تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، ت تدمري

 [المجلد الثاني والثلاثون (سنة 471- 480) ]
بسم الله الرحمن الرحيم
الطبقة الثامنة والأربعون
سنة إحدى وسبعين وأربعمائة
عزل ابن جَهِير من الوزارة
فيها عزل فخر الدّولة بن جَهِير من وزارة المقتدي باللَّه بأبي شجاع بن الحسين [1] ، لكونه شَذَّ من الحنابلة [2] .
وكتب أبو الحسن محمد بن علي بن أبي الصَّقر [3] الفقيه الواسطيّ إلى نظام المُلْك هذه الأبيات:
يا نظامَ المُلْك قد ... حُلّ ببغدادَ النّظامُ
وابنُك القاطنُ فيها ... مُسْتهانٌ مُسْتضامُ
وبها أوْدَى له قتيلًا [4] ... غلامٌ، وغلامٌ
والّذي منهم تبقَّى ... سالمًا فيه سِهام
يا قِوامَ الدّين لم يبقَ ... ببغداد مُقام
عظم الخطب، وللحر ... ب اتّصالٌ، ودوامُ
فمتى لم تحسم الدّاءَ ... أياديكَ الحسامُ
ويكفّ القومَ في بغداد ... قتلٌ، وانتقامُ
فعلى مدرسةٍ فيها ... ومَن فيها السّلامُ
واعتصامٌ بحريم ... لك، من بعد، حرام
[5]
__________
[1] هو: محمد بن الحسين.
[2] المنتظم 8/ 317، 319 (16/ 198، 199) ، تاريخ دولة آل سلجوق 55، تاريخ ابن خلدون 4/ 268، البداية والنهاية 12/ 119.
[3] وقع في المطبوع من نهاية الأرب 23/ 244 «القصر» وهو تصحيف.
[4] في الكامل في التاريخ: «قتلى» : ومثله في: نهاية الأرب.
[5] الأبيات في: الكامل في التاريخ 10/ 109، 110، ونهاية الأرب 23/ 244.

(32/5)


فَعَظم هذا الخَطْب على النّظام، وأعاد كوهرائين إلى شحنكية بغداد، وحمّله رسالة إلى المقتدي تتضّمن الشّكوى من ابن جهير. وأمر كوهرائين بأخْذ أصحاب ابن جهير، وإيصال المكروه والأذى إليهم.
فسار عميد الدّولة بن فخر الدّولة بن جَهير إلى النظام، وتلطّف في القضيّة إلى أن لانَ لهم [1]
دخول تاج الدّولة تتش دمشق ومقتل أتْسِز
وفيها سار المَلك تاج الدّولة تُتُش أخو السّلطان ملك شاه فدخل الشّام، وتملك دمشق بأمر أخيه بعد أن افتتح حلب. وكان معَه عسكر كثيرٌ من التُّركمان. وذلك أن أتْسِز، وَالعامّة تُغيُّره يقولون أقسيس، صاحب دمشق لمّا جاء المصريّون لحربه استنجد بتنش، فسارَ إليه من حلب، وطمع فيه. فلمّا قارب دمشق أجفل العسكر المصريّ بين يديه شبهه الهاربين، وفرح أتسز، وخرج لتلقيه عند سور المدينة، فأبدى تتش صورةً، فأظهر الغَيْظ من أتسِز، إذ لم يُبعِد في تلقّيه، وعاتبه بغضبٍ فاعتذر إليه، فلم يقبل، وقبض عليه وقتله في الحال، وملك البلد. وأحسن السيرة، وتحبَّب إلى النّاس [2] .
ومنهم مَن ورَّخ فتْحَ تُتش لدمشق في سنة اثنتين وسبعين [3] .
__________
[1] الكامل في التاريخ 10/ 109، 110، تاريخ دولة آل سلجوق 55، نهاية الأرب 23/ 244، 245.
[2] تاريخ حلب للعظيميّ (زعرور) 350 (سويّم) 17، 18، الكامل في التاريخ 10/ 111، وفيات الأعيان 1/ 295، أخبار مصر لابن ميسّر 2/ 26 (حوادث سنة 472 هـ.) ، زبدة الحلب 2/ 65، المختصر في أخبار البشر 2/ 193، 194، تاريخ دولة آل سلجوق 71، 72، نهاية الأرب 27/ 64، 65، الدرة المضيّة 390 (حوادث سنة 472 هـ.) و 406 (حوادث سنة 472 هـ.) العبر 3/ 274، 275، دول الإسلام 2/ 5، مرآة الجنان 3/ 100، تاريخ ابن الوردي 1/ 380، تاريخ ابن خلدون 3/ 474، اتعاظ الحنفا 2/ 320، أمراء دمشق في الإسلام 21 رقم 73، ولاة دمشق في العهد السلجوقي للدكتور المنجد 18.
[3] قال ابن الأثير: «قد ذكر ابن الهمدانيّ وغيره من العراقيين أن ملك تتش دمشق كان هذه السنة [أي 471 هـ.] ، وذكر الحافظ أبو القاسم بن عساكر الدمشقيّ في كتاب «تاريخ دمشق» أنّ ملكه إياها كان سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة» . (الكامل في التاريخ 10/ 111) .
ذكر ابن خلكان أيضا أن أتسز «خرج إلى تتش لما وصل إلى دمشق، فقبض عليه تتش وقتله

(32/6)


وكان أهل الشّام في ويْلٍ شديد مع أتسز الخوارزميّ المقتول.
__________
[ () ] واستولى على مملكته، وذلك في سنة إحدى وسبعين وأربعمائة لإحدى عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الآخر ... ورأيت في بعض التواريخ أن ذلك كان في سنة اثنتين وسبعين، والله أعلم» . (وفيات الأعيان 1/ 295) .
ويقول طالب العلم وخادمه محقّق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» : إنّ ابن عساكر الدمشقيّ ورّخ فتح تتش لدمشق في سنة 471 هـ.
فقد جاء الخبر في ترجمة «أتسز بن أوق» وفيه أن تتش «قدم دمشق سنة إحدى وسبعين وأربعمائة، فغلب على البلد، وقتل أتسز لإحدى عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الآخر من هذه السنة» . (مختصر تاريخ دمشق 4/ 205، وتهذيب تاريخ دمشق 2/ 334) . وقد عاد ابن عساكر فأكد مقتل أتسز في ربيع الآخر سنة 471 هـ. مرة ثانية في آخر ترجمته. (تهذيب تاريخ دمشق 2/ 334) إلّا أنه قال في ترجمة «تتش» أنه قدم دمشق «سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة فقتل أتسز» (تهذيب تاريخ دمشق 2/ 343) ، ونقل أيضا في آخر الترجمة أن «يحيى بن زريق» قال: دخل تاج الدولة دمشق في ربيع الآخر سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة، وحسنت السيرة في أيامه.
ويقول ابن القلانسي: «في هذه السنة (471 هـ.) خرج من مصر عسكر كبير مع نصر الدولة الجيوشي ونزل على دمشق محاصرا لها ومضايقا عليها واستولى على أعمالها وأعمال فلسطين، وأقام عليها مدة مضايقا لها وطامعا في تملكها، وأضر على منازلتها إضرارا اضطر اتسز صاحبها إلى مراسلة تاج الدولة يستنجده ويستصرخ به ويعده بتسليم دمشق إليه ويكون في الخدمة بين يديه، فتوجه نحوه في عسكره، فلما عرف نصر الدولة الخبر وصحّ عنده قربه منه رحل عنه مجفلا، وقصد ناحية الساحل. وكان ثغرا صور وطرابلس في أيدي قضاتهما قد تغلبا عليهما ولا طاعة عندهما لأمير الجيوش بل يصانعان الأتراك بالهدايا والملاطفات. ووصل السلطان تاج الدولة إلى عذراء في عسكره لإنجاد دمشق، وخرج أتسز إليه وخدمه وبذل له الطاعة والمناصحة وسلم البلد إليه، فدخلها وأقام بها مديدة، ثم حدّثته نفسه بالغدر بأتسز ولاحت له منه أمارات استوحش بها منه مستهله (كذا) ، فقبض عليه في شهر ربيع الأول منها، وقتل أخاه أولا، ثم أمر بخنقه فخنق بوتر في المكان المعتقل فيه، وملك تاج الدولة دمشق واستقام له الأمر فيها وأحسن السيرة في أهلها، وفعل بالضد من فعل أتسز فيها، وملك أعمال فلسطين» .
(ذيل تاريخ دمشق 112) .
أما ابن ميسر فيذكر الخبر في سنة 472 هـ. وأن مقتل أتسز في شهر ربيع الأول منها. (أخبار مصر 26) ، ومثله ورّخه العظيمي في (تاريخ حلب- زعور- 350- سويّم 18) ، وابن أيبك في الدرة المضية 406، والمقريزي في: اتعاظ الحنفا 2/ 320. وذكره ابن العديم في حوادث سنة 471 هـ. (زبدة الحلب 2/ 65) ومثله أبو الفداء في (المختصر في أخبار البشر 2/ 193) ، والبنداري في (تاريخ دولة آل سلجوق 71، 72) .

(32/7)


سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة
أخذ مسلم بن قريش حلب
كتب شرف الدّولة مسلم بن قُريش بن بدران العُقَيْليّ صاحب الموصل إلى السّلطان جلال الدّولة ملك شاه ابن السلطان عضُد الدّولة ألْب أرسلان السَّلجوقيّ يطلب منه أن يُسلِّم إليه حلب على أن يحمل إليه في العام ثلاثمائة ألف دينار.
فأجابه إلى ذلك وكتب له توقيعًا بها. فسار إليها وبها «سابق» آخر ملوك بني مرداس. فأعطاه مسلم بن قريش إقطاعًا بعشرين ألف دينار، على أن يخرج من البلد، فأجاب. فوثب عليه أخواه فقتلاه واستوليا على القلعة، فحاصرهما مسلم، ثمّ أخذها صلحًا [1]
وفاة صاحب ديار بكر
وفيها مات نصر بن أحمد بن مروان صاحب ديار بكر، وتملَّك بعده ابنه منصور [2]
__________
[1] تاريخ حلب للعظيميّ (زعرور) 351 (سويم) 18 (حوادث 473 هـ.) ، المنتظم 8/ 323 (16/ 206) ، الكامل في التاريخ 10/ 114، 115، ذيل تاريخ دمشق 113، زبدة الحلب 2/ 67، 68، المختصر في أخبار البشر 2/ 194، تاريخ دولة آل سلجوق 72، دول الإسلام 2/ 5، تاريخ ابن الوردي 1/ 380، تاريخ ابن خلدون 4/ 275.
[2] الكامل في التاريخ 10/ 116، 117، المختصر في أخبار البشر 2/ 194، تاريخ ابن الوردي 1/ 380، النجوم الزاهرة 5/ 108 وفيه: «توفي منصور بن بهرام الأمير نظام الملك صاحب ميافارقين من ديار بكر، وملك بعده ابنه ناصر الدولة» . وقال محققه في الحاشية (3) : كذا ورد في الأصل، ولم نعثر عليه في المصادر التي بين أيدينا» !.

(32/8)


غزوة صاحب الهند
وفيها غزا صاحب الهند إبراهيم بْن مسعود بْن محمود بْن سُبُكْتِكِين [1] في الكفّار غزوة كبرى [2] .
__________
[1] في الأصل: «الا سبكتكين» .
[2] الكامل في التاريخ 10/ 113، 114، المختصر في أخبار البشر 2/ 194، تاريخ ابن الوردي 1/ 380، البداية والنهاية 12/ 120.

(32/9)


سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة
الخلاف بين السلطان ملك شاه وأخيه
فيها عرض السّلطان ملك شاه جيشه بالرَّيّ، فأسقط منهم سبعة آلاف لم يرض حالهم. فساروا إلى أخيه تكش، فقوي بهم وأظهر العصيان، واستولى على مَرْو وتِرْمذ، وسار إلى نَيْسابور، فسبقه إليها السّلطان، فَرَدَّ وتحصّن بتِرْمذ، ثمّ نزل إليه، فعفا عنه [1] .
__________
[1] الكامل في التاريخ 10/ 118، 119، نهاية الأرب 26/ 322، 323، النجوم الزاهرة 5/ 110، البداية والنهاية 12/ 121.

(32/10)


سنة أربع وسبعين وأربعمائة
خطبة الخليفة المقتدي بنت السّلطان
فيها بعث الخليفة المقتدي باللَّه الوزير أبا نصر بن جهير يخطُب ابنَة السّلطان. فأجابوا: على أن لا يتسرّى عليها، ولا يبيت إلّا عندها [1]
حصار مدينة قابس
وفيها حاصر تميم صاحب إفريقية مدينة قابس، وأتلفَ جُندُه بساتينها، وضيَّق على أهلها [2]
فتح تتش لأنطرطوس
وفيها سار تتش صاحب دمشق، فافتتح أَنْطَرَطُوس، وغيرها [3]
أخذ صاحب الموصل لحرّان
وفيها أخذ شرف الدّولة صاحب الموصل حرّان من بني وثّاب النُّمَيْريّين،
__________
[1] الكامل في التاريخ 10/ 120، نهاية الأرب 23/ 245، تاريخ دولة آل سلجوق 72، وفيات الأعيان 5/ 287 وفيه أن السفير في الخطبة كان الشيخ أبو إسحاق الشيرازي، وأنفذه الخليفة إلى نيسابور لهذا السبب، البداية والنهاية 12/ 122.
[2] الكامل في التاريخ 10/ 121.
[3] الكامل في التاريخ 10/ 121، نهاية الأرب 27/ 65، تاريخ حلب للعظيميّ (زعرور) 352 (سويّم) 19 (حوادث سنة 475 هـ.) وفيه: «فتح تاج الدولة بعلبكّ» . ذيل تاريخ دمشق 115 (حوادث سنة 475 هـ.) وفيه: سار السلطان تاج الدولة إلى ناحية طرابلس وافتتح أنطرطوس وبعض الحصون.
وجاء في (تاريخ الزمان لابن العبري 116) أن سائر الجيوش انضموا إلى سليمان بن قتلميش وغادروا بلاد الروم وزحفوا عام 475 للعرب إلى بعض المدن الساحلية كانطرطس وطرسوس وفتحوها.

(32/11)


وصالحه صاحب الرُّها وخطب له [1]
وفاة الأمير داود بن ملك شاه
وفيها مات الأمير داود ولد السلطان ملك شاه، فجزع عليه، ومنع مِن دفنه حتّى تغيرت رائحته، وأراد قتل نفسه مرّات فيمنعونه. الحديبية نقل صاحب «الكامل» [2]
تملّك عليّ بن مقلّد حصن شَيْزر
وفيها تملك الأمير سديد الدولة أبو الحَسَن عَليّ بْن مُقَلّد بْن نَصْر بْن مُنْقذ الكِنَانيّ [3] حصن شَيْزَر، وانتزعه من الفرنج. وكان له عشيرة، وأصحاب، وكانوا ينزلون بقرب شَيْزَر، فنازلها ثمّ تسلّمها بالأمان [4] .
فلم تزل شَيْزَر بيده ويد أولاده، إلى أن هدمتها الزَّلْزلة وقتلت أكثر مَن بها [5] ، فأخذها السّلطان نور الدين محمود، وأصلحها وجدّدها [6]
__________
[ () ] وذكر ابن أيبك الخبر في سنة 475 هـ. وقال إنه فتح أنطرطوس وبانياس. (الدرة المضية 407) وفي العبر 3/ 280: افتتح طرسوس.
وورد الخبر مشوشا في: مرآة الجنان 3/ 108 هكذا: «توفي تاج الدولة أخو السلطان ملك شاه طرسوس» ! وهو صحيح في: النجوم الزاهرة 5/ 113 (حوادث سنة 474 هـ.) ، ولكنه عاد في سنة 475 هـ. فقال: «وفيها فتح ابن قتلمش حصن أنطرطوس من الروم، وبعث إلى ابن عمّار قاضي طرابلس وصاحبها يطلب منه قاضيا وخطيبا» . ولم يعلق محققه على هذا التناقض.
[1] الكامل في التاريخ 10/ 122، تاريخ الزمان 117 (حوادث سنة 476 هـ.) ، دول الإسلام 2/ 6، تاريخ ابن خلدون 4/ 267، النجوم الزاهرة 5/ 113، البداية والنهاية 1/ 122.
[2] الكامل في التاريخ 10/ 122، نهاية الأرب 26/ 323، النجوم الزاهرة 5/ 113.
[3] انظر عنه ترجمة وافية في كتابنا: الحياة الثقافية في طرابلس الشام خلال العصور الوسطى- طبعة دار فلسطين للتأليف والترجمة، بيروت 1392 هـ. / 1972 م. - ص 294- 297.
[4] تاريخ حلب للعظيميّ (زعرور) 351 (سويّم) 18، ذيل تاريخ دمشق 113، مرآة الزمان (حوادث 474 هـ.) ، زبدة الحلب 2/ 76، 77، بغية الطلب (المخطوط) 1/ 223، معجم الأدباء 5/ 221، الدرّة المضيّة 421، 422، درر التيجان لابن أيبك (المخطوط) 442- 446، تاريخ ابن الفرات 8/ 77، دول الإسلام 2/ 6. النجوم الزاهرة 5/ 113.
[5] كان ذلك في سنة 552 هـ.
[6] الدرّة المضيّة 422، دول الإسلام 2/ 6، النجوم الزاهرة 5/ 114.

(32/12)


وفاة سديد الدّولة ابن منقذ
وأما سديد الدّولة فلم يحيى بعد أن تملّكها إلّا نحو السّنة [1] . وكان فارسًا شجاعًا شاعرًا. وتملَّك بعبده ابنه أبو المرهف نصر [2]
وفاة الأمير دُبَيْس الأسَديّ
وفيها مات نور الدّولة دُبَيْس بن الأمير سند الدّولة عليّ بن مزيد الأسديّ، وقد وُلْي الإمارة صبيًّا بعد أبيه من سنة ست وأربعمائة وبَقِي رئيس العرب هذه المدّة كلّها. وكان كريما عاقلا شريفا، قليل الشّرّ والظلم [3] .
__________
[1] قيل توفي سنة 475 هـ. وقيل سنة 479 هـ.
[2] معجم الأدباء 5/ 241.
[3] الكامل في التاريخ 10/ 121، نهاية الأرب 22/ 245، تاريخ مختصر الدول 192، دول الإسلام 2/ 6، تاريخ ابن خلدون 4/ 280، النجوم الزاهرة 5/ 114، البداية والنهاية 12/ 123.

(32/13)


سنة خمس وسبعين وأربعمائة
الخلاف بين الواعظ الأشعريّ والحنابلة ببغداد
فيها قدِم الشريف أبو القاسم البكْريّ الواعظ الأشعريّ بغداد، وكان جاء من الغرب وقصد نظام المُلْك، فأحبّه ومال إليه، وبعثه إلى بغداد، فوعظ بالنّظامية، وأخذ يذكر الحنابلة ويرميهم بالتّجسيد، ويثني على الإمام أحمد ويقول: وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا 2: 102 [1] .
ثمّ وقَعَ بينه وبين جماعة من الحنابلة سَبُّ، فَكَبَس دُورَ بني الفرّاء، وأخذ كتابَ أبي يَعْلَى الفرّاء، رحمه الله، في إبطال التّأويل، فكان يُقرأ بين يديه وهو جالس على المنبر، فيُشنِّع به، فلقّبوه عَلَم السُّنَّة.
ولمّا مات دفنوه عند قبر أبي الحَسَن الأشعريّ [2]
إيفاد الشيرازيً رسولًا
وفي آخر السّنة بعث الخليفة الشّيخ أبا إسحاق الشّيرازيّ رسولًا إلى السّلطان يتضمّن الشكْوى من العميد أبي الفتح [3]
ضرب الطبول لمؤيد المُلْك
وفيها قدِم مؤيّد الملك بن نظام الملك من أصبهان، ونزل بالنّظامية،
__________
[1] سورة البقرة، الآية: 102.
[2] المنتظم 8/ 3، 4 (16/ 224، 225) الكامل في التاريخ 10/ 124، 125، تاريخ دولة آل سلجوق 75، المختصر في أخبار البشر 2/ 194، نهاية الأرب 23/ 246، 247، العبر 3/ 281، 282، مرآة الجنان 3/ 109، تاريخ ابن الوردي 1/ 380.
[3] الكامل في التاريخ 10/ 125، المختصر في أخبار البشر 2/ 194، الإنباء في تاريخ الخلفاء 203، تاريخ ابن الوردي 1/ 380، مآثر الإنافة 2/ 2، تاريخ الخلفاء 424، البداية والنهاية 12/ 123.

(32/14)


وضُربت على بابه الطُّبول أوقات الصَّلوات الثلاثة، فأعطي مالًا جزيلًا حتّى قطعها وبعث بها إلى تكريت [1] .
__________
[1] الكامل في التاريخ 10/ 127، 128، تاريخ دولة آل سلجوق 73، نهاية الأرب 23/ 247، دول الإسلام 2/ 6، البداية والنهاية 12/ 123.

(32/15)


سنة ست وسبعين وأربعمائة
وزارة ابن المسلمة
فيها عُزِل عميد الدّولة بن جَهير عن وزارة الخليفة، ووُلْي أبو الفتح المظفّر بن رئيس الرؤساء ابن المسلمة.
وسار ابن جَهير وأبوه السّلطان فأكرمهم [1]
ولاية فخر الدّولة على ديار بكر
وعقد لابنه فخر الدّولة على ديار بكر وأعطاه الكوسات والعساكر، وأمره أن ينتزعها من بني مروان [2]
عصيان أهل حرّان على مسلم بن قريش
وفيها عصى أهلُ حرّان على شرف الدّولة مسلم بن قريش، وأطاعوا قاضيهم ابن جلبة [3] الحنبليّ، وعَزَموا على تسليم حَرّان إلى جَنق أمير التّركمان لكونه سُنّيا، ولكون مسلم رافضيًّا. وكان مسلم على دمشق يحاصر أخا السّلطان تاج الدّولة تُتُش في هوى المصريّين، فأسرع إلى حرّان ورماها بالمنجنيق،
__________
[1] المنتظم 9/ 5، 6 (16/ 227) ، الكامل في التاريخ 10/ 129، تاريخ دولة آل سلجوق 75، تاريخ الفارقيّ 219، نهاية الأرب 23، 247، 248، تاريخ ابن خلدون 3/ 474 و 475، النجوم الزاهرة 5/ 116، البداية والنهاية 12/ 124.
[2] المنتظم 9/ 6 (16/ 227) ، الكامل في التاريخ 10/ 129، تاريخ الفارقيّ 209، نهاية الأرب 23/ 248، مفرّج الكروب لابن واصل 1/ 11، الدرة المضية 408، 409، دول الإسلام 2/ 7، البداية والنهاية 12/ 124.
[3] في: الكامل في التاريخ 10/ 129 «ابن حلبة» (بالحاء المهملة) ، وفي (مرآة الزمان) : «ابن جبلة» . والمثبت يتفق مع: زبدة الحلب 2/ 83، والعبر 3/ 283، وفي تاريخ ابن خلدون 4/ 268 «ابن حلبة» (بالحاء المهملة) .

(32/16)


وافتتح البلد، وقتل القاضي وولديه [1] ، رحمهم اللَّه
قصْد تاج الدّولة أنطاكية
وكان تاج الدّولة قد سار فقصد أنطاكية
عزل المظفّر ووزارة أبي شجاع
وفيها عُزِل المظفّر بن رئيس الرؤساء من وزارة الخليفة، وولي أبو شجاع محمد بن الحُسين، ولقّبه الخليفة ظهير الدّين، ومَدَحته الشعراء فأكثروا [2] .
مقتل سيّد الرؤساء ابن كمال المُلْك
وفيها قتلة سيد الرؤساء أبي المحاسن بن كمال المُلْك بن أبي الرّضا، وكان قد قرب من السّلطان ملك شاه إلى الغاية. وكان أبوه كمال المُلْك يُكْتَب الإنشاء للسلطان. فقال أبو المحاسن: أيُّها الملك، سلِّم إليَّ نظام المُلْك وأصحابَه وأنا أعطيك ألف ألف دينار، فإنَّهم قد أكلوا البلاد.
فبلغ ذلك نظام المُلْك، فمدَّ سماطًا وأقام عليه مماليكه، وهم أُلُوف من الأتراك، كذا قال «ابن الأثير» [3] ، وأقام خَيْلهم وسلاحهم. فلمّا حضر السّلطان قال له: إنّني في خدمتك وخدمة أبيك وجدّك، وُلْي حقّ خدمة. وقد بَلَغَكَ أخذي لأموالك، وصَدَق القائل. أنا آخذ المال وأعطيه لهؤلاء الغلمان الذين جمعتهم لك. وأصرفه أيضًا في الصَّدقات والوقوف والصِّلات التي مُعظم ذِكرها وأجرها لك. وأموالي وجميع ما أملكه بين يديك، وأنا أقنع بمُرَقَّعَةٍ وزاوية.
فصفَا له السّلطان، وأمر أن تُسْمَل عينا أبي المحاسن، ونَفَّذه إلى قلعة ساوة. فسمع أبوه الكمال المُلْك الخبر، فاستجار بنظام المُلْك وحمل مائتي ألف
__________
[1] تاريخ حلب للعظيميّ (زعرور) 352 (سويم) 19، الكامل في التاريخ 10/ 129، 130، ذيل تاريخ دمشق 116، مرآة الزمان (حوادث 476 هـ.) تاريخ الزمان 117، زبدة الحلب 2/ 83، الأعلاق الخطيرة ج 3 ق 1/ 46، 47، نهاية الأرب 23/ 248، الدرة المضيّة 429 (حوادث سنة 480 هـ.) العبر 3/ 283، مرآة الجنان 3/ 109، 110، تاريخ ابن خلدون 4/ 267، 268، شذرات الذهب 3/ 349، البداية والنهاية 12/ 124.
[2] الكامل في التاريخ 10/ 130، تاريخ الخلفاء 424.
[3] في الكامل في التاريخ 10/ 131.

(32/17)


دينار، وعُزِل عن الطُّغراء، يعني كتابة السّرِّ، ووليها مؤيد المُلْك بن النظام [1]
محاصرة المهدية والقيروان
وفيها خرج على تميم بن المُعزّ: ملكُ بنُ علويّ أمير العرب، وحاصر المهديّة، وتعب معه تميم، ثمّ سار إلى القيروان فملكها، فجهز إليه تميم جيوشه، فحاصروه بالقيروان، فعجز وخرج منها، وعادت إلى يد تميم [2]
رخْص الأسعار
وفيها رخصت الأسعار بسائر البلاد، وعاش النّاس [3] ، وللَّه الحمد.
__________
[1] الكامل في التاريخ 10/ 131، نهاية الأرب 26/ 323، 324.
[2] الكامل في التاريخ 10/ 132، وانظر: مآثر الإنافة 1/ 349.
[3] الكامل في التاريخ 10/ 132، تاريخ الخلفاء 424.

(32/18)


سنة سبع وسبعين وأربعمائة
الحرب بين العرب والتركمان عند آمِد
فيها بعث السّلطان جيشًا عليهم الأمير أُرْتُق بن أكسُب [1] نجدةً لفخر الدّولة بن جَهير. وكان ابن مروان قد مضى إلى مشرف الدّولة صاحب الموصل، واستنجد به، على أن يُسلّم إليه آمد، وحلف له على ذلك، وكانت بينهما إحَنٌ قديمة، فاتفقا على حرب ابن جهير وسارا، فمالَ ابنُ جهير إلى الصُّلْح، وعلمت التُّرْكُمان نيّته، فساروا في الليل، وأتوا العرب فأحاطوا بهم، والْتَحم القتال، فانهزمت العرب، وأُسِرَت أمراء بني عقيل، وغنمت التُركمان لهم شيئا كثيرا [2] .
__________
[1] في: المختصر في أخبار البشر 2/ 195 «أرتق بن أكسك وقيل: أكسب، والأول أصح» ومثله في: تاريخ ابن الوردي 1/ 381.
[2] روى ابن العبري هذا الخبر على هذا النحو: «وفي سنة 477 للعرب كان ابن مروان متوليا من الموصل حتى ساحل الفرات واثقا بالعساكر المعدّيين، لا يخضع كما يجب للسلطان ملك شاه. فأرسل السلطان إلى الأمير أرتق ليحشد جنود التركمان ويتأهب للقتال. فسمع ابن مروان وأرسل إلى شرف الدولة بن قريش أمير المعدّيين الكبير يستنجده. فاحتشدوا وشارفوا آمد، وأقبل أرتق كذلك. ولما رأى شرف الدولة كثرة التركمان أرسل يقول لأرتق: إني أن وابن مروان عبدان للسلطان، فعلام هذا النزاع؟ أرجو إذا أن تعودوا فأعود أنا أيضا ويتم الصلح بيننا. فوافق الأمير أرتق، لكن التركمان تذمّروا لأنهم عائدون فارغين دون غنيمة يغتنمونها. وركبوا عند نصف الليل وحملوا على المعدّيين صباحا وفتكوا بالكثيرين منهم، وانهزم شرف الدولة مأيوسا إلى آمد ولاذ بابن مروان، وسار التركمان إلى خيام المعديين وأوثقوا النساء والفتيان، واحتووا على ما فيها. ثم ربطوا أعناق الأمراء المعدّيين ومضوا بهم نحو سور آمد وباعوا البعض بعشرة دنانير والبعض بأقلّ من خمسة دنانير. وبيع الحصان العربيّ الجيد بخمسة دنانير، والناقة بدينار، والجحش بخمسة دراهم، والحروف بنصف درهم، وحطّموا أكثر من عشرة آلاف رمح وأحرقوها تحت القدور، ثم ثار نزاع ما بينهم فتركوا آمد وانصرفوا وانطلق شرف الدولة إلى الرقة. (تاريخ الزمان 117) .
وانظر: زبدة الحلب 2/ 84.

(32/19)


واستظهر ابن جَهير وحاصر شرف الدّولة. فراسَلَ شرف الدّولة أرتق وبذل له مالًا، وسأله أن يمُن عليه، ويمكنه من الخروج من آمد. فإذن له، فساق على حَمِية، وقصد الرَّقَّة، وبعث بالمال إلى أرتق. وسافر فخر الدّولة إلى خلاط.
وبلغ السّلطان أنّ شرف الدّولة قد انهزم وحُصر بآمد، فجهز عميد الدّولة بن جُهير في جيش مَدَدًا لأبيه، فقدِم الموصل، وفي خدمته من الأمراء:
قسيم الدّولة آقسنقر جد السّلطان نور الدين رحمه الله، والأمير أرتق، وفتح له أهل الموصل البلد فتسلّمه [1]
مصالحة السّلطان وشرف الدّولة
وسار السّلطان بنفسه ليستولي على بلاد شرف الدّولة بن قريش، فأتاه البريد بخروج أخيه تكش بخُراسان، فبعث مؤيد الدّولة بن النظام إلى شرف الدّولة، وهو بنواحي الرحبة، وحلف له، فحضر إلى خدمة السّلطان، فخلع عليه، وقدم هو خيلًا عربيّة من جملتها فرسَه بَشّار، وكان فرسًا عديم النظير في زمانه، لا يُسْبق. فأُجري بين يديه، فجاء سابقًا، فوثب قائمًا من شدّة فرحه، وصالح شرف الدّولة [2]
عصيان تكش على أخيه السّلطان
وعاد إلى خُراسان لحرب أخيه، وكان قد صالحه. فلما رأى تكش الآن بُعد السّلطان عنه عاد إلى العصيان، فظفر به السّلطان فكحّله وسجنه [3] ، وليته قتله، فإنّه قصد مَرْو، فدخلها وأباحها لعسكره ثلاثة أيّام، فنهبوا الأموال، وفعلوا
__________
[1] تاريخ حلب للعظيميّ (زعرور) 352 (سويم) 19، الكامل في التاريخ 10/ 134، 135، ذيل تاريخ دمشق 117، تاريخ دولة آل سلجوق 75، 76، المختصر في أخبار البشر 2/ 195، تاريخ الفارقيّ 211، 212، 221، نهاية الأرب 23/ 248، الدرّة المضيّة 409، 410، تاريخ ابن الوردي 1/ 381، 382، تاريخ ابن خلدون 3/ 475 و 4/ 268، البداية والنهاية 12/ 126.
[2] تاريخ حلب للعظيميّ (زعرور) 352 (سويّم) 19، الكامل في التاريخ 10/ 136، التاريخ الباهر في الدولة الأتابكية 5، ذيل تاريخ دمشق 117، زبدة الحلب 2/ 84- 86، تاريخ دولة آل سلجوق 76، 77، المختصر في أخبار البشر 2/ 195، تاريخ ابن الوردي 1/ 382، تاريخ ابن خلدون 3/ 475.
[3] الكامل في التاريخ 10/ 137، 138، البداية والنهاية 12/ 126.

(32/20)


العظائم، وشربوا في الجامع في رمضان
استرجاع أنطاكية من الروم
وفيها سار سُليمان بن قُتْلُمِش [1] السلْجوقيْ صاحب قونية وأقصرا [2] بجيوشه إلى الشّام، فأخذ أنطاكية، وكانت بيد الروم من سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة، وسبب أخذها أنّ صاحبها كان قد سار عنها إلى بلاد الروم، ورتب بها شحنة.
وكان مسيئًا إلى أهلها وإلى جُنده حتّى أنه حبس ابنه. فاتفق ابنه والشحنة على تسليم البلد إلى سُليمان، فكاتبوه يستدعونه، فركب في البحر في ثلاثمائة فارس، وجمع من الرّجّالة، وطلع من المراكب، وسار إلى في جبال وعرة ومضايق صعبة حتّى وصل إليها بغتةً ونصب السلالم ودخلها في شعبان. وقاتلوه قتالًا ضعيفًا، وقتل جماعة وعفا عن الرعيّة، وعدل فيهم، وأخذ منها أموالًا لا تُحصى [3] ثمّ أرسل إلى السّلطان ملك شاه يبشّره، فأظهر السّلطان السرور، وهنأه النّاس.
وفيها يقول الأبِيوَرْدِيّ قصيدته:
لَمَعْت كناصية الحِصان الأشقرِ ... نار بمعتلج الكثيب الأعفر
منها:
__________
[1] يرد في المصادر: «قتلمش» ، و «قتلميش» و «قطلمش» و «قطلومش» .
[2] أقصرا: وأقصرى: بفتح الهمزة وسكون القاف وفتح الصاد والراء مع المدّ، من بلاد الروم.
الأرجح أنها مدينة آق سراي المعروفة الآن في تركيا بين أنطاكية وأنقرة. (ومعناها: القصر الأبيض) .
[3] روى ابن العبري هذا الخبر على هذا النحو:
«وسمع سليمان بن قتلميش الّذي قتل أبوه في العاصمة كما ذكرنا أن قيلردس انتزح عن أنطاكية فجهز السفن وزحف من أنطرطوس وطرسوس إلى أنطاكية من جهة الجبل واحتلها بمساعدة حاكمها إسماعيل المذكور. وفتح كنيسة القسيان الكبرى واحتوى على أمتعتها وآتيتها الذهبية والقضية وعلى ما أهداه إليها الأنطاكيون من التحف الوافرة وحوّلها إلى مسجد. ونادى بالأمان في المدينة وحرّم على الأتراك الضرب بالسيف ودخول أيّ بيت من بيوت المسيحيين ومصاهرة بناتهم على الإطلاق. وفرض عليهم أن يبيعوا كل ما غنموه من الأنطاكيين في أنطاكية عينها وبثمن بخس، وهكذا طيب قلوب الأهالي، وولى الحاكم حراسة القلعة، فاستراح الأنطاكيون وتمتعوا بالطمأنينة من أيام قيلردس النصراني بالاسم» .
وانظر: زبدة الحلب 2/ 86، 88.

(32/21)


وفتحتَ أنطاكيَّة الرّوم التي ... نَشَرَتْ مَعَاقِلَها على الإسكندرِ
وطِئَتْ مناكبَها جيادُك فانْثَنَت ... تُلقِي أجِنِّتها بناتُ الأصفرِ
[1] وأرسل شرف الدّولة مسلم بن قريش إلى سُليمان يطلب منه الحَمل الذي كان يحمله إليه صاحبُ أنطاكية. فبعث يقول له: إنّما ذاك المال كان جزية رأس الفردروس [2] وأنا بحمد الله فمؤمن، ولا أعطيك شيئًا [3] .
فنهب شرف الدّولة بلاد أنطاكيّة، فنهب سُليمان أيضًا بلاد حلب، فاستغاث له أهلُ القرى، فرقَّ لهم، وأمرَ جُنْدَه بإعادة عامّة ما نهبوه [4]
مقتل شرف الدولة بنواحي أنطاكية
ثمّ إنّ شرف الدّولة حشد العساكر، وسار لحصار أنطاكية، فأقبل سُليمان بعساكره، فالتقيا في صَفَر سنة ثمانٍ وسبعين بنواحي أنطاكية، فانهزمت العرب، وقُتل شرف الدّولة بعد أن ثبت، وقتِل بين يديه أربعمائة من شباب حلب.
وكان أخوه إبراهيم في سجنه، فأخرجوه وملّكوه [5]
__________
[1] الكامل في التاريخ 10/ 139، المختصر في أخبار البشر 2/ 195، نهاية الأرب 23/ 248، الدرة المضية 410، 411 و 427 (حوادث سنة 479 هـ.) ، العبر 3/ 285، 286، دول الإسلام 2/ 7، تاريخ ابن الوردي 1/ 382، تاريخ ابن خلدون 4/ 269، تاريخ الخلفاء 424.
[2] يسميه ابن الأثير: «الفردوس» (10/ 138 و 139) وفي نسخة خطية أخرى كما هو مثبت أعلاه.
ومثله في التاريخ الباهر 6، وفي زبدة الحلب 2/ 86 «الفلادرس» و «الفلاردوس» .
[3] زبدة الحلب 2/ 89، الكامل في التاريخ 10/ 138، التاريخ الباهر 6، المختصر في أخبار البشر 2/ 195، الدرة المضية 411، العبر 3/ 286، دول الإسلام 2/ 7، مرآة الجنان 3/ 120، تاريخ ابن الوردي 1/ 382.
[4] تاريخ حلب للعظيميّ (زعرور) 352 (سويّم) 19، الكامل في التاريخ 10/ 140، العبر 3/ 286.
[5]- تاريخ حلب للعظيميّ (زعرور) 353 (سويم) 20 (حوادث سنة 478 هـ.) ، الكامل في التاريخ 10/ 140، 141، ذيل تاريخ دمشق 118، تاريخ الزمان 119، زبدة الحلب 2/ 91، 92، و 95، تاريخ دولة آل سلجوق 77، المختصر في أخبار البشر 2/ 196، الأعلاق الخطيرة ج 3 ق 2/ 48، الدرة المضيّة 411، العبر 3/ 286، دول الإسلام 2/ 7، تاريخ ابن الوردي 1/ 382، مآثر الإنافة 2/ 5، تاريخ ابن خلدون 45/ 269، البداية والنهاية 12/ 126.

(32/22)


حصار حلب
وسار سُليمان فنازل حلب وحاصرها أكثر من شهر، وترحّل عنها [1]
ولاية آقسنقر شحنكية بغداد
وفيها وُلْي شِحْنكيّة [2] بغداد قسيم الدّولة آقسنقر.
__________
[1] تاريخ حلب للعظيميّ (زعرور) 353 (سويم 20 (حوادث سنة 478 هـ.) ، ذيل تاريخ دمشق 118، زبدة الحلب 2/ 95، الدرة المضيّة 411.
[2] الشحنكيّة من الشحنة، وهي الجماعة التي يقيمها الملك لضبط البلد، أو الرباط من الخيل.

(32/23)


سنة ثمان وسبعين وأربعمائة
استيلاء الأدفُونش على طليطلة
كان قد جمع الأدفونش، لعنه الله، جيوشَه، وسار فنزل على مدينة طُليطلَة من بلاد الأندلس في السّتين الماضية، فحاصرها سبْع سِنين، وأخذها في العام من صاحبها القادر باللَّه ولد المأمون يحيى بن ذي النون، فازداد قوّةً وطغى وتجبَّر [1]
موقعة الملثّمين بالأندلس
وكان ملوك الأندلس، حتّى المعتمد صاحب قُرْطُبة وإشبيلية، يحمل إليه قطيعة كلّ عام [2] فاستعان المعتمد بن عبّاد [3] على حربه بالملثّمين من البربر، فدخلوا إلى الأندلس [4] فكانت بينهم وقعة مشهورة، ولكن أساء يوسف بن تاشفين ملك الملثمين إلى ابن عبّاد، وعمل عليه، وأخذ منه البلاد، وسجنه بأغمات إلى أن مات
رواية ابن حزم عن كتاب الأدفونش إلى المعتمد بن عبّاد
وذكر اليَسَع بن حَزْم قال: كان وجّه أدفونش بن شانجة رسولا إلى
__________
[1] الكامل في التاريخ 10/ 142، وفيات الأعيان 5/ 27، المختصر في أخبار البشر 2/ 196، نهاية الأرب 23/ 248، دول الإسلام 2/ 8، العبر 3/ 289، تاريخ ابن الوردي 1/ 383، مآثر الإنافة 2/ 10، شذرات الذهب 3/ 357.
[2] الكامل في التاريخ 10/ 142.
[3] انظر عن (المعتمد بن عبّاد) في: الذخيرة لابن بسّام ق 3/ 14، والمعجب 158، ووفيات الأعيان 5/ 21- 29، والحلة السيراء 2/ 52، وأعمال الأعلام 157، والبيان المغرب 3/ 257، والوافي بالوفيات 3/ 183، ونفح الطيب (في مواضع متفرقة)
[4] العبر 3/ 289.

(32/24)


المعتمد. وكان من أعيان ملوك الفرنج يقال له البرهنس، معه كتاب كتبه رجلُ من فقهاء طُلَيْطلة تنصَّر ويُعرف بابن الخيّاط، فكان إذا عُيِّر قال: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ 28: 56 [1] والكتاب:
«من الانبراطور ذي الملّتين الملك أدفونش بن شانجة، إلى المعتمد باللَّه، سدّد الله آراءه، وبصّره مقاصد الرشاد. قد أبصرت تَزَلْزُل أقطار طُلَيْطُلة، وحصارها في سالف هذه السّنين، فأسلمتم إخوانكم، وعطّلتم بالدّعة زمانكم، والحذر من أيقظ بالَهَ قبل الوقوع في الحبالة. ولولا عهدٍ سَلَفَ بيننا نحفظ ذِمامه نهض العزم، ولكن الإنذار يقطع الأعذار، ولا يعجل إلّا من يخاف الفوت فيما يرومه، وقد حمّلنا الرّسالة إليك السّيد البرهانس، وعنده من التسديد الذي يلقى به أمثالك، والعقل الذي يدبّر به بلادك ورجالك، ما أوجب استنابته فيما يدق ويجلّ» . فلمّا قدم الرسول أحضر المعتمد الأكابر، وقرئ الكتاب، فبكى أبو عبد الله بن عبد البَر وقال: قد أبصرنا ببصائرنا أنَّ مآل هذه الأموال إلى هذا، وأن مسالمة اللّعين قوّة بلاده، فلو تضافرنا لم نصبح في التّلاف تحت ذلّ الخلاف، وما بَقِي إلّا الرجوع إلى الله والجهاد.
وأما ابن زيدون وابن لَبُون فقالا: الرأي مهادنته ومسالمته. فجنح المعتمد إلى الحرب، وإلى استمداد ملك البربر، فقال جماعة: نخاف عليك من استمداده. فقال: رعْي الْجِمال خيرٌ من رعي الخنازير
جواب المعتمد بن عبّاد إلى الأدفونش
ثمّ أخذ وكتب جواب أدفونش بخطِّهِ، ونصّه:
الذّلُّ تأباه الكرامُ ودِيننا ... لك ما ندين به من البأساء
سلمناك سلمًا ما أردت وبعد ذا ... نغزوك في الإصباح والإمساء
الله أعلى من صليبك فادرع ... لكتيبة خطبتك في الهيجاء
سوداء غابت شمسها في غيمها ... فجرت مدامعها بفيض دماء
__________
[1] سورة القصص، الآية 56.

(32/25)


ما بيننا إلّا النّزال وفتنة ... قدحت زِناد الصّبر في الغماءِ
من الملك المنصور بفضل الله المعتمد على الله محمد بن المعتضد باللَّه، إلى الطّاغية الباغية أدفونش الّذي لقّب نفسه ملك الملوك، وتسمّى بذي الملَّتَيْن. سلام على من اتّبع الهُدى، فأول ما نبدأ به من دعواه أنه ذو المِلَّتين والمسلمون أحقّ بهذا الاسم لأنّ الذي نملكه من نصارى البلاد، وعظيم الاستعداد، ولا تبلغه قدرتكم، ولا تعرفه ملّتكم. وإنّما كانت سِنَةُ سعدِ اتعظ منها مناديك، وأغفل من النّظر السّديد جميل مُناديك، فركبنا مركب عجز يشحذ الكيس، وعاطيناك كؤوس دعةٍ، قلت في أثنائها: ليس. ولم تستحي أن تأمر بتسليم البلاد لرجالك، وإنّا لنعجب من استعجالك وإعجابك بصُنْع وافقك فيه القَدَر، ومتى كان لأسلافك الأخدمين مع أسلافنا الأكرمين يد صاعدة، أو وقفة مساعدة، فاستعد بحرب، وكذا وكذا. إلى أن قال: فالحمد للَّه الذي جعل عقوبة توبيخك وتقريعك بما الموت دونه، والله ينصر دينه ولو كره الكافرون، وبه نستعين عليك.
ثمّ كتب إلى يوسف بن تاشفين يستنجده فأنجده
استيلاء ابن جهير على آمد وميافارقين
وفيها استولى فخر الدّولة بن جهير على آمد وميافارقين، وبعث بالأموال إلى السّلطان ملك شاه [1]
ملْكَ ابن جهير جزيرة ابن عَمْر
ثمّ ملك جزيرة ابن عَمْر بمخامرة من أهلها، وانقرضت دولة بني مروان [2]
__________
[1] المنتظم 9/ 14 (16/ 240) ، الكامل في التاريخ 10/ 143 و 144، المختصر في أخبار البشر 2/ 196، تاريخ الفارقيّ 209- 221 وفيه تفصيل مسهب، الأعلاق الخطيرة ج 3 ق 1/ 385، 386، تاريخ ابن الوردي 1/ 383، البداية والنهاية 12/ 127.
[2] الكامل في التاريخ 10/ 144، المختصر في أخبار البشر 2/ 196، تاريخ ابن الوردي 1/ 383، البداية والنهاية 12/ 127.

(32/26)


محاصرة أمير الجيوش دمشق
وفيها وصل أمير الجيوش في عساكر مصر، فحاصر دمشق، وضيّق على تاج الدّولة تُتُش، فلم يقدر عليها، فعاد إلى مصر [1]
الفتنة بين السُّنة والشيعة
وفيها كانت فتنة كبيرة بين أهل الكرْخ الشيعة وبين السّنة، وأحرقت أماكن واقتتلوا [2]
الزلزلة بأرّجان
وجاءت زلزلة مهُولة بأرّجان، مات خَلقُ منها تحت الردم [3]
الريح والرعد والبرق ببغداد
وفيها كانت الرّيح السّوداء ببغداد، واشتدّ الرعد والبرق، وسقط رملُ وتراب كالمطر، ووقعت عدّة صواعق، وظنّ النّاس أنّها القيامة، وبقيت ثلاث ساعات بعد العصر، نسأل الله السلامة [4] .
وقد سقت خبر هذه الكائنة في ترجمة الإمام أبي بكر الطّرطوشي لأنّه شاهدها وأوردها في أماليه [5] . وكان ثقة ورعًا، رحمه الله تعالى.
__________
[1] تاريخ حلب للعظيميّ (زعرور) 353 (سويم) 20، الكامل في التاريخ 10/ 145، المختصر في أخبار البشر 2/ 196، العبر 3/ 289، دول الإسلام 2/ 8، تاريخ ابن الوردي 1/ 383.
[2] المنتظم 9/ 15 و 16 (16/ 241 و 242) ، الكامل في التاريخ 10/ 145، العبر 3/ 289، مرآة الجنان 3/ 122، والبداية والنهاية 12/ 127.
[3] المنتظم 9/ 14 (16/ 239) ، الكامل في التاريخ 10/ 145، كشف الصلصلة 181، البداية والنهاية 12/ 127.
[4] المنتظم 9/ 14 (16/ 240، 241) ، الكامل في التاريخ 10/ 145، تاريخ الزمان 119، نهاية الأرب 23/ 249، دول الإسلام 2/ 8، تاريخ ابن الوردي 1/ 383، البداية والنهاية 12/ 127، النجوم الزاهرة 5/ 120، تاريخ الخلفاء 424.
[5] تاريخ ابن الوردي 1/ 383.

(32/27)


سنة تسع وسبعين وأربعمائة
مقتل ابن قُتْلُمش عند حلب
لمّا قُتِل شرف الدّولة نازل سُليمان بن قُتْلُمش حلب، وأرسل إلى نائبها ابن الحُتَيْتيّ العباسي يطلب منه أن يسلّمه إليه، فقدّم تقدمة، واستمهله إلى أن يكاتب السّلطان ملك شاه. وأرسل العبّاسيّ إلى صاحب تُتُش، وهو أخو السّلطان يحرضه على المجيء ليتسلم البلد. فسار تُتُش بجيشه، فقصده قبل أن يصل إليها سُليمان، وكان مع تُتُش أرتق التركماني جدّ أصحاب ماردين، وكان شجاعًا سعيدًا، لم يحضر مصَافًا إلًا وكان الظفر له. وقد كان فارق ابن جَهير لأمر بدا منه، ولحق بتاج الدّولة تُتُش، فأعطاه القدس. والتقى الجمعان، وبلى يومئذٍ أرتق بلاءً حسنًا، وحرَّض العرب على القتال، فانهزم عسكر سُليمان، وثبت سُليمان بخواصه إلى أن قُتِل، وقيل: بل أخرج سِكّينًا عند الغَلَبة قتلَ بها نفسه.
ونهب أصحاب تُتُش شيئًا كثيرًا.
ثمّ إنه سار لأخذ حلب، فامتنعوا، فحاصرها وأخذها بمُخَامرةٍ جَرَت [1]
دخول السّلطان حلب
وأما السّلطان فإنّ البُرْدَ وصلت إليه بشُغُور حلب من ملكٍ، فساق بجيوشه من إصبهان، فقدمها في رجب، وهرب أخوه عنها ومعه أرتق.
وكانت قلعة حلب عاصيةً مع سالم ابن أخي شرف الدّولة، فسلمها إلى
__________
[1] تاريخ حلب للعظيميّ (زعرور) 353 (سويم) 20، الكامل في التاريخ 10/ 147، 148، ذيل تاريخ دمشق 118، 119، تاريخ الزمان 119، زبدة الحلب 2/ 95- 99، المختصر في أخبار البشر 2/ 197، الدرة المضيّة 412، العبر 3/ 293، دول الإسلام 2/ 9، تاريخ ابن خلدون 4/ 269، اتعاظ الحنفاء 2/ 322، النجوم الزاهرة 5/ 124، البداية والنهاية 12/ 130.

(32/28)


السّلطان، وعوضه عنها بقلعة جَعْبَر [1] ، فبقيت في يده ويد أولاده إلى أن أخذها نور الدين [2]
إقرار الأمير نصر بن عليّ على شَيْزَر
وأرسل الأمير نصر بن عليّ بن منقذ إلى السّلطان ملك شاه ببذل الطّاعة، وسلّم إليه لاذقية وكفرطاب وفامية [3] ، فترك قصده وأقره على شَيْزَر. ثمّ سلم حلب إلى قسيم الدّولة آق سنقر، فعمرها وأحسن السيرة [4]
افتقار ابن الحُتَيتي
وأمّا ابن الحُتَيتيّ [5] فإنّ أهلها شكوه، فأخذه السّلطان معه، وتركه بديار بكر، فافتقر وقاسى.
وأمّا ولده فقتلته الفرنج بأنطاكية لمّا ملكوها [6]
خبر وقعة الزلاقة بالأندلس
وهو أنّ الأدفونش، لعنه الله، تمكّن وتمرد، وجمع الجيوش فأخذ طُلَيْطُلة فاستعان المسلمون بأمير المسلمين يوسف بن تاشفين صاحب سبتة
__________
[1] وتسمى قلعة دوسر. (زبدة الحلب 2/ 100) و «جعبر: بفتح أوله وسكون ثانية: على الفرات بين بالس والرقة قرب صفّين. كانت قديما تسمّى دوسر، فملكها رجل من بني قشير أعمى يقال له جعبر بن مالك» (معجم البلدان) .
[2] تاريخ حلب للعظيميّ (زعرور) 354 (سويّم) 20، 21، الكامل في التاريخ 10/ 148، 149، التاريخ الباهر 7، 8، ذيل تاريخ دمشق 119، زبدة الحلب 2/ 99- 101، المختصر في أخبار البشر 2/ 1197، نهاية الأرب 23/ 249 و 26/ 324، 325، الدرة المضيّة 412، 413، مرآة الجنان 3/ 131، تاريخ ابن الوردي 1/ 284 و 2/ 2، مآثر الإنافة 2/ 2، تاريخ ابن خلدون 3/ 476 و 4/ 275.
[3] يقال: «فامية» و «أفامية» .
[4] الكامل في التاريخ 10/ 149، 150، التاريخ الباهر 8، ذيل تاريخ دمشق 119 (حوادث سنة 480 هـ.) ، زبدة الحلب 2/ 102 و 103، 104، المختصر في أخبار البشر 2/ 197، 198، نهاية الأرب 26/ 325 و 23/ 249، الدرة المضية 421 و 430، مفرّج الكروب 1/ 19، تاريخ ابن الوردي 2/ 2، تارخ ابن خلدون 3/ 476 و 4/ 276.
[5] في: نهاية الأرب 26/ 324، والمختصر في أخبار البشر 2/ 197 «ابن الجيبي» .
[6] الكامل في التاريخ 10/ 150، تاريخ ابن خلدون 3/ 477 و 4/ 276.

(32/29)


ومراكش، فبادر وعدّى بجيوشه، واجتمع بالمعتمد بن عبّاد بإشبيلية، وتهيأ عسكرها وعسكر قُرْطُبة، وأقبلت المطوعة من النواحي [1] .
وسار جيش الإسلام حتّى أتوا الزّلّاقة. ومن عمل بطليوس، وأقبلت الفرنج، وتراءى الجمعان. فوقع الأدفونش على ابن عبّاد قبل أن يتواصل جيش ابن تاشفين، فثبت ابن عبّاد وأبلى بلاءً حسنًا، وأشرف المسلمون على الهزيمة، فجاء ابن تاشفين عرضًا، فوقع على خيام الفرنج، فنهبها وقتل من بها، فلم تتمالك النصارى لما رأت ذلك أن انهزمت، فركب ابن عبّاد أقفيتهم، ولقيهم ابن تاشفين من بين أيديهم، ووضع فيهم السيف، فلم ينج منهم إلّا القليل.
ونجا الأدفونش في طائفة. وجمع المسلمون من رءوس الفرنج كومًا كبيرًا، وأذّنوا عليه، ثمّ أحرقوها لما جيفت [2] .
وكانت الوقعة يوم الجمعة في أوائل رمضان [3] وأصاب المعتمد بن عبّاد جراحات سليمة في وجهه. وكان العدو خمسين ألفًا، فيقال: لم يصل منهم إلى بلادهم ثلاثمائة نفس. وهذه ملحمة لم يعهد مثلها. وحاز المسلمون غنيمة عظيمة [4]
استيلاء ابن تاشفين على غرناطة
وطابت الأندلس للملثّمين فعمل ابن تاشفين على أخذها، فشرع أوّلًا، وقد سار في خدمة ملك غرناطة، فقبض عليه وأخذ بلده، واستولى على قصره بما حوى، فيقال إنّ في جملة ما أخذ أربعمائة حيّة جوهر، فقُوِّمت كلّ واحدةٍ بمائة دينار [5]
__________
[1] وفيات الأعيان 5/ 28، 29.
[2] تاريخ حلب للعظيميّ (زعرور) 353 (سويم) 20، الكامل في التاريخ 10/ 154، ذيل تاريخ دمشق 118 (حوادث سنة 478 هـ.) ، المختصر في أخبار البشر 2/ 198، العبر 3/ 293، دول الإسلام 2/ 9، مرآة الجنان 3/ 131، تاريخ ابن الوردي 2/ 3، شذرات الذهب 3/ 362.
[3] ويقول ابن خلّكان: «والصحيح أن هذه الوقعة كانت في منتصف رجب من السنة المذكورة» .
(وفيات الأعيان 5/ 29) ، ومثله في: الحلة السيراء 2/ 55 و 101.
[4] الكامل في التاريخ 10/ 151- 154.
[5] الكامل في التاريخ 10/ 154، 155، المختصر في أخبار البشر 2/ 198، تاريخ ابن الوردي

(32/30)


تلقيب ابن تاشفين بأمير المسلمين
ونقل «ابن الأثير» [1] أنّ ابن تاشفين أرسل إلى المقتدي باللَّه العباسيّ يطلب أن يسلطنَه، فبعث إليه الخِلع والأعلام والتّقليد، ولُقِّب بأمير المسلمين
دخول السلطان ملك شاه بغداد
ولمّا افتتح السّلطان ملك شاه حلب و [غيرها] [2] رجع ودخل بغداد، وهو أوّل دخوله إليها، فنزل بدار المملكة ولعب بالكُرة، وقدّم تقادم للخليفة، ثمّ قدِم بعده نظام المُلْك. ثمّ سار فزار قبور الصالحين [3] .
وفيه يقول ابن زكَرَوْيه الواسطيّ:
زُرْتَ المشاهدَ زَوْرةً مشهودةً ... أرْضت مضاجع من بها مدفونُ
فكأنّك الغَيْثُ استهلّ بتُربها، ... وكأنّها بك رَوْضةٌ ومَعِينٌ
[4] ثمّ خرج وتصيد، وأمر بعمل منارة القرون من كثيرة ما اصطاد من الغزلان وغيرها [5] .
ثمّ جلس له الخليفة ودخل إليه وأفرغ الخِلَع عليه. ولم يزل نظام الملك
__________
[ () ] 2/ 3، شذرات الذهب 3/ 362، وفيات الأعيان 5/ 29، 30.
[1] في الكامل 10/ 155، تاريخ الخلفاء 424، 425، شذرات الذهب 3/ 363.
[2] في الأصل بياض.
[3] المنتظم 9/ 29 (16/ 259، 260) ، تاريخ الزمان 120، تاريخ دولة آل سلجوق 79، المختصر في أخبار البشر 2/ 198، نهاية الأرب 26/ 326 (حوادث سنة 477 هـ.) ، وفيات الأعيان 5/ 285، العبر 3/ 293، تاريخ ابن الوردي 2/ 3، مآثر الإنافة 2/ 2 وقد وقع في المطبوع أن دخوله بغداد كان سنة 499 هـ. وهو غلط، تاريخ ابن خلدون 3/ 477، وتاريخ الخلفاء 425.
[4] زاد ابن الأثير في (الكامل 10/ 156) .
فازت قداحك بالثواب وأنجحت ... ولك الإله على النجاح ضمين
[5] قال ابن خلكان إن ملك شاه «خرج من الكوفة لتوديع الحاج، فجاوز العذيب وشيعهم بالقرب من الواقصة وصاد في طريقة وحشا كثيرا فبني هناك منارة من حوافر الحمر الوحشية وقرون الظباء التي صادها في ذلك الطريق، والمنارة باقية إلى الآن، وتعرف بمنارة القرون، وذلك في سنة ثمانين وأربعمائة» . (وفيات الأعيان 5/ 285) .
والخبر باختصار في: العبر 3/ 293، ودول الإسلام 2/ 9، ومرآة الجنان 3/ 131، البداية والنهاية 12/ 131.

(32/31)


قائمًا يقدّم أميرًا أميرًا إلى الخليفة، وكلما قدّم أميرًا قال: هذا العبد فلان، وأقطاعه كذا وكذا، وعدّة رجاله وأجناده كذا وكذا، إلى أن أتى على آخرهم. ثمّ خلع على نظام المُلْك. وكان يومًا مشهودًا.
وجلس نظام المُلْك بمدرسته، وحدّث بها، وأملى مجلسًا.
ثمّ سار السّلطان من بغداد إلى إصبهان في صفر من سنة ثمانين [1]
الفتنة بين السُّنة والشيعة
وفيها كانت فتنة هائلة بين السُّنّة والشّيعة، وكادت الشيعة أن تملك، ثمّ حجز بينهم الدّولة [2]
تدريس الدبّوسيّ بالنظامية
وفيها قدِم الشريف أبو القاسم عليّ بن أبي يَعْلَى الحُسينيّ الدّبّوسيّ بغداد في تَجَمُّلٍ عظيم لم يُرَ مثلُه لِعالِم، ورُتب مدرسًا بالنظامية بعد أبي سعْد المتولّي [3]
زواج ابن صاحب الموصل وإقطاعه البلاد
وفيها زوّج السّلطان أخته زليخا بابن صاحب الموصل، وهو محمد بن شرف الدّولة مسلم بن قريش، وأقطعه الرحْبَة، وحَرّان، والرَّقَّة، وسَرُوج، والخابور، وتسلَّم هذه البلاد سوى حَرّان، فإنّ محمد بن الشّاطر امتنع من تسليمها مدّة، ثمّ سلمها [4]
__________
[1] الكامل في التاريخ 10/ 156، 157، نهاية الأرب 26/ 326.
[2] المنتظم 9/ 26، 27 (16/ 256) ، الكامل في التاريخ 10/ 157.
[3] المنتظم 9/ 27 (16/ 257) ، الكامل في التاريخ 10/ 158، الإنباء في تاريخ الخلفاء 204، البداية والنهاية 12/ 131.
[4] المختصر في أخبار البشر 2/ 198، الأعلاق الخطيرة ج 3 ق 1/ 48، العبر 3/ 293، 294، دول الإسلام 2/ 9، تاريخ ابن الوردي 2/ 3، تاريخ ابن خلدون 4/ 269، البداية والنهاية 12/ 130، 131.

(32/32)


عزْل ابن جهير عن ديار بكر
وفيها عُزِل فخر الدّولة بن جهير عن ديار بكر بالعميد أبي على البلْخيّ، بعثه السّلطان وجعله عاملًا عليها [1]
الخطبة للمقتدي بالحرمين
وفيها أسقطت خطبة صاحب مصر المستنصر بالحرمين، وخطيب لأمير المؤمنين المقتدي [2]
إسقاط المكوس بالعراق
وفيها أسقط السّلطان المُكوُس والاجتيازات بالعراق [3]
محاصرة قابس وسفاقس
وفيها حاصر تميم بن باديس قابِس وسفاقس، وفرق عليهما جيوشه [4] .
__________
[1] الكامل في التاريخ 10/ 158، تاريخ دولة آل سلجوق 76، تاريخ الفارقيّ 221، الأعلاق الخطيرة ج 3 ق 1/ 389، البداية والنهاية 12/ 131.
[2] الكامل في التاريخ 10/ 158، نهاية الأرب 23/ 249، دول الإسلام 2/ 9، العبر 3/ 294، مرآة الجنان 3/ 132، تاريخ الخلفاء 425.
[3] تاريخ حلب للعظيميّ (زعرور) 353 (سويم) 20، المنتظم 9/ 35 (16/ 267) (حوادث سنة 480 هـ.) ، الكامل في التاريخ 10/ 159، ذيل تاريخ دمشق 118، نهاية الأرب 23/ 249.
[4] الكامل في التاريخ 10/ 159، البيان المغرب 1/ 300

(32/33)


سنة ثمانين وأربعمائة
عرس الخليفة المقتدي
في أوّلها عُرْسُ أمير المؤمنين على بنت السّلطان ملك شاه، عند ما ذهب السّلطان للصّيد. فنُقل جهازها إلى دار الخليفة، فيما نقل «ابن الأثير» [1] ، على مائةٍ وثلاثين جَمَلًا مجلَّلة بالدّيباج الروميّ، وعلى أربعة وسبعين بغلًا مجلَّلة بألوان الدّيباج، وأجراسها وقلائدها الذّهَب، فكان على ستة بغال اثنا عشر صندوقا فيها الحلبيّ والمَصَاغ، وثلاثة وثلاثون فرشًا عليها مراكب الذَّهَب مرصّعة بأنواع الجوهر والحُلِيّ، ومهْد كبير كثير الذّهب، وبين يدي الجهاز الأميران كوهرائين وبُرسق. فأرسل الخليفة وزيره أبا شجاع إلى تركان خاتون، وبين يديه ثلاثمائة مركبيّة، ومثلها مشاعل. ولم يبق في الحريم دكّان إلّا وقد أشعل فيها الشّمع.
وأرسل الخليفة محفّة لم يُرَ مثلها.
وقال الوزير لتُرْكان: يقول أمير المؤمنين: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أن تؤدّوا الأمانات إلى أهلها، وقد أَذِن في نقل الوديعة إليه.
فأجابت، وحضر نظام المُلْك فمن دونَه، وكل معهم الشمع والمشاعل.
وكان نساء الأمراء بين أيديهن الشّمع والمشاعل. ثمّ أقبلت الخاتون في محفّةٍ مجلّلة بألوان الذّهب والجواهر الكوشيّ، قد أحاط بالمحفة. مائتا جارية من الأتراك بالمراكب العجيبة، فسارت إلى دار الخلافة. وكانت ليلة مشهودة لم يُرَ ببغداد مثلها. وعمل الخليفة من الغد سِماطًا لأمراء السّلطان، يحكى أنّ فيه
__________
[1] في الكامل في التاريخ 10/ 160.

(32/34)


أربعين ألف مَنًّا من السُّكَّر، وخلع عليهم. وجاءه منها ولد في ذي القعدة سمّاه جعفرًا.
وجاء السّلطان في هذه السّنة من تركان خاتون ولده محمود الذي ولي الملك [1] .
__________
[1] المنتظم 9/ 36، 37 (16/ 268، 269) ، الكامل في التاريخ 10/ 160، 161، تاريخ الزمان 120، وفيات الأعيان 5/ 288، نهاية الأرب 23/ 250، العبر 3/ 296، دول الإسلام 2/ 10، مرآة الجنان 3/ 132، البداية والنهاية 12/ 132، 133

(32/35)


بسم الله الرحمن الرحيم
[تراجم رجال هذه الطبقة]
سنة إحدى وسبعين وأربعمائة
- حرف الألف-
1- أحمد بن الحافظ أبي عَمْرو عثمان بْن سَعِيد الدّاني [1] .
المقرئ أبو العبّاس.
قرأ على أبيه، وأقرأ الناس بالروايات.
أخذ عنه: أبو القاسم بن مُدير [2] .
تُوُفّي في ثامن رجب.
2- أحمد بن عليّ بن محمد بن الفضل [3] أبو الحَسَن بن أبي الفرج البغداديّ البَشّاريّ [4] ، المعروف أيضًا بابن الوازع.
شيخ معمّر، وجدَ ابن ماكولا سماعَه من أبي الطّاهر المخلّص في جزء من «الفتوح» لسيف. فأفادَه الناسَ، وسمعوه منه [5] .
روى عنه: مكّيّ الرّميليّ، وإسماعيل بن السّمرقنديّ.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن أبي عمرو) في: غاية النهاية 1/ 80 رقم 365.
[2] في غاية النهاية: «أبو القاسم بن مدى» ، وهو تصحيف.
[3] انظر عن (أحمد بن علي) في: الإكمال لابن ماكولا 7/ 443، والأنساب 2/ 222، 223، واللباب 1/ 155، والمشتبه في أسماء الرجال 2/ 669.
وفيها جميعا: «أَحْمَد بن عَليّ بن أَحْمَد بن أَبِي الفرج أحمد بن الفضل بن الوازع البشاري الرفّاء» .
[4] في الأصل بضم الباء الموحدة. والصحيح بالفتح كما في مصادر ترجمته. قال ابن ماكولا: أوله باء معجمة بواحدة، وشين معجمة.
[5] وقال ابن ماكولا: «وأنا أول من سمع منه» ، وقد سمع الحميدي أيضا منه. (الإكمال 7/ 443) .

(32/36)


تُوُفّي فِي ربيع الأوّل وله 94 سنة.
3- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن هبة اللَّه [1] .
أبو الحسين الدّمشقيّ الأكفانيّ والد الأمين أبي محمد.
حدَّث عن: المسدد الأملوكيّ، وعبد الرحمن بن الطُّبَيْز.
وعنه: ابنه.
مات في ربيع الأوّل.
4- أتْسِز بن أوّق الخُوارَزْميّ التُركيّ [2] .
صاحب دمشق.
قال ابن الأكفاني: غلت الأسعار في سنة حصار الملك أتْسِز بن الخُوارَزْميّ دمشق، وبلغت الغرارة أكثر من عشرين دينارًا. ثمّ ملك البلد صُلحًا، ونزل دار الإمارة داخل باب الفراديس، وخطب لأمير المؤمنين المقتدي باللَّه عبد الله بن أبي العبّاس، وقُطِعت دعوة المصريّين، وذلك في ذي القعدة سنة ثمانٍ وستّين [3] .
__________
[1] انظر عن (أحمد بن محمد) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 3/ 288 رقم 369، وتهذيب تاريخ دمشق 2/ 82.
[2] انظر عن (أتسز بن أوق) في: تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 350، (بتحقيق سويم) 17، 18، والكامل في التاريخ 10/ 68، 99، 100، 103، 104، 111، وأخبار مصر لابن ميسر 2/ 26 (حوادث سنة 472 هـ.) ، وزبدة الحلب 2/ 65، ومرآة الزمان لسبط ابن الجوزي ج 12/ ق 2/ ورقة 160 ب، وتاريخ دولة آل سلجوق 71، 72، وذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 108، 112، ووفيات الأعيان 1/ 295، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 4/ 204، 205 رقم 203، والمختصر في أخبار البشر 2/ 187 وفيه «يوسف بن أبق» ، و 192، 193، 194، ونهاية الأرب 27/ 64، 65، والعبر 3/ 252، 266، 269، 274، 275، ودول الإسلام 1/ 273 و 2/ 3- 5، وسير أعلام النبلاء 18/ 431، 432 رقم 218، والإعلام بوفيات الأعلام 194، وتاريخ ابن الوردي 1/ 380، ومرآة الجنان 3/ 100، والدرة المضيّة 390 (حوادث سنة 463 هـ.) و 406 (حوادث سنة 472 هـ.) ، والوافي بالوفيات 6/ 195، وأمراء دمشق في الإسلام 21 رقم 72، والبداية والنهاية 12/ 112، 113 و 119، وفيه «أتسز بن أوف» ، وتاريخ ابن خلدون 3/ 474، واتعاظ الحنفا 2/ 320، والنجوم الزاهرة 5/ 87، 101، 102، وتهذيب تاريخ دمشق 2/ 334، وفيه «أتسز بن آف» ، ومعجم الأنساب والأسرات الحاكمة لزامباور 46، وولاة دمشق في العهد السلجوقي، للدكتور المنجد 18.
[3] تهذيب تاريخ دمشق 2/ 334، وانظر: الكامل في التاريخ 10/ 99، والمختصر 2/ 192.

(32/37)


وقال ابن عساكر [1] : إنّه ولي دمشق بعد حصاره إيّاها دفعات، وأقام الدّعوة لبني العبّاس، وتغلب على أكثر الشّام، وقصد مصر ليأخذها فلم يتمّ له ذلك.
ثمّ وجّه المصريّون إلى الشّام عسكرًا ثقيلًا في سنة إحدى وسبعين، فلمّا عجز عنهم راسل تُتُش بن ألب أرسلان يستنجد به. فقدم تتش دمشق، وغلب على دمشق، وقتل أتْسِز في ربيع الآخر، واستقام الأمر لتتش.
وكان أتسز لمّا أخذ دمشق أنزل جُنْدَه في دُور النّاس، واعتقل من الرُّؤساء جماعةً وشمّسهم بمرج راهط حتّى افتدوا نفوسهم منه بمالٍ كثير، ونزح جماعة إلى طرابُلُس. وقَتَلَ بالقُدس خلقًا كثيرًا كما مرَّ في الحوادث إلى أن أراح النّاس منه.
5- إبراهيم بن إسماعيل [2] .
أبو سعْد اليعقوبيّ.
مات بمرْو في شعبان.
6- إبراهيم بن عليّ [3] .
الشّيخ أبو إسحاق القبانيّ [4] .
شيخ الصُّوفيّة بدمشق.
أقام بدمشق، وأقام بصور أربعين عامًا.
وسمع بالرملة من شيخه أبي الحسين بن الترجمان، وبصيداء من الحَسَن بن جُمَيْع.
روى عنه: نصْر المقدسيّ، وغيث الأرمنازيّ [5] ، وجماعة.
__________
[1] في: مختصر تاريخ دمشق 4/ 204، 205، وتهذيب تاريخ دمشق 2/ 334، وانظر: ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 112.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] انظر عن (إبراهيم بن علي القباني) في: تاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 4/ 278 و (10/ 255) ، ومعجم البلدان 4/ 302، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 4/ 86، 87 رقم 106، وتهذيب تاريخ دمشق 2/ 233، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي 1/ 238، 239 رقم 39.
[4] تصحفت هذه النسبة في المصادر إلى: «العتابي» ، و «القبائي» و «التباني» .
[5] وهو قال: كان القباني شيخ الصوفية بالثغر، وكان ذا سمت حسن وطريقة مستقيمة، كثير

(32/38)


وكان صالحًا صدوقًا له معاملة
- حرف الحاء-
7- الحَسَن بن أحمد بن عبد الله [1] .
الفقيه أبو عليّ بن البنّاء البغداديّ الحنبليّ، صاحب التّصانيف والتّخاريج.
سمع من: هلال الحفّار، وأبي الفتح بْن أَبِي الفوارس، وأبي الحَسَن بن رزقوَيْه، وأبي الحسين بن بُشَران، وعبد الله بن يحيى السُّكَّريّ، وهذه الطبّقة فأكثر.
روى عنه: أحمد بن ظَفَر المَغَازِليّ، وأبو منصور عبد الرحمن القزّاز، وإسماعيل بن السَّمَرْقَنديّ، وجماعة، وولداه يحيى وأحمد، وأبو الحسين بن الفرّاء، وقاضي المرِستان.
وقرأ بالرّوايات على أبي الحسن الحماميّ [2] .
__________
[ () ] الدرس للقرآن، طويل الصمت، ملازما لما يعنيه، ولد بما وراء النهر، وخرج صغيرا، وتغرّب وسافر قطعة إلى خراسان والعراق والحجاز، ثم نزل صور فأقام بها واستوطنها إلى أن مات.
وحدّث بها كثير عنه، وكان سماعه صحيحا. وحدّثني أنه أدرك من أصحاب القفال الشاشي أربعة، وأنه سمع من ثلاثة منهم. وسمع من أحدهم كتاب «دلائل النّبوة» . وأقام بصور نحوا من أربعين سنة. وسئل عن مولده فقال سنة أربع وتسعين أو خمس وتسعين وثلاثمائة، وتوفي عاشر جمادى الآخرة سنة إحدى وسبعين وأربعمائة، ودفن بين يدي باب المسجد المعروف ب «عتيق» . وذكر لي جماعة من الفقراء أنه لم يبق في الشام ولا في الحجاز شيخ لهذه الطائفة يجري مجراه. (تاريخ دمشق 4/ 278) .
[1] انظر عن (الحسن بن أحمد) في: المنتظم 8/ 319، 320 رقم 391 (16/ 200، 201 رقم 3485) ، ومعجم الأدباء 7/ 265- 270) ، والكامل في التاريخ 10/ 112، وإنباه الرواة 1/ 276، 277، وتاريخ إربل 1/ 271، وطبقات الحنابلة 2/ 243، 244 رقم 677، والإعلام بوفيات الأعلام 194، وسير أعلام النبلاء 18/ 380- 382 رقم 185، والمعين في طبقات المحدّثين 135 رقم 1493، والعبر 3/ 275، ودول الإسلام 2/ 5، ومعرفة القراء الكبار 1/ 433، 434 رقم 368، وتذكرة الحافظ 3/ 1177، وتلخيص ابن مكتوم، ورقة 50، ومرآة الجنان 3/ 100، والوافي بالوفيات 11/ 381- 383، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 32- 37 رقم 14، وغاية النهاية 1/ 206 رقم 949، ولسان الميزان 2/ 195، 196، والنجوم الزاهرة 5/ 107، والمقصد الأرشد في ذكر أصحاب أحمد لابن مفلح، ورقة 87، وبغية الوعاة 1/ 495، 496، وكشف الظنون 1/ 212، 892 و 2/ 1105، 2001، وشذرات الذهب 3/ 338، 339، وهدية العارفين 1/ 276، وديوان الإسلام 1/ 338 رقم 529، ومعجم المؤلفين 300/ 201.
[2] طبقات الحنابلة 2/ 243.

(32/39)


وعلّق الفقه والخلاف عن القاضي أبي يَعْلَى قديمًا [1] .
ودرّس في أيّامه، وله تصانيف في الفقه والأصول والحديث.
وكان له حلقتان [2] للفتوى وللوعْظ، وكان شديدًا على المُبْتَدِعَة، ناصرًا للسُّنّة.
آخر من روى عنه بالإجازة الحافظ محمد بن ناصر.
قال القفطيّ [3] : كان من كبار الحنابلة. سأل فقال: هل ذكرني الخطيب في تاريخه مع الثقات أو مع الكذابين؟
فقيل له: ما ذكرك أصلًا.
فقال: ليته ذكرني ولو مع الكذابين.
قال القفطيّ [4] : كان مشارًا إليه في القراءات واللّغة والحديث. حُكي عنه أنه قال: صنّفتُ خمسمائة مصنَّف.
قال: إلًا أنّه كان حنبليّ المعتَقَد، تكلّموا فيه بأنواع.
تُوُفّي في رجب.
قلت: ما تكلم فيه إلّا أهل الكلام لكونه كان لهجا بمخالفتهم، كثير الذّمّ لهم، مَعْنِيا بأخبار الصِّفات.
قرأ عليه جماعة. ولم يذكره الخطيب في تاريخه لأنّه أصغر منه، ولا ذكر أحدًا من هذه الطّبقة إلّا من مات قبله.
وذكره ابن النّجّار فقال: كان يؤدِّب بني جَرْدَة. قرأ بالرّوايات على الحماميّ، وغيره. وكتب بخطه كثيرًا.
إلى أن قال: وتصانيفه تدلّ على قلّة فَهْمه، كان صحفيًّا قليل التحصيل.
روى الكثير، وأقرأ، ودرّس، وأفتى، وشرح «الإيضاح» لأبي عليّ الفارسيّ. إذا
__________
[1] طبقات الحنابلة 2/ 243.
[2] إحداهما في جامع المنصور، والأخرى في جامع القصر. (طبقات الحنابلة 2/ 243) .
[3] في: إنباه الرواة 1/ 276، وقوله: «كان من كبار الحنابلة» ليس في «الإنباء» .
[4] في: إنباه الرواة 1/ 276.

(32/40)


نظرت في كلامه بانَ لك سوء تصرُّفه.
ورأيت له ترتيبًا في «غريب» أبي عُبَيْد قد خَبَطَ كثيرًا وصحّف [1] .
حدَّث عنه: أولاده أحمد ومحمد ويحيى، وابن الحُصَين، وإسماعيل بن السَّمَرْقَنديّ، وأبو منصور القزاز، وأحمد بن ظَفَر المَغَازِليّ.
قال شجاع الذُّهْليّ: كان أحد القراء المجوّدين، سمعنا منه قطعة من تصانيفه [2] .
وقال المؤتمن السّاجيّ: كان له رواه ومنظر، ما طاوعتْني نفسي للسّماع منه [3] .
وقال إسماعيل بن السَّمَرْقَنديّ: كان واحدُ من المحدّثين اسمه الحَسَن بن أحمد بن عبد الله النّيسابوريّ. سمع الكثير، فكان ابن البناء يكشط «بوريّ» منه ويمد السّين، فتصير «البنّاء» كذا قيل إنّه كان يفعل ذلك [4] .
__________
[1] سير أعلام النبلاء 18/ 381.
[2] سير أعلام النبلاء 18/ 381، لسان الميزان 2/ 195 وزاد فيه: «ولا أذكر عنه أكثر من هذا» .
قال السلفي: كأنه أشار إلى ضعفه.
[3] سير أعلام النبلاء 18/ 381، لسان الميزان 2/ 195، وفيه زيادة: «قال السلفي: كان يتصرف في الأصول بالتغيير والحكّ» .
[4] المنتظم 8/ 320 (16/ 201) ، ومعجم الأدباء 7/ 267.
قال ابن الجوزي تعليقا على ذلك: «وهذا بعيد الصحة لثلاثة أوجه، أحدها أنه قال: كذا قيل.
ولم يحك عن علمه بذلك فلا يثبت هذا.
والثاني: أن الرجل مكثر لا يحتاج إلى الاستزادة لما يسمع، ومتدين، ولا يحسن أن يظن بمتدين الكذب.
والثالث: أنه قد اشتهرت كثرة رواية أبي علي بن البنّاء، فأين هذا الرجل الّذي يقال له:
الحسن بن أحمد بن عبد الله النيسابورىّ؟ ومن ذكره؟ ومن يعرفه؟ ومعلوم أن من اشتهر سماعه لا يخفى، فمن هذا الرجل؟ فنعوذ باللَّه من القدح بغير حجّة» .
وقال المؤلّف الذهبي- رحمه الله-: «هذا جرح بالظنّ، والرجل في نفسه صدوق، وكان من أبناء الثمانين- رحمه الله- وما التّحنبل بعار- والله- ولكنّ آل مندة وغيرهم يقولون في الشيخ:
إلّا أنه فيه تمشعر. نعوذ باللَّه من الشرّ» . (سير أعلام النبلاء 18/ 382) .
وقال ابن رجب: وكان نقيّ الذهن، جيد القريحة، تدلّ مجموعاته على تحصيله لفنون من العلوم، وقد صنف قديما في زمن شيخه الإمام أبي يعلى في المعتقدات وغيرها، وكتب له خطّه عليها بالإصابة والاستحسان.
وقد رأيت له في مجموعاته من المعتقدات ما يوافق بين المذهبين: الشافعيّ، وأحمد. ويقصد

(32/41)


8- الحسن بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن جعفر [1] .
الحافظ أبو عليّ البلْخيّ [2] الوَخْشي [3] ، ووَخْش: من أعمال بلْخ [4] .
رحال حافظ كبير. سمع بدمشق من: تمّام الرّازيّ [5] ، وعَقِيل بن عَبْدان.
وببغداد من: أبي عَمْر بن مهديّ.
__________
[ () ] به تأليف القلوب، واجتماع الكلمة، مما قد استقرّ له وجود في استنباطه، مما أرجو له به عند الله الزلفى في العقبي. فلقد كان من شيوخ الإسلام النصحاء. الفقهاء الألباء، ويبعد غالبا أن يجتمع في شخص من التفنن في العلوم ما اجتمع فيه.
وقد جمع من المصنّفات في فنون العلم فقهاء وحديثا، وفي علم القراءات والسير والتواريخ والسنن، والشروح للفقه، والكتب النحوية إلى غير ذلك جموعا حسنة، تزيد على ثلاثمائة مجموع، كذا قرأته محققا بخط بعض العلماء.
وذكر ابن رجب أسماء مؤلفاته. ثم أورد ما أنشده ابن البنّاء لنفسه على البديهة:
إذا غيبت أشباحنا كان بيننا ... رسائل صدق في الضمير تراسل
وأرواحنا في كل شرق ومغرب ... تلاقى بإخلاص الوداد تواصل
وثم أمور لو تحققت بعضها ... لكنت لنا بالعذر فيها تقابل
وكم غائب والقلب منه مسالم ... وكم زائر في القلب منه بلابل
فلا تجزعن يوما إذا غاب صاحب ... أمين، فما غاب الصديق المجامل
(ذيل طبقات الحنابلة 1/ 33، 34 و 35 و 36، 37) .
[1] انظر عن (الحسن بن علي البلخي) في: الإكمال لابن ماكولا 7/ 391، والأنساب 12/ 228، وتاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 10/ 216، 217، والمنتخب من السياق 182، 183، رقم 498، ومعجم البلدان 5/ 365، واللباب 3/ 355، والمختصر الأول للسياق، ورقة 16، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 7/ 52 رقم 13، والعبر 3/ 275، والمشتبه في أسماء الرجال 2/ 659، وسير أعلام النبلاء 18/ 365- 367 رقم 176، والإعلام بوفيات الأعلام 194، والمعين في طبقات المحدّثين 135 رقم 1494، وتذكرة الحفاظ 3/ 1171- 1174، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 1002، 1003 رقم 68، ومرآة الجنان 3/ 100، والوافي بالوفيات 12/ 163 رقم 136، ولسان الميزان 2/ 241، 242 رقم 1013، وتبصير المنتبه 4/ 1479، وطبقات الحفاظ 439، وكشف الظنون 163، 508، وشذرات الذهب 3/ 339، وإيضاح المكنون 1/ 340، وتهذيب تاريخ دمشق 4/ 234، 235، ومعجم المؤلفين 3/ 260، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي 2/ 118، 119 رقم 438، ومعجم طبقات الحفاظ 76 رقم 990.
[2] تحرفت هذه النسبة إلى «التجيبي» في (مرآة الجنان 3/ 100) .
[3] بخاء معجمة.
[4] الإكمال، الأنساب، معجم البلدان، اللباب، المشتبه، التبصير.
[5] لم يذكره «الدوسري» في مقدمة (الروض البسّام) 1/ 49.

(32/42)


وبالبصرة من: أبي عَمْر الهاشميّ.
وبمصر من: أبي محمد عبد الرحمن بن عَمْر بن النّحّاس.
وبخُراسان من أصحاب الأصمّ.
قال أبو بكر الخطيب: علّقت عنه ببغداد، وإصبهان [1] .
وقال ابن السَّمعانيّ: كان حافظًا فاضلًا ثقة، حَسَن القراءة. رحل إلى العراق، والجبال، والشّام، والثغور، ومصر. وذاكَرَ الحُفّاظ.
وسمع ببلْخ من أبي القاسم عليّ بن أحمد الخُزَاعيّ، وبنَيْسابور من أبي زكريّا المزكّي، والحِيريّ، وببغداد من أبي مهديّ، وابن أبي الفوارس، وبإصبهان من أبي نُعَيْم.
روى لنا عنه: عمر بن محمد بن عليّ السَّرْخَسيّ، وعمر بن عليّ المحموديّ.
روى عنه الخطيب في تصانيفه، وذكر الحافظ عبد العزيز النَّخْشبيّ أنّه كان يُتَّهم بالقَدَر.
قال السَّمعانيّ: ولد سنة خمس وثمانين وثلاثمائة.
وتُوُفّي في خامس ربيع الآخر سنة إحدى وسبعين ببلْخ [2] .
قلت: انتقى على أبي نُعَيم خمسة أجزاء مشهورة «بالوَخْشِيّات» ، وسمعنا جزءًا من حديثه رواه من حِفْظه.
سُئِل عن إسماعيل بن محمد التَّيْميّ فقال: حافظ كبير [3] .
قلت: روى عن الوخْشِيّ كتاب «السُّنَن» لأبي داود: الحسنُ بن عليّ الحُسَيْنيّ البلْخيّ، والذي قيّد وفاته صاحبُه عَمْر السَّرْخَسيّ. وقد حدَّث المحموديّ عنه في سنة ست وأربعين وخمسمائة وقال: كنت قد راهقت لما
__________
[1] تاريخ دمشق 10/ 216، الأنساب 12/ 228 نقلا عن «المؤتنف» للخطيب، وهو «المؤتلف والمختلف» كما في (المستفاد من تاريخ بغداد 102) . وانظر: (كشف الظنون 2/ 1637) .
[2] انظر: تذكرة الحفاظ 3/ 1172، ولسان الميزان 2/ 241، وقول السمعاني ليس كلّه في (الأنساب 12/ 228) .
[3] سير أعلام النبلاء 18/ 366.

(32/43)


تُوُفّي الوخْشِيّ وحضرتُ جنازته، فلمّا وضعوه في القبر، سمعنا صيحةً، فقيل إنّه لمّا وضع في القبر خرجت الحشرات من المَقْبُرَة، وكان في طَرفنا وادي، فانحدَرَت إليه الحشرات، فذهبتُ وأبصرتُ البَيْضَ الصِّغار، والعقارب، والخنافس، وهي منحدرة إلى الوادي بعينيّ، والنّاس ما كانوا يتعرضون لها [1] .
قال ابن النّجّار: سمع ببلْخ من عليّ بن أَحْمَد الخزاعيّ، وبهَمَذان محمد بن أحمد بن مَزْدين [2] ، وبحلب، وبعَكّا [3] .
وسمع منه نظام المُلْك ببلخ، وصدّره بمدرسته ببلْخ.
وقال: جُعتُ بعسقلان أيامًا حتّى عجزت عن الكتابة، ثم فتح الله [4] .
وقال فيه إسماعيل التّيميّ: حافظ كبير [5] .
__________
[1] انظر: تذكرة الحفّاظ 3/ 1172، وسير أعلام النبلاء 18/ 366، ولسان الميزان 2/ 241.
[2] في الأصل: «مردين» بالراء المهملة.
[3] انظر تاريخ دمشق 10/ 216، 217.
[4] قال ابن السمعاني: كان يتّهم بالقدر. ووقعت له قصّة ببغداد، فأمر الخليفة بتغريقه، فهرب إلى مصر، ثم رجع بعد مدّة، فأقام ببغداد شبه المختفي. ثم رجع إلى بلخ، فسمع به نظام الملك، فبنى له مدرسة ورتبه فيها مسمعا للحديث، فحدّث.
وقال الوخشي يوما: رحلت، وقاسيت الذل والمشاق، ورجعت إلى وخش، وما عرفت أحد قدري، فقلت: أموت ولا ينتشر ذكري، ولا يترحّم أحد عليّ، فسهل الله، ووفق نظام الملك حتى بنى هذه المدرسة، وأجلسني فيها أحدّث، لقد كنت بعسقلان أسمع الحديث من أبي بكر بن مصحّح، وغيره. فضاقت علي النفقة، وبقيت أياما مع لياليها ما وجدت شيئا من الطعام، فأخذت جزءا من الحديث لأكتبه، فعجزت عن الكتابة للضعف الّذي لحقني، فمضيت إلى دكان خباز وقعدت قريبا منه، وكنت أشم رائحة الخبز وأتقوى بها إلى أن كتبت الجزء، ثم فتح الله بعد ذلك.
[5] تاريخ دمشق 10/ 217، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد 103.
«أقول» : أخذ الوخشيّ عن الحسين بن عبد الله بن محمد بن إسحاق بن أبي كامل الأطرابلسي المتوفى سنة 414 هـ. وروى عنه: (تاريخ دمشق 10/ 216، موسوعة علماء المسلمين 2/ 118) .
وقال ابن السمعاني: كنت علقت عنه أحاديث يسيرة ببغداد، وأصبهان. (الأنساب 12/ 228) .
وقال يحيى بن مندة: الوخشيّ قدم أصبهان سنة سمع عشرة، ورحل منها سنة إحدى وأربعين، كثير السماع، قليل الرواية، أحد الحفاظ، عارف بعلوم الحديث، خبير بأطراف من اللغة والنحو. (تذكرة الحفاظ 3/ 1173) .
وقال عبد الغافر الفارسيّ: قدم نيسابور وسمع بها مرارا، ثم ارتحل إلى الحجار فسمع بها،

(32/44)


9- الحسين بن عَقِيل [1] بن محمد بن عبد المنعم بن ريش [2] الدّمشقيّ البّزار [3] .
الشاعر [4] .
سمع: عبد الرحمن بن أبي نصر [5] .
روى عنه: الخطيب مع تقدُّمِهِ، وأبو الحَسَن بن المسلم الفقيه [6]
- حرف السين-
10- سعْد بْن علي بْن مُحَمَّد بْن علي بْن حسين [7] .
__________
[ () ] وبمصر وبالعراق، والشام، والجبال، وجدّ واجتهد في جمع الصحيح. (المنتخب من السياق 182) .
ورّخ ابن الأكفاني تاريخ وفاته في حاشية أصله بسنة 456، وقال ابن عساكر: وقيل: إن هذا التاريخ وهم. (تاريخ دمشق 10/ 217) .
[1] انظر عن (الحسين بن عقيل) في: تاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 10/ 102، 103، ومعجم الأدباء 1/ 124- 126، رقم 9، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 7/ 111 رقم 131، والنجوم الزاهرة 5/ 107 وفيه: «الحسين بن أحمد بن عقيل» ، وتهذيب تاريخ دمشق 4/ 311، 312 وقال محقق «معجم الأدباء» بالحاشية: «لم نعثر له على ترجمة سوى ترجمته في ياقوت» !.
[2] في مختصر تاريخ دمشق: «عبد المنعم بن هاشم بن ريش» .
[3] في الأصل: «البزاز» بالزاي في آخره والتصحيح من المصادر.
[4] كنيته: أبو علي، ويقال: أبو عبد الله. (تاريخ دمشق) .
[5] حدّث عنه في مسجد الزلاقة سنة 467 هـ. بسنده عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وآله سلّم قال:
«إذا صلّى أحدكم فخلع نعليه فلا يؤذي بهما أحدا، ليجعلهما تحت رجليه أو ليصل فيهما» .
[6] قال ياقوت: كان أديبا شاعرا، وله عناية بالحديث» . وذكر له أبياتا، منها قوله:
على لام العذار رأيت خالا ... كنقطة عنبر بالمسك أفرط
فقلت لصاحبي هذا عجيب ... متى قالوا بأنّ اللّام تنقط؟
(معجم الأدباء 10/ 124- 126)
[7] انظر عن (سعد بن علي) في: الإكمال لابن ماكولا 4/ 229، والأنساب 6/ 307، والمنتظم 8/ 320 رقم 392 (16/ 201 رقم 3486) ، وتاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 15/ 177، 178، ومعجم البلدان 3/ 152، 153، ومختصر تاريخ دمشق 7/ 247، 248 رقم 116، والإعلام بوفيات الأعلام 194، وسير أعلام النبلاء 18/ 385- 389 رقم 189، والمعين في طبقات المحدّثين 136 رقم 1495، والعبر 3/ 276، ودول الإسلام 2/ 5، وتذكرة الحفّاظ 3/ 1174- 1178، والمشتبه في أسماء الرجال 1/ 324، ومرآة الجنان 3/ 100، 101، والبداية والنهاية 12/ 120، والوافي بالوفيات 15/ 180 رقم 245، والعقد الثمين 4/ 535، 536، وتبصير المنتبه 2/ 661، والنجوم الزاهرة 5/ 108، وشذرات الذهب 3/ 339، 340،

(32/45)


أبو القاسم الزِّنْجانيّ [1] ، الحافظ الزّاهد.
سمع: أبا عبد الله محمد بن الفضل بن نظيف، وأبا عليّ الحسين بن ميمون الصّدَفيّ بمصر، وبغزة عليّ بن سلامة، وبزَنْجَان محمد بن أبي عُبَيْد [2] وبدمشق عبد الرحمن بن ياسر، وأبا الحَسَن الحبّان، وجماعة.
روى عنه: أبو بكر الخطيب وهو أكبر منه، وأبو المظفّر منصور السمعانيّ الفقيه، ومكّيّ الرُّمَيْليّ، وهبة الله بن فاخر، ومحمد بن طاهر المقدسيّ، وعبد المنعم القُشَيْريّ، وآخرون.
وجاوَرَ بمكة زمانًا، وصار شيخ الحَرَم.
قال أبو الحَسَن محمد بن أبي طالب الفقيه الكَرَجيّ: سألت محمد بن طاهر عَنْ أفضل مِن رَأَى، فقال: سعْد الزَّنْجانيّ، وعبد الله بن محمد الأنصاريّ، فسألته أيُهما أفضل؟ فقال: عبد الله كان متفننًا، وأمّا الزَّنْجانيّ فكان أعرف بالحديث منه. وذلك أنّي كنت أقرأ على عبد الله فأترك شيئًا لأجرّبه، ففي بعْضٍ يرُد، وفي بعضٍ يسكت، والزَّنْجانيّ، كنتُ إذا تركت اسمَ رجلٍ يقول: تركتَ بين فُلان وفُلان اسمَ فُلان [3] .
قال ابن السَّمعانيّ: صَدَق. كان سعد أعرف بحديثه لقِلته، وعبد الله كان مكثرًا [4] .
قال أبو سعد السَّمعانيّ: سمعتُ بعض مشايخي يقول: كان جدّك أبو المظفّر قد عزم على أن يُقيم بمكّة ويجاور بها، صُحْبَةَ الإمام سعْد بن عليّ، فرأى ليلةً من اللّيالي والدته كأنّها قد كشفت رأسها وقالت له: يا بنيّ، بحقيّ
__________
[ () ] وتهذيب تاريخ دمشق 6/ 94.
وقد أضاف «بيرند راتكه» محقّق: الوافي بالوفيات، كتاب «صفة الصفوة» إلى مصادر ترجمة الزنجاني. ولم أجده فيه. انظر: الوافي 15/ 180 بالحاشية رقم (245) .
[1] الزّنجاني: بفتح الزاي، وسكون النون، وفتح الجيم، وفي آخرها نون. هذه النسبة إلى زنجان وهي بلدة على حدّ أذربيجان من بلاد الجبل، منها يتفرّق القوافل إلى الريّ وقزوين وهمذان وأصبهان. (الأنساب 6/ 306) .
[2] في معجم البلدان 3/ 152 «محمد بن عبيد» . والمثبت عن الأصل والمصادر.
[3] انظر: تذكرة الحفّاظ 3/ 1175، وسير أعلام النبلاء 18/ 388.
[4] سير أعلام النبلاء 18/ 388.

(32/46)


عليك إلّا ما رجعت إلى مرو، فإنّي لا أطيق فِراقَك.
قال: فانتبهتُ مغمومًا، وقلت: أشاور الشّيخَ سعْد، فمضيتُ إليه وهو قاعد في الحَرَم، ولم أقدر من الزّحام أن أكلّمه، فلمّا تفرق النّاس وقام تبِعْتُه إلى داره، فالتفت إليّ وقال: يا أبا المظفّر، العجوز تنتظرك. ودخل البيت.
فعرفت أنّه تكلّم على ضميري، فرجعتُ مع الحاجّ تلك السّنة [1] .
قال أبو سعْد: كان أبو القاسم حافظًا، متقِنًا، ثقة، ورِعًا، كثير العبادة، صاحب كرامات وآيات. وإذا خرج إلى الحَرَم يُخْلُوا المطاف، ويقبّلون يده أكثر ممّا يقبلون الحجر الأسود [2] .
وقال محمد بن طاهر: ما رأيت مثله، سمعتُ أبا إسحاق الحبّال يقول: لم يكن في الدّنيا مثل أبي القاسم سعْد بن عليّ الزَّنْجانيّ في الفضل. وكان يحضر معنا المجالس، ويُقرأ الخطأ بين يديه، فلا يردّ على أحدٍ شيئًا، إلّا أن يُسأل فيُجيب [3] .
قال ابن طاهر: وسمعت الفقيه هياج بن عبيد إمام الحرم ومفتيه يقول: يوم لا أرى فيه سعد بن علي لا أعتد أني عملت خيرًا.
وكان هياج يعتمر ثلاث مرات [4] . وسيأتي ذكره [5] .
قال ابن طاهر: كان الشّيخ سعْد لمّا عزم على المجاورة عزم على نَيِّفٍ وعشرين عزيمة أنّه يُلْزِمَها نفسَه من المجاهدات والعبادات. ومات بعد أربعين
__________
[1] انظر: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 9/ 248، والخبر ليس في: تاريخ دمشق لابن عساكر، ولعله من زيادات ابن منظور، وتذكرة الحفاظ 3/ 1174، وسير أعلام النبلاء 18/ 385، 386.
[2] الأنساب 6/ 307، المنتظم 8/ 320 (16/ 201) ، تذكرة الحفاظ 3/ 1175.
[3] انظر: تذكرة الحفّاظ 3/ 1175، وسير أعلام النبلاء 18/ 386، وهذا الخبر يتناقض مع الخبر السابق الّذي جاء فيه أن ابن طاهر جربه في الحفظ، فكان يردّ في بعض الحديث، ويسكت في بعضها، ويقول: تركت بين فلان وفلان اسم ف
[4] أي يعتمر في اليوم ثلاث عمر. انظر: معجم البلدان 3/ 1175، وسير أعلام النبلاء 18/ 386.
[5] في وفيات سنة 472 هـ. برقم (61) .

(32/47)


سنة ولم يخلّ منها بعزيمةٍ واحدة [1] .
وكان يُملي بمكّة، ولم يكن يُمْلي بها حين تولّى مكة المصريّون وإنّما كان يُمْلي سرًّا في بيته [2] .
وقال ابن طاهر: دخلتُ على الشّيخ أبي القاسم سعْد وأنا ضيّق الصَّدر من رجلٍ من أهل شيراز لا أذكره، فأخذت يده فقبَّلْتها، فقال لي ابتداءً من غير أن أُعْلِمه بما أنا فيه: يا أبا الفضل، لا تضيِّقْ صدْرَك، عندنا في بلاد العجم مَثَلٌ يُضْرَب، يقال: بُخْلُ أهوازيّ، وحَمَاقةُ شِيرازيّ، وكَثْرةُ كلام رازيّ [3] .
ودخلتُ عليه في أول سنة سبعين لمّا عزمتُ على الخروج إلى العراق حتّى أودّعه، ولم يكن عنده [4] خبرٌ من خروجي، فلمّا دخلت عليه قال:
أَرَاحِلُون فنبكي، أم مُقِيمونا؟
فقلت: ما أمر الشّيخ لا نتعدّاه.
فقال: على أيِّ شيء وعزمت؟ قلت: على الخروج إلى العراق لألحق مشايخ خُراسان.
فقال: تدخل خُراسان، وتبقى بها، وتفوتك مصر، ويبقى في قلبك.
فاخرج إلى مصر، ثمّ منها إلى العراق وخراسان، فإنه لا يفوتك شيء.
ففعلتُ، وكان في ذلك البركة.
سمعتُ سعد بن عليّ- وجرى بين يديه ذِكْر الصّحيح الذي خرجه أبو ذَر الهَرَويّ- فقال: فيه عن أبي مسلم الكاتب، وليس من شرط الصّحيح [5] .
قال أبو القاسم ثابت بن أحمد البغداديّ: رأيتُ أبا القاسم الزَّنْجانيّ في
__________
[1] المنتظم 8/ 320 (16/ 201) .
[2] يعني خوفا من دولة العبيدة. انظر: تذكرة الحفّاظ 3/ 1175، 1176، وسير أعلام النبلاء 18/ 387.
[3] معجم البلدان 3/ 153.
[4] في الأصل: «عندي» . وصحّحته ليستقيم المعنى.
[5] انظر: تذكرة الحفاظ 3/ 1176، وسير أعلام النبلاء 18/ 387.

(32/48)


المنام يقول لي مرة بعد أخرى: إنّ الله بنى لأهل الحديث بكلّ مجلسٍ يجلسونه بيتًا في الجنّة [1] .
وُلِد سعد في حدود سنة ثمانين وثلاثمائة، أو قبلها.
وتُوُفّي في سنة إحدى وسبعين [2] ، أو في أواخر سنة سبعين [3] بمكّة.
وله قصيدة مشهورة في السنّة [4] .
وقد سئل عنه إسماعيل الطّلْحيّ فقال: إمامٌ كبيرٌ عارفٌ بالسُّنّة.
11- سُلمان بن الحَسَن بن عبد الله [5] .
أبو نصر، صاحب ابن الذّهبيّة البغداديّ رجل صالح معمر.
__________
[1] تاريخ دمشق 15/ 178، ومختصر تاريخ دمشق 9/ 248، تهذيب تاريخ دمشق 6/ 94.
[2] وهو المشهور. قال المؤلّف الذهبي- رحمه الله-: «توفي الزنجاني في أول سنة إحدى وسبعين وأربعمائة، وله تسعون عاما، ولو أنه سمع في حداثته للحق إسنادا عاليا، ولكنه سمع في الكهولة» . (سير أعلام النبلاء 18/ 388) (تذكرة الحفّاظ 3/ 1176) .
[3] في (الأنساب 6/ 307) : توفي بمكة سنة سبعين وأربعمائة. وبها ورّخه ياقوت الحموي في (معجم البلدان 3/ 153) .
[4] منها:
تدبر كلام الله واعتمد الخبر ... ودع عنك رأيا لا يلائمه أثر
ونهج الهدى فالزمه وأقتد بالألى ... هم شهدوا التنزيل علك تنجبر
وكن موقنا أنا وكلّ مكلف ... أمرنا يقفوا الحقّ والأخذ بالحذر
وحكم فيما بيننا قول مالك ... قدير حليم عالم الغيب مقتدر
سميع بصير واحد متكلم ... مريد لما يجري على الخلق من قدر
فمن خالف الوحي المبين بعقله ... فذاك امرؤ قد خاب حقا وقد خسر
وفي ترك أمر المصطفى فتنة فذر ... خلاف الّذي قد قاله واتل واعتبر
ومنها:
وما أجمعت فيه الصحابة حجة ... وتلك سبيل المؤمنين لمن سبر
ففي الأخذ بالإجماع- فاعلم- سعادة ... كما في شذوذ القول نوع من الخطر
(سير أعلام النبلاء 18/ 387، 388 و 389) .
وقال الذهبي: وقد كان الحافظ سعد بن علي هذا من رءوس أهل السّنة وأئمة الأثر وممّن يعادي الكلام وأهله، ويذمّ الآراء والأهواء ... (تذكرة الحفاظ 3/ 1177) .
[5] انظر عن (سلمان بن الحسن) في: المنتظم 8/ 321 رقم 394 (16/ 202 رقم 3488) .

(32/49)


روى عن: أَبِي الحَسَن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن محمد بْن مَخْلَد صاحب الصّفّار [1] .
روى عنه: محمد بن عبد الباقي الأنصاري، وعبد الوهّاب الأنماطيّ [2] .
وقال: عاش أكثر من مائة سنة [3] .
مات أبو نصر في رجب.
12- سهل بن عَمْر بن محمد بن الحسين [4] .
أبو عمر بن المؤيَّد أبي المعالي البِسْطاميّ ثمّ النَّيْسابوريّ.
من بيت الإمامة والحشمة وهو خَتَن عمه الموفّق بابنته.
روى عن: أبي الفضل عَمْر بن إبراهيم الهَرَويّ، وأصحاب الأصم [5] .
تُوُفّي في شوّال
- حرف الطاء-
13- طاهر بن محمد شاه فور [6] .
أبو المظفّر الطوسيّ.
مات بطوس في شوّال.
يروي عن: ابن مَحْمِش الزّياديّ، وغيره.
وعنه: زاهر الشّحاميّ.
__________
[1] وسمع أيضا: الخرقي. (المنتظم) .
[2] وهو أثنى عليه وشهد له بالخير والصلاح.
[3] كان مولده سنة 366 هـ.
[4] انظر عن (سهل بن عمر) في: المنتخب من السياق 246 رقم 782.
[5] قال عبد الغافر الفارسيّ: «سمع من أصحاب الأصم فمن بعدهم من الطبقة الثانية ولم يرزق الرواية لأنه توفي في حدّ الكهولة وقت المغرب» .
[6] انظر عن (طاهر بن محمد) في: تبيين كذب المفتري 276، وفيه: «شاهفور بن طاهر» ، والمنتخب من السياق 253 رقم 814، وفيه: «شاهفور بن طاهر» أيضا، وسير أعلام النبلاء 18/ 401، 402 رقم 199، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 175، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 252 رقم 208، والعقد المذهب لابن الملقن 330، وطبقات المفسرين للداوديّ 1/ 212، 213 رقم 206 وفيه: «شاهفور بن طاهر» ، وطبقات المفسّرين للأدنه ورقة 34 أ، وكشف الظنون 1/ 268، 340، وهدية العارفين 1/ 430، ومعجم المؤلفين 4/ 310.

(32/50)


وكان إمامًا مفسِّرًا أُصوليا [1] .
وسمّاه عبد الغافر [2] : شاهفور
- حرف العين-
14- عَبْد اللَّه بْن سبعون [3] بْن يحيى.
أبو محمد المسلّميّ القيروانيّ.
محدِّث عارف. سكن بغداد ونقل بخطّه الكثير، وقرأ بنفسه.
سمع: أبا القاسم عبد العزيز الأَزَجيّ [4] ، وأبا طالب بن غيلان، وجماعة.
وبمكة: أبا نصر السِّجْزيّ، وأبا الحَسَن بن صخْر.
وبمصر: عليّ بن منير.
روى عنه: أبو القاسم السمرقندي، وأبو الحسن بن عبد السلام.
توفي في رمضان.
15- عبد الباقي بن محمد بن غالب [5] .
__________
[1] قال ابن عساكر: ارتبطه نظام الملك بطوس. (تبيين كذب المفتري 276) .
[2] في المنتخب من السياق 253 وفيه قال: الإمام الكامل الفقيه الأصولي المفسر، جامع بارع، صنف التفسير الكبير المشهور، وصنف في الأصول، وسافر في طلب العلم، وحصّل الكثير.
سمع عن أصحاب الأصمّ، وأصحاب أبي علي الرفّاء، والطبقة، وكان له اتصال مصاهرة بالأستاذ أبي منصور البغدادي الإمام. روى عنه أبو الحسن الحافظ إجازة وإذنا.
وقال الداوديّ: وأنشد الإمام شاهفور لنفسه:
ليس الجواد هو المبذول لماله ... إنّ الجواد هو المحقر للندى
من غير شكر يبتغيه بجوده ... كلا، ولا من لذاك ولا أذى
وذكر أبياتا أنشدها هلال بن العلاء. (طبقات المفسّرين 1/ 283) .
أما كتاب في التفسير فهو في (كشف الظنون 1/ 268) : «تاج التراجم في تفسير القرآن للأعاجم» ، وله: «التبصير في الذين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين» ، طبع في القاهرة سنة 1955 بعناية العلامة الشيخ محمد زاهد الكوثري.
[3] انظر عن (عبد الله بن سبعون) في: المنتظم 8/ 321 رقم 395 (16/ 202 رقم 3489) ، والبداية والنهاية 12/ 120 وفيه: «شمعون» .
[4] الأزجي: بفتح الألف والزاي. هذه النسبة إلى باب الأزج، وهي محلّة كبيرة ببغداد. (الأنساب 1/ 197) .
[5] انظر عن (عبد الباقي بن محمد) في: تاريخ بغداد 11/ 91، رقم 5781، والمنتظم 8/ 321 رقم 398 (16/ 203 رقم 3492) ، والعبر 3/ 276، وسير أعلام النبلاء 18/ 400، 401 رقم

(32/51)


أبو منصور بن العطّار الأزجيّ [1] ، وكيل أميرَيِ المؤمنين: القائم، والمقتدي.
قال السمعانيّ: كان حَسَن السِّيرة، جميل الأمر، صحيح السّماع.
سمع: أبا طاهر المخلّص، وأحمد بن محمد بن الْجُنْديّ.
روى عنه: يوسف بن أيّوب الهَمذانيّ، وعبد المنعم القُشَيْريّ، وأبو نصر أحمد بن عَمْر الغازي، وآخرون.
قلت: كان قليل الرّواية، رئيسًا.
قال الخطيب [2] : كتبتُ عنه، وكان صدوقًا. قال لي: ولدت سنة أربع وثمانين وثلاثمائة.
تُوُفّي ابن العطّار في ربيع الآخر [3] .
16- عبد الحميد بن الحَسَن بن محمد [4] .
أبو الفَرَج الهَمَذانيّ الدّلّال الفُقَاعيّ [5] .
روى عن: أبي بكر بن لال، وعبد الرحمن الإمام، وعبد الرحمن المؤدب الهمذانيين.
قال شيرويه: سمعتُ منه وليس التّحديث من شأنه. وسماعه مع أخيه علي.
ولد سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة.
وتوفي في ثامن عشر ذي القعدة.
__________
[198،) ] والإعلام بوفيات الأعلام 194، والمعين في طبقات المحدّثين 136 رقم 1496، وتذكرة الحفاظ 3/ 1177، وشذرات الذهب 3/ 340.
[1] تقدم التعريف بهذه النسبة في الترجمة السابقة (14) .
[2] في تاريخ بغداد 11/ 91.
[3] وقال المؤلف الذهبي: «وسماعاته قليلة» . (سيرة أعلام النبلاء 18/ 401) .
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
[5] الفقاعي: بضم الفاء وفتح القاف وفي آخرها العين المهملة. هذه النسبة إلى بيع الفقاع وعمله. (الأنساب 9/ 322) .

(32/52)


17- عبد الرحمن بن علي بن عبد الله بن منصور الطبري [1] .
قال السَّمعانيّ: أبو القاسم بن الزُّجَاجيّ [2] كان ينزل باب الطّاق من بغداد، وكان خيّرًا ثقة صدوقًا.
سمع من: أبي أحمد الفَرَضيّ، وثنا عنه أبو بكر الأنصاريّ، وأبو محمد بن الطّرّاح، وإسماعيل بن السمرقندي، وأبو نصر أحمد بن عمر الغازي [3] .
تُوُفّي فِي ربيع الأوَّل [4] 18- عَبْد الرَّحْمَن بْن عُلْوان بن عَقِيل [5] .
أبو القاسم [6] الشَّيْبانيّ البغداديّ، أخو عبد الواحد.
سمع من: عبد القاهر بن عِترة. [7] روى عنه: قاضي المَرِسْتان، ووثَّقه أبو الفضل بن خَيْرُون [8] .
19- عبد العزيز بن عليّ بن أحمد بن الحسين الأنْماطيّ [9] .
أبو القاسم ابن بنت السُّكّريّ العتّابيّ [10] . من محلّة العتابين ببغداد.
__________
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن أحمد) في: الإكمال لابن ماكولا 4/ 207 بالمتن والحاشية، والأنساب 6/ 259، والمشتبه في الرجال 1/ 335.
[2] الزجاجيّ: بضم الزاي وفتح الجيم المخفّفة، وكسر الجيم الأخرى. نسبة إلى بيع الزجاج وعمله.
[3] قال ابن ماكولا: «سمعت منه» . (الإكمال) .
[4] وقال ابن السمعاني: «توفي في حدود سنة سبعين وأربعمائة ببغداد» . (الأنساب) .
[5] انظر عن (عبد الرحمن بن علوان) في: المنتظم 8/ 421 رقم 397 (16/ 202 رقم 3491) .
[6] في المنتظم: أبو أحمد.
[7] بكسر العين المهملة وسكون التاء المثناة. (المشتبه 2/ 482) .
[8] قال ابن الجوزي: توفي يوم الإثنين رابع ربيع الآخر، وقد حدّثنا عنه أشياخنا.
[9] انظر عن (عبد العزيز بن علي الأنماطي) في: تاريخ بغداد ج 1/ 469، 470، رقم 5650، والأنساب 8/ 377، والمنتظم 8/ 321، 322 رقم 399 (16/ 203 رقم 3493) ، ومعجم الآداب لابن الفوطي 3/ 550، وسير أعلام النبلاء 18/ 395، 396 رقم 195، والإعلام بوفيات الأعلام 194، والمعين في طبقات المحدّثين 136 رقم 1497، والعبر 3/ 276، 277، ومرآة الجنان 3/ 101 وشذرات الذهب 3/ 340.
[10] بفتح العين المهملة، وتشديد التاء المنقوطة من فوقها بنقطتين، والباء المنقوطة بواحدة بعد الألف. (الأنساب 8/ 376) .

(32/53)


قال الخطيب [1] : حدَّث عن أبي طاهر المخلص. كتب عنه، وكان سماعه صحيحًا. قلت: روى عنه: أبو بكر الأنصاريّ، وعبد الوهّاب الأنماطيّ، وإسماعيل بن السَّمَرْقَنديّ.
وقال عبد الوهّاب الأنماطيّ: هو ثقة [2] .
وُلِد أبو القاسم في سنة ثمانٍ وثمانين وثلاثمائة، ومات في رجب. وآخر من حدّث عنه أحمد ابن الطّلّاية [3] .
قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ: أَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ أَبِي الْجُودِ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي غَالِبٍ الزَّاهِدُ، أَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيٍّ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَأَرْبَعِمَائَةٍ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الذَّهَبِيُّ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، ثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ شُرَحْبِيلَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وآله سلّم قَالَ: «لأَنْ يَتَصَدَّقَ الرَّجُلُ فِي حَيَاتِهِ بِدِرْهَمٍ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَائَةِ دِينَارٍ عِنْدَ موته» [4] . 20- عبد القاهر بن عبد الرحمن [5] .
__________
[1] في تاريخ بغداد 10/ 469.
[2] المنتظم 8/ 322 (16/ 203) وهو قال: «وكنا عنده يوما نقرأ عليه، فاحتاج إلى القيام، فقلنا له: تقيم ساعة، ما بقي إلا ورقة، فأقعدنا وقرأنا عليه، ثم قلنا: قد فرغت الورقة، فقال: وأنا أيضا قد بلت في ثيابي» .
[3] هو الشيخ الزاهد أبو الخير أحمد بن أبي غالب بن الطّلاية العتابي. وكان سمع منه في محلّته في مسجده. (الأنساب 8/ 377) .
[4] صححه ابن حبّان (821) ، وأخرجه أبو داود في السنن (2866) في أول باب الوصايا، عن طريق أحمد بن صالح بهذا الإسناد، مع إن إسناده ضعيف لضعف شرحبيل، وهو ابن سعد الخطميّ، انظر: الضعفاء الكبير للعقيليّ 2/ 187 رقم 713، وتهذيب التهذيب 4/ 320.
[5] انظر عن (عبد القاهر بن عبد الرحمن) في: دمية القصر للباخرزي 2/ 10- 13 رقم 240، والجامع الكبير لابن الأثير 64، 76، 83، ونزهة الألباء 264، 265، وإنباه الرواة 2/ 188- 190، وآثار البلاد وأخبار العباد 351، ووفيات الأعيان 2/ 93 و 3/ 337، والإعلام بوفيات الأعلام 194، وسير أعلام النبلاء 18/ 432، 433 رقم 219، والعبر 3/ 277، ودول الإسلام 2/ 5، وتلخيص ابن مكتوم 112، 113، وفوات الوفيات 2/ 369، 370، ومرآة الجنان 3/ 101، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 242، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 491،

(32/54)


أبو بكر الْجُرْجانيّ النَّحْويّ المشهور.
أخذ النَّحْو بجُرْجان عن: أبي الحسين محمد بن الحَسَن الفارسيّ ابن أخت الشّيخ أبي عليّ الفارسيّ.
وعنه أخذ عليّ بن أبي زيد الفَصِيحيّ [1] .
وكان من كبار أئمّة العربيّة. صنَّفَّ كتاب «المغني في شرح الإيضاح» [2] .
في نحوٍ من ثلاثين مجلَّدًا، وكتاب «المقتصد» [3] في شرح «الإيضاح» أيضًا، ثلاث مجلّدات، وكتاب «إعجاز القرآن» [4] الكبير، وكتاب «إعجاز القرآن» الصغير، وكتاب «العوامل المائة» [5] ، وكتاب «المفتاح» ، وكتاب «شرح الفاتحة» في مجلّد، وكتاب «العُمَد [6] في التّصريف» ، وكتاب «الْجُمَل» [7] وهو مشهور. وله كتاب «التّلْخيص» في شرح هذا «الْجُمَل» [8] .
وكان شافعيّ المذهب، متكلّمًا على طريقة الأشعريّ، مع دين وسكون.
وقد ذكره السِّلَفيّ في مُعْجَمه فقال: كان ورِعًا قانعًا، دخل عليه لص وهو
__________
[ () ] 492، وطبقات النحاة لابن قاضي شهبة 2/ 94، 95، وطبقات الشافعية، له 1/ 259، 260 رقم 215، وتاريخ الخميس 2/ 401، والنجوم الزاهرة 5/ 108، وبغية الوعاة 2/ 106، وتاريخ الخلفاء 426، وطبقات المفسرين للداوديّ 1/ 330، 331، ومفتاح السعادة 1/ 177، وكشف الظنون 1/ 83، 120، 212، 453، 454، 602، 759 و 2/ 1169، 1179، 1621، 1769، وشذرات الذهب 3/ 340، 341، وإيضاح المكنون 1/ 516، وديوان الإسلام 3/ 283، 284 رقم 1436، وهدية العارفين 1/ 606، وروضات الجنات 343، والأعلام 4/ 174، ومعجم المؤلفين 5/ 310.
[1] وفيات الأعيان 2/ 93، و 3/ 337، والفصيحي توفي سنة 516 هـ.
[2] كتاب «الإيضاح» لأبي على الفارسيّ المتوفى سنة 377 هـ.
[3] وهو مختصر لكتاب «المغني» . ورد في (طبقات الشافعية) لابن قاضي شهبة 1/ 259 «الاقتصاد» .
[4] طبع في مصر.
[5] وهو في النحو، وقد طبع في ليدن سنة 1617 م.، ثم في كلكتّة سنة 1803 م.، ثم في بولاق بمصر سنة 1247 هـ.
[6] ورد باسم «العمدة» في: طبقات الشافعية الكبرى للسبكي، وفوات الوفيات، وكشف الظنون.
[7] في وفيات الأعيان 2/ 93 و 3/ 337: «الجمل الصغرى» .
[8] ومن مؤلفاته المشهورة غير هذه: كتاب «أسرار البلاغة» في علم البيان، وكتاب «دلائل الإعجاز» في علم المعاني، وهما مطبوعان.

(32/55)


في الصلاة فأخذ ما وجد، وعبد القاهر ينظر، فلم يقطع صلاته [1] .
سمعتُ أبا محمد الأبِيوَردِيّ يقول: ما مَقَلَتْ عيني لُغَويًّا مثله. وأمّا في النَّحْو فعبد القاهر.
وله نَظْمٌ، فمنه:
كبير على العقل لا تَرُمْه [2] ... ومِلْ إلى الْجَهْل مَيْلَ هائِمْ
وعِشْ [3] حمارًا تَعشْ سعيدًا [4] فالسَّعدُ في طالِع البَهَائِم
[5] تُوُفّي عبد القاهر، رحمه الله سنة إحدى وسبعين، وقيل: سنة أربعٍ وسبعين، فاللَّه أعلم.
21- عليّ بن أحمد بن عليّ [6] أبو القاسم السَّمْسار الأصبهانيّ.
مات في ربيع الأول.
__________
[1] انظر: طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 242، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 492، وسير أعلام النبلاء 18/ 433، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 260.
[2] في فوات الوفيات: «كبر على العقل يا خليلي» .
[3] في الفوات: «وكن» .
[4] في الفوات: «بخير» .
[5] والبيتان في فوات الوفيات 3/ 370، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 260 وله أبيات أخرى، منها:
لا تأمن النفثة من شاعر ... ما دام حيا سالما ناطقا
فإن من يمدحكم كاذبا ... يحسن أن يهجوكم صادقا
وله أيضا.
أرخ باثنتين وخمسينا ... فليت شعري ما قضى فينا
نسر بالحول إذا ما انقصى ... وفي تقضيه تقضينا
(فوات الوفيات 2/ 370) .
وقال ابن الأنباري: أخذ عن أبي الحسين محمد.. وكان يحكي عنه كثيرا، لأنه لم يلق شيخا مشهورا في علم العربية غيره، لأنه لم يخرج عن جرجان في طلب العلم، وإنما طرأ عليه أبو الحسين، فقرأ عليه. (نزهة الألباء 264) .
وقال القزويني: «كان عالما فاضلا أديبا عارفا بعلم البيان. له كتاب في إعجاز القرآن في غاية الحسن ما سبقه أحد في ذلك الأسلوب، من لم يطالع ذلك الكتاب لا يعرف قدره، ودقّة نظره، ولطافة طبعه، واطلاعه على معجزات القرآن» . (آثار البلاد 351) .
[6] لم أجد مصدر ترجمته.

(32/56)


22- عليّ بْن مُحَمَّدُ بْنُ أحمد بن حمدان بن عبد المؤمن [1] .
أبو الحَسَن المَيْدانيّ، ميدان زياد الذي على باب نَيْسابور [2] .
سكن هَمَذان.
روى عن: محمد بن يحيى العاصميّ، وأبي حفص بن مسرور.
ورحل فسمع من: عبد الملك بن بُشْران، وبِشْر الفاتنيّ، وطائفة كبيرة.
قال شيرويه: سمعت منه. وكان ثقة، صدوقا، معنيّا بهذا الشأن، متقنا، اهدا، صامتًا، لم تَرَ عيناي مثله.
وسمعتُ أحمد بن عمر الفقيه يقول: لم يَرَ أبو الحَسَن المَيْدانيّ مثلَ [3] نفسه.
قال شيروَيْه: ازدحموا على جنازته، وأطنبوا في وصْفه وفضله.
تُوُفّي يوم الجمعة ثامن عشرة صَفَر.
قلت: روى عنه هبة الله بن الفَرَج.
23- عليّ بن محمد بن عليّ بن هارون [4] .
أبو القاسم التَّيْميّ الكوفيّ ابن الإدلابيّ النَّيْسابوريّ.
حدَّث عن: أبي بكر بن المُزكّى، وعبد الرحمن بن محمد السّرّاج، وأبي بكر الحِيريّ، وابن نظيف المصريّ، وعبد الملك بن بشرْان.
وحدَّث ببغداد «بمُسْنَد الشّافعيّ» .
روى عنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنديّ، وأبو البركات بن أبي سعّد، ومحمد بن طلحة الرّازيّ.
وكان ثقة.
مات في ربيع الأوّل سنة إحدى وسبعين.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] الأنساب 11/ 562.
[3] في الأصل: «مثله» .
[4] انظر عن (علي بن محمد بن علي) في: المنتظم 8/ 322 رقم 402 (16/ 204 رقم 3496) .

(32/57)


24- عَمْر بْن عَبْد الملك بْن عَمْر بن خَلَف [1] .
أبو القاسم بن الرّزّاز [2] .
أحد عُدول بغداد وفقهائها.
سمع: أبا الحَسَن بن رزقوَيْه، وأبا القاسم الحرفيّ، وابن شاذان.
روى عنه: ابن السَّمَرْقَنديّ.
تُوُفّي في رجب [3] .
25- عَمْر بْن عَبْد اللَّه بْن عَمْر [4] .
أَبُو الفضل بن البقّال البغداديّ الأَزَجيّ المقرئ.
قرأ القرآن على أبي الحَسَن الحمّاميّ.
وسمع: أبا أحمد بن أبي مسلم الفَرَضيّ.
وختم عليه خلْق.
وكان وِرْدُه كلَّ يومٍ ختمة.
روى عنه: أبو بكر الأنصاريّ، وأبو القاسم بن السَّمَرْقَنديّ، وأحمد بن عَمْر الغازي [5] .
__________
[1] انظر عن (عمر بن عبد الملك) في: المنتظم 8/ 322 رقم 400 (16/ 203 رقم 3494) ، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/ 8، والوافي بالوفيات 22/ 517 رقم 369 وقد أحال السيدان: محمد عبد القادر عطا ومصطفى عبد القادر عطا بمراجعة وتصحيح نعيم زرزور في تحقيقهم لكتاب المنتظم (طبعة دار الكتب العلمية، ببيروت) إلى كتابي: الأنساب، وتاريخ بغداد، لينظر إلى صاحب الترجمة. فوهموا بذلك، (انظر حاشية المنتظم 16/ 203 رقم 4) .
فالمذكور في (تاريخ بغداد 10/ 433 رقم 5597) هو والد صاحب الترجمة هذا «عبد الملك بن عمر بن خلف» المتوفى سنة 448 هـ. ولم يأت الخطيب على ذكر صاحب الترجمة «عمر بن عبد الملك» مطلقا. ومثله في (الأنساب 6/ 108) لابن السمعاني الّذي ينقل عن الخطيب. فليصحح.
[2] الرزّاز: بفتح الراء وتشديد الزاي المفتوحة والألف بين الزايين المعجمتين. هذه النسبة إلى الرزّ وهو الأرز، وهو اسم لمن يبيع الرزّ. (الأنساب 6/ 105) .
[3] قال ابن الجوزي: كان زاهدا، وابتلي بمرض أقعد منه.
وقال السبكي: مولده سنة ست وأربعمائة.
[4] انظر عن (عمر بن عبد الله) في: المنتظم 8/ 322 رقم 401 (16/ 203 204 رقم 401) وفيه «عمر بن عبيد الله» .
[5] وثقه ابن الجوزي.

(32/58)


وكان مولده سنة 395
- حرف الفاء-
26- الفُضيل بن يحيى بن الفُضَيل [1] .
أبو عاصم الفُضَيْليّ الهَرَويّ، الفقيه.
راوي المائة وغيرها.
عن: عبد الرحمن بن أبي شريح، وأقرانه.
ذكره أبو سعد السمعانيّ [2] ، فقال: كان فقيهًا، مُزَكيا، صدوقًا، ثقة. عُمِّر حتّى حُمِل عنه الكثير [3] .
روى عنه: أبو الوقف.
وكان مولده في سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة، وتوفي في جمادى الأولى.
روى عن: أبي عليّ منصور بن عبد الله الخالديّ، وأبي الحسين بن بشران.
وقدم بغداد.
وروى عنه: عبد السّلام بَكْبَرة [4] ، ومحمد بن الحسين العَلَويّ
- حرف الميم-
27- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أبي توبة [5] .
أبو بكر الكشميهنيّ.
__________
[1] انظر عن (الفضيل بن يحيى) في: العبر 3/ 277، والإعلام بوفيات الأعلام 195، وسير أعلام النبلاء 18/ 397، 398 رقم 196، والمعين في طبقات المحدّثين 136 رقم 149، وتذكرة الحفاظ 3/ 1177، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/ 10، 11، ومرآة الجنان 3/ 101، وتوضيح المشتبه 1/ 596، وشذرات الذهب 3/ 341.
وقد ورد اسمه في الأصل، وفي (المعين في طبقات المحدّثين) : «الفضل» ، وكذا في: تذكرة الحفاظ 3/ 1177.
[2] في غير كتاب (الأنساب) .
[3] انظر: سير أعلام النبلاء 18/ 397، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 310.
[4] بكبرة: بفتح الباءين الموحدتين، بينهما كاف ساكنة، ثم الراء المفتوحة. انظر: المشتبه في الرجال 1/ 90، وتوضيح المشتبه 1/ 596.
[5] انظر عن (محمد بن عبد الله بن أبي توبة) في: شرح السّنة للبغوي 5/ 174 رقم 1374.

(32/59)


تُوُفّي بمرّو، وكان واعظًا فقيهًا.
تفقَّه على أبي بكر القفّال، وسمع من جماعة [1] .
28- محمد بن عبد الواحد بْن عَبْد الله [2] .
أبو بكر المستعمل [3] السَّمْسار.
سمع: البرقانيّ، وأبا عليّ بن شاذان.
روى عنه: عبد الله، وإسماعيل ابنا السَّمَرْقَنديّ.
29- محمد بن عثمان بْن أَحْمَد [4] بْن مُحَمَّد بْن علي بْن مَزْدِين [5] .
أبو الفضل القومساني [6] ، ثمّ الهَمَذانيّ، ويُعرف بابن زيرَك.
قال شيرُوَيْه: هو شيخ عصره ووحيد وقته في فنون العلم، روى عن:
أبيه، وعمّه أبي منصور محمد، وخاله أبي سعد عبد الغفار، وابن جانجان، وعلي بن أحمد بن عبدان، ويوسف بن كج، والحسين بن فنجويه [7] الثقفي، وعبد الله بن الأفشين، وجماعة.
وروى بالإجازة عن أبي عبد الرحمن السُّلميّ، وأبي الحَسَن بن رزقوَيْه.
وسمعتُ منه عامة ما مرَّ له. وكان صدوقًا ثقة، له شأن وحشمة. وله يد في التفسير، حَسَن العبارة والخطّ، فقيهًا، أديبًا، متعّبدًا. تُوُفّي في سَلْخ ربيع الآخر. وقبره يُزار ويُتبرَّك به.
وسمعته يقول: ولدت سنة تسع وتسعين وثلاثمائة.
قَالَ شِيرُوَيْهِ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَكِّيٍّ: سَمِعْتُ أَبَا الْفَضْلِ الْقُومَسَانِيّ يَقُولُ
__________
[1] رُوِيَ عَنِ أبي طاهر محمد بن أحمد بن الحارث. روى عنه البغوي.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] هكذا في الأصل. ولم أتبين صحّتها.
[4] انظر عن (محمد بن عثمان بن أحمد) في: معجم البلدان 4/ 414، والعبر 3/ 277، وسير أعلام النبلاء 18/ 433- 435 رقم 220، وتذكرة الحفاظ 3/ 1177، ومرآة الجنان 3/ 101، والوافي بالوفيات 4/ 84، وشذرات الذهب 3/ 341.
[5] في: معجم البلدان: والوافي بالوفيات: «مردين» بالراء المهملة.
[6] القومساني: أو القومسيّ: ناحية يقال لها بالفارسية: كومش، وهي من بسطام إلى سمنان، وهما من قومس، وهي على طريق خراسان، إذا توجّه العراقيّ إليها. (الأنساب 10/ 261) .
[7] في الأصل: «منجويه» ، وفي (العبر) : «فتحويه» .

(32/60)


فِي مَرَضِهِ: رَأَيْتُ رَجُلا دَفَعَ إِلَيَّ كِتَابًا، فَأَخْذُتُه، فَإِذَا فِيهِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ الْقُومَسَانِيِّ، سَلامٌ عَلَيْكُمْ.
وسمعتُ إبراهيم بن محمد القزّاز الشّيخ الصّالح يقول: رأيتُ ابن عَبَدان ليلة مات أبو الفضل القُومَسَانّي، فأخذ بيدي ساعة، ثمّ قرأ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها من أَطْرافِها 13: 41 [1] يريد موته.
سَمِعْتُ أَبَا الْفَضْلِ الْقُومَسَانِيّ يَقُولُ: روي عن النّبي صلى الله عليه وآله سلّم أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ:
«اللَّهمّ أَمْتِعْنِي بِسَمْعِي وَبَصَرِي، وَاجْعَلْهُمَا الْوَارِثَ مِنِّي» [2] .
مَعْنَاهُ مُشْكِلٌ، فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ قَالُوا: كَيْفَ يَكُونُ سَمْعُهُ وَبَصَرُهُ يَرِثَانِهِ بَعْدَهُ دُونَ سَائِرِ أَعْضَائِهِ؟ فَتَأَوَّلُوهُ أَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ الدُّعَاءَ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: «إِنِّي لَا غِنَى بِي عَنْهُمَا، فَإِنَّهُمَا مِنَ الدِّينِ بِمَنْزِلَةِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ مِنَ الرَّأْسِ» [3] . فَكَأَنَّهُ دَعَا بِأَنْ يُمَتَّعَ بِهِمَا فِي حَيَاتِهِ، وَأَنْ يَرِثَاهُ خِلَافَةَ النُّبُوَّةِ بَعْدَ وَفَاتِهِ. وَلَا يَجِدُ الْعُلَمَاءُ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَجْهًا وَلَا تَأْوِيلًا غَيْرَ هَذَا [4] .
__________
[1] سورة الرعد، الآية 41.
[2] الحديث بتمامه، عن ابن عمر قال: فلما كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقوم من مجلس حتى يدعو بهؤلاء الدعوات لأصحابه: «اللَّهمّ أقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما يهون علينا مصيبات الدنيا، ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوّتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منّا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همّنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلّط علينا من لا يرحمنا» .
رواه الحاكم في (المستدرك على الصحيحين 1/ 528) ، وتابعه الذهبي في (تلخيص المستدرك) ، وأخرجه الترمذي في الدعوات (3502) وحسنه، وابن السّني في (عمل اليوم والليلة 440) ، وأخرجه الحاكم من حديث أبي هريرة بلفظ: «كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
اللَّهمّ متّعني بسمعي وبصري، واجعلهما الوارث مني، وانصرني على من ظلمني، وأرني فيه ثاري» . (المستدرك 1/ 523، التلخيص للذهبي) ، وسنده صحيح.
[3] الحديث قويّ وصحيح، رواه الترمذي (3671) ، والحاكم في (المستدرك 3/ 69) من حديث: عبد الله بن حنطب، ولفظه: «هذان السمع والبصر يعني أبا بكر وعمر» . وأخرجه الخطيب البغدادي في (تاريخ بغداد 8/ 459، 460) من حديث جابر بن عبد الله، ولفظه: «أبو بكر وعمر من هذا الدين كمنزلة السمع والبصر من الرأس» . وانظر: مجمع الزوائد للهيثمي 9/ 52، 53.
[4] قال البغوي في (شرح السّنة 5/ 175) : «قيل: أراد بالسمع: وعي ما يسمع والعمل به، وبالبصر: الاعتبار بما يرى. وقيل: يجوز أن يكون أراد بقاء السمع والبصر بعد الكبر وانحلال القوى، فيكون السمع والبصر وارثي سائر القوى، والباقين بعدها، وردّ الهاء إلى الإمتاع،

(32/61)


فرأيتُ أبا هريرة في النّوم، وكنتُ مارًا في مقبرة سراكسلهر فقال لي:
أتعرفني؟ فقلت: لا. قال: أنا أبو هريرة. أصبتَ ما قلتَ، أنا رويتُ هذا الحديث وكذا أراد به النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ما فسرتَ.
سمعتُ أبا الفضل يقول: مرضتُ حتّى غلب علي ظنّي أنّي سأموت، فأشتدّ الأمرُ وعندي أبي وعمر خادم لنا، فكان أبي يقول: يا بُنَيّ أَكْثِر من ذِكْر الله. فأشهدته وعمر على نفسي، أنّي على دين الإسلام، وعلى السُّنّة. فرأيتُ وأنا على تلك الحال كأنّ هَيْبةً دخلت قلبي، فنظرتُ فإذا أنا برجل يأتي من جهة القِبْلة، ذو هَيْبة وجمال، كأنّه يسبح في الهواء، فازدَدْتُ له هيبة. فلمّا قرُب مني قال لي: قلْ.
قلت: نعم. وهِبْته أنْ أقول له: ماذا أقول.
وكرَّر عليّ وقال: قلْ.
قلت: نعم، أقول.
فقال: قل الإيمان يزيد وينقُص، والقرآن كلام الله غير مخلوق بجميع جهاته، وأنّ الله تعالى يُري في الآخرة، وقُلْ بفضل الصّحابة، فإنّهم خيرٌ من الملائكة بعد الأنبياء.
قلتُ: لست أطيق أن أقول ذلك من الهيبة.
فقال: قُلْ معي. فأعاد الكلام فقلتها معه. فتبسم وقال: أنا أشهد لك عند العرش.
فلمّا تبسم سكن قلبي، وذهبت عنّي الهَيبة، فأردت أن أسأله هل أنا ميت؟
فكأنه عرف فقال: أنا لا أدري. أو قال: من أين أدري؟
فقلت في نفسي: هذا ملك. وعُوفيتُ من المرض.
وسمعته يقول: أصابني وجعٌ شديد، فرأيتُ في المنام كأنّ قائلًا يَقُولُ لي:
أقرأ على وجعلك الآيات التي فيها اسمُ الله الأعظم.
فقلت: ما هي؟
__________
[ () ] فلذلك وحده، فقال: «واجعله الوارث منّا» .

(32/62)


قال: بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ 6: 101 إلى قوله اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ 6: 103 [1] فقرأته فعُوفيت [2] .
وسمعته يقول: أتاني رجلٌ من خُراسان فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وسلم أتاني في منامي وأنا في مسجد المدينة، فقال لي: إذا أتيتَ هَمَذان فاقرأ على أبي الفضل بن زيرَك منّي السَّلَام.
قلت: يا رسول الله، لماذا؟
قال: لأنه يُصلّى عليّ في كلّ يومٍ مائة مرّة.
وقال: أسألك أن تعلمنيها.
فقلتُ: إنّي أقولُ كل يوم مائة مرّة أو أكثر: اللَّهمّ صلِّ على محمد النّبيّ الأُمّيّ، وعلى آل محمد، جزى [3] الله محمدًا، صلى الله عليه وآله وسلّم، عنّا ما هو أهله. فأخذها عنّي، وحَلَفَ لي: وإني ما كنتُ عرفتك ولا اسمك حتّى عرَّفك لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. فعرضت عليه بِرًّا لأنّي ظنَنْتُه متزيِّدًا في قوله، فما قبِل منّي وقال: ما كنتُ لأبيع رسالة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعرض من الدّنيا.
ومضى فما رأيته بعد ذلك.
30- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن يَحْيَى بن المهديّ باللَّه [4] .
الهاشميّ العبّاسيّ البغدادي الشّاعر. ويعرف بابن الحنْدَقُوقيّ [5] .
سمع: أبا الحَسَن بن رزقوَيْه، وأبا الحسين القطّان.
وسمع بالبصرة من القاضي أبي عمر الهاشميّ [6] .
روى عنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنديّ.
تُوُفّي فِي ذي الحِجّة، وهو فِي عَشْرِ الثمانين.
__________
[1] سورة الأنعام. الآيات 101- 103.
[2] انظر: سير أعلام النبلاء 18/ 434، 435.
[3] في الأصل: «جزا» .
[4] انظر عن (محمد بن علي الهاشمي) في: المنتظم 8/ 322 رقم 403 (16/ 204 رقم 3497) .
[5] في الأصل: «الجندقوقي» بالجيم.
[6] وقال ابن الجوزي: وكان سماعه صحيحا.

(32/63)


31- محمد بن عَمْر [1] .
أبو طاهر الأصبهاني، النّقّاش.
32- محمد بن أبي عمران موسى بن عبد الله [2] .
أبو الخير [3] المَرْوَزِيّ الصّفّار.
آخر من روى «صحيح البخاريّ» في الدّنيا بعُلُوّ.
رواه عن أبي الهيثم الكُشْمِيهنيّ.
قال ابن طاهر المقدسي: ظهر سماعه على الأصل بالصّحيح، فقُرئ عليه. ثمّ استحضره الوزير نظام المُلْك، وسمعوا منه. فسقط يومًا عن دابّته، وحُمِل إلى بيته فمات [4] .
قلت: روى عنه: أبو بكر محمد بن إسماعيل المروزي الخراجي، والحافظ أبو جعفر محمد بْن أبي عليّ الهَمَذَانيّ، وأبو الفتح محمد بن عبد الرحمن الكشميهني الخطيب، وهو آخر أصحابه.
قال الحافظ ابن طاهر: سمعتُ عبد الله بن أحمد السَّمَرْقَنديّ يقول: لم يصحّ لهذا الرجل، أبي الخير بن أبي عمران، من الكُشْمِيهنيّ سَمَاع، وإنّما وافق الاسمُ الاسمَ، وكان هذا آخر من روى الكتاب بمرْو.
حُمِل إلى الوزير نظام المُلْك ليقرأ عليه، وفقرئ عليه بعضه، وطرحته البغلة فمات، ولم يتمّ. وقد رأيتُ أهل مرْو يحكون: إذا قيل إنّ أبا الخير بن أبي عمران سمع من أبي الهيثم، ويشيرون إلى أنّ هذا غير ذلك [5] .
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته، ولم يزد المؤلّف في ترجمته.
[2] انظر عن (محمد بن أبي عمران) في: التقييد لابن نقطة 109، 110 رقم 124، وتذكرة الحفاظ 3/ 1177، والإعلام بوفيات الأعلام 195، وسير أعلام النبلاء 18/ 382- 384 رقم 187، والعبر 3/ 277، والمعين في طبقات المحدّثين 136 رقم 1499، والمغني في الضعفاء 2/ 638، وميزان الاعتدال 4/ 52، والوافي بالوفيات 5/ 87، ولسان الميزان 5/ 401، وشذرات الذهب 3/ 341.
[3] في تذكرة الحفاظ: «أبو الحسين» وهو وهم.
[4] التقييد 110.
[5] انظر: ميزان الاعتدال 4/ 52، وسير أعلام النبلاء 18/ 383، والوافي بالوفيات 5/ 87، ولسان الميزان 5/ 401.

(32/64)


وقال أبو سعد السَّمعانيّ: كان صالحًا سديد السِّيرة. حدَّث بالبخاريّ، وحدَّث ببعض «الجامع» للتِّرْمِذيّ، عن أحمد بن محمد بن سراج الطّحّان.
وعُمّر، وصار شيخ عصره. تكلّم بعضهم في سماعه، وليس بشيء. أنا رأيتُ سماعَه في القدر الموجود من أصل أبي الهيثم، وأثنى عليه والدي [1] .
وقال الأمير ابن ماكولا: سألتُ أبا الخير عن مولده، فقال: كان لي وقت ما سمعتُ «الصحيح» عشْر سِنين [2] .
وسمع في سنة 88، وتُوُفّي في رمضان.
33- محمد بن المهديّ [3] .
وهو محمد بن عبد العزيز بن العبّاس ابن المهديّ الهاشميّ البغداديّ، والد أبي عليّ محمد.
روى عن: أبي عَمْر الهاشمي البصْريّ.
وعَنْه: ابنه.
34- مَهْدِيّ بنُ نصْر [4] .
أبو الحَسَن الهَمَذانيّ الفقيه المِشظّيّ [5] .
روى عن: نافع القاضي، وطاهر الإمام.
قال شيرُوَيْه: صدوق، سمعتُ منه
__________
[1] انظر: سير أعلام النبلاء 18/ 383، ولسان الميزان 5/ 401.
[2] سير أعلام النبلاء 18/ 383، لسان الميزان 5/ 401.
[3] في (تاريخ بغداد 2/ 354، 355 رقم 862) يوجد أيضا:
«محمد بن عبد العزيز بن العباس بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن محمد بن عبيد الله بن المهدي بن المنصور بن محمد» ... ، وهذا توفي سنة 444 هـ.
فلعل صاحب الترجمة ابنه.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
[5] في الأصل: «المشطي» ، و «المشظّيّ» : بكسر الميم، وفتح الشين المعجمة، وفي آخرها الظاء المعجمة المشددة، هذه النسبة إلى المشظ وهو اسم لجد البياع بن قيس بن عبد مالك بن مخزوم بن سفيان بن المشظ. (الأنساب 11/ 332، 333، اللباب 3/ 217) .

(32/65)


- حرف الهاء-
35- هبة الله بن حسين بن المُهَلَّب البزّاز [1] .
أبو محمد.
بغداديّ.
سمع: أبا عمر بن مهدي، وأبا الحسين بن بشران، وابن رزقوَيْه، وغيرهم.
روى عَنْهُ: أبو القاسم بْن السَّمَرْقَنديّ، وأبو بكر القاضي، وأبو نصر الغازي.
قال ابن خيرون: كان سماعه صحيحًا.
قال السمعانيّ: كان من ملاح البغداديّين ممّن يُشار إليه في الدّعابة والولع. مات في ربيع الآخر.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.

(32/66)


سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة
- حرف الألف-
36- أَحْمَد بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد [1] .
أبو العبّاس القارئ مسكُوَيْه.
مات في جُمَادَى الآخرة.
37- أحمد بن محمد بن أحمد [2] .
أبو ذَرّ الإسكاف.
حدَّث بأصبهان عن: أبي سعيد محمد بن موسى الصّيرفيّ.
روى عنه: سعيد بْن أَبِي الرجاء.
38- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عثمان [3] .
الأستاذ أبو عمر [4] البَشْخُوانيّ [5] .
شيخ الصّوفية.
كان مولده في سنة أربعمائة، وهو من ذرّية الحسن بن سُفيان النَّسَويّ.
وبَشْخُوان: [6] من قرى نَسَا.
وُلْي الخطابة ونيابة القضاء، ثمّ ترك ذلك وتجرَّد، وحجّ ورجع، فخدم أبا
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] انظر عن (أحمد بن محمد البشخواني) في: المنتظم 8/ 324 رقم 404 (16/ 206، 307 رقم 3498) ، والمنتخب من السياق 116 رقم 254.
[4] في المنتخب: «أبو عمرو» ، والمثبت يتفق مع: المنتظم.
[5] في المنتظم: «السنخواني» ، والمثبت يتفق مع: المنتخب.
[6] لم يذكرها ياقوت في (معجم البلدان) .

(32/67)


سعيد المِيهنيّ، وأبا القاسم القُشَيْريْ، وظهرت عليه أحوال الطريقة، وصار من أصحاب الكرامات، وسمع من شيخ الإسلام أبي عثمان الصّابونيّ، وبنى بقريته الخانقاه، وصار شيخ تلك الناحية [1] .
أضرّ في آخر عمره.
وذكره السمعانيّ [2]
- حرف التاء-
- تُبّع.
تقدّم في السّنة الماضية في تقريبها
- حرف الحاء-
39- الحسن بن إسماعيل بن صاعد بن محمد [3] .
قاضي القضاة أبو عليّ الحنفيّ النَّيْسابوريّ.
سمع الكثير من: أبي يَعْلَى حمزة، وعبد الله بن يوسف، وأبي الحسن بن عبدان.
تُوُفّي في جُمَادَى الأولى [4] .
40- الحَسَن بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الحَسَن بْن محمد بْن أحمد بْن إبراهيم بن عبد الله بن العبّاس بن جعفر بن أبي جعفر المنصور العباسيّ [5] .
أبو عليّ المكيّ [6] الشافعيّ الحنّاط.
__________
[1] المنتظم.
[2] في غيرها (الأنساب) .
[3] انظر عن (الحسن بن إسماعيل) في: المنتخب من السياق 187 رقم 523.
[4] قال عبد الغافر: شيخ محترم ... لم يحدّث.
[5] انظر عن (الحسن بن عبد الرحمن) في: الأنساب المتفقة لابن القيسراني 84 رقم 136، والأنساب لابن السمعاني 7/ 256، والإعلام بوفيات الأعلام 195، وسير أعلام النبلاء 18/ 384، 385 رقم 188، والمعين في طبقات المحدّثين 136 رقم 1500، والعبر 3/ 278، ومرآة الجنان 34/ 103، والعقد الثمين 4/ 84، والنجوم الزاهرة 5/ 110، وشذرات الذهب 3/ 342.
[6] تصحفت «المكيّ» في (مرآة الجنان 3/ 103) إلى «المالكي» .

(32/68)


شيخ ثقة، كان يبيع الحنطة.
روى عن: أحمد بن إبراهيم بن فِراس، وعُبَيْد الله بن أحمد السَّقطيّ.
وغيرهما.
روى عنه: أبو المظفر منصور السمعاني، وعبد المنعم بن القشيري، ومحمد بن طاهر، وأحمد بن محمد العباسي المكي، وطائفة من حجاج المغاربة، وغيرهم.
قيل إنه توفي في شهر ذي القعدة. وكان أسند من بقي بالحجاز.
وثقه ابن السمعاني في «الأنساب» [1] .
وقال محمد بن محمد بن يوسف الفاشاني: كنت أقرأ على هبه الله بن عبد الوارث الشيرازي فقال: قرأتُ على أبي عليّ الشّافعيّ بمكة:
ألَا لَيْتَ شِعْري هِل أبِيتَنَّ ليلةً ... بفَخٍّ...............
[2] قال هبة الله: فقرأته بالتّصحيف بفجّ.
فقال أبو عليّ، وأخرجني إلى ظاهر مكة، وأتى بي إلى موضع فقال: يا بني، هذا هو الفخ، بالخاء المعجمة، وهو الموضع الّذي تمنى بلال أن يكون به.
وقد سأل ابنَ السّمعانيّ إسماعيلُ بنُ محمد الحافظ، عن أبي عليّ المذكور فقال: عدل ثقة، كثير السّماع [3] .
__________
[ () ] وقال ابن القيسراني: سئل عن هذه النسبة فقال: كان أبي يسمع الحديث، وكان في القوم رجل يسمّى الحسن بن عبد الرحمن المالكي، فكتب لنفسه: الشافعيّ، ليقع الفرق بينهما، فثبت علينا هذا النسب. (الأنساب المتفقة 84) .
[1] 7/ 256.
[2] تتمّة البيت: «بفخ وعندي إذخر وجليل» .
وفخ: من فجاج مكة بينه وبين مكة ثلاثة أميال. وقيل: ستة أميال.
والإذخر: نبات يظهر بمكة طيّب الرائحة.
والجليل: نوع من النبات وهو ما يسمونه التمام.
والبيت كان يقوله بلال مؤذّن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إذا تركته الحمّى، حيث يضطجع بفناء البيت ثم يرفع عقيرته به. (انظر: سيرة ابن هشام- بتحقيقنا- طبعة دار الكتاب العربيّ 2/ 230) .
[3] سير أعلام النبلاء 18/ 384، 385.

(32/69)


41- الحسين بْن عليّ بْن أبي شريك الحاسب [1] .
كان آيةً في الهندسة والحساب، ولم يكن بذاك.
سمع: عبد الودود بن عبد المتكبِّر.
روى عنه: أبو القاسم هبة الله الحاسب
- حرف العين-
42- عبد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه بْن عثمان [2] .
أبو محمد بن أبي الخير البغداديّ السُّكَّريّ. صاحب الزّاهد عبد الصّمد.
كان أمينًا مطبوعًا، صحيح الأُصُول.
سمع: أبا أحمد الفَرَضيّ، ومحمد بن بكران الرّازيّ.
روى عنه: أبو نصر الغازي بإصبهان، ويحيى بن الطّرّاح، وإسماعيل بن السَّمَرْقَنديّ.
وكان يعرف بابن المطوَّعة [3] .
43- عبد الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَحّاف [4] .
أبو المطرِّف المَعَافِريّ، الفقيه البَلَنْسيّ.
قاضي بَلَنْسِيَة.
روى عن: خَلَف بن هانئ الطُّرْطُوشيّ [5] .
روى عنه: أبو بحر سُفيان بن العاص الأسَديّ، وأبو الليْث السَّمَرْقَنديّ.
وسمع خَلَف من أحمد بن الفضل الدينَوَريّ [6] .
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (عبد الله بن أحمد السكري) في: المنتظم 8/ 324 رقم 405 (16/ 207 رقم 3499) .
[3] وكان مولده في سنة 395 هـ.
[4] انظر عن (عبد الرحمن بن عبد الله) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 340 رقم 727.
[5] في الأصل: «الطرسوسي» ، وهو وهم.
[6] قال ابن بشكوال: وقد نيف على الثمانين، ومولده سنة أربع وثمانين وثلاثمائة. قرأت مولده ووفاته بخط النميري.

(32/70)


44- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بن عبّاس [1] .
أبو محمد القُرْطُبيّ المقرئ.
قرأ على: مكّيّ بن أبي طالب بالروايات.
وسمع من: حاتم بن مُحَمَّد، وَأَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن عتّاب.
قال ابن بشكوال [2] : كان من جلّة المقرءين، وخيارهم. عارفًا بالقراءات، ضابطًا لها، مجودًا، مع الدّين والعَفاف.
أنبا عنه جماعة. وتُوُفّي رحمه الله في ذي الحِجّة [3] .
45- عَبْد الرَّحْمَن بْنِ مُحَمَّدِ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْنُ مُحَمَّدِ بن مسلم [4] أبو سعيد الأبْهريّ المالكيّ.
سمع بمصر من: عليّ بن منير، وعبد الله بن الوليد الأندلسيّ.
وحدَّث بدمشق [5] .
روى عنه: نصر المقدسيّ، وهبة الله بن الأكفانيّ، ونصر الله المصِّيصيّ، وآخرون.
46- عبد الملك بن الحسين بن خَيْران [6] .
أبو نصر الدّلّال. سمع: أبا بكر بن الإسكاف.
__________
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن محمد القرطبي) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 339، 340 رقم 726، ومعرفة القراء الكبار 1/ 439 رقم 374 وفيه «عياش» وغاية النهاية 1/ 377 رقم 1606.
[2] في الصلة.
[3] قال ابن بشكوال: ومولده سنة إحدى أو اثنتين وتسعين وثلاثمائة. الشك من ابن شعيب، قال لي ذلك أبو جعفر الفقيه.
[4] انظر عن (عبد الرحمن بن محمد الأبهري) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 15/ 30 رقم 21.
[5] ببعض كتاب «الصحيح» لمسلم.
[6] انظر عن (عبد الملك بن الحسين) في: المنتظم 8/ 324 رقم 406 وفيه: «عبد الملك بن أحمد» 16/ 207 رقم 3500) وفيه: «عبد الملك بن الحسن بن أحمد بن أحمد بن خيرون» ، والبداية والنهاية 12/ 120 وفيه «ابن خيرون» .

(32/71)


مات في جُمَادَى الأولى.
47- عليّ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد [1] .
أَبُو القاسم المَحْميّ [2] .
شيخ رئيس من بيت الرواية والتزكية [3] .
سمع: ابن مَحْمِش، وأبا بَكْر الحِيريّ، وجماعة.
مولده سنة أربعمائة [4] .
روى عنه: إسماعيل بن عبد الرحمن العَصَائِديّ [5] ، وغيره.
48- عليّ بن أبي القاسم بن عبد الله بن علي [6] .
أبو الحَسَن السَّرَقُسْطيّ، نزيل طُلَيْطُلة.
حجّ، وأخذ عن أبي ذر الهَرَويّ، وأبي الحَسَن بن صخْر، والقاضي عبد الوهّاب المالكيّ، وجماعة.
وكان رجلًا صالحًا، فاضلًا، لم تكن له خبرة بالإسناد. وفي كُتُبه تخليط كثير [7] .
تُوُفّي في ربيع الأوّل، وكانت له جنازة مشهودة بقرطبة
__________
[1] انظر عن (علي بن عبد الرحمن) في: المنتخب من السياق 386 رقم 1303، والمختصر الأول للمنتخب (مخطوط) ورقة 65 ب.
[2] المحميّ: بالحاء المهملة الساكنة بين الميمين أولاهما مفتوحة، هذه النسبة إلى محم، وهو بيت كبير بنيسابور يقال لهم المحمية. (الأنساب 11/ 173) .
[3] وصفه عبد الغافر بأنه «مشهور موسر مذكور» .
[4] لم يؤرّخ عبد الغافر لمولده.
[5] العصايدي: بفتح العين والصاد المهملتين، والياء المنقوطة باثنتين من تحتها وفي آخرها الدال، هذه النسبة إلى عمل «العصيدة» . (الأنساب 8/ 463) .
[6] انظر عن (علي بن أبي القاسم) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 419 رقم 896.
[7] قال ابن بشكوال: كتب إلى شيخنا أبي محمد بن عتّاب بإجازة ما رواه، وأراني خطّه بذلك وفيها تسمية بعض روايته وكتبه، فرأيت فيها تخليطا كثيرا وزيادة في الإسناد ونقصا. ولم يكن هذا الشأن بابه، وإنما كان الغالب عليه الخير والصلاح وإقراء القرآن.
وقدم قرطبة في آخر عمره ... وكان منقبضا منذ دخل قرطبة، وأقام فيها سبعة أشهر في الفندق الّذي نزل فيه، ولم يتعرض للقاء أحد.

(32/72)


- حرف الفاء-
49- الفضل بن عبد الله بن محمد بن المحبّ [1] .
قال عبد الغافر: تُوُفّي في المحرَّم سنة اثنتين [2] .
وقال غيره: تُوُفّي في سنة ثلاثٍ وسبعين وهو هناك
- حرف الميم-
50- محمد بن حسّان بن محمد [3] .
أبو بكر المُلْقَابَاذيّ [4] النَّيْسابوريّ.
سمع «مُسْنَد أبي عَوَانه» من أبي نُعَيم [5] ، وحدَّث به.
وكان من كبار الفقهاء.
روى عنه: وجيه الشّحّاميّ، وعُبَيْد الله بن جامع الفارسيّ، وأحمد بن سهل المطَرِّزيّ، وآخرون مِن آخرهم وفاةً أبو طالب محمد بن عبد الرحمن الحنْزَبارانيّ.
قال أبو سعْد: محمد بن أبي الوليد حسّان بن محمد بن القاسم فقيه، ثقة، عدل مشتغل بنفسه، غير دخّال في الأمور، أدرك الأسانيد العالية.
سمع: أبا الحَسَن العلويّ، وعبد الله بن يوسف، وابن محمش.
__________
[1] انظر عن (الفضل بن عبد الله) في: المنتخب من السياق 410 رقم 1396، والمختصر الأول من المنتخب (مخطوط) ورقة 75 أ، والأنساب 11/ 158، والعبر 3/ 279، والمعين في طبقات المحدّثين 136 رقم 1502، والإعلام بوفيات الأعلام 195، وسير أعلام النبلاء 18/ 378، 379 رقم 184، ومرآة الجنان 3/ 103، وشذرات الذهب 3/ 343.
وسيعاد في وفيات سنة 473 هـ. برقم (87) .
[2] وقال: «الأستاذ الواعظ أبو القاسم، مستور من أهل بيت الحديث والعلم، حدّث أبوه وجدّه، وكلّهم من أهل الصلاح والزهد، وهذا معروف بالوعظ والتخرج فيه. وله تصانيف مستفادة.
سمع عن الخفاف، والسيد أبي الحسن، وأبي طاهر، وابن يوسف، وطبقتهم، ثم عن أصحاب الأصمّ، وقرأ عليه» . (المنتخب 410) .
[3] انظر عن (محمد بن حسّان) في: المنتخب من السياق 59 رقم 112، وسير أعلام النبلاء 18/ 390، 391 رقم 191.
[4] الملقاباذي: بالضم ثم السكون والقاف وآخره ذال معجمة. نسبة إلى محلّة بأصبهان، وقيل بنيسابور. (معجم البلدان) .
[5] أي الأسفرائيني.

(32/73)


وروى عنه جدي أبو المظفّر في الأحاديث الألف [1] وُلِد في المحرَّم سنة أربعٍ وتسعين وثلاثمائة. ومات بَنْيسابور في ذي القعدة سنة اثنتين.
51- محمد بن الحَسَن بن محمد بن الأنماطيّ الخُزاعيّ الكوفيّ [2] .
أبو عبد الله.
سمع: أبا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجُعفيّ القاضي، وغيره.
وعنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنديّ.
ولد سنة أربعمائة.
ومات في شوّال.
52- محمد بن الحسين بن أحمد بن إبراهيم بن دينار بن يزدانيار [3] .
أبو جعفر السَّعيديّ الهَمَذانيّ الصُّوفيّ. ويُعرف بالقاضي.
روى عن: يوسف بن أحمد بن كَجّ، وأبي عبد الله بن فَنْجُوَيْه، ومحمد بن أحمد بن حَمْدَوَيْه الطُّوسيّ، وعبد الرحمن بن الإمام، وأحمد بن الحسن الإمام، وأحمد بن عمر حموش، ونصر بن الحارث، وجماعة كبيرة.
قال شيرويه: سمعت منه، وكان ثقة صدوقا فقيرًا. وكان أصمّ، وكنتُ إذا دخلتُ بيته ضاق لمّا أرى من حاله.
تُوُفّي في جُمَادَى الأولى. وكان مولده في سنة ثمانين وثلاثمائة.
53- محمد بن أبي مسعود عبد العزيز بن محمد [4] .
أبو عبد الله الفارسي الهَرَويّ.
راوي جزء أبي الْجَهْم، ونُسْخة مُصْعَب الزُّبَيريّ، وأجزاء ابن صاعد السّتّة وغير ذلك عن عبد الرحمن بن أبي شريح.
__________
[1] سير أعلام النبلاء 18/ 391.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] انظر عن (محمد بن أبي مسعود) في: المعين في طبقات المحدّثين 136 رقم 1501، والعبر 3/ 278، ودول الإسلام 2/ 5، وسير أعلام النبلاء 18/ 376، 377 رقم 183، والنجوم الزاهرة 5/ 110، وشذرات الذهب 3/ 342.

(32/74)


روى عنه: محمد بن طاهر المقدسيّ، وعبد السّلام بن أحمد بن بَكْبَرَة [1] .
وأبو الفتح محمد بن عليّ المُضَريّ [2] ، وأبو الوقت عبد الأوّل، وأهل هراة.
ورحل ابن طاهر إليه بالقصد إلى هُرَاة، فحكى أنّه مُنِع من الدخول، فتنازل إلى أن يدخل ويقرأ عليه حديثًا واحدًا، فإذن له. فلمّا دخل عليه قرأ عليه الحديث الذي في ذِكْر خيبر، وقد رواه البخاريّ [3] بواسطة ثلاثة بينه وبين مالك، والشيخ يروي هذا الحديث بواسطة ثلاثة كالبخاريّ، فقال لابن طاهر: لِمَ اخترت هذا الحديث.
فوصف له عُلُوّه فيه. فقال: اقرأ باقي الجزء. ولازمة حتّى أكثر عنه [4] .
تُوُفّي في شوّال.
54- محمد بن عبد العزيز بن محمد [5] أبو يَعْلَى بن المناطقيّ [6] البغداديّ الدّلّال في الملك.
سمع: ابن رزقُوَيْه، وأبا الحسين بن بِشْران [7] .
وعنه: أحمد بن المجلّيّ، وإسماعيل بن السمرقنديّ.
ومات في رمضان.
__________
[1] بكبرة: بفتح الباءين الموحدتين، بينهما كاف ساكنة. وقد تقدّم.
[2] هكذا ضبطت في الأصل. وفي (سير أعلام النبلاء 18/ 377) : «المصري» .
[3] في المغازي، باب غزوة خيبر (4234) ، وتمام الحديث عن المسندي: حدّثنا معاوية بن عمرو، حدّثنا أبو إسحاق الفزاري، حدّثنا مالك، قال: حدّثني ثور، قال: حدّثني سالم مولى ابن مطيع أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: افتتحنا خيبر ولم نغنم ذهبا ولا فضة إنما غنمنا البقر والإبل والمتاع والحوائط، ثم انصرفنا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى وادي القرى ومعه عبد له يقال له مزعم أهداه له أحد بني الضباب، فبينما هو يحط رحل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ جاءه سهم غائر حتى أصاب ذلك العبد، فقال الناس: هنيئا له الشهادة، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم: «بلى والّذي نفسي بيده إنّ الشملة التي أصابها يوم خيبر من المغانم لم تصبها المقاسم لتشتعل عليه نارا» ، فجاء رجل حين سمع ذلك من النبي صلى الله عليه وآله وسلّم بشراك أو بشراكين، فقال: هذا شيء كنت أصبته، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم: «شراك أو شراكان من نار» .
[4] سير أعلام النبلاء 18/ 377.
[5] انظر عن (محمد بن عبد العزيز) في: المنتظم 8/ 325 رقم 408 (16/ 208 رقم 3502) .
[6] في المنتظم تحرفت إلى: «المناتقي» في الطبعتين.
[7] وقال ابن الجوزي: وكان سماعه صحيحا.

(32/75)


55- محمد بن عليّ بن محمود بن إبراهيم بن ماخرة [1] .
أبو بكر الزَّوْزَنيّ [2] الصُّوفيّ.
ولد الشّيخ أبي الحَسَن.
سمع: أبا الحَسَن بن مَخْلَد، وأبا القاسم الخِرَقيّ [3] .
روى عنه: أبو عليّ البَرْدانيّ، وإسماعيل بن السَّمَرْقَنديّ.
ومات رحمه الله في ذي القعدة عن ستين سنة [4] .
56- محمد بن قاسم بن هلال التِّنِّيسيّ [5] .
الطُّلَيْطُليّ، الفقيه [6] .
حدَّث عن: أبيه، وأبي عمر الطَّلَمَنْكيّ.
تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة [7] .
57- مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمَد بن الحُسَيْن بن عبد العزيز [8] .
أبو منصور العُكْبريّ [9] الإخْباريّ النّديم، فارسيّ الأصل.
__________
[1] انظر عن (محمد بن علي الزوزني) في: الأنساب 6/ 322، والمنتظم 8/ 325 رقم 410 (16/ 209 رقم 3504) .
[2] الزوزني: بسكون الواو بين الزايين المعجمتين وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى زوزن، وهي بلدة كبيرة حسنة بن هراة ونيسابور. (الأنساب 6/ 320) .
[3] في الأصل: «الحرضي» ، والتحرير من (المنتظم) .
[4] وصفه ابن السمعاني بأنه شيخ صالح.
[5] انظر عن (محمد بن قاسم) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 551 رقم 1207 وفيه نسبته «القيسي» .
[6] كنيته: أبو عبد الله.
[7] قال ابن بشكوال: «وكان له حظّ من الفقه والآثار، والآداب» .
[8] انظر عن (محمد بن أحمد العكبريّ) في: تاريخ بغداد 3/ 239 رقم 1319، والمنتظم 8/ 325 رقم 409 (16/ 208، 209 رقم 3503) ، والأنساب 9/ 28، والكامل في التاريخ 10/ 117 وفيه: «محمد بن عبد العزيز العكبريّ» ، والعبر 3/ 278، وسير أعلام النبلاء 18/ 392، 393 رقم 193، ومرآة الجنان 3/ 102، والبداية والنهاية 12/ 120، وشذرات الذهب 3/ 342.
[9] العكبريّ: بضم العين وفتح الباء الموحدة، وقيل بضم الباء أيضا، والصحيح بفتحها، بلدة على الدجلة فوق بغداد بعشرة فراسخ من الجانب الشرقي وهي أقدم من بغداد. (الأنساب 9/ 27، 28) .

(32/76)


كان راوية للأخبار والحكايات، مليح النادرة، حادّ الخاطر، طيب العشرة، من أولاد المحدّثين.
وُلِد سنة اثنتين [1] وثمانين وثلاثمائة.
وسمع بالكوفة من: محمد بن عبد الله الْجُعْفيّ، وببغداد من: هلال الحفار، وابن رزقُوَيْه، وأبي الحَسَن بن بِشْران.
روى عنه: عبد الله النَّحْوي، والحسين سِبْط الخيّاط، ويحيى بن الطّرّاح، وإسماعيل بن السَّمَرْقَنديّ.
وقال الخطيب: [2] كتبتُ عنه، وكان صدوقًا [3] .
وقال عبد الله بن عليّ سبط الخيّاط: كان يتشيِّع [4] .
وقال ابن خَيْرُون: إنّه خلّط في غير شيء، وسمّع لنفسه فيه [5] .
وتُوُفّي في رمضان.
قال أبو سعْد السَّمعانيّ: قول ابن خَيْرُون لا يقدح فيه، لأنّ عُمدة قدْحه كَوْنه استعار منه جزءًا، فنقل فيه سماعَه وردّه وما زالت الطَّلَبَة يفعلون ذلك [6] .
قلت: وقع لنا «المُجْتَبَى» لابن دُرَيْد بعُلُوّ من طريقه، سمعناه من أبي حفص ابن القوّاس، عن الكِنْديّ إجازة: أنا سِبْط الخياط، أنا أبو منصور النديم، أنا أبو الطّيّب محمد بن أحمد بن خَلَف بن خاقان العُكْبريّ، أنا أبو بكر بن دريد.
__________
[1] في الكامل: «مولده سنة أربع وثمانين وثلاثمائة» . (10/ 117) ، ووقع في تاريخ بغداد: «في رجب سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة» ، وهو وهم. حيث أضيفت «وأربعمائة» بين حاصرتين.
[2] في تاريخ بغداد 3/ 239.
[3] وكذا قال ابن الأثير في (الكامل 10/ 117) .
[4] المنتظم سير أعلام النبلاء 18/ 392.
[5] قال ابن الجوزي: ذكره أبو الفضل بن خيرون فغمزه وقال: خلط، ونسبه إلى التشيع، وقال:
استعار مني جزءا فسمع لنفسه فيه. ومن الجائز أن يكون قد عارض نسخة فيها سماعه، فلا يجوز القطع بالتضعيف من أمر محتمل، والأثبت في حاله أنه صادق، إلا أنه كان صاحب جد وهزل، وكان نديما، يحكي الحكايات المستحسنة، وكان مليح النادرة، وله هيئة حسنة، وما زال يخالط أبناء الدنيا.
[6] سير أعلام النبلاء 18/ 393.

(32/77)


والنّديم أيضا بنزول، عن ابن أيّوب الشّافعيّ، عن ابن الجّراح، عنه [1] .
58- مُحَمَّد بْن هبة اللَّه بْن الحَسَن بْن منصور [2] .
أبو بكر بن الحافظ أبي القاسم الطّبريّ [3] اللّالَكائيّ [4] ثمّ البغداديّ. ثقة، مكثر. سمّعه أبوه من هلال الحفَّار، وأبي الحسين بن بِشْران، وأبي الحسين بن الفضل القطّان.
روى عنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنديّ، وأبو محمد سبط الخيّاط، وعبد الوهّاب الأنماطيّ.
ومولده في ذي الحجة سنة تسع وأربعمائة [5] .
قلت: فيكون سماعه من الحفار حُضُورًا.
تُوُفّي في جمادى الأولى.
وكان شافعيّ المذهب، تبادر من أورده في علماء الشّافعيّة، فإنّه ليس هناك [6] .
__________
[1] وقال أبو نصر أحمد بن محمد الطوسي: أنشدنا أبو منصور بن عبد العزيز العكبريّ:
أطيل تفكري في أي ناس ... مضوا عنا وفيمن خلفونا
هم الأحياء بعد الموت حقّا ... ونحن من الخمول الميتونا
لذلك قد تعاطيت التحافي ... وإن خلائقي كالماء لينا
ولم أبخل بصحبتهم لدهر ... ولكن هات ناسا يصحبونا
(المنتظم) .
[2] انظر عن (محمد بن هبة الله) في: الأنساب 12/ 372، 373، والمنتظم 8/ 324، 325 رقم 407 (16/ 207، 208 رقم 3501) ، والكامل في التاريخ 10/ 117، واللباب 3/ 401، وسير أعلام النبلاء 18/ 447، 448 رقم 230، وطبقات ابن الصلاح، ورقة 36 ب، والوافي بالوفيات 5/ 151، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/ 207، 208، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 366، 367.
[3] انظر ترجمة أبيه أبي القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور، في (تاريخ بغداد 14/ 70، 71 رقم 7418) .
[4] اللالكائيّ: بفتح اللام ألف واللام والكاف بعدها الألف وفي آخرها الياء آخر الحروف. هذه النسبة إلى بيع اللوالك، وهي التي تلبس في الأرجل. (الأنساب 12/ 372) .
[5] الأنساب 12/ 473، اللباب 3/ 401، المنتظم.
[6] وقال ابن السمعاني: «كان شيخا مأمونا ثقة، صدوقا» .

(32/78)


59- محمد بن يحيى بن سعيد [1] .
أبو عبد الله السَّرَقُسْطيّ، خطيب سَرَقُسْطَة. ويعرف بابن سَمَاعة.
حدث عن: أبي عمر الطَّلَمَنْكيّ.
روى عنه: أبو عليّ بن سُكَّرَة.
وهو مشهور بالصلاح التّامّ [2]
- حرف النون-
60- نصر بن أحمد بن مروان الكُرْديّ [3] .
صاحب ديار بكر.
مات عن سن عالية [4] ، وتملك ابنه منصور سنة اثنتين وسبعين [5]
__________
[1] انظر عن (محمد بن يحيى) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 551 رقم 1205.
[2] وكان خطيب سرقسطة. توفي ودفن هو وأبو الحسين بن القاضي أبي الوليد الباجي، وصلي عليهما في وقت واحد، وموضع واحد.
[3] انظر عن (نصر بن أحمد) في: الأعلاق الخطيرة ج 3 ق 1/ 217، 257، 366- 371، 375، 376، 378 (379) ، 381، 382، 388، 389 وج 3 ق 2/ 552، وتاريخ الفارقيّ 147، 163، 177- 182، 185- 192، 197- 200، 202- 204، 206، 218، 248، 256، والمختصر في أخبار البشر 2/ 194، وتاريخ ابن الوردي 1/ 380، والدّرّة المضية 405.
وهو الملقب: «نظام الدين» .
[4] قال ابن الأزرق الفارقيّ: كان ملكا عادلا، خفيف الوطأة، حسن السيرة، كثير الإحسان إلى الناس. وعمرت ميافارقين في أيامه أحسن عمارة، ولقي الناس منه الخير والبركة في ولايته.
وكان يتفقد أحوال الناس ويسأل عن أحوالهم ومن غاب منهم، وما شوهدت ميافارقين أعمر ممّا كانت في أيام نظام الدين، ولا أغنى من أهلها في أيامه، وعلا في سور ميّافارقين وسور آمد مواضع عديدة، واسمه على المواضع ظاهرا وباطنا، وبنى الجسر على دجلة شرقيّ آمد تحت الصخرة وباب التل، وغرم عليه من ماله بتولّي الوزير أبي الفضل إبراهيم بن الأنباري في سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة. (تاريخ الفارقيّ 199، 200) .
وقال ابن شدّاد: «مات بميّافارقين في ذي الحجّة، فكانت ولايته ثلاثين سنة وأشهرا» .
(الأعلاق الخطيرة ج 3 ق 1/ 379) .
وقد أرخ ابن أيبك الدواداريّ وفاته في سنة 471 هـ. (الدرّة المضية 405) .
[5] تاريخ الفارقيّ 200، 201.

(32/79)


حرف الهاء-
61- هياج بن عُبَيْد بن حسين [1] .
الفقيه الزّاهد أبو محمد الحِطّينيّ. وحِطّين قرية بين عكّا وطبرية [2] ، بها قبر شعيب عليه السلام فيما قيل.
سمع: أبا الحَسَن عليّ بن موسى السَّمْسار، وعبد الرحمن بن عبد العزيز ابن الطُّبَيْز، ومحمد بن عَوْف المُزَنّي، وجماعة بدمشق، وأبا ذر الهَرَويّ بمكة، وعبد العزيز الأزَجيّ، وغيره ببغداد.
ومحمد بن الحسين الطّفّال، وعليّ بن حِمِّصَة بمصر.
والسَّكَن بن جميع بصيداء.
ومحمد بن أحمد بن سهل بقَيْسارية.
روى عنه هبة الله الشّيرازيّ في «مُعْجَمه» فقال: أنا هيّاج الزّاهد الفقيه، وما رأت عيناي مثله في الزّهد والورع [3] .
__________
[1] انظر عن (هيّاج بن عبيد) في: الأنساب المتفقة (الطبعة الجديدة) 56، والمنتظم 8/ 326 رقم 412 (16/ 209، 210 رقم 3506) ، والأنساب 4/ 170، وفيه: «هياج بن محمد بن عبيد» ، ومعجم البلدان 2/ 273، 274، وفيه مثل الأنساب، والمشترك وضعا والمفترق صقعا 138، واللباب 1/ 374، وفيه مثل الأنساب، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 27/ 164، 165 رقم 78، وفيه: «هياج بن عبيد بن الحسين، ويقال: ابن عبيد الله بن الحسن» ، والإعلام بوفيات الأعلام 195، وسير أعلام النبلاء 18/ 393- 395 رقم 194، والعبر 3/ 278، 279، ودول الإسلام 2/ 5، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/ 529، (دون ترجمة) ، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 427، 428، والبداية والنهاية 12/ 120، 121، وفيه: «هياج بن عبد الله» ، ومرآة الجنان 3/ 102، والعقد الثمين 7/ 380، 381، والنجوم الزاهرة 5/ 109، وشذرات الذهب 3/ 342، 343.
[2] قال القيسراني في الأنساب المتفقة 56: «بين أرسوف وقيسارية، خرج منها شيخنا الفقيه الزاهد أبو محمد هيّاج بن عبيد الحطيني المقيم بالحرم» ، وكذا في: (الأنساب 4/ 170) وقال: «الحطيني بكسر الحاء والطاء المهملتين وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وفي آخرها والنون» .
أما ياقوت فقال مثل المؤلف الذهبي: حطّين قرية بين عكا وطبرية بالشام، ونسب هياجا إليها.
(المشترك 138) وتابعه ابن الأثير في (اللباب 1/ 374) وعلّق على قول ابن السمعاني بأن حطين بين أرسوف وقيسارية غير صحيح. غير أن ابن عساكر ذكر أن هياجا من حطين، بين أرسوف وقيسارية. (مختصر تاريخ دمشق 27/ 164) .
[3] الأنساب المتفقة 56 سير أعلام النبلاء 18/ 394، طبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 482، العقد

(32/80)


وروى عنه: محمد بن طاهر، وعَمْر الرُّؤاسيّ، ومحمد بن أبي عليّ الهَمَذانيّ، وثابت بن منصور القَيْسرانيّ، وإبراهيم بن عثمان الرّازقيّ، وأبو نصر هبة الله السجزيّ، وغيرهم.
قال ابن طاهر المقدسيّ: كنّا جلوسًا بالحرم، فتمارى اثنان أيُهما أحسن:
مصر، أو بغداد؟ فقلت: هذا يطول، ولا يفصل بينكما إلا من دخل البلدَين.
فقالوا: من هو؟
قلت: الفقيه هَيَّاج.
فقمنا بأجمعنا إليه، قال: فِيَم جئتم؟ فقصصت عليه وقلت: قد احتكما إليك.
فأطرق ساعةً ثمّ قال: أقول لكما أيُّهما أطيب؟
قلنا: نعم.
فقال: البصرة.
قلت: إنّما سألا عن مصر وبغداد، فقال: البصرة أطيب، ذاك الخراب وقلة الناس، ويطيب القلب بتلك المقابر والزيارات. وأما بغداد ومصر، فليس فيهما خير من الزحمة والأكاسرة.
وكان هياج فقيه الحرم بعد رافع الحمال.
وسمعته يقول: كان لرافع الحّمّال في الزُّهد قدم، وإنّما تفقّه أبو إسحاق الشيرازيّ، وأبو يَعْلَى بن الفرّاء بمُراعاة رافع. كانوا يتفقهون، وكان يكون معهما، ثمّ يروح يحمل على رأسه، ويعطيهما ما يتقوتان به.
قال ابن طاهر: وكان هَيّاج قد بلغ من زُهْده أنه يصوم ثلاثة أيام، ويواصل ولا يُفْطِر إلّا على ماء زمزم. فإذا كان آخر اليوم الثالث من أتاه بشيء أكله، ولا يسأل عنه.
وكان قد نيف على الثمانين، وكان يعتمر في كلّ يوم ثلاث عمر على
__________
[ () ] الثمين 7/ 380.

(32/81)


رِجْلَيه، ويدرس عدّة دروس لأصحابه. وكان يزور عبد الله بن عبّاس بالطائف كلّ سنة مرّة، يأكل بمكة أكله، وبالطائف أخرى.
وكان يزور النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم كلّ سنة مع أهل مكّة. كان يتوقّف إلى يوم الرحيل، ثمّ يخرج، فأوّل من أخذ بيده كان في مونته إلى أن يرجع، وكان يمشي حافيا من مكّة إلى المدينة ذاهبًا وراجعًا [1] .
وسمعته يقول: وقد شكى إليه بعض أصحابه أنّ نَعْلَه سُرقت في الطّواف:
اتِّخِذ نَعْلَين لا يسرقهما أحد [2] .
ورُزق الشهادة في وقعةٍ وقعَتَ لأهل السُّنّة بمكّة، وذلك أنّ بعض الرّوافض شكى إلى أمير مكّة: أنّ أهل السُّنّة ينالون منّا ويبغضونا. فأنفذ وأخذ الشّيخ هيَّاجًا، وجماعة من أصحابه، مثل أبي محمد بن الأنماطي، وأبي الفضل بن قوّام، وغيرهما. وضربهم، فمات الاثنان في الحال، وحُمل هيّاج إلى زاويته، وبَقِي أيّامًا، ومات من ذلك رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ [3] .
وقال السّمعانيّ: سألت إسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ، عن هيّاج بن عُبَيْد، فقال: كان فقيها زاهدا. وأثنى عليه [4]
__________
[1] الأنساب المتفقة 56، الأنساب 4/ 170، المنتظم 8/ 326 (16/ 209، 210) ، اللباب 1/ 374، مختصر تاريخ دمشق 27/ 165، سير أعلام النبلاء 18/ 394.
[2] الأنساب المتفقة 56.
[3] الأنساب المتفقة 56، الأنساب 4/ 170، 171، المنتظم 8/ 326 (16/ 209، 210) ، معجم البلدان 2/ 273، 274، مختصر تاريخ دمشق 27/ 165، سير أعلام النبلاء 18/ 394، النجوم الزاهرة 5/ 109 وفيه أنه لما مات قال بعض العلماء: لو ظفرت النصارى بهيّاج لما فعلوا فيه ما فعله به صاحب مكة هذا الخبيث.
[4] سير أعلام النبلاء 18/ 395.
وقال ابن عساكر: وقيل إنه أقام بالحرم نحو أربعين سنة لم يحدّث في الحرم. وإنّما كان يحدّث في الجلّ حين يخرج للإحرام بالعمرة.
وقيل: توفي هياج سنة أربع وسبعين وأربعمائة. ودفن جانب قبر الفضيل بن عياض. (مختصر تاريخ دمشق 27/ 165) .
وقال فيه بعضهم:
أقول لمكة ابتهجي وتيهي ... على الدنيا بهيّاج الفقيه
إمام طلق الدنيا ثلاثا ... فلا طمع لها من بعيد فيه
(النجوم الزاهرة 5/ 109) .

(32/82)


- حرف الياء-
62- يحيى بن محمد بن الحسين [1] .
الشريف أبو محمد بن الأقساسيّ العلويّ الكوفيّ.
من ولد زيد بن عليّ بن الحسين. وأقساس: قرية من قرى الكوفة.
ثقة، روى عن: محمد بن عبد الله الجعفيّ.
روى عنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنديّ، وأبو الفضل الأُرْمَويّ.
توفي في حدود هذه السنة [2] .
__________
[1] انظر عن (يحيى بن محمد) في: الأنساب 1/ 333 وفيه: «يحيى بن محمد بن الحسن» ، ومثله في: اللباب 1/ 80، 81، ومعجم البلدان 1/ 236، وسيعاد في وفيات سنة 473 هـ. برقم (99) وهو هناك: «يحيى بن محمد بن الحسن» .
[2] وكانت ولادته في شوال سنة 395، وتوفي سنة نيف وسبعين وأربعمائة. كذا قال ابن السمعاني، وتابعه ياقوت، وابن الأثير.

(32/83)


سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة
- حرف الألف-
63- أحمد بن حاتم بن بسّام بن عامر [1] .
أبو العبّاس البكريّ التَّيْميّ الأصبهاني الشاهد.
له رحلة إلى خُراسان وإلى بغداد سنة عشرين، فسمع من جماعة.
روى عن: أبي علي بن شاذان.
روى عنه: الحسين بن عبد الملك الأديب.
وتُوُفّي في صَفَر.
64- أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن علي بْن سرابان [2] .
أبو طاهر الرُّوذَباريّ [3] الصّائغ ابن الزّاهد.
روى عن: أحمد بن تُركان، وعبد الرحمن المؤدب، وأبي سَلَمة الهمدانيين، ومنصور بن رامش.
قال شيرويه: سمعتُ منه، وكان ثقة متقنًا.
تُوُفّي في شوّال، وله ثمانون سنة.
65- أحمد بن محمد بن أحمد الأخضر البغداديّ المقرئ [4] .
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] الروذباريّ: بضم الراء وسكون الواو والذال المعجمة وفتح الباء الموحدة وفي آخرها الراء بعد الألف، هذه اللفظة لمواضع عند الأنهار الكبيرة يقال لها الروذبار، وهي في بلاد متفرّقة منها موضع على باب الطابران يقال لها الروذبار. (الأنساب 6/ 180) .
[4] انظر عن (أحمد بن محمد المقرئ) في: المنتظم 8/ 327 رقم 413 (16/ 212 رقم 3507) ، والبداية والنهاية 12/ 121.

(32/84)


كان من أحسن النّاس تلاوة في المحراب. وكان مُقِلًّا قانعًا.
روى عن: أبي عليّ بن شاذان.
وعنه: ابن السَّمَرْقَنديّ، وعلي بن أحمد بن بكار المقرئ [1] .
66- أحمد بن محمد بن الحسين بن الحسن [2] .
الخياط الأنصاري.
روى عن: ابن خُرَّشِيد قُولَه، وأبي الفَرَج البُرْجيّ.
67- إسماعيل بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الحيري [3] .
أبو محمد النَّيْسابوريّ، البزاز.
شيخ معمَّر، صالح، مجاور بالجامع.
سمع الكثير، وحدَّث عن أبي الحسين العلويّ، وأبي طاهر بن مَحْمِش، وعبد الله بن يوسف بن ماموَيْه، وأبي عبد الرحمن السُّلميّ.
روى عنه: عبد الغافر الفارسيّ وقال: تُوُفّي في رابع ذي الحِجّة، والحسين بن عليّ الشحّاميّ، وسعيدة بنت زاهر الشحّاميّ، وآخرون.
68- أَمَةُ الرحمن بنت عَمْر بن محمد بن يوسف بن دوست العلاف [4] .
أمّ الخير.
صالحة مستورة، رَوَت عن: عمّها عثمان بن دُوَسْت.
وماتت في شوّال.
69- أَمَةُ القاهر بنت محمد بن أبي عَمْرو بن دوست العلاف [5] .
أمّ العزّ.
عن: جدّها.
__________
[1] قال ابن الجوزي: روى عنه أشياخنا وكان يذهب إلى مذهب أهل الظاهر، وكان أحسن الناس تلاوة للقرآن في المحراب، حسن الطريقة، حميد السيرة، مقلا من الدنيا، قنوعا. (المنتظم) .
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] انظر عن (إسماعيل بن أحمد) في: المنتخب من السياق 143 (دون رقم) .
[4] لم أجد مصدر ترجمتها.
[5] لم أجد مصدر ترجمتها.

(32/85)


وعنها: إسماعيل بن السَّمَرْقَنديّ، وغيره.
أرخها ابن النجّار
- حرف الحاء-
70- الحسين بن عليّ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيّ [1] .
أَبُو عَبْد اللَّه الأنطاكي.
كان ينوب بدمشق في القضاء عن أبي الفضل بن أبي الْجِنّ العلويّ.
سمع من: تمام الرازي [2] ، وعبد الرحمن بن أبي نصر.
وكان يسكن بالشاغور [3] ، وهو آخر من حدَّث عن تمّام.
روى عنه: أبو بكر الخطيب، وهبة الله بن أحمد الأكفانيّ، وجمال الإسلام أبو الحَسَن، وعليّ بن قُبيس.
وسأله غيث [4] عن مولده، فقال: سنة أربع وتسعين وثلاثمائة.
وتُوُفّي في المحرَّم.
71- الحسين بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن إسحاق [5] .
أبو القاسم النَّيْسابوريّ المختار.
حدَّث عن: عبد الله بن يوسف، وابن محمش، والأستاذ أبي سعْد، وأصحاب الأصمّ.
ودفن إلى جانب ابن نُجَيْد.
وله كلام في المعرفة.
__________
[1] انظر عن (الحسين بن علي) في: تاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 11/ 158، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 7/ 160 رقم 132، وسير أعلام النبلاء 18/ 382 رقم 186 وهو باسم: «الحسن بن علي» ، و 18/ 550، 551 رقم 186 وهو «الحسين» كما هنا، وتهذيب تاريخ دمشق 4/ 349.
[2] لم يذكر الدوسري صاحب الترجمة بين تلامذة تمّام في مقدّمة (الروض البسّام 1/ 49) .
[3] الشاغور: بالغين المعجمة. محلّة بالباب الصغير من دمشق مشهورة، وهي في ظاهر المدينة.
(معجم البلدان 3/ 310) .
[4] هو غيث بن علي الأرمنازي خطيب صور. توفي سنة 509 هـ.
[5] انظر عن (الحسين بن علي المختار) في: المنتخب من السياق 200، 201 رقم 595.

(32/86)


72- الحسين بن محمد بن مبشر [1] .
أبو علي الأنصاري السَّرَقُسْطيّ. ويعرف بابن الإمام.
أخذ القراءة من: أبي عَمْرو الدّانيّ، وأبي عليّ الإلبِيريّ.
ورحل وسمع من: أبي ذر عبد بن أحمد، وإسماعيل الحدّاد المقرئ.
وأقرأ النّاس. وكان خيِّرًا فاضلًا، رحمه الله [2]
- حرف السين-
73- سعيد بن يوسف [3] .
أبو طالب.
صَلَبوه بَهَمَذَان في شوّال.
رحمه الله.
74- سُفيان بن الحسين بن محمد بن فَنْجُوَيْه.
ورّخه بعضهم فيها، والصحيح ما تقدَّم
- حرف الشين-
75- شيبان بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد [4] .
أبو المعمّر البُرْجيّ [5] الأصبهاني المحتسب.
تُوُفّي في ربيع الآخر.
شيخ صالح صاحب سُنّة. يعِظ في القُرى.
سمع: أبا عبد الله بن مَنْدَهْ، والْجُرْجانيّ، وأبا سعْد المالينيّ، وأبا بكر بن مَرْدَوَيْه.
أرخه يحيى بن مندة
__________
[1] انظر عن (الحسين بن محمد) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 142 رقم 328، وغاية والنهاية 1/ 252 رقم 1144.
[2] أرّخ ابن بشكوال وفاته في هذه السنة. أما ابن الجزري فقال: «تصدر للإقراء بسرقسطة بالجامع نحوا من أربعين سنة، وطال عمره، توفي بعد الثمانين وأربعمائة» . (غاية النهاية) .
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
[5] البرجيّ: بضم الباء المعجمة بنقطة، وسكون الراء المهملة وفي آخرها الجيم. هذه النسبة إلى قرية برج وهي من قرى أصبهان. (الأنساب 2/ 132) .

(32/87)


- حرف العين-
76- عبد الله بن عبد العزيز [1] .
أبو محمد بن عزّون [2] التّميميّ المهدويّ المغربيّ المالكيّ.
من أصحاب أبي عمران الفاسيّ، وأبي بكر عبد الرحمن. وكان أحد الفقهاء الأربعة الذين نزحوا بعد خراب القيروان عنها، وهم: عبد الحميد الصائغ، وأبو الحَسَن اللخميّ، وهذا، وأبو الرّجال المكفوف.
وكان ابن عزون متفنِّنًا في العلوم [3] .
تخرّج به ابن حسّان، والقاضي ابن شُغْلان، وكان من أقيم النّاس على «المُدَوَّنَة» ، وأبحثِهم في أسرارها [4] .
تُوُفّي رحمه اللَّه فِي حدود هذا العام.
77- عَبْد الرَّحْمَن بْن الحَسَن بْن عَبْد الرَّحْمَن بن علي بن أيوب [5] .
أبو القاسم العُكْبريّ.
من بيت العلم والعدالة. كان ثقة ورعًا، أضرّ في آخر عمره.
سمع: عمّ أبيه الحسين، وعَمْر بن أحمد بن أبي عَمْرو، وعبد الله بن عليّ بن أيّوب العُكْبريّين.
روى عنه: ابن السَّمَرْقَنديّ، وأبو الحَسَن بن عبد السّلام.
حدَّث في هذا العالم.
78- عبد الرحمن بن عيسى بن محمد [6] .
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن عبد العزيز) في: ترتيب المدارك للقاضي عياض 4/ 796، 797، ومدرسة الحديث في القيروان 2/ 768، وتاريخ الخلفاء 422.
[2] في ترتيب المدارك: «ابن غرور» .
[3] في ترتيب المدارك: «وكان أبو محمد هذا فقيها فاضلا، مفتيا» .
[4] في ترتيب المدارك: «وكان رأس الفقهاء بالمهدية في وقته، وكان من أقيم الناس على كتب المدونة، وأحثّهم على أسرارها، وإثارة الخلاف من آثارها. وكان الفقيه حسان يرفعه جدا، ويصفه بفهم عظيم، وكان من أهل العبادة والفضل. يقال: إنه أفتى ابن نيف وعشرين، وأزيد، وطلب على القضاء فامتنع» .
[5] لم أجد مصدر ترجمته.
[6] انظر عن (عبد الرحمن بن عيسى) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 340، 341 رقم 728 وفيه:

(32/88)


أبو زيد الأندلسيّ، قاضي طُلَيْطُلة.
ويُعرف بابن الحشاء.
سمع بقُرْطُبة من: يونس بن عبد الله، وأبي المطرّف القَنَازعيّ.
وسمع بدَانِيَة من: أبي عَمْرو المقرئ، وأبي الوليد بن فَتْحُون.
وبمكّة من: أبي ذَرّ الهَرَويّ، وأبي الحَسَن بن صَخْر.
وبالمغرب من: عبد الحقّ بن هارون الصَّقِلّيّ.
وبمصر من: أبي القاسم عبد الملك بن الحَسَن، وعليّ بن إبراهيم الحَوْفيّ.
وبالقيروان من: أبي عمران الفاسيّ الفقيه.
استقضاه المأمون يحيى بن ذي النُّون بطُلَيْطُلة بعد أبي الوليد بن صاعد [1] .
وحُمدت سيرتُه [2] ، ثم استُقْضى بدانِيَة.
وقال أبو بكر الطّرْطُوشيّ: ولمّا ولي جدّي، يعني لأمّه، أبو زيد بن الحَشَاء القضاء بطُلَيْطُلة جمع أهلَها وأخرج لهم صندوقًا فيه عشرة آلاف دينار، وقال:
هذا مالي، فلا تحسبوا ظهور حالي من ولايتكم، ولا نُمُوَّ مالي مِن أموالكم [3] .
79- عبد السلام ابن شيخ الشيوخ أبي الحَسَن بن سالبة [4] .
أبو الفتح.
تُوُفّي في جُمَادَى الأولى. كأنه إصبهانيّ [5] .
80- عبد الواحد بن محمد بن عُبَيْد الله [6] .
__________
[ () ] «عبد الرحمن بن محمد بن عيسى» ، وكذا في: مدرسة الحديث في القيروان 2/ 768.
[1] وذلك في سنة 450 هـ. (الصلة 2/ 341) .
[2] ثم صرف عنها في سنة ستين وصار إلى طرطوشة واستقضي بها. (الصلة) .
[3] هذا الخبر ليس في (الصلة) .
[4] انظر عن (عبد السلام بن شيخ الشيوخ) في: الكامل في التاريخ 10/ 119 وفيه: «عَبْد السلام بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن جعفر أبو الفتح الصوفي» ، والمنتظم 8/ 328 رقم 414 (16/ 212، 213 رقم 3508) .
[5] قال ابن الأثير: «من أهل فارس، سافر الكثير، وسمع الحديث بالعراق، والشام، ومصر، وأصبهان، وغيرها، وكانت وفاته بفارس» .
[6] لم أجد مصدر ترجمته.

(32/89)


أبو القاسم البغداديّ الزّجّاج. ثمّ الخبّاز.
سمع: ابن بِشْران، وابن رزقُوَيْه.
وعنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنديّ.
ومات في ربيع الأوّل سنة ثلاث وسبعين.
81- عبد الواحد بن المطهر بن عبد الواحد [1] بن محمد البُزَانيّ [2] الأصبهاني [3] .
قدِم بغداد عميدًا على العراق [4] ، ومات كهْلًا قبل أبيه [5] .
82- علي بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن حمزة [6] .
القاضي أبو الحَسَن الهاشميّ العبّاسيّ، الفقيه الشّافعيّ [7] .
__________
[1] انظر عن (عبد الواحد بن المطهر) في: الإكمال 1/ 537 بالمتن والحاشية والأنساب 2/ 187، 188، والمشتبه في الرجال 1/ 57، وتوضيح المشتبه 1/ 409.
[2] البزاني: بضم الباء الموحدة في أوله، وبعدها زاي مفتوحة مخففة، وبعد الألف نون.
[3] كنيته: أبو مضر. كما في (الإكمال) .
[4] قال ابن ماكولا: تميمي لم يصل إلى بغداد أحد يجري مجراه كتابة ومعرفة، سمع بأصبهان غير واحد من أصحاب الطبراني، وغيره. (الإكمال 1/ 537) .
وقال ابن السمعاني: سمعت من بنته ست العراق. (الأنساب 2/ 188) .
[5] فقد توفي أبوه سنة 480 هـ.
[6] انظر عن (علي بن محمد بن عبيد الله) في: الفقيه والمتفقّه للخطيب 1/ 39، 77، 116، 157، 236 و 2/ 74، 205، ومعجم السفر للسلفي (مخطوط مصوّر بدار الكتب المصرية) ق 2/ 345، وبتحقيق د. بهيجة الحسني 1/ 136، 150، وتاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 44/ 273، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 18/ 161 رقم 82، ولسان الميزان 5/ 207، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي 3/ 361، 362 رقم 1122.
[7] كان أحد القضاة الأشراف من أهل صور. سمع بجامعها الجزء الأول من كتاب «الفقيه والمتفقّه» على الخطيب في شهر ربيع الأول سنة 459 هـ. وسمع أبا الحسن علي بن موسى بن الحسين الدمشقيّ، وبصور مياس بن مهدي بن الصقيل القشيري الّذي حدّث بها سنة 462 هـ. وسمعه: أبو تمّام كامل بن ثابت بن عمّار الصوري الفرضيّ المتوفى سنة 518 أو 519 هـ.، وأبو الفرج أحمد بن الحسن بن علي بن زرعة الصوري، ومحمد بن طاهر المقدسي الحافظ المتوفى سنة 507 هـ.، وأحمد بن سرور المتوفى سنة 517 هـ.
وهو يروي حديثا من طريق خيثمة بن سليمان الأطرابلسي، عن العباس بن الوليد بن مزيد العذري البيروتي، عن الوليد بن مزيد، عن الأوزاعي، بسنده إلى أبي سعيد الخدريّ. (انظر كتابنا: موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي 4/ 361، 362) .
وكان تحديثه بصور سنة 468 هـ. وتوفي وقد نيف على الستين. (تاريخ دمشق) .

(32/90)


سمع: عبد الرحمن بن أبي نصر.
وعنه: جمال الإسلام.
83- عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ [1] .
أَبُو الحَسَن [2] الصُّلَيْحيّ، الخارج باليمن.
ذكره القاضي ابن خَلِّكان [3] فقال: كان أبوه [4] قاضيا باليمن، سُنِّيّ المذهب [5] . وكان الدّاعي عامر بن عبد الله الزّواخيّ [6] يلاطف عليًّا، فلم يزل به حتّى استمال قلبَه وهو مراهق، وتفرَّس فيه النّجابة [7] .
وقيل: كانت عنده حليته في كتاب «الصور» ، وهو من الذّخائر القديمة،
__________
[1] انظر عن (علي بن محمد بن الصليحي) في: دمية القصر للباخرزي 1/ 131، 132 رقم 3، والأنساب 8/ 87، وكشف أسرار الباطنية للحمادي (ملحق بكتاب «التبصير في الدين» لأبي المظفر الأسفرائيني) 219، وتاريخ اليمن لعمارة 47، وبهجة الزمن 46، والمنتظم 8/ 165، 232، وطبقات فقهاء اليمن 87، وتاريخ ثغر عدن 2/ 159، واللباب 2/ 246، والكامل في التاريخ 9/ 614، 615 و 10/ 30، 55، 56، وخريدة القصر (قسم شعراء الشام) 3/ 346، وأخبار الدول المنقطعة 71، ووفيات الأعيان 3/ 411- 415، والمختصر في أخبار البشر 2/ 181، 182، ودول الإسلام 2/ 6، وسير أعلام النبلاء 18/ 359- 362 رقم 173، وتاريخ ابن الوردي 1/ 544- 557، والبداية والنهاية 12/ 96، 121، ومرآة الجنان 3/ 103- 108، والدرّة المضيّة 414، والوافي بالوفيات 22/ 75- 80 رقم 27، وتاريخ ابن خلدون 4/ 214- 218، وشفاء الغرام (بتحقيقنا) 2/ 310، 361، والعقد الثمين 3/ 154، وبلوغ المرام 15، واتعاظ الحنفا 2/ 268، 269، والنجوم الزاهرة 5/ 58، 72، 112، وأخبار الدول وآثار الأول 2/ 395، وشذرات الذهب 3/ 346، وغاية الأماني 247، ومعجم الأنساب والأسرات الحاكمة 181، 183.
[2] هكذا في الأصل وبعض المصادر. وفي المنتظم، والكامل في التاريخ، والنجوم الزاهرة: «أبو كامل» .
[3] في وفيات الأعيان 3/ 411.
[4] في الوفيات: «أبوه محمد» .
[5] زاد في الوفيات: «وكان أهله وجماعته يطيعونه» .
[6] في الأصل: «الرواحي» بالراء والحاء المهملتين. وفي وفيات الأعيان 3/ 411، «الزواحي» بالزاي، والحاء المهملة. وما أثبتناه عن ياقوت، قال: الزواخي بوزن القوافي، وهو مهمل في استعمالهم. قرية من أعمال مخلاف حراز، ثم من أعمال النجم في أوائل اليمن، وإليها ينسب عامر بن عبد الله الزواخي صاحب الدعوة، عن الصليحي. (معجم البلدان 3/ 155) .
وقال ابن خلدون: عامر بن عبد الله الزوايي نسبة إلى زواية من قرى حرّان. (تاريخ ابن خلدون 4/ 214) .
[7] قارن بالنص في (وفيات الأعيان) ففيه اختلاف طفيف بالألفاظ.

(32/91)


فأوقف عليًّا منه على تنُّقل حالِه، وشَرَف مآله، وأطلعه على ذلك سِرًا من أبيه [1] .
ثمّ مات عامر عن قريب، وأوصى لعليّ بكُتُب، فعكف علي على الدّرس والمطالعة، فحصّل تحصيلات جيدًا. وكان فقيهًا في الدّولة المصرية الإماميّة، مستبصرًا في علم التأويل، يعني تأويل الباطنّية، وهو قلبُ الحقائق، ولُبّ الإلحاد والزندقة.
ثمّ صار يحجّ بالنّاس على طريق السّراة والطائف خمس عشرة سنة.
وكان النّاس يقولون له: بَلَغَنَا أنك ستملك اليمن بأسره، فيكره ذلك، ويُنْكر على قائله. فلمّا كان في سنة تسع وعشرين وأربعمائة، ثار عليٌ بجبل مسار [2] ، ومعه ستون رجلًا، قد حلفوا له بمكّة [3] على الموت والقيام بالدّعوة.
وآووْا إلى ذرْوةٍ منيعة برأس الجبل، فلم يتمّ يومهم إلّا وقد أحاط بهم عشرون ألفّا، وقالوا: إنْ لم تنزل وإلّا قتلناك ومن معك جوعًا وعطشًا.
فقال: ما فعلتُ هذا إلّا خوفًا علينا وعليكم أن يملكه غيرنا، فإن تركتموني أحرسه، وإلّا نزلت إليكم.
وخَدعهم، فانصرفوا عنه. ولم تمض عليه أشهر حتّى بناه وحصّنه، وأتقنه، وازداد أتباعه، واستفحل أمره، وأظهر الدّعوة فيما بين أصحابه لصاحب مصر المستنصر.
وكان يخاف من نجاح صاحب تهامة، ويلاطفه، ويعمل عليه، فلم يزل به حتّى سقاه سُمًّا مع جارية مليحة أهداها له في سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة.
وكتب إلى المستنصر يستأذنه في إظهار الدّولة، فإذن له. فطوى البلاد طيًّا، وطوى الحصون والتّهائم. ولم تخرج سنة خمسِ وخمسين حتّى ملك اليمن
__________
[1] زاد في الوفيات: «وأهله» .
[2] هكذا في الأصل، وفي وفيات الأعيان 3/ 412 «رأس مسار» . وفي (معجم البلدان 5/ 131) :
مشار: بالشين المعجمة، قلة في أعلى موضع من جبال حراز، منه كان مخرج الصليحي في سنة 448 وجاهر فيه، لم يكن فيه بناء فحصنه وأتقنه وأقام به حتى استفحل أمره، وقال شاعر الصليحي:
كأنا وأيام الحصيب وسردد ... دوادم عقرن الأجلّ المظفرا
ولم نتقدّم في سهام وبأزل ... وبيش ولم نفتح مشارا ومسورا
[3] في وفيات الأعيان 3/ 412: «قد حالفهم بمكة في موسم سنة ثمان وعشرين وأربعمائة» .

(32/92)


كلَّه حتّى أنه قال يومًا وهو يخطب في جامع الْجُنْد [1] : في مثل هذا اليوم نخطب على منبر عَدَن. ولم يكن أخذها بعد. فقال بعض من حضر: سُبُّوح قُدُّوس. يستهزئ به. فأمر بالحوطة عليه، وخطيب يومئذٍ على منبر عدن كما قال. واتّخذ صنعاءَ كرسيّ مملكته، وأخذ معه ملوك اليمن الذّين أزال مُلكهم، وأسكنهم معه، وبنى عدّة قصور، وطالت أيامه [2] .
وقال صاحب «المرآة» : في سنة خمس وخمسين دخل الصُّلَيْحيّ إلى مكّة، واستعمل الجميل مع أهلها، وطابت قلوبُ النّاس، ورخصت الأسعار، ودعوا له.
وكان شابًا أشقر، أزرق، إذا جاز على جماعةٍ سلَّم عليهم. وكان ذكيًّا فطنًا لبيبًا، كسا البيت ثيابًا بيضاء، ودخل البيتَ ومعه الحُرّة زوجته [3] التي خُطِب لها على منابر اليمن.
وقيل: إنّه أقام بمكّة شهرًا ورحل، وكان يركب فَرَسًا بألف دينار، وعلى رأسه العصائب. وإذا ركبت الحُرّة ركبت في مائتي جارية، مُزيّنات بالحُلِيّ والجواهر، وبين يديها الجنائب بسُرُوج الذَّهَب.
قال ابن خَلِّكان [4] : وقد حجّ في سنة ثلاثٍ وسبعين، واستخلف مكانه ولده الملك المكرَّم أحمد. فلمّا نزل بظاهر المَهْجَم وثب عليه جيّاش بن نجاح وأخوه سعيد فقتلاه بأبيهما نجاح الّذي سمّه، فانذعر النّاس، وكان الأخوان قد خرجا في سبعين راجلًا بلا مركوب ولا سلاح بل مع كلّ واحدٍ جريدة في رأسها
__________
[1] الجند: بالتحريك. قال أبو سنان اليماني: اليمن فيها ثلاثة وثلاثون منبرا قديمة وأربعون حديثة. وأعمال اليمن في الإسلام مقسومة على ثلاثة ولاة، فوال على الجند ومخاليفها، وهو أعظمها، ووال على صنعاء ومخالفيها، وهو أوسطها، ووال على حضرموت ومخاليفها، وهو أدناها، والجند مسماة بجند بن سهران بطن من المعافر قال عمارة: وبالجند مسجد بناه معاذ بن جبل، رضي الله عنه، وزاد فيه وحسن عمارته حسين بن سلامة وزير أبي الجيش بن زياد، وكان عبدا نوبيا، قال: ورأيت الناس يحجون إليه كما يحجون إلى البيت الحرام، ويقول أحدهم: أصبر لينقضي الحج، يراد به حجّ مسجد الجند. (معجم البلدان 2/ 169) .
[2] انظر وفيات الأعيان 3/ 412، 413.
[3] اسمها: أسماء ابنة شهاب. (وفيات الأعيان 3/ 413) .
[4] في وفيات الأعيان 3/ 413.

(32/93)


مسمار حديد، وساروا نحو السّاحل. وسمع بهم الصُليحيّ فسيّر خمسة آلاف حَرْبة من الحبشة الذين في ركابه لقتالهم فاختلفوا في الطّريق. ووصل السبعون إلى طرف مخيّم الصُّلَيْحيّ، وقد أخذ منهم التّعب والحفا، فظنَّ النّاس أنّهم من جملة عُبَيْد العسكر، فلم يشعر بهم إلّا عبد الله أخو الصُّلَيْحيّ، فدخل وقال:
يا مولانا أركب، فهذا والله الأحول سعيد بن نجاح. وركبَ عبد الله، فقال الصُّلَيْحيّ: إنّي لا أموت إلّا بالدُّهَيْم وبئر أمّ مَعْبَد. معتقدًا أنّها أمّ مَعْبَد التي نزل بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لمّا هاجر. فقال له رجل من أصحابه: قاتِلْ عن نفسك، فهذه والله الدُّهَيْم، وهذه بئر أمّ مَعْبَد. فلمّا سمع ذلك لحِقَه زَمَع اليأس من الحياة على بغْتة وبال، ولم يبرح من مكانه حتّى قطع رأسه بسيفه، وقُتِل أخوه وأقاربه، وذلك في ذي القعدة من السنّة.
ثمّ أرسل ابن نجاح إلى الخمسة آلاف فقال: إنّ الصُّلَيْحيّ قد قُتِل، وأنا رجلٌ منكم، وقد أخذت بثأر أبي، فقدِموا عليه وأطاعوه. فقاتَلَ بهم عسكر الصليحيّ، فاستظهر عليهم قتلا وأسرار، ورفع رأس الصُّلَيْحيّ على رمح، وقرأ القارئ: قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ 3: 26 [1] . ورجع فملك زبيد، وتِهَامَة، إلى أن عملت على قتله الحُرّة، ودبّرت عليه، وهي امرأة من أقارب الصُّلَيْحيّ. فقُتِل سنة إحدى وثمانين وأربعمائة [2] .
__________
[1] سورة آل عمران، الآية 26.
[2] وفيات الأعيان 3/ 413، 414.
وقد علّق اليافعي على هذه الرواية فقال:
هكذا نقل بعض المؤرخين، وقد ذكرته عن بعضهم في كتاب المرهم أنّ داعي الإسماعيلية دخل اليمن ودعا إلى مذهبهم ونزل في الجبل المذكور، ولم يزل يدعو سرا حتى كثرت أتباعهم وظهرت دعوتهم وملكوا جبال اليمن وتهامتها ولكن ذلك مخالف بما قدمناه عن بعض في هذا التاريخ من وجوه.
منها: إنهم ذكروا أن داعيهم الّذي أظهر مذهبهم في اليمن وملكهم اسمه علي بن فضل من ولد خنفر، بفتح الخاء المعجمة وسكون النون وفتح الفاء في آخره راء، ابن سبا والّذي تقدّم في هذا التاريخ اسمه علي بن محمد الصليحي.
ومنها: إن دعوتهم ظهرت في سنة سبعين ومائتين، والمذكور فيما تقدم من هذا التاريخ أن دعوتهم ظهرت في سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة.

(32/94)


قال محمد بن يحيى الزُّبَيْديّ الواعظ: أنشدني الفقيه عبد الغالب بن الحَسَن الزُّبَيْديّ لنفسه بزبيد:
أيهذا المغرور لم يدُم الدَّهْرُ ... لعادٍ الأولى ولا لثَمُودِ
نقّبوا في البلاد، واجتاب ... مُجْتابُهُم الصَّخْر، باليَفَاع المشيدِ
والذي قد بنى [1] بأيْد متين ... إرمًا هل وراءها من مزيد؟
وقرونا من قبل ذاك ومن بعد ... جنودًا أهلكن بعد جنود
والصُّلَيْحيّ كان بالأمس ملكًا ... ذا اقتدار وعدّة وعديد
دخل الكعبة الحرام، وزارت ... منه للشحر خافقات البنود
فرماه ضحى بقاصمة الظهر ... قضاء أتيح غير بعيد
وأبو الشبل [2] إذ يتيه بما أعطي ... من مخلب وناب حديد
وأخو المخطم [3] المدل بنابين كجذعين من سقى مجود
وهي قصيدة طويلة.
84- عليّ بن أحمد بن الفَرَج [4] .
أبو الحَسَن العُكْبريّ البزّاز الفقيه الحنبليّ، ويعرف بابن أخي أبي نصر.
كان مفتي عُكْبَرا وعالمها. وكان ورعًا، زاهدًا، ناسكًا، فرضيا، مقرِئًا، له محلٌ رفيع عند أهل عكبرا.
__________
[ () ] ومنها: أنهم ذكروا أنّ علي بن الفضل المذكور كان داعيا للإسماعيلية، والصليحي المذكور في هذا التاريخ كان داعيا للرافضة الإمامية، ولكن يمكن الجمع بينهما على هذا الوجه وهو أنهم في ظاهر الدعوة يقرّون إلى مذهب الإمامة وفي الباطن متدينون لمذهب الباطنية، ولهذا قال الإمام حجّة الإسلام في وصف الباطنية ظاهر مذهبهم الرفض، وباطنه الكفر المحض. ومنها:
أنّ الداعي علي بن الفضل الّذي ملك اليمن كان داعيا لإمام لهم كان مستترا في بلاد الشام، والصليحي المذكور كان داعيا للمستنصر العبيدي صاحب مصر.
ومنها: أن علي بن الفضل لما استولى على اليمن تظاهر بالزندقة وخلع الإسلام وأمر جواريه أن يضربن بالدفوف على المنبر وتغنّين بشعر قاله.
(مرآة الجنان 3/ 106، 107) .
[1] في الأصل: «بنا» .
[2] يعني الأسد.
[3] يعني الفيل.
[4] انظر عن (علي بن أحمد) في: ذيل طبقات الحنابلة 1/ 47، 38 رقم 18 وفيه: «علي بن محمد بن الفرج» .

(32/95)


سمع: أبا عليّ بن شاذان، والحسن بن شهاب العُكْبريّ.
روى عنه: مكّيّ الرُّمَيْليّ، وإسماعيل بن السَّمَرْقَنديّ.
وتُوُفّي في ربيع الآخر [1] .
85- عليّ بن مقلّد بن عبد الله بن كرامة [2] .
أبو الحَسَن الأَطْهَريّ [3] البوّاب الحاجب.
صَدوق، خيّر.
سمع: محمد بن محمد بن الرُّوزْبَهان، والحسين بن الحَسَن الغضائريّ [4] .
روى عنه: هبة الله الكاتب، وإسماعيل بن السَّمَرْقَنديّ.
تُوُفّي في ربيع الآخر [5] .
__________
[1] قال الفراء: ذكر ابن الجوزي في «الطبقات» ، وكان له تقدّم في القرآن والحديث والفقه والفرائض، وجمع إلى ذلك النسك والورع.
وذكر ابن السمعاني نحو ذلك وقال: كان فقيه الحنابلة بعكبرا، والمفتي بها. وكان خيرا، ورعا، متزهدا، ناسكا، كثير العبادة. وكان له ذكر شائع في الخبر، ومحل رفيع عند أهل بلدته.
وذكر ابن شافع وغيره: أنه حدّث بشيء يسير.
ومما أنشده لنفسه:
أعجب لمحتكر الدنيا وبانيها ... وعن قليل على كره يخليها
دار عواقب مفروحاتها حزن ... إذا أعارت أساءت في تقاضيها
يا من يسر بأيام تسير به ... إلى الفناء وأيام يقضيها
قف في منازل أهل العز معتبرا ... وانظر إلى أيّ شيء صار أهلوها
صاروا إلى جدث قفر، محاسنهم ... على الثرى ودويّ الدّود يعلوها
[2] انظر عن (علي بن مقلد) في: الأنساب 1/ 306، واللباب 1/ 73، ووفيات الأعيان 3/ 362 (في ترجمة ابن الرومي رقم 463) ، والوافي بالوفيات 22/ 222، 223 رقم 159.
[3] الأطهري: بفتح الألف وسكون الطاء المهملة وفتح الهاء وفي آخرها الراء، هذه النسبة إلى أطهر وهو بعض السادة العلوية ببغداد، نسب إليه.
[4] في الأصل: «القصائري» ، وفي الأنساب: «العصاري» ، وما أثبتناه هو الصحيح كما ورد في الأنساب 9/ 155 «مادّة: الغضائري» وفيه: الحسين بن الحسن الغضائري، المتوفى سنة 414 هـ.
[5] وقال ابن السمعاني: كان شيخا صالحا صدوقا مأمونا، وكان مقللا من الحديث. وكان ولادته في محرّم سنة أربعمائة.

(32/96)


86- عليّ بن عبد الغافر بن عليّ بن الحَسَن [1] .
أبو القاسم الخُزاعيّ النَّيْسابوريّ.
حدَّث عن: عبد الله بن يوسف الأصبهاني، وابن مَحْمِش، وجماعة.
تُوُفّي في ثاني شوّال [2]
- حرف الفاء-
87- الفضل بن عبد الله بن المُحِبّ [3] .
أبو القاسم النيسابوريّ، الواعظ.
سمع: أبا الحسين الخفّاف، وتفرد في وقته عنه.
وسمع: السّيد أبا الحَسَن العلويّ، وعبد الله بن يوسف، وابن مَحْمِش.
وهو معروف بالوعظ، قد صنّف فيه. وكان من أهل الخير والسّداد والعلم. أثنى عليه ابن السَّمعاني فيما انتقى لولده عبد الرحيم.
وممّن حدَّث عنه: سعيد بن الحسين الجوهريّ، والحسين بن عليّ الشّحّاميّ، ومحمد بن إسماعيل بن أحمد المقرئ، وهبة الرحمن بن القُشَيْريّ، وَمُلَيْكَة بنت أبي الحَسَن الفَنْدُورَجيّ [4] ، ومحمد بن طاهر، وزاهر الشّحّاميّ، وأبو طالب محمد بن عبد الرحمن الكَنْجَروذيّ [5] الحِيريّ، ومحمد بن إسماعيل الشاماتيّ، وآخرون.
__________
[1] انظر عن (علي بن عبد الغافر) في: المنتخب من السياق 386، 387 رقم 1304، والمختصر الأول للسياق، ورقة 66 أ.
[2] وكان مولده سنة 396 هـ. وكان مشهورا من الأقارب المختصين بأبي الحسين عبد الغافر بمنزلة الأولاد له.
[3] انظر عن (الفضل بن عبد الله) في: المنتخب من السياق 410 رقم 1396، والمختصر الأول للسياق (مخطوط) ورقة 75 أ، والأنساب 11/ 158، والإعلام بوفيات الأعلام 195، وسير أعلام النبلاء 18/ 378، 379 رقم 184، والمعين في طبقات المحدّثين 136 رقم 1502، والعبر 3/ 279، ومرآة الجنان 3/ 103، وشذرات الذهب 3/ 343.
وقد تقدّم في وفيات سنة 472 هـ. برقم (49) .
[4] الفندورجيّ: بفتح الفاء وسكون النون وضم الدال المهملة وسكون الواو وفتح الراء وفي آخرها الجيم. هذه النسبة إلى فندورجة، وهي قرية بنواحي نيسابور. (الأنساب 9/ 335) ،
[5] الكنجروذي: بفتح الكاف وسكون النون وفتح الجيم وضم الراء بعدها الواو وفي آخرها الدال المعجمة. هذه النسبة إلى كنجروذ، وهي قرية على باب نيسابور، في ربضها، وتعرب فيقال لها: جنزروذ. (الأنساب 10/ 479) .

(32/97)


وبالإجازة: وجيه الشّحّاميّ، والحافظ ابن ناصر.
وقال ابن طاهر: رحلت من مصر إلى نيْسابور لأجل الفضل بن عبد الله المحبّ صاحب الخفّاف، فلمّا دخلتُ قرأتُ عليه في أوّل المجلس جزءين من حديث السَّرَّاج، فلم أجد لذلك حلاوة، واعتقدتُ أنّي نلْته بلا تعبٍ، لأنّه لم يمتنع علي، ولا طالبني بشيء، وكل حديثٍ من الجزءين يَسْوَى رحلة [1]
- حرف الميم-
88- محمد بن حارث بن [2] أحمد بن منيوه [3] .
أبو عبد الله السَّرَقُسْطيّ النَّحْوِيُّ.
كان من جِلّة الأُدباء.
روى عن: أبي عَمْر أحمد بن صارِم الباجيّ كثيرًا من كتب الأدب.
أخذ عنه بغَرْناطَة: أبو الحَسَن عليّ بن أحمد المقرئ في هذا العام.
وبَقِي بعده.
89- محمد بن الحَسَن بن الحسين [4] .
أبو عبد الله المَرْوَزِيّ، الفقيه الشّافعيّ.
تفقّه بمَرْو على أبي بكر القفّال.
وسمع بهَرَاة من: عَمْر بن أبي سعد، وجماعة.
وكان إمامًا، متفننا، متقنا، ورِعًا، عابدًا.
وقيل: تُوُفّي سنة 74، فاللَّه أعلم.
__________
[1] سير أعلام النبلاء 18/ 379.
وقال عبد الغافر الفارسيّ: الأستاذ الواعظ أبو القاسم، مستور من أهل بيت الحديث والعلم، حدّث أبوه، وجدّه، وكلّهم من أهل الصلاح والزهد، وهذا المعروف بالوعظ والتخريج فيه، وله تصانيف مستفادة.
وأرّخ وفاته في الثاني عشر من المحرم سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة. (المنتخب 410) .
[2] انظر عن (محمد بن حارث) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 552 رقم 1208.
[3] هكذا ضبطه في الأصل، وطبعة أوروبا، وقد تحرّف في طبعة الدار المصرية إلى «مغيرة» .
[4] انظر عن (محمد بن الحسن بن الحسين) في: الأنساب 11/ 534، ومعجم البلدان 5/ 233، واللباب 3/ 273. وستعاد ترجمته في وفيات سنة 474 هـ. برقم (124) .

(32/98)


90- محمد بن الحسين بن عبد الله [1] .
أبو عليّ بن الشِّبْل البغداديّ، الشّاعر المشهور.
له ديوان سائر، وقد سمع غريب الحديث من: أحمد بن عليّ بن الباديّ [2] ، وكان ظريفًا، نديمًا، مطبوعًا، رقيق الشِّعْر.
روى عَنْهُ: أبو القاسم بْن السَّمَرْقَنديّ، وأبو الحَسَن بن عبد السلام، وأبو سعد الزَّوْزَنيّ.
وهو القائل:
ما أطيبَ العَيْش في التّصابي ... لو أنّ عهد الصّبَى يدوم
أو كان طِيب الشّباب يبقى ... لم يتْلُهُ الشّيْب والهموم
وله:
خُذْ ما تعجّل واتْرُكْ ما وُعِدْتَ به ... فِعْل الأريب [3] فللتّأخير آفاتُ
فلِلسّعادة أوقاتٌ مُيَسَّرةٌ [4] ... تُعطي السُّرور [5] وللأحزان أوقات
[6]
__________
[1] انظر عن (محمد بن الحسين الشاعر) في: دمية القصر 2/ 907، 908، والأنساب المتفقة 85، والمنتظم 8/ 328، 329، رقم 417 (16/ 213، 214 رقم 3511) ، والأنساب 7/ 284، ومعجم الأدباء 10/ 23- 25، وفيه: «الحسين بن عبد الله بن يوسف» ، واللباب 2/ 10، وخريدة القصر (قسم شعراء العراق) 2/ 247، والمحمدون من الشعراء للقفطي 462- 470، وتاريخ إربل لابن المستوفي 1/ 249، وطبقات الأطباء 1/ 247- 252 وفيه:
«الحسين بن عبد الله» ، ووفيات الأعيان 54/ 393 (في ترجمة ابن نقطة) وفيه: «محمود بن الحسن بن أبي الشبل» ، وسير أعلام النبلاء 18/ 430، 431 رقم 217، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 8، 9، والوافي بالوفيات 3/ 11- 16، والبداية والنهاية 12/ 121، 122، وفوات الوفيات 3/ 340- 344، والبدر السافر 91، والنجوم الزاهرة 5/ 111، وكشف الظنون 766، 313، ودائرة معارف بطرس البستاني 3/ 251، والأعلام 6/ 100.
[2] تحرفت في (المنتظم) - في الطبعتين- إلى «البلدي» . وفي (المستفاد) و (الوافي) إلى «الباذي» بالذال المعجمة.
[3] في (معجم الأدباء) : «وكن لبيبا» .
[4] في (معجم الأدباء 10/ 32) : «مقدرة» .
[5] في معجم الأدباء: «فيها السرور» .
[6] البيتان في: معجم الأدباء 10/ 32.
وقال ياقوت: ولد في بغداد، وبها نشأ، وبها توفي ستة أربع وسبعين وأربعمائة، كان متميّزا بالحكمة والفلسفة، خبيرا بصناعة الطب، أديبا فضلا وشاعرا مجيدا. أخذ عن أبي نصر

(32/99)


91- محمد بن سلطان بن محمد [1] بن حيوس [2] .
الأمير مصطفى الدّولة أبو الفتيْان الغَنَويّ الدّمشقيّ [3] .
أحد فُحُول الشعراء، له ديوان كبير.
سمع من: خاله أبي نصر بن الْجُنْديّ [4] .
روى عنه: أبو بكر الخطيب، وأبو محمد بن السّمرقنديّ.
__________
[ () ] يحيى بن جرير التكريتي، وغيره. هو صاحب القصيدة الرائية التي نسبت للشيخ الرئيس ابن سينا وليست له، وقد دلت هذه القصيدة على علو كعبه في الحكمة، والاطلاع على مكنوناتها، وقد سارت بها الركبان، وتداولها الرواة، وهي:
بربك أيها الفلك المدار ... أقصد ذا المسير أم اضطرار
مدارك قل لنا في أي شيء؟ ... ففي أفهامنا منك انبهار ...
(معجم الأدباء 10/ 23، 24) .
[1] انظر عن (محمد بن سلطان) في: الإكمال لابن ماكولا 2/ 370، وتاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 351 (وتحقيق سويم) 18، وتاريخ مولد العلماء ووفاتهم لابن الأكفاني 126، والكامل في التاريخ 10/ 117، والمحمدون من الشعراء للقفطي 129، 130، ووفيات الأعيان 4/ 438- 444، ومعجم الأدباء 5/ 221، وسنا البرق الشامي 1/ 54، وذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 74، وفيه: «الأمير أبو القينان» ، وهو تحريف، ومرآة الزمان (مخطوط) 12 ق 2/ ورقة 138، وزبدة الحلب 2/ 40، والمختصر في أخبار البشر 2/ 194، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 22/ 190، 191، رقم 251، والإعلام بوفيات الأعلام 195، والعبر 3/ 279، وسير أعلام النبلاء 18/ 413، 414 رقم 209، والمشتبه في الرجال 1/ 211، وتاريخ ابن الوردي 1/ 380، ومرآة الجنان 3/ 101، 102، و 103، والوافي بالوفيات 3/ 118- 121، وتبصير المنتبه 1/ 400، والنجوم الزاهرة 5/ 112، ومعاهد التنصيص 2/ 278- 282، وديوان الإسلام 2/ 257، 258 رقم 906، وكشف الظنون 765، 773، وشذرات الذهب 3/ 343، 344، ومقدّمة الديوان لخليل مردم بك، طبعة المجمع العلمي العربيّ بدمشق 1951، وتاريخ الأدب العربيّ لبروكلمان 5/ 48، 49، وهدية العارفين 2/ 74، والأعلام 6/ 147، ومعجم المؤلفين 10/ 44، وكتابنا: الحياة الثقافية في طرابلس الشام خلال العصور الوسطى 322، ومجلة المجمع العلمي العربيّ بدمشق، ج 3- مجلّد 33- ص 353 وما بعدها، وكتابنا: دار العلم في طرابلس 43.
[2] حيوس: بفتح الحاء المهملة وتشديد الياء المثناة من تحتها. وفي شعراء المغاربة «ابن حبوس» بالموحدة المخففة. (مرآة الجنان 3/ 101) ، وقد ورد: «جيوش» في: المختصر في أخبار البشر 2/ 194.
[3] في الكامل لابن الأثير 10/ 117: «وحدّث عن جدّه لأمه القاضي أبي نصر محمد بن هارون بن الجندي» .
[4] ولقد خلط الصفدي في آخر الترجمة ترجمة أخيه أبي المكارم محمد بن سلطان. (الوافي 3/ 121) وأوضحت ذلك في ترجمة أبي المكارم في الطبقة الماضية برقم (195) .

(32/100)


وروى عنه من شعره: أبو القاسم النّسيب، وأبو المفضل يحيى بن عليّ القُرَشيّ.
وقال ابن ماكولا: [1] لم أدرك بالشام أشعر منه.
وقال النّسيب: مولده بدمشق في سنة 394. وورد أنّ أباه كان من أمراء العرب. وقد مدح في شِعره ملوكًا وأكابر، وتُوُفّي بحلب في شعبان [2] .
ومن شِعره:
طالما قلتُ للمُسائل عنهْم ... واعتِمَادي هدايةُ الضُّلّال
إنّ تُرِد عِلْمَ حالهم عن يقين ... فالْقَهُمْ في مَكارمٍ أو نزال
تلْقَ بِيضَ الأَعْراضِ [3] سُوَد مُثار النَّقْعِ ... خُضْرَ الأكنافِ حُمْرَ النِّضَالِ
[4] وله:
أسُكانَ نُعمان الأراك تَيَقَّنُوا ... بأنكم في ربع قلبي سُكّانُ
ودُوموا على حفْظ الوداد فطَال ما ... منينا [5] بأقوام إذا استحفظوا [6] خانوا
سلوا الليل عنّي قد تناءت دياركم ... هل اكتحلت بالنّوم لي فيه أجفان
__________
[1] في الإكمال 2/ 370.
[2] كتب أبو الفرج غيث بن علي الصوري بخطّه: ذكر لي الشريف النسيب أن مولد أبي الفتيان في سنة أربع وتسعين وثلاثمائة بدمشق، وقرأته بخطه أيضا قال: وذكر لي- يعني أبا تراب عليّ بن الحسين الربعي- عن أبي الفتيان أنه مات وقد بلغ التسعين. وأنه قال: كنت في سنة أربعمائة وحدودها غلاما مشتدا أقاتل مع صالح. (مختصر تاريخ دمشق 22/ 190) .
ويقول خادم العلم محقق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» :
اختلف المؤرخون في تاريخ وفاته، ففي (الكامل في التاريخ) و (المختصر في أخبار البشر) و (تاريخ ابن الوردي) توفي سنة 472 هـ.
وفي (مرآة الجنان) ذكر مرتين، مرة في وفيات سنة 471 هـ. (ج 3/ 101، 102) ، ومرة في وفيات سنة 473 هـ. (ج 3/ 103) وقال: توفي السلطان الغنوي! أما ولادته فتحرفت في (شذرات الذهب) إلى: «أربع وسبعين وثلاثمائة» .
[3] في الوافي بالوفيات: «بيض الوجوه» .
[4] الأبيات في ديوانه 2/ 260، ووفيات الأعيان 4/ 441، وسير أعلام النبلاء 18/ 413، 414 والبيتان الثاني والثالث في: الوافي بالوفيات 3/ 120.
[5] في مختصر تاريخ دمشق: «بلينا» .
[6] في المختصر: «إذا حفظوا» .

(32/101)


وهل جَرَّدَتْ أسياف برقٍ دياركم ... فكانتْ لها إلا جفوني أجفان
[1] .
92- مُحَمَّد بن عَبْد العزيز بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ [2] .
أبو سعيد الكرابيسيّ الصّفّار المؤذّن.
سمَّعه أبوه من: عبد الله بن يوسف بن ماموَيْه، وأبي عبد الرحمن السُّلميّ.
روى عنه: وجيه الشّحّاميّ، وغيره.
ومات في ذي الحِجّة.
وروى عَنْهُ أيضًا: عَبْد الغافر بن إسماعيل.
__________
[1] الأبيات في الديوان، القصيدة رقم 645، ومختصر تاريخ دمشق 22/ 191.
وقد لقي ابن حيّوس جماعة من الملوك والأكابر ومدحهم، وأخذ جوائزهم، وكان منقطعا إلى بني مرداس أصحاب حلب، وله فيهم القصائد الأنيقة، ودخل طرابلس وصور. قال الصفدي:
كان أوحد زمانه في الفرائض، واستخلف من قبل الحكّام على الفرائض والتزويجات.
دخل طرابلس في أوائل سنة 464 هـ. بعد أن ترك دمشق مغيظا محنقا وخائفا يترقّب، وإلى ذلك يشير بقوله:
وللحمية لا عن زلة حكمت ... بالبعد فارقت أفدانا وخلانا
تخيفني بلد حتى أعود إلى ... أخرى كأني عمران بن حطّانا
ولم يكد يستقرّ في طرابلس ويترفق في الوصل إلى صاحبها القاضي أمين الدولة ابن عمّار حتى توفي أمين الدولة في منتصف رجب من سنة 464، وخلفه ابن أخيه جلال الملك ابن عمار، فقال ابن حيّوس قصيدة يرثي بها أمين الدولة ويعزي جلال الملك:
ذد بالعزاء الهمّ عن طلباته ... لا تسخطنّ الله في مرضاته
لك من سدادك مخبر بل مذكر ... إن الزمان جرى على عادته..
وكتب ابن حيّوس وهو بطرابلس إلى سديد الملك ابن منقذ وهو بحلب:
أمّا الفراق فقد عاصيته فأبى ... وطالت الحرب إلا أنه غلبا
أراني البين لمّا حمّ عن قدر ... وداعنا كل جدّ بعده لعبا
وحين أتى سديد الملك إلى طرابلس نصح ابن حيّوس بالخروج من طرابلس لنفور بني عمّار منه ومن مواقفه نحو الفاطميين، وأشار عليه بالذهاب إلى حلب، فانتقل إليها سنة 465 هـ وانقطع إلى بني مرداس، وبها التقى بالشاعر ابن الخياط الدمشقيّ ونصحه بأن ينزل طرابلس.
وقد نزل ابن حيّوس مدينة صور، وكتب بها إلى قاضيها الناصح عين الدولة أبي الحسن بن عياض يعاتبه في وقوف ما كان له في دار وكالته، ويشكو إليه ابن السمسار الّذي سطا على ماله وعامله بالجور:
كلانا إذا فكرت فيه على شفا ... وقد مرّ في التعليل والمطل ما كفا
وإني لأخفي ما لقيت صيانة ... لعرضك فامنن قبل أن يبرح الخفا
[2] انظر عن (محمد بن عبد العزيز الكرابيسي) في: المنتخب من السياق 61 رقم 117.

(32/102)


وسمع أيضًا من: ابن مَحْمِش، وأكثر عن السُّلميّ. وكان من الصّالحين الثّقات.
روى عنه أيضًا: هبة الرحمن بن القُشَيْريّ، وجامع السّقّاء، ومحمد بن منصور الكاغذِيّ بالإجازة [1] .
93- محمد بن محمد بن عليّ [2] .
أبو الفضل العُكْبريّ المقرئ.
من نُبلاء القرّاء. قرأ عَلَى أبي الفرَجَ عبد الملك النَّهْرَوَانيّ، وأبي الحَسَن الحمّاميّ، والحسن بن محمد بن الفحّام.
وأتقن القراءات.
وسمع من: ابن رزقُوَيْه. وكان صدوقًا.
تُوُفّي في ربيع الآخر بعُكْبَرا عن سنٍّ عالية.
روى عنه: أبو القاسم بن السَّمَرْقَنديّ، وأخوه.
وقد حدَّث عن ابن رزقُوَيْه [3] ، وكان ضريرًا.
ويقال له الْجَوْزَرَانيّ [4] ، بجيم ثم زاي.
94- محمد بن يحيى الهاشميّ السرقسطيّ [5] .
__________
[1] قال عبد الغافر الفارسيّ: «ثقة مستور، من بيت الحديث. كان أبوه من المختصين بزين الإسلام جدي قديما، ومن منتابي المدرسة. كتب الكثير وجمع، وسمع ابنه أبا سعيد من مثل عبد الله بن يوسف والزيادي، وأكثر عن السلف، وكتب أكثر تصانيفه وسمعها هو وابنه أبو سعيد منه.
وأبو سعيد من عباد الله الصالحين، سليم الجانب. أذن في خان عبد الكريم سنين، وتوفي فجأة في ذي الحجة» . (المنتخب) .
[2] انظر عن (محمد بن محمد بن علي) في: الأنساب 3/ 364، ومعجم البلدان 2/ 182، واللباب 1/ 308، ومعرفة القراء الكبار 1/ 434 رقم 369، وغاية والنهاية 2/ 258، 259 رقم 3455.
[3] في الأنساب: سمع الحديث من أَبِي الحَسَن مُحَمَّد بن أَحْمَد بن رزق البزّاز.
[4] الجوزانيّ: بفتح الجيم وسكون الواو وفتح الزاي والراء وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى جوزران، قرية بنواحي عكبرا من سواد بغداد. (الأنساب 3/ 364) .
[5] انظر عن (محمد بن يحيى) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 552 رقم 1209، وهو في طبعة الدار المصرية: «محمد بن هاشم» بإسقاط اسم أبيه «يحيى» .

(32/103)


تُوُفّي في هذه الحدود [1] سمع بمصر: أبا العبّاس بن نفيس [2] .
وكان يحفظ «صحيح البخاريّ» كلّه، و «الموطّأ» رحمه الله [3] .
95- محمود بن جعفر بن محمد [4] .
أبو المظفّر الأصبهاني الكَوْسَج التّميميّ.
سمع من: عمّ أبيه الحسين بن أحمد الكَوْسَج، والحسن بن عليّ بن أحمد بن سُليمان البغداديّ ثمّ الأصبهاني، وغير واحد.
وسُئِل عنه إسماعيل بن محمد الحافظ فقال: عَدْلٌ مرضيّ رحمه الله
- حرف النون-
96- نصر بن أحمد بن مزاحم الخطيب [5] .
أبو الفتح السِّمِنْجَانيّ [6] البلْخيّ.
سمع: أبا عليّ بن شاذان البزّاز، وغيره.
روى عنه: أبو بكر محمد بن عبد الباقي القاضي، وأبو غالب بن البنّاء.
وكتب عنه: أبو الفضل بن خَيْرُون مع تقدُّمه.
وكان يترسّل إلى الإطراف من الدّيوان. وقد سمع ببُخَارى من: منصور بن نصر الكرمينيّ، وغيره [7] .
__________
[1] كنيته: أبو عبد الله.
[2] سمع منه: «مسند الجوهري» .
[3] سئل أبو علي بن سكرة عنه فقال: رجل صالح، كان يحفظ الموطأ، والبخاري، وغير شيء، ورأيته يقرأ من حفظه كتاب البخاري على الناس فيما بين العشاءين بالسند والمتابعة، لا يخلّ بشيء من ذلك.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
[5] انظر عن (نصر بن أحمد) في: الأنساب 7/ 150، 151، والمنتظم 8/ 329 رقم 418 (16/ 214 رقم 3152) .
[6] السمنجاني: بكسر السين والميم، وسكون النون، والجيم. نسبة إلى سمنجان: بليدة من طخارستان وراء بلخ، وهي بين بلخ وبغلان. (الأنساب) .
[7] قال ابن السمعاني: كان شيخا ثقة مشهورا.

(32/104)


97- نصر بن المظفّر بن طاهر البُوسَنْجيّ [1] .
أبو الحَسَن.
تُوُفّي بإصبهان في رجب
- حرف الهاء-
98- هيّاج بن عُبَيْد الحِطّينيّ الزّاهد [2] .
ورد أيضًا أنه تُوُفّي في ذي الحِجّة من هذه السّنة.
وقد مرّ في سنة اثنتين
- حرف الياء-
99- يحيي بن أبي نصر الهَرَويّ [3] .
الفقيه أبو سعد.
سمع من: أبي منصور محمد بن محمد الأزْديّ القاضي، وأبي بكر الحِيريّ.
100- يحيى بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن [4] .
أَبُو مُحَمَّد بْن الأقساسيّ العلويّ الحُسَينيّ الكوفيّ.
روى عن: محمد بن عبد الله الجعفيّ.
وعنه: ابن الطُيُوريّ، والمؤتمن الساجيّ، وإسماعيل بن السَّمَرْقَنديّ، وأبو الفضل الأرمويّ.
ولد سنة 395- ومات سنة 73.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته. ويقال: بوسنجي وبوشنجي: بضم الباء الموحدة وفتح الشين المعجمة وسكون النون، وفي آخرها الجيم. هذه النسبة إلى بوشنج وهي بلدة على سبعة فراسخ من هراة يقال لها بوشنك. (الأنساب 2/ 332، 333) .
[2] تقدم برقم (61) .
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] تقدّمت ترجمته في وفيات سنة 472 هـ. برقم (62) وهو هناك: «يحيى بن محمد بن الحسين» .
وقد جاء في حاشية الأصل: «ث. توفي السنة الماضية» .

(32/105)


سنة أربع وسبعين وأربعمائة
- حرف الألف-
101- أَحْمَد بْن عَبْد العزيز بْن عليّ [1] .
أبو طالب الشُّرُوطيّ [2] الْجُرْجانيّ، ثمّ البغداديّ.
ولد سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة.
وسمع: أباه، وبكر بن شاذان الواعظ، وأبا عليّ بن شاذان.
وأوّل سماعه سنة أربع وأربعمائة من أبيه عن بِشْر الإسفرائينيّ.
روى عنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنديّ، ويحيى بن الطّرّاح.
وتُوُفّي في المحرَّم.
102- أَحْمَد بْن عَليّ بْن الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن عَمْرو بن مُنْتاب [3] .
أبو محمد بن أبي عثمان البصْريّ، ثمّ البغداديّ الدّقّاق، المقرئ.
كان ثقة، مكثرًا من الحديث، مهيبًا، جليلًا. ختم عليه جماعة.
سمع: أباه، وإسماعيل بن الحَسَن الصَّرْصَريّ، وأحمد بن محمد المُجْبِر، وأبا عمر بن مهديّ، وأبا أحمد الفَرَضي، والحسن بن القاسم الدّبّاس، وابن البيِّع.
وعنه: مكّيّ الرُّمَيْليّ، وهبة الله الشيرازيّ، وعبد الغافر بن الحسين الكاشْغَرِيّ، وعَمْر الرُّؤاسيّ، ومحمد بن عبد الباقي الأنصاريّ، وإسماعيل بن
__________
[1] انظر عن (أحمد بن عبد العزيز) في: المنتظم 8/ 332 رقم 421 (16/ 219 رقم 3515) .
[2] الشروطيّ: بضم الشين المعجمة، والراء، وبعدهما الواو، وفي آخرها الطاء المهملة. هذه النسبة لمن يكتب الصّكاك والسجلات، لأنها مشتملة على «الشروط» ، فقيل لمن يكتبها «الشروطي» . (الأنساب 7/ 321) .
[3] انظر عن (أحمد بن علي الدقاق) في: المنتظم 8/ 332، 333 رقم 423 (16/ 219، 220 رقم 3157) .

(32/106)


السَّمَرْقَنديّ، ومحمد بن عبد الملك بن خَيْرون.
ومولده سنة سبع وتسعين وثلاثمائة.
قال يحيى بن الطّرّاح: أنا أبو محمد بن أبي عثمان: أنا الحَسَن بن القاسم سنة أربعمائة حضورًا، أنا أحمد وكيل أبي صخرة، فذكر حديثًا.
وقال إسماعيل بن السَّمَرْقَنديّ: سُئِل أبو محمد أخو أبي الغنائم بن أبي عثمان أن يستشهد، فامتنع، فكُلِّف، فقال: أصبروا إلى غد. ودخل البيت، فأصبح ميتًا رحمه الله.
ومثلها حكاية نصْر بن عليّ الْجَهْضَميّ لمّا ورد عليه الكتاب بتوليته القضاء، فاستصبرهم وبات يُصلّي إلى السَّحَر، فسجد طويلًا ومات.
تُوُفّي أبو محمد في ذي القعدة، وشيعه قاضي القُضاة الدّامغانيّ، والشيخ أبو إسحاق، وخلائق، وأمهم أخوه أَبُو الغنائم.
103- أحمد بن محمد بن إبراهيم بن علي [1] .
أبو طاهر الخُوارَزْميّ القصار [2] .
سمع: أبا عَمْر بن مهديّ، وإسماعيل بن الحَسَن الصَّرْصَريّ.
روى عنه: ابنه محمد، وإسماعيل بن السَّمَرْقَنديّ، وجماعة.
مات في ذي الحِجّة. وكان صحيح السَّماع، فاضلًا [3] .
104- أحمد بن محمد بن عبد الله شاهكويه [4] .
الصوفي.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن محمد الخوارزمي) في: الأنساب 10/ 165، والمنتظم 8/ 332 رقم 420 (16/ 218، 219 رقم 3514) .
[2] قال ابن السمعاني: القصار: هو الّذي يقصر الثياب، ولعلّ بعض أجداد المنتسب إليه يستعمل هذا الشغل ومثل هذا الانتساب- أعني- إلى الحرف، اختص بها أهل خوارزم وآمل طبرستان.
(الأنساب 10/ 165) وفي المنتظم: «القصاري» .
[3] وقال ابن السمعاني: سكن بغداد، وكان رسولا من حضرة الخلافة إلى غزنة، ولم يكن يعرف شيئا غير أنه كان فطنا كيسا. هكذا ذكره لي عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي.
وكانت ولادته سنة 395 هـ.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.

(32/107)


كأنّه إصبهانيّ.
105- أحمد بن المطهّر بن الشّيخ أبي نزار محمد بن عليّ [1] .
أبو سعْد العبْديّ العَبقسيّ [2] الأصبهاني.
روى عن: جدّه، والحافظ أبي بكر بن مَرْدَوَيْه.
106- أَحْمَد بْن هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن يوسف بن صَدَقَة [3] .
أبو بكر الرحْبيّ [4] الدّبّاس [5] .
قِيلَ إنّه من ولد سعد بن معاذ رضي الله عنه.
كان شيخًا مَعمّرًا، نيف على المائة، ويسكن بغداد محلّة النَّصريّة.
سمع: أبا الحَسَين بن بِشْران، ومحمد بن الحسين القطّان.
روى عنه: أبو بكر الأنصاريّ، وأبو القاسم السّمرقنديّ.
قال شجاع الذهليّ: حدَّثني غير مرّة أنّه وُلِد سنة سبعين وثلاثمائة.
وقال ابن ناصر: مات أبو بكر الرَّحْبيّ في رجب، وقد بلغ مائة وأربع سنين.
وقال ابن النّجّار: كان يذكر أنّه سمع من أبي الْحُسَيْن بن سمعون، والمخلِّص، وأنّ أُصوله ذهبت في النَّهْب.
107- إبراهيم بن عقيل بن حبش [6] .
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] العبديّ: بفتح العين المهملة، وسكون الباء المنقوطة بواحدة، وفي آخرها الدال المهملة هذه النسبة إلى عبد القيس في ربيعة بن نزار، والمنتسب إليه مخير بين أن يقول: «عبدي» أو «عبقسي» (الأنساب 8/ 355، 356) .
[3] انظر عن (أحمد بن هبة الله) في: المنتظم 8/ 332 رقم 422 (16/ 219 رقم 3516) ، وسير أعلام النبلاء 18/ 548 رقم 277.
[4] الرّحبيّ: بفتح الراء ويكون الحاء المهملتين، وفي آخرها الباء المنقوطة بواحدة، هذه النسبة إلى الرحبة، وهي بلدة من بلاد الجزيرة في آخر حدّ هاب على أول حدّ الشام يقال لها: رحبة مالك بن طوق على شط الفرات. (الأنساب 6/ 88، 89) .
[5] الدبّاس: بفتح الدال المهملة وتشديد الباء المنقوطة بواحدة وفي آخرها السين المهملة. هذه الحرفة لمن يعمل الدبس أو يبيعه. (الأنساب 5/ 267) .
[6] انظر عن (إبراهيم بن عقيل) في: تلخيص المتشابه في الرسم للخطيب البغدادي 1/ 82،

(32/108)


أبو إسحاق القُرَشيّ السّاميّ [1] النَّحْويّ، المعروف بالمَكْبَرَيّ [2] .
روى عن: عليّ بن أحمد الشّرابيّ، وعن خَيْثَمَة الأطْرَابُلُسيّ [3] .
روى عنه: الخطيب في كتاب «التلخيص» [4] .
__________
[ () ] والإكمال 2/ 356 و 6/ 239، وتاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 4/ 273، ومعجم الأدباء 1/ 206، رقم 22، والكامل في التاريخ 10/ 122، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 4/ 84 رقم 102، وميزان الاعتدال 1/ 49 رقم 150، والكشف الحثيث 42 رقم 14، والوافي بالوفيات 6/ 56، رقم 2496، وملخّص تاريخ الإسلام لابن الملا 7/ 99 ب، ولسان الميزان 1/ 82، 83 رقم 1/ 229 وبغية الوعاة 1/ 419، وتهذيب تاريخ دمشق 2/ 231، 232، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي 1/ 236، 237، رقم 36، ومعجم المؤلفين 1/ 60 وقد اختلف في اسم الجدّ، فقيل: «حبش» ، وقيل: «جيش» ، وقيل «حبيش» .
وأورد ابن ماكولا صاحب الترجمة مرتين، فقال في الأولى: «إبراهيم بن عقيل بن جيش..
حدّث عن علي بن أحمد الشرابي، عن خيثمة. كتب عنه أصحابنا ولم أكتب عنه» . (الإكمال 2/ 356) وقال في الثانية: «إبراهيم بن عقيل بن حبيش» ، وأي أثبت الباء الموحدة بعد الحاء المهملة. بينما نقل ابن عساكر عن ابن ماكولا قوله الأول فقط: «جيش بجيم مفتوحة بعدها ياء معجمة باثنتين من تحتها، وعقيل بفتح العين» . (تاريخ دمشق 4/ 273، تهذيب تاريخ دمشق 2/ 231) ، وفي (معجم الأدباء 1/ 206) قال محققه بالحاشية: «جاء في عنوان الترجمة ما نصّه: إبراهيم بن عقيل بن حبش» بدلا من جيش. وأثبت العنوان وضبطه: «إبراهيم بن عقيل (بضم العين) بن جيش» هكذا بتحريك الجيم والياء والمثناة من تحتها! وورد في (الكامل في التاريخ 10/ 122) طبعة صادر: «عقيل بن حبش» بضم العين.
وفي (مختصر تاريخ دمشق 4/ 84) : «إبراهيم بن عقيل بن جيش» .
وفي (ميزان الاعتدال 1/ 49) : «إبراهيم بن عقيل بن حبيش» .
ومثله في (الكشف الحثيث 42) .
وفي (الوافي بالوفيات 6/ 56) : «إبراهيم بن عقيل بن جيش» .
وفي (لسان الميزان 1/ 82) : «إبراهيم بن عقيل بن جيش» .
وفي (بغية الوعاة 1/ 419) : «إبراهيم بن عقيل بن جيش» .
[1] السّامي: بالسين المهملة. نسبة إلى سامة بن لؤيّ بن غالب. (الأنساب 7/ 16) .
[2] هكذا في الأصل، وتاريخ دمشق، ومختصره، وتهذيبه، وكتابنا: موسوعة علماء المسلمين.
أما في (معجم الأدباء 1/ 206) فقد ضبطه محققه: «المكبريّ» بكسر الباء الموحدة. وكذا في (الوافي بالوفيات 6/ 56) .
وتحرفت في (الكشف الحثيث 42) إلى: «البكريّ» .
وفي (لسان الميزان 1/ 82) إلى: «الكبري» .
وضبطها محقّق (بغية الوعاة 1/ 419) : «المكبريّ» بتشديد الباء الموحدة المكسورة.
[3] هو: خيثمة بن سليمان القرشي الأطرابلسي (250- 343 هـ.) انظر عنه كتابنا: من حديث خيثمة الأطرابلسي- طبعة دار الكتاب العربيّ بيروت 1980 م.
[4] هو كتاب: «تلخيص المتشابه في الرسم» ، وقد حققته الباحثة سكينة الشهابي، وصدر بدمشق

(32/109)


ضعفه ابن الأكفانيّ [1] ، واطّلع عليه بتركيب سَندٍ مستحيلٍ للنَّحْو [2] .
108- أرسلان تكين بن ألْطُنْطَاش [3] .
أبو الحارث التركيّ.
__________
[ () ] في جزءين.
وقال الخطيب: كان صدوقا.
وفي قوله نظر.
[1] وهو قال: توفي سنة أربع وسبعين وأربعمائة، ودفن بباب الصغير، ثم عدّ من كتب عنه، ثم قال: وكتب عنه الشيخ الإمام الحافظ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي في كتابه الّذي سماه: «تلخيص المتشابه في الرسم، وحماية ما أشكل منه من بوادر التصحيف والوهم» في ترجمة إبراهيم بن عقيل وهو بالضم، وإبراهيم بن عقيل بالفتح» .
وكان أبو إسحاق يذكر أنّ عنده تعليقة أبي الأسود الدّؤلي التي ألقاها عليه علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وكان كثيرا ما يوعد بها ولا سيما لأصحاب الحديث، وكان كثيرا ما يوعدني بها فأطلبها منه وهو يرجئ الأمر إلى أن وقعت إليّ في حال حياته، دفعها إليّ الشيخ الفقيه أبو العباس أحمد بن منصور المالكي، وكان كتبها عنه على ما ذكر لي إذ حملها إلي المعروف برزين الدولة المصمودي لما كان يقرأ عليه شيئا من علم العربية وسمعها منه في سنة ست وستين وأربعمائة، وإذا به قد ركّب عليها إسنادا لا حقيقة له، عن شيخ له، عن يحيى بن أبي بكر الكرماني، عن إسرائيل، قال: فبينت ذلك للفقيه أبي العباس وقلت له: إنّ ابن أبي بكر مات سنة ثمان ومائتين فكيف يمكن أن يكون بين هذا وبينه رجل واحد، فرجع عنه.
قال ابن الأكفاني: ولم يقع أمر هذا الإسناد وهذه التعليقة للشيخ الخطيب ولا وقف عليه لابن ابن عقيل كان لا يظهر ذلك، وهذه التي سماها التعليقة في أول «أمالي» أبي القاسم الزّجّاجي نحوا من عشرة أسطر، فجعلها هذا الشيخ قريبا من عشرة أوراق، وصورة الإسناد، قال:
حدّثني أبو طالب عبيد الله بن أحمد بن نصر بن يعقوب بالبصرة، حدّثني يحيى بن أبي بكر الكرماني، حدّثني إسرائيل، عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه، قال: وحدّثني محمد بن عبيد الله، عن الحسن بن عيّاش، عن عمّه، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه، قال: وحدثني محمد بن عبيد الله بن الحسن بن عيّاش، عن عمّه، عن عبيد الله بن أبي رافع، أن أبا الأسود دخل على عليّ. فذكرها. (تاريخ دمشق 4/ 273، لسان الميزان 1/ 83) .
وانظر: أمالي الزّجاجي- ص 238، 239.
[2] وقال ابن عساكر: حدّث عن ابن الشرابي بجزءين أحدهما عن جدّه أبي بكر بن محمد بن علي الرمادي الشرابي البغدادي، والآخر عن خيثمة بن سليمان. (تاريخ دمشق 4/ 273) .
وقال ياقوت: «وله كتاب في النحو، رأيته قدر «اللّمع» ، وقد أجاز فيه» . (معجم الأدباء 1/ 207) .
«أقول» : هكذا وردت «أجاز» بالزاي، ولعلها: «أجاد» بالدال المهملة. وقد وردت هكذا، بالدال، في (الوافي بالوفيات 6/ 56) .
[3] لم أجد مصدر ترجمته. وهمزة «ألطنطاش» همزة قطع.

(32/110)


ببغداد. ويُعرف أبوه بسيف المجاهدين.
روى عن: أبي عليّ بن شاذان.
وعنه: أبو القاسم بن السَّمَرْقَنديّ.
مات في جُمَادَى الأولي
- حرف الحاء-
109- الحسين بن عبد الرحمن بن عليّ الْجُنَابَذِيّ [1] .
أبو عليّ الفقيه.
حدَّث عن: ابن مَحْمِش، وأبي إسحاق الإسْفَرائينيّ، والحيريّ.
ومات رحمه الله بنَيْسابور.
110- الحُسين بْن علي بْن عبد الرحمن بن محمد بن محمود [2] .
أبو بكر النَّيْسابوريّ الحاكم الحنفيّ الدّهّان.
من أعيان مذهبه.
روى عن: أبي الحَسَن بن عَبْدان، وجماعة من أصحاب الأصمّ.
وتُوُفّي في ذي الحِجّة [3] .
111- حَمْدُ بنُ عبد العزيز [4] .
أبو القاسم الأصبهاني المعدّل.
حدَّث في هذه السّنة عن: أبي عبد الله الْجُرْجانيّ.
روى عنه: مسعود الثّقفيّ، والحسن بن العبّاس الرُّسْتُميّ.
112- حَمْد بن محمد بن أحمد بن العباس [5] .
__________
[1] انظر عن (الحسين بن عبد الرحمن) في: المنتخب من السياق 203 رقم 608.
و «الجنابذيّ» : بضم الجيم وفتح النون وفتح الباء المنقوطة بواحدة بعد الألف وفي آخرها الذال المعجمة، هذه النسبة إلى كونابذ ويقال لها بالعربي جنابذ وهي قرية بنواحي نيسابور.
(الأنساب 3/ 306) .
[2] انظر عن (الحسين بن علي) في: المنتخب من السياق 200 رقم 594.
[3] وكان مولده سنة 390 هـ.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
[5] انظر عن (حمد بن محمد الأسدي) في: المنتخب من السياق 213 رقم 652، وطبقات

(32/111)


أبو عبد الله الأسديّ الزُّبَيريّ [1] الآمُليّ.
ولي القضاء والرئاسة بآمُل، وطَبَرسْتان سِنين.
وكان من رجال الدّهر رأيا وكفاءة.
وصاهر نظام الملك. وكان يُلقّب بناصر السّنة.
روى عن: أبيه، وناصر العُمريّ، وأبي محمد الْجُوَيْنيّ.
وتُوُفّي في ربيع الأوّل، وله بضعٌ وخمسون سنة
- حرف الدال-
113- دُبَيْس بن عليّ بن مَزْيَد الأسديّ [2] .
نور الدّولة [3] أمير عرب العراق.
كان نبيلًا، جوادا، ممدّحا، بعيد الصّيت.
__________
[ () ] الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 164 وفيه: «حمد بن محمد بن العباس بن محمد بن موسى» ، والوافي بالوفيات 13/ 160 رقم 178.
[1] قال السبكي: يتصل نسبه بالزبير بن العوام. سمع الحديث الكثير وسافر في طلبه إلى خراسان، ولقي الأئمة.
قال شيرويه: قدم علينا همذان وسمعت منه ببغداد.
وقال ابن السمعاني: ولد قبل العشرين وأربعمائة، وتوفي بنيسابور ليلة الجمعة لخمس بقين من ربيع الأول، وحمل تابوته إلى آمل ودفن بها.
وقال الصفدي: كان له تقدّم عند السلاطين والوزراء، وكان يطوف مع العسكر، ويراسل به إلى الأطراف. وقد جمع في الحديث السنن وفضائل الصحابة، وغير ذلك من التاريخ. وكان متمسكا بآثار السلف، وله لسان في النظر والوعظ، وقدم بغداد وناظر في حلق الفقهاء، فأبان عن فضل وافر. (الوافي بالوفيات) .
[2] انظر عن (دبيس بن علي في: دمية القصر 1/ 145، 146 رقم 12، والمنتظم 8/ 333 رقم 426 (16/ 220 رقم 3520) ، والكامل في التاريخ 10/ 121، وتاريخ مختصر الدول لابن العبري 192، وخريدة القصر (قصم شعراء العراق) ج 4 ق 1/ 153- 183، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 109- 111، ومعجم البلدان (مادّة: الحلّة) ، ووفيات الأعيان 2/ 491 (في ترجمة، صدقة بن منصور رقم 602) ، والمختصر في أخبار البشر 2/ 150، ودول الإسلام 2/ 6، وفيه «دبيس بن مزيد» ، وسير أعلام النبلاء 18/ 557، 558 رقم 286، ومرآة الجنان 3/ 256، والوافي بالوفيات 13/ 510 رقم 605، والبداية والنهاية 12/ 123، وتاريخ ابن خلدون 4/ 590- 625، والنجوم الزاهرة 5/ 114، وشذرات الذهب 3/ 138، ومعجم الأنساب والأسرات الحاكمة 207، والأعلام 2/ 337.
[3] كنيته: أبو الأغرّ.

(32/112)


عاش ثمانين سنة [1] ، ومات في شوّال فرثاه الشّعراء فأكثروا [2] .
وولي بعده ابنه بهاء الدّولة أبو كامل منصور، فسارَ إلى السّلطان، وخلع عليه الخليفة أيضًا، وأعطاه الحِلَّة كأبيه [3]
- حرف السين-
114- سعْد بن محمد بن يحيى [4] .
أبو المظفّر الجوهريّ الأصبهاني، المؤدّب الضرير.
حدَّث أيضًا في هذه السّنة عن عثمان البُرجيّ.
وعنه: مسعود، والرُّسْتُميّ.
وهو أخو سعيد شيخ السّاميّ.
115- سُليمان بْن خَلَف بْن سعد بن أيّوب بن وارث [5] .
__________
[1] وكان مولده سنة 394 هـ. وولي الإمارة سنة 408 هـ. وقيل إنّ سنة كان في ذلك الوقت أربع عشرة سنة. وأقام أميرا نيفا وستين سنة. (المنتظم، الوافي بالوفيات) .
وقال ابن خلكان: وكانت إمارته سبعا وستين سنة. وكان أبو الحسن علي بن أفلح الشاعر المشهور كاتبا بين يديه في شبيبته. (وفيات الأعيان 2/ 491) .
[2] ومن شعره:
حدا الحادي بشعري حين ساروا ... وبالأسحار بقظهم أنيني
وكنت علي فراقهم معينا ... لذلك لم أجد صبري معيني
ومنه أيضا.
حبّ عليّ بن أبي طالب ... للناس مقياس ومعيار
يخرج من في أصلهم مثل ما ... تخرج غش الذهب النار
(الوافي بالوفيات 13/ 510) .
[3] الكامل في التاريخ 10/ 121 و 150، وتوفي سنة 479 هـ. وستأتي ترجمته برقم (310) .
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
[5] انظر عن (سليمان بن خلف) في: الإكمال 1/ 468، وقلائد العقيان 215، 216، والذخيرة لابن بسام ق 2 مجلد 1/ 94- 105، وترتيب المدارك 4/ 802- 808، والأنساب 2/ 19، و 20، والصلة لابن بشكوال 1/ 200- 202 رقم 454، وتاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 16/ 442، 446، والزيادات على الأنساب المتفقة لأبي موسى الأصبهاني 158 رقم 12، وبغية الملتمس للضبي 302، 303، والمغرب في حلي المغرب 1/ 404، 405، وتاريخ قضاة الأندلس 95، ومعجم الأدباء 4/ 246- 251 رقم 79، واللباب 1/ 103، ووفيات الأعيان 2/ 408، 409، وفهرسة ما رواه عن شيوخه للإشبيلي 204، وخريدة القصر (قسم

(32/113)


الإمام أبو الوليد التُّجَيْبيّ [1] القُرْطُبيّ الباجيّ [2] .
صاحب التصانيف.
أصله بَطَلْيُوسيّ [3] ، وانتقل آباؤه إلى باجة، وهي مدينة قريبة من إشبيلية.
وُلد في ذي القعدة سنة ثلاث وأربعمائة.
أخذ عَنْ: يونس بْن عَبْد اللَّه بْن مُغيث، ومكّيّ بن أبي طالب، ومحمد بن إسماعيل، وأبي بكر محمد بن الحَسَن بن عبد الوارث، وجماعة.
ورحل سنة ستٍّ وعشرين، فجاور ثلاثة أعوام.
__________
[ () ] شعراء الأندلس) ج 2 ق 2/ 337، 499، 500، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 10/ 115- 117 رقم 69، والروض المعطار 75، وملء العيبة للفهري 2/ 223، 225، والإعلام بوفيات الأعلام 195، والمعين في طبقات المحدّثين 136 رقم 1503، وسير أعلام النبلاء 18/ 535- 545 رقم 274، والعبر 3/ 280، 281، ودول الإسلام 2/ 6، وتذكرة الحفاظ 3/ 1178- 1183، والمشتبه في الرجال 1/ 40، و 2/ 2628، وتاريخ ابن الوردي 1/ 380، ومرآة الجنان 3/ 908، 109، والبداية والنهاية 12/ 122، 123، وفوات الوفيات 2/ 64، 65، رقم 173، والوافي بالوفيات 15/ 372- 374 رقم 520، والديباج المذهب 1/ 377- 385، والوفيات لابن قنفذ 255 رقم 474، وشرح ألفية العراقي 2/ 61، 62، وتبصير المنتبه 1/ 117، وتوضيح المشتبه 1/ 310، والنجوم الزاهرة 5/ 114، وطبقات الحفاظ 440، 441، وطبقات المفسّرين للسيوطي 14، وتاريخ الخلفاء، له 426، وطبقات المفسرين للداوديّ 1/ 202- 207، ونفح الطيب 2/ 67- 85، وكشف الظنون 19، 20، 419، وشذرات الذهب 3/ 344، 345، وروضات الجنات 322، وإيضاح المكنون 1/ 48، 74، وهدية العارفين 1/ 397، وديوان الإسلام 1/ 231، و 232 ويضاح المكنون 1/ 48، 74، وهدية العارفين 1/ 397، وديوان الإسلام 1/ 231، 232 رقم 351، وشجرة النور الزكية 1/ 120، 121 رقم 341، والرسالة المستطرفة 207، وتهذيب تاريخ دمشق 6/ 250- 252، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي 2/ 317، 318 رقم 656، ومعجم طبقات الحفاظ والمفسرين 98 رقم 992 وص 235 رقم 197، ومعجم المؤلفين 4/ 261.
[1] التجيبيّ: بضم التاء المعجمة بنقطتين من فوق وكسر الجيم وسكون المنقوطة باثنتين من تحتها في آخرها باء منقوطة بواحدة هذه النسبة إلى تجيب وهي قبيلة وهو اسم امرأة وهي أم عديّ وسعد ابني أشرح بن شبيب بن السكون. (الأنساب 3/ 24) .
[2] الباجي: بالباء المفتوحة المنقوطة بنقطة من تحتها والجيم المكسورة بعد الألف. هذه النسبة إلى ثلاثة مواضع أحدها إلى باجة وهي بلدة من بلاد الأندلس. (الأنساب 2/ 18) .
[3] بطليوسي: بفتح الباء المنقوطة بواحدة والطاء المهملة وسكون اللام وفتح الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وسكون الواو وفي آخرها السين المهملة. هذه النسبة إلى بطليوس وهي مدينة من مدن الأندلس من بلاد المغرب. (الأنساب 2/ 241) .

(32/114)


ولزِم أبا ذر، وكان يروح معه إلى السّراة [1] ، ويتصرف في حوائجه، وحمل عنه عِلمًا كثيرًا.
وذهب إلى بغداد، فأقام بها ثلاثة أعوام [2] . وأظنه قدِمها من على الشّام، لأنّه سمع بدمشق أبا القاسم عبد الرحمن بن الطُّبَيْز [3] ، وعليّ بن موسى السَّمْسار، والحسين بن جُمَيْع [4] .
وسمع ببغداد: أبا طالب عَمْر بن إبراهيم الزُّهْريّ، وعبد العزيز الأَزَجيّ [5] ، وعُبَيْد الله بن أحمد الأزهريّ، وابن غَيْلان، والصُّوريّ [6] ، وجماعة.
وأخذ الفقه عن: أبي الطّيّب الطّبريّ، وأبي إسحاق الشّيرازيّ.
وأقام بالموصل على أبي جعفر السِّمَنانيّ سنةً يأخذ عنه علم الكلام والأصول [7] .
وأخذ أيضًا عن القاضي: أبي عبد الله الحسين بن عليّ الصَّيْمري [8] الحنفي، وأبي الفضل ابن عَمْرُوس [9] المالكيّ، وأحمد بن محمد العَتِيقيّ، وأبي
__________
[1] السّراة: الجبال والأرض الحاجزة بين تهامة واليمن ولها سعة. وهي باليمن أخصّ. (معجم البلدان 3/ 204) .
[2] الصلة 1/ 201.
[3] الطبيز: بضم الطاء المهملة، وفتح الباء الموحدة وسكون الياء المثناة، والزاي آخر الحروف.
وقد توفي أبو القاسم بن الطبيز في حدود سنة 430 هـ. (المشتبه 2/ 418) .
[4] هو: الحسين بن جميع الصيداوي المعروف بالسّكن. توفي سنة 437 هـ. انظر عنه في:
(معجم الشيوخ لابن جميع بتحقيقنا) .
وقد ورد في الأصل: «الحسن» ، والتصحيح من مصادر ترجمته في كتابنا: موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي 2/ 165- 172 رقم 509.
وانظر: تاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 16/ 242 ففيه رواية سليمان بن خلق عن ابن جميع.
[5] تقدم التعريف بهذه النسبة.
[6] هو الحافظ أبو عبد الله محمد بن علي الصوري المتوفى سنة 441 هـ. (الصلة 1/ 201) .
[7] الصلة 1/ 201.
[8] الصيمريّ: بفتح الصاد المهملة، وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها، وفتح الميم، وفي آخرها الراء. هذه النسبة إلى موضعين. أحدهما منسوب إلى نهر من أنهار البصرة يقال له «الصيمر» ، عليه عدّة قرى. منه أبو عبد الله المذكور. (الأنساب 8/ 127، 128) .
[9] في الديباج المذهب 1/ 378 «عروس» ، وهو تحريف.

(32/115)


الفتح [1] الطَّناجِيريّ، ومحمد بن عبد الواحد بن رزمة [2] ، وطبقتهم.
حتّى برع في الحديث وبرز فيه على أقرانه، وأحكم الفقه وأقوال العلماء.
وتقدّم في علم النظر بالكلام.
ورجع إلى الأندلس بعد ثلاث عشرة سنة بعلومٍ كثيرة [3] .
روى عنه: الحافظ أبو بكر الخطيب، والحافظ أبو عمر بن عبد البَرّ، وهما أكبر منه، ومحمد بن أبي نصر الحُمَيْدِيّ، وعليّ بن عبد الله الصّقلّيّ، وأحمد بن عليّ بن غَزْلُون، وأبو عليّ بن سُكَّرَة الصَّدَفيّ، وابنه العلّامة الزّاهد أبو القاسم أحمد بن سُليمان، وأبو القاسم عبد الرحمن بن محمد القاضي، وأبو بكر محمد بن الوليد الطُّرْطُوشيّ [4] ، وابن شبرين [5] القاضي، وأبو عليّ بن سهل السَّبْتيّ [6] ، وأبو بحر سُفيان بن العاص، ومحمد بن أبي الخير القاضي، وآخرون.
وتفقه به جماعة كثيرة.
وكان فقيرًا قانعًا، خَدَم أبا ذر بمكّة [7] .
قال القاضي عياض [8] : وأجّر نفسه ببغداد لحراسة درب. وكان لمّا رجع إلى الأندلس يضرب ورق الذَّهَب للغزل، ويعقد الوثائق.
__________
[1] هكذا في الأصل، والصلة 1/ 201، وجاء في هامش الأصل للصلة: «الفرج» وأشير فوقها بعلامة الصحة. وفي (الأنساب 8/ 251) : «أبو الفرج» أيضا.
«الطناجيري» : بفتح الطاء المهملة، والنون، والألف، وكسر الجيم، وسكون الياء المنقوطة من تحتها باثنتين، وفي آخرها الراء. هذه النسبة إلى «طناجير» وهي جمع طنجير، ولعلّ واحدا من أجداده يعمل بهذا. (الأنساب) .
[2] في ترتيب المدارك 4/ 802 «رومة» وهو تحريف.
[3] الصلة 1/ 201، ترتيب المدارك 4/ 803.
[4] الطرطوشي: بسكون الراء بين الطاءين المهملتين المضمومتين، وبعدهما الواو، وفي آخرها الشين المعجمة، هذه النسبة إلى طرطوشة، وهي بلدة من آخر بلاد المسلمين بالأندلس، (الأنساب 8/ 234) .
[5] شبرين: بالشين المعجمة، والباء المنقوطة بواحد من تحتها، وراء مهملة.
[6] السبتي: بفتح السين المهملة، نسبة إلى مدينة سبتة بالمغرب.
[7] الصلة 1/ 201، ترتيب المدارك 4/ 802.
[8] في ترتيب المدارك 4/ 804، 805.

(32/116)


وقال لي أصحابه: كان يخرج إلينا للقراءة عليه، وفي يده أثَرُ المِطْرقة، إلى أن فشا عِلْمُه، وهُنّيَت [1] الدنيا به، وعظُم جاهه، وأُجْزِلَت صِلاتُه، حتّى مات عن مالٍ وافر. وكان يستعمله الأعيان في التَّرَسُّل بينهم، ويقبل جوائزهم. وولي قضاء مواضع من الأندلس.
صنّف كتاب «المُنْتَقَى» [2] في الفقه، وكتاب «المعاني» في شرح «الموطّأ» ، عشرين مجلّدًا، لم يؤلف مثله. وكان قد صنّف كتابًا كبيرًا جامعًا بلغ فيه الغاية سمّاه كتاب «الاستيفاء» [3] ، وصنّف كتاب «الإيماء» [4] في الفقه، خمس مجلَّدات، وكتاب «السراج» [5] في الخلاف. لم يتمم، و «مختصر المختصر [6] في مسائل المدوَّنة» ، وكتاب «اختلاف الموطآت» [7] ، وكتاب «الجرح والتعديل» [8] ، وكتاب «التّسديد إلى معرفة التّوحيد» [9] وكتاب «الإشارة» في أُصُول الفقه، وكتاب «إحكام الفصول في أحكام الأصول» [10] ، وكتاب «الحدود» [11] ، وكتاب «شرح المنهاج» [12] ، وكتاب «سُنن الصّالحين وسُنن العابدين» [13] ، وكتاب «سبل [14]
__________
[1] في سير أعلام النبلاء 18/ 538: «وهيتت» .
[2] شرح فيه «موطّأ» مالك، وفرع عليه تفريعا حسنا. وقد طبع بسبعة أجزاء بعناية ابن شقرون، في مصر سنة 1914 م.
قال ياقوت: «والمنتقى مختصر الاستيفاء» . (معجم الأدباء 11/ 248) .
[3] قال القاضي عياض: لم يصنع مثله، في مجلدات. (ترتيب 4/ 806) .
[4] وهو مختصر لكتاب «المنتقى» . (ترتيب المدارك 4/ 806، معجم الأدباء 11/ 248، 249) .
[5] في ترتيب المدارك: «السراج في عمل الحجاج» ، وفي معجم الأدباء «السراج في ترتيب الحجاج» .
[6] في ترتيب المدارك، ومعجم الأدباء: «المهذب في اختصار المدونة» .
[7] في الأصل: «احلاف الموطّآت» ، والمثبت عن: ترتيب المدارك 4/ 806، ومعجم الأدباء 11/ 249، وفي شجرة النور الزكية 1/ 121 «اختصار الموطّآت» .
[8] في ترتيب المدارك، ومعجم الأدباء: «التعديل والتجريح لمن خرّج عنه البخاري في الصحيح» .
[9] في ترتيب المدارك: «التسديد إلى معرفة طرق التوحيد» ، وفي خريدة القصر ج 4 ق 2/ 499 «التسديد في أصول الدين» ، وفي الديباج المذهب: «التشديد إلى معرفة طريقة التوحيد» ، وفي الوافي بالوفيات 15/ 373: «التشديد ... » .
[10] في خريدة القصر ج 4 ق 2/ 499: «الوصول إلى معرفة الأصول» .
[11] في الأصول. (معجم الأدباء) .
[12] في ترتيب المدارك: «تفسير المنهاج في ترتيب طرق الحجّاج» .
[13] في ترتيب المدارك: « ... وسنن العائدين» وهو تحريف. وفي معجم الأدباء: «السنن في الدقائق (!) والزهد» .
[14] في ترتيب المدارك: «سبيل» .

(32/117)


المهتدين» ، وكتاب «فرق الفقهاء» [1] ، وكتاب «تفسير القرآن» ، لم يتمّه، وكتاب «سُنَن المنهاج وترتيب الحُجَّاج» [2] .
ابن عساكر: [3] حدَّثني أبو محمد الأشِيريّ: سمعتُ أبا جعفر بن غَزْلُون الأُمَويّ الأندلسيّ: سمعتُ أبا الوليد الباجيّ يقول: كان أبي من تجّار القَيْروان من باجة القيروان، وكان يختلف إلى الأندلس ويجلس إلى فقيهٍ بها يقال له أبو بكر بن سماح [4] ، فكان يقول: تُرى أرى لي ابنًا مثلك؟ فلمّا أكثر من ذلك القول قال: إنْ أحببت ذلك [5] فاسكُنْ قُرْطُبة، والزَمْ أبا بكر القَبْريّ [6] ، وتزوج بنته، عسى أن تُرزق ولدًا مثلي. ففعل ذلك، فجاءه أبو الوليد، وآخر صار صاحب صلاة [7] ، وثالثُ كان من الغزاة [8] .
وقال أبو نصر بن ماكولا [9] : أمّا الباجيّ ذو الوزارتين أبو الوليد سُليمان بن خَلَف القاضي، فقيه، متكلّم، أديب، شاعر، رحل وسمع بالعراق، ودَرَس الكلام على القاضي السمناني، وتفقه على أبي إسحاق الشيرازي، ودرس وصنف.
__________
[1] لم يذكره القاضي عياض، وهو في معجم الأدباء.
[2] هو: «تفسير المنهاج في ترتيب طرق الحجاج» كما في (ترتيب المدارك 4/ 807) ، وهو:
«السراج في ترتيب الحجّاج» كما في (معجم الأدباء 11/ 249) ومن مؤلفاته أيضا:
كتاب تهذيب الزاهر لابن الأنباري، والناسخ والمنسوخ، لم يتمّ، وكتاب الأنصار لأعراض الأئمة الأخيار. (ترتيب المدارك 4/ 807) ، والمقتبس في علم مالك بن أنس، وكتاب النصيحة لولده. (معجم الأدباء 11/ 249) .
[3] في تاريخ دمشق 16/ 444، ومختصر تاريخ دمشق 10/ 116.
[4] في الأصل: «سماخ» بالخاء.
[5] في تاريخ دمشق: «إن أحببت أن ترزق ابنا مثلي» .
[6] في تاريخ دمشق: «والزم أبا بكر محمد بن عبد الله القبري» .
[7] بسرقسطة.
[8] في تاريخ دمشق: «وابن ثالث كان من أدلّ الناس ببلاد العدو في الغزو حتى إنه كان يعرف الأرض بالليل بشمّ التراب» .
[9] في الإكمال 1/ 468.

(32/118)


وكان جليلا رفيع القدر والخطر. توفي بالمرية من الأندلس، وقبره هناك يزار.
وقال أبو علي بن سكرة: ما رأيت أحدا على سمته وهيبته وتوقير مجلسه مثل أبي الوليد الباجي. ولما كنت ببغداد قدم ولده أبو القاسم، فسرت معه إلى شيخنا قاضي القضاة أبي بكر محمد بن المظفر الشامي، وكان ممن صحبه أبو الوليد الباجي قديما، فلما دخلت عليه قلت له: أدام الله عِزَّك، هذا ابن شيخ الأندلس. فقال: لعلّه ابن الباجي؟ قلت: نعم. فأقبل عليه [1] .
وقال عياض القاضي [2] : حَصَلت لأبي الوليد من الرؤساء مكانة، وكان مخالطًا لهم، يترسَّل بينهم في مهِم أمورهم، ويقبل جوائزهم. وهم له في ذلك على غاية التِّجِلَّة، فكثُرت القالة فيه من أجل هذا.
وولي قضاء مواضع من الأندلس تصغُر عن قدره كأوريُولة [3] وشبهها، فكان يبعث إليها خلفاء، وربما أتاها المرة ونحوها.
وكان في أول أمره مقلا حتى احتاج في سفره إلى القصد بشعره، واستئجار نفسه في مقامه ببغداد فيما سمعته مستفيضا لحراسة درب، فكان يستعين بإجارته على نفقته و [بضوئه] [4] على دراسته، وكان بالأندلس يتولى ضرب ورق الذهب للغزال والأنزال، ويعقد الوثائق.
وقد جمع ابنه شعره. وكان ابتدأ كتابا سماه «الاستيفاء» في الفقه، لم يضع منه غير الطهارة في مجلدات.
قال عياض [5] : ولما قدم الأندلس وجد بكلام ابن حزم طلاوة إلّا أنّه كان خارجًا عن المذهب، ولم يكن بالأندلس مَن يشتغل بعلمه، فقَصُرت أَلْسِنةُ الفقهاء عن مجادلته وكلامه، واتبعه على رأيه جماعة من أهل الجهل، وحلّ
__________
[1] ترتيب المدارك 4/ 804.
[2] في ترتيب المدارك 4/ 804- 806 بتصرف في ألفاظ النصّ.
[3] في ترتيب المدارك 4/ 805 «كأريولة» .
[4] في الأصل بياض، والمستدرك من: ترتيب المدارك 4/ 804.
[5] في ترتيب المدارك 4/ 805.

(32/119)


بجزيرة مَيُورقَة، فَرَأس فيها، واتبعه أهلّها. فلّما قدِم أبو الوليد كُلم في ذلك، فدخل إلى ابن حزْم وناظَرَه، وشهرَ باطلَه، وله معه مَجَالس كثيرة. ولمّا تكلّم أبو الوليد في حديث البخاريّ ما تكلّم من حديث المقاضاة يوم الحُدَيْبية، وقال بظاهر لفظه، أنكرَ عليه الفقيه أبو بكر بن الصائغ وكفّره بإجازته الكَتْبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ الآي [1] ، وأنّه تكذيبُ للقرآن، فتكلّم في ذلك مَن لم يفهم الكلام، حتّى أطلقوا عليه الفتنة، وقبّحوا عند العامة ما أتى به، وتكلّم به خطباؤهم في الجمع.
وفي ذلك يقول عبد الله بن هند الشّاعر قصيدة منها:
بَرئتُ ممّن شَرَى [2] دُنْيا بآخِرةٍ ... وقال: إنّ رسولَ الله قد كَتَبَا
[3] فصنّف أبو الوليد في ذلك رسالةً بيَّن فيها أن ذلك لا يقدح في المعجزة، فرجع جماعة بها [4] .
ومن شعره:
قد أفلح القانتُ في جُنْح الدُّجَى [5] ... يتلو الكتابَ العربيَّ النيِّرا
له حنينٌ وشهيقٌ وبُكا ... بيلَ من أَدْمُعِهِ ترب الثّرى
إنّا لَسَفْر نبتغي نَيْل المَدَى ... ففي السُّرا بغيتنا لا في الكرى [6]
__________
[1] هكذا في الأصل، وفي ترتيب المدارك 4/ 805، وسير أعلام النبلاء 18/ 540 «الأميّ» .
[2] في الأصل: «شرا» .
[3] ترتيب المدارك 4/ 805.
[4] قال القاضي عياض: «أخبرني الثقة أنه سمع خطيب دانية ضمّنها خطبته يوم الجمعة، فأنشدها على رءوس الناس، رحمه الله، فألف هذا الكتاب وبين فيه وجوه المسألة لمن لم يفهمها وأنها لا تقدح في المعجزة كما لم تقدح القراءة في ذلك بعد أن لم يكن قارئا، بل في هذا معجزة أخرى. وأطال في ذلك الكلام، وذكر من قال بهذا القول من العلماء وكان المقرئ أبو محمد بن سهل من أشدّ الناس عليه في ذلك. ولم ينكر عليه في ذلك، ولم ينكر عليه أولو التحقيق في العلم والمعرفة بأسراره وخفائه شيئا من قوله، وكتب بالمسألة إلى شيوخ صقلّيّة وغيرها، فأنكروا إنكارهم عليه وأثنوا عليه وسوغوا تأويله. منهم ابن الجزار» (ترتيب المدارك 4/ 806) .
[5] في الأصل: «الدجا» .
[6] في الأصل: «الكرا» .

(32/120)


مَن ينصَبِ اللّيلَ يَنَلْ راحتَه ... عند الصّباح يَحْمَدُ القَومُ السُّرا
وله:
إذا كنت أعلمُ عِلْمًا يقينًا ... بأنّ جميعَ حياتي كساعَة
فلِمْ لا أكون ضنينًا بها ... وأجعلها في صلاح وطاعة؟
[1] وله يرثي أمّه وأخاه رحمهما الله تعالى:
رعى اللهُ قبرَيْن [2] استكانا ببلدةٍ ... هما أسكناها في السّواد من القلب
لئن غُيِّبا عن ناظري وتَبَوَّءَا ... فؤادي لقد زاد التباعد في القُرب
يقر بعيني [3] أن أزور رباهما [4] ... وألزق [5] مكنون التّرائب بالتّرب [6]
وأبكي، وأبكي ساكنيها لعلني ... سأنجد من صحب وأسعد [7] من سحب
فما ساعدت ورق الحمام أخا أسي ... ولا روحت ريح الصبا عن أخي كرب [8]
ولا استعذبت عيناي بعدهما كرى [9] ... ولا ظمئت نفسي إلى البارد العذب
أحن ويثني اليأس نفسي على الأسى ... كما اضطرّ محمول على المركب الصّعب
[10]
__________
[1] البيتان في: الإكمال 7/ 468، والذخيرة ق 2 ج 1/ 98، وترتيب المدارك 4/ 807، والأنساب 2/ 19، والصلة 1/ 201، 202، وتاريخ دمشق 16/ 643، ومعجم الأدباء 11/ 250، والمغرب في حلي المغرب 1/ 404، وقلائد العقيان 215، 216، وخريدة القصر ج 4 ق 2/ 500، ووفيات الأعيان 2/ 408، 409، والروض المعطار 75، وبغية الملتمس 303، ومختصر تاريخ دمشق 10/ 117، وتذكرة الحفاظ 3/ 1182، وسير أعلام النبلاء 18/ 542، وتاريخ ابن الوردي 1/ 381، ومرآة الجنان 3/ 109، وفوات الوفيات 2/ 65، وتهذيب تاريخ دمشق 6/ 252، والوافي بالوفيات 15/ 374.
[2] في المغرب، وقلائد العقيان، وتاريخ دمشق: «رعى الله قلبين» .
[3] في ترتيب المدارك: «العيني» .
[4] في القلائد، ونفح الطيب: «ثراهما» .
[5] في ترتيب المدارك، ومعجم الأدباء: «وألصق» وكذا في المغرب، ونفخ الطيب.
[6] في المغرب: «في الترب» .
[7] في ترتيب المدارك: «وأمطر» .
[8] هذا البيت لم يرد في معجم الأدباء.
[9] في الأصل: «كرا» ، وفي الخريدة: «بعد كما كرى» .
[10] الأبيات في: ترتيب المدارك 4/ 807، ومعجم الأدباء 10/ 250، 251، والمغرب 1/ 404، وقلائد العقيان 216، وخريدة القصر ج 4 ق 2/ 500، ونفح الطيب 2/ 82، وتاريخ دمشق 16/ 445.

(32/121)


وله:
إلهي [1] ، قد أفنيت عمري بطالة ... ولم يثنني عنها وعيد ولا وعد
وضيعته ستين عامًا أعدها ... وما خير عمر إنما خيره العدُ
وقدمت إخواني وأهلي، فأصبحوا ... تضمهم أرض ويسترهم لحد
وجاء نذير الشيب لو كنت سامعًا ... لوعظ نذير ليس من سمعه بد
تلبست بالدنيا، فلمّا تنكرت ... تمنيت زهدًا حين لا يمكن الزهد
وتابعت نفسي في هواها وغيها ... وأعرضت عن رشدي وقد أمكن الجهد
ولم آت ما قدمته عن جهالة ... يمكنني عذر ولا ينفع الجحد
وها أنا من ورد الحمام على مدى ... أراقب أن أمضي إليه وأن أعدو
ولم يبق إلّا ساعة إنّ أضعتها ... فما لي في التوفيق نقد ولا وعد
قال ابن سُكَّرة: تُوُفّي بالمَريّة لتسع عشرة ليلة خَلَت من رجب [2] .
ذكره ابن السّمعانيّ [3] فقال: باجة بين إشبيلية وشنترين من الأندلس.
وذكر ابن عساكر في تاريخه [4] أنّ أبا الوليد قال: كان أبي من باجة القيروان تاجرًا، كان يختلف إلى الأندلس. وهذا أصحّ
__________
[1] في الأصل: «إلا هي» .
[2] وقال ابن سكرة وقد ذكر شيخه هذا أبا الوليد: ما رأيت مثله، وما رأيت على سمته، وهيئته، وتوقير مجلسه. وقال هو أحد أئمة المسلمين. (الصلة 1/ 202) .
وقال القاضي عياض: «كان أبو الوليد- رحمه الله- فقيها نظارا محققا راوية محدّثا، يفهم صيغة الحديث ورجاله، متكلما أصوليا، فصيحا، شاعرا مطبوعا، حسن التألف، متقن المعارف. له في هذه الأنواع تصانيف مشهورة جليلة، ولكن أبلغ ما كان فيها في الفقه وإتقانه، على طريق النظار من البغداديين وحذاق القرويين، والقيام بالمعنى والتأويل، وكان وقورا بهيّا مهيبا، جيّد القريحة، حسن الشارة» (ترتيب المدارك 4/ 803) .
وقال القاضي عياض: وكان جاء إلى المرية سفيرا بين رؤساء الأندلس يؤلّفهم على نصرة الإسلام، ويروم جمع كلمتهم مع جنود ملوك المغرب المرابطين على ذلك، فتوفي قبل تمام غرضه. (ترتيب المدارك 4/ 808) .
[3] في الأنساب 2/ 19، 20.
[4] تاريخ دمشق 16/ 444، مختصر تاريخ دمشق 10/ 116.

(32/122)


- حرف العين-
116- العبّاس بن محمد بن عبد الواحد بن العبّاس [1] .
أبو الفضل الدّارانيّ.
إصبهانيّ.
تُوُفّي في صَفَر.
117- عبد الله بن عبد العزيز بن الشدّاد [2] .
بغداديّ.
سمع من: أبي الحَسَن بن رزقُوَيْه، ومحمد بن فارس الغُوريّ.
روى عنه: قاضي المرستان، وعبد الوهاب الأنماطي.
وكان صدوقًا.
118- عبد الرحمن بن منصور بن رامش الزّاهد [3] .
أبو سعْد الدينَوَريّ، نزيل نَيْسابور.
سمع: أباه وأبا طاهر بن مَحْمِش، وعبد الله بن يوسف الأصبهاني، والحاكم أبا عبد الله، وجماعة.
وكان ثقة، صوفيا، نبيلا، رئيسا، كثير الكتابة [4] .
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] انظر عن (عبد الرحمن بن منصور) في: المنتخب من السياق 314، 315 رقم 1031، والتقييد 337 رقم 407 وهو في ترجمة «الحسين بن محمد بن الحسين بن فنجويه الدينَوَريّ» رقم 298 ص 248.
[4] وقال عبد الغافر الفارسيّ: «جليل، مشهور، أصيل، صوفي، ثقة في الحديث، كثير السماع والأصول، مستقيم الخط، كثير الكتابة. ولد في حجر الرئاسة، وهو أكبر أولاد أبيه ... اختصّ بصحبة شيخ الإسلام أبي عثمان الصابوني وسمع منه الكثير، وكان نائبا مدة في الرئاسة عن أبيه في زمان الكبار من الصدور، فلقي الحشمة التامة والثروة والنعمة، ثم ترك ذلك ومال إلى التصوف وصحب أوحد وقته أبا سعيد بن أبي الخير، وتحول إلى خانقانك وكذلك كان يحضر مجلس أبي القاسم ويأخذ عنه الطريقة، وكان بعد وفاة أبيه معدودا من جملة الصوفية.
سمع من أبيه وعن مشايخ بغداد، وكتب عن الدار الدّارقطنيّ، وعقد له مجلس الإملاء في المدرسة النظامية يوم الجمعة وقت العصر، ثم ترك ذلك، وكان يقرأ عليه بعد صلاة الجمعة من مسموعاته مثل (غريب الحديث) لأبي عبيد، و (سنن أبي عبد الرحمن النسائي) ، و (معاني

(32/123)


روى عنه: زاهر ووجيه ابنا الشحامي، وعبد الغافر الفارسيّ.
تُوُفّي في شعبان.
119- عبد القاهر بن عبد الرحمن [1] .
أبو بكر الْجُرْجانيّ.
قيل: تُوُفّي فيها. وقد مرّ.
120- علي بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ [2] .
أَبُو القاسم البُسْريّ [3] البغداديّ البنْدار. والد الحُسَين.
قال أبو سعْد السّمعانيّ: كان شيخًا صالحًا، ثقة، فهمًا، عالمًا، عمر، وحدّث بالكثير، وانتشرت عنه الرّواية [4] .
__________
[ () ] الفراظ والمذبح) ، و (أنساب الزبير بن بكار) ، و (المتفرقات) ، وغير ذلك إلى وقت وفاته ...
وكان مولده سنة أربع وأربعمائة في شهر رمضان» . (المنتخب من السياق 314، 315) .
توفي عن مرض طويل. (التقييد 337) .
[1] تقدّمت ترجمة (عبد القاهر بن عبد الرحمن) في وفيات سنة 471 هـ. برقم (20) .
[2] انظر عن (علي بن أحمد البسري) في: تاريخ بغداد 11/ 335، والإكمال 1/ 486، والأنساب 2/ 211، والمنتظم 8/ 333 رقم 428 (16/ 221 رقم 3522) ، والكامل في التاريخ 10/ 122، ومعجم الألقاب لابن الفوطي 1/ 480، وتاريخ إربل لابن المستوفي 1/ 42، والاستدراك لابن نقطة (مخطوط) ج 1/ ورقة 56 أ، والمشتبه في الرجال 1/ 42، والإعلام بوفيات الأعلام 195، ودول الإسلام 2/ 6، والعبر 3/ 281، والمعين في طبقات المحدّثين 136 رقم 1504، وسير أعلام النبلاء 18/ 402، 403 رقم 200، وتذكرة الحفاظ 3/ 1183، وتبصير المنتبه 1/ 153، وتوضيح المشتبه 1/ 504، وشذرات الذهب 3/ 346.
[3] قال ابن السمعاني في مادّة «البسريّ» : وجماعة من أهل العراق نسبوا إلى بيع البسر وشرائه وفيهم كثرة، وظني أن أبا القاسم علي بن أحمد بن محمد بن البسري البندار منهم، وهو شيخ بغداد في عصره. (الأنساب 2/ 211) .
وقال ابن نقطة: الصحيح في هذه النسبة أنها إلى البسرية. قرية على فرسخين من بغداد.
(الإستدراك 1/ ورقة 56 أ) .
وقال ابن ناصر الدين الدمشقيّ: اعترض ابن نقطة على أبي الفضل بن طاهر حيث قال في أبي القاسم بن البسري: إنه منسوب إلى بيع البسر وشرائه، وفيهم كثرة من العراقيين. (انظر:
الأنساب المتفقة 34 رقم 20) فقال ابن نقطة: ولا تعرف هذه النسبة عندنا إلى بيع البسر البتّة، ولا يقال لمن يبيع البسر بسريّ بغداد، والّذي هو الصحيح عندي في هذه النسبة أنها إلى البسرية: قرية على فرسخين من بغداد. واعترض عليه أيضا في قوله: وفيهم كثرة، بأنه إنما هو أبو القاسم وابنه، وهو الّذي ذكره المصنف بعد. (توضيح المشتبه 1/ 504) .
[4] سير أعلام النبلاء 18/ 403.

(32/124)


سمع: أبا طاهر المخلّص، وأبا أحمد الفَرَضيّ، وأبا الحَسَن بن الصَّلْت المُجْبر، وإسماعيل بن الحَسَن الصَّرْصَريّ، وأبا عمر بن مهديّ، وجماعة.
وأجاز له: نصر بن أحمد بن الخليل المُرجي، وأبو عبد الله بن بطّة [1] ، وأبو الحَسَن محمد بن جعفر التّميميّ.
وكان حسن الأخلاق متواضعًا، ذا هَيْبَة ورُواء [2] .
قال الخطيب [3] : كتبتُ عنه، وكان صدوقًا [4] .
قال أبو سعْد: وسألت إسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ عنه فأثنى عليه وقال: شيخ ثقة [5] .
وسأله الخطيب عن مولده فقال: في صفر سنة ستّ وثمانين وثلاثمائة [6] .
روى عنه: أبو الفضل محمد بن المهتديّ باللَّه، وعليّ بن طِراد الزَّيْنبيّ، وإسماعيل بن أحمد السَّمَرْقَنديّ، والزاهد يوسف بن أيّوب الهَمَذانيّ، وأبو نصر أحمد بن عمر الغازي، وأبو منصور موهوب الجواليقيّ [7] ، والإمام أبو الحَسَن عليّ بن الزّاغونيَّ [8] ، وأخوه أبو بكر محمد، ومحمد بن طاهر المقدسيّ، والحافظ عبد الوهّاب الأنْماطيّ، وأبو القاسم سعيد بن البنّاء، وأبو الفضل محمد بن ناصر، ونصر بن نصر العُكْبريّ، وخلْق كثير.
وآخر من روى عَنْهُ بالإجازة، والله أعلم، أبو المعالي بن اللّحاس.
__________
[1] المنتظم 8/ 333 (16/ 221) .
[2] سير أعلام النبلاء 18/ 403.
[3] في تاريخ بغداد 11/ 335.
[4] وقال ابن الأثير: «وكان ثقة صالحا» . (الكامل 10/ 122) .
[5] سير أعلام النبلاء 18/ 403.
[6] ومثله في (الكامل 10/ 122) .
[7] الجواليقيّ: بفتح الجيم والواو وكسر اللام بعد الألف وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها، وفي آخرها القاف. هذه النسبة إلى الجواليق وهي جمع جوالق، ولعل بعض أجداد المنتسب إليها كان يبيعها أو يعملها. (الأنساب 3/ 335) .
[8] الزاغوني: بالزاي، بعدها ألف، والغين المعجمة، والواو، والنون. قال ياقوت: زاغونى قرية ما أظنّها إلا من قرى بغداد. وذكر منها أبا الحسن علي المتوفى سنة 527 هـ. (معجم البلدان 3/ 126، 127) .

(32/125)


وتُوُفّي في سادس رمضان.
121- عليّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد [1] .
أَبُو الحَسَن البغداديّ الصابونيّ.
سمع: أبا عَمْر بن مهديّ.
روى عنه: عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ.
وتُوُفّي رحمه اللَّه فِي ذي الحِجّة
- حرف القاف-
122- قُتَيْبة بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن عثمان بن عبد الله [2] .
أبو رجاء العثماني النَّسَفيّ الحافظ، نافلة أبي العبّاس المستغفريّ.
سمع الكثير بسَمَرْقَنْد، وأملى بها وبنَسَف مجالس كثيرة.
روى عنه: المستغفريّ، وعبد الملك بن القاسم، وطائفة.
قال عمر بن محمد النَّسَفيّ في كتاب «القند» : مولده سنة تسع وأربعمائة، وهو أول من سمعت منه، أملى علينا في صفر من السّنة. وتُوُفّي في ربيع الآخر
- حرف الميم-
123- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بن فارس [3] .
أبو عبد الله الشّيرازيّ [4] الكاغَذِيّ [5] .
كان له دُكّان يبيع فيها الكُتُب ببغداد. وكان ظاهريّ المذهب.
ولد سنة خمس وتسعين وثلاثمائة بشيراز. وسمع بها من:
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] انظر عن (محمد بن إبراهيم) في: ميزان الاعتدال 3/ 449، 450 رقم 7120، والمغني في الضعفاء 2/ 545 رقم 5215، ولسان الميزان 5/ 26 رقم 100.
[4] تحرفت هذه النسبة في (المغني في الضعفاء) إلى: «الرازيّ» .
[5] الكاغذيّ: بفتح الغين وكسر الذال المعجمتين. هذه النسبة إلى عمال الكاغذ الّذي يكتب عليه وبيعه، وهو لا يعمل في المشرق إلا بسمرقند. (الأنساب 10/ 326) .

(32/126)


عبد الرحمن بن محمد الرّشيقيّ.
وبمصر من: ابن نظيف الفرّاء.
وبدمشق من: الحسين بن محمد الحلبيّ.
روى عنه: أبو الحسين بن الطُّيُوريُ، وأبو بكر قاضي المَرِسْتان، وإسماعيل بن السَّمَرْقَنديّ، ومحمد بن القاسم بن المظفّر الشَّهْرُزُوريّ.
قال شجاع بن فارس: كان غير ثقة [1] .
وقال ابن ناصر: سمَّع لنفسه [2] .
وقال أحمد بن خيرون: تُوُفّي في نصف المحرَّم.
وحدَّث عن أبي القاسم بن بِشْران.
قال: وقيل إنّه حدَّث عن أبي حيّان التّوحيديّ [3] ، ولم يكن له عنه ما يُعَوَّل عليه.
124- محمد بن الحَسَن بن الحسين [4] .
أبو عبد الله المروزيّ المهر بندقشائي [5] . نسبة إلى قريةٍ على بريدٍ من مَرْو.
كان إمامًا ورعًا، عابدًا، فقيهًا، مُفْتيا.
سمع الكثير، وتفقّه على أبي بكر القفال [6] .
__________
[1] قال السلفي: سألت شجاعا الذهلي عن هذا فقال: سمعنا منه وكان غير موثوق به فيما يدّعيه من السماع. (لسان الميزان 5/ 26) (ميزان الاعتدال 3/ 450) .
[2] وروى شيئا لم يسمعه. (لسان الميزان) .
[3] في لسان الميزان: «الترمذي» ، وزاد: وعن رجل، عن ابن خلاد الرامهرمزيّ، ولم يكن له عنهما ما يعول (في المطبوع: يقول) عليه، ولا أصل صحيح.
وقال هبة الله السقطي: عرفني عن مولده سنة خمس وتسعين وثلاثمائة.
وقال ابن حجر: وقع لنا من حديثه في مشيخة قاضي المرستان. (لسان الميزان) .
[4] انظر عن (محمد بن الحسن بن الحسين) في: الأنساب 11/ 534، ومعجم البلدان 5/ 233، واللباب 3/ 273 وقد تقدّمت ترجمته باختصار في وفيات سنة 473 هـ. برقم (89) .
[5] المهربندقشائي: بكسر الميم، وسكون الهاء، وفتح الراء، والباء الموحدة، وسكون النون، وفتح الدال المهملة، وسكون القاف، وفتح الشين المعجمة، وفي آخرها الياء المنقوطة من تحتها باثنتين. هذه النسبة إلى مهربندقشائي، وهي قرية على ثلاثة فراسخ من مرو، في الرمل، خرب أكثرها. (الأنساب 11/ 533) .
وقال ياقوت: والعامة يسمونها بندكشاي. (معجم البلدان 5/ 233) .
[6] الأنساب 11/ 534.

(32/127)


وَسَمِعَ منه، ومن: مسلم بن الحَسَن الكاتب، ومحمد بن محمود السَّاسجِرْديّ [1] .
ورحل إلى هَرَاة، فسمع أبا الفضل عمر بن إبراهيم بن أبي سعد، وأبا أحمد محمد بن محمد المعلّم، وأحمد بن محمد بن الخليل.
روى عنه: محمد بن أبي ناصر المسعوديّ، ومحمد بن أبي النَّجْم البزّاز، ومُصْعَب بن عبد الرزّاق، وعبد الواحد بن أبي عليّ الفارْمَذِيّ [2] ، وآخرون.
تُوُفّي في سنة أربعٍ. وقيل: سنة ثلاث، وقد ذكرته فيها مختصرًا.
125- مُحَمَّد بْنُ عَبْد الرَّحْمَن بْنِ عَبْد الرَّحِيم بن أحمد بن العجوز [3] .
الفقيه أبو عبد الله الكُتَاميّ السَّبْتيّ.
من كبار فُقهاء المالكيّة، وعليه وعلى ابن الثُّريا كانت العُمدة في الفتوى.
أخذ عن أبي إسحاق التُّونسيّ بالقيروان. وكانت بينه وبين المذكور وبين حمّود مطالبات ومشاحنات، جرت عليه منها محنة بسبب كلمةٍ قالها. وذلك أنّه خطب الخطيب فقال: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ من 8: 60 [4] عُدَّة. فقال النّاس:
أخطأ الخطيب، أبدل مكان (قوة) (عدة) . فقال هو: الوزن واحد. فقيل: كَفَر.
وأفتى عليه أولئك الفُقهاء بالاستتابة، فسُجن، ثمّ أخرج، فرحل إلى فاس، فولاه أمير المؤمنين ابن تاشفين قضاء فاس، فأحسن السيرة.
تفقه عليه أبو عبد الله بن عيسى التّميميّ، والفقيه أبو عبد الله بن عبد الله.
__________
[1] هكذا في الأصل. أما في (الأنساب 11/ 534) : «الساسنجردي» .
ولم يذكر ابن السمعاني نسبة «الساسنجردي» في (الأنساب) ، بل ذكر «السّاسجردي» : بالألف بين السينين المهملتين وكسر الجيم، وسكون الراء، وفي آخرها الدال المهملة، هذه النسبة إلى ساسجرد، وهي قرية من قرى مرو على أربعة فراسخ منها على طرف الرمل. (الأنساب 7/ 8) .
[2] الفارمذي: بفتح الفاء والراء والميم، بينهما الألف وفي آخرها الذال المعجمة، هذه النسبة إلى فارمذ وهي قرية من قرى طوس. (الأنساب 9/ 218) .
[3] انظر عن (محمد بن عبد الرحمن) في: ترتيب المدارك 4/ 782، وسير أعلام النبلاء 18/ 551 رقم 280، والديباج المذهب 1/ 476.
[4] سورة الأنفال، الآية 60.

(32/128)


تُوُفّي في رمضان، وخلّف ثلاثة أولاد: عبد الرحمن وهو فقيههم وكبيرهم، وعبد الله، وعبد الرّحيم.
126- محمد بْن عليّ بْن محمد بن جعفر بن جُولة [1] .
أبو بكر الأبْهَريّ الأصبهاني المؤدّب.
روى عن: محمد بن إبراهيم الْجُرْجانيّ.
وعنه: مسعود الثّقفيّ.
تُوُفّي في حدود هذا العام.
127- محمد بن محمد بن أحمد [2] .
أبو جعفر الشاماتيّ النَّيْسابوريّ الأديب.
سمع: عبد الله بن يوسف الأصبهاني، وأبا طاهر بن مَحْمِش، وأبا عبد الرحمن السُّلميّ.
روى عنه: الحافظ عبد الغافر وقال: شيخ فاضل، عفيف [3] . تخرج به جماعة من المتأدّبين، وله الخَطّ المنسوب المشهور بالحسن، والحظّ الوافر في التّأديب [4] .
وروى عنه: وجيه الشحامي، وأبو نصر الغازي.
أخبرنا أحمد بن هبة الله: أنا إسماعيل بن عثمان كتابةً: أنا وجيه بن طاهر حضورًا: أنا أبو جعفر محمد بن محمد، أنا أبو عبد الرحمن السُّلميّ: نا جدّي إسماعيل بن نُجَيْد قال: سمعتُ أبا بكر محمد بن إسحاق بن خُزَيْمَة، وسُئِل هل تكفّر من قال: القرآن مخلوق؟ قال: نعم. ولِمَ لا أُكفّره وقد سمعتُ المُزَنّي، والربيع يقولان: من قال القرآن مخلوق فهو كافر. وقالا: سمعنا الشّافعيّ يقول:
من قال القرآن مخلوق فهو كافر. ثمّ قال: وما لي لا أكفره وقد كفره مالك، وابن
__________
[1] انظر عن (محمد بن علي بن محمد) في: المشتبه في الرجال 1/ 274، و «جولة» بالجيم المضمومة.
[2] انظر عن (محمد بن محمد الشاماتي) في: المنتخب من السياق 63 روق 624.
[3] زاد في (المنتخب) : «مفيد» .
[4] زاد عبد الغافر: «وعنده الإسناد العالي عن أصحاب الأصمّ، وعبد الله بن يوسف الزيادي وغيره- رأيته وهو شيخ منحن طاعن في السن، وسمعت منه بقراءة والدي، وكان مؤدّبه» .

(32/129)


أبي ذئب قالا: مَن قال القرآن مخلوق لا يُستتاب، بل يُقتل، فإنه كُفْرٌ به وارتداد.
128- محمد بن محمد بن المختار [1] .
أبو الفتح الواسطيّ النَّحْويّ.
أخذ عن: أبي القاسم بن كُرْدان، وأبي الحَسَن بن دينار.
وسمع من: أبي الحَسَن بن عبد السلام بن عبد الملك البزّاز، ومحمد بن أحمد السَّقَطيّ.
وكان حَسَن الفَهْم، متيقظًا في الشّهادة [2] .
عاش تسعين سنة [3] قاله خميس الحَوْزيّ [3] .
129- محمد بن مكّيّ بن أبي طالب بن محمد بن مختار [4] .
أبو طالب القيسيّ، القرطبيّ.
روى الكثير عن أبيه، وعن: يونس بن عبد الله القاضي، وأبو القاسم بن الإفليليّ.
وولي إمامة [5] جامع قُرْطُبة، وأحكام السُّوق [6] .
وكان عالمًا، مشكور السيرة [7] .
تُوُفّي في المحرم عن ستين سنة [8] .
130- محمد بن يحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى بن سختوَيْه [9] .
__________
[1] انظر عن (محمد بن محمد بن المختار) في: سؤالات الحافظ السلفي لخميس الحوزي 53، 54 رقم 10، ومعجم الأدباء 19/ 5، وبغية الوعاة 1/ 221.
[2] زاد الحوزي: وكان حسن الإيراد، جيد المحفوظ.
[3] ووقع في (معجم الأدباء) أنه مات سنة أربع وسبعين وخمسمائة، وهو خطأ.
[4] انظر عن (محمد بن مكي) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 552، 553 رقم 1210.
[5] وقع في: الصلة: «أمانة» .
[6] قال ابن بشكوال: وولي أحكام الشرطة والسوق بقرطبة مع الأحباس.
[7] وقال ابن بشكوال: وكان له حظ وافر من الأدب، وكان حسن الخط، جيد التقييد.
[8] وكان مولده سنة 414 هـ.
[9] انظر عن (محمد بن يحيى) في: تاريخ بغداد 3/ 435، والمنتخب من السياق 757 58 رقم 109، والتقييد لابن نقطة 123 رقم 139، والإعلام بوفيات الأعلام 195، وسير أعلام

(32/130)


أبو بكر المزكّى [1] النَّيْسابوريّ، المحدّث ابن المحدّث أبي زكريّا بن المزكّى أبي إِسْحَاق.
قال عبد الغافر الحافظ [2] : هو من أظراف المشايخ الذين لقيناهُم، وأكثرهم سماعًا وأُصوُلًا. جمع لنفسه [3] فبلغ عدد شيوخه خمسمائة شيخ. وكان يروي عن نحو من خمسين من أصحاب الأصَمّ.
وأكثر عَن أبيه، وعن أبي عبد الرحمن السُّلميّ.
وأملى ببغداد، فحضر مجلسه القاضي أبو الطّيّب الطّبريّ، وحضره أكثر من خمسمائة محبرة [4] . وأوصى لي بعد وفاته بالكُتُب والأجزاء [5] .
وقال أبو سعد السّمعانيّ: كان من أظراف الشيوخ وأرغبهم في التّجمُّل والنظافة، وأحفظهم لأيّام المشايخ خرج إلى الحجّ، وبقي بالعراق وغيرها نحو من عشرين سنة، ثمّ رجع إلى نيسابور وأملى، ورزق الرواية، ومتع بما سمع.
سمع: أبا عبد الله الحاكم، وعبد الله بن يوسف، ومحمد بن محمد بن مَحْمِش، والسُّلميّ.
__________
[ () ] النبلاء 18/ 398- 400 رقم 197، والمعين في طبقات المحدّثين 136 رقم 1505، والعبر 3/ 281، ومرآة الجنان 3/ 109، والوافي بالوفيات 5/ 197، وشذرات الذهب 3/ 346.
[1] المزكّي: بضم الميم، وفتح الزاي، وفي آخرها الكاف المشددة. هذا اسم لمن يزكّي الشهود ويبحث عن حالهم ويبلّغ القاضي حالهم. (الأنساب 11/ 278) .
[2] في: المنتخب 57.
[3] في التقييد: «جمع للنسبة الفوائد» .
[4] في المطبوع من «التقييد» : «حبرة» .
[5] عبارة عبد الغافر الفارسيّ في (المنتخب) : «المحدّث ابن المحدّث الظريف العزيز الّذي نشأ في حجور الأئمة والرؤساء لمكان أبيه وحرمة جدّه. أما جدّه أبو إسحاق المزكي فهو محدّث خراسان والعراق، وقد ذكره الحاكم، وأما أبوه أبو زكريا فهو محدّث وقته، خرج له الفوائد أحمد بن علي بن فنجويه الحافظ وكان سمع مشايخ خراسان والعراق ... وأما أبو بكر فأظرف من رأينا من المشايخ وأجرأهم على سيرة الأسلاف، وأرغبهم في التجميل ونظافة الثياب، وأحفظهم لأيام المشايخ، وكان من المكثرين.
وسمع عبد الله بن يوسف، والحاكم أبا عبد الله، والزيادي، والقاضي أبا زيد.
ولقد عقد له مجلس الإملاء بمدينة السلام. يحكى أنه كان يحرز في مجلس إملائه أكثر من خمسمائة محبرة» . (ص 57) .

(32/131)


ثنا عنه: وجيه الشّحّاميّ، وهبة الرحمن القُشَيْريّ، وأبو نصر الغازي [1] .
وقال الخطيب في ترجمته في تاريخه: [2] أنا محمد بن يحيى، نا عبد الرحمن بن بالويه: نا محمد بن الحسين القطّان، ثنا قطن، فذكر حديثًا.
وقع لنا عاليا في مجلس ابن بالويه هذا [3] .
قال السّمعانيّ: كان الخطيب متوقفًا فيه، فإنّه قال [4] كتبتُ عنه، ثمّ عاد إليّ بعد ستّ سنين، فحدّث عن الحاكم، ولم يكن حدَّث فيما تقدَّم. ولم نر له أصلًا، وإنما كان يروي من فروع [5] .
وتُوُفّي في رجب وله ثمانون سنة
- حرف الياء-
131- يعقوب بن أحمد [6] .
أبو سعْد [7] الأديب النَّيْسابوريّ.
من علماء العربيّة.
روى عن: أبي بكر الحِيريّ وغيره.
__________
[1] سير أعلام النبلاء 18/ 400.
[2] تاريخ بغداد 3/ 435.
[3] سير أعلام النبلاء 18/ 399.
[4] في تاريخ بغداد 3/ 435.
[5] علق المؤلف الذهبي- رحمه الله- على هذا بقوله: «هذا لا يدلّ على شيء» . (سير أعلام النبلاء 18/ 399) .
وقال عبد الغافر: «وله فوائد خرجها لنفسه، ذكر عن كل شيخ حديثا واحدا، يبلغ عدد مشايخه فيها قريبا من خمسمائة أكثر من العوالي» . (المنتخب 58) .
وقال ابن نقطة، نقلا عن عبد الغافر أنه قال: «وأوصى لي بعد وفاته بالكتب الأجزاء» . (التقييد 123) .
[6] انظر عن (يعقوب بن أحمد) في: تتمة يتيمة الدهر 2/ 201 رقم 118، ودمية القصر للباخرزي 2/ 236- 243 رقم 362، والمنتخب من السياق 488، 489، رقم 1661، والمختصر الأول من المنتخب (مخطوط) ورقة 96 ب، وفيها اسمه: «يعقوب بن أحمد بن محمد بن أحمد» ، وإنباه الرواة 1/ 197 و 3/ 10- 12، وطبقات النحاة واللغويين لابن قاضي شهبة 539، ومعاهد التنصيص للعباسي 3/ 203، وبغية الوعاة 2/ 347 رقم 2156، وكشف الظنون 1/ 253، وتاريخ الأدب العربيّ 1/ 341، ومعجم المؤلفين 13/ 241.
[7] كنيته في (المنتخب) : «أبو يوسف» وكذا في: (دمية القصر) ، و (البغية) .

(32/132)


روى عنه: وجيه الشّحّاميّ.
وتُوُفّي في رمضان.
قال: عبد الغافر [1] فيه: أستاذ البلد في العربيّة واللّغة، كثير التصانيف والتلامذة.
تلمذ للحاكم أبي سعيد بن دُوسْت، وقرأ عليه الأصول.
وقرأ الحديث الكثير على المشايخ. وأفاد أولاده.
وحدّث عن: أبي القاسم السّرّاج، وابن فَنْجُوَيْه، وطبقة أصحاب الأصمّ.
ثمّ روى عنه عبد الغافر حديثًا [2] .
132- يونس بن أحمد بن يونس [3] .
أبو الوليد الأزْديّ الطُّلَيْطُليّ. ويُعْرَف بابن شَوْقَةْ.
روى عن: قاسم بن هلال، وأبي عمر بن سُمَيْق، وجماهر بن عبد الرحمن.
وكان خيِّرًا، فاضلًا، زاهدًا، له بَصَر بالفِقه، وتصرُّف في الحديث، وفيه مروءة [4] .
توفي بمجريط [5] .
__________
[1] عبارته في (المنتخب) : «استاذ البلد وأستاذ العربية واللغة، معروف مشهور، كثير التصانيف والتلامذة، مبارك النفس، جم الفوائد، والنكت، والطّرف، مخصوص بكتب أبي منصور الثعالبي.
تلمذ للحاكم أبي سعد بن دوست وقرأ الأصول عليه وعلى غيره. وصحب الأمير أبا الفضل الميكالي، ورأى العميد أبا بكر القهستاني ... » .
[2] صنّف: البلغة، وجونة الندّ. (بغية الوعاة 2/ 347) .
وله نثر حسن وشعر بارع كقوله في الثعالبي مؤلّف «تتمّة الدهر» :
لئن كنت يا مولاي أغليت قيمتي ... وأغليت مقداري وأورثتني مجدا
وقصرّت في شكريك فالعذر واضح ... وهل يشكر المولى إذا أكرم العبد؟
[3] انظر عن (يونس بن أحمد) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 687 رقم 1515.
[4] وقال ابن بشكوال: كان الأغلب عليه من الحديث ما فيه الزهد والرقائق، ... وكان بارّا بإخوانه، جميل المعاشرة لهم، أحسن الناس خلقا، وأكثرهم بشاشة، لا يخرج من منزلة إلا لأمر مؤكّد.
[5] وهي حاليا: مدريد.

(32/133)


سنة خمس وسبعين وأربعمائة
- حرف الألف-
133- أحمد بن الحَسَن المانْدكانيّ [1] .
أبو نصْر الأصبهاني المعروف بالقاضي [2] .
تُوُفّي فِي شوّال [3] .
134- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن محمد بْن أحمد بن حَسْنَوَيْه [4] .
أبو نصر الخُراسانيّ [5] .
سمع: أبا بكر الحِيريّ، والصَّيْرفيّ، والطّرازيّ
- حرف الباء-
135- بديل بن عليّ بن بديل [6] .
__________
[1] انظر عن (أحمد بن الحسن) في: معجم البلدان 5/ 44 وفيه: «أحمد بن الحسن بن أحمد بن عبد الرحمن» . و «الماندكاني» : نسبة إلى ماندكان، من قرى أصبهان.
[2] في معجم البلدان: «يعرف بقاضي الليل» .
[3] في معجم البلدان: «شعبان» .
[4] انظر عن (أحمد بن عبد الله بن محمد) في: المنتخب من السياق 115 رقم 249 وفيه «حسكويه» .
[5] قال عبد الغافر: أبو نصر النيسابورىّ التاجر ابن أبي بكر بن حسكويه، معروف، مشهور، من أولاد المشايخ، وبيته بيت التجارة، وجدّه أبو عمرو بن حسكويه رئيس الباعة والتجار في وقته، وأبوه أبو بكر من دهاة الرجال ومعاملي السلطان.
وهذا الشيخ أبو نصر كان يعيش متجملا في خفّة وتراجع من الثروة والضياع والعقار. وقيد سكنت وريحهم وانقرضت دولتهم.
[6] انظر عن (بديل بن علي) في: معجم البلدان 1/ 382.

(32/134)


أبو محمد [1] البَرْزَنْديّ [2] الشّافعيّ.
سكن بغداد، وتفقه، وسمع من: أبي الطّيّب الطّبريّ، والبرمكّي [3] .
وكتب الكثير- روى عنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنديّ، وأبو العزّ بن كادش، وجماعة.
صالح، خيِّر، من أهلِ السّنة.
قال ابن خَيْرُون: مات في جُمَادَى الآخرة.
136- بكر بن محمد بن أبي سهل [4] السُّبْعيّ [5] الصُّوفيّ.
أبو عليّ النَّيْسابوريّ.
حدَّث ببغداد عن: أَبِي بكَر الحِيريّ [6] .
روى عنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنديّ.
وكان جدّه مُثْرِيا فوقف سبع أملاكه، فلذا قيل له السبعيّ [7] .
توفي ببغداد.
__________
[1] في معجم البلدان: «أبو القاسم» .
[2] البرزندي: بفتح الباء المعجمة بواحدة وسكون الراء وفتح الزاي وسكون النون وفي آخرها الدال المهملة. هذه النسبة إلى برزند وهي بلدة من ديار أذربيجان من نواحي تفليس.
(الأنساب 2/ 148) .
[3] في الأصل: «البرملي» .
[4] انظر عن (بكر بن محمد) في: الأنساب 7/ 32، واللباب 2/ 100، والمشتبه في الرجال 1/ 351.
[5] السبعيّ: بضم السين المهملة وسكون الباء المنقوطة بواحدة، وفي آخرها العين المهملة.
(الأنساب 7/ 31) .
[6] قال ابن السمعاني: ورد بغداد وحدّث بها بجزء من فوائد الفقيه أبي عثمان سهل بن الحسين النيسابورىّ سنة خمس وستين وأربعمائة.
قال أبو الفضل محمد بن ناصر الحافظ: قرأت بخط أبي: سألت أبا علي بكر بن أبي بكر السبعي عن مولده، فقال: في سنة سبع وتسعين وثلاثمائة بنيسابور، وذكر أنه سمع من أبي بكر الحيريّ، وأبي سعيد الصيرفي ونظرائهما.
[7] في الأنساب: قال أبو الفضل محمد بن ناصر الحافظ: قال أبي، وسألته: لم سميت السبعي؟
فقال: جدّة لنا أوصت بسبع مالها، فيها سمّيت السبعية.
وتابعه (اللباب 2/ 100) .

(32/135)


- حرف الجيم-
137- جعفر بْن عَبْد اللَّه بْن أحمد القرطبي، ثم الطليطلي [1] .
أبو أحمد.
قرأ القرآن على أبي المطرف عبد الرحمن بن مروان القنازعي، وسمع منه الكثير في سنة إحدى عشرة وأربعمائة [2] .
وقرأ الأدب على: قاسم بن محمد بن المرواني، وحكم بن منذر.
وأخذ أيضا عن: أبي محمد بن عباس الخطيب، وغير واحد.
قال ابن بشكوال: [3] وكان ثقة فيما رواه، فاضلا مقبضا. سمع الناس منه. وأخذ عنه أبو علي الغساني، وأنبا عنه محمد بن أحمد الحاكم وقال لي:
قتل بداره ظلما ليلة عيد الأضحى، ومولده سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة.
قلت: هذا من مسندي الأندلس في عصره، وشيخه القنازعي، قرأ على الأنطاكي
- حرف الحاء-
138- الحَسَن بنِ مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن حمُّوَيْه [4] .
أَبُو عليّ النَّيْسابوريّ، الصّفّار الفقيه.
سمع: أبا بكر الحِيريّ.
وعنه: زاهر الشّحّاميّ، وأبو طالب محمد بن عبد الرحمن الحِيريّ، وغيرهما.
مات في صفر [5] .
__________
[1] انظر عن (جعفر بن عبد الله) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 129 رقم 295.
[2] قال ابن بشكوال: تلا عليه القرآن، وسمع منه الحديث ثلاثة أعوام سنة إحدى عشرة، واثنتي عشرة، وثلاث عشرة.
[3] في الصلة.
[4] انظر عن (الحسن بن محمد بن محمد) في: المنتخب من السياق 186، 187 رقم 522.
[5] قال عبد الغافر الفارسيّ: كتب وسمع من أصحاب الأصم كالقاضي والصيرفي، ثم من بعدهم من مشايخ الوقت.
قرأت من خطّ الفقيه صالح بن أبي صالح المؤذن أنه قال: سألته عن مولده؟ فقال: ولدت سنة أربع وأربعمائة.

(32/136)


139- الحسين بْن عَبْد الله بْن عليّ [1] .
أبو عَبْد الله بن عُرَيبة الرَّبعيّ [2] البغداديّ، والد أبي القاسم عليّ.
سمع مع ولده من: أبي الحَسَن بن مَخْلَد البزّاز.
روى عنه: أبو بكر محمد بن عبد الباقي.
وتُوُفّي في ذي الحِجّة.
140- حَمْد بن الفضل بن أحمد بن منصور الرّازيّ [3] .
الفقيه.
تُوُفّي في ربيع الآخر
- حرف الخاء-
141- خَلَف بن محمد بن جعفر [4] .
أبو القاسم الأندلسيّ.
من أهل المريّة.
حجّ، وأخذَ عن: أبي عِمران الفاسيّ، وأبي ذَرّ عبد بن أحمد.
روى عنه: أبو جعفر بن أحمد بن سعيد.
ولي خَطَابة بلده [5] . وعاش ثمانين سنة
- حرف السين-
142- سهل بن عبد الله بن علي [6] .
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] الربعيّ: بفتح الراء والباء المنقوطة بواحدة وفي آخرها العين المهملة. هذه النسبة إلى ربيعة بن نزار. ويقال الربعي أيضا لمن ينتسب إلى ربيعة الأزد. (الأنساب 6/ 76، 77) .
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] انظر عن (خلف بن محمد) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 171 رقم 389 وفيه: «خلف بن أحمد بن جعفر الجراوي» .
[5] قال ابن بكشوال: أخبرنا عنه أبو جعفر أحمد بن سعيد في كتابه إلينا وغيره من شيوخنا، وكان معتنيا بالعلم، راوية له، وتولى الخطابة بالمريّة، ثم أقعد عنها.
[6] لم أجد مصدر ترجمته.

(32/137)


أبو الحَسَن الغازي [1] الأصبهاني الزّاهد.
سمع: عثمان بن أحمد البُرْجيّ، ومحمد بن إبراهيم الْجُرْجانيّ، وابن مَرْدَوَيْه.
روى عنه: مسعود الثقفيّ، وأبو عبد الله الرُّسْتُميّ.
مات في ربيع الآخر.
- حرف العين-
143- عَبْد الله بْن أحمد بن أبي الحسين [2] .
أبو الحسين النَّيْسابوريّ الشّاماتيّ، الأديب.
سمع من: أبي الحسين بن عبد الغافر، وغيره.
وأدَّب بالعربيّة بنيسابور، وصنّف شرحًا «لديوان المتنّبي» ، وشرحًا «للحماسة» وشرحًا «لأمثال أبي عُبَيْد» وغير ذلك.
وتُوُفّي في رابع عشر رجب [3] .
144- عبد الله بْن مُفوَّز بْن أَحْمَد بْن مُفَوَّز [4] .
أبو محمد المَعَافِريّ الشّاطبيّ.
روى الكثير عن أبي عمر بن عبد البَرّ، ثمّ زهَدَ فيه لصُحْبته السّلطان.
وروى عن: أبي تمّام القُطينيّ، وأبي العبّاس العذْريّ.
وكان رحمه الله مشهورًا بالعِلْم والزهد. وهو أخو الحافظ طاهر.
__________
[1] بفتح الغين المعجمة وكسر الزاي. هذه النسبة إلى الغزو والجهاد مع الكفّار. (الأنساب 9/ 114) .
[2] انظر عن (عبد الله بن أحمد الشاماتي) في: المنتخب من السياق 287 رقم 949، والوافي بالوفيات 17/ 31 رقم 24، وبغية الوعاة 2/ 32 رقم 1357، وكشف الظنون 1/ 692، وهدية العارفين 1/ 452، ومعجم المؤلفين 6/ 23.
[3] وقال عبد الغافر: مشهور بالتأديب في نيسابور، مبارك النفس، بالغ في التخريج والإرشاد.
وتوفي وما سمع منه كثير شيء. (المنتخب) .
[4] انظر عن (عبد الله بن مفوز) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 284 رقم 624.

(32/138)


145- عبد الوهّاب بْن الحافظ أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بن محمد بن يحيى بن مَنْدَهْ [1] .
أبو عمرو [2] العَبْديّ [3] الأصبهاني.
وكان أصغر من أخويه عبد الرحمن، وعُبَيْد الله. وكان حسن الأخلاق، متواضعًا، رحيمًا باليتامى والأرامل، حتّى كان يقال له أبو الأرامل [4] .
وسمع الكثير من والده، وسمع من: إبراهيم بن خُرَّشِيد قوله، وأبي عمر بن عبد الوهّاب، وأبي محمد الحسن بن يَوَه.
وسمع بمكّة الحَسَن بن أحمد بن فِراس.
ووقع لنا أجزاء من حديثه. وروى بالإجازة عن أبي الحسين الخفّاف القَنْطَرِيّ، وأبي عبد الله الحاكم، وجماعة.
وحديثه في هذا الوقت بالإجازة من العوالي.
روى عنه: إسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ، ومحمد بن طاهر [5] ، وأبو نصر أحمد بن عمر الغازي، وأخوه خالد بن عمر، وأبو سعيد البغداديّ، وأحمد بن محمد بن أحمد بن الفتح الْفيج [6] ، والحسن بن العبّاس الرُّسْتُميّ، وأبو الخير محمد بن أحمد بن الباغْبان، ومسعود بن الحَسَن الثّقفيّ، وآخرون.
ورحل النّاس إليه من البلدان.
__________
[1] انظر عن (عبد الوهاب بن محمد العبديّ) في: مقدّمة كتاب الإيمان لابن مندة 1/ 60، والمنتظم 9/ 5 رقم 2/ 16/ 225، 226 رقم 3524) ، والمنتخب من السياق 355 رقم 1174، والتقييد لابن نقطة 370، 371 رقم 474، والكامل في التاريخ 10/ 128، ودول الإسلام 2/ 6، والعبر 3/ 282، وسير أعلام النبلاء 18/ 440- 442 رقم 226، والمعين في طبقات المحدّثين 136 رقم 1506، والإعلام بوفيات الأعلام 196، والبداية والنهاية 12/ 123، وتاريخ الخميس 2/ 401، وشذرات الذهب 3/ 348.
[2] في البداية والنهاية: «أبو عمر» ، وهو تحريف.
[3] تقدّم التعريف بهذه النسبة.
[4] سير أعلام النبلاء 18/ 441.
[5] وهو قال: رحلت إلى طوس إلى أبي عمرو بن مندة من أجل حديث واحد. (التقييد 371) .
[6] هو الأصبهاني الفرضيّ. و «الفيج» بكسر الفاء، والياء المنقوطة باثنتين من تحتها، وجيم.
(المشتبه في الرجال 2/ 498) .

(32/139)


قال أبو سعْد السّمعانيّ: رأيتُ النّاس بإصبهان مُجْمِعِين على الثناء عليه والمدْح له. وكان شيخنا إسماعيل الحافظ كثير الثناء عليه والرواية عنه. وكان يفضله على أخيه أبي القاسم [1] .
وقال ابنه أبو زكريّا يحيى: تُوُفّي ليلة تاسع عشر من جُمَادَى الآخرة [2] .
قرأتُ على فاطمة بنت سُليمان، وغيرها، عن محمود بن إبراهيم، أنّ أبا الخير محمد بن أحمد أخبرهم: أنبا عبد الوهّاب بن محمد: ثنا أبي: سمعتُ الحسين بن عليّ النَّيْسابوريّ: سَمِعْتُ محمد بْن إِسْحَاق بْن خُزَيْمة يَقُولُ: دخلَ إليَّ جماعة من الكُلابية، وسماهم بأسمائهم، قال: فقلت لهم: إنْ كان كما تزعمون أنّ الله لم يكن خالقًا حتّى خلق الخلْق، فأنتم تزعمون أن الله ليس بالآخر، والله يقول هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ 57: 3 [3] ، وأنّه ليس بمالِك يوم الدين، لأنّ يوم الدّين يوم القيامة. فبُهِتوا ورجعوا.
وقال السِّلَفيّ: سألت المؤتمن السّاجيّ، عن أبي عَمْرو بن مَنْدَهْ فقال: لم أر شيخنا أَقْعَدَ منه وأثبتَ منه في الحديث. قرأتُ عليه إلى أن فاظت نفْسُه، ولم أُفْجَع بموت شيخٍ لقيتُهُ كما فجعت به رحمه الله [4] .
146- علي بن عبد الملك بن محمد بن عَمْر بن إبراهيم بن بِشْر [5] .
أبو الحَسَن الحفصيّ.
من أهل إسْتِراباذ [6] . قدِم بغداد، وسمع من: هلال الحفار، وغيره.
__________
[1] انظر: سير أعلام النبلاء 18/ 441.
[2] وكان مولده سنة 386 هـ. (التقييد 371) .
[3] سورة الحديد، الآية 2.
[4] وقال عبد الغافر الفارسيّ: «شيخ جليل نبيل من بيت العلم والحديث، وأبوه من مشاهير أئمّة الحديث. قدم نيسابور، وحدث، وخرج» . (المنتخب 355) .
«أقول» : وهو راوي كتاب «الإيمان» لأبيه محمد بن إسحاق بن يحيى بن مندة الحافظ المتوفى سنة 395 هـ. وقام بتحقيقه الدكتور علي بن محمد بن ناصر الفقيهي، ونشرته مؤسسة الرسالة في بيروت، طبعة ثانية 1406 هـ. / 1985 م.، في مجلدين.
[5] لم أجد مصدر ترجمته.
[6] أستراباذ: بكسر الألف وسكون السين المهملة وكسر التاء المنقوطة باثنتين من فوقها وفتح الراء والباء الموحدة بين الألفين، وفي آخرها الذال المعجمة. وقد يلحقون فيه ألفا أخرى بين التاء

(32/140)


وحدَّث بإسْتِراباذ.
سمع منه: محمد بن طاهر، وعبد الله بن أحمد السَّمَرْقَنديّ، ومحمد بن أبي عليّ الهَمَذانيّ.
وُلِد سنة ستٍّ وتسعين وثلاثمائة.
وتُوُفّي بإسْتِراباذ.
147- عليّ بن هبة الله بن ماكولا [1] .
الحافظ.
يقال إنّه قُتِل فيها [2] . وسيأتي في سنة سبع وثمانين [3]
__________
[ () ] والراء فيقولون، استاراباذ، إلا أنّ الأشهر هذا. وهي بلدة مازندران بين سارية وجرجان.
(الأنساب 1/ 314) .
[1] انظر عن (علي بن هبة الله) في: تاريخ دمشق (مخطوطة الظاهرية) ج 12/ 280 أ- 281 أ، و (مخطوطة التيمورية) 18/ 617، و (تراجم: عاصم- عائذ) ص 103 (في ترجمة «عالي بن عثمان بن جني» ) ، والأنساب 515 ب، والمنتظم 9/ 3 رقم 3 (16/ 226 رقم 3525) ، ومعجم الأدباء 15/ 102- 111، والكامل في التاريخ 10/ 128، واللباب 3/ 182، ووفيات الأعيان 3/ 305- 306، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 18/ 184 رقم 121، والمختصر في أخبار البشر 2/ 194، ودول الإسلام 2/ 17، وسير أعلام النبلاء 18/ 569- 578 رقم 298، والإعلام بوفيات الأعلام 200، والمعين في طبقات المحدثين 140 رقم 1534، وتذكرة الحفاظ 3/ 1201، والعبر 3/ 317، ومرآة الجنان 3/ 143، 144، وتاريخ ابن الوردي 1/ 381، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 201- 203، وفوات الوفيات 3/ 110- 112، والبداية والنهاية 12/ 123، 124، و 145، 146، والوافي بالوفيات 22/ 280- 282 رقم 208، وعقود الجمان للزركشي 234 أ، وطبقات ابن قاضي شهبة (في وفيات 475 هـ.) ، والنجوم الزاهرة 5/ 115، 116، وطبقات الحفاظ 444، وكشف الظنون 1637، 1758، وشذرات الذهب 3/ 381، 382، وهدية العارفين 1/ 693، وديوان الإسلام 4/ 274، 275 رقم 2035، والرسالة المستطرفة 116، وتاريخ الأدب العربيّ 6/ 176- 178، وتاريخ آداب اللغة العربية 3/ 69، والأعلام 5/ 30، ومعجم المؤلفين 7/ 257، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي 3/ 364- 367 رقم 1127، وتهذيب تاريخ دمشق 7/ 134، وكتابنا: الحياة الثقافية في طرابلس الشام 297، 298، ومعجم طبقات الحفاظ والمفسرين 133 رقم 698.
وانظر مقدمة كتابه «الإكمال» .
ومقدّمة كتابه «تهذيب مستمر الأوهام» .
[2] قيل: ولد سنة 421، وقيل 422 هـ. وتوفي سنة 475، أو 476، أو 479، أو 485، أو 486، أو 487، أو 489 هـ.
[3] انظر الطبقة التالية من الكتاب (481- 490 هـ.) برقم (233) .

(32/141)


- حرف القاف-
148- قُتَيْبة بن سعْد بن محمد البقّال [1] .
تُوُفّي بكَرْمان [2]
- حرف الميم-
149- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَليّ [3] .
أبو بكر السَّمْسار.
إصبهانيّ، مُسْنِد.
سمع: إبراهيم بن خُرَّشِيد قوله، وجعفر بن محمد بن جعفر، وأبا الفضل عَبْد الواحد بْن عَبْد العزيز التّميميّ، وغيرهم.
روى عنه: أبو عبد الله الرُّسْتُميّ، ومسعود الثّقفيّ.
ومات في نصف شوّال عن سنٍ عالية.
قال السّمعانيّ: سألتُ أبا سعْد البغداديّ عنه، فأثنى عليه وقال: كان من المعمَّرين. سمعته يقول: وُلدت سنة خمس وسبعين. وعاش مائة سنة [4] .
150- محمد بن أحمد بن عِلّان [5] .
أبو الفرج الكرجيّ [6] ، ثمّ الكوفيّ.
__________
[1] انظر عن (قتيبة بن سعد) في: الأنساب 2/ 262 وفيه «قتيبة بن سعيد» ، وقد ضبطت «سعد» في الأصل بسكون العين المهملة. وهو «سعيد» في: تاريخ بغداد 9/ 114 رقم 4722.
[2] كنيته: أبو رجاء. قال ابن السمعاني: يروي عن أبي نعيم الأصبهاني، روى لنا عَنْهُ أبو عَبْد اللَّه الْحُسَيْن بْن عَبْد الملك الخلال بأصبهان.
وأخته: «لامعة» بنت سعيد البقال: حدّثونا عنها.
[3] انظر عن (محمد بن أحمد السمسار) في: سير أعلام النبلاء 18/ 484 رقم 248، والإعلام بوفيات الأعلام 196، والعبر 3/ 282، والنجوم الزاهرة 5/ 116، وفيه: «محمد بن أحمد بن عيسى» ، وشذرات الذهب 3/ 348.
[4] وقال المؤلّف الذهبي- رحمه الله-: «وكان يمكنه السماع من أبي بكر بن المقرئ، فما اتفق له» . (سير أعلام النبلاء 18/ 484) .
[5] لم أجد مصدر ترجمته.
[6] الكرجيّ: بفتح الكاف والراء والجيم في آخرها. هذه النسبة إلى الكرج، وهي بلدة من بلاد الجبل، بين أصبهان وهمذان. (الأنساب 10/ 379) .

(32/142)


حدَّث في هذا العام عَنْ القاضي أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عبد الله الهَرَوانيّ الكوفيّ.
روى عنه: أبو الحَسَن بن عَنْبَرة.
151- محمد بن الحَسَن بن عليّ [1] .
كمال [2] المُلْك أبو جعفر ابن الوزير نظام المُلْك.
كان هُمَام الطَّبع، شجاع القلْب. كانت فيه نَخْوَةُ الوزارة وكِبْرياء المُلْك.
جمع خزائن أموالًا، وعدّة غلمان وحجاب، وأشياء لم تجتمع إلّا لأبيه.
ووَزَرَ مدّةً للأمير تِكِش. وكان أكبر أولاد أبيه، ففجع به [3] .
__________
[1] انظر عن (محمد بن الحسن) في: المنتظم 9/ 5 رقم 4 (16/ 226 رقم 3526) وفيه: «أبو منصور بن نظام الملك» ، والكامل في التاريخ 10/ 123، 124 وفيه: «جمال الملك منصور بن نظام الملك» ، وتاريخ دولة آل سلجوق 74، 75 وفيه: «جمال الملك أبو منصور بن نظام الملك» .
[2] في الكامل: «جمال» ، ومثله في: تاريخ دولة آل سلجوق.
[3] قال ابن الجوزي: أبو منصور بن نظام الملك وكان يلي خراسان، توفي في هذه السنة، وقيل إنه أراد ملك شاه قتله فسم لئلا ينكر بذلك أبوه. (المنتظم) .
وقال البنداري:
كان كبير أولاد نظام الملك، وفيه دهاء وجرأة، وعزّة ونخوة، وخاطبة أبوه في أيام ألب أرسلان أن يوزر لولده ملك شاه، فأظهر امتناع أبيّ، وقال: مثلي لا يكون وزيرا لصبيّ، ثم أقام ببلخ متوليا، وعلى تلك الممالك مستوليا، فسمع أن جعفرك مسخرة السلطان تكلّم على والده نظام الملك بأصفهان، وقرر الوزارة لابن بهمنيار، فهاج وتغيظ وثار، وأغذّ السير من بلخ، حتى وصل إلى الحضرة، وأخذ جعفرك من بين يدي سلطانه، وتقدّم بشقّ قفاه، وإخراج لسانه، فقضى في مكانه، ثم أوقع التدبير في حق ابن بهمنيار حتى أخذه وسلمه، ثم توجّه مع والده في خدمة السلطان إلى خراسان وأقاموا بنيسابور، ودبروا الأمور. فلما أراد السلطان أن يرتحل، استدعى بعميد خراسان أبي علي وقال: أنا مفض إليك بسرّ خفيّ، فقال: أنا من كل ما تأمرني به على أقوم سنن، فقال: رأسك أحبّ إليك أم رأس أبي منصور بن حسن؟ فقال: بل رأسي أحب، وأنا لما تستطبني من دائه أطب. فقال له: إن لم تقتله قتلتك، وصرفتك عن ولاية الحياة وعزلتك.
فخرج من عنده، ولقي خادما بخدمة جمال الملك مختصا، وعرف في عقله نقصا، فقال: إن السلطان قد عزم على أخذ صاحبكم وقتله غدا، والصواب أن تصوفوا بإبادته حرمتكم أبدا.
فظنّ السخيف العقل، أن ذلك عن أصل، وجهل النظر ونظر عن جهل. وخاف على تشتت آل النظام بهذا الوليد، فعمد إلى كوز فقاع فسمّه، ولما انتبه صاحبه بالليل وطلب الفقاع أتاه بالكوز المسموم، فلما شربه أحسّ بالموت، فاستدعى أخته ليوصي إليها، فقضى نحبه قبل أن

(32/143)


152- مُحَمَّد بْن عَمْر بْن محمد بن تانَة [1] .
أبو نصر الأصبهاني الخَرْجانيّ [2] .
وخَرْجان: محلّة بإصبهان.
تُوُفّي في شهر رجب.
يروي عن: الحافظ ابن مَرْدَوَيْه.
ورحل فسمع من أبي علي بن شاذان.
روى عنه: أبو سعْد أحمد بن محمد البغداديّ، وأبو عبد الله الرُّسْتُميّ، وإسماعيل الحافظ.
وكان عارفا بالقراءات، ليس بالصّالح [3] .
153- محمد بن فارس بن عليّ [4] .
أبو الوفاء الأصبهاني الصُّوفيّ.
سمع: أحمد بن موسى بن مردويه الحافظ.
وعنه: الرستميّ.
__________
[ () ] تقع عليها عينه. وكان السلطان قد رحل، ونظام الملك قد سبقه، فسار مغذا أربع منازل، حتى لحقه، ودخل إلى الوزير ولم يعلم بوفاة ولده فعزاه وقال: أنا ولدك، والخلف عمن ذهب، وأنت أولى من صبر واحتسب. (تاريخ دولة آل سلجوق 74، 75) وانظر رواية مماثلة في:
(الكامل في التاريخ 10/ 123، 124) .
[1] انظر عن (محمد بن عمر) في: الإكمال 1/ 178 بالحاشية نقلا عن «الإستدراك» لابن نقطة، وفيه: تانة: بفتح التاء المعجمة من فوقها باثنتين، وبعد الألف نون، والأنساب 3/ 13، 14، و 1/ 577، 578 بالحاشية، واللباب 1/ 205، والمشتبه في الرجال 1/ 45 بالحاشية رقم (2) ، وتوضيح المشتبه 1/ 335 وفيه: «لقبه تانة، ويقال ابن تانة» .
وقال ابن السمعاني في مادّة «التاني» : بالتاء المشددة المعجمة من فوقها بنقطتين والنون بعد الألف، هذه النسبة إلى التناية، وهي الدهقنة، ويقال لصاحب الضياع والعقار: التاني.
(الأنساب 3/ 13) وذكر صاحب الترجمة وقال: يعرف بابن تانة، وقيل له التاني لهذا.
(3/ 13، 14) .
[2] الخرجاني: بفتح الخاء المنقوطة بنقطة، وسكون الراء المهملة، وفتح الجيم، وكسر النون، هذه النسبة إلى خرجان، وأهل أصبهان يقولون لها: خورجان. (الأنساب 5/ 75) .
[3] هكذا، وقال السمعاني: شيخ ثقة صالح.. وكان له مجلس إملاء بأصبهان. (الإكمال 1/ 178 بالحاشية) وقال في (الأنساب 3/ 14) : «كان شيخا صالحا مقرئا، سديد السيرة، مكثرا من الحديث» . ومولده في سنة 398 هـ.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.

(32/144)


تُوُفّي رحمه الله ليلة عيد الفِطْر.
154- محمد بن المحسن بن الحَسَن بن عليّ [1] .
أبو حرب العَلَويّ الدينَوَرِيّ النَّسَّابة.
قال شيرُوَيْه: قدِم علينا من بغداد في جُمَادَى الآخرة سنة خمسٍ وسبعين.
وروى عن: أبيه، وأبي عليّ بن شاذان وأبي الطّيّب الطّبريّ.
وكان فاضلًا، استمليتُ عليه.
155- مسعود بن عبد الرحمن بن القاضي أبي بكر أحمد بن الحَسَن [2] .
أبو البركات الحيري النَّيْسابوريّ.
سمع الكثير من جدّه، ومن جماعة.
وتوفي في ربيع الآخر عن إحدى وسبعين سنة.
وعنه: عبد الغافر [3] .
156- مسعود بن عليّ [4] .
أبو نصر النَّيْسابوريّ المحتسب.
روى عن: أبي بكر الحِيريّ، والصَّيْرفيّ، والطّرازيّ.
ومات في رجب [5] .
157- المطهّر بن عبد الواحد بن محمد [6] .
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (مسعود بن عبد الرحمن) في: المنتخب من السياق 432 رقم 1465، والمختصر الأول من المنتخب (مخطوط) ورقة 77 ب.
[3] وهو قال: «حافد القاضي أبي بكر أحمد بن الحسن الحيريّ، مشهور، من بيت العلم والقضاء والتزكية والثروة والنعمة» .
ولد سنة 404 هـ.
[4] انظر عن (مسعود بن علي) في: المنتخب من السياق 435 رقم 1473، والمختصر الأول من المنتخب (مخطوط) ورقة 78 أ، واسمه فيهما: «مسعود بن علي بن أحمد بن محمد بن يوسف المحتسب» .
[5] وقال عبد الغافر: حافد الأستاذ أبي عمرو بن يحيى، مستور، صالح، سمع الكثير بإفادة جدّه وأقاربه.. ولد كما قال في شعبان سنة 413 هـ.
[6] انظر عن (المطهر بن عبد الواحد) في: الإكمال لابن ماكولا 6/ 536، 537، والأنساب

(32/145)


أبو الفضل اليَرْبُوعيّ [1] البُزانيّ [2] الأصبهاني.
سمع: أبا جعفر بن المَرْزُبان، وأبا عبد الله بن مَنْدَهْ، وأبا عَمْر بن عبد الوهّاب السُّلميّ، وجماعة، وإبراهيم بن خُرَّشِيد قوله أيضًا.
وطال عُمره، وأكثر النّاسُ عنه.
ولا أعلم متى تُوُفّي، ولكنّه بقي إلى هذا العصر [3] .
روى عنه: مسعود الثّقفيّ، والرُّسْتُميّ. وكان رئيسًا كاتبًا.
سأل السّمعانيّ أبا سعْد البغداديّ عنه، فقال: كان والده محدّثا، أفاده في صغره.
__________
[2] / 187، والإستدراك لابن نقطة (مخطوط) ورقة 70 أ، وسير أعلام النبلاء 18/ 549 رقم 278، والإعلام بوفيات الأعلام 196، والمعين في طبقات المحدّثين 137 رقم 1507، والعبر 3/ 282، والمشتبه في الرجال 1/ 57، ومرآة الجنان 3/ 109، وتبصير المنتبه 1/ 131، وتوضيح المشتبه 1/ 409، وشذرات الذهب 3/ 348.
[1] اليربوعيّ: بفتح الياء المنقوطة بنقطتين من تحتها، وسكون الراء، وضم الباء المنقوطة بنقطة وفي آخرها العين المهملة، هذه النسبة إلى بني يربوع وهو بطن من بني تميم. (الأنساب 12/ 395) .
[2] البزاني: بضم الباء المنقوطة بواحدة وفتح الزاي وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى بزان، وهي قرية من أصبهان. (الأنساب) .
وقد تحرفت هذه النسبة في (شذرات الذهب) إلى: «البراني» بالراء.
[3] قال ابن السمعاني: توفي في حدود سنة ثمانين وأربعمائة. (الأنساب 2/ 187) ، وقال ابن نقطة في (الاستدراك، ورقة 70 أ) : «توفي في ربيع الأول سنة أربع وسبعين وأربعمائة» .
وقال المؤلف الذهبي- رحمه الله-: وعاش إلى خمس وسبعين وأربعمائة، (سير أعلام النبلاء 18/ 549) ، وقال في (العبر 3/ 282) : في سنة خمس وسبعين وأربعمائة: توفي فيها أو في حدودها. وأثبته في وفيات السنة 495 هـ. في (الإعلام بوفيات الأعلام 196) ، وكذا جاء في (مرآة الجنان) ، و (شذرات الذهب) .

(32/146)


الكنى
158- أبو عَبْد الله بْن أَبِي الحَسَن بْن أَبِي قدامة [1] .
القرشيّ الخراسانيّ الأمير.
مات في رجب.
159- الأمير أبو نصر بن ماكولا [2] .
تُوُفّي فيها في قَوْلٍ، ويُذكر في سنة سبع وثمانين.
__________
[1] لم أقف على مصدر ترجمته.
[2] انظر رقم (147) .

(32/147)


سنة ست وسبعين وأربعمائة
- حرف الألف-
160- أحمد بن عليّ [1] .
أبو الخطّاب.
يُذكر بكنيته.
161- أحمد بن محمد بن الفضل [2] .
الإمام أبو بكر الفَسَويّ.
تُوُفّي بسَمَرْقَنْد.
ذكره عبد الغافر في تاريخه فقال: الإمام ذو الفنون، دخل نَيْسابور، وحصّل بها العلوم.
قرأ على الإمام زَين الإسلام، يعني القُشَيْريّ، الأُصول. وسمع من أبي بكر الحِيريّ، وأقام بَنْيسابور مدّةً، ثمّ خرج إلى ما وراء النّهر.
وصار من أعيان الأئمّة. وشاع ذِكره، وانتشر علمه.
162- إبراهيم بن عليّ بن يوسف [3] .
__________
[1] انظر رقم (189) .
[2] انظر عن (أحمد بن محمد بن الفضل) في: المنتخب من السياق 117 رقم 256.
[3] انظر عن (إبراهيم بن علي) في: تاريخ حلب للعظيميّ (زعرور) 352 (سويم) 19، والأنساب 9/ 361، 362، وتبيين كذب المفتري 276- 278، وطبقات فقهاء اليمن 270، والمنتظم 9/ 7، 8 رقم 5 (16/ 228- 231 رقم 3527) ، وصفة الصفوة 4/ 66 67 رقم 646، والمنتخب من السياق 124 رقم 277، وزبدة التواريخ لصدر الدين الحسيني 142، 143، ومعجم البلدان 3/ 381، والإنباء في تاريخ الخلفاء لابن العمراني 203، والكامل في التاريخ

(32/148)


الشيخ أبو إسحاق الشّيرازيّ الفيروزآبادي.
شيخ الشّافعيّة في زمانه. لقبه: جمال الدّين.
ولد سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة [1] .
تفقه بشيراز على: أبي عبد الله البَيْضاويّ [2] ، وعلى: أبي أحمد عبد الوهّاب بن رامين.
وقدِم البصرة فأخذ عن الخَرَزَيّ [3] . ودخل بغداد في شوال سنة خمس
__________
[10] / 132، 133، واللباب 2/ 451، وتاريخ الفارقيّ 205، وطبقات ابن الصلاح (مخطوط) ورقة 29، 30، وتهذيب الأسماء واللغات 2/ 172- 174، والمجموع للنووي 1/ 25- 28، والطبقات للنووي (مخطوط) ، الورقة 46- 48، ووفيات الأعيان 1/ 29- 31، والمختصر في أخبار البشر 2/ 194، 195، ودول الإسلام 2/ 7، والعبر 3/ 283، 284، والمعين في طبقات المحدّثين 137 رقم 1508، وسير أعلام النبلاء 18/ 452- 464 رقم 237، والإعلام بوفيات الأعلام 196، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 42- 46، وتاريخ ابن الوردي 1/ 381، ومرآة الجنان 3/ 110- 119، والبداية والنهاية 12/ 124، 125، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 88، 111، وطبقات الشافعية الوسطى، له (مخطوط) ورقة 137 أ، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 83- 85، والوفيات لابن قنفذ 256 رقم 476، والوافي بالوفيات 6/ 62- 66 رقم 2504، وتاريخ الخميس 2/ 401، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 244- 246 رقم 200، والنجوم الزاهرة 5/ 117، 118، ومفتاح السعادة 2/ 318- 321، وتاريخ الخلفاء 426، وطبقات الشافعية لابن هداية الله 170، 171، وكشف الظنون 1/ 339- 391، 489 و 2/ 1562، 1743، 1818، 1912، وشذرات الذهب 3/ 349 351، وهدية العارفين 1/ 8، وشرح الفية العراقي 1/ 342، وديوان الإسلام 1/ 68 69 رقم 73، وعنوان الدراية 89، 197، وروضات الجنات 1/ 170، وذيل تاريخ الأدب العربيّ لبروكلمان 1/ 669، والفتح المبين في طبقات الأصوليين 1/ 255- 257، وفهرست المخطوطات بدار الكتب المصرية لفؤاد سيد 1/ 242، والأعلام 1/ 51، ومعجم المؤلفين 1/ 69، ومعجم المطبوعات لسركيس 1/ 1171- 1172. وانظر: «الإمام الشيرازي حياته وآراؤه الأصولية» للدكتور محمد حسن هيتو.
ومقدّمة كتابه «طبقات الفقهاء» بتحقيق الدكتور إحسان عباس. طبعة بيروت 1970.
[1] الكامل في التاريخ 10/ 132، صفة الصفوة 4/ 66، وفي (المنتخب 124) : مولده سنة سبع وتسعين وثلاثمائة.
[2] تحرفت في (الأنساب 9/ 361) إلى: «البيضاوي» .
[3] في الأصل: «الخزري» بتقديم الزاي، ثم راء مهملة. والصحيح ما أثبتناه، قال ابن السمعاني:
«الخرزي: بفتح الخاء المعجمة والراء وبعدها الزاي، هذه النسبة إلى الخرز وبيعها.
(الأنساب 5/ 81) وقد تحرفت هذه النسبة فيه في ترجمة الشيرازي (9/ 361) إلى:
«الخوزي» ، ومثله في (اللباب 2/ 451) ، وفي (وفيات الأعيان) إلى: «الحوزي» بالحاء

(32/149)


عشرة وأربعمائة، فلازمَ القاضي أبا الطّيّب [1] وصحبَه، وبرع في الفقه حتّى نابَ عن أبي الطّيّب، ورتبه مُعِيدًا في حلقته. وصار أنظر أهل زمانه.
وكان يُضرب به المَثَل في الفصاحة [2] .
وسمع من: أبي عليّ بن شاذان، وأبي الفَرَج محمد بن عُبَيْد الله الخَرْجُوشيّ [3] . وأبي بكر البَرْقانيّ، وغيرهم.
وحدَّث ببغداد، وهَمَذَان، ونَيْسابور.
روى عنه: أبو بكر الخطيب، وأبو الوليد الباجيّ، وأبو عبد الله الحُمَيْدِيّ، وأبو القاسم بن السَّمَرْقَنديّ، وأبو البدر إبراهيم بن محمد الكَرْخيّ، ويوسف بن أيّوب الهَمَذانيّ، وأبو نصر أحمد بن محمد الطُّوسيّ، وأَبُو الحسن بن عبد السّلام، وطوائف سواهم.
وقرأت بخطّ ابن الأنْماطيّ أنّه وجد بخطٍ قال: أبو عليّ الحَسَن بن أحمد الكَرْمانيّ الصوفيّ، يعني الّذي غسّل الشيخ أبا إسحاق، سمعته يقول: ولدت سنة تسعين وثلاثمائة، ودخلتُ بغداد سنة ثماني عشرة وله ثمانٍ وعشرون سنة.
ومات لم يخلّف دِرهمًا، ولا عليه درهم. وكذلك كان يقضي عُمْرَه.
قال أبو سعْد السّمعانيّ: أبو إسحاق إمام الشّافعيّة، والمدرّس بالنّظاميّة، شيخ الدّهر، وإمام العصر. رحل النّاس إليه من البلاد، وقصدوه من كلّ الجوانب، وتفرَّد بالعلم الوافر مع السيرة الجميلة، والطريقة المَرْضيّة. جاءته الدّنيا صاغرة، فأباها واقتصر على خشونة العَيْش أيّام حياته. صنف في الأصول، والفروع، والخلاف، والمذهب. وكان زاهدًا، ورعًا، متواضعًا، ظريفًا، كريمًا، جوادًا، طلْق الوجه، دائم البشر، مليح المجاورة [4] .
__________
[ () ] المهملة والواو، وفي (تهذيب الأسماء واللغات) إلى: «الجوزي» بالجيم والواو، وتصحفت في (المنتظم) و (الوافي بالوفيات) (وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة) و (الفتح المبين) و (طبقات الشافعية لابن هداية الله) إلى: «الجزري» بالجيم والزاي، ثم الراء.
[1] هو القاضي أبو الطيب الطبري طاهر بن عبد الله.
[2] تهذيب الأسماء 2/ 173.
[3] الخرجوشي: بفتح الخاء، وسكون الراء، وضم الجيم، وفي آخرها الشين المعجمة. هذه النسبة إلى خرجوش، وهو اسم لبعض أجداد المنتسب إليه. (الأنساب 5/ 79) .
[4] تهذيب الأسماء واللغات 2/ 173 وفيه: «حسن المحاورة، مليح المجاورة» ، وانظر: المجموع

(32/150)


تفقه بفارس على أبي الفَرَج البَيْضاويّ، وبالبصرة على الخَرَزيّ [1] .
إلى أن قال: حدثّنا عنه جماعة كثيرة.
وحُكي عنه أنّه قال: كنتُ نائمًا ببغداد، فرأيتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ ومعه أبو بكر وعمر، فقلت: يا رسول الله بلغني عنك أحاديث كثيرة عن ناقلي الأخبار، فأريد أن أسمع منك خبرًا أتشرف به في الدنيا، وأجعله ذخيرةً للآخرة.
فقال: يا شيخ، وسمّاني شيخًا وخاطبني به، وكان يفرح بهذا. ثمّ قال:
قُلْ عنّي: مَن أراد السّلامة فلْيَطْلُبْها في سلامة غيره [2] .
رواها السّمعانيّ، عن أبي القاسم حَيْدَر بن محمود الشّيرازيّ بمرْو، أنّه سمع ذلك من أبي إسحاق.
وورد أنّ أبا إسحاق كان يمشي، وإذا كلبٌ، فقال فقيه معه: اخسأ. فنهاه الشّيخ، وقال: لِمَ طَرَدْتَه عن الطريق؟ أما علِمت أنّ الطريق بيني وبينه مُشْتَرَكٌ؟ [3] .
وعنه قال: كنتُ أشتهي ثَرِيدًا بماء باقِلّاء [4] أيّام اشتغالي، فما صحّ لي أكْلَةٌ، لاشتغالي بالدّرس، وأخْذي النَّوْبَة [5] .
قال السّمعانيّ: قال أصحابنا ببغداد: كان الشّيخ أبو إسحاق إذا بَقِي مدة
__________
[ () ] للنووي 1/ 26، وفي (سير أعلام النبلاء 18/ 454) : «مليح المحاورة» بالحاء المهملة، ومثله في: طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 92، والمنتظم.
[1] في الأصل: «الخزري» بالزاي ثم الراء. وقد تقدّم التنبيه عليها. كما تقدم الخبر في أول الترجمة.
[2] المنتظم 9/ 8 (16/ 230) ، صفة الصفوة 4/ 66، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 173، سير أعلام النبلاء 18/ 454، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 94، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 245، 246، الوافي بالوفيات 6/ 63، مرآة الجنان 3/ 112.
[3] صفة الصفوة 4/ 67، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 173، سير أعلام النبلاء 18/ 454، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 94، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد 45، 46، الوافي بالوفيات 6/ 65، 66، مرآة الجنان 3/ 113.
[4] في الأصل: «باقلى» .
[5] المنتظم 9/ 8 (16/ 229) ، صفة الصفوة 4/ 67، المجموع 1/ 25، سير أعلام النبلاء 18/ 455، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 90.

(32/151)


لا يأكل شيئًا صعِد إلى النَّصْريّة، فله فيها صديق، فكان يثرد له رغيفا، وبشربه بماء الباقِلّاء. فربما صعِد إليه، وقد فرغ، فيقول أبو إسحاق: تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ 79: 12 [1] . ويرجع [2] .
قال أبو بكر الشّاشيّ: الشّيخ أبو إسحاق. حجة الله تعالى على أئمّة العصر [3] .
وقال الموفّق الحنفيّ: أبو إسحاق، أمير المؤمنين فيما بين الفقهاء [4] .
قال السّمعانيّ: سمعتُ محمد بن عليّ الخطيب: سمعتُ محمد بن محمد بن يوسف الفاشانيّ [5] بمرْو، وسمعت محمد بن محمد بن هاني [6] القاضي يقول: إمامان ما اتفق لهما الحَجّ: أبو إسحاق، والقاضي أبو عبد الله الدّامغانيّ. أما أَبُو إسحاق فكان فقيرًا، ولكن لو أيّدوه لحملوه على الأعناق، والدّامغانيّ، لو أراد الحجّ على السُّنْدُس والإسْتَبْرَق لأَمْكَنَه [7] .
قال: وسمعتُ القاضي أبا بكر محمد بن القاسم الشَّهْرُزُوريّ بالمَوْصل يقول: كان شيخنا أبو إسحاق إذا أخطأ أحدٌ بين يديه قال: أيُّ سكتةٍ فاتتك [8] .
وكان يتوسوس.
__________
[1] سورة النازعات، الآية 12.
[2] سير أعلام النبلاء 18/ 455، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد 45، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 90.
[3] سير أعلام النبلاء 18/ 455، طبقات الشافعية الكبرى 3/ 94، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 245، ومرآة الجنان 3/ 116.
[4] المرجعان السابقان، ومرآة الجنان 3/ 116.
[5] الفاشاني: بفتح الفاء، والشين المعجمة، وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى قرية من قرى مرو يقال: لها فاشان، وقد يقال لها بالباء. وبهراة قرية أخرى يقال لها باشان بالباء الموحدة.
(الأنساب 9/ 225، 226) .
[6] هكذا هنا وسير أعلام النبلاء 18/ 455، أما في (تهذيب الأسماء واللغات) و (طبقات الشافعية الكبرى للسبكي) : «محمد بن محمد الماهاني» ، وكذا في: مرآة الجنان 3/ 116.
[7] المنتظم 9/ 8، (16/ 231) ، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 174، سير أعلام النبلاء 18/ 455، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 95، مرآة الجنان 3/ 116.
[8] سير أعلام النبلاء 18/ 455، الوافي بالوفيات 6/ 64، حلقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 245 وفيه: «أي سكتة تأتيك» ، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 95.

(32/152)


سمعتُ عبد الوهّاب الأنماطيّ يقول: كان أبو إسحاق يتوضأ في الشّطّ، وكان يشك في غَسْل وجهه، حتّى غسّله مرات، فقال له رجل: يا شيخ، أما تستحي، تغسل وجهك كذا وكذا نَوْبَة؟ فقال له: لو صحّ لي الثلاث ما زدتّ عليها [1] .
قال السّمعانيّ: دخل أبو إسحاق يومًا مسجدًا ليتغذّى على عادته، فنسي دينارًا معه وخرج، ثمّ ذكر، فرجع، فوجده، ففكّر في نفسه وقال: ربّما وقع هذا الدّينار من غيري، فلم يأخذه وذهب [2] .
وبَلَغَنَا أنّ طاهرًا [3] النَّيْسابوريّ خرَّج للشّيخ أبي إسحاق جزءًا، فكان يذكر في أوّل الحديث: أنا أبو عليّ بن شاذان، وفي آخر: أنا الحَسَن بن أحمد البزّاز، وفي آخر: أنا الحَسَن بن أبي بكر الفارسي، فقال: من هذا؟ قال: هو ابن شاذان، فقال: ما أريد هذا الجزء. هذا فيه تدليس، والتّدليس أخو الكذِب.
وقال القاضي أبو بكر الأنصاريّ: أتيت الشّيخ أبا إسحاق بفُتْيا في الطّريق، فناولته، فأخذ قلم خبّازٍ ودَوَاته، وكتب لي في الطريق، ومسح القلم في ثوبه [4] .
قال السّمعانيّ: سمعتُ جماعة يقولون: لمّا قدِم أبو إسحاق رسولًا إلى نَيْسابور، تلقّاه النّاسُ لمّا قدِم، وحَمَلَ الإمام أبو المعالي الْجُوَيْنيّ غاشيةَ فرسِهِ، ومشى بين يديه، وقال: أنا أفتخر بهذا [5] .
وكان عامّة المدرّسين بالعراق والجبال تلامذته وأشياعه وأتباعه، وكفاهم
__________
[1] سير أعلام النبلاء 18/ 455، 456، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 95 وفيه تتمة للخبر، مرآة الجنان 3/ 116.
[2] تهذيب الأسماء واللغات 2/ 173، المجموع 1/ 25، 26، سير أعلام النبلاء 18/ 456، طبقات الشافعية الكبرى 3/ 89.
[3] في سير أعلام النبلاء 18/ 456 «ظاهرا» . بالظاء المعجمة.
[4] تهذيب الأسماء واللغات 2/ 173، المجموع 1/ 26، سير أعلام النبلاء 18/ 456، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 90.
[5] المنتظم 9/ 8، (16/ 230) ، سير أعلام النبلاء 18/ 456، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 91، 92، مرآة الجنان 3/ 112.

(32/153)


بذلك فَخْرًا. وكان يُنِشد الأشعار المليحة ويُوردُها، ويحفظ منها الكثير [1] .
وصنّف «المهذّب» [2] في المذهب، «والتنبيه» [3] و «اللّمع» [4] في أصول الفقه، و «شرح اللّمع» ، و «المعونة في الجدل» ، و «الملخص في أصول الفقه» ، وغير ذلك [5] .
وعنه قال: العلم الذي لا ينتفع به صاحبه، أن يكون الرجال عالِمًا، ولا يكون عاملًا [6] .
ثمّ أنشد لنفسه:
علِمْتَ ما حلّل المَوْلَى وحرَّمَه فاعملْ بعِلْمك، إنّ العلم للعمل [7] وقال: الجاهل بالعلم يقتدي، فإذا كان العالِم لا يعمل، فالجاهل ما يرجو
__________
[1] تهذيب الأسماء واللغات 2/ 173، المجموع 1/ 26، سير أعلام النبلاء 18/ 456، 457.
[2] بدا به سنة 455 وفرغ منه سنة 469 هـ. وقد أخذه من تعليق شيخه أبي الطيب الطبري.
(طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 246) ، وقد نظم اليافعي أبياتا في «المهذب» لما اشتمل عليه من الفقه والمسائل النفيسات. انظر: مرآة الجنان 3/ 118. وقد طبع في مصر سنة 1323 هـ. وله شروح كثيرة من أجلها شرح الإمام النووي (المجموع) .
[3] بدا فيه أوائل رمضان سنة 452 وفرع منه في شعبان من السنة الآتية. (طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 246) .
وفيه نظمت أبيات وجدت بخط أبي الحسين هبة الله بن الحسن بن عساكر للرئيس أبي الخطاب ابن الجراح الكاتب البغدادي: انظر: تبيين كذب المفتري 277.
وقد طبع في المطبعة الميمنية بمصر سنة 1329 هـ.
وقيل في «التنبيه» : إن فيه اثنتي عشرة ألف مسألة ما وضع فيه مسألة حتى توضأ وصلّى ركعتين وسأل الله أن ينفع المشتغل به. وقيل: ذلك إنما هو في «المهذّب» . (الوافي بالوفيات 6/ 63) .
[4] طبع في مطبعة السعادة بمصر سنة 1326 هـ.
[5] ومن مؤلفاته أيضا: «تذكرة المسئولين» وهو كتاب كبير في الخلاف، وآخر دونه سمّاه: «النكت والعيون» (طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 246) ، وله «رسالة» في علم الأخلاق، و «الطب الروحانيّ» في المواعظ. (معجم المطبوعات لسركيس 1171، 1172) ، و «طبقات الفقهاء» وقد حقّقه الدكتور إحسان عباس، وطبع في بيروت 1970، و «التبصرة في أصول الفقه» وحققه الدكتور محمد حسن هيتو، وطبع بدار الفكر في دمشق 1980.
[6] سير أعلام النبلاء 18/ 457، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 94.
[7] طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 94 وفيه: «بالعمل» .

(32/154)


من نفسه؟ فاللَّه الله يا أولادي، نعوذ باللَّه من علم يصير حُجَّةً علينا [1] .
وقيل: إنّ أبا نصر عبد الرحيم بن القُشَيْريّ جلس بجنْب الشّيخ أبي إسحاق، فأحسّ بثِقَلٍ في كُمّه، فقال: ما هذا يا سيدنا؟
قال: قُرْصي الملّاح. وكان يحملهما في كُمْه طَرْحًا للتكلُّف [2] .
قال السّمعانيّ: رأيتُ بخطّ أبي إسحاق رحمه الله في رُقْعة: «بسم الله الرحمن الرحيم، نسخةُ ما رآه الشّيخ السّيّد أبو محمد عبد الله بن الحَسَن بن نصْر المَزْيَدِيّ، أبقاه الله. رأيتُ في سنة ثمان وستين وأربعمائة ليلة جُمعة أبا إسحاق إبراهيم بن عليّ بن يوسف الفيروزآبادي- طول الله عمر- في منامي يطير مع أصحابه، وأنا معهم استعظامًا لتلك الحال والرؤية. فكنتُ في هذه الفكرة، إذ تلقى الشّيخ مَلَكٌ، وسلَّم عليه، عن الرّبّ تبارك وتعالى، وقال له: إنّ الله تعالى يقرأ عليك السّلام ويقول: ما الذي تدرِّس لأصحابك؟
فقال: له الشّيخ: أدرَّس ما نُقِل عن صاحب الشَّرْع.
فقال له الملك: واقرأ عليّ شيئًا لأسمعه.
فقرأ عليه الشّيخ مسألة لا أذكرها، فاستمع إليه المَلَك وانصرف، وأخذ الشّيخ يطير، وأصحابه معه. فرجع ذلك المَلَك بعد ساعة، وقال للشيخ: إنّ الله يقول: الحقُّ ما أنت عليه وأصحابك، فادخُلِ الجنة معهم [3] .
وقال الشّيخ أبو إسحاق: كنت أعيدُ كلّ قياسٍ ألف مرة، فإذا فرغت، أخذتُ قياسًا آخر على هذا، وكنتُ أُعيد كلّ درسٍ مائة مرة، فإذا كان في المسألة بيتٌ يُستشهد به حفظت القصيدة التي فيها البيت [4] .
كان الوزير عميد الدّولة بن جَهِير كثيرا ما يقول: الإمام أبو إسحاق وحيد
__________
[1] سير أعلام النبلاء 18/ 457، طبقات الشافعية للسبكي 3/ 94.
[2] المنتظم 9/ 7 (16/ 230) ، سير أعلام النبلاء 18/ 457 وفيه: «يحملهما في كمّه للتكلف» ، بإسقاط كلمة «طرحا» .
[3] سير أعلام النبلاء 18/ 457، 458، طبقات السبكي 3/ 94.
[4] صفة الصفوة 4/ 66، المجموع 1/ 25، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 173، سير أعلام النبلاء 18/ 458، طبقات الشافعية للسبكي 3/ 90، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 245.

(32/155)


عصره، وفريد دهره، ومستجاب الدّعوة [1] .
وقال السّمعانيّ: لمّا خرج أبو إسحاق إلى نَيْسابور، وخرج في صحبته جماعة من تلامذته، كانوا أئمّة الدّنيا، كأبي بكر الشاشيّ، وأبي عبد الله الطّبريّ، وأبي مُعاذ الأندلسيّ، والقاضي عليّ المَيَانِجيّ، وأبي الفضل بن فتيان قاضي البصرة، وأبي الحَسَن الآمدي، وأبي القاسم الزَّنْجانيّ، وأبي عليّ الفارقيّ، وأبي العبّاس بن الرطبيّ [2] .
وقال أبو عبد الله بن النّجّار في «تاريخه» [3] : وُلِد، يعني أبا إسحاق، بفيروزآباد، بُلَيدة بفارس، ونشأ بها. ودخل شِيراز. وقرأ الفقه على أبي عبد الله البَيْضاويّ، وابن رَامِين. وقرأ على أبي القاسم الدّارَكيّ [4] ، وقرأ الدّارَكيّ على المَرْوَزِيّ صاحب ابن سُرَيْج.
وقرأ أبو إسحاق أيضًا على الطّبريّ، عن الماسَرْجِسيّ [5] ، عن المَرْوَزِيّ.
وقرأ أبو إسحاق أيضًا على الزَّجّاجيّ، وقرأ الزّجاجيّ على ابن القاصّ صاحب ابن سُرَيْج.
وقرأ أصول الكلام على أبي حاتم القَزْوينيّ، صاحب أبي بكر بن الباقلّانيّ.
وكان أبو إسحاق خطُّه في غاية الرداءة [6] .
أنبأني الخشوعي، عن أبي بكر الطُّرْطُوشيّ قال: أخبرني أبو العبّاس
__________
[1] سير أعلام النبلاء 18/ 458، طبقات الشافعية للسبكي 3/ 95.
[2] سير أعلام النبلاء 18/ 458، طبقات الشافعية للسبكي 3/ 91.
[3] انظر: المستفاد من ذيل تاريخ بغداد 43.
[4] الداركيّ: بفتح الدال المهملة المشدّدة، والراء، بينهما الألف، وفي آخرها الكاف. هذه النسبة إلى دارك، قرية من قرى أصبهان. (الأنساب 5/ 248) .
[5] الماسرجسي: بفتح الميم، والسين المهملة، وسكون الواو، وكسر الجيم، وفي آخرها سين أخرى، هذه النسبة إلى ما سرجس وهو اسم لجد أبي علي بن الحسن بن عيسى بن ماسرجس النيسابورىّ الّذي أسلم على يدي عبد الله بن المبارك. (الأنساب 11/ 78) .
والمذكور هنا هو: أبو الحسن محمد بن علي بن سهل بن مصلح الماسرجسي أحد أئمة الشافعيين بخراسان. سمع منه أبو الطيب الطبري، والحاكم أبو عبد الله. توفي سنة 384 هـ.
[6] سير أعلام النبلاء 18/ 458.

(32/156)


الْجُرْجانيّ القاضي بالبصرة قال: كان أبو إسحاق لا يملك شيئًا من الدنيا، فبلغ به الفقر حتّى كان لا يجد قُوتًا ولا مَلْبَسًا. ولقد كنّا نأتيه وهو ساكن في القطيعة، فيقوم لنا نصف قَوْمة، كي لا يظهر منه شيء من العُرْي [1] . وكنتُ أمشي معه، فتعلّق بنا باقِلّاني وقال: يا شيخ، أفقرتني وكسرتني، وأكلت رأس مالي، ادفع إليّ ما لي عندك.
فقلنا: وكم لك عنده؟
قال: أظنّه قال: حبّتان [من] ذهب أو حبتان ونصف [2] .
وقال أبو بَكْر محمد بْن أحمد بْن الخاضبة: سمعتُ بعض أصحاب الشّيخ أبي إسحاق يقول: رأيتُ الشّيخ كان يركع رَكْعَتين عند فراغ كلّ فصل من «المَهذب» [3] .
قال: قرأتُ بخطّ أبي الفُتُوح يوسف بن محمد بن مقلّد الدّمشقيّ: سمعتُ الوزير ابن هبيرة: سمعت أبا الحسين محمد بن القاضي أبي يَعْلَى يقول: جاء رجل من مَيَّافارقين إلى والدي ليتفقه عليه، فقال: أنت شافعيُّ، وأهل بلدك شافعية، فكيف تشتغل بمذهب أحمد؟
قال: قد أحببته لأجلك.
فقال: يا ولدي ما هو مصلحة. تبقى وحدك في بلدك ما لكَ من تذاكره، ولا تذكر له درسًا، وتقع بينكم خصومات، وأنت وحيد لا يطيب عَيْشُك.
فقال: إنّما أحببته وطلبته لِمَا ظهر من دينك وعِلْمك.
قال: أنا أدلّك على من هو خيرٌ مني، الشّيخ أبو إسحاق.
فقال: يا سيدي، إنّي لا أعرفه.
فقال: أنا أمضي معك إليه.
__________
[1] الخبر حتى هنا في: طبقات الشافعية للسبكي 3/ 90.
[2] سير أعلام النبلاء 18/ 459 والإضافة منه والتصحيح. وفي الأصل: «حبتين ذهب، أو حبتين ونصف» .
[3] سير أعلام النبلاء 18/ 459، طبقات السبكي 3/ 89.

(32/157)


فقام معه وحمله إليه، فخرج الشّيخ أبو إسحاق إليه، واحترمه وعظّمه، وبالغ.
وكان الوزير نظام المُلَك يُثني على الشّيخ أبي إسحاق ويقول: كيف لنا مع رجلٍ لا يفرق بيني وبين بهروز الفرّاش في المخاطبة؟ لمّا التقيتُ به قال:
بارك الله فيك. وقال لبهروز لما صبّ عليه الماء: بارك الله فيك [1] .
وقال الفقيه أبو الحَسَن محمد بن عبد الملك الهَمَذانيّ: حكى أبي قال:
حضرتُ مع قاضي القضاة أبي الحَسَن الماوَرْديّ عزاء النّابتيّ [2] قبل سنة أربعين، فتكلم الشّيخ أبو إسحاق وأجاد، فلمّا خرجنا قال الماوَرْديّ: ما رأيت كأبي إسحاق، لو رآه الشّافعيّ لتجمَّل به [3] .
أنا ابن الخلال، أنا جعفر، أنا السّلَفيّ قال: سألت شُجاعًا الذُّهْليّ، عن أبي إسحاق فقال: إمام الشّافعيّة، والمقدَّم عليهم في وقته ببغداد. كان ثقة، ورِعًا، صالحًا، عالمًا بمعرفة الخلاف، عِلْمًا لا يُشاركه فيه أحد [4] .
أنبئونا عن زَيْن الأُمَناء: أنا الصائن هبة الله بن الحَسَن، أنا محمد بن مرزوق الزَّعْفرانيّ: أنشدنا أبو الحَسَن عليّ بن فضّال القَيْروانيّ [5] لنفسه في «التّنبيه» ، للإمام أبي إسحاق:
أكتابُ «التّنبيه» ذا، أم رياض ... أم لآلئ فَلَوْنُهُن البَياضُ
جمع الحسن والمسائل طرَّا ... دخلت تحت كله الأبعاض
كل لفظ يروق من تحت معنى ... جرية الماء تحته الرضراض
قل طولًا، وضاق عرضا مداه ... وهو من بعد ذا الطّوال العراض
يدع العالم المسمى إمامًا ... كفتاةٍ أتى عليها المخاض
__________
[1] سير أعلام النبلاء 18/ 459.
[2] النابتي: بفتح النون وكسر الباء الموحدة بعد الألف، وفي آخرها التاء ثالث الحروف. هذه النسبة إلى نابت. وهو اسم رجل فيما يظن ابن السمعاني (الأنساب 12/ 7) .
[3] سير أعلام النبلاء 18/ 459، طبقات السبكي 3/ 95، مرآة الجنان 3/ 116.
[4] سير أعلام النبلاء 18/ 460، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد 46.
[5] توفي سنة 479 هـ. وستأتي ترجمته برقم (294) .

(32/158)


أيها المدعون ما ليس فيهم ... ليس كالدر في العقود الحضاض
كل نعمى عليّ يا ابن عليّ ... أنا إلا بشكرها نهاض
ما تعداك من ثنائي محال ... لَيْسَ في غير جوهر أعراض
أنت طود لكنه لا يسامى، ... أنت بحر، لكنه لا يخاض
فأبق في غبطة وأنت عزيز ... ما تعدى عن المنال انخفاض
وقال أبو الحسن محمد بن عبد الملك الهَمَذانيّ: نَدَب المقتدي باللَّه الشّيخ أبا إسحاق الشيرازيّ للخروج في رسالة إلى المعسكر، فتوجه في ذي الحِجّة سنة خمس وسبعين، وكان في صُحْبَته جماعةُ من أصحابه، فيهم الشاشيّ، والطّبريّ، وابن فتيان، وإنّه عند وصوله إلى بلاد العجم كان يخرج إليه أهلُها بنسائهم وأولادهم، فيمسحون أردانه، ويأخذون تراب نَعْلَيْه يستشْفُون به [1] .
وحدّثني القائد كامل قال: كان في الصُّحبة جمال الدّولة عفيف، ولمّا وصلنا إلى ساوة خرج بياضها وفُقهاؤها وشهودُها، وكلّهم أصحاب الشّيخ، فخدموه. وكان كلّ واحدٍ يسأله أن يحضر في بيته، ويتبرَّك بدخوله وأكْله لمّا يحضره.
قال: وخرج جميع مَن كان في البلد من أصحاب الصناعات، ومعهم من الذي يبيعونه طُرَفًا ينثرونه على مِحَفَّته. وخرج الخبازون، ونثروا الخبز، وهو ينهاهم ويدفعهم من حَوَاليه ولا ينتهون.
وخرج من بعدهم أصحاب الفاكهة والحلْواء وغيرهم، وفعلوا كفِعْلهم.
ولمّا بلغت النَّوْبة إلى الأساكفة خرجوا، وقد عملوا مداساتٍ لطافًا للصِّغار ونثروها، وجعلت تقع على رءوس النّاس، والشيخ أبو إسحاق يتعجَّب.
فلمّا انتهوا بَدَأ يُداعبنا ويقول: رأيتم النّثار ما أحسنه، أيّ شيء وصل إليكم منه؟ فنقول لعْلمِنا أنّ ذلك يعجبه: يا سيدي؟ وأنت أيّ شيء كان حظَّك منه؟ فيقول: أنا غطّيت نفسي بالمحفة [2] .
__________
[1] طبقات الشافعية للسبكي 3/ 91، مرآة الجنان 3/ 113.
[2] سير أعلام النبلاء 18/ 60، طبقات السبكي 3/ 91.

(32/159)


وخرج إليه من النِسْوة الصُّوفيات جماعة، وما منهن إلّا من بيدها سُبْحة، وألقوا الجميع إلى المحفة، وكان قصدهن أنْ يلمسها بيده، فتحصل لهنّ البَرَكَة، فجعل يُمِرَّها على بَدَنه وجسده، وتبرَّك بهنّ، ويقصد في حقّهنّ ما قَصَدْن في حقّه [1] .
وقال شيرُوَيْه الدَّيْلميّ في «تاريخ هَمَذان» : أبو إسحاق الشيرازيّ إمام عصره، قدِم علينا رسولًا من أمير المؤمنين إلى السّلطان ملك شاه. سمعتُ منه ببغداد، وهَمَذان، وكان ثقة، فقيهًا، زاهدا في الدّنيا. على الحقيق أوحد زمانه [2] .
قال خطيب المَوْصل: حدَّثني والدي قال: توجَّهْت من الموصل سنة تسع وخمسين وأربعمائة إلى بغداد، قاصدًا للشّيخ أبي إسحاق، فلمّا حضرتُ عنده بباب المراتب، بالمسجد الذي يدرّس فيه رحّب بي، وقال: من أين أنت؟
قلت: من المَوْصل. قال مرحبًا: أنت بلدييّ.
فقلت: يا سيّدنا، أنت من فَيْروزاباد، وأنا من المَوْصل! فقال: أما جَمَعتنا سفينةُ نوحٍ عليه السلام؟ [3] .
وشاهدتُ من حُسن أخلاقه ولطافته وزهده ما حبَّبَ إليَّ لزومه، فصحبتُه إلى أن تُوُفّي [4] .
قلت: وقد ذكره ابن عساكر في «طبقات الأشعرية» [5] .
ثمّ أورد ما صورته قال: وجدتُ بخطّ بعض الثقات: ما قول السّادة الفُقّهاء في قومٍ اجتمعوا على لعن الأشعريّة وتكفيرهم؟ وما الّذي يجب عليهم؟ أفْتُونا.
فأجاب جماعة، فمن ذلك: الأشعريّة أعيان السُّنّة انتصبوا للردّ على
__________
[1] طبقات الشافعية للسبكي 3/ 91.
[2] سير أعلام النبلاء 18/ 460، وفيه: «على التحقيق» .
[3] سير أعلام النبلاء 18/ 460، 461، طبقات الشافعية للسبكي 3/ 93.
[4] سير أعلام النبلاء 18/ 461.
[5] هو كتاب: «تبيين كذب المفتري» ص 276- 278.

(32/160)


المبتدعة من القدرية والرّافضة وغيرهم. فَمَن طعن فيهم فقد طعن على أهل السُّنّة، ويجب على النّاظر في مر المسلمين تأديبه بما يرتدع به كلّ أحدٍ. وكتبَ إبراهيم بن عليّ الفَيْروزاباديّ [1] .
وقال: خرجت إلى خُراسان، فما دخلت بلدةً ولا قريةً إلّا كان قاضيها، أو خطيبها، أو مُفْتيها، تلميذي، أو من أصحابي [2] .
ومن شعره:
أُحِبّ الكأس من غير المدام ... وألهو بالحسان [3] بلا حرام
وما حبي لفاحشة ولكنْ ... رأيتُ الحبّ أخلاق الكرامِ
[4] وله:
سألت النّاسَ عن خِلّ وفيٍّ ... فقالوا: ما إلى هذا سبيلُ
تمسكْ إنْ ظفِرت بودّ [5] حُرٍّ ... فإنّ الحُرَّ في الدّنيا قليلُ
[6] وله:
حكيم يرى [7] أنّ النّجومَ حقيقةٌ ... ويذهب في أحكامها كلّ مَذْهبِ
يُخبّر عن أفلاكها وبُرُوجِها ... وما عنده علم بما في المغيب
[8]
__________
[1] تبيين كذب المفتري 332.
[2] المختصر في أخبار البشر 2/ 195، سير أعلام النبلاء 18/ 463، طبقات الشافعية للسبكي 3/ 89، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 245، تاريخ ابن الوردي 1/ 381.
[3] في مرآة الجنان 3/ 110 «وأهوى للحسان» .
[4] البيتان في: سير أعلام النبلاء 18/ 462، ومرآة الجنان 3/ 110.
[5] في وفيات الأعيان، والبداية والنهاية: «بذيل» .
[6] البيتان في: تبيين كذب المفتري 278، والمنتظم 9/ 8، ووفيات الأعيان 1/ 29، والمختصر في أخبار البشر 2/ 194، ومرآة الجنان 3/ 110، والبداية والنهاية 12/ 125، وسير أعلام النبلاء 18/ 462، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 93، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 83، والوافي بالوفيات 6/ 66، والنجوم الزاهرة 5/ 118، والفتح المبين 1/ 256، وتاريخ ابن الوردي 1/ 381 وفيه: وهذا قريب من قول بعض الناس:
أكثر وطء الناس من شبهة ... أو من زنا والحل فيهم قليل
فابن حلال نادر نادر ... والنادر كالمستحيل
[7] في طبقات الشافعية للسبكي: «رأى» .
[8] طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 94.

(32/161)


ولسَلار العقبيّ.
كفاني إذا عنّ [1] الحوادث صارمُ ... يُنيلُني المأمول [2] في الإثْر والأَثَرْ
يُقدّ ويغري [3] في اللّقاء كأنّه ... لسان أبي إسحاق في مجلس النّظرْ
[4] ولعاصم بن الحَسَن فيه:
تراه من الذّكاء نحيفَ جسمٍ ... عليه من تَوَقُّده دليلُ
إذا كان الفتى ضخْمَ المَعَالي [5] ... فليس يَضيره [6] الجسمُ النحيل
[7] ولأبي القاسم عبد الله بن ناقِيا [8] يرثي أبا إسحاق، رحمه الله تعالى:
أجرى المدامع بالدّم المُهْراقِ ... خَطْبٌ أقام قيامةَ الآماقِ [9]
خَطْبٌ شَجَا منّا القلوبَ بلوعةٍ ... بين التَّراقِي ما لها من رَاق
ما للّيالي لا تألّف [10] شملّها ... بعد ابن بَجْدَتها أبي إسحاقِ
إنْ قيل: مات، فلم يَمُتْ من ذِكْرُهُ ... حيُّ على مرّ الليالي باقي
[11]
__________
[1] في: مرآة الجنان 3/ 117: «إذا عزّ» ومثله في المنتظم.
[2] تحرفت في المنتظم في الطبعتين إلى «المأكول» !
[3] في: مرآة الجنان: «تقد ويقرى» .
[4] مرآة الجنان 3/ 117، المنتظم 79 (16/ 229) ، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 89
[5] في سير أعلام النبلاء: «المعاني» .
[6] في وفيات الأعيان، والوافي بالوفيات: «يضره» ،
[7] البيتان في: وفيات الأعيان 1/ 31، وسير أعلام النبلاء 18/ 462، ومرآة الجنان 3/ 117 والوافي بالوفيات 6/ 64
[8] وقيل عبد الباقي بن محمد بن ناقيا الأديب الشاعر- توفي سنة 485 هـ. (وفيات الأعيان 2/ 284) .
[9] في مرآة الجنان 3/ 118: «الإباق» .
[10] في مرآة الجنان: «تؤلف» ، وكذا في وفيات الأعيان، وسير أعلام النبلاء.
[11] الأبيات في: وفيات الأعيان 1/ 30 ما عدا البيت الثاني، وكلها في: سير أعلام النبلاء 18/ 463، وهي في مرآة الجنان 3/ 118 ما عدا البيت الثاني، وفي الوافي بالوفيات 6/ 64 البيتان الأول والثالث.
ومن شعر أبي إسحاق الشيرازي.
لبست ثوب الرجا والناس قد رقدوا ... وقمت أشكو إلى مولاي ما أجد
وقلت: يا عدتي في كل نائبة ... ومن عليه لكشف الضرّ أعتمد
وقد مددت يدي والضرّ مشتمل ... إليك يا خير من مدّت إليه يد
فلا تردّنها يا ربّ خائبة ... فبحر جودك يروي كل من يرد

(32/162)


تُوُفّي ليلة الحادي والعشرين من جُمَادَى الآخرة، ودُفن من الغد، وأحضِر إلى دار المقتدي باللَّه أمير المؤمنين، فصلّى عليه، ودُفن بباب أبْرز. وجلس أصحابه للعزاء بالمدرسة النظاميّة. وكان الذي صلّى عليه صاحبه أبو عبد الله الطّبريّ.
ولمّا انقضى العزاء رتَّب مؤيَّد الدّولة ابن نظام الملك أبا سعد المتولّي مدرّسًا، فلمّا وصل الخبر إلى نظام المُلْك، كتب بإنكار ذلك، وقال: كان من الواجب أن تُغلق المدرسة سنةً من أجل الشّيخ. وعابَ على من تولّى مكانه، وأمر أنّ يدرس الشّيخ أبو نصر عبد السّيّد بن الصّبّاغ مكانه [1]
__________
[ () ] وقال ابن السمعاني: أنشدنا أبو المظفر شبيب بن الحسين القاضي، أنشدني أبو إسحاق- يعني الشيرازي- لنفسه:
جاء الربيع وحسن ورده ... ومضى الشتاء وقبح برده
فاشرب على وجه الحبيب ... ووجنتيه وحسن خدّه
قال ابن السمعاني: قال لي شبيب: ثم جاء بعد أن أنشدني هذين البيتين بمدة كنت جالسا عند الشيخ، فذكر بين يديه أن هذين البيتين أنشدا عند القاضي يمين الدولة حاكم صور، بلدة على ساحل بحر الروم، فقال لغلامه: أحضر ذاك الشأن- يعني الشراب- فقد أفتانا به الإمام أبو إسحاق. فبكى الإمام ودعا على نفسه، وقال: ليتني لم أقل هذين البيتين قط. ثم قال لي:
كيف تردّها من أفواه الناس؟ فقلت: يا سيدي هيهات! قد سارت به الركبان. (المستفاد من ذيل تاريخ بغداد، 44، 45، الوافي بالوفيات 6/ 65) وفيه «عين الدولة حاكم صور» وهو الصحيح. وهو ابن أبي عقيل.
وقال ابن الخاضبة: كان ابن أبي عقيل يبعث من صور إلى الشيخ أبي إسحاق البذلة والعمامة المثمنة، فكان لا يلبس العمامة حتى يغسلها في دجلة، ويقصد طهارتها.
وقيل إن أبا إسحاق نزع عمامته- وكانت بعشرين دينارا- وتوضأ في دجلة، فجاء لصّ، فأخذها، وترك عمامة، رديئة بدلها، فطلع الشيخ، فلبسها، وما شعر حتى سألوه وهو يدرس، فقال: لعلّ الّذي أخذها محتاج. (سير أعلام النبلاء 18/ 459) .
[1] المنتظم 9/ 8 (16/ 230، 231، وفيات الأعيان 1/ 31، طبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 131، البداية والنهاية 12/ 125، سير أعلام النبلاء 18/ 461.
وقال ابن الأثير: «أكثر الشعراء مراثيه. فمنهم: أبو الحسن الخباز، والبندنيجيّ، وغيرهما، وكان رحمة الله عليه، واحد عصره علما وزهدا وعبادة وسخاء، وصلي عليه في جامع القصر، وجلس أصحابه للعزاء في المدرسة النظامية ثلاثة أيام، ولم يتخلف أحد عن العزاء.
وكان مؤيد الملك بن نظام الملك ببغداد، فرتب في التدريس أبا سعد عبد الرحمن بن المأمون المتولي، فلما بلغ ذلك نظام الملك أنكره، وقال: كان يجب أن تغلق المدرسة بعد الشيخ أبي إسحاق سنة. وصلي عليه بباب الفردوس، وهذا لم يفعل على غيره. وصلى عليه الخليفة المقتدي بأمر، الله، وتقدّم في الصلاة عليه أبو الفتح ابن رئيس الرؤساء، وهو ينوب في الوزارة،

(32/163)


- حرف الطاء-
163- طاهر بن الحسين بن أحمد بن عبد الله [1] .
أبو الوفا القوّاس البغدادي، الفقيه الحنبليّ الزّاهد، من أهل باب البصرة.
ولد سنة تسعين وثلاثمائة [2] .
وسمع من: هلال الحفار، وأبي الحسين بن بِشْران، وأبي سهل محمود العُكْبريّ، وجماعة.
روى عنه: أبو محمد، وأبو القاسم ابنا السَّمَرْقَنديّ، وأبو البركات عبد الوهّاب الأنماطيّ، وعليّ بن طراد، وآخرون.
ذكره السّمعانيّ فقال: من أعيان فقهاء الحنابلة وزُهّادهم، أجَهَد نفسه في الطاعة والعبادة، واعتكف في بيت الله تعالى خمسين سنة. وكان يواصل ليله بنهاره. وكان قارئًا للقرآن، فقيها، ورعا، خشن العيش [3] . كانت له حلقة بجامع المنصور.
قال عبد الوهّاب الأنْماطيّ: سأله رجلٌ في حلقته عن مسألةٍ، فقال: لا أجيبك حتّى تقوم وتخلع سراويلك وتتكشف. وكان قد رآه كذلك في الحمام.
فقال: هذا لا يمكن، وأنا أستحيي.
فقال: يا فلان، فهؤلاء بعينهم هم الذين رأوك في الحمّام بلا مِئْزر، إيش الفرق بين هنا وبين الحمام؟ فخجل [4] .
__________
[ () ] ثم صلي عليه بجامع القصر، ودفن بباب أبرز» . (الكامل 10/ 132، 133) .
[1] انظر عن (طاهر بن الحسين) في: المنتظم 9/ 8، 9 رقم 6/ 16/ 231 رقم 3528) ، وطبقات الحنابلة 2/ 244 رقم 678، والعبر 3/ 284، وسير أعلام النبلاء 18/ 452 رقم 236، ومرآة الجنان 3/ 119، والبداية والنهاية 12/ 125، والوافي بالوفيات 16/ 394 رقم 421، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 38- 42 رقم 19، وشذرات الذهب 3/ 351، 452.
[2] طبقات الحنابلة 2/ 244، ذيل طبقات الحنابلة 1/ 38.
[3] ذيل طبقات الحنابلة 1/ 39.
[4] ذيل طبقات الحنابلة 1/ 40.

(32/164)


وذكر الشيخ فصلا في النهي عن كشف العورة [1] .
تُوُفّي يوم الجمعة سابع عشر شعبان
- حرف العين-
164- العباس بن أحمد بن محمد بن العبّاس بن بكران [2] .
أبو الفضل الهاشميّ البغداديّ.
روى عن: الحُسين بن الحسين الغضائريّ.
روى عنه: قاضي المَرِسْتان، وإسماعيل بن السَّمَرْقَنديّ.
تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة.
165- عَبْد اللَّه بن إبراهيم بن عبد الله [3] .
__________
[1] وقال ابن أبي يعلى: «تفقه على الوالد السعيد، وكانت له حلقة بجامع المنصور يفتي ويعظ.
وكان يقرأ القرآن ويدرس الفقه في مسجده بباب البصرة. وكان قرأ القرآن على أبي الحسن الحمامي وغيره ... وكان ثقة صالحا، أمارا بالمعروف، ملازما لمسجده، وأقام فيه خمسين سنة تقريبا» (طبقات الحنابلة 2/ 244) .
وقال ابن عقيل: كان حسن الفتوى، متوسطا في المناظرة في مسائل الخلاف، إماما في الإقراء، زاهدا شجاعا مقداما، ملازما لمسجده، يهابه المخالفون، حتى إنه لما توفي ابن الزوزني، وحضره أصحاب الشافعيّ- على طبقاتهم وجموعهم- في فورة أيام القشيري وقوّتهم بنظام الملك حضر، فلما بلغ الأمر إلى تلقين الحفار قال له: تنحّ حتى ألقنه أنا، فهذا كان على مذهبنا، ثم قال: يا عبد الله وابن أمته، إذا نزل عليك ملكان فظان غليظان، فلا تجزع ولا ترع، فإذا سألاك فقل: رضيت باللَّه ربّا، وبالإسلام دينا، لا أشعريّ ولا معتزليّ، بل حنبليّ سني. فلم يتجاسر أحد أن يتكلم بكلمة، ولو تكلم أحد لفضخ رأسه أهل باب البصرة، فإنّهم كانوا حوله قد لقن أولادهم القرآن والفقه، وكان في شوكة ومنعة، غير معتمد عليهم، لأنه أمة في نفسه. (ذيل طبقات الحنابلة 1/ 40) .
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] انظر عن (عبد الله بن إبراهيم) في: الإكمال لابن ماكولا 3/ 51، بالحاشية، والأنساب 5/ 39، والمنتظم 9/ 99، 100 رقم 140 (17/ 34 رقم 3661) ، ومعجم الأدباء 12/ 46، 47، رقم 19، ومعجم البلدان 2/ 344، واللباب 1/ 343، والإستدراك لابن نقطة (مخطوط) 1/ ورقة 154 ب- 155 أ، وإنباه الرواة 2/ 98، رقم 313، والإعلام بوفيات الأعلام 196، وسير أعلام النبلاء 18/ 558، 559، رقم 287، والمشتبه في الرجال 1/ 184، وتلخيص ابن مكتوم 88، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 203، 204، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 471، 472، والبداية والنهاية 12/ 153، والوافي بالوفيات 17/ 5 رقم 1، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 253، 254 رقم 210، وتبصير المنتبه 1/ 362، والنجوم

(32/165)


أبو حكيم الخبريّ [1] الفقيه الفرضيّ.
تفقه على: أبي إسحاق الشّيرازيّ.
وبرع في الفرائض، والحساب، والعربيّة، واللّغة.
وسمع من: الحسين بن حبيب القادِسيّ، والحسين بن عليّ الجوهريّ.
وصنف الفرائض، وشرح كتاب «الحماسة» ، و «ديوان البحتريّ» ، و «ديوان المتنبي» ، و «ديوان الشريف الرَّضيّ» . وكان متدينًا صدوقًا.
روى عنه: ابن بنته أبو الفضل محمد بن ناصر، وأبو العزّ بن كادش.
قال السِّلَفيّ: سألت الذُّهْليّ، عن أبي حكيم فقال: كان يسمع معَنا من الجوهريّ ومن بعده. وكان قيِّمًا بعِلم الفرائض، وله فيها مصنَّف، وله معرفة بالآداب صالحة.
قال ابن ناصر: كان جدّي أبو حكيم يكتب المصاحف، فبينما هو يومًا [2] قاعدًا مستندًا يكتب، وَضَع القلم واستند، وقال: والله إنّ هذا موت مُهنّأ، موتُ طيّب. ثمّ مات [3] .
ورّخ أبو طاهر الكرجيّ موته في ذي الحِجّة [4] .
166- عبد الله بن عطاء بن عبد الله بن أبي منصور بن الحسن بن إبراهيم [5] .
__________
[ () ] الزاهرة 5/ 159، وبغية الوعاة 2/ 29 رقم 1352، وطبقات الشافعية لابن هداية الله 172، 173، وكشف الظنون 692، 779، وشذرات الذهب 3/ 353، وروضات الجنات 449، وهدية العارفين 1/ 452، والأعلام 4/ 187، ومعجم المؤلفين 6/ 17، 18.
[1] الخبريّ: بفتح الخاء المعجمة وسكون الباء المنقوطة بنقطة واحدة في آخرها الراء المهملة، هذه النسبة إلى خبر، وهي قرية بنواحي شيراز من فارس. (الأنساب 5/ 39) .
[2] في الأصل: «يوم» .
[3] المنتظم 9/ 99، 100 (17/ 34) ، معجم الأدباء 12/ 47، سير أعلام النبلاء 18/ 559، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 204، طبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 472، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 254، بغية الوعاة 2/ 29.
[4] اختلف في تاريخ وفاته، فقد قال ابن نقطة في (الإستدراك) إنه توفي سنة 496 هـ. ووردت وفاته في (المنتظم) و (البداية والنهاية) و (النجوم الزاهرة) سنة 489 هـ. ولم يؤرّخ القفطي لوفاته.
[5] انظر عن (عبد الله بن عطاء) في: الموضوعات لابن الجوزي 2/ 150، والضعفاء والمتروكين،

(32/166)


أبو محمد الإبراهيميّ الهَرَويّ.
أحد من عني بهذا الشأن.
وسمع: أبا عَمْر عبد الواحد المليحيّ، وجمال الإسلام أبا الحسن الداوديّ، وأبا إسماعيل شيخ الإسلام.
ورحل فسمع ببغداد من: أبي الحَسَن بن النَّقُّور، وعبد العزيز بن السُّكَّريّ، وهذه الطبقة.
وسمع بإصبهان، ونَيْسابور.
روى عنه: زاهر الشّحّاميّ، وأبو بكر سِبْط الخياط، وأبو بكر بن الزّاغونيّ [1] وأبو المعالي النّحّاس، وغيرهم.
قال يحيى بن مَنْدَهْ: كان أحد من يفهم الحديث ويحفظ، صحيح النَّقْل، حسن الفهم، سريع الكتابة، حسن التذكير [2] .
وقال هبة الله السَّقَطيّ [3] : كان يصحف في الأسماء والمُتُون، ويُصرّ على غَلَطه، وكان متهافتًا، تظهر على لسانه الأباطيل، ويركِّبُ الأسانيد، فمن ذلك ما ثنا قال: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَبْدِيُّ، نَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدِّينَوَرِيُّ، ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَنْبَةَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ زِيَادٍ الأصْبَهَانِيُّ، نَا الْحَسَنُ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ وَكِيعٍ، ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن هشام بن عروة،
__________
[ () ] له 2/ 132 رقم 3072، والمنتظم 9/ 9 رقم 7 (16/ 231، 232 رقم 3529) ، والمنتخب من السياق 290 رقم 958، وسؤالات الحافظ السلفي لخميس الحوزي 118، 119 رقم 114، والتقييد 324 رقم 387، والعبر 3/ 284، وميزان الاعتدال 2/ 462 رقم 4453، والمغني في الضعفاء 1/ 347 رقم 3267، ومرآة الجنان 3/ 119 وفيه: «عبد الله بن العطار» ، 1304، وشذرات الذهب 3/ 352، 353، والمنهج الأحمد، الورقة 200 (للعليمي) .
[1] هكذا في الأصل. وفي (ذيل طبقات الحنابلة) : «الزعفرانيّ» .
[2] ذيل طبقات الحنابلة/ 45.
[3] قال الذهبي: لكن السقطي تالف. وترجمه في (الميزان 4/ 292 رقم 9204) وقال إن ابن السمعاني قال: ادّعى السماع من شيوخ لم يرهم. وقال ابن ناصر: ليس بثقة ظهر كذبه سنة 476.
وقال سبط ابن العجمي: وكان الذهبي يشير بقوله: «وكذبه هبة الله السقطي» ، إلى أنّ كلامه ليس بقادح فيه، لأنه ليس بعدل في نفسه. (الكشف الحثيث 238) .

(32/167)


عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ: «أَدُّوا الزَّكَاةَ وَتَحَرَّوْا بِهَا أَهْلَ الْعِلْمِ، فَإِنَّهُ أَبَرُّ وَأَتْقَى» [1] .
قال السّمعانيّ: محمد بن موسى، وشيخه، مجهولان، وهو موضوع لا شكّ فيه [2] .
تُوُفّي الإبراهيميّ راجعًا من الحجّ بقرب العراق سامحه الله.
وروى عنه وجيه الشّحاميّ.
__________
[1] الموضوعات لابن الجوزي 2/ 150، ذكره في باب: تحري العلماء بالزكاة وقال عقبه: وقد ذكره عبد الله بن المبارك السقطي، فاتهم به عبد الله بن عطاء وقال: كان يركّب الأسانيد على متون. وربّما كانت موضوعة فيها هذا الحديث. ثم تعقب السقطي، ورجال الإسناد كلّهم مجاهيل لجماعة فيه معروفين، ثم قال: والمتن موضوع بلا شك.
[2] قال الحافظ ابن حجر: «الحسن بن محمود مجهول لا يعرف، أتى بخبر موضوع، عن سفيان بن وكيع، عن أبيه، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، مرفوعا: «أدّوا الزكاة وتحرّوا بها أهل العلم فإنّهم أبر وأتقى» . رواه الحافظ أبو محمد عبد الله بن عطاء الإبراهيمي، ثنا عبد الرحمن بن محمد العبديّ، ثنا الحسين بن محمد بن عنبة بالنون والباء الموحدة، ثنا عبد الله بن محمد بن شنبة، ثنا أبو جعفر محمد بن موسى بن زياد الأصبهاني، ثنا الحسن بن محمود بهذا، قال هبة الله السقطي: كان الإبراهيمي يركب الأسانيد على متون، وربّما كانت موضوعة، وساق له هذا الحديث، ثم قال: وهذا الحديث منكر المتن والإسناد، فإنه لا يعرف ابن عنبة، ولا ابن شنبة. ورجال الإسناد كلهم مجاهيل، والإسناد مركب إلى سفيان بن وكيع. وأما المتن فلا يعرف، وإنما وضعه الإبراهيمي مستطعما للعوام. قال أبو سعد ابن السمعاني: أما قوله إن رجال الإسناد كلهم مجاهيل، فليس كذلك، بل أكثرهم معروفون، فإن شيخ الإبراهيمي هو أبو القاسم بن مندة، وشيخه هو الحسين بن عبد الله بن فنجويه حافظ كبير مصنف، ولعل عنبة في نسبة، وابن شنبة شيخ لابن فنجويه، أكثر عنه في تصانيفه، وأما محمد بن موسى، والحسن بن محمود فمجهولان، والمتن باطل. (لسان الميزان 2/ 255، 256 رقم 1062) .
وقال ابن رجب في ابن عطاء الإبراهيمي: أحد الحفّاظ المشهورين الرّحالين.. كتب بخطّه الكثير، وخرّج التخاريج للشيوخ، وحدّث. ووثّقه طائفة من حفاظ وقته في الحديث، منهم:
المؤتمن الساجي.
وقال شهردار (شيرويه) الديلميّ عنه: كان صدوقا حافظا، متقنا، واعظا، حسن التذكير. وقد تكلّم فيه هبة الله السقطي، والسقطي مجروح لا يقبل قوله فيه مقابلة هؤلاء الحفّاظ. وقد رد كلامه فيه ابن السمعاني، وابن الجوزي، وغيرهما.
وخرّج الإبراهيمي شيوخ الإمام أحمد وتراجمهم. (ذيل طبقات الحنابلة 1/ 44، 45) .
وقال المؤتمن الساجي: كان ثقة، وما رأيت أهل بلده راضين عنه. (لسان الميزان 3/ 316) .

(32/168)


وقال خميس الحَوْزيّ: [1] رأيته ببغداد ملتحقًا [2] بأصحابنا، متخصّصًا بالحنابلة، يُخرِّج لهم أحاديث الصِّفات، وأضْدادُه يقولون: هو يضعها، وما علِمتُ ذلك فيه [3] .
167- عبد الله بن علي بن بحر [4] .
أبو بكر.
توفي ببوسنج في رجب.
168- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عبد الرحمن بن عيسى بن زياد [5] .
أبو عيسى الأصبهاني التّانيّ [6] ، الأديب.
كان يشبه الصّدر الأوّل.
عنده «جزء لُوَيْن» ، و «غريب القرآن» للقُتبيّ.
مات في شعبان سنة ستٍّ.
وُجِد سماعُه في آخر عُمره.
روى عنه: مسعود الثقفيّ، وغيره.
169- عَبْد الرَّحْمَن بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عاصم [7] .
أبو عطاء الهَرَويّ الجوهريّ.
روى عن: محمد بن محمد بن جعفر المالينيّ، وأبي منصور محمد بن محمد الأزْديّ، وأبي حاتم بن أبي حاتم محمد بن يعقوب، وجماعة.
روى عنه: أبو الوقت السِّجْزيّ، ووجيه، وعبد الجليل بن أبي سعد الهرويّ.
توفي في شعبان.
__________
[1] في سؤالات السلفي له 118.
[2] في السؤالات: «ملتحفا» بالفاء.
[3] زاد السلفي: «وكان يعرف» . (السؤالات 119) .
[4] لم أقف على مصدر ترجمته.
[5] لم أجد مصدر ترجمته.
[6] تقدم التعريف بهذه النسبة في ترجمته (محمد بن عَمْر بن محمد بن تانَة) برقم (152) .
[7] انظر عن (عبد الرحمن بن محمد) في: سير أعلام النبلاء 18/ 494، 495 رقم 257.

(32/169)


قال السّمعانيّ: كان شيخًا ثقه، صدوقًا. تفرد عن أبي مُعاذ الشّاة، والمالينيّ.
سمع منه جماعة كثيرة.
وُلِد سنة سبعٍ أو ثمانٍ وثمانين وثلاثمائة. حَدَّثَنَا عنه أحمد بن أبي سهل الصوفي، وعبد الواسع بن أميرك.
170- عبد السّميع بن عبد الودود بن عبد المتكبّر بن هارون بن عُبَيْد الله بن المهتدي باللَّه [1] .
أبو أحمد الهاشميّ، أخو الحَسَن.
سمع: أبا الحسين بن بِشْران.
سمع منه: الحُمَيْدِيّ، وشُجاع الذُّهْليّ.
قال إسماعيل بن السَّمَرْقَنديّ: سألته عن مولده فقال: سنة أربع وأربعمائة.
مات في جُمَادَى الأولى سنة 76.
171- عبد الوهّاب بن أحمد بن جبلة [2] .
الفقيه أبو الفتح الخزاز [3] البغداديّ ثمّ الحرانيّ، الحنبليّ.
مفتي حَران عالمها.
تفقه على القاضي أبي يَعْلَى ولازمه، وكتبَ عنه تصانيفه.
وسمع من: أبي بكر البَرْقانيّ، وأبي عليّ بن شاذان، وأبي عليّ الحَسَن بن شهاب العُكْبريّ.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (عبد الوهاب بن أحمد) في: طبقات الحنابلة 2/ 245 رقم 679، والإستدراك لابن نقطة (مخطوط) ج 1/ الورقة 88 ب، والكامل في التاريخ 10/ 129، 130، وفيه: «ابن حلبة» ، والعبر 3/ 283، 284، والمشتبه في الرجال 1/ 167، وسير أعلام النبلاء 18/ 560، 561، رقم 289، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 42- 44 رقم 20، وتبصير المنتبه 1/ 258 و 333 وقد تصحّفت هنا «جلبة» إلى: «حلية» بالحاء المهملة والياء المثناة، و 1/ 343، وشذرات الذهب 3/ 352.
[3] في ذيل طبقات الحنابلة 1/ 42 «الجزار» وهو تصحيف.

(32/170)


سمع منه: هبة الله الشّيرازيّ، ومكّيّ الرُّمَيْليّ [1] ، والرّحّالة بحران.
وقُتِل شهيدًا مظلومًا.
قال أبو الحَسَن بن أبي يَعْلَى [2] : ولي أبو الفتح بن تجلبة قضاء حرّان من قبل الوالد، وكتب له سجِلًا، وكان ناشرًا للمذهب، داعيا له في تلك الدّيار.
وكان مفتيها وواعظها وخطيبها وقاضيها.
قُتِل رحمه الله على يد ابن قُريش العُقَيْليّ في سنة ستٍّ وسبعين [3] ، عند اضطّراب أهل حرّان على ابن قُريش، لما أظهر سبَّ السلف رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم [4] .
قلتُ: جاء في حديث ماكِسِين [5] من «أربعين السِّلَفيّ» . وقال السِّلَفيّ: أنا أحمد بن محمد بن حامد الحرّانيّ قاضي ماكسين، أنبا عبد الوهّاب، فذكر حديثًا [6] .
172- عتيق [7] .
أبو بكر المغربيّ الواعظ المعروف بالبكْريّ [8] .
كان من غُلاة الأشاعرة ودُعاتهم. هاجر إلى باب نظام المُلْك، فنفق عليه،
__________
[1] وقع في (شذرات الذهب 3/ 352) : «الدميلي» بالدال، وهو خطأ.
[2] في طبقات الحنابلة 2/ 245.
[3] وقع في (تبصير المنتبه 1/ 334) أنه قتل سنة 496 وهذا خطأ.
[4] انظر: الكامل في التاريخ 10/ 129، 130، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 43.
[5] ماكسين: بكسر الكاف. بلد بالخابور قريب من رحبة مالك بن طوق من ديار ربيعة. (معجم البلدان) .
[6] قال عبد الوهاب بن أحمد بن جلبة: حدّثنا أبو الحسين محمد بن عبد الله الدقاق، حدّثنا الحسين بن صفوان البرذعي، حدثنا عبد الله بن محمد بن عبيد القرشي، حدّثنا محمد بن بشير، حدّثنا عبد الرحمن بن جرير، حدّثنا أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وسلّم:
«من اتقى الله تعالى كل لسانه ولم يشف غيظه» . (ذيل طبقات الحنابلة 1/ 43) .
[7] انظر عن (عتيق) في: المنتظم 9/ 3، 4 (في حوادث سنة 475 هـ.) (16/ 224، 225) ، والكامل في التاريخ 10/ 124، 125، والعبر 3/ 284، 285، وسير أعلام النبلاء 18/ 561، 562 رقم 290، ومرآة الجنان 3/ 119، 120، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار 2/ 185- 187 رقم 407، وشذرات الذهب 3/ 353.
[8] قال ابن النجار: «عتيق بن عبد الله البكري، أبو بكر الواعظ، من ولد محمد بن أبي بكر الصّديق رضي الله عنه، من أهل المغرب، كان مليح الوعظ، فاضلا، عارفا بالكلام على مذهب أبي الحسن الأشعري» . (ذيل تاريخ بغداد 2/ 185) .

(32/171)


وكتبَ له كتابًا بأنْ يجلس بجوامع بغداد. فقدم وجلس للوعظ، وذكر ما يُلْطخ به الحنابلة من التّجسيم، وهاجت الفِتَن ببغداد، وكفَّر بعضهم بعضًا. ولمّا همَّ بالجلوس بجامع المنصور، قال نقيب النُّقَباء: اصبروا لي حتّى أنقل أهلي من هذه الناحية، لأني أعلم أنّه لا بدّ مِن قتْلٍ ونهبٍ يكون.
ثمّ إنّ أبواب الجامع أُغْلِقت سوى باب واحد، فصعِد البكريّ على المِنبر، والأتراك بالقسِيّ والنشّاب حوله، كأنّه حرْب.
فنعوذ باللَّه من الفتن، ما ظهر منها وما بطن.
ولقبوه بعَلم السُّنّة وأعطوه ذَهَبًا وثيابًا، فتعرَّض لأصحابه قومٌ من الحنابلة، فكُبست دُورُ بني القاضي أبي يَعْلَى، وأُخِذَت كُتُبُهم، ووُجد فيها كتاب «الصفات» . فكان يقرأ بين يدي البكْريّ وهو على منبر الواعظ، وهو يُشنّع عليهم.
وكان عميد بغداد أبو الفتح بن أبي اللَّيْث، فخرج البكْريّ إلى المُعَسْكر شاكيا منه، فلمّا عاد مرض ومات.
ولمّا تكلم بجامع المنصور رَفَع من الإمام أحمد وقال: وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا 2: 102 [1] فجاءته حصاة، وأخرى، فأحسن بذلك النّقيب، فكشف عن الأمر، فكانوا ناسًا من الهاشميّين من أصحاب أحمد اختفوا في السُّقُوف، فأخذهم فعاقبهم.
مات في جُمَادَى الأولى [2] . ذكره ابن النّجّار [3] .
173- عليّ بن أحمد بن عبد الله [4] .
الأستاذ أبو الحَسَن الطّبريّ.
تُوُفّي في شهر ربيع الآخر.
174- عليّ بْن الْحُسَيْن بْن الْحَسَن بْن عَلِيِّ بْن الحسن بن عليّ بن
__________
[1] سورة البقرة، الآية 102.
[2] انظر: المنتظم 9/ 3، 4 (16/ 224، 225) ، والكامل في التاريخ 10/ 124، 125.
[3] في ذيل تاريخ بغداد 2/ 185، 186.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.

(32/172)


مُحَمَّد بْن الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالب [1] .
الحسنيّ أبو طالب الهَمَذانيّ.
قال شيرويه: وحيد زمانه في الفضل والخُلُق، وطراز البلد.
روى عن: جدّه لأمّه أبي طاهر الحسين بن عليّ بن سَلَمة، وأبي منصور القُومسانيّ، وعبد الله بن حسّان، ورافع بن محمد القاضي، وأبي بكر عبد الله بن أحمد بن بَيْهَس.
ورحل فسمع بَنْيسابور من: أبي سعْد الفضل بن عبد الرحمن بن حمدان النّضروبي [2] ، وأبي حفص بْن مسرور، وأبي الحُسَيْن عَبْد الغافر الفارسيّ.
وسمع بإصبهان من أبي ريذة [3] ، وعبد الكريم بن عبد الواحد الحَسْنَابَاذيّ [4] ، وأحمد بن محمد بن النُّعْمان، وعامة أصحاب ابن المقرئ.
وسمع بالدّينَور من: أبي نصر أحمد بن الحسين بن بوّان الكسّار، وعامّة مشايخ زمانه.
سمعتُ منه واستمليتُ عليه. وكان صدوقًا، حسن الخُلُق، خفيف الرُّوح، كريم الطبْع، ملجأ أصحاب الحديث، أديبًا، فاضلًا، من أدباء وقته.
وُلِد سنة إحدى وأربعمائة. وتُوُفّي في جُمَادَى الأولى، ودُفن في داره.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] النّضروبي: بفتح النون وسكون الضاد المعجمة وضم الراء وفي آخرها الياء المنقوطة باثنتين من تحتها. هذه النسبة إلى نضرويه، وهو اسم بعض أجداد المنتسب إليه، (الأنساب 12/ 105) .
[3] في الأصل بدال مهملة. وهو بكسر الراء وسكون الياء المنقوطة من تحتها باثنتين، وذال معجمة.
[4] في الأصل: «الحسيناباذي» وهو غلط، والصحيح ما أثبتناه.
«الحسناباذي: بفتح الحاء المهملة وسكون السين، وبعدهما النون المفتوحة والباء المنقوطة بواحدة بين الألفين، وفي آخرها الذال المعجمة. هذه النسبة إلى حسناباذ وهي قرية من قرى أصبهان. (الأنساب 4/ 138) وكذا قال في (اللباب) .
أما ياقوت فقال بفتحتين ونون. (معجم البلدان 2/ 259) .

(32/173)


175- عليّ بْن عَبْد اللَّه بْن سعيد [1] .
أبو الحَسَن النَّيْسابوريّ.
التّاجر الحنفيّ الفقيه.
شيخ ثقة.
سمع الكثير من أصحاب الأصمّ.
وتُوُفّي في عاشر رجب، وله خمس وثمانون سنة [2] .
176- عَمْر بن عَمْر بن يونس بن كُرَيِب [3] .
أبو حفص الأصبحيّ السرقسطيّ. نزيل طُلَيْطُلة.
روى عن: عليّ بن موسى بن حزب الله، ويحيى بن محارب، وأبي عَمْرو الدّانيّ، وخَلَف بن هشام العَبْدريِ القاضي.
وكان فاضلًا ثقة.
عمَّر وأسنّ. قاله ابن بَشْكُوال.
177- عَمْر بْن واجب بْن عُمَر بْن واجب [4] .
أَبُو حفص البَلَنْسيّ.
روى عن: أبي عَمْر الطَّلَمنْكيّ.
وسمع من أبي عبد الله بن الحذّاء «صحيح مسلم» .
وكان صاحب أحكام بَلنْسِيَة.
روى عنه: حفيده أبو الحَسَن محمد بن واجب بن عمر، وأبو عليّ بن سكرة
__________
[1] انظر عن (علي بن عبد الله) في: المنتخب من السياق 384، 385 رقم 1296، والجواهر المضيّة 2/ 575 رقم 979، والطبقات السنية، رقم 1561.
[2] وكان مولده سنة 391 هـ. (المنتخب) .
[3] انظر عن (عمر بن عمر) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 402، 403 رقم 866.
[4] انظر عن (عمر بن واجب) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 403 رقم 867 وفيه: «عمر بن محمد بن واجب» .

(32/174)


- حرف الفاء-
178- فَرَج [1] .
مولى سيّد بن أحمد الغافقيّ الكُتُبيّ.
أبو سعيد الطُّلَيْطُليّ.
حجّ وسمع: أبا ذر الهَرَويّ.
وكان صالحًا ثقة.
روى عنه: عبد الرحمن بن عبد الله المعدل، وغيرُه
- حرف الميم-
179- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَمْر بن شَبُوَيْه [2] .
أبو نصر الأصبهاني التاجر.
سمع بَنْيسابور من: أَبِي بَكْر الحِيريّ، وأبي سَعِيد الصَّيْرَفيّ.
روى عنه: الرُّسْتُميّ، ومسعود الثقفيّ.
تُوُفّي فِي المحرَّم.
180- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن إسماعيل [3] .
أبو طاهر بن أبي الصَّقْر [4] اللّخْميّ الأنباريّ، الخطيب.
له مشيخة في جزءين، سمعناها.
وله رحلة إلى الشّام، والحجاز، ومصر.
وسمع: عبد الرحمن بن أبي نصر التّميميّ، وأبا نصر بن الحِبّان، وأبا عبد الله بن نظيف، ومحمد بن الحُسَين الصَّنْعانيّ، وإسماعيل بن عَمْرو الحدّاد المصريّ، وعبد الوهّاب المُرّيّ، وأبا العلاء بن سُليمان المَعَري، وأبا محمد
__________
[1] انظر عن (فرج) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 462 رقم 988.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] انظر عن (محمد بن أحمد اللخمي) في: المنتظم 9/ 9 رقم 8 (16/ 232 رقم 3530) ، والإعلام بوفيات الأعلام 196، وسير أعلام النبلاء 18/ 578، 579 رقم 299، والمعين في طبقات المحدّثين 137 رقم 1509، والعبر 3/ 285، والوافي بالوفيات 2/ 86، والبداية والنهاية 12/ 125، والنجوم الزاهرة 5/ 118، وشذرات الذهب 3/ 354.
[4] في المنتظم (بطبعتيه) : «ابن أبي السقر» .

(32/175)


الجوهريّ، وصلة بن المؤمل المصريّ.
وكان دخوله إلى مصر سنة ثلاثٍ وعشرين.
وأكبر شيوخه ابن أبي نصر.
روى عنه: أبو بكر الخطيب، وعبد الله بن عبد الرزّاق بن الفُضَيل، وإسماعيل بن أحمد السَّمَرْقَنديّ، وأبو الفتح محمد بن أحمد الأبياريّ الخلّال، وعبد الوهاب الأنماطيّ، والحافظ ابن ناصر، وموهوب بن أحمد بن الْجَوَالِيقيّ.
وآخر من روى عنه أبو بكر بن الزَّعْفرانيّ.
ولد سنة ست وتسعين وثلاثمائة.
قال السّمعانيّ: سمعتُ خليفة بن محفوظ بالأنبار يقول: كان ابن أبي الصَّقْر صوامًا قوامًا [1] . سأله بعض النّاس: كم مسموعات الشّيخ؟
قال: وقر جمل [2] ، سوى ما شذّ عنّي.
قال خليفة: وكان قد أصيب ببعضها.
وقال السّمعانيّ: سمعتُ خطيب الأنبار أبا الفتح بن الخلّال يقول: خرج شيخنا ابن أبي الصَّقْر إلى الرحلة قبل سنة ثمان عشر وأربعمائة.
وله شِعر، فمنه:
حبيبٌ خُصَّ بالكَرَم ... إمام الحُسَن في الأُممِ
بوجه نور جوهره ... يريك البدرَ في الظُّلَمِ.
مُهَذَّبةٌ خلائقُهُ ... شُمًّا بالأصل والشِّيمِ
حلفتُ على الوِدادِ لهُ ... بربّ البيتِ والحَرمِ
لأنتَ أعزّ مِن بَصَري ... عليَّ وكلّ ذِي رحِمِ [3]
فقال: لك الوفاء بِذا ... ولو لم تأت بالقسم
[4]
__________
[1] المنتظم.
[2] سير أعلام النبلاء 18/ 579.
[3] في الأصل: «داحم» .
[4] وأنشد لابن الرومي البيتين:
يا دهر صافيت اللئام مواليا ... أبدا وعاديت الأكارم عامدا

(32/176)


توفي في رحمه الله بالأنبار فِي جُمَادَى الآخرة.
181- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الحَسَن بن جَرْدة [1] .
أبو عبد الله العُكْبريّ التّاجر.
كان رأس ماله نحو مائتي درهم يتَّجر بها من عُكْبرا إلى بغداد، فاتسعت عليه الدنيا، إلى أن ملك ثلاثمائة ألف دينار. وصاهَرَ أبا منصور بن يوسف على بنته، وبنى [2] دارًا عظيمة في غاية الكِبَر والحُسن [3] ، واتخذ لها بابين، وعلى كلّ باب مسجدًا [4] .
ولمّا دخل البساسيريُّ بغداد بذل لقُرَيش بن بدران عشرة آلاف دينار حتّى حمى داره، واختفت عنده زوجة السّلطان طُغرُلْبَك فلمّا قدِم طُغْرُلْبَك بغداد جاء إلى داره متشكرًا.
وله بِر معروف، وأوقاف، وآثار جميلة.
روى شعرًا عن الوزير أبي القاسم المغربيّ.
وروى عنه: أبو العزّ بن كادش، وغيره.
ومات في عاشر ذي القعدة عن إحدى وثمانين سنة. وكان سِبْط الخيّاط إمام مسجده الكبير [5] .
182- محمد بن أحمد بن علّان [6] .
أبو الفرج الكرجيّ [7] ، ثمّ الكوفيّ.
__________
[ () ]
فغدرت كالميزان ترفع ناقصا ... أبدا وتخفض لا محالة زائدا
(النجوم الزاهرة 5/ 118) .
[1] انظر عن (محمد بن أحمد العكبريّ) في: المنتظم 9/ 9، 10 رقم 9 (16/ 232، 233 رقم 3531) ، والبداية والنهاية 12/ 125، 126 وفيه: «جرادة» .
[2] في الأصل: «وبنا» .
[3] قيل: وكانت تشتمل على ثلاثين دارا وعلى بستان وحمام. (المنتظم) .
[4] قيل: إذا أذن في أحدهما لم يسمع الآخر. (المنتظم) .
[5] وكان لا يخرج عن حال التجار في ملبسه ومأكله. وهو الّذي بني المسجد المعروف به بنهر معلى، وقد ختم فيه القرآن ألوف. (المنتظم) .
[6] انظر عن (محمد بن أحمد بن علان) في: الأنساب 12/ 324 (مادة الهرواني) وفيه:
«محمد بن محمد بن علّان الخازن» .
[7] تقدّم التعريف بهذه النسبة.

(32/177)


ثقة، مُسْند، مشهور.
روى عن: أبي الحَسَن بن النّجّار، وأبي عبد الله الهروانيّ [1] .
كتب عنه: أبو الغنائم النرسي [2] ، وغيره.
وآخر من بقي من أصحابه أبو الحسن بن غبرة [3] الذي أجاز لكريمة.
قال النرسي: كان ثقة، من عدول الحاكم.
توفي في شعبان.
183- محمد بن الحسن بن محمد بن القاسم [4] بن المنثور [5] .
أبو الحسن الجهني الكوفي.
من الرؤساء لكنه سيّئ المعتقد، شيعي.
وهو آخر من حدَّث عن محمد بن عبد الله الْجُعْفيّ الهَرَوانيّ.
تُوُفّي في شعبان.
روى عنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنديّ، وعَمْر بن إبراهيم الحُسَيْنيّ، ومحمد بن طُرْخان.
وعاش اثنتين وثمانين سنة.
184- محمد بن الحسين [6] .
أبو بكر البغداديّ البنّاء. ويعرف بأخي فُبَيْدة، بالضّمّ وبموحّدة.
سمع: البَرْقانيّ، وأبي عليّ بن شاذان.
__________
[1] هو مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن الْجُعْفيّ القاضي الكوفي المعروف بابن الهرواني. توفي سنة 402 هـ.
و «الهروانيّ» : بفتح الهاء والراء والواو وفي آخرها النون. (الأنساب 12/ 324) .
[2] هو: محمد بن علي بن ميمون النرسي الكوفي- توفي سنة 507 هـ.
و «النّرسي» : بفتح النون وسكون الراء، وكسر السين المهملة، هذه النسبة إلى النّرس، وهو نهر من أنهار الكوفة، عليه عدّة من القرى. (الأنساب 12/ 69) .
[3] غبرة: بالتحريك والغين والمعجمة والباء الموحدة بنقطة من تحتها. وهو: محمد بن محمد بن غبرة الحارثي الكوفي. (المشتبه في الرجال 2/ 482) .
[4] انظر عن (محمد بن الحسن) في: لسان الميزان 6/ 136 رقم 454.
[5] في الأصل: «المنثور» ، والتصحيح من لسان الميزان.
[6] انظر عن (محمد بن الحسين) في: المشتبه في الرجال 2/ 536.

(32/178)


وعنه: إسماعيل، وعبد الله ابنا السَّمَرْقَنديّ.
وكان مقرئًا خيرًا، مات في شهر رجب.
ذكره ابن نقطة.
185- محمد بن شُرَيْح بن أحمد بن محمد بن شُرَيْح [1] .
أبو عبد الله الرُّعَيْنيّ الإشبيليّ المقرئ، مصنِّف كتاب «الكافي» ، وكتاب «التّذكير» [2] وخطيب إشبيلية.
كان من جِلَّة المقربين في زمانه بالأندلس.
رحل وحجّ، وسمع من أبي ذر الهَرَويّ، وأجاز له مكّيّ القَيْسيّ.
وسمع بمصر من: أبي العبّاس بن نفيس، وأبي القاسم الكحّال، وبإشبيلية من: عثمان بن أحمد القيشطاليّ [3] .
وقرأ بالروايات بمكّة على القنطريّ، وبمصر على ابن نفيس [4] .
روى عنه: ابنه الخطيب أبو الحَسَن شُرَيْح، وقال: تُوُفّي عصر يوم الجمعة الرابع من شوّال، وله 84 عامًا إلّا 55 يومًا [5] .
186- محمد بن طلحة بن محمد [6] .
__________
[1] انظر عن (محمد بن شريح) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 553 رقم 1212، وفهرست ابن خير الإشبيلي 32، 35، 38، 39، 42، 426، وبغية الملتمس 81، والإعلام بوفيات الأعلام 196، ومعرفة القراء الكبار 1/ 434، 435 رقم 370، وسير أعلام النبلاء 18/ 554، 555 رقم 284، والعبر 3/ 285، ومرآة الجنان 3/ 120، والوفيات لابن قنفذ 256، 257، وغاية النهاية 2/ 153، وكشف الظنون 1379، وشذرات الذهب 3/ 354، وإيضاح المكنون 1/ 221، وهدية العارفين 2/ 74، ومعجم المؤلفين 10/ 66.
[2] في الصلة: «التذكرة» .
[3] هكذا في الأصل، وفي الصلة 2/ 404 «القيشطيالي» ، وفي غاية النهاية «القسطالي» ، وفي سير أعلام النبلاء 18/ 554 «القيجطالي» ، والمثبت هو الصحيح.
[4] وكان رأسا في القراءات، بصيرا بالنحو والصرف، فقيها كبير القدر، حجة، ثقة. (الصلة 2/ 553) .
[5] في غاية النهاية 2/ 153، ولد سنة 388 هـ.
[6] انظر عن (محمد بن طلحة) في: المنتخب من السياق 63 رقم 123، وتاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 38/ 133، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 22/ 249 رقم 307.

(32/179)


أبو مسعد [1] الْجُنَابَذِيّ [2] النَّيْسابوريّ التّاجر.
سمع من أصحاب الأصمّ.
وسمع بدمشق من عبد الرحمن بن الطُّبَيْز.
روى عنه: عبد الغافر بن إسماعيل وقال: كان صالحًا ثقة كثير البِر [3] .
وروى عنه بالإجازة وجيه الشحاميّ [4] .
187- محمد بن عليّ بن أحمد بن الحسين [5] .
أبو الفضل السّهلكيّ [6] البسطاميّ [7] الفقيه.
__________
[1] هكذا في الأصل. وفي المنتخب: «أبو سعد» ، وفي تاريخ دمشق، ومختصره: «أبو سعيد» .
[2] الجنابذيّ: بضم الجيم وفتح النون وفتح الباء المنقوطة بواحدة بعد الألف وفي آخرها الذال المعجمة، هذه النسبة إلى كونابذ ويقال لها بالعربية جنابذ، وهي قرية بنواحي نيسابور.
(الأنساب 3/ 306) .
[3] عبارته في (المنتخب) : «ثقة، معتمد، منفق على الصالحين، سمع أصحاب الأصم بنيسابور، وسمع ببغداد ودمشق» .
[4] وكان مولده سنة 402 هـ.
[5] انظر عن (محمد بن علي) في: الإكمال 7/ 45، والمنتخب من السياق 68 رقم 142، والأنساب 2/ 214.
[6] لم ترد هذه النسبة في (الأنساب) .
[7] البسطاميّ: بالباء المفتوحة المنقوطة بواحدة، وسكون السين المهملة وفتح الطاء المهملة. هذه النسبة إلى بسطام وهي بلدة بقومس مشهورة. (الأنساب 2/ 213) .
أما ابن ماكولا فقال: أوله باء معجمة بواحدة مكسورة. (الإكمال 7/ 144) .
وفي (معجم البلدان) اسم البلدة: بسطام بالكسر، وكذا في (اللباب) وجزم ابن الأثير بأنّ الصواب بالكسر مطلقا سواء أكان نسبه إلى البلد أو إلى الجد.
وقيد المؤلف الذهبي- رحمه الله- والد صاحب الترجمة «على بن أحمد بن بسطام البسطامي» بالكسر، وقال: نسبة إلى الجد، (المشتبه في الرجال 1/ 75) .
وقال ابن ناصر الدين الدمشقيّ: «وهذه التفرقة بين الترجمتين: من كان منسوبا إلى البلد فبالفتح، ومن كان منسوبا إلى الجد، فبالكسر، فرقها ابن السمعاني، وتبعه- والله أعلم- أبو العلاء الفرضيّ، ومنه أخذ المصنف: فقال أبو الحسن علي بن الأثير في كتابه «مختصر أنساب ابن السمعاني» : فيا ليت شعري أي فرق بين الاسمين حتى يجعل أحدهما مفتوحا والآخر مكسورا، إنما الجميع مكسورا، لأنه اسم أعجميّ عرب بكسر الباء.
ولهذا لم يذكره الأمير في «الإكمال» ، ولا استدركه ابن نقطة عليه، لأن النسبتين واحدة. والله أعلم» . توضيح المشتبه 1/ 508) .
«أقول» : بلى ذكره الأمير ابن ماكولا في باب: القسطاني والبسطامي ج 7/ 145 فقال: «وقد لحقنا ببسطام الشيخ أبا الفضل محمد بن علي بن أحمد بن الحسين بن سهل السهلكي

(32/180)


شيخ الصُّوفيّة. له الأصحاب والتصانيف في الطّريق.
سمع: أبا بكر الحِيريّ، وغيره.
وحدَّث بَنْيسابور.
وقيل: تُوُفّي سنة 77 [1] فاللَّه أعلم
- حرف الياء-
188- يوسف بن سُليمان بن عيسى [2] .
أبو الحَجَّاج الأندلسيّ النّحويّ المعروف بالأعلم.
من أهل شنت مريّة [3] .
رحل إلى قُرْطُبة في سنة ثلاثٍ وثلاثين، وأتى أبا القاسم إبراهيم بن محمد الإفْلِيليّ [4] فلازمه.
__________
[ () ] البسطامي، وكان أوحد وقته تفننا في العلوم، وله تصانيف كثيرة. سمع أبا عبد الله محمد بن إبراهيم بن منصور، وأبا عبد الله محمد بن عبد الله الشيرازي، وأبا علي عبد الله بن إبراهيم الواعظ، وأبا القاسم الحسين بن محمد الصوفي، وبهرام بن أبي الفضل بن شاه المروزي، وأبا سهل محمد بن أحمد بن عبد الله الأستراباذي، وأبا عبد الله محمد بن علي محمد بن علي الداستاني، وكان يسمّيه شيخ المشايخ.
وسمع الحيريّ وغيره من أصحاب الحديث، ورحل. وسمع الكثير وكان إمام أهل التصوف في وقته» .
[1] أرخه بها عبد الغافر الفارسيّ في (المنتخب 68) ، وقال ابن السمعاني: توفي في جمادى الآخرة سنة ست وسبعين وأربعمائة عن سبع وتسعين سنة. وكانت ولادته تقديرا سنة تسع وثمانين وثلاثمائة. (الأنساب 2/ 214) .
[2] انظر عن (يوسف بن سليمان) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 681 رقم 1506 (هكذا في الطبعة الأوروبية) ، أما في الطبعة المصرية: «يوسف بن عيسى بن سليمان» ، وفهرسة ابن خير الإشبيلي 472، 475، 489، 506، 508، 513، 522، 524، 529، 535، ومعجم الأدباء 20/ 60، 61، ووفيات الأعيان 7/ 81- 83، والروض المعطار 347، والمختصر في أخبار البشر 2/ 19، وسير أعلام النبلاء 18/ 555- 557 رقم 285، ومرآة الجنان 3/ 159، ونكت الهميان 313، وتاريخ الخلفاء 426، وبغية الوعاة 2/ 356، وكشف الظنون 7604 692، وشذرات الذهب 3/ 403، وديوان الإسلام 1/ 53 رقم 50، وهدية العارفين 2/ 551، وتاريخ الأدب العربيّ 5/ 352، 353، والأعلام 8/ 233، ومعجم المؤلفين 31/ 302، 303.
[3] شنت مريّة: بفتح الشين المعجمة، وسكون النون، وفتح التاء المثناة من فوقها، والميم، وكسر الراء، وبعدها ياء مشددة، وبعدها هاء ساكنة، وهي مدينة بالأندلس في غربها، (وفيات الأعيان 7/ 83) .
[4] الإفليلي: بالهمزة المكسورة والفاء. ولم أجد هذه النسبة في المصادر.

(32/181)


وأخذ عن: أبي سهل الحَرّانيّ، ومسلم بن أحمد الأديب.
وكان عالما باللغات والإعراب والمعاني، واسع الحفظ، جيد الضبط، كثير العناية بهذا الشأن. اشتهر اسمه، وسار ذكره. وكانت الرحلة إليه في وقته.
أخذ عنه: أبو علي الغساني، وطائفة كبيرة.
وكف بصره في آخر عمره [1] .
وكان مشقوق الشفة العليا شقا كبيرا.
توفي بإشبيلية [2] ، وله ست وستون سنة.
قال أبو الحسين شريح بن محمد: توفي أبي في منتصف شوال فأتيت أبا الحجاج الأعلم فأعلمته بموته، فإنهما كانا كالأخوين، فانتحب وبكى، وقال: لا أعيش بعده إلا شهرا. فكان كذلك [3] .
__________
[1] الصلة 2/ 681.
[2] وقع في (شذرات الذهب 3/ 403) أنه توفي سنة 495، وهو غلط.
[3] وفيات الأعيان 7/ 82.

(32/182)


الكنى
189- أبو الخطاب الصّوفيّ [1] .
هو أحمد بن عليّ بن عبد الله المقرئ البغداديّ المؤدِّب.
أحد الحُذاق.
قرأ القراءات على الحمّاميّ [2] .
وله قصيدة مشهورة في السنّة [3] ، رواها عنه عبد الوهّاب الأنْماطيّ.
وقصيدة في آي القرآن، رواها عنه قاضي المَرِسْتان.
قرأ عليه: هبة الله بن المجليّ، والخطيب أبو الفضل محمد بن المهتدي باللَّه.
قال أبو الفضل بن خَيْرون: كان عنده عن ابن الحمّاميّ السّبعةُ تلاوةً.
وقال شُجاع الذهليّ: كان أحد الحفّاظ للقرآن المجوّدين. يذكر أنه قرأ بالرّوايات على الحمّاميّ، ولم يكن معه خطُّ بذلك، فأحسن النّاسُ به الظّنّ، وصدقوه، وقرءوا عليه.
مات في رمضان سنة ستّ. كذا ورّخه ابن خَيْرُون.
ووُلِد سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة [3] .
__________
[1] انظر عن (أبي الخطاب الصوفي) في: معرفة القراء الكبار 1/ 446، 447 رقم 385، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 45- 48 رقم 22، وغاية النهاية 1/ 85 رقم 388، وشذرات الذهب 3/ 353، وكشف الظنون 1342، 1343، والأعلام 1/ 167، ومعجم المؤلفين 2/ 13.
[2] وتلا عليه بالسبع.
[3] وانظر رؤيا له وقصيدة طويلة في: ذيل طبقات الحنابلة 1/ 46- 48.

(32/183)


سنة سبع وسبعين وأربعمائة
- حرف الألف-
190- أحمد بن الحسين بن محمد بن محمد [1] .
أبو الحسين البغداديّ العطّار.
سمع: أبا الحَسَن بن رزقُوَيْه، وأبا الفضل عبد الواحد التّميميّ، وأبا القاسم الحرفيّ.
وعنه: إِسْمَاعِيل بْن السَّمَرْقَنديّ، وعبد الوهّاب بْن الأنْماطيّ.
وأثنى عليه عبد الوهّاب، ووصفه بالخير، وقال: ما كان يعرف شيئًا من الحديث.
ولد سنة سبع وتسعين وثلاثمائة، ومات في سادس ذي القعدة.
191- أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد [2] .
أبو الحسين النَّيْسابوريّ الكيّاليّ المقرئ.
أبو الحسين النّيسباوريّ المقرئ.
سمع أبا نصر محمد بن عليّ بن الفضل الخُزاعيّ صاحب محمد بن الحسين القطّان.
روى عنه: إسماعيل بن أبي صالح المؤذّن [3] .
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (أحمد بن عبد الرحمن) في: المنتخب من السياق 109 رقم 239.
[3] وقال عبد الغافر الفارسيّ: «شيخ مشهور ثقة، رجل من الرجال ذوي الرأي الصائب والتدريس النافع والأمانة والصيانة والثروة من الضياع. كنا نزوره ونقرأ عليه أجزاء من تصانيف ابن أبي الدنيا، وغيره. وقيل إنه كان له السماع من الخفّاف.
ولد في رجب سنة 384 ومات ليلة الأربعاء السابع عشر من جمادى الأولى سنة ثمان وسبعين وأربعمائة.

(32/184)


192- أحمد بن محمد بن الفضل [1] .
أبو بكر الفَسَويّ نزيل سَمَرقند.
كان إمامًا ذا فنون وورع وديانة.
سمع: أبا نُعَيم الحافظ، وأبا بكر الحِيريّ، ومحمد بن موسى الصَّيْرَفيّ، والحسين بن إبراهيم الحمّال.
مات في رمضان عن بضع وسبعين سنة [2] .
روى عنه بالإجازة أحمد بن الحسين الفراتيّ.
193- أحمد بن عبد العزيز بن شيبان [3] .
أبو الغنائم بن المُعَافَى التّميميّ الكرخيّ.
سمع: أبا الحسين بن بِشْران، وأبا محمد السُّكَّريّ.
روى عنه: إسماعيل بن السمرقندي، وعبد الوهاب الأنماطي.
مات في ربيع الأول.
194- أحمد بْن مُحَمَّدِ بْن عبد الله الأصبهاني البقّال [4] .
تُوُفّي في رجب.
195- أحمد بن مُحَمَّد بن رِزْق بن عبد الله [5] .
أبو جعفر القُرْطُبيّ، الفقيه المالكيّ.
تفقه بابن القطّان، وأخذ عن: أبي عبد الله بن عتاب، وأبي شاكر بن فهب، وابن يحيى المرييّ.
__________
[ () ] «أقول» : إن صحّت وفاته في سنة 478 فينبغي أن تحول ترجمته من هنا إلى وفيات السنة التالية.
[1] انظر عن (أحمد بن محمد بن الفضل) في: المنتخب من السياق 117 رقم 256.
[2] قال عبد الغافر الفارسيّ: توفي سنة ست وسبعين وأربعمائة بسمرقند.
«أقول» : إن صحّ ذلك فينبغي أن تحوّل ترجمته من هنا إلى وفيات السنة السابقة.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
[5] انظر عن (أحمد بن محمد بن رزق) في: الصلاة لابن بشكوال 1/ 65، 66 رقم 140، وبغية الملتمس 167 رقم 366، وسير أعلام النبلاء 18/ 563، 564 رقم 592، والديباج المذهب 1/ 182، 183، وشجرة النور الزكية 1/ 121 رقم 343.

(32/185)


ورحل إلى ابن عبد البر فسمع منه. وكان فقيها، حافظا للرأي، مقدّما فيه، ذاكرا للمسائل، بصيرا بالنّوازل.
كان مدار طلبة الفقه بقرطبة عليه في المناظرة والتفقه، نفع الله به كل من أخذ عنه. وكان صالحا، دينا، متواضعا، حليما. على هدى واستقامة.
وصفه بذلك ابن بشكوال [1] وقال: أنا عنه جماعة من شيوخنا، ووصفوه بالعلم والفضل.
وقال عياض القاضي: تخرّج به جماعة كأبي الوليد بن رُشْد، وقاسم بن الأصْبَغ، وهشام بن أحمد شيخنا.
وذكره أبو الحَسَن بن مغيث فقال: كان أذْكى مَن رأيت في علم المسائل، وألْيَنَهُم كلمةً، وأكثَرَهُم حرصا على التعليم، وأنفقهم لطالب فرُع على مشاركةٍ له في علم الحديث [2] .
تُوُفّي ابن رزق فجأةً في ليلة الإثنين لخمسٍ بقين من شوّال، وكان مولده سنة سبع وعشرين وأربعمائة [3] .
196- أحمد بن المُحسِّن بن محمد بن عليّ بن العبّاس [4] .
أبو الحَسَن بن أبي يَعْلَى البغداديّ العطّار الوكيل.
أحد الدُّهاة المتبحّرين في علم الشُّروط والوثائق والدّعاوى، يُضرب به المثل في التّوكيل.
قال أبو سعْد السّمعانيّ: سمعتُ محمد بن عبد الباقي الأنصاريّ يقول:
طلّق رجل امرأته، فتزوَّجت بعد يوم، فجاء الزوج إلى القاضي أبي عبد الله بن
__________
[1] في الصلة 1/ 65، 66.
[2] الصلة 1/ 66.
[3] وفي شجرة النور الزكية 1/ 121 مولده سنة 390 هـ.
وقال ابن بشكوال: وقرأت بخط أبي الحسن، قال: أخبرني بعض الطلبة من الغرباء أنه سمعه في سجوده في صلاة العشاء ليلة موته يقول: اللَّهمّ أمتني موتة هينة. فكان ذلك.
[4] انظر عن (أحمد بن المحسن) في: المنتظم 8/ 11، 12 رقم 12 (16/ 235، 236 رقم 3534) ، وغاية النهاية 1/ 99 رقم 454.

(32/186)


البيضاويّ، فطلبها القاضي ليشرها، فجاءت إلى ابن المحسّن الوكيل، وأعطته مبلغًا، فجاء إلى القاضي فقال: الله الله، لا يسمع النّاس.
فقال: أين العُدّة؟
قال: كانت حاملًا فوضعت البارحة ولدًا ميتًا، أفلا يجوز لها أن تتجوِّز [1] ؟!.
قال عبد الوهّاب الأنماطيّ: كان صحيح السّماع، قليل الأفعال والحيْل.
قلت: روى عن: أبي القاسم الحرفيّ، وأبي عليّ بن شاذان، ومحمد بن سعيد بن الرُّوزبَهان.
قرأ القرآن على أبي العلاء، الواسطيّ، وأقرأ مدّة.
روى عنه: مكّيّ الرُّميليّ، وإسماعيل بن السَّمَرْقَنديّ، وَيَحْيَى بن الطّرّاح، وَعَبْد الوهّاب الأنماطيّ.
تُوُفّي في رجب. وولد في سنة إحدى وأربعمائة.
وأبوه اسمه «المحسن» عند ابن السّمعانيّ، و «الحسين» عند ابن النّجّار، فلعلّهما إسمان، واتفقت وفاتهما في سنةٍ واحدة. ويقوّي أنّهُما اثنان اختلاف كُنْيتهما ونسبهما وأنّ كنية أحمد بن الحسين: أبو الحسين، وأنّ اسم جدّه محمد بن محمد بن سلمان، وأنّه ليس بوكيل، وأنّه مات في ذي القعدة، وغير ذلك.
197- إسماعيل بن مَسْعَدة [2] بن إسماعيل بْن الإمام أبي بَكْر أحمد بْن إبراهيم بن إسماعيل.
المفتي أبو القاسم الإسماعيليّ الجرجانيّ.
__________
[1] انظر: المنتظم.
[2] انظر عن (إسماعيل بن مسعدة) في: المنتظم 9/ 10، 11 رقم 10 (16/ 234، 235 رقم 3532) ، والمنتخب من السياق 141، 142 رقم 322، والكامل في التاريخ 10/ 141، والعبر 3/ 286، وسير أعلام النبلاء 18/ 564 رقم 293، والإعلام بوفيات الأعلام 196، ومرآة الجنان 3/ 121، وفيه: «إسماعيل بن معبد» ، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 370، والوافي بالوفيات 9/ 223، 224، وشذرات الذهب 3/ 354.

(32/187)


صدر محتشم، نبيل القدر، تامّ المروءة، واسع العِلْم، صدوق.
كان يعِظُ ويُمْلي على فَهْم ودراية. وحدَّث ببلاد كثيرة.
وكان عارفًا بالفقه، مليح الوعْظ، له يدُ في النَّظْم والنثر والترسّل.
حدّث بكتاب «الكامل» و «بالمعجم» لابن عديّ، و «بتاريخ جُرْجان» .
سمع: أباه، وعمّه المُفَضَّل، وحمزة السهمي، والقاضي أبا بكر محمد بن يوسف الشالنجي [1] ، وأحمد بن إسماعيل الرباطي [2] ، وجماعة.
روى عنه: زاهر ووجيه ابنا الشحامي، وأبو نصر أحمد بن عمر الغازي، وأبو سعد أحمد بن محمد البغدادي، وإسماعيل بن السمرقندي، وأبو منصور بن خيرون، وأبو الكرم الشهرزوري، وأبو البدر الكرخيّ، وآخرون [3] .
ولد في سنة سبع وأربعمائة [4] .
قال إسماعيل السمرقندي: سمعتُ ابن مَسْعَدة: سمعتُ حمزة بن يوسف:
سمعتُ أبا بكر الإسماعيليّ يقول: كتْبه الحديث رِق الأبد [5] .
تُوُفّي ابن مسعدة بجرجان [6]
__________
[1] الشّالنجيّ: بفتح الشين المعجمة، واللام، بينهما الألف، وسكون النون، وفي آخرها الجيم، هذه النسبة إلى بيع الأشياء من الشعر، كالمخلاة والمقود والجل. (الأنساب 7/ 259) .
[2] الرباطي: بكسر الراء وفتح الباء المنقوطة بواحدة وفي آخرها الطاء المهملة، هذه النسبة إلى الرباط وهو اسم لموضع يربط فيه الخيل. (الأنساب 6/ 70) .
[3] وقال ابن الجوزي: كان دينا فاضلا متواضعا، وافر العقل، تامّ المروءة، يفتي ويدرس، وكان بيته جامعا لعلم الحديث والفقه. ودخل بغداد سنة اثنتين وسبعين فحدّث بها. (المنتظم) .
[4] في المطبوع من الكامل لابن الأثير 10/ 141: «مولده سنة أربع وأربعمائة» . وفي نسخة مخطوطة منه كما في المتن، والمنتظم. وفي (المنتخب من السياق 142) : ولد سنة ست وأربعمائة.
[5] وقال ابن الأثير: «وكان إماما فقيها شافعيا، محدّثا، أديبا، وداره مجمع العلماء» . (الكامل 10/ 141) .
[6] وقال عبد الغافر الفارسيّ: قدم نيسابور مرات وهو من بيت الإمامة والعلم والحديث قديما.
وجدّه أبو بكر الإسماعيلي أحد أئمة الدنيا. وهذا أكمل من رأيناهم من الطارين أصلا ونسبا وفضلا وحسبا، وله التجمل والأسباب الدالّة على وفور حشمته والمروءة الظاهرة من الثياب والدواب، ثم الفضل الوافر في الفنون.
وقد عقد له مجلس الإملاء بنيسابور في المدرسة النظامية فأملى وروى على ثقة ودراية، وعقب

(32/188)


- حرف الباء-
198- بيبي بنت عبد الصّمد بن عليّ بن محمد [1] .
أم الفَضل، وأم عزَّى [2] الهَرْثمِيَّة الهَرَويّة. راوية «الجزء» المنسوب إليها.
عن: عبد الرحمن بن أبي شُرَيْح صاحب البغويّ، وابن صاعد.
توفيت فِي هذا العام أو فِي الّذِي بعدَه. وقد كملت التسعين وتعدتها.
روى عنها: ابن طاهر المقدسي، ووجيه الشحامي، وأبو الوَقْت السِّجْزِي، وَعَبْد الجليل بن أَبِي سَعْد الهروي وهو آخر من روى عنها.
قال أبو سعد السمعاني: هي من أهل بخشة [3] ، قرية على أربعة فراسخ من هراة، صالحة عفيفة. عندها جزء من حديث ابن أبي شريح تفرّدت برواية ذلك في عصرها.
سمع منها عالم لا يُحصون. وكانت ولادتها في حدود سنة ثمانين وثلاثمائة.
__________
[ () ] مجلس الإملاء مجلس الوعظ على وقار وتؤدة وأناة وحسن إيراد الكلام الواقع في القلوب البالغ في تطبيب النفوس، الحاوي على الفوائد المستطابة والتبكية والحكايات، بحيث وقع من الأئمة والحاضرين موقع الرضا، واستدعوا منه النوبة الأخرى متضرّعين، فأجاب إلى ذلك، وقعد نوبا كلها على نسق واحد في الحسن والأخذ بمجامع القلوب حتى ظهر له بذلك النوع من الكلام على الأحاديث والتذكير القبول التامّ، بحيث كان يحسده بعض أصحاب القبول من تطابق أحواله وانتظام كلامه.
وقرأنا عليه من أحاديثه وكتبنا الأمالي واستفدنا منه. وخرج من نيسابور عائدا إلى وطنه في أتم عزّ وجاه. (المنتخب 141، 142) .
[1] انظر عن (بيبى بنت عبد الصمد) في: ميزان الاعتدال 4/ 375، في ترجمة يحيى بن زكريا رقم 9506، والإعلام بوفيات الأعلام 196، وسير أعلام النبلاء 18/ 403، 404 رقم 201، والمعين في طبقات المحدّثين 137 رقم 1510، والعبر 3/ 287، ومرآة الجنان 3/ 121، والوافي بالوفيات 10/ 359، 360، والكشف الحثيث 457 (في ترجمة يحيى بن زكريا رقم 833) ، ولسان الميزان 6/ 245 وفيه تحريف اسمها إلى «بنى» ، في ترجمة «يحيى بن زكريا» رقم 898، وكشف الظنون 1/ 586، وشذرات الذهب 3/ 354، وتاج العروس 1/ 155، وأعلام النساء 1/ 160، ومعجم المؤلفين 13/ 377.
[2] تحرفت في (العبر) و (شذرات الذهب) إلى: «أم عربي» .
[3] لم يذكرها ياقوت.

(32/189)


قال: وماتت في حدود خمس وسبعين بهراة [1] .
روى لنا أبو الفتح محمد بن عبد الله الشيرازيّ، وعبد الجبّار بن أبي سعْد الدّهّان، وجماعة.
قلت: وقد روى أبو عليّ الحدّاد في «معجمه» عن ثابت بن طاهر الهَرَويّ، عن بيبي الهرثمية [2] .
وَقَدْ أَدْخَلَ بَعْضُ الْمُتَفَضِّلِينَ فِي الْجُزْءِ الَّذِي رَوَتْهُ حَدِيثًا مَوْضُوعًا، رَوَاهُ أَيْضًا ابْنُ أَخِي مِيمِيٍّ [3] ، عَنِ الْبَغَوِيِّ. أخبرناه أبو الْحُسَيْن اليُونِينيّ [4] ، وأبو عَبْد اللَّه بْن النّحاس النّحويّ، وآخرون أنّ أبا المنجّى بن اللتيّ [5] أخبرهم، وَأَنَاهُ [6] أَبُو الْمَعَالِي الْأَبَرْقُوهِيُّ [7] ، أَنَا زَكَرِيَّا الْعُلَبِيُّ قَالَا: أَنَا عَبْدُ الْأَوَّلِ السِّجْزِيُّ.
ح [8] . وَأَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ إِجَازَةً، أَنَا عَبْدُ الْقَادِرِ الْحَافِظُ، أَنَا عَبْدُ الْجَلِيلِ بْنُ أَبِي سَعْدٍ الْمُعَدَّلُ، قَالَا: أَخْبَرَتْنَا بيبي: أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ، نَا عَبْدُ اللَّهِ الْبَغَوِيُّ، ثَنَا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ أَبِي [9] الزُّبَيْرِ،. وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ فِي مَلَأٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، إِذْ دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ في بعض
__________
[1] سير أعلام النبلاء 18/ 404.
[2] سير أعلام النبلاء 18/ 404.
[3] تحرف اسمه في (لسان الميزان 6/ 253) إلى: «سمي» .
[4] اليونيني: هو عليّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بن عيسى اليونيني البعلي الفقيه، ولد في بعلبكّ سنة 621 وتوفي بها سنة 701 هـ.
واليونيني: بالياء المثناة من تحتها باثنتين، والواو، ثم نون مكسورة، وياء أخرى، ثم نون ثانية مكسورة. نسبة إلى وينين، بلدة بالقرب من بعلبكّ. (انظر عنه في كتابا: موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي ق 2/ ج 3/ 63- 66 رقم 761) .
[5] تحرّفت في لسان الميزان 6/ 245 إلى: «الليثي» ، وكذا في: (الكشف الحثيث 457) .
[6] اختصار لكلمة: «وأخبرناه» .
[7] الأبرقوهي: بفتح الألف والباء المنقوطة بواحدة وسكون الراء وضم القاف وفي آخرها الهاء.
هذه النسبة إلى أبرقوه وهي بليدة بنواحي أصبهان. (الأنساب 1/ 115) .
[8] ح: رمز إلى تحويلة في سند الرواية.
[9] في لسان الميزان 6/ 253 «ابن» والمثبت يتفق مع: ميزان الاعتدال 4/ 375، والكشف الحثيث 457.

(32/190)


أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ، مَعَهُمَا فِئَامٌ [1] مِنَ النَّاسِ يَتَمَارَوْنَ، وَقَدِ ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمْ، يَرُدُّ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «مَا الَّذِي كُنْتُمْ تُمَارُونَ قَدِ ارْتَفَعَتْ فِيهِ أَصْوَاتُكُمْ وَكَثُرَ لَغَطُكُمْ» ؟
فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، شَيْءٌ تَكَلَّمَ فِيهِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَاخْتَلَفَا، فَاخْتَلَفْنَا لاخْتِلَافِهِمْ.
فَقَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالُوا: فِي الْقَدَرِ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُقَدِّرُ اللَّهُ الْخَيْرَ، وَلَا يُقَدِّرُ الشَّرَّ. وَقَالَ عُمَرُ: يُقَدِّرُهُمَا جَمِيعًا.
فَقَالَ: أَلَا أَقْضِي بَيْنَكُمَا فِيهِ بِقَضَاءِ إِسْرَافِيلَ بَيْنَ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ؟ قَالَ جِبْرِيلُ مَقَالَةَ عُمَرَ، وَقَالَ مِيكَائِيلُ مَقَالَةَ أَبِي بَكْرٍ: وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ [2] . تأملتُ هذا الحديث يومًا فإذا هو يشبه أقوال الطُّرُقيّة، فجزمت بوضعه، لكونه بإسناد صحيح. ثمّ سألت شيخنا ابن تيمية عنه، فقال: هذا كذب، فأكتُب على النسخ أنّه موضوع.
قلت: والظّاهر أنّ بعض الكذابين أدخله على البغويّ لمّا شاخ وانهرم.
وأمّا ابن الجوزيّ فقال في «الموضوعات» : المتَّهم به: يحيى بن زكريا [3] ،
__________
[1] في الأصل: «فيئام» .
[2] ميزان الاعتدال 4/ 374، 375، لسان الميزان 6/ 253، 254.
[3] وقال المؤلّف الذهبي- رحمه الله- في (ميزان الاعتدال 4/ 375) :
«قال ابن الجوزي: يحيى المتّهم به. وقال ابن عديّ: كان يضع الحديث. فهذا القول قاله ابن الجوزي هكذا في الموضوعات عقيب هذا الخبر، ولم يذكر يحيى بن زكريا لا في الضعفاء، ولا رأيته في كتاب ابن عديّ، ولا في الضعفاء لابن حبان، ولا في الضعفاء للعقيليّ، ولا ريب في وضع الحديث.
وبقيت مدّة أظنّ أن يحيى هو ابن أبي زائدة، وأن الحديث أدخل على بيبى في جزئها، ثم إذا به في الأول من حديث ابن أخي ميمي البغدادي، عن البغوي أيضا.
والبغوي فصاحب حديث وفهم وصدق. وشيخه فثقة. فتعين الحمل في هذا الحديث على يحيى بن زكريا هذا المجهول التالف.
ثم وجدته في الأول من أمالي أبي القاسم بن بشران: حدّثنا أبو علي بن الصواف، حدّثنا محمد بن أحمد القاضي، حدّثنا علي بن عيسى الكراجكي، وحدّثنا حجين بن المثنى، حدثنا يحيى بن سابق، عن موسى بن عقبة، وجعفر بن محمد بهذا. يحيى بن سابق واه» .

(32/191)


قال ابن مَعِين: هو دجّال هذه الأمّة [1]
- حرف الثاء-
199- ثابت بن أحمد بن الحسين [2] .
أبو القاسم البغداديّ.
قدِم دمشق من بغداد حاجًّا، وذكر أنّه سمع أبا القاسم بن بشران، وأبا ذرّ
__________
[ () ] (الكشف الحثيث 457) .
وقال ابن حجر في (لسان الميزان 6/ 254، 255) :
«وقد رأيت في «الموضوعات» لابن الجوزي عقب هذا الخبر: هذا حديث موضوع بلا شك، والمتّهم به يحيى أبو زكريا. (هكذا: أبو) وهو الصحيح كما أكد ذلك الذهبي في (ميزان الاعتدال 4/ 374) .
[1] وقال ابن حجر بعد أن نقل ذلك عن المؤلف: «وقال ابن عديّ: كان يضع الحديث ويسرق.
هكذا نقل عن يحيى بن معين. ولم نجد ذلك عنه. ونظر في حكمه على هذا الحديث بالوضع. وقد وجدت له شاهدا أخرجه البزّار في مسندة، عن السكن بن سعيد، عن عمر بن يونس، عن إسماعيل بن حمّاد، عن مقاتل بن سليمان، عن عمر بن شعيب، عن أبيه، عن جده، فذكر بمعناه. (لسان الميزان 6/ 255) .
ثم ذكر الذهبي في ميزان الاعتدال 4/ 376 ترجمة أخرى برقم 9507، وتابعه ابن حجر في (لسان الميزان 6/ 256 رقم 899) .
«يحيى بن زكريا بن أبي الحواجب. عن الأعمش. قال الدار الدّارقطنيّ: ضعيف. قلت: ويحتمل أن يكون الّذي قبله. انتهى. وذكره ابن حبّان في الثقات» .
و «أقول» أنا خادم العلم، محقّق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» :
لقد أكد المؤلف الذهبي- رحمه الله- أن يحيى المذكور، هو: يحيى أبو زكريا، وهو يحيى بن سابق. وبهذا لا يحتمل أن يكون هو «يحيى بن زكريا بن أبي الحواجب» كما قال، وتابعه ابن حجر.
بل هو: «يحيى بن سابق أبو زكريا المدائني» . ذكره البخاري في تاريخه الكبير 8/ 280 رقم 2997، وأبو زرعة الرازيّ في (الضعفاء 3/ 834 رقم 246) وابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل 9/ 153، 154 رقم 635) ، وابن حبّان في (المجروحين من المحدّثين 3/ 114، 115) ، وابن الجوزي في (الضعفاء والمتروكين 3/ 195 رقم 3713) .
وقال أبو زرعة: ليّن. وقال أبو حاتم الرازيّ: ليس بقوي في الحديث. وقال ابن حبّان: كان ممّن يروي الموضوعات عن الثقات، لا يجوز الاحتجاج به في الديانة ولا الرواية عنه بحيلة.
وهو الّذي روى عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم: «إذا ذكر القدر فأمسكوا» ، وذكر بقية الحديث.
[2] انظر عن (ثابت بن أحمد) في: تاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 7/ 362، 363، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 5/ 330 رقم 170، وتهذيب تاريخ دمشق 3/ 312، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي 2/ 43 رقم 361.

(32/192)


عبد بن أحمد الهَرَويّ، ومحمد بن جعفر الميماسيّ.
روى عنه: الفقيه نصر المقدسي، وأحمد بن حسين سبط الكامليّ.
قال غَيْث الأرمنازيّ: قدِم علينا وذكر أنّه سمع من عبد الملك بن بشران وأبي ذرّ. وأجاز لنا في ربيع الأوّل سنة سبعٍ وسبعين، وانّ مولده في أول سنة إحدى وأربعمائة.
وروى نصر في «أماليه، أنّ ثابتًا هذا حدّثه أنه شاهد رجلًا أذّن بمدينة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم عند قبره صلى الله عليه وآله وسلم للصبح، وقال في الأذان:
الصّلاة خير من النوم، فجاء بعض خَدَم المسجد فلطمَهُ، فبكى الرجل وقال: يا رسول الله في حضْرتك يُفعل بي هذا! ففُلِج الخادم في الحال، فحملوه إلى بيته، فمات بعد ثلاثٍ [1]
- حرف الحاء-
200- الحسين بن أحمد بن علي بن البقال [2] .
أبو عبد الله الأزجيّ، الفقيه الشّافعيّ، تلميذ أبي الطّيّب الطّبريّ. علّامة مدقّق، زاهد متعبد. وُلْي قضاء الحريم مدّة. ودرَّس وأفتى. وحدَّث عن: عبد الملك بن بِشْران [3] .
في شعبان عن ست وسبعين.
201- الحسين بن عثمان بن أبي بكر النّيسابوريّ [4] .
__________
[1] وقال ابن عساكر: وتوجه (ثابت) للحج في سنة سبع وسبعين وأربعمائة، ولم يعلم خبره بعد ذلك.
[2] انظر عن (الحسين بن أحمد بن علي) في: الكامل في التاريخ 10/ 141 وفيه: «الحسين بن علي» ، والمختصر في أخبار البشر 2/ 196، وتاريخ ابن الوردي 1/ 382، 383، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 147.
[3] قال ابن الأثير: «وكان إليه القضاء بباب الأزج، وحجّ لما انقطع الحجّ على سبيل التجريد» .
وقال ابن النجار: كانت له مقامات سنية في النظر والجدال، وكان فقيها فاضلا بارعا كاملا مدققا، حسن النظر، محققا، جميل الطريقة، زاهدا، متعبدا، عفيفا، نزها، على طريقة السلف، ولي القضاء بحريم دار الخلافة عن أبي عبد الله الدامغانيّ. مولده سنة إحدى وأربعمائة. (طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 147) .
[4] انظر عن (الحسين بن عثمان) في: المنتخب من السياق 203 رقم 610.

(32/193)


حدَّث عن عبد الله بن يوسف الأصبهاني، وغيره.
تُوُفّي في ربيع الأوّل.
202- الحسين بن محمد بن الحُسين [1] .
أبو الغنائم بن السّراج الشّاذانيّ [2] . بغداديّ.
سمع من: عبد الله بن يحيى السكري.
روى عنه: إسماعيل بن السمرقندي.
وله سَمِيُّ في الطبقة الآتية [3]
- حرف الخاء-
203- خَلَف بن إبراهيم بن محمد [4] .
أبو القاسم القيسيّ الطُّلَيْطُليّ، نزيل دانِية.
قرأ على: أبي عَمْرو الدّانيّ.
وأقرأ النّاس.
مات رحمه الله في ربيع الأوّل
- حرف الطاء-
204- طاهر بن هشام بن طاهر [5] .
أبو عثمان الأزْديّ، الفقيه المالكيّ الأندلسيّ.
مفتي المَرِيّة.
روى عن: المهلب بن أبي صُفْرة، ورحل وأخذ عن: أبي عمران الفاسيّ، وأبي ذر الهرويّ.
__________
[1] انظر عن (الحسين بن محمد) في: الأنساب 7/ 237.
[2] الشاذانيّ: بفتح الشين المعجمة، والذال المعجمة بين الألفين، وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى شاذان وهو اسم لبعض أجداد المنتسب إليه.
[3] هو: الحُسَين بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن عَبْد اللَّه بن عمر، أبو عبد الله بن السراج البغدادي، يأتي في وفيات سنة 489 هـ. برقم (308) .
[4] انظر عن (خلف بن إبراهيم) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 171 رقم 390، وغاية النهاية 1/ 271، 272، رقم 1229.
[5] انظر عن (طاهر بن هشام) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 240 رقم 545.

(32/194)


قال ابن بشكوال: أنبأ عنه جماعة من شيوخنا.
وقيل إنّه عاش ستًا وثمانين سنة [1]
- حرف العين-
205- عَبْد اللَّه بْن عَبْد الكريم بن هوازن [2] .
الإمام أبو سعْد بن القُشَيْريّ.
كان أكبر أولاد الشّيخ، وكان كبير الشأن في السُّلُوك والطريقة، ذكيا أصوليا، غزير العربيّة.
سمع: أبا بكر الحيري، وأبا سعيد الصيرفي، وهذه الطّبقة.
ومولده سنة أربع عشرة وأربعمائة، وقدم بغداد مع أبيه.
وسمع من: أبي الطيب الطبري، وأبي محمد الجوهري.
قال السّمعانيّ: كان رضيع أبيه في الطريقة، وفخر ذويه وأهله على الحقيقة.
ثمّ بالغ في تعظيمه في التصوف، والأصول، والمناظرة، والتفسير.
قال: وكانت أوقاته ظاهرًا مستغرقًا في الطّهارة والاحتياط فيها، ثمّ في الصلوات والمبالغة في وصل التّكبير، وباطنًا في مراقبة الحقّ، ومشاهدة أحكام الغيب. لا يخلو وقته عن تنفس السعداء وتذكر البُرَحاء وترَنُّم بكلامٍ منظومٍ أو منثور، يُشعرُ بتذكر وقتٍ مضى، وتأسُّف على محبوب مَرّ وانقضى.
وكان أبوه يعاشره معاشرة الإخْوة، وينظر إلى أحواله بالحُرمة.
روى عنه: ابن أخته عبد الغافر بن إسماعيل الفارسيّ، وابن أخيه هبة الرحمن، وعبد الله بن الفُرَاويّ، وعائشة بنت أحمد الصّفّار، وجماعة.
وذكر عبد الغافر أنّ خاله أصابته علّة احتاج في معالجتها إلى الأدوية الحارّة، فظهر به علّةٌ من الأمراض الحادّة، وامتدّت مدّة مرضه ستة أشهر، إلى
__________
[1] وقع في المطبوع من (الصلة) : توفي سنة سبع وأربعمائة.
[2] انظر عن (عبد الله بن عبد الكريم) في: المنتخب من السياق 283 رقم 934، والعبر 3/ 287، وسير أعلام النبلاء 18/ 562، 563 رقم 291، ومرآة الجنان 3/ 121، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 206، وشذرات الذهب 3/ 354.

(32/195)


أن ضعف ومات في سادس ذي القعدة قبل أمّه بأربع سنين، وهي فاطمة بنت الدّقّاق [1] .
قال عبد الغافر [2] : هو أكبر الإخوة، من لا ترى العيون مثله في الدهور، ذو حظ وافر من العربيّة [3] ، وحصّل الفقه، وبرع في علم الأصول بطبْع سيّال، وخاطر، إلى [4] مواقع الإشكال ميّال، سباق إلى درَك المعاني، وقاف على المدارك والمباني.
وأمّا علوم الحقائق فهو فيها يشقّ الشَّعْر [5] .
قلت: وطوّل ترجمته.
206- عبد الرحمن بن محمد بن عفيف [6] .
أبو منصور البوشنجيّ [7] الهرويّ، المعروف بكلاريّ [8] .
__________
[1] انظر عنها في (المنتخب من السياق 419، 420 رقم 1431) .
[2] في المنتخب 283.
[3] في المنتخب زيادة: «كان يذكر دروسا في الأصول والتفسير بعبارة مهذّبة سورية لا يتخطرق.
لسانه إلى لحن، ولا يعثر لضعف في معرفته ووهن» .
[4] في الأصل: «الا» .
[5] في المنتخب زيادة: «وكأنه كان ينهي من الغيب الخبر، ما كان في زمن زين الإسلام يحرص في شرح الأحوال ويراعي حرمته في المقال إلى أن انتهت نوبة الكلام إليه فانفتح ينبوع معانيه، وتفتق نوار رموزه وإشاراته، وصار مجلسه روضة الحقائق والدقائق، وكلماته محرقة الأكباد والقلوب، ومواجيده مقطرة الدماء من الجفون مكان الدموع، ومفطرة الصدور بالتخويف والتقريع.
وامتدت أيامه بعد زين الإسلام ثلاث عشرة سنة، ولو عاش لصار شيخ الإسلام والمشايخ بالإطلاق في خراسان والعراق لتقدمه ونسبه وعلمه ... خرّج له (الفوائد) المؤذّن الحافظ وقرئت عليه إلى أن توفي في السادس من ذي القعدة سنة سبع وسبعين وأربعمائة» .
[6] انظر عن (عبد الرحمن بن محمد) في: الإعلام بوفيات الأعلام 196، وسير أعلام النبلاء 18/ 442، 443 رقم 227، والمعين في طبقات المحدّثين رقم 1511، والعبر 3/ 287، والمشتبه في الرجال 2/ 555، وتبصير المنتبه 3/ 1199، وفيه: «عبد الرحمن بن علي بن محمد» ، وشذرات الذهب 3/ 354.
[7] البوشنجي: بضم الباء الموحدة وفتح الشين المعجمة وسكون النون وفي آخرها الجيم، هذه النسبة إلى بوشنج وهي بلدة على سبعة فراسخ من هراة يقال لها بوشنك. وقد تعرب فيقال:
فوشنج. (الأنساب 2/ 332، 333) .
[8] ويعرف أيضا ب «كلار» .

(32/196)


سمع: عبد الرحمن بن أبي شُرَيْح.
وقيل إنّه آخر من روى عَنْهُ.
روى عَنْهُ: أَبُو الوقت، ووجيه الشّحاميّ، وأبو عليّ الحَسَن بن محمد بن السَّنْجَبَسْتيّ [1] ، ومحمد وفضيل [2] ابنا إسماعيل الفُضَيْليّان، وضحاك بن أبي سعْد الخباز، وزهير بن عليّ بن زهير الجذاميّ السرخسيّ [3] ، وعبد الجليل بن أبي سعْد.
وقع لنا من طريقه بعُلُوّ حكايات شُعْبة للبَغَويّ. وكان صالحًا معمرًا [4] .
مات في رمضان ببُوشَنْج.
207- عبد السّيّد بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَحْمَدَ بن جعفر [5] .
__________
[1] السنجبستيّ: بفتح السين المهملة، وسكون النون، وفتح الجيم، والباء الموحدة، وسين أخرى، وفي آخرها التاء المنقوطة من فوقها باثنتين، هذه النسبة إلى سنج بست. وهو منزل معروف بين نيسابور وسرخس يقال له: سنك بست. (الأنساب 7/ 162) .
[2] في الأصل: «فضل» ، والتصحيح من سير أعلام النبلاء 18/ 442.
[3] السّرخسيّ: هذه النسبة إلى بلدة قديمة من بلاد خراسان يقال لها: سرخس، وسرخس، وهو اسم رجل من الذعار في زمن كيكاوس، سكن هذا الموضع وعمره وأتمّ بناءه، ومدينته ذو القرنين. (الأنساب 7/ 69) .
[4] وقال الذهبي: «وقد وثق» . (سير أعلام النبلاء 18/ 442) .
[5] انظر عن (عبد السيد بن محمد) في: المنتظم 9/ 12، 13 رقم 14 (16/ 236، 237 رقم 3536) ، وزبدة التواريخ 143، والكامل في التاريخ 10/ 141، وخريدة القصر (قسم شعراء العراق) ج 1 ق 1/ 92، وتاريخ دولة آل سلجوق 75، وتهذيب الأسماء واللغات 2/ 299، ووفيات الأعيان 3/ 217، 218، والمختصر في أخبار البشر 2/ 196، والإعلام بوفيات الأعلام 196، 197، وسير أعلام النبلاء 18/ 464، 465 رقم 238، والمعين في طبقات المحدّثين 137 رقم 1512، ودول الإسلام 2/ 8، والعبر 3/ 287، 288، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 162، 163، وتاريخ ابن الوردي 1/ 382، ونكت الهميان 193، ومرآة الجنان 3/ 122، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 230- 237، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 130، 131، والبداية والنهاية 12/ 126، 127، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 258، 259 رقم 214، والنجوم الزاهرة 5/ 119، وتاريخ الخلفاء 426، والجواهر المضية 1/ 316، ومفتاح السعادة 2/ 185، وطبقات الشافعية لابن هداية الله 173، وكشف الظنون 104. 389، 1025، 1129، 1381، 1501، وشذرات الذهب 3/ 355، وهدية العارفين 1/ 573، وديوان الإسلام 3/ 211، 212 رقم 1336، والأعلام 4/ 10، ومعجم المؤلفين 5/ 231.

(32/197)


ابن الصّبّاغ الفقيه أبو نصر البغداديّ الشّافعيّ، فقيه العراق، ومصنِّف كتاب «الشامل» .
كان يُقدم على الشّيخ أبي إسحاق في معرفة المذهب [1] . ذكره السّمعانيّ فقال: ومن جملة التصانيف التي صنفها: «الشامل» ، و «الكامل» ، و «تذكرة العالم والطريق السالم» [2] .
قال: وكان يضاهي أبا إسحاق. وكانوا يقولون: هو أعرف بالمذهب من أبي إسحاق [3] . وكانت الرحلة إليهما في المختلف والمتفق.
قال: وكان أبو نصر ثبتا حجة دينا خيرا. ولي النظامية بعد أبي إسحاق، وكف بصره في آخر عمره [4] .
وحدث بجزء ابن عرفة، عن محمد بن الحسين القطّان.
وسمع أيضًا أبا عليّ بن شاذان.
روى لنا عنه: ابنُه أبو القاسم عليّ، وإسماعيل بن السَّمَرْقَنديّ، وأبو نصر الغازي، وإسماعيل بن محمد بن الفضل، وغيرهم.
ومولده في سنة أربعمائة [5] .
وقال الحاكم، ابن خَلِّكان: [6] كان تقيا [7] ، صالحًا، له كتاب «الشّامل» ، وهو من أصحّ كُتُب أصحابنا [8] ، وأثبتها أدِلةً [9] درس بالنظامية ببغداد أول ما
__________
[1] قال اليافعي: «يعنون في معرفة الفروع، أما معرفة الأصول والمباحث العقلية فأبو إسحاق مرجح عليه وعلى عامّة الفقهاء إلا من شاء الله تعالى» . (مرآة الجنان 3/ 121) (المنتظم) .
[2] زاد ابن الأثير: «وكفاية المسائل» . (الكامل 10/ 141) ، وقد اعتبر محقّقو (المنتظم) في طبعته الجديدة أن «تذكرة العالم» كتاب، و «الطريق السالم» كتابا آخر.
[3] المنتظم.
[4] طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 231.
[5] الكامل في التاريخ 10/ 141.
[6] في وفيات الأعيان 3/ 217، 218.
[7] في الوفيات بعدها: «حجّة» .
[8] زاد في الوفيات: «وأصحّها نقلا» .
[9] وزاد بعدها: «وله كتاب: «تذكرة العلم والطريق السالم» و «العدة» في أصول الفقه» .

(32/198)


فتحت، ثمّ عُزِل بأبي إسحاق بعد عشرين يوما. وذلك في سنة تسع وخمسين وأربعمائة.
وكان النّظّام أمر أن يكون المدرِّس بها أبو إسحاق، وقرروا معه أن يحضر في هذا اليوم للتدريس، فاجتمع النّاسُ، ولم يحضر أبو إسحاق، فطلب، فلم يوجد، فأُرسل إلى أبي نصر وأحضِر، ورتُب مدرِّسها. وتألم أصحاب أبي إسحاق، وفَتَرُوا عن حضور درسه، وراسلوه أنّه إنْ لم يدرس بها لزِموا ابن الصّبّاغ وتركوه. فأجاب إلى ذلك، وصُرف ابن الصّبّاغ.
قال شُجاع الذُّهْليّ: تُوُفّي أبو نصر بن الصّبّاغ في يوم الثّلاثاء ثالث عشر جُمَادَى الأولى، ودفن من الغد في داره بدرب السَّلُوليّ [1] .
قال ابن السّمعانيّ: ثمّ نُقِل إلى مقابر باب حرب [2] . وقد درس بعد أبي إسحاق سنة، ثمّ عُزِل أيضًا وعَمِي [3] .
208- عبد الوهّاب بن عليّ بن عبد الوهّاب [4] .
البغداديّ السُّكّريّ البزاز المعروف بابن اللَّوْح.
سمع من: هلال الحفّار.
وعنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنديّ.
وتُوُفّي في رمضان وله 76 سنة.
وسمع من: أبي أحمد الفرضيّ أيضًا.
209- عليّ بن أحمد بن عبد العزيز [5]
__________
[1] درب السّلوليّ من الكرخ. انظر: المنتظم، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 163، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 237، والبداية والنهاية 12/ 126، وسير أعلام النبلاء 18/ 465.
[2] سير أعلام النبلاء 18/ 465.
[3] وقال أبو الوفاء بن عقيل: ما كان يثبت مع قاضي القضاة أبي عبد الله الدامغانيّ ويشفى في مناظرته من أصحاب الشافعيّ مثل أبي نصر الصباغ. (المنتظم) .
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
[5] انظر عن (علي بن أحمد بن عبد العزيز) في: الإكمال 5/ 258 بالحاشية، وتاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 28/ 436- 438، و (مخطوطة الظاهرية) 11/ 424، ومعجم البلدان 5/ 247، وسؤالات الحافظ السلفي لخميس الحوزي 120، 121 رقم 118، والذيل

(32/199)


بن طُبَيز [1] أبو الحَسَن الأنصاريّ المَيُورْقيّ [2] ، الأندلسيّ.
حكى عن: أبي عَمْر بن عبد البرّ، وغيره.
وسمع بدمشق من: عبد العزيز الكتّانيّ، وابن طلّاب [3] .
وكان من علماء اللغة والنَّحْو، دينًا، فاضلًا، فقيهًا، عارفًا بمذهب مالك كتبَ بصور عامّة تصانيف أبي بكر الخطيب وحصلها [4] .
__________
[ () ] والتكملة لكتابي الموصول والصلة للمراكشي، السفر الخامس، القسم الأول 164، 165 رقم 325، وإنباه الرواة 2/ 230، 231 رقم 433، والمشتبه في الرجال 1/ 418، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 17/ 182، 183 رقم 65، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار 3/ 80- 85 رقم 579، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 179، 180 رقم 135، وبغية الوعاة 2/ 144 رقم 1658، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي 3/ 301، 302 رقم 1038، وتاج العروس (مادّة: طنز) .
[1] هكذا رسمت في الأصل بالطاء المهملة، والباء الموحّدة تحتها، وياء مثناة من تحتها، والزاي في آخرها.
وفي (الذيل والتكملة) : «طير» ، بالطاء المفتوحة المهملة، والياء المثنّاة من تحتها بنقطتين، وراء، ومثله في: تاريخ دمشق، ومعجم البلدان.
وفي (مختصر تاريخ دمشق) : «ظنير» ، بالظاء المعجمة، ونون مشدّدة، وياء مثناة من تحتها بنقطتين، وراء.
وفي (بغية الوعاة) : «طنيز» ، بالطاء المهملة المضمومة، ونون مشدّدة، وياء مثناة من تحتها بنقطتين، وزاي.
وقد ضبطها المؤلف الذهبي- رحمه الله- في (المشتبه) : «طنيز» بالطاء المهملة، ونون، وياء مثناة، وزاي. ومثله القفطي في (إنباه الرواة) .
أما ابن النجار فضبطها في (ذيل تاريخ بغداد) : «ظنير» ، بضم الظاء المعجمة، بعدها نون مشددة مفتوحة، وياء معجمة باثنتين من تحتها ساكنة، وراء. وقال: هكذا رأيته مقيدا بخط ناصر بن محمد.
وتابعه في ذلك الدمياطيّ في (المستفاد من ذيل تاريخ بغداد) ، ونقل المؤلف الذهبي- رحمه الله- ما ذكره ابن النجار في (المشتبه) وقال: «فيحرّر هذا» .
[2] الميورقيّ: بالميم المضمومة، والياء المعجمة باثنتين من تحتها، والواو، والراء يلتقي فيه ساكنان، ثم قاف. وقد وردت في: ذيل تاريخ بغداد، والمستفاد: «ميروقة» بتقديم الراء على الواو. وهي جزيرة في شرقي الأندلس بالقرب منها جزيرة منورقة. (بالنون) (معجم البلدان 5/ 246) .
[3] هو: أبو نصر الحسين بن أحمد بن محمد بن طلّاب المشغراني، من بلدة مشغرة بالبقاع.
(لبنان) .
[4] وقال المراكشي: أخذ بصور عن أبي علي الحسين بن سعيد بن سعيد الآمدي. (الذيل والتكملة

(32/200)


وحدَّث بالقُدس، والبحرين، وبغداد.
حكى عنه: شيخاه: الخطيب، والكتّانيّ، وعمر الرّواسيّ.
وأثنى عليه الحافظ ابن ناصر وقال: انحدر إلى البصرة وتُوُفّي بها.
وقال: سمعتُ أبا غالب محمد بن الحَسَن الماوَرْديّ يقول: قدِم علينا أبو الحَسَن سنة تسعٍ وستين، فسمع السُّنن من أبي عليّ التستريّ، وأقام عنده نحوًا من سنتين [1] ، ثمّ ذهب بعد ذلك إلى عُمان. والتقيتُ به بمكّة في سنة ثلاثٍ وسبعين. وأخبرني أنّه ركبَ البحر إلى بلاد الزَّنْج [2] ، وكان معه من العلوم أشياء، فما نفق عندهم إلّا النَّحْو.
وقال: لو أردت أن أكسب منهم آلافًا لأمكن ذلك، وقد حصل لي نحوُ من ألف دينار، وأسِفوا على خروجي من عندهم.
ثمّ إنّه عاد إلى البصرة على أن يقيم بها، فلمّا وصل إلى باب البصرة وقع عن الجمل، فمات بعد رجوعه من الحجّ [3] .
وقال ابن عساكر: [4] ثنا عَنْهُ هبة اللَّه بْن الأكفانيّ ووثقه.
قلت: وذكر وفاته هبة الله في هذه السُّنّة [5] . وأما ابن السّمعانيّ وغيره
__________
[ () ] للمراكشي 164) ، وسمع بها: أبا نصر أحمد بن محمد بن سعد الطريثيثي. (ذيل تاريخ بغداد لابن النجار 3/ 81) .
[1] زاد ابن عساكر: وحضر يوما عند أبي القاسم إبراهيم بن محمد المناديلي وكان ذا معرفة بالنحو والقراءة، وقرأ عليه جزءا من الحديث وجلس بين يديه، وكان عليه ثياب خلقة، فلما فرغ من قراءة الجزء أجلسه إلى جنبه، فلما مضى قلت له في إجلاسه إلى جنبه، فقال: قد قرأ الجزء من أوله إلى آخره وما لحن فيه، وهذا يدل على فضل كثير. (تاريخ دمشق) .
[2] تحرفت في ذيل بغداد 3/ 85 إلى «الزرنج» .
[3] تاريخ دمشق، وغيره.
[4] في تاريخ دمشق 28/ 438.
[5] وقال ابن عساكر: وقول الماوردي في وفاته أصح من قول ابن الأكفاني لأنه شاهد ذلك.
أي وفاته في سنة 474 هـ. (تاريخ دمشق) .
وعلق المراكشي على ذلك بقوله: «ليس في مساق هذا الحكاية ما يقتضي مشاهدة وفاته، وإن كان قد ذكر أنه لقيه بمكّة- شرفها الله- فتأمله، اللَّهمّ إلا أن يكون الماوردي عند ابن عساكر أضبط لهذا الشأن من ابن الأكفاني، أو يكون- عند ابن عساكر- الماوردي شاهد ذلك من وجه آخر، فاللَّه أعلم» . (الذيل والتكملة، السفر 5 ق 1/ 165) .

(32/201)


فقالوا: تُوُفّي سنة أربعٍ وسبعين، وهو أشبْه [1] .
210- عليّ بن محمد [2] .
أبو الحَسَن الغَزْنَويّ [3] .
ولي قضاء دمشق في أيام تاج الدّولة تُتُش بن ألْب أرسلان. وفي هذه السّنة ضُرِب وسجن وولي القضاء نجم القُضاة.
ذكره ابن عساكر مختصرا
__________
[1] وقال ابن النجار: قرأت في كتاب أبي القاسم هبة الله بن عبد الله الواسطي، وأنبأنا به عنه محمد بن جعفر العباسي قال: أنشدنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبد العزيز الأنصاري لعبد المحسن الصوري:
وليلة أفردتني بالسهاد فلم ... أكن بما أفردتني فيه أفردها
نام الخليّون من حولي فقلت لهم: ... ما كل عين لها عين يسهدها
أنبأنا ذاكر بن كامل الخفاف قال: كتب لي أبو الفرج غيث بن علي الصوري قال: أنشدني الشريف أبو الحسن علي بن حمزة الجعفري قال: أنشدني أبو الحسن علي بن أحمد الأندلسي:
وسائلة لتعلم كيف حالي ... فقلت لها بحال لا تسر
دفعت إلى زمان ليس فيه ... إذا فتشت عن أهليه حرّ
وقال ابن النجار: قرأت في كتاب محمد بن عبد الرزاق البازكلي بخطّه قال: توفي أبو الحسن علي بن أحمد بن عبد العزيز الأنصاري المغربي، منصرفه من الحج بطريق البصرة على مسيرة ثلاثة أيام عنها بكاظمة أو غيرها في صفر سنة خمس وسبعين وأربعمائة. (ذيل تاريخ بغداد 3/ 83 و 85) .
وقال خميس الحوزي: «قدم علينا وكان فاضلا في النحو، متقدما في العربية، وكان يتتبّع أسماء من يحضر السماع فيكتبها عن آخرها ولا يخل بأحد، فقيل له في ذلك فقال: هذا عاجل ثوابه، وإلا فمن أين لنا علم بطول العمر حتى نرويه؟
وانحدر من عندنا إلى البصرة، فسمع بها من أصحاب أبي عمرو، قال لي ابن البازكلي أبو الحسن وكان إماما في الخير، بارعا في العلوم، غاية في الصلاح: سمعت أبا الحسن الأنصاري هذا يقول للشاكر أبي عمر الحسن بن علي بن غسّان، وقد أنشده شعرا له: هذا شعر فيه روح.
وخرج إلى مكة فمات في طريقها، وكانت له معرفة بالحديث حسنة، وكان على وجهه أثر العبادة» . (سؤالات الحافظ السلفي 120، 121) .
وذكر ابن عساكر أبياتا أنشدها أبو الحسن علي الميورقي للأستاذ أبي محمد غانم بن وليد المخزومي المالقي النحويّ، ولابن رشيق القيرواني. (تاريخ دمشق) .
[2] انظر عن (علي بن محمد الغزنوي) في: تاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 37/ 385.
[3] الغزنوي: بفتح الغين المعجمة، والزاي الساكنة، ونون. نسبة إلى غزنة وهي أول بلدة من بلاد الهند. (الأنساب 9/ 142) .

(32/202)


- حرف الفاء-
211- الفضل بن محمد [1] .
أبو عليّ الفارَمْذِيّ [2] .
تُوُفّي رحمه الله في شهر ربيع الآخر. وكان شيخ الصُّوفيّة في زمانه.
ذكره عبد الغافر [3] فقال: هو شيخ الشيوخ في عصره وزمانه، [4] المنفرد بطريقته في التذكير التّي [5] لم يُسبق إليها في عبارته وتهذيبه، وحسن آدابه [6] ، ومليح استعاراته [7] ، ودقيق إشاراته ورقة ألفاظه، [8] ووقع كلامه في القلوب.
دخل نَيْسابور، وصحب زينَ الإسلام القُشَيْريّ [9] ، وأخذ في الاجتهاد البالغ. وكان ملحوظًا من الإمام بعين العناية، موفرًا عليه منه طريقة الهداية [10] .
وقد مارس في المدرسة أنواعًا من الخدمة، وقعد سنين في التفكير، وعَبَر قناطر المجاهدة، حتّى فُتِح عليه، لوامع من أنوار المشاهدة.
ثمّ عاد إلى طُوس، واتصل بالشيخ [11] أبي القاسم الكركانيّ الزّاهد [12]
__________
[1] انظر عن (الفضل بن محمد) في: الأنساب 9/ 219، والمنتخب من السياق 413، 414 رقم 1407، ومعجم البلدان 4/ 228، واللباب 2/ 405، والإعلام بوفيات الأعلام 197، وسير أعلام النبلاء 18/ 565 رقم 294، والعبر 3/ 288، ودول الإسلام 2/ 8، ومرآة الجنان 3/ 122، وطبقات الشافعية الكبرى 4/ 9، 10، وتاريخ الخميس 2/ 401، وشذرات الذهب 3/ 355، 356.
[2] الفارمذيّ: ضبطها ابن السمعاني بفتح الراء والميم، وضبطها ياقوت بسكون الراء وفتح الميم.
وهي نسبة إلى فارمذ: قرية من قرى طوس.
[3] في (المنتخب من السياق 413) .
[4] كلمة: «وزمانه» ليست في المطبوع من المنتخب.
[5] في (المنتخب) : «الّذي» .
[6] في المطبوع من (المنتخب) : «أدائه» .
[7] في المطبوع من (المنتخب) : «استعارته» .
[8] في (المنتخب) زيادة: «الفائقة» .
[9] العبارة في (المنتخب) : «تعلّم العلم في صباه، ثم دخل نيسابور ودخل مدرسة القشيرية وانخرط في سلك خدم الإمام زين الإسلام، وإرادة طريقة التصوف» .
[10] في (المنتخب) زيادة بعدها: «ملقنا ما يليق بحاله من الأذكار، إلى أن انفتح عينه، ونفذ في الطريقة» .
[11] زاد في (المنتخب) : «العارف» .
[12] كلمة «الزاهد» غير موجودة في المطبوع.

(32/203)


مصاهرةً، وصُحبةً [1] ، وجلس للتذكير، وعفّى على من كان قبله بطريقته [2] ، بحيث لم يعهد قبله مثله في التذكير. وصار من مذكّري الزّمان [3] ، ومشهوري المشايخ. ثمّ قدِم نَيْسابور، وعقد المجلس [4] ، ووقع كلامه في القلوب [5] ، وحصل له قبول عند نظام المُلْك خارج عن الحدّ، وكذلك عند الكبار.
وسمعتُ ممّن [6] أثق به أنّ الصّاحب خدمه بأنواع [7] من الخدمة، حتّى تعجب الحاضرون منه [8] .
وكان ينفق على الصوفية أكثر مما يفتح له به [9] . وكان مقصدا من الأقطار للصوفية [10] .
وكان مولده في سنة سبع وأربعمائة.
وسمع من: أبي عبد الله بن باكويه، وأبي حسّان المزكّى، وأبي منصور البغداديّ، وابن مسرور، وجماعة.
روى عنه عبد الغافر، وعبد الله بن عليّ الحركوشيّ، وعبد الله بن محمد
__________
[1] زاد بعدها في (المنتخب) : «وإرادة، ولزم ما عهده من الطريقة. وانفتح لسانه، وساعده من التوفيق بيانه، حتى قعد ... » .
[2] زاد بعدها في (المنتخب) : «وتيسر له إدراج المعاني الدقيقة، والإشارات الرقيقة في ألفاظه الرشيقة» .
[3] العبارة في (المنتخب) : «.... لم يعهد قبله مثله، وظهر كلامه وقبوله ولم يزل يترقى وتصعد أشباره رصه (كذا) وانتظام أمره، إلى أن صار من مذكوري الزمان» . (413، 414) .
[4] في (المنتخب) : «وعقد له المجلس. واجتمع عليه الطائفة» .
[5] في (المنتخب) زيادة: «وأحضر ولده الإمام أبا المحاسن نيسابور لسماع الحديث، وسمعه الكثير، من ذلك «متفق» الجوزي، سمعته معهم من الشيخ أحمد بن منصور بن خلف المغربي، بقراءة عمر بن أبي الحسن الدهستاني.
وعاد إلى طوس، واتفق له سفرات إلى البلاد وإلى مرو، وقبول عند الصاحب» .
[6] في (المنتخب) : «من» .
[7] في (المنتخب) : «خدمه بنفسه بأنواع» .
[8] زاد في (المنتخب) : «وأكرمه» .
[9] العبارة في (المنتخب) : «وكان ينفق ما يفتح له من الإرفاق على الصوفية، وما كان يدخر الكثير» .
[10] زاد في (المنتخب) : «والغرباء والطارئين بالإرادة. وكان لسان الوقت» .

(32/204)


الكوفيّ العلويّ، وأبو الخير صالح السّقّاء، وآخرون [1] .
212- أبو الفضل بن القاضي أبي بكر أحمد بن الحَسَن بن أحمد الحِيريّ [2] .
تُوُفّي فِي صفر
- حرف الميم-
213- مُحَمَّدُ بْن أَحْمَد بن إبراهيم بن سلة [3] .
أبو الطّيّب الأصبهاني.
عن: أبي عليّ الحَسَن بن عليّ بن أحمد البغداديّ.
وعنه: الحافظ أبو سعْد البغداديّ، وأبو القاسم الطّلْحيّ، وأبو الخير الباغبان، وآخرون.
حدَّث في ذي الحِجّة من السنة، وانقطع خبره.
214- محمد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن القاسم [4] .
أبو الفضل ابن العلّامة أبي الحسن المحامليّ [5] .
الفقيه الشافعيّ.
سمع: أَبَا الْحُسَيْن بْن بشران، وأبا عليّ بْن شاذان، وجماعة.
أخذ عنه: مكّيّ الرُّميليّ، وغيره.
وكان من الأذكياء.
مات في رجب عن إحدى وسبعين سنة [6] .
__________
[1] وقال عبد الغافر: «وخرج له (الأربعين) و (الفوائد) وقرئ عليه» . (المنتخب من السياق 414) .
[2] لم أقف على مصدر ترجمته. وقد ذكر ابن السمعاني أباه أبا بكر أحمد بْن الْحَسَن بْن أحمد بْن مُحَمَّد الحيريّ الحرشيّ القاضي المتوفى سنة 421 هـ. مرتين في (الأنساب 4/ 108- 110 الحرشيّ- و 4/ 289- الحيريّ) .
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] انظر عن (محمد بن أحمد المحاملي) في: المنتظم 9/ 13 رقم 15 (16/ 237 رقم 3537) .
[5] المحامليّ: بفتح الميم، والحاء المهملة، والميم بعد الألف، وفي آخرها اللام. هذه النسبة إلى المحامل التي يحتمل فيها الناس على الجمال إلى مكة. (الأنساب 11/ 152) .
[6] وقال ابن الجوزي: ولد سنة ست وأربعمائة ... وتفقّه على أبيه، وأبوه صاحب التعليقة، وحدث

(32/205)


215- محمد بن سعيد بن محمد بن فَرُّوخ زاد [1] .
القاضي أبو سعيد النوقانيّ [2] ، والفرخزادي [3] الطوسيّ.
قال السّمعانيّ: [4] فاضل، عالم، سديد السّيرة، مُكثر من الحديث.
وسمع من: ابن مَحْمِش، وعبد الله بن يوسف الأصبهاني، والسُّلميّ، ويحيى المُزَكّيّ، وأبي عَمْر البسطاميّ.
وسمع من: الثَّعْلبيّ أكثر تفسيره.
مولده سنة تسعين. وقيل: نيفٌ وتسعين وثلاثمائة.
حدث عنه: أبو سعد محمد بن أحمد الحافظ، والعباس بن محمد العصّاريّ [5] ، وأحمد بن محمد بن بِشْر النَّوْقانيّ، ومحمد بن أحمد بن عثمان النوقانيّ، وصخر بن عبيد الطّابَرَانيّ [6] .
تُوُفّي سنة سبعٍ وسبعين [7] .
قَرَأْتُ عَلَى ابْنِ عَسَاكِرَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ السَّمْعَانِيِّ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ بِنُوقَانَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، أنا أَبُو طَاهِرٍ مَحْمِشٌ، أنا صَاحِبُ ابْنِ أَحْمَدَ، نا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَرْوَزِيُّ، نا ابْنُ الْمُبَارَكِ نا مبارك بن فضالة:
__________
[ () ] عنه مشايخنا، وكان فهما فطنا، ثم إنه دخل في أشغال الدنيا.
[1] انظر عن (محمد بن سعيد) في: المنتخب من السياق 68 رقم 141 وفيه: «محمد بن سعد» .
[2] النوقاني: بفتح النون، وسكون الواو، وفتح القاف، وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى نوقان.
وهي إحدى بلدتي طوس. (الأنساب 12/ 161) .
وفي معجم البلدان 5/ 311 بضم النون. بينما قيدها في (المشترك وضعا 423) بالفتح.
[3] لم أجد هذه النسبة في المصادر.
[4] لم يذكره في (الأنساب) .
[5] العصاري: بفتح العين والصاد المهملتين وفي آخرها راء. نسبة إلى العصار. وهي إحدى الحرف. (الأنساب 8/ 462) .
[6] الطابراني: بفتح الطاء المهملة، والباء المنقوطة بواحدة بعد الألف، وفتح الراء، وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى «طابران» وهي إحدى بلدتي طوس، وقد تخفف ويسقط عنها الألف، ولكن النسبة الصحيحة إليها: «الطابراني. (الأنساب 8/ 167) .
[7] بيض عبد الغافر الفارسيّ لوفاته في (المنتخب) وقال إنه: شيخ مشهور، سمع الحديث، وقدم نيسابور مرات، وسمع الزيادي، وعبد الله بن يوسف، والطبقة، ولم يتفق لي السماع منه. أما الإجازة فصحيحة بخط الوالد.

(32/206)


حَدَّثَنِي الْحَسَنُ، عَنْ أَنَسٍ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ كَانَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَيُسْنِدُ ظَهْرَهُ إِلَى خَشَبَةٍ، فَلَمَّا كَثُرَ النَّاسُ قَالَ: «ابْنُوا لِي مِنْبَرًا لِلْحَدِيثِ» [1] .
216- محمد بن عمّار [2] .
أبو بكر المَهْريّ [3] الأندلسيّ، ذو الوزارتين.
شاعر الأندلس. كان هو وابن زيدون [4] الأندلسيّ القُرْطُبيّ كَفَرَسَيْ رِهان.
وكان ابن عمّار قد اشتمل عليه المعتمِد بن عبّاد، وبلغ الغاية القصوى، إلى أن استوزره، ثمّ جعله نائبًا له على مَرْسِية، فعصى بها على المعتمد، فلم يزل يحتال عليه ويتلطف إلى أن وقع في يده، فذبحه صبرا بيده، لعصيانه [5] ،
__________
[1] رواه أحمد في المسند 3/ 226.
[2] انظر عن (محمد بن عمّار) في: قلائد العقيان للفتح بن خاقان 85، والذخيرة في محاسن أهل الجزيرة لابن بسام، ق 2 مجلد 1/ 368- 433، وخريدة القصر (قسم شعراء الأندلس) ق 4 ج 2/ 59، وبغية الملتمس 113 رقم 227، والمطرب لابن دحية 169، والمعجب للمراكشي 77، والحلّة السيراء لابن الأبار 1/ 205 و 2/ 62، 63، 84، 116، 119- 124 (131- 165 رقم 133) ، 173، 174، 300، والمغرب في حليّ المغرب 1/ 389- 391، رقم 279، ووفيات الأعيان 4/ 425- 429 رقم 669، ورايات المبرزين لابن سعيد 25، وأعمال الأعلام 160، والعبر 3/ 288، وسير أعلام النبلاء 18/ 582- 584 رقم 304، ومرآة الجنان 3/ 120، 121، والوافي بالوفيات 4/ 229- 234 رقم 1760، ونفح الطيب 1/ 652- 656، وشذرات الذهب 3/ 356، 357، وهدية العارفين 2/ 74، ومعجم المؤلفين 11/ 74.
وللدكتور صلاح خالص مؤلف به عنه جمع فيه شعره، وطبع في بغداد سنة 1957. ونشر الدكتور ثروت أباظة دراسة عنه في كتيب صدر ضمن سلسلة «اقرأ» المصرية.
[3] في الأصل: «المهدي» ، والصحيح ما أثبتناه، وهو بفتح الميم وسكون الهاء، والراء. هذه النسبة إلى مهرة بن حيدان بن عمرو بن الحاف بن قضاعة. قبيلة كبيرة. (الأنساب 11/ 539، اللباب 3/ 275) .
وقال ياقوت: مهرة بالفتح ثم السكون. هكذا يرويه عامة الناس، والصحيح مهرة بالتحريك.
وجدته بخطوط جماعة من أئمة العلم القدماء لا يختلفون فيه. (معجم البلدان 5/ 234) .
[4] هو أبو الوليد أحمد بن عبد الله بن أحمد بن غالب بن زيدون الأندلسي، توفي 463 هـ.
وتقدمت ترجمته في الطبقة السابقة.
[5] وفيات الأعيان 4/ 425، وزعموا أن المعتمد أخذ طبرزينا ودخل إليه، ففزع كما كان في قيوده إلى تقبيل رجليه، فضربه به، ثم أمر فأجهز عليه.
مما يشهد أنه باشر قتله قول عبد الجليل بن وهبون يرثيه ببيت مفرد وهو:
عجبا لمن أبكيه ملء مدامعي ... وأقول: لا شك يمين القاتل
وأخبر ذو الوزارتين صاحب المدينة أبو محمد عبد الله بن سلام- بتخفيف اللام- الشلبي، وكان من صميم إخوان ابن عمار، قال: إني لفي أرجى ما كنت لإقالة ابن عمّار، وقد هيأت

(32/207)


ولكونه هجا المعتمِد وآباءه، بقوله:
مما يُقَبِّحُ عندي ذِكْر أندلُس ... سماعُ معتمد فيها ومُعْتَضِد
أسماءُ [1] مملكةٍ في غير موضعها ... كالهرّ يَحكي [2] انتفاخًا صَوْلَةَ الأسدِ
[3] وقيل: قتله في سنة تسع وسبعين [4] .
__________
[ () ] لخروجه مجلسا من أحسن مجالس دوري يقيم فيه ريثما تخلى له دوره، إذا رسول المعتمد يستدعيني، فما شككت في تمام ما كنت أريده لابن عمّار، فلما وصلت فصيل العصر، إذا هو متشحط في دمائه، ممرغ في ثيابه، طريح في قيده. فقال لي الفتيان: يقول لك السلطان:
هذا صديقك الّذي كنت أعددت له، سير به وأنزله، فأمرت من حضرني من الحرس بسحبه في أسماله، طورا على وجهه وتارة على قذاله، إلى أساس جدار قريب من سواقي القصر، فطرح في حوض محتفر للجيار، وهدم عليه شفيره. (الحلة السيراء 2/ 159، 160) .
[1] في ديوان ابن رشيق 60: «ألقاب» .
[2] في الأصل: «تحكي» ، والتصحيح من الديوان، ووفيات الأعيان، وغيره.
[3] البيتان لابن رشيق القيرواني في ديوانه 59، 60، وقد نسبهما المؤلف الذهبي- رحمه الله- لابن عمار، هنا وفي سير أعلام النبلاء 18/ 583 متابعة لابن خلكان الّذي ذكرهما في (وفيات الأعيان 4/ 428) ولم ينسبهما غيرهما ممّن ترجم لابن عمّار إلّا لابن رشيق.
[4] قيل: قتله سنة 477 هـ. وقيل 479 هـ. ويقال 478 هـ.
وقيل في قتله إن من أقوى الأسباب لذلك أن ابن عمّار هجا المعتمد بشعر ذكر فيه أمّ بنيه المعروفة بالرميكية. واشتهر من ذلك قوله من القصيدة الطائرة:
ألا حيّ بالغرب حيا حلالا ... أناخوا جمالا وحازوا جمالا
ومنها:
تخيرتها من بنات الهجان ... رميكية لا تساوي عقالا
فجاءت بكل قصير الذراع ... لئيم النجارين عمّا وخالا
ومنها:
فيا عامر الخيل يا زيدها ... منعت القرى وأبحت العيالا
وأفحش غاية الفحش، ولم يفكر في العواقب. ثم إنه خرج من مرسية لإصلاح بعض الحصون، فثار عليه في مرسية ابن رشيق فأغلق أبوابها في وجهه، فعدل إلى المؤتمن بن هود، ورغبه في أن يوجه معه جيشا ليأخذ له شقورة من يد عتاد الدولة، فخدعه عتاد الدولة حتى حصل في سجنه، وبعث فيه ابن صمادح مالا لعداوته له، وكذلك ابن عبّاد، فقال ابن عمار:
أصبحت في السوق ينادى على ... رأسي بأنواع من المال
تاللَّه لا جار على ماله ... من ضمني بالثمن الغالي
وآل أمره إلى أن باعه من ابن عباد، فجاء به ابنه الراضي إلى إشبيلية على أسوأ حال، وسجنه ابن عباد في بيت في قصره. ولم يزل يستعطفه وهو لا يتعطف له، إلى أن كان ليلة يشرب، فذكرته الرميكية به، وأنشدته هجاءه فيه، وقالت له: قد شاع أنك تعفو عنه، وكيف يكون ذلك بعد ما نازعك ملكك، ونال من عرض حرمك، وهذان لا تحتملهما الملوك. فثار عند ذلك، وقصد البيت الّذي هو فيه، فهش إليه ابن عمّار، فضربه بطبرزين شق به رأسه، ورجع إلى

(32/208)


ومن شعره:
أَدرِ الزُّجاجَةَ فالنّسيمُ قد انْبَرى [1] ... والنَّجْمُ قد صرف العِنانَ عن السُّرَى [2]
والصُّبُح قد أهدى لنا كافورِهُ ... لمّا استردّ اللَّيلُ منّا العنْبُرا
منها:
ملكٌ إذا ازدحم الملوكُ بمَوْرِدٍ ... ونَحَاهُ لا يردوه [3] حتّى يصدُرا
أنْدَى على الأكباد من قَطْرِ النَّدى [4] ... وأَلَذُّ في الأجفان من سِنة الكَرَى
قَدَّاحُ زَنْد المجدِ لا ينفك من ... نار الوَغَى إلًا إلى نار القِرى [5]
جَلَّلْتَ [6] رُمْحَكَ من رُءوس كُمَاتِهِم ... لمّا رأيت الغُصْنَ يُعَشْق مُثِمرًا
والسَّيفُ أفصحُ من زِيادٍ خُطْبةً ... في الحرب إنْ كانت يمينُك مِنْبَرا
[7] وله:
عليّ وإلّا ما بكاءُ الغمائمِ؟ ... وفيَّ وإلّا ما نِياحُ [8] الحمائمِ؟
وعنيّ أثارَ الرَّعدُ صَرْخَةَ طالبٍ ... لثأرٍ وهَزَّ البْرقُ صفحة جارم
وما لبست زهر النجوم جدادها ... لغيري ولا قامت له في مأتمِ
منها:
أبى الله أنْ تَلْقاه إلّا مقلَّدًا ... حَمِيلةَ سيْفٍ أو حمالة غارم
[9]
__________
[ () ] الرميكية، وقال: قد تركته كالهدهد.
(المغرب 1/ 390، 391، وفيات الأعيان 4/ 428، 429) .
[1] في الأصل: «النبرا» .
[2] في الأصل: «السرا» .
[3] في قلائد العقيان، ووفيات الأعيان: «يردون» .
[4] في الأصل: «الندا» .
[5] في الأصل: «القرا» ، وحتى هنا في: وفيات الأعيان 4/ 426.
[6] في الوافي بالوفيات: «أثمرت» ، وكذا في المغرب 1/ 391.
[7] الأبيات في: قلائد العقيان 96، والمغرب في حلى المغرب 1/ 391 وفيه الأبيات: الأول والثاني، والرابع والخامس، والوافي بالوفيات 4/ 230، 231 ما عدا البيت الأخير.
[8] في وفيات الأعيان، والوافي بالوفيات: «فيم نوح» .
[9] ورد هذا البيت في: الذخيرة:
أبى أن يراه الله غير مقلد ... حمالة سيف أبو حمالة غارم
والأبيات في: الذخيرة ق 2 مجلد 1/ 376 من قصيدة طويلة، وسير أعلام النبلاء 18/ 584،

(32/209)


وقد جال ابن عمّار في الأندلس، ومدح الملوك والرؤساء، حتّى السُّوقَة، حتّى أنّه مدح رجلا مرة، فأعطاه مخلاة شعيرا لحماره، وكان ذلك الرجل فقيرًا.
ثمّ آل بابن عمّار الأمر إلى أن نفق على المعتمد، ووّلاه مدينة شِلْب [1] ، فملأ لصاحب الشعير مِخلاة دراهم، وقال للرسول: قل له: لو ملأتها بُرًا لملأناها تِبْرًا [2] .
ولمّا استولى على مُرْسِية خلع المعتمد، ثمّ عمل عليه أهل مُرْسية فهربَ ولجأ إلى بني هُود بسرَقُسْطَة، فلم يقبلوه، ثمّ وقع إلى حصن شقُّوَرة فأحسن متولّيه نُزُلَه، ثمّ بعد أيّام قيده، ثمّ أُحضر إلى قُرْطُبة مقيدًا على بغلٍ بين عِدْلي تِبْنٍ لِيَراه النّاس [3] .
وقد كان قبل هذا إذا دخل قُرْطُبة اهتزت له، فسجنه المعتمد مدَّةً، فقال في السّجن قصائد لو توسل بها إلى الزّمان لنَزَع عن جَوْره، أو إلى الفُلْك لكَفّ عن دَوْره، فكانت رقيً لم تنْجَع، وتمائم لم تنفع، منها:
سجاياكَ- إن عافَيتَ- أنْدى وأسْجحُ [4] ... وعُذرك- إنّ عاقبتَ- أجْلَى وأوْضحُ
وإنْ كان بين الخُطَّتَيْن مَزِيَّةٌ ... فأنتَ إلى الأدْنى من الله تجنح [5]
حنانيك في أخْذي برأيك، لا تُطِعْ ... عِدايَ [6] ، ولو أثْنَوا عليك [7] وأفصحوا
أقلني بما بني وبينك مِن رضى ... له نحو روح الله باب مفتح
ولا تلفت قولَ الوشاة ورأيهم [8] ... فكُل إناءٍ بالّذي فيه يرشح
[9]
__________
[ () ] وورد البيت الأول فقط في: الحلة السيراء 2/ 148، ووفيات الأعيان 4/ 427، والوافي بالوفيات 4/ 232 مع أبيات أخرى.
[1] شلب: بكسر الشين المعجمة، وسكون اللام وبعدها باء موحدة. مدينة بالأندلس على ساحل البحر. (وفيات الأعيان 4/ 428) .
[2] سير أعلام النبلاء 18/ 583.
[3] الحلة السيراء 2/ 151.
[4] في الحلة: «وأسمح» .
[5] في الحلة: «أجنح» .
[6] في الحلة: «وشاتي» .
[7] في الحلة: «عليّ» .
[8] في الحلة: «ولا تستمع زور الوشاة وإفكهم» .
[9] الأبيات من قصيدة طويلة في: الذخير، والحلة السيراء 2/ 153، والمعجب لعبد الواحد

(32/210)


217- محمد بن محمد بن أصبغ [1] أبو عبد الله الأزْديّ القُرْطُبيّ، خطيب قُرْطُبة.
جوَّد القرآن على مكّيّ بن أبي طالب.
وأخذ عن: حاتم بن محمد، ومحمد بن عتاب، وجماعة.
وكان فاضلا، دينا، متواضعا، مقرئا، كثير العناية بالعِلم.
ولا نعلمه حدَّث.
218- محمد بن محمود بن سَوْرة [2] .
الفقيه أبو بكر التّميميّ النَّيْسابوريّ، ختن أبي عثمان الصابونيً على ابنته.
سمع: ابن مَحْمِش الزياديّ، وأبا عبد الرحمن السُّلميّ.
روى عنه: زاهر ووجيه ابنا الشّحّاميّ، وجماعة.
تُوُفّي في ربيع الأوّل.
وروى عنه: سعيدة بنت زاهر، وعبد الله بن الفُراويّ.
219- محمد بن محمد بن جعفر [3] .
أبو الحَسَن النّاصحّي النَّيْسابوريّ الفقيه [4] .
كان ديِّنًا ورِعًا فاضلًا.
روى عن: أصحاب الأصمّ.
روى عنه: عبد الغافر بن إسماعيل.
يروى عن: الحِيريّ، والسُّلميّ.
وتفقه على أبي محمد الجوينيّ [5] .
__________
[ () ] المراكشي 126، 127.
[1] انظر عن (محمد بن محمد) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 554 رقم 1214، وغاية النهاية 2/ 239 رقم 3403.
[2] انظر عن (محمد بن محمود بن سورة) في: المنتخب من السياق 62 رقم 121.
[3] انظر عن (محمد الناصحي) في: المنتخب من السياق 63 رقم 122، والأنساب 12/ 16، 17.
[4] وكانت ولادته سنة 403 هـ.
[5] جاء في المنتخب أنه توفي في شعبان سنة تسع وسبعين وأربعمائة، وكذا في الأنساب 12/ 17.
ولهذا ينبغي أن تحوّل هذه الترجمة من هنا وتؤخر إلى وفيات سنة 479 هـ.

(32/211)


220- مسعود الرَّكّاب [1] .
الحافظ.
قال ابن النّجّار: قدِم بغداد بعد الثّلاثين وأربعمائة، فسمع من بُشْرَى مولى فاتن، وجماعة.
وبواسط من: أحمد بن المظفّر العطّار.
سمع منه الصُّوريّ [2] ، وهو شيخه.
وقال عبد الغافر الفارسيّ: [3] كان متقنا ورعا، قصير اليد، زجّى عمره كذلك [4] إلى أن ارتبطه نظام المُلْك بَبْيَهق مدّةً، ثمّ بطُوس للاستفادة منه [5] . وكان يُسمع إلى آخر عمره.
وقال أحمد بن ثابت الطُّرفيّ: سمعتُ ابن الخاضبة يقول: كان مسعود
__________
[1] انظر عن (مسعود الركاب) في: الأنساب 7/ 47، والمنتظم 9/ 14 (16/ 237، 238 رقم 3538) ، والمنتخب من السياق 434 رقم 1472، والمختصر الأول من السياق 78 أ، والتقييد لابن نقطة 444 رقم 593، والإستدراك، له (مخطوط) ورقة 253 ب، وسير أعلام النبلاء 18/ 532- 535 رقم 273، والإعلام بوفيات الأعلام 197، وتذكرة الحفاظ 4/ 1216- 1218، والعبر 3/ 289، والمعين في طبقات المحدثين 137 رقم 1513، ومرآة الجنان 3/ 122، والبداية والنهاية 12/ 127، وطبقات الحافظ 446، وشذرات الذهب 3/ 357، والأعلام 7/ 221.
وسيعيده المؤلف- رحمه الله- في الترجمة التالية، ويذكر اسمه كاملا.
[2] هو الحافظ أبو عبد الله محمد بن علي الصوري، توفي سنة 441 هـ.
[3] في (المنتخب من السياق 434) .
[4] في المطبوع من (المنتخب) : «زجى عمره وكذلك» .
[5] إلى هنا ينتهي النقل عن (المنتخب) . وقد قال فيه عبد الغافر أيضا:
«أبو سعيد الركاب الحافظ، أحد حفاظ عصرنا المتقنين المكثرين، جال في الآفاق، وسمع الكثير الخارج عن القياس بخراسان، وببلده، وبالعراق، وبالجبال، وكتب الكثير، وجمع الأبواب، وصنف التصانيف الحسان، وكتب من الطبقات والتواريخ والمجموعات، والكتب المصنفة في علم الحديث. ما لا يحصى ...
وكان من المختصين بعناية ناصح الدولة أبي محمد الفندورجي، وكان يجري عليه من جهة الصاحب مرسوما مشاهرة يفي بما يحتاج إليه.
توفي بنيسابور في المكتب النظامي ...
وجمع لنفسه معجم الشيوخ في أجزاء، وجمع الفوائد، وأملى سنين، وأملى بطوس مدة، وانتخب على المشايخ الكثير، عددنا في كتبه قريبا من ستين مجموعا من التواريخ سوى سائر الأجناس» . (المنتخب 434، 435) ، وانظر: المنتظم.

(32/212)


قدريا. سمعته قرأها: فَحَجَّ آدَمَ، بالنَّصْب [1] .
221- مسعود بن ناصر بن أبي زيد عبد الله بن أحمد [2] .
أبو سعيد السَّجْزيّ [3] الرّكّاب الحافظ. أحد الرّحّالين والحُفّاظ، صنَّف التّصانيف وجمع الأبواب، وسمع بسِجِسْتان من: أبي الحَسَن عليّ بن بُشْرَى، وأبي سعيد عثمان النُّوقانيّ [4] .
وبَهَراة من: محمد بن عبد الرحمن الدّبّاس وسعيد بن العبّاس القُرَشيّ، وأبي أحمد منصور بن محمد بن محمد الأزْديّ.
وبنيسابور مِن: أَبِي حسّان محمد بن أحمد المزكّي، وأبي سعد النّصروييّ [5] وأبي حفص بن مسرور.
وبَبغداد من: ابن غَيْلان، وأبي محمد الخلّال، والتَّنُوخيّ.
وبإصبهان من: ابن رِيذَة [6] ، وخلْق كثير.
روى عنه: محمد بن عبد العزيز العِجْليّ المَرْوَزِيّ، وأبو بكر عبد الواحد بن الفضل الطُّوسيّ، وأبو نصر الغازي، وهبة الرحمن بن القُشَيْريّ، وأبو الغنائم النّرْسيّ والحافظ أبو بكر الخطيب مع تقدُّمه، ومحمد بن عبد الواحد
__________
[1] المنتظم 9/ 14 (16/ 238) ، تذكرة الحفاظ 4/ 1217، سير أعلام النبلاء 18/ 533.
[2] في الهامش: «ث. المترجمان المسعودان، أي هذا والّذي قبله، واحد. ولم ينبّه المصنف على ذلك.
[3] السجزيّ: بكسر السين المهملة، وسكون الجيم، وفي آخرها زي. هذه النسبة إلى سجستان إحدى بلاد كابل، على غير قياس. والقياس: السجستاني. (الأنساب 7/ 47) .
وقد تصحّفت هذه النسبة في: لمنتظم) بطبعتيه القديمة والجديدة إلى «الشجري» - ولعمري- كيف لا يصحّح محققو الطبعة الجديدة هذا الغلط، أو يشيرون إلى اختلافه عن المصادر التي اعتمدوها على الأقل؟
وورد في (شذرات الذهب 3/ 357) : «الشجري» .
[4] تقدم التعريف بهذه النسبة في الترجمة رقم (215) .
[5] النصرويي: بفتح النون، وسكون الصاد المهملة، والراء المضمومة، وفي آخرها الياء المنقوطة باثنتين من تحتها. هذه النسبة إلى نصرويه، وهو في أجداد المنتسب. (الأنساب 12/ 91) .
[6] في الأصل: «ريدة» وهو: أبو بكر محمد بن عبد الله بن أحمد الأصبهاني ابن ريذة.

(32/213)


الدّقاق وقال: ولم أر فيهم- يعني المحدّثين- أجود إتقانًا ولا أحسن ضَبْطًا منه [1] .
وقال زاهر الشّحّاميّ: كان مسعود بن ناصر يذهب إلى رأي القَدَريّة، ويميل إليهم- وكان يقرأها في الحديث: فَحَجَّ آدَمَ مُوسَى [2] وقد روى أبو بكر الخطيب عن مسعود.
وتُوُفّي بَنْيسابور في جُمَادَى الأولى، وصلى عليه أبو المعالي الْجُوَيْنيّ، ووقفَ كُتُبَه بَنْيسابور، وكانت كثيرة نفيسة [3] .
222- منصور بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ منصور المنصوريّ [4] .
الفقيه أبو القاسم الطُّوسيّ.
روى عن أصحاب الأصمّ، مثل أبي بكر الحِيريّ، وأبي سعيد الصَّيْرَفيّ، وروى عنه عبد الغافر وقال: تُوُفّي ليلة عيد الأضحى، وكان صالحًا مكثرًا [5]
- حرف النون-
223- نصْر بن بِشْر [6] .
أبو القاسم الشّافعيّ [7] .
سمع: أبا عليّ بن شاذان وجماعة.
وتفقه على القاضي أبي الطّيّب.
ونزل البصرة.
سمع منه: الحميديّ، وشجاع الذهليّ.
__________
[1] تذكرة الحفاظ 4/ 1217، سير أعلام النبلاء 18/ 533.
[2] المنتظم، سير أعلام النبلاء 18/ 533، تذكرة الحفاظ 4/ 1217.
[3] المنتظم 9/ 14 (16/ 238)
[4] انظر عن (منصور بن عبد الله) في: المنتخب من السياق 441 رقم 1491، والمختصر الأول من المنتخب (مخطوط) ورقة 79 ب.
[5] وقال عبد الغافر: «صالح عفيف مستور، محبّ للعلم وأهله، مواظب على حضور المجالس للتدريس والحديث.
ولد سنة أربع وتسعين وثلاثمائة.
وسمع من [الطبقة] الثانية، ثم عن المتأخرين مداوما عليه إلى موته» .
[6] انظر عن (نصر بن بشر) في: طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/ 29 وفيه: «نصر بن بشر بن علي العراقي» .
[7] وقال السبكي: نزيل البصرة، ولي القضاء ببعض نواحيها. سمع أبا القاسم بن بشران ...

(32/214)


سنة ثمان وسبعين وأربعمائة
- حرف الألف-
224- أحمدُ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن أبي الحسين [1] .
الشّيخ أبو الحَسَن الكيّاليّ النَّيْسابوريّ المشّاط المقرئ.
شيخ ثقة، جليل، عالم، ذو ثروة وحِشْمة.
روى عن: أبي نصر محمد بن الفضل بن عقيل، وابن مَحْمِش الزَّياديّ، وعبد الله بن يوسف الإصبهان.
ثم سمع الكثير مع ابنه مسعود من: أبي بكر الحِيريّ، وأبي الحَسَن السّقّاء، وأبي سعْد الصَّيْرَفيّ.
ذكره عبد الغافر فأثنى عليه وقال: قيل كان له سماع من أبي الحُسين الخفّاف [2] .
وُلِد سنة أربع وثمانين. وتُوُفّي في سابع عشر جُمَادَى الأولى سنة ثمان.
روى عنه: عبد الغافر المذكور، وإسماعيل بن المؤذّن، وإسماعيل بن عبد الرحمن العصائديّ [3] وأحمد بن الحَسَن الكاتب، وآخرون.
وقلّ ما روى.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن عبد الرحمن بن محمد) في: المنتخب من السياق 109 رقم 239.
[2] وقال في ترجمته: «شيخ مشهور، ثقة، رجل من الرجال ذوي الرأي الصائب والتدريس النافع والأمانة والصيانة والثروة من الضياع. كنا نزوره ونقرأ عليه أجزاء من تصانيف ابن أبي الدنيا وغيره» .
[3] العصائدي: بفتح العين والصاد المهملتين، والياء المنقوطة باثنتين من تحتها وفي آخرها الدال. هذه النسبة إلى عمل «العصيدة» . (الأنساب 8/ 463) .

(32/215)


225- أحمد بن عَمْر بن أنّس بن دُلْهاث بن أنّس بن فَلْذان بن عَمْر بن منيب [1] .
أبو العباس العذريّ الدّلائيّ [2] . ودَلايةَ من عمل المَريّة.
رحل مع أبَوَيْه فدخلوا مكّة في رمضان سنة ثمان وأربعمائة، وجاوروا بها ثمانية أعوام، فأكثر عن أبي العبّاس الرّازيّ راوي «صحيح مسلم» ، وأبي الحسن بن جهضم، وأبي بكر بن نوح، وعليّ بن بندار القزويني.
وصحب أبا ذرّ، وسمع منه «البخاريّ» سبْعَ مرات.
وسمع من جماعة من الحَجَّاج، ولم يسمع بمصر شيئًا [3] .
وكتب بالأندلس عن أبي عليّ البجانيّ الحسين بن يعقوب صاحب سعيد بن فَحْلُون، وعن أبي عَمْر بن عفيف، والقاضي يونس بن عبد الله، والمهلب بن أبي صُفْرة، وأبي عَمْرو [4] السَّفَاقُسيّ [5] .
وكان مَعْنِيا بالحديث، ثقة، مشهورًا، عالي الإسناد، ألحق الأصاغر بالأكابر [6]
__________
[1] انظر عن (أحمد بن عمر) في: جذوة المقتبس للحميدي 136- 139، والأنساب 5/ 389، والصلة لابن بشكوال 1/ 66- 67، وبغية الملتمس للضبيّ 195- 197، ومعجم البلدان 2/ 460، واللباب 1/ 522، وسير أعلام النبلاء 18/ 567، 568 رقم 296، والإعلام بوفيات الأعلام 197، والمعين في طبقات المحدّثين 137 رقم 1514، والعبر 3/ 290، ودول الإسلام 2/ 8، ومرآة الجنان 3/ 122، وتبصير المنتبه 570، 1400، وشذرات الذهب 3/ 357، 358، وإيضاح المكنون 1/ 104 و 2/ 656، وهدية العارفين 1/ 780 وشجرة النور الزكية 1/ 121 رقم 344، ومدرسة الحديث في القيروان 2/ 752، ومعجم المؤلفين 2/ 29.
[2] الدّلائيّ: بفتح الدال المهملة وبعدها اللام ألف، هذه النسبة إلى دلاية، وهي بلدة قريبة من المرية، وهي بلدة على ساحل من سواحل بحر الأندلس. (الأنساب 5/ 389) .
[3] هكذا في الصلة 1/ 97، بينما ورد في (الأنساب 5/ 389) أنه سمع «بمصر جماعة» .
[4] هكذا ضبط في الأصل وجود. في (الصلة 1/ 67) : «عمر» بفتح العين المهملة وسكون الميم وتنوين الراء بكسرتين، مما يعني أنها: «عمرو» ، ولكن سقطت الواو من المطبوع.
وفي سير أعلام النبلاء 18/ 567 «عمر» .
[5] السفاقسي: بفتح أوله، وبعد الألف قاف (مضمومة) وآخره سين مهملة. مدينة من نواحي إفريقية، جل غلاتها الزيتون وهي على ضفّة الساحل، بينها وبين سوسة يومان، وبين قابس ثلاثة أيام. (معجم البلدان 3/ 223) .
[6] قال ابن بشكوال: «كان معتنيا بالحديث ونقله وروايته وضبطه، مع ثقته وجلالة قدره وعلو إسناده» . (الصلة 1/ 67) .

(32/216)


حدَّث عَنْه: إماما الأندلس: أبو عمر بن عبد البَرّ وأبو محمد بن حَزْم، وأبو الوليد الوَقْشيّ، وطاهر بن مُفوَّز، وأبو عليّ الغسّانيّ، وأبو عبد الله الحُمَيْدِيّ وأبو عليّ الصَّدَفيّ، وأبو بحر سُفيان بن العاص، والقاضي أبو عبد الله بن شبرين، وجماعة كثيرة [1] .
ووُلِد في رابع ذي القعدة سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة.
ومات في سَلْخ شعبان [2] . وصلى عليه ابنه أنّس.
وقد صنَّف كتاب «دلائل النُّبُوَّة» ، وكتاب «المسالك والممالك» [3] .
قلت: أحسبه آخر من روى عن ابن جَهْضَم في الدّنيا.
قال ابن سُكَّرة: أنا أبو العبّاس العُذريّ، ثنا محمد بن نوح الأصبهاني بمكّة، ثنا أبو القاسم الطّبَرانيّ، فذكر حديثًا.
226- أحمد بن عيسى بن عبّاد بن عيسى بن موسى [4] .
أبو الفضل الدينَوَريّ، المعروف بابن الأستاذ.
قدم هَمَذان قبل السبعين، وحدَّث عن: أبيه أبي القاسم، وأبي بكر بن لال، وأحمد بن تُرْكان، وعبد الرحمن الإمام، وعبد الرحمن الصّفّار، وطاهر بن
__________
[1] الصلة 1/ 67.
[2] قال الحميدي: وسمعنا منه بالأندلس، وكان حيّا بها وقت خروجي في سنة ثمان وأربعين وأربعمائة. (جذوة المقتبس 137) .
وقال ابن السمعاني: سمع منه أبو عبد الله محمد بن أبي نصر الحميدي الحافظ، وقال: كان حيا قبل سنة خمسين وأربعمائة. (الأنساب 5/ 389) . «أقول» : قارن قول ابن السمعاني بما قاله الحميدي في كتابه.
وقال ابن بشكوال: رحل إلى المشرق مع أبويه سنة سبع وأربعمائة، ووصلوا إلى بيت الله الحرام في شهر رمضان سنة ثمان، وجاورا به أعواما جمة، وانصرف عن مكة سنة ست عشرة ... قال أبو علي: أخبرني أبو العباس أن مولده في ذي القعدة ليلة السبت لأربع خلون.
منه سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة، وتوفي رحمه الله في آخر شعبان سنة ثمان وسبعين وأربعمائة، ودفن بمقبرة الحوض بالمرية، وصلى عليه ابنه أنس بتقديم المعتصم باللَّه محمد بن معن. (الصلة 1/ 66 و 67) ومثله في (بغية الملتمس 197) .
[3] سماه ياقوت: «نظام المرجان في المسالك والممالك» (معجم البلدان 2/ 460) ومثله في:
إيضاح المكنون 2/ 656.
[4] انظر عن (أحمد بن عيسى) في: سير أعلام النبلاء 18/ 584، 585 رقم 305 و 18/ 606، 607 رقم 305، والوافي بالوفيات 7/ 272.

(32/217)


ماهلة، وأبي عمر بن مهديّ، وعليّ البَيِّع، وجماعة.
قال شيرُوَيْه: سمعتُ منه بهمذان، والدينور، وكان صدوقًا. سألته عن مولده فقال: وُلدتُ سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة.
ومات بالدينور سنة ثمانٍ [1] .
قلت: فيكون عمره سبْعًا وتسعين سنة، وكان رحمه الله مُسْنِد تلك الدِّيار في زمانه.
227- أحمد بن محمد [2] .
أبو العبّاس النَّيْسابوريّ التّاجر الصّوفيّ، المعروف بأحمد محمود. خادم الفقراء في مدرسة الحدّادين [3] سنين.
وقد خدم الشّيخ محمود الصُوفي مدّة، ولِذا نُسب إليه.
وقد ورث عن أبيه أموالًا جمّة، أنفقها على الفقراء.
وقد تخرّج به جماعة، وكان له نَفَسٌ صادق، وقَبُول بين الأكابر. يفتح على يديه ولسانه للفقراء أنواع الفتوح.
وقد سمع من أبي حفص بن مسرور.
وتُوُفّي رحمه الله بناحية جوين في شعبان كهلًا.
228- أحمد بن محمد بن الحَسَن بن فُورك [4] .
أبو بكر الزُّهْريّ النَّيْسابوريّ سبط الأستاذ أبي بكر بن فورك كان أحد الكُتَّاب والمترسلين، يلبس الحرير.
سمع «مسند الشّافعيّ» من أبي بكر الحيريّ» .
__________
[1] سير أعلام النبلاء 18/ 584، 585 و 18/ 607.
[2] انظر عن (أحمد بن محمد النيسابورىّ) في: المنتخب: من السياق 117، 118 رقم 260.
[3] وقع في المطبوع من (المنتخب) : «الحداد» .
[4] انظر عن (أحمد بن محمد الزهري) في: المنتظم 9/ 17 رقم 17 (16/ 243 رقم 3539) ، والمنتخب من السياق 111، 112 رقم 244، والبداية والنهاية 12/ 127، ولسان الميزان 1/ 304، 305 رقم 904، والنجوم الزاهرة 5/ 121 وفيه: «أحمد بن الحسن بن محمد بن إبراهيم» .

(32/218)


وسمع من أبي حفص بن مسرور [1] ، وجماعة.
وكان زوج بنت القُشَيْريّ، ذكيًّا، مُناظرًا، واعظًا، شَهْمًا، مُقبِلًا على طلب الجاه والتقدّم، وبسببه وقعت فتنة ببغداد بين الحنابلة والأشاعرة.
وقد روى عنه: إسماعيل بن محمد التَّيْميّ الحافظ، وأبو القاسم إسماعيل بن السَّمَرْقَنديّ، وغيرهما.
ووعظ ببغداد، ونَفَقَ سُوقُه وزادت حشمته وأملاكه ببغداد، وتردّد مراتٍ إلى المعسكر. وكان نظام المُلْك يُكرمه ويحترمه.
قال ابن ناصر: كان داعيةً إلى البدْعة [2] ، يأخذ مَكْس الفحْم من الحدادين.
229- أحمد بن محمد بن الحَسَن بن داود الأصبهانيّ [3] .
الخيّاط، سبط محمد بن عمر الجرواءانيّ [4] .
مات فجأةً في سَلخ ذي القعدة.
230- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد بن يحيى بن خليل بن ماسوَيْه.
أبو العباس بن الحداد الأنصاريّ البلنسيّ.
__________
[1] في الأصل: «مسرور» بإسقاط الراء الثانية.
[2] قال ابن حجر: قول ابن ناصر يريد أنه كان أشعريا.
وقال ابن خيرون: وكان سماعه صحيحا.
وقال ابن السمعاني: كان متكلما فاضلا، واعظا، درس الكلام على ابن الحسين القزاز، وتزوج بنت القشيري الوسطى، ولزم العسكر، ... وكان سماعه بخط أبي صالح المؤذن. سألت عنه الأنماطي فقال: كان يأخذ مكس الفحامين.
ووقع في (لسان الميزان 1/ 305) أنه مات في شعبان سنة ثمان عشرة وأربعمائة، وهذا غلط.
[3] لم أجد مصدر ترجمته. بل وجدت جدّه لأمه «محمد بن عمر» في: (الأنساب 4/ 236) .
[4] في الأصل: «الجرواني» ، والتصحيح من: الأنساب وغيره: بفتح الجيم وسكون الراء، والألفين الممدودتين بعد الواو وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى جرواآن. وهي محلة كبيرة بأصبهان يقال لها بالعجمية كرواآن.
أما محمد بن عمر فكان زاهدا ورعا صلبا في السّنّة، وليّا من أولياء الله. ولد سنة 376 وتوفي سنة 442 هـ. (الأنساب 3/ 236، 237) .

(32/219)


حجّ سنة اثنتين وخمسين، ودخل إلى خُراسان، وعاد إلى مصر.
وكان واسع العلم والرواية.
ذكره ابن الآبّار في «تاريخه» .
231- إسماعيل بن أحمد بن عبد العزيز [1] .
أبو القاسم السّياريّ العطّار النَّيْسابوريّ.
شيخ، معتَمَد، رئيس.
صحب أبا محمد الْجُوَيْنيّ، وسمع ابن مَحْمِش الزّياديّ.
وحدَّث ببغداد بعد السّبعين.
وتُوُفّي سنة ثمانٍ.
ثمّ حضر إلى تاريخ عبد الغافر فإذا فيه:
232- إسحاق بن أحمد بن عبد العزيز بن حامد [2] .
أبو يعقوب المحمدآبادي آباذي الزّاهد، المعروف بإسحاقك.
شيخ ثقة من العُبّاد، عديم النّظير في زُهْده وورعه. وكان من أصحاب أبي عبد الله. قليل الاختلاط بالناس، محتاط في الطهارة والنّظافة.
وُلِد سنة أربعمائة.
وسمع من أبي سعيد الصَّيْرَفيّ.
وتُوُفّي عاشر جُمَادَى الأولى سنة 78 [3] .
233- إسماعيل بن عَمْرو بْن محمد بْن أحمد بْن جعفر [4] .
أبو سعيد البَحِيريّ [5] النَّيْسابوريّ.
حدَّث في هذا العام- لمّا حجّ- بَهَمَذان، عن: أبيه أبي عثمان، وأبي
__________
[1] انظر عن (إسماعيل بن أحمد السياري) في: المنتخب من السياق 150 رقم 342.
[2] انظر عن (إسحاق بن أحمد) في: المنتخب من السياق 160 رقم 386.
[3] هكذا في الأصل.
[4] انظر عن (إسماعيل بن عمرو) في: المنتخب من السياق 147- 149 رقم 339، والإستدراك لابن نقطة، (في حاشية «الإكمال» 1/ 466.
[5] البحيري: بفتح الباء الموحدة وكسر الحاء، بعدها الياء المنقوطة من تحتها باثنتين وفي آخرها الراء، هذه النسبة إلى بحير وهو اسم لبعض أجداد المنتسب إليه. (الأنساب 2/ 97) .

(32/220)


حسان محمد بن أحمد المزكي، وأبي سعد النّصروييّ [1] ، والحسين بن إبراهيم الكَيْسَليّ [2] ، ومحمد بن عبد العزيز النّيليّ [3] ، وبِشْرُوَيْه بن محمد المغفَّليّ [4] ، وأبي إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم النَّصْرَابَاذيّ [5] .
قال شيرُوَيْه: سمعت منه، وكان صدوقا [6]
__________
[1] النصرويي: بفتح النون المشدّدة، وسكون الصاد المهملة، وضم الراء. وقد تقدّم التعريف بهذه النسبة في حاشية الترجمة رقم (221) .
[2] لم أجد هذه النسبة.
[3] النيلي: بكسر النون وسكون الياء المنقوطة من تحتها باثنتين. هذه النسبة إلى النيل، وهي بليدة على الفرات بين بغداد والكوفة. (الأنساب 12/ 186، ومعجم البلدان 5/ 334) .
[4] المغفلي: بضم الميم، وفتح الغين المعجمة، وتشديد الفاء المفتوحة. هذه النسبة إلى عبد الله بن مغفل رضي الله عنه. (الأنساب 11/ 420) .
[5] النّصراباذي: بفتح النون، وسكون الصاد، وفتح الراء المهملتين، والباء الموحدة وفي آخرها الذال المعجمة- هذه النسبة إلى محلتين إحداهما بنيسابور، وهي من أعالي البلد. (الأنساب 12/ 88) وإليها ينسب أبو إبراهيم المذكور. والأخرى: نصراباذ: محلة بالريّ.
وقال ابن نقطة في ترجمة (إسماعيل بن عمرو) : «حدّث عن الحاكم أبي عبد الرحمن محمد بن أحمد الشاذياحي، وعن عمّه أبي عثمان سعيد بن أبي عمرو بن أحمد البحري. روى عنه أبو سعد أحمد بن محمد الحافظ البغدادي، وأبو الأسعد هبة الرحمن القشيري» . (الإكمال 1/ 466 بالحاشية) .
[6] وقال عبد الغافر الفارسيّ- وقد ذكر اسمه مطولا- إسماعيل بن عمرو بن محمد بن محمد بن أحمد بن جعفر. «العدل، وجه بيت البحيريّة في عصره ورأسهم، وإليه تزكية الشهود منهم، من أهل الفضل» .
شدا طرفا صالحا من العربية، وتفقّه على الإمام ناصر العمري، وحضر درس زين الإسلام، وكان حسن الاعتقاد، نقيّ الجيب، بالغ الاحتياط في الطهارة وتنظيف الثياب، صائن النفس، عفيف الباطن، وله مداخلة واختصاص ببيت القشيرية، نشأ مع الأئمة الكبار من الأخوال وصاحبهم ليلا ونهارا.
وكان يقرأ دائما «صحيح مسلم» على أبي الحسين بن عبد الغافر للغرباء والفقهاء، فقرأ أكثر من عشرين مرة، بعد أن قرأه قبله على الفقيه الحسن بن أحمد السمرقندي الحافظ أكثر من ثلاثين مرة.
وكان أبو سعيد حسن القراءة، عارفا ببعض طرق الحديث، ورقّ حاله فباع ضيعة بقيت له، واشتغل بشيء من التجارة، واشترى بعد ذلك شيئا من الضياع وحسن حاله، وخرج إلى مكة حاجا، وعاد على هيئة حسنة.
وعقد له مجلس الإملاء بعد الصلاة في المدرسة العماديّة، ثم في الجامع المنيعي، فأملى سنين، ثم كف في آخر عمره، فبقي في البيت مدة.
وتوفي ابنه محمد قبله، وبقي إلى أن توفي يوم الثلاثاء السابع عشر من ذي الحجة سنة إحدى

(32/221)


- حرف الحاء-
234- الحسين بن عليّ بن أبي نزار [1] .
الحاجب الصدر أبو عبد الله المردوسيّ، حاجب باب النُّوبيّ.
محمود السيرة، ديِّن خيِّر، متعبّد.
مات في ذي القعدة، وله أربعٌ وتسعون سنة [2] .
لم يروِ شيئًا.
235- حمزة بن عليّ بن محمد بن عثمان بن السّوّاق [3] .
أبو الغنائم البغداديّ البُنْدار [4] .
ولد سنة اثنتين وأربعمائة.
وسمع: أبا الحسين بن بِشْران، وأبا الفَرَج أحمد بن عَمْر العَصائديّ صاحب جعفر الخُلديّ.
وعنه: أبو بكر الأنصاريّ، وأبو القاسم بْن السمرقندي، وعبد الوهاب الأنماطي، والمبارك بن أحمد.
مات في شعبان [5] .
__________
[ () ] وخمسمائة (!) ، وحمل إلى باب الطاق، وصلّى عليه إسماعيل بن العباس، ودفن بالحيرة عند أقاربه» . (المنتخب 147، 148) .
«أقول» : إن صحت رواية عبد الغافر الفارسيّ، وفينبغي أن تحول هذه الترجمة من هذه الطبقة إلى الطبقة الإحدى وخمسين القادمة.
[1] انظر عن (الحسين بن علي) في: المنتظم 9/ 17، 18، رقم 38 (16/ 243، 244 رقم 3540) ، والبداية والنهاية 12/ 127، 128 وفيه: «الحسن» .
[2] قال ابن الجوزي: كان رئيس زمانه، وكان قد خدم في زمن بني بويه، وبقي إلى زمان المقتدي، وارتفع أمره حتى كانت ملوك الأطراف تكتب إليه عبده وخادمه، وكان كامل المروءة، لا يسعى إلا في مكرمة، وكان كثير البرّ والصدقة والصوم والتهجد، وحفر لنفسه قبرا وأعد كفنا قبل وفاته بخمسين سنة. (المنتظم) .
[3] انظر عن (حمزة بن علي) في: المنتظم 9/ 18 رقم 19 (16/ 244 رقم 3541) .
[4] البندار: بضم الباء الموحدة، وسكون النون، وفتح الدال المهملة، وفي آخرها الراء، هذه النسبة إلى من يكون مكثرا من شيء يشتري منه من هو أسفل منه أو أخف حالا وأقل مالا منه ثم يبيع ما يشتري منه من غيره. وهذه لفظة عجمية. (الأنساب 2/ 311) .
[5] وقال ابن الجوزي: وكان ثقة صدوقا من أثبت المحدّثين، حدّثنا عنه أشياخنا.

(32/222)


- حرف الزاي-
236- زياد بن عبد الله بن محمد بن زياد [1] .
أبو عبد الله الأنصاريّ الأندلسيّ، خطيب قُرْطُبة.
أخذ عن: يونس بن عبد الله.
وحجّ فسمع من: أبي محمد بن الوليد.
وأجاز له أبو ذَرّ.
قال ابن بَشْكُوال: وكان فاضلًا، ديَّنًا، [2] ناسكًا، خطيبًا، بليغًا، [3] محبَّبًا إلى النّاس [4] ، معظَّمًا عند السُّلطان، جامعًا لكلّ فضيلة [5] ، حَسَن الخُلُق، وافر العقل.
أخبروني عن: محمد بن فَرَج الفقيه، قال: ما رأيت أعقل من زياد بن عبد الله [6] .
تُوُفّي زياد في رمضان، وله ستُّ وثمانون سنة [7] . أنبا عنه أبو الحَسَن بن مغيث [8]
__________
[1] انظر عن (زياد بن عبد الله) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 189، 190 رقم 431.
[2] زاد بعدها: «متصاونا» .
[3] زاد بعدها: «محسنا» .
[4] زاد بعدها: «رفيع المنزلة عندهم» .
[5] في الصلة زيادة: «يشارك في أشياء من العلم حسنة» .
[6] وزاد في الصلة: كنت داخلا معه يوما من جنازة من الربض، فقلت له: يزعم هؤلاء المعدّلون أن هذه الشمس مقرّها في السماء الرابعة، فقال: أين ما كانت انتفعنا بها. ولم يزدني على ذلك، قال: فعجبت من عقله. وكانت له معرفة بهذا الشأن. وهو أخذ قبلة الشريعة الحديثة الآن بقرطبة على نهرها الأعظم.
[7] وكان مولده سنة 392 قال ابن بشكوال: نقلت مولده ووفاته من خط أبي طالب المرواني، وكان قد لقيه وجالسه، قال ابنه عبد الله: توفي في شعبان من العام.
[8] وهو قال: كان قديم الاعتكاف بجامع قرطبة، كثير العمارة له ومن أهل الخبر الصحيح والفضل التام. وكان أزمت من لقيته وأعقلهم، كان ممن يمتثل هديه وسمته. وذكر أنه أجاز له ما رواه وألفه من الخطب والرسائل. رحمه الله.
«أقول» أنا محقّق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» .
لقد ذكر ابن بشكول ترجمة قبل هذه ج 1/ 188 برقم 429 وصاحبها سميّ صاحب هذه الترجمة: «زياد بن عبد الله بن محمد بن زياد بن أحمد بن زياد بن عبد الرحمن بن زياد» ،

(32/223)


- حرف السين-
237- سُليمان بن أحمد الواسطيّ [1] .
عن: ابن شاذان.
وعنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنديّ
- حرف الطاء-
238- طلْحة بن عليّ بن يوسف [2] .
أبو محمد الرّازيّ. ثمّ البغداديّ، الصُّوفيّ الفقيه.
من ساكني رباط أبي سعْد.
كان حسن السيرة.
سمع: أبا الحسين بن بِشْران، وأبا القاسم الخِرَقِيّ.
وعنه: ابنه محمد بن طلْحة، وإسماعيل بن السَّمَرْقَنديّ.
تُوُفّي رحمه الله في صَفَر
- حرف الظاء-
239- ظَفَر بن عبد الواحد بن عبد الرّحيم [3] .
أبو محمد الأصبهاني.
فِي ذي الحِجّة
- حرف العين-
240- عَبْد اللَّه بْن إِسْمَاعِيل بْن محمد بن خَزْرَج [4] .
أبو محمد اللَّخْميّ الإشبيليّ الحافظ المؤرخ.
__________
[ () ] ويكنى: أبا عبد الله. وهو يروي عن أبي محمد الباجي. ولكن هذا مولده سنة 347 ووفاته سنة 430 هـ.
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] انظر عن (عبد الله بن إسماعيل) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 284، 285 رقم 626، وسير أعلام النبلاء 18/ 488، 489 رقم 251، وهدية العارفين 1/ 453، ومعجم المؤلفين 5/ 35.

(32/224)


ولد سنة سبع وأربعمائة.
وروى عن: أبي عَمْرو المرشانيّ، وأبي الفتوح الْجُرْجانيّ، وأبي عبد الله الخَوْلانيّ، وخلْق.
وعدد شيوخه مائتان وستّون رجلًا [1] .
وكان مع حِفْظه فقيهًا مشاورًا. أكثر النّاسُ عنه [2] .
روى عنه: شُرَيْح بن محمد، وأبو محمد بن يَرْبُوع.
مات رحمه الله في شوّال بإشبيلية.
241- عبد الرحمن بن الحَسَن [3] .
أبو القاسم الشّيرازيّ الفارسيّ.
إمام ذو فنون، سافر الكثير، وسكون ميهنة [4] ، قَصَبة خابران، في آخر عمره، وكان من مُريدي أبي سعيد بن أبي الخير المَيْهَنيّ.
سمع ببغداد: أبا يَعْلَى بن الفرّاء، وبدمشق: الحسين بن محمد الحِنّائيّ، وبالمَعَرَّة: أبا صالح محمد بن المهذّب، وجماعة.
روى عنه: أبو بكر المحتاجي الخطيب بمَيْهَنَة.
وحدَّث في هذا العام، ولم نعرف وفاته.
242- عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ الباجيّ [5] .
أبو محمد اللَّخْميّ. من أهل إشبيلية.
سمع من: جده.
__________
[1] في الصلة: مائتان وخمسة وستون رجلا وامرأتان بالأندلس.
[2] وقال ابن بشكوال: كتب إليه جماعة منهم من المشرق، وكانت له عناية كاملة بالعلم وتقييده وروايته وجمعه. وكان من جلّة الفقهاء في وقته، مشاورا في الأحكام بحضرته، ثقة في روايته، سمع الناس منه كثيرا.
[3] انظر عن (عبد الرحمن بن الحسن) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 14/ 237 رقم 161.
[4] هكذا جودها في الأصل، وهذا يتفق مع (معجم البلدان 5/ 247) ، أما ابن السمعاني فقال:
بكسر الميم. (الأنساب 11/ 580) .
[5] انظر عن (عبد الله بن علي) في الصلة لابن بشكوال 1/ 285 رقم 627.

(32/225)


وكان فقيهًا فاضلًا.
روى عنه: أحمد بن عبد الله بن جابر.
243- عبد الرحمن بن مأمون بن عليّ [1] .
الإمام أبو سعْد [2] المتولّي [3] النَّيْسابوريّ، الفقيه الشّافعيّ.
أحد الكبار.
قدِم بغداد، وكان فقيهًا محقِّقًا، وحبْرًا مدقِّقًا. وُلْي تدريس النّظاميّة بعد الشّيخ أبي إسحاق، ودرَّس وروى شيئًا يسيرًا.
ثمّ عُزِل بابن الصّبّاغ في أواخر سنة ستٍّ وسبعين، ثمّ أُعيد إليها سنة سبعٍ وسبعين.
وقد تفقه على القاضي حسين بمروالروذ، وعلى أبي سهل أحمد بن عليّ الأَبيوَرْديّ ببخارى، وعلى أبي القاسم عبد الرحمن الفورانيّ بمَرْو، حتّى برع وتميز.
وكان مولده في سنة ستّ وعشرين وأربعمائة [4] .
وتوفي ببغداد.
__________
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن مأمون) في: المنتظم 9/ 18 رقم 21 (16/ 244 رقم 3543) ، والكامل في التاريخ 10/ 146، ووفيات الأعيان 3/ 133، 134، وتاريخ دولة آل سلجوق 75، والعبر 3/ 290، ودول الإسلام 2/ 8، والإعلام بوفيات الأعلام 197، وسير أعلام النبلاء 18/ 585، 586 رقم 306، ومرآة الجنان 3/ 122، 123 وفيه: «عبد الرحمن بن محمد» ، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 223- 225، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 305، 306، والبداية والنهاية 12/ 128، والوافي بالوفيات (مخطوط) 16/ 61، 62، والعقد المذهب لابن الملقّن 63، وتاريخ الخميس 2/ 402، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 254، 255 رقم 211، وطبقات الشافعية لابن هداية الله 176، 177، وكشف الظنون 2/ 1 و 2/ 1251، وشذرات الذهب 3/ 358، وهدية العارفين 1/ 518، وإيضاح المكنون 2/ 150، وديوان الإسلام 4/ 176، 177 رقم 1902، والأعلام 3/ 290، ومعجم المؤلفين 5/ 166.
[2] في مرآة الجنان 3/ 122: «أبو سعيد» ، وكذا في طبقات الشافعية للإسنويّ، وطبقات ابن هداية الله، وكشف الظنون، وإيضاح المكنون.
[3] قال ابن خلكان 3/ 134: لم أعلم لأيّ معنى عرف بذلك، ولم يذكر السمعاني هذه النسبة.
[4] المنتظم.

(32/226)


وله كتاب «التَّتمَّة» تمَّم به «الإبانة» لشيخه الفُورانيّ، لكنّه لم يُكْمِلْه، وعاجَلَتْه المَنِية، وانتهى فيه إلى الحدود. وله مختصر في الفرائض، ومصنَّف في الأصول، وكتاب في الخلاف جامعٌ للمآخِذ [1] .
244- عَبْد الرَّحْمَن بن محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بن زياد [2] .
أبو عيسى الأصبهاني الأديب الزّاهد.
لا أعرف متى تُوُفّي.
وتُوُفّي في هذه الحدود [3] .
وسمع: أبا جعفر بن المرزبان الأبهريّ.
روى عنه: إسماعيل بن محمد الحافظ، ويحيى بن عبد الله بن أبي الرجاء، ومحمد بن أبي القاسم الصالحاني، ومسعود الثقفيّ، والحسن بن العبّاس الرُّسْتُميّ، وآخرون.
وكان رحمه الله من بقايا الصّالحين والعُلماء.
245- عبد الرحمن بن محمد بن سَلَمة [4] .
أبو المطرف الطُّلَيْطُليّ.
عن: أبيّ عَمْر الطَّلَمَنْكيّ، وأبي عَمْر بن عبّاس الخطيب.
وكان من كبار الفقهاء المُفْتِين [5] .
__________
[1] وفيات الأعيان 3/ 134، سير أعلام النبلاء 18/ 585، 586، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 225، طبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 306.
وقال ابن الجوزي: سمع الحديث، وقرأ الفقه على جماعة ودرس بالنظاميّة بعد أبي إسحاق، ودرس الأصول مدة ثم قال: الفروع أسلم. وكان فصيحا فاضلا. (المنتظم) .
وقال البنداري: رتب مؤيد الملك أبا سعد المتولي مدرسا، فلم يرض نظام الملك به، وجعل التدريس للشيخ الإمام أبي نصر الصباغ صاحب «الشامل» ، فاتفق خروج مؤيد الملك، وخرج معه المتولي. فعاد متوليا، وفي رتب السمو متعليا، وقد لقب شرف الأمة، وأبو نصر الصباغ مدرس. وتوفي يوم الخميس النصف من شعبان، وبقي المتولي مدرسا إلى أن توفي في شوّال سنة 478 (تاريخ دولة آل سلجوق 75) .
[2] انظر عن (عبد الرحمن بن محمد) في: سير أعلام النبلاء 18/ 566 رقم 295.
[3] قال المؤلف في (السير) : بقي إلى حدود سنة ست وسبعين وأربعمائة.
[4] انظر عن (عبد الرحمن بن محمد) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 342، 343 رقم 732.
[5] قال ابن بشكوال: كان حافظا للمسائل، دربا بالفتوى، وقورا، وسيما، حسن الهيئة، قليل

(32/227)


مات فجأةً. في صَفَر، وله سبعٌ وسبعون سنة [1] .
246- عَبْد الكريم بْن عَبْد الصّمد بْن مُحَمَّد بن عليّ [2] .
أبو مَعْشَر الطّبريّ القطّان المقرئ، مقريء مكّة.
كان إمامًا مجودًا، بارعًا، مصنفًا، له كُتُبُ في القراءات.
قرأ بحرّان على أبي القاسم الزَّيْديّ، وبمصر على أصحاب السّامرّيّ، وأبي عَدِيّ عبد العزيز. وقرأ بمكة على أبي عبد الله الكارَزينيّ.
وسمع بمصر من: أبي عبد الله بن نظيف، وأبي النُّعْمان تُراب بن عَمْر وعبد الله بن يوسف بتنيس، وأبي الطّيّب الطّبريّ ببغداد، وعبد الله بن عمر بن العبّاس بغزة.
وسمع بمنْبج، وحَرّان، وآمِد وحلب وسَلَمَاس، والجزيرة.
روى عنه: أبو نصر أحمد بن عَمْر الغازي، ومحمد بن عبد الباقي الأنصاريّ، وأبو تمّام إبراهيم بن أحمد الصَّيْمريّ.
قال ابن طاهر: سمعتُ أبا سعْد الحَرَميّ [3] بهَرَاة يقول: لم يكن سماع أبي مَعْشَر الطّبريّ في جزء ابن نظيف صحيحًا، وإنّما أخذ نسخةً فرواها [4] .
__________
[ () ] التصنع، مواظبا على الصلاة في الجامع، وسمع الناس عليه، ونوظر عليه في الفقه، وكان ثقة فيما رواه، وكان الرأي الغالب عليه، ولم يكن عنده ضبط ولا تقييد ولا حسن خطّ، وامتحن في آخر عمره مع أهل بلده، وسار إلى بطليوس فتوفي بها فجأة.
[1] ومولده سنة 401 هـ.
[2] انظر عن (عبد الكريم بن عبد الصمد) في: فهرست ابن خير الإشبيلي 29، 30، والإعلام بوفيات الأعلام 197، والعبر 3/ 290، 291، ودول الإسلام 2/ 8، ومعرفة القراء الكبار 1/ 435، 436 رقم 371، وميزان الاعتدال 2/ 644، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 243، ومرآة الجنان 3/ 123، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 165، 166، 409، والعقد الثمين 5/ 475، وغاية النهاية 1/ 401 رقم 1708، ولسان الميزان 4/ 49، وطبقات المفسرين للداوديّ 1/ 332- 334، وشذرات الذهب 3/ 358، وكشف الظنون 418، 441، 479، 752، 1009، 1106، 1187، وإيضاح المكنون 1/ 468، وهدية العارفين 1/ 608، ومعجم المؤلفين 5/ 316.
[3] الحرمي: بفتح الحاء والراء المهملتين نسبة إلى الحرم المكيّ. (الأنساب 4/ 116) .
[4] معرفة القراء الكبار 1/ 436.

(32/228)


قلت: قرأ عليه القراءات خلق، منهم أبو عليّ بن العرجاء، وأبو القاسم خَلَف بن النّحّاس، وأبو عليّ بن بَليّمة.
وله كتاب «سوق العروس» ، يقال: فيه ألف وخمسمائة طريق [1] .
تُوُفّي بمكّة.
وله كتاب «الدُّرر» في التفسير، وكتاب «الرّشاد» في شرح القراءات الشاذّة، وكتاب «عيون المسائل» ، وكتاب «طبقات القرّاء» ، وكتاب «مخارج الحروف» ، وكتاب «الورد» ، وكتاب «هيجاء المصاحف» ، وكتاب في اللّغة.
وقد روى كتاب «شفاء الصدور» للنّقاش، عن الزّيديّ، عنه، و «مسند أحمد» ، عن الزَّيْديّ، عن القطيعيّ، «وتفسير الثّعلبيّ» .
رواه عن مؤلفه. وكان فقيهًا شافعيا، رحمه الله.
247- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ بْن عَبْد اللَّه بْن يوسف بْن محمد بن حيويه [2] .
__________
[1] المصدر نفسه.
[2] انظر عن (عبد الملك بن عبد الله) في: طبقات فقهاء الشافعية للعبادي 112، ودمية القصر للباخرزي 2/ 246، 247 رقم 365، والأنساب 3/ 386، 387، والمنتظم 9/ 18- 20 رقم 22 (16/ 244- 247 رقم 3544) ، وتبيين كذب المفتري 278- 285، والمنتخب من السياق 330، 331 رقم 1090، ومعجم البلدان 2/ 193، وزبدة التواريخ للحسيني 67، والكامل في التاريخ 10/ 145، واللباب 1/ 315، ووفيات الأعيان 3/ 167- 170، وتاريخ الفارقيّ 211، وآثار البلاد وأخبار العباد للقزويني 352، 353، 447، وآثار الأول وأخبار الدول للعباسي 125، وتاريخ دولة آل سلجوق 75، والمختصر في أخبار البشر 2/ 196، 197، والعبر 3/ 291، ودول الإسلام 2/ 8، والمعين في طبقات المحدّثين 137 رقم 1518، وسير أعلام النبلاء 18/ 468- 477 رقم 240، والإعلام بوفيات الأعلام 197، وتاريخ ابن الوردي 1/ 383، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار 85- 96، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 174، 175، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 249- 282، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 409- 412، والبداية والنهاية 12/ 128، 129، ومرآة الجنان 3/ 123- 131، والوفيات لابن قنفذ 257، 258 رقم 478، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 262- 264 رقم 218، وتاريخ الخميس 2/ 402، والعقد الثمين لقاضي مكة 5/ 507، 508، والنجوم الزاهرة 5/ 121، وتاريخ الخلفاء 426، ومفتاح السعادة 2/ 110- 111، وطبقات الشافعية لابن هداية الله 174- 176، وكشف الظنون 68، 70، 75، 242، 896 و 2/ 1213، 1024، 1212، 1641، 1754، 1990، 1561، وشذرات الذهب 3/ 358- 362،

(32/229)


إمام الحَرَمَيْن أبو المعالي ابن الإمام أبي محمد الْجُوَيْنيّ [1] ، الفقيه الملقَّب ضياء الدّين. رئيس الشّافعيّة بَنْيسابور.
قال أبو سعْد السّمعانيّ: [2] كان إمام الأئّمة على الإطلاق، المُجْتَمع على إمامته شرقًا وغربًا، لم تَرَ العيون مثله.
وُلِد سنة تسع عشرة وأربعمائة [3] في المحرَّم وتفقّه على والده، فأتى على جميع مصنفاته، وتُوُفّي أبوه وله عشرون سنة، فأُقعِد مكانه للتّدريس، فكان يدرّس ويخرج إلى مدرسة البَيْهقيّ.
وأحكم الأصول على أبي القاسم الإسفرائينيّ الإسكاف. وكان ينفق من ميراثه وممّا يَدْخله من معلومه، إلى أن ظهر التعصُّب بين الفريقين، واضطّربت الأحوال، واضطّر إلى السفر عن نَيْسابور، فذهب إلى المعسكر، ثمّ إلى بغداد.
وصحب أبا نصْر الكُنْدُريّ [4] الوزير مدّةً يطوف معه، ويلتقي في حضرته بالأكابر من العلماء، ويُناظرهم، ويحتكّ بهم، حتّى تهذَّب في النَّظَر وشاع ذكْرُه. ثمّ خرج إلى الحجاز، وجاور بمكّة أربع سنين، يدرّس ويُفتي، ويجمع طُرُق المذهب، إلى أن رجع إلى بلده بَنيْسابور بعد مُضِي نوبة التّعصب [5] فأقعد
__________
[ () ] والفوائد البهية 246، وروضات الجنات 463، 464، وإيضاح المكنون 1/ 288، وهداية العارفين 1/ 626، والأعلام 4/ 160، ودائرة المعارف الإسلامية 7/ 179، 7180 وديوان الإسلام 1/ 47، 48 رقم 50، وفهرست المكتبة الخديوية 5/ 95، وفهرست المخطوطات المصورة بدار الكتب المصرية 1/ 320- 324، ومعجم المؤلفين 6/ 184، 185.
وللدكتورة فوقية حسين محمود دراسة بعنوان «الجويني إمام الحرمين» نشرت في سلسلة (أعلام العرب) بمصر سنة 1965 رقم (40) .
[1] الجويني: بضم الجيم، وفتح الواو، وسكون الياء، وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى جوين، وهي ناحية كبيرة من نواحي نيسابور تشتمل على قرى كثيرة مجتمعة يقال لها كويان، فعربت فقيل: جوين. (الأنساب 3/ 385) .
[2] قوله ليس في (الأنساب) ففيه يقول: «إمام وقته ومن تغني شهرته عن ذكره، بارك الله تعالى في تلامذته حتى صاروا أئمة الدنيا مثل: الخوافي، والغزالي، والكيا الهراسي، والحاكم عمر النوقاني، رحمهم الله» . (الأنساب 3/ 386) .
[3] جاء في (المنتظم) و (الكامل في التاريخ) و (تاريخ الخميس) : سنة سبع عشرة.
[4] هو عميد الملك أبو نصر محمد بن منصور بن محمد الكندري الجراحي وزير طغرلبك. قتل سنة 456 هـ. وقد تقدّمت ترجمته في الطبقة السادسة والأربعين.
[5] راجع أخبار هذه الفتنة في: طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 389 وما بعدها، و 4/ 109.

(32/230)


للتّدريس بنظاميّة نَيْسابور، واستقامت أمور الطَّلَبة، وبَقِيّ على ذلك قريبًا من ثلاثين سنة غير مُزاحَم ولا مُدافَع، مُسَلَّمٌ له المحراب، والمِنبر، والخطابة، والتّدريس، ومجلس الوعْظ يوم الجمعة.
وظهرت تصانيفه، وحضَر درسَه الأكابر والْجَمْع العظيم من الطَّلَبة.
وكان يقعد بين يديه كلّ يومٍ نحو من ثلاثمائة رجل. وتفقه به جماعة من الأئّمة [1] .
وسمع الحديث من أبيه، ومن: أبي حسّان محمد بن أحمد المزكي، وأبي سعد البصرويّ، ومنصور بن رامش، وآخرين.
ثنا عنه: أبو عبد الله الفُراويّ، وأبو القاسم الشّحّاميّ، وأحمد بن سهل المسجديّ، وغيرهم.
أخبرنا أبو الحسين اليُونينيّ [2] ، أنا الحافظ زكيّ الدّين المنذريّ قال: تُوُفّي والد أبي المعالي، فأُقعِد مكانه، ولم يكمّل عشرين سنةً، فكان يدرِّس، وأحكم الأُصول على أبي القاسم الإسكاف الإسفرائينيّ [3] .
وجاوَرَ بمكّة أربع سنين، ثمّ رجع إلى نَيْسابور، وجلس للتدريس بالنّظاميّة قريبًا من ثلاثين سنة، مُسَلَّم له المحراب، والمِنْبَر، والخطابة، والتّدريس، والتّذكير [4] .
سمع من أبيه، ومن عليّ بن محمد الطِّرازيّ، ومحمد بن أبي إسحاق المزكّى، وأبي سعْد بن عليك [5] ،
__________
[1] تبيين كذب المفتري 280، 281، المنتظم 9/ 18، 19 (16/ 244، 245) ، وفيات الأعيان 3/ 68) سير أعلام النبلاء 18/ 469، 470، ذيل تاريخ بغداد 86، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 250.
[2] اليونيني: نسبة إلى يونين بلدة قرب بعلبكّ. وقد تقدّم التعريف بها.
[3] تبيين كذب المفتري 279.
[4] تبيين كذب المفتري 280، وزاد ابن عساكر: «وانغمر غيره من الفقهاء بعلمه وتسلّطه، وكسرت الأسواق في جنبه، ونفق سوق المحققين من خواصّه وتلامذته، وظهرت تصانيفه ... » .
[5] عليك: بفتح العين المهملة، وكسر اللام، وتشد الياء المنقوطة من تحتها باثنتين وفتحها، وآخرها كاف. والكاف في لغة العجم هي حرف التصغير، وبعض الحفاظ قيده باختلاس كسرة

(32/231)


وفضل الله بن أبي الخير الميهَنِي [1] ، والحسن بن عليّ الجوهريّ البغداديّ.
وأجاز له أبو نُعَيم الحافظ.
قال المؤلف: في سماعه من الطِّرَازيّ نظر، فإنّه لم يَلْحق ذلك، فلعلّه أجاز له.
قال السّمعانيّ: قرأتُ بخطّ أَبِي جعفر محمد بن أبي علي الهمذاني:
سمعت أبا إسحاق الفَيْرُوزآباديّ يقول: تمتعوا بهذا الإمام، فإنّه نزهة هذا الزمان، يعني أبا المعالي الْجُوَيْنيّ [2] .
قال: وقرأتُ بخط أبي جعفر أيضًا: سمعت أبا المعالي يقول: قرأت خميس ألفا في خمسين ألفًا، ثمّ خلّيت أهل الإسلام بإسلامهم فيها وعلومهم الظّاهرة وركبت البحر الخِضَمَّ العظيم، وغُصْتُ في الذي نُهي أهل الإسلام منها، كلّ ذلك في طلب الحقّ. وكنتُ أهربُ في سالف الدّهر من التّقليد، والآن رجعتُ من الكُلّ إلى كلمة الحقّ، عليكم بِدِين العجائز. فإنْ لم يدركْني الحقُّ بلطيف بِرّه، فأموت على دين العجائز، ويختُم عاقبة أمري عند الرحيل على بُرهة أهل الحقّ، وكلمة الإخلاص: لا إله إلا الله، فالويْلُ لابن الْجُوَيْنيّ [3]- يريد نفسه-.
وكان أبو المعالي مع تبحره في الفقه وأصوله لا يدري الحديث [4] . ذكر في
__________
[ () ] اللام وفتح الياء وخفف. قال ابن نقطة: وهذا عندي أصح. وليس في كتاب الأمير ابن ماكولا تشديد الياء، بل أهمل ذلك، وقد ضبطه المؤتمن الساجي بسكون اللام وفتح الياء. (المشتبه في الرجال 2/ 469، 470) .
وقد سمع الجويني من ابن عليك سنن الدار الدّارقطنيّ. (تبيين كذب المفتري 285) .
[1] تقدّم التعريف بهذه النسبة في الترجمة رقم (241) وقد جودها الناسخ هناك بفتح الميم، وبه قال ياقوت. أما ابن السمعاني فقال بكسر الميم.
[2] سير أعلام النبلاء 18/ 470، ذيل تاريخ بغداد 92.
[3] المنتظم 9/ 19 (16/ 245) ، سير أعلام النبلاء 18/ 471، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 251.
[4] قال ابن السمعاني في (الأنساب 3/ 386) : «وكان قليل الرواية للحديث معرضا عنه» وقال ياقوت في (معجم البلدان 2/ 193) : «وكان قليل الرواية معرضا عن الحديث» .

(32/232)


كتاب «البرهان» حديث مُعَاذ في القياس [1] ، فقال: هو مُدَوَّنٌ في الصّحاح، مُتَّفَقٌ على صحته. كذا قال، وأنَّى له الصّحّة، ومداره على الحارث بن عَمْرو، مجهول، عن رجالٍ من أهل حمص لا يُدْري من هم، عن مُعاذ [2] .
وقال المازِريّ رحمه الله في «شرح البرهان» في قوله إنّ الله تعالى يعلم الكلّيات لا الْجُزْئيّات: ودِدْتُ لو مَحَوْتُها بدمي.
قلت: هذه لفظة ملعونة.
قال ابن دِحْية: هذه كلمة مكذِّبة للكتاب والسُّنّة، مكفّر بها، هَجَره عليها جماعة، وحلف القُشَيْريّ لا يكلّمه أبدا، ونفي بسببها مدّة. فجاور وتاب [3] .
__________
[1] ذكره العقيلي في (الضعفاء الكبير 1/ 215 رقم 262) قال: حدّثني آدم بن موسى قال: سمعت البخاري قال الحارث بن عمرو بن أخي المغيرة بن شعبة، عن أصحاب معاذ، عن معاذ، روى عنه أبو عون قال: البخاري، ولا يصح، ولا يعرف إلا مرسلا، والحديث حديثه جدي- رحمه الله- قال: حدّثنا سليمان بن حرب، وأخبرنا إبراهيم بن محمد، قال: حدثنا مسلم قال: حدّثنا شعبة، عن أبي عون، عن الحارث بن عمرو بن أخي المغيرة بن شعبة، عن أصحاب معاذ بن جبل، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عليه وآله وسلّم حين بعثه إلى اليمن قال له: «كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟» ، قال: أقضي بما في كتاب الله، قال: فإن لم يكن في كتاب الله؟ قال: بسنة رسول الله، قال: فإن لم يكن في سنة رسول الله؟ قال: أجتهد رأيي لا آلو، قال: فضرب رسول الله صدره قال: الحمد للَّه الّذي وفق رسول رسول الله، لما يرضي رسول الله. وذكره أيضا عن علي بن عبد العزيز قال: حدثنا أبو عبيد، قال: حدثنا يزيد وأبو النضر، عن شعبة، عن أبي عون الثقفي، قال: سمعت الحارث بن عمرو بن أخي المغيرة بن شعبة يحدّث عن أصحاب معاذ بن جبل بحمص، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم قال لمعاذ حين بعثه إلى اليمن: «كيف تقضي ... » ، فذكر نحوه. وقد أخرجه الإمام أحمد بالسند نفسه في (المسند 2/ 236) .
[2] انظر تعليق السبكي على قول المؤلف في (طبقات الشافعية الكبرى 3/ 261) .
[3] وزاد المؤلف الذهبي- رحمه الله- في (سير أعلام النبلاء 18/ 472) : «كما أنه في الآخر رجح السلف في الصفات وأقرّه» . وانظر: المنتظم.
وقد تحامل السبكي على المؤلف الذهبي بقوله: «ما أقبحه فصلا مشتملا على الكذب الصراح وقلة الحقّ مستحلا على قائله بالجهل بالعلم والعلماء، وقد كان الذهبي لا يدري شرح البرهان ولا هذه الصناعة، ولكنه يسمع خرافات من طلبة الحنابلة فيعتقدها حقا ويودعها تصانيفه. أما قوله إن الإمام قال: إن الله يعلم الكلّيات لا الجزئيات. يقال له: ما أجرأك على الله، متى قال الإمام هذا ولا خلاف بين أئمتنا في تكفير من يعتقد هذه المقالة، وقد نصّ الإمام في كتبه الكلامية بأسرها على كفر من ينكر العلم بالجزئيات وإنما وقع في «البرهان» في أصول الفقه شيء استطرده على كفر من ينكر العلم بالجزئيات وإنما وقع في البرهان في أصول الفقه شيء استطرده القلم إليه، فهم منه المازري» . (طبقات الشافعية الكبرى 3/ 261، 262) ، وأما قوله:

(32/233)


قال السّمعانيّ: وسمعتُ أبا رَوْح الفَرَج بن أبي بكر الأُرْمَويّ [1] مذاكرةً يقول: سمعتُ أستاذي غانم الموُشيليّ [2] . سمعتُ الإمام أبا المعالي الْجُوَيْنيّ يقول: لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا اشتغلت بالكلام [3] .
وقال أبو المعالي الْجُوَيْنيّ في كتاب «الرسالة النظاميّة» [4] : اختلفت مسالك العلماء في الظّواهر التي وردت في الكتاب والسُّنّة، وامتنع على أهل الحقّ اعتقاد فحواها [5] ، وفرأى بعضهم تأويلها، والتزم ذلك في آي الكتاب وما يصح من السُّنن. وذهب أئّمةُ السلف إلى الانكفاف عن التّأويل، وإجراء الظواهر على مواردها، وتفويض معانيها إلى الرب تعالى.
والذي نرتضيه رأيا، وندين الله به عقدا اتباع سلف الأمة، فالأولى الإتباع وترك الابتداع، والدليل السّمعيّ القاطع في ذلك أن إجماع الأمة حجة متبعة
__________
[ () ] «قلت: هذه لفظة ملعونة» ، فنقول: لعن الله قائلها. وأما قوله: قال ابن دحية، إلى آخر ما حكاه عنه، فنقول: هل يحتاج مثل هذه المقالة إلى كلام ابن دحية، ولو قرأ الرجل شيئا من علم الكلام لما احتاج إلى ذلك فلا خلاف بين المسلمين في تكفير منكري العلم بالجزئيات، فمن نقل له ذلك؟ وفي أي كتاب رآه؟ وأقسم باللَّه يمينا بارة أن هذه مختلفة على القشيري، وكان القشيري من أكثر الخلق تعظيما للإمام، وقدمنا عنه عبارة المدرجوركية وهي قوله في حقّه لو ادّعى النبوة لأغناه كلامه عن إظهار المعجزة. وابن دحية لا تقبل روايته فإنه متهم بالوضع على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فما ظنّك بالوضع على غيره؟ ...
... وبالجملة لا أعرف محدّثا إلا وقد ضعف ابن دحية وكذبه، لا الذهبي ولا غيره، وكلّهم يصفه بالوقيعة في الأئمة والاختلاق عليهم، وكفى بذلك. وأما قوله: وبقي بسببها مدّة مجاورا ومات. فمن البهت، لم ينف الإمام أحد، وإنما هو خرج ومعه القشيري وخلق في واقعة الكندري التي حكيتها في ترجمة الأشعري، وفي ترجمة أبي سهل بن الموفّق، وهي واقعة مشهورة خرج بسببها الإمام، والقشيري، والحافظ البيهقي، وخلق كان سببها أن الكندري أمر بلعن الأشعري على المنابر ليس غير ذلك، ومن ادّعى غير ذلك فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا.
(3/ 262) .
[1] الارموي: بضم الألف وسكون الراء وفتح الميم وفي آخرها الواو. هذه النسبة إلى أرمية وهي من بلاد أذربيجان. (الأنساب 1/ 190) .
[2] الموشيليّ: بضم الميم، وسكون الواو، وكسر الشين المعجمة، وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها، وفي آخرها اللام. هذه النسبة إلى موشيلا وهو كتاب للناصري، واسم من أسماء الله بلسانهم. وغانم هذا هو: أبو الغنائم غانم بن الحسين الموشيلي الأرموي، فقيه فاضل ورع مفت مناظر توفي سنة 520 هـ. وكان جدّه نصرانيا. (الأنساب 11/ 521) .
[3] سير أعلام النبلاء 18/ 473.
[4] طبعت باسم «العقيدة النظامية» ، بتحقيق الشيخ محمد زاهد الكوثري 1367 هـ. 1648 م.
[5] في «النظامية» زيادة: «وإجراؤها على موجب ما تبرزه أفهام أرباب اللسان منها» . ص 23.

(32/234)


وهو مُسْتَنَدُ معظَم الشريعة. وقد دَرَج صَحْبُ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على ترك التّعريض لمعانيها، ودَرْك ما فيها، وهم صفوة الإسلام المستقلون بأعباء الشريعة. وكانوا لا يأْلُون جهدًا في ضبط قواعد المِلَّة، والتّواصي بحِفْظها، وتعليم النّاس ما يحتاجون إليه منها، فلو كان تأويل هذه الظواهر مسوغًا أو محتومًا، لأوْشَك أن يكون اهتمامهم بها فوق اهتمامهم بفروع الشريعة، فإذا تصرَّمَ عصرهم وعصْر التابعين على الإضراب عن التأويل، كان ذلك قاطعّا بأنّه الوجه المتبع، فحقَّ على ذي الدّين أن يعتقد تنزه الباري تعالى عن صفات المُحْدَثين، ولا يخوض في تأويل المشْكَلات، وَيَكل معناها إلى الرّبّ [1] ، فَلْيُجْر آية الاستواء والمجيء وقوله: لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ 38: 75 [2] ، وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ 55: 27 [3] ، وتَجْرِي بِأَعْيُنِنا 54: 14 [4] ، وما صح من أخبار الرسول كخبر النّزول وغيره على ما ذكرناه [5] .
وقال محمد بن طاهر الحافظ: سمعتُ أبا الحَسَن القَيْروانيّ الأديب بَنْيسابور، وكان يسمع معنا الحديث، وكان يختلف إلى درس الأستاذ أبي المعالي الجويني، ويقرأ عليه الكلام، يقولُ: سمعتُ الأستاذ أبا المعالي اليوم يقول: يا أصحابنا، لا تشتغلوا بالكلام، فلو عرفتُ أنّ الكلام يبلغ بي إلى ما بلغ ما اشتغلت به [6] .
وحكى أبو عبد الله الحَسَن بن العبّاس الرُّسْتُميّ فقيه أصبهان قال: حكى
__________
[1] في المطبوع من النظامية زيادة هنا: «وعند إمام القرّاء وسيدهم الوقف على قوله تعالى: وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا الله 3: 7 من العزائم، ثم الابتداء بقوله: وَالرَّاسِخُونَ في الْعِلْمِ 3: 7، ومما استحسن من إمام دار الهجرة مالك بن أنس أنه سُئل عن قوله تعالى: الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى 20: 5 فقال: الاستواء معلوم، والكيفية مجهولة، والسؤال عنه بدعة» .
[2] سورة ص، الآية 75.
[3] سورة الرحمن، الآية 27.
[4] سورة القمر، الآية 14.
[5] زاد في المطبوع من (النظامية) : «بهذا بيان ما يجب الله» .
[6] المنتظم 9/ 19 (16/ 245) وفيه: «فلو علمت أن الكلام يبلغ إلى ما بلغ ما اشتغلت به» ، بإسقاط كلمة «بي» : وهي في: طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 260 وفيه قال السبكي:
إنّا نشتبه أن تكون هذه الحكاية مكذوبة، وابن طاهر عنده تحامل على إمام الحرمين، والقيرواني المشار إليه رجل مجهول، ثم هذا الإمام العظيم الّذي ملأت تلامذته الأرض لا ينقل هذه الحكاية عنه غير رجل مجهول، ولا تعرف من غير طريق ابن طاهر، إن هذا لعجيب، وغالب ظني أنها كذبة فعلها من لا يستحيي.

(32/235)


لنا أبو الفتح الطّبريّ الفقيه قال: دخلتُ على أبي المعالي في مرضه فقال:
اشهدوا عليّ أنّي قد رجعتُ عن كلّ مقالة تخالف السلف، وأنّي أموت على ما تموت عليه عجائز نيسابور [1] .
وذكر محمد بن طاهر أنّ المحدث أبا جعفر الهَمَذانيّ حضر مجلس وعْظ أبي المعالي فقال: كان الله ولا عرش، وهو الآن على ما كان عليه.
فقال أبو جعفر: أخبرنا يا أستاذ عن هذه التي نجدها، ما قال عارفٌ قطّ:
يا الله، إلّا وجَدَ من قلبه ضرورة تطلب العُلُوّ، لا نلتفت يَمْنَةً ولا يَسْرَة، فكيف ندفع هذه الضرورة عن أنفُسنا؟ أو قال: فهل عندك من دواء لدفع هذه الضّرورة التي نجدها؟
فقال: يا حبيبي: ما ثمّ إلًا الحَيْرَة. ولَطَمَ على رأسه ونزل، وبَقِيّ وقتُ عجيب، وقال فيما بعد: حيرني الهَمَذانيّ [2] .
ولأبي المعالي من التصانيف: كتاب «نهاية المَطْلَب في المذهب» [3] ، وهو كتابٌ جليل في ثمانية [4] مجلدات، وكتاب «الإرشاد في الأصول» [5] ، وكتاب «الرسالة النظاميّة في الأحكام الإسلامية» [6] ، وكتاب «الشامل في أصول الدّين» [7] ، وكتاب «البرهان في أصول الفقه» ، و «مدارك العقول» لم يتمه،
__________
[1] سير أعلام النبلاء 18/ 474.
[2] الخبر في كتاب «العلو» للمؤلف الذهبي- رحمه الله- ص 276، 277.
وقد جاء في هامش الأصل بقرب هذا الخبر ما نصّه:
«ث. من طالع كتاب الشامل الإمام الحرمين قطع بكذب هذه الحكاية. قاله محمد المظفري لطف الله به» .
[3] في (تبيين كذب المفتري) و (وفيات الأعيان) و (المختصر في أخبار البشر) و (تاريخ ابن الوردي) : «نهاية المطلب في دراية المذهب» . وفي (النجوم الزاهرة) : « ... في رواية المذهب» .
[4] في آثار البلاد وأخبار العباد 353: «عشرين مجلدا» .
[5] وهو «الإرشاد في أصول الدين» . وقد طبع في باريس، والقاهرة، وبرلين.
[6] صدرت بتحقيق الشيخ العلّامة محمد زاهد الكوثري باسم «العقيدة النظامية» في القاهرة 1367 هـ. / 1948 م. وترجمت إلى الألمانية سنة 1958 م.
[7] طبع منه الكتاب الأول من الجزء الأول في القاهرة سنة 1961 م.

(32/236)


وكتاب «غياث الأُمم في الإمامة» [1] ، وكتاب «مغيث الخلق في اختيار الأحق» ، و «غنية المسترشدين» في الخلاف [2] .
وكان إذا أخذ في علم الصوفية وشرح الأحوال أبكى الحاضرين [3] .
وقد ذكره عبد الغافر في «تاريخه» [4] فأسهب وأطْنَب، إلى أن قال: وكان يذكر (في اليوم) [5] دروسًا يقع كلّ واحدٍ منها في عدّة أوراق [6] ، لا يتلعثم في كلمةٍ منها، ولا يحتاج إلى استدراك عثرةٍ، مَرًّا فيها كالبرق بصوت كالرَّعد [7] .
وما يوجد في كُتُبه من العبارات البالغة كُنْه الفصاحة غَيْض من فَيْض [8] ما كان على لسانه، وغَرْفه من أمواج ما كان يعهد من بيانه. تفقّه في صباه على والده. وذكر التّرجمة بطولها [9] .
وقال عليّ بن الحَسَن الباخَرْزِيّ في «الدُمْية» [10] ، وذكر الإمام أبا المعالي فقال: فالفقه فقه الشّافعيّ، والآدب أدب الأصمعيّ، وفي بصره بالوعظ الحَسَن
__________
[1] ويسمّى أيضا «الغياثي» و «غياث الأمم في التياث الظلم» ، وقد نشر بهذا الاسم في الإسكندرية بتحقيق الدكتور فؤاد عبد المنعم والدكتور مصطفى حلمي، وأصدرته دار الدعوة.
[2] ومن مؤلفاته أيضا: الورقات، في أصول الفقه والأدلة، أصدرته دار الدعوة بالإسكندرية بتحقيق الدكتورة فوقية حسن محمود.
[3] تبيين كذب المفتري 284، وفيات الأعيان 3/ 169، سير أعلام النبلاء 18/ 476.
[4] المنتخب من السياق 331.
[5] ما بين القوسين ليس في (المنتخب) .
[6] الموجود في (المنتخب) : «في أطباق وأوراق» .
[7] في (المنتخب) : «مارا فيها كالبرق الخاطف، بصوت مطابق كالرعد القاصف، ينزق فيه له المبرزون، ولا يدرك شأوه المتشدقون المتعمقون» .
[8] حتى هنا ينتهي الموجود في (المنتخب) ، والّذي بعده غير موجود في المطبوع.
[9] وفيها قوله: «إمام الحرمين، فخر الإسلام، إمام الأئمة على الإطلاق. حبر الشريعة، المجتمع على إمامته شرقا وغربا. والمقرّ بفضله السراة والحداة عجما وعربا، من لم تر العيون مثله قبله ولا ترى بعده. ورباه حجر الإمامة، وحرّك ساعد السعادة مهده، وأرضعه ثدي العلم والورع إلى أن ترعرع فيه ويفع.
أخذ من العربية وما يتعلق بها أوفر حظ ونصيب، فزاد فيها على كل أديب، ورزق من التوسع في العبارة وعلوها ما لم يعهد من غيره، حتى أنسى ذكر سبحان، وفاق فيها الأقران، وحمل القرآن، وأعجز الفصحاء اللّدّ، وجاوز الوصف والحدّ. وكل من سمع خبره أو رأى أثره فإذا شاهده أقر بأن خبره يزيد كثيرا على الخبر، ويبر على ما عهد من الأثر» .
[10] في (دمية القصر) 2/ 246، 247.

(32/237)


البصْريّ [1] . وكيف ما هو، فهو إمامُ كلّ إمام، والمستَعْلي بهمّته على كلّ هُمام.
والفائز بالظَّفَر على إرغام كلّ ضِرْغام. إذا تصدر للفقه، فالمزني من مُزْنَتِه قَطْرَه، وإذا تكلم فالأشعريّ من وفْرته شعره، وإذا خطب الجم الفصحاج بالعي شقاشقه الهادرة، ولثم البُلغاء بالصمت حقائقه البادرة.
وقد أخبرنا يحيى بن أبي منصور الفقيه وغيره في كتابهم عن الحافظ عبد القادر الرّهاويّ أنّ الحافظ أبا العلاء الهَمَذانيّ أخبره قال: أخبرني أبو جعفر الهَمَذانيّ الحافظ قال: سمعتُ أبا المعالي الْجُوَيْنيّ، وقد سُئل عن قوله تعالى:
الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى 20: 5 [2] فقال: كان الله ولا عرش. وجعل يتخبّط في الكلام، فقلت: قد علِمنا ما أشرت عليه، فهل عندك للضّرورات من حيلة؟
فقال: ما تريد بهذا القول وما تعني بهذه الإشارات؟
فقلت: ما قبل عارف قطّ يا ربّاه، إلّا قبل أن يتحرّك لسانه قام من باطنه قصْدٌ، لا يلتفت يَمْنَةً ولا يَسْرةً، يقصد الفَوق. فهل لهذا القصْد الضّروريّ عندك من حيلةٍ، فنبئِّنْا نتخلَّص من الفوق والتَّحْت؟
وبكيتُ، وبكى الخلْق، فضرب بكُمه على السرير، وصاح بالحَيْرة.
وخرَّق ما كان عليه، وصارت قيامة في المسجد، ونزل ولم يُجِبْني إلّا: بيا حبيبي، الحيرة الحيرة والدهشة الدّهشة الدّهشة [3] .
فسمعت بعد ذلك أصحابه يقولون: سمعناه يقول: حيَّرني الهَمَذانيّ [4] .
وقد تُوُفّي أبو المعالي في الخامس والعشرين من ربيع الآخر، ودُفِن في داره، ثم نُقِل بعد سنين إلى مقبرة الحسين، فدُفن إلى جانب والده وكُسِر مِنْبَره في الجامع، وأُغلقت الأسواق، وَرَثَوْه بقصائد. وكان له نحو من أربعمائة تلميذ،
__________
[1] في (الدمية) : «وحسن بصره بالوعظ كالحسن البصري» .
[2] سورة طه، الآية 5.
[3] تقدّم مثل هذا الخبر قبل قليل.
[4] تكرر في هامش الأصل ما نصه: «من طالع كلام الشامل قطع بكذب هذه الحكاية والله أعلم.
مظفري» .

(32/238)


فكسروا محابرهم وأقلامهم، وأقاموا على ذلك حولًا [1] . وهذا من فعل الجاهلية والأعاجم، لا من فِعْل أهل السُّنّة والإتّباع [2] .
248- عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ [3] .
أَبُو الحَسَن الشَّهْرسَتْانيّ، شيخ الصوفية برباط شهرستان.
خدم الكبار، وعُمِر وأسَن، ولعله نيفٌ على المائة.
قال عبد الغافر: اجتمعت به وأكرم موردي في سنة ثمان، وتُوُفّي بعدُ بقريب. 249- علي بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أبي سعْد الهَرَويّ الشُّرُوطيّ [4] .
أبو الحسين.
__________
[1] انظر: تبيين كذب المفتري 284، 285، والمنتظم 9/ 20 (16/ 247) ، ووفيات الأعيان 3/ 169، 170، وسير أعلام النبلاء 18/ 476، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار 93، 94، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 411.
وقيل: ولما مرض حمل إلى قرية موصوفة باعتدال الهواء وخفة الماء اسمها بشتقان فمات بها ونقل إلى نيسابور. ومما رثي به.
قلوب العالمين على المقالي ... وأيام الروي شبه الليالي
أيثمر غصن أهل العلم يوما ... وقد مات الإمام أبو المعالي
(تاريخ ابن الوردي 1/ 383) (مرآة الجنان 3/ 131) .
[2] وقد تحامل السبكي على المؤلف الذهبي لقوله هذا في (طبقات الشافعية الكبرى) .
ووقع في (آثار البلاد وأخبار العباد 353) : «توفي سنة ثمان وثمانين وأربعمائة» .
وقال محمد بن الخليل البوشنجي: حدثني محمد بن علي الهريري وكان تلميذ أبي المعالي الجويني قال: دخلت عليه في مرضه الّذي مات فيه وأسنانه تتناثر من فيه ويسقط منه الدود لا يستطاع شم فيه، فقال: هذا عقوبة تعرضي بالكلام فاحذره. مرض الجويني أياما وكان مرضه غلبة الحرارة، وحمل إلى بشتنقان لاعتدال الهواء، فزاد ضعفه، وتوفي ليلة الأربعاء بعد العشاء الخامس والعشرين من ربيع الآخر من هذه السنة عن تسع وخمسين سنة، ونقل في ليلته إلى البلد، ودفن في داره، ثم نقل بعد سنين إلى مقبرة الحسين فدفن إلى جانب والده.
(المنتظم) .
ومما قيل عند وفاته:
قلوب العالمين على المقالي ... وأيام الوري شبه الليالي
أيثمر غصن أهل الفضل يوما ... وقد مات الإمام أبو المعالي؟
(تبيين كذب المفتري 285) .
[3] لم أقف على مصدر ترجمته، ولم يذكره عبد الغافر الفارسيّ في (المنتخب من السياق) .
[4] لم أجد مصدر ترجمته.

(32/239)


سمع من: الحاكم أبي الحَسَن الدِّيناريّ، والقاضي أبي عَمْر البسْطاميّ.
250- عليّ بن الحَسَن بن سلمُوَيْه [1] .
أبو الحَسَن النَّيْسابوريّ الصُّوفيّ التّاجر.
روى عن: أبي بكر الحِيريّ، والطّرازيّ، والصَّيْرَفيّ، وغيرهم.
وتوفي في شعبان.
روى عنه: عَمْر بن محمد الدّهسْتانيّ.
251- عليّ بن عبد السلام الأرمنازيّ [2] .
له شِعْر حَسَن.
روى عنه منه: المحدّث غَيْث [3] ، والحافظ محمد بن طاهر [4] .
__________
[1] انظر عن (علي بن الحسن بن سلمويه) في: المنتخب من السياق 389 رقم 1313، والمختصر الأول من المنتخب (مخطوط) ورقة 67 ب. وفيهما: «عَليّ بْن الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن سلمويه» .
[2] انظر عن (علي بن عبد السلام) في: أدب الإملاء والاستملاء لابن السمعاني 154، 155، والأنساب، له 1/ 189، وتاريخ دمشق (مخطوطة الظاهرية) 12/ 241، وتاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 29/ 129، ووفيات الأعيان 1/ 399، ومعجم البلدان 1/ 158، ومعجم الأدباء 13/ 211، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 18/ 127 رقم 27، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي 3/ 334، 3345 رقم 1089.
و «الأرمنازي» : بفتح الألف، وسكون الراء، وفتح الميم والنون، ثم زاي. نسبة إلى أرمناز.
قرية من قرى بلدة صور بساحل الشام. (الأنساب 1/ 189) .
وقال ابن الأثير في (اللباب 1/ 144) : وهي قرية بالشام من أعمال حلب.
وقال ياقوت: بليدة قديمة من نواحي حلب، بينهما نحو خمسة فراسخ، يعمل بها قدور وشربات جيدة حمر طينة.
وقال عبيد الله المستجير به: لا شك في أرمناز التي من نواحي حلب، فإن لم يكن أبو سعد- رحمه الله- اغترّ بسماع محمد بن طاهر من أبي الحسن بصور ولم ينعم النظر، وإلا فأرمناز قرية أخرى بصور. والله أعلم. (معجم البلدان 1/ 158) .
وقال ابن عساكر: أصله من أرمناز، قرية من نواحي أنطاكية. (تاريخ دمشق 29/ 129) .
وقال ابن خلكان: وهي قرية من أعمال دمشق، وقيل: من أعمال أنطاكية، والأول أصحّ.
(وفيات الأعيان 1/ 299) .
واسمه بالكامل: علي بن عبد السلام بن محمد بن جعفر، أبو الحسن.
[3] غيث هو ابنه، وهو مورّخ صور. وستأتي ترجمة في وفيات سنة 509 هـ. إن شاء الله.
[4] وهو أبو الفضل المعروف بابن القيسراني المتوفى سنة 507 هـ. صاحب كتاب «الأنساب

(32/240)


252- عليّ بن عبد العزيز بن محمد [1] .
أبو القاسم النّيسابوريّ الخشّاب. من شيوخ الشّيعة.
__________
[ () ] المتّفقة» . ولم يرد في مقدّمة كتابه المذكور روايته عن شيخه الأرمنازي.
قال ابن السمعاني: أبو الحسن علي بن عبد السلام الأرمنازي من الفضلاء المشهورين، والشعراء. وابنه أبو الفرج غيث ممن سمع الحديث الكثير وجمع وأنس به. سمع أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي الحافظ من أبي الحسن الأرمنازي بصور. (الأنساب 1/ 189) .
وقال ابن عساكر إنه قدم دمشق في صغره، وحدّث عن عبد الرحمن بن محمد التككي بسنده إلى أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «لا نكاح إلّا بوليّ. قيل: يا رسول الله، من الوليّ؟
قال: رجل من المسلمين» . قرأت بخط غيث الصوري: سألت والدي عن مولده فقال: في جمادى الأول سنة 396 وتوفي في الثامن من شهر ربيع الآخر سنة 478، وقيل: ضحى يوم الأحد التاسع من ربيع الآخر بصور.
وقال ابنه غيث: أنشدنا أبي لنفسه بصور:
ألا إنّ خير الناس بعد محمد ... وأصحابه والتابعين بإحسان
أناس أراد الله إحياء دينه ... بحفظ الّذي يروي عن الأول والثاني
أقاموا حدود الشرع شرع محمد ... بما أوضحوه من دليل وبرهان
وساروا مسير الشمس في جمع علمه ... فأوطانهم أضحت لهم غير أوطان
سلوا عن جميع الأهل والمال والهوى ... وما زخرفت دنياهم أيّ سلوان
إذا عالم عالي الحديث تسامعوا ... به جاءه القاصي من القوم والداني
وجالت خيول العلم والفضل بينهم ... كأنّهم منها بساحة ميدان
إذا أرهقوا أقلامهم وأتوا بها ... إلى زبر محجوبة ذات آذان
وألقوا بها الأقلام جمعا حسبتها ... بها قلبا مستنزحات بأشطان
فلست ترى ما بينهم غير ناطق ... بتصحيح علم أو تلاوة قرآن
فذلك أحلى عندهم من تنادم ... على دينة حسّانة ذات ألحان
(تاريخ دمشق، أدب الإملاء والاستملاء، مختصر تاريخ دمشق، موسوعة علماء المسلمين) .
ويقول خادم العلم محقّق هذا الكتاب: «عمر عبد السلام تدمري» :
وفي (تاريخ دمشق- مخطوطة الظاهرية 12/ 241، ومخطوطة التيمورية 29/ 129، ومعجم الأدباء 13/ 211) يرد ذكر «أبي الحسن علي بن عبد السلام الصوري» وهو يروي عن أبي الحسن علي بن حمزة، الأديب صاحب «الرسالة الحماريّة» ، والّذي قدم دمشق ومدح بها أبا الفتح صالح بن أسد الكاتب في سنة 430، ومات بطرابلس.
والأشبه أن عليّا هذا هو علي بن عبد السلام الأرمنازي، وكنيته أبو الحسن، وهو ينسب إلى:
أرمناز، وإلى صور، وهما قرب بعضهما. والله أعلم.
وصاحب الترجمة هو جدّ الشاعرة الأديبة الصورية «تقيّة بنت غيث بن علي بن عبد السلام» المتوفاة سنة 579 هـ. وقد صحبت الحافظ السّلفي.
[1] انظر عن (علي بن عبد العزيز) في: المنتخب من السياق 386 رقم 1302، والمختصر الأول من المنتخب (مخطوط) ورقة 65 ب، ولسان الميزان 4/ 241 رقم 650.

(32/241)


سمع الكثير عن: أبي نُعَيم الإسفرائيني، وأبي الحَسَن السقاء الإسفرائيني، وعبد الله بن يوسف الأصبهاني، وطائفة.
تُوُفّي رحمه الله في ربيع الأوّل، وله تسعون سنة.
253- عليّ بن محمد [1] .
أبو الحَسَن القَيْروانيّ [2] ، الفقيه المالكيّ المعروف باللَّخْميّ. لأنّه ابن بنت اللَّخْميّ.
تفقه بابن مُحْرز، وأبي الفضل ابن [بنت] [3] خلدون، والسيوريّ.
وظهرت في أيّامه له فتاوٍ كثيرة. وطال عمره، وصار عالم إفريقيّة. وتفقَّهَ به جماعة من السفاقُسيّين.
وأخذ عنه: أبو عبد الله المازِريّ، وأبو الفضل [ابن] [4] النَّحْويّ، وأبو عليّ الكَلاعيّ، وعبد الحميد السَّفَاقُسيّ [5] .
وله تعليق كبير على «المدوَّنَة» ، سمّاه «التَّبْصرة» [6] .
254- عَوَضُ بن أبي عبد الله بن حمزة [7] .
__________
[1] انظر عن (عليّ بن محمد القيرواني) في: ترتيب المدارك للقاضي عياض 4/ 797، ومعالم الإيمان للدبّاغ 3/ 246، والديباج المذهب 203، والوفيات لابن قنفذ 258، والتعريف بابن خلدون 32، وشجرة النور الزكية 1/ 117 رقم 325، ومدرسة الحديث في القيروان 2/ 965، والأعلام 5/ 148، ومعجم المؤلفين 7/ 197.
[2] في ترتيب المدارك، وشجرة النور: «الربعي» .
[3] إضافة إلى الأصل من: ترتيب المدارك.
[4] إضافة من: ترتيب المدارك.
[5] في الترتيب: «الصفاقسي» بالصاد، وهما واحد.
[6] أرّخ وفاته كحّالة في (معجم المؤلفين) بسنة 498 هـ. وهو غلط.
وقال القاضي عياض: وكان السيوري يسيء الرأي فيه كثيرا لطعن عليه. وكان أبو الحسن فقيها فاضلا ديّنا مفتيا متفنّنا، ذا حظّ من الأدب والحديث، جيّد النظر، حسن الفقه، جيّد الفهم، وكان فقيه وقته، أبعد الناس صيتا في بلده، وبقي بعد أصحابه، فحاز رئاسة بلاد إفريقية جملة ... وهو مغرى بتخريج الخلاف في المذهب واستقراء الأقوال، وربّما اتّبع نظره فخالف المذهب فيما ترجّح عنده، فخرجت اختياراته في الكثير عن قواعد المذهب.
وكان حسن الخلق، مشهور المذهب. (ترتيب المدارك) .
[7] لم أجد مصدر ترجمته.

(32/242)


السّيّد أبو الرضيّ العَلَويّ الهَرَويّ.
تُوُفّي في رمضان
- حرف الفاء-
255- فَرَجُ بن عبد الملك الأنصاريّ القُرْطُبيّ [1] .
روى عن: مكّيّ.
وصحِب محمد بن عتّاب.
وتقدَّم في الفقه والحديث. كان يحفظ.
256- الفضل بن محمد بن أحمد [2] .
أبو القاسم الأصبهاني البقّال المؤدِّب.
عُرِف بتانة [3] .
سمع: محمد بن إبراهيم الخَرْجانيّ [4] ، وعليّ بن مَيْلَة.
وكان صالحًا عابدًا.
روى عنه: مسعود الثّقفّي، وأبو عبد الله الرُّسْتُميّ.
257- فيّاض بن أميرجة [5] .
أبو القاسم الهَرَويّ السَّوْسَمانيّ [6] .
مات بالكوفة
- حرف الميم-
258- محمد بن إبراهيم بن سليمان [7] .
__________
[1] انظر عن (فرج بن عبد الملك) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 463 رقم 992.
[2] لم أقف على مصدر ترجمته.
[3] تقدّم: «محمد بن عَمْر بن محمد بن تانَة» والتعليق على «تانة» ، برقم (152) .
[4] تقدّم التعريف بهذه النسبة في حاشية الترجمة رقم (152) وهي: الخرجاني: بالخاء المعجمة المفتوحة، وسكون الراء، وجيم، وألف، ثم نون.
[5] لم أجد مصدر ترجمته.
[6] لم أقف على هذه النسبة في المصادر.
[7] لم أجد مصدر ترجمته.

(32/243)


أبو الطّيّب الأصبهاني.
في ذي الحِجّة بإصبهان.
259- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن أحمد بن الوليد [1] .
شيخ المعتزلة أبو عليّ بن الوليد الكَرْخيّ [2] .
ولد سنة ستٍّ وتسعين وثلاثمائة، وأخذ علم الكلام عن أبي الحسين البصريّ، وحفظ عنه حديثًا واحدًا بإسناده، وهو حديث القعنبيّ: «إذا لم تستحي فاصنع من شِئْتَ» [3] . رَوَاهُ عَنْهُ: أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ السَّمَرْقَنْدِيِّ، وَعَبْدُ الْوَهَّابِ الْأَنْمَاطِيُّ، وَغَيْرُهُمَا.
وأخذ عنه: ابن عقيل [4] شيخ الحنابلة، وبه انحرف عن السّنّة.
__________
[1] انظر عن (محمد بن أحمد الكرخي) في: المنتظم 9/ 20- 22 رقم 24 (16/ 247- 249 رقم 3546) ، والكامل في التاريخ 10/ 145، 146، وطبقات المعتزلة لابن المرتضى 60، والإعلام بوفيات الأعلام 197، وسير أعلام النبلاء 18/ 489، 490 رقم 252، والعبر 3/ 291، 292، والمغني في الضعفاء 2/ 548، رقم 5240، وميزان الاعتدال 3/ 464، رقم 7178، والوافي بالوفيات 2/ 84- 86 رقم 397، ومرآة الجنان 3/ 123، والبداية والنهاية 12/ 129، ولسان الميزان 5/ 56، 57 رقم 191، والنجوم الزاهرة 5/ 121، وشذرات الذهب 3/ 362.
[2] ذكره المؤلّف الذهبي- رحمه الله- في (ميزان الاعتدال) وقال: «لا أعرفه» فتعقّبه الحافظ ابن حجر في (لسان الميزان) . وهنا عاد المؤلّف وترجم له.
[3] قال ابن الجوزي إنّه الكرخيّ كان يدرس الاعتزال والحكمة، فاضطرّه أهل السّنّة أن لزم بيته خمسين سنة لا يتجاسر على الظهور، ولم يكن عنده من الحديث سوى حديث واحد رواه عن شيخه أبي الحسين البصري المعتزلي، ولم يرو غيره، وهو قوله صلى الله عليه وسلّم: «إذا لم تستحي فاصنع ما شئت» ، فكأنهما خوطبا بهذا الحديث لأنهما ما استحيا من بدعتهما. كان القعنبي لم يسمع من شعبة غير هذا الحديث لأنه قدم البصرة، فصادف مجلس شعبة قد انقضى ومضى إلى منزله، فوجد الباب مفتوحا وشعبة على البالوعة، فهجم عليه من غير إذن وقال: أنا غريب وقد قصدتك من بلد بعيد لتحدّثني، فاستعظم ذلك شعبة وقال: دخلت منزلي بغير إذن وتكلّمني وأنا على مثل هذه الحال: حدّثنا منصور، عن ربعيّ بن حراش، عن ابن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال: «إذا لم تستحي فاصنع ما شئت» ، والله لا حدّثتك غيره، ولا حدّثت قوما أنت منهم. وحكي في هذه الواقعة غير هذا.
والحديث صحيح اتّفق البخاري ومسلم على إخراجه. ولفظ الصحيح: «إنّ مما أدرك الناس من كلام النّبوّة الأولى» . الحديث (المنتظم 9/ 21/ و 16/ 247، 248) .
[4] هو أبو الوفاء علي بن عقيل. انظر مسألة رواها عن الكرخي في اللواط بالولدان في الجنة.
(المنتظم) .

(32/244)


قال محمد بن عبد الملك في «تاريخه» : في ذي الحِجّة تُوُفّي أبو عليّ بن الوليد شيخ المعتزلة وزاهدهم، ولم نعرف في أعمارنا مثل تورُّعه وقناعته. تورَّع عن ميراثه من أبيه، وقال: لم أتحقق أنه أخذ حرامًا، ولكنّي أعافُه. ولمّا كبر وافتقر جعل ينقض داره، ويبيع منها حسبةً، يتقوَّت بها. وكانت من حِسان الدُّور. وكان يلبس الخَشِن من القُطْن.
وقال أبو الفضل بن خيرون: تُوُفّي في خامس ذي الحِجّة، ودُفن في الشُّونِيزيّة، إلى جَنْب أبي الحَسَن البصْريّ أستاذه. وكان يدرّس الاعتزال والمنطق. وكان داعية إلى الاعتزال [1] .
260- محمد بن خيرة [2] .
أبو عبد الله بن أبي العافية الأندلسيّ. من كبار فقهاء المَرِيّة، وممّن شُهِر بالحِفْظ [3] .
__________
[1] وقال ابن الأثير: «كان أحد رؤساء المعتزلة وأئمّتهم، ولزم بيته خمسين سنة لم يقدر على أن يخرج منه من عامّة بغداد. وأخذ الكلام عن أبي الحسين البصري، وعبد الجبّار الهمذاني القاضي. ومن جملة تلاميذه ابن برهان، وهو أكبر منه» . (الكامل 10/ 146) .
وانظر: الوافي بالوفيات 2/ 85، 86، وسير أعلام النبلاء 18/ 490 وفيه قال المؤلّف- رحمه الله-: «وما تنفع الآداب والبحث والذكاء، وصاحبها هاو بها في جهنّم» !.
وقد سئل أبو الفضل بن ناصر عنه، فقال: لا يحتجّ به.
وقال ابن السمعاني: كان من أهل الكرخ داعية إلى الاعتزال، كان عنده حديث واحد عن أبي الحسن بن المظفّر، عن البصري، وكان عنده ديوان أبي الطيب المتنبي. (لسان الميزان) .
وقال ابن المرتضى: له رياسة ضخمة ومحلّ كبير، وهو من المصنفين. (طبقات المعتزلة) . أما «الشونيزيّة» فهي المقبرة المشهورة ببغداد. (الأنساب 7/ 414) .
ومن شعر الكرخي:
أيا رئيسا بالمعالي ارتدى ... واستخدم العيّوق والفرقدا
ما لي لا أجرى على مقتضى ... مودّة طال عليها المدى
إن عبثت لم أطلب وهذا ... سليمان بن داود نبيّ الهدى
تفقّد الطير على ملكه ... فقال: ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ 27: 20
(الوافي بالوفيات 2/ 85) ، والشعر فيه تضمين للآية 20 من سورة النمل.
[2] انظر عن (محمد بن خيرة) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 554، 555 رقم 1216، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي 4/ 177، 178 رقم 1404.
[3] قال ابن بشكوال: «وكان من جلّة العلماء وكبار الفقهاء، اشتهر بالحفظ والعلم والذكاء والفهم.
وكان يستشار في الأحكام بقرطبة.

(32/245)


يروى عن حاتم بن محمد [1] .
261- محمد بن عبد الله بن محمد [2] .
أبو بكر القصّار [3] ، المعروف بابن الكنداجيّ [4] ، البغداديّ المقرئ.
روى عن: أبي الحسين بن بِشْران، وأبي الحَسَن الحمّاميّ، والحرفيّ.
روى عنه: قاضي المَرِسْتان، وإسماعيل بن السَّمَرْقَنديّ، وأبو بكر بن الزّاغونيّ.
تُوُفّي في صَفَر.
262- محمد بن عليّ بن مُحَمَّد بن المطّلب [5] .
أبو سعْد الكرْمانيّ الكاتب، والد الصّاحب الوزير أبي المعالي هبة الله.
قدم أبوه من كرمان، وولد هو ببغداد. ونظر في الأدب وأخبار الأوائل.
وسمع من: أبي الحسين بن بِشْران، وأبي عليّ بْن شاذان.
رَوَى عَنْهُ: يحيى بْن البنّاء، وشُجاع الذُّهْليّ.
وكان شاعرًا هجّاءً، بليغ الفحش، مقدّما في ذلك [6] .
__________
[1] هو حاتم بن محمد الأطرابلسي، من طرابلس الشام، كما روى عن: أبي القاسم بن ذيال، وغيرهما.
روى عنه القاضي أبو الوليد محمد بن أحمد بن رشد، وأبو الوليد هشام بن محمد الفقيه.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] القصّار: بفتح القاف وتشديد الصاد المهملة، وفي آخرها الراء. هذه النسبة إلى قصارة.
(الأنساب 10/ 163) .
[4] هكذا في الأصل، ولم أجد هذه النسبة. وفي (الأنساب 10/ 481) : «الكندايجيّ» : بضم الكاف وسكون النون، وفتح الدال المهملة بعدها الألف والياء آخرها الجيم. هذه النسبة إلى كندايج، وهي قرية من قرى أصبهان.
وفي (معجم البلدان 4/ 482) : «كندانج» : بالفتح، ثم السكون، ودال، وبعد الألف نون وجيم.
فلعلّ الصحيح في النسبة إلى إحداهما.
[5] انظر عن (محمد بن علي الكرماني) في: المنتظم 9/ 24 رقم 26 (16/ 252 رقم 3548) ، وسير أعلام النبلاء 18/ 490، 491 رقم 253، والبداية والنهاية 12/ 319، وفوات الوفيات 2/ 300، والوافي بالوفيات 4/ 150، 151 رقم 1679.
[6] قال الصفدي: وكان كاتبا شديدا، مليح الشعر، إلّا أنه كان ثلبه كثير الهجاء، دقيق الفكر فيه.
وقال ابن النّجّار: شبّه هجوه بهجو ابن الرومي، وجحظة. (الوافي بالوفيات 4/ 150) .

(32/246)


عُزِل لهجوه، فقال:
عُزِلتُ وما خُنْتُ فيما وُلِيتُ ... وغيري يخونُ ولا يُعْزَلُ
وهذا [1] يدلَّ على أنَّ من ... يُوَلَّى ويَعْزِل لا يعقِلُ
[2] ومن شعره:
يا حسرتي [3] مات حظّي من قلوبكُمُ ... وللحُظُوظ كما للنّاس آجالٌ
تصرَّم العُمُر لم أحظى [4] بقربكم [5] ... كم تحت هذِي القبورِ الخُرْس آمالُ
[6] قال هبة الله السقطيّ: كنتُ أجتمع بأبي سعْد كثيرًا، فقلَّ أن انفصلتُ عنه إلّا بنادرةٍ أو شِعْر، ولم تنزل الحالُ به إلى أنْ تاب، وأُلْهِم الصّلاة والصّوم والصدقات، وغَسَلَ مُسَوَّدات شِعْره قبل موته رحمه الله [7] .
مات في ربيع الآخر، وَلَهُ أربعٌ وثمانون سنة [8] 263- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد [9]
__________
[1] في الوافي: «فهذا» ، ومثله في: سير أعلام النبلاء.
[2] البيتان في فوات الوفيات 2/ 300، والوافي بالوفيات 4/ 150، 151، وسير أعلام النبلاء 18/ 491.
[3] في الوافي، والفوات، والسير: «يا حسرتا» .
[4] في الأصل: «لم نحظا» وهو غلط، والتصحيح من: الوافي، والسير.
[5] ورد هذا الشطر مختلفا في (فوات الوفيات) :
«إن متّ شوقا ولم أبلغ بكم أملي» .
[6] البيتان في: سير أعلام النبلاء 18/ 491، وفوات الوفيات 2/ 300، والوافي بالوفيات 4/ 151.
[7] المنتظم 9/ 24 (16/ 252) ، سير أعلام النبلاء 18/ 491.
[8] من شعره وقد كتب إلى الوزير أبي نصر بن جهير:
هبني- كما زعم الواشون، لا زعموا- ... أخطأت، حاشاي أو زلّت بي القدم
وهبك ضاق عليك العذر من حرج ... لم أجنه، أتضيق العفو والكرم؟
ما أنصفتني في حكم الهوى أذن ... تصغي لواش وعن عذري بها صمم
(الوافي 4/ 151) .
[9] انظر عن (محمد بن علي الدامغانيّ) في: تاريخ بغداد 3/ 109، رقم 1113، والأنساب 5/ 259، والمنتظم 9/ 22- 24 رقم 25 (16/ 249- 252 رقم 3547) وتاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 38/ 651، و 39/ 327، والإنباء في تاريخ الخلفاء لابن العمراني 190، ومعجم البلدان 2/ 433، و 4/ 27، والكامل في التاريخ 10/ 146، واللباب 1/ 486، وتاريخ

(32/247)


بن حسن [1] بن عبد الوهّاب [2] بن حسُّوَيْه [3] .
قاضي القُضاة أبو عبد الله الدامغانيّ [4] ، الحنفيّ.
شيخ حنفيّة زمانه. تفقّه بخراسان، ثمّ قدِم بغداد في شبيبته [5] ، ودرس على القُدُوريّ [6] .
وسمع الحديث من: القاضي أبي عبد الله الحسين بن عليّ الصَّيْمريّ [7] ، والحافظ محمد بن عليّ الصُّوريّ [8] ، وشيخه أبي الحسين أحمد بن محمد القُدُوريّ.
روى عنه: عبد الوهّاب الأنْماطيّ، وعليّ بن طِراد الزَّيْنبيّ، والحسين المقدسيّ، وغيرهم.
وتفقّه به جماعة.
وكان مولده بدَامَغَان سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة [9] ، وحصّل للعلم على
__________
[ () ] دولة آل سلجوق 80، ومختصر تاريخ ابن الساعي 214، والإعلام بوفيات الأعلام 197، وسير أعلام النبلاء 18/ 485- 487 رقم 249، والمعين في طبقات المحدّثين 137 رقم 1511، والعبر 3/ 292، ودول الإسلام 2/ 8، والبداية والنهاية 12/ 129، والوافي بالوفيات 4/ 139 رقم 1655 ومرآة الجنان 3/ 123، والجواهر المضيّة 2/ 96، 97، والنجوم الزاهرة 5/ 121، 122، وتاريخ الخميس 2/ 360، وتاريخ الخلفاء 426، وشذرات الذهب 3/ 362، والفوائد البهية 182، 183، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي 4/ 305، 306 رقم 1541.
[1] في (المنتظم) و (البداية والنهاية) و (الجواهر المضيّة) و (الفوائد البهية) : «الحسين» .
[2] في (المنتظم- بطبعتيه) و (البداية والنهاية) و (النجوم الزاهرة) و (الجواهر المضية) و (الفوائد البهيّة) : «ابن عبد الملك بن عبد الوهاب» .
[3] في (المنتظم) و (البداية والنهاية) و (النجوم الزاهرة) : «حمّويه» .
وفي (الوافي بالوفيات) : «حسنويه» .
[4] الدامغانيّ: بفتح الدال، وسكون الألف، وفتح الميم والغين المعجمة، وسكون الألف.
وبعدها نون. هذه النسبة إلى دامغان وهي بلدة كبيرة بين الري ونيسابور، وهي قصبة قومس.
[5] دخل بغداد سنة 419 هـ. (الكامل 10/ 146) .
[6] سيأتي أنه أبو الحسين أحمد بن محمد القدوري، توفي سنة 428 هـ.
[7] تحرّفت هذه النسبة إلى «الضميري» (معجم البلدان) ، وهو توفي سنة 436 هـ.
[8] توفي سنة 441 هـ.
[9] تاريخ بغداد 3/ 109، الكامل في التاريخ 10/ 146.

(32/248)


الفقر والقنوع.
قال أبو سعْد السّمعانيّ: قال والدي: سمعتُ أحمد بن الحسين البصْريّ الخبّاز يقول: رأيتُ أبا عبد الله الدّامَغَانيّ كان يحرس في درب الرّياح، وكان يقوم بعيشته إنسان اسمُه أبو العشائر الشيْرَجيّ [1] .
قلتُ: ثمّ آل به الآمرُ إلى [أن] ولي قضاء القُضاة للمقتدي باللَّه، ولأبيه قبله. وطالت أيّامه، وانتشر ذِكْرُه، وكان مثل القاضي أبي يوسف قاضي الرّشيد في أيّامه حشمةً وجاهًا وسُؤْدُدًا وعَقْلًا. وبَقِيّ في القضاء نحوًا من ثلاثين سنة [2] .
ولي أولًا في ذي القعدة سنة سبْعٍ وأربعين، بعد موت قاضي القضاة أبي عبد الله بن ماكولا [3] .
__________
[ (-) ] وفي (الأنساب) و (معجم البلدان) و (اللباب) : ولد سنة أربعمائة، مع أن ابن الأثير أرّخه في (الكامل) سنة 398 هـ.
وجاء في (البداية والنهاية) أنه ولد سنة ثمان عشرة وأربعمائة.
[1] المنتظم 9/ 22، 23 (16/ 249، 250) ، سير أعلام النبلاء 18/ 486، الوافي بالوفيات 4/ 139 و «الشّيرجيّ» : بكسر الشين المعجمة، وسكون الياء، وفتح الراء، وفي آخرها الجيم.
هذه النسبة إلى بيع دهن «الشّيرج» وهو دهن السمسم، وببغداد يقال لمن يبيع الشيرج:
الشّيرجي والشيرجاني. (الأنساب 7/ 454) وكذا في (اللباب لابن الأثير) و (لبّ اللّباب للسيوطي) .
أما في كتب اللغة فضبطت هذه الكلمة بفتح الشين، ومنعوا كسرها، ففي «المصباح المنير» :
«الشيرج: ... وهو بفتح الشين مثل زينب وصيقل وعيطل، وهذا الباب باتفاق ملحق بباب «فعلل» نحو جعفر، ولا يجوز كسر الشين، لأنه يصير من باب درهم، وهو قليل، ومع قلّته فأمثلته محصورة، وليس هذا منها» . وانظر (تاج العروس 2/ 64) .
وأقول أنا خادم العلم «عمر تدمري» .
هو «السّيرج» كما يلفظها الطرابلسيون، بالسين المهملة المكسورة.
[2] المنتظم 9/ 24، وفي سير أعلام النبلاء 18/ 486: «ثلاثين سنة وأشهرا» . وسيأتي نحوه قريبا.
[3] قال ابن الجوزي: «وشهد عند أبي عبد الله بن ماكولا قاضي القضاة في يوم الأربعاء ثالث عشر ربيع الأول سنة إحدى وأربعين، فلما توفي ابن ماكولا قال القائم بأمر الله لأبي منصور بن يوسف: قد كان هذا الرجل يعني ابن ماكولا قاضيا حسنا نزها، ولكنه كان خاليا من العلم، ونريد قاضيا عالما ديّنا. فنظر ابن يوسف إلى عميد الملك الكندري وهو المستولي على الدولة، وهو الوزير، وهو شديد التعصّب لأصحاب أبي حنيفة، فأراد التقرّب إليه، فاستدعى أبا-

(32/249)


وقال محمد بن عبد الملك الهَمَذانيّ في «طبقات الفقهاء» : قال قاضي القضاة الدّامغانيّ: قرأتُ على أبي صالح الفقيه بدامَغَان، وهو من أصحاب أبي عبد الله الْجُرْجانيّ، وأصابني جدريّ فاكتحلت، وجئت إلى المجلس بعد ما برأتُ فقال: أنت مجدُور، فقُمْ. فقمت وقصدت من دامغان نيسابور، فأقمت أربعة أشهر، وصحِبْتُ أبا العلاء صاعد بن محمد الأُسْتَوَائيّ [1] قاضيها. وقرأت على أبي الحَسَن المصِّيصيّ [2] لِدِينه وتواضعه.
وجَرَت فتنة بين الطّوائف هناك، فمنعهم محمود بن سُبُكْتِكِين مِن الْجَدَل، فخرجتُ إلى بغداد وورَدْتُها.
قال محمد: فقرأ على القُدُوريّ إلى أن توفّي سنة ثمان وعشرين وأربعمائة، ولازم أبا عبد الله الصَّيْمَرِيّ فلمّا مات، انفرد بالتدريس، وصار أحد شهود بغداد. ثمّ ولي قضاء القائم بأمر الله، وبعده لابنه ثلاثين سنة وثلاثة أشهر وخمسة أيّام. وقد شهد عنده شيخ الشّافعيّة أبو الطّيّب الطّبريّ.
وكان أبو الطّيّب يقول: أبو عبد الله الدّامَغَاني أَعْرفُ بمذهب الشّافعيّ من كثيرٍ من أصحابنا [3] .
قال: وكان عندنا بدامَغَان أبو الحَسَن صاحب أبي حامد الأسفرائينيّ،
__________
[ (-) ] عبد الله الدامغانيّ فولّي قاضي القضاة يوم الثلاثاء تاسع ذي القعدة سنة أربع وأربعين، وخلع عليه، وقرئ عهده. وقصد خدمة السلطان طغرلبك في يوم الأربعاء عاشر ذي القعدة، فأعطاه دست ثياب وبغلة، واستمرّت ولايته ثلاثين سنة، ونظر نيابة عن الوزارة مرتين، مرة للقائم بأمر الله، ومرة للمقتدي» . (المنتظم) .
[1] الأستوائي: بضم الألف، وسكون السين المهملة، وفتح التاء المنقوطة من فوقها بنقطتين أو ضمّها، وبعدها الواو والألف، وفي آخرها الياء المنقوطة باثنتين من تحتها. هذه النسبة إلى أستوا وهي ناحية بنيسابور كثيرة القرى والخير. (الأنساب 1/ 221) .
[2] المصّيصيّ: قال ابن السمعاني، وتابعه ابن الأثير: بكسر الميم، والياء المنقوطة باثنتين من تحتها، بين الصادين المهملتين، الأولى مشدّدة. هذه النسبة إلى بلدة كبيرة على ساحل بحر الشام، بقال لها المصّيصة.
أما ياقوت فقال: بفتح الميم ثم الكسر، والتشديد، وياء ساكنة، وصاد أخرى، كذا ضبطه الأزهري وغيره من اللغويين بتشديد الصاد الأولى هذا لفظه. وتفرّد الجوهري وخالد الفارابيّ بأن قالا: المصيصة، بتخفيف الصادين، والأول أصح. (معجم البلدان 5/ 144، 145) .
[3] سير أعلام النبلاء 18/ 486، الجواهر المضيّة 2/ 97.

(32/250)


يعني فاستفاد منه الدّامَغَانيّ. وكان الدّامَغَانيّ قد جمع الصّورة البهيّة، والمعاني الحسنة من الدّين والعقل والعِلْم والحِلْم، وكَرَم المعاشرة للنّاس، والتّعصُّب لهم. وكانت له صَدَقات في السّرّ، وإنصافٌ في العِلْم لم يكن لغيره. وكان يورد من المداعبات [1] في مجلسه والحكايات المضحكة في تدريسه نظيرَ ما يورده الشّيخ أبو إسحاق الشّيرازيّ، فإذا اجتمعا صار اجتماعهما نُزْهة [2] .
عاش ثمانين سنة وثلاثة أشهر وخمسة أيّام، وغَسَله أبو الوفاء ابن عَقِيل الواعظ، وصاحبه الفقيه أبو ثابت مسعود بن محمد الرّازيّ، وصلّى عليه ولده قاضي القُضاة أبو الحَسَن على باب داره بنهر القلّايين [3] .
ولقاضي القُضاة أصحاب كثيرون انتشروا بالبلاد، ودرسوا ببغداد، فمنهم أبو سعْد الحَسَن بن داود بن بابشاذ المصريّ، ومات قبل الأربعين وأربعمائة.
ومنهم نور الهدى الحسين بن محمد الزَّيْنَبيّ، ومنهم أبو طاهر الياس بن ناصر الدَّيْلميّ. ومات في حياته منهم أبو القاسم عليّ بن محمد الرّحبيّ ابن السَمَنانيّ [4] ، وآخرون فيهم كَثْرة ذكرهم ابن عبد الملك الهَمَذانيّ [5] .
تُوُفّي في رابع وعشرين رجب، ودُفن في داره بنهر القلّايين، ثمّ نُقِل ودُفن في القُبّة إلى جنب الإمام أبي حنيفة رحمهما الله [6] .
__________
[1] في (الفوائد البهية) : «الملاعبات» .
[2] سير أعلام النبلاء 18/ 486، 487، الفوائد البهية 182، 183.
[3] المنتظم 9/ 24.
[4] سير أعلام النبلاء 18/ 487.
[5] وذكر ابن عساكر أنّ الدامغانيّ روى عن: محمد بن محمد بن مرزوق البعلبكي. (تاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 39/ 327) .
[6] تاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 38/ 651، المنتظم 9/ 24 (16/ 252) .
وولي قضاء القضاة بعده القاضي أبو بكر بن المظفّر بن بكران الشامي، (الكامل 10/ 146) .
وقال الخطيب البغدادي: «برع في العلم ودرّس وأفتى، وقبل قاضي القضاة أبو عبد الله بن ماكولا شهادته، ثم ولي قضاء القضاة بعد موت ابن ماكولا، وَذَلِكَ في ذي القِعْدَة من سنة سبْع وأربعين وأربعمائة، وكان عفيفا، وانتهت إليه الرئاسة في مذهب العراقيين، وكان وافر العقل، كامل الفضل، مكرما لأهل العلم، عارفا بمقادير الناس، سديد الرأي، وجرت أموره في حكمه على السداد» . (تاريخ بغداد 3/ 109) .
وقال ابن الجوزي: «برع في الفقه، وخصّ بالعقل الوافر والتواضع، فارتفع وشيوخه أحياء، -

(32/251)


264- مُحَمَّد بْن عَمْر بْن مُحَمَّد بْن أَبِي عَقِيل [1] .
أبو بكر الكَرَجيّ [2] الواعظ. وُلِد بالكَرَج سنة أربع وأربعمائة ورحل إلى إصبهان فسمع «مُعْجَم الطَّبَرانيّ» ، عن شيوخه، من أبي ريذة [3] .
__________
[ () ] وانتهت إليه الرئاسة في مذهب العراقيين، وكان فصيح العبارة، كثير النشوار في درسه، سهل الأخلاق، روى عنه شيوخنا. وعانى الفقر في طلب العلم، فربّما استضوأ بسراج الحارس.
وحكى عنه أبو الوفاء ابن عقيل أنه قال: كان لي من الحرص على الفقه في ابتداء أمري أني كنت آخذ المختصرات وأنزل إلى دجلة أطلب أفياء الدور الشاطئية والمسنيات، فأنظر في الجزء وأعيده ولا أقوم إلّا وقد حفظته، فأدّى بي السعي إلى مسنات الحريم الطاهري، فجلست في فيئها الثخين وهوائها الرقيق، واستغرقني النظر، فإذا شيخ حسن الهيئة قد أطلع عليّ، ثم جاءني بعد هنيئة فرّاش، فقال: قم معي، فقمت معه حتى جاء بي إلى باب كبير وعليه جماعة حواش، فدخل بي إلى دار كبيرة وفيها دست مضروب ليس فيها أحد، فأدناني منه، فجلست، وإذا بذلك الشيخ الّذي اطّلع قد خرج فاستدناني منه وسألني عن بلدي، فقلت: دامغان، وكان عليّ قميص خام وسخ، وعليه آثار الحبر. فقال لي: ما مذهبك؟ وعلى من تقرأ؟ فقلت:
حنفيّ، قدمت منذ سنين، وأقرأ على الصيمري، وابن القدوري. فقال: من أين مؤنتك؟
قلت: لا جهة لي أتموّن منها. فقال: ما تقول في مسألة كذا من الطلاق؟ وبسطني، ثم قال:
تجيء كل خميس إلى هاهنا. فلما جئت أقوم أخذ قرطاسا وكتب شيئا، ودفعه إليّ، وقال:
تعرض هذا على من فيه اسمه، وخذ ما يعطيك، فأخذته ودعوت له، فأخرجت من باب آخر غير الّذي دخلت منه، وإذا عليه رجل مستند إلى مخدّة، فتقدّمت إليه فقلت: من صاحب هذه الدار؟ فقال: هذا ابن المقتدر باللَّه. فقال: فما معك؟ فقلت: شيء كتبه لي. فقال: بخطّه! أين كان الكاتب؟ فقلت: على من هذا؟ فقال: على رجل من أهل الأزج عشر كارات دقيق سميد فائق، وكانت الكارة تساوي ثمانية دنانير، وكتب لك بعشرة دنانير، فسررت، ومضيت إلى الرجل، فأخذ الخط ودهش، وقال: هذا خطّ مولانا الأمير، فبادر فوزن الدنانير، وقال:
كيف تريد الدقيق، جملة أو تفاريق، فقلت: أريد كارتين منها، وثمن الباقي، ففعل، فاشتريت كتبا فقهية بعشرين، وكاغدا بدينارين. (المنتظم 9/ 22، 23) .
وكان يوصف بالأكل الكثير، فروى الأمير باتكين بن عبد الله الزعيمي قال: حضّرت طبق الوزير فخر الدولة ابن جهير، وكان يحضره الأكابر، فحضر قاضي القضاة محمد بن علي، فأحببت أن انظر إلى أكله، فوقفت بإزائه فأبهر في كثرة أكله حتى جاوز الحدّ. وكان من عادة الوزير أن ينادم الحاضرين على الطبق ويشاغلهم حتى يأكلوا، ولا يرفع يده إلّا بعد الكلّ، فلما فرغ الناس من الأكل قدّمت إليهم أصحن الحلوى، وقدّم بين يدي قاضي القضاة صحن فيه قطائف بسكّر، وكانت الأصحن كبار، يسع الصحن منها ثلاثين رطلا، فقال له الوزير يداعبه: هذا برسمك. فقال: هلّا أعلمتموني! ثم أكله حتى أتى على آخره. (المنتظم 9/ 24) .
[1] انظر عن (محمد بن عمر) في: تاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 39/ 54، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 23/ 131 رقم 164.
[2] الكرجي: بالتحريك. وقد تقدّم التعريف بهذه النسبة.
[3] ريذة: بكسر الراء المهملة، وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها، وذال معجمة.

(32/252)


وسمع بالشّام من: محمد بن الحسين بن التُّرْجُمان [1] ، والسَّكَن بن جُمَيْع [2] ، وجماعة.
روى عنه: الفقيه نصر، وهبة الله بن طاوس.
وتُوُفّي في رجب بدمشق [3] .
265- محمد بن محمد بن موسى [4] .
أبو عليّ النُّعَيْميّ [5] النَّيْسابوريّ [6] .
حدَّث عن: أبي الحَسَن محمد بن الحسين العَلَويّ.
وعُمِّر أربعًا وتسعين سنة.
وتُوُفّي رحمه الله في رجب.
266- مسلم ابن الأمير أبي المعالي قُرَيْش بن بدران بن مقلّد حسام الدّولة أبي حسّان بن المسيّب بن رافع العقيليّ [7] .
__________
[1] وحدّث عنه في سنة 477 هـ.
[2] هو الصيداوي. توفي سنة 437 هـ.
[3] وكان مولده في سنة 404 هـ.
[4] انظر عن (محمد النعيمي) في: المنتخب من السياق 64 رقم 129.
[5] النّعيمي: بضم النون، وفتح العين المهملة، وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها. هذه النسبة إلى نعيم. وهو اسم لبعض أجداد المنتسب إليه. (الأنساب 12/ 118) .
[6] قال عبد الغافر: محمد بن محمد بن موسى بن محمد بن نعيم أبو علي النعيمي، مستور، ثقة، يقال له: المستوفي. حدّث عن السيد أبي الحسن، وابن يوسف، والصعلوكي، وغيرهم. ولد سنة أربع وثمانين وثلاثمائة.
[7] انظر عن (مسلم بن قريش) في: الكامل في التاريخ 10/ 17، 57، 114، 126، 127، 134، 135، 136، 139- 141، وزبدة الحلب 2/ 19، 57، 61، 67، 70، 73- 85، 88- 92، 95، 96، 98، 99، 269، وبغية الطلب (تراجم السلاجقة) 21، 47، 51، 53، 54، 128، 198، 200، 328، 329، 300، 360، 361، ووفيات الأعيان 5/ 267، 268، وتاريخ دولة آل سلجوق 76، 77 والأعلاق الخطيرة ج 3 ق 1/ 42، 46- 48، 77، 103، 111، 131، 162، 163، وذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 112- 118، والمختصر في أخبار البشر 2/ 194، 195، 196، والعبر 3/ 292، ودول الإسلام 2/ 5، 6، 7، وسير أعلام النبلاء 18/ 482، 483 رقم 246، وتاريخ ابن الوردي 1/ 573- 575، وتاريخ ابن خلدون 4/ 267- 269، والنجوم الزاهرة 5/ 115، 119، وشذرات الذهب 3/ 362، ومعجم الأنساب والأسرات الحاكمة 205، والأعلام 8/ 119.

(32/253)


السّلطان الأمير شرف الدّولة أبو المكارم.
كان أبوه قد نهب دار الخلافة مع البساسيريّ، ومات سنة ثلاثٍ وخمسين كَهْلًا [1] ، فقام شرف الدّولة بعده، واستولى على ديار ربيعة، ومُضَر، وتملك حلب [2] ، وأخذ الحمْل والإتاوة من بلاد الرّوم، أعني من أنطاكيّة، ونحوها. وسار إلى دمشق فحاصرها. وكان قد تهيَّأ له أخذها، فبلغه أنّ حرّان قد عصى عليه أهلُها، فسار إليهم، فحاربهم وحاربوه، فافتتحها وبذل السَّيف، وقتل بها خلقا من أهل السُّنّة [3] .
وكان رافضيا خبيثًا، أظهر ببلاده سبّ السَّلَف، واتسعت مملكته، وأطاعته العرب، واستفحل أمرُه حتّى طمع في الاستيلاء على بغداد بعد وفاة طُغْرُلْبَك.
وكان فيه أدبٌ، وله شِعْر جيّد. وكان له في كلّ قرية قاض، وعامل، وصاحب خبر. وكان أحول، له سياسة تامّة. وكان لهيبته الأمنُ، وبعض العدْل في أيّامه موجودًا. وكان يصرف الجزية في بلاده إلى العلويّين. وهو الذي عمَّر سُور المَوْصل وشيّدها في ستّة أشهر من سنة أربع وسبعين.
ثمّ إنّه جرى بينه وبين السّلطان سُليمان بن قُتْلُمش السَّلَجُوقيّ ملك الرّوم مُصَافٌ في نصف صَفَر على باب أنطاكيّة فقُتِل فيه مسلم، وله بضعٌ وأربعون سنة.
قاله صاحب «الكامل» [4] ، والقاضي شمس الدّين بن خلّكان [5] .
__________
[1] الكامل في التاريخ 10/ 17.
[2] زبدة الحلب 2/ 57 وكان تملّكها في سنة 471 هـ.
[3] الأعلاق الخطيرة- ج 3 ق 1/ 47، زبدة الحلب 2/ 83 وقيل إنه أخذ القاضي وابنين له فصلبهم على السور، وصلب معهم مائة نفس، وقطع على البلد مائة ألف دينار، وكانت مدة عصيانهم نيّفا وتسعين يوما.
وقيل: قتل ابن جلبة وولديه وثلاثة وتسعين رجلا صبرا وصلبهم، وصلب ابن جلبة إمامهم.
وانظر: ذيل تاريخ دمشق 116، 117 بالحاشية، ووفيات الأعيان 5/ 267، 268.
[4] الكامل في التاريخ 10/ 139، 140.
[5] في وفيات الأعيان 5/ 268، وانظر: الأعلاق الخطيرة ج 3 ق 1/ 48 و 77، وذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 117، 118، وقال ابن تغري بردي إن السلطان ألب أرسلان السلجوقي زوّجه أخته، واحتاج إليه الخلفاء والملوك والوزراء، وخطب له على المنابر من بغداد إلى العواصم-

(32/254)


وقال المأمونيّ في «تاريخه» : بل وثب عليه خادمٌ في الحمام فخنقه [1] .
ثمّ إنّ السّلطان ملك شاه رتّب ولده في الرّحبة، وحرّان وسروج، [2] وزوّجه بأخته زُلَيْخا [3]
- حرف الهاء-
267- هبة اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بن محمد [4] .
أبو الحَسَن القَصْريّ [5] السيبيّ [6] .
من أهل قصر هبيرة.
قدِم بغداد مع عمّه أبي عبد الله بن السيبيّ.
وسمع الحديث من: أبي الحَسَن بن بِشْران، وغيره.
روى عنه: إسماعيل بن السمرقندي، وأبو نصر أحمد بن عمر الغازي، وعليّ بن عبد السلام.
وكان فاضلًا. قرأ طَرَفًا من النَّحْو والفقه، وولي القضاء بناحيته [7] . ثمّ إنه طُلِب لتأديب أمير المؤمنين المقتدي باللَّه وبَنيه من بعده. وولي القضاء بالحريم
__________
[ () ] والشام. وأقام حاكما على البلاد نيّفا وعشرين سنة. ولما مدحه ابن حيّوس بقصيدته التي أولها:
ما أدراك الطلبات مثل مصمّم ... إن أقدمت أعداؤه لم يحجم
فأعطاه الموصل جائزة له، فأقامت في حكمه ستة أشهر، (النجوم الزاهرة 5/ 119) .
[1] سير أعلام النبلاء 18/ 483.
[2] الأعلاق الخطيرة ج 3 ق 1/ 48، الكامل في التاريخ 10/ 158.
[3] الكامل في التاريخ 10/ 158، الأعلاق الخطيرة ج 3 ق 1/ 48، 163، وفيات الأعيان 5/ 268، العبر 3/ 293.
[4] انظر عن (هبة الله بن عبد الله) في: الأنساب 7/ 216، والمنتظم 9/ 35 رقم 29 (16/ 253 رقم 3551) ، والكامل في التاريخ 10/ 146، والبداية والنهاية 12/ 130 وفيه: «هبة الله بن أحمد» ، والنجوم الزاهرة 5/ 122.
[5] القصيريّ: بفتح القاف وسكون الصاد المهملة وفي آخرها الراء. هذه النسبة إلى القصر، وهو في ستة مواضع، منها قصر بجيلة، ويكتب بالسين أيضا. (الأنساب 10/ 17) .
[6] السّيبيّ: بكسر السين المهملة، وسكون الباء المنقوطة باثنتين من تحتها، وفي آخرها الباء المنقوطة بواحدة. هذه النسبة إلى سيب. وهي قرية بنواحي قصر ابن هبيرة. (الأنساب 7/ 215) .
[7] في (الأنساب) : ببلاد ابن مزيد.

(32/255)


الشّريف [1] . وكان وَقُورًا مهيبًا فهمًا عالمًا.
تُوُفّي في ثاني عشر المحرَّم عن بضعٍ وثمانين سنة [2]
- حرف الياء-
268- يحيى بن محمد بن القاسم بن محمد [3] .
أبو المُعَمَّر بن طَبَاطَبَا العلويّ الشّيعيّ.
من كبار الإماميّة.
روى عن الحسين بن محمد الخلّال [4] . وشارك في العلم.
روى عنه: أبو نصر الغازي، وإسماعيل بن السّمرقنديّ [5] .
__________
[1] بنهر معلّى. (الكامل 10/ 146) .
[2] كان مولده سنة 394 هـ. ولي ابنه أبو الفرج عبد الوهاب بن يدي قاضي القضاة ابن الدامغانيّ. (الكامل 10/ 146) .
وكان ينشد من إنشائه:
رجوت الثمانين من خالقي ... لما جاء فيها عن المصطفى
فبلّغتها وشكرا له ... وزاد ثلاثا بها أردفا
وها أنا منتظر وعده ... لينجزه فهو أهل ألوفا
(المنتظم) (النجوم الزاهرة) .
[3] انظر عن (يحيى بن محمد) في: المنتظم 9/ 25، 26 رقم 32 (16/ 254 رقم 3554) ، ومعجم الأدباء 20/ 32، 33 رقم 14، ولسان الميزان 6/ 276، 277 رقم 972، والنجوم الزاهرة 5/ 123، وبغية الوعاة 2/ 342 رقم 2139، ونزهة الألبّاء 269، 270- 300، 302، وروضات الجنات 218، وهدية العارفين 2/ 519، وطبقات أعلام الشيعة (النابس في القرن الخامس) 206، 207، والأعلام 8/ 164، وأعيان الشيعة (الطبعة الجديدة) 10/ 288، وإيضاح المكنون 2/ 410، ومعجم المؤلّفين 13/ 226.
[4] وقال ياقوت: كان نحويّا أديبا فاضلا يتكلّم مع ابن برهان في هذا العلم. أخذ عن علي بن عيسى الربعي، وأبي القاسم الثمانيني.
[5] وقال ياقوت: وعنه أبو السعادات هبة الله بن الشجري، وكان يفتخر به. (معجم الأدباء 20/ 32، 33) .
وقال ابن السمعاني: كان بقيّة أهل بيته أدبا وفضلا، وانتهت إليه معرفة أنساب الطّالبيّين في وقته، وكان إماميّ المذهب. عمّر حتى حدّث. ذكره أبو القاسم السمرقندي في معجم شيوخه. (لسان الميزان 6/ 276، 277) .
وقال ابن الجوزي: كان بقيّة شيوخ الطالبيين، وكان هو وأخوه نسّابتهم، وكان ينزل بالبركة من ربع الكرخ، وكان مجمّعا لظرّاف الطالبيّين وعلمائهم وشعرائهم وفضلائهم، وكان يذهب مذهب الإمامية، وقد قرأ طرفا من الأدب. وتوفي في رمضان هذه السنة، وهو آخر بني طباطبا-

(32/256)


__________
[ () ] ولم يعقب. (المنتظم 9/ 25، 26) (16/ 254) .
وقال ابن الأنباري: كان من أهل الأدب والسؤدد.. وكان ابن طباطبا عالما بالشعر، رأيت له في صفة الشعر مصنّفا حسنا، وكان شاعرا مجيدا، فمن شعره في الحثّ على طلب العلم:
حسود مريض القلب يخفي أنينه ... ويضحي كئيب القلب عندي حزينه
يلوم عليّ إن رحت في العلم راغبا ... أحصّل من عند الرواة فنونه
فأعرف أبكار الكلام وعونه ... وأحفظ ممّا أستفيد عيونه
ويزعم أنّ العلم لا يجلب الغنى ... ويحسن بالجهل الذميم ظنونه
فيا لائمي دعني أغالي بقيمتي ... فقيمة كلّ الناس ما يحسنونه
(نزهة الألبّاء 269، 270) (معجم الأدباء 20/ 33) .
وقد زاد الأمين في (أعيان الشيعة 10/ 288) بيتين في مقدّمة هذه الأبيات:
لي صاحب لا غاب عنّي شخصه ... أبدا وظلت ممتّعا بوجوده
فطن بما يوحي إليه أنّما ... قد نيط هاجس فكرتي بفؤاده

(32/257)


سنة تسع وسبعين وأربعمائة
- حرف الألف-
269- أَحْمَد بْن عَبْد العزيز بْن شيبان [1] .
البغداديّ.
روى عن: أبي الحسين بن بِشْران، وعبد الله بن يحيى السكري.
روى عنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنديّ، وعبد الوهاب الأنماطيّ.
270- أحمد بن عُبَيْد الله [2] .
أبو غالب بن الزّيّات البيّع [3] الخيّاط المؤذّن.
سمع: ابن شاذان، والحرفيّ.
وعنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنديّ، وأبو بكر بن الزّاغُونيّ.
تُوُفّي فِي شعبان.
271- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن دوست دَادَا [4] .
شيخ الشيوخ أبو سعْد النّيسابوريّ الصّوفيّ.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] البيّع: بفتح الباء الموحّدة وكسر الياء المشدّدة آخر الحروف وفي آخرها العين المهملة. هذه اللفظة لمن يتولّى البياعة والتوسط في الخانات بين البائع والمشتري من التجار للأمتعة.
(الأنساب 2/ 370) .
[4] انظر عن (أحمد بن محمد بن دوست) في: المنتظم 9/ 11 رقم 11 (16/ 235 رقم 3533) ، والكامل في التاريخ 10/ 159، والعبر 3/ 294، وسير أعلام النبلاء 18/ 491، 492 (477 هـ.) رقم 254، ومرآة الجنان 3/ 132، والبداية والنهاية 12/ 126، والنجوم الزاهرة 5/ 124، وشذرات الذهب 3/ 363.

(32/258)


صحِب الزّاهد القُدوة أبا سَعِيد فضل اللَّه بْن أَبِي الخَير الميْهَنيّ، وسافر الكثير. وكان ذا همةٍ شريفة وأخلاق سَنِيّة. حجّ على التجريد مرّات، لأنّ الطّريق كان منقطعًا. وكان يجمع جماعة من الفُقراء والصُّوفيّة، ويدور في قبائل العرب، وينتقل من حلّة إلى حلّة، إلى أن يصل مكّة.
وكان بينه وبين نظام المُلْك مودَّة أكيدة.
اتفق أنّه كان منصرفًا من إصبهان إلى حضرة نظام المُلْك، فنزل بنهاوند، وكان قد غَرُبَت الشمس، فنزل فأتى خانقاه أبي العبّاس النَّهَاوَنْديّ، فمُنع من الدّخول وقيل: إنْ كنت من الصُّوفيّة، فليس هذا وقت دخول الخانقاه، وإنْ كنتَ لستَ منهم، فليس هذا موضعك.
فباتَ تلك الليلة على باب الخانقاه في البرد، فقال في نفسه: إنْ سهْل الله لي بناء خانقاه أمنع من دخولها أهل الجبال، وتكون موضع نزول الغرباء من الخُراسانيّين.
قال أبو سعْد السّمعانيّ: بَلَغَني أنّه خرج مرّةً إلى البادية، فأضافه صاحبه أحمد بن زَهْراء، وكانت له زاوية صغيرة يجتمع فيها الفقراء، فلمّا دخلها أبو سعْد قال: يا شيخ لو بنيت للأصحاب موضعًا أوسع من هذا، وبابًا أرفع من هذا، حتّى لا يحتاج الدّاخل إلى انحناء ظهره.
فقال له أحمد: إذا بنيت أنت رِباطًا للصوفية في بغداد، فاجعل له بابًا يدخل فيه الجمل وعليه الرّاكب.
فضربَ الدَّهر ضرباته، وانصرف أبو سعْد، إلى نَيْسابور، وباعَ أملاكه، وجمع ما قدر عليه، وقدِم بغداد، وبنى الرّباط، وحضر فيه الأصحاب، وأحضر أحمد بن زَهْراء وركب واحدٌ جملًا حتّى دخل من باب الرِّباط [1] .
وسمعت ولده أبا [2] البركات إسماعيل يقول: لما غرق جميع بغداد في سنة ستّ وستّين وأربعمائة، وكان الماء يدخل الدُّور من السُّطُوح، وضرب الجانب
__________
[1] المنتظم 9/ 11 (16/ 235) .
[2] في الأصل: «أبو» .

(32/259)


الشّرقيّ بالكلّية، اكترى والدي زورقًا، وركب فيه، وحمل أصحابه الصوفية وأهله. وكان الزورق يدور على الماء، والماء يخرّب الحِيطان، ويحمل الأخشاب إلى البحر، فقال أحمد بن زَهْراء لوالدي: لو اكتريت زورقًا ورجلًا يأخذ هذه الْجُذُوع ويربطها في موضع، حتّى إذا نقص الماء بنيت الرّباط، كان أخَفَّ عليك.
قال: يا شيخ أحمد هذا زمان التفرقة، ولا يمكن الجمع في زمن التفرقة.
فلمّا هبط الماء بنى الرّباط أحسن ممّا كان [1] .
تُوُفّي في ربيع الآخر [2] ، وهو الذي تولّى رباط نهر المُعَلَّى.
وكان عالي الهمّة، كثير التّعصُّب لأصحابه، جدّد تربة معروف الكَرْخيّ بعد أن احتَرَقَت. وكان ذا منزلةٍ كبيرةٍ عند السّلطان، وحُرْمة عند الدّولة. وكان يقال:
الحمد للَّه الذي أخرج رأس أبي سعْد من مرقَّعةٍ، فلو خرج من قباء لَهَلَكْنا [3] .
وابن زَهراء هذا هو أبو بكر الطُّرَيْثيثيّ.
272- أحمد بن محمد بن مفرّج [4] .
أبو العبّاس الأنصاري القُرْطُبيّ.
يُعرف بابن رُمَيْلَة. كان معنيا بالعِلم، وصحبة الشّيوخ. وله شعر حسن في الزُّهد، وفيه عبادة. واستُشهد بوقعة الزّلّاقة، مقبِلًا غير مُدبْر رحمه الله وكانت يوم الجمعة ثاني عشر رجب على مقرُبةٍ من بَطَلْيُوس. قُتِل فيها من الفرنج ثلاثون ألف فارس، ومن الرَّجَّالة ما لا يحصى، وهي من الملاحم المشهورة كما يأتي [5] .
__________
[1] المنتظم 9/ 11 (16/ 235) وكان ابن دوست قبل بناء الرباط ينزل في رباط عتّاب، فخرج يوما فرأى الخبز النقي فقال في نفسه إن الصوفية لا يرون مثل هذا، فإن قدّر لي بناء رباط شرطت في سجلّه أن لا يقدّم بين يدي الصوفية خشكار، فهم الآن على ذلك.
[2] في المنتظم: «وتوفي ليلة الجمعة ودفن من يومه تاسع ربيع الآخر من سنة 477 هـ.» .
[3] الكامل في التاريخ 10/ 159.
[4] انظر عن (أحمد بن محمد بن مفرج) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 68 رقم 144 وفيه «فرج» بدل «مفرج» .
[5] هكذا في الأصل. وهو وهم، فقد تقدّم خبر الزلّاقة في حوادث السنة 479 هـ. من هذه الطبقة.

(32/260)


273- أحمد بن يوسف بن أصبغ [1] .
أبو عمر الطُّلَيْطُليّ.
سَمِعَ: أَبَاهُ، وعبد الرحمن بْن محمد بْن عبّاس.
وكان ماهرًا في الحديث والفرائض والتّفسير، ورحل إلى المشرق وحجّ.
وولي قضاء طُلَيْطُلة. ثمّ عُزِل.
وكان ثقة رضيً.
تُوُفّي في شعبان [2] .
274- إبراهيم بن عبد الواحد بن طاهر القطّان [3] .
أبو الخطاب البغداديّ.
ثقة صالح.
سمع: البرقانيّ، وأبا القاسم الحرفيّ، وابن بِشْران.
وعنه: ابن السَّمَرْقَنديّ، والأنْماطيّ.
تُوُفّي في جُمَادَى الأولى.
275- إسماعيل بن زاهر بن محمد [4] .
أبو القاسم النُّوقَانيّ [5] النَّيْسابوريّ.
قال السّمعانيّ: [6] فقيه صالح، صدوق، كثير السّماع.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن يوسف) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 68، 69 رقم 145.
[2] وقيل: توفي سنة 480 هـ.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] انظر عن (إسماعيل بن زاهر) في: المنتظم 9/ 31 رقم 34 (16/ 261 رقم 3556) ، والمنتخب من السياق 139 رقم 318، والإعلام بوفيات الأعلام 197، والعبر 3/ 294، والمشتبه في الرجال 1/ 66، وسير أعلام النبلاء 18/ 446، 447 رقم 229، والمعين في طبقات المحدّثين 137 رقم 1517، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/ 270، پ 27، وشذرات الذهب 3/ 363.
وقد أضاف محققا (سير أعلام النبلاء) بالحاشية كتاب (الأنساب) إلى مصادر ترجمته، وهو غير مذكور فيه.
[5] النوقاني: بفتح النون المشددة عند ابن السمعاني، وبضمها عند ياقوت، وقد تقدّم التعريف بهذه النسبة في حاشية الترجمة رقم (215) .
[6] قوله ليس في (الأنساب) .

(32/261)


سمع: أبا الحَسَن العَلَويّ، وأبا الطّيّب الصُّعْلُوكيّ، وعبد الله بن يوسف بن مامويه، وابن محمش بنيسابور.
وأبا الحسن بن بِشْران، ونحوه ببغداد.
وجناح بن بدر بالكوفة، وابن نظيف، وأبا ذر بمكّة.
روى عنه: زاهر الشّحّاميّ، وأبو نصر أحمد بن عَمْر الغازي، وإسماعيل بن عبد الرحمن القارئ.
وقد تفقّه على الطُّوسيّ، وعقد مجلس الإملاء، وأفاد الكثير.
وكان مولده سنة سبعٍ وتسعين وثلاثمائة [1] .
ومن آخر مَن روى عنه عبد الكريم بن محمد الدّامَغَانيّ.
قال عبد الغافر [2] : هو من أركان فقهاء الشّافعيّة. سمعتُ منه بعض أماليه.
وروى عنه أيضًا: سعيد بن عليّ الشّجّاعيّ، وعائشة بنت أحمد الصّفّار، وأبو الفتوح عبد الله بن عليّ الخركوشيّ، وعبد الكريم بن عليّ العلويّ، وعبد لملك بن عبد الواحد بن القُشَيْريّ، ومحمد بن جامع خيّاط الصُّوف، وغيرهم.
ومن مسموعاته: كتاب «تاريخ الفَسَويّ» [3] .
رواه عن ابن الفضل القطّان، عن ابن درستويه، عن الفسويّ.
__________
[1] المنتخب من السياق 139.
[2] في المنتخب من السياق 139 تختلف العبارة عن هنا تماما: فقيه: «إسماعيل بن زاهر بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ الفقيه الإمام أبو القاسم النوقاني ثم النيسابورىّ، فاضل، جليل، نبيه، ثقة، أمين، من أركان فقهاء أصحاب الشافعيّ.
درس الفقه على أبي بكر الطوسي قديما، وكان يقعد ويدرس في مسجده بمحلة الرمجار.
وكان شيخا سليم القلب، ساكن النفس، على رسم العلماء الصالحين.
سافر إلى العراق والحج، وكان في الرفقة التي فيها أبو محمد الجويني، وزين الإسلام القشيري، وأحمد البيهقي، وسمع بمكة من ابن نظيف، وببغداد تاريخ يعقوب بن سفيان، وحديث المحاملي، وغير ذلك، وبنيسابور من السيد أبي الحسن العلويّ، والحاكم أبي عبد الله، والطبقة، وبعد ذلك عن أصحاب الأصمّ.
وروى سنين، وعقد له مجلس الإملاء في المدرسة النظامية، وحضر مجلسه الأكابر.. وكان يروي الحديث ويعد من الثقات في بابه، وطعن أبو القاسم في السنّ حتى أفاد الكثير ...
[3] اسمه: «البدء والتاريخ» ، حقّقه الدكتور أكرم ضياء العمري في ثلاثة أجزاء.

(32/262)


276- إسماعيل بن محمد بن أحمد [1] .
أبو سعْد الحَجَّاجيّ الفقيه.
سمع: الحسين بن محمد بن فنجُوَيْه الثقفيّ، وأبا بكر الحِيريّ، وأبا سعيد الصَّيْرَفيّ، وابن حيد.
وعنه: إسماعيل بن أبي صالح، وعبد الغافر الفارسيّ، وعبد الله بن الفُراويّ [2]
- حرف الثاء-
277- ثابت بن الحسين بن شراعة [3] .
أبو طالب التّميميّ الهَمَذانيّ الأديب.
روى عن: أبي طاهر بن سَلَمة، ومنصور بن رامش، وابن عيسى، وجماعة.
قال شيرُوَيْه: سمعتُ منه، وكان صدوقًا.
تُوُفّي في صَفَر
- حرف الجيم-
278- جَعبْر بن سابق [4] .
الأمير سابق الدّين القُشَيْريّ، صاحب قلعة جَعْبَر، الحصن الّذي على فُرات. قتله السّلطان ملك شاه السَّلْجوقيّ لمّا قدِم حلب لأنّه بلغه أنّ ولديه يقطعان الطّريق [5] .
__________
[1] انظر عن (إسماعيل بن محمد) في: المنتخب من السياق 140 رقم 319.
[2] قال عبد الغافر: «كثير الحديث، مشهور به» .
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] انظر عن (جعبر بن سابق) في: معجم البلدان 2/ 142، وذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 100، وزبدة الحلب 2/ 100، وبغية الطلب (تراجم السلاجقة) 203، 262، والأعلاق الخطيرة ج 3 ق 1/ 111، ووفيات الأعيان 1/ 363، وسير أعلام النبلاء 18/ 552 رقم 282، والوافي بالوفيات 11/ 84، 85 رقم 139، والبداية والنهاية 12/ 131، 132، وتاج العروس 3/ 103.
[5] بغية الطلب 203 و 362، الأعلاق الخطيرة ج 3 ق 1/ 111، ويقال إنه قتل سنة 464 هـ.

(32/263)


يُقال لقلعة جَعْبَر أيضًا الدَّوْسَريّة، لأنّ دَوْسَر غلام ملك الحيرة النُّعمان بن المنذر بناها
- حرف الحاء-
279- الحَسَن بن محمد بن القاسم بن زَيْنَة [1] .
أبو عليّ البغداديّ الدّقّاق الكاتب.
قال السّمعانيّ: شيخ صالح، ثقة مأمون. سمع الكثير، وتفرّقت كُتُبُه.
وكان يُسْمع من أصول غيره.
روى عن: هلال الحفّار.
ثنا عنه: إسماعيل السَّمَرْقَنديّ، وعبد الوهّاب الأنماطي، وأحمد بن الأُخُوَّة.
مات في صَفَر، وله ثمانون سنة.
280- حمْد بن أحمد [2] الحلمقريّ [3] الهَرَويّ.
يروي عن أبي منصور الأزْديّ
- حرف السين-
281- سَعِيد بْن فضل اللَّه بْن أَبِي الخيْر [4] .
الشّيخ أبو طاهر ابن الإمام القدوة، أبي سعيد الميهني.
توفي في شعبان. وهو أكبر أولاد أبيه. وجلس في المشيخة بعد والده ولم يحدّث [5] .
روى عن: أبي بكر الحِيريّ، وعن والده.
__________
[1] انظر عن (الحسن بن محمد بن القاسم) في: المنتظم 9/ 31 رقم 35 (16/ 261 رقم 3557) .
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] لم أجد هذه النسبة.
[4] انظر عن (سعيد بن فضل الله) في: المنتخب من السياق 237 رقم 747.
[5] وقال عبد الغافر الفارسيّ: «حسن السيرة، متين الحال، ثابت القدم في الطريقة، صحب شيخه سنين ورأى قوّة حاله، وسلطنة أيامه ومجاري أموره، ولقي المشايخ الطارئين على مجلسه، وشاهد المناقرات والمجامع والمجالس الخاصة بين يديه» .

(32/264)


282- سُليمان بن قُتُلْمِش بن سلْجُوق [1] .
أمير قُونية، وجدّ سلاطين الرّوم.
قُتِلَ في صَفَر في المُصَافّ بأرض حلب [2] ، وقام بعده ابنه قلج أرسلان
- حرف الشين-
283- شافع بن محمد بن شافع [3] .
أبو بكر الأَبِيوَرْدِيّ [4]
- حرف الصاد-
284- صالح بن أحمد بن يوسف [5] .
أبو رجاء البُسْتيّ [6] ، المعبّر.
جاور بمكّة مدّةً، وحدث عن: أبي المستعين محمد بن أحمد البُسْتيّ، وطاهر بن العبّاس المَرْوَزِيّ، وأبي ذَرّ الهَرَويّ.
سمع منه: عمر الرُّؤاسيّ، وغيره.
تُوُفّي بعد سنة ثمانٍ وسبعين
__________
[1] انظر عن (سليمان بن قتلمش) في: تاريخ حلب 352، والكامل في التاريخ 10/ 138، 139، 147، وزبدة الحلب 2/ 86- 92، 95- 98، 101، 301، 237، وذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 117- 119، 157، وبغية الطلب (تراجم السلاجقة) 200، 201، 330، 331، 361، والأعلاق الخطيرة ج 3 ق 1/ 94، 103، 162 وق 2/ 420، وزبدة التواريخ 132، 148، ومرآة الزمان ج 12/ 218، 229، 233، 240، وتاريخ الزمان لابن العبري 116، 118، 119، والمختصر في أخبار البشر 2/ 195، 197، والعبر 3/ 285، 286، 293، وسير أعلام النبلاء 18/ 449 رقم 232، ودول الإسلام 2/ 7، 9، وتاريخ ابن الوردي 1/ 574، 577، والدرّة المضيّة 428، والوافي بالوفيات 15/ 420، والبداية والنهاية 12/ 126، 130، والنجوم الزاهرة 5/ 124.
[2] انظر: زبدة الحلب 2/ 97.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] الأبيورديّ: بفتح الألف وكسر الباء الموحّدة وسكون الياء المنقوطة من تحتها باثنتين وفتح الواو وسكون الراء وفي آخرها الدال المهملة. هذه النسبة إلى أبيورد وهي بلدة من بلاد خراسان.
وقد ينسب إليها الباوردي. (الأنساب 1/ 128) .
[5] لم أجد مصدر ترجمته.
[6] البستيّ: بضم الباء المعجمة بواحدة، وسكون السين المهملة، والتاء المنقوطة بنقطتين في آخرها. هذه النسبة إلى بلدة بست من بلاد كابل بين هراة وغزنة. (الأنساب 2/ 208) .

(32/265)


- حرف الطاء-
285- طاهر بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن يوسف [1] .
أبو عبد الرحمن الشّحّاميّ [2] النَّيْسابوريّ المستملي.
والد زاهر ووجيه.
كان أحد من عنى بالحديث وأكثر منه. وسمع أولاده.
وحدَّث عن: أبي بكر الحِيريّ، وأبي سعيد الصَّيْرَميّ، وفضل الله بن أبي الخير الميْهَنيّ الزّاهد، ووالده أبي بكر محمد بن محمد الرجل الصّالح، والأستاذ أبي إسحاق الأسفراينيّ، وصاعد بن محمد القاضي.
روى عنه: ابناه، وحفيداه عبد الخالق بن زاهر، وفاطمه بنت خَلَف، وعبد الغافر الفارسيّ [3] .
وصنَّف كتابًا بالفارسيّة في الشرائع والأحكام.
واستملى على نظام المُلْك، وغيره.
وكان فقيهًا، أديبًا، بارعًا، شُرُوطيًّا، صالحًا، عابدًا، تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة، وله ثمانون سنة
- حرف العين-
286- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الصَّمَد بن المهتديّ باللَّه بن الواثق بن المعتصم ابن الرشيد [4] .
__________
[1] انظر عن (طاهر بن محمد) في: ذيل تاريخ نيسابور، ورقة 79 أ، والمنتخب من السياق 267 رقم 870، والإعلام بوفيات الأعلام 197، وسير أعلام النبلاء 18/ 448، 449 رقم 231، والعبر 3/ 294، 295، ومرآة الجنان 3/ 132، والوافي بالوفيات 16/ 405، 406 رقم 439، وشذرات الذهب 3/ 363.
[2] الشحّامي: بفتح الشين المعجمة، وتشديد الحاء المهملة. نسبة إلى بيع الشحم.
[3] وهو قال عنه: «أبوه أبو بكر أزهد أهل عصره وأحسنهم عبادة وقراءة للقرآن. وهذا أربى على أقرانه بفضله وقلمه وحسن كتابته، وكان حافظا لكتاب الله، عارفا بالحديث، حافظا متصرّفا فيه ... وكان على اعتقاد حسن صالح من مذهب السلف، غير شارع في مبتدع الأهواء، وصنّف كتابا بالفارسية للشرائع والأحكام وأبوابا في الشروط» . (المنتخب 267) .
[4] انظر عن (عبد الله بن أحمد العباسي) في: المنتظم 9/ 32 رقم 38 (16/ 262 رقم 3560) .

(32/266)


الخطيب أبو جعفر العبّاسيّ البغداديّ، والد أبي الفضل محمد بن عبد الله.
كان خطيبًا جليلًا رئيسًا صالحًا، يخطب بجامع الحربيّة [1] .
سمع: ابا القاسم بن بِشْران، وغيره.
وعنه: ابن السَّمَرْقَنديّ.
ومات في شعبان.
287- عَبْد الجليل بْن عَبْد الْجَبّار بْن عَبْد اللَّه بْن طلحة [2] .
أبو المظفّر المَرْوَزِيّ، الفقيه الشّافعيّ.
قدِم دمشق، وتفقه به جماعةُ منهم: أبو الفضل يحيى بن عليّ القُرَشيّ.
وكان قد تفقَّه على الكازرونيّ، وولي القضاء حين دخل التُّرْك إلى دمشق.
وكان فاضلًا مهيبًا عفيفًا [3] .
حدَّث عن: عبد الوهّاب بن برهان، وغيره.
وعنه: غيث الأرمنازيّ، وهبة الله بن طاوس.
288- عبد الخالق بن هبة الله بن سلامة [4] .
أبو عبد الله الواعظ ابن المفسِّر، خال رزق الله التّميميّ.
صالح، زاهد، ورِع، نبيل، مَهِيب [5] .
سمع: أبا عليّ بن شاذان.
__________
[1] وقال ابن الجوزي: كان من ذوي الهيئات النبلاء والخطباء الفصحاء، وكان صاحب مفاكهة وأشعار وطرف وأخبار.
[2] انظر عن (عبد الجليل بن عبد الجبار) في: تاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 22/ 147، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 14/ 165 رقم 100، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 221.
[3] فقيل إنه لم ير قطّ في سقاية. والسقاية: الغيبة.
[4] انظر عن (عبد الخالق بن هبة الله) في: المنتظم 9/ 32 رقم 39 (16/ 262، 263 رقم 3561) .
[5] وقال ابن الجوزي: وكان له سمت ووقار، وكان كثير التهجّد والتعبّد.

(32/267)


روى عنه: عبد الوهّاب الأنْماطيّ.
مولده سنة تسعين وثلاثمائة.
289- عبد الكريم بن عبد الواحد [1] .
أبو الفتح الأصبهاني، الصّوّاف الدّلّال.
سمع: عثمان بن أحمد البُرْجيّ، وأبا عبد الله الْجُرْجانيّ.
روى عنه: الثقفيّ، والرُّسْتُميّ.
290- عبد الواحد بن محمد بن عبد السميع بن إسحاق [2] .
أبو الفضل بن الطَّوَابيقيّ [3] ، العبّاسيّ.
من أولاد الواثق باللَّه.
سمع: أبا الحَسَن عليّ بن هبة الله العيسَويّ.
روى عنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنديّ، وغيره.
تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة ببغداد [4] .
291- عُبَيْد الله بن عثمان بن محمد بن يوسف دُوَسْت [5] .
أبو منصور ابن العلّاف.
من أولاد الشيوخ.
روى عن: الحسين بن الحَسَن الغَضَائِريّ، وعُبَيْد الله بن منصور الحربيّ.
وعنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنديّ، وعبد الوهاب الأنماطي، وعمر بن السّنبك.
تُوُفّي في شعبان عن ستًّ وثمانين سنة. قاله ابن النّجّار [6] .
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (عبد الواحد بن محمد) في: المنتظم 9/ 32 رقم 40 (16/ 263 رقم 3562) .
[3] الطّوابيقي: بفتح الطاء المهملة والواو، وكسر الباء الموحّدة، ثم الياء الساكنة آخر الحروف.
وفي آخرها القاف. هذه النسبة إلى الطوابيق، وهي الآجرّ الكبير الّذي يفرش في صحن الدار، وعملها. (الأنساب 8/ 259) .
[4] وقال ابن الجوزي: وكان ثقة صالحا.
[5] لم أجد مصدر ترجمته.
[6] في الجزء الّذي لم يصلنا من (ذيل تاريخ بغداد) .

(32/268)


292- عليّ بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيم بْن بحر [1] .
أبو عليّ التُّسْتَريّ [2] ، ثمّ البصْريّ السَّقَطيّ.
كانت الرحلة إليه في سماع «سُنن أبي داود» [3] .
رواها عن: أبي عمر الهاشميّ.
وروى عن: عمه أبي سعيد الحَسَن بن عليّ.
روى عنه: المؤتمن السّاجيّ، وعبد الله بن أحمد السَّمَرْقَنديّ، وأبو الحَسَن محمد بن مرزوق الزَّعْفرانيّ، وأبو غالب محمد بن الحَسَن الماوَرْدِيّ، وعبد الملك بن عبد الله، وآخرون.
وكان صدوقًا.
وآخر من حدَّث عنه أبو طالب محمد بن محمد بن أبي زيد العلويّ النّقيب. روى عنه الجزء الأوّل من «السُنن» بالسَّماع، والباقي إجازةً إنّ لم يكن سماعًا [4] .
وبقي إلى سنة ستّين وخمسمائة [5] .
293- عليّ بن أحمد بن عليّ [6] .
__________
[1] انظر عن (علي بن أحمد بن علي) في: المنتظم 9/ 23 رقم 44 وفيه: «محمد بن أحمد أبو علي التستري» ، وكذا في الطبعة الجديدة منه (16/ 264 رقم 3566) ، والكامل في التاريخ 10/ 159، وفيه: «محمد بن أحمد» ، والتقييد لابن نقطة 403، 404 رقم 535، والإعلام بوفيات الأعلام 197، وسير أعلام النبلاء 18/ 481، 482 رقم 245، والمعين في طبقات المحدّثين 138 رقم 1518، والعبر 3/ 299، والبداية والنهاية 12/ 132، وشذرات الذهب 3/ 363.
[2] التّستري: بضم التاء وسكون السين وفتح التاء وكسر الراء. هذه النسبة إلى تستر بلدة من كور الأهواز من بلاد خوزستان يقول لها الناس شوشتر.
وقد وقع في (الكامل) : «الشيري» .
[3] وكان ثبتا فيه (المنتخب 404) .
[4] وقال ابن الجوزي: كان متقدّم البصرة في الحال والمال، وله مراكب في البحر، حفظ القرآن، وسمع الحديث، وانفرد برواية سنن أبي داود عن أبي عمر، وكان حسن المعتقد، صحيح السماع.
[5] أي صاحبه أبو طالب محمد بن محمد العلويّ، فهو الّذي بقي إلى هذا التاريخ. (سير أعلام النبلاء 18/ 482) .
[6] انظر عن (عليّ بن أحمد بن علي) في: المنتظم 9/ 33 رقم 43 (16/ 263 رقم 3565) ،

(32/269)


الأديب أبو القاسم الأُسَديّ النّجّاشيّ.
سمع: أبا عليّ بن شاذان، وطبقته [1] .
وكان إخباريا، عارفًا، راوية.
روى عنه: أبو محمد بن السَّمَرْقَنديّ، وهبة الله بن المُجْلي.
يُعرف بابن الكوفيّ [2] .
تُوُفّي في رجب [3] .
294- عليّ بن فضّال بن عليّ بن غالب [4] .
أبو الحَسَن القَيْروانيّ، المُجاشِعيّ [5] التّميميّ، الفرزدقيّ [6] النّحويّ.
__________
[ () ] وذيل تاريخ بغداد لابن النجار 3/ 98- 101 رقم 593.
[1] ومنهم: محمد بن علي الصوري، والحسن بن دوما، ومحمد بن علي الواسطي، والحسن بن عيسى بن المقتدر باللَّه، وعبيد الله بن أحمد الأزهري، وعلي بن المحسّن التنوخي، وعليّ بن عمر القزويني الزاهد، والحسين بن محمد بن طباطبا العلويّ.
[2] وقد أنشد أبو القاسم الأسدي ما أنشده محمد بن علي الصوري، من شعر عبد المحسن الصوري، قوله:
وتريك نفسك في معاندة الورى ... رشدا ولست إذا فعلت براشد
شغلتك عن أفعالها أفعالهم ... هلا اقتصرت على عدوّ واحد؟
(ذيل تاريخ بغداد 17/ 101) .
[3] وكان مولده في ليلة النصف من شهر رمضان سنة 416 هـ. (ذيل تاريخ بغداد) .
[4] انظر عن (عليّ بن فضّال) في: دمية القصر للباخرزي 1/ 133- 135 رقم 4، والمنتظم 9/ 33 رقم 42 (16/ 263 رقم 3564) ، ومعجم الأدباء 14/ 90- 98، والكامل في التاريخ 10/ 159، وخريدة القصر (قسم شعراء الأندلس) ج 4 ق 1/ 365، وتاريخ إربل لابن المستوفي 1/ 208 وفيه: «علي بن فضائل» ، وإنباه الرواة 2/ 229- 331، والعبر 3/ 290، وسير أعلام النبلاء 18/ 528، 529 رقم 268، وتلخيص ابن مكتوم 146- 147، والبداية والنهاية 12/ 132، ومرآة الجنان 2/ 12، وطبقات النحاة واللغويين لابن قاضي شهبة 2/ 177، 178، ولسان الميزان 4/ 249، والنجوم الزاهرة 5/ 124، وبغية الوعاة 2/ 183، وتاريخ الخلفاء 427 وفيه: «علي بن فضالة» ، وطبقات المفسّرين 24، 25، وطبقات المفسّرين للداوديّ 1/ 421، 422، وكشف الظنون 1027، 1179، وشذرات الذهب 3/ 363، وروضات الجنات 485، وإيضاح المكنون 1/ 85، 115، 116، 178، وهدية العارفين 1/ 693، والأعلام 4/ 319، ومعجم المؤلفين 7/ 165، 166 د ومعجم طبقات الحفاظ والمفسّرين 258 رقم 366.
[5] المجاشعي: بضم الميم، وفتح الجيم، وكسر الشين المعجمة، وفي آخرها العين المهملة.
هذه النسبة إلى مجاشع وهي قبيلة من تميم. وهو مجاشع بن دارم بن مالك بن حنظلة..
(الأنساب 11/ 133) وقد تحرّفت هذه النسبة في (البداية والنهاية) إلى «المشاجعي» .
[6] نسبة إلى الفرزدق الشاعر المشهور.

(32/270)


صاحب التّصانيف.
مسقط رأسه هجَر، وطوَّف الأرض حتّى وصل إلى غَزْنَة، وأقبل عليه أكابرها. وانخرط في صحبة الوزير نظام المُلْك.
وصنَّف «بُرهان العَمِيديّ في التفسير» ، في عشرين مجلدًا، وكتاب «الإكسير في علم التفسير» خمسة وثلاثون مجلَّدًا، وكتابًا في النَّحْو، في عدّة مجلدات وهو كتاب «إكسير الذّهب في صناعة الأدب» [1] ، وغير ذلك.
قال ابن طاهر المقدسيّ: سمعتُ إبراهيم بن عثمان الأديب الغَزّيّ يقول:
لمّا دخل أبو الحَسَن بن فضّال النَّحْويّ نَيْسابور اقترح عَليه أبو المعالي الْجُوَيْنيّ أنّ يصنّف باسمه كتابًا في النَّحْو، فصنفه وسمّاه «الإكسير» . ووعده بألف دينار، فلمّا صنَّفه وفرغ ابتدأ أبو المعالي بقراءته عليه، فلمّا فرغ من القراءة انتظره أيامًا أن يدفع إليه ما وعده، فلم يُعْطه شيئًا، فأرسل إليه، إنّك إنّ لم تَفِ بما وعدتَ وإلًا هجوتُك. فأنفذ إليه على يد الرسول: نكثتها، عرضي فداؤك. ولم يُعطِه حبة [2] .
وقيل: إنّ ابن فَضّال روى أحاديث، فأنكرها عليه عبد الله بن سبعون القيروانيّ، فاعتذر بأنّه وهْم [3] .
وقد صنّف ابن فَضّال بغَزْنة عدّة كُتُب بأسماء أكابر غَزْنَة [4] .
وكان إمامًا في اللغة، والنَّحْو، والسِّيَر، وأقرأ الأدب مدّةً ببغداد [5] .
ومن شعره:
وإخواني [6] حسبتهم دروعا ... فكانوها ولكن للأعادي
__________
[1] في (معجم الأدباء 19/ 91) : «إكسير الذهب في صناعة الأدب والنحو» في خمس مجلدات.
[2] معجم الأدباء 14/ 97، إنباء الرواة 2/ 300، 301 وقد زاد ياقوت بعد الخبر: «وبلغني أنه عقيب ذلك ورد بغداد وأقام بها ولم يتكلم بعد في النحو، وصنف كتابه في التاريخ» .
[3] معجم الأدباء 14/ 92.
[4] معجم الأدباء 14/ 91.
[5] معجم الأدباء 14/ 91.
[6] في (معجم الأدباء) : «وإخوان» .

(32/271)


وخِلْتُهُم سهامًا صائباتٍ ... فكانوها ولكنْ في فؤادي
وقالوا: قد صَفَتْ منّا قُلُوبٌ ... لقد صدقوا ولكنْ عن وِدادي
[1] وله:
لا عُذْرَ للصَّبِّ إذا لم يكُنّ ... يخلَعُ في ذاك العذار العِذارْ
كأنّه في خدّهِ إذْ بدا ... ليلٌ تبدّى [2] طالعًا في [3] نهارْ
[4] وشعره كثير.
وله من التّصانيف أيضًا: كتاب «النُّكَّت في القرآن» ، وكتاب «البَسْمَلة وشرحها» مجلّد، وكتاب «العوامل والهوامل» في الحروف خاصّة، وكتاب «الفُصُول في معرفة الأُصُول» ، وكتاب «الإشارة في تحسين العبارة» ، وكتاب «شرح عنوان الإعراب» ، وكتاب «العَرُوض» ، وكتاب «معاني الحروف» ، وكتاب «الدُّوَل في التّاريخ» ، وهو كبير وُجد منه ثلاثون مجلّدًا، وكتاب «شجرة الذَّهَب في معرفة أئمة الأدب» ، وكتاب «معارف الأدب» [5] ، وغير ذلك مع ما تقدَّم [6] .
قال ابنُ ناصر: تُوُفّي ابن فَضّال المُجَاشِعيّ في ثاني وعشرين ربيع الأول [7] .
__________
[1] معجم الأدباء 14/ 94.
[2] في الأصل: «تبدا» .
[3] في (معجم الأدباء) : «من» .
[4] معجم الأدباء 14/ 93.
[5] كبير نحو ثمانية مجلدات. (معجم الأدباء 14/ 92) .
[6] ومنها: كتاب «المقدمة في النحو» . (معجم الأدباء) .
[7] معجم الأدباء 14/ 93.
وذكره عبد الغافر الفارسيّ فقال: ورد نيسابور، واختلفت إليه فوجدته بحرا في علمه، ما عهدت في البلديين ولا في الغرباء مثله في حفظه ومعرفته وتحقيقه، فأعرضت عن كل شيء وفارقت المكتب ولزمت بابه بكرة وعشية، وكان على وقار. (معجم الأدباء 14/ 92، 93) .
وقال ابن طاهر المقدسي: وكان كما علمت رقاعة في كلّ من انتسب إلى مذهب الشافعيّ لأنه كان حنبليا. (معجم الأدباء 14/ 97) .
وأنشد أبو القاسم بن ناقيا في ابن فضال المجاشعي قال: ودخلت دار العلم ببغداد وهو يدرس شيئا من النحو في يوم بارد، فقلت:
اليوم يوم قارس بارد ... كأنه نحو بن فضال.
لا تقرءوا النحو ولا شعره ... فيعتري الفالج في الحال

(32/272)


295- عَليّ بْن مُقَلّد بْن نَصْر بْن مُنْقذ بن محمد [1] .
الأمير سديد المُلْك أبو الحَسَن الكنانيّ صاحب شَيْزَر [2] .
أديب شاعرٌ. قدِم دمشقَ مرَّات. واشترى حصن شَيْزَر من الرّوم [3] . وكان أخا محمود بن صالح صاحب حلب من الرضاعة [4] .
ومن شعره في غلام:
أَسْطُو عليه وقلبي لو تمكّن من ... يديَّ [5] غلَّهما غيْظًا إلى عُنقي [6]
وأستعير [7] إذا عاتبتُه [8] حَنَقًا ... وأين ذلّ الهوى من عزة الحنق
[9]
__________
[ () ] وقال ابن الجوزي: سمع الحديث وكان له علم غزير وتصانيف حسان إلّا أنه يضعف في الرواية. (المنتظم 9/ 33) (16/ 263) .
[1] انظر عن (علي بن مقلد) في: خريدة القصر (قسم شعراء الشام) 1/ 552- 557، ومعجم الأدباء 5/ 221- 226، وتاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 3/ 431 و 37/ 408 و 38/ 398 و 43/ 451، وذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 113، 114، والمنازل والديار لأسامة بن منقذ 2/ 112، والإعتبار، له 54، 125، 184، 186، ولباب الآداب، له 367، والبديع في نقد الشعر، له 20، 21، 228، وديوان ابن الخياط 12- 18- وبدائع البدائه 301، وزبدة الحلب 2/ 35، 46، 40، والأعلاق الخطيرة 2/ 108، وبغية الطلب (مخطوط) 1/ 71 و 5/ 161، 162، ووفيات الأعيان 3/ 409- 411، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 18/ 179، 180 رقم 114، ودول الإسلام 2/ 6، وسير أعلام النبلاء 18/ 553، 554 رقم 283، والبداية والنهاية 10/ 37، وتاريخ ابن الفرات 8/ 77، والوافي بالوفيات 22/ 223- 226 رقم 161، وفوات الوفيات 1/ 489، ودرر التيجان لابن أيبك (مخطوط) 442- 446، والدرّة المضيّة 423، 424، وثمرات الأوراق لابن حجة 1/ 89، 90، والنجوم الزاهرة 5/ 124، 163، وذخائر القصر في تراجم نبلاء العصر لابن طولون (مخطوط) ورقة 14 ب.، وكتابنا: الحياة الثقافية في طرابلس الشام 294- 297، وكتابنا: تاريخ طرابلس السياسي والحضاريّ- ج 1/ 351، 359. 360.
[2] شيزر: مدينة كانت مشهورة بحصنها، على ضفة نهر العاصي شمالي مدينة حماه، لم يبق سوى أنقاضها.
[3] تاريخ دمشق 38/ 398، المختصر 18/ 179، وكان شراؤه للحصن في سنة 474 هـ.
[4] زبدة الحلب 2/ 34.
[5] في خريدة القصر 1/ 552، ومعجم الأدباء، ووفيات الأعيان، والدرة المضيّة، والوافي بالوفيات: «كفّيّ» .
[6] في الدرة المضية: «إلى العنق» .
[7] في الخريدة: «وأستعزّ» . وفي الدرّة المضيّة: «وأستطير» .
[8] في وفيات الأعيان، والدرّة المضية: «عاقبته» .
[9] البيتان في: خريدة القصر 1/ 552، ومعجم الأدباء 5/ 222، ووفيات الأعيان 3/ 409،

(32/273)


وكان قبل تملُّك شَيْزَر ينزل في نواحي شيزر، على عادة العرب، وقيل إنّه حاصرها وأخذها بالأمان في سنة أربعٍ وسبعين [1] . ولم تزل في يد أولاده إلى أن هدمتها الزَّلْزَلة، وقتلت سائر من فيها في سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة [2] .
وكان جوادًا ممدَّحًا، مدحَه ابن الخيّاط، والخَفَاجيّ، وغيرهما [3] .
__________
[ () ] 410، والدرة المضية 423، والوافي بالوفيات 22/ 224.
[1] ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 113 وفيه أنه ملك حصن شيزر في يوم السبت السابع والعشرين من رجب من الأسقف الّذي كان فيه بمال بذله له وأرغبه فيه إلى أن حصل في يده وشرع في عمارته وتحصينه والممانعة عنه إلى أن تمكنت حاله فيه وقويت نفسه في حمايته والمراعاة دونه.
وانظر رواية سبط ابن الجوزي عن محمد بن الصولي في حاشية (ذيل تاريخ دمشق) .
[2] ذيل تاريخ دمشق 344، زبدة الحلب 2/ 306، مفرّج الكروب 1/ 128، وفيات الأعيان 3/ 409، وكتاب الروضتين 1/ 264، الكامل في التاريخ 11/ 218.
[3] وممّن مدحه أيضا: شرف الدين ابن الحلاوي شاعر الموصل، ومحمد بن عبد الواحد بن مزاحم الصوري، وقد أنشده بطرابلس في جمادى الأولى سنة 464 هـ. (تاريخ دمشق 38/ 398) ، وأبو يعلى محمد بن الحسين بن محمد الحسين الأقساسي، وقد أنشده بطرابلس أيضا في 21 من شوال سنة 464 هـ. (تاريخ دمشق 37/ 408) ، وعبد الله بن الدويدة المعري، وكان كتب إليه حين وفد عليه ابن الخيشي الشاعر:
يا عليّ بن منقذ با هماما ... حين يدعى الوغى يعد بجيش
قد أتاك الخيشيّ في وسط آب ... بقريض يغنيك عن بيت خيش
(بغية الطلب 1/ 71) .
وقد كتب ابن الخيشي وهو في طرابلس لسديد الملك:
إني- وحقك- في طرابلس ... كما تهوى العدي تحت المقيم المقعد
أما «المحرّم» وقد حرمت نجاز ما وعدوا ... وفي «صفر» فقد صفرت يدي
قالت لي العلياء لمّا أن سقوني ... كأس مطلهم سكرت فعربد
(بغية الطلب 1/ 71) .
وكتب له ابن حيّوس في طرابلس قصيدة وبعثها إليه وكان ما يزال في حلب أوائل سنة 464 هـ. وأوّلها:
أما الفراق فقد عاصيته فأبى ... وطالت الحرب إلا أنه غالبا
أراني البين لما حمّ عن قدر ... وداهنا كلّ جدّ بعده لعبا
(معجم الأدباء 5/ 222) .
وجاء في (الدرّة المضيّة 6/ 423) أنّ عبد المحسن الصوري أنشد سديد الملك. وهذا وهم فاحش إذ أن الصوري توفي سنة 419 هـ. وكان سديد الملك لا يزال حدثا.
ومدحه ابن الخياط بقصيدة من 54 بيتا مطلعها:
يقيني يقيني حادثات النوائب ... وحزمي حزمي في ظهور النجائب

(32/274)


__________
[ () ]
سينجدني جيش من العزم طالما ... غلبت به الخطب الّذي هو غالبي
(ديوان ابن الخياط 12- 18) .
وقد امتدحه العماد الأصفهاني في (الخريدة) وأورد مجموعة من أشعاره.
وأقام سديد الملك في طرابلس نحو عشر سنين (464- 474 هـ.) ، وكان صديقا لأمرائها من بني عمّار، وكان قد استشعر من أخيه في الرضاعة تاج الملوك محمود بن صالح أنه يريد القبض عليه، فسار من حلب وأقام بطرابلس، فكتب تاج الملوك إلى ابن عمّار صاحب طرابلس يأمره بالقبض عليه، ويبذل له ثلاثة آلاف درهم ورقية، فلم يظفر به، ولما يئس من عوده قبض على جميع أملاكه. (زبدة الحلب 2/ 35، 36) .
وكان سديد الملك فطنا ذكيا، وينقل عنه حكايات عجيبة، ومن ذلك أنّ تاج الملوك بعد أن عجز عن القبض عليه، لجأ إلى الاحتيال في استقدامه إلى حلب، فأوعز إلى كاتبه أن يكتب إليه كتابا يشوقه فيه ويستعطفه ويستدعيه إليه. وفهم الكاتب الغرض الحقيقي من ذلك الكتاب- وكان صديقا لسديد الملك- فكتب إليه مكرها، حتى إذا بلغ قوله: «إن شاء الله تعالى» شدّد النون في «إن» وفتحها فجعلها «إنّ» ، وأنفذ الكتاب. فلما وصل إلى سديد الملك قرأه ثم عرضه على ابن عمّار ومن في مجلسه من الخواصّ، فاستحسنوا عبارة الكتاب، واستعظموا ما فيه من رغبة تاج الملوك في سديد الملك، وإيثاره قربه، فقال سديد الملك، «إني أرى في الكتاب ما لا ترون» ، ثم أجابه على الكتاب بما اقتضاه المقام، وكتب في جملة ذلك: «أنا الخادم المقرّ بالأنعام» ، وكسر همزة «أنا» وشدد نونها فصارت «إنّا» ، فلما وصل الكتاب إلى تاج الملوك ووقف عليه كاتبه أبو نصر سرّ بما رأى فيه، وقال لأصدقائه: قد علمت أن الّذي كتبته لا يخفي على سديد الملك. وكان أبو نصر قد قصد بتشديد نون «إنّ» الإشارة إلى الآية:
«إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ 28: 20- سورة القصص، الآية 20-، فأجابه سديد الملك بتشديد «إنا» إشارة إلى الآية: إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِيها 5: 24- سورة المائدة الآية 24- (زبدة الحلب 2/ 36، وفيات الأعيان 3/ 86، فوات الوفيات 1/ 489، الدرة المضيّة 423، 424، درر التيجان (مخطوط) 442، 443، ثمرات الأوراق 1/ 89، 90، ذخائر القصر (مخطوط) 14 ب) .
وكان سديد الملك من الشخصيات الفذّة في عصره، وقيل فيه إنه لو جعل مكان إقامته بمصر بدلا من طرابلس لكانت الدولة الفاطمية في قبضته. (بغية الطلب 5/ 161/ 162) .
وقد حدث أن توفي «أمين الدولة ابن عمّار» سنة 464 ووقع صراع على حكم طرابلس بين ابن أمين الدولة، وعمّه «جلال الملك» فوقف سديد الملك إلى جانب جلال الملك وعاضده بمماليكه ومن كان معه من أصحابه وممن طبع معه من أهل كفرطاب. (زبدة الحلب 2/ 35، الأعلاق الخطيرة 2/ 108، تاريخ ابن الفرات 8/ 77) ، وقد حفظ جلال الملك هذا الموقف له فرفع من مكانته وقربه إليه حتى أصبح من خواص جلسائه. وأشركه معه في حكم طرابلس، حتى كان يحكم مثله. (زبدة الحلب 2/ 35) .
وقال ابن عساكر: كان سديد الملك عليّ بن مقلد بن نصر بينه وبين ابن عمّار مودة وكيدة، وكان بينهما تكاتب، وكان سبب ذلك أنه كان له مملوك أرمني يسمى رسلان. وكان زعيم عسكره، فبلغه عنه ما أنكره، فقال: اذهب عني وأنت آمن مني على نفسك، فذهب إلى طرابلس، وقصد ابن عمار، فنفذ إلى سديد الملك وسأله في حرمه وماله، فأمر بإطلاقهم وما اقتناه من دوابّه. فلما خرج لحقه سديد الملك، فقال له الرسول: غدرت بعبدك، ورعيت في

(32/275)


__________
[ () ] ماله، فقال: لا، ولكن كل أمر له حقيقة، حطوا عن الجمال أحمالها، وعن البغال أثقالها.
ففعلوا، فقال: أثبتوا كل ما معه ليعرف أخي قدر ما فعلته، فكان ما أخرج له من ذهب عين خمسة وعشرين ألف دينار في قدور نحاس، وكان له من الديباج والفضة ما يزيد على القيمة، فقال للرسول: أبلغ ابن عمار سلامي، وعرفه بما ترى لئلا يقول رسلان أخذته بغير علم مولاي، ولو دري لم يمكني منه.
فزاره سديد الملك في بعض السنين، فلما فارقه كتب إليه:
أحبابنا لو لقيتم في مقامكم ... من الصبابة ما لاقيت في ظعني
لأصبح البحر من أنفاسكم يبسا ... كالبر من أدمعي ينشق بالسّفن
وقال سديد الملك: ما عرفت أني أعمل الشعر حتى قلت:
يجنبي ويعرف ما يجني فأنكره ... ويدّعي أنه الحسنى فاعترف
وكم مقام لما يرضيك قمت على ... جمير الغضا وهو عندي روضة أنف
وما بعثت رجائي فيك مستترا ... إلا خشيت عليه حين ينكشف
وأورد ابن عساكر أبياتا أخرى له في ترجمته. (تاريخ دمشق، مختصر تاريخ دمشق) .
وقيل إنّ الأمير ابن أبي حصينة السلمي، والخفاجي الحلبي، اجتمعا عند سديد الملك، فتفاوضوا في فنون الأدب، فقال ابن أبي حصينة:
«قمر إن غاب عن بصري» .
فقال الخفاجي:
«ففؤادي حدّ مطلعه» فقال ابن أبي حصينة:
«لست أنسى أدمعي ولها» فقال الخفاجي:
«خلطت في فيض أدمعه» فقال سديد الملك:
قلت:
زرني. قال مبتسما: ... طمع في غير موضعه
(بدائع البدائه 224) .
ومن شعر سديد الملك:
إذا ذكرت أياديك التي سلفت ... مع سوء فعلي وزلاتي ومجترمي
أكاد أقتل نفسي ثم يمنعني ... علمي بأنك مجبول على الكرم
(البديع في نقد الشعر 20) .
وله:
بكرت تنظر شيبي ... وثيابي يوم عيد
ثم قالت لي بهزء: ... يا خليقا في جديد
لا تغالطني فما تصلح ... إلا للصدود
(معجم الأدباء، 5/ 225، والوافي بالوفيات 22/ 225) وهي تنسب أيضا لعلي بن محمد بن عبد الجبار العلويّ الحسيني الفقيه. (معجم الألقاب 1/ 504) .

(32/276)


وقيل: بل توفي سنة خمس وسبعين وأربعمائة [1] .
وهلك في الزَّلْزَلة حفيده تاج الدّولة محمد بن سلطان بن عليّ ابن عمّ الأمير أسامة الشاعر [2]
- حرف الفاء-
296- الفضْل بن العلّامة أبي محمد علي بْن أحمد بْن سعيد بن حزْم [3] .
أبو رافع القُرْطُبيّ.
روى عن: أبيه، وابن عبد البَرّ.
وكتب بخطه علما كثيرا. وكان ذا أدب ونباهة، وذكاء.
توفي رحمه الله بوقعة الزلاقة شهيدا.
وكان مع مخدومه المعتمد
- حرف الميم-
297- محمد بْن أحمد بْن عثمان بن أحمد بن محمد [4] .
أبو الفتح الخزاعي المطيري [5] . المعروف بالباهر.
خطيب قصر هبيرة، من أعمال سامراء.
روى عن: عليّ بن أحمد بن محمد بن يوسف السّامرّيّ الرّفّاء، وأبي محمد الحَسَن بن محمد بن يحيى الفحام، وأبي عليّ شهاب الدّين العُكْبريّ، وأبي الحَسَن محمد بن جعفر بن محمد التّميميّ النَّحْويّ الكوفيّ، وجماعة.
روى عنه: هبة الله السَّقَطيّ، وأبو العزّ بن كادش.
وُلِد في رمضان سنة خمسٍ وثمانين وثلاثمائة.
__________
[1] قال ذلك حفيده الأمير أسامة بن منقذ (معجم الأدباء 5/ 226، وفيات الأعيان 3/ 410) .
[2] انظر قصيدة لأسامة بن منقذ يرثي فيها أهله وأقاربه الذين هلكوا في هذه الزلزلة، في ديوانه 306- 309.
[3] انظر عن (الفضل بن عليّ) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 464 رقم 997.
[4] انظر عن (محمد بن أحمد الخزاعي) في: المنتظم 9/ 33 رقم 45 (16/ 264 رقم 3567) وفيه: «محمد بن أحمد بن القزّاز المطيري» ، ومعجم البلدان 5/ 152.
[5] المطيريّ: بفتح الميم، وكسر الطاء المهملة، وسكون الياء آخر الحروف، وفي آخرها الراء.
هذه النسبة إلى المطيرة، وهي قرية من نواحي سرّ من رأى. (الأنساب 11/ 374) .

(32/277)


وقال السَّقَطيّ: مات بقصر هُبَيْرة. فذكر السّنة وقال: تَسمَّح في حديثه عن الرّفّاء خاصة [1] .
298- محمد بن أحمد بن محمد بن يونس الأنصاريّ [2] .
أبو عبد الله السَّرَقُسْطيّ المقرئ.
أخذ عن: أبي عَمْرو الدّانيّ، وأبو عَمْر بن عبد البَرّ.
روى عنه: هبة الله بن الأكفانيّ.
299- مُحَمَّد بْن عَبْد القادر بْن مُحَمَّد بْن يوسف [3] .
أبو بكر البغداديّ، أخو أحمد.
كان ورِعًا صالحًا لا يخرج من منزله إلّا للصَّلَوات.
سمع: أبا الفتح بن أبي الفوارس، وابا الحسين بن بِشْران، والحَمَّاميّ.
روى عنه: إسماعيل بن السمرقندي، وعبد الوهاب الأنماطي.
قال ابن ناصر: كان عالمًا، متقنًا، مجودًا، كثير السّماع، ورِعًا ثقة.
هجر أخاه لكونه حضر مجلس أبي نصر بن القُشَيْريّ.
مات في ربيع الأوّل.
300- محمد بن عُبَيْد الله بن محمد [4] .
أبو الفضل الصّرّام [5] النَّيْسابوريّ الصّالح العابد.
__________
[1] وقال ابن الجوزي: «روى الحديث، ونظم الشعر، وكانت له يد في القراءات، إلا أنهم حكوا عنه تسمح في الرواية. توفي المطيري عن مائة وثلاث عشر سنة» . (المنتظم) .
وقال ياقوت: «توفي في سنة 463، جمع جزءا رواه عن أبي الحسن مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن هارون بن مرده بن ناجية بن مالك التميمي الكوفي يعرف بابن النجار.
سمعه سلبة «أبو البركات هبة الله بن المبارك السقطي» .
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] انظر عن (محمد بن عبد القادر) في: المنتظم 9/ 34 رقم 48 (16/ 265 رقم 3570) .
[4] انظر عن (محمد بن عبيد الله) في: الإعلام بوفيات الأعلام 198، وسير أعلام النبلاء 18/ 483 رقم 247، والمعين في طبقات المحدّثين 139 رقم 152، والعبر 3/ 295، ومرآة الجنان 3/ 132 وفيه: «محمد بن عبد الله» ، وشذرات الذهب 3/ 363.
[5] الصّرام: بفتح الصاد المهملة، وتشديد الراء، هذه النسبة إلى بيع الصّرم، وهو الجلد الّذي ينعل به الخفاف. (الأنساب 8/ 54) .

(32/278)


سمع: أبا نعيم عبد الملك بن الحسن، وعبد الله بن يوسف بن مامويه، وأبا الحَسَن العلويّ، وأبا عبد الله الحاكم، وجماعة.
روى عنه: وجيه الشّحّاميّ، وإسماعيل بن المؤذن، ومحمد بن جامع الصّوّاف، وعبد الله بن الفُراويّ، وجماعة.
وطال عُمره، ومات في شعبان، وكان أبوه من رؤساء نَيْسابور، وهو، فكان يقرأ القرآن في ركعة أو ركعتين. ويديم التعبد والتلاوة رحمه الله.
301- محمد بن الحَسَن بن منازل [1] .
أبو سعْد المَوْصليّ الحدّاد الإسكاف.
سمع: ابن مَخْلَد الرّزّاز، وأبا القاسم بن بِشْران.
وزعم أنّه سمع شيئًا من أبي الحسين بن بِشْران.
روى عنه: قاضي المَرِسْتان، وعبد الوهّاب الأنماطيّ، وإسماعيل بن السَّمَرْقَنديّ، وإسماعيل بن محمد الطّلْحيّ.
مات في شعبان. قاله السّمعانيّ [2] .
302- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ هلال [3] .
أبو الحَسَن بن الخبّازة، المستعمل العتّابي [4] ، الملقَّب بالْجُنَيد.
سمع: أبا الحَسَن بن رزقُوَيْه، وأبا الحسين بن بِشْران، وغيرهما.
روى عنه: يحيى بن الطّرّاح، وابن السَّمَرْقَنديّ، ومحمد بن مسعود بن السَّدنك.
تُوُفّي فِي ذي الحِجّة.
303- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بن إبراهيم الأُمَويّ [5] .
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] في غير (الأنساب) .
[3] انظر عن (محمد بن عبد الله العتابي) في: الأنساب 8/ 37.
[4] العتابي: بفتح العين المهملة، وتشديد التاء المنقوطة من فوقها بنقطتين، والياء المنقوطة بواحدة بعد الألف، هذه النسبة إلى محلّة يقال لها «العتابين» بالجانب الغربي من بغداد.
[5] انظر عن (محمد بن علي) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 555 رقم 1217، ومعجم المؤلفين 10/ 2989، 299.

(32/279)


يُعرف بابن قرْذِيال [1] ، أبو عبد الله الطُّلَيْطُليّ.
سمع من: جماعة من رجال بلده.
وكان يُقرئ الفقه. وله تصنّيف في شرح «البخاريّ» .
ذكره ابن بَشْكُوال [2] .
- محمد بن عمّار [3] .
قيل: قُتِل فيها. وقد مرّ سنة سبعٍ.
304- محمد بن مُحَمَّد بْن عَليّ بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن عبد الوهّاب بْن سُليمان بْن مُحَمَّد بْن سُليمان بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن إبراهيم الإمام بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عبّاس بن عبد المطّلب [4] .
أبو نصْر الهاشميّ العبّاسيّ، الزَّيْنبيّ.
مُسْنِد العراق في زمانه، وآخر من حدَّث عن المخلّص.
قال السّمعانيّ: [5] شريف، زاهد، صالح، متعبِّد، دين، هجر الدّنيا في حداثته، ومال إلى التّصوُّف. وكان منقطعًا إلى رباط شيخ الشّيوخ أبي سعْد.
وانتهى إسناد البَغَوي إليه. ورحل إليه الطَّلَبَة [6] .
وسمع: المخلّص، وأبا بكر محمد بن عمر الورّاق، وأبا الحَسَن الحمّاميّ، وغيرهم.
__________
[1] في الصلة: «قرديال» بالدال المهملة.
[2] وقال: توفي سنة تسع وسبعين وأربعمائة، وقرأت ذلك بخط ابن إسماعيل. وقال ابن مطاهر:
توفي سنة ثمانين وأربعمائة.
[3] هو محمد بن عمّار المهري الأندلسي. وقد تقدمت ترجمته برقم (216) .
[4] انظر عن (محمد بن محمد بن علي) في: تاريخ بغداد 3/ 238، 239 رقم 1318، والإكمال 4/ 202، والمنتظم 9/ 33، 34 رقم 47 (16/ 264، 265 رقم 3569) ، والأنساب 6/ 346، والكامل في التاريخ 10/ 159، ومعجم الألقاب 3/ 550، والمختصر في أخبار البشر 2/ 199، والإعلام بوفيات الأعلام 198، والمعين في طبقات المحدّثين 138 رقم 1519، والعبر 3/ 295، وسير أعلام النبلاء 18/ 443- 445 رقم 228، ودول الإسلام 2/ 10، وتاريخ ابن الوردي 2/ 3، ومرآة الجنان 3/ 132، والوافي بالوفيات 1/ 121، وشذرات الذهب 3/ 364.
[5] قوله في غير (الأنساب) .
[6] انظر: المنتظم.

(32/280)


ثنا عنه: ابنا أخيه عليّ ومحمد ابنا طِرَد، وأبو الفضل الأرْموَيّ، والفُرَاويّ، ووجيه الشّحّاميّ، وأبو تمّام أحمد بن محمد المؤيد باللَّه، ومحمد بن القاسم الشَّهْرُزُوريّ، والمظفر بن أبي أحمد القاضي بسنجار، وإسماعيل الحافظ، وأبو نصر الغازي، وآخرون.
ثمّ قال: أنا فُلان وفُلان، إلى أن سمى سبعَة عشر رجلًا قالوا: ثنا أبو نصر الزينبيّ، أنا المخلّص، ثنا البغويّ، نا أبو نصر التّمّار، عن حمّاد، فذكر حيث «يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ» .
وقد وقع لي عاليا في أوّل المخلّصيّات.
وقال السّمعانيّ: سمعتُ أبا الفضل محمد بن المهتدي باللَّه يقول: كان أبو نَصْر إذا قُرئ عليه اللَّحْن ردّه لكثرة ما قُرِئت عليه تلك الأجزاء.
قلت: كان أبو نصر أسند مَن بقي. وكذا أخوه طِراد [1] ، وكذا أخوهما نور الهدى الحسين [2] ، ومات سنة 512 عن اثنتين وتسعين سنة.
قال السّمعانيّ: سمعتُ إسماعيل الحافظ بإصبهان يقول: رَحَلَ أبو سعْد البغداديّ إلى أبي نصر الزَّيْنَبيّ، فدخل بغداد، ولم يلْحقه، فحين أخبر بموته خَرَّق ثوبه، ولطم، وجعل يقول: من أين لي عليّ بن الْجَعْد، عن شُعْبة؟
سألت إسماعيل الحافظ، عن أبي نصر فقال: زاهد صحيح السَّماع، آخر من حدَّث عن المخلّص [3] .
قلتُ: آخر من حدَّث عنه هبة الله الشّبليّ القصّار، وبقي بعده يروي بالإجازة عن أبي نصْر أبي الفتح بن البطّيّ.
قال السّمعانيّ: وُلِد في صفر سنة سبع وثمانين وثلاثمائة. وتُوُفّي في حادي وعشرين من جُمَادَى الآخرة [4] .
__________
[1] توفي سنة 491 هـ. (الأنساب 6/ 346) .
[2] الأنساب 6/ 346.
[3] سير أعلام النبلاء 18/ 444.
[4] وهو قال في (الأنساب 6/ 346) : «توفي سنة نيف وسبعين وأربعمائة» .

(32/281)


305- محمد بن محمد بن عليّ [1] .
أبو الحسين البَجَليّ الكوفيّ، ويُعرف بالرُّزّيّ.
عن: أبي الطّيّب أحمد بن عليّ الجعفريّ بن عشيق سمع منه سنة اثنتي عشرة وأربعمائة.
روى عنه: أبو الحَسَن بن الطُّيُوريّ، وإسماعيل بن السَّمَرْقَنديّ.
ومات في جُمَادَى الآخرة سنة سبعٍ.
306- محمد بن أبي جعفر محمد بن أحمد بن عمر بن المُسْلِمة [2] .
أبو عليّ.
سمع من: جدّه أبا الفَرَج، وهلالًا الحفّار.
وعنه: أبو بكر قاضي المَرِسْتان، وأبو القاسم بن السَّمَرْقَنديّ.
تُوُفّي في رمضان وله ثمانون سنة [3] .
قال ابن النّجّار: [4] كان زاهدًا متعبّدًا، له كرامات.
وسئل عنه المؤتمن بن أحمد فقال: كان شيخًا شديدًا في السُّنّة ثَبْتًا في الحديث، لا يخرج إلّا لجمعة.
307- محمد بن أبي القاسم عبد الجبّار بن عليّ الإسفرائينيّ [5] .
أبو بكر الإسكاف المتكلّم إمام الجامع المَنِيعيّ.
سمع: أبا عبد الرحمن السُّلميّ، وأبا إسحاق الإسفرائينيّ المتكلّم، وجماعة.
__________
[ () ] وقال ابن الجوزي: كان ثقة، وعاش ثلاثا وتسعين سنة، فلم يبق في الدنيا من سمع أصحاب البغوي غيره، وكان آخر من حدث عن المخلص. وحدّثنا عنه أشياخنا، وآخر من حدثنا عنه سعيد بن أحمد بن البناء. (المنتظم) .
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (محمد بن أبي جعفر) في: المنتظم 9/ 33 رقم 46 (16/ 264 رقم 3568) .
[3] قال ابن الجوزي: ولد سنة إحدى وأربعمائة.
[4] في الجزء الّذي لم يصلنا من (ذيل تاريخ بغداد) .
[5] لم أجد مصدر ترجمته. و «الإسفرائيني» : بكسر الألف وسكون السين المهملة وفتح الفاء والراء وكسر الياء المنقوطة باثنتين من تحتها. هذه النسبة إلى إسفرايين، وهي بليدة بنواحي نيسابور على متصف الطريق من جرجان. (الأنساب 1/ 235) .

(32/282)


أخذ عنه: أبو المظفّر السّمعانيّ، والكبار.
قال عبد الرحيم بن السّمعانيّ: ثنا عنه: إسماعيل العَصَائديّ، وأحمد بن العبّاس الشّقّانيّ، وأبو القاسم محمد بن الحسين العَلَويّ.
مات في جُمَادَى الأولى سنة سبْعٍ بَنْيسابور.
308- مسعود بن سهل بن حَمَك [1] .
أبو الفتح العميد النَّيْسابوريّ. أحد الأكابر.
حدَّث في هذا العام ببغداد.
في شوّال.
عن: عليّ بن أحمد بن عَبْدان، والحسين بن محمد بن فَنْجُوَيْه الثَّقَفيّ.
روى عنه: أبو محمد، وأبو القاسم ابنا السَّمَرْقَنديّ.
وقد تزهّد وحجَّ، وأنفق الأموال على الصُّوفيّة والعُبّاد. ولبس المُرَقَّعة.
وكان مولده سنة 458 [2] .
309- المعتزّ بن عُبَيْد الله بن المعتزّ بن منصور [3] .
أبو نصْر البَيْهَقيّ، ولد الرئيس أبي مسلم.
سمع: عليّ بن محمد بن عليّ بن السّقاء الإسْفَرايينيّ، وأبا القاسم عبد الرحمن بن محمد السّراج.
__________
[1] انظر عن (مسعود بن سهل) في: المنتخب من السياق 435 رقم 1474، والمختصر الأول من المنتخب (مخطوط) ورقة 78 ب.
وسيعيده المؤلّف- رحمه الله- في وفيات السنة التالية (480 هـ.) وهو برقم (337) .
[2] هكذا ورد في الأصل، وهذا وهم. فلعلّ الصحيح (408) ، إذ كيف يولد سنة 458 ويتوفى سنة 479 هـ. وقد حجّ، وأصبح عميدا وأحد الأكابر؟
وقد قال عبد الغافر الفارسيّ: «معروف في دولة السلطان ملك شاه، والمتصرفين في أعمال بعض أمراء الدولة، خير راغب في الخيرات، محبّ الأهل الصلاح، منفق على المتصوفة.
سمع عن النصروي، وطبقته من مشايخ نيسابور، وسمع بالعراق وفارس والجبال.
روى عنه أبو الحسن، عن أبي سعد عبد الرحمن بن حمدان العدل النصروي» .
وأقول: لم يؤرخ عبد الغافر لوفاته، بل ذكره في الطبقة الثالثة من كتابه فيمن اسمه «مسعود» ، وفيها من توفي سنة 499 هـ. وما قبل ذلك.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.

(32/283)


روى عنه: أبو البركات بن الفُراويّ، وعبد الرحمن بن عبد الصّمد الفاينيّ [1] المقرئ.
عاش خمسًا وسبعين سنة.
310- منصور بْن دُبَيْس بْن عليّ بن مَزْيَد الأَسَديّ [2] .
أمير العرب بهاء الدّولة، صاحب الحلّة والنّيل.
كان فارسًا شجاعًا مذكورًا. أديبًا شاعرًا. ذا رأي وسماحة. قرأ الأدب وأخبار الجاهلية وأشعارها.
وقرأ النحو على: عبد الواحد بن برهان.
وكان عادلا حسن السيرة.
مات في الكهولة سامحه الله. وولي بعده ولده سيف الدولة صدقة بن منصور
- حرف الواو-
311- واقد بن الخليل بن عبد الله بن أحمد بن إبراهيم بن الخليل [3] .
الخطيب أبو زيد بن أبي يعلى القزويني، صاحب أبي الحَسَن عليّ بن إبراهيم القطّان.
قال شيرُوَيْه: سمعتُ منه بَهَمَذان وقزوين. وكان فقهيا، فاضلا، صدوقا، مفتيا [4]
__________
[1] هكذا رسمت في الأصل ولم أتبين صحتها.
[2] انظر عن (منصور بن دبيس) في: الكامل في التاريخ 9/ 592، 629، 649 و 10/ 27، 78، 79، 121، 135، 150، 151، ووفيات الأعيان 2/ 491 رقم 62، وتاريخ ابن الوردي 2/ 2، 3.
[3] انظر عن (واقد بن الخليل) في: التدوين في أخبار قزوين 4/ 202، 203.
[4] التدوين 4/ 202 وقال: «سمع الحديث من أبيه أبي يعلى، وأبي الحسن بن إدريس، وسمع فضائل القرآن لأبي عبيد من الزبير بن محمد الزبيري ... سمع منه البلديون والغرباء بقزوين، وسمع منه بهمذان، وبأصفهان أيضا.
حدّث الإمام أبو سعد السمعاني في «المذيّل» ، عن محمد جامع خياط الصوف، وقال: أنشدنا عبد الله بن الحسن الحافظ، أنشدنا واقد بن أبي يعلى القزويني، أنشدنا عمر بن حرسي المغربي لبعض أمراء مصر:

(32/284)


- حرف الهاء-
312- هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عبيد الله بن المهتدي باللَّه [1] .
أبو الحَسَن بن أبي الحسين بن الغريق. أحد الأعيان، وخطيب جامع القصْر.
سمع: أبا بكر البَرْقانيّ.
روى عنه: ابن السَّمَرْقَنديّ. وكان أفصح خُطَباء بغداد.
قُتِل رحمه الله في صَفَر في الفتنة [2]
- حرف الياء-
313- يحيى بن الموفق باللَّه أبي عبد الله الحسين بن إسماعيل بن زيد [3] .
أبو الحسين العلويّ الحسينيّ [4] الزّيديّ الشّجريّ الرّازيّ.
__________
[ () ]
يا نائيا عن محلّ القلب لم يبن ... أنت اقتراحي على الأيام والزمن
إن بحث باسمك لم آمن عليك و ... إن كتمت حبك لم آمن على يدي
كان- رحمه الله- يعرف الحديث وينظر في التواريخ، ويحسن أطرافا من الأدب والشعر والأمثال والكتابة.
ورأيت بخط والدي أن الإمام أبا سليمان الزبيري حكى له عن جدّه من أمّه أبي الواقد بن الخليل أنه سئل عن حاله في وقت النزع فقال: إن تركنا عبدناه، وإن دعانا لبيناه، ثم أنشد بيت علي رضي الله عنه:
ستعرض عن ذكري وتنسى مودّتي ... ويحدث بعدي الخليل خليل
رأيت بخط الحافظ علي بن عبد الله بن بابويه، سمعت أبا سليمان الزبيري يقول: توفي الخليل سنة ست وثمانين وأربعمائة» .
ويقول خادم العلم محقّق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» :
إن صحت رواية القزويني، فينبغي أن تحول هذه الترجمة من هنا إلى الطبقة التاسعة والأربعين التالية.
[1] انظر عن (هبة الله بن محمد) في: المنتظم 9/ 34 رقم 50 (16/ 265، 266 رقم 3572) .
[2] قال ابن الجوزي: ولد في سنة تسع عشرة وأربعمائة، وروى عن البرقاني، وغيره، وكان إليه القضاء بعد أبيه، وخرج في أيام الفتنة بين أهل الكرخ وباب البصرة، فوقع فيه سهم، فمات ودفن يوم الجمعة تاسع عشر صفر عند أبيه خلف القبة الخضراء.
[3] انظر عن (يحيى بن الموفق باللَّه) في: المنتظم 9/ 35 رقم 51 (16/ 266 رقم 3573) ، والبداية والنهاية 12/ 132، ولسان الميزان 6/ 247، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي 5/ 192 رقم 1812.
[4] في (المنتظم) : «الحسني» .

(32/285)


كان مفتي الزَّيْديّة، ومقدّمهم وعالمِهم. وكان متفننًا من العِلم، والأدب، واللّغة.
سمع: ابن غَيْلان، والصُّوريّ، والعَتِيقيّ ببغداد، وأبا بكر بن ريذَة، وابن عبد الرّحيم الكاتب بإصبهان.
روى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن عبد الواحد الدّقّاق، ونصْر بن مهديّ العَلَويّ، وأبو سعْد يحيى بن طاهر السّمان.
وكان ممّن عُنِي بالحديث والرحلة فيه.
تُوُفّي بالرَّيّ في سنة تسع وسبعين.

(32/286)


سنة ثمانين وأربعمائة
- حرف الألف-
314- أحمد بْن الحَسَن بْن عليِّ بْن عَمْر بن جعفّر بن عبد السّلام [1] .
أبو نصر بن الحدّاد الأزْديّ التِّبْرِيزيّ [2] . قدِم في صَفَر إلى هَمَذَان، وحدَّث عن: محمد بن منصور الميْمذيّ [3] .
قال شيرُوَيْه: قرأتُ عليه مصنفا له في أُصول السُّنّة، فأنكرتُ عليه مسائل فيه، فرجع إليَّ فيها.
315- أحمد بن عليّ بن محمد [4] .
أبو نصر الهَبَّاريّ [5] ، البصْريّ.
شيخ مُسنّ يخضب. قدِم مَرْو، وحدَّث «بسُنَن أبي داود» عن: أبي عمر الهاشميّ [6] . وحدَّث بالسُّنَن ببُخَارى، واتُّهِم في ذلك. قال محمد بن عبد الواحد فيه: كذّاب لا تحلّ الرواية عنه.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] التبريزي: بكسر التاء المنقوطة باثنتين من فوقها، وسكون الباء الموحدة، وكسر الراء، وبعدها الياء المنقوطة باثنتين من تحتها، وفي آخرها الزاي. هذه النسبة إلى تبريز وهي من بلاد أذربيجان أشهر بلدة بها. (الأنساب 2/ 21) .
[3] الميمذي: بالياء الساكنة المنقوطة باثنتين من تحتها، بين الميمين، وفي آخرها الذال المعجمة، هذه النسبة إلى ميمذ، مدينة بأذربيجان أو أرّان.
[4] انظر عن (أحمد بن علي) في: المغني في الضعفاء 1/ 50 رقم 383، وميزان الاعتدال 1/ 122، رقم 485، ولسان الميزان 1/ 226 رقم 706.
[5] الهباري: بفتح الهاء والباء المشدّدة، وفي آخرها الراء. هذه النسبة إلى هبّار. وهو اسم جدّ عبد العزيز بن علي بن هبّار الهباري. (الأنساب 12/ 306) .
[6] فسمعه منه الإمام أبو بكر بن السمعاني ثم تبين أنه لم يسمع الكتاب، فرجع أبو بكر عن روايته عنه.

(32/287)


وكذا كذبه غيره.
وحدَّث بمَرْو في هذا العام [1] . وسيُعاد.
316- أحمد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَمْر [2] .
أَبُو الحَسَن البغداديّ الأَوَانيّ [3] البزّاز.
سمع: أبا علي بن شاذان.
روى عنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنديّ.
وتُوُفّي في شوال.
317- أحمد بن محمد بن أحمد [4] .
أبو القاسم العاصميّ [5] البُوشَنْجيّ.
سمع: أبا الحسين بن العالي، وعفيف بن محمد الخطيب.
روى عنه: أبو الوقْت، وعبد الجليل بن منصور العدْل.
مات في المحرَّم عن نحوٍ من ثمانين سنة.
318- أحمد بن أبي الربيع محمد بن أحمد بن عبد الواحد [6] .
الحافظ أبو طاهر الإسْتِرَاباذيّ [7] .
سمع: أباه، وأبا سعْد المالينيّ، وعليّ بن عَمْر الأسداباذيّ [8] .
__________
[1] وقال ابن حجر: مات سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة، وكذبه أيضا أهل العراق وطعنوا فيه.
(لسان الميزان) .
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] الأوانيّ: بفتح الهمزة والواو المخفّفة وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى أوانا وهي قرية على عشرة فراسخ من بغداد عند صريفين على الدجلة. (الأنساب 1/ 379) .
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
[5] العاصمي: بفتح العين المهملة، وكسر الصاد المهملة، وفي آخرها الميم. هذه النسبة إلى «عاصم» وهو اسم لبعض أجداد المنتسب إليه. (الأنساب 8/ 314) .
[6] لم أجد مصدر ترجمته.
[7] الإستراباذي: بكسر أوله، وسكون السين المهملة، وكسر التاء المنقوطة من فوقها باثنتين. وقد تقدّم التعريف بهذه النسبة.
[8] الأسداباذي: بفتح الألف، والسين والدال المهملتين، والباء المنقوطة بواحدة بين الألفين وفي آخرها الذال. هذه النسبة إلى أسداباذ وهي بليدة على منزلة من همذان إذا خرجت إلى العراق. (الأنساب 1/ 224) .

(32/288)


روى عنه: الرُّسْتُميّ، وطائفة.
مات في رجب.
319- إسماعيل بن عبد الله بن موسى [1] .
أبو القاسم السّاويّ [2] .
تُوُفّي في جُمَادَى الأولى. كان صدوقًا فاضلًا، أملى مجالس [3] .
سمع: أبا بكر الحِيريّ [4] .
ورحل فسمع ببغداد: أبا محمد السُّكّريّ، وابن الفضل القطّان، وجماعة.
روى عنه: زاهر الشّحّاميّ، وابنه عبد الخالق، وأخوه وجيه، وعبد الله بن الفُراويّ
- حرف الحاء-
320- الحَسَن بن عليّ بن العلاء بن عَبْدَوَيْه [5] .
أبو عليّ البُشْتيّ [6] ، وبُشت: بالمعجمة، ناحية من أعمال نَيْسابور، غير
__________
[1] انظر عن (إسماعيل بن عبد الله) في: المنتظم 9/ 39 رقم 52 (16/ 271 رقم 3574) ، والمنتخب من السياق 142، 143، رقم 326، والكامل في التاريخ 10/ 163، والبداية والنهاية 12/ 133 وفيه: «إسماعيل بن إبراهيم بن موسى» .
[2] السّاوي: بفتح السين المهملة، وفي آخرها الواو بعد الألف. نسبة إلى ساوة: بلدة بين الري وهمذان. (الأنساب 7/ 19) .
[3] وقال ابن الأثير: «سمع الحديث الكثير من أبي سعيد الصيرفي وغيره، وروى عنه الناس، وكان ثقة» . (الكامل 10/ 163) .
[4] وقال عبد الغافر الفارسيّ: من أولاد التجار والمياسير، ثقة فاضل، كان له حظ في الأدب ومعرفة بالعربية وقرابة مع الرئيس منصور بن رامش ... وعقد له مجلس الإملاء يوم الجمعة قبل الصلاة في الحظيرة المنسوبة إلى الشّحام للمحدّثين، وأملى نحوا من سنتين، وابتدأ في الإملاء بعد وفاة أبي عبد الرحمن الشحامي يوم الجمعة الرابع من رجب سنة تسع وسبعين وأربعمائة. وتوفي ليلة الثلاثاء من جمادى الأولى سنة ثمانين وأربعمائة. (المنتخب) .
وقال ابن الجوزي: سافر البلاد وعبر وراء النهر، روى عنه أشياخنا، وكان ثقة فاضلا له حظ من الأدب ومعرفة بالعربية. (المنتظم) .
[5] انظر عن (الحسن بن علي البشتي) في: الأنساب 2/ 226، 227، والمنتخب من السياق 187، 188، رقم 528.
[6] البشتي: بضم الباء الموحدة، والشين المعجمة، والتاء المنقوطة من فوقها بنقطتين، وهي ناحية بنيسابور كثيرة الخير، وقيل: بشت عرب خراسان لكثرة أدبائها وفضلائها. (الأنساب) .

(32/289)


بُسْت التي بالمهملة.
كان واعظًا فاضلًا، كبير القدْر [1] . لكنه كان قليل العقل، يأكل في الطُرُق، ويسفّه، ويطرق على الأبواب.
ثمّ عَمِي، وبقي في حالٍ زَرِيّ، فكان يؤذيه الصِّبْيان، ويبسط هو لسانه فيهم.
قاله ابن السّمعانيّ.
سمع: ابن مَحْمِش الزياديّ، وأبا عبد الرحمن السُّلميّ، وعليّ بن محمد السقاء، وغيرهم.
روي عنه: أبو الأسعد هبة الرحمن، وشريفة بنت الفراوي، وإسماعيل بن أبي صالح المؤذن، وآخرون.
تُوُفّي في رمضان. وكان أبوه أبو الحَسَن من كبار الشّافعيّة
- حرف الشين-
321- شافع بْن صالح بْن حاتم [2] .
الفقيه أبو محمد الجيليّ [3] الحنبليّ، الفقيه الزّاهد.
قدِم بغداد بعد الثلاثين وأربعمائة، ولزم القاضي أبا يَعْلَى، وكتب معظم مصنّفاته، وبرع في الأُصُول والفروع، وسمع الحديث، ودرّس وأفاد. وكان ذا تقشُّف.
وعنه سمع من ابن غيلان
__________
[1] قال ابن السمعاني: وكان شيخا فاضلا فصالا متكلما واعظا من بيت العلم. وكانت ولادته في سنة خمس وأربعمائة.
[2] انظر عن (شافع بن صالح) في: المنتظم 9/ 39 رقم 53 (16/ 271 رقم 3575) ، وطبقات الحنابلة 2/ 247 رقم 683، والنجوم الزاهرة 5/ 126، وشذرات الذهب 3/ 364.
[3] الجيلي: بكسر الجيم وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها، هذه النسبة إلى بلاد متفرّقة وراء طبرستان ويقال لها: كيلي، وكيلان، فعرب ونسب إليها وقيل: جيلي وجيلاني. (الأنساب 3/ 414) .

(32/290)


- حرف العين-
322- عبد الله بن الحسين [1] .
الإمام أبو الفضل ابن الجوهريّ المصريّ الواعظ.
من جِلَّة مشايخ بلده ومن بيت العِلْم.
روى عن: أبي سعْد المالينيّ.
أخذ عنه: أبو عبد الله الحُمَيْدِيّ، وغيره.
وكان أبوه من كبار العلماء والصلحاء.
أنشد أبو الفضل على كرسي وعظه:
أقبل جيش الهجر في موكب ... بين يديه علم يخفق
وصار قلبي في صحار الهوى ... كأنما النار له تحرق
مات في سابع عشر شوّال منه السّنة [2] .
وروى عنه: علي بن المشرف الأنماطي، وطائفة من مشيخة السّلفي.
واسم جده سعيد.
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن الحسين) في: أخبار مصر لابن ميسر 2/ 28، واتعاظ الحنفاء 2/ 325، وسير أعلام النبلاء 18/ 495 رقم 258 وفيه قال محققاه: لم نعثر له على مصادر ترجمة!
[2] وقال ابن ميسر: كان يعظ بجامع عمر، وحدّث عن جماعة من المصريين، وله كلام كثير في الوعظ، والزهد. وبيت بني الجوهري بيت دين وعلم ووعظ.
ولما كان الغلاء اجتمع إليه ذات يوم الناس وسألوه الحضور بجامع عمرو للذكر، فقال: من يحضر عندي؟ ومن معي؟ فقيل له: لا بد من ذلك، ففعل وتصدّى للوعظ على عادته. وكان من قوله: أبشروا، هذه سنة ثلاث، وأشار بيده وهي منغلقة كلها، وستدخل سنة أربع ويفتح الله، ورفع بنصره، وبعدها سنة خمس ويفتح الله، ورفع خنصره، فكان كما قال:
وأنشد مرة في مجلس وعظه:
ما يصنع الليل والنهار ... ويستر الثوب والجدار
على كرام بني كرام ... تحيروا في القضاء وحاروا
ومن كلامه: قد اختلّ أمر الدين والدنيا، وضاق الوصول إليهما، فمن طلب الآخرة لم يجد معينا عليها، ومن طلب الدنيا، وجد فاجرا سبقه إليها.
وأنشد المستنصر:
عساكر الشكر قد جاءت مهيئة ... وللملوك ارتياب في تأتيها
بالباب قوم ذو ضعف ومسكنة ... يستصغرون لك الدنيا وما فيها
(أخبار مصر، اتعاظ الحنفاء) .

(32/291)


323- عبد الله بن سهل بن يوسف [1] .
أبو محمد الأنصاري الأندلسي، المرسي المقرئ.
أخذ عن: أبي عمر الطّلمنكيّ، ومكيّ، وأبي عمرو الدّانيّ.
ورحل فأخذ بالقيروان عَن مصنّف «الهادي» في القراءات، وأبي عبد الله محمد بن سُفيان، وأبي عبد الله محمد بن سُليمان الأُّبِّيّ [2] .
وكان ضابطًا للقراءات وطُرُقها، عارفًا بها، حاذقًا بمعانيها.
أخذ النّاس عنه.
قال أبو عليّ بن سُكَّرَة: هو إمام أهل وقته في فنّهِ، لقيته بالمَريّة.
لازم أبو عَمْرو الدّانيّ ثمانية عشر عامًا، ثمّ رحل ولقي جماعة. وأقرأ بالأندلس، وبَعُد صِيتُه. فمن شيوخه: الطَّلمنْكيّ، ومكّيّ، وأبو ذر الهَرَويّ، وأبو عِمران الفاسيّ، وأبو عبد الله بن غالب، وحسن بن حمُّود التونسيّ، وعبد الباقي بن فارس الحمصيّ.
قال: وجرت بينه وبين أبي عَمْرو شيخه عند قدومه منافسه، وتقاطعا، وكان أبو محمد شديدًا على أهل البِدَع، قوّالًا بالحقّ مَهيبّا، جَرَت له في ذلك أخبار كثيرة، وامتحِن بالتّغرّب، ولَفَظَتْهُ البلاد، وغمزه كثيرٌ من النّاس، فدخل سبْتة، وأقرأ بها مُدَيْدة، ثمّ خرج إلى طَنْجَة، ثمّ رجع إلى الأندلس، فمات برُنْدَة [3] .
قال ابن سُكَّرة، عزمتُ على القراءة عليه، فقطع عن ذلك قاطعٌ.
قال القاضي عياض: وقد حدَّث عنه غير واحد من شيوخنا، وثنا عنه
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن سهل) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 286 رقم 630، وبغية الملتمس 345، 346، ومعرفة القراء الكبار 1/ 436- 438 رقم 372، والعبر 3/ 296، وميزان الاعتدال 2/ 437، وغاية النهاية 1/ 421، 422، ولسان الميزان 3/ 298 رقم 1242، وشذرات الذهب 3/ 364.
[2] الأبيّ: بضم الألف، نسبة إلى أبية، مدينة بإفريقية من قرى تونس. (توضيح المشتبه 1/ 144، تبصير المنتبه 1/ 31) .
[3] زبدة: بضم أوله، وسكون ثانيه، ومعقل حصين بالأندلس من أعمال تاكرنا. وهي مدينة قديمة على نهر جار. وقال السلفي: رندة حصن بين إشبيلية ومالقة. (معجم البلدان 3/ 73) .

(32/292)


شيخنا أبو إسحاق بن جعفر. وحدَّث عنه خالي أبو بكر محمد بن عليّ.
وقال أبو الإصبغ بن سهل: أشْكَلَتْ عليَّ مسائل من علم القرآن، لم أجد في من لقيت من يشفيني، حتّى لقيته.
قال: وكانت بينه وبين القاضي أبي الوليد الباجي منافرة عظيمة، بسبب مسألة الكتابة، فكان ابن سهل يلعنه في حياته، وبعد موته، فأدى ذلك أصحاب الباجيّ إلى القول في ابن سهل، والإكثار عليه.
قلت: وقرأ عليه بالروايات أبو الحَسَن عبد العزيز بن عبد الملك بن شفيع المذكور في أسانيد الشّاطبيّ [1] .
324- عبد الباقي بن أحمد بن هبة الله [2] .
أبو الحَسَن البزاز. صهْر المقرئ أبي عليّ الأهوازيّ.
دمشقيّ، سمع من: الأهوازيّ، وأبي عثمان الصابوني، وابن سلوان المازنيّ.
روى عنه: أبو القاسم الخضر بن عَبَدان.
وذكر هبة الله بن طاوس أنّ هذا زوَّر سماعًا لنفسِه في جزء [3] .
325- عبد الرحيم بن أبي عاصم بن الأحنف [4] .
أبو سعد الهروي الزّاهد.
__________
[1] وقع في المطبوع من الصلة 1/ 289 أنه توفي سنة ثمان وأربعمائة وهو وهم.
[2] انظر عن (عبد الباقي بن أحمد) في: ذيل تاريخ مولد العلماء لابن الأكفاني، ورقة 164، وتاريخ دمشق (عبد الله بن مسعود- عبد الحميد بن بكار) 39/ 411، 412، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 14/ 154 رقم 81، ولسان الميزان 3/ 383 رقم 1535.
[3] قال ابن طاوس إن أبا الحسن أخرج له جزءا قد زور السماع فيه لنفسه من الأهوازيّ بمداد، فلم يقرأه عليه. وكان فيه سماع ابن الموازيني، أبو ابن الحنائي، فقرأه عليه.
وكتب أبو محمد بن صابر بخطه أنه مات ليلة الخميس، العاشر من شهر رمضان، وأنه كذّاب.
وكان عبد الباقي قد وقف خزانة فيها كتب على الزاوية الغربية من ساحة جامع دمشق. (تاريخ دمشق 412) .
ووقع في (لسان الميزان 3/ 383) أنه توفي سنة خمس وثمانين وأربعمائة.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.

(32/293)


سمع من: أبي محمد حاتم بن محمد بن يعقوب الميت في سنة 454.
326- عبد الملك بن الحَسَن بن خَبْرون بن إبراهيم [1] .
أبو القاسم الدّبّاس، أخو الحافظ أبي الفضل أحمد.
كان من خيار البغداديّين وسراتهم وصُلحائهم.
سمع من: البَرْقَانيّ، وعبد الملك بن بِشْران.
روى عنه: ابنهُ المقرئ أبو منصور محمد، وعبد الوهّاب الأنماطيّ.
ومات في ذي الحِجّة.
327- عبد الواحد بن إسماعيل [2] .
الإمام أبو القاسم البوشنجيّ [3] الفقيه.
328- عليّ بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن اللَّيْث [4] .
أبو الحَسَن الناتقيّ، ثمّ النَّيْسابوريّ.
سمع: أبا طاهر بن مَحْمِش.
وعنه: زاهر الشّحّاميّ، وبنته سعيدة بنت زاهر، وعائشة بنت الصّفّار، والحسين بن عليّ الشّحّاميّ، وغيرهم.
__________
[1] انظر عن (عبد الملك بن الحسن) في: المنتظم 9/ 39، 40 رقم 56 (16/ 272 رقم 3578) .
[2] انظر عن (عبد الواحد بن إسماعيل) في: المنتخب من السياق 340، 341 رقم 1121، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 283، 284.
[3] في (المنتخب) : «البوسنجي» .
قال عبد الغافر: أبو القاسم الفقيه، الفاضل، الورع، الدّين، من وجوه الفقهاء والمدرسين والمناظرين والعاملين بعلمهم، الجارين على منهاج السلف الصالحين، في وفور الفضل والاشتغال بالعلم ولزم الفقر والقناعة.
تفقّه على أبي إبراهيم الفقيه الضرير.
سمع على كبر السّنن معنا كتاب «حلية الأولياء» تصنيف أبي نعيم الأصبهاني بتمامه على أبي صالح المؤذّن، بقراءة أبي الحسن علي بن سهل بن العباس، عليه.
توفي كهلا يوم الإثنين السابع والعشرين من المحرّم سنة ثمانين وأربعمائة.
[4] انظر عن (علي بن أحمد) في: المنتخب من السياق 388 رقم 1310، والمختصر الأول للسياق، ورقة 67 ب.

(32/294)


تُوُفّي في سلخ جُمَادَى الأولى [1] .
329- عليّ بْن أَبِي بَكْر أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن يوسف [2] .
أبو الحَسَن الفارسيّ ثمّ النَّيْسابوريّ.
سمع: ابن مَحْمِش، وأبا بكر الحِيريّ، وجماعة.
حدَّث عنه: عبد الخالق بن زاهر، وغيره.
أرَّخه السّمعانيّ [3] في رابع ربيع الأوّل [4]
- حرف الفاء-
330- فاطمة بنت الحَسَن بن عليّ [5] .
أمّ الفضل البغداديّة الكاتبة، المعروفة ببنت الأقرع.
كانت تكتب طريقة ابن البّواب.
كتب النّاس وجوَّدوا على خطها، وهي التي أُهِّلَتْ لكتابة كتاب الهُدْنة إلى ملك الروم من الدّيوان العزيز [6] .
يضرب المثل بحسن خطّها. وكان لما سَمَاع عالٍ.
رَوَت عن: أبي عَمْر بن مهديّ، وغيره.
روى عنها: أبو القاسم بن السَّمَرْقَنديّ، وأبو البركات الأنْماطيّ، وأبو سعْد البغداديّ، الأصبهانيّ، وقاضي المرستان، وغيرهم.
قال السّمعانيّ: سمعتُ محمد بن عبد الباقي: سمعتُ فاطمة بنت الأقرع
__________
[1] قال عبد الغافر: مستور صالح.
[2] انظر عن (علي بن أبي بكر) في: المنتخب من السياق 389 رقم 3311، والمختصر الأول للسياق ورقة 67 ب.
[3] لم يذكره في (الأنساب) .
[4] وفي (المنتخب) : ولد سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة. وبيض لوفاته.
[5] انظر عن (فاطمة بنت الحسن) في: المنتظم 9/ 40 رقم 57 (16/ 272، 273 رقم 3579) ، والكامل في التاريخ 10/ 163، وفيه: «فاطمة بنت علي» وسير أعلام النبلاء 18/ 480، 481 رقم 244، والعبر 3/ 132، ومرآة الجنان 3/ 132، والبداية والنهاية 12/ 134، وشذرات الذهب 3/ 365.
[6] المنتظم.

(32/295)


قالت: كتبتُ ورقةً لعميد الملك أبي نصر الكُنْدُريّ، فأعطاني ألف دينار [1] .
تُوُفِّيت في المحرَّم.
331- فاطمة بنت الأستاذ أبي عليّ الحَسَن بن عليّ الدّقّاق [2] .
أمّ البنين النَّيْسابوريّة الحُرّة الزّاهدة، زوجة أبي القاسم القُشَيْريّ وأمّ أولاده.
سمعت: أبا نعيم عبد الملك الإسفرائيني، وأبا الحسن العَلَويّ، وعبد الله بن يوسف الأصبهاني، وأبا عليّ الرُّوذْباريّ، وأبا عبد الله الحاكم، وأبا عبد الرحمن السُّلميّ، وغيرهم.
روى عنها: سِبْطُها أبو الأسعد هبة الرحمن، وعبد الله بن الفُراويّ، وزاهر الشّحّاميّ، وآخرون.
وأوّل سماعٍ لها من أبي الحَسَن العَلَويّ، وذلك في سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة. وعُمرت تسعين سنة.
وكانت عابدةً، قانتة، مُتَهجِّدة، مُتَبتِّلة.
تُوُفّيت في ثالث عشر ذي القعدة.
قال أبو سعْد السّمعانيّ: كانت فخر نساء عصرها، ولم يُرَ نظيرها في سيرتها، كانت عالمة بكتاب الله، فاضلة.
إلى أن قال: سمعت من أبي نُعَيم، والعَلَويّ.
ثمّ قال: ولدت سنة إحدى وأربعمائة، وهذا غلطٌ بيّن والصّواب أنّها وُلِدت قبل ذلك بمدّة [3] .
__________
[1] المنتظم 9/ 40 (16/ 273) .
[2] انظر عن (فاطمة بنت الدقاق) في: المنتخب من السياق 419، 420 رقم 1431، والمختصر الأول للسياق، ورقة 76 أ، والعبر 3/ 296، وتذكرة الحفاظ 4/ 1210، والإعلام بوفيات الأعلام 198، وسير أعلام النبلاء 18/ 479، 480 رقم 243، والمعين في طبقات المحدّثين 119 رقم 1521، ومرآة الجنان 3/ 132، وشذرات الذهب 3/ 365.
[3] قال عبد الغافر الفارسيّ: ولدت سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة وهي السنة التي بنى فيها (أبوها)

(32/296)


332- الفضل بن محمد بن أحمد [1] .
أبو القاسم المَدِينيّ البقّال.
مات في رمضان
- حرف الميم-
333- محمد بْن إبراهيم بن علي [2] .
العلّامة أبو الخطّاب الكعبيّ الطبريّ بشيخ الشّافعيّة ببُخارى.
تفقَّه بأبي سهل أحمد بن عليّ الأَبيوَرْديّ [3] .
وكان من العلماء الزُّهّاد، تخرَّج به الأصحاب.
قال السّمعانيّ: [4] حتّى كان يقعد بين يديه أكثر من مائتي فقيه على ما قيل.
سمع من شيخه أبي سهل، والحسن بن أبي المبارك الشّيرازيّ الحافظ، ومكّيّ بن عبد الرّزّاق الكُشْمِيهَنيّ [5] ، ومحمد بن عبد العزيز القنْطريّ، وعبد الكريم بن عبد الرحمن الكَلَاباذيّ، والمظفّر بن أحمد.
نا عنه عثمان بن عليّ البيكنديّ [6] .
__________
[ () ] المدرسة المباركة، ولمّا ترعرعت زوجها من الإمام زين الإسلام بعد أن استجمعت أنواع الفضائل.
وقال: نشأت في تربية أبيها وتعليمه وتأديبه وتهذيبه وتلقينه إياها الاعتقاد وآداب الصوفية وكلمات التوحيد.
وكانت حافظة لكتاب الله تقرأه آناء الليل والنهار، وعارفة بالكتاب. عقد لها أبوها مجلس التذكير وحفظها المجالس لعزّتها عليه، ولم يكن له إذا ذاك ابن، فكان إقباله على هذه البنت.
وخرج لها الفوائد، وقرئ عليها الكثير. وكانت بالغة في العبادة والاجتهاد، مستغرقة الأوقات في الطهارة والصلاة، ورزقت الأولاد الستة من الذكور والإناث أفراد عصرهم.
وعاشت في الطاعة تسعين سنة ما عرفت ما ورثته من أبيها وأمّها وما شرعت في الدنيا، فكان زين الإسلام يقوم بالسعي فيما كان لها.
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] تقدم التعريف بهذه النسبة.
[4] لم يذكره في (الأنساب) .
[5] تقدم التعريف بهذه النسبة.
[6] البيكنديّ: قيدت في (الأنساب 2/ 373) بفتح الباء الموحدة. وفي (معجم البلدان) بالكسر،

(32/297)


مات ببُخَارى في ربيع الأوّل.
334- محمد بن الحَسَن بن عليّ بن أحمد [1] .
أبو طاهر الحلبيّ المعروف بابن المِلْحيّ.
روى عن: رشأ بن نظيف، وأبي عليّ الأهوازيّ، وجماعة.
وعنه: ابن الأكفانيّ [2] .
335- محمد بن أبي سعْد أَحْمَد بْن الحَسَن بْن عليّ بْن أَحْمَد بن سُليمان [3] .
أبو الفضل البغداديّ، ثمّ الأصبهاني.
من بيت العِلم والحديث. كان واعظًا، عالمًا، فصيحًا، حلو المَنْطق، عارفًا بالتّفسير، له مشيخة خرَّج فيها عن جماعة منهم: أبوه، وأبو الحسين بن فاذشاه، وابن ريذَة، وعبد العزيز بن أحمد بن فادوَيْه، وغيرهم.
روى عنه: ابنه الحافظ أبو سعْد أحمد، وإسماعيل بن السَّمَرْقَنديّ، وعبد الوهاب ابن الأنماطيّ.
حجّ، ورجع، فأدركه أجله ببَغْدَاد، في صَفَر، [4] رحمه الله.
336- مُحَمَّد بْن هلال بْن المحسِّن بْن إِبْرَاهِيم بن هلال بن الصّابيء [5]
__________
[ () ] وفتح الكاف وسكون النون، نسبة إلى بلدة بيكند بين بخارى وجيحون.
[1] انظر عن (محمد بن الحسن) في: تالي تاريخ مولد العلماء (مخطوط) ورقة 164، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 2/ 102، 103 رقم 115.
[2] وهو ورّخ وفاته، وقال أبو محمد بن صابر: ثقة.
وقال أبو القاسم النسيب: إن مولد أبي طاهر في ربيع الأول سنة عشرين وأربعمائة.
[3] انظر عن (محمد بن أبي سعد) في: المنتظم 9/ 42 رقم 60 (16/ 275 رقم 3582) ، وسير أعلام النبلاء 18/ 531، 532 رقم 272.
[4] وكان مولده في سنة 423 هـ.
[5] انظر عن (محمد بن هلال) في: أخبار الحمقى والمغفّلين 98، والمنتظم 7/ 157 و 8/ 188، 216 و 9/ 42، 43 رقم 61 (16/ 275، 276 رقم 3583) ، والأذكياء لابن الجوزي 121، ومعجم الأدباء 1/ 170، 194 و 5/ 163، 304 و 6/ 251، والكامل في التاريخ 10/ 263، وتلخيص مجمع الآداب لابن الفوطي ج 4 ق 2/ 1163، 1164، وتاريخ الحكماء لابن القفطي 110، وغرر الخصائص للوطواط 240، 271، ووفيات الأعيان 6/ 101- 105 رقم

(32/298)


أبو الحَسَن البغداديّ، غرس النّعمة.
من بيت الكتابة والبلاغة والتاريخ. جمع ذيلًا على تاريخ أبيه [1] .
وكان عاقلًا، لبيبًا، رئيسًا مُبَجّلًا [2] .
سمَعَ: أبا علي بن شاذان، وغيره.
روى عنه: ابن السّمرقنديّ، والأنماطيّ.
__________
[311] (في ترجمة أبيه هلال بن المحسّن رقم 785) ، ومرآة الزمان (وفيات 480 هـ.) ، والبداية والنهاية 12/ 134، والتاريخ المجدّد لمدينة السلام لابن النجار (مخطوطة باريس، رقم 2131 عربي) ، والوافي بالوفيات 1/ 50، والنجوم الزاهرة 5/ 126، وكشف الظنون 1419، 1471، 2145، وشذرات الذهب 3/ 279، وهدية العارفين 2/ 75، ودائرة المعارف الإسلامية 4/ 22، والأعلام 7/ 357، ومعجم المؤلفين 12/ 93، ومقدّمة رسوم دار الخلافة لميخائيل عواد 21- 25، ومقدّمة كتابة: الهفوات النادرة بتحقيق الدكتور صالح الأشتر، طبعة مجمع اللغة العربية بدمشق 1387 هـ. / 1967 م.
[1] قال الخطيب عن هلال بن المحسّن: ورأيت له تصنيفا جمع فيه حكايات مستملحة وأخبارا نادرة، وسمّاه كتاب «الأماثل والأعيان ومنتدى العواطف والإحسان» وهو مجلد واحد، ولا أعلم هل صنف سواه أم لا. (تاريخ بغداد 14/ 76، المنتظم 8/ 176، معجم الأدباء 19/ 294، وفيات الأعيان 6/ 101) وقد ذيل هلال بن المحسن على تاريخ ثابت بن سنان. وابن سنان ذيله على تاريخ الطبري.
[2] قال ابن الجوزي: وكان له صدقة ومعروف، وخلف سبعين ألف دينار.. ونقلت من خطّ أبي الوفاء بن عقيل قال: حضرنا عند بعض الصدور فقال: هل بقي ببغداد مؤرّخ بعد ابن الصابي؟
فقال: القوم: لا. فقال لا حول ولا قوة إلا باللَّه، يخلو هذا البلد العظيم من مؤرّخ حنبلي- يعني ابن عقيل نفسه- هذا مما يجب حمد الله عليه، فإنه لما كان البلد مملوء بالأخيار وأهل المناقب قيض الله لها من يحكيها، فلما عدموا وبقي المؤذي والذميم الفعل أعدم المؤرخ، وكان ستر عورة.
وحكى عنه هبة الله بن المبارك السقطي أنه كان يجازف في تاريخه، ويذكر ما ليس بصحيح، قال: وقد ابتنى بشارع ابن عوف دار كتب، ووقف فيها نحوا من أربعمائة مجلد في فنون العلوم، ورتب بها خازن يقال له ابن الأقساسي العلويّ، وتكرّر العلماء إليها سنين كثيرة ما لم تزل له أجرة، فصرف الخازن وحك ذكر الوقف من الكتب وباعها، فأنكرت ذلك عليه فقال:
قد استغني عنها بدار الكتب النظامية.
فقال ابن الجوزي: بيع الكتب بعد وقفها محظور. فقال: قد صرفت ثمنها في الصدقات.
(المنتظم) وجاء في (البداية والنهاية 12/ 134) أن غرس النعمة أنشأ دارا ببغداد فيها أربعة آلاف مجلّد. وقال الصفدي في (الوافي بالوفيات 1/ 50) إن ابن الأقساسي الخازن على مكتبة غرس النعمة لم يكن أمينا عليها، فأساء السيرة، وباع كثيرا من هذه الكتب

(32/299)


وتُوُفّي في ذي القعدة عن ستين سنة، أو أربعٍ وستّين سنة [1] . وله أيضًا كتاب «الربيع» [2] ، وكتاب «الهفَوات» [3] .
337- مسعود بن سهل بن حَمَك [4] .
أبو الفتح النَّيْسابوريّ، نزيل مَرْو.
كان أحد الرؤساء المتموّلين.
روى عن: عليّ بن أحمد بن عَبْدان الأهوازيّ، وجماعة.
تُوُفّي في حدود هذه السّنة. وقد ذُكر سنة تسعٍ أيضا [5] .
__________
[1] وهو ولد سنة 416 أو 417 هـ.
[2] هو ذيل على كتاب «نشوار المحاضرة» للمحسن بن علي التنوخي. ابتدأ تأليفه في سنة 468 هـ. (معجم الأدباء 17/ 92) .
[3] اسمه الكامل: «الهفوات النادرة من المعقّلين الملحوظين، والسقطات البادرة من المغفّلين المحظوظين» ، وطبع باسم «الهفوات النادرة» .
[4] تقدّمت ترجمة (مسعود بن سهل) في وفيات السنة السابقة 479 هـ. برقم (308) .
[5] راجع تعليقي هناك على ذلك.

(32/300)


ومن المتوفين تقريبًا
- حرف الألف-
338- إسماعيل بن أحمد بن حسن [1] .
الفقيه أبو سُرَيْج الشّاشيّ الصُّوفيّ.
شيخ جوّال، لقي المشايخ والصُّلحاء، وحدَّث بَنْيسابور، وغيرها.
سمع بهَرَاة: أبا الحَسَن محمد بن عبد الرحمن الدّبّاس، وأبا عثمان سعيد بن العبّاس القُرَشيّ.
روى عنه: عبد الغفّار [2] الفارسيّ ووثّقه، وأثنى عليه في سياقه [3] ، ولقِيه سنة سبعين.
339- إسماعيل بْن أحمد بْن محمد بن محمد بْن يحيى بن مُعَاذ الرّازيّ [4] أبو إبراهيم. شيخ من أهل نَيْسابور. صدوق خيّر.
سمع: عبد الملك بن أبي عثمان الخَرْكُوشيّ [5] الواعظ، وغيره.
روى عنه: سعيد بن الحُسين الجوهريّ، شيخٌ لعبد الرحيم بن السّمعانيّ.
__________
[1] انظر عن (إسماعيل بن أحمد) في: المنتخب من السياق 141 رقم 321.
[2] هكذا في الأصل. وهو «عبد الغافر» .
[3] فقال: النقاض، فاضل، ثقة معروف، من العلماء والزهاد السائرين في الآفاق على سيرة السلف، طريف اللقاء، خفيف المحاضرة، عفيف النفس.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
[5] الخركوشي: بفتح الخاء المعجمة، وسكون الراء، وضم الكاف، وفي آخرها الشين. هذه النسبة إلى خركوش وهي سكة نيسابور (الأنساب 5/ 93]

(32/301)


340- إفرائيم بن الزّفّان [1] .
أبو كثير اليهوديّ المصريّ، الطّبيب.
خدم ملوك الباطنية بمصر، ونال دنيا عريضة، واقتنى من الكُتُب شيئًا كثيرًا. وهو أمهرُ تلامذة عليّ بن رضوان المذكور في سنة ثلاثٍ وخمسين.
وكان إفرائيم في أيام الأفضل ابن أمير الجيوش. وخلَّف من الكُتُب ما يزيد على عشرين ألف مجلَّد، ومن الأموال شيئًا كثيرًا
حرف الجيم-
341- الْجُنَيْد بن القاسم [2] .
أبو محمد المُحْتاجي، خطيب مَيْهَنَة [3] .
سمع: أبا بكر الحيريّ، وأبا إسحاق الأسفرائينيّ.
روي عنه: حفيده محمد بن أحمد بن الْجُنَيْد. وسماعه منه في سنة اثنتين وسبعين
- حرف السين-
342- سَعِيد بْن مُحَمَّد بْن أحمد بْن سَعِيد بن صالح [4] .
البقّال أبو القاسم الأصبهاني الحافظ.
عن: ابن المَرْزُبان الأبْهَريّ، وابن مَرْدَوَيْه، وخلْق.
وهو والد قُتَيْبة بن سعيد البقّال، وأخته لامِعَة. ذكرهم ابن نُقْطَة مختصرًا.
343- سُليمان بن أبي الفضل عبّاس بن سُليمان [5] .
الشّيخ أبو محمد القيروانيّ، مُسْنِد معمَّر، أجاز له من الحجاز أبو الحسن
__________
[1] انظر عن (إفرائيم بن الزّفان) في: عيون الأنباء في طبقات الأطباء لابن أبي أصيبعة 2/ 105، والوافي بالوفيات 9/ 296، رقم 4226.
و «الزفان» : بالزاي وتشديد الفاء، وبعد الألف نون.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] تقدم الحديث عنها، فقيل بكسر الميم، وقيل بفتحها.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
[5] لم أجد مصدر ترجمته.

(32/302)


أحمد بن إبراهيم بن فراس، وأبو القاسم عُبَيْد الله السَّقطيّ.
وأجاز له من القيروان أبو الحَسَن القابسيّ.
سمع منه: أبو عليّ الصَّدفيّ، وغيره.
وقال: قال لي: لمّا ولدتُ ذهب أبي إلى أبي الحَسَن القابسيّ، فقال:
سمِّه باسم الأعمش.
أنا سُليمان، أنا ابن فِراس كتابةً، أنا نافلة بن المقرئ، فذكر حديثًا
- حرف الشين-
344- شبيب بن أحمد بن محمد بن خُشنام البَسْتِيغيّ النَّيْسابوريّ [1] .
أبو سعْد.
ولد سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة.
سمع: أبا نعيم عبد الملك الإسفرائيني، وأبا الحَسَن العَلَويّ، وغيرهما.
روى عنه: أبو عبد الله الفُرَاويّ، وزاهر الشّحّاميّ، وأخوه وجيه، وأبو الأسعد القُشَيْريّ.
ذكره ابن السّمعانيّ في «الأنساب» ، وقال: كان من الكرَّاميّة.
وبَسْتِيغ: قرية من سواد نيسابور.
توفّي في ... [2] وسبعين وأربعمائة
- حرف العين-
345- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عمر [3] .
أبو محمد الطُّلَيْطُليّ، ويُعرف بابن الأديب.
روى عن: الصّاحبين أبي إسحاق بين شنظير، وأبي جعفر بن ميمون، وعَبْدُوس بن محمد، وأبي عبد الله الفخار.
__________
[1] تقدمت ترجمته في الطبقة السابقة (السابعة والأربعين) في وفيات سنة نيف وستين وأربعمائة، برقم (352) .
[2] بياض في الأصل. وفي الهامش: «ث. نعم ذكر ممن توفي بعد السبعين تقريبا» .
[3] انظر عَنْ (عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 285 رقم 628.

(32/303)


وسمع على أبي القاسم البراذعيّ كتابه في اختصار «المدوّنة» . وعُمّر دهرًا. وحمل النّاس عنه.
قال ابن بَشْكُوال: كان في عشر الثّمانين وأربعمائة.
346- عبد الرحمن بن عبد الله بن أسد الْجُهَنيّ [1] .
أبو المطرِّف الطُّلَيْطُليّ.
روى عن: محمد بن مغيث، وأبي محمد القشاريّ [2] .
ولقي بمكّة أبا ذر الهَرَويّ.
وكان ثقة، محدّثًا، فقيهًا، مشاوَرًا، ذا خيرٍ وتواضع، وسنّ وجلالة.
تُوُفّي قبل الثمانين.
347- عبد الرحمن بن محمد بن اللّبّان [3] .
الصّنْهاجيّ القُرْطُبيّ.
روى عن: مكّيّ بن أبي طالب، وأبي عَمْر أحمد بن مهديّ.
واختص بمحمد بن عتاب.
وكان عارفًا، نبيهًا، يقظًا، كامل الأدوات، مليح الخطّ.
تُوُفّي في نحو الثمانين أيضًا.
348- عبد الرحمن بن محمد بن يونس بن أفلح [4] .
أبو الحَسَن الأندلسيّ.
من كبار النحاة.
أخذ عن: أبي تمّام القطينيّ، وأبي عثمان الأصفر.
حمل النّاس عنه.
ومات بإشبيلية في حدود الثّمانين [5] أو بعدها.
__________
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن عبد الله) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 343 رقم 733.
[2] في الصلة: «العشماوي» .
[3] انظر عن (عبد الرحمن بن محمد) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 343 رقم 734.
[4] انظر عن (عبد الرحمن بن محمد بن يونس) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 344 رقم 737.
[5] في الصلة: توفي بإشبيليّة في حدود سنة تسعين وأربعمائة.

(32/304)


349- عبد الصّمد بن سعدون [1] .
أبو بكر الصَّدَفيّ، المعروف بالرّكانيّ الطُّلَيْطُليّ.
روى عن: قاسم بن محمد بن هلال.
وحجّ، وسمع بمصر من: أبي محمد بن الوليد، وأبي العبّاس أحمد بن نفيس، وأبي نصر الشيرازيّ.
وكان صالحًا يلقّن القرآن.
وتُوُفّي بعد سنة خمسٍ وسبعين، قاله ابن بَشْكُوال.
350- عبد الوهّاب بن محمد بن الحَسَن بن إبراهيم [2] .
أبو أحمد الْجَزَريّ البروجرديّ [3] ، نزيل اليمن.
مقريء فاضل.
سمع: أبا عمر بن مهديّ ببغداد، وأبا محمد بن النّحّاس بمصر.
روى عنه: مكّيّ الرُّمَيْليّ، وابن طاهر المقدسيّ، ومحمد بن القاسم الحلوانيّ.
تُوُفّي بعد السّبعين. قاله السّمعانيّ [4] .
351- عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحمد بن محمد بن حسكان [5] .
__________
[1] انظر عن (عبد الصمد بن سعدون) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 377- 379 رقم 809.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] البروجرديّ: بضم الباء والراء، بعدها الواو وكسر الجيم وسكون الراء وفي آخرها الدال المهملة، هذه النسبة إلى بروجرد وهي بلدة حسنة كثيرة الأشجار والأنهار من بلاد الجبل على ثمانية عشر فرسخا من همذان. (الأنساب 2/ 174) .
[4] في غير (الأنساب) .
[5] انظر عن (عبيد الله بن عبد الله) في: المنتخب من السياق 296، 297 رقم 982، والمعين في طبقات المحدّثين 139 رقم 1523، وتذكرة الحفاظ 3/ 1200، 1201، وسير أعلام النبلاء 18/ 268، 269 رقم 136، والجواهر المضيّة 2/ 496، 497، وتاج التراجم لابن قطلوبغا 40، وتبصير المنتبه 1/ 531، والطبقات السنية، رقم 1377، والذريعة إلى تصانيف الشيعة 4/ 194، وطبقات أعلام الشيعة (الناس في القرن الخامس) 110، ومعجم المؤلفين 6/ 240.

(32/305)


القاضي أبو القاسم بن الحذّاء [1] القُرَشيّ النَّيْسابوريّ الحنفيّ الحاكم، الحافظ.
شيخ متقن، ذو عناية تامّة بالحديث والسّماع. أسنّ وعُمِّر، وهو من ذُرّيّة عبد الله بن عامر بن كُرَيْز [2] . سمع وجمع وصنف، وجمع الأبواب والطرف، وتفقه على القاضي أبي العلاء صاعد.
وحدث عن: جدّه والسّيد أبي الحَسَن العَلَويّ، وأبي عبد الله الحاكم، وابن مَحْمِش الزّياديّ، وعبد الله بن يوسف، وأبي الحَسَن بن عَبْدان، وابن فَنْجُوَيْه، وأبي الحَسَن بن السّقّاء، وابن باكُوَيْه، وأبي حسّان المُزَكّيّ، ومن بعدهم إلى أبي سعْد الكَنْجَرُوذيّ [3] ، وطبقته.
واختصّ بأبي بكر بن الحارث الأصبهاني، وأخذ عنه.
وكذا أخذ العلم عن أحمد بن عليّ بن فَنْجُوَيْه.
وما زال يَسمع ويُسمع ويُحدِّث ويفيد.
وقد أكثر عنه أبو الحَسَن عبد الغفّار بن إسماعيل، وذكره. ولم أجدْه ذكر له وفاةً. وقد بقي إلى بعد السّبعين وأربعمائة.
ووجدتُ له مجلسًا في «تصحيح ردّ الشَّمْس وترغيم النّواصب الشُّمْس» .
وقد تكلّم على رجاله كلام شيعيّ عارف بفن الحديث [4] .
__________
[1] في طبقات أعلام الشيعة: «الحداد» . وكذا في: معجم المؤلفين. وفيه: توفي بعد سنة 490 هـ.
[2] الّذي افتتح خراسان زمن عثمان. (تذكرة الحفاظ 3/ 1200) .
[3] الكنجروذي: بفتح الكاف، وسكون النون، وفتح الجيم، وضم الراء، بعدها الواو، في آخرها الدال المعجمة. هذه النسبة إلى كنجروذ، وهي قرية على باب نيسابور في ربضها، وتعرب، فيقال لها: جنزروذ. (الأنساب 10/ 479) .
[4] حديث ردّ الشمس، رواه ابن المغازلي في (مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب 80، 81) من طريقين، الأول برقم (140) قال: أخبرنا القاضي أبو جعفر محمد بن إسماعيل بن الحسن العلويّ في جمادى الأولى في سنة ثماني وثلاثين وأربعمائة، وبقراءتي عليه، فأقرّ به، قلت له:
أخبركم أبو محمد عبد الله بْن محمد بْن عثمان المزنيّ الملقب بابن السقاء الحافظ رحمه الله، حدّثنا محمود بن محمد وهو الواسطي، حدّثنا عثمان، حدّثنا عبيد الله بن موسى، حدثنا فضيل بن مرزوق، عن إبراهيم بن الحسن، عن فاطمة بنت الحسين، عن أسماء بنت عميس قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم يوحى إليه ورأسه في حجر عليّ، فلم يصلّ العصر حتى غربت

(32/306)


ويُعرف بالحَسّكانيّ.
فابن حسْكوَيْه الذي روى عنه عبد الخالق الشّحّاميّ آخر يأتي سنة ثمانٍ وثمانين، اسمه عُبَيْد اللَّه بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أحمد بن حسْكوَيْه أبو سعْد [1] .
352- عليّ بن الحَسَن بن عليّ بن بكر [2] .
أبو الحَسَن المَحَكَّمِيّ [3] الأسَتِرَاباذيّ [4] الفقيه الأديب.
سمع الحديث، وأكثر منه. وعُمّر حتّى حدَّث وحُمل عنه.
__________
[ () ] الشمس، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «صلّيت يا عليّ» ؟ قال: لا. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «اللَّهمّ إنّ عليا كان على طاعتك وطاعة رسولك، فاردد عليه الشمس» فرأيتها غربت، ثم رأيتها طلعت بعد ما غربت. والثاني برقم (141) قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن علي البيع البغدادي فيما كتب به إليّ أنّ أبا أحمد عبيد الله بن أبي مسلم الفرضيّ البغدادي حدّثهم قال: حدّثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الحافظ الهمذاني، حدّثنا الفضل بن يوسف الجعفي، حدّثنا محمد بن عقبة، عن محمد بن الحسين، عن عون بن عبد الله، عن أبيه، عن أبي رافع قال:
رقد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم على فخذ عليّ، وحضرت صلاة العصر، ولم يكن عليّ صلّى، وكره أن يوقظ النبي صلى الله عليه وسلّم حتى غابت الشمس، فلما استيقظ قال: ما صلّيت يا أبا الحسن العصر؟ قال:
لا يا رسول الله. فدعا النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم، فردّت الشمس على عليّ كما غابت حتى رجعت الصلاة للعصر في الوقت، فقام عليّ فصلّى العصر، فلما قضى صلاة العصر غابت الشمس، فإذا النجوم مشتبكة.
[1] انظر عن (أبي سعد بن حسكويه) في: تذكرة الحفاظ 3/ 1201، وسير أعلام النبلاء 18/ 269، 170 (دون رقم) .
وسيأتي في الطبقة التالية برقم (275) .
[2] انظر عن (علي بن الحسن) في: الأنساب 11/ 165، واللباب 3/ 174، والمشتبه في الرجال 2/ 577.
[3] في الأصل ضبطت بسكون الحاء المهملة، وفي (الأنساب) : بفتح الميم والحاء المهملة، والكاف المشدّدة، وفي آخرها الميم. وتابعه ابن الأثير في (اللباب) ولكن وقع في المطبوع وضع ضمّة فوق الميم أوله. وقد بيض ابن السمعاني النسبة، وتابعه في التبييض ابن الأثير أيضا. أما في (المشتبه) فورد في نسختين خطيتين منه بضم الميم الأولى، وتشديد الكاف المكسورة، وفي نسخة خطيّة أخرى بفتح الميم وتشديد الكاف المفتوحة كما في (الأنساب واللباب) .
وقال ابن السمعاني، وابن الأثير في النسبة التي قبلها بضم الميم الأولى وكسر الكاف المشددة إنها نسبة إلى المحكمة الأولى، وهو طائفة من الخوارج خرجوا على عليّ رضي الله عنه بحرواء من ناحية الكوفة.
[4] في الأصل: «الأسدآباذي» ، والتصحيح من (الأنساب) و (اللباب) .

(32/307)


سمع بأسداباذ: أبا عبد الله بن شاذي الْجِيليّ [1] ، وأبا القاسم نصْر بن أحمد.
وببغداد: أبا الحسين بن بشران، وأبا الحسن الحمامي، وجماعة.
وبَنْيسابور: أبا بكر الحِيريّ، وغيره.
وبإصبهان وغيرها.
روى عنه: هبة الله [2] ابن أخت الطّويل الهمذانيّ.
وولد سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة [3]
- حرف الميم-
353- محمد بْن أحمد بْن عثمان [4] .
أبو عبد الله القَيْسيّ [5] الأندلسيّ ابن الحدّاد الشّاعر المشهور. ولقَبُه:
مازن.
من أهل مدينة وادي آش، سكن المَرِيّة.
ذكره ابن الأبّار [6] فقال: كان من فُحُول الشُّعَراء، وأفراد البُلَغاء، له ديوان
__________
[1] في (الأنساب) : «الجيلي» ، وفي (اللباب) : «الختّليّ» .
[2] في (الأنساب) : «روى عنه أبو بكر هبة الله بن السراج المظفرآباذي، ولم يحدّثنا عنه سواه» .
وفي (اللباب) : «روى عنه أبو بكر هبة الله بن الفرج» ، وفي نسخة خطية منه: «هبة الله بن الفرج الظفراباذي» .
[3] في أول يوم من شهر رجب. ومات في حدود سنة سبعين وأربعمائة. كما قال ابن السمعاني، وابن الأثير.
[4] انظر عن (محمد بن أحمد الأندلسي) في: مطمح الأنفس 9491، والذخيرة في محاسن أهل الجزيرة لابن بسام، القسم الأول، المجلد الثاني 691- 729، وخريدة القصر (قسم شعراء الأندلس) قسم 4 ج 2/ 65، 172 و (177- 209) ، والمحمدون من الشعراء 99، والتكملة لابن الأبار 133، والحلّة السيراء له 2/ 82، 83، والمغرب لابن سعيد 2/ 143- 145، والرايات له 74، ووفيات الأعيان 5/ 41، وفيه: «محمد بن أحمد بن خلف بن أحمد بن عثمان بن إبراهيم» ، ومسالك الأبصار للعمري (مخطوط) 11/ 400، وسير أعلام النبلاء 18/ 601، 602 رقم 318، وفوات الوفيات 3/ 283، 284، والوافي بالوفيات 2/ 86- 88، والإحاطة في أخبار غرناطة 2/ 333- 337، ونفح الطيب 3/ 502- 505، وكشف الظنون 765، وهدية العارفين 2/ 75، ومعجم المؤلفين 8/ 291.
[5] تصحفت هذه النسبة إلى «الفيشي» في (شذرات الذهب) .
[6] في كتاب «التكملة» 133.

(32/308)


كبير، ومؤلف في العروض. اختصّ بالمعتصم محمد بن مَعْن بن صُمَادح، وفيه استفرغ مدائحه [1] . ثمّ سار عنه إلى سَرَقُسْطَة وأقام في كنف المقتدر بن هود.
توفي في حدود الثّمانين وأربعمائة.
354- محمد بن أحمد بن أبي الحَسَن العارف المَيْهَنيّ [2] .
أبو الفضل. شيخ صالح، ثقة، صوفيّ.
سمع الكثير.
حدَّث بمرو عَنْ: أَبِي بَكْر الحِيريّ، وأبي سَعِيد الصَّيْرَفيّ، وجماعة.
وعن: جدّه أبي العبّاس.
سمع منه أبو المظفّر السّمعانيّ وابنُه «مُسْنَد الشّافعيّ» في سنة ثمانٍ وسبعين وأربعمائة.
روى عَنْهُ: أبو الفتح محمد بْن عَبْد الرحمن الخطيب الكُشْمِيهَنيّ، والحافظ أبو سعْد مُحَمَّد بْن أحمد بْن مُحَمَّد بن الخليل، ومحمد بن أحمد بن الْجُنَيْد المُحْتاجيّ، والعبّاس بن محمد العصّاريّ، وعبد الواحد بن محمد التُّونيّ، وسعيد بن سعْد المَيْهَنيّ، وآخرون.
سمع منهم عبد الرّحيم بن السّمعانيّ.
355- محمد بن عليّ بن حيدرة [3] .
أبو بكر الهاشميّ الجعفريّ [4] البخاريّ.
تفقَّه على القاضي أَبِي عليّ الحُسين بْن الخضر النَّسَفيّ.
وسمع الكثير، وأملى عن: أبي الطّيّب إسماعيل بن إبراهيم الميدانيّ صاحب خَلَف الخيّام. وعن: إبراهيم بن سَلَم الشِّكَانيّ [5] ، وأبي مقاتل أحمد بن
__________
[1] انظر قصيدة له في ابن صمادح في: الذخيرة، والمطمح، والمغرب، والخريدة، ووفيات الأعيان.
[2] لم أجد مصدر ترجمته. وقد تقدّم الحديث عن «الميهني» .
[3] انظر عن (محمد بن علي بن حيدرة) في: الأنساب 3/ 267.
[4] نسبة إلى جعفر بن أبي طالب الطيار رضي الله عنه، ابن عم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وسلّم. (الأنساب 3/ 266) .
[5] الشّكاني: بكسر الشين المعجمة، وفتح الكاف، وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى شكان،

(32/309)


محمد بن حمدي، ومحمد بن أحمد الغُنْجار [1] الحافظ.
ولد قبل الأربعمائة.
حدَّث عنه عثمان بن عليّ البَيْكَنْديّ [2] ، وجماعة [3] .
356- محمد بن عليّ بن محمد بن جُولة [4] .
أبو بكر الأبْهَريّ [5] الأصبهاني.
عن: أبي عبد الله محمد بن إبراهيم الْجُرْجانيّ، وأبي بكر بن مَرْدَوَيْه.
وعنه: أبو المُنَازِل عبد العزيز الأدميّ، وأبو سعْد أَحْمَد بْن مُحَمَّد الْبَغْدَادِيّ، وأحمد بْن حامد بْن أحمد بْن محمود الثقفيّ، وأبو مسعود عبد الجليل كوتاه.
357- محمد بن الفضل بن جعفر [6] .
أبو عبد الله المَرْوَزِيّ الخَرَقِيّ [7] الزّاهد.
من أهل قرية: خَرَق [8] .
__________
[ () ] وهي من قرى بخارى.
وفي كتاب «القند في معرفة علماء سمرقند» : شكان من قرى كس. ثم كتب على الحاشية:
وثبت أن شكان قرية من قرى بخارى. (الأنساب 7/ 373) وإليها ينسب إبراهيم بن سلم المذكور.
[1] عرف بالغنجار (بضم الغين المعجمة وسكون النون، وجيم، وراء) لتتبعه حديث عيسى بن موسى التيمي غنجار، فإنه كان في شبيبته يتتبع أحاديثه ويكتبها فلقب بذلك. (الأنساب 9/ 177)
[2] البيكندي: وردت بفتح الباء، وكسرها. وقد تقدم التعريف بهذه النسبة.
[3] ذكره عبد العزيز بن محمد النخشبي في (معجم شيوخه) وقال: السيد الفقيه أبو بكر الجعفري، مكثر، يحبّ الحديث وأهل الحديث. مذهبه مذهب الكوفيين، سمعنا منه بعد الرجوع، وكنت سمعت من والده قبل السبعين.
[4] انظر عن (محمد بن علي الأبهري) في: المشتبه في الرجال 1/ 274 و «جولة» بضم الجيم، وواو، وفتح اللام.
[5] الأبهريّ: بفتح الألف وسكون الباء المنقوطة بواحدة وفتح الهاء وفي آخرها الراء المهملة. هذه النسبة إلى موضعين أحدهما إلى أبهر، وهي بلدة بالقرب من زنجان. والثاني منسوب إلى قرية من قرى أصبهان اسمها أبهر. والمترجم له من الموضع الثاني.
[6] لم أجد مصدر ترجمته.
[7] بالخاء والراء المفتوحتين، وقاف.
[8] خرق: يقال: خره بلفظ العجم. قرية كبيرة عامرة شجيرة بمرو. إذا نسبوا إليها زادوا قافا

(32/310)


قال السّمعانيّ [1] : كان فقيهًا ورعًا زاهدًا متبَّركًا به.
سمع: محمد بن عمر بن طُرفة السِّجْزِيّ، وعليّ بن عبد الله الطَّيْسَفُونيّ [2] .
وكان في الزُّهْد والورع إلى غاية.
وُلِد قبل سنة أربعمائة، وبقي إلى حدود سنة ثمانٍ وسبعين.
ثنا عنه عبد الواحد بن محمد التُّونيّ [3] .
358- محمد بْن محمد بْن زيد بْن عليّ بْن موسى [4] .
الشّريف المُرْتَضَى أبو المعالي [5] ، وأبو الحَسَن. ذو الشَّرَفَيْن، العَلَويّ، الحُسَينيّ.
وُلِد ببغداد وسمع بها من: أبي القاسم الحرفيّ [6] ، وأبي عبد الله المَحَامليّ، والبَرْقَانيّ، وطلحة الكِنَانيّ، ومحمد بن عيسى الهَمَذانيّ، وأبي عليّ بْن شاذان، وأبي القاسم بْن بِشْران، وطائفة.
وتخرج بأبي بكر الخطيب ولازمه.
__________
[ () ] (معجم البلدان 2/ 360) .
[1] في غير (الأنساب) .
[2] الطيسفونيّ: بفتح الطاء المهملة، وسكون الياء المنقوطة من تحتها باثنتين، وفتح السين المهملة، وضم الفاء، وسكون الواو، وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى «طيسفون» وهي قرية من قرى مرو على فرسخين. (الأنساب 8/ 291) .
[3] التونيّ: بضم التاء المنقوطة باثنتين من فوقها وسكون الواو، وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى «تون» وهي بليدة عند قاين يقال لها تون قهستان. (الأنساب 3/ 108) .
[4] انظر عن (محمد بن محمد بن زيد) في: المنتظم 9/ 40- 42 رقم 59 (16/ 273- 275 رقم 3581) ، والمنتخب من السياق 58، 59 رقم 111، والإعلام بوفيات الأعلام 198، وتذكرة الحفاظ 3/ 1212- 1209، والمعين في طبقات المحدّثين 139 رقم 1522، والعبر 3/ 297، ودول الإسلام 2/ 10، وسير أعلام النبلاء 18/ 520- 524 رقم 264، والبداية والنهاية 12/ 133، 134، والوافي بالوفيات 1/ 143، ومرآة الجنان 3/ 132، 133، وطبقات الحفاظ 445، وشذرات الذهب 3/ 365، وإيضاح المكنون 2/ 186، وهدية العارفين 2/ 75، ومعجم المؤلفين 11/ 218.
[5] في (المنتظم) : «ذو الكنيتين: أبو المعالي، وأبو الحسن» ، وفي (المنتخب) : «ذو الكنيتين» .
[6] الحرفي: بضم الحاء المهملة، وسكون الراء، ثم فاء. وقد تصحفت إلى «الحرقي» بالقاف في (الوافي بالوفيات 1/ 143) .

(32/311)


روى عنه: الخطيب شيخه، وأبو العبّاس المُسْتَغفِريّ أحد شيوخه، وزاهر الشّحّاميّ، ويوسف بن أيّوب الهَمَذانيّ، وأبو الأسعد بن القُشَيْريّ، وهبة الله السَّيِّديّ، وخلْق آخرهم وفاةً الخطيب أبو المعالي المَدِينيّ.
وممّن حدَّث عنه: أبو طالب محمد بن عبد الرحمن الحِيريّ، وأبو الفتح أحمد بن الحسين الأديب السَّمَرْقَنديّ، حدَّث هذا عنه بالإجازة.
قال فيه السّمعانيّ [1] : أفضل عَلويّ في عصره، له المعرفة التّامّة بالحديث. وكان يرجع إلى عقلٍ وافر، ورأيٍ صائب. وبرع على الخطيب في الحديث.
ونقل عنه الخطيب، أظنُّ في كتاب «البخلاء» [2] ورُزق حسن التّصنيف وسكن في آخر عُمره سَمَرْقَند، ثمّ قدِم بغداد وأملى بها.
وحدَّث بإصبهان، ثمّ ردّ إلى سَمَرْقَند [3] .
سمعتُ يوسف بن أيّوب الهَمَذانيّ يقول: ما رأيت علويًّا أفضل منه. وأثنَى عليه.
وكان من الأغنياء المذكورين. وكان كثير الإيثار، ينفّذ كلّ سنةٍ إلى جماعةٍ من الأئمّة إلى كلّ واحد ألف دينار أو خمسمائة أو أكثر، وربّما يبلغ مبلغَ ذلك عشرةَ آلاف دينار، ويقول: هذه زكاة مالي، وأنا غريب، ففرِّقوا على من تعرفون استحقاقه.
ويقول: كلّ من أعطيتموه شيئًا، فاكتبوا له خطًّا، وأرسِلُوه حتّى نُعطيه من عُشْر الغَلَّة.
وكان يملك قريبًا من أربعين قرية خالصة بنواحي كِش. وله في كلّ قرية وكيلٌ أوْفَى من رئيس بسمرقند [4] .
__________
[1] في غير (الأنساب) .
[2] لم أجد له ذكرا في المطبوع من (البخلاء) للخطيب.
[3] انظر: تذكرة الحفاظ 4/ 1210، وسير أعلام النبلاء 18/ 521، والوافي بالوفيات 1/ 143.
[4] انظر: المنتظم 9/ 41 (16/ 274) ، وتذكرة الحفاظ 4/ 1210، 1211، وسير أعلام النبلاء 18/ 521، والوافي بالوفيات 1/ 143.

(32/312)


قلت: هذا من فرط المبالغة من السّمعانيّ [1] .
ثمّ قال: سمعتُ أبا المعالي محمد بن نصر الخطيب يقول ذلك، وكان من أصحاب الشّريف. وسمعتُ أبا المعالي يقول: إنّ الشّريف عمل بستانًا عظيمًا، فطلب ملك سَمَرْقَند وما وراء النهر الخضر خاقان أنْ يحضر البُسْتان، فقال الشّريف السّيّد لحاجب الملك: لا سبيل إلى ذلك. فألح عليه، فقال: لكنْ لا أحضُر، ولا أهيّئ آلة الفِسْق والفساد لكم، ولا أفعل ما يعاقبني الله عليه في الآخرة.
فغضب الملك، وأراد أن يمسكه، فاختفى عند وكيل له نحو شهرين، ونُوديَ عليه في البلد، فلم يظفروا به. ثمّ أظهروا النَّدَمَ على ما فعلوه، فألحّ عليه أهله حتّى ظهر، وجلس على ما كان مدّة.
ثمّ إنّ الملك نفَّذ إليه يطلبه ليشاوره في أمر، فلمّا استقرَّ عنده أخذه وسجنه، وأخذ جميع ما يملكه من الأموال والجواهر والضّياع، فصبَر وحمد الله، وقال: مَن يكون من أَهْلِ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وسلّم لا بدّ وأن يُبتَلَى. وأنا قد رُبِّيتُ في النّعمة، وكنتُ أخاف لا يكون وَقَعَ خَلَلٌ في نسبي، فلمّا وقع هذا فرِحْتُ، وعلمتُ أنّ نسبي متّصل [2] .
قال لنا أبو المعالي: فسمعنا أنّهم منعوه من الطّعام حتّى مات جوعًا. ثمّ أُخرج من القلعة ودُفن.
وهو من ولد عليّ بن زين العابدين علي بن الحسين رضي الله عنه [3] .
قال السّمعانيّ: قال أبو العبّاس الجوهريّ: رأيتُ السّيّد المرتضى أبا المعالي بعد موته وهو في الجنّة، وبين يدية مائدة من طعام، وقيل له: ألا تأكل؟
__________
[1] وفي (سير أعلام النبلاء) قال المؤلّف- رحمه الله-: «ولقد بالغ، فهذا في رتبة ملك، ومثل هذا يصلح للخلافة» . (18/ 522) .
[2] في الأصل: «متصلا» والتصحيح من: المنتظم 9/ 41 (16/ 274، 275) ، وتذكرة الحفاظ 4/ 1211، وسير أعلام النبلاء 18/ 522.
[3] المنتظم 9/ 41 (16/ 275) ، تذكرة الحفاظ 4/ 1211، سير أعلام النبلاء 18/ 522، البداية والنهاية 12/ 134، الوافي بالوفيات 1/ 143.

(32/313)


قال: لا، حتى يجيء ابني، فإنّه غدًا يجيء. فلمّا انتبهت، وذلك في رمضان سنة اثنتين وتسعين، قُتِل ابنه أبو الرّضا في ذلك اليوم [1] .
وُلِد السّيّد المرتضى رَضِيَ اللَّهُ عنه في سنة خمس وأربعمائة [2] ، واستشهد بعد سنة ستٍّ وسبعين، وقيل: سنة ثمانين. قتله الخاقان خَضِر بن إبراهيم صاحب ما وراء النَّهر.
وقد قدِم رسولًا من سلطان ما وراء النّهر إلى الخليفة القائم بأمر الله في سنة ثلاثٍ وخمسين [3] .
قلت: وقع لنا من تصنيفه كتاب «فرحة العالِم» ، سمعناه بالإجازة العالية من ابن عساكر. وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ أَبُو الْمُظَفَّرِ بْنِ السَّمْعَانِيِّ، كِتَابَةً: أنا أَبُو الأَسْعَدِ بْنُ الْقُشَيْرِيِّ، أنا أَبُو الْمَعَالِي مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحُسَيْنِيُّ الْحَافِظُ، أنا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْفَارِسِيُّ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ نَجِيحٍ، ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ، وَسَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ قَالا: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلاقَةَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ كَأَنَّمَا عَلَى رُءُوسِهِمُ الطَّيْرُ [4] .
الفارسيّ هو ابن شاذان [5]
__________
[1] تذكرة الحفاظ 4/ 1211، 1212، سير أعلام النبلاء 18/ 522، 523، الوافي بالوفيات 1/ 143.
[2] المنتخب من السياق 58.
[3] تذكرة الحفاظ 4/ 1212، سير أعلام النبلاء 18/ 523.
[4] الحديث أخرجه أبو داود في الطب (3855) باب في الرجل يتداوى، عن حفص بن عمر النمري، عن شعبة، بسنده. وتتمته: «سلمت ثم قعدت، فجاء الأعراب من هاهنا وهاهنا، فقالوا: يا رسول الله، أنتداوى؟ فقال: «تداووا فإن الله عز وجلّ لم يضع داء إلا وضع له دواء غير داء واحد الهرم» .
وانظر: تذكرة الحفاظ 4/ 1212.
[5] وقال عبد الغافر الفارسيّ: الفاضل الدّيّن، الثقة، المضيف، من مياسير أهل العصر والأغنياء المذكورين. جمع الله له من الأسباب والضياع والمستغلات بسمرقند ثم النقد والتجارة والبضاعات ما كان يضرب به المثل، ومع ذلك فقد كتب الحديث الكثير، وجمع كتبا سمعنا منه بعضها، وكتب عنه والدي بعضها.
دخل نيسابور رسولا ونزل مدرسة المشطي، وسمع منه المشايخ، وعقد له مجلس الإملاء في

(32/314)


359- مُطَهَّر بن يحيى [1] بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن جعفر بن محمد بن بَحِير.
أبو القاسم البَحِيريّ [2] النَّيْسابوريّ.
حدَّث عن: أبيه، والحاكم، وحمزة المُهَلَّبيّ، وابن محمش.
وعنه: ابن ماكولا، وابن طاهر المقدسي، وعبد الغافر وقال: [3] شيخ معروف سديد
- حرف النون-
360- نصْر بْن عليّ بْن أَحْمَد بن منصور بن شاذوَيْه [4] .
أبو الفتح الحاكميّ الطُّوسيّ.
شيخ عالم مشهور معمر.
__________
[ () ] الجامعين وقرئ عليه من تصانيفه.
وكان يحفظ اللغز من الأبيات يلقيها على الصبيان والمتأدبين، ثم عاد إلى سمرقند وقتل بها سنة 480.
أنشدنا السيد الإمام أبو الحسن لنفسه في الجواب عن الاستجازة في رواية الحديث:
أخلاي أجرت لكم سماعي ... وما صنف من كتب الحديث
إذا ما شئتم فارووه عني ... كبيركم وذو السّن الحديث
أجزت لكل ذي عقل ودين ... يريد العلم بالطلب الحثيث
على شرط الإجازة فاحفظوه ... عن التصحيف والغلط الخبيث
فأني عن وقوع السّهو فيه ... بريء معلن كالمستغيث
عليكم بالأناة لكل خطب ... فقل وقوع سهو من مريث
وأوصيكم بتقوى الله كتما ... تنالوا الفوز من ربّ مغيث
(المنتخب 58، 59) .
[1] في الأصل: (مظهر بن بحير) والتصحيح من:
المنتخب من السياق 453، 454 رقم 1540، والمختصر الأول للسياق (مخطوط) ورقة 90 ب.
[2] البحيري: بفتح الباء الموحدة، وكسر الحاء المهملة، بعد الياء المنقوطة من تحتها باثنتين، وفي آخرها الراء. هذه النسبة إلى بحير. وهو اسم لبعض أجداد المنتسب إليه. (الأنساب 2/ 97) .
[3] عبارته في (المنتخب) : أبو القاسم بن أبي حامد ابن أبي عمرو، أصيل نبيل، ثقة، مشهور، من أركان البحيرية، من منتابي مجلس الحكم، ومن أهل العدالة والعفّة.
[4] انظر عن (نصر بن علي) في: المنتخب من السياق 466 رقم 1588، والمختصر الأول للسياق (مخطوط) ورقة 92 ب.

(32/315)


حدّث «بالسّنن» لأبي داود، عن أبي عليّ الرُّوذْباري.
وسمع أيضًا من أبي بكر الحيريّ.
وأحضر إلى نيسابور، فسمعوا منه «السنن» .
قال أبو سعد السَّمعاني: [1] فسَمعه منه جدّي. روى عنه لولدي عبد الرّحيم: صخُر بن عُبيد الطّابَرَانّي [2] ، وهبة الرحمن بن القُشَيْريّ، وأبو الفتح محمد بن أبي أحمد الحصريّ [3] .
مات بعد السبعين والأربعمائة.
(بعون الله وتوفيقه، فقد تمّ تحقيق هذه الطبقة- الثامنة والأربعين- من كتاب «تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام» لمؤرّخ الإسلام الحافظ شمسُ الدين مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَد بْن عثمان الذهبي المتوفى سنة 748 هـ. - رحمه الله-، وتوفّر على ذلك طالب العلم وخادمه الحاج الأستاذ الدكتور: أبو غازي عمر عبد السلام تدمري، الطرابلسيّ مولده وموطنا، الحنفيّ مذهبا، أستاذ التاريخ في الجامعة اللبنانية، والمشرف على رسائل الماجستير والدكتوراه في قسم التاريخ بطرابلس وبيروت، فضبط نصّ هذه الطبقة، وعلّق عليها، وصوّب أغلاطها، وأحال إلى مصادرها، وخرّج أحاديثها وأشعارها، ووثّق مادّتها، قدر المستطاع، وبما توفّر تحت يده.
وكان الفراغ من ذلك بعد ظهر يوم الأربعاء التاسع من جمادى الأول 1413 هـ. / الموافق الرابع من تشرين الثاني (نوفمبر) 1992 م. وذلك في منزله بساحة النجمة من مدين- طرابلس المحروسة. والحدم للَّه أولا وآخرا) .
__________
[1] لم يذكره في الأنساب.
[2] الطابراني، بفتح الطاء المهملة، والباء المنقوطة بواحدة بعد الألف، وفتح الراء، وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى طابران، وهي إحدى بلدتي طوس. وقد تخفف ويسقط عنها الألف.
ولكن النسبة الصحيحة إليها: الطابراني. (الأنساب 8/ 167) .
[3] الحصريّ: بضم الحاء، وسكون الصاد المهملتين، وفي آخرها الراء. هذه النسبة إلى الحصر، وهي جمع حصير. (الأنساب 4/ 152) .

(32/316)