وأَبِي حفص عُمَر الْجُمَحي، والْحَسَن بْن الخضر الْأسيوطي، وسمع النّاس منه كثيرًا.
قال ابن بشكوال: كَانَ ثقة كثير السّماع.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو إِسْحَاق بْن شنظير، وَأَبُو عُمَر بْن عَبْد البَرّ، وعاش سبعين سنة، ورحمه الله.
__________
[1] انظر عنه في: الأنساب 2/ 382.
[2] تاريخ بغداد 9/ 365 رقم 4934، بغية الوعاة 2/ 16 رقم 1318.
[3] هو: عبد الرحمن بْن يحيى بْن محمد بْن عَبْد الله بن يحيى العطار. (الصلة لابن بشكوال 1/ 306 رقم 676.

(27/332)


عَبْد الرَّحْمَن بْن أحْمَد بْن أصبغ [1] ، أَبُو المُطَرِّف الْأمويّ.
رَوَى فِي هذه السّنة بالأندلس، عن أبى الحسن الدار قطنى.
حدّث عنه: عبد الرحمن بن يوسف الرّفّاء.
عَبْد الوهاب بْن الْحَسَن بْن الوليد [2] بْن مُوسَى الكلابي المحدّث، أَبُو الْحُسَيْن الدمشقي المعروف بأخي تبوك [3] .
رَوَى عَنْ: مُحَمَّد بْن خُرَيْم، وطاهر بْن مُحَمَّد، وسعيد بْن عَبْد العزيز، وأَبِي الْجَهْم بْن طِلاب، وأَبِي الْحَسَن بْن جَوْصا، وإِبْرَاهِيم بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مروان، وأَبِي عُبَيْدة أحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن ذكوان، ومُحَمَّد بْن بكّار السَّكْسَكي، وخلْقٍ سواهم.
رَوَى عَنْهُ: تمّام، وعَبْد الوهاب الميداني، ورشأ بْن نظيف، وَأَبُو عَلِيّ الْأهوازي، وَأَبُو القاسم بْن الفرات، وَأَبُو القاسم السّميساطي، وَأَبُو القاسم الجنابي، وَأَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن حَسْنُون النَّرْسي، وخلق كثير.
وُلِد فِي ذي القعدة، سنة [ثلاث] [4] وثلاثمائة [5] ، وتُوُفِّي فِي ربيع الْأوّل، عَنْ تسعين سنة.
قَالَ عَبْد العزيز الكتّاني: وكان ثقة نبيلا.
قلت: كان مسند وقته بدمشق.
__________
[1] الصلة لابن بشكوال 1/ 306، 307 رقم 677.
[2] الإكمال 4/ 572، تاريخ دمشق (مخطوط التيمورية) 3/ 129 و 10/ 272 و 11/ 21 و 182.
و16/ 447 و 20/ 290 و 25/ 5 و 57 و 192 و 35/ 385 و 37/ 605 و 40/ 294، التهذيب 1/ 432 و 4/ 354، معجم البلدان 5/ 134، العبر 3/ 61، تاريخ التراث العربيّ 1/ 531، موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان ق 1- ج 3/ 250 رقم 959، النجوم الزاهرة 4/ 214، شذرات الذهب 3/ 147.
[3] في الأصل «نيزك» والتصحيح من مصادر ترجمته.
[4] ساقطة من الأصل.
[5] في الأصل «ثلاثين» وهو خطأ.

(27/333)


عَلِيّ بْن جَعْفَر [1] ، أَبُو الْحُسَيْن السِّيرَوَاني [2] الصُّوفِي الزّاهد، المجاور بمكّة. فِي سلْخ المحرَّم كَانَ موتُه.
قَالَ الحبّال: إنه بلغ من السّنّ مائة وإحدى عشرة سنة، حدثونا عَنْهُ، وحدّث عَنْ إِبْرَاهِيم الخوّاص.
وقَالَ السُّلَمي فِي تاريخه [3] : هُو من ثقات الشّيوخ بناحيته، معدوم القرين، صحِب الشِّبْليّ.
أَخْبَرَنَا ابن الخلال، أَنَا جَعْفَر، أَنَا العثماني، حدّثني أَبُو القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي بَكْر الْقُرَشِيّ المقرئ، ثنا عَبْد الرحمن [بن عبد الباقي] [4] الباقي بْن فارس، نا أَبُو حفص بْن عِرَاك إمام الجامع العتيق بمصر، قَالَ: كَانَ الشَّيْخ أَبُو الْحَسَن السِّيرَوَاني المجاور يزور إخوانه فِي البلاد، فزارني سنةً، فبينا هُوَ جالس معى، إذا سمعنا ضَوْضَاء فِي الجامع، فقيل لنا: رَجُل سُرِق منه شيء، فاستحضره الشَّيْخ، فسأله عَنْ أمره، فَقَالَ لَهُ: إنّي فقير، ولي عائلة، ففُتح عليّ برداء ودِينارَيْن، فصررتهما فِي الرّداء، فسُرِق ذَلِكَ منّي، فَقَالَ لَهُ [انتظر] [5] ، ثم حرّك الشَّيْخ شفتيه، ورفع طرفه إلى السّماء، فما استتمّ دعاءه حتى سمعنا قائلا يَقُولُ: من ضاع منه شيء فلْيَصِفْه ويأخذه، فوصف لَهُ الرجل صفة متاعه، فسلّمه إِلَيْهِ، فَقَالَ الشَّيْخ: خذه وامض.
قَالَ ابن عِرَاك: فسألته عمّا دعا بِهِ، فَقَالَ: دعوت باسم اللَّه الْأعظم، فسألته أن يعلّمني إيّاه، فامتنع، ثم قَالَ لي: قل اللَّهمّ إنّا نسألك بأنّ لك الحمد، لا إله إلا أنت، بديع السّماوات والأرض، ذو الجلال والإكرام، الحي القيّوم، أحرزتُ نفسي بالحيّ الَّذِي لا يموت، وألجأت ظهري للحىّ
__________
[1] طبقات الصوفية 51 و 259 و 343، نفحات الأنس لعبد الرحمن الجامي (مخطوط بدار الكتب 30- تاريخ فارسي) 66.
[2] السّيروانى: بكسر السين وسكون الياء المثناة من تحتها وبعدها راء وياء ثانية وفي آخرها نون. (اللباب 2/ 166) .
[3] لم أجد قوله هذا في طبقات الصوفية.
[4] ساقطة من الأصل.
[5] إضافة على الأصل.

(27/334)


القيّوم، لا إله إلّا الله نعيم الغافر، اللَّه لا إله إلا أنت سبحانك إنّي كنت من الظّالمين، أفوّض أمري إلى اللَّه، لا حول ولا قوّة إلا باللَّه العليّ العظيم.
عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق [1] بْن مُحَمَّد بْن يزيد، أَبُو الْحَسَن الحلبي القاضي الفقيه الشافعي، نزيل مصر.
سَمِعَ جدّه إِسْحَاق، وعَلِيّ بْن عَبْد الحميد الغضائري، وعَبْد الرحمن بن عبيد الله ابن أخي الإمام، ومُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن نيروز الْأنماطي، ومُحَمَّد بْن نوح الْجُنْدَيْسَابُورِي، ومُحَمَّد بْن الرّبيع الجيزي، وأَبِي بَكْر بْن زياد النيسابُوري، وجماعة سواهم.
رَوَى عَنْه: عَبْد الملك بْن عثمان الزّاهد، ورشأ بْن نظيف، والْحُسَيْن بْن عتيق التنيسي، وعَبْد الملك بْن عُمَر البغدادي الرّزّاز، وَأَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن مكّي، وآخرون.
قَالَ أَبُو عَمْرو [2] الدّاني: رَوَى عَنِ ابن مجاهد «كتاب السّبعة» ، وهو، وشيخنا أَبُو مسلم، آخر من بقي من أصحاب ابن مجاهد. وعُمِّر أَبُو الْحَسَن عمرًا طويلا، حتى نَيِّف عَلَى عشرٍ ومائة فيما بلغني.
قلت: وَرَّخ موته القاضي، وقَالَ: يقال إنّه وُلِد سنة خمسٍ وتسعين ومائتين قلت: فعلى هذا يكون قد عاش مائة سنة ونَيِّف سنة.
أَنْبَأَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْقَادِرِ، أَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَاكِمُ، أَنَا طَاهِرُ بْنُ سَهْلٍ الإِسْفِرَايِينِيُّ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَخَمْسِمَائَةٍ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَكِّيٍّ الْأزْدِيُّ، أَنَا عَلِيّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ أَخِي الْإمَامِ بِحَلَبٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ، ثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ رَقَبَةَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ إِيَاسٍ، عَنْ حَبِيبٍ، يَعْنِي ابْنَ سَالِمٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: أَعْلَمُ النَّاسِ بِصِفَاتِ هَذِهِ الصَّلاةِ، صَلاةِ عِشَاءِ الآخِرَةِ، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِسُقُوطِ الْقَمَرِ لِثَالِثَةٍ. تَفَرَّدَ بِهِ جَرِيرٌ، عَنْ رَقَبَةَ بْنِ مِصْقَلَةٍ.
__________
[1] العبر 3/ 61، النجوم الزاهرة 4/ 315، شذرات الذهب 3/ 147، 148.
[2] في الأصل «عمر» .

(27/335)


عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن يوسف [1] بْن يعقوب الْأستاذ، أَبُو الْحَسَن بْن العلاف البغدادي المُقرئ، والد أَبِي طاهر بْن العلاف، وجدّ أَبِي الْحَسَن الحاجب.
كاد أن يقرأ [2] عَلَى ابن مجاهد، وابْن شنَّبُوذ، فإنّه وُلِد سنة عشرٍ وثلاثمائة، وعُنِيَ بالقراءات فِي كبره، وقرأ عَلَى النّقّاش، وبكّار بْن أحْمَد ورشد بْن عَلِيّ بْن أَبِي بلال، والْحَسَن بْن دَاوُد النّقّار، وعَبْد الواحد بْن أَبِي هاشم، وسمع من أَبِي على بن محمد الواعظ وجماعة، وتصدّر للإقرار مدة، واشتهر وبعد صيته.
قرأ عَلَيْهِ: الحَسَن بْن مُحَمَّد القنطري، وَأَبُو عَلِيّ الشرْمَقاني، والْحَسَن بْن عَلِيّ العطّار، وَأَبُو الفتح بْن شيطا، وآخرون.
وثّقه الخطيب.
قاسم بْن مُحَمَّد بْن قاسم [3] بْن عَبَّاس، أَبُو مُحَمَّد بْن عَسْلُون القُرْطُبي الفَرَّاء.
يقال: مات فِي السنة الماضية.
محمد بن أحمد بن محمد [4] بن جعفر بْن مُحَمَّد بْن بحير بْن نوح، أَبُو عَمْرو البحيري النيسابُوري المُزَكِّي.
سَمِعَ [5] أَبَاه أَبَا الْحُسَيْن، ويحيى بْن منصور القاضي، وعَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد الكعبي، ومحمدًا، وعليا، ابني المؤمِّل بْن الْحَسَن، ورحل إلى العراق بعد الستّين وثلاثمائة، فكتب عَنِ الموجودين.
رَوَى عَنْهُ: الحاكم، وهو أكبر منه، وَأَبُو العلاء مُحَمَّد بْن عَلِيّ الواسطي ومُحَمَّد بْن شعيب الرّوياني.
قَالَ الحاكم: كَانَ من حُفَّاظ الحديث المبرّزين فِي المذاكرة. توفّى في
__________
[1] تاريخ بغداد 12/ 95 رقم 5517، المنتظم 7/ 231، 232 رقم 373.
[2] في الأصل «يقرى» .
[3] الصلة لابن بشكوال 2/ 467، 468 رقم 1009.
[4] العبر 3/ 61، شذرات الذهب 3/ 148، المنتظم 7/ 232 رقم 374، مرآة الجنان 2/ 448، البداية والنهاية 11/ 336.
[5] في الأصل «سمع إبراهيم» .

(27/336)


شعبان، وله ثلاثٌ وستون سنة.
قلت: رَوَى عَنْهُ ابنه سَعِيد أيضًا، وله أربعون حديثًا، سمعناها بعُلُوٍّ.
مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن عَبْدَوس بْن أحْمَد، أَبُو بَكْر الْأديب النَّحْوِيّ النيسابُوري الفقيه.
سَمِعَ: أَبَا عَمْرو الحيري، ومكّي بْن عَبْدان، وابْن الشرفي، وعمّه إِبْرَاهِيم بْن عَبْدَوس.
قَالَ الحاكم: عقدت لَهُ مجلس الْأملاء سنة ثمان وثمانين، وتُوُفِّي فِي شعبان سنة ستٍّ وتسعين.
قلت: رَوَى عَنْهُ الحاكم، وَأَبُو القاسم القُشَيْرِي، وَأَبُو يَعْلَى الصَّابُونِي.
ومن طبقته: أحْمَد بْن محمد بْن عَبْدَوس [1] ، أَبُو بَكْر الحافظ النَسَوِي نزيل مَرْو.
سَمِعَ بدمشق أَبَا القاسم عَلِيّ بْن أَبِي العَقب، وبُكَيْر بْن الْحَسَن الرّازيّ بمصر، وجماعة.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّد عَبْد اللَّه بْن يوسف الْجُوَيْني الفقيه، والْحَسَن بْن القاسم المَرْوَزِي، ومُحَمَّد بْن الْحَسَن المَرْوَزِي.
ومن طبقتهما: أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْدَوس الحاتمي، أَبُو الْحَسَن النيسابُوري الفقيه الشافعي.
سَمِعَ الْأصمّ، وجماعة.
ومات فِي الكُهُولة فِي حياة أبيه، سنة خمس وثمانين وثلاثمائة، وكان من الفُضَلاء.
أما أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْدَوس العنزي الطرائفي صاحب عثمان بْن سَعِيد الدّارَمي، فقد ذُكِر فِي 346.
مُحَمَّد بْن إِسْحَاق النيسابُوري المُطَّوِّعي الكيّال. أصله من جُرْجان.
سَمِعَ من الْأصمّ، وأَبِي عَبْد اللَّه الصّفّار. وكان من الصّالحين.
__________
[1] تهذيب ابن عساكر 2/ 66.

(27/337)


مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن الفضل [1] بْن المأمون، أَبُو بَكْر الهاشمي العباسي البغدادي.
سَمِعَ أَبَا بَكْر بْن زياد النيسابُوري، وأَبَا بَكْر بْن الْأنباري، والمَحَامِلي، وجماعة، وهو جدّ أَبِي الغنائم عَبْد الصَّمد بْن عَلِيّ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْر البَرْقَاني، وهبة [اللَّه] [2] اللالكائي، وعَبْد الباقي بْن مُحَمَّد بْن غالب العطّار، وجماعة.
وعاش [3] ستًا وثمانين سنة.
وثّقه الخطيب.
مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن النَّضر [4] ، أَبُو بَكْر الديباجي البغدادي.
سَمِعَ عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه بْن مبشّر الواسطيّ، وأَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن سعدان الواسطي، ومحمد بن حمدويه المروزي.
[و] عنه: هبة اللَّه اللالكائي، وَأَبُو بَكْر البَرْقَاني.
ووثّقه أَبُو الْحَسَن العتيقي.
مُحَمَّد بْن عُمَر بْن عَلِيّ [5] بْن خَلَف بْن زنبور، أَبُو بَكْر الوَرّاق، من شيوخ بغداد.
حدّث عَنْ: أَبِي بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، والقاسم البَغَوي، وعُمَر الدُّوري [6] ، وابْن صاعد، وغيرهم.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو القاسم الْأزهري، وَأَبُو مُحَمَّد الخلال، وجماعة آخرهم أبو نصر محمد بن محمد الزّينبى.
__________
[1] تاريخ بغداد 2/ 214 رقم 652، المنتظم 7/ 232 رقم 375، العبر 3/ 62، النجوم الزاهرة 4/ 215، شذرات الذهب 3/ 148.
[2] إضافة على الأصل.
[3] في الأصل «وعنه عاش» .
[4] تاريخ بغداد 3/ 92 رقم 1086.
[5] تاريخ بغداد 3/ 35 رقم 964، العبر 3/ 62، شذرات الذهب 3/ 148.
[6] في الأصل «الدربي» والتصحيح من (تاريخ بغداد) .

(27/338)


قال الأزهري: ضعّف في روايته عن البَغَوي.
وسماعه من الدوري صحيح.
وقَالَ العتيقي: فِيهِ تَساهُل. وتُوُفِّي فِي صفر.
وقَالَ الخطيب: كَانَ ضعيفًا جدًّا.
قلت: وهو راوي البعث لابن أَبِي دَاوُد، والثاني [1] من مُسْنَد ابن مَسْعُود.
مُحَمَّد بْن عيسى بْن مُحَمَّد [2] بْن مُعَلَّى بْن أَبِي ثَوْر، أَبُو عَبْد اللَّه الحَضْرَمِي الوَرّاق، من أهل قُرْطُبَة.
رَوَى عَنْ: أحْمَد بْن مَسْعُود بْن سَعِيد بْن حَزْم، وأَبِي جَعْفَر بْن عَوْن اللَّه، وجماعة.
وكانت لَهُ عناية كبيرة بالرّواية، وكان صالحًا ثقة.
ولد سنة سبع عشرة [3] وثلاثمائة.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو المُطَرِّف بْن فُطَيْس القاضي، وغيره.
وتُوُفِّي فِي ربيع الآخر.
ذكره ابن بشكوال، وقد ذكره ابن الفَرَضِيّ فَقَالَ: سَمِعَ من أحْمَد بْن مَطَرِّف، ومُحَمَّد بْن معاوية القرشي، وكان شيخا صالحا حسن المعروفة، ثقة.
رحمه اللَّه.
مُحَمَّد بْن نصر بْن أحْمَد [4] بْن مالك، أَبُو الْحَسَن القطيعي.
رَوَى عَنِ المَحَامِلي، ويوسف بْن البهلول الْأزرق.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّد الخلال، وغيره، وبقي إلى هذه السنة.
__________
[1] في الأصل «الباني» وهو تصحيف.
[2] الصلة لابن بشكوال 2/ 481 رقم 1043.
[3] في الأصل «سبع عشرة سنة وثلاثمائة» .
[4] تاريخ بغداد 3/ 320 رقم 1421.

(27/339)


نُجَيْح بْن سُلَيْمَان الخَوْلاني [1] الْأندلسي. تُوُفِّي بالأندلس.
ياسين بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن ياسين بْن النَّضْر، أَبُو يوسف الباهلي النيسابُوري.
سَمِعَ مكّي بْن عَبْدان، وجماعة.
رَوَى عَنْهُ الحاكم في تاريخه.
__________
[1] تاريخ علماء الأندلس 2/ 157، 158 رقم 1497، جذوة المقتبس 358 رقم 844، بغية الملتمس 477 رقم 1400.

(27/340)


[وفيات] سنة سبع وتسعين وثلاثمائة
أَصْبَغ بْن الفَرَج بْن فارس [1] ، أَبُو القاسم الطّائي القُرْطُبي المالكي، من كبار المُفْتين بقُرْطُبَة. كَانَ من أهل اليقظة والنَّباهة، بصيرًا بالفِقْه.
سَمِعَ من أَبِي جَعْفَر بْن عَوْن اللَّه، وأَبِي مُحَمَّد بْن عَبْد المؤمن، وأَبِي مُحَمَّد الباجي.
وُلِّي قضاء بَطَلْيُوس، فأحسن السيرة، ومنهم من يقول: توفّى سنة أربعمائة.
وكان أخوه حامد من الصُلَحاء القانتين، يُتَبَرَّك بلقائه. عاش بعد أخيه أَصْبَغ خمسةَ أعوام.
الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم، أَبُو عَلِيّ الصُّوفِي. قَالَ عَبْد الغافر:
شيخ قديم، ثقة، كثير الحديث.
سَمِعَ أَبَا بَكْر القطّان، وأَبَا حامد بْن بلال، والأصمّ، وحدّث.
خَلَف بْن سُلَيْمَان [2] ، أَبُو القاسم بْن الحجَّام القُرْطُبي. كَانَ مجوِّدًا لحرف نافع.
قرأ عَلَى أَبِي الْحَسَن الْأنطاكي، وكان عارفًا برسم المُصْحَف ونَقْطه، بارعًا فيه، ولذلك قيل له: «خلف النّاقط» .
__________
[1] الصلة لابن بشكوال 1/ 107، 108 رقم 252، الديباج المذهب 97، 98، العبر 3/ 63، شذرات الذهب 3/ 149، مرآة الجنان 2/ 448.
[2] الصلة لابن بشكوال 1/ 161 رقم 359.

(27/341)


سَعِيد بْن يوسف [1] ، أَبُو عثمان الْأمويّ الْأندلسي القَلَعيّ، من قلعة أيّوب.
رَوَى فِي الرحلة عَنْ أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن عَمّار الدِّمْياطي، وإبراهيم بْن أَبِي غالب الْمَصْرِيّ، وجماعة.
رَوَى عَنْهُ الصاحبان، وَأَبُو عَبْد اللَّه بْن عَبْد السلام.
سَعِيد بْن مُحَمَّد بْن سيد [2] أَبِيهِ، أَبُو عثمان الْأمويّ الْأندلسي.
حجّ وأكثر عَنْ أَبِي بَكْر الْأجُرِّي، وحمزة بْن مُحَمَّد الكتّاني، ولقي بالقَيْروَان عَلِيّ بْن مسرور، وتميم، وكان صالحًا زاهدًا متبتّلا مجاهدًا، أجاز الخَوْلاني فِي هذه السنة.
وكان مولده فِي سنة ثمانٍ وعشرين وثلاثمائة.
عَبْد اللَّه بْن محمد بْن أحمد بْن مُحَمَّد بْن الفرج بْن مَتَّوَيْه القِزْوِيني، الفقيه النّسّابة الحافظ. كَانَ متفنّنًا فِي العلوم.
سَمِعَ: عَلِيّ بْن مِهْرَوَيْه، وفي الرّحلة من إِسْمَاعِيل الصّفّار، وعَبْد اللَّه ابن شَوْذب الواسطي، وجماعة.
ووُلِّي قضاءَ خُراسان، وعاش بِضْعًا وسبعين سنة.
روى عنه: أبو يعلى الخليل بْن عَبْد اللَّه.
عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن سَعِيد بْن دَاوُد، أَبُو مُحَمَّد المَدِيني. شيخ صالح، يَرْوِي عَنِ ابن داسَة.
وعنه عَبْد الرَّحْمَن بْن مَنْدَه، وسعيد السعداني.
مات فِي رجب سنة سبعٍ وتسعين.
عَبْد اللَّه بْن مُسْلِم بْن يحيى [3] ، أَبُو يَعْلَى الدّبّاس. بغداديّ ثقة.
روى عن القاضي المحاملي.
__________
[1] الصلة لابن بشكوال 1/ 211 رقم 469.
[2] الصلة لابن بشكوال 1/ 211، 212، رقم 470.
[3] تاريخ بغداد 10/ 171 رقم 5311.

(27/342)


روى عَنْهُ: هبة اللَّه اللالكائي، وعُبَيْد اللَّه الْأزهري، وابْن العريف، وأَحْمَد بْن سُلَيْمَان المقرئ.
عَبْد الحميد بْن مُحَمَّد بْن القاسم الشّاشي الخانكاهي المذكِّر. سَمِعَ من الْأصمّ وطبقته فِي ذي القعدة.
عَبْد الرَّحْمَن بْن المُزَكِّي [1] ، أَبِي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن يحيى، أَبُو الْحَسَن النيسابُوري.
حدث بنيسابُور وبغداد، عَنْ مُحَمَّد بْن حفص بْن عَمْرو بْن الشرفي وأَبِي الْعَبَّاس الْأصمّ، وأَبِي بَكْر القطّان، وأَبِي حامد بْن بلال، وجماعة، وخرّجوا [عَنْهُ] [2] الفوائد.
قَالَ الحاكم: تُوُفِّي فِي شعبان، وكان من عقلاء الرجال العُبَّاد.
وقَالَ الخطيب: كَانَ ثقة، ثنا عَنْهُ مُحَمَّد بْن طلحة.
قلت: وروى عَنْهُ عُمَر بْن أحْمَد النيسابُوري الحوري، وَأَبُو أحْمَد بْن منصور المقري.
عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر بْن أحْمَد [3] بْن حمَّة، أَبُو الْحُسَيْن البغدادي الخلال.
سَمِعَ المَحَامِلي، وابْن عُقْدة، وعَبْد الغافر بْن سلامة، وجماعة.
رَوَى عَنْهُ: البَرْقَاني، وعَبْد العزيز الْأزْجِي، وعُبَيْد اللَّه الْأزهري، وأَحْمَد بْن سُلَيْمَان المقرئ وَأَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن المهتدي باللَّه، وطائفة.
وثّقه الخطيب، وعنده جملة كثيرة من مُسْنَد يعقوب بْن شَيْبَة، سمعه من حفيده، وقد مرّ أَبُوهُ فِي سنة 36.
عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق، أَبُو القاسم بْن الحاكم أَبِي أحْمَد الْأنماطي المُزَكِّي. نيسابوري، ثقة جليل.
رَوَى عَنْ أَبِي الْعَبَّاس الأصمّ، وأقرانه.
__________
[1] تاريخ بغداد 10/ 302 رقم 5447.
[2] إضافة على الأصل.
[3] تاريخ بغداد 10/ 301 رقم 5446، المنتظم 7/ 234، 235 رقم 378.

(27/343)


تُوُفِّي يوم الشَّك.
عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد [1] بْن عُبَيْد اللَّه، أَبُو المُطَرِّف الرُّعَيْنِي القُرْطُبي المعروف بابن المَشَّاط.
أخذ القراءات عَنْ أَبِي الْحَسَن الْأنطاكي، وسمع من خَلَف بْن قاسم وغيره، وكان فاضلا رئيسًا عالمًا متصلا بالدولة، نفق عَلَى المنصور مُحَمَّد بْن أَبِي عامر، ووُلِّي قضاء بَلَنْسِية [2] وغيرها.
تُوُفِّي فجأة فِي جمادي الآخرة، وصلّى عَلَيْهِ والده الثَّكْلان بِهِ، وعاش بعده عامين.
عَبْد الصَّمد بْن عُمَر [3] ، أَبُو القاسم الدِّينَوَرِي، ثم البغدادي الواعظ.
رَوَى عَنْ أَبِي بَكْر النّجّاد.
قَالَ الخطيب: ثنا عَبْد العزيز الْأزْجِي، والقاضي أَبُو عَبْد اللَّه الصَّيْمَريّ، قَالَ: وكان ثقة زاهدًا أمَّارًا بالمعروف، ناهيا عَنِ المنكر، صاحب مجاهدات وأوراد ومقامات، وإليه تُنْسَب الطّائفة المعروفة بأصحاب عَبْد الصّمد.
قلت: وكان ببغداد فِي زماننا الشَّيْخ عَبْد الصَّمد بْن أَبِي الجيش المقرئ الصّالح، لَهُ أصحاب منهم الشَّيْخ إِبْرَاهِيم بْن أحْمَد الرّقّي الزّاهد، رحمة اللَّه عَلَيْهِ، والشيخ أَبُو بَكْر المقصاتي المقرئ، وجماعة يُنْسَبُون إِلَيْهِ أيضًا.
عَبْد الكريم بْن أحْمَد بْن أَبِي جدار، أبو الحسن المصري، شيخ مسند.
رَوَى عَنْ أحْمَد بْن عَبْد الوارث العسّال، وغيره.
__________
[1] الصلة لابن بشكوال 307، 308 رقم 678.
[2] بلنسية: السين مهملة مكسورة وياء خفيفة، كورة ومدينة مشهورة بالأندلس متصلة بحوزة كورة تدمير، وهي شرقى تدمير وشرقى قرطبة. (معجم البلدان 1/ 490) .
[3] تاريخ بغداد 11/ 43- 44 رقم 5723، المنتظم 7/ 235، 236 رقم 379، النجوم الزاهرة 4/ 217، البداية والنهاية 11/ 337، 338، الكامل في التاريخ 9/ 204.

(27/344)


رَوَى عَنْهُ أَبُو إِبْرَاهِيم أحْمَد بْن القاسم بْن ميمون الحسيني، وجماعة.
تُوُفِّي فِي سلْخ رجب.
عَبْد الملك بْن سَعِيد بْن إِبْرَاهِيم بْن معقل بْن الحجّاج، أَبُو مروان النَّسفي.
شيخ ثقة، ولد سنة إحدى عشرة وثلاثمائة، وسمع من الطّرخاني، ونصر بْن مكّي، وخلف بْن الفتح، والهَيْثَم بْن كُلَيْب.
رَوَى عَنْهُ المُسْتَغْفِري فِي تاريخه.
عاصم بْن مُحَمَّد بْن يعقوب بْن إِسْحَاق، أَبُو نصر بْن أَبِي حاتم الهَرَوِي، وليس هُوَ بالمعصمي.
تُوُفّي فِي شَعْبان.
عَلِيّ بْن أحْمَد بْن عَلِيّ النيسابُوري الشّاهد الحذّاء.
سمع الأصمّ، وقتيبة، [و] طبقته، وحدّث.
عَلِيّ بْن أحْمَد بْن طَالِب [1] المعدِّل.
رَوَى عَنْ أَبِي سَعِيد العَدَوِي.
[حدث عَنْهُ] [2] القاضي، أبو عبد الله الصّيمري، وكان معتزليا، صنف في الرد على الرافضة.
توفي في سنة سبع وسبعين ظنا في هذه السنة، أو في التي قبلها.
علي بن عمر الفقيه [3] ، أبو الحسن بن القصار البغدادي المالكي.
روى عن عَلِيّ بْن الفضل السّتُوري، وغيره.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو ذَرّ الهَرَوِي، وَأَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن المهتدي باللَّه وغيرهما.
__________
[1] تاريخ بغداد 11/ 325 رقم 6147.
[2] إضافة على الأصل اعتمادا على الخطيب البغدادي.
[3] تاريخ بغداد 12/ 41 رقم 6406، طبقات الفقهاء 168، العبر 3/ 64، الديباج المذهب 199 (وفيه توفى 398 هـ) ، شذرات الذهب 3/ 149، النجوم الزاهرة 4/ 217، مرآة الجنان 2/ 448، الكامل في التاريخ 9/ 205 ويسمّيه: على بن أحمد. المعروف بابن القصّاب، ترتيب المدارك 4/ 602، شجرة النور 92.

(27/345)


ووثقه الخطيب [1] كَانَ من كبار المالكيّة ببغداد. تفقّه عَلَى القاضي أَبِي بَكْر الْأبْهَرِي.
قَالَ أَبُو إِسْحَاق الشيرازي [2] : لَهُ كتاب فِي مسائل الخلاف كبير، لا أعرف لهم كتابًا فِي الخلاف أحسن منه.
وقَالَ القاضي عياض [3] : كَانَ أُصُوليا نَظَّارًا، وُلِّي قضاءَ بغداد.
وقَالَ أَبُو ذَرّ: هُوَ أفقه [من لقيت] [4] من المالكيين، وكان ثقةً، قليل الحديث. تُوُفِّي فِي سنة ثمانٍ وتسعين.
قلت: الصّحيح وفاته فِي هذه السنة، في ثامن من ذي القعدة. ضبطه ابن أَبِي الفوارس فِي الوَفَيَات لَهُ.
عَلِيّ بْن معاوية بْن مصلح [5] ، أَبُو الْحَسَن الْأندلسي.
حجّ وسمع أَبَا حفص عُمَر بْن أحْمَد الْجُمَحي، وإِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد الدَّيْبُلي، والآجري، وحمزة بْن مُحَمَّد الكناني الحافظ، وأَبَا مُحَمَّد بْن الورد البغدادي، والْحَسَن بْن الخضر، وسمع بقُرْطُبَة من خَالِد بْن سعد، وأَحْمَد بْن مَطَرِّف، وبمدينة الفرج من وهب بْن مَسَرَّة، ومُحَمَّد بْن القاسم بْن سعد.
قَالَ ابن بشكوال: كَانَ شيخًا فاضلا، ثقة فيما رَوَاهُ. سَمِعَ النّاس منه كثيرًا. حدّث عَنْهُ الصّاحبان، وتُوُفِّي فِي رجب، وكان مولده سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة.
عُمَر بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ، أَبُو سعد الهَرَوِي، خال القرّاب.
رَوَى عَنْ أَبِيهِ، وأَبِي أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن قُرَيْش بْن سُلَيْمَان.
رَوَى عَنْهُ: إِسْحَاق القرّاب، وحمزة بن فضالة.
توفّى في جمادى الآخرة.
__________
[1] تاريخ بغداد 12/ 41.
[2] طبقات الفقهاء 168.
[3] ترتيب المدارك 4/ 602.
[4] إضافة على الأصل يقتضيها السياق.
[5] الصلة لابن بشكوال 2/ 411، 412 رقم 883.

(27/346)


محمد بن أحمد بن محمد بن عُبَيْد، أَبُو عَبْد اللَّه الوشّاء الفقيه المالكي الزّاهد، كبير المالكية بمصر.
أخذ عَنْ أَبِي إِسْحَاق مُحَمَّد بْن القاسم بْن شعبان الْمَصْرِيّ وغيره، ورحل النّاس إِلَيْهِ، وكان قويّ النّفس، شديد المبايَنَة لبني عُبَيْد أصحاب مصر.
آخذ عَنْهُ أَبُو عمران الفاسي، وَأَبُو مُحَمَّد الشنتجاني، وَأَبُو مُحَمَّد بْن غالب السّبْتي.
قَالَ الحبّال: تُوُفِّي فِي تاسع جُمادى الآخرة.
مُحَمَّد بْن سَعِيد البُوسَنْجي، قاضي بوسَنْج [1] وخطيبها، قُتِل غِيلةً فِي رمضان.
مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان [2] [بْن] [3] جَعْفَر، أَبُو الْحَسَن العبدي.
البغدادي العطار.
سَمِعَ أَبَا بَكْر بْن زياد النيسابُوري، والقاسم، والْحُسَيْن، ابنَيِ المَحَامِلي، وأَحْمَد بْن مُحَمَّد الْأدمي.
قَالَ العتيقي: هُوَ ثقة مأمون. مات فِي صفر.
رَوَى عَنْهُ ابن المهتدي باللَّه.
مُوسَى بْن أحْمَد بْن سَعِيد [4] ، أَبُو مُحَمَّد اليَحْصُبِي القُرْطُبي، ويُعْرَف بالولد [5] ، الفقيه المالكي.
سَمِعَ قاسم بْن مُحَمَّد، وأَحْمَد بْن مَطَرِّف، ودرّس الفقه، وتقلّد الشّورى.
__________
[1] بوسنج: بالضم ثم السكون والسين المهملة والنون ساكنة وجيم. من قرى ترمذ. (معجم البلدان 1/ 508) .
[2] تاريخ بغداد 3/ 230 رقم 1296 وفيه «سلمان» .
[3] ساقطة من الأصل.
[4] تاريخ علماء الأندلس 2/ 150 رقم 1466.
[5] في تاريخ علماء الأندلس «بالوتد» .

(27/347)


قال ابن الفرضىّ: نسب إليه تخليط كثير عُرِفَ بِهِ.
النُّعْمَان بْن مُحَمَّد بْن محمود [1] بْن النُّعْمَان، أَبُو نصر الْجُرْجَاني التّاجر، نزيل نيسابُور.
سَمِعَ أَبَا طاهر مُحَمَّد بْن الحسن المحمدآبادي، والأصمّ، وأَبَا يعقوب إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم النَّحْوِيّ الْجُرْجَاني، وتفقه عَلَى أَبِي بَكْر الإسماعيلي، وسمع بآمل من أصحاب أَبِي حاتم الرّازي، وأكثر عَنِ ابن عَدِيّ.
رَوَى عَنْهُ أَبُو عَبْد اللَّه الحاكم.
أَبُو سهل بْن أَبِي بشْر، هُوَ مُحَمَّد بْن هارون النيسابُوري.
سَمِعَ أَبَا بَكْر القطّان والأصمّ.
تُوُفِّي فِي رجب.
أَبُو سهل مُحَمَّد بْن يحيى النيسابُوري الواعظ.
[سَمِعَ] [2] من الْأصمّ، وأَبِي سهل القطّان.
مات فِي صفر.
أَبُو الْعَبَّاس بْن واصل [3] . كَانَ يخدم في الكرخ، وكانوا يقولون: «إنّك تملّك» ويهزءون بِهِ، ويقول بعضهم: إنْ صرت، ملكًا فاستخدمني، ويقول الآخر: اخلع عَلِيّ، فآل أمره إلى أن ملك سِيراف، ثم البصْرة، ثم قصد الْأهواز، وحارب السلطان بهاء الدولة وهزمه، ثم تملّك البطيحة، وأخرج عَنْهَا مهَّذب الدولة عَلِيّ بْن نصر إلى بغداد، فنزح مهذَّب الدولة بخزائن، فأخذت فِي الطّريق، واضطر إلى أن ركب بقرة، واستولى ابن واصل عَلَى داره وأمواله، ثم إنّ فخر المُلْك أَبَا غالب قصد ابن واصل، فعجز عَنْ حربه، واستجار بحسّان الخَفَاجي، ثم قصد بدر بْن حَسْنَوَيْه، فقتل بواسط في صفر، والله أعلم.
__________
[1] تاريخ جرجان 480 رقم 965.
[2] إضافة على الأصل.
[3] العبر 3/ 64، المنتظم 7/ 236، 237 رقم 380، البداية والنهاية 11/ 338، شذرات الذهب 3/ 149، الكامل في التاريخ 9/ 194- 196، المختصر في أخبار البشر 2/ 137.

(27/348)


[وفيات] سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة
أحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن سهل، أَبُو بَكْر بْن إِسْحَاق الهَرَوِي القرّاب الشهيد.
سَمِعَ أَبَا عَلِيّ بْن درزين الباشاني، وغيره.
وعنه: شيخ الْإسلام إِسْمَاعِيل الصّابوني، وَأَبُو العلاء صاعد بن منصور، [و] محمد بْن مُحَمَّد الْأزْدِيّ، وَأَبُو عاصم مُحَمَّد بْن أحْمَد العبّادي الفقيه، وجماعة.
أحْمَد بْن إِبْرَاهِيم [1] ، أَبُو الْعَبَّاس البُرُوجِرْدِي، الوزير لفخر [2] الدولة أَبِي الْحَسَن بْن بُوَيْه. كَانَ يلقّب بالأوحد الكافي، وكان أديبًا شاعرًا.
تُوُفِّي فِي صفر، وأُخرِج تابوته، وشيّعه الكبار والأشراف، وحُمِل إلى مشهد كَرْبَلاء، ودُفن بِهِ، وكان يتشيّع، وسافر مَعَ تابوته جماعة.
أحْمَد بْن الْحُسَيْن بْن يحيى [3] بْن سَعِيد، أَبُو الفضل الهَمَذَاني الملقّب ببديع الزّمان، صاحب الرّسائل الرائعة، وصاحب المقامات التي على منوالها
__________
[1] المنتظم 7/ 240 رقم 381، الكامل في التاريخ 9/ 209.
[2] في الأصل «فخر» وقد أضفنا اللام.
[3] مرآة الجنان 2/ 449، 450، البداية والنهاية 11/ 340، معجم الأدباء 2/ 161، الوافي بالوفيات 6/ 355- 358 رقم 2857، يتيمة الدهر 4/ 240، وفيات الأعيان 1/ 127- 129 رقم 52، العبر 3/ 67، النجوم الزاهرة 4/ 218، 219، شذرات الذهب 3/ 150، 151، المختصر في أخبار البشر 2/ 138، تاريخ ابن الوردي 1/ 319، تذكرة الحفاظ 3/ 1027، الأنساب 12 (الهمذانيّ) ، الكامل في التاريخ 9/ 209، اللباب 3/ 392، سير أعلام النبلاء 17/ 67، 68 رقم 35، روضات الجنات 66، هدية العارفين 1/ 69.

(27/349)


صنّف الحريري، واعترف لَهُ بالفضل.
ومن كلامه: «الماء إذا طال مُكْثُه ظهر خُبْثُه، وإذا سكن مَتْنُهُ تحرّك نَتْنُه» .
«الموت خطْب قد عُظم حتى هان، ومَسُّ قد خُشن حتّى لان» .
«والدنيا قد تنكّرت حتى صار الموت أخفّ خُطُوبها، وخَبُثَتْ حتى صار أصغر ذنوبها، فانظر يَمْنَةً هَلْ ترى إلا محنة، ثم انظر يَسْرَةً، هَلْ ترى إلا حَسْرَةً» .
ومن رسائله البديعة، وكان قد جرى ذِكْره فِي مجلس شيخه أبى الحسين بْن فارس فَقَالَ ما معناه: إنّ بديع الزمان قد نسي حق تعليمنا إيّاه وعَقَّنَا، وطمح بأنفه عنّا، فالحمد للَّه عَلَى فساد الزّمان، وتَغَيُّر نَوْع الْأنْسَان.
فبلغ ذَلِكَ بديعَ الزّمان، فكتب إِلَيْهِ: نعم، أطال اللَّه بقاء الشَّيْخ الإمام، إنّه الحَمأ المَسْنُون، وإن ظننت بِهِ الظُّنون، والناس لادم، وإن كَانَ العهد قد تَقَادَم، وتركَّبت الْأضْداد، واختلاف البلاد، والشيخ يقول: فسد الزّمان، أفلا يَقُولُ: مَتَى كَانَ صالحًا فِي الدّولة العباسية، فقد رأينا آخرها، وسمعنا أوّلها أم المدّة المَرْوَانية، وفي أخبارها.
لا تكسع الشول بأغبارها ... أم السّنين الحربيّة
والسيف يُعقَد فِي الطّلى ... والرُّمْحُ يُركز فِي الكلَى [1]
ومبيت [2] حجر بالمَلا ... وحرتان وكربلا
أم البيعة الهاشميّة، والعشرة برأس من بني فِراس، أَم الْأيّام الْأمَوية، والنّفير إلى الحجاز، والعيون تنظر إلى الْأعجاز، أم الْأمارة العَدَوِيّة، وصاحبها يَقُولُ: هَلُمّ بعد البزول إلى النزول، أم الخلافة التَيْميّة، وهو يَقُولُ:
طُوبى لمن مات فِي نأنأة الْإسلام، أَمْ على عهد الرسالة ويوم الفتح، قيل:
__________
[1] في اليتيمة 4/ 255.
والرمح يركز في الكلى ... والسيف يغمد في الكلى
[2] في اليتيمة:
ومبيت حجر في الفلا ... والحرقان وكربلا

(27/350)


اسكُني يا فلانة، فقد ذهبت الْأمانة. أَمْ فِي الجاهلية، ولَبِيدُ فِي خَلْفٍ كجِلْد الْأجرب [1] ، أمْ قبل ذَلِكَ، وأخو عادٍ يَقُولُ:
إذ النّاس ناسٌ ... والبلاد بلاد [2]
أمْ قبل ذَلِكَ، وآدم فيما قيل يقول:
تغيّرت البلاد ومَن عليها أمْ قبل ذَلِكَ والملائكة تَقُولُ: أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ 2: 30 [3] ما فسد الناس، وإنّما اطّرد القياس، لا أظلمت الأيّام،: إنّما امتدّ الظلام، وهل يفسد الشيء إلا عَنْ صَلاح، ويُمسي المرء إلا عَنْ صباح؟
وإنّي عَلَى توبيخ شيخنا لي، لَفَقِيرٌ إلى لقائه، شفيق عَلَى بقائه، مُنْتَسِبٌ إلى ولائه، شاكر لآلائه، لا أجْلُ حريدًا عَنْ أمره، ولا أقْلُ بعيدًا عَنْ قلبه، وما أُنْسِيتُه ولا أنساه.
إنّ له عليّ كلّ نعمة خوّلنيها اللَّه ثارا ... وعَلَى كل كلمة علّمنيها اللَّه منارا
ولو عرفت لكتابي موقعًا من قلبه، لاغتنمت خدمته بِهِ، ولَرَدَدْتُ إِلَيْهِ سُؤْر كاسه وفضل أنفاسه، ولكنّى خشيت أن يَقُولُ: هذه بضاعتنا رُدَّت إلينا.
وله، أيّده اللَّه العُتْبَى والمَوَدَّة فِي القُرْبى، والمرباع، وما نالَه الباع، وما ضمّه الجلد، وضمّنه المشط. ليست رضًى، ولكنها جلّ ما أملك اثنتان، أيّد اللَّه الشَّيْخ الإمام، الخراسانية والإنسانية، وإن لم أكن خُرَاسانيّ الطّينة، فإنّي
__________
[1] حدّث خيثمة بن سليمان الأطرابلسي قال: حدّثنا محمد بن عوف الطائي بحمص، قال عثمان بن سعيد، قال: حدثنا محمد بن مهاجر، عن الزبيدي، عن الزهري، عن عائشة قالت:
«رحم الله لبيدا إذ يقول: ذهب الذين يعاش في أكنافهم، وبقيت في خلف كجلد الأجرب.
فقالت عائشة: كيف لو أدرك زماننا هذا؟
قال عروة: رحم الله عائشة، كيف لو أدركت زماننا هذا؟
قال الزهري: رحم الله عروة، كيف لو أدرك زماننا هذا؟.
قال الزبيدي: رحم الله الزهري، كيف لو أدرك زماننا هذا؟.
وللرواية بقية. (بغية الطلب المخطوط- 5/ 200، 201) .
[2] في اليتيمة:
بلاد بها كنا وكنا نحبها ... إذ الناس ناس والزمان زمان
[3] قرآن كريم- سورة البقرة- الآية 30.

(27/351)


خُرَاساني المدينة، والمؤمن حيث يوجد، لا من حيث يولد، فإذا أصاب إلى خُرَاسان، ولادة هَمَذَان، ارتفع القلم، وسقط التكليف، فالْجُرْح جَبار، والجاني حمار، ولا جنّة ولا نار، فليحملني عَلَى هِنَاتي، أَلَيْس صاحبنا يَقُولُ:
لا تلُمني على ركاكة عقلي ... إن تيقّنْت أنّني هَمَذَاني
والسلام.
وله [فِي] [1] كتاب: والبحر وإن لم أره. فقد سَمِعْتُ خبره. واللَّيْث وإنْ لم ألقه. فقد بصرت خلقه. والملك العادل وإن لم أكن لقيته. فقد بلغني صيتُه. ومن رَأَى من السيف أثره، فقد رَأَى أكثره. والحضرة وإن أحتاج إليها المأمون، وقصدها. ولم يستغن عَنْهَا قارون، فإن الْأحبّ إليّ أنْ أقصدها، قصد موال. والرجوع عَنْهَا بجمال، أحبّ إليّ من الرّجوع عَنْهَا بمال، قدّمت التعريف، وأنا أنتظر الجواب الشريف. فإن نشط الْأمير، لضَيْفٍ ظلُّه خفيف، وضالّته رغيف، فعل، والسّلام.
وله:
إنّا لقُرْب دار مولانا [2] ... كما طَرِب النَّشْوان مالت بِهِ الخمرُ
ومن الارتياح للقائه [3] ... كما انتفض العصفور بلّله القَطْرُ
ومن الامتزاج بولائه ... كما التقت الصَّهْباء والبارد العذْبُ
ومن الابتهاج بمزاره ... كما اهتزّ تحت البارح الغُصْن الرَّطب
ومن شعره:
وكاد يحكيك صوبُ الغَيْثِ مُنْسَكبًا ... لو كَانَ طَلْقَ المُحَيَّا يمطر الذَّهَبَا
والدَّهرُ لو لم يخن والشمس لو نطقت ... واللّيث لو لم يصد والبحر لو عذبا
__________
[1] إضافة على الأصل، حيث ورد فيه: «وله كتابي» .
[2] في يتيمة الدهر 4/ 243 «دار الأستاذ» .
[3] في الأصل «إلى لقائه» .

(27/352)


وأول هذه القصيدة:
عَلَى أنْ لا أُرِيح العِيس والقتبا ... وألبس البيد [1] والظَّلماء واليَلَبَا
واترك الفؤاد معسولا مقبلها ... واهجر الكاس تغزو شربها طَرَبَا
وطفلة كقضيب البان منعطفًا ... إذا مشت وهلال العيد [2] منتقبا
تظل تنثر من أجفانها حَبَبَا [3] ... دوني وتنظم من أسنانها حَبَبَا
فأين الذين أعدُّوا المال من ملك ... ترى الذخيرة ما أعطى وما وهبا
ما اللَّيْث مختطمًا والسَّيُل مرتطمًا ... والبحر ملتطما والليل مقتربا
أمضى شبا منك أَدْهَى منك صاعقة ... أجدى يمينًا وأدنى منك مُطَّلَبا
يا من تراه ملوك الْأرض فوقهم ... كما يرون عَلَى أبراجها الشُّهُبَا
لا تكذبنّ فخيرُ القولِ أصدقُه ... ولا تهابه فِي أمثالها العربا
فما السّمول عهدًا والخليل قرى ... ولا ابن سُعدى أَمَة والشنفرى غلبا
من الْأمير بمعشار إذا اقتسموا ... مآثر المجد فيما أسلفوا نهبَا
ولا ابن حجر ولا ذبيان يعسرني ... والمازني ولا القَيْسي منتدبَا
هذا لرَكْبَته وذا لرهبته ... وذا لرغبةٍ أو ذا إذا طربا [4]
وهي من غرر القصائد لولا ما شانها بإساءة أدبه عَلَى خليل اللَّه عَلَيْهِ السلام، وما ذاك ببعيد من الكُفْر.
تُوُفِّي البديع الهَمَذَاني بهَرَاة فِي حادي عشر جُمادى الآخرة مسمومًا.
وقيل: مات بالسَّكْتة، وعُجِّل دفْنُه، وأَنَّهُ أفاق فِي قبره، وسُمِع صوتُه بالليل، وأَنَّهُ نُبِش، فوُجِد وقد قبض عَلَى لحيته من هول القبر، وقد مات، رحمه الله.
__________
[1] في الأصل «البيض» وهو خطأ.
[2] في اليتيمة «الشهر» .
[3] في اليتيمة «دررا» .
[4] في اليتيمة أربعة أبيات 4/ 276، وكذلك في سير أعلام النبلاء 17/ 768 والأولان في:
وفيات الأعيان 1/ 128 والوافي بالوفيات 6/ 358.

(27/353)


أحمد بن علي بن أحمد [1] بن محمد بْن الفرج، أَبُو بَكْر الهَمَذَاني الشافعي الفقيه، المعروف بابن لال [2] .
رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، والقاسم بْن أَبِي صالح، وعَبْد الرَّحْمَن الخلال، وموسى الفرّاء، وعَبْد اللَّه بْن أحْمَد الزَّعْفَراني من أهل هَمَذَان، وإِسْمَاعِيل الصّفّار، وعَبْد الرَّحْمَن الطيشي، وعَبْد الباقي بْن قانع، وعثمان بْن السّمّاك، وعَبْد اللَّه بْن شَوْذَب الواسطي، وعَلِيّ بْن الفضل الستوري، وجماعة بالعراق، وأَبِي سَعِيد أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْأعْرابي بمكّة، وحفص بْن عُمَر الْأردبيلي، وعَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عامر النّهاوندى، وأبى نصر محمد بن حمدويه المروزي، وأَبِي بَكْر بْن مَحْمَوَيْه العسكري، وأَبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيم القطّان.
رَوَى عَنْهُ: جَعْفَر بْن مُحَمَّد الْأبْهَرِي، ومُحَمَّد بْن عيسى بْن عبّاد الدِّينَوَرِي، وَأَبُو الفرج عَبْد الحميد بْن الْحَسَن القضاعي، وَأَبُو الفرج البَجَلي، وخلق كثير من أهل همذان، ومن الواردين عليها. وكان إمامًا ثقةً مُفْتِيا.
قَالَ شِيرَوَيْه: كَانَ ثقة، أوحد زمانه، مفتي البلد، يعني هَمَذَان، يُحْسِن هذا الشأن، لَهُ مصنّفات فِي علوم الحديث، غير أنّه كَانَ مشهورًا بالفقه، ورأيت له كتاب «السّنن» و «معجم الصحابة» ، ما رَأَيْت شيئًا أحسن منه. وُلِد سنة ثمان وثلاثمائة، وتُوُفِّي فِي سادس عشر ربيع الآخر، سنة ثمانٍ وتسعين، والدعاء عند قبره مُسْتَجَاب. وسمعت يوسف بْن الْحَسَن التفكري، سَمِعْتُ أَبَا عَلِيّ الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن بندار الفَرَضِيّ بزنْجان يقول: ما رأيت قطّ، مثل أَبِي بَكْر بْن لال، وسمعت أَبَا طَالِب الزّاهد يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيد الشكلي وأَبَا الْحَسَن بْن حُمَيْد يقولان: كثيرًا ما سمعنا أَبَا بَكْر بْن لال يَقُولُ في دعائه:
لا تحييني في سنة أربعمائة. قالا: فمات سنة تسع وتسعين.
__________
[1] تاريخ بغداد 4/ 318، 319 رقم 2123، طبقات الشافعية الكبرى 3/ 19، طبقات الشافعية للسبكى 2/ 362 رقم 1001، العبر 3/ 67، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 195، شذرات الذهب 3/ 151، الوافي بالوفيات 7/ 217 رقم 3171، الكامل في التاريخ 9/ 209، تذكرة الحفاظ 3/ 1027، طبقات الفقهاء 188، طبقات الشافعية لابن هداية الله 106، 107، سير أعلام النبلاء 17/ 75- 77 رقم 41، هدية العارفين 1/ 69، تاريخ التراث 1/ 369.
[2] ابن لآل: بلامين بينهما ألف، معناه أخرس.

(27/354)


أحمد بن محمد بْن الْحُسَيْن [1] الحافظ، أَبُو نصر الكلاباذي، وكلاباذ محلّة من بُخَارَى.
سَمِعَ: الهَيْثَم بْن الكليب الشاشي، وعَلِيّ بْن محتاج، وأَبَا جَعْفَر مُحَمَّد بْن مُحَمَّد البغدادي، وعَبْد المؤمن بْن خلف النَّسَفي، ومُحَمَّد بْن محمود بْن عنبر، وجماعة.
قال جعفر المُسْتَغْفِري بعد أن رَوَى عَنْهُ: هُوَ أحفظ مَن بما وراء النّهر اليوم فيما أعلم، ومات فِي جُمادى الآخرة، عَنْ خمسٍ وسبعين سنة.
وقَالَ الحاكم أَبُو عَبْد اللَّه: أَبُو نصر الكلاباذي الكاتب من الحُفّاظ، حَسَن الفَهْم والمعرفة، عارفٌ بصحيح الْبُخَارِيّ، وكتب ما وراء النّهر وبخُراسَان والعراق، وجدْت شيخنا أَبَا الْحَسَن الدار قطنى قد رضي فهْمَه ومعرفته، وهو متقِن ثَبْت. تُوُفِّي فِي جُمادى الآخرة، ولم يخلف بما وراء النهر مثله.
قلت: روى عنه الدار قطنى فِي كتاب «المُدَبّج» ، والحاكم، وله مصنَّف مشهور فِي أسماء رجال «صحيح الْبُخَارِيّ» وتراجمهم، وحديثه عزيز الوقوع.
أحْمَد بْن هشام بْن أُمَيّة [2] ، أَبُو عُمَر الْأمويّ القُرْطُبي.
سَمِعَ قاسم بْن أَصْبَغ، ووهب بْن مَسَرَّة، ورحل إلى المشرق، وصحب هناك أَبَا مُحَمَّد بْن أسد، وأَبَا جَعْفَر بْن عَوْن اللَّه، وأَبَا عبد اللَّه بْن مُفَرّج، وانصرف إلى الْأندلس، والتزم الْأمامة والتأديب، وانْتُدِب لأعمال البِرّ والطّاعة والجهاد.
رَوَى عَنْهُ: الخَوْلاني، وابْن الفَرَضِيّ، وجماعة، وتُوُفِّي فِي ذي الحجّة.
__________
[1] تاريخ بغداد 4/ 434 رقم 2335، العبر 3/ 67، 68، شذرات الذهب 3/ 151، تذكرة الحفاظ 3/ 1027 رقم 956 وفيه توفى سنة 378 هـ. وهو خطأ واضح، الأنساب 10/ 506، اللباب 3/ 122، وفيات الأعيان 4/ 211، طبقات الحفاظ 406، سير أعلام النبلاء 17/ 94- 96 رقم 58، هدية العارفين 1/ 69.
[2] بغية الملتمس 210 رقم 476، الصلة 1/ 13، 14 رقم 20.

(27/355)


إِبْرَاهِيم بْن محمد بن أيوب، أَبُو إِسْحَاق النيسابُوري الفقيه الواعظ.
أملى مدَّة عَنْ: أَبِي الْعَبَّاس الْأصمّ. وأقرانه،.
وتُوُفِّي فِي شعبان.
الْحُسَيْن بْن جَعْفَر بْن مُحَمَّد [1] بْن حمدان العَنَزِي الْجُرْجَاني، أَبُو عَبْد اللَّه الوَرّاق الفقيه.
طَوَّف البلادَ، وسمع أَبَا سَعِيد بْن الْأعْرابي، وخَيْثَمة الْأطْرَابُلُسِي، وإِسْمَاعِيل الصّفّار، وأَبَا الْعَبَّاس الْأصمّ.
رَوَى عنه: حمزة السَّهْمي، وسليم الرّازي، وَأَبُو مَسْعُود أحْمَد بْن مُحَمَّد البَجَلي، وآخرون.
تُوُفِّي فِي رمضان.
الْحُسَيْن بْن هارون بْن مُحَمَّد [2] ، أَبُو عَبْد اللَّه الضّبّي البغدادي.
وُلِّي القضاء بربع الكَرْخ، ثم أضيف إلى قضاء مدينة المنصور، وقضاء الكوفة.
رَوَى عَنْ: أَبِي الْعَبَّاس بْن عُقْدَة، والمَحَامِلي، وأَحْمَد بْن عَلِيّ الْجَوْزَجَاني، وأَحْمَد بْن مُحَمَّد الْأدمي المقرئ، ومُحَمَّد بْن صالح بْن زياد القُهُسْتاني، وغيرهم، وأملي عدّة مجالس.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْر البَرْقَاني، وَأَبُو القاسم التنوخي،: وَأَبُو الْحُسَيْن بْن النّقّور وجماعة،.
وكان قد ذهبت كُتُبُه، إلا جُزْءَين من سماعه من أحْمَد الْأدمي، وابْن عُقْدة. قاله الخطيب [3] . وقَالَ: أَنَا عَبْد الكريم المحاملي، أنا الدار قطنى،
__________
[1] تاريخ دمشق (مخطوط التيمورية) 10/ 427، التهذيب 4/ 289، الكامل في التاريخ 9/ 209، موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان ق 1- ج 2/ 141 رقم 478، تاريخ جرجان 200 رقم 289.
[2] تاريخ بغداد 8/ 146 رقم 3243، المنتظم 7/ 240 رقم 382، العبر 3/ 68 وفهي «الحسن» شذرات الذهب 3/ 151، الكامل في التاريخ 9/ 209، تذكرة الحفاظ 3/ 1028، سير أعلام النبلاء 17/ 96- 98 رقم 59.
[3] تاريخ بغداد 8/ 146.

(27/356)


قَالَ: القاضي أَبُو عَبْد اللَّه الضَبّي، غاية الفضل والدين، عالم بالأقضية، ماهر بصناعة المحاضر والترسُّل، موفق فِي أحواله كلّها.
وقَالَ البَرْقَاني: حُجّة فِي الحديث، وأيّ شيء كَانَ عنده من السّماع جزءان، والباقي إجازة [1] .
مات بالبصْرة فِي شوّال.
سَعِيد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه [2] بْن زهير، أَبُو عثمان الكلبي الْأندلسي.
سكن إشبيلية، وحدّث عن وهب بن مسرة، وأحمد بن مطرف، وغيرهما.
قَالَ ابن بشكوال: كَانَ صالحًا زاهدًا، مائلا إلى الآخرة، واسع البِرّ، وأَنَّهُ كثير العناية بالعِلْم، ومعاني الزُّهْد.
رَوَى عَنْهُ النّاس، وأجاز الخولانيّ في سنة ثمانٍ وتسعين، وذكر أن مولده سنة سبع عشرة وثلاثمائة.
سُلَيْمَان بْن الفتح المَوْصِلي. يُكْتَب هنا، وتقدّم فِي سنة 393.
عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد [3] ، أَبُو مُحَمَّد الْبُخَارِيّ الفقيه الشافعي، المعروف بالبافي [4] ، نزيل بغداد، تفقه عَلَى أَبِي عَلِيّ بْن أَبِي هُرَيْرَةَ المَرْوَزِي، وبرع فِي المذهب، وكان ماهرًا بالعربيّة، حاضرا البديهة، حلو النَّظْم، وهو من أصحاب الوجوه، تفقّه بِهِ جماعة.
قَالَ الخطيب: أنشدنا أَبُو القاسم التنوخي، أنشدني أبو مُحَمَّد البافي لنفسه:
__________
[1] تاريخ بغداد 8/ 147.
[2] الصلة لابن بشكوال 1/ 214 رقم 480.
[3] تاريخ بغداد 10/ 139 رقم 5282، المنتظم 7/ 240، 241 رقم 383، العبر 3/ 68، طبقات العبّادى 110، طبقات الفقهاء 102، الأنساب 2/ 47، معجم البلدان 1/ 726، اللباب 1/ 112، طبقات السبكى 3/ 3317، البداية والنهاية 11/ 340، شذرات الذهب 3/ 152، النجوم الزاهرة 4/ 219، تذكرة الحفاظ 3/ 1028، يتيمة الدهر 3/ 122، 123، طبقات ابن هداية الله 107، سير أعلام النبلاء 17/ 68، 69 رقم 37.
[4] البافي: بفتح الباء الموحّدة وفي آخرها الفاء. هذه النسبة إلى باف، وهي إحدى قرى خوارزم. (اللباب 1/ 112) .

(27/357)


ثلاثة ما اجتمعن فِي رَجُل ... إلا وأسلمنه إلى الْأجلِ
ذلّ اغترابٍ وفاقةٍ وهَوَى ... وكلّ سائق عَلَى عَجَلِ
يا عاذل العاشقين إنّك لو ... أنصفت رفهتهم عَنِ العذْلِ [1]
وقصد البافي صديقًا فلم يجده، فطلب دواةً، وكتب لَهُ:
قد حضرنا وليس يقضي التلاقي ... نسأل اللَّه خيرَ هذا الفراقِ
إن تغِبْ لم أغِبْ وإن لم تغب غبتُ ... وكان افتراقنا باتّفاقِ [2]
أثنى عليه الخطيب وقال: كان من أفقه أهل وقته فِي المذهب، بليغ العبارة مع عارضة وفصاحة، يعمل الخُطَب، ويكتب الكُتُب الطويلة، من غير روّية.
تُوُفِّي البافي، رحمه اللَّه، فِي المحرَّم.
عَبْد الواحد بْن نصر بْن مُحَمَّد [3] ، أَبُو الفرج المخزومي النَّصِيبي الشاعر، المعروف بالبَبَّغَاء، خدم سيفَ الدولة بْن حمدان.
قَالَ الخطيب: كَانَ شاعرًا مجودًا، وكاتبًا مترسِّلا، جيّد المعاني، حَسَنَ القول فِي المديح والغزل، ومن شعره:
يا من تشابه من الخَلْق والخُلُق ... فما تسافِر إلا نحوه الحذق
توريدُ دمعي من خدَّيك مختلس ... وسُقْمُ جسمي من جَفْنَيْك مُسْتَرَقُ
لم يبق لي رَمَقٌ أشكو إليك [4] بِهِ ... وإنما يتشكّى من بِهِ رمق [5]
__________
[1] زاد الخطيب بيتا في آخرها.
[2] راجع تاريخ بغداد ففيه اختلاف يسير.
[3] تاريخ بغداد 11/ 11، 12 رقم 5671، المنتظم 7/ 241- 243، رقم 386، البداية والنهاية 11/ 340، يتيمة الدهر 1/ 200- 234، وفيات الأعيان 3/ 199- 202 رقم 391، العبر 3/ 68، النجوم الزاهرة 4/ 219، الكامل في التاريخ 9/ 209، شذرات الذهب 3/ 152، 153، تذكرة الحفاظ 3/ 1028، الأنساب 2/ 70، اللباب 1/ 117، سير أعلام النبلاء 17/ 91، نزهة الجليس 2/ 319.
[4] في تاريخ بغداد: «هواك» .
[5] تاريخ بغداد، المنتظم 7/ 241، 242.

(27/358)


وله:
استودعُ اللَّه قومًا ما ذكرتهم ... إلا وضعت يدي لَهْفًا عَلَى كَبِدي
تبدّلوا وتبدّلنا [وأَخْسَرُنا ... من ابتغى خلفًا يسلى فلم يجد] [1]
طمعت ثم رَأَيْت اليأسَ أجْمل بي ... تنزُّهًا فخصمت الشوق بالْجَلَدِ
وقَالَ أَبُو مُحَمَّد الجوهري: أنشدني البَبَّغاء لنفسه، ومرة قَالَ: أنشدنا ابن الحَجَّاج.
كثير التلوّن فِي وعده ... قليل الحُنُوِّ عَلَى عَبْدِهِ
يموج الكثيب إلى رِدْفه ... وينمي القضيب إلى قدِّهِ
ولما بدا الرَوْض فِي عارضيه ... واشتعل الوردُ فِي خدِّهِ
بعثت بقلبي مستعديا ... عَلَى وجنتيه فلم تُعدِهِ
وخلَّفته عنده موثقًا ... فما لي سبيل إلى ردّه
وله:
وكأنّما نقشَتْ حوافرُ خَيْلِه ... للناظرين أهِلَّةٌ فِي الْجَلْمَدِ
وكأن طَرْفَ الشمس مطروفٌ وقد ... جُعِل الغُبارُ لَهُ مكان الإثمد
وله:
أو ليس من إحدى العجائب أنَّني ... فارَقْتُه وحَنَّيْت بعد فراقه
يا من يحاكي البَدْرَ عند تمامه ... ارْحَمْ فتًى يحكيه عند مَحاقِه
تُوُفِّي فِي شعبان سنة ثمان، ولقّبوه بالببّغاء لفضاحته، وقيل: للثْغَة فِي لسانه عُبَيْد اللَّه بْن أحْمَد بْن عَلِيّ [2] ، أَبُو القاسم الصَّيْدلاني المقرئ البغدادي.
__________
[1] ما بين الحاصرتين بياض في الأصل، والاستدراك من المنتظم 7/ 242، وفيه تقديم وتأخيره.
[2] تاريخ بغداد 10/ 378، 379 رقم 5543، المنتظم 7/ 241 رقم 384، البداية والنهاية 11/ 340 وفيه «عبد الله» ، العبر 3/ 769 شذرات الذهب 3/ 153، تذكرة الحفاظ 3/ 1028.

(27/359)


سَمِعَ [من] [1] ابن صاعد مجلسين، وهو آخر من حدّث عَنْهُ من الثّقات، قاله الخطيب.
[و] سمع أَبَا بَكْر بْن زياد النيسابُوري ومن بعده.
روى عنه: هبة الله بن الحسن اللالكائي، وَأَبُو الْحَسَن العتيقي، وخلق كثير [يطول ذكرهم] [2] .
وقَالَ العتيقي: كَانَ ثقة مأمونًا، تُوُفِّي فِي رجب، وقد جاوز التّسعين بقليل، رحمه اللَّه.
عُبَيْد اللَّه بْن عثمان بْن عَلِيّ [3] ، أَبُو زُرْعَة الصّيْدَلانِي البنّاء.
سَمِعَ أَبَا عَبْد اللَّه المَحَامِلي، ويوسف بْن البهلول.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّد الخلال، والعتيقي، وابْن المهتدي، وجماعة، ووثّقه عُبَيْد اللَّه الْأزهري.
تُوُفِّي فِي عشر التسعين.
عَلِيّ بْن أحْمَد، أَبُو الْحَسَن الهَمَذَاني البيّع، المعروف بأقلب خفّ.
رَوَى عَنْ: عَبْد الرَّحْمَن بْن حمدان، وأَبِي جَعْفَر ابن عُبَيْد الله، والفضل الكندي.
روى عنه: أبو الفرج البجلي، وأحمد بن عيسى، وجبريل بن علي البزّار.
قال شيرويه: صدوق.
علي بن عبد الملك بن عبّاس [4] ، أبو طالب القزويني النّحوىّ.
أخذ النّاس عنه العربية، [و] أبو يعلى الخليل بن عبد الله، وغيره، وقد حدّث عَنْ أَبِي الْحَسَن بْن سَلَمة القطّان.
__________
[1] إضافة على الأصل.
[2] ما بين الحاصرتين إضافة من تاريخ بغداد 10/ 379 وفي الأصل «كثير آخرهم» .
[3] تاريخ بغداد 10/ 379، 380 رقم 5545، المنتظم 7/ 241، رقم 385.
[4] بغية النحاة 2/ 78 رقم 1734.

(27/360)


عَلِيّ بْن عَبَادِل، أَبُو حفص الرُّعَيْني الْأندلسي. من كورية. أحد الزُّهّاد المتبتّلين، والعلماء الرّاسخين.
كَانَ بصيرًا بمذهب مالك، إمامًا متواضعًا، يحرث أرضه، ويحتطب، ويمتهن نفسه. محِب الفقيه مُعَوَّذ الزّاهد.
عَلِيّ بْن مُحَمَّد، أَبُو الْحَسَن النيسابُوري المقرئ المعروف بالخُبَاري، صاحب التّصنيف.
مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن حاتم الفقيه، أَبُو حاتم الطُّوسي.
رحل وسمع من إِسْمَاعِيل الصّفّار، وأَبِي بَكْر بْن راشد.
وتُوُفِّي بالطّالقان في ذي الحجة.
محمد بن أحمد بن مُحَمَّد [1] بْن إِسْمَاعِيل، أَبُو عَبْد اللَّه الْأملي.
حدّث فِي هذه السنة بجُرْجَان عَنْ أحْمَد بْن الْحَسَن بْن إِسْحَاق بْن عتبة الرّازي، نزيل مصر.
مُحَمَّد بْن مُوسَى بْن مَرْدَوَيْه [2] ، أَبُو عَبْد اللَّه الْإصبهاني، أخو الحافظ أَبِي بَكْر.
كَانَ إمامًا فِي الفقه والأصول، وتخرّج عَلَيْهِ جماعة، ومضى حميدًا سديدًا.
وروى عَنْ أَبِي عَمْرو بْن حكيم، وأَبِي الْحَسَن أحْمَد بن محمد الكناني.
محمد بن يحيى [3] ، أبو عبد الله الجرجاني الفقيه الحنفي، فلج في آخر أيامه، ودفن إلى جانب قبر أبي حنيفة، رحمه الله.
وقد روى الحديث عَنْ أَبِي أحْمَد الغطريفي، وعبد الله بن إسحاق البصري.
__________
[1] تاريخ جرجان 433 رقم 882.
[2] ذكر أخبار أصبهان 2/ 307.
[3] تاريخ بغداد 3/ 433/ 1569، الفوائد البهية 202، المنتظم 7/ 243 رقم 387، البداية والنهاية 11/ 340.

(27/361)


روى عنه: أبو نصر عبد الكريم بن محمد الشيرازي، وأبو سعد السمان الرازي.
وتفقه على أبي الحسين القدوري.
توفي في العشرين من رجب، واسم جدّه مهدي.
مفلح [1] ، أبو صالح الخادم.
ولي أمر دمشق للحاكم، مدة خمس سنين، وصرف في هذه السنة، بعلي بن فلاح.
مظفر بن نظيف [2] . روى عَنِ المَحَامِلي، وابْن مَخْلَد، وكان كذابا.
أبو سهل النيسابوري الزاهد، المعروف بالبقال.
روى عَنْ أَبِي الْعَبَّاس الْأصمّ، وأَبِي بَكْر النّجّاد، وجماعة.
ووعظ وحدّث سنين.
تُوُفِّي فِي صفر.
__________
[1] أمراء دمشق في الإسلام 86 رقم 261، ذيل تاريخ دمشق 58 و 62، اتعاظ الحنفا 2/ 46 و 48 و 71، الدرة المضية 272.
[2] تاريخ بغداد 13/ 129 رقم 7116.

(27/362)


[وفيات] سنة تسع وتسعين وثلاثمائة
أحْمَد بْن أَبِي أحْمَد [1] ، أَبُو عَمْرو الفراتي الْأسْتَوائي [2] الزّاهد الواعظ.
حدّث عَنْ أَبِي الهَيْثَم بْن كُلَيْب الشّاشي، ومُحَمَّد بْن يعقوب الْأصمّ، وجماعة.
رَوَى عَنْهُ حفيده رئيس نيسابُور أَبُو الفضل أحْمَد بْن مُحَمَّد الفراتي وغيره.
وتُوُفِّي فِي المحرَّم.
أحْمَد بْن سَعِيد بْن إِبْرَاهِيم [3] الهمذانيّ الأندلسى المعروف بابن الهندي. كان أوحد عصره فِي علم الشروط، وله فيها مصنّف.
قَالَ القاضي عياض: لم يكن بالمقبول القول، ولا بالمَرْضِيّ فِي دينه، وهو آخر من لاعَنَ زَوْجَة بالأندلس. كنيته «أَبُو عُمَر» .
رَوَى عَنْ: قاسم بْن أَصْبَغ، وابْن مَسَرَّة.
لاعن زوجته في سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة، فقيل لَهُ: مثلك يفعل هذا؟ قَالَ: أردت إحياء سُنَّةٍ.
تُوُفِّي فِي رمضان، وله تسعٌ وسبعون سنة.
__________
[1] في الأصل «أحمد بن أبى بن أحمد» .
[2] الأستوائي: بضم الألف وسكون السين المهملة وفتح التاء المنقوطة باثنتين من فوقها أو ضمّها وبعدها الواو والألف ثم الياء المنقوطة باثنتين من تحتها. نسبة إلى أستوا، ناحية بنيسابور.
(اللباب 1/ 51) .
[3] الصلة لابن بشكوال 1/ 14، 15، رقم 21، المغرب في حلى المغرب 217 رقم 147، الديباج المذهب 38.

(27/363)


أحْمَد بْن عَلِيّ بْن لال، أَبُو بَكْر الهَمَذَاني، مُخْتَلَفٌ [فِيهِ] [1] .
مرّ فِي السنة الماضية.
أحْمَد بْن عَبْد القويّ بْن جبريل، أَبُو نزار.
تُوُفِّي بمصر فِي ربيع الآخر.
أحْمَد بْن عُمَر [2] ، أَبُو بَكْر بْن البقّال، بغداديّ ثقة صالح.
رَوَى عَنْ: أَبِي بَكْر الشّافعيّ، وأَبِي عَلِيّ بْن الصّوّاف.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْر البَرْقَاني.
أحْمَد بْن عُمَر بْن مُحَمَّد بن عمر بن محفوظ القاضي، أَبُو عَبْد اللَّه الْمَصْرِيّ الجيزي.
قرأ عَلَى أَبِي الفتح أحْمَد بْن مدهن.
[و] سمع الحروف من أحمد بْن بَهْزَاد، وأَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن جامع، ومُحَمَّد بْن أحْمَد بْن منير، وأَبِي جَعْفَر بْن النّحّاس، وأَحْمَد بْن مَسْعُود الزُّبَيْرِي.
رَوَى عَنْهُ: فارس بْن أحْمَد، وَأَبُو عُمَرو الدّاني، وجماعة.
قَالَ أَبُو عَمْرو: كتبنا عَنْهُ شيئا كثيرا من القراءات والحديث.
توفّى سنة تسع وتسعين.
أحْمَد بْن أَبِي عمران الهروي [3] ، أبو الفضل الصّرّام الصّوفى المجاور بمكّة، حمل عَنْهُ المغاربة كثيرًا، وكان زاهدًا عارفا.
روى عن: محمد بن أحمد بْن محبوب المَرْوَزِي، ودَعْلَج بْن السّجزِي، وأَحْمَد بْن بُنْدار [4] ، وخَيْثَمة الْأطْرَابُلُسِي، والطَّبَرَانِي، وخلق كثير.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو يعقوب، القرّاب وَأَبُو نُعَيْم، وعلى الحنّائيّ، وأبو على
__________
[1] زيادة على الأصل للتوضيح.
[2] تاريخ بغداد 4/ 293 رقم 2054.
[3] تهذيب تاريخ دمشق 1/ 414، العبر 3/ 69، سير أعلام النبلاء- 11 ق 1/ 24 أ، موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان ق 1- ج 1/ 280 رقم 87، العبر 3/ 69، شذرات الذهب 3/ 153، مرآة الجنان 2/ 452.
[4] في الأصل «بندار السعار» .

(27/364)


الْأهوازي، وَأَبُو الفضل عَبْد الرَّحْمَن بْن أحْمَد بْن الْحَسَن الرّازي، وآخرون من الحُجَّاج والأندلسيّين.
وأخذ عن محمد بن داود الرّقّى، ووصفه الأهوازي بالحفظ.
أحمد بن محمد بن إبراهيم [1] بن بندار الإصبهاني، وهو في عَشْر التسعين.
أحمد بن محمد بن أحمد [2] بن جعفر، أبو بكر الإصبهاني القصار، الفقيه الشافعي.
روى عَنْ: أَبِي عَلِيّ بْن عاصم، وعَبْد اللَّه بْن خَالِد الرداني، وعَبْد اللَّه بْن جَعْفَر بْن فارس، ومُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن عَبَّاد البصْري، وأَبِي أحْمَد العسّال.
وكان ثَبْتًا صالحًا، كبير القدْر.
حدّث عَنْهُ: عَبْد الرَّحْمَن بْن مَنْدَه، وأخوه عَبْد الوهاب، ومُحَمَّد بْن أحْمَد بْن عَلِيّ السّمْسار. ومُحَمَّد بْن يحيى الصّفّار، وجماعة.
أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن [3] الرّازي الضّرير، ويقال لَهُ البصير، أَبُو الْعَبَّاس، وكان قد وُلِد [4] أعمى، وكان ذكيا حافظًا.
استملى عَلَى عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم، ورحل إلى خُرَاسان، وبُخَارَى، فسمع من أَبِي حامد بْن بلال، وأَبِي الْعَبَّاس الْأصمّ، وجماعة، وحدّث ببغداد، وانتخب عليه الدار قطنى، ووثّقه الخطيب.
[رَوَى عَنْهُ] [5] عَبْد اللَّه الْأزهري، ومُحَمَّد بْن عَبْد الملك بْن بِشْران، وحمد الزَّجّاج، وحميد بْن المأمون الهمذانيان، وسُلَيْم بْن أيّوب الفقيه، وجماعة من أهل الرّيّ وهَمَذَان.
__________
[1] ذكر أخبار أصبهان 1/ 161.
[2] ذكر أخبار أصبهان 1/ 169.
[3] تاريخ بغداد 4/ 435 رقم 2336، العبر 3/ 69، 70، شذرات الذهب 3/ 153، تذكرة الحافظ 3/ 1028، 1029 رقم 957.
[4] في الأصل «ولى» .
[5] ساقطة من الأصل.

(27/365)


وكان عارفًا بهذا الشّأن، وحجّ فِي هذا العام، وإن لم يكن تُوُفِّي فِيهِ، فتُوُفِّي بعده بيسير، ثم وجدتُ وفاته فِي رمضان سنة تسعٍ.
قَالَ أبو يعلى الخليلي: سَمِعْتُهُ [1] يَقُولُ: كنت أستملي لابن أَبِي حاتم.
قَالَ: وسمع من أَبِي معاوية بْن لال، ومُحَمَّد بْن الْحُسَيْن القطّان، وشيوخ مَرْو، وبِبَلْخ عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن طَرْخان البلْخي الحافظ، وبُخَارَى محمود بْن إِسْحَاق القوّاس صاحب الْبُخَارِيّ، وعَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن يعقوب.
وكان عارفًا بأحاديثه، حافظًا، وهو آخر من مات بالرّيّ من أصحاب ابن أَبِي حاتم.
قلت: ابن معاوية هُو أحْمَد بْن الحسين بْن معاوية اسم [2] أَبِي جدّه كاسم البصير.
روى عن أبى زرعة الرّازى، [و] ابن سُلَيْمَان القزاز، وجماعة.
أحمد بن محمد بن ربيع [3] بن سليمان، أبو سعيد الأصبحي الأندلسي المعروف بابن مسلمة، وهو جده لامه.
روى عَنْ: أَبِي عَلِيّ القالي، وكان لُغَوّيا إخباريا.
حدّث عَنْهُ الصاحبان، ومُحَمَّد بْن أبيض، وهو من أهل قَبْرَه [4] .
أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَبِي حامد [5] الْأنطاكي، الشاعر الملقّب بابن الرَّقَعْمَق، من أعيان شعراء زمانه، ظريف الشعر، كثير المجنون والهَجْو، مدح ملوك مصر ورؤساءها فمدح المُعِزّ، والعزيز، والحاكم، والوزير ابن كلّس.
وله فِي هذا الوزير:
قد سمعنا مقاله واعتذاره ... وأقلنا ذنبه وعثاره
__________
[1] في الأصل «سمعه» .
[2] في الأصل «اسمه» .
[3] الصلة لابن بشكوال 1/ 15، 16 رقم 23.
[4] قبره: بلفظ تأنيث القبر. كورة من أعمال الأندلس تتّصل بأعمال قرطبة من قبليّها. (معجم البلدان 4/ 305) .
[5] يتيمة الدهر 1/ 269- 295، العبر 3/ 70، شذرات الذهب 3/ 155، 156، مرآة الجنان 2/ 452.

(27/366)


والمعاني لمن عَنَيْتُ ولكنْ ... بك عَرَّضْتُ فاسمعي يا جارَهْ
من مراد بِهِ [1] أَنَّهُ أبد الدّهر ... تراه محلّلا أَزْرارَهْ
عالم أَنَّهُ عذابٌ من اللَّه ... مُبَاحٌ لاعين النَّظَارَهْ
هتك اللَّه ستْرَه فَلَكَمْ هَتَّك ... من ذي تستُّر أستارَهْ
سَحَرَتْني ألحاظه وكذا كلّ ... مليح لحاظه [2] سحّاره
لم أزل لاعدمته من حبيبٍ ... أشتهي قُرْبَهُ وآبَى نَفَارَهْ [3]
وخرج إلى المديح.
وله:
كَتَبَ الحَصِيرُ إلى السّرير ... أن الفَصِيلَ ابن البعيرْ
فلامنعنّ حمارتي ... سَنَتَيْن من عَلْفِ الشّعيرْ
لا هُمّ إلا أنْ تطير ... من الهزال مَعَ الطُّيورْ
إنّ الذين تَصَافَعُوا ... بالقَرْع فِي زمن القُشُورْ
أَسِفُوا عليّ لأنّهم ... حضروا ولم أَكُ فِي الحضُورْ
يا للرّجال تصافعوا ... فالصفعُ مفتاح السُّرورْ [4]
هُوَ فِي المجالس كالبخور ... ، فلا تملوا من بخورْ] [5]
تُوُفِّي سنة تسع وتسعين [6] .
أحْمَد بْن وليد بْن هشام [7] بْن أَبِي المفوز [8] ، أَبُو عُمَر القُرْطُبي.
عَرَضَ حرفَ نافع عَلَى أَبِي الْحَسَن الْأنطاكيّ، وأقرأ زمانا بمسجده.
__________
[1] في الأصل «نزاويه» وهو تصحيف.
[2] في الأصل «ألحاظه» .
[3] الأبيات في اليتيمة 1/ 270 بزيادة بيتين.
[4] الأبيات في اليتيمة مع أبيات أخرى (1/ 283، 284) .
[5] ما بين الحاصرتين ساقط من الأصل، واستدركناه من اليتيمة.
[6] في الأصل «تسع وتسع» .
[7] الصلة لابن بشكوال 1/ 15 رقم 22.
[8] في الأصل «الفوز» .

(27/367)


إِبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل بْن جَعْفَر [1] ، أَبُو جَعْفَر العلوي الموسَوِي المكّي القاضي،.
حدّث بدمشق عَنْ: أَبِي سَعِيد ابن الْأعْرابي، وابْن الْأجُرِّي.
وعنه: أَبُو عَلِيّ الْأهوازي، ورشأ بْن نظيف، وعَلِيّ الحنّائي، وأخوه أَبُو القاسم إِبْرَاهِيم، وآخرون.
وكان قاضي الحَرَميْن.
تُوُفِّي فِي رمضان.
جُنَادَة بْن مُحَمَّد [2] ، أَبُو أسامة الْأزدي الهَرَوِي اللُّغَوِي.
كَانَ علامة لْغَوِيًّا أديبًا، وكان بينه وبين الحافظ عبد الغنى الأزدي المصري، وأبى الْحَسَن عَلِيّ بْن سُلَيْمَان الْأنطاكي المقرئ النّحوي اتّحاد ومذاكرة وصحبة بمصر، فقتله الحاكم صبرًا، وقتل الْأنطاكي، واختفى عَبْد الغني قبلهما فِي ذي القعدة، قاله المسبِّحي [3] .
وقَالَ ابن خلّكان: كَانَ جُنَادة مُكْثِرًا من حفظ اللُّغة ونقلها، عارفًا بوحشيّها ومستعملها، لم يكن فِي زمان مثله فِيهِ [4] . رحمه اللَّه.
الْحَسَن بْن سُلَيْمَان بْن الخير [5] ، أَبُو عَلِيّ اليافعي [6] الْأنطاكي المقرئ، نزيل مصر.
قرأ القراءات عَلَى أَبِي الفتح بْن بدهن، وعَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ الْأدفوي، وعَلِيّ بْن الفرج الشنبوذى، وجماعة.
قال أبو عمر الدّاني: كَانَ من أحفظ أهل عصره للقراءات والشَّواذ، ومع ذَلِكَ يحفظ تفسيرًا كثيرًا، ومعانيَ جمّة، وإعرابا، وعللا، يسرد ذلك
__________
[1] تهذيب ابن عساكر 2/ 200.
[2] معجم الأدباء 7/ 209، وفيات الأعيان 1/ 372 رقم 143، بغية الوعاة 1/ 488، 489 رقم 1011، إنباه الرواة 3/ 112.
[3] اتعاظ الحنفا 2/ 81.
[4] العبارة في (وفيات الأعيان 1/ 372) : «لم يكن في رفعه مثله في فنه» .
[5] تهذيب ابن عساكر 4/ 185- 187.
[6] في الأصل «النافع» ، والتصحيح من ابن عساكر.

(27/368)


سَرْدًا، ولا يَتتعْتَع. جلست إِلَيْهِ، وسمعت منه، وكان يُظْهِر مذهب الرّافضة، بسبب الدولة، شاهدت ذَلِكَ منه، وذاكرت بِهِ فارس بْن أحْمَد، وكان لا يرضاه فِي دينه.
وقيل: كَانَ يُؤدِّب أولاد الوزير ابن حَنْزَابَة.
قلت: كَانَ مُداخِلا للدولة العُبَيْديّة، فسلّط عَلَيْهِ الحاكم قتله فِي آخر السنة [1] .
الحَسَن بْن عَلِيّ بْن أحْمَد [2] بْن سُليمان، أَبُو عَلِيّ البغدادي التّاجر الشطرنجي، نزيل إصبهان. كَانَ جدّه سُلَيْمَان بْن عَلِيّ يَرْوِي عَنْ هشام بْن عُبَيْد اللَّه الرّازي.
رَوَى أَبُو عَلِيّ عَنْ: أَبِيهِ، وعن أَبِي القاسم هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أخي أَبِي زُرْعَة، وأَحْمَد بْن مُوسَى بْن إِسْحَاق الْأنْصَارِيّ، والْحَسَن بْن عَلِيّ الهَمَذَاني، والفضل بن الخصيب الْإصبهاني.
رَوَى عَنْهُ جماعة، منهم محمود بْن جَعْفَر الكَوْسَج، وطلحة بْن أحْمَد القصّار، وعَبْد الرَّحْمَن بْن مَنْدَه، وابْن شُكْرَوَيْه.
تُوُفِّي فِي رجب، وله أربعٌ وتسعون سنة، وكان أسند من بقي بإصبهان، رحمه اللَّه. وهم بيت حديث بإصبهان.
انتقى لَهُ الحافظ ابن مَرْدَوَيْه عشرة أجزاء.
ومن شيوخه: أَبُو أُسَيْد أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أُسَيْد، والْحَسَن بْن عَلِيّ بْن أَبِي الحنّاء الهَمَذَاني الكِسائي، وأَحْمَد بْن محمد اللّبناني.
الحسن بْن مُحَمَّد الغِنْجَرْدي الْأديب الهَرَوِي، يَرْوِي عَنْ أَبِي عَلِيّ الرّفّاء وغيره.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو الْحَسَن الداودي.
الْحُسَيْن بْن حيدرة [3] ، أَبُو الخطّاب الداوديّ الطّاهرى الشاهد.
__________
[1] اتعاظ الحنفا 2/ 80.
[2] ذكر أخبار أصبهان 1/ 274، تذكرة الحفاظ 3/ 1029.
[3] المنتظم 7/ 244 رقم 389، تاريخ بغداد 8/ 40 رقم 4095.

(27/369)


تُوُفِّي ببغداد، وكان ثقة.
رَوَى عَنْ: المَحَامِلي، ويوسف الْأزرق.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّد الخلال.
حَكَمُ بْن مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل [1] ، أَبُو العاصي السالمي السِّرَقُسْطي.
رَوَى عَنْ: الْحَسَن بْن رشيق المصري، وكان صالحا زاهدا يوم جامع سَرَقُسْطَة.
رَوَى عَنْهُ: وضّاح بْن مُحَمَّد السِّرَقُسْطي.
حَمْد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد، أَبُو عَلِيّ الرّازي الْإصبهاني.
سَمِعَ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي مُحَمَّد، وغيره، وأَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن معاوية الرّازي.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو يَعْلَى الخليلي، وسُلَيْم الرّازي، وآخرون.
تُوُفِّي فِي هذا العام، أو فِي حدوده.
قَالَ سليم: توفّى فيها، أو في سنة أربعمائة، وكتب عنه الدار قطنى، وقَالَ: من شيوخ الرّيّ وعُدُوله.
خلف بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد [2] بْن اللَّيْث، أمير سجِسْتان، وابْن أميرها.
كَانَ أوْحَد الملوك فِي إجلال العِلْم، والإفضال عَلَى العلماء.
سَمِعَ عَلِيّ بْن بُنْدَار الصُّوفِي، ومُحَمَّد بْن عَلِيّ الماليني، صاحب عثمان الدّارمي، وبالحجاز عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد الفاكهي، وببغداد أَبَا عَلِيّ بْن الصّوّاف.
وكان مولده سنة ستّ وعشرين وثلاثمائة.
رَوَى عَنْهُ: الحاكم مَعَ جلالته، وَأَبُو يَعْلَى الصّابونى، وانتخب له الدار قطنى.
__________
[1] الصلة لابن بشكوال 1/ 148 رقم 334.
[2] العبر 3/ 770 شذرات الذهب 3/ 156، الأنساب 7/ 44، تاريخ العتبى 1/ 96، 351، 352- 360، 368- 382، معجم البلدان 3/ 192، الكامل في التاريخ 8/ 563، 564 و 9/ 82- 84 و 172، 173، اللباب 2/ 105، سير أعلام البلاء 17/ 116- 818 رقم 76.

(27/370)


وتُوُفِّي شهيدًا فِي الحبْس ببلاد الهند، رحمه اللَّه، في قبضة ابن سُبُكْتِكين، وكان محمود فِي سنة ثلاثٍ وتسعين قد نازله وحاصره، واستنزله بالأمان من قلعته، ووجَّهه إلى بلاد الْجَوْزَجَان فِي هيئة ووُفُور رَهْبة.
ثم بلغ السلطان عَنْهُ بعد أربع سنين من ذَلِكَ، أَنَّهُ يكاتب ايلك خان الَّذِي استولى عَلَى بُخَارَى، فضيّق عَلَيْهِ السّلطان بعض الشيء، إلى أن مات فِي رجب، وورِثَه ولده أَبُو حفص [1] .
وكان خَلَف مَغْشِيَّ الجناب من النّواحي، لسماحته وأفضاله، ومدحته الشُّعراء. وكان قد جمع العلماء عَلَى تأليف تفسير كبير، لم يغادر فِيهِ شيئًا [2] .
من أقاويل القرّاء والمفسّرين والنُّحاة، ووشَّحه بما رَوَاهُ من الثّقات.
قَالَ أَبُو النّصر فِي كتاب «اليميني» : بلغني أَنَّهُ أنفق عليهم فِي جُمعة عشرين ألف دينار، والنسخة بِهِ بنيسابُور، وهي تستغرق عُمْر الكاتب.
أخبرني أَبُو الفتح البُسْتي، قَالَ: عملت فِيهِ أبياتًا، لم أُبلّغها إيّاه، ولكنّها سارت واشتهرت، فلم أشعر إلّا بصرّة منه، فيها ثلاثمائة دينار، بعثها.
والأبيات، هِيَ هذه الثلاثة:
خَلَفُ بْن أحْمَد الْأخلافِ ... أَرْبى [3] بسؤدَده عَلَى الْأسْلافِ
خَلَفُ بْن أحْمَد فِي الحقيقة واحدٌ ... لكنّه مُرْبٍ عَلَى الْألافِ
أضْحى لآل اللَّيْث أعلام الوَرَى ... مثل النَّبِيّ لآل عَبْدِ مَنَافِ
وقد مدحه البديع الهَمَذَاني وغيره، وقد حكم عَلَى مملكة سِجِسْتان دهرًا، وعاش خمسًا وثمانين، رحمه اللَّه [4] .
وفيه يَقُولُ الثَّعَالِبي:
من ذا الَّذِي لا يذلّ الدّهْر صَعْبَتَهُ ... ولا تُلِينُ يد الْأيّام صَعْدَتَهُ
أما ترى خَلَفًا شيخَ الملوك غَدَا ... مملوك من فتح العذراء بكرته
__________
[1] الكامل في التاريخ 9/ 172، 173.
[2] في الأصل «شيء» .
[3] في الأصل «أذرى» .
[4] زاد بعضها «أربعا وسبعين سنة» .

(27/371)


طاهر بْن عَبْد المنعم بْن عُبَيْد اللَّه [1] بْن غَلْبُون، أَبُو الْحَسَن الحلبي، ثم الْمَصْرِيّ المقرئ، مصنّف «التذكرة فِي القراءات» ، وغير ذَلِكَ.
كان من كبار المقرءين هُوَ وأبوه أَبُو الطّيّب.
قرأ عَلَى والده، وعلى أبى عدىّ عَبْد العزيز بْن علي الْمَصْرِيّ بمصر، وعلى أَبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن صالح الهاشمي بالبصرة، وهو من أصحاب الْعَبَّاس الْأشناني، وقرأ بالبصرة أيضًا عَلَى أَبِي الْحَسَن مُحَمَّد بن يوسف بن نهار الحرتكى [2] صاحب ابن ثَوْبان [3] ، وتصدّر للإقراء.
عَرَض عَلَيْهِ: أَبُو عَمْرو الدّاني، وإِبْرَاهِيم بْن ثابت الإقليسي، وروى عَنْهُ كتاب «التذكرة» . أَبُو الفتح بْن بابشاذ، ومُحَمَّد بْن أحْمَد بْن عَلِيّ القِزْوِيني، وغيرهما.
عَبْد اللَّه بْن بَكْر [4] بْن مُحَمَّد، أَبُو أحْمَد الطَّبَرَانِي الزّاهد، نزيل أكواخ بانياس.
حدّث عَنْ خَيْثَمة، وابْن الْأعْرابي، وأَحْمَد بْن زكريّا المقدسي، وعثمان بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد السَّمَرْقَنْدِيّ، وجُمح بْن القاسم الدمشقي، وخلق كثير.
رَوَى عَنْهُ: تمّام الرّازي، ووثّقه، وعَلِيّ بْن مُحَمَّد الرَّبْعِي، وأحمد بن رواد العكّاوي، وَأَبُو عَلِيّ الْأهوازي، ومُحَمَّد بْن عَلِيّ الصوري الحافظ، وقَالَ: كَانَ ثقةً، ثبْتًا، مُكْثِرًا.
حكى عنه الدار قطنى.
وقَالَ عَبْد العزيز الكتّاني: كَانَ ثقة يتشيع.
__________
[1] غاية النهاية 1/ 339، تذكرة الحفاظ 3/ 1029، العبر 3/ 70، 71، الوافي الوفيات 16/ 404، 405 رقم 437، حسن المحاضرة 1/ 233، معرفة القراء الكبار 1/ 397 رقم 47.
[2] الحرتكى: هكذا في الأصل بالحاء المهملة، وأثبته في الوافي «الجرتكى» .
[3] في الوافي «بويان» .
[4] تاريخ دمشق (مخطوط التيمورية) 20/ 163، موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان- ق 1- ج 3/ 172 رقم 853، وهو في تاريخ دمشق «بكير» ، المنتظم 7/ 244، 245 رقم 390، البداية والنهاية 11/ 341.

(27/372)


قلت: رحل إلى العراق سنة تسعٍ وأربعين.
عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن نصر [1] بْن أبيض الْأمويّ، أَبُو الْحَسَن الطُّليْطِلي النَّحْوِيّ الحافظ، نزيل قُرْطُبَة.
رَوَى عَنْ أَبِي جَعْفَر بْن عَوْن اللَّه، وعبّاس بْن أَصْبَغ، وعَلِيّ بْن مصلح، وأجاز لَهُ تميم بْن مُحَمَّد القيرواني، ومُحَمَّد بْن القاسم بْن مَسْعَدَة.
وعُنِيَ بالحديث وجمعه، جمع كتابًا فِي الرّدّ عَلَى مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن مَسَرَّة، وهو كتاب كبير حفيل.
رَوَى عَنْهُ: القاضي أَبُو عُمَر بْن سميق، وحكم بْن مُحَمَّد، وَأَبُو إِسْحَاق، وَأَبُو جَعْفَر الصّاحبان.
وكان مولده سنة تسعٍ وعشرين وثلاثمائة.
توفّى سنة تسع أو سنة أربعمائة.
عَبْد الرَّحْمَن بْن الحاجب المنصور [2] أَبِي عامر محمد بن عبد الله بن أبي عامر القحطاني الْأندلسي، المعروف بشنشول [3] ، والملقَّب بالنَّاصر.
لمّا تُوُفِّي المُظَفَّر عَبْد الملك بْن أَبِي عامر، وُلِّي بعده أخوه هذا، وافتتح أموره باللَّهو والخلافة واللّعب، وكان يخرج إلى النُّزَه ويتهتّك، وهشام المؤَيَّد باللَّه عَلَى عادته التي قرّرها المنصور، من الاحتجاب غالبًا، فدسّ هذا عَلَى المؤَيَّد قومًا خوّفوه منه، وأعلموه أَنَّهُ عازم عَلَى قتله إنْ لم يُوَلِّه عهدَه، ويجعله الخليفة من بعده، ثم أمر شنشول [3] القاضي والفقهاء والكبار المثول إلى القصر الَّذِي بالزَّهراء [4] ، وهو قصر يُقَصِّر الوصف عَنْهُ، فأحضر المؤَيَّد، وأخرج كتابًا قُرئ بحضرته، كتبه عَمْرو بْن موبذ، بأنّ المؤَيَّد قد خلع نفسه، واستخلف عَلَى الْأمَّة النّاصر عَبْد الرَّحْمَن، لِعِلْمه بأهليّته فِي كلام طويل، فشهد من حضر بذلك عَلَى المؤَيَّد فِي ربيع الأوّل، سنة تسع وتسعين وثلاثمائة.
__________
[1] الصلة لابن بشكوال 1/ 247 رقم 559.
[2] البيان المغرب 3/ 38- 56، المغرب في حلى المغرب 213 رقم 141، تاريخ ابن خلدون 4/ 148، نفح الطيب 1/ 277.
[3] كذا في الأصل، وفي البيان المغرب «شنجول» .
[4] في البيان المغرب «الزاهرة» .

(27/373)


ثم أخذ شنشول فِي التَّهَتُّك والفِسْق، وكان زيُّه زيّ أصحاب الشُّعُور المكشوفة، فأمر أصحابه بحلْق الشعر، وشدّ العمائم، تشبُّهًا ببني زِيرِي، فبقوا أَوْحَشَ ما يكون وأسمجه، لأنّهم لَفُّوا العمائم بلا صنعة، فبقوا ضحكةً.
ثم سار غازيا نحو طُلَيْطِلة، فاتّصل بِهِ أنّ مُحَمَّد بْن هشام بْن عَبْد الجبّار قام بقُرْطُبَة، وهدم الزَّهْراء، وقام معه ابن ذكوان القاضي، لأنّ النّاصر فوّض الْأمور إلى عيسى بْن سَعيد الوزير، فعظم ذَلِكَ عَلَى ابن ذكوان، ودب إِلى إفساد رجال عيسى، وذكر فساد رأي المؤَيَّد هشام، وخلعه نفسه، وتوليته شنشول، وتصديقه بما لا يجوز، من جمْع البقر البلق، وإعطائه الْأموال والجوائز، لمن أتاه بحافر حمار، يدّعي أَنَّهُ حافر العزيز، ومن يأتيه بحجر، يَقُولُ: هذا من الصَّخْرة، وناس يأتونه بشَعْر، يقولون: هذا مِنْ شَعْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهذا الَّذِي أوجب طمع شنشول.
وقيل: لهذا السّبب كَانَ المنصور أَبُو عامر يُخْفيه عَنِ النّاس.
ثم أنفق ابن عَبْد الجبّار الذَّهَبَ فِي جماعة من الشُّطَّار، فاجتمع له أربعمائة رَجُل، وأخذ يرتّب أُموره فِي السّر. فلما كانت ليلة الْأحد ثاني عشر جُمادى الآخرة، من سنة تسعٍ، جمع والي المدينة العَسَسَ، وطاف بهم.
وهجم الدُّور، فلم يقع لَهُ على أثر، ثم ركب ابن عَبْد الجبّار بعد أيام بغلته، وقت الزَّوال وصرخ أصحابه، وقصد دار الوالي، فقطع رأسه، وتملّك الزَّهْراء، فخرج إلى جَوْذَر الكبير، فَقَالَ لَهُ أَيْنَ المؤَيَّد أَخْرِجْه، فقد أذلّ نفسه، وأذلَّنا بضعفه عَنِ الخلافة، قَالَ: فخرج إِلَيْهِ يَقُولُ: يؤمّنني وأخرج إِلَيْهِ، قَالَ: إنّي إنّما قمت لأزيل الذُّلَّ عَنْهُ، فإنْ خلع نفسه طائعًا، فليس لَهُ عندي إلا ما يحبّ، قَالَ لَهُ جوذر: قد أجابك إلى ذَلِكَ، فأرسلوا إلى ابن الكوهي الفقيه، وابْن ذكوان القاضي، والوزراء، وأهل الشُّورَى، فدخلوا عَلَى هشام، فكتب كتاب الخَلعْ، وعقد الْأمر لمحمد المذكور، ثم ضَعُفَ أمرُ شنشول، فظفر بِهِ ابن عَبْد الجبّار، فذبحه فِي أثناء هذه السنة، وطيف برأسه.
ومن تاريخ ابن أَبِي الفيّاض قَالَ: خُتِن شنشول في سنة ثمانين [1]
__________
[1] في الأصل «سنة ثمانين 3» ، ولعلّ المراد سنة 383 هـ.

(27/374)


فانتهت النّفقة في ختانته إلى خمسمائة ألف دينار، وهو ابن ثماني سنين، وخُتِن معه خمسمائة وسبعون صبيًّا.
عَبْد الملك بْن الحاجب المنصور [1] محمد بن عبد الله بن أبي عامر المَعَافِرِي الْأندلسي، أَبُو مروان الملقّب بالمظفّر.
قام بعد أَبِيهِ بإمرة الْأندلس بين يدي خليفة الْأندلس، المؤَيَّد باللَّه هشام بْن المستنصر الْأمويّ، وجرى فِي الْأمور مجرَى والده، فكان هُوَ الكلّ، والمؤَيَّد معه صورة بلا حلّ ولا ربط.
ومات المُظَفَّر فِي هذه السنة، وقيل: سنة ثمانٍ وتسعين، والصّحيح فِي سابع عشر صفر، سنة تسعٍ هذه.
وقَالَ عَبْد الواحد بْن عَلِيّ المراكشي: دامت أيَّامه فِي الْأمن والخصْب سبْع سنين.
قَالَ ابن أَبِي الفيّاض: كَانَ المُظَفَّر بْن المنصور ذا سَعْدٍ عظيم وكان من فرْط الحياء فِي غايةٍ، ما سُمِع بمثلها، ومن الشجاعة فِي منزلةٍ لم يُسْبَق إليها.
وكان بَرًّا تقيًّا، طاهر الْجَيْب، حتى أَنَّهُ لم يحلف باللَّه، وكان يرى أَنَّهُ من حلف باللَّه وحَنَثَ أَنَّهُ لا كَفَّارة لَهُ، ويراه من العظائم.
وقَالَ غيره: إنّ المُظَفَّر غزا [2] ثمان غزوات، وعاش ستًا وثلاثين سنة.
وثارت الفتن بعد موته، وقام بالأمر بعده أخوه عَبْد الرَّحْمَن المذكور فِي هذه السنة، ويلقَّب بالنّاصر، ويسمّى وليّ العهد، فاضطَّربت أحواله، وقام عَلَيْهِ مُحَمَّد بْن هشام بْن عَبْد الجبّار، بْن النّاصر لدين اللَّه الْأمويّ، فخذلت الجيوش عَبْد الرَّحْمَن، فقُتِل وصُلِب فِي جُمادى الآخرة سنة تسعٍ وتسعين، وخلعوا المؤَيَّد باللَّه من الخلافة، وبويع مُحَمَّد بْن هشام، ويلقّب المهتدي، ثم قتل سنة أربعمائة، في أواخرها، وردّ المؤيّد.
__________
[1] البيان المغرب 3/ 36، 37، المغرب 212، 213 رقم 140، بغية الملتمس 361، نفح الطيب 1/ 276، تاريخ ابن خلدون 4/ 148، الذخيرة لابن بسّام- مجلّد 1/ ق 4/ 58.
[2] . في الأصل «غزي» .

(27/375)


عَبْد الواحد بْن أحْمَد بْن إِسْمَاعِيل [1] بْن عَوْف، أَبُو القاسم المُزَني الدمشقي الشّاهد.
حدّث عَنْ خَيْثَمة، ومُحَمَّد بْن سُلَيْمَان بْن حَيْدَرة، وأبى المعمّر حسين بن مُحَمَّد المَوْصِلي.
رَوَى عَنْهُ: علي بْن مُحَمَّد الحنائي، وعَلِيّ الرّبعيّ.
عليّ بْن الحافظ أَبِي سعيد عبد الرحمن [2] بن أحمد بن يونس بْن عَبْد الْأعلى الصَّدفيّ الْمَصْرِيّ، أَبُو الْحَسَن.
رَوَى عَنْ: مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن أَبِي الحديد، عَنْ جدّهم يونس.
رَوَى عَنْهُ: الفضل بْن صالح الرُّوذَبَارِي، أحد مشيخة الرّازي.
تُوُفِّي فجأةً فِي شوّال.
قلت: ولا تحلُّ الرواية عنه، فإنّه منجّم، وهو صاحب الزّيج الحاكمي، صنّفه فِي أربع مجلّدات. قاله ابن خلّكان [3] ، وقَالَ: ما أقصر فِي تحريره، وله نظْم رائق، وقَالَ: قَالَ المسبّحي: أخبرني من رَأَى ابن يونس، فطلع معه إلى المُقَطَّم، فوقف للزُّهْرة، فنزع ثيابه، ولبس ثوبًا أحمر، ومقنَّعة حمراء، وأخرج عودًا، فضرب بِهِ، والبُخور بين يديه، فكان عَجَبًا من العَجَب.
قَالَ المسبّحي: وكان أَبْلَهَ مُغَفَّلا، يعتمّ عَلَى طَرْطُورٍ طويل، ويجعل رداءه فوق العمامة، وكان طَوالا، فإذا ركب بقي ضِحْكَةً، وله إصابة بديعة فِي النِّجامة.
كَانَ القاضي مُحَمَّد بْن النُّعْمَان قد عَدَّله وقَبِلَه فِي سنة ثمانين.
قلت: القاضي والسّلطان أنجس منه.
__________
[1] تاريخ دمشق (مخطوط التيمورية) 11/ 201 و 25 و 25/ 50، 51 و 37/ 605 و 38/ 153، موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان في 1- ج 3/ 244 رقم 948.
[2] البداية والنهاية 11/ 341، 342، مرآة الجنان 2/ 451، 452، شذرات الذهب 3/ 156، 157، طبقات صاعد 59، وفيات الأعيان 3/ 439- 431 رقم 488، أخبار الحكماء 230، تاريخ الفلك لنلّينو 186 و 281، تراث لعرب العلمي لقدرى طوقان 243- 248.
[3] وفيات الأعيان 3/ 429 وقد اختصر المؤلّف روايته.

(27/376)


عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن الخضر القِزْوِيني. يَرْوِي عَنْ أَبِي الْحَسَن القطّان وغيره.
فضل [1] [بْن عد اللَّه بْن صالح، أَبُو الفتوح] [2] . إِلَيْهِ تُنسب مُنْيَة [3] القائد.
القائد الْمَصْرِيّ، من كبار قوَّاد العزيز. قرّبه الحاكم وأدناه، ثم نَقَم عَلَيْهِ، وضرب عُنُقَه فِي ذي القعدة، لم يظهر منه جزع، وكان شجاعًا، جوادًا، ممدَّحًا، نبيلا، من وجوه الدولة.
وإليه تُنْسَب مُنَيَة القائد [3] . فضل، [وهي] [4] بُلَيْدة من أعمال الجيزة، قِبالةَ مصر.
قَسِيم بْن أحْمَد بْن مطير [5] ، أَبُو القاسم الظهراوي الْمَصْرِيّ، شيخ مُسِنٌّ.
قرأ القرآن عَلَى جَدّه لامّه عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن الظهراوي صاحب أَبِي بَكْر بْن سيف، وكان محقِّقًا لرواية وَرْش، خيِّرًا فاضلا.
أثنى عَلَيْهِ أَبُو عَمْرو الدّاني، وقَالَ: كَانَ من ساكني قرية أَبِي البَيس [6] ، وكان يُقْرئ بها وأنا بمصر.
تُوُفِّي فِي سنة ثمانٍ [أ] [7] وتسعٍ وتسعين.
مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن عَلِيّ [7] بْن حسين، أَبُو مُسْلِم البغدادي الكاتب، نزيل مصر.
رَوَى عَنْ أَبِي القاسم البَغَوي، وأَبِي بكر بن أبى داود، وابن صاعد،
__________
[1] وفيات الأعيان 7/ 34، 35 رقم 371.
[2] ما بين الحاصرتين ساقط من الأصل، استدركناه من (اتعاظ الحنفا) انظر فهرس الأعلام 3/ 408.
[3] في الأصل: «إليه ينسب منبه القائد» ، وذلك في الموضوعين.
[4] إضافة على الأصل للتوضيح.
[5] معرفة القراء الكبار 1/ 384 رقم 319، غاية النهاية 2/ 27، حسن المحاضرة 1/ 492.
[6] قرية أبى البيس، هي: بليس، كما في: (غاية النهاية 2/ 27) .
[7] تاريخ بغداد 1/ 323 رقم 223، تذكرة الحافظ 3/ 1029، العبر 3/ 71، مرآة الجنان 2/ 245، البداية والنهاية 11/ 341 وفيه «محمد بن على بن الحسين» ، شذرات الذهب 3/ 156، المنتظم 7/ 245 رقم 391.

(27/377)


وأبي بَكْر بْن دُرَيْد، وأَبِي بَكْر بْن مجاهد، وأَبِي بَكْر بْن الْأنباري، وأَبِي عيسى ابن قَطَن وسعيد بْن مُحَمَّد أخي زُبَير الحافظ، وأَبِي عَلِيّ مُحَمَّد بْن سَعِيد الحَرَّاني، وأَبِي عَلِيّ الحضائري الدمشقي، وأَبِي إِسْحَاق بْن أَبِي ثابت، وسمع بالقَيْروَان فِي حدود الْأربعين أو بعدها، من أَبِي القاسم زياد بْن يونس..
وتفرّد فِي الدُّنيا بالرواية عَنْ: البَغَوي، وجماعة.
رَوَى عَنْهُ: الحافظ عَبْد الغني، وَأَبُو عَمْرو الدّاني، ورشأ بْن نظيف، وَأَبُو عَلِيّ الْأهوازي، وأَحْمَد بْن بابشاذ الجوهري، وَأَبُو الفضل بْن بُنْدَار، وَأَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن مكّي، ومُحَمَّد بْن أَبِي عَدِيّ السَّمَرْقَنْدِيّ ثم الْمَصْرِيّ، والشريف أَبُو إِبْرَاهِيم أحْمَد بْن القاسم بْن ميمون الحسيني، وعليّ بْن بقاء الوَرّاق، والقاضي أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن سلامة القُضَاعي، وخلق سواهم.
قَالَ الخطيب [1] : قَالَ لي الصُّورِي: بعض أُصول أَبِي مُسْلِم عَنِ البَغَوي وغيره جِياد.
قلت: فكيف حاله من حال ابن الجندي؟ فَقَالَ، قد اطّلع منه عَلَى تخليط، وهو أمثل من ابن الجندي. حدثني وكيل أَبِي مُسْلِم، وكان محدّثًا حافظًا، يقال لَهُ أَبُو الْحُسَيْن العطّار قَالَ: ما رَأَيْت فِي أصول أَبِي مُسْلِم عَنِ البَغَوي شيئًا صحيحًا، غير جُزْء واحدٍ، كَانَ سماعه فِيهِ صحيحًا، وما عداه كَانَ مفسودًا.
وقَالَ أَبُو إِسْحَاق الحبّال: تُوُفّي فِي ذي القعدة.
مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد [2] بْن خَلَف، أَبُو الْحُسَيْن الرَّقّي المَقْبُرِيّ ابن الفحّام، ويعرف بابن أَبِي العميري، نزيل دمشق.
قرأ القرآن عَلَى زيد بْن أَبِي بلال الكوفي، وحدّث عَنِ النّجّاد، وعثمان بْن مُحَمَّد المقرئ، وجعفر بن الخلدى، وجماعة.
__________
[1] تاريخ بغداد 1/ 323.
[2] تاريخ دمشق (مخطوط التيمورية) 36/ 280، موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان- ق 1- ج 4/ 101 رقم 1304.

(27/378)


رَوَى عَنْهُ: عَلِيّ بْن مُحَمَّد الحنّائي، وأخوه إِبْرَاهِيم، وَأَبُو عَلِيّ الْأهوازي، وَأَبُو الفرج عُمَر بْن عَبْد اللَّه الرّقّي، وحمزة بْن مُحَمَّد الطُّوسي.
قَالَ أَبُو عَمْرو الدّاني: كَانَ زاهدًا فاضلا متقشّفا.
وقال ابن الْأهوازي: كَانَ يُرْمَى بالتشيّع. تُوُفّي فِي ربيع الأوَّل.
مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه [1] بْن سَعِيد، أَبُو عَبْد اللَّه الْأمويّ القُرْطُبي بْن العطّار الفقيه المالكي، المتّجر فِي الفقه.
رَوَى عَنْ: أَبِي عيسى اللَّيْثي، وأَبِي بَكْر بْن القُوطِيّة، وسعيد بْن أحْمَد بْن عَبْد ربّه، وحجّ فذاكر أَبَا مُحَمَّد ابن زيد وناظره،.
وكان حافظًا متيقّظًا، أديبًا، شاعرًا، ذكيًّا، نحْوِيا، بصيرًا بالفتوى، عارفًا بالفرائض، والحساب، واللُّغة، والإعراب، رأسًا فِي الشُّرُوط وعِلَلها، مدقّقًا لمعانيها، لا يجاريه فيها أحد [2] ، صنّف فيها كتابًا حسنًا، وجرت لَهُ مَعَ فقهاء قُرْطُبَة خُطُوب طويلة، وأخبار مشهورة.
كتب عَنْهُ جماعة من الفضلاء. وولد سنة ثلاثين وثلاثمائة، وتُوُفِّي فِي ذي الحجّة، وكان الْجَمْع فِي جنازته عظيمًا، وانتاب قبرَه طُلاب العِلْم أيّامًا، وقرءوا عَلَى قبره خَتْمات.
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بْن يحيى [3] الْأندلسي. رحل وسمع من أَبِي قُتَيْبَة مُسْلِم بْن الفضل، وأَبِي بَكْر بْن خروف.
رَوَى عَنْهُ الصّاحبان، قالا: مات فِي رجب.
مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عيسى [4] بْن مُحَمَّد المُرِّي الإمام، أَبُو عَبْد اللَّه الْألْبِيري المعروف بابن أبى زمنين، نزيل قرطبة.
__________
[1] الصلة لابن بشكوال 2/ 484، 485 رقم 1048.
[2] في الأصل «أحدا» .
[3] الصلة لابن بشكوال 2/ 485 رقم 1049.
[4] الصلة لابن بشكوال 2/ 482- 484 رقم 1047، تذكرة الحفاظ 3/ 1029، العبر 3/ 71، شذرات الذهب 3/ 156، الوافي بالوفيات 3/ 321 رقم 1374، جذوة المقتبس 53، بغية الملتمس 77، 78، طبقات المفسرين للسيوطي 34، الديباج المذهب 269- 271، إيضاح المكنون 1/ 424، معجم المؤلفين 10/ 229، 230، ترتيب المدارك 4/ 672-

(27/379)


سَمِعَ ببَجَّانَة [1] من سَعِيد بْن فَحْلُون، فقرأ عَلَيْهِ «مختصر» ابن عَبْد الحكم، وسمع بقُرْطُبَة من مُحَمَّد بْن معاوية القُرَشي، وأَحْمَد بْن المُطَرِّف وأَحْمَد بْن الشامة، وكان عارفًا بمذهب مالك، بصيرًا بِهِ، وسمع أيضًا من وهب بْن مَسَرَّة، وتفقه عند إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم الطّليطلى.
وكان من الرّاسخين فِي العِلْم، متفننًا فِي الْأدب والشعر، مُقْتَفِيا لآثار السَّلَف.
لَهُ مصنَّفات فِي الرَّقائق والزُّهْد، وشعر رائق، مَعَ زُهْد ونُسُك وصِدْق لَهْجَة، وإقبال عَلَى الطاعة، ومُجَانَبَةٍ للسلطان، وسئل: لِمَ قِيلَ لكم: بنو زمنين؟ فلم يعرف. وقَالَ: كنت أهاب أَبِي، فلم أسأله، ثم فِي آخر عمره انتقل إلى إلْبِيرَة فسكنها.
ولد في سنة أربع وعشرين وثلاثمائة، أو فِي آخرها. وتُوُفِّي عَلَى الصحيح سنة تسعٍ وتسعين فِي ربيع الآخر.
وله كتاب «المُغْرِب فِي اختصار المُدَوَّنَة» لَيْسَ فِي مختصراتها مثله، وكتاب «مَنْتَخَبُ الْأحكام» الَّذِي سار فِي الْأفاق، وكتاب «الوثائق» ، وكتاب «المُذَهَّب فِي الفقه» وكتاب «مختصر تفسير ابن سلام» وكتاب «حياة القلوب» فِي الزُّهْد، وكتاب «أُنْسُ المُرِيدين» وكتاب «النصائح المنظومة» من شعره، وكتاب «أدب الْإسلام» وكتاب «أُصُول السُّنَّة» وكتاب «قدوة القارئ» .
ومن شعره:
الموتُ فِي كلّ حينٍ ينشُرُ الكَفَنَا ... ونحن فِي غفلة عَمَّا يُرادُ بنا
لا تطمئن إلى الدُّنيا وزُخْرُفِها ... وإن توشَّحْتَ من أثوابها الحَسَنَا
أَيْنَ الْأحِبَّةُ والجيرانُ ما فَعَلُوا ... أَيْنَ الذين هُمُ كانوا لنا سَكَنَا
سقاهُمُ الدَّهْرُ كأْسًا غيرَ صافيةٍ ... فصيّرتهم لأطباق الثّرى رهنا
__________
[ () ] 674، طبقات المفسّرين للداوديّ 2/ 161، تذكرة النوادر 20، برنامج القرويين 24، شجرة النور الزكية 1/ 101، سير أعلام النبلاء 17/ 188، 189 رقم 109، هدية العارفين 2/ 58.
[1] في الأصل «مجانه» . و «بجّانة» : بالفتح ثم التشديد. مدينة بالأندلس من أعمال كورة إلبيرة.
(معجم البلدان 1/ 339) .

(27/380)


رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَمْرو الدّاني، والقاضي أَبُو عُمَر بْن الحذَّاء، وطائفة من علماء الْأندلس، وكان من بقايا حملة الحُجَّة. رحمه اللَّه.
مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن إِسْحَاق [1] ، أَبُو طَالِب العلوي، المعروف بابن المُهَلْوِس الزّاهد.
كَانَ القادر باللَّه يعظّمه ويحترمه.
حكى عن السُّبْكي، وغيره.
رَوَى عَنْهُ: الْحَسَن بْن غالب البغدادي، وغيره، وكان من الزُّهّاد المعدودين.
يحيى بْن زكريّا بْن أحْمَد [2] ابن أخت أَبِي بَكْر [3] البلْخي، ثم الدمشقي الشاهد.
كَانَ أَبُوهُ قد وُلِّي قضاء دمشق، فوُلِد بها هذا، وسمع من إِبْرَاهِيم بْن أَبِي ثابت، وأَبِي عَلِيّ الحضائري، وخَيْثَمة، وَلَمْ يُدْرِكِ السَّمَاعَ مِنْ أَبِيهِ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو القاسم إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد الحنّائي، وأخوه عَلِيّ والْحَسَن بْن الْحُسَيْن بْن يحيى بْن زكريّا حفيده.
وتُوُفِّي فِي ربيع الآخر، وقد نيّف عَلَى السبعين.
أَبُو إِسْحَاق الجبيناني، أحد الْأئمّة والأولياء بالقَيْروَان، اسمه إِبْرَاهِيم بْن أحْمَد بْن عَلِيّ البكري بَكْر بْن وائل.
أجاز لَهُ عيسى بْن مسكين، وتفقّه عَلَى حمود بْن سَهْلُون، ودرس من الفقه دواوين، وكان أَبُو مُحَمَّد بْن أَبِي زيد يعظّمه، ويقول: طريقة عالية لا يسلكها أحد فِي هذا الوقت.
تُوُفِّي سنة تسعٍ وتسعين، وكان كثيرًا ما يَقُولُ: اتَّبع ولا تبتدع، اتَّضعْ ولا ترتفع، وكان العلماء يقصدونه، ويتبرّكون برؤيته.
__________
[1] المنتظم 7/ 245 رقم 392، تاريخ بغداد 3/ 93 رقم 1088.
[2] تاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 46/ 158، 159، موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان- ق 1- ج 5/ 194 رقم 1815.
[3] في الأصل «أبو» .

(27/381)


[وفيات] سنة أربعمائة
أحْمَد بْن عَبْد العزيز بْن الفرج [1] بْن أَبِي الحُباب، أَبُو عُمَر القُرْطُبي النَّحْوِيّ صاحب أَبِي عالي القالي. أخذ عَنْهُ، وعن أَبِي مُحَمَّد عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد الثَّغْرِي القاضي.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَمْرو بْن الحذَّاء وقَالَ: كان من جملة الشيوخ، عالمًا باللغة والإخبار، فِيهِ صلاح وخير.
تُوُفِّي فِي سلْخ المحرَّم، وقد قارب التسعين.
وقَالَ أَبُو حيّان: وكانت فِيهِ غَفْلة زائدة، وكان متّقد الذّهن، عالمًا، حافظًا، ثبْتًا، بصيرًا بالعربية، وهو كَانَ مؤدِّب المُظَفَّر عَبْد الملك بْن أَبِي عامر، وهو بربريّ النَّسَب، من مَصْمُودَه.
أحْمَد بْن عُمَر بْن مُحَمَّد بْن عُمَر، أَبُو عَبْد اللَّه الجيزي الْمَصْرِيّ.
تُوُفِّي فِي شعبان، وهو من شيوخ أَبِي عَمْرو الدّاني فِي الحديث.
يَرْوِي [2] عَنْ طبقة عثمان بْن السَّمَرْقَنْدِيّ، وأَبِي الطّاهر المَديني.
أحْمَد بْن عمّار بْن عصمة بْن مُعاذ النَّسَفي. سَمِعَ بنَسَف، من عَلِيّ بْن مُحْتَاج، وعَبْد المؤمن بْن خَلَف، ونصر بْن مُحَمَّد، سَمِعَ منه جامع التِّرْمِذِيّ، وسمع بجُرْجان من ابن عَدِيّ، وببغداد من دَعْلَج، وجماعة.
وهو من قرية سيركث، إحدى قُرى نَسَف. تُوُفِّي بها فِي شعبان، في عشر الثّمانين.
__________
[1] الصلة لابن بشكوال 1/ 19، 20 رقم 35.
[2] في الأصل «مروىّ» ، وهو تصحيف.

(27/383)


أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد [1] بْن عُبَيْدة، أَبُو جَعْفَر الْأمويّ الطُّليْطِلي، ويُعْرَف بابن ميمون صاحب ابن إسحاق بن شنظير [2] ، ونظيره فِي الجمع والإكثار والملازمة معًا، والسّماع جُملة، وهما الصاحبان، فهذا أحدهما.
رَوَى عَنْ: عبيد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أُمَيّة، وعَبْد اللَّه بن فتح بْن معروف، ومُحَمَّد بْن عَمْرو بْن عَيْشُون، وشَكُور [3] بْن حبيب وجماعة، وسمع بقُرْطُبَة مَعَ صاحبه من أَبِي جَعْفَر بْن عَوْن اللَّه.
وتُوُفِّي فِي شوّال.
عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه بْن عليّ بن سمقويه، أَبُو بَكْر المُزَكِّي الفقيه الشافعي النيسابُوري.
رَوَى عن أَبِي الْعَبَّاس الْأصمّ، وغيره، ودرّس الفقه سنين.
مات فِي رمضان.
عَبْد الملك بْن الْحَسَن بْن محمد [4] بْن إِسْحَاق بْن الأزهر الْأزهري، أَبُو نُعَيْم الإِسْفِرَايِينِيّ.
رَوَى عَنْ خال أَبِيهِ الحافظ أَبِي عُوَانة كتابه «الصحيح» المُسْنَد بقراءة أَبِيهِ، واحتاط لَهُ حاله فِي جماعة، فبارك اللَّه فِي عمره، حتى سمعه الْأئمّة واشتهر بِهِ.
قَالَ الحافظ عَبْد الغافر بْن إِسْمَاعِيل: كَانَ رجلا صالحًا ثقة، حضر نيسابُور فِي آخر عمره، ولم يُعهد بعد ذَلِكَ المجلس مثله لقراءة الحديث، كما حَدَّثَنَا الثّقات، وعاد إلى إسْفراين، وذلك فِي سنة تسعٍ وتسعين.
قلت: رَوَى عَنْهُ الكتاب: الْإمَام أَبُو القاسم القُشَيْرِي، وزوجته فاطمة بِنْت أَبِي عَلِيّ الدَّقّاق، ولها فَوْتٌ، وعَبْد الحميد وعَبْد اللَّه، ابنا عبد الرحمن بن محمد البحيري، وأبو القاسم عليّ بن عبد الرحمن بن عُلَيَّك
__________
[1] الصلة لابن بشكوال 1/ 20- 22 رقم 37.
[2] في الأصل «سنطير» .
[3] في الأصل «سكور» .
[4] العبر 3/ 73، شذرات الذهب 3/ 159، مرآة الجنان 2/ 452، الأنساب 1/ 236، سير أعلام النبلاء 17/ 71- 73 رقم 38.

(27/384)


الرّازي، وروى عَنْهُ بعض الكتاب عثمان بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه المَحْمِيّ، وشبيب بْن أحْمَد البَسْتِيغي [1] ، وَأَبُو الحَسَن علي بْن عَبْد الله بن يوسف الجويني، وعلى بن محمد بن على بْن ماسرجس الخازن، وعَلِيّ بْن عَبْد العزيز الخشّاب، وَأَبُو المعالي عُمَر بْن مُحَمَّد بْن حسين البسطامي، وَأَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن حسّان بْن مُحَمَّد، ومُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه الصّرّام، وَأَبُو نصر مُحَمَّد بْن سهل بْن مُحَمَّد السّرّاج، وهو آخر أصحابه موتًا.
تُوُفِّي سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة.
وقع لنا هذا المُسْنَد بإجازة أَبِي المظَّفر ابن السَّمْعَاني، لكنّي أَنَا سَمِعْتُ منه ستَّ مجلَّدات، وبطَّلْت.
قَالَ الحاكم فِي تاريخه. تُوُفِّي أَبُو نُعَيْم الإِسْفِرَايِينِيّ ابن أخت أَبِي عَوَانة في ربيع الأوّل، سنة أربعمائة.
قلت: وسماعه من خاله كَانَ فِي حياة البَغَوي، وابْن صاعد، وأَبِي بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، وتُوُفِّي. خاله قبل البَغَوي بسنة، وكان مولد أَبِي نُعَيْم فِي ربيع الْأوّل، سنة عشر وثلاثمائة، وقد سَمِعَ أيضًا من أَبِيهِ المحدّث أَبِي مُحَمَّد صاحب يوسف القاضي، ومن أَبِي نُعَيْم عَبْد الملك بْن عَدِيّ، وأَبِي عمران الْجُوَيْني، وعَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن مُسْلِم الإِسْفِرَايِينِيّ، ومُحَمَّد بْن عَبدَك الشعراني، والأصمّ، وابْن الْأخرم، لكن اشتغل عَنْهُ أكثر الطَّلبة بمُسْنَد أَبِي عَوَانة.
عَبْد الواحد بْن عَلِيّ بْن غياث [2] ، أَبُو بَكْر البغدادي الرّزّاز.
سَمِعَ مُحَمَّد بْن حَمْدَوَيْه المَرْوَزِي، وابْن عيّاش القطّان.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّد الخلال، وَأَبُو القاسم الْأزْجِي، وَأَبُو الحسين بن لمهتدى باللَّه، ووثّقه الخطيب.
أنبأني المسلّم بْن مُحَمَّد القَيْسي، أَنَا الكِنْدِي، أَنَا عَبْد اللَّه بْن أحمد بن
__________
[1] البستيغي: بفتح الباء الموحّدة وسكون السين المهملة وكسر التاء المثنّاة من فوق وسكون الياء المثناة من تحت وبعدها الغين المعجمة. نسبة إلى بستيغ وهي قرية بسواد نيسابور. (اللباب 1/ 151) .
[2] تاريخ بغداد 11/ 12، 13 رقم 5672.

(27/385)


يوسف، أَنَا مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن المهتدي باللَّه، قَالَ: ذكر لنا شيخنا عَبْد الواحد بْن عَلِيّ بْن غياث أنّ مولده فِي رمضان سنة تسع وثلاثمائة، وأَنَّهُ سَمِعَ الحديث من أَبِي القاسم بْن بِنْت منيع، وأنّ كتبه انْتُهِبت.
قال الخلال: توفّى سنة أربعمائة.
عُبَيْد اللَّه بْن أحْمَد بْن الْحَسَن، أَبُو الفرج بْن السَّخْتِ الرَّقِّي المقرئ البزّاز.
حدّث بدمشق عَنِ النّجّاد، وجعفر الخلدي، وجماعة.
روى عنه: أبو علي الأهوازي، وعلي الحنائي، وهو المذكور في السنة الماضية.
علي بن محمد بن إبراهيم، أبو الحسن المديني الأدمي.
توفي في رجب.
علي بن محمد بن أحمد بن داود، أبو الحسن بن النحوي الدمشقي الشاهد الخطيب، والد عبد المنعم.
روى عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي العقب.
وعنه: عَلِيّ الحنّائي وغيره.
تُوُفِّي فِي المحرَّم.
عَمْرو بْن عثمان بْن خَطَّار [1] ، أَبُو حفص القُرْطُبي.
أخذ عَنْ عَلِيّ بْن عُبَيْد مختصَرَه فِي الفقه، وعن مُحَمَّد بْن عَمْرو بْن عَيْشُون.
رَوَى عَنْهُ أَبُو حفص الزَّهْرَاوِي، وغيره.
عمران بْن الْحَسَن بْن يوسف، أَبُو الفرج الخفّاف.
رَوَى بدمشق عَنْ أحْمَد بْن زبّان، وأَبِي إِسْحَاق بْن أَبِي ثابت، وعثمان بْن مُحَمَّد الذَّهَبي.
رَوَى عَنْهُ: عَلِيّ بْن مُحَمَّد الحِنَّائيّ، ورشأ بْن نظيف، وأَحْمَد بْن الْحَسَن الطّيّان، وَأَبُو عَلِيّ الأهوازي، وآخرون.
__________
[1] الصلة لابن بشكوال 2/ 446 رقم 961.

(27/386)


مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن جَعْفَر الْإصبهاني الكَوْسَج. توفي في صفر.
محمد بن أحمد بن معارك [1] ، أبو القاسم العقيلي القرطبي النّحوىّ.
روى عَنْ أَبِي عَلِيّ القالي، وكان مقدَّمًا فِي عِلْم العربية، والبصر بالشعر.
أقرأ النَّحْو.
وهو والد عَبْد الرَّحْمَن العُقَيْلِي.
مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل [2] بْن يحيى، أَبُو عَبْد اللَّه الخُشَني الطُّليْطِلي، ويُعرف بابن المُشْكِيالي.
رَوَى عَنْ: أحْمَد بْن خليل قاضي طُلَيْطِلة، ومُحَمَّد بْن عَمْرو بْن عيشون، وبقرطبة أحْمَد بْن عيسى، وحج فسمع بمصر أَبَا مُحَمَّد بْن الورد، وأَحْمَد بْن سَلَمَة بْن الضَّحّاك، وأَبَا هُرَيْرَةَ، وابْن أَبِي العصام، وحمزة بْن مُحَمَّد الكناني، وأَبَا بَكْر بْن أَبِي الموت.
وكان من كبار المالكية، عَيْنًا من أعيان طُلَيْطِلة، مَعَ زُهْدٍ وتَوَاضُعٍ وورع، وعمِل بعِلْمه لا يأخذه فِي اللَّه لَوْمَة لائم، ثقة، قصده المُظَفَّر بْن أَبِي عامر إلى داره، فلما علم قَالَ للطلبة: لا يقُمْ أحد، فامتثلوا أمْره، فلما دخل سأله الدعاءَ، فَقَالَ: اللَّهمّ أدْخِل لَهُ فِي قلوب رعيّته الطّاعة، وأدْخِل لَهُم فِي قلبه الرأفة والرحمة.
تُوُفِّي فِي سادس جمادى الآخرة، وولد سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة، وكان من كبار المُسْنِدِين بالأندلس. رحمه اللَّه.
مُحَمَّد بْن خَلَف بْن الشوله [3] ، أَبُو عبد الله الْأندلسي.
رحل إلى مصر وأخذ عَنِ الْحُسَيْن بْن عَبْد اللَّه الْقُرَشِيّ «معجم الصحابة» لَهُ، فِي ثلاثين جُزْءًا، وعن الْحَسَن بْن رشيق.
__________
[1] الصلة لابن بشكوال 2/ 485 رقم 1050.
[2] الصلة لابن بشكوال 2/ 486، 487 رقم 1052.
[3] الصلة لابن بشكوال 2/ 486 رقم 1051.

(27/387)


حدّث عَنْهُ [1] الصاحبان، وَأَبُو مُحَمَّد بْن دين، وَأَبُو عَبْد اللَّه بْن عَبْد السلام الحافظ.
وتُوُفِّي فِي جُمادى الْأولى، عَنْ ستٍّ وستّين سنة.
مُحَمَّد بْن عمروس بْن العاصي [2] القُرْطُبي، أَبُو عَبْد اللَّه المالكي.
أخذ عَنْ أَبِي عَبْد اللَّه بْن مُفَرِّج، وحجّ سنة تسعٍ وستّين، وذهب إلى بغداد، فأخذ عَنْ أَبِي بَكْر الْأبْهَرِي الفقيه، وأَبِي الْحَسَن بْن المُظَفَّر، والدار قطنى، وأخذ عَنْ أهل البصْرة، ومصرف القَيْروَان.
رَوَى عنه: أبو عمر بن عبد البَرّ، وأبو عَبْد اللَّه بْن عائذ، وغيرهما.
وتُوُفِّي فِي جُمادى الآخرة.
مُحَمَّد بْن هشام بْن عَبْد الجبّار [3] بْن النّاصر لدين اللَّه أَبِي المُظَفَّر عبد الرحمن بن محمد الأموي الملقّب بالمهديّ.
توثب عَلَى الأمر بالأندلس، وخلع المؤيد باللَّه هشامًا، وحارب عَبْد الرَّحْمَن بْن الحاجب بْن أَبِي عامر القحطاني شنشول الَّذِي وثب قبله بسنة، وسمى نفسه وليّ العهد، وجعل ابن عمّه مُحَمَّد بْن المُعِزّ حاجبه، وأمر بإثبات كلّ من جاءه فِي الدّيوان، فلم يبق زاهد، ولا جاهل، ولا حَجّام، حتى جاءه، فاجتمع لَهُ نحوٌ من خمسين ألف، وذلّت لَهُ الوزراء والصَّقالبة، وجاءوا وبايعوه، وأمر بنهب دُور بني عامر، وانتهى جميع ما فِي الزَّهْراء من الْأموال والسلاح، حتى قُلِّعت الْأبواب، فيقال: إنَّ الَّذِي وصل إلى خزانة أَبِي [4] عَبْد الجبّار خمسة آلاف ألف دينار، وخمسمائة ألف دينار، ومن الفضة ألف دِرْهَم، ثم وجد بعد ذَلِكَ خوابي فيها ألف ألف، ومائة ألف دينار، وخُطِب لَهُ بالخلافة بقُرْطُبَة، وتسمّى بالمهديّ، وقُطِعت دعوة المؤَيَّد، وصلّى المهدي الجمعة بالناس، وقُرئ كتابٌ بلعن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي عامر الملّقب بشنشول، ثم سار إلى حربه إثْر ذَلِكَ فِي سنة تسعٍ وتسعين، وكان
__________
[1] في الأصل «عن» وهو خطأ.
[2] الصلة لابن بشكوال 2/ 487، 488 رقم 1053.
[3] البيان المغرب 3/ 50- 100، الوافي بالوفيات 5/ 163- 166 رقم 2194.
[4] في الأصل «أبو» .

(27/388)


ابن ذكوان يحرّض عَلَى قتاله، ويقول عَنْ شنشول: هُوَ كافر. وكان قد استعان بعسكرٍ من الفرنج وقام معه ابن عومس القومص، فسار إلى قرطبة، وأخذ أمر ابن عبد الجبّار يقوى، وأمر شنشول يَضْعُف، وأصحابه تتسحّب [1] عَنْهُ، فَقَالَ لَهُ القومص: ارجع بنا قبل أن يدهمنا العدوّ، فأبى، ومال إلى دير شريس، جَوْعَان سَهْران، فنزل لَهُ الرّاهب بخُبز ودجاجة، فأكل وشرِب وسكر، وجاء لحربه حاجب المهديّ في خمسمائة فارس، فَجدُّوا فِي السَّيْر وقبضوا عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَنَا فِي طاعة المهديّ، وظهر منه جَزَع وذلّ، وقبّل قدَم الحاجب، ثم ضرب عنق شنشول، ونودي عَلَيْهِ «هذا شنشول المأبون المخذول» .
قَالَ الحُمَيْدِي [2] : قام عَلَى المهديّ فِي شوّال سنة تسعٍ وتسعين ابن عمّه هشام بْن سُلَيْمَان بْن الناصر الْأمويّ، مَعَ البربر، فحاربه، ثم انهزمت البربر، وأُسِر هشام، فضرب المهديُّ عُنُقَه.
وقَالَ غيره: لما استوسق الْأمر لابن عَبْد الجبّار المهديّ، أظهر من الخلاعة أكثر ممّا فعله شنشول، وأَرْبَى عَلَيْهِ فِي الفساد، وأخذ الحُرَم، وعمد إلى نصرانيّ يشبه المؤَيَّد باللَّه، فقصده حتى مات، وأخرجه إلى النّاس، وقال: هذا هشام، وصلّى عَلَيْهِ، ودفنه.
وفي رمضان وصل إلى ابن عَبْد الجبّار رَسُول صاحب طرابلس المغرب، فلفل بْن سَعِيد الزّناتي، داخلا فِي الطّاعة، ويسأل إرسال سكّة يضرب بها الذَّهب عَلَى اسمه، كلّ ذَلِكَ ليُعِينه عَلَى باديس ابن المنصور، فخرج باديس، وأخذ طرابلس، وكتب إلى عمّه حمّاد فِي إغراء القبائل عَلَى ابن عَبْد الجبّار.
وكان ابن عَبْد الجبّار بخذلانه قد هَمّ بالغدر، بالبربر الذين حوله، وصرّح بذلك لجهله، فَنمّ عَلَيْهِ بسببه هشام بْن سُلَيْمَان بْن النّاصر لدين اللَّه، وحرّضهم عَلَى خلعه، فقتلوا وزيريه مُحَمَّد بْن درّي وخَلَف بْن طريف، وثار الهيج، واجتمع لهشام عسكر، وحرقوا السراحين، وعبروا
__________
[1] في الأصل «يتسحب» .
[2] جذوة المقتبس 18.

(27/389)


القنطرة، ثم تخاذلوا عَنْ هشام، فأُخِذ، وأُخِذ أخوه أَبُو بَكْر، فقتلهم ابن عَبْد الجبّار صبرا، وقتل خلق من البرير، ثم تحيّز البربر إلى قلعة رباح، وهرب معهم سُلَيْمَان بْن الحَكَم بْن سُلَيْمَان بْن النّاصر، فبايعوه، وسمُّوه المستعين باللَّه، وجمعوا لَهُ مالا من كلّ قبيلة، حتى اجتمع لَهُ نحوٌ من مائة ألف دينار، فتوجّه بالبربر إلى طُلَيْطِلة، فامتنعوا عَلَيْهِ، ثم ملكها، وقتل واليها، فاعتدّ ابن عَبْد الجبّار للحصار، وجزع حتى حرى عَلَيْهِ العامّة، ثم بعث عسكرًا، فهزمهم سُلَيْمَان، فرتّب النّاس للقتال، وكان أكثر جُنْد ابن عَبْد الجبّار لحامين [1] رجّاله [2] ، وقارب سُلَيْمَان قُرْطُبَة، فبرز إِلَيْهِ عسكر ابن عَبْد الجبّار، فناجزهم سُلَيْمَان، وكان من غرق منهم فِي الوادي أكثر ممّن قُتل، وكانت وقعة هائلة، وذهب خلق من الْأخيار والمؤدبين والأئمّة، فلما أصبح ابن عَبْد الجبّار أخرج المؤيَّد باللَّه هشام بْن الحَكَم الَّذِي كَانَ اظهر موته، فأجلسه للنّاس، وأقبل القاضي يَقُولُ: هذا أمير المؤمنين، وأنا مُحَمَّد نائبه، فَقَالَ لَهُ البربر: يا بْن ذكوان بالأمس تصلّي عَلَيْهِ، واليوم تُحْيِيه؟ وخرج أهل قُرْطُبَة إلى المستعين سُلَيْمَان، فأحسن مَلقَاهم، واختفى ابن عَبْد الجبّار، واستوسق أمر المستعين، ودخل القصر، ووارى النّاسُ قتلاهم، فكانوا نحو اثني عشر ألفًا.
ثم هرب ابن عَبْد الجبّار إلى طُلَيْطِلة، فقاموا معه، وكتب إلى الفرنجيّة ووعدهم بالأموال، واجتمع إِلَيْهِ خلْق عظيم، وهو أوّل مالٍ انتقل من بيت المال بالأندلس إلى الفرنج، وكانت الثغور كلّها باقية عَلَى طاعة ابن عَبْد الجبّار، فقصد قُرْطُبَة فِي جيش كثير، فكان الملتقى عَلَى عقبة البقر، عَلَى بريدٍ من قُرْطُبَة، فاقتتلوا قتالا شديدًا، فانهزم سُلَيْمَان، واستولى المهديّ عَلَى قُرْطُبَة ثانيا، ثم خرج بعد أيام إلى قتال جَمْهرة البربر، فالتقاهم بوادي آره، فهزموه، ففرّ إلى قُرْطُبَة، ثم انهزم ابن عَبْد الجبّار أقبح هزيمة، وقُتل من الفرنج ثلاثة ألف فِي السّنة، وغرق منهم خلق، وأُسِر ابن عَبْد الجبّار، ثم
__________
[1] كذا في الأصل.
[2] في الأصل «وحاله» .

(27/390)


ضُرِبت عنقه، وقُطِعت أربَعْتُه، فِي ثامن ذي الحجّة، سنة أربعمائة، وله أربعٌ وثلاثون سنة. وثب عَلَيْهِ العبيد، إذ جاء قُرْطُبَة منهزمًا، واللَّه أعلم [1] .
مُطَهَّر بْن أحْمَد بْن مُطَهَّر الْأشْموني. تُوُفِّي بمصر فِي ذي الحجّة، وله خمسٌ وثمانون سنة.
هشام بْن عُبَيْد اللَّه بْن النّاصر لدين الله عبد الرحمن بن محمد الْأمويّ الْأمير، أَبُو الوليد الأندلسي، ويُعرَف بصاحب الخضراء.
قَالَ [ابن] [2] الْأبّار [3] : كَانَ خير من بقي [4] من أهل بيت الخلافة عفافًا ومروءة وسخاء، إلى أدب ومعرفة، وجَمْعٍ للكتب، رغب المستعين باللَّه سُلَيْمَان فِي كتبه، فقُوِّمَتْ واشتراها.
توفّى في أوّل سنة أربعمائة.
أَبُو سَعِيد الفلاحي الحنفي النيسابُوري. حدث عَنِ الْأصمّ وغيره.
تُوُفِّي فِي صفر.
أَبُو نصر ابن الْحَسَن بْن أحْمَد بْن الحيري النيسابُوري، وأخو القاضي أَبِي بَكْر.
رَوَى عَنْ أَبِي الْعَبَّاس الأصمّ، وأقرانه.
وتوفّى في رمضان.
__________
[1] راجع: الكامل في التاريخ 9/ 216- 218.
[2] ساقطة من الأصل.
[3] هذه الترجمة غير موجودة في (الحلّة السيراء) .
[4] في الأصل «يتقى» وهو تصحيف.

(27/391)


المتوفّون قبل الأربعمائة
أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد [1] بْن سيّد أَبِيهِ، أَبُو عُمَر القُرْطُبي.
رَوَى عَنْ مُحَمَّد بْن معاوية.
رَوَى عَنْهُ: الصّاحبان أَبُو إِسْحَاق، وأبو جعفر.
مات قبل الأربعمائة، وله قريبٌ من سبعين سنة.
أحْمَد بْن أفلح بْن حبيب [2] بْن عَبْد الملك، أَبُو عُمَر الْأمويّ القُرْطُبي الْأديب.
رَوَى عَنْ قاسم بن أصبغ، ومحمد بن عيسى بن رفاعة، ووهب بْن مَسَرَّة، وجماعة، ورحل إلى الشرق [3] .
حدّث عَنْهُ الصاحبان، وابْن أبيض.
أحْمَد بْن عيسى بْن سُلَيْمَان [4] ، من أهل بَجَّانة، أَبُو القاسم الْأندلسي.
رَوَى عَنْ: سَعِيد بْن فَحْلُون، وأَحْمَد بْن جَابِر.
رَوَى عَنْهُ: الصّاحبان، وَأَبُو عُمَر الطَّلَمَنْكِيّ.
أحْمَد بْن مُحَمَّد الْأديب [5] ، أَبُو طاهر الشيرازي الشاعر البليغ.
رَوَى عَنْهُ من شعره، أَبُو القاسم عُمَر بْن مُحَمَّد النّعماني، وَأَبُو غالب مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن بِشْران اللّغوي، وعلى بن الحسن الشمس.
__________
[1] الصلة لابن بشكوال 1/ 13 رقم 18.
[2] الصلة لابن بشكوال 1/ 16، 1 رقم 26.
[3] في الأصل «السوق» وهو تصحيف.
[4] الصلة لابن بشكوال 1/ 18 رقم 30.
[5] الوافي بالوفيات 8/ 155، 156، رقم 358.

(27/393)


أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن المكتفي [1] باللَّه عَلِيّ بْن المُعْتَضِد.
سَمِعَ من أَبِي القاسم البَغَوي.
وعنه: أَبُو الْحُسَيْن بْن المهتدي باللَّه.
سَمِعَ منه في سنة سبع وتسعين وثلاثمائة.
أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن زيد [2] ، أَبُو سعد القِزْوِيني المالكي، صاحب أَبِي بَكْر الْأبْهَرِي، تفقه عَلَيْهِ، وعلى أَبِي بَكْر بْن علويه الْأبْهَرِي.
صنّف «المذهب» و «الخلاف» وله كتاب «المعتمد فِي الخلاف» فِي مائة جُزْء، وهو من أحسن الكتب. وسمع من أبي زيد المَرْوَزِي.
وتُوُفِّي سنة نَيِّف وتسعين وثلاثمائة. قاله عياض وقرّظه [3] .
إِبْرَاهِيم بْن شاكر بْن خطّاب [4] ، أبو إسحاق القرطبي اللّحّام [5] .) .
رَوَى عَنْ أحْمَد بْن ثابت التَّغْلبِيّ، وأَبِي مُحَمَّد بْن عثمان، وجماعة، وكان رجلًا صالحًا ورِعًا، حافظًا للحديث، وأسماء الرجال.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو عُمَر بْن عَبْد البَرّ. وقَالَ: إن كَانَ فِي عصره أحد من الْأبدال فيُوشَك أن يكون منهم. رحمه اللَّه.
إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم بْن شريح [6] ، أَبُو مُحَمَّد الْجُرْجَاني.
عَنِ الْأصمّ، ومُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الصَّفّار.
قَالَ الخطيب: ثنا عَنْهُ أَبُو العلاء الواسطي، والعتيقي.
الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد [7] بْن قطينا، أَبُو عَبْد اللَّه البغدادي.
رَوَى عَنْ أَبِي بَكْر بْن زياد النيسابُوري، والمَحَامِلي.
رَوَى عَنْهُ أَبُو بَكْر البَرْقَاني وعَبْد العزيز الْأزْجِي، ووثّقه الخطيب.
__________
[1] تاريخ بغداد 5/ 70 رقم 2448.
[2] طبقات الفقهاء 167، معجم المؤلفين 2/ 104.
[3] في الأصل «فرطه» وهو تحريف.
[4] الصلة لابن بشكوال 1/ 89 رقم 196.
[5] في الأصل «اللحام» .
[6] تاريخ بغداد 6/ 402، 403 رقم 3461.
[7] تاريخ بغداد 8/ 104 رقم 4214.

(27/394)


حَكَمُ بْن مُحَمَّد بْن حَكَم [1] ، أَبُو العاصي الأموي الأطروش.
رَوَى عَنِ ابن النّحّاس النَّحْوِيّ، وسَلَم بْن الفضل، وابن خروف، وأَبِي بَكْر بْن أَبِي الموت، وابْن حَيَّوَيْهِ النّيسابورى.
وولد سنة ثلاث عشرة وأربعمائة.
رَوَى عَنْهُ: الصّاحبان، وَأَبُو عَمْرو الدّاني.
مُحَمَّد بْن خَطّاب [2] ، أَبُو عَبْد اللَّه الْأزْدِيّ القُرْطُبي النَّحْوِيّ.
رَوَى عَنْ أَبِيهِ، وأَبِي عالي القالي، وابْن القُوطية، وبرع فِي الْأداب، وتصدّر للعربية.
قال [ابن] [3] الأبّار: كان قبل الأربعمائة.
خَلَفُ بْن سَعِيد بْن عَبْد اللَّه [4] بْن عُثْمَان بن زبارة [5] أَبُو القاسم ابن المُرَابط الكلْبي، من قرية الْأبرش الكلْبيّ، ويُعرف بالمبرقَع المحتسِب من أهل قُرْطُبَة.
رحل إلى المشرق مرّتين، أولاهما: سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة، وهو ابن ثلاثٍ وعشرين سنة فسمع أَبَا سَعِيد بْن الْأعْرابي، وابْن الورد، وأَبَا بَكْر الآجري.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو إِسْحَاق بْن شنظير، وَأَبُو حفص الزّهراوى.
قال ابن شنظير: توفّى في نحو الأربعمائة.
خَلَفُ بْن عيسى بْن سَعِيد [6] الخير، أَبُو الحزم الوَشْقي، فقيه وَشْقَه وقاضيها.
يَرْوِي عَنِ ابن عيشون، وأَبِي عيسى.
حدّث عَنْهُ: ابنه أبو الأصْبَغ، وأبو عُمَر بْن الحذّاء.
__________
[1] الصلة لابن بشكوال 1/ 148 رقم 333.
[2] بغية الوعاة 1/ 99 رقم 163، جذوة المقتبس 54 رقم 47.
[3] ساقطة من الأصل.
[4] الصلة لابن بشكوال 1/ 162 رقم 361.
[5] في الأصل «زرارة» .
[6] الصلة لابن بشكوال 1/ 167 رقم 376.

(27/395)


وكان من فضلاء المالكية.
على بْن أَبِي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن يحيى المُزَكِّي النيسابُوري.
سَمِعَ أَبَا حامد بْن الشرفي، ومكيّ بْن عَبْدان.
عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن يعقوب الرّازي.
مُكْثِر عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم.
رَوَى عَنْهُ أهل بلده.
عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن هبة اللَّه الحاجي، أبو الحسن.
سمع الأصمّ، وفي الراحلة من أَبِي بَكْر الشافعي، وطبقته.
مات فِي صفر، سنة سبع أو تسع وتسعين وثلاثمائة.
عُمَر بْن القاسم [1] ، أَبُو الْحُسَيْن المقرئ البغدادي صاحب ابن مجاهد، يُلَقب وبره، ويُعرَف بابن الحدّاد.
حدَّث [عَنْ] عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه بْن مبشر الواسطي، وقاسم بْن إِبْرَاهِيم المَلَطي، والْحُسَيْن المَحَامِلي.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّد الخلال، وَأَبُو الْحَسَن العتيقي، وَأَبُو الفرج الطّناجيري.
قَالَ الخطيب: صَدُوق.
عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي الفهد الْأندلسي الْألْبِيري، أَبُو المُظَفَّر. أحد فُحُول شعراء قُرْطُبَة، وعين شعراء الدولة العامرية.
رحل فِي شبيبته إلى المشرق، وأضمرته البلاد قبل الأربعمائة.
قَالَ أَبُو عامر بْن شهيد: عمل بحضرتي أربعين بيتًا عَلَى البديهة، لَيْسَ فيها حرف معجم أوّلها:
حِلْمُكَ ما حَدَّ حَدَّه أحدٌ مروان بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مروان [2] بْن الإمام النّاصر عبد الرحمن
__________
[1] تاريخ بغداد 11/ 269، 270 رقم 6032.
[2] البيان المغرب 3/ 18، المغرب في حلى المغرب 191 رقم 124، يتيمة الدهر 1/ 402، جذوة المقتبس 321، بغية الملتمس 447، رايات المبرّزين لابن سعيد 38، نفح الطيب 2/ 398، الحلّة السيراء 1/ 114، المعجب 153.

(27/396)


الْأمويّ الْأندلسي المعروف بالطَّلِيق، أَبُو عَبْد الملك. أحد فُحُول الشعراء الْأشراف.
قَالَ ابن حَزْم: هُوَ فِي بني أُمَيّة كابن المُعْتز فِي بني الْعَبَّاس. سُجِن وهو ابن ستّ عشرة سنة، فبقي فِي السجن ستّ عشرة سنة، ثم أُخْرِج ولُقِب بالطَّلِيق، وعاش بعد إطلاقه ستّ عشرة سنة، ومات كَهْلا قريبًا من سنة أربعمائة.
قَالَ الحُميدي: فأُخْبِرْتُ أَنَّهُ كَانَ يتعشّق جارية ربّيت معه، وعيّنت لَهُ، ثم بدا لأبيه فاستأثرها، فاشتدّت بمروان الغَيْرَةُ، فقتل أَبَاه بسجن.
فمن شعره:
غُصْنٌ يهتزُّ فِي دِعْص نَقَا ... يجتني منه فؤادي حُرَقَا
أطْلَع الحُسْنُ لنا من وجهه ... قمرًا لَيْسَ يُرَى مُمَّحِقَا
ورَنَا عَنْ طَرْفِ ريمٍ أَحْورٍ ... لحظُه سهْمٌ لقلبي فُوِّقا
منها:
أصْبَحَت شمسًا وفُوهُ مَغْرِبًا ... ويَدُ [1] الساقي المُحيِّي مَشْرِقا
فإذا ما غَرَبَتْ فِي فمهِ ... تركتْ فِي الخدّ منه شَفَقًا
مُحَمَّد بْن مَسْعُود، أَبُو عَبْد اللَّه البَجَّاني، ثم القُرْطُبي. شاعر مُفْلِق مكثر، مدح الملوك، وكان في حدود الأربعمائة.
فمن جيّد شعره:
عَلَى قَدْر فضل المرءِ تأتي خُطُوبُه ... ويُعْرَف عند الصَّبْر فيما ينوبه
وعاقبةُ الصّبر الجميل من الفَتَى ... إلى فرجٍ من ذي الجلال تعيبه
إذا المرء لم يسحب إلى الهَوْل ذَيْلَه ... ولم يعتزل بالحادثات جيوبه
فقد خسر فِي الدُّنيا من المال حظّه ... وقلّ من الْأخرى لَعَمْرِي نصيبه [2]
وله:
خليليّ فِي الْأظعان بدْرُ دُجُنَّة ... أَعَارَ سَنَاهُ مغرب الشمس مشرقا
__________
[1] في الأصل «بدا» والتصويب من (المغرب) .
[2] في الأصل «يصيبه» .

(27/397)


فلا تُنْكِرَوا شَقّي جُيُوبي فإنّه ... يقلّ لقلبي بعده أنْ يَشْفَقا
يعيش بْن سَعِيد، أَبُو عثمان الْأندلسي الوَرّاق.
سَمِعَ قاسم بْن أَصْبَغ، ومُحَمَّد بْن معاوية بْن الْأحمر. فأكثر عَنْهُمَا، وألّف مُسْنَد حديث ابن الْأحمر، بأمر الحاكم المستنصر.
قَالَ ابن عَبْد البَرّ: قرأ علينا مسند ابن الأحمر سنة تسعين وثلاثمائة.
محمد بن أحمد بن محمد بن علي بْن النُّعْمَان، أَبُو الفتح بْن النَّحْوِيّ الْأنباري، نزيل الرملة.
رَوَى عَنِ المَحَامِلي، وأَبِي الْعَبَّاس بْن عُقْدَة، ويوسف الْأزرق.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو سعد الماليني، وعَلِيّ الحنّائي، وَأَبُو عَلِيّ الْأهوازي، وآخرون.
وكان كثير الحديث.
مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن سُلَيْمَان القاضي، أَبُو جَعْفَر المُطّوَّعي، المعروف بالباحث.
وُلِّي القضاء بكُور خُرَاسان. وله مصنَّفات كثيرة.
أراده ابن عَبَّاد عَلَى القضاء عَلَى شروط، أن ينتحل الاعتزال، فامتنع.
ذكره ابن الصّلاح فِي الشافعية [1] .
مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حمدان النيسابُوري المُرَادي العدْل.
سَمِعَ مكّي بْن عَبْدان، والمَحَامِلي، وابْن عُقْدَة.
قَالَ ابن ماكولا: ثنا عَنْهُ أَبُو سَعِيد بْن علَّيك بالرّيّ.
مُحَمَّد بْن إِسْحَاق النَّديم البغدادي [2] ، أَبُو الفرج الْأخباريّ الْأديب الشيعي المُعْتَزِلي، صاحب التصانيف.
فمن كُتُبه كتاب «الفهرسْت» ، وكتاب «التشبيهات» . و «الفهرست» هو
__________
[1] في الأصل «الشافعة» .
[2] معجم الأدباء 18/ 17، الوافي بالوفيات 2/ 197 رقم 568، ميزان الاعتدال 5/ 72، 73، كشف الظنون 1303، هدية العارفين 2/ 55، الفوائد الرضوية 393، منتهى المقال 260، 261، تنقيح المقال 2/ 77، 78، الأعلام 6/ 253، معجم المؤلفين 9/ 41 د 42.

(27/398)


فِي أخبار الْأدباء، ذُكِر أَنَّهُ صُنِّف فِي سنة سبع وسبعين وثلاثمائة، ولا أعلم مَتَى تُوُفِّي، وإنما كتبته هنا عَلَى التّوَّهُّم.
مُحَمَّد بْن أسد، أَبُو طاهر الْأشناني، إمام جامع الرَّقَّة.
رَوَى عَنْ أَبِي سهل ابن زياد، والخلدي، وقرأ بالروايات عَلَى النّقّاش، وأَبِي طاهر عَبْد الواحد بْن أبي هاشم.
روى عنه: أبو سعد الماليني، وَأَبُو نصر السَجْزِي.
مُحَمَّد بْن الْحَسَن القاضي، أَبُو عَبْد اللَّه الْمَصْرِيّ الدّقّاق.
سَمِعَ: مُحَمَّد بْن الزُّبَيْر بْن سُلَيْمَان، وأَبَا سَعِيد بْن الْأعْرابي.
وعنه: هبة اللَّه بْن إِبْرَاهِيم الصّوّاف.
مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن أحْمَد [1] بْن ذهب التميمي البغدادي المذهّب.
سَمِعَ يحيى بْن صاعد، وأَبَا بَكْر بْن زياد النيسابُوري.
رَوَى عَنْهُ: حفيده أَبُو عَلِيّ الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن المذهّب، وبقي إلى بعد التسعين وثلاثمائة فيما أظنّ.
مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه الْأمويّ، أَبُو عَبْد اللَّه السَّبْتِي، ويُعرف بابن الشَّيْخ.
كَانَ محدّث سَبْتَة فِي وقته، مشهور بالخير والورع، رحل إلى الْأندلس، وسمع من وهب بْن مَسَرَّة، وأَبِي عيسى اللَّيْثي.
قَالَ القاضي عياض: كانت عنده غرائب وعجائب.
مُحَمَّد بْن عُمَر بْن خشين [2] ، أَبُو أحْمَد البغدادي.
حدّث عَنْ يزداد الكاتب، وأَبِي عَبْد اللَّه المَحَامِلي، وخَيْثَمة الْأطْرَابُلُسِي.
رَوَى عَنْهُ: هبة اللَّه اللالكائي، وَأَبُو الْحَسَن العتيقي، وقَالَ: ثقة، كثير الأسفار.
__________
[1] تاريخ بغداد 3/ 92 رقم 1087.
[2] هو: محمد بن محمد بن عمر بن أحمد بن خشيش. (تاريخ بغداد 3/ 228 رقم 1291، تاريخ دمشق (مخطوط التيمورية) 39/ 307) .

(27/399)


عَلِيّ بْن عُمَر بْن مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس، أَبُو الْحَسَن الرّازي القصّار، الفقيه الشافعي.
قَالَ أَبُو يَعْلَى الخليلي: أفضل من لقيناه بالرّيّ. كَانَ مُفْتيها قريبًا من ستين سنة، أكثر من عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم، وابْن معاوية الكاغذي وأَحْمَد بْن خَالِد الحرُورِي، ومُحَمَّد بْن قارن، ولقي بآخره شيوخ [1] بغداد:
ابن السّمّاك، والنّجَّاد، وكان عالمًا، لَهُ فِي كلّ عِلْم حظّ، وبلغ قريبًا من مائة سنة. سَمِعْتُ عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد الحافظ يَقُولُ: لم يعش أحد من الشافعية ما عاش هذا، وكان عالمًا بالفتاوَى والنّظر.
قلت: وروى عَنْهُ هبة اللَّه اللالكائي، وعَبْد الجبّار بْن عَبْد اللَّه بْن برزة الرّازي، وجماعة، ولا أعلم مَتَى تُوُفِّي.
أَبُو عَبْد اللَّه القُمّي التَّاجر [2] ، من كبار المتموِّلين بمصر، اشتملت وصيّته عَلَى ألف ألف دينار، وتوفّى بطريق مكّة سنة أربعمائة.
بدليل بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد [3] الحافظ، أَبُو بَكْر الهروي.
حدّث بغداد عَنِ الْأصَمّ، ومنصور بْن الْحَسَن الدِّينَوَرِي، وجماعة.
وعنه: أَبُو سعد الماليني، وَأَبُو مُحَمَّد الخلال.
ذكر الخطيب ترجمته مختصرة.
معروف بْن مُحَمَّد [4] ، أَبُو المشهور الزَّنْجاني الواعظ، نزيل الرّيّ.
رَوَى عَنْ: أَبِي سَعِيد بْن الْأعْرابي، وقاسم المَلَطي.
وعنه: البَرْقَاني، ورضوان الدِّينَوَرِي، والعتيقي.
قَالَ الخطيب: تُكُلِّم فِيهِ. حدّث فِي سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة.
أَبُو حيّان التوحيدي [5] ، صاحب المصنَّفات، واسمه عَلِيّ بن محمد بن العبّاس الصّوفى.
__________
[1] في الأصل «شريح» ، وهو تصحيف.
[2] المنتظم 7/ 248 رقم 395.
[3] تاريخ بغداد 7/ 135 رقم 3579.
[4] تاريخ بغداد 13/ 209 رقم 7179.
[5] معجم الأدباء 15/ 5- 2، ميزان الاعتدال 2/ 355، شدّ الإزار للشيرازى 53، 54، وفيات الأعيان 5/ 112، 113 وترجمته عارضة مع ترجمة أبى الفضل بن العميد، رقم 697،

(27/400)


كان في حدود الأربعمائة، وله مصنَّفات عديدة فِي الْأدب والفصاحة والفلسفة، وكان سيّئ الاعتقاد، نفاه الوزير أَبُو مُحَمَّد المهلّبي.
قَالَ ابن بابي فِي كتاب «الخريدة والفريدة» : كَانَ أَبُو حَيَّان كذَّابًا، قليل الدين والورع عَنِ القَذْف والمجَاهَرَة بالبُهْتَان، تعرّض لأمور جِسامٍ من القدح في الشريعة والقول بالتّعليل، ولقد وقف سيّدنا الصّاحب كافي الكُفاة عَلَى ما كَانَ يُدْغِلُه ويخفيه من سوء الاعتقاد، فطلبه ليقتله، فهرب والتجأ إلى أعدائه، ونفق عليهم بزُخْرُفِه وإِفْكِه، ثم عثروا منه عَلَى قبيح دخْلته وسوء عقيدته وما يُبْطِنه من الْألحاد، ويرويه فِي الْإسلام من الفساد، وما يلصقه بأعلام الصّحابة من القبائح، ويضيفه إلى السَّلَف الصّالح من الفضائح، فطلبه الوزير المهلّبي، فاستتر منه، ومات فِي الاستتار، وأراح اللَّه منه، ولم يؤثَرْ عَنْهُ إلا مَثْلَبة أو مُخْزيَة [1] .
وقَالَ أَبُو الفرج بْن الْجَوْزِي فِي تاريخه [2] : زنادقة الإسلام ثلاثة: ابن الرّاوندىّ، وأبو حيّان التوحيدي، وأبو العلاء المعمّري، وأشدّهم عَلَى الْإسلام أَبُو حَيَّان لأنّهما صرَّحا، وهو مَجْمَجَ ولم يصرِّح.
قلت: وكان من تلامذة عَلِيّ بْن عيسى الرّمّاني، وقد بالغ فِي الثناء عَلَى الرّمّاني فِي كتابه الَّذِي ألّفه فِي تقريظ الجاحظ، فانظر إلى الحامد والمحمود، وأجْود الثلاثة: الرّمّاني مَعَ اعتزاله وتشيّعه.
__________
[ () ] طبقات الشافعية الكبرى 4/ 2، 3، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 223، طبقات الشافعية لابن هداية الله 114، بغية الوعاة 2/ 190 رقم 1767، مفتاح السعادة 1/ 188، 189، روضات الجنات 714، كشف الظنون 140، 167، 246، 522، 1778، إيضاح المكنون 1/ 602 و 2/ 65، 440، هدية العارفين 1/ 864، 685، معجم المؤلفين 7/ 205، 206، الوافي بالوفيات 22/ 39- 41 رقم 6، طبقات السبكى 5/ 286- 289، طبقات الإسنوي 1/ 301- 303، سير أعلام النبلاء 17/ 119- 123 رقم 77 لسان الميزان 7/ 38- 41، دائرة المعارف الإسلامية 8/ 333- 335، البلغة 162.
[1] طبقات الشافعية الكبرى 5/ 287.
[2] لم يترجم ابن الجوزي في (المنتظم) لأبى حيّان، ولكنه ذكره في ترجمة أبى العلاء المعرّي بمثل الّذي هنا وأكثر. وانظر ما قاله في: طبقات الشافعية الكبرى 5/ 288، وبغية الوعاة 2/ 191.

(27/401)


وَأَبُو حَيَّان هُوَ الَّذِي نَسَب نفسه إلى التوحيد، كما سمّى ابنُ تومرت أتباعَه، فَقَالَ: الموحِّدين، وكما سمَّى صوفيّةُ الفلاسفة نفوسهم بأهل الوحدة وأهل الْألحاد.
أخبرني أحْمَد بْن سلامة كتابةً، عَنِ الطَّرَسُوسِيِّ، عَنِ ابن طاهر الحافظ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الفتح عَبْد الوهاب الشيرازي بالرّيّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا حَيَّان التَّوْحِيدِي يَقُولُ: أناسٌ مضوا تحت التوهُّم، وظنُّوا أنَّ الحقّ معهم، وكان الحقّ وراءهم.
قلت: مثلك يا معشر، بل أنت حامل لوائهم.
وقيل: إنّ أبا حَيَّان معدود فِي كبار الشافعية. ذكره لي القاضي عزّ الدين الكناني.
وقَالَ الشَّيْخ محيي الدين النّواوي فِي كتاب «تهذيب الْأسماء» [1] : أَبُو حَيَّان التَّوْحِيدِي من أصحابنا المصنَّفين، من غرائبه أَنَّهُ قَالَ فِي بعض رسائله:
لا رِبا فِي الزَّعْفَرَان، ووافقه عَلَيْهِ القاضي أَبُو حامد المَرْوَزِي، والصّحيح تحريم الرِّبا فِيهِ.
وقد ذكره ابن النّجّار وقَالَ: لَهُ المصنَّفات الحَسَنَة، كالبصائر وغيرها، وكان فقيرًا صابرًا متديّنًا، إلى أن قَالَ: وكان صحيح العقيدة، كذا قَالَ: بل كَانَ عدوًّا للَّه خبيثًا. قال: وسمع أَبَا بَكْر الشافعي، وجعفر الخلْدي، وأَبَا سَعِيد السِّيرَافِي، والقاضي أحْمَد بْن بِشْر العامري.
وعنه: عَلِيّ بْن يوسف القاضي، ومُحَمَّد بْن منصور بْن جيْكان [2] وعَبْد الكريم بْن مُحَمَّد الداودي، ونصر بْن عَبْد العزيز المقرئ الفارسي، ومُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن فارس الشيرازيّون، ولقي الصّاحب ابن عَبَّاد، وأمثاله.
قلت: وسماع نصر بْن عَبْد العزيز منه في سنة خمس وتسعين وثلاثمائة، وقد سَمِعَ منه بشيراز أَبُو سعد عَبْد الرحمن بن ممّجة [3] الأصبهاني في سنة أربعمائة.
__________
[1] ج 2/ 223.
[2] هكذا في تبصير المنتبه 1/ 475 وفي الأصل مهمل.
[3] في الأصل «منجه» .

(27/402)


أَبُو القاسم بْن مسلمة بْن أحْمَد [1] القُرْطُبي. كَانَ أستاذًا مُقَدَّمًا فِي علْم الهيئة والهندسة والأرصاد وهذه الصنائع المظلمة، وكان حاذقًا بمعرفة كتاب المجسْطي لبَطْلَيْمُوس، وله تصانيف عديدة فِي العلوم الرياضية، وأنجب لَهُ تلامذةً منهم ابن السَّمْح، وابْن الصّفّار، وابْن خلدون، والكرماني، والزَّهْراوي، وتوفّى في حدود سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة.
منصور بْن مُحَمَّد بْن منصور [2] ، أَبُو الْحَسَن البغدادي القزّاز المقرئ.
قرأ القرآن: برواية أَبِي عمْرو، عَلَى أَبِي بَكْر أحْمَد بْن مُوسَى بْن مجاهد، وأسنَّ وتفرّد فِي وقته.
قرأ عَلَيْهِ القرآن: أَبُو نصر أحْمَد بْن مسرور الخّباز المقرئ، وَأَبُو عَلِيّ الْحَسَن بْن عَلِيّ العطّار، ونصر بْن عَبْد العزيز الشيرازي، وغيرهم.
بقي إلى حدود الأربعمائة.
قَالَ الخطيب: حدّث عَنْ نفْطَوَيْه ونحوه. ثنا عَنْهُ أَبُو مُحَمَّد الخلال، وَأَبُو القاسم التنوخي، وكان ثقة.
مُحَمَّد بْن أحْمَد [3] ، أَبُو الفرج الغسّاني الدمشقي الشاعر المعروف بالوأواء، وليس للشامِيّن في وقته مثله.
روى عنه من شعره: أَبُو الْحَسَن المَيْدَاني، وَأَبُو مُحَمَّد الجوهري، وَأَبُو منصور يوسف بْن هلال.
قَالَ فِيهِ أبو منصور الثعالبي فِي «اليتيمة» [4] : وهو من حَسَنَات الشام، وأحد صيّاغة الكلام، ومن عجيب شأنه ما أخبرني أَبُو بَكْر الخُوَارِزْمِي قَالَ:
كَانَ أَبُو الفرج الوأواء مناديا فِي دار بطّيخ بدمشق عَلَى الفواكه، فما زال يشعر، حتى جاد شِعْرُه، وسار، ووقع منه ما يروق، وتفرّق حتى تعلو العيّوق [5] .
__________
[1] الصلة لابن بشكوال 2/ 623 رقم 1371.
[2] تاريخ بغداد 13/ 85 رقم 7066.
[3] فوات الوفيات 3/ 240- 245 رقم 412، الوافي بالوفيات 2/ 53- 57 رقم 341، يتيمة الدهر 1/ 235- 244، الزركشي 250، المحمّدون من الشعراء 54، ومقدّمة ديوان الوأواء- بتحقيق الدكتور سامى الدهان- دمشق 1950.
[4] ج 1/ 235.
[5] العيّوق: نجم أحمر مضى في طرف المجرّة الأيمن يتلو الثريّا لا يتقدّمها.

(27/403)


وقَالَ يوسف بْن هلال: أنشدني الوأواء لنفسه:
ترشّفتُ من شَفَتَيْه العُقَار ... وقبّلت من خدّه جُلَّنَارا [1]
وشاهدْت منه كَثيبًا مهيلا ... وغصنًا رطِيبًا وبدْرًا ونارا
وأبصرْت من وجهه فِي الظلام ... بكلّ ما كَانَ بليلٍ نهارا
قَالَ: وأنشدني لنفسه:
زمان الرّبيع زمان أنيق ... وعَيْش الخلاعة عيش رفيق
وقد جمع الوقت حاليهما ... فمن ذا يفيق ومن يستفيق
ويوم ستارَتُه غَيْمُه ... وقد طَرَّزَتْ رَفْرَفَيْه البُرُوق
عقدنا من النَّدِّ دُخَّانه ... ومن شَرَر الرّاح فِيهِ رحيق
سجدنا لصُلْبان منْشُوره ... وقد نصَّرَتْنا لدَيْه الرَّحيق
فذا أصفر وجِلٌ خائفٌ ... وذا أحمر وكَذَاك العشيق
أدر يا غلام كؤوس المُدَام ... وإلا فيكفيك لحظٌ ورِيق
تغنم بنا غفلة الحادثا ... ت فوجه الحوادث وجهٌ صَفِيق [2]
وله فِي سيف الدولة بْن حمدان:
من قاسَ جَدْوَاك بالغَمام فما ... أنصف فِي الحُكْم بين شكلين [3]
أنت إذا جُدْتَ ضاحكٌ أبدًا ... وهو إذا جاد باكيَ [4] العَيْن [5]
وله:
أتاني زائرًا من كَانَ بيدي ... ليَ الهجر الطويل ولا يزورُ
فَقَالَ النّاس لمّا أبصروه ... ليَهْنَكَ زارك القمرُ المنيرُ
مَتَى أرعى رياض الحُسْن فِيهِ ... وعيني قد تضمّنها غدير [6]
__________
[1] كتبها في الأصل «جلّ نارا» .
[2] راجع الأبيات في اليتيمة 1/ 240، 241 باختلاف في الألفاظ وتقديم وتأخير في الأبيات، وهي أكثر مما هنا.
[3] في الديوان، وفوات الوفيات: «بين اثنين» .
[4] في الديوان، وفوات الوفيات: «دامع» .
[5] ديوان الوأواء 222، فوات الوفيات 3/ 243.
[6] الأبيات في اليتيمة مع بيتين آخرين، باختلاف بعض الألفاظ (1/ 236) .

(27/404)


سَعِيد بْن عثمان بْن مروان [1] الْقُرَشِيّ الْأندلسي، الشاعر المعروف بابن عَمْرون، من فحول شعراء المنصور أبي عامر صاحب الْأندلس، ومن شعره فِي المنصور، وقد أحسن ما شاء:
ذَكَرَ العَقيقَ ومنزلا بالأبْرَق ... فكفاه ما يلقى الفؤاد وما لقي
رُدَّت إِلَيْهِ صبابَة رَدَّتْه من ... فرْط التوقُّد كالذّبال المحرِقِ
من لي بمن تأبَى الْجُفُونُ لفَقْدِهِ ... أنْ لا يلتقي أو نلتقي
ريم يَرُوم وما اجترمَتْ جريمة ... قتلي ليتلف من بقائي ما بقي
لم يلق قلبي قطّ من لَحَظَاتِه ... إلا بسَهم للحُتُوف مُفَوَّقِ
وإذا رماني عَنْ قسيّ جفونه ... لم أَدْر من أيّ الجوانب أتَّقِي [2]
قَالَ الْإمَام أَبُو مُحَمَّد بْن حَزْم: تذكر المنصور هذه القصيدة فِي سنة إحدى وثمانين فأعجبته، وكان سَعِيد قد مدحه بها قديمًا، فأمر لَهُ الآن بثلاثمائة دينار.
ابن الْحُسَيْن الْأندلسي شاعر مُفْلِق فِي حدود الأربعمائة. فمن شعره:
تعيِّرني أنْ لا أقيم ببلدة ... وفي مثل حالي هذه القَمَرانِ
رأت رجلا لا يشرب الماء صافيا ... ويحلو لديه وهو أحمر قانِ
لَهُ هِمَمٌ سافَرْن فِي طلب العُلَى ... نجوم الثريّا عندهنّ دَوَاني
تغرُب لمّا أن تغرّب ذكره ... علوّا كلا هذين مغتربانِ
أحْمَد بْن عَلِيّ بْن وصيف [3] ، أَبُو الْحُسَيْن بْن خُشْكَنَاكَة [4] ، البغدادي، الكاتب الشاعر النّديم، صاحب «الموصول» بالنّظم، وكتاب «صناعة البلاغة» ، وكان شيعيًّا مناظرًا، نادَمَ الوزير المهلّبي، وبقي إلى أيام الملك شرف الدولة، وقد نادَمَ ابن بقيّة الوزير.
فمن شعره:
سلَّمَتْ بالْجُفُون سَلْمَى فسلّمتُ ... إليها قلبًا سليما سقيما
__________
[1] بغية الملتمس 297 رقم 807، الوافي بالوفيات 15/ 242، 243 رقم 342.
[2] في الأصل «أبقى» .
[3] الفهرست 178، معجم الأدباء 3/ 245، الوافي بالوفيات 7/ 227 رقم 3180.
[4] كذا في الأصل، وهو «خشكنانجه» في مصادر ترجمته.

(27/405)


فالقوام القويم يهتزُّ لدنًا ... زاده الهزُّ فِي النَّقي تقويما
كم لها من مقاتلٍ وقتيلٍ ... وكلامٍ بِهِ تداوي الكَلُومَا
رُبَّ ليلٍ من شعرها [1] ونهار ... من سَنا وجهها اتخذتُ نديما
علِيّ بْن إِسْمَاعِيل بْن الْحَسَن الْأستاذ، أَبُو الْحَسَن البصْري القطّان المقرئ المعروف بالخاشع، أحد من عُنِيَ بالقراءات ورحل فيها.
قرأ بمكّة عَلَى أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن عيسى بْن بُنْدَار صاحب قُنْبُل، وبأنطاكية عَلَى الْأستاذ إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الرزّاق، وبغيرها عَلَى مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز بْن الصّبّاح، وأَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن بقرة، ومُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الرّازي صاحب الْحُسَيْن بْن عَلِيّ الْأزرق، وطائفة.
وتصدّر للإقراء ببغداد.
قرأ عَلَيْهِ أَبُو عَلِيّ الْأهوازي، وَأَبُو نصر أحْمَد بْن مسرور، وَأَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن عُمَر بْن زلال النَّهَاوَنْدِي.
أحْمَد بْن عَبْد الواحد بْن أحْمَد، أَبُو بَكْر البَجَلي الجريري الْمَكِّيّ.
رحّال جوّال.
رَوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ السّقّاء، وأَبِي بَكْر الإسماعيلي، والمفيد، وطبقتهم.
وعنه: تمّام الرّازي، وهو أسند منه، وعَلِيّ بْن الْحَسَن الرَّبْعِي، وأبو الحسن بن السّمسار، ومات قبل أوان الرّواية.
عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد [2] بْن يوسف بْن بحر بْن بِهْرَام الوزير، أَبُو القاسم بْن المغربي، وهو بغدادي الْأصل، والمغربيّ لَقَب لجدّه.
وُلِد أَبُو القاسم بحلب، ونشأ بها، ووزر لصاحبها سعد الدولة أَبِي المعالي بْن سيف الدولة بْن حمدان، ثم هرب خوفًا منه إلى مصر، وعَظُم بها، ووزر للحاكم، ثم قتله الحاكم. وكان شاعرًا أديبا.
__________
[1] في الوافي «فرعها» .
[2] الإشارة إلى من نال الوزارة 47، وفيات الأعيان 2/ 172 في ترجمة ابنه الحسين بن على رقم 193.

(27/406)


رَوَى عَنْهُ: الحافظ عَبْد الغني الْأزْدِيّ، وهو والد الوزير أبى القاسم الحسين.
الحسين بْن المليح بْن مُسْلِم بْن عُبَيْد اللَّه بْن طاهر بْن يحيى بْن الْحُسَيْن بْن جعفر بْن عُبَيْد اللَّه بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، الْأمير الشريف، أَبُو مُحَمَّد العلوي الحسيني الْمَدَنِيّ، أمير المدينة وابْن أميرها، أَبِي طاهر.
قَالَ أَبُو الغنائم النَّسَّابة فِي كتاب «نُزْهة العيون» : حكى الشريف حسن بْن المليح قَالَ: قدمت عَلَى بكجور نائب دمشق.
قلت: وليها فِي سنة ثلاثٍ وسبعين وثلاثمائة.
قَالَ: فأتيته وأنا شابّ، وكان يحبّ العلويين، وكان أَبِي إذ ذاك أمير المدينة، فنزلت فِي فندق الطائي بسوق القمح من دمشق، وأهديت لَهُ شَعْرًا مِنْ شَعْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذكر الحكاية، وأنّ بكجور وصله بأشياء، فلما خرج، قَالَ بعض الحاضرين: كيف يكون هذا شِعْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ ولعلّه من شعر أهل بيته، قال: فتغيّر عليّ ثاني يوم، ثم بلغني ذَلِكَ، فتألّمت، وجئته، وقلت: أشتهي تردّ عليّ هديتي، فأحضره، فطلبت مِنْقَلَ نارٍ، فأُحْضِر، فوضعت الشَعْر، وكان أربع عشرة شعرة، عَلَى ذَلِكَ الحجر، فلم يحترق، فبكى الْأمير وقَالَ: يا حَيَانا من رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وبالغ فِي كرامتي، حتى أنَّني لما ركبت، أخذ بركابي وقبّل رِجْلي.
مُحَمَّد بْن عُمَر [1] ، أَبُو الْحَسَن الْأنباري، الشاعر الَّذِي رثى الوزير ابن بقيّة بكلمته البديعة.
عُلُوٌّ فِي الحياة وفي الممات تُوُفِّي سنة نَيِّفٍ وتسعين وثلاثمائة.
مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عثمان الخَوْلاني، أَبُو بَكْر القُرْطُبي الزّاهد، ويعرف بالعَوّاد. رَوَى المُوَطَّأ عَنْ أَبِي عيسى يحيى بْن عَبْد اللَّه، وغيره.
حدّث عَنْهُ أَبُو الوليد بْن الفَرَضِيّ، وابْن أخيه مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه والد
__________
[1] تاريخ بغداد 3/ 35 رقم 963.

(27/407)


أحْمَد بْن مُحَمَّد الخَوْلاني، بلغنا أَنَّهُ تُوُفِّي بعسقلان.
مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن عَبْد الحميد الصَّنعاني. سَمِعَ من إِسْحَاق الدَّبَرِي جملة صالحة، وحدّث بمكّة.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَبْد اللَّه الحاكم فِي «المستدرك» [1] .
مُحَمَّد بْن أَبِي مُوسَى عِيسَى [2] بْن أَحْمَد بْن مُوسَى بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه بْن معْبد بْن الْعَبَّاس بْن عَبْد المطّلب، الرئيس الْأنبل، أَبُو عَبْد اللَّه الهاشمي، والد الشريف أَبِي بكر أحمد.
حدّث عن جعفر الفريابي، وكان ثقة.
قَالَ الخطيب: رَوَى عَنْهُ ولده أَبُو بَكْر، قَالَ: وإليه انتهت رئاسة العبّاسيين فِي زمانه.
قَالَ أَبُو إِسْحَاق الطَّبري، رَأَيْت ثلاثة لا يُزَاحَمُون، يعني فِي السُّؤدد:
أَبُو عَبْد اللَّه الْحُسَيْن بْن أحْمَد الموسوي الطّالبي، والد الشريف المُرْتَضي، وَأَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَبِي مُوسَى الهاشمي، وَأَبُو بَكْر الْأكفاني، صدر الشهود.
__________
[1] ج 1/ 379 و 417 و 428 و 481 و 535 وغيره.
[2] تاريخ بغداد 2/ 404 رقم 933.

(27/408)