تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، ت
تدمري
[المجلد السابع والأربعون (سنة 641- 650)
]
[الطبقة الخامسة والستون]
بسم اللَّه الرَّحْمَن الرحيم رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً 2:
250
ومن حوادث سنة إحدى وأربعين وستّمائة
[مكاتبة الصالح نجم الدين الخوارزمية]
فيها تردّدت الرُّسُل بين الصّالح إِسْمَاعِيل وبين ابن أخيه الصّالح
نجم الدّين، فأطلق ابنه الملك المغيث من حبس قلعة دمشق [1] ، فركب
المغيث وخطب للصّالح نجم الدّين بدمشق. ولم يبق إلّا أن يتوجَّه المغيث
إلى مصر، ورضي صاحب مصر ببقاء دمشق عَلَى عمّه ومشي الحال، فأفسد أمين
الدّولة [2] وزير إِسْمَاعِيل القضيّة وقال لمخدومه: «هذا خاتم
سُلَيْمَان لا تخرجه من يدك تعدم المُلْك» . فتوقَّف ومنع الملك المغيث
من الركوب. وشرع الفَساد.
وكاتب الصّالح نجم الدّين الخَوارزميّة فعبروا وانقسموا قسمين، فجاءت
طائفة عَلَى البقاع، وجاءت طائفة عَلَى غوطة دمشق فنهبوا فِي القُرى
وسبوا وقتلوا.
وحصَّن الصّالح إسماعيل دمشق وأغلقت، فساروا إلى غزّة [3] .
__________
[1] المختصر في أخبار البشر 3/ 172، تاريخ ابن الوردي 2/ 173، النجوم
الزاهرة 6/ 346، 347، شفاء القلوب 375.
[2] هو السامرّي.
[3] مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 741، أخبار الأيوبيين 154، 155، نهاية الأرب
29/ 302، 303، مفرّج الكروب 5/ 331- 333، دول الإسلام 2/ 146، الدر
المطلوب 352، المختار من تاريخ ابن الجزري 184، 185، البداية والنهاية
13/ 162، السلوك ج 1 ق 2/ 316 (حوادث سنة 642 هـ) .
(47/5)
[دخول ابن الجوزي
الإسكندرية]
قَالَ شمس الدّين ابن الجوزيّ [1] : ودخلتُ تِلْكَ الأيّام إلى
الإسكندريّة فوجدتها كما قَالَ اللَّه تعالى: ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ
23: 50 [2] مغمورةٍ بالعلماء والأولياء كالشّيخ مُحَمَّد القبّاريّ [3]
، والشّاطبيّ، وابن أَبِي شامة [4] . ووعظت مرَّتين [5] .
[محاصرة عجلون]
وفيها حاصر صاحب حمص عَجْلُون، وقُتِل من أصحابه يوم الزّحف نحو
ثلاثمائة.
ويقال أنفق على الحصار أربعمائة ألف دينار، ولم يقدر عليها فترحّل
عَنْهَا [6] .
[زيادة نهر دمشق]
وجاءت بدمشق الزّيادة العظمى فوصلت إلى جامع العقيبة [7] .
__________
[1] في مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 741، 742.
[2] سورة المؤمنون، الآية 50.
[3] تصحّف في المطبوع من مرآة الزمان 742 إلى: «الساوي» ، وفي نسخة
أخرى إلى: «الساري» .
انظر الحاشية رقم (1) . والمثبت يتفق مع: المختار من تاريخ ابن الجزري
185، والنجوم الزاهرة 6/ 347.
[4] في النجوم الزاهرة 6/ 347 «ابن أبي أسامة» ، والمثبت يتفق مع مرآة
الزمان، وعقد الجمان.
[5] قال سبط ابن الجوزي في (المرآة) إنه جلس مجلسين فتاب فيها نحو من
ألفين، فلما عزم على العود إلى القاهرة قام بعض أفاضلها وأنشد أبياتا،
قال في آخرها:
فنحن ضيوف والقرا ثلاثة ... وجودك يا مولى الأنام شفيعي
فكان البيت الأخير هو الباعث إلى أن عزّزت لهم بمجلس ثالث ...
والخبر في: المختار من تاريخ ابن الجزري 185.
[6] دول الإسلام 2/ 147.
[7] دول الإسلام 2/ 147.
(47/6)
[استيلاء التتار عَلَى بلاد الروم]
وفيها استولت التّتار عَلَى بلاد الروم [1] صُلحًا مَعَ صاحبها غياث
الدّين [2] بأن يحمل إليهم كلّ يومٍ ألف دينار، وفَرَسًا، ومملوكا،
وجارية، وكلبَ صَيْد [3] . وكان ذَلِكَ بعد وقعةٍ كبيرة بين التّتار
والمسلمين، فانكسر المسلمون فِي المحرَّم وقُتِل الحلبيّون، وكانوا فِي
المقدّمة، فلم يَنْجُ منهم إلا القليل [4] .
وحاصرت التّتار قيصريّة، واستباحوا سيواس. ثمّ افتتحوا قيصريّة
واستباحوها [5] .
وكان صاحب الروم شابّا لعّابا ظالما، قليل العقل، يلعب بالكلاب
والسّباع، فعضّه سبُعٌ فمات [6] .
[إقامة شحنة للتتار]
وأقامت التتار شحنة بالرّوم [7] .
[هلاك القاضي الرفيع]
وفيها أُهلك الرفيع قاضي [8] دمشق وصودر أعوانه، وولي القضاء محيي
الدّين ابن الزّكيّ [9] .
__________
[1] ذيل الروضتين 173.
[2] هو كيخسرو بن كيقباذ بن كيخسرو بن قليج أرسلان السلجوقي.
[3] مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 742، الدر المطلوب 352 (حرفيا) ، المختار من
تاريخ ابن الجزري 185، العبر 5/ 167، مرآة الجنان 4/ 104، النجوم
الزاهرة 6/ 347.
[4] زبدة الحلب 3/ 367، 369، ذيل الروضتين 173، تاريخ الزمان 288،
مفرّج الكروب 5/ 326، 327، المختصر في أخبار البشر 3/ 171، 172، الدر
المطلوب 352، أخبار الأيوبيين 154، دول الإسلام 2/ 147، تاريخ ابن
الوردي 2/ 153، السلوك ج 1 ق 2/ 313، تاريخ ابن سباط (بتحقيقنا) 3308.
[5] أخبار الأيوبيين 154، دول الإسلام 2/ 147، السلوك ج 1 ق 2/ 313.
[6] مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 742، الدرّ المطلوب 352، المختار من تاريخ
ابن الجزري 185، 186، البداية والنهاية 13/ 162، النجوم الزاهرة 6/
437.
[7] الدر المطلوب 352، المختار من تاريخ ابن الجزري 186.
[8] في مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 750 قتل سنة 742 هـ، نهاية الأرب 29/ 303،
دول الإسلام 2/ 147.
[9] ذيل الروضتين 174، نهاية الأرب 29/ 304، المختار من تاريخ ابن
الجزري 186 و 191.
(47/7)
[حجّ العراقيين ووالدة المستعصم]
وفيها حجَّ بالعراقيين الأمير مجاهد الدّين أيبك الدُّوَيْدار ومعه
والدة المستعصم باللَّه، وجرَّد معها أربعمائة مملوك. وكان مع
الدّويدار أربعمائة فارس، ومع قيران مائتان وأربعون فارسا [1] . وكان
عدّة السّبلانات اثني عشر سبيلا [2] .
وحدّث المولى شمس الدين محمد بن إبراهيم الجزري في «تاريخه» [3] أنّه
حجّ فِي هذا العام من بغداد، وعُدَّت جِمال الرَّكْب جميعُها عند مدائن
عَائِشَة فكانوا [4] زيادة عَلَى مائة وعشرين ألف جمل.
وكان مَعَ الدُّوَيْدار ستُّون [5] ألف دينار، وستّة آلاف خلعة، الخلعة
ثوب وزميطيّة وشبختانيّة [6] ليفرّقها عَلَى العربان والمحاويج.
وعطِشنا فِي الطّريق [7] .
[تسليمُ السلطان إِسْمَاعِيل أماكن للفرنج]
قلت: وأعطى السّلطان إِسْمَاعِيل الفرنجَ أماكن، ودخلوا القدس وخرّبوا
الصّخرة، كسروا منها قطعتين، ورموا عليها الخمر، وذبحوا عندها خنزيرا،
فأعطاهم مزاراتٍ عدّة، وطبريّة، وعسقلان فعمروها [8] .
__________
[1] في المختار من تاريخ ابن الجزري 186 «ومع قيران مائتي فارس» دون
ذكر الأربعين.
[2] هي سبل الماء التي تحمل على الظهور في قافلة الحج.
[3] هو «حوادث الزمان وأنبائه» ، نشر قسم منه باسم: «المختار من تاريخ
ابن الجزري» ، والخبر فيه ص 186 و 187.
[4] هكذا في الأصل والمختار من تاريخ ابن الجزري 186، والصواب لغويّا
«فكانت» .
[5] في الأصل: «ستين» .
[6] في المختار من تاريخ ابن الجزري: «زميطة شبختانية» .
[7] وانظر عن قافلة الحج تفصيلات وافية في: العسجد المسبوك 2/ 519-
521.
[8] مفرّج الكروب 5/ 332، تاريخ ابن سباط 1/ 330، 331، السلوك ج 1 ق 2/
315.
(47/8)
قَالَ ابن واصل [1] : فمررت بالقدس فرأيت
القُسوس وقد جعلوا عَلَى الصُّخرة قناني الخمر للقُربان [2] .
قلت: وكان قد أعطاهم قبلها صَفَد، والشّقيف، فوا غوثاه، ولا قوّة إلا
باللَّه.
__________
[1] في: مفرّج الكروب 5/ 333.
[2] المختصر في أخبار البشر 3/ 172، تاريخ ابن سباط 1/ 331، تاريخ ابن
الوردي 2/ 173.
(47/9)
سنة اثنتين وأربعين
وستمائة
[انكسار الفرنج ومن معهم من الأيوبيين أمام
الخوارزمية]
لمّا نزلت الخُوارزمية بأراضي غزّة كما تقدَّم، طال مُقامهم، وبعث
إليهم الصّالح نجم الدّين النّفقة والخِلَع والخيل، وأمدّهم بجيشٍ من
عنده، وأمرهم أن ينازلوا دمشق، فاتّفق الصّالح إِسْمَاعِيل، والنّاصر
دَاوُد، والمنصور إِبْرَاهِيم صاحب حمص [1] ، وفرنج السّاحل الّذين
أعطاهم إِسْمَاعِيل الشّقيف وصفد وغير ذَلِكَ [2] . وعذّب إِسْمَاعِيل
والي الشّقيف لكونه تمنّع مِن تسليم الشّقيف، وسار بنفسه إلى الشّقيف
وسلّمها إلى الفرنج [3] .
قَالَ الرّاوي [4] : فخرج الملك المنصور بعسكر دمشق مَعَ الفرنج، وجهّز
النّاصر دَاوُد عسكره من نابلس مَعَ الظّهيريّ سنقر والوزيريّ [5] .
قَالَ أَبُو المظفّر [6] : وكنت يومئذٍ بالقدس، فاجتمعوا عَلَى يافا،
وكان المصريّون والخَوارزميّة عَلَى غزّة، وسار الملك المنصور والعسكر
تحت صلبان الفرنج وراياتهم والقِسّيسون فِي الأَطْلاب يصلّبون ويقسّسون
[7] ، وبيدهم
__________
[1] نهاية الأرب 29/ 305.
[2] دول الإسلام 2/ 147، المختار من تاريخ ابن الجزري 189، 190.
[3] نهاية الأرب 29/ 305.
[4] هو المؤرّخ شمس الدين ابن الجزري.
[5] المختار من تاريخ ابن الجزري 190، والخبر أيضا في: مرآة الزمان ج 8
ق 2/ 746.
[6] في مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 746.
[7] في الأصل: (يقسقسون) ، والتصحيح من: مرآة الزمان، والمختار من
تاريخ ابن الجزري 190.
(47/10)
كاسات الخمر يسقون الفرنج، فأقبلت
الخَوارزميّة والمصريّون، فكانت الوقعة بين عسقلان وغزّة، وكانت الفرنج
في الميمنة، وعسكر النّاصر في الميسرة، والملك المنصور في القلب، وكان
يوما مشهودا. التقوا فانهزمت الميسرة وأُسر الظّهيريّ سنقر، وانهزم
الوزيريّ، ونُهِبت خزانة الظّهيريّ. ثمّ انهزم الملك المنصور، وأحاطت
الخَوارزميّة بالفرنج. وكان عسكر المصريّين قد انهزموا أيضا إلى قريب
العريش [1] .
وكان عدد الفرنج يومئذ ألفا وخمسمائة فارس وعشرة آلاف راجل، وما كانت
إلّا ساعة حتّى حصدهم الخَوارزميّون بالسّيوف وأسروا منهم ثمانمائة [2]
.
قال أبو المظفّر [3] : فذهبت ثاني يوم إلى موضع المصافّ فوجدتهم يعدّون
القتلى فقالوا: هُم زيادة عَلَى ثلاثين ألفا. وبعث الخُوارزميّون
بالأسارى وبالرءُوس إلى مصر. ووصل المنصور فِي نفرٍ يسير ونُهِبت
خزائنه وخيله، وقتِل أصحابه، وجعل يبكي ويقول: قد علمت إنّا لمّا سرنا
تحت صلبان الفرنج أننا لا نفلح [4] .
ثمّ حضّ الملك الصّالح معين الدّين ابن الشَّيْخ فِي العساكر لحصار
دمشق [5] ، ودخلت الأسارى القاهرة ومُلِئت الحبوس بهم [6] .
وخُذِل الصّالح إِسْمَاعِيل وأخذ يتهيَّأ للحصار، وخرّب رباعا عظيمة
حول البلد، والله المستعان [7] .
__________
[1] نهاية الأرب 29/ 306.
[2] انظر: مفرّج الكروب 5/ 336، 337، المختصر في أخبار البشر 3/ 172،
أخبار الأيوبيين 154، 155، الدر المطلوب 353، العبر 5/ 171، دول
الإسلام 2/ 147، المختار من تاريخ ابن الجزري 189، 190، تاريخ ابن
الوردي 2/ 174، مرآة الجنان 4/ 105، البداية والنهاية 13/ 164، 165،
تاريخ ابن خلدون 5/ 358، السلوك ج 1 ق 2/ 316، 317، تاريخ ابن سباط 1/
331، تاريخ الأزمنة للدويهي 222.
[3] في مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 746، 747.
[4] نهاية الأرب 29/ 306، 307، مفرّج الكروب 5/ 338، 339، دول الإسلام
2/ 148، المختار من تاريخ ابن الجزري 190.
[5] نهاية الأرب 29/ 310، المختار من تاريخ ابن الجزري 191.
[6] حتى هنا في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 747، تاريخ ابن سباط 1/ 331.
[7] المختصر في أخبار البشر 3/ 172، 173، أخبار الأيوبيين 155، تاريخ
ابن سباط 1/ 332،
(47/11)
[تحرُّك التتار]
وفيها ورد كتاب [بدر] [1] الدّين صاحب الموصل يَقُولُ فِيهِ: إنّني
قررت عَلَى أهل الشّام قطيعة فِي كلّ سنة عشرة دراهم عَلَى الغنيّ،
وعلى الوسط خمسة دراهم، وعلى الفقير درهما [2] . وقرأ القاضي محيي
الدّين ابن الزّكيّ الكتاب عَلَى النّاس وشرعوا فِي الجباية [3] .
قلت [4] : أظنّ هذا مصالحة عَنْهُمْ للتّتار، فإنّ سعد الدّين ذكر فِي
تاريخه أنّ فِي آخر سنة إحدى وأربعين وصل رسول قاءان إلى صاحب
ميّافارقين يطلب الدّخول فِي طاعته، وأن فِي المحرّم سنة اثنتين جهّز
صاحب ميّافارقين رسل التّتار بهديّة عظيمة. وأن فِي أواخر المحرَّم
أخذت التّتار خلاط وعبروا إلى بَدْلِيس [5] ، كانت مَعَ الملك المظفّر،
إلى حصن كيفا. ثمَّ أَنْفذ إلى ميّافارقين جهّز أمّه وزوجته وما خفّ
معهما من جواهر ومصالح، فطلعوا إلى حصن كيفا عند المعظّم ولد الملك
الكامل. وطلب المظفّر ولده الملك السّعيد، وكان شابّا مليحا، شجاعا،
كريما فقال: تعود إلى ميّافارقين وتجمع النّاس والعسكر لقتال التّتار،
وأنا فأمضي إلى مصر أو إلى بغداد لجمع الجيوش واستنفار النّاس. فأبى
وقال: ما أفارق خدمة السّلطان. فضربه ابن عمّه بسِكّين قتله وقتلوه
بعده فِي الحال.
ثمّ سار المظفَّر وأنا معه إلى نصيبين ثمّ إلى ماكسين، وأخذنا عَلَى
بلاد الخابور. ثمّ سرنا إلى عانة، ثم عَدَّيْنا إلى الجانب الغربيّ
فوصلتنا إقامة الخليفة.
__________
[ () ] دول الإسلام 2/ 148.
[1] في الأصل بياض، والمستدرك من (مفرّج الكروب 5/ 349) ، والمختار من
تاريخ ابن الجزري 192.
[2] في الأصل: «درهم» .
[3] المختار من تاريخ ابن الجزري 192، مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 745،
السلوك ج 1 ق 2/ 315 و 320.
[4] القائل هو شمس الدين ابن الجزري، وعنه ينقل المؤلّف- رحمه الله-.
[5] بدليس: بالفتح ثم السكون، وكسر اللام، وياء ساكنة وسين مهملة. بلدة
من نواحي أرمينية قرب خلاط. (معجم البلدان 1/ 358) .
(47/12)
وجاء الخبر أنّ التّتار وصلوا إلى سنجار.
وجاءنا رسول من بغداد معه جَوْشخاناه [1] وروايا وقرَب برسم طريق مصر،
فعدنا إلى عانة. وجاءتنا الكتب برحيل التّتار عَن البلادَ لأنّ الطّبق
وقع فِي حوافرَ خيلهم [2] ، فجئنا إلى مشهد عليّ، ثمّ سرنا إلى أن
وصلنا حرّان، ثمّ إلى مَيّافارقِين [3] .
[خروج الأعيان للقاء أم الخليفة]
وفيها، فِي ثالث صفر، خرج الأعيان إلى ملتقى أمّ الخليفة وقد رفعوا
الغرز [4] ، والمدرّسون والقضاة قد رفعوا الطَّرحات وجعلوا عددهم حمرا.
وخرج ثاني يوم أستاذ دار الخلافة مؤيّد الدّين مُحَمَّد بْن العلقميّ
بالقميص والبقيار والغرزة، متقلّدا سيفا ووراءه ثلاثة أسياف، وتوجّهوا
إلى زريران [5] ، فكان أحدهم يحضر إلى زعيم الحاجّ مجاهد الدّين
الدُّوَيدار فيسلّم، وقد نصب هناك سرادق عظيم، فيأتي أحدهم ويقبّل
الأرض عَلَى باب السُّرادق، فيخرج الأمين كافور [6] ويقول: قد عُرِف
حضورك. فلمّا قرُب ابن العلقميّ نزل ولبس بقيارا بلا غرزة، وغيرَّ عدّة
مركوبة فجعلها حمراء، وقصد السُّرادق ومعه زعيم الحاجّ، ثمّ قبّل
الأرض، فخرج إِلَيْهِ كافور فتشكّر لَهُ.
ثمّ أُحضِرت شَبّارة بمَشْرَعَة زريران فنزلت فيها والدة الخليفة [7] .
__________
[1] كلمة مركبة من «جوش» و «خاناه» . قال دوزي: جوش: من مصطلح البحرية،
ومعناها ربط الشاغول. (تكملة المعاجم العربية 2/ 348) و (الجريدة
الآسيوية، سنة 1841- ج 1/ 588) .
[2] في تاريخ مختصر الدول لابن العبري 255 «.. وعاد عنها لحفي أصاب
خيول المغول» .
[3] انظر: العسجد المسبوك 2/ 527 (باختصار شديد) .
[4] الغرز: ركاب الرحال، وكذلك ما كان ماسكا للرجلين في المركب يسمّى
غرزا. (تهذيب اللغة 8/ 45) .
[5] زريران: قرية بينها وبين بغداد سبعة فراسخ على جادة الحاج إذا
أرادوا الكوفة من بغداد.
(معجم البلدان 3/ 140) .
[6] في (الحوادث الجامعة والتجارب النافعة) : «أمين الدين كافور
الظاهري» .
[7] المختار من تاريخ ابن الجزري 192، 193.
(47/13)
قَالَ: وخُلِع عَلَى الدُّوَيدار وأُنعِم
عَلَيْهِ بخمسة عشر ألف دينار [1] .
[ولاية العلقميّ الوزارة]
وفي ربيع الأوّل ولي وزارة العراق مؤيّد الدّين مُحَمَّد بْن العلقميّ
بعد موت ابن النّاقد الوزير [2] .
[ولاية ابن الجوزي الأستاذ دارية]
ثمّ ولي الأستاذ داريّة الصّاحب محيي الدين يوسف بْن الجوزيّ [3] .
[دخول التتار شهرزور]
وفي ذي الحجّة وقعت بطاقة ببغداد أنّ التتار، خذلهم اللَّه تعالى دخلوا
شهرزور وهرب صاحبها فَلَك الدّين مُحَمَّد بْن سنقر إلى بعض القلاع [4]
، وأنّهم قتلوا وفسقوا وبدَّعوا. فإنّا للَّه وإنّا إِلَيْهِ راجعون.
[محاصرة المصريين والخوارزمية دمشق]
وفي أواخر السنة شرعوا، أعني المصريّين والخوارزميّة، فِي حصار دمشق
وعلى العساكر معين الدّين ابن الشّيخ [5] .
__________
[1] الحوادث الجامعة 96، 97، المختار من تاريخ ابن الجزري 193. وانظر
عن التجهيزات لتلقي أم الخليفة في: العسجد المسبوك 2/ 524- 527.
[2] ورد عنوان الخبر فقط في: الحوادث الجامعة 98، دول الإسلام 2/ 148،
المختار من تاريخ ابن الجزري 193، البداية والنهاية 13/ 164، العسجد
المسبوك 2/ 528، السلوك ج 1 ق 2/ 320.
[3] المختار من تاريخ ابن الجزري 193، البداية والنهاية 13/ 164،
العسجد المسبوك 2/ 528.
[4] المختار من تاريخ ابن الجزري 193، السلوك ج 1 ق 2/ 320.
[5] المختصر في أخبار البشر 3/ 173، أخبار الأيوبيين 155، مفرّج الكروب
5/ 341، تاريخ ابن الوردي 2/ 174، شفاء القلوب 376.
(47/14)
سنة ثلاث وأربعين
وستمائة
[منازلة دمشق ومضايقتها]
قِيلَ: فِي أوّلها وصل الصّاحب معين الدّين ابن شيخ الشّيوخ بالجيوش
والخُوارزمية فنازل دمشق وضايقها، وزحفوا عَلَى البلد من نواحيه، فلمّا
كَانَ يوم ثامن المحرَّم بعث الصّالح إِسْمَاعِيل إلى معين الدّين
سجّادة وإبريقا [1] وعُكّازًا وقال: اشتغالك بهذا أَوْلَى. فبعث
إِلَيْهِ المعين بجِنْكٍ [2] وزَمْرٍ وغُلالة حريريّ وقال: ما بعثتَ
بِهِ يصلُحُ لي، وهذا يصلُحُ لك [3] .
ثمّ أصبح فزحف عَلَى دمشق ورموا النّيران فِي قصر حَجّاج، ورموا
بالمجانيق، وكان يوما عظيما. وبعث الصّالح النّفْطيّة فأحرقوا جَوْسَق
[4] العادل والعُقَيْبَة، ونُهِبت بيوت النّاس ورُمُوا عَلَى الطُّرُق
[5] .
ودام الحصار فِي ربيع الأوّل، فخرج الملك المنصور صاحب حمص من عند
الصّالح فاجتمع ببركة خان مقدّم الخَوارزميّة ثمّ عاد [6] .
__________
[1] في الأصل: «إبريق» ، وهو غلط، وكذلك في: المختار من تاريخ ابن
الجزري 197.
[2] الجنك: من آلات الطرب. وهي بكسر الجيم وسكون النون. (Dozy:Supp.Dict.Ar.)
.
[3] نهاية الأرب 29/ 310، الدر المطلوب 354، 355 (حوادث سنة 641 هـ) ،
المختار من تاريخ ابن الجزري 197، البداية والنهاية 13/ 166، السلوك ج
1 ق 2/ 319.
[4] الجوسق: القصر، أو الديوان.
[5] ذيل الروضتين 175، نهاية الأرب 29/ 311، دول الإسلام 2/ 148،
المختار من تاريخ ابن الجزري 198، البداية والنهاية 13/ 166.
[6] نهاية الأرب 29/ 311، المختار من تاريخ ابن الجزري 198.
(47/15)
فلمّا طال الأمر فُتحت دمشق فِي جُمادى
الأولى [1] .
قَالَ سعد الدّين الْجُوَينيّ: كَانَ أمين الدّولة فِي أيّام الحصار
يشتغل بالطّلاسم والسِّحر، عمل خيلا من خشب ووجوهها مقلوبة إلى
أذنابها، ودفنها بظاهر البلد، وعمل ثورا من عقاقير، ووضعه عَلَى منارة
الجامع، ووضع فِيهِ النّار، فلم يُغْنِ شيئا.
قَالَ ابن الجوزيّ [2] : وبعث أمين الدّولة السّامِريّ إلى ابن
الشَّيْخ يطلب منه شيئا من ملبوسه، فبعث إِلَيْهِ بفَرجِيّة وعِمامة
ومنديلٍ فلبسها، وخرج إِلَيْهِ بعد العشاء، وتحدَّث معه ساعة، ثمّ عاد
إلى البلد. ثمّ خرج مرّة أخرى فوقف [3] الحال، وخرج الصّالح وصاحب حمص
إلى بَعْلَبَك وسلّموا البلد، ودخل من الغد معين الدّين ابن الشّيخ
دمشق [4] .
وكان المغيث ابن الصّالح نجم الدّين قد مات بحبس القلعة ودُفِن عند
جدّه بالكامليّة.
وكان معين الدّين حَسَن السّياسة، فلم يمكِّن الخَوارزميّة من دخول
البلد خوفا أن ينهبوها [5] .
ثمّ حضر الوزير السّامريّ تحت الحوطة إلى مصر [6] .
[محاصرة الخوارزمية دمشق]
وأمّا الخَوارزميّة فلم يطَّلعوا عَلَى الصُّلح، فرحلوا إلى داريّا
ونهبوها،
__________
[1] مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 752، 753، أخبار الأيوبيين 155، المختار من
تاريخ ابن الجزري 198، شفاء القلوب 376.
[2] في مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 753.
[3] في المرآة: «فوفق» ، وفي نهاية الأرب 29/ 311 «فوقع الاتفاق» ، وفي
البداية والنهاية 13/ 166 «فاتفق الحال» .
[4] إلى هنا في المرآة 753، نهاية الأرب 29/ 311.
[5] المختصر في أخبار البشر 3/ 174، أخبار الأيوبيين 155.
[6] مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 753، أخبار الأيوبيين 156، البداية والنهاية
13/ 166.
(47/16)
وغضبوا عَلَى ابن الشّيخ ورحلوا عَن دمشق،
وراسلوا الصّالح إِسْمَاعِيل فِي أن يكون معهم، وانتقض الصُّلح، وعادت
الخَوارزميّة تحاصر البلد وبه معين الدّين ابن الشَّيْخ. وجاءهم
إِسْمَاعِيل من بَعْلَبَكّ بعد موت ابن الشَّيْخ وضيَّقوا عَلَى دمشق
[1] . وقلّت بها الأقوات وأكلوا الْجِيَف، وبلغت الغرارة القمح ألفا
[2] وستّمائة درهم [3] ، وأبيعت الأملاك والأمتعة بالهوان، وبلغ الخبز
كلّ وقيتين [4] إلّا ربع بدِرهم، واللّحم رطل بتسعة [5] دراهم. وهلك
النّاس وماتوا جوعا عَلَى الطُّرق، وأنتنت الدّنيا بهم، ووقع المرض
والوباء المُفْرِط. وآل الأمر بأن عجزوا عَن دفْن أكثر النّاس، فكانوا
يحفرون لهم حفائر ويرمون الموتى بها بلا غسل ولا كَفَن. هذا، والخمور
دائرة، والفسق ظاهر، والمكوس بحالها [6] .
فلمّا علم الصّالح نجم الدّين بانقلاب الدَّسْت راسل الملك المنصور
يفسده ويستميله فأجابه [7] .
__________
[1] المختصر في أخبار البشر 3/ 174، تاريخ ابن الوردي 2/ 175، البداية
والنهاية 13/ 166، 167.
[2] في الأصل: «ألف» ، وكذا في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 753، والمختار من
تاريخ ابن الجزري 198، والبداية والنهاية 13/ 167، والمثبت يتفق مع
النجوم الزاهرة 6/ 348.
[3] في الحوادث الجامعة 100 «وبلغت الغرارة الحنطة مائة درهم» ، وفي
نهاية الأرب 29/ 315 «وبلغ سعر القمح- عن كل غرارة- ألف درهم وثمانمائة
درهم ناصرية» . والمثبت يتفق مع (مفرّج الكروب 5/ 353) ودول الإسلام 2/
148، والعبر 5/ 174، ومرآة الجنان 4/ 106، وفي السلوك ج 1 ق 2/ 322
«بلغت الغرارة القمح إلى ألف وثمانمائة درهم فضة» .
[4] في السلوك ج 1 ق 2/ 322 «كل أوقية» .
[5] في البداية والنهاية 13/ 167 «بسبعة» ، وكذلك في السلوك ج 1 ق 2/
322.
[6] مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 753، 754، وانظر: مفرّج الكروب 5/ 353، وذيل
الروضتين 175، وأخبار الأيوبيين 155، والمختصر في أخبار البشر 3/ 174،
والدر المطلوب 258، 259، ودول الإسلام 2/ 148، 149، والعبر 5/ 173،
174، والمختار من تاريخ ابن الجزري 197- 199، وتاريخ ابن الوردي 2/
250، ومرآة الجنان 4/ 105، 106، والبداية والنهاية 13/ 166- 168، ومآثر
الإنافة 2/ 95، وتاريخ ابن خلدون 5/ 358، والسلوك ج 1 ق 2/ 321، 322،
والنجوم الزاهرة 6/ 352، وتاريخ ابن سباط 1/ 334، 335، وتاريخ الأزمنة
223، وشذرات الذهب 5/ 216.
[7] الحوادث الجامعة 100، 101، نهاية الأرب 29/ 312، دول الإسلام 2/
148، المختار من
(47/17)
[وفاة معين الدين
ابن شيخ الشيوخ]
وتُوفّي فِي وسط الأمر معين الدّين ابن شيخ الشيوخ فِي رمضان. وكان قد
نزل بدار سامة [1] . ودخل الشّهاب رشيد فتسلَّم القلعة [2] . وولّى
معين الدّين القضاء صدر الدّين ابن سَنِيّ الدّولة، والولاية جمال
الدّين هارون [3] .
[وفاة سيف الدين ابن قليج]
ووصل سيف الدين بْن قِلِيج من عَجْلُون منفصلا عَن النّاصر، وأوصى
بعَجْلُون وبأمواله للصالح نجم الدّين، ونزل بدار فُلوس فمات [4] .
[رواية أَبِي شامة عَن حصار دمشق]
وقال شهاب الدّين أَبُو شامة [5] : فِي أوّلها اجتمع عَلَى دمشق عسكر
عظيم من المصريّين والخَوارزميّة وغيرهم. وأحرق قصر حجّاج والشّاغور
وجامع جرّاح ونُصِبت المجانيق ورُميَ بها من باب الجابية وباب الصّغير.
ورمي المجانيق أيضا من داخل البلد. وترامى الفريقان، وأمر بتخريب عمارة
العقبة [6] وأحرق حكْر [7] السُّمّاق وغير ذَلِكَ، واشتدّ الغلاء وعظُم
البلاء حتّى أُبيع التّبن كلّ أوقية بقرطاس. ثمّ أحرقت العقيبة.
[رواية سبط ابن الجوزي]
قَالَ أَبُو المظفّر بْن الجوزيّ [8] : فحُكي أنّ رجلا كَانَ لَهُ عشر
بنات أبكار،
__________
[ () ] تاريخ ابن الجزري 199.
[1] يرد في المصادر: «سامة» و «أسامة» .
[2] أخبار الأيوبيين 156، نهاية الأرب 29/ 312.
[3] مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 753 و 754، نهاية الأرب 29/ 312.
[4] مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 753، نهاية الأرب 29/ 312.
[5] في ذيل الروضتين 175.
[6] هكذا في الأصل. وفي ذيل الروضتين: «حارة العقيبة» .
[7] في الأصل: «جكر» ، والتصحيح من ذيل الروضتين 175.
[8] في مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 752.
(47/18)
فقال لهنّ: أخرجن. يعني لمّا احترقت
العُقَيْبة، فقُلْن: واللهِ لا نخرج، الحريق أهون من الفضيحة. فاحترقن
فِي الدّار.
قلت: هذه حكاية مُنْكَرَة، وابن الجوزيّ حاطب ليلٍ وصاحب غرائب.
[رواية ابن حمّويه]
وقال سعد الدّين ابن حَمُّوَيْهِ فِي ذِكر انتقاله من خدمة صاحب
ميّافارقين:
ثمّ خرجنا من حماة فِي أوَّل ربيع الأوّل مَعَ رُسُل حماة، ومعهم مائتا
فارس لخوف الطّريق، فنزلنا سَلَمية وسِرْنا فيها، والخَوارزميّة عَلَى
الطُّرقات يأخذون من كلّ أحدٍ شيئا.
إلى أن قَالَ: ونزلت عند ابن عمّي معين الدّين بالقرب من المصلّى، فخلع
عليّ. ورأيت دمشق وقد قطع العسكر أكثر أشجارها، ونضبت أنهارها، وخربت
أكثر ديارها. وكان الصّالح إِسْمَاعِيل قد خرب أرباضها وأحرقها، وخرّب
عسكر مصر بقيّة العمارة الّتي تليهم بحيث ما بقي بظاهر البلد عمارة
تُسكن. وكان عليها المجانيق منصوبة من باب الجابية إلى باب النّصر.
وفي ربيع الأوّل قفر إلينا ابن صاحب صرخد، فأعطاه ابن عمّي ألف دينار
وخلعة وفرس، وكان فِي أكثر الأيّام يفرّق خمسمائة خلعة وخمسة آلاف
دينار عَلَى المقفرين.
[رواية أَبِي شامة]
قَالَ أَبُو شامة [1] : وفي ثامن جُمادى الأولى زال الحصار وترحّل عَن
البلد سلطانه الملك الصّالح عماد الدّين ورفيقه صاحب حمص إلى
بَعْلَبَكّ وحمص، ودخل من الغد [نائب] [2] صاحب مصر معين الدّين حسن
[3] ابن شيخ الشّيوخ
__________
[1] في ذيل الروضتين 176.
[2] إضافة على الأصل من: ذيل الروضتين.
[3] في ذيل الروضتين: «حسين» .
(47/19)
صدر الدّين فنزل فِي دار سامة [1] ، وهي
الدّار المعظّميّة النّاصريّة.
وعزل محيي الدّين ابن الزّكيّ عَن القضاء وولّى ابنَ سَنِيّ الدّولة
[2] .
[وصول الست خاتون إلى خلاط]
وفيها وَصَلَت إلى خِلاط السّتّ خاتون الكُرْجيّة ابْنَة ملك الكرج [3]
إيواني ومعها منشور من ملك التّتار خاقان بخلاط وأعمالها إطلاقا.
فراسلت الملك شهاب الدّين غازي ابن العادل تَقُولُ: أَنَا كنت زَوْجَة
أخيك الملك الأشرف، فإن تزوَّجت بي فالبلاد لك. فما أجابها [4] .
وكان جلال الدّين خُوارزم شاه قد أخذها لمّا تملَّك خِلاط فغاب خبرها
هذه المدّة. وكانت قبل الأشرف عند الملك الأوحد أخيه [5] .
[خوف الملك المعظّم من أَبِيهِ]
وفيها بعث الملك الصّالح صاحب مصر الأمير حسام الدّين بهرام ليحضر ولده
الملك المعظّم توران شاه من حصن كيفا. فبعث إِلَيْهِ [6] الملك المظفّر
شهاب الدّين غازي الخيل والمماليك، وكذلك فعل صاحب ماردين. فخاف
المعظّم ولم يُجِب أَبَاهُ [7] .
قَالَ أَبُو المظفّر [8] : فحكى لي الأمير حسام الدّين بْن أَبِي عليّ
أنّ الصّالح كَانَ يكره مجيء ابنه إِلَيْهِ، وكنّا إذا قُلْنَا لَهُ:
أَرسِلْ أَحضِرْه يغضب ويقبض [9] يده ويقول: أجيبه [10] أقتله وكان
القضاء موكّلا بالمنطق.
__________
[1] نهاية الأرب 29/ 312 «أسامة» .
[2] نهاية الأرب 29/ 312، البداية والنهاية 13/ 166.
[3] انظر عنها في: تاريخ مختصر الدول لابن العبري 255.
[4] نهاية الأرب 29/ 317، المختار من تاريخ ابن الجزري 199.
[5] مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 754، المختار من تاريخ ابن الجزري 199.
[6] في الأصل: «إليها» .
[7] المختار من تاريخ ابن الجزري 199، مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 754.
[8] في مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 755.
[9] في المرآة: «ينفض» .
[10] هكذا، وهو لفظ عامّيّ، معنا: أجيء به.
(47/20)
[الإفراج عَن ابن شيخ الشيوخ]
وفيها أخرج الصّالح نجم الدّين فخَر الدّين ابنَ شيخ الشيوخ من السّجن
بعد أن حبسه ثلاث سنين ولاقى شدائد وضرّ [1] ، حتّى كَانَ لا ينام من
القمل [2] .
[توجيه الخليفة الخِلَع إلى مصر]
وفيها وجّه أمير المؤمنين مَعَ جمال الدّين عَبْد الرَّحْمَن ابن
الصّاحب محيي الدّين ابن الجوزيّ خلعة السّلطنة إلى الملك الصّالح نجم
الدّين أيّوب. وهي عمامة سوداء، وفَرَجِيّة مذهّبة، وثوبان ذهب، وسيفان
بحلْية ذَهَب، وعَلَمان [3] ، وطَوق ذَهَب، وحصان بعدّةٍ فاخرة، وترْس
ذَهَب، فلبس السّلطان الخِلْعةَ بمصر [4] .
ووجّهوا أيضا خلعة الصّاحب معين الدّين، وهي ثوب واسع مذهّب، وعمامة،
وسيف، وفَرَس بعدّته، فأعطاها السّلطان للأمير فخر الدّين لبسها
لِمَوْت معين الدّين [5] ، وخلعة وفرسا للملك المعظّم ولد السّلطان،
وخِلعًا لأصحابه.
[كسرة التتار عند بعقوبا]
وفيها وصلت التّتار إلى بعقوبا فعاثوا وأفسدوا، فخرج من بغداد
الدّوادار
__________
[1] هكذا في الأصل والمختار من تاريخ ابن الجزري 200 والصواب: «ضرّا» .
[2] مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 755، أخبار الأيوبيين 156 ووقع فيه «فخر
الدين بن السيخ» بالسين المهملة، وهو تصحيف، المختار من تاريخ ابن
الجزري 200.
[3] في المرآة: «وسنان محلّاة وغلامان» ، وفي نهاية الأرب 29/ 315
«وقلمين» ، وفي دول الإسلام 2/ 149 «غلمان» ، والمثبت يتفق مع: المختار
من تاريخ ابن الجزري 200، والسلوك ج 1 ق 2/ 319.
[4] مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 755، أخبار الأيوبيين 156، نهاية الأرب 29/
315 مفرّج الكروب 5/ 351 و 352، دول الإسلام 2/ 149، الدر المطلوب 356،
المختار من تاريخ ابن الجزري 200، السلوك ج 1 ق 2/ 319 و 323، شفاء
القلوب 377.
[5] نهاية الأرب 29/ 316، مفرّج الكروب 5/ 352.
(47/21)
الصّغير فِي عسكر بغداد فالتقاهم فِي ربيع
الآخر فكسرهم وردّ ومعه الأسرى [1] .
[رواية أَبِي شامة عَن الأسعار بدمشق]
وقال أَبُو شامة [2] : فِي ثامن عشر شوّال بَلَغَتِ الغرارة ستمائة
درهم وذلك فِي تاسع آذار بدمشق. وفي آخر شوّال بلغت الغرارة القمح مائة
دينار صُوَرِيّة. وفي عاشر [3] ذي القعدة تفاقم الأمر وبِيع الخبز
الأسود أوقيّتان بدرهم، وخبز الشّعير أوقيّتان ونصف [بدرهم] [4] .
وفي ثاني عشر ذي القعدة بلغت الغِرارة ألفا [5] ومائتي درهم كامليّة
[6] ، والزّبيب كلّ أوقيّتين بدرهم، والباقلاء الأخضر رِطْل بدرهم
ورُبع.
ويوم عيد النّحر بِيع رطل الخبز بسبعة دراهم. ثمّ نزلت الأسعار.
وفي آخر السّنة نزل إلى رطل بدرهمين، وبعد شهر رخص واشْتُرِيَ رطل وثلث
بدرهم [7] .
__________
[1] المختصر في أخبار البشر 3/ 174، الحوادث الجامعة 100، نهاية الأرب
23/ 323 و 27/ 348، مفرّج الكروب 5/ 354، 355، تاريخ مختصر الدول 255
(حوادث سنة 642 هـ.) ، تاريخ الزمان 189، الدر المطلوب 362 (حوادث 645
هـ.) ، دول الإسلام 2/ 149، المختار من تاريخ ابن الجزري 200، تاريخ
ابن الوردي 2/ 175، البداية والنهاية 13/ 168، العسجد المسبوك 2/ 535،
تاريخ ابن سباط 1/ 335، تاريخ الخميس 2/ 415.
[2] في ذيل الروضتين 178 وفيه تطويل عمّا هنا.
[3] في ذيل الروضتين: «في حادي عشر» .
[4] إضافة من ذيل الروضتين، ودول الإسلام 2/ 149.
[5] في الأصل: «ألف» .
[6] العبارة في ذيل الروضتين: «ألفا ومائتي درهم وخمسين درهما فضة
ناصرية» ، وفي أخبار الأيوبيين 156 «وبلغ سعر القمح ألف وستمائة درهم
ناصرية الغرارة» .
[7] دول الإسلام 2/ 149، وانظر عن الغلاء في: العسجد المسبوك 2/ 535،
536.
(47/22)
سنة أربع وأربعين
وستمائة
[انكسار الخوارزمية]
فِي أوّلها كانت كسرة الخَوارزميّة بين حمص وبَعْلَبَكّ، وذلك أنّ
الخَوارزميّة اجتمعوا عَلَى بحيرة حمص، وكتب صاحب مصر فاستمال الملك
المنصور إِبْرَاهِيم، وكاتب الحلبيّين بأنّ هَؤُلاءِ الخَوارزميّة قد
أخربوا الشّام والمصلحة أن نتّفق عليهم، فأجابوه. وسار شهاب الدّين
لؤلؤ بجيش حلب، وجمع صاحب حمص إِبْرَاهِيم التُّركُمان والعرب، وسار
إليهم عسكر السّلطان الّذين بدمشق، فاجتمعوا كلّهم عَلَى حمص.
واتّفق الخَوارزميّة والملك الصّالح إِسْمَاعِيل، والنّاصر دَاوُد [1]
، وعز الدّين أيبك المعظَّميّ [2] ، واجتمعوا عَلَى مَرْج الصُّفَّر
[3] . فأشار بَرَكَة خان بالمسير لقصدهم فسَاروا، فكان المصافّ عَلَى
بُحيرة حمص فِي المحرَّم، فكانت الدّائرة عَلَى حزب إِسْمَاعِيل،
وقُتِل رأس الخَوارزميّة بركة [4] خان، وانهزم إِسْمَاعِيل وصاحب
صَرْخَد والْجُنْد عرايا جياعا ونُهِبت أموالهم، ووصلوا إلى حوران [5]
فِي أنحس تقويم. فسَاق صاحب حمص إلى بَعْلَبَكّ فأخذ البلد وسلّمه إلى
أمير [6] ،
__________
[1] صاحب الكرك.
[2] صاحب صرخد.
[3] قرب دمشق.
[4] في البداية والنهاية 13/ 167 «بركات» .
[5] في الأصل «حلوان» وهو وهم، والمثبت هو الصحيح، كما في نهاية الأرب
29/ 320، ودول الإسلام 2/ 150، والدر المطلوب 358، والمختار من تاريخ
ابن الجزري 202.
[6] هو الأمير ناصر الدين القيمري، كما في نهاية الأرب 29/ 320، والدر
المطلوب 358، والمختار من تاريخ ابن الجزري 202 وفيه «وأخذ الربض» ،
تاريخ ابن الوردي 2/ 177،
(47/23)
وسار الحلبيّون ومعهم رأس بركة خان، فنُصِب
عَلَى باب حلب [1] . وقدِم صاحب حمص دمشقَ ونزل ببستان سامة، وذهبت
طائفة كبيرة من الخَوارزميّة إلى البلقاء، فنزل إليهم النّاصر من
الكَرَك وصاهَرَهُم واستخدمهم، وأطلع حريمهم إلى الصَّلْت [2] ، وكذا
فعل عزّ الدّين صاحب صَرْخَد، وساروا فاستولوا عَلَى نابلس [3] .
ومرض صاحب حمص بالنَّيرْب ومات وحُمِل إلى حمص [4] .
وحضر [نائب] [5] صاحب مصر الصّاحب الأمير فخر الدّين ابن الشّيخ إلى
الشّام بعسكر فقدِم غزّة، فعاد من كَانَ بنابلس من الخَوارزميّة إلى
الصَّلْت، فقصدهم فخر الدّين فكسرهم وفَرقهم. وكان النّاصر معهم ففرَّ
إلى الكَرَك وتبِعَتْه الخَوارزميّة فلم يمكّنهم من دخول الكَرَك [6] .
وأحرق ابن شيخ الشّيوخ الصّلت، وهي للنّاصر. ثمّ ساق فنازل الكَرَك [7]
.
وتحصّن عزّ الدين بصرْخد. وكان يوم الوقعة المذكورة في ربيع الآخر [8]
.
__________
[ () ] البداية والنهاية 13/ 167.
[1] ذيل الروضتين 178، المختصر في أخبار البشر 3/ 175، أخبار الأيوبيين
156، مفرّج الكروب 5/ 359، مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 760، نهاية الأرب 29/
320، أخبار الأيوبيين 156، الدر المطلوب 359، العبر 5/ 181، 182، دول
الإسلام 2/ 150، المختار من تاريخ ابن الجزري 201، 202، تاريخ ابن
الوردي 2/ 176، مرآة الجنان 4/ 111، 112، البداية والنهاية 13/ 171،
تاريخ ابن خلدون 5/ 358، السلوك ج 1 ق 2/ 324، 325، النجوم الزاهرة 6/
356، 357، تاريخ ابن سباط 1/ 336، تاريخ الأزمنة 225.
[2] الصّلت: مدينة بين البلقاء وعجلون. وهي في الأردن، وتكتب أيضا:
السّلط.
[3] نهاية الأرب 29/ 321، المختار من تاريخ ابن الجزري 202، البداية
والنهاية 13/ 168، السلوك ج 1 ق 2/ 324.
[4] ذيل الروضتين 178، 179، تاريخ ابن سباط 1/ 337 وفيه مصادر ترجمة
«المنصور» صاحب حمص، دول الإسلام 2/ 150، الدر المطلوب 359، المختار من
تاريخ ابن الجزري 202، البداية والنهاية 13/ 167. مآثر الإنافة 2/ 97.
[5] إضافة على الأصل ليصحّ الخبر. وفي: المختار من تاريخ ابن الجزري
202 «وجهز الصالح» .
[6] الدر المطلوب 359، المختار من تاريخ ابن الجزري 202.
[7] المختصر في أخبار البشر 3/ 175، مفرّج الكروب 5/ 364، الدر المطلوب
359، شفاء القلوب 351.
[8] نهاية الأرب 29/ 321، الدر المطلوب 359، المختار من تاريخ ابن
الجزري 202.
(47/24)
وقيل إنّ النّاصر كتب إلى فخر الدّين وهو
مُنازِله:
غدوتُ [1] عَلَى قيسٍ لخفْر جِواره ... لأمنعَ عِرْضي إنّ عِرْضي
ممنَّع [2]
[تسلّم حسام الدين بعلبكّ]
وكان الأمير حسام الدّين بْن أَبِي عليّ بدمشق فسار إلى بَعْلَبَكّ
وتسلَّم قلعتها باتّفاقٍ من السّاماني [3] مملوك الصّالح إِسْمَاعِيل،
وكان واليها، وبعث عيال إِسْمَاعِيل إلى مصر [4] .
[تسلُّم بُصرى]
وتسلَّم نوّاب الصّالح نجم الدّين بُصْرَى، وكان بِهَا الشّهاب غازي،
فأعطوه حَرَسْتا [5] القنطرة بالمَرْج [6] .
[التجاء الصالح إِسْمَاعِيل إلى حلب]
وفي ربيع الآخر وصل الصّالح إِسْمَاعِيل بطائفةٍ من الخَوارزميّة
أميرهم كشلوخان إلى حلب، ولم يبق للصّالح مكانٌ يلجأ إِلَيْهِ، فتلقّاه
صاحب حلب النّاصر يوسف [7] فأنزله فِي دار جمال الدّين [8] الخادم،
وقبض على كشلوخان
__________
[1] في مرآة الزمان: «صدور» .
[2] مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 760، 761، المختار من تاريخ ابن الجزري 203
وفيه «ممتنع» .
[3] في مرآة الزمان: «الشاماتي» ، والمثبت يتفق مع: نهاية الأرب 29/
322، والمختار من تاريخ ابن الجزري 203.
[4] مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 761، المختصر في أخبار البشر 3/ 175، أخبار
الأيوبيين 156، نهاية الأرب 29/ 322، مفرّج الكروب 5/ 361، 362، الدر
المطلوب 359، المختار من تاريخ ابن الجزري 203، تاريخ ابن الوردي 2/
177، السلوك ج 1 ق 2/ 324، شفاء القلوب 377.
[5] في مرآة الزمان: «حرستان» وهو تصحيف.
[6] مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 761، أخبار الأيوبيين 157، نهاية الأرب 29/
322، المختار من تاريخ ابن الجزري 203.
[7] أخبار الأيوبيين 156، 157.
[8] في نهاية الأرب 29/ 322 «جمال الدولة» ، وكذلك في: المختار من
تاريخ ابن الجزري 203.
(47/25)
والخَوارزميّة وملأ بهم الحبوس [1] .
وقال الأمير شمس الدّين لؤلؤ أتابَك حلب للصّالح: أَبصِرْ عواقبَ
الظُّلْم كيف صارت [2] .
[دخول الصالح نجم الدين دمشق]
وفي ذي القعدة قدِم السلطان الملك الصّالح نجم الدّين دمشق فدخل يوم
تاسع عشرة وكان يوما مشهودا [3] بكثرة الخلائق والزّينة، وأحسن إلى
النّاس.
وأقام نصف شهر، ورحل إلى بَعْلَبَكّ فكشفها [4] ، ثمّ رجع ومضى نحو
صَرْخد فتسلّمها من عزّ الدّين أيبك [5] بعد أن نزل إلى خدمته برأي ابن
العميد، فدخلها الصّالح. ثمّ مضى إلى بُصْرى. وقدِم عزّ الدّين أيبك
دمشقَ وكُتِب لَهُ منشورٌ بقرقيسياء، والمِجْدَل، وضياعٍ فِي الخابور،
فلم يحصل لَهُ من ذَلِكَ شيء [6] .
[الأمر بعمارة سور القدس]
وتوجّه السّلطان إلى مصر، وتصدّق فِي القُدس بألفي دينار، وأمر بعمارة
سُورها وقال: اصرفوا [7] دخل البلد في عمارة السّور [8] .
__________
[1] نهاية الأرب 29/ 322، دول الإسلام 2/ 150، الدر المطلوب 360،
المختار من تاريخ ابن الجزري 203.
[2] مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 762، المختار من تاريخ ابن الجزري 203.
[3] في الأصل: «مشهورا» بالراء، وهو خطأ.
[4] المختصر في أخبار البشر 3/ 176، أخبار الأيوبيين 158، نهاية الأرب
29/ 323، مفرّج الكروب 5/ 373، الدر المطلوب 359 و 360، دول الإسلام 2/
150، العبر 5/ 182، المختار من تاريخ ابن الجزري 201، تاريخ ابن الوردي
2/ 177، البداية والنهاية 13/ 171، مرآة الجنان 4/ 112، السلوك ج 1 ق
2/ 326، تاريخ ابن سباط 1/ 338.
[5] ذيل الروضتين 179، أخبار الأيوبيين 158، نهاية الأرب 29/ 324،
مفرّج الكروب 5/ 363.
[6] مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 763، أخبار الأيوبيين 158، نهاية الأرب 29/
324، دول الإسلام 2/ 150، الدر المطلوب 360 و 371، المختار من تاريخ
ابن الجزري 203، 204.
[7] في المطبوع من: المختار من تاريخ ابن الجزري 204 «احترموا» .
[8] مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 763، 764، نهاية الأرب 29/ 324، دول الإسلام
2/ 150، الدر المطلوب 360، المختار من تاريخ ابن الجزري 204، العبر 5/
182، مرآة الجنان 5/ 112، البداية والنهاية 13/ 171، السلوك ج 1 ق 2/
327.
(47/26)
[تحريض البابا عَلَى قتل الإمبراطور]
وفيها وصلت الأخبار أنّ البابا طاغوت النَّصرانيّة غضب عَلَى الأنبرورَ
[1] وعامل خواصَّه الملازمين لَهُ عَلَى قتْله، وكانوا ثلاثة. وقال
لهم: قد خرج الأنبرور [2] عَن دين النّصرانية ومال إلى المسلمين
فاقتلوه وخُذوا بلاده لكم.
وأعطى أحدهم صَقَلّية، والآخر بغفاته، والآخر بوليه. وهذه الثلاثة
مملكة الأنبرور، فكتب مناصحوا الأنبرور إِلَيْهِ بذلك، فعمد إلى مملوكٍ
لَهُ فجعله عَلَى سرير المُلْك مكانه وأظهر أنّه هُوَ وأنّه قد شرب
شربة، فجاء الثّلاثة يعودونه والأنبرور فِي مجلس ومعه مائة بالسّلاح.
فأمّا الثلاثة فإنّهم رأوا قتل الأنبرور فرصة لكونه ضعيفا من الدّواء
فحطّوا عَلَيْهِ، وهو مُغَطّى الوجه، بالسّكاكين فقتلوا الغلام، فخرج
عليهم المائة فقبضوا عليهم، وذبحهم الأنبرور بيده وسَلَخَهم [3] ،
فلمّا بلغ البابا بعث إلى قتاله جيشا، والخُلف بينهم واقع [4] .
[تسلّم نجم الدين قلعة الصبيبة وحصن الصلت]
وفيها تسلَّم السّلطان نجم الدّين أيّوب [5] قلعة الصُّبَيْبة من ابن
عمّه الملك السّعيد بْن الملك العزيز [6] ، ثمّ أخذ حصن الصّلت من
النّاصر [7] .
__________
[1] في الأصل: «الأنبروز» بالزاي. وهو الإمبراطور فردريك الثاني
إمبراطور الدولة الرومانية.
قال ابن أيبك الدواداريّ إنه كان مناصحا لسلطان مصر، وقد حذّره من ريد
فرانس حين قدم لأخذ دمياط. انظر: الدر المطلوب 365، 366، والتصحيح من:
المختار من تاريخ ابن الجزري 204.
وتصحف في: البداية والنهاية 13/ 171 إلى: «الأبدور» .
[2] في المرآة: «وحشا جلودهم تبنا» .
[3] مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 762، 763، المختار من تاريخ ابن الجزري 204،
البداية والنهاية 13/ 171.
[4] في المطبوع من: المختار من تاريخ ابن الجزري 204 «نجم الدين حسن» ،
وهو وهم.
[5] الصّبيبة: من عمل دمشق ويقع بجوار مدينة نابلس. (نخبة الدهر في
عجاب البر والبحر 200) وقد تحرّفت في مرآة الجنان 4/ 112 إلى:
«الصينية» .
[6] سيعاد هذا الخبر في السنة التالية.
[7] ذيل الروضتين 179، نهاية الأرب 29/ 325، مفرّج الكروب 5/ 364، دول
الإسلام
(47/27)
[التوقيع لابن حَمُّوَيْهِ بمشيخة خوانق
دمشق]
وفيها كتب توقيع لشرف الدّين عَبْد اللَّه ابن شيخ الشّيوخ بْن
حَمُّوَيْهِ بمَشْيَخة خوانق دمشق مَعَ الولاية عليها والنّظر فِي
وقوفها كوالده.
[التوقيع لابن أَبِي عصرون بتدريس الشافعية]
وكتب توقيع للشّيخ تاج الدّين بْن أَبِي عَصْرُون بتدريس الشّافعيّة،
فدرّس بِهَا دهرا طويلا، فتوجّه المذكوران إلى دمشق.
[استخدام الرجال بغزّة]
وبعث السّلطان خمسة عشر ألف دينار إلى الأمير فخر الدّين ابن الشَّيْخ
إلى غزّة ليستخدم بِهَا رجاله.
[كسرة الملك والمظفّر صاحب ميّافارقين]
وفي ربيع الأوّل، قَالَ سعد الدّين الْجُوَينيّ: جاء الخبر أنّ المعظّم
صاحب حصن كيفا جاءته نجدة الموصل وماردين [1] ، فضرب مصافّا مَعَ الملك
المظفّر صاحب مَيّافارِقين فكسره، وشحن عَلَى أكثر بلاده.
[بناء السانح وتسميته بالصالحية]
قَالَ: وسافرت إلى مصر فسرت من الغرابيّ إلى القصير، ثُمَّ سَرَيْت
فجئت إلى السّانح [2] ، نزلت بِهِ، وقد بنى بِهِ السّلطان نجم الدّين
دُورًا وبستانا وقرية بها جامع وفنادق، وسمّيت الصّالحية [3] .
__________
[2] / 150، المختار من تاريخ ابن الجزري 204، النجوم الزاهرة 6/ 356.
[1] في الأصل: «مادرين» وهو تحريف.
[2] في الأصل: «السايح» ، وفي المختصر لأبي الفداء 3/ 183 «السابح» ،
والمثبت عن: مفرّج الكروب 5/ 379، وخطط المقريزي 1/ 184 و 227، والسلوك
ج 1 ق 2/ 330، وفي شفاء القلوب 381 «السائح» .
[3] المختصر في أخبار البشر 3/ 180، مفرّج الكروب 5/ 379 (حوادث سنة
645 هـ.) نشق
(47/28)
قلت: وقبل ذَلِكَ إنّما كَانَ هذا المكان
يُعرف بالسّانح.
[القبض عَلَى ابن موسك]
وقبض النّاصر فِي الكَرَك عَلَى الأمير عماد الدّين ابن موسُك [1] وأخذ
أمواله [2] .
[ختن ولدي المستعصم باللَّه وأخيه]
وفيها ختن المستعصم باللَّه ولديه أَحْمَد وَعَبْد الرَّحْمَن [3] ،
وأخاه عليّا، فذكر ابن السّاعي أنّه أخرج عَلَى الخِتان نحوا من مائة
ألف دينار، فمن ذلك ألف وخمسمائة [رأس] شِواء [4] .
[اجتماع رُسُل التتار بالعلقميّ]
وفيها قدِم رسولان من التّتار، أحدهما من بركة، والآخر من باجو،
فاجتمعا بالوزير مؤيّد الدّين بْن العلقميّ، وتغمّت عَلَى النّاس بواطن
الأمور [5] .
[وفاة المنصور صاحب حمص]
وفيها تُوفّي المنصور صاحب حمص، وتملّك بعده ابنه الملك الأشرف موسى
[6] .
__________
[ () ] الأزهار في عجاب الأقطار، لابن إياس- مخطوط بدار الكتب المصرية
رقم 1606 ط- ورقة 76 ب. (المطبوع 150) .
[1] في: المختصر في أخبار البشر 3/ 176 «موشك» بالشين المعجمة.
[2] مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 763، نهاية الأرب 29/ 325، المختار من تاريخ
ابن الجزري 205، البداية والنهاية 13/ 172.
[3] في المطبوع من: المختار من تاريخ ابن الجزري 205 «عبد الرحيم» .
والمثبت يتفق مع: مختصر التاريخ لابن الكازروني 275، والبداية والنهاية
13/ 172.
[4] دول الإسلام 2/ 150، المختار من تاريخ ابن الجزري 205، والإضافة
منه.
[5] المختار من تاريخ ابن الجزري 205.
[6] مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 764، المختصر في أخبار البشر 3/ 176، أخبار
الأيوبيين 157،
(47/29)
[عودة الحياة إلى
الشام بهلاك الخوارزمية]
وعاش أهل الشّام بهلاك الخَوارزميّة، وكانوا كالتّتر فِي الغدر والمكر
والقتْل والنَّهب [1] .
[أخذ الفرنج شاطبة]
وفيها أخذت الفرنج شاطبة صُلْحًا، ثُم أجْلوا أهلها بعد سنة عنها [2] .
__________
[ () ] المختار من تاريخ ابن الجزري 205، تاريخ ابن الوردي 2/ 177،
مرآة الجنان 4/ 112، البداية والنهاية 13/ 172، السلوك ج 1 ق 2/ 325،
مآثر الإنافة 2/ 97، النجوم الزاهرة 6/ 356.
[1] الدر المطلوب 360، المختار من تاريخ ابن الجزري 205.
[2] دول الإسلام 2/ 151، النجوم الزاهرة 6/ 356.
(47/30)
سنة خمس وأربعين
وستمائة
[فتح طبريّة وعسقلان]
فِي أوّلها وجّه السّلطان إلى مصر جريدة وأبقى جيوشه بالشّام، فحاصروا
بلاد الفرنج عسقلان وطبريّة. ففُتحت طبرية فِي صَفَر، وفُتحت عسقلان
فِي جُمادى الآخرة [1] .
[العزل والولاية بخطابة دمشق]
وفي رجب عُزِل خطيب البلد عماد الدّين دَاوُد الآباريّ، مِن الخطابة
ومِن الغزاليّة ووليهما القاضي عماد الدّين عَبْد الكريم بْن
الحَرَسْتانيّ [2] .
[ارتفاع شأن ابن الشَّيْخ بفتح طبرية وعسقلان]
قَالَ أَبُو المظفّر [3] : نازل فخر الدّين ابن الشَّيْخ طبريّة
فافتتحها، ثمّ حاصر عسقلان وقاتل عليها قتالا عظيما وأخذها فِي جُمادى
الآخرة.
قلت: وانفرد بفتح هذين البلدين وعظُم شأنه عند السّلطان، ولم يُبْقِ
لَهُ نظيرا فِي الأمراء.
__________
[1] سيعاد هذا الخبر مفصّلا بعد قليل، وهو في: ذيل الروضتين 180،
والمختصر في أخبار البشر 3/ 176، وأخبار الأيوبيين 158، نهاية الأرب
29/ 325، 326، مفرّج الكروب 5/ 378، دول الإسلام 2/ 151، المختار من
تاريخ ابن الجزري 208، العبر 5/ 185، تاريخ ابن الوردي 2/ 178، مرآة
الجنان 4/ 112، عيون التواريخ 20/ 11، البداية والنهاية 13/ 173،
السلوك ج 1 ق 2/ 328، النجوم الزاهرة 6/ 358، الإعلام والتبيين 54.
[2] ذيل الروضتين 180، عيون التواريخ 20/ 11، 12، البداية والنهاية 13/
173، النجوم الزاهرة 6/ 358.
[3] في مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 766.
(47/31)
[أخْذ قلعة الصُّبَيْبة من السعيد]
قَالَ سعد الدّين بْن حَمُّوَيْهِ: فِي المحرَّم أخذ السّلطان من
السّعيد بْن العزيز قلعة الصُّبَيْبة، وأُعطيَ خبز مائةٍ وخمسين بمصر
ومائة ألف درهم، وقيسارية جركس، وخمسمائة تفصيلة [1] .
[نفي السلطان مملوكه البُنْدقدار]
وفيه نفى السلطان مملوكه البُنْدُقْدار وأضاف أجناده إلى الحلقة لكونه
صعِد قلعة عجلون بلا أمر.
قلت: وفي هذه المرّة أخذ السّلطان من مماليك البُنْدُقدار بيبرس وصار
من أعيان مماليكه، وآل أمره إلى سلطنة البلاد.
[زيارة السلطان نجم الدين للقدس]
قَالَ: وزار السّلطان القدس وأمر أن يُذْرَع سُورُه، فجاء ستّة آلاف
ذراع، فأمر أن يُصرف دَخْلُ القدس فِي عمارة سُوره، وتصدَّق بألفي
دينار فِي الحَرَم، وزار الخليل عَلَيْهِ السّلام [2] .
[فتح طبرية]
وكان الأمير فخر الدّين نازلا [3] عَلَى طبريّة فنصب عليها المجانيق،
فخرجوا فِي بعض اللّيالي فقتلوا الأمير سابق الدّين الْجَزَريّ، وقتلوا
سبعة معه، وركِبنا فِي المراكب فِي البُحَيرة لقطع المِيرة عَن طبريّة،
فجاءت مراكبهم وقاتلونا ساعة، ثمّ زحفنا على القلعة من كلّ مكان، وجرح
جماعة.
قَالَ: ووقعت البدنة الّتي علّقناها من الباشورة، فزحفنا كلّنا، وهجم
__________
[1] مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 766، العبر 5/ 185، السلوك ج 1 ق 2/ 328،
الإعلام والتبيين 55.
[2] الدر المطلوب 360 وقد تقدّم هذا الخبر، وانظر: البداية والنهاية
13/ 173.
[3] في الأصل: «نازل» .
(47/32)
المسلمون الثّغرة، وجاء الفرنج بأسرهم
إليها ورموا بالحجارة، وقتلوا خلقا كثيرا، وصبر النّاس، وكلّما تعِب
قومٌ خرجوا وجاء غيرهم إلى أن تعبت الفرنج فطلبوا الأمان، فأمّنهم
الأمير عَلَى أن يكونوا أسرى. فنزلوا عَلَى ذَلِكَ، فكانوا مائتين
وستّين أسيرا. وأخذ الأمراء خِفيةً نحو خمسين أسيرا، وغنم النّاس
طبريّة بما فيها. ووجدنا منهم فِي القلعة قتلى كثيرة وجرحى، وكان يوما
مشهودا.
وأُخربت القلعة وقُسّمت عَلَى العسكر.
[فتح عسقلان]
ثمّ رحلنا بآلات الحصار جميعها إلى عسقلان، وقد نزل عليها قبلنا الأمير
شهاب الدّين بْن الغَرْز، فأحاطت بِهَا العساكر، ومراكب الفرنج
وشوانيهم تحتها، ومراكبنا مُرْسية عَلَى السّاحل، وهي قلعةٌ مليحة ستّة
عشر برجا، نصفها فِي البحر، فنزلنا ورمينا بالمجانيق. وجاءت مراكبهم
إلى مراكبنا فاقتتلوا، وكانت ساعة مشهودة.
ثمّ هاج البحر واغتلم، واصطدم موجه فكسر شوانينا وطحنها عَلَى السّاحل،
وهي خمسة وعشرون. وسلمت شواني الفرنج لأنّهم كانوا مرسيّين في وسط
البحر، فأخذنا خشب الشَّواني عملناه ستائر للزَّحْف. وكمل لنا أربع
عشرة منجنيقا ترمي عَلَى القلعة، ومناجيقهم لا تَبْطُل ساعة، وأحرقوا
ستائر منجنيقين رموها ... [1] محميّة، وكسروا لنا منجنيقين، وخرّبوا
وقتلوا جماعة.
وبعد أيّامٍ شرعنا فِي طمّ الخندق من الثُّقُب، وجاءهم اثنا عشر مركبا
نجدة. وكان المدد يأتيهم ويأتينا أيضا.
وخرجوا غير مرّة وقاتلوا، فزحفنا فِي عاشر جُمادى الأولى عليها من كلّ
جهة، وقاتل المسلمون قتالا عظيما وملكوا الباشورة، وقُتِل نحو ستّين
نفسا، وجُرح خلق. وثبنا عَلَى خنادق القلعة وأخذنا ثُقوبًا في برج
وبدنة.
__________
[1] في الأصل بياض مقدار كلمة، لعلّها «بقدور» .
(47/33)
ثُمَّ بعد يومين زحفنا عليهم. ثُمَّ أخذوا
الثّقوب منّا وهرب أصحابنا منها، ثُمَّ من الغد استعدْناها منهم.
وفي سادس عشر الشّهر أحرقنا البرج فنقبوه من عندهم وأطفئوا النّار.
ثُمَّ تقوّر البرج من الغد، ووقع عَلَى اثني عشر فارسا منهم، فأخرجهم
أصحابنا وغنموا سَلْبهم.
ثُمَّ جاءتهم سبْعُ مراكب كبار.
قَالَ: وحجر المنجنيق المغربيّ الّذي لنا وزنه قنطار ورُبع بالشّاميّ.
وطال [1] الحصار وقفز غير واحد، وقفز فارسان من الفرنج فخلع عليهما فخر
الدّين. وذكروا أنّ الخُلْف وقع بين الإسبتار والغرب. وانسلخت الباشورة
فمات تحتها ثمانية أنفس.
وليلة الخميس ثاني وعشرين جُمادى الآخرة طلع أصحابنا من البرج المنقوب
وملكوه وصاحوا، فضربنا الكوسات فِي اللّيل، وعَلَت الصَّيْحات، وتكاثر
النّاس، فاندهش الفرنج وخُذلِوا، وهربوا إلى المراكب وإلى الأبراج
واحتموا بِهَا. ودخل المسلمون القلعة فِي اللّيل وبذلوا السّيف، وربّما
قتل بعضهم بعضا لكثرة العالم وظُلْمة اللّيل وللكسْب. ولم يزالوا
ينقلون ذخائرها وأسلحتها طوال اللّيل. ودخلها من الغد الأمير فخر
الدّين، وأعطى مَن فِي الأبراج أمانا عَلَى أنفسهم دون أموالهم. وكان
فيهم ثلاثة أمراء معتبرين، وكانت الأسرى مائتين وستّين أسيرا، ووجدنا
غرقى وأيدي مقطّعة فِي البحر وسببه تعلّقهم بالمراكب للهرب، فيخاف
الآخرون لا تغرق المراكب، فيضربون بالسّيوف عَلَى أيديهم يقطعونها.
ثُمَّ شرعنا فِي خراب القلعة، ورحلنا وقد تركناها مأوى للبوم
والغِرْبان، ومساكن الأراوي والغزلان، فسبحان الباقي الدّيّان.
__________
[1] في الأصل: «وطار» .
(47/34)
[أخذ السلطان قلعة
شميمس]
وفيها أخذ السّلطان قلعة شُمَيْمس [1] من الأشرف صاحب حمص، فحصّنها
وبعث إليها الخزائن [2] .
[أخذ حمص من قِبَل عسكر حلب]
وفيها جاء عسكر حلب فنازلوا حمص وحاصروها مدّة، وأخذوها فِي سنة ستّ
[3] .
[إقامة جماعة من العلماء بمصر]
وفيها جاءت تذكرة بأن يُحمل إلى مصر القاضي محيي الدّين ابن الزّكيّ،
وابن العماد الكاتب، وابن الحصيريّ [4] ، وبنو [5] صَصرى الأربعة،
والشَّرَف بْن المعتمد [6] ، وجماعة [7] لأنّهم كانوا من أصحاب الصّالح
إِسْمَاعِيل، فلمّا وصلوا مصر أقاموا بحسب اختيارهم، فبقوا بِهَا إلى
بعد موت الصّالح نجم الدّين [8] .
__________
[1] هكذا في الأصل ونهاية الأرب 29/ 326، وهي في مرآة الزمان ج 8 ق 2/
766 «سمين» ، وفي المختصر لأبي الفداء «شميميس» ، وفي مفرّج الكروب 5/
337 «شميميش» اعتمادا على:
زبدة الحلب 3/ 234، وكذا في السلوك ج 1 ق 3/ 446، وشفاء القلوب 412،
وفي المختار من تاريخ ابن الجزري 208 «شمس» ، وفي تاريخ ابن الوردي 2/
178 «سميميس» ، وفي عيون التواريخ 20/ 11 «شميس» ، وفي عقد الجمان (11)
33 «شميس» . وهي في سلمية من أعمال حمص.
[2] مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 766، المختصر في أخبار البشر 3/ 176 و 183،
نهاية الأرب 29/ 326، مفرّج الكروب 5/ 377، المختار من تاريخ ابن
الجزري 208.
[3] مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 766، نهاية الأرب 29/ 366، مفرّج الكروب 5/
377، المختار من تاريخ ابن الجزري 208، العبر 5/ 185.
[4] في المطبوع من المختار من تاريخ ابن الجزري 208 «ابن الخضيري» ،
وفي عيون التواريخ 20/ 11 «الحضيري» .
[5] في الأصل «وابن» وهو لا يستقيم، والتصحيح من: المختار من تاريخ ابن
الجزري 208، وعيون التواريخ 20/ 11، والنجوم الزاهرة 6/ 358.
[6] في نهاية الأرب 29/ 326 «شرف الدين بن العميد» .
[7] انظر بقية الأسماء في نهاية الأرب 29/ 326، وعيون التواريخ 20/ 11.
[8] مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 766، نهاية الأرب 29/ 326، المختار من تاريخ
ابن الجزري 208، 209.
(47/35)
[وفاة عزّ الدين أيبك المعظّمي]
وفي ذي القعدة جلس [1] عزّ الدّين أيبك المعظّمي فِي دار فرّخ شاه
بتواطي من ابن مطروح وغيره. وصنعوا مترجَمًا [2] قد جاءه من حلب من عند
الصّالح إِسْمَاعِيل، وكتبوا إلى السّلطان يخبرونه بذلك، فأمر أن يُحمل
إلى القاهرة تحت الحوطة، فحُمِل وأُنزل فِي دار صَوَاب، فاعتقل بها،
ودافَعَهُ [3] ولدُه وقال:
أموال أَبِي قد بعثها إلى حلب. فمرض أيبك ومات بغُبنه [4] ، ثُمَّ
نُقِل فِي تابوت ودُفن فِي قبّته الّتي عَلَى الشُّرف الأعلى [5] .
[الغلاء ببغداد]
وفيها كَانَ ببغداد غلاء عظيم، وأبيع الخبز ثلاثة أرطال بقيراط [6] .
[هرب مماليك للسلطان وإمساكهم]
وفيها هرب للسّلطان نجم الدّين مماليك، فمُسِك منهم أربعون نفسا بحلب،
وأرسلوهم إلى دمشق، فشنق الأربعين عَلَى أبواب البلد.
__________
[1] في المختار من تاريخ ابن الجزري: «اعتقل» ، ومثله في عيون التواريخ
20/ 12.
[2] وردت هاتان الكلمتان غامضتين في: مرآة الزمان. وفي نهاية الأرب 29/
327 «ووضعوا» ، والمثبت يتفق مع: المختار من تاريخ ابن الجزري 209.
[3] في المختار من تاريخ ابن الجزري 209 «ورافقه» ، ومثله في: عيون
التواريخ 20/ 12.
[4] في المختار من تاريخ ابن الجزري 209: «ومات بغيبة» .
[5] مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 767، نهاية الأرب 29/ 327، دول الإسلام 2/
151، المختار من تاريخ ابن الجزري 209، عيون التواريخ 20/ 12.
[6] في الحوادث الجامعة- ص 109 «وفيها غلت الأسعار فبلغ الكرّ من
الحنطة ثمانين دينارا، ومن الشعير ثلاثين دينارا» .
والخبر في: المختار من تاريخ ابن الجزري 209، وانظر: عيون التواريخ 20/
13.
(47/36)
سنة ست وأربعين
وستمائة
[عمل أشلاق للسلطان وإبطاله]
فيها أمر السّلطان أن يُعمل لَهُ أُشْلاق [1] تحت القلعة ليتفرَّج [2]
، فتشالقوا فقتل سبعة أنفُس وجُرح جماعة.
وسببه دخول المماليك بينهم، فمنعهم السّلطان من الشّلاق، وكان يترتّب
عَلَيْهِ شَر كبير ومفاسد بدمشق [3] .
[ملك الفرنج إشبيلية]
وفي شعبان ملكت الفرنج إشبيلية بعد حصارهم لَهَا سبعة عشر شهرا،
ودخولها صلحا.
[تسليم حمص لنوّاب الملك الناصر يوسف]
وفيها ملّ صاحب حمص الملك الأشرف من محاصرة الحلبيّين لَهُ، وقايض
بِهَا تلّ باشر من أعمال حلب، وسلَّم حمص لنوّاب الملك النّاصر يوسف
[4] .
__________
[1] في العبر 5/ 188 «التلاق» ، وهو «الشلاق» : الزّعر والرعاع الذين
يضايقون الناس في الطرقات ويدخلون الخوف في قلوبهم. والشلق: الضرب
بالسوط. (السلوك ج 1 ق 3/ 605 بالحاشية) .
[2] في العبر 5/ 188 «لتفرح» .
[3] العبر 5/ 188.
[4] مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 770، ذيل الروضتين 180، المختصر في أخبار
البشر 3/ 177، نهاية الأرب 29/ 328 و 366 و 412، دول الإسلام 2/ 151،
المختار من تاريخ ابن الجزري 212، تاريخ ابن الوردي 2/ 179، البداية
والنهاية 13/ 174، تاريخ ابن خلدون 5/ 359، السلوك ج 1 ق 2/ 330، تاريخ
ابن سباط 1/ 342، النجوم الزاهرة 6/ 359،
(47/37)
[ولادة أربعة توائم]
وفيها امْرَأَة ولدت ببغداد أربعة فِي بطنٍ وشاع ذَلِكَ، فطلبهم
الخليفة ورآهم وتعجّب، ثمّ أمر لهم بستّمائة دينار وثياب، وكان
الأبَوَان من المساكين [1] .
[الغرق ببغداد]
وكان ببغداد الغَرَقُ الكثير الّذي هُوَ أكبر من غرق سنة 614 بحيث أن
الأمراء والوزير بنفسه نزل وحمل جرزة حطب للسّدّ. ثُمَّ زاد الماء بعد
شهرين زيادة أعظم من الأولى وتهدَّم من السّور عدّة أبراج، ونبع الماء
من أساس المستنصريّة، ولا يُحصى ما تهدَّم من الدُّور. وبقي الماء فِي
النّظاميّة ستّة أذرع، وغرقت الرّصافة، وجرى ما لا يُعبرَّ عَنْهُ
وذهبت أموال لا تُحصى [2] .
[محاصرة السلطان نجم الدين حمص]
وفيها خرج السّلطان نجم الدّين من مصر، وجهَّز الجيش مَعَ فخر الدّين
ابن الشَّيْخ إلى حمص، وبُعْثِر [3] الفلّاحون بجرّ آلة الحصار
والمجانيق إلى حمص، ثُمَّ نازلوا حمص يحاصرون نوّاب النّاصر صاحب حلب،
ونُصِبت المجانيق، فجاء
__________
[ () ] شفاء القلوب 412.
[1] الحوادث الجامعة 109 (حوادث سنة 645 هـ.) ، دول الإسلام 2/ 151،
الدر المطلوب 364، المختار من تاريخ ابن الجزري 212، 213، عيون
التواريخ 20/ 22، العسجد المسبوك 2/ 561، 562، النجوم الزاهرة 6/ 362.
[2] الخبر مطوّل في: الحوادث الجامعة 114- 116، ومناقب بغداد لمجهول
(وهو ينسب لابن الفوطي خطأ) تحقيق محمد بهجت الأثري- مطبعة دار السلام،
بغداد 1342 هـ. / 1923 م. - ص 34، وانظر: المختار من تاريخ ابن الجزري
213، والعسجد المسبوك 2/ 565.
وانظر: فيضانات بغداد في التاريخ لأحمد نعيم سوسة- مطبعة الأديب
البغدادية 1963- ج 1/ 331- 333.
[3] هكذا في الأصل. وفي نهاية الأرب 29/ 328 «وسخّر» ، ومثله في عيون
التواريخ 20/ 21، والسلوك ج 1 ق 2/ 331، وفي المختار من تاريخ ابن
الجزري 212 «وانعسف» .
(47/38)
العسكر الحلبيّ في النّجدة. وكان الشّيخ
نجم الدّين عبد الله البادرائيّ [1] قد جاء رسولا فدخل في القضيّة وردّ
العسكريين [2] .
__________
[1] في مرآة الزمان: «البادراني» ، وهو تصحيف.
[2] مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 770، المختصر في أخبار البشر 3/ 177، أخبار
الأيوبيين 158 و 164 (حوادث سنة 649 هـ.) ، نهاية الأرب 29/ 328،
المختار من تاريخ ابن الجزري 212، تاريخ ابن الوردي 2/ 256، عيون
التواريخ 20/ 21، السلوك ج 1 ق 2/ 331.
(47/39)
[سنة سبع وأربعين
وستمائة]
[نيابة ابن يغمور بدمشق]
رجع السّلطان إلى مصر مريضا في محفّة، واستعمل على نيابة دمشق الأمير
جمال الدّين ابن يغمور [1] .
[ذكر خبر التوائم الأربعة ثانية]
وفيها ولدت امْرَأَة ببغداد ابنين وبنتين فِي جوفٍ، وشاع ذَلِكَ
فطُلِبوا إلى دار الخلافة فأُحضِروا وقد مات واحدٌ فأُحضِر ميتا،
فتعجّبوا وأُعطيت الأمّ من الثّياب والحُليّ ما يبلغ ألف دينار، وكانت
فقيرة مستورة [2] .
[توجّه الناصر دَاوُد إلى حلب]
وفيها توجَّه النّاصر دَاوُد إلى حلب [3] .
[تخريب دار سامة وبستان القصر بدمشق]
وجاء كتاب السّلطان نجم الدّين إلى ابن يغمور بخراب دار سامة وقطع
__________
[1] مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 772 و 773، ذيل الروضتين 183، المختصر في
أخبار البشر 3/ 177 (حوادث سنة 646 هـ.) ، أخبار الأيوبيين 158، نهاية
الأرب 29/ 334، المختار من تاريخ ابن الجزري 215، العبر 5/ 192،
البداية والنهاية 13/ 177، السلوك ج 1 ق 2/ 333، شفاء القلوب 379.
[2] تقدّم هذا الخبر في السنة الماضية.
[3] مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 773، دول الإسلام 2/ 151 (حوادث سنة 646 هـ.)
، المختار من تاريخ ابن الجزري 215.
(47/40)
شجر بستان القصر الّذي للنّاصر دَاوُد
بالقابون [1] ، وخراب القصر، ففعل ذَلِكَ [2] .
[تسليم الأمجد الكرَك للسلطان]
وفيها مضى الأمجد حسن ابن الناصر من الكَرَك إلى مصر، وسلَّم الكَرَك
إلى السّلطان، وخبث عَلَى أَبِيهِ وخانه، فأعطاه السّلطان جملة، وأخرج
من الكَرَك عيال المعظَّم وأولاده وبناته، وبعث إليهم بأموالٍ وتُحَفٍ
يُرْضيهم بِهَا [3] .
وأمّا سعد الدّين فقال فِي «تاريخه» : وصل كتاب الظّاهر ابن النّاصر
إلى السّلطان بذلك، وأنفذ أستاذ داره جمال الدّين أقوش التُّجِيبيّ
ليتسلّمها فلمّا قدِم الملك الظّاهر أمر السّلطان بتلقّيه واحترمه،
ودفع لَهُ أسيوط، ومائتي فارس، وخمسين ألف دينار، وثلاثمائة قطعة قماش
ثمن الذّخائر الّتي بالكَرَك، وأعطى لأخيه الأمجد إخميم، ومائة وخمسين
فارسا، ثُمَّ بعث خزانة إلى الكَرَك مَعَ مُجير الدّين بْن أَبِي زكري
مبلغها مائتي ألف دينار.
[أخذ الفرنج دمياط]
وفيها هجمت الفرنج دِمياط وأحاطت بِهَا فِي ربيع الأوّل، وكان عليها
فخر الدّين ابن الشَّيْخ والعساكر فخرجوا عَنْهَا، وخرج أهلها [4] منها
من الجهة الأخرى، وملكتها الفرنج صفْوًا عَفْوًا بلا قتال ولا كلفة [5]
، بل مجرّد خذْلانٍ
__________
[1] القابون: موضع بينه وبين دمشق ميل واحد في طريق القاصد إلى العراق
في وسط البساتين.
(معجم البلدان 4/ 290) .
[2] مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 773، نهاية الأرب 29/ 334، المختار من تاريخ
ابن الجزري 216، عيون التواريخ 20/ 29، البداية والنهاية 13/ 177،
النجوم الزاهرة 6/ 362.
[3] مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 773، المختصر في أخبار البشر 3/ 179، أخبار
الأيوبيين 158، نهاية الأرب 29/ 335، دول الإسلام 2/ 151 (حوادث سنة
646 هـ.) و 152 (حوادث 647 هـ.) المختار من تاريخ ابن الجزري 216،
العبر 5/ 192، عيون التواريخ 20/ 29.
[4] حتى هنا في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 773، وانظر: ذيل الروضتين 183.
[5] تاريخ الزمان لابن العبري 293، تاريخ مختصر الدول، له 258، المختصر
في أخبار البشر 3/ 178، 179، نهاية الأرب 29/ 334، 335، وانظر نص كتاب
الملك الصالح نجم
(47/41)
نزل، فلا حول ولا قوّة إلّا باللَّه. وهذا
من أغرب ما تمّ فِي الوجود حتّى إنّ الفرنج اعتقدوا أنّ المسلمين فعلوا
هذا مكيدة. ثمّ كَانَ لهم الأمر، وابتلى اللَّه تعالى العسكَر بالعدوّ
وذَهاب أموالهم. فقيل سبب هروبهم أنّهم بطّقوا [1] مرّة بعد أخرى إلى
السّلطان ليكشف لما جاء خبر، وكان قد سقاه الطّبيب دواء مخدّرا، وأوصى
بأن لا يُزعج ولا ينبَّه، فكتموه الخبر، فوقع إرجاف فِي دِمياط بموته،
ونزل بهم الخذْلان.
وكان الملك الصّالح نجم الدّين أيّوب عَلَى المنصورة نازلا، فغضب كيف
يسيّبها أهلها، وشنق من أَعيان أهلها ستّين رجلا [2] . ولمّا أمر
بشنقهم قَالُوا: ما ذَنْبُنا إذا كانت عساكره وأمراؤه هربوا وأحرقوا
الزّرد خاناه، فأيش نعمل نَحْنُ؟
وقامت القيامة عَلَى العسكر، وخرج أهل دِمياط حُفاةً عُراة جياعا فقراء
حَيَارى بالحريم والأطفال، قد سَلِم لهم بعض ما يعيشون بِهِ، فنهبهم
المسلمون فِي الطّريق.
وأمّا العسكر فاستوحشوا من السّلطان ودعوا بهلاكه [3] .
__________
[ () ] الدين أيوب إلى ابنه توران شاه يشرح له كيف أخذ الفرنج دمياط،
في (نهاية الأرب 29/ 343، 344) ، الإعلام والتبيين 55.
[1] بطقوا: أي كتبوا بطاقات صغيرة وأرسلوها مع الحمام الزاجل.
[2] وقال ابن العبري في (تاريخ الزمان 294) : «فسخط الصالح عليهم وأمر
بصلبهم وهم 64 أميرا على 32 صليبا زوجا زوجا كما هم بثيابهم ومناطقهم
وخفافهم» ، وقال في (تاريخ مختصر الدول 259) : «وكانوا أربعة وخمسين
أميرا» . وفي (المختصر في أخبار البشر 3/ 179) أن المشنوقين هم من بني
كنانة، وفي (أخبار الأيوبيين لابن العميد 158) ، «كانوا نيف وخمسين
أميرا» ، وفي (الحوادث الجامعة- ص 119) : «صلب نيّفا وثمانين زعيما» ،
وفي (نهاية الأرب 29/ 335) «وكانوا نيّفا وخمسين أميرا» . والمثبت يتفق
مع تاريخ ابن الجزري 216.
[3] مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 773، الحوادث الجامعة 118، 119، أخبار الزمان
293، 294، ذيل الروضتين 183، تاريخ مختصر الدول 258، 259، المختصر في
أخبار البشر 3/ 178، 179، أخبار الأيوبيين 158، الدر المطلوب 365- 370،
دول الإسلام 2/ 152، العبر 5/ 152، المختار من تاريخ ابن الجزري 216،
تاريخ ابن الوردي 2/ 181، مرآة الجنان 4/ 116، عيون التواريخ 20/ 30،
البداية والنهاية 13/ 177، العسجد المسبوك 2/ 570،
(47/42)
[وفاة نجم الدين
أيوب وإخفاء الخبر]
قَالَ أَبُو المظفَّر [1] : وبلغني أنّ مماليكه أرادوا قتله فقال لهم
فخر الدّين ابن الشَّيْخ، اصبروا عَلَيْهِ فهو عَلَى شَفَا. فمات ليلة
نصف شعبان وهو عَلَى المنصورة [2] .
وكانت أمّ خليل زوجته معه وهي المدبّرة لأموره أيّام مرضه، فلم تغيّر
شيئا، بل الدِّهليز بحاله، والسّماط يُمَدُّ كلّ يوم، والأمراء يجيئون
للخدمة، وهي تَقُولُ: السّلطان مريض ما يصل إليه أحد. فبعثوا إلى الملك
المعظّم توران شاه ولده، وهو بحصن كيفا [3] ، الفارس أقطاي [4] [من]
مماليك أَبِيهِ، فسلك عَلَى البرّيّة وكاد يهلك عطشا، وأسرع بِهِ
أقطاي، فقدِم دمشق فِي آخر رمضان، وخلع عَلَى أمراء دمشق وأحسن إليهم
[5] .
قَالَ أَبُو المظفّر [6] : بلغني أنّه وجد في دمشق ثلاثمائة ألف دينار
فأنفقها، واستدعى من الكَرَك مالا فأنفقه [7] .
وأمر فخر الدّين ابن الشَّيْخ الأمراء فحلفوا للمعظّم. وأخفوا موت
السّلطان [8] .
__________
[ () ] مآثر الإنافة 2/ 93، تاريخ ابن خلدون 5/ 359، السلوك ج 1 ق 2/
333- 336، النجوم الزاهرة 6/ 329- 331، شفار القلوب 379، تاريخ ابن
سباط 1/ 343، تاريخ الأزمنة 227، بدائع الزهور ج 1 ق 1/ 277، شذرات
الذهب 5/ 237، وانظر: مذكرات جوانقيل 95- 97.
[1] في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 773، 774.
[2] العبر 5/ 192، عيون التواريخ 20/ 30.
[3] الدر المطلوب 373 و 374.
[4] في مرآة الزمان: «أقطايا» وكذلك في: المختار من تاريخ ابن الجزري
217، والمثبت يتفق مع: نهاية الأرب 29/ 337 وغيره. وقيّده اليافعي
بالحروف في مرآة الجنان 4/ 116 من غير ألف في أوله، فقال: «قطايا
بالقاف والطاء المهملة وبين الألف مثنّاة من تحت» : وقال ابن تغري بردي
في النجوم الزاهرة 7/ 7 «أقطاي الجمدار المعروف بأقطايا» .
[5] نقله ابن الجزري في تاريخه عن المرآة 216، 217، العبر 5/ 192.
[6] في مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 774.
[7] إلى هنا ينتهي الخبر عند أبي المظفّر.
[8] المختصر في أخبار البشر 3/ 180، الدر المطلوب 373، المختار من
تاريخ ابن الجزري 217، العبر 5/ 192، تاريخ ابن الوردي 2/ 181، عيون
التواريخ 20/ 30، 31، تاريخ ابن
(47/43)
وكانت أمّ خليل تعلّم عَلَى التّواقيع
عَلَى هيئة خطّ السّلطان [1] .
وقيل بل كَانَ يعلّم عَلَى التّواقيع خادمٌ يشبه خطُّه خطَّ السّلطان
يقال لَهُ السُّهَيْليّ [2] ، وكان قد فسد مخرجه وامتدّ إلى فخذه، وعمل
عَلَيْهِ جَسَده، وهو يتجلّد ولا يُطْلِعُ أحدا عَلَى حاله حتّى هلك
[3] .
[انكسار الفرنج عند المنصورة]
وكان المسلمون مرابطين بالمنصورة مدّة أشهر، وجرت لهم مَعَ الفرنج فصول
طويلة ينال هَؤُلاءِ من هَؤُلاءِ من هَؤُلاءِ، فمنها وقعة عُظمى يوم
مُستهلّ رمضان استشهد فيها جماعة من كبار المسلمين، ثمّ تناخوا وكرّوا
عَلَى الفرنج فقتلوا منهم مقتلة عظيمة، وكان الفتح [4] .
[دخول المعظّم مصر]
ووصل المعظّم إلى مصر بعد أن أقام بدمشق سبعة وعشرين يوما فدخل
__________
[ () ] خلدون 5/ 360.
[1] مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 775، المختصر في أخبار البشر 3/ 180 و 182،
نهاية الأرب 29/ 337، تاريخ ابن سباط 1/ 345، الدر المطلوب 373،
المختار من تاريخ ابن الجزري 217، تاريخ ابن الوردي 2/ 181، البداية
والنهاية 13/ 177.
[2] المختصر في أخبار البشر 3/ 180، تاريخ ابن سباط 1/ 346، الدر
المطلوب 373 و 375 وفيه «سهيل» ، تاريخ ابن الوردي 2/ 181.
[3] مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 775، وقال ابن العبري في (تاريخ الزمان 294)
: «وما عتم أن مات هو كذلك بسبب داء عرض له في فخذه فقطعوا الفخذ وهو
حيّ» ، أخبار الأيوبيين 159، وانظر عن وفاة الصالح أيوب في: تاريخ ابن
سباط 1/ 345، 346 وفيه مصادر ترجمته، والسلوك ج 1 ق 2/ 342، شفاء
القلوب 379، بدائع الزهور ج 1 ق 1/ 277.
[4] مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 774، 775، ذيل الروضتين 183، المختصر في
أخبار البشر 3/ 180، تاريخ مختصر الدول 259، تاريخ الزمان 294، أخبار
الأيوبيين 159، المختصر في أخبار البشر 3/ 180، الدر المطلوب 375- 378،
دول الإسلام 2/ 152، العبر 5/ 193، المختار من تاريخ ابن الجزري 217،
تاريخ ابن الوردي 2/ 182، عيون التواريخ 20/ 31، البداية والنهاية 13/
177، تاريخ ابن خلدون 5/ 360، السلوك ج 1 ق 2/ 345- 354، النجوم
الزاهرة 6/ 364، 365، تاريخ ابن سباط 1/ 346، 347.
(47/44)
الدّيار المصريّة فِي ذي الحجّة بعد
الوقعة. وكان فِي عزمه الفتْك بابن الشَّيْخ لأنّه بلغه أنّه يريد
المُلْك والنّاس يريدونه فقُتل [1] .
[رواية ابن الساعي عَن سقوط دمياط]
وقال ابن السّاعي: فِي أوّل السّنة أخذت الفرنج دِمياط، نزلوا عليها
فأرسل الصّالح نجم الدّين عسكرا نجدة لمن بِهَا، وكان مريضا، فكسروا
الفرنج، ثُمَّ ظهرت الفرنج عليهم، فانتخى أميران وهما: ابن شيخ
الإِسْلَام، والجولانيّ، فحملا عليهم، فاستشهد ابن شيخ الإِسْلَام،
وسَلِمَ الْجَوْلانيّ [2] ، وغُلِّقت أبواب دِمياط، وأرسلوا بطاقة،
وكان السّلطان قد سُقِيَ دواء مخدّرا، وأمرهم الطّبيب أن لا ينبّهوه،
فوقعت البطاقة فكتمها الخادم، ثُمَّ وقعت أخرى فلم يردّ عليهم جواب،
والسّلطان لا يعلم بشيء، فقيل فِي دِمياط إنّ السّلطان مات، فضعُفت
النّفوس، وعزم أهل دِمياط عَلَى الهرب، فأحرقوا بابا وخرجوا، فأخذ
العسكر فِي ردّهم فلم يلتفتوا، فعاد العسكر ونهب البلد، فخرج أهل البلد
عَن آخرهم، وهلك خلقٌ فِي زحمة الأبواب، وأخْلُوا البلد، فأخِذت [3]
البلد بلا كلفة.
فلمّا علم السّلطان غضب وهَمّ بقتل ذَلِكَ العسكر الذّين نهبوا دِمياط،
ثُمَّ صلب منهم نيِّفًا وثمانين أمراء، وغيرهم تُرْك، وأمر أن لا تُضرب
النّوبة إلّا للجَوْلانيّ وحده [4] .
__________
[1] مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 775، تاريخ الزمان 294، أخبار الأيوبيين 159،
نهاية الأرب 29/ 353، عيون التواريخ 20/ 31، تاريخ ابن خلدون 5/ 360،
361.
[2] في العسجد المسبوك 2/ 570 «الخولانيّ» .
[3] في الأصل: «فأخذه» .
[4] وانظر: ذيل الروضتين 184، وتاريخ مختصر الدول 259، وتاريخ الزمان
294، وأخبار الأيوبيين 160، والمختصر في أخبار البشر 3/ 181، والدر
المطلوب 379- 381، ودول الإسلام 2/ 153، 154، والعبر 5/ 195، 196،
والمختار من تاريخ ابن الجزري 220- 223، وتاريخ ابن الوردي 2/ 182،
183، وعيون التواريخ 20/ 36- 40، ومرآة الجنان 4/ 117، والبداية
والنهاية 13/ 178، والعسجد المسبوك 2/ 575، ومآثر الإنافة 2/ 93،
(47/45)
[مقتل شيحة أمير
المدينة]
قَالَ: وفيها قتل شيحة أمير المدينة، وكان قد خرج عَن المدينة فِي نفرٍ
يسير فوقع عَلَيْهِ قوم من العرب بينه وبينهم دمٌ فحاربوه، فقُتِل
وسلبوه، وكان موصوفا بالخير والتّواضع، وولي مكانه ولده الأكبر عيسى
[1] .
[سعي الإربلي من دقوقا إلى بغداد]
قال: وفي نصف في ذي الحجّة سعى علي الإربليّ السّاعي من دَقُوقا إلى
بغداد فوصل بُعَيْد العصر، فأنعم عَلَيْهِ الأمير مبارك بما قيمته عشرة
آلاف دينار [2] .
[السيل العظيم بالسلامية]
وفيها جاء سَيْلٌ عظيم عَلَى السّلامية من عمل المَوْصل، فأهلك خلقا،
وأتلف الزّرع، وهدم الأسواق، وغرق كثير من المواشي، وغرقت السّلامية
كلّها، وكان بِهَا أكثر من ثلاثة آلاف نفس [3] .
[الزيادة بجزيرة ابن عُمَر]
وجاءت الزّيادة عَلَى جزيرة ابن عُمَر حتّى كادت تدخل من شراريف سور
البلد، وكان أمرا مهولا [4] .
__________
[ () ] وتاريخ ابن خلدون 5/ 360، والسلوك ج 1 ق 2/ 355- 358، والنجوم
الزاهرة 6/ 364- 370، وتاريخ ابن سباط 1/ 348، 349، وبدائع الزهور ج 1
ق 1/ 280- 283، وتاريخ الأزمنة 229، وشذرات الذهب 5/ 239، 240، ومذكرات
جوانقيل 108- 163 ويرد في بعض المصادر: «الخولانيّ» بالخاء.
[1] الحوادث الجامعة 118 (حوادث سنة 646 هـ.) ، نهاية الأرب 29/ 354،
العسجد المسبوك 2/ 564، السلوك ج 1 ق 2/ 355.
[2] الحوادث الجامعة 116 وليس فيه رقم بالمبلغ، أما الأمير «مبارك» فهو
ولد الخليفة، والخبر في حوادث سنة 646 هـ.، والعسجد المسبوك 2/ 566.
[3] المختار من تاريخ ابن الجزري 218.
[4] المختار من تاريخ ابن الجزري 218.
(47/46)
[الفُتيا بالإيمان يزيد وينقص]
وفيها كُتِبت فُتْيا ببغداد: هَل الإِيمَان يزيد وينقُص؟ فامتنع
الفقهاء من الجواب خوفا من الفتنة، وكتب فيها الكمال عليّ بْن وضّاح
والمحدّث عَبْد العزيز القحيطيّ [1] وبالغا فِي ذمّ مَن يَقْولُ لا
يزيد ولا ينقص. فأخذ الفُتيا بعضُ الحنفيّة وعرضها عَلَى الدّيوان
العزيز وقال: قد تعرّض لسبّ أَبِي حنيفة. فأُمِر بإخراج ابن وضّاح [2]
من المستنصريّة وبنفْي القحيطيّ [3] .
[وصول قزْم إلى بغداد]
وفيها وصل إلى بغداد أَبُو منصور الأصبهانيّ، رَجُل كهل، صغير
الخِلْقة، حذا طوله ثلاثة أشبار وثلاثة أصابع، ولحيته طولها أكثر من
شبر، فحُمِل إلى دار الخلافة، فأُنعِم عَلَيْهِ ودار عَلَى الأكابر [4]
.
[مقتل خلق من النّزال بخانقين]
وفيها قتلت [التتر] [5] بخانقين خلقا عظيما من النّزال ونهبوا أغنامهم
وأبقارهم، ثُمَّ نهبوا ناحية البَتّ [6] والرّاذان [7] وأخربوا تِلْكَ
النّواحي، فخرج من بغداد عسكر لذلك. وأُمر النّاس فِي جُمادى الآخرة
بالمبيت فِي أسواق بغداد وفي دروبها وبالوقيد [8] .
__________
[1] في الأصل: «القحبطي» بموحّدة، والتصحيح من: الحوادث الجامعة،
وتاريخ ابن الجزري.
[2] في المختار من تاريخ ابن الجزري 218 «بإخراج وضاح» بإسقاط «ابن» .
[3] الحوادث الجامعة 120 وفيه: «ابن القحيطي» ، المختار من تاريخ ابن
الجزري 218.
[4] الحوادث الجامعة 120، المختار من تاريخ ابن الجزري 218، العسجد
المسبوك 2/ 570، 571.
[5] إضافة على الأصل.
[6] البت: بالفتح والتشديد. قرية كالمدينة من أعمال بغداد قريبة من
راذان. (معجم البلدان 1/ 334) .
[7] الراذان: من قرى بغداد. (المشترك وضعا والمفترق صقعا 37) .
[8] الحوادث الجامعة 118، 119، المختار من تاريخ ابن الجزري 218، 219،
العسجد المسبوك 2/ 571.
(47/47)
[استيلاء الحلبيين عَلَى نصيبين ودارا
وقرقيسيا]
وفيها سار عسكر حلب فالتقوا المَوَاصِلَة بنصِيبين، فانهزمت المواصِلَة
واستولى الحلبيّون عَلَى خيامهم، وتسلّموا نصيبين، ودارا، وقرقيسيا [1]
.
__________
[1] المختصر في أخبار البشر 3/ 181، تاريخ ابن الوردي 2/ 182، تاريخ
ابن سباط 1/ 347، 348، شفاء القلوب 412.
(47/48)
سنة ثمان وأربعين
وستمائة
[موقعة المنصورة]
استهلّت والفرنج عَلَى المنصورة [1] والجيش المصريّ بإزائهم، وقد ضعُف
حال الفرنج لانقطاع الميرة عَنْهُمْ، ووقع فِي خيلهم مرض وموت، وعَزَم
ملكهم الفرنسيس [2] عَلَى أن يركب فِي أوّل اللّيل ويسير إلى دِمياط،
فعلم المسلمون بذلك. وكان الفرنج قد عملوا جسرا عظيما من الصَّنَوبر
عَلَى النّيل، فسَهَوا عَن قطْعه، فعبر منه المسلمون فِي اللّيل إلى
برّهم، وخيامهم على حالها وثقلهم، فبدءوا فِي المسير، وأحدق المسلمون
بهم يتخطّفونهم طول اللّيل قتلا وأسرا، فالتجئوا إلى قريةٍ تُسمّى
مُنْية أَبِي عَبْد اللَّه [3] وتحصّنوا بها. ودار المسلمون
__________
[1] انظر عن (موقعة المنصورة) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 778، 779، وذيل
الروضتين 184، 185، وتاريخ الزمان لابن العبري 294، 295، وتاريخ مختصر
الدول، له 259، 260، وأخبار الأيوبيين لابن العميد 160، والمختصر في
أخبار البشر 3/ 181، والحوادث الجامعة 121، ونهاية الأرب 29/ 355- 359،
والدر المطلوب 379- 381، ودول الإسلام 2/ 153، 154، والعبر 5/ 195،
196، والمختار من تاريخ ابن الجزري 220- 223، وتاريخ ابن الوردي 2/
182، 183، وعيون التواريخ 20/ 36- 40، ومرآة الجنان 4/ 117، والبداية
والنهاية 13/ 178، والعسجد المسبوك 2/ 575، ومآثر الإنافة 2/ 93،
وتاريخ ابن خلدون 5/ 360، والسلوك ج 1 ق 2/ 355- 358، وعقد الجمان (1)
17- 22، والنجوم الزاهرة 6/ 364- 370، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 280-
283، وتاريخ ابن سباط 1/ 348، 349، وتاريخ الأزمنة 229، وشذرات الذهب
5/ 239، 240، ومذكرات جوانقيل 108- 163، وحملة لويس التاسع على مصر،
للدكتور محمد مصطفى زيادة- القاهرة 1961- ص 87 وما بعدها، والإعلام
والتبيين 57- 61.
[2] هو ملك فرنسا لويس التاسع. ويرد في المصادر: «ريد افرنس» وهو
تعريب.France Roide
[3] في ذيل الروضتين 184 «منية عبد الله من ناحية شرمساح» ، وهي اليوم
تعرف بقرية ميت
(47/49)
حولها. وظفر أصطول المسلمين بأصطولهم
فغنموا جميع المراكب بمن فيها [1] .
واجتمع إلى الفرنسيس خمسمائة فارس من أبطال الفرنج وقعد فِي حوش [2]
المُنْيَة، وطلب الطّواشي رشيد، والأمير سيف الدّين القَيْمُرِيّ،
فحضروا إِلَيْهِ، فطلب منهم الأمان عَلَى نفسه وعلى مَن معه، وأن لا
يدخلوا بين السُّوقة والرُّعاع، فأجاباه وأمَّناه، وهرب باقي الفرنج
عَلَى حميّة، وأحدق المسلمون بهم وبقوا جملة واحدة حملة وحملة حتّى
أُبيدت الفرنج، ولم يبق منهم سوى فارسين رفسوا بخيولهم فِي البحر
فغرِقوا [3] ، وغنم المسلمون منهم ما لا يوصف، واستغنى خلق. وأُنزِل
الفرنسيس فِي حرّاقة [4] ، وأحدقت بِهِ مراكب المسلمين [5] تُضْرَبُ
فيها الكوسات [6] والطُّبول، وفي البرّ الشرقيّ أطلاب العساكر سائِرة
منصورة، والبرّ الغربيّ فِيهِ العربان والعوامّ فِي لَهْوٍ وسرور بهذا
الفتح العظيم، والأسرى تُقاد فِي الحبال [7] .
فذكر سعد الدّين فِي تاريخه أنّ الفرنسيس لو أراد أن ينجو بنفسه خلص
عَلَى خيلٍ سَبَق أو فِي حُرّاقة، لكنّه أقام فِي السّاقة يحمي أصحابه،
وكان في
__________
[ () ] الخولي عبد الله، وهي إحدى قرى مركز فارسكور بمحافظة الدقهلية.
[1] جاء في الدر المطلوب 378 أن عدّة المراكب اثنتان وخمسون مركبا، ثم
أخذ المسلمون بعدها اثنين وثلاثين مركبا.
[2] الحوش: حظيرة واسعة مسيّجة خلف جماعة من الدور لا يمرّ بها وتلقى
فيها الأقذار وتجمّع فيها الإبل والحيوانات المريضة ويسكن الفقراء في
أكواخ فيها. (تكملة المعاجم العربية 3/ 369) .
[3] هكذا في الأصل، والمختار من تاريخ ابن الجزري 221 والمؤلّف- رحمه
الله- ينقل عنه.
والصواب: «سوى فارسين رفسا بخيلهما في البحر فغرقا» .
[4] الحرّاقة: نوع من السفن الحربية التي تستخدم لحمل الأسلحة النارية
وبها مرام تلقى منها النيران على العدوّ. (المواعظ والاعتبار 2/ 194،
195) .
[5] نحو مائتي قطعة. كما في: المختار من تاريخ ابن الجزري 221.
[6] الكوسات: صنوجات من نحاس شبه الترس الصغير يدق بأحدها ثم بالآخر
بإيقاع مخصوص، وهي من رسوم الأمراء ويسمّون أصحاب العمائم والكوسات.
(صبح الأعشى 4/ 9) .
[7] حتى هنا في: المختار من تاريخ ابن الجزري 221.
(47/50)
الأسرى ملوك وكُنُود [1] ، وأُحصيَ عدّة
الأسرى فكانوا نيّفا وعشرين ألف آدميّ، والّذي غرق وقُتِل سبعة آلاف
نفْس [2] ، فرأيت القتلى وقد ستروا وجه الأرض من كثرتهم. وكان الفارس
العظيم يأتيه وشاقيٌّ يسوقُه وراءه كأذلّ ما يكون، وكان يوما لم يُشاهد
المسلمون ولا سمعوا بمثله، ولم يُقتَل فِي ذَلِكَ اليوم من المسلمين
مائةُ نفس.
ونفذ الملك المعظّم للفرنسيس وللملوك والكُنُود خِلَعًا، وكانوا نيّفا
وخمسين، فلبس الكلّ سواه وقال: أَنَا بلادي بقدر بلاد صاحب مصر كيف
ألبس خلعته؟ [3] . وعمل من الغد دعوة عظيمة، فامتنع الملعون أيضا من
حضورها وقال: أَنَا ما آكل طعامه، وما يحضرني إلّا ليهزأ بي عسكرُه،
ولا سبيل إلى هذا. وكان عنده عقل وثبات ودين فيهم، وكانوا يعتقدون
فِيهِ. وكان حَسَن الخلقة.
وانتقى المعظّم الأسرى فأخذ أصحاب الصّنائع، ثُمَّ أمر بضرب أعناق
الجميع.
وقال غيره: ثُمَّ حبسوا الإفرنسيس بالمنصورة بدار الطُّواشي صَبيح [4]
مُكرمًا غاية الإكرام.
وفي ذلك يقول الصّاحب جمال الدّين ابن مطروح:
قُلْ للفرنسيس إذا جئتَه ... مقالَ صِدْقٍ من [5] قؤول فصيح [6]
__________
[1] الكنود: مفردها كند، وهو تعريب.Conte
[2] جاء في (أخبار الأيوبيين لابن العميد 160) إن القتلى من الفرنج
بلغوا ما يزيد عن عشرين ألف فارس، وأن الأسرى من الفرنج والخيّالة
والرجّالة والصنّاعة والسوقة ما يناهز مائة ألف نفس. وانظر: الدر
المطلوب 377.
[3] العبر 5/ 196.
[4] وفي: المختصر لأبي الفداء 3/ 181 «وجعل في الدار التي كان ينزلها
كاتب الإنشاء فخر الدين بن لقمان، ووكّل به الطواشي صبيح المعظّمي» .
[5] في المختصر لأبي الفداء: «عن» .
[6] في المختصر لأبي الفداء: «نصيح» ، وفي تاريخ ابن سباط 1/ 352
«صحيح» .
(47/51)
أتيتَ مصرَ تبتغي ملْكها ... تحسب أنّ
الزّمر والطَّبل [1] ريح
فساقك الحَيْنُ إلى أدهمٍ ... ضاق بِهِ عَن ناظريْك الفسيح
وكلّ أصحابك أودَعْتَهُم [2] ... بحُسْن تدبيرك بطْنَ الضّريح
تسعين [3] ألفا لا ترى [4] منهم ... إلا [5] قتيلا أو أسيرا أو جريح
فقل لهم إنْ أضمروا عودة ... لأَخْذ الثّأر أو لعقدٍ [6] صحيح
دار ابن لُقْمان على حالها ... والقيد باق والطواشي صبيح [7]
وكان هذا النّصر العزيز فِي أوّل يوم من السّنة. وبقي الفرنسيس فِي
الاعتقال إلى أنْ قتل السّلطان المعظّم ابن الصّالح [8] ، فدخل حسام
الدّين ابن أَبِي عليّ فِي قضيته عَلَى أن يسلّم إلى المسلمين دمياط
ويحمل خمسمائة ألف دينار، فأركبوه بغلة وساقت معه الجيوش إلى دمياط،
فما وصلوا إلّا والمسلمون عَلَى أعلاها بالتّهليل والتكبير، والفرنج
الّذين بِهَا قد هربوا إلى المراكب وأَخْلَوها.
فخاف الفرنسيس واصفرّ لونه، فقال الأمير حسام الدّين: «هذه دِمياط قد
حصَلَتْ لنا، وهذا الرجل فِي أسِرْنا وهو عظيم النّصرانيّة وقد اطّلع
عَلَى عوراتنا، والمصلحة أن لا نطلقه» .
__________
[1] في المختصر لأبي الفداء: «يا طبل» ، وفي تاريخ ابن سباط 1/ 352
«بالطبل» .
[2] في المختصر لأبي الفداء: «أوردتهم» ، ومثله في: تاريخ ابن سباط.
[3] في المختصر لأبي الفداء: «خمسون» ، ومثله في: تاريخ ابن سباط.
[4] في المختصر لأبي الفداء: «يرى» ، ومثله في: تاريخ ابن سباط.
[5] في المختصر لأبي الفداء: «غير» ، ومثله في: تاريخ ابن سباط.
[6] في المختصر لأبي الفداء: «لأخذ ثار أو لقصد» ، ومثله في: تاريخ ابن
سباط.
[7] الأبيات- ما عدا الثالث- في: المختصر في أخبار البشر 3/ 182، والدر
المطلوب 384، 385، والمختار من تاريخ ابن الجزري 221، 222، وتاريخ ابن
الوردي 2/ 183، وعيون التواريخ 20/ 38، 39، وتاريخ ابن خلدون 5/ 361،
والسلوك ج 1 ق 2/ 363، 364، والنجوم الزاهرة 6/ 370، وتاريخ ابن سباط
1/ 352، 353، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 382، 383، والإعلام والتبيين 61.
[8] انظر عن قتله في: ذيل الروضتين 185.
(47/52)
وكان قد تسلطن الملك المعزّ أَيْبَك
الصّالحيّ فقال: «ما أرى الغدر» . وأمرَ بِهِ فركب فِي البحر الرُّوميّ
فِي شيني [1] .
وذكر حسام الدّين أنّه سأله عَن عدّة العسكر الّذين قدِم بهم فقال:
كَانَ معي تسعة آلاف وخمسمائة فارس [2] ، ومائة ألف وثلاثون ألف طقشيّ،
سوى الغلمان والسُّوقيّة والبحّارة [3] .
وقال سعد الدّين فِي «تاريخه» : اتّفقوا عَلَى أن يسلّم الإفرنسيس
دِمياط، وأن يعطي هو والكنود ثمانمائة ألف دينار عوضا عمّا كَانَ
بدِمياط من الحواصل، ويطلقوا أسرى المسلمين. فحلفوا عَلَى هذا، وركب
العسكر ثاني صَفر، وسُقنا وقفنا حول دِمياط إلى قريب الظُّهر، ودخل
النّاس إليها ونهبوا وقتلوا مَن بقي مِن الفرنج، فضربهم الأمراء
وأخرجوهم، وقوَّموا الحواصل الّتي بقيت بِهَا بأربعمائة ألف دينار،
وأخذوا من الإفرنسيس أربعمائة ألف دينار، وأطلقوه العصر هُوَ وجماعة،
فانحدروا فِي شيني إلى البُطس، وأنفذ رسولا إلى الأمراء يَقْولُ: ما
رَأَيْت أقلّ عقلٍ ولا دين منكم. أمّا قِلّة الدّين فقتلتم سلطانكم،
وأمّا قلّة العقل فكون مثلي ملك البحر وقع في أيديكم بعتموه بأربعمائة
ألف دينار، ولو طلبتم مملكتي دفعتها لكم حتّى أخلص [4] .
[كتاب المعظّم بالفتح]
وجاء إلى دمشق كتاب الملك المعظّم فِيهِ. «ولمّا كَانَ يوم أوّل السّنة
فتحنا الخزائن وبذلنا الأموال وفرّقنا السّلاح، وجمعنا العربان
والمطَّوِّعة واجتمع خلائق، فلمّا رَأَى العدوّ ذَلِكَ طلب الصّلح
عَلَى ما كان أيّام الكامل فأبينا،
__________
[1] العبر 5/ 197، مرآة الجنان 4/ 118، عيون التواريخ 20/ 40.
[2] في: دول الإسلام 2/ 155 «تسعة آلاف فارس» دون ذكر للخمسمائة.
[3] انظر: أخبار الأيوبيين 160، والخبر منقول عن: المختار من تاريخ ابن
الجزري 222، 223.
[4] دول الإسلام 2/ 155.
(47/53)
فلمّا كَانَ اللّيل تركوا خيامهم وأثقالهم،
وقصدوا دمياط هاربين، فطلبنا [هم] [1] وما زال السّيف يعمل فِي أقفيتهم
عامّة اللّيل وإلى النّهار، فقتلنا منهم ثلاثين ألفا، غير من ألقى نفسه
فِي اللُّجَج [2] .
وأمّا الأسرى فحدِّث عَن البحر ولا حَرَج. وطلب الفرنسيس الأمان
فأمّناه وأخذناه وأكرمناه، وتسلّمنا دِمياط» [3] .
وأرسل المعظّم إلى نائب دمشق ابن يغمور بغفارة الإفرنسيس فلبسها، وهي
سَقْرلاط [4] أحمر بفَرْو سِنْجاب، فكتب إلى السّلطان بيتين لابن
إسرائيل:
أَسَيِّدَ [5] أملاكِ الزّمانِ بأَسْرِهِمُ ... تنجَّزْتَ [6] من نصر
الإله وُعُودَه
فلا زالَ مولانا يفتح [7] حمى العدي ... ويلبس أسلاب الملوك عبيده [8]
__________
[1] إضافة من: المختار من تاريخ ابن الجزري 223.
[2] في مرآة الزمان: «اللج» ، والمثبت يتفق مع: نهاية الأرب 29/ 357،
والدر المطلوب 381، والمختار من تاريخ ابن الجزري 223.
[3] قارن النص بما في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 778، 779 ففيه زيادة
واختلاف في الألفاظ، وكذلك في: نهاية الأرب 29/ 356، 357، والدر
المطلوب 380، 381، وهو منقول عن:
المختار من تاريخ ابن الجزري 223.
[4] في ذيل الروضتين 184 «اسكرلاط» ، وفي نهاية الأرب 29/ 358 «اسقلاط»
ونحوه في: الدر المطلوب 381، وفي السلوك «اسكرلاط» ، والمثبت يتفق مع
(النجوم الزاهرة) وهو نوع من القماش، قرمزيّ اللون، كان يرد من بلاد
إيرلنده. (د. محمد مصطفى زيادة- السلوك- ج 1/ 357) وقيل هو نوع من
القماش الحرير الموشّى بالذهب، اشتهرت صناعته ببغداد وذاع صيته في غرب
أوربة في العصور الوسطى. (Dozy.Supp.Dict.Ar.)
.
[5] في ذيل الروضتين 184: «أسيد» ، وفي المختار من تاريخ ابن الجزري
223 «اشتد» .
[6] في تاريخ ابن الجزري: «فنحرت» .
[7] وفي ذيل الروضتين: «يبيح» ، وكذا في نهاية الأرب 29/ 359. وفي
المختار من تاريخ ابن الجزري «يدج» .
[8] وروى «ابن العبري» خبر استيلاء الفرنج على دمياط ثم أسر ملكهم
وإطلاقه على هذا النحو:
«أمّا الفرنج فدنوا من سور دمياط ولم يسمعوا صوت حرّاس قطعا، ولم
يشاهدوا أحدا في الأبراج فدهشوا، وأرسلوا فريقا إلى الميناء فلم
يشاهدوا مخلوقا، فعرفوا أنهم قد انهزموا ودخلوا المدينة يوم الجمعة
مطمئنين مسرورين، ولم يشاهدوا فيها من يبول في حائط، وجعلت السفن تنقل
لهم الميرة من البحر. غير أن عقلهم المعوجّ لم يدعهم يصطبرون
(47/54)
[سلطنة شجر الدرّ]
وسلطنوا عليهم عزّ الدّين أيبك الترُّكُمانيّ، ورجعوا إلى القاهرة،
وكاتبوا أمراء الشّام.
قَالَ سعد الدّين: جاء الترُّك إلى دِهْليز السّلطان وحلفوا لشَجَرَ
الدُّرّ ولنائبها الأمير عزّ الدّين الترُّكمانيّ [1] . وفي صفر شرعت
السّتّ شجر الدُّر فِي الخلع للأمراء، وأعطتهم الذَّهَب والخيل [2] .
وأطلقوا خمسمائة أسير من الفرنج، فيهم مائة فارس.
__________
[ () ] ليختبروا عادة البلد ومنافذ الأنهار والطرق، بل سارعوا وعبروا
غديرا في النيل، وساروا نحو مصر بعيدين عن الماء، ووصلوا إلى مكان قحل.
وسار وراءهم بعض جنود العرب وأحاطوهم، فأصبح الفرنج بينهم وبين الماء
يعذّبهم الجوع والعطش ويعذّب خيلهم. عند ذلك تشجّع العرب وضربوهم ضربة
هائلة جدّا وفتكوا بأغلبهم، واعتقلوا الملك وأقطابه ومضوا بهم إلى
المعظّم فحبسهم هناك عنده. وأشار عليه المماليك الصغار أقرانه قائلين:
إن قتلت هذا الملك الفرنجي فلن تنجو كل حياتك من محاربتهم لأنّ ملوكهم
كثيرون وأشدّاء، فالرأي أن تستحلفهم بأنه منذ الآن إلى مائة وعشرين سنة
لا ينازل العرب لا هو ولا إخوته ولا أبناؤهم ولا حفدتهم، وأطلقه ليذهب
ويشكر لك فضلك عند أبناء دينه. هكذا استرح وارتع في الطمأنينة ولا
تبدّد ما خلّفه آباؤك من الكنوز في سبيل الجنود. فأصغى المعظّم إلى
مشورتهم، واستحضر ملك فرنسا ليلا إليه واستحلفه كما رأى وأجزل له
العطاء وسرّحه.
قيل إنه لما كان ملك فرنسا المشار إليه معتقلا ورده النبأ بأن الملكة
امرأته ولدت له ابنا في دمياط. فسمع المعظّم وسيّر إليه عشرة آلاف
دينار ذهبا ومهدا للطفل ذهبيا وحللا ملكية.
أما العبيد شيوخ والد المعظّم فلما شعروا بإطلاقه ملك فرنسا ثار ثائرهم
ووجّهوا السفن في البحر ليقبضوا عليه. ولكنهم لم يدركوه، فاستلّوا
السيوف وبادروا إليه فهرب منهم وصعد إلى برج من خشب كان هناك، فأضرموا
فيه النار، فلما وصلت رمى نفسه في البحر واختنق وضاعت جثّته.
أما ملك فرنسا فسار إلى دمياط وأخذ أهله وتوجّه إلى عكّة وأقام بها
زمانا وبنى مدينة قيسارية ونحوها من المدن وعاد إلى وطنه» . (تاريخ
الزمان 294، 295) وانظر: تاريخ مختصر الدول 259، 260.
[1] تاريخ مختصر الدول 259، النور اللائح في اصطفاء الملك الصالح لابن
القيسراني (بتحقيقنا) 56، الدر المطلوب 383.
[2] الدر المطلوب 385، بدائع الزهور ج 1 ق 1/ 286.
(47/55)
وفي أوّل ربيع الأوّل رفعوا خبر فخر الدّين
ابن الشَّيْخ، وزيادة ثلاثة أضياع للفارس أقطاي الْجَمْدار، وجرّدوا
عشرة أمراء إلى غزّة مقدّمهم خاصّ تُرْك الكبير، ونفوا أولاد النّاصر
دَاوُد.
[خروج عسكر مصر لقتال الحلبيين]
وفي ربيع الآخر خرج عسكر مصر جميعه لأجل حركة الحلبيّين، فسار الملك
النّاصر صلاح الدّين يوسف صاحب حلب بمن معه من الملوك والعساكر لأخذ
البلاد والانتقام ممّن قتل السّلطان.
[دخول الناصر دمشق]
وقال غيره: فلمّا قرب النّاصر من دمشق أرسل النائب جمال الدّين بْن
يغمور والقيمُرِيّة إلى عَزَّتا [1] فأخرجوا ابن الملك العزيز إلى دمشق
واحترموه، وأسكنوه دار فرّخ شاه. ونزل الملك النّاصر بالقُصَيْر [2] ،
ثُمَّ انتقل إلى داريَّا، وزحفوا عَلَى دمشق فِي ثامن ربيع الآخر عند
باب الصّغير، وكان مسلَّمًا إلى ضياء الدّين [3] القَيْمُرِيّ، ومن عند
باب الجابية، وكان مسلّما إلى ناصر الدّين القَيْمُرِيّ، فلمّا وصلوا
إلى البابين كُسرت لهم الأقفال من داخل، وفُتحت لهم الأبواب فدخلوا،
ونُهبت دار جمال الدين بن يغمور وسيف الدين المشد [4] ودُور عسكر دمشق،
وأُخذت خيولهم وأمتعتهم. ودخل ابن يغمور إلى القلعة. ثمّ نوديَ بالأمان
ودخل الملك النّاصر يوسف القلعة [5] .
__________
[1] عزّتا: بفتح العين المهملة وتشديد الزاي المفتوحة وتاء مثنّاة
وبعدها ألف ممدودة. قلعة قرب دمشق.
[2] في نهاية الأرب 29/ 367 «القصر» .
[3] في مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 779 «ناصر الدين» ، وفي نهاية الأرب 29/
367 «صارم الدين» ، والمثبت يتفق مع: المختار من تاريخ ابن الجزري 224.
[4] في الأصل: «المشدور ور» ، والتصحيح من: المختار من تاريخ ابن
الجزري 224.
[5] مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 779، 780، المختصر في أخبار البشر 3/ 183،
أخبار الأيوبيين 161، 162، نهاية الأرب 29/ 367، 368، المختار من تاريخ
ابن الجزري 224، تاريخ ابن الوردي 2/ 183، السلوك ج 1 ق 2/ 367، تاريخ
ابن سباط 1/ 353.
(47/56)
[تسلّم ابن المعظّم الصبيبة]
وكان الملك النّاصر دَاوُد بْن المعظّم نازلا بالعُقَيبة، فجاءه ابن
الملك [1] العزيز الّذي كَانَ محبوسا بعزَّتا فبات عنده، ثُمَّ قام
بليلٍ فساق إلى الصّبيبة، وكان بِهَا خادم لَهُ قد كاتبه، ففتح لَهُ
الخادم بابها فدخلها وتسلّمها [2] .
[تسلّم الناصر بَعْلَبَكّ وصرخد]
وأمّا الملك النّاصر فتسلّم بَعْلَبَكّ وصرْخد [3] .
[القبض عَلَى السلطان الناصر]
ثُمَّ تمرّض السّلطان النّاصر وخرج إلى المِزّة، فبعث ناصر الدّين
القَيْمُرِيّ ونظام الدّين ابن المولى الحلبيّ إلى النّاصر دَاوُد،
وكان نازلا بالقابون، فحضر معهما إلى السّلطان فقبض عَلَيْهِ، ثُمَّ
بعث بِهِ إلى قلعة حمص فاعتقله بِهَا، وأنزل حُرَمُه وأولاده بالخانقاه
الشّبليّة عند ثورا.
[فشل محاولة الفتْك بعزّ الدين أيبك]
قَالَ سعد الدّين: فِي ربيع الآخر أراد جماعة من البحريّة الفتْك بعزّ
الدّين أيبك الترُّكُمانيّ، فمسك منهم قوما، وحلّف الأمراء مرّة أخرى.
[زواج البحرية والمماليك]
وفي هذين [4] الشهرين كلّ يومٍ يتزوّج اثنان ثلاثة مِن البحرية
والمماليك تزوّجهم السّت بجواري القلعة، وأخرجت معهم نِعَمًا عظيمة.
__________
[1] في مرآة الزمان: «فجاءه الملك» ، والمثبت يتفق مع: المختار من
تاريخ ابن الجزري 223 و 224.
[2] مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 780، تاريخ مختصر الدول لابن العبري 260،
المختصر في أخبار البشر 3/ 182، نهاية الأرب 29/ 368، المختار من تاريخ
ابن الجزري 223، 224.
[3] مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 780 المختصر في أخبار البشر 3/ 183، نهاية
الأرب 29/ 368، وفي الدر المطلوب 385 «وعصى عليه بعض البلاد مثل بعلبكّ
وسرمين وعجلون» .
[4] في الأصل: «وفي هذا» .
(47/57)
[إمساك جماعة من
الأمراء]
ثُمَّ مسكوا أمراء الأكراد سيف الدّين القَيمريّ، وجمال الدين هارون،
والشّرف الشَّيْزَرِيّ، والعزّ القَيْمُريّ، وعلاء الدّين بْن الشّهاب،
والحسام ابن القَيْسيّ، وقُطْب الدّين صاحب آمِد، وقُطْب الدّين صاحب
السُّوَيْدا، وناصر الدّين التَّبْنينيّ، وشرف الدّين ابن المعتمد
الَّذِي كَانَ والي قلعة دمشق، وشمس الدّين ابن بكا الَّذِي كَانَ ولي
دمشق، والشّجاع الحاجب.
[سلطنة عزّ الدين أيْبك واستقالته]
ثُمَّ فِي الثّامن والعشرين منه تسلطن عزّ الدّين أيْبَك وركب بأُبهّة
المُلْك، ثُمَّ فِي ثاني جُمادى الأولى استقال منها، وحلف العسكر للملك
الأشرف ابن صلاح الدّين ابن المسعود أقسيس ابن الكامل، وله ثمان سنين،
وبقي عزّ الدّين أتابكه [1] ، وقطعوا جنزى.
[إخراج جماعة أمراء من الحبس]
وفيه أمّروا البُنْدُقْدار، وأخرجوا جماعة أمراء من حبس الصّالح، وهم:
بدر الدّين يونس، وعَلَم الدّين شمائل، ولؤلؤ الباسليّ، وناصر الدّين
بْن بُرْطاس، وآخرين. وهرب خاصّ تُرك الكبير، والشّهاب رشيد الكبير،
وشهاب الدّين ابن العزيز، وجماعة أمراء، وراحوا إلى الكَرَك.
[استيلاء الملك المغيث عَلَى الكرك]
وجاء الخبر أنّ الملك المغيث ابن العادل ابن الكامل استولى عَلَى
الكَرَك [2] ، فبعد أيّامٍ قبض المغيث عَلَى رشيد الكبير، وعلى ابن
الغَرْز لمكاتبتهم الحلبيّين، ومسك المعزّ عدّة أمراء فأسرف.
__________
[1] المختصر في أخبار البشر 3/ 183، تاريخ ابن سباط 1/ 356.
[2] نهاية الأرب 29/ 393، الدر المطلوب 385.
(47/58)
[مسير السلطان
الناصر إلى مصر]
قلت: ثُمَّ سار السلطان الملك النّاصر يريد الدّيار المصريّة بإشارة
نائبة شمس الدّين لؤلؤ وإلحاحه عَلَيْهِ، وكان يستهزئ بعسكر مصر ويقول:
آخذها بمائتي فارس [1] . وكانت تأتيه كُتُبٌ من مصر فساروا، وتقدَّم
جمال الدّين ابن يغمور وسيف الدّين المشدّ، وت [قدّم] [2] الجيش،
وانفرد لؤلؤ وضياء الدّين القَيْمُرِيّ، وبرز الصّالحيّون، فكان
الملتَقَى فِي ذي القعدة عند الصّالحية [3] فِي آخر الرمل، فانكسرت
الصّالحيّة ونُهِبت أثقالهم، وانهزم طائفة منهم إلى الصّعيد [4] ،
وخُطِب فِي ذَلِكَ اليوم بالقاهرة وبقلعة مصر للملك النّاصر [5] وبات
جمال الدّين ابن يغمور تِلْكَ اللّيلة بالعبّاسة [6] ، وأحمى الحَمّام
للسّلطان، وهيّأ الإقامات.
هذا، والسّلطان ما عنده خبر من نُصْرته، وهو واقف بسناجقه وخزائنه
وخواصّه [7] .
[كسرة عسكر السلطان الناصر]
وأمّا الصّالحيّة فلمّا رأوا الكسرة ساق منهم عزّ الدّين أَيْبَك
التّركمانيّ الّذي تسلطن، والفارس أقطاي في ثلاثمائة فارس هاربين
طالبين الشّام، فمرّوا فِي طريقهم بالشّمس لؤلؤ، والضّياء
القَيْمُرِيّ، فالتقوا عَلَى غير تعبئة، فحمل عليهم لؤلؤ وحملوا
عَلَيْهِ، فظفروا بِهِ وأسروه، وقتلوا ضياء الدّين، ثمّ قتلوا
__________
[1] في نهاية الأرب 29/ 377 «بمائتي قناع» ، أي امرأة، وسيأتي ذلك
قريبا، ومثله في: المختار من تاريخ ابن الجزري 225، وعيون التواريخ 20/
41.
[2] في الأصل بياض مقدار كلمة، والإضافة من: المختار من تاريخ ابن
الجزري 225.
[3] في المختصر لأبي الفداء 3/ 184 «بالقرب من العباسية» .
[4] أخبار الأيوبيين 162، نهاية الأرب 29/ 377 و 420، عقد الجمان (1)
41.
[5] نهاية الأرب 29/ 377، المختار من تاريخ ابن الجزري 225.
[6] العباسة: بليدة أول ما يلقى القاصد لمصر من الشام من الديار
المصرية. (معجم البلدان 4/ 75) . ووقع في تاريخ ابن الوردي 2/ 186
«العباسية» ، وهو تصحيف، وكذلك في: مرآة الجنان 4/ 118.
[7] تاريخ ابن سباط 1/ 358، المختار من تاريخ ابن الجزري 225.
(47/59)
لؤلؤ صبْرًا بين يدي التّركمانيّ [1]
لأنّهم بلغهم استخفافُه بهم، وقوله: أَنَا آخذ مصر بمائتي قناع [2] .
ثُمَّ ساقوا فاعترضوا طلب السّلطان، فخامر جماعة من الأمراء العزيزية
عَلَيْهِ، وانحازوا إلى التّركمانيّ وجسّروه عَلَى السُّلطان، وعطفوا
بِهِ عَلَى الطّلب، وكسروا سناجق السّلطان، ونهبوا الخزائن، ورموا
بالنُّشّاب، فأخذ نوفل البدويّ [3] السّلطان والخاصكيّة، ومضى بهم
سَوْقًا إلى دمشق، وكان معه الملك المعظّم توران شاه ولد السّلطان صلاح
الدين، فأسروا مجروحا، وجرحوا ولده تاج الملوك ابن توران شاه، وأسروا
أخاه النُّصرة [4] بْن صلاح الدّين، والملك الأشرف موسى ابن صاحب حمص،
والملك الصّالح إِسْمَاعِيل بْن العادل [5] ، والملك الزّاهر ابن صاحب
حمص، والشّريف المُرْتَضَى، فمات تاج الملوك من جراحة، فحُمِل ودُفن
بالقدس، وجُرح حسام الدّين القَيْمُرِيّ فحُمل إلى القدس فمات بِهِ.
وذكر سعد الدّين أَنَّهُ قُتِل فِي هذه الوقعة مَعَ شمس الدّين لؤلؤ
حسام الدّين المذكور، وناصر الدّين ابن الأمير سيف الدّين
القَيْمُرِيّ، والأمير ضياء الدّين القَيْمُرِيّ، والأمير سعد الدّين
الحميديّ، رحمهم الله [6] .
__________
[1] المختصر في أخبار البشر 3/ 185، الدر المطلوب 17، تاريخ ابن الوردي
2/ 186، عيون التواريخ 20/ 42، النجوم الزاهرة 7/ 7.
[2] نهاية الأرب 29/ 378، وفي المختار من تاريخ ابن الجزري 225 «فقال
أقطايا: هذا الّذي يأخذ مصر بمائتي قناع قد جعلنا مخانيث» ، وانظر:
النجوم الزاهرة 7/ 7.
[3] هكذا في الأصل ونسخة مخطوطة من النجوم الزاهرة. وفي المطبوع:
«الزبيدي» (7/ 8) اعتمادا على: المنهل الصافي، والسلوك.
[4] في أخبار الأيوبيين 162 «نصير الدين» ، والخبر في: العبر 5/ 198.
[5] أخبار الأيوبيين 162.
[6] نهاية الأرب 29/ 421، أخبار الأيوبيين 161- 163، تاريخ مختصر الدول
260، 261، تاريخ الزمان 297، المختصر في أخبار البشر 3/ 184، 185، ذيل
الروضتين 186 (باختصار) ، مذكرات جوانقيل 238، الدرّة الزكية 16- 18،
العبر 5/ 197، 198، دول الإسلام 2/ 155، 156، تاريخ ابن الوردي 2/ 185،
186، عيون التواريخ 20/ 41، 42، البداية والنهاية 13/ 179، العسجد
المسبوك 2/ 579، 580، السلوك ج 1 ق 2/ 372- 378، تاريخ ابن سباط 1/
358- 360، عقد الجمان (1) 39- 44.
(47/60)
[فكاك أسرى الفرنج]
وقال ابن السّاعي: لمّا قُتِل المعظّم ثارت أسرى الفرنج وفكّوا قيودهم
وقتلوا خلقا [1] ، فأحاط بهم العسكر وقتلوا منهم زيادة عَلَى ثلاثة عشر
ألفا.
وجاءت الشّريف المرتضى هذا ضربةُ سيفٍ فقال: بقيت مُلقى فِي الرمل يوما
وليلة والدّماء تخرج، فمنّ اللَّه عليَّ بالملك الصّالح ابن صاحب حمص،
فخيّط وجهي بمِسَلَّةٍ [2] وحملني وعاينْتُ الموت. وتمزّق طائفة كبيرة
من الجيش الشّامي ومشوا فِي الرمال وتعتّروا [3] .
[إعدام الملك الصالح]
ودخلت الصّالحيّة، الأسرى، والسّناجق منكّسَة مكسَّرة، والخيول
والطّبول مُشَقَّقة، فلمّا عبروا عَلَى تربة السّلطان الملك الصّالح
نجم الدّين أحاطوا بالصّالح إِسْمَاعِيل وصاحُوا: يا خَوَنْد أَيْنَ
عينيك ترى عدوّك. ثمّ رموا الأسارى فِي الْجُبّ، وجمعوا بين الصّالح
وبين أولاده أيّاما، ثُمَّ أفردوه وأعدموه سرّا، ولم يدر أين دفن [4] .
__________
[1] وقال ابن العبري: «ولما عرف الأتراك المخالفون له حشدوا جيوشهم
وأطلقوا أغلب الفرنج المعتقلين لديهم» . (تاريخ الزمان 297) .
[2] في المختار من تاريخ ابن الجزري 226 «بمساك» .
[3] المختار من تاريخ ابن الجزري 225، 226.
و «تعتّروا» كلمة عاميّة بمعنى لاقوا الصعاب والمذلّة.
[4] انظر عن (الملك الصالح) في: تاريخ مختصر الدول 232 و 244، وتلخيص
مجمع الآداب ج 4 ق 2/ 692، وأخبار الأيوبيين 163، وذيل الروضتين 186،
والمختصر في أخبار البشر 3/ 185، والدرة الزكية 15، ودول الإسلام 2/
156، والعبر 5/ 198، وتاريخ ابن الوردي 2/ 186، ومرآة الجنان 4/ 118،
وعيون التواريخ 20/ 46، والبداية والنهاية 13/ 179، وتاريخ ابن خلدون
5/ 362، والسلوك ج 1 ق 2/ 378، 379، وعقد الجمان (1) 47، والنجوم
الزاهرة 7/ 8، 9، وتاريخ ابن سباط 1/ 360، وشفاء القلوب 324، 325، رقم
43، والدارس 1/ 316، وشذرات الذهب 5/ 241، وترويح القلوب 61، والخبر
في: المختار من تاريخ ابن الجزري 226، وسمط النجوم العوالي 4/ 14.
(47/61)
[شنق جماعة من أمراء
الناصر بالقلعة]
وكان أمين الدّولة السّامريّ محبوسا فِي قلعة مصر هُوَ وابن يغمور ناصر
الدّين، وسيف الدّين القَيْمُرِيّ ومقدّم الخَوارزميّة صهر الملك
النّاصر يوسف، فخرجوا من الحبْس لمّا خُطب ذَلِكَ اليوم للنّاصر
وصاحوا: «الملك النّاصر يا منصور» . فجاء الترُّك ودخلوا القلعة
وشنقوهم، سوى ابن يغمور [1] ، فإنّه لم يوافقهم، بل جاء وقعد عَلَى باب
دار حريم التّركمانيّ وحماها.
وكان الملك النّاصر يوسف بعث الصّاحب كمال الدّين ابن العديم رسولا إلى
بغداد إلى الخليفة ليجيئه بتقليد السّلطنة، فدخلها فِي شعبان [2] .
[إخلاء قلعة الجزيرة]
وفي وسط السّنة أخلى الملك المُعِزّ قلعة الجزيرة الّتي قبالة مصر،
وقطعوا جسرها الَّذِي عَلَى النّيل، ونزل بِهَا نحو مائة نفس يحفظون
أبراجها.
وكان الملك الصّالح قد أنشأها فِي أيّامه، وغرم عليها أموالا عظيمة لا
تُحصَى، وكان مكانها دُور ومساجد ونخل وبستان، فخرّب المساجد والدُّور،
وكثر الدّعاء عَلَيْهِ لذلك. ثم بعثوا حجّارين لخراب سُور دِمياط
باتّفاقٍ من أمراء الترُّك، ثُمَّ أحضروا بعد أيّام أبوابها إلى مصر
[3] .
__________
[1] جاء في المختصر لأبي الفداء 3/ 185 أن ابن يغمور شنق أيضا على باب
قلعة الجبل رابع عشر ذي القعدة (سنة 648 هـ.) .
أما ابن العميد فيذكر أن الأمير الّذي شنق هو ناصر الدين بن إسماعيل بن
يغمور.. وأن المعزّ أراد أن يتلف الأمير سيف الدين القيمري فأشاروا
عليه أن لا يتعرّض إليه فتركه وأخرجه بعد مدّة من الديار المصرية إلى
الشام. (أخبار الأيوبيين 163) وانظر: نهاية الأرب 29/ 422، والنجوم
الزاهرة 7/ 9.
وجاء في: المختار من تاريخ ابن الجزري 226 إن الّذي لم يوافقهم هو
«القيمري» ، وأنهم شنقوا ابن يغمور.
[2] نهاية الأرب 29/ 370، المختار من تاريخ ابن الجزري 227.
[3] المختصر في أخبار البشر 3/ 184، الدرة الزكية 15، دول الإسلام 2/
156، تاريخ ابن الوردي 2/ 185، السلوك ج 1 ق 2/ 372، تاريخ ابن سباط 1/
357، البداية والنهاية
(47/62)
[القبض عَلَى جماعة من الأمراء وغيرهم]
وقبض المعزّ فِي هذه الأيّام عَلَى خلقْ من الأمراء والمفاردة [1] .
[كثرة الحرامية ببغداد]
وفيها كثُر الحراميّة ببغداد وصار لهم مقدَّم يقال لَهُ غيث، وتجرّءوا
عَلَى دُور الأمراء [2] .
[قطْعُ الخطبة ببغداد]
وفيها ثارت طائفة من الْجُنْد ببغداد ومنعوا يوم الجمعة الخطيب من
الخطبة، واستغاثوا لأجل قطع أرزاقهم. وكلّ ذَلِكَ من عمل الوزير ابن
العلقميّ الرّافضيّ، وكان حريصا عَلَى زوال دولة بني العبّاس ونقْلها
إلى العلويّين، والرُّسُل فِي السرّ بينه وبين التّتر، والمستعصم
باللَّه تائه فِي لذَّاته لا يطَّلع عَلَى الأمور، ولا لَهُ غَرَضٌ فِي
المصلحة [3] .
[امتناع الحج من الشام ومصر]
وفيها حجّ طائفة من العراق، ولم يحجّ أحد من الشّام ولا مصر لاضطراب
الأمور، فأغلق صاحب مكّة أَبُو سعد [4] أبواب مكّة، وأخذ عَلَى النّاس
دينارا [5] ، ورتَّب إماما للزَّيديّة فِي الحرم عنادا وتقرُّبًا إلى
العلويّ الخارج باليمن [6] .
__________
[13] / 181 (حوادث سنة 649 هـ.) ، السلوك ج 1 ق 2/ 381 (حوادث سنة 649
هـ.) ، بدائع الزهور ج 1 ق 1/ 270، 271.
[1] المختصر في أخبار البشر 3/ 183.
[2] الحوادث الجامعة 125، المختار من تاريخ ابن الجزري 227، العسجد
المسبوك 2/ 578.
[3] دول الإسلام 2/ 156.
[4] في مآثر الإنافة 2/ 97 «أبو سعيد» ، والمثبت يتفق مع: صبح الأعشى
4/ 299 وهو «أبو سعد الحسن بن علي بن قتادة» .
[5] وأخذ عن حمله دينارا آخر. (الحوادث الجامعة) .
[6] الحوادث الجامعة 124، 125، المختار من تاريخ ابن الجزري 227،
العقود اللؤلؤية في
(47/63)
ومن زمان المستنصر باللَّه إلى الآن لم
يخرج من بغداد ركْب، إنّما يتجمّع ناس ويحجّون مع عرب البصرة يحفرونهم،
وذلك لضعف الخلافة وخبث الوزير قاتله اللَّه [1] .
[تخريب دمياط]
وفيها فرغوا من خراب دِمياط، وتفرّق أهلها، ونقلوا أخشاب بيوتهم
وأبوابها، وتركوها خاوية عَلَى رءُوسها. ثُمَّ بُنيت بُلَيدة قريبا
منها تسمّى المنشيّة.
وكان سور دِمياط من عمل المتوكّل على الله [2] .
__________
[ () ] تاريخ الدولة الرسولية لعلي بن الحسن الخزرجي- تصحيح محمد
بسيوني عسل- طبعة الهلال بمصر 1329 هـ. / 1911 م. - ج 1/ 77، 78،
العسجد المسبوك 2/ 579، النجوم الزاهرة 7/ 20.
[1] دول الإسلام 2/ 156، المختار من تاريخ ابن الجزري 227.
[2] المختصر في أخبار البشر 3/ 184، الدرّة الزكية 15، دول الإسلام 2/
156، تاريخ ابن الوردي 2/ 185، السلوك ج 1 ق 2/ 372، تاريخ ابن سباط 1/
357، عيون التواريخ 20/ 52 (حوادث سنة 649 هـ.) ، مرآة الزمان ج 8 ق 2/
785 (حوادث سنة 649 هـ.) ، البداية والنهاية 13/ 181 (حوادث سنة 649
هـ.) ، عقد الجمان (1) 37 (حوادث سنة 649 هـ.) ، النجوم الزاهرة 7/ 20
و 23.
(47/64)
سنة تسع وأربعين
وستمائة
[دخول الملك الناصر دمشق]
فيها دخل الملك النّاصر دمشق، فإنّه أقام عَلَى غزة حتّى تراجع أكثر
عسكره [1] .
[لقاء العسكرين المصري والشامي]
وفيها جاء عسكر مصر فنزلوا عَلَى غزّة والسّاحل ونابلس وحكموا عَلَى
بلاد فلسطين، فجهّز الملك النّاصر جيشا، وجاءته النّجدة، فسار عسكره
إلى غزّة، وتقهقر المصريّون إلى بلادهم، وأقام عسكر الشّام عَلَى غزّة
سنتين وأشهرا، وتردّدت الرُّسُل بين الملك المعزّ أَيْبَك، وبين الملك
النّاصر يوسف [2] .
[تملّك المغيث الكرَك والشوبك]
وفيها تملّك الملك المغيث ابن الملك العادل ابن الكامل الكَرَك
والشَّوْبك، أعطاه إيّاها الطّواشيّ صواب متولّيها [3] .
__________
[1] نهاية الأرب 29/ 423، النجوم الزاهرة 7/ 21.
[2] مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 785، دول الإسلام 2/ 156، المختار من تاريخ
ابن الجزري 230، العبر 5/ 201، مرآة الجنان 4/ 119، عيون التواريخ 20/
51، 52، السلوك ج 1 ق 2/ 381، عقد الجمان (1) 51.
[3] مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 785، المختصر في أخبار البشر 3/ 182، وفيه:
«بدر الدين الصوابي، الصالحي» ، أخبار الأيوبيين 161 و 164، نهاية
الأرب 29/ 393، دول الإسلام 2/ 156، الدر المطلوب 385، المختار من
تاريخ ابن الجزري 230، العبر 5/ 201، مرآة الجنان 4/ 119، عيون
التواريخ 20/ 52، النجوم الزاهرة 7/ 21.
(47/65)
[قصد أقطاي غزّة]
وفيها قصد الفارس أقطاي غزّة فِي ألف فارس [1] .
[زواج المعزّ بشجر الدِر]
وفيها تزوّج الملك المُعِزّ بشَجَر الدُّر حظِيّة الملك الصّالح أستاذه
[2] عَلَى صَداقٍ مَبلَغُهُ ثلاثون ألف دينار.
[إغراق المسعود بْن المعظّم صاحب الجزيرة]
وفيها حاصر لؤلؤ صاحب الموصل [3] الملك المسعود بْن المعظّم الأتابكيّ
صاحب الجزيرة، وأخذها منه، وأنزله من القلعة وقيّده، ثمّ غرّقه. وسلطن
بالجزيرة ولده، وأزال عَن أهلها كثيرا من المكوس [4] .
[مصادرة المصريّين]
وكان المصريّون فِي هذا العام فِي جُور عظيم ومصادرة لكلّ أحدٍ حتّى
آحاد النّاس، وأخذوا مال الأوقاف والأيتام عَلَى نيّة القَرْض، ومن
أرباب الصّنائع، ومن الأجناد، ومن الشّهود [5] .
__________
[1] مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 75، وفيه «أقطايا» ، المختصر في أخبار البشر
3/ 183 وفيه: «ومعه تقدير ألفي فارس» ، وفي موضع آخر (3/ 185) حوادث
سنة 648 هـ. قال: بعد هزيمة الملك الناصر صاحب الشام سار فارس الدين
أقطاي بثلاثة آلاف فارس إلى غزة فاستولى عليها..» وكذا في: الدرة
الزكية 19، ولم يذكر ابن شاكر الكتبي عددا للفرسان في: عيون التواريخ
20/ 52.
[2] مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 785، الدرة الزكية 20، المختار من تاريخ ابن
الجزري 230، عيون التواريخ 20/ 52، سمط النجوم العوالي 4/ 15، النور
اللائح (بتحقيقنا) 56.
[3] في الأصل بياض بعد كلمة «الموصل» ، ولا مبرّر له كما يتّضح من:
المختار من تاريخ ابن الجزري 230 حيث ينقل المؤلّف- رحمه الله- عنه.
وانظر: عيون التواريخ 20/ 52.
[4] المختار من تاريخ ابن الجزري 230، عيون التواريخ 20/ 52.
[5] النجوم الزاهرة 7/ 23.
(47/66)
سنة خمسين وستمائة
[وصول التتار إلى أطراف ديار بَكْر وغيرها]
فيها وصلت التّتار إلى أطراف ديار بَكْر، وميّافارِقين، وسَرُوج [1] ،
فعاثوا وقتلوا أكثر من عشرة آلاف، وأخذوا قَفَلًا كبيرا قد قدِم من
الشّام يكون ستّمائة جمل [2] .
وقُتِل مقدّمهم كشلوخان فِي هذه السّنة.
[حجّ الركب العراقي]
وفيها حجّ الرَّكب العراقيّ بعد انقطاعه عشر سِنين [3] .
[المصالحة بين الناصر والمعزّ]
وفيها توجّه نجم الدّين البادرائيّ رسول الخليفة من دمشق إلى المُعِزّ
أَيْبك فأصلح بين النّاصر والمعزّ، وكان كلّ واحدٍ من الطّائفتين قد
سئم وضرّ من الحرب. وقرّر أن تكون غزّة والقدس للمعزّ، ونابلس وما
يليها للنّاصر [4] .
__________
[1] سروج: بلدة قريبة من حرّان من ديار مضر. (معجم البلدان 3/ 261،
217) .
[2] في مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 787 «فأخذوا منها أموالا عظيمة منها
ستمائة ألف حمل سكّر، ومعمول مصر، وستمائة ألف دينار» ، الحوادث
الجامعة 128، دول الإسلام 2/ 156، الدرة الزكية 22، المختار من تاريخ
ابن الجزري 231، العبر 5/ 204، البداية والنهاية 13/ 182، السلوك ج 1 ق
2/ 383، عقد الجمان (1) 69، النجوم الزاهرة 7/ 25.
[3] المختار من تاريخ ابن الجزري 232، البداية والنهاية 13/ 182،
النجوم الزاهرة 7/ 25.
[4] حتى هنا في المختار من تاريخ ابن الجزري 232.
(47/67)
وكان معه نظام الدّين ابن المولى فرجع
بالصّلح فِي أوّل سنة إحدى وخمسين، وسكنت الفتنة، وللَّه الحمد [1] .
__________
[1] مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 789، أخبار الأيوبيين 164 (حوادث 649 هـ.) ،
نهاية الأرب 29/ 378 و 426، المختار من تاريخ ابن الجزري 232، تاريخ
ابن سباط 362 (حوادث 649 هـ.) ، دول الإسلام 2/ 156، الدرة الزكية 22،
عيون التواريخ 20/ 63، 64، العسجد المسبوك 2/ 585، 586، السلوك ج 1 ق
2/ 381، 382 و 383، عقد الجمان (1) 69، النجوم الزاهرة 7/ 12 و 35،
شفاء القلوب 415.
(47/68)
بسم الله الرّحمن الرّحيم
[تراجم رجال هذه الطبقة]
المتوفون سنة إحدى وأربعين وستمائة
- حرف الألف-
1- أَحْمَد بْن سَعِيد بْن يعقوب بن إبراهيم ابن البنّاء [1] .
البغداديّ، الأَزَجيّ، شيخ صالح.
سَمِعَ: أَبَا الْحُسَيْن عَبْد الحقّ، وأبا العلاء بْن عَقِيل، ونصر
اللَّه القزّاز.
وطلب بنفسه وكتب الأجزاء، وكان يعبّر الرؤيا.
تُوُفّي فِي التّاسع والعشرين من رمضان، وإجازته موجودة للفخر
إِسْمَاعِيل بْن عساكر، وفاطمة بِنْت جوهر، والقاضي تقيّ الدّين، وابن
سعد، وعيسى المطعم، وأحمد ابن الشِّحْنة، وجماعة.
روى عَنْهُ: ابن النّجّار، وقال: هُوَ صالح صَدُوق حافظٌ لكتاب اللَّه،
لَهُ معرفة بالعِلْم والتّعبير.
2- أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي القاسم شمس الدّين.
أَبُو الْعَبَّاس التّونسيّ الشّافعيّ.
سمع: الخشوعيّ، والبهاء ابن عساكر.
روى عَنْهُ: ابن الحُلْوانيّة، والفخر بْن عساكر، والخطيب شَرَف الدّين
الفَزَاريّ.
وبالحضور العماد محمد بن البالسيّ.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن سعيد) في: سير أعلام النبلاء 23/ 88 دون ترجمة.
(47/69)
تُوُفّي فِي شعبان.
3- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مُفْلِح.
المَقْدِسيّ.
تُوُفّي بسفح قاسيون كهْلًا. وله رواية نازلا.
4- أَحْمَد بْن أَبِي الفَتْح [1] مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن بختيار بْن
عليّ.
أَبُو الْعَبَّاس المَنْدَائيّ [2] ، الواسطيّ.
وُلِدَ سنة خمسٍ وخمسين وخمسمائة.
وسمع بواسط من: الْحَسَن بْن عليّ السَّواديّ، وأبي طَالِب مُحَمَّد
بْن عليّ الكتّانيّ، وغيرهما.
روى عَنْهُ: عزّ الدّين أَحْمَد الفاروثيّ، وغيره.
وتُوُفّي بطريق الحجّ بوادي الصّفراء.
روى عَنْهُ: مجد الدّين ابن العديم.
5- إِبْرَاهِيم بْن جَابِر [3] .
أَبُو إِسْحَاق المخزوميّ، المَرّاكِشيّ الواعظ، المعروف بالقفّال.
قَالَ الأَبّار: كَانَ عالِمًا عامِلًا. أقام بإشبيليّة مدّة، ثمّ
بمرّاكِش، فوعظ بِهَا إلى أن مات. وعاش ثمانين سنة.
6- إِبْرَاهِيم بْن شُكْر [4] بْن إِبْرَاهِيم بْن عليّ.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن أبي الفتح) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 632،
633 رقم 3145، والتذكرة لابن العديم، ورقة 215 و 216، وصلة التكملة
للحسيني، ورقة 10، 11، وسير أعلام النبلاء 23/ 88، 89 دون ترجمة.
وستعاد ترجمته في وفيات السنة التالية 642 هـ. برقم (73) .
[2] المندائي: بفتح الميم وسكون النون ودال مهملة مفتوحة وبعد الألف
ياء النسبة.
[3] انظر عن (إبراهيم بن جابر) في: تكملة الصلة لابن الأبّار، ج 1.
[4] انظر عن (إبراهيم بن شكر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 631 رقم
3138، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوتي 222، والمقفى الكبير
للمقريزي 1/ 173 رقم 168.
(47/70)
وجيهُ الدّين أَبُو إِسْحَاق السّخاويّ،
أخو الشّيخ عَلَم الدّين لأُمّه.
حدَّث عَن: أَبِي القاسم البُوصِيريّ بدمشق.
روى عَنْهُ: التّاج الشَّيْخ تاج الدّين، وأخوه الخطيب شرف الدّين
أَحْمَد، وأبو عليّ بْن الخلّال، والفخر بْن عساكر، وَمُحَمَّد بْن
يوسف الذّهبيّ، وَمُحَمَّد ابن خطيب بيت الآبار، وجماعة.
تُوُفّي فِي سابع عشر ذي القعدة، وله سبعون سنة. وكان فقيها عالِمًا.
7- إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن الأزهر بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد [1]
.
الحافظ تقيّ الدّين أَبُو إِسْحَاق الصِرَّيفينيّ، العراقيّ، الحنبليّ.
وُلد بصِرَيفين سنة إحدى وثمانين وخمسمائة، وكان أوحد عصره، أحد أوعية
العلم. رحل فِي الحديث إلى الشّام، والجزيرة، وخُراسان، وأصبهان.
وصحِب الحافظ عَبْد القادر مدّة، وتخرَّج بِهِ.
وسمع من: المؤيَّد الطُّوسيّ، وزينب الشّعريّة، وأبي رَوْح الحصرويّ،
وعليّ بْن منصور الثّقفيّ الأصبهانيّ، وعمر بن طبرزد، وحنبل بن عبد
الله سَمِعَ منهما بإربل، وأبا اليُمْن الكِنْديّ، وأبا القاسم
الأَنْصَارِيّ الحاكم، وأبا مُحَمَّد بْن الأخضر، وخلقا من هذه
الطّبقة.
روى عَنْهُ: الحافظ الضّياء وهو أكبر منه، والمجد بْن العديم، والمجد
بْن الحُلْوانيّة، والتّاج عَبْد الرَّحْمَن، وأخوه الشَّرَف الخطيب،
والزَّين الفارِقيّ، والبدر بْن الخلّال، والفخر بن عساكر، وآخرون.
__________
[1] انظر عن (إبراهيم بن محمد بن الأزهر) في: ذيل الروضتين 173، وتاريخ
إربل 1/ 405 رقم 305، والإشارة إلى وفيات الأعيان 343، والإعلام بوفيات
الأعلام 266، والعبر 5/ 167، والمعين في طبقات المحدّثين 200 رقم 2118،
وسير أعلام النبلاء 23/ 89، 90 رقم 65، وتذكرة الحفاظ 4/ 1433،
والبداية والنهاية 13/ 163، والوافي بالوفيات 6/ 141 رقم 2583، وتاريخ
الخلفاء 476، وذيل التقييد للفاسي 1/ 86، وذيل طبقات الحنابلة 2/ 227-
230 رقم 335، ومختصره 70، والمقصد الأرشد، رقم 224، والدرّ المنضّد 1/
379 رقم 1047، وشذرات الذهب 5/ 209، وطبقات الحفاظ 500، 501 رقم 1110،
ومعجم طبقات الحفاظ والمفسّرين 47 رقم 1106.
(47/71)
قَالَ أَبُو مُحَمَّد المنذريّ [1] : كَانَ
ثقة حافظا صالحا، لَهُ جُموع حَسَنة لم يُتِمّها.
وقال العزّ عُمَر بْن الحاجب: إمام صَدُوق، ثَبت، واسع الرّواية، سخيّ
النّفس، مَعَ القلّة. سافر الكثير وكتب وأفاد. وكان يرجع إلى فقهٍ
وورع.
ولي مشيخة دار الحديث بمنبج، ثمّ تركها وسكن حلب، وولي مشيخة دار
الحديث الّتي لابن شدّاد.
سَأَلت الضّياء عَنْهُ فَقَالَ: إمام حافظ ثقة حَسَن الصُّحْبة، لَهُ
معرفة بالفِقْه.
قَالَ العزّ: قرأ القرآن عَلَى والده وعلى الشّيخ عَوض الصِرَّيفينيّ.
وتفقَّه عَلَى عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد البوازيجيّ. وقرأ الأدب عَلَى
هبة اللَّه بْن عُمَر الدُّوريّ.
قلت: وقدِم دمشق أخيرا، وروى بِهَا. ومات فِي سادس عشر جُمادى الأولى
ودُفن بسفح قاسيون. وتخاريجُه وتَوَاليفُه تدلّ عَلَى حِفْظه ومعرفته.
8- أسعد بْن القاضي أَبِي نصر مُحَمَّد [2] بْن هِبَة اللَّه بْن
مُحَمَّد بْن الشّيرازيّ.
الأجلّ، أَبُو الفتح الدّمشقيّ، الشّافعيّ.
هُوَ أصغر من أخيه تاج الدّين أَحْمَد.
سَمِعَ من: عَبْد الرَّحْمَن بْن علي الخرقيّ، والتّاج مُحَمَّد بْن
عَبْد الرَّحْمَن المسعوديّ، ويوسف بْن معالي، والخُشُوعيّ، وجماعة.
روى عَنْهُ: الحافظ عَبْد العظيم، وأخوه أَبُو الفضل بْن الشّيرازيّ.
وأجاز للطّلبة. وبالإجازة: أَبُو المعالي بْن البالِسيّ، وغيره.
وَتُوُفّي فِي ذي القعدة، رحمه الله تعالى.
__________
[1] لم يذكر المنذري ترجمة للصريفيني في كتابه. والّذي ذكره هو الحسيني
في الصلة. وقد ذكر المؤلّف- رحمه الله- هذه العبارة في: تذكرة الحفاظ،
وسير أعلام النبلاء، ونقلها السيوطي في طبقات الحفّاظ. ونبّه إلى ذلك
ابن رجب في ذيل طبقات الحنابلة 2/ 229.
[2] انظر عن (أسعد بن محمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 631 رقم
3139، وصلة التكملة للحسيني، ورقة 9.
(47/72)
9- إِسْمَاعِيل بْن محمود.
الفقيه أَبُو البركات القَزْوينيّ الصّوفيّ.
ولد سنة ثمان وخمسين وخمسمائة.
وسمع من: أَبِي الخير القزوينيّ الطّالقانيّ.
وولي مشيخة رباط والدة النّاصر لدين اللَّه.
وَتُوُفّي فِي جمادى الأولى ببغداد، رحمه اللَّه.
10- أعزّ بْن كَرَم [1] بْن مُحَمَّد بْن علي.
أَبُو مُحَمَّد وَأَبُو الشُّكْر الحربيّ، البزّاز، ويعرف بابن
الإسكاف.
شيخ جليل مُسْنِد مُسِنّ. وُلِدَ سنة خمسٍ وخمسين.
وسمع من: يحيى بْن ثابت، وَأَبِي الْحُسَيْن عَبْد الحقّ، وعمر بْن
بنيمان.
كتب عَنْهُ عُمَر بْن الحاجب وقال: لا بأس بِهِ.
وروى عَنْهُ بالإجازة: القاضيان ابن الخوبيّ وتقيّ الدّين الحنبليّ،
وبهاء الدّين ابن البرزاليّ، وأبو نصر ابن الشّيرازيّ، وَمُحَمَّد
البُحَيريّ، وبنت مؤمن، وَأَبُو المعالي ابن البَالِسيّ.
وَتُوُفّي فِي التّاسع والعشرين من صفر.
- حرف الجيم-
11- جبريل بْن محمود بْن موسى [2] .
أَبُو الأمانة المصريّ، الحريريّ.
سَمِعَ من: العلّامة عبد الله بن برّيّ، وسعيد المأمونيّ.
__________
[1] انظر عن (أعزّ بن كرم) في: العبر 5/ 167، 168، والإشارة إلى وفيات
الأعيان 343، وسير أعلام النبلاء 23/ 89 و 121 دون ترجمة في الموضعين،
وبغية الطلب 4/ 489 رقم 585، وشذرات الذهب 5/ 210.
[2] انظر عن (جبريل بن محمود) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 626 رقم
3127، وصلة التكملة، ورقة 6، والوافي بالوفيات 11/ 45 رقم 87.
(47/73)
روى عَنْهُ الحافظان المنذريّ والدّمياطيّ،
وجماعة.
وبالإجازة: أبو الفضل ابن البرزاليّ، وأبو المعالي ابن البالِسِيّ.
وَتُوُفّي فِي جمادى الآخرة [1] .
- حرف الحاء-
12- حَرَميّ بْن موسى [2] بْن هِلْوَات [3] .
الشَّيْخ الصّالح أبو موسى الْجُذَاميّ النّاتِليّ، الشّافعيّ،
الخرّاط.
وُلِدَ بمصر فِي سنة تسعٍ وخمسين.
وسمع من: أَبِي المفاخر سَعِيد المأمونيّ.
روى عَنْهُ الحافظان المنذري والدِّمياطيّ.
وناتِل: بطْنٌ من جُذام، وناتل أيضا فِي قُضَاعة، وفي الصَّدَف.
أمّا أَبُو عَبْد اللَّه النّاتِليّ المنسوب إلى ناتِل، بُلَيْدة
بنواحي آمُل طبرستان قد خرج منها جماعة من الفُضلاء.
تُوُفّي فِي أوائل السّنة.
13- الْحَسَن بْن الأجلّ العالمِ أَبِي القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن
عَلِيّ بْن هبة اللَّه [4] .
أَبُو عليّ الأَنْصَارِيّ، المصريّ، المقرئ المصحفيّ.
شيخ معمَّر جاوز التّسعين، وحدّث عَن عَلِيّ بْن نصر الأرتاحيّ.
روى عَنْهُ: الزّكيّ المُنْذريّ وقال: كَانَ مشهورا بالخير والصّلاح
والعِفّة.
وكان قارئ المصحف بجامع مصر كوالده.
__________
[1] ذكر الحسيني في الصلة أنه ولد سنة 564 أو نحوها.
[2] انظر عن (حرميّ بن موسى) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 619، وصلة
التكملة، ورقة 3، والمقفى الكبير للمقريزي 3/ 266 رقم 1132.
[3] هلوات: بكسر الهاء وسكون اللام وفتح الواو وبعد الألف تاء ثالث
الحروف (المنذري) .
[4] انظر عن (الحسن بن عبد الرحمن) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 620
رقم 3120، وصلة التكملة، ورقة 3.
(47/74)
تُوُفّي، رحمه اللَّه، فِي خامس ربيع
الآخر.
14- حمزة بْن عُمَر بْن عتيق بْن أوس [1] .
أَبُو القاسم الإسكندرانيّ، الأنصاريّ، المالكيّ، الغزّال [2] .
حدّث عَن السِّلَفيّ. وكان فقيها متيقّظا، لَهُ حانوت بقَيْساريّة
الغزْل.
وكان دلّالا.
كتب عَنْهُ: عُمَر بْن الحاجب، وابن الجوهريّ.
وحدّث عَنْهُ: المجد ابن الحُلْوانيّة، والشَّرَف الدِّمياطيّ،
والضّياء عيسى السّبتيّ، والجمال بْن الصّابونيّ [3] ، وغيرهم.
تُوُفّي فِي ثالث ذي الحجّة.
- حرف الخاء-
15- خديجة بِنْت الْحُسَيْن [4] بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن يَحْيَى
بْن عَبْد العزيز.
أمُّ البقاء القُرَشيّة الدّمشقيّة.
كانت صالحة زاهدة قارئة، تحفظ القرآن وتشتغل بالفقه. وهي بنت عم القاضي
محيي الدّين الزَّكَويّ.
سَمِعْتُ من: أَبِي الْحُسَيْن أَحْمَد بْن الموازينيّ.
وثنا عَنْهَا بالإجازة أبو المعالي ابن البالِسيّ.
وهي عمّة والد المعين القُرَشيّ المحدّث.
توفّيت في رجب.
__________
[1] انظر عن (حمزة بن عمر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 632 رقم 3140،
وصلة التكملة، ورقة 10، والعبر 5/ 168، وسير أعلام النبلاء 23/ 121 رقم
93.
[2] وفي تكملة المنذري: «الغزولي» .
[3] لم يذكره في: تكملة إكمال الإكمال.
[4] انظر عن (خديجة بنت الحسين) في: الوافي بالوفيات 13/ 297 رقم 362
وفيه «خديجة بنت الحسن» ، وأعلام النساء 1/ 325.
(47/75)
[16- خَضِر بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه.
أَبُو منصور الحربيّ.
روى عَن: يحيى بْن غالب الحربيّ.
وَتُوُفّي فِي المحرَّم.
17- خليل بْن عَلِيّ [1] بْن حسين.
أَبُو النّجْم الحَمَويّ، الحنفيّ. مدرّس الزّنجيليّة الّتي عند خان
الطّعم، وقاضي العسكر.
ذهب فِي الرّسْليّة إلى بغداد، وخدم الملك المعظّم، وناب فِي القضاء
عَن الرّفيع الْجِيليّ.
لقِيَه نجمُ الدّين.
تُوُفّي فِي ربيع الأوّل.
- حرف السين-
18- سلطان بْن محمود [2] .
البَعْلَبَكِّيّ الزّاهد.
من أصحاب الشَّيْخ عَبْد اللَّه اليُونينيّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
كَانَ من كبار أولياء اللَّه. تَقَوَّت مدّة من مُباح جبل لُبنان، وله
كرامات وأقوال.
__________
[1] انظر عن (خليل بن علي) في: بغية الطلب (المصوّر) 7/ 460، 461 رقم
1065، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 743، والمختار من تاريخ ابن الجزري 187،
والوافي بالوفيات 13/ 397 رقم 500، والمقفّى الكبير للمقريزي 3/ 769
رقم 1379، والنجوم الزاهرة 6/ 348.
[2] انظر عن (سلطان بن محمود) في: ذيل مرآة الزمان 4/ 176، والعبر 5/
168، ومرآة الجنان 4/ 104 وفيه: «السلطان» ، والوافي بالوفيات 15/ 297
رقم 415، وشذرات الذهب 5/ 211، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان
الإسلامي (تأليفنا) ق 2 ج 2/ 121، 122 رقم 430.
(47/76)
حكى العماد أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن سعد
أنّ الشَّيْخ مَعَالي خادم الشَّيْخ سلطان حدّثه أَنَّهُ سَأَلَ
الشَّيْخ سلطان، فَقَالَ لَهُ: يا سيّدي، كم مرّة رُحتَ إلى مكّة فِي
ليلة؟ قَالَ: ثلاث عشرة مرّة. قلت: فَالشَّيْخ عَبْد اللَّه
اليُونينيّ؟ قَالَ: الشَّيْخ عَبْد اللَّه لو أراد أن لا يُصليّ فريضة
إلّا فِي مكّة لَفَعَل.
وقال الشَّيْخ عَبْد الدائم بْن أَحْمَد بْن عَبْد الدائم: لمّا
أُعطِيَ الشَّيْخُ سُلطان الحال جاء إِلَيْهِ سائسٌ كُرْديّ فَقَالَ:
قد عُزِلت أَنَا ووُلِّيتَ أنت، وبعد ثلاثة أيّام ادفنّي.
قَالَ: فمات بعد ثلاثٍ ودفنه.
وحكى الشَّيْخ الصّالح محمود بْن سُلطان أنّ أَبَاهُ كانت تُفْتح لَهُ
أبواب بَعْلَبَكّ باللّيل. وقال لي: إذا كانت لك حاجة تعال إلى قبري
واسأل اللَّه فإنّها تُقضَى.
فهذا ما وجدت من أخبار هذا الشَّيْخ، وفي النّفس شيءٌ من ثُبُوت هذه
الحكايات. والدّعاء عند القبور جائزٌ لكنْ فِي المسجد أفضل، وفي
السَّحَر أفضل، ودُبُر الصّلاة أفضل، والصّلاة لا تجوز عند القبور
الفاضلة. وأمّا مُضيّ الوليّ إلى مكّة فممكن، لكنّ ذَلِكَ بلطيفته لا
بهذا الجسد، فالّذي أُسْرِيَ بِهِ لَيلًا إلى المسجد الأقصى هُوَ سيّد
البشر، وذلك كَانَ بجسده لا يشاركه فِي ذَلِكَ بَشرَ إلا أن يشاء
اللَّه.
- حرف العين-
19- عَائِشَة بِنْت أَبِي المظفّر [1] مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن البَلّ
[2] الدُّوريّ، الواعظ.
أمة الحكم الواعظة.
__________
[1] انظر عن (عائشة بنت أبي المظفّر) في: صلة التكملة للحسيني، ورقة 4،
والعبر 5/ 168، ومرآة الجنان 4/ 104.
[2] البلّ: بفتح الباء وتشديد اللام. (تكملة الإكمال لابن نقطة 1/ 315)
وقد ذكر أباها: أبا المظفّر محمد بن عليّ.
(47/77)
سمِعَتْ من والدها. وأجاز لَهَا مثلُ أَبِي
الحسن بن خيرة، والشّيخ عبد القادر ابن البطّي.
روى عنها: المجد ابن الحلوانيّة، وغيره.
وبالإجازة: أبو المعالي ابن البالِسيّ، وغيره.
تُوُفّيت فِي خامس وعشرين جُمَادَى الأولى.
20- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد
بْن عَبْد العزيز.
أَبُو الفضل العبّاسيّ، المكّيّ، ثُمَّ البغداديّ.
من بيت عِلْم وشَرَف. وهو أخو المحدّث جَعْفَر.
عاش ستّا وخمسين سنة.
وحدَّث عَن عَبْد المنعم بْن كُلَيْب.
21- عَبْد اللَّه بْن يوسف.
الفقيه أَبُو مُحَمَّد الأَنْصَارِيّ، الأندلُسيّ.
أخذ عَن: أَبِي جَعْفَر أَحْمَد بْن مُحَمَّد خطيب قُرْطُبة.
ورحل فتفقّه بمصر، وأخذ عَن: زاهر بْن رستم بمكّة، وعن: الحافظ ابن
المفضّل.
ومات فِي جمادى الأولى بالأندلُس.
22- عَبْد الحقّ بْن خَلَف بْن عَبْد الحقّ [1] .
ضياء الدّين أَبُو مُحَمَّد الدّمشقيّ الصّالحيّ، الحنبليّ، المغسّل،
إمام مسجد الأرزة الَّذِي بطريق الجسر الأبيض.
__________
[1] انظر عن (عبد الحق بن خلف) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 628 رقم
3131، وصلة التكملة، ورقة 7، والمعين في طبقات المحدّثين 200 رقم 2119،
والإشارة إلى وفيات الأعيان 343، والإعلام بوفيات الأعلام 266، وسير
أعلام النبلاء 23/ 106، 107 رقم 81، والذيل على طبقات الحنابلة لابن
رجب 2/ 227 رقم 334، والعبر 5/ 168، والوافي بالوفيات 18/ 59 رقم 54،
والنجوم الزاهرة 6/ 349، وشذرات الذهب 5/ 211، ومختصر طبقات الحنابلة
70، والمقصد الأرشد، رقم 618، والمنهج الأحمد 378، والدرّ المنضّد 1/
380 رقم 1050.
(47/78)
ولد سنة سبع وأربعين وخمسمائة تقريبا.
وسمع من: أَبِي الفَهْم عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي العجائز، وَأَبِي
الغنائم هبة اللَّه بن صابر، وأحمد بن حمزة ابن الموازينيّ، والفضل بْن
البانياسيّ، وَعَبْد الرّزّاق النّجّار، وَمُحَمَّد بْن حمزة بْن أَبِي
الصَّقْر، وجماعة.
وله مشيخة، وسماعه من ابن أَبِي الوفاء.
روى عَنْهُ: الحافظان البِرْزاليّ، والضّياء مُحَمَّد، وحفيده عزّ
الدّين عَبْد العزيز بْن مُحَمَّد المعدّل، وسِبط كمال الدّين عليّ بْن
أَحْمَد القاضي، وَأَبُو عَلِيّ بْن الخلّال، والمحدّث إِسْمَاعِيل بْن
الخبّاز، والعزّ أَحْمَد بْن العماد، وآخرون.
وبالحضور: القاضي تقيّ الدّين سليمان، والعماد ابن البالِسيّ.
قَالَ الضّياء: هُوَ ديِّن خيرِّ.
وقال غيره: هُوَ شيخ معمّر صالح حَسَن المحاضرة، حُلْو النّادرة.
وقال الزّكيّ عَبْد العظيم [1] : هُوَ مشهور بالصّلاح والخير، وعجز فِي
آخر عمره عَن التّصرّف.
وَتُوُفّي فِي العشرين من شعبان.
23- عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد السّلام بْن سُكَيْنَة.
الضّرير. فيها.
24- عَبْد الرَّحْمَن بْن يونس بْن إِبْرَاهِيم [2] .
أَبُو مُحَمَّد الأَنْصَارِيّ، المغربيّ، التُّونسيّ.
وُلِدَ بتونس سنة أربع وسبعين وخمسمائة.
وقدِم الشّام فسمع بِهَا من: عُمَر بْن طبرزذ.
__________
[1] في التكملة 3/ 628.
[2] انظر عن (عبد الرحمن بن يونس) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 629
رقم 3133، وصلة التكملة للحسيني، ورقة 7.
(47/79)
وكتب بخطّه. وكان خيِّرًا، نزها، منقبضا.
أقام بدمشق، وكتب عنه: ابن الحاجب، والضّياء ابن البالِسيّ.
وَتُوُفّي، رحمه اللَّه، فِي شعبان.
25- عَبْد العزيز بْن الرفيع [1] .
الجيليّ.
قيلَ إنّه هلك فِي آخر السّنة، وقيل فِي أوّل السّنة الآتية. وقد
ذكرناه هناك.
26- عَبْد الغنيّ بْن أَحْمَد بْن فهد [2] .
العَلْثيّ [3] .
سَمِعَ: ابن كُلَيْب.
وتُوُفّي فِي ذي القَعْدَةِ.
27- عبدُ اللطيفِ بنُ جوهر [4] بْن عَبْد الرَّحْمَن.
البغداديّ، المطرّز، الزّاهد.
كَانَ يطرّز ثُمَّ تزهّد وتعبّد وتصوّف، وتكلّم فِي الحقيقة، ورُزق
القبول التّامّ، وصار لَهُ أتباع [5] .
تُوُفّي فِي ربيع الأوّل وشيّعه أُمَم.
28- عَبْد اللّطيف بْن أَبِي الفَرَج [6] مُحَمَّد بْن عَليّ بْن حمزة
بن فارس.
__________
[1] ستعاد ترجمته برقم (104) .
[2] انظر عن (عبد الغني بن أحمد) في: تكملة الإكمال لابن نقطة 4/ 342
رقم 4463، وصلة التكملة للحسيني، ورقة 8، وتبصير المنتبه 3/ 1019،
وتوضيح المشتبه 6/ 318.
[3] العلثيّ: بفتح العين المهملة وسكون اللام وثاء معجمة بثلاث وهي
مكسورة.
[4] انظر عن (عبد اللطيف بن جوهر) في: العبر 5/ 168، والمختار من تاريخ
ابن الجزري 188، 189، والنجوم الزاهرة 6/ 349.
[5] وذكر الجزري: وفيها توفي الشيخ عبد اللطيف الجهر من بغداد من
الصوفية المتواجدين في السماع. أحضره المستنصر باللَّه غير مرة وعمل له
السماع ليتواجد عنده.
[6] انظر عن (عبد اللطيف بن أبي الفرج) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس
5922) ورقة 163،
(47/80)
أبو طالب ابن القُبَّيْطِيّ [1] ،
الحرّانيّ، ثُمَّ البغداديّ، التّاجر، الجوهريّ، مُسْنِد العراق فِي
وقته.
وُلِدَ فِي شعبان سنة أربع وخمسين وخمسمائة.
وسمع من: جدّه أَبِي الْحَسَن، وَالشَّيْخ عَبْد القادر الجيليّ، وابن
البطّيّ، وَأَبِي زُرْعَة، وَأَحْمَد بْن المقرَّب، وهبة اللَّه بْن
الْحَسَن الدّقّاق، وَأَحْمَد بْن عَبْد الغنيّ الباجِسرائيّ، ويحيى
بْن ثابت، وَأَبِي بَكْر بْن النَّقُّور، وَسَعْد اللَّه بْن
الدَّجاجِيّ، وَعَبْد اللَّه بْن منصور المَوْصليّ، وَأَبِي مُحَمَّد
بْن الخشّاب، وشُهْدَة، وجماعة.
وروى الكثير.
وسمع منه الحُفّاظ.
وكان دَيِّنًا خيّرا، حافظا للقرآن، مُحِبًّا للرّواية. تكاثر عَلَيْهِ
الطَّلَبة وحملوا عَنْهُ الكثير.
وروى «المقامات» عَن ابن النَّقُّور، عَن الحريريّ. وروى «سُنَن
التِّرْمِذِيّ» بفَوْت سبعة أجزاء، أول الفَوْت باب الإحداد فِي الجزء
التّاسع عشر إلى باب عفْو النّساء عَن الدّم فِي الجزء الخامس
والعشرين. ثمّ الجزء السّابع والعشرين بكماله، عَن أَبِي زُرْعَة. وروى
عَنْهُ «سُنَن ابن ماجة» بفَوْت أوله من ترجمة مَن لبَّد رأسَه، وآخره
للأضاحي واجبة أم لا، عَن أَبِي زُرْعة أيضا.
__________
[ () ] و (المطبوع) 15/ 267، والتقييد لابن نقطة 382، والتكملة لوفيات
النقلة 3/ 624، 625 رقم 3126، وصلة التكملة للحسيني، ورقة 6، والمعين
في طبقات المحدّثين 200 رقم 2121، وتذكرة الحفاظ 4/ 1434، والإشارة إلى
وفيات الأعيان 343، والإعلام بوفيات الأعلام 266، وسير أعلام النبلاء
23/ 87، 88 رقم 64، والمختصر المحتاج إليه 3/ 66 رقم 864، والعبر 5/
168، 169، والمختار من تاريخ ابن الجزري 189، والوافي بالوفيات 19/ 106
رقم 97، والعسجد المسبوك 2/ 168، 169، وذيل التقييد للفاسي 2/ 149، 150
رقم 1325، والنجوم الزاهرة 6/ 349.
[1] القبطيّ: بضم القاف وتشديد الباء الموحّدة وفتحها وياء آخر الحروف
ساكنة وبعدها طاء مهملة مكسورة وياء النسبة. وقد تصحّفت هذه النسبة في
(الإشارة 343) إلى: «القبطي» .
(47/81)
وروى «مسند الحميديّ» عن الباجسرائيّ، و
«ديوان المتنبّي» ، عن ابن الوكيل، و «غريب الحديث» لأبي عبيد، عن عبد
الحقّ، و «فصيح ثعلب» عن غلام التّبريزيّ، و «مغازي الأمويّ» عن عبد
الله بن منصور، و «مصافحة البرقانيّ» ، عن شهدة، و «سنن الدّار
الدّارقطنيّ» ، عن عبد الحقّ، و «فضائل القرآن» لأبي عبيد، عَن أَبِي
زُرْعَة.
وروى «جزء الحفّار» و «تذكرة الحميديّ» ، و «أخلاق حملة القرآن»
للآجرّيّ، و «جزء ابن مخلد» ، و «جزء البانياسيّ» و «أربعة مجالس» ابن
أبي الفوارس.
وروى «المستنير» في القراءات، عَن ابن المقرّب، عَن مؤلّفه.
وولي مشيخة المستنصريّة بعد ابن القَطِيعيّ، وعُفِي من المجيء إليها،
فكان يقيم الوظيفة فِي بيته.
روى عَنْهُ: جمال الدّين أَبُو بَكْر الشُّرَيْشيْ، والعلاء بن بلبان،
وتقيّ الدّين ابن الواسطيّ، والشّمس عَبْد الرَّحْمَن بْن الزّيد،
والرّشيد محمد بن أبي القاسم، والعماد إسماعيل ابن الطّبّال،
وَالشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بْن العماد، والمجد عبد العزيز ابن
الخليليّ، وَالشَّيْخ عَبْد السّاتر بْن عَبْد الحميد، والقُطْب
سَنْجَر النَّحْويّ، وَأَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الهادي،
وَمُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن معضاد الصَّرْصَريّ، والإمام أَبُو
مُحَمَّد عَبْد الجبّار بْن عَبْد الخالق بْن عكر الواعظ.
وأنا عَنْهُ: أَبُو بَكْر بْن البُزُوريّ، وَأَبُو الْحَسَن الغرافيّ،
وسُنْقُر القصّابيّ.
وَتُوُفّي فِي منتَصَف جمادى الآخرة.
وقد تفرّد بالسّماع من الشَّيْخ عَبْد القادر.
وقُبَّيْط حَرّان: حلاوة تُعْمَل من العسل.
قال السّيف ابن المجد: شيخ متيقّظ، حافظ لأمره، رأيته بآخَرَة ملازما
لبيته طول الزّمان يخرج إلى الجمعة فقط.
(47/82)
وكان يُؤثِر الخُمُول، وكان كثير الحكايات،
ويتشدَّد فِي إعارة كُتُبه. وقد عمل التّجارة إلى مصر والرّوم والشّام
سِنين. ثُمَّ تَجَرَ ابنُ امرأته إلى المغرب وذهب مالُه وبقي لَهُ
دُوَيْرات فيها كِراء.
وإجازته متيسّرة لجماعةٍ منهم البُحَيريّ، وبنت الواسطيّ، وابن العماد
الكاتب [1] .
29- عَبْد الملك بْن عَبْد الحق [2] بْن عَبْد الوهّاب بْن عَبْد
الواحد بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ.
مجد الدّين أبو الوفاء ابن الحنبليّ، الأَنْصَارِيّ، العباديّ،
السّعديّ، الشّيرازيّ الأصل، الدّمشقيّ. ابن عمّ النّاصح ابن الحنبليّ.
ولد سنة خمس وخمسين وخمسمائة، ورحل إلى الإسكندريّة، وسمع من
السِّلَفيّ «الأربعين» .
وسمع بمكّة من المبارك بْن الطّبّاخ، وبدمشق من أَبِي الْحُسَيْن بْن
الموازينيّ.
وأمَّ بمسجد الرّيّاحين مدّة.
روى عَنْهُ: الزّكيّ البِرْزاليّ فِي حياته، والمجد ابن الحُلْوانيّة،
والبدر بْن الخلّال، والشّهاب بْن مشرّف، وعبد الرحمن بن الأسفرائينيّ،
وجماعة سواهم.
__________
[1] وقال ابن الجزري: كان شجاعا محترما عند الإمام الناصر والمستنصر،
وفي واسط، وحج بالناس مرات. وكان قد عانده الوزير مؤيَّد الدين
القُمّي، ففارق الركب العراقي وقصد صاحب مصر الملك الكامل فأكرمه، فلما
عزل القمّي عاد إلى العراق، فأكرم مورده، وحج بالناس.
[2] انظر عن (عبد الملك بن عبد الحق) في: التكملة لوفيات النقلة 3/
622، 623 رقم 3124، وصلة التكملة للحسيني، ورقة 5، والإشارة إلى وفيات
الأعيان 343، والإعلام بوفيات الأعلام 266، والعبر 5/ 169، وسير أعلام
النبلاء 23/ 94 رقم 70، وتذكرة الحفاظ 4/ 1435، والذيل على طبقات
الحنابلة 2/ 226، 227 رقم 332، ومختصره 70، والمنهج الأحمد 378،
والمقصد الأرشد، رقم 644، والدرّ المنضّد 1/ 379، 380 رقم 1048،
والنجوم الزاهرة 6/ 349، وشذرات الذهب 5/ 212.
(47/83)
وبالحضور العماد بْن النّابلسيّ.
وَتُوُفّي فِي ثامن جمادى الآخرة، رحمه اللَّه تعالى.
30- عَبْد الواحد بن عبد الرحمن [1] بن أبي المكارم عَبْد الواحد بْن
مُحَمَّد بْن المسلَّم بْن الحَسَن بْن هلال بْن الْحُسَيْن.
العدل، مخلص الدّين، أَبُو المكارم الأزْديّ، الدّمشقيّ.
وُلِدَ سنة خمسٍ وستّين، وسمع سنة سبعين من الحافظ أَبِي القاسم ابن
عساكر.
وسمع من: أَبِي سعد بْن أَبِي عصرون، وأسامة بْن مُنْقِذ، وابن صَدَقَة
الحرّانيّ، وغيرهم.
وكتب عَنْهُ الحُفّاظ، وحدَّث عَنْهُ: الزّكيّ البِرْزاليّ، وابن
الحُلْوانيّة، ومجد الدّين العديميّ، وَأَبُو عَلِيّ بْن الخلّال،
وَأَبُو الفِداء بْن عساكر، والنَّجم بْن صَصْرَى الكاتب، والشَّرَف
بْن عساكر، وجماعة سواهم من شيوخنا.
وَتُوُفّي فِي الخامس والعشرين من رَجَب، رحمه اللَّه.
31- عثمان بْن أسعد [2] بْن المُنَجّا بْن أَبِي البركات.
الأجَلّ عزّ الدّين، أَبُو عَمْرو، وَأَبُو الفتح التَّنُوخيّ،
الدّمشقيّ، الحنبليّ.
والد شيخيْنا زَيْن الدّين المُنَجّا، ووجيه الدّين محمد.
__________
[1] انظر عن (عبد الواحد بن عبد الرحمن) في: التكملة لوفيات النقلة 3/
626 رقم 3128، وذيل الروضتين 173، وصلة التكملة للحسيني، ورقة 6،
والمعين في طبقات المحدّثين 200 رقم 2120، وسير أعلام النبلاء 23/ 89 و
121 دون ترجمة، وفيه: «المخلص عبد الواحد بن هلال» ، وتذكرة الحفّاظ 4/
1435، والإشارة إلى وفيات الأعيان 343، والعبر 5/ 169، والنجوم الزاهرة
6/ 349، وشذرات الذهب 5/ 212.
[2] انظر عن (عثمان بن أسعد) في: ذيل الروضتين 173، وسير أعلام النبلاء
23/ 89 دون ترجمة، والدارس 2/ 91، وذيل طبقات الحنابلة 2/ 226، رقم
331، ومختصره 70، والمقصد الأرشد، رقم 684، والمنهج الأحمد 378، والدرّ
المنضّد 1/ 380، 381 رقم 1051، والوافي بالوفيات 19/ 467 رقم 475،
وانظر: وقف عثمان بن أسعد بن المنجّا، نشره د. صلاح الدين المنجد،
بالمعهد الفرنسي بدمشق 1368 هـ. / 1949 م.
(47/84)
وصدر الدّين أسعد واقف المدرسة الصّدريّة.
وُلِدَ سنة سبع وستّين وخمسمائة.
وسمع بمصر من البُوصِيريّ، وببغداد من: ابن بوش، وعبد الوهّاب ابن
سُكَيْنة.
ودرّس بالمسماريّة [1] نيابة عَن أخيه القاضي شمس الدّين عُمَر. وكان
ذا مالٍ وثروة ويتعانى التّجارات والمعاملة.
روى عنه: المجد ابن الحُلْوانيّة، وَأَبُو عَلِيّ بْن الخلّال، وابناه
الوجيه وزين الدّين.
وَتُوُفّي فِي مُستَهَلّ ذي الحجّة. وفيها تُوُفّي أخوه كما يأتي [2] .
32- عَلِيّ بْن إِسْمَاعِيل بْن خَلَف بْن سُكَين [3] .
أَبُو الْحَسَن الإسكندرانيّ، المالكيّ.
سَمِعَ من: مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن الحضْرميّ القاضي.
وذكر أَنَّهُ سَمِعَ من السّلفيّ.
وولد سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة.
روى عنه الدمياطي، وقال: تُوُفّي فِي ذي الحجّة [4] .
33- عَلِيُّ بْن زيد [5] بْن عَلِيّ بْن مفرّج.
__________
[1] انظر عنها في: الدارس 2/ 89 رقم 153.
[2] برقم (40) .
[3] انظر عن (علي بن إسماعيل) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 633 رقم
3144، وصلة التكملة للحسيني، ورقة 11.
[4] وقال المنذري: وكان شيخا صالحا، ولنا منه إجازة كتب بها إلينا من
ثغر الإسكندرية غير مرّة.
[5] انظر عن (علي بن زيد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 629، 630 رقم
3135، وصلة التكملة، ورقة 8، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 281-
284، والإعلام بوفيات الأعلام 266، والإشارة إلى وفيات الأعيان 343،
وسير أعلام النبلاء 13/ 92 رقم 67، والعبر 5/ 169، وتذكرة الحفاظ 4/
1435، والوافي بالوفيات 21/ 120، 121 رقم 64، ونكت الهميان 212،
والنجوم الزاهرة 6/ 349، وشذرات الذهب 5/ 212، وذيل التقييد للفاسي 2/
192 رقم 1418 وفيه: «علي بن زيد بن أبي الرخاء» ، والألقاب لابن حجر،
ورقة 12، والألقاب للسخاوي، ورقة 26.
(47/85)
أَبُو الرّضا الْجُذَاميّ، السّعديّ،
التّسَارِسيّ [1] ، وتسارس من قرى بَرْقَة، ثُمَّ الإسكندرانيّ،
المالكيّ، الخيّاط، ثُمَّ الضّرير.
ولد سنة ستّين وخمسمائة، وسمع من السِّلَفيّ.
وقدِم دمشقَ فِي شبيبته.
سمع منه: عمر بن الحاجب وقال: كَانَ شاعرا فاضلا حَسَن السَّمْت.
قلت: روى عَنْهُ: المجد ابن الحُلْوانيّة، والشَّرَف الدّمياطيّ،
والضّياء السَّبْتيّ، ونصر اللَّه بْن عَيّاش، والتّاج الغرافيّ،
وجماعة.
وقد تفرّد بالرّواية عَنْهُ أَبُو القاسم بْن جماعة بالإسكندريّة.
وروى عَنْهُ بالإجازة: أَبُو المعالي بْن البالِسيّ، وغيره.
وَتُوُفّي فِي الثّامن والعشرين من رمضان.
أَخْبَرَنَا نَصْرُ اللَّهِ، أنا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، أنا
السِّلَفِيُّ، أنا الْفَضْلُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: ثنا أَحْمَدُ
بْنُ مُحَمَّدٍ الأَنْمَاطِيُّ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ،
ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ، ثنا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ
النُّعْمَانِ، ثنا وَرْقَاءُ بْنُ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ
طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنِ اشْتَرَى طَعَامًا فَلا يَبِعْهُ
حَتَّى يَقْبِضَهُ» [2] . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَحْسَبُ كُلَّ شَيْءٍ
بِمَنْزِلَةِ الطَّعَامِ.
34- عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيم بْن عَلِيّ بْن عَبْد الرَّحْمَن [3] .
أبو الحسن ابن الفخار الشّريشيّ.
__________
[1] تصحّفت هذه النسبة في شذرات الذهب إلى: «البسارسي» . وضبطها
المنذري في التكملة.
وانظر: مراصد الاطلاع.
[2] رواه أحمد في المسند، رقم 5900، وأبو داود في سننه، رقم 3478،
والنسائي 7/ 286 من طريق ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن القاسم بن محمد،
عن ابن عمر. وهو في: المعجم الكبير للطبراني 12/ 275 رقم 13097 وفيه:
«فلا يبيعه حتى يستوفيه» .
[3] انظر عن (علي بن إبراهيم) في: التكملة لابن الأبّار، رقم 1907،
وبرنامج شيوخ الرعينيّ 123، وصلة الصلة لابن الزبير 135، والذيل
والتكملة على كتابي الموصول والصلة 5 ق 1/ 185، 186 رقم 369.
(47/86)
شيخ فاضل عالم.
حدَّث عَن: أَبِي الحَسَن بْن لُبّال، وَأَبِي عَبْد اللَّه بْن
الفخار، وَأَبِي مُحَمَّد بْن عُبَيد اللَّه.
روى عَنْهُ: أَبُو عَبْد اللَّه الأَبّار.
وذكر الشّريف عزّ الدّين وفاته فِي ربيع الأوّل، وقال: كَانَ مَدار
الفتوى عَلَيْهِ ببلده. وزاد أَنَّهُ سَمِعَ من: أَبِي عَبْد اللَّه
بْن زَرْقُون وَأَنَّهُ تُوُفّي سنة اثنتين وأربعين.
35- عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الفَرَج مهران بْن
عَلِيّ بْن مهران [1] .
الإِمَام محيي الدّين أَبُو الْحَسَن القَرْمِيسِينيّ الإسكندرانيّ،
الفقيه الشّافعيّ.
وُلِدَ سنة سبع وستّين وخمسمائة. وتفقّه عَلَى جماعة، وأتقن المذهب
ولازم أَبَا العِزّ مظفّر بْن عَبْد البَرّ الشّافعيّ المعروف
بالمُقْتَرَح.
وسمع من الإِمَام: أبي طاهر إِسْمَاعِيل بْن عوف، وَعَبْد العزيز بْن
فارس الشَّيْبانيّ الطّبيب، وَمُحَمَّد بْن مُحَمَّد الكِرْكِنْتيّ.
وتأدّب وقال الشِّعر، وولي جامع الشّافعيّة بالثّغر، ودرّس وأفتى
وتخرّج بِهِ جماعة مَعَ الدّين والصّيانة. وهو من بيت فضل وتقدّم.
روى عَن كتاب الفارقيّ، وغيره.
حدَّث عَنْهُ: الحافظ أَبُو الْحَسَن بْن المفضّل.
وكان أَبُو الفَرَج من نُبَلاء التّجّار المسافرين، كتب عَنْهُ
السِّلَفيّ.
روى عَنِ المحيي: الحافظان المنذريّ والدِّمياطيّ.
وَتُوُفّي فِي الحادي والعشرين من جمادى الأولى.
__________
[1] انظر عن (علي بن محمد القرميسيني) في: التكملة لوفيات النقلة 3/
621 رقم 3121، وصلة التكملة، ورقة 3، وسير أعلام النبلاء 23/ 93، 94
رقم 69.
(47/87)
36- عَلِيّ بْن أَبِي الفخار هبة اللَّه
[1] بْن أَبِي منصور مُحَمَّد بْن هبة اللَّه بْن مُحَمَّد.
الشّريفُ أَبُو التّمام الهاشميّ، العبّاسيّ، من وُلِدَ أخي السّفّاح
بْن مُحَمَّد.
ولي خطابة جامع فخر الدولة ابن المطّلب.
وسمع من: أَبِي الفتح بْن البطّيّ، وَأَبِي زُرْعة، وَأَحْمَد بْن
المقرّب، وسعد اللَّه ابن الدّجاجيّ، وغيرهم، وممّن جاوز التّسعين،
فإنّه وُلِدَ فِي أوّل يوم من عام أحدٍ وخمسين. وحدَّث عَن ابن المادح
بنسخة مُحَمَّد بْن السَّرِيّ فيما بَلَغَني، فهو آخر من أدرك ابن
المادح.
روى عَنْهُ: ابن الحُلْوانيّة، وَأَبُو القاسم بن بلبان، والتّقيّ ابن
الواسطيّ، وسُنْقُر القضائيّ الحلبيّ، وجماعة.
وكتب عَنْهُ: عُمَر بْن الحاجب، والقُدماء.
وقال ابن نُقْطَة: الثناء عَلَيْهِ غير طيّب.
قلت: قد عاش بعد هذا القول زمانا ولعلَّه انصلح.
وقد روى عنه بالإجازة: أبو المعالي ابن البالِسيّ، وَأَحْمَد بْن
سُلَيْمَان الأرزونيّ، وفاطمة بِنْت النّاصح بْن عَيّاش، وهديّة بِنْت
عَبْد اللَّه بْن مؤمن، وجماعة سواهم.
تُوُفّي فِي ثاني جمادى الآخرة.
37- عَلِيّ بْن يحيى [2] بْن أَحْمَد بن عبد العزيز.
__________
[1] انظر عن (علي بن هبة الله) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 622 رقم
3123، وتاريخ ابن الدبيثي (كمبرج) ورقة 172، وذيل تاريخ بغداد لابن
النجار (باريس) ورقة 67، 68، وصلة التكملة للحسيني، ورقة 4، والمعين في
طبقات المحدّثين 200 رقم 2122، وتذكرة الحفاظ 4/ 1435، والإشارة إلى
وفيات الأعيان 343، والإعلام بوفيات الأعلام 266، وسير أعلام النبلاء
23/ 90، 91 رقم 66، والمختصر المحتاج إليه 3/ 147 رقم 1068، والعبر 5/
169، 170، والنجوم الزاهرة 6/ 349، وشذرات الذهب 5/ 212.
[2] انظر عن (علي بن يحيى) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 626، 627 رقم
3129، وصلة
(47/88)
الرّئيس زَيْن الدّين أَبُو الْحَسَن بْن
السّدّار الأنصاريّ، المصريّ، الكاتب، المنشئ البليغ.
وُلِدَ بالقاهرة فِي الدّولة العُبَيْديّة المصريّة فِي سنة خمسٍ
وخمسين.
وخدم فِي شبيبته.
قَالَ الحافظ عَبْد العظيم [1] : كتب فِي ديوان الإنشاء للدّولة
النّاصريّة والعادليّة والكامليّة. وهو أخو الوجيه مُحَمَّد
المُتَوَفَّى قبله.
تُوُفّي فِي رابع شعبان.
وقد حدَّث عَن: العلّامة أَبِي الطّاهر بْن عَبْد.
روى عنه: الحافظ عبد العظيم. وأجاز للعماد ابن البالِسيّ، وأضرابه.
38- عَلِيّ بْن يحيى [2] بْن حسن.
الواسطيّ الأديب، أَبُو الْحَسَن بْن بِطْريق الشّاعر.
كَانَ فقيها فاضلا أُصوليًّا. قدِم الشّام ومدح ملوكها، ثُمَّ عاد إلى
بغداد.
فمن شِعره:
أجمال من أحببته وجماله ... حُلْوان لولا هجره ودلالة
وعِتابه وملالة [3] لمحِبّه ... مُرّان لولا عطْفه ووصاله
كم ذا أغضّ على القذى [4] جَفْن الرّضا ... وأقول يا قلبي عسى إقباله
وأرى اللّيالي تنقضي [5] وما انقضى ... عمري ووجدي [6] ما انقضت أشغاله
__________
[ () ] التكملة، ورقة 6، والوافي بالوفيات 22/ 320 رقم 228، وعقود
الجمان لابن الشعار 5/ 56.
[1] في التكملة 3/ 627.
[2] انظر عن (عليّ بن يحيى) في: المختار من تاريخ ابن الجزري 188،
والبداية والنهاية 13/ 164.
[3] في المختار: «وملامه» .
[4] في المختار: «كم لي أغص على القذى» . ووقع في المطبوع: «الفذا» .
[5] في المختار: «تنقضي» .
[6] في المختار: «ووصالي» .
(47/89)
قلبي الَّذِي حمل الهوى وشكى [الضنا] [1]
... ما باله لا خففت أثقاله
قد كَانَ يُوعدني التّسلّي عَنْهُمْ ... لكن يوم البَيْنِ بان مُحاله
[2]
لو أنّهم رحموه كنت عَذَرْتُهُ ... فيهم لكنّ دَأْبَهم إهماله
تُوُفّي فِي عاشر صفر، وهو فِي عَشْر السّبعين. خدم فِي ديوان الإنشاء
مدّة.
39- عَلِيّ بْن يرنقش [3] .
الأمير أَبُو الْحَسَن شجاع الدّين الدّمشقيّ.
تُوُفّي بالقاهرة فِي المحرَّم عَن سِنٍّ عالية.
روى عَن أَبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن السّاعاتيّ شِعرًا.
روى عَنْهُ: الزّكيُّ المنذريُّ، وسألَه عَن مولده فَقَالَ: بدمشق فِي
سنة خمسٍ وخمسين وخمسمائة. وهو أخو الأمير أَبِي شامة مَسْعُود.
40- عُمَر بن أسعد بن المنجا بن أبي البركات [4] .
القاضي شمس الدّين، أَبُو الفتح التّنوخيّ، المعرّيّ الأصل، الدّمشقيّ،
الفقيه الحنبليّ، مدرّس المسماريّة.
ولي قضاء حرّان مدّة، وكذا ولي أَبُوهُ قضاء حرّان. وكان عارِفًا
بالقضايا، بصيرا بالشّروط، صدرا نبيلا.
__________
[1] في الأصل بياض. والمستدرك من: المختار.
[2] في الأصل: «مخالبه» .
[3] انظر عن (علي بن يرنقش) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 618 رقم
3115، وصلة التكملة للحسيني، ورقة 3.
[4] انظر عن (عمر بن أسعد) في: ذيل الروضتين 173، وصلة التكملة
للحسيني، ورقة 3، والعبر 5/ 170، والإشارة إلى وفيات الأعيان 343،
والإعلام بوفيات الأعلام 266، وسير أعلام النبلاء 23/ 80، 81 رقم 58،
وتذكرة الحفاظ 4/ 1435، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 225- 226 رقم
330، ومختصره 29، والبداية والنهاية 13/ 163، وفيه: «أبو الفتوح أسعد»
، والمنهج الأحمد 377، والوافي بالوفيات 22/ 430، 431 رقم 306، والنجوم
الزاهرة 6/ 349، والمقصد الأرشد، رقم 804، وشذرات الذهب 5/ 210،
والدارس 2/ 116، والقلائد الجوهرية 370، والدرّ المنضّد 1/ 379 رقم
1046.
(47/90)
وُلِدَ بحَرّان وأبوه عَلَى قضائها فِي
الدّولة النُّوريّة، ونشأ بِهَا وتفقّه عَلَى والده. ثُمَّ قدِم دمشق
معه وسمع من: أَبِي المعالي بْن صابر، وَأَبِي سعد بْن أَبِي عصرون،
وَأَبِي الفضل بْن الشَّهْرَزُوريّ قاضي دمشق، وابن صدقة الحرّانيّ.
ورحل هُوَ وأخوه عزّ الدّين فسمعا من: يحيى بْن بَوْش، وَعَبْد الوهّاب
ابن سُكَيْنَة، وَعَبْد الوهّاب بْن أَبِي حبَّة.
روى عَنْهُ: الحافظ أَبُو عَبْد اللَّه البِرْزاليّ، ومجد الدّين ابن
العديم، وسعد الخير بْن النّابُلسيّ، وَأَبُو عَلِيّ بن الخلال،
وجماعة.
وبالحضور: أبو المعالي بن البالِسيّ.
وآخر من حدَّث عَنْهُ بِنْت المعمّرة المُسْنِدة ستّ الوزراء.
تُوُفّي فِي ثامن عشر ربيع الآخر وله أربعُ وثمانون سنة.
- حرف الفاء-
41- فاطمة بِنْت أَبِي الفتح مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن المعزّ
الحرّانيّ، ثُمَّ البغداديّ.
عين النّساء.
رَوَت عَن: عَبْد الحقّ اليُوسُفيّ، وَعُبَيْد اللَّه الشّاتيليّ.
وتُوُفّيت فِي تاسع ربيع الأوّل.
روى لنا عَنْهَا بالإجازة الفخر بْن عساكر، وبنت سُلَيْمَان.
- حرف القاف-
42- قُرَيْش بْن فيروز [1] .
أَبُو مُحَمَّد الرُّوميّ، ثُمَّ البغداديّ القَطِيعيّ، المقرئ،
البوّاب. راوي «التّاريخ الكبير» للبخاريّ، عَن عَبْد الحقّ اليوسفيّ.
__________
[1] انظر عن (قريش بن فيروز) في: الإشارة إلى وفيات الأعيان 343 وفيه
«قيصر» بدل «قريش» ، وكذلك في: سير أعلام النبلاء 23/ 121 دون ترجمة،
والعبر 5/ 170، وشذرات الذهب 5/ 212، والعسجد المسبوك 2/ 523.
(47/91)
ولد سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة. وكان شيخا
حَسَنًا، مليح الشّكْل والبِزّة.
من مسموعه أيضا كتاب «الغُرباء» للآجُرّيّ.
روى عَنْهُ: جمال الدّين مُحَمَّد الشُّرَيْشيّ، وتاج الدّين عليّ
الغرافيّ، وغيرهما.
وبالإجازة: القاضيان ابن الخوبيّ وتقيّ الدّين سُلَيْمَان، وَأَبُو
الفضل بْن البِرْزاليّ، وَأَبُو المعالي ابن البالِسيّ، وجماعة.
تُوُفّي- رحمه اللَّه- فِي الحادي والعشرين من شعبان.
- حرف الكاف-
43- كريمة بِنْت أبي صادق عَبْد الحق [1] بْن هبة اللَّه بْن ظافر بْن
حمزة القُضَاعيّ، المصريّ، الشّافعيّ.
أمّ الفضل، شيخة صالحة، وهي أخت مُحَمَّد.
سَمِعْتُ من: إِسْمَاعِيل بْن قاسم الزّيّات.
روى عَنْهَا: الحافظان عَبْد العظيم وَعَبْد المؤمن، وجماعة.
وبالإجازة: أبو المعالي ابن البالِسيّ، وغيره.
وتُوُفّيت فِي منتصف ذي الحجّة.
وقد حدَّث أبوها، وجدّها.
44- كريمة فخر النّساء بِنْت المحدّث أَبِي الوحش عَبْد الرَّحْمَن [2]
بْن أَبِي منصور بن نَسيم بن الحسين.
__________
[1] انظر عن (كريمة بنت عبد الحق) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 632،
633 رقم 3142، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 275- 278 رقم 270،
وصلة التكملة للحسيني، ورقة 10، والإشارة إلى وفيات الأعيان 343، وسير
أعلام النبلاء 23/ 89 و 121 دون ترجمة.
[2] انظر عن (كريمة بنت عبد الرحمن) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 632
رقم 3141، وصلة التكملة للحسيني، ورقة 10، وسير أعلام النبلاء 23/ 122
دون ترجمة.
(47/92)
الدّمشقيّة.
سَمِعْتُ من: الخُشُوعيّ، وستّ الكَتَبَة بِنْت الطّرّاح.
روى عنها: المجد ابن الحُلْوانيّة.
ولم يحدّثنا أحد عَنْهَا.
تُوُفّيت فِي ثالث عشر ذي الحجّة عَن نحو خمسين سنة.
45- كريمة بِنْت المحدّث العدل الأمين أَبِي مُحَمَّد عَبْد الوهَّاب
[1] بْن عَليّ بْن الخَضِر بْن عبد الله بن عَلِيّ.
الشَّيْخة المعمَّرة، مُسْنِدَة الشّام، أُمُّ الفضل القُرَشيّة
الزُّبَيْريّة الدّمشقيّة، بِنْت الحَبَقْبَق.
وُلِدَت سنة خمس أو ستّ وأربعين وخمسمائة. وسمعت أجزاء يسيرة من أَبِي
يَعْلَى حمزة بْن الحُبُوبيّ، وَعَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي الحَسَن
الدّارانيّ، وحسّان بْن تميم الزّيّات، وعليّ بْن مَهْديّ الهلاليّ،
وعليّ بْن أَحْمَد الحَرَسْتَانيّ عَلَى مقالٍ فِيهِ.
وتفرّدت فِي الدّنيا بالرّواية عَنْهُمْ.
روت بالإجازة «صحيح البخاريّ» عَن أَبِي الوقت، وهي آخر من روى عَنْهُ
بالإجازة.
وروت أيضا الكثير كتابة عَن: مَسْعُود الثّقفيّ، وَأَبِي عَبْد اللَّه
الرُّسْتميّ، وَأَبِي الخير مُحَمَّد بْن أَحْمَد الباغبان، والقاسم
بْن الفضل الصَّيْدلانيّ، ورجا بْن حامد المعدانيّ، وَعَبْد الحاكم بْن
ظَفَر، ومحمود فُورجَة، وَأَبِي الفتح بْن البَطّيّ، والشّيخ عبد
القادر الجيليّ، وخلق سواهم.
__________
[1] انظر عن (كريمة بنت عبد الوهاب) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 623،
624 رقم 3125، وذيل الروضتين 173، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني
281- 284، وصلة التكملة للحسيني، ورقة 5، والمعين في طبقات المحدّثين
201 رقم 2123، وتذكرة الحفاظ 4/ 1434، والإعلام بوفيات الأعلام 266،
وسير أعلام النبلاء 23/ 92، 93 رقم 68، والعبر 5/ 170، ومرآة الجنان 4/
104، والوافي بالوفيات 24/ 338 رقم 369، وذيل التقييد للفاسي 2/ 393
رقم 1882، والألقاب لابن حجر، ورقة 12، والنجوم الزاهرة 6/ 349،
والألقاب، للسخاوي، ورقة 26، وشذرات الذهب 5/ 212.
(47/93)
وخرّج لَهَا الحافظ أَبُو عَبْد اللَّه
البِرْزاليّ «مشيخة» فِي ثمانية أجزاء، وقد تفرّد بروايتها عَنْهَا
الزّينُ إِبْرَاهِيم بْن الشّيرازيّ. وكانت امْرَأَة صالحة طيّبة
جليلة، طويلة الرّوح إلى الغاية عَلَى الطَّلَبة، لا تضجر من التّسميع.
أخذ عَنْهَا حُفّاظ وأئمّة، وحدّثت نيِّفًا وأربعين سنة.
روى عنها: الحفّاظ شمس الدّين ابن خليل، وزكيّ الدّين البِرْزاليّ،
وضياء الدّين المقدسيّ، وزكيّ الدّين المنذريّ، وشرف ابن النّابلسيّ،
وجمال الدّين ابن الصّابونيّ، وجمال الدّين ابن الظاهريّ، وعلاء الدّين
ابن بلبان، وشمس الدّين ابن هامل، وخديجة بِنْت تميمة، والشَّرَف عُمَر
بْن خواجا إمام، والصّدر مُحَمَّد بْن حسن الأُرْمَوِيّ، وزين الدّين
عَبْد اللَّه الفارِقيّ، والتّقيّ بْن مؤمن، وداود بْن حمزة، وأخوه
القاضي تقيّ الدّين، وستّ الفخر بِنْت عَبْد الرَّحْمَن بْن
الشّيرازيّ، وبنت عمّها ستّ القُضاة، والزَّيْن إِبْرَاهِيم بْن
القوّاس، والشَّرَف عَبْد المنعم بْن عساكر، وفاطمة بِنْت سُلَيْمَان
الأَنْصَارِيّ، وعيسى بْن عَبْد الرَّحْمَن المُطْعِم، والتّاج عَلِيّ
بْن أَحْمَد الغرافيّ، وَأَبُو المحاسن بْن الحرفيّ، وَأَبُو عليّ بْن
الخلّال، وَمُحَمَّد بْن يوسف الذَّهبيّ، وخلق كثير.
وبالحضور: أبو المعالي ابن البالسيّ، ومحمد بن الكركريّة، وأبو الفضل
ابن البِرْزاليّ.
وتُوُفّيت ببستانها بالمَيْطُور فِي رابع عشر جمادى الآخرة، ودُفنت
بسفح جبل قاسيون.
وروى الحديث أَخَوَاها عَلِيّ وصفيّة، وأبوها وعمُّها الحافظ عُمَر بْن
عَلِيّ الْقُرَشِيّ، وابنه عَبْد اللَّه بْن عُمَر.
- حرف الميم-
46- مُحَمَّد بْن أَحْمَد [1] بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن
أَحْمَد بْن خَلَف.
قاضي الجماعة أَبُو الوليد بْن الحاجّ التّجيبيّ الأندلسيّ، القرطبيّ،
المالكيّ.
__________
[1] انظر عن (محمد بن أحمد) في: تكملة الصلة لابن الأبّار، وصلة
التكملة للحسيني، ورقة 4، وملء العيبة للفهري 2/ 142، 150، 151، وسيأتي
ابن عمّه «محمد بن عبد الله بن محمد» برقم (52) .
(47/94)
ذكره الأَبَّار فَقَالَ: سَمِعَ من مشايخ
بلده، ودخل بَلَنْسِيَة وسمع من شيخنا أَبِي الرّبيع بْن سالم.
قَالَ: وأجاز لَهُ: أَبُو القاسم بن بَشْكُوال، وأبو بكر بن الجد، وأبو
عبد الله ابن زرقون، ونظراؤهم.
ووُليّ قضاء قُرطُبة فحُمدت سيرته، وعُرِف بالفضل ولِين الجانب. ثُمَّ
خرج من قُرطُبة لدخول الرّوم، لعنهم اللَّه، إليها فولي قضاء إشبيلية.
وقد حدَّث، وأُخِذ عَنْهُ.
وَتُوُفّي بإشبيليّة فِي أوائل جمادى الأولى.
قلت: هُوَ جدُّ شيخنا الإِمَام أَبِي الوليد مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن
أَبِي الوليد بْن الحاجّ إمام مقصورة المالكيّة، بارك اللَّه فِي
عُمره.
وقال الشّريف عزّ الدّين أَبُو القاسم الحُسَيْنيّ فِي «الوفيات» له
أنّ القاضي أَبَا الوليد هذا روى عَنْ أَبِي القاسم عَبْد الرَّحْمَن
بْن مُحَمَّد بْن حُبَيْش، ويحيى بْن عَبْد الرَّحْمَن المَجْريطيّ.
قال: وله مشيخة. وكان يفهم الحديث. توفّي هو وابن عمّه قاضي غرناطة في
عام.
47- محمد بن أحمد بن عليّ.
الفقيه أبو عبد الله بن جارة الأزديّ، الإسكندرانيّ.
روى عنه الدّمياطيّ حديثا عَن فتوح بْن خَلَف صاحب السِّلَفيّ.
48- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الصّمد [1] .
أَبُو عَبْد اللَّه بْن الطَّرَسُوسيّ الحلبيّ.
__________
[1] انظر عن (محمد بن أحمد الطرسوسي) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 618
رقم 3114، وصلة التكملة للحسيني، ورقة 2، والتذكرة، لابن العديم، ورقة
391.
(47/95)
سَمِعَ: أَبَاهُ، وأبا سعد بْن أَبِي
عصرون، وأبا الفتح عُمَر بْن عَلِيّ الْجُويْنيّ، ويحيى بْن محمود
الثّقَفيّ.
وحدَّث بحلب ودمشق. وكان صالحا متزهّدا منقبضا. وكان والده من
الزُّهّاد الفُضَلاء.
روى عَن: أَبِي عَبْد اللَّه الصّاحبُ أَبُو المجد بْن العديم، وغيره.
وَتُوُفّي فِي المحرَّم وله سبعون سنة [1] .
49- مُحَمَّد بْن أَبِي جَعْفَر، وقيل ابن جَعْفَر، بْن يحيى بْن
مُحَمَّد بْن أَبِي فراس [2] .
الأمير حسام الدّين أَبُو فراس الحليّ.
كَانَ بطلا شجاعا محتَرَمًا ببغداد. ولّي نيابة واسط، وحجّ بالنّاس خمس
عشرة حَجَّة نيابة واستقلالا.
وكان قد عانده الوزير مؤيَّد الدين القُمّي، ففارق الرّكْب العراقي [3]
، وقصد الملك الكامل صاحب مصر فأكرم مورده، فلمّا مات القُمّي عاد إلى
العراق، فأُعيد إلى رُتْبته وزعامته [4] .
وَتُوُفّي فِي شوّال. وكانت لَهُ جنازة مشهودة، وحُمِل فدُفِن بمشهد
الْحُسَيْن، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
50- مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بْن أَبِي البدر.
أَبُو جَعْفَر البغداديّ، الكاتب.
أحد من عُني بالحديث، وسمع الكثير. وانتقى على جماعة.
__________
[1] ذكر الحسيني أن مولده في سنة 571 هـ.
[2] انظر عن (محمد بن أبي جعفر) في: الحوادث الجامعة 95، 96.
[3] وذلك سنة 621 هـ.
[4] وذلك سنة 629 هـ.
(47/96)
وسمع من: عَبْد اللَّه بْن دَهْبَل بْن
كارة، وعبد العزيز ابن الأخضر، وهذه الطّبقة.
وله إجازة من أَبِي منصور بْن عَبْد السّلام، وابن كُلَيْب.
وسمع «جزء ابن عَرَفَة» من خلْقٍ نحو المائتين. وفي حاله مقال.
51- مُحَمَّد بْن روميّ [1] بْن مُحَمَّد بْن روميّ بْن أَحْمَد بْن
زنْك.
أَبُو عَبْد اللَّه الغُوطيّ، الحردانيّ، ثُمَّ السَّقْباني [2] .
حدّث في هذا العام عن الحافظ ابن عساكر بجزءٍ من حديثه.
روى عَنْهُ: المجد ابن الحُلْوانيّة، والبدر بْن الخلّال، والعماد بْن
البالِسيّ حضورا.
وكتب عَنْهُ ابن الحاجب، والقُدماء.
52- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ [3] بْنِ عُبَيْد
اللَّه بْن أَحْمَد بْن خَلَف.
أَبُو الْحَسَن ابن الحاجّ التُّجِيبيّ، القُرْطُبيّ، المالكيّ ابن عمّ
القاضي أَبِي الوليد المذكور آنفا [4] .
سَمِعَ من: أَبِي العبّاس المَجْرِيطيّ، وَأَبِي جَعْفَر بْن يحيى،
وَأَبِي القاسم بْن بقيّ، وجماعة.
وأجاز لَهُ: أَبُو مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه، وَأَبُو عَبْد اللَّه
بْن زرقون، وَأَبُو الوليد يزيد بْن بَقِيّ، وجماعة.
قَالَ الأبّار [5] : ولّي القضاء بغَرْنَاطَة وبالجزيرة الخضراء، فحمدت
سيرته وحدّث.
__________
[1] انظر عن (محمد بن رومي) في: توضيح المشتبه 5/ 112.
[2] السّقباني: بفتح السين المهملة وسكون القاف، وفتح الموحّدة. نسبة
إلى سقبا من غوطة دمشق.
[3] انظر عَنْ (مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ) في:
تكملة الصلة لابن الأبّار 2/ 653 رقم 1675، وملء العيبة للفهري 2/ 89،
97، 101، 103، 104، 143.
[4] برقم (46) .
[5] في التكملة 2/ 653.
(47/97)
وَتُوُفّي بمرَّاكِش وله سبْعٌ وستّون سنة.
53- مُحَمَّد بْن عَبْد الملك بْن عثمان.
شَرَفُ الدّين أَبُو عَبْد اللَّه المقدسيّ، الحنبليّ، الصّالحيّ، أخو
الزَّيْن أَحْمَد.
سَمِعَ: أَبَا طاهر الخُشُوعيّ، وجماعة.
وبأصبهان من: عفيفة الفارقانيّة، وأسعد بْن سَعِيد، والمؤيّد ابن
الإخوة، وجماعة.
حدَّث هذه السّنة بمصر فسمع منه عيسى الحُمَيْديّ، وَعُبَيْد
الإسْعِرْديّ.
وسمع منه بغزّة كمال الدّين ابن العديم، وغيره.
حدّث عنه: مجد الدّين ابن الحلوانيّة، وبيبرس العديميّ.
وبالإجازة: أبو المعالي ابن البالِسيّ. وروت عَنْهُ مريم أخت المُحِبّ
حضورا.
54- مُحَمَّد بْن عَقِيل [1] بْن عَبْد الواحد بْن أَحْمَد بْن حمزة
بْن كَرَوَّس [2] .
المحتسب جمال الدّين، أَبُو المكارم السُّلَميّ، الدّمشقيّ.
وُلِدَ سنة أربع وستّين وخمسمائة. وسَمِعَ بِهَا من: بهاءِ الدّين
القاسم بْن عساكر، وابن حَيُّوس.
وكان رئيسا محتشما قيّما بالحسبة.
روى عنه: المجد ابن الحلوانيّة، وغيره.
وأخبرنا عَنْهُ مُحَمَّد ابن خطيب بيت الأبار.
ومات في سابع عشر شوّال.
__________
[1] انظر عن (محمد بن عقيل) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 743، والتكملة
لوفيات النقلة 3/ 630 رقم 3137، وصلة التكملة للحسيني، ورقة 8،
والمختار من تاريخ ابن الجزري 187، والوافي بالوفيات 4/ 98 رقم 1578،
والبداية والنهاية 13/ 163، وعقد الجمان 17/ ورقة 261، وشذرات الذهب 5/
213، والدارس 1/ 98، ومنادمة الأطلال 58، وخطط دمشق، لأكرم حسن العلبي
87 و «عقيل» : بفتح العين وكسر القاف.
[2] كروّس: بفتح الكاف وبعدها راء مهملة مفتوحة وواو مشدّدة مفتوحة
وسين مهملة.
(47/98)
55- محمد بْن مُحَمَّد [1] بْن عَبْد
الرَّحْمَن بْن عَبْد الملك بْن مُحارب.
المحدّث أَبُو عَبْد اللَّه القَيْسيّ، الغَرْناطيّ، ثُمَّ الإسكندريّ.
وُلِدَ بالإسكندريّة سنة سبْعٍ وخمسين تقريبا أو قبل ذَلِكَ.
وقال الأبّار: وُلِدَ سنة أربعٍ وخمسين.
وسَمِعَ من: أَبِي الطّاهِر إِسْمَاعِيل بْن عَوْف، والقاضي مُحَمَّد
بْن عَبْد الرَّحْمَن الحضْرميّ، وَعَبْد العزيز بْن فارس، وحمّاد بْن
هبة اللَّه الحرّانيّ، وابن موقا، ومنصور بْن خميس، وجماعة.
وسمع بمصر من: أَبِي القاسم البُوصِيريّ.
وبدمشق من: أَبِي اليُمْن الكِنْديّ.
وببغداد من: أَبِي مُحَمَّد بْن الأخضر.
ودخل الأندلس قبل ذَلِكَ فسمع بمُرْسِيَة من: أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن
أَحْمَد بْن أَبِي حمزة، وبغَرْناطَةٍ من قاضيها أَبِي مُحَمَّد عَبْد
المنعم بْن الفَرَس، وَأَبِي جَعْفَر أَحْمَد بْن عليّ بْن حَكَم
سَمِعَ منه «الشّفا» بسماعه لجميعه من القاضي عِياض.
وسمع من: أَبِي بَكْر عَبْد اللَّه بْن طلحة المحاربيّ.
وأجاز لَهُ أَبُو مُحَمَّد التّادليّ روايته عَن أَبِي مُحَمَّد بْن
عتّاب خاصّة. وكان يَقْولُ إنّه سَمِعَ من السِّلَفيّ «الأربعين
البلْدانيّة» . وكانت لَهُ عناية جيّدة بالحديث ومعرفة وإتقان. وكتب
بخطّه، وحصَّل الأُصول. وطال عمره.
روى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّد الدّمياطيّ، وَأَبُو القاسم بْن بَلَبَان،
والضّياء عيسى السَّبْتيّ، ونصر اللَّه بْن عيّاش السّكاكينيّ، وجماعة.
تُوُفّي هُوَ وكريمة القُرَشيّة في ليلة واحدة.
__________
[1] انظر عن (محمد بن محمد) في: تكملة الصلة لابن الأبّار 2/ 668 رقم
2698، والمعين في طبقات المحدّثين 201 رقم 2124، وتذكرة الحفاظ 4/
1435، وسير أعلام النبلاء 23/ 95، 96 رقم 71، وذيل التقييد للفاسي 1/
229 رقم 447، والمقفى الكبير للمقريزي 7/ 49 رقم 3119.
(47/99)
حَدَّثَنِي ابن رافع أنّ الحافظ عَبْد
الكريم أراه أصل سماع ابن محارب بالأربعين من السِّلَفيّ. ورأيت بخطّ
ابن عرام الشّاذليّ أنّ ابن محارب حدَّث بالأربعين السِّلَفيّة فِي ذي
الحجّة سنة تسع وثلاثين وستمائة، بسماعه من الحافظ، فسمعها منه
الدّمياطيّ.
والتقى عُبَيْد الإسْعِرديّ، وعيسى بْن يحيى السَّبْتيّ، وعيسى بْن
أَبِي بَكْر الحُمَيْديّ.
56- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد [1] بْن أَحْمَد بْن مروان بْن فِهْر.
أَبُو الفضل اللَّخْميّ، عُرِف بابن أَبِي نباتة، الإشبيليّ.
روى عَن: أَبِيهِ القاضي أَبِي بَكْر، وعن: أبي بكر بن الجد، وأبي عبد
الله بْن زرقون، وَأَبِي جَعْفَر بْن مضاء، وجماعة.
قَالَ الأبّار: كَانَ صاحب ضبط وتقييد. ثُمَّ ورّخه بالسّنة.
57- مُحَمَّد بْن النّفيس [2] بْن أَبِي القاسم.
أَبُو عَبْد اللَّه الحربيّ السَّنَكيّ. بفتح السّين والنّون. وهو
يشْتبه بالسُّبْكيّ.
روى عَن: عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن بنات.
ومات فِي المحرَّم.
58- مُحَمَّد بْن نصر بْن قُمَيْرة.
أخو المؤتَمَن.
ولَهُ ستّون سنة إلّا سنة.
59- مُحَمَّد بْن الخطيب أَبِي طاهر هاشم [3] بْن أَحْمَد بْن عَبْد
الواحد.
العالمِ أَبُو عَبْد الرَّحْمَن الأسديّ الحلبيّ، خطيب حلب وابن
خطيبها.
__________
[1] انظر عن (محمد بن محمد) في: تكملة الصلة لابن الأبّار.
[2] انظر عن (محمد بن النفيس) في: توضيح المشتبه 5/ 2804، وتبصير
المنتبه 2/ 804.
[3] انظر عن (محمد بن هاشم) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 630 رقم
3136، وصلة التكملة للحسيني، ورقة 8، والوافي بالوفيات 5/ 150 رقم
2170، وإعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء 4/ 406.
(47/100)
ولد في حدود السّتّين وخمسمائة، ونيّف
عَلَى الثّمانين.
وحدَّث عَن أَبِيهِ.
ولأبيه ديوان خطب. وكانا شافعيَّين.
روى عَن هذا: مجد الدّين العديميّ فِي «مُعْجمه» حديثا واهيا.
وَتُوُفّي فِي ربيع الأوّل. وله ذُرّية بحلب.
60- مُحَمَّد بْن أَبِي سعد بْن حسين.
أَبُو عَبْد اللَّه الأَسَديّ الحلبيّ.
شيخ زاهد جليل. ولد سنة ستّين وخمسمائة.
وسمع من: يحيى الثّقفيّ.
روى عَنْهُ: مجد الدّين أيضا.
ومات بحلب فِي رمضان.
61- محاسن بْن أَبِي القاسم [1] بْن مُحَمَّد الْجَوْبَرِيّ.
الخبّاز المعروف بابن الرُّطَيْل.
سَمِعَ من: أَبِي القاسم الحافظ جزءا.
روى عَنْهُ: البِرْزاليّ، وابن الحُلْوانيّة فِي «مُعْجَمَيْهما» .
روى عَنْهُ بالحضور: أَبُو المعالي بْن البالِسيّ.
وَتُوُفّي بجَوْبَر [2] فِي الرّابع والعشرين من شعبان.
62- معيوف بْن نصر بْن جميل.
الزّاهد أَبُو الفَرَج الواسطيّ، المعروف بابن المعلّم.
قرأ القرآن وجوّده، وحصّل الأدب. وتفقّه للشّافعيّ. وقدِم بغداد فسمع
من: ابن كُلَيْب، وجماعة.
__________
[1] انظر عن (محاسن بن أبي القاسم) في: تكملة إكمال الإكمال لابن
الصابوني 117، 118، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 628، 629 رقم 3132، وصلة
التكملة للحسيني، ورقة 7، وسير أعلام النبلاء 23/ 122 دون ترجمة.
[2] جوبر: قرية من غوطة دمشق.
(47/101)
وصحِب الصّالحين.
قَالَ ابن النّجّار: علّقت عَنْهُ أناشيد، وكان صالحا، كثير العبادة،
متورّعا، لازما للانقطاع، متواضعا.
تُوُفّي ببغداد فِي ربيع الأوّل.
63- مُهَلْهَل بْن بدران [1] بْن يوسف بْن عَبْد اللَّه بْن رافع بْن
يزيد.
الأمير الأجلّ، المحدّث، أَبُو المنصور ابن الأمير مجد الملك
الأَنْصَارِيّ الحَسّانيّ، الْجِيتيّ، المصري، الحنبليّ. من وُلِدَ
حسّان بْن ثابت.
وقد ساق الحافظ أَبُو مُحَمَّد المنذريّ [2] نَسَبه إلى حسّان.
سَمِعَ بنفسه فِي شبيبته من: البُوصِيريّ، وإسماعيل بْن ياسين،
والأرتاحيّ، والنّقيب مُحَمَّد بْن الحُصَين الفاطميّ، وابن نجا، وبنت
سعد الخير، والحافظ عَبْد الغنيّ، وجماعة كثيرة.
وقرأ ونسخ وحدَّث.
وجِيت قريةٌ من عمل نابلس.
وُلِدَ بمصر فِي حدود سنة سبع وستّين وخمسمائة، وبها تُوُفّي فِي سابع
عشر شعبان.
روى عَنْهُ: الزّكيّ عَبْد العظيم. وسمع منه شيخنا أَبُو مُحَمَّد
الدِّمياطيّ ولم يَرْو عَنْهُ، كأنّه ضاع سماعه منه.
وروى عنه: المجد ابن الحلوانيّة. وبالإجازة: أبو المعالي بن البالسيّ.
__________
[1] انظر عن (مهلهل بن بدران) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 627، 628
رقم 3130، وصلة التكملة ورقة 6، 7، وشذرات الذهب 5/ 212، 213، وذيل
طبقات الحنابلة 2/ 227، رقم 333، ومختصره 70، والمنهج الأحمد 378،
والدرّ المنضّد 1/ 380 رقم 1049.
[2] في التكملة.
(47/102)
- حرف النون-
64- نصر بْن رضوان [1] بْن ثَرْوَان.
الفِرْدَوْسيّ الدّاريّ، المقرئ الصّالح الملقِّن بالجامع بحلقة
الحنابلة.
روى عَن: الخُشُوعيّ، ويوسف بْن معالي، والجنْزَويّ.
روى عَنْهُ: البِرْزاليّ، وابن الحُلْوانيّة، وَأَبُو إِسْحَاق
المخرّمي، وغيرهم.
تُوُفّي فِي الخامس والعشرين من شعبان عَن 92 سنة.
65- النظّام [2] القزوينيّ.
صدر كبير قدِم دمشق رسولا من التّتار عَلَى الملك الصّالح إِسْمَاعِيل،
وركب الصّالح لتَلَقّيه، وكان فِي صُحبته غلامٌ، شراؤه عَلَيْهِ ألف
دينار. فذبحه الغلام ودُفن بقاسيون بعد أن أدّى الرّسالة.
- حرف الياء-
66- يونس [3] .
السّلطان الملك الجواد مظفَّر الدّين ابن الأمير مظفَّر الدّين ممدود
ابن الملك العادل سيف الدّين أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن أيّوب.
كَانَ فِي خدمة عمّه الملك الكامل فوقع بينهما واقع، فغضب وسار إلى
عمّه الملك المعظّم، فأقبل عَلَيْهِ وأحسن إِلَيْهِ. ثمّ عاد إلى مصر
واصطلح مَعَ الكامل. فلمّا مات الملك الأشرف جاء مَعَ الكامل إلى دمشق،
فلم يلبث
__________
[1] انظر عن (نصر بن رضوان) في: صلة التكملة للحسيني، ورقة 7.
[2] أورده المؤلّف- رحمه الله- بعد ترجمة «يونس السلطان» ، وقد قدّمته
لترتيب الحروف.
[3] انظر عن (يونس السلطان) في: الفوائد الجلية في الفرائد الناصرية
للأيوبي 259، ومفرّج الكروب 5/ 126، 127 و 145 و 171- 175 و 191- 205 و
253 و 276 و 281 و 283 و 296، 297، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 743،
والحوادث الجامعة 190، والمختار من تاريخ ابن الجزري 187، ومرآة الجنان
4/ 104، والعبر 5/ 171، والبداية والنهاية 13/ 163، 164، وفوات الوفيات
4/ 196، 197، وشفاء القلوب 388- 392، والنجوم الزاهرة 6/ 348، 349.
(47/103)
الكامل أنْ مات، وتملّك الملك الجواد دمشق.
وكان جوادا كلقبه، ولكن كان حوله ظلمة. وهو مبذّر لما في الخزائن.
قصد النّاصر داود والتقاه فانهزم النّاصر. وكان المصافّ على مكان يقال
له ظهر حمار، فاحتوى الجواد على خزائن النّاصر وذخائره، ثمّ دخل نابلس
ونزل بدار المعظّم، واحتوى على ما فيها. وولّى نوّابه بالقدس وأعمالها.
فلمّا بلغ العادل بن الكامل ذلك خاف منه وأمره بردّ بلاد النّاصر إليه
وبالرّجوع إلى دمشق. فترحّل ودخل دمشق في تجمّل عظيم، وزيّنت دمشق زينة
ما سُمِع بمثلها، وتمكّن واستقلّ بالسّلطنة، إلّا أنّ الخطبة للعادل
قبل الجواد، فانتدب لَهُ عماد الدّين ابن شيخ الشّيوخ.
وفي وقعة ظهر الحمار يَقْولُ الحمّاد بْن عَبْد، وأجاد:
يا فقيها قد ضَلَّ سبيلَ الرّشاد ... لَيْسَ يُغْني الْجِدال يوم
الْجِلادِ
كيف يُنْجي ظهرُ الحمار هزيما ... من جوادٍ يكرّ فوق جوادِ
وكان يحبّ الصّالحين والفقراء. وتقلّبت بِهِ الأحوال وعجز عَن مملكة
دمشق وتقلقل، فكاتب الملك الصّالح نجم الدّين ابن الكامل فقدم وسلّم
إليه دمشق وعوّضه بسنجار وعانة. وسار إلى الشّرق فلم يتمّ له الأمر
وأخذت منه سنجار وبقي في عانة. وسار إلى بغداد وأنعم عليه، وباع عانة
للخليفة بجملة من الذّهب.
ثمّ سار إلى الدّيار المصريّة وافدا على الملك الصّالح، فهمّ بالقبض
عليه، فتسحّب إلى الكرك إلى عند الملك الصّالح، فقبض عليه، ثمّ انفلت
منه وقدم على الملك الصّالح إسماعيل صاحب دمشق، فلم يبشّ لَهُ. فقصد
ملك الفرنج الَّذِي بالسّاحل، صيدا وبيروت، فأكرموه وشهد معهم وقعة
قَلَنْسُوَة، وهي من أعمال نابلس، قتلوا فيها ألف مُسْلِم. فنعوذ
باللَّه من مكر اللَّه. وما أمكنه أن يدفع عَن المسلمين بكلمة.
ثُمَّ بعث إِلَيْهِ إِسْمَاعِيل الأمير ناصر الدّين ابن يغمور ليحتال
فِي القبض عَلَيْهِ بخديعة، فيُقال إنّه اتّفق معه عَلَى إِسْمَاعِيل.
(47/104)
ثُمَّ إنّ إِسْمَاعِيل ظفر بالجواد وسجنه
بحصن عزتا، وسجن ابن يغمور بقلعة حلب. فطلب الفرنج الملك الجواد من
إِسْمَاعِيل وقالوا: لا بدّ لنا منه.
فأظهر أَنَّهُ قد مات، وأهله يقولون إنّه خنقه، فاللَّه أعلم.
ودُفِن فِي شوّال بقاسيون بتُربة المعظّم. ويقال كانت أمّه إفرنجيّة.
67- يونس بْن منصور [1] بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الصّمد بْن معالي.
أَبُو بَكْر السَّقْبَانيّ [2] ، المؤذّن.
كَانَ شيخًا صالحًا يؤذّن احتسابًا.
سمع من: الحافظ القاسم بن عساكر.
كتب عند ابن الحاجب، والضّياء ابن البالِسيّ، وجماعة.
وحدَّث عَنْهُ: ابن الحُلْوانيّة، وَأَبُو عَلِيّ بْن الخلّال.
وبالحضور أَبُو المعالي بْن البالِسيّ.
حدَّث فِي هذه السّنة، وَتُوُفّي فيها أَو بعدها.
68- يونس بْن يوسف [3] بْن سُلَيْمَان بْن مُحَمَّد بْن محمود بْن
أيّوب.
المحدّث أَبُو سهل الْجُذَاميّ الأندلُسيّ، القَصْريّ، قصر عَبْد
الكريم.
كَانَ يُعرف بابن طربجة. لَهُ مشاركة جيّدة فِي فنون من العِلم.
ذكره أَبُو عَبْد اللَّه الأبّار فَقَالَ: سَمِعَ من أَبِي الْحَسَن
نجيّة بْن عَلِيّ، وَأَبِي ذَرّ بْن أَبِي ركب الخُشْنيّ، وَأَبِي
مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه، وجماعة.
وأجاز لَهُ أَبُو بَكْر بْن الْجَدّ، وغيره.
وطوّف ونزل تونس ثُمَّ وليّ قضاء طرابُلُس الغرب. ثُمَّ انتقل إلى
القاهرة
__________
[1] انظر عن (يونس بن منصور) في: سير أعلام النبلاء 23/ 122 دون ترجمة.
[2] السّقبانيّ: بفتح السين المهملة وسكون القاف وفتح الباء المعجمة
بواحدة وبعد الألف نون أيضا. منسوب إلى «سقبا» قرية من قرى دمشق.
[3] انظر عن (يونس بن يوسف) في: تكملة الصلة لابن الأبّار، ولم يذكره
كحّالة في (معجم المؤلّفين) مع أنه من شرطه.
(47/105)
فِي سنة سبْعٍ وعشرين فحظي هناك، وخَلّف
أبا الخطّاب بن الجميّل يعني ابن دِحْيَة بعد وفاته.
قَالَ: وكان يتمسّح كثيرا فيما يحدّث بِهِ.
وَتُوُفّي فِي آخر سنة إحدى وأربعين.
قلت: روى عَنْهُ الدّمياطيّ، وقال: كَانَ قليل الرّواية. كتبتُ عَنْهُ
أناشيد للمغاربة.
وَتُوُفّي فِي الثّامن والعشرين من رمضان.
وقال الشّريف عزّ الدّين: روى عَن: الحافظ ابن عَبْد الواحد الغافقيّ،
وغيره. وتولّى مشيخة دار الحديث الكامليّة مدّة. واختصر «صحيح مُسْلِم»
.
الكنى
69- أَبُو شُكْر الشُّعَيْبيّ [1] .
الزّاهد، أحد الأولياء بمَيّافارقين.
والشُّعَيْبيَة من قُرى مَيَّافارقين.
قَالَ سعد الدّين الْجُوينيّ: كَانَ من صلحاء الأبدال. صاحب علم وعمل
ورياضات ومجاهدات. سألني السلطان الملك المظفر أن أقول لَهُ أن يأذن
لَهُ فِي زيارته فلم يجب، وقال: أَنَا أدعو لَهُ أن يصلحه اللَّه لنفسه
ولرعيته ليجتهد أن لا يظلم.
قَالَ: وكان أكثر أوقاته يتكلَّم عَلَى الخاطر. وكان كثيرا ما يَقْولُ
عقيب كلامه: اللَّهمّ ارحمنا.
وسألته عَن التّتار قبل أن يطرقوا البلاد فزفر زفرة ثُمَّ أنشد:
__________
[1] انظر عن (أبي شكر الشعيبي) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 744، وفيه:
«أبو بكر» ، والمختار من تاريخ ابن الجزري 188 وفيه: «الشعبي» ،
والنجوم الزاهرة 6/ 349.
(47/106)
وما [1] كلّ أسرار النّفوس مُذَاعةٌ [2]
وما [3] كلّ ما حلّ الفؤاد يُقالُ خرج إلى قريته الشُّعَيْبيّة وقال
لأولاده: احفروا لي قبرا فأنا أموت بعد يومين.
فحفروا لَهُ، ثُمَّ مات فِي اليوم الَّذِي عيّنه، رحمه اللَّه ورضي
عَنْهُ.
وفيها وُلِدَ:
وجيه الدّين يحيى بْن أَحْمَد القُونُويّ المقرئ، وصفيّ الدّين أَبُو
بَكْر بْن أَحْمَد السُّلاميّ، وَأَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الرّشيد
أَحْمَد بْن مُحَمَّد الأصبهانيّ المصريّ، سَمِعَ السِّبْط وغيره،
والمحدّث شهاب الدّين أَحْمَد بْن يونس بْن أَحْمَد بْن بركة الإربليّ،
بالقاهرة، والشَّرَف أَبُو الفتح مُحَمَّد بْن عَبْد الرحيم بْن
البِشْر القُرَشيّ، بالقرافة، والتّاج مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن
مُحَمَّد بْن النَّصِيبيّ، بحلب، وطاهر بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن
العجميّ الحلبيّ، والشّمس مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن أَبِي الفتح بْن
السَّنْجاريّ المؤدّب، وَعَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الوليّ الفلّاح
سِبْط اليَلْدانيّ، والجمال عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن عُمَر
بْن شُكْر المقدسيّ.
وعليّ بْن النصير بْن الدّفوفيّ المصريّ، ووالدي أحمد بن عثمان
الذّهبيّ.
__________
[1] في المرآة، والمختار: «ولا» .
[2] في المرآة: «مباحة» .
[3] في المرآة: «ولا» .
(47/107)
سنة اثنتين وأربعين
وستمائة
- حرف الألف-
70- أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن بختيار [1] .
أَبُو القاسم الواسطيّ، ثُمَّ البغداديّ. من أولاد الأمراء.
لَهُ شِعْر حَسَن، فمنه:
ملْ بي إلى الدَّيْر من نجران مُصْطبِحًا ... يا صاح قبل التفاف السّاق
عَلَى السّاقِ
أَما ترى الوُرْقَ تشدوا فِي الغُصُون وكم ... منْ ساقِ حُرٍّ يغنينا
عَلَى ساقِ
والنّور يُضْحكهُ باكي الغَمام فقُمْ ... مشمّرا لارتشافِ [2] الكأسِ
عَن ساقِ
وهاتها كشُعاع الشّمس صافية ... تَغْشَى العيونَ رعاكَ اللَّهُ من ساقِ
[3]
ضعف وافتقر ولزِم رباط أَبِيهِ إلى أن مات فِي جمادى الآخرة.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن علي بن بختيار) في: ذيل مرآة الزمان ج 8 ق 2/
250، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 53، 54 رقم 37، والوافي بالوفيات 7/
189 رقم 3135.
[2] في الوافي: «لارتضاع» .
[3] وقال ابن النجار: أنشدني لنفسه:
أعاذلتي في الحب هل غير ذلك ... فإنّي لأسباب الهوى غير تارك
دعيني وأوصافي فلست بعاشق ... إذا رمت ميلا عن طريق المهالك
أرى الحبّ أن ألقى المنيّة مسفرا ... إذا شئت أن ألقى عذاب المضاحك
أيا ظبية الوعساء إن حال بيننا ... سباسب تنضّى ناجيات الرواتك
فلست بناس وقفة لم تزل بها ... دماء المآقي سافحات المسافك
تربعت من دون الأراكة معهدا ... وغادرت عهدي بين تلك الأرائك
فقلت إلى الواشي وكنت غرية ... إذا ما سعى الواشي بما غير ذلك
ألم تعلمي أنّي ألمّ بعالج ... وأشتاق آثارا حلّت من جمالك
سألت أبا القاسم بن بختيار عن مولده، فقال: في أحد الربيعين سنة خمس
وستين وخمسمائة.
(47/108)
وكان أَبُوهُ أستاذ دار الخلافة.
71- أَحْمَد بْن القاضي أَبِي نصر [1] مُحَمَّد بْن هبة اللَّه بْن
مُحَمَّد.
القاضي الرّئيس تاج الدّين أَبُو المعالي بْن الشّيرازيّ، الدّمشقيّ.
سَمِعَ من: جدّه، وَأَبِي المجد الفضل بْن البانياسيّ، وَعَبْد الرزاق
النّجّار، وابن صَدَقة الحرّانيّ.
وأجاز لَهُ أَبُو طاهر السِّلَفيّ.
وكان صدرا رئيسا مبجَّلًا مُعَدَّلًا، وافر الحُرْمة.
روى عَنْهُ: الجمال مُحَمَّد بْن الصّابونيّ، وابنه الشّهاب أَحْمَد،
والفخر إِسْمَاعِيل بْن عساكر، وابن عمّه عَبْد المنعم بْن عساكر،
وَمُحَمَّد بْن يوسف الذَّهبيّ، والزَّيْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد
الرَّحْمَن حفيده، والمجد عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد
الإسْفَرَائينيّ، وَأَبُو عَلِيّ بْن بَرَّة الخلّال، وآخرون.
وُلِدَ فِي صَفَر سنة إحدى وسبعين وخمسمائة.
وَتُوُفّي فِي خامس رمضان.
72- أَحْمَد بْن مُحَمَّد ابن الوزير الكبير [2] .
نصيرُ الدّين [3] أَبُو الأزهر بن النّاقد البغداديّ.
__________
[1] انظر عن (أحمد ابن القاضي أبي نصر) في: ذيل الروضتين 174، والإشارة
إلى وفيات الأعيان 344، والإعلام بوفيات الأعلام 267، والعبر 5/ 171،
172، وسير أعلام النبلاء 23/ 113 دون ترجمة، وذيل التقييد للفاسي 1/
395، 396 رقم 774، وتذكرة الحفاظ 4/ 1427، وشذرات الذهب 5/ 213.
[2] انظر عن (أحمد بن محمد ابن الوزير الكبير) في: مرآة الزمان ج 8 ق
2/ 747، والفخري في الآداب السلطانية 331، 332، وسير أعلام النبلاء 23/
108، 109 رقم 83، والمختار من تاريخ ابن الجزري 193، 194، ومختصر
التاريخ لابن الكازروني 263، 264 و 267 و 277، وخلاصة الذهب المسبوك
للإربلي 289، 290، والحوادث الجامعة 33، 35، والوافي بالوفيات 8/ 64،
65 رقم 2487، وفوات الوفيات 3/ 254، والبداية والنهاية 13/ 165،
والعسجد المسبوك 2/ 527، 528، والنجوم الزاهرة 6/ 350.
[3] في النجوم الزاهرة: «شهاب الدين» ، وفي المختار من تاريخ ابن
الجزري: «نصر الدين» .
(47/109)
كَانَ أَبُوهُ من كبار التّجّار. ووُلِدَ
فِي سنة إحدى وسبعين وخمسمائة.
واشتغل وقرأ العربيّة وعانى الكتابة، وتقلّب فِي المناصب. وتنقّلت بِهِ
الأحوال. وكان بينه وبين الخليفة الظّاهر رِضاع شُرف بِهِ قُبيل وفي
زمانه.
ثمّ ولي أستاذ داريّة الخلافة فِي سنة سبْعٍ وعشرين بعد وفاة عضُد
الدّين المبارك بْن الضّحّاك، ثُمَّ وليّ الوزارة فِي سنة تسعٍ وعشرين.
وكان فِي شبيبته متعبّدا كثير التّلاوة، ربّما قرأ القرآن فِي رَكْعتين
فنفعه ذَلِكَ.
وعرض لَهُ فِي سنة أربعٍ وثلاثين ألم المفاصل منعه عَن القيام وعجز عَن
الحركة والخطّ. وهو محتَرَم معظَّم إلى الغاية. واستناب من يكتب
عَنْهُ. ولمّا كَانَ يوم البيعة المستعصميّة حضر فِي محفّة وجلس بين
يدي السُّدّة، وإنّما العادة أن يقف الوزير، فاغتفر ذَلِكَ لعجزه،
وأُقِرّ عَلَى رُتبته. وبقي فِي الوزارة إلى أن مات، فوليها بعده
المشئوم الطّلعة ابن العَلْقَميّ.
تُوُفّي فِي سادس ربيع الأوّل، وغسّله الإِمَام نجم الدّين عَبْد
اللَّه البادرائيّ مدرّس النّظاميّة يومئذ، وشيّعه عامّة الدّولة.
وكان من رجالات العالم رأيا وحزْمًا وأدبا وكتابة وترسُّلًا وحُسن
سيرة، يرجع إلى دين وخير، فاللَّه يرحمه ويسامحه.
وولي فِي منصب ابن العَلْقَميّ الأستاذ داريّة الصّاحب محيي الدّين ابن
الْجَوْزيّ.
73- أَحْمَد بْن أَبِي الفَتْح [1] مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن
المَنْدائيّ.
الواسطيّ، أَبُو الْعَبَّاس المذكور فِي السّنة الماضية، ثُمَّ أنبأني
ابن البُزُوريّ أَنَّهُ تُوُفّي راجعا من الحجّ فِي ثامن عشر محرَّم
سنة اثنتين. وَأَنَّهُ خَدَمَ فِي خدم آخرها نيابة صدريّة واسط.
__________
[1] تقدّمت ترجمته في وفيات السنة الماضية، برقم (4) .
(47/110)
74- إِبْرَاهِيم بْن إِسْحَاق [1] بْن
مُحَمَّد بْن عَلِيّ.
أَبُو إِسْحَاق العَبْدَريّ المَيُورَقيّ، المعروف بابن عَائِشَة.
قَالَ الأَبّار: روى عَن: أَبِي عَبْد اللَّه خَتَن فقل وتفقَّه بِهِ،
ومال إلى عِلْم الرأي.
وكان ديّنا نزها. أسره العدوّ فِي الحادثة الكائنة عَلَى مَيُورقة،
ثُمَّ خلص وقدِم بَلَنْسِيَة. ثمّ ولي قضاء دانية. وسمعتُ منه بتونس،
وبها تُوُفّي فِي ذي الحجّة، وله بضْعٌ وستّون سنة.
75- إِبْرَاهِيم بْن صالح [2] بْن خَلَف بْن أَحْمَد.
الْجُهَنيّ، القاضي، الشّابّ الصّالح الإِمَام جمال الدّين أَبُو
إِسْحَاق.
تُوُفّي وله ستٌّ، وثلاثون سنة. وهو أخو شيخنا مُحَمَّد.
قرأ القرآن عَلَى الفقيه زيادة، وبرع فِي مذهب الشّافعيّ.
وسمع من جماعة. وكان أحد الأذكياء. ولّي قضاء بِلْبِيس، ثُمَّ قضاء
البَهْنَسَا فأدركه أَجَلُه بِهَا فِي ربيع الأوّل، رحمه اللَّه [3] .
76- إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه [4] بْن إِبْرَاهِيم بْن قسّوم.
أَبُو إِسْحَاق اللَّخْميّ، الإشْبيليّ.
قَالَ الأبّار: روى عَن: أَبِي بَكْر بْن الجدِّ، وأَبِي عبد الله بن
زرقون، وأبي عمرو بن عظيمة صاحب شريح وأخذ عنه القراءات.
__________
[1] انظر عن (إبراهيم بن إسحاق) في: تكملة الصلة لابن الأبّار.
[2] انظر عن (إبراهيم بن صالح) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 643، 644
رقم 3163، والمقفّى الكبير للمقريزي 1/ 183 رقم 173.
[3] وقال المنذري: واشتغل عندنا بشيء من علم الحديث وغيره، واجتهد في
تحصيل المعارف.
وكتب بخطّه كثيرا من الكتب المصنّفة في الأصولين والفروع، وتميّز في
أقرب مدّة. وشهد عند قاضي القضاة أبي المكارم مُحَمَّد ابن عين الدولة،
وأعاد بالمدرسة الفاضلية، وولي القضاء بمدينة بلبيس والأعمال الشرقية
مدّة. وتولّى القضاء بمدينة البهنسا. وكتب عنه بها.
[4] انظر عن (إبراهيم بن عبد الله) في: تكملة الصلة لابن الأبّار.
(47/111)
وروى أيضا عَن: أَبِي مُحَمَّد بْن عُبَيْد
اللَّه، وَأَبِي الْحَسَن نَجَبَة بْن يحيى.
وكان فقيها أُصُوليًا ناسكا، صادعا بالحقّ. تغلب عَلَيْهِ العبادة.
وهو أخو أَبِي بَكْر المُتَوَفَّى قبل الأربعين.
تُوُفّي هذا فِي شوّال عَن سِنٍّ عالية.
77- إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه [1] بْن عَبْد المنعم بْن عَلِيّ.
القاضي شهاب الدّين، أَبُو إِسْحَاق الهَمَذَانيّ الحَمَويّ،
الشّافعيّ، المعروف بابن أَبِي الدَّم، قاضي حماة.
وُلِدَ بِهَا فِي سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة، ورحل فسمع ببغداد من:
عبد الوهّاب ابن سُكَيْنَة.
وحدَّث بحماة، وحلب، والقاهرة. وله نظْم ونثْر ومصنَّفات وترسُّل عَن
صاحب حماة.
سَمِعَ منه: أَبُو بَكْر الدَّشْتيّ شيخنا، وغير واحد.
تُوُفّي فِي جمادى الآخرة بحماة. وله «التاريخ الكبير المظفّريّ» .
__________
[1] انظر عن (إبراهيم بن عبد الله) في: مفرّج الكروب 5/ 85 و 252 و 265
و 323 و 324 و 346، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 388، 389،
والمختصر في أخبار البشر 3/ 173، وسير أعلام النبلاء 23/ 125، 126 رقم
96، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 546، 547 رقم 504، وطبقات الشافعية
الكبرى للسبكي 5/ 47 (8/ 115- 119) ، وطبقات الشافعية الوسطى، له، ورقة
135 أ، وتاريخ ابن الوردي 2/ 175، والوافي بالوفيات 6/ 33، 34 رقم
2465، وعيون التواريخ 20/ 22، 23، ومرآة الجنان 4/ 114، وطبقات
الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 430 رقم 400، والمقفّى الكبير للمقريزي 1/
232 رقم 257، وتاريخ ابن سباط (بتحقيقنا) 1/ 333، وشذرات الذهب 5/ 213،
وكشف الظنون 47 و 276 و 305 و 422 و 1218 و 1255 و 1446 و 1722 و 2008،
ومعجم المصنّفين للتونكي 3/ 211، وديوان الإسلام 2/ 296، 297 رقم 958،
وهدية العارفين 1/ 11، وذيل تاريخ الأدب العربيّ 1/ 588، وتاريخ آداب
اللغة العربية 3/ 81، والأعلام 1/ 15، ومعجم المؤلّفين 1/ 53، 54،
والتاريخ العربيّ والمؤرّخون 2/ 222 و 257، 258، وعلم التأريخ عند
المسلمين 204 و 418 و 528 و 578 و 674 و 683 و 686.
(47/112)
78- أرسلان شاه [1] .
هُوَ السّلطان نور الدّين صاحب شَهْرزور ابن الملك عماد الدّين زنكي
بْن نور الدّين رسلان شاه بن السّلطان غياث الدّين مَسْعُود بْن
السّلطان قُطْب الدّين مودود بْن أتابك بْن زنكي بْن قسيم الدّولة آق
سنقر بْن عَبْد اللَّه. التُّركيّ الأصل والنَّسَب، المَوْصِليّ.
كَانَ محبوبا إلى والده فلمّا احتضر أخذ لَهُ العهد والميثاق عَلَى
الأمراء والأعيان، وملك بعده شهرزور.
وكان شجاعا مَهِيبًا لاقى التّتار غير مرّة. وقدِم بغداد بعساكره فِي
سنة أربعٍ وثلاثين لنُصْرة الإِسْلَام فبهرَ الأنام بجماله فإنّه كَانَ
بديع الحُسن.
وُلِدَ فِي سنة أربعِ عشرة وستمائة، وَتُوُفّي يوم رابع عشر شعبان
بقلعته.
79- إِسْحَاق بْن الخضِر بْن كامل بْن سالم.
الصَّفِيُّ أَبُو عَبْد اللَّه السّروجيّ، ثُمَّ الدّمشقيّ
السُّكَّريّ، ابن المعبّر.
سكن قاسيون، وله بِهَا عقِب.
وسمع من: يوسف بْن معالي الكِنانيّ، والخُشوعيّ، وحنبل، وغيرهم.
وسُئِل عَنْهُ الضّياء مُحَمَّد، فَقَالَ: ثقة، ديِّن.
روى عَنْهُ: الشَّيْخ تاج الدّين عَبْد الرَّحْمَن، وأخوه شَرَف الدّين
أَحْمَد، والبدر ابن الخلّال، وجماعة.
وحضر عليه أبو المعالي ابن البالِسيّ.
وَتُوُفّي فِي جمادى الأولى.
80- إِسْمَاعِيل بْن زيد بْن إِسْمَاعِيل بْن عَقِيل.
أَبُو الفضل العلويّ الحسينيّ الخراسانيّ، ثمّ الدمشقيّ.
__________
[1] انظر عن (أرسلان شاه) في: نهاية الأرب 29/ 309، والوافي بالوفيات
8/ 343 رقم 3773، والعسجد المسبوك 2/ 532.
(47/113)
شيخ صالح، خرَّج لَهُ الزّكيّ البِرْزاليّ
مشيخة.
أجاز لَهُ أَبُو الفضل خطيب الموصل، وَأَبُو المعالي بْن صالح.
وسمع من: التّاج مُحَمَّد بن عبد الرحمن المسعودي، والقاسم بن عساكر،
وحمزة بْن أسعد التّميميّ.
روى عَنْهُ: المجد ابن الحُلْوانيّة، وغيره.
تُوُفّي فِي جمادى الأولى.
81- أيبه.
الأمير الكبير زين الدّين التُّركيّ، النّاصريّ، الخليفتيّ. ويُعرف
بالأبسر.
كَانَ فارسا شجاعا، ثُمَّ شاخ وانقطع بمنزله.
وَتُوُفّي فِي رجب.
- حرف التاء-
82- تُرْشُك.
الأمير بهاء الدّين النّاصريّ، الخليفتيّ.
تُوُفّي فِي المحرَّم.
وكان من أعيان الدّولة ببغداد.
- حرف الثاء-
83- ثروان بْن مُحَمَّد بْن ثروان بْن عَبْد الصّمد.
القَيْسيّ، التَّدْمُرِيّ. شيخ تَدْمُر.
رَجُل صالح من بيت مشيخة وزهادة.
مات فِي صَفَر عَن بضعٍ وخمسين سنة.
صحِب والدَه الَّذِي ذكرناه فِي سنة سبْع عشرة، وخلَّف بعده ولدَه
الشّيخَ الزّاهد عيسى ابنَ تِسعِ سِنين. وقد أدركنا الشَّيْخ عيسى هذا.
(47/114)
- حرف الحاء-
84- حامد بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ.
الحربيّ، الخيّاط.
سَمِعَ: أَبَا منصور بْن عَبْد السّلام.
85- الْحَسَن بْن سالم [1] بْن عليّ بْن سلّام.
الصّدرُ الكبير نجم الدّين أَبُو مُحَمَّد الطّرابُلُسيّ الأصل،
الدّمشقيّ الكاتب.
والد المحدّث أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد.
وُلِدَ سنة خمسٍ وستّين وخمسمائة.
وسمع من: يحيى الثقفي، وابن صدقة الحراني، وطغدي الأميريّ، وَمُحَمَّد
بْن أَحْمَد الطّالقانيّ، وَعَبْد الرَّحْمَن بْن الخرّميّ.
وولي نظر الزّكاة، ثُمَّ ولي نظر الدّواوين.
وكان سمحا جوادا، حَسَن العِشْرة، يحبّ الصّالحين. وفيه دِين ومروءة.
وله دار ضيافة فِي رمضان. ولكنّه دخل فِي أشياء، وقام فِي أمر الصّالح
إِسْمَاعِيل وفرَّق الذَّهَب فِي بيته عَلَى الأمراء، حتّى جاء وأخذ
دمشق. فذكر الصّاحب معين الدّين ابن الشَّيْخ: أوصاني الملك الصّالح
نجم الدّين أنّني إذا فتحت دمشق أن أعَلِّق ابن سلّام بيده عَلَى بابه.
قلت: فسَتَره اللَّه تعالى بالموت قبل أن تُفْتَح البلد بأشهُر. ثمّ
مات بعده ولده، وتمزّقت أمواله ورئاسته مَعَ أَنَّهُ كَانَ كبير البلد
فِي وقته ورئيسهم. وقد نُسِب إلى تشيُّع، ولم يصحّ ذَلِكَ.
وكان كثير الإحسان إلى الحنابلة.
__________
[1] انظر عن (الحسن بن سلام) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 747، 748، وصلة
التكملة للحسيني، ورقة 21، وذيل الروضتين 177، وسير أعلام النبلاء 23/
111، 112 رقم 85، والوافي بالوفيات 12/ 26 رقم 19، وموسوعة علماء
المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي ق 2 ج 2/ 41 رقم 331.
(47/115)
روى عَنْهُ: الشَّيْخ تاج الدّين، وأخوه
ابن الحُلْوانيّة، وابن الخلّال، والنَّجْم إِبْرَاهِيم بْن محمود
العَقْربائيّ، والشَّرَف مُحَمَّد بْن خطيب بيت الآبار.
ومات فِي سادس عشر ذي الحجّة.
86- الْحَسَن بن أبي الفضل شمس الدّين ابن القصبانيّ.
البغداديّ، التّاجر الجوهريّ.
كَانَ المعتَمَد عَلَيْهِ فِي عصره فِي معرفة الجواهر وقِيَمها. وكان
من كبار التُّجّار وذوي الثّروة.
وكان من أعيان الرّافضة.
تُوُفّي فِي صفر، وكانت لَهُ جنازة حَفِلَة.
87- الْحُسَيْن بْن أَحْمَد [1] بْن عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن هبة
اللَّه.
الشّريف أَبُو طاهر [2] بهاء الدّين ابن المهتدي باللَّه الهاشميّ
العَباسيّ، نقيب بني هاشم بالعراق، وخطيب جامع القصر الشّريف.
كَانَ صدرا محتشما، كبير القدر، ذا دين وعدالة.
وَتُوُفّي فِي رجب، وشيّعه الأعيان سوى الوزير وأستاذ الدّار ابن
الجوزيّ، وسوى الأميرين مجاهد الدّين وعلاء الدّين الدّويداريّ.
قَالَ ابن النّجّار: كَانَ عاقلا ديِّنًا لكنّه قليل العِلم. روى شيئا
عَن يحيى بْن الحسين الأوانيّ [3] .
__________
[1] انظر عن (الحسين بن أحمد) في: المختار من تاريخ ابن الجزري 196،
197، والوافي بالوفيات 12/ 338 رقم 315، والبداية والنهاية 13/ 165،
166، والعسجد المسبوك 2/ 531.
وسيعاد في وفيات السنة التالية 643 هـ. برقم (164) واسمه هناك: «الحسين
بن علي بن أحمد» .
[2] ستأتي كنيته: «أبو طالب» .
[3] الأواني: بفتح الهمزة والواو المخفّفة وبعد الألف نون مكسورة. نسبة
إلى أوان بالفتح والتخفيف. قرية من قرى الدجيل على عشرة فراسخ من بغداد
مما يلي الموصل، (توضيح المشتبه 1/ 278) .
(47/116)
88- الْحُسَيْن بْن عُمَر [1] بْن عَبْد
الجبّار بْن الرّوّاس الواسطيّ.
كَانَ من أكبر أعوان الرّفيع الْجِيليّ، وممّن عمل عَلَى أذِيَّة
المسلمين وأخذ أموالهم بالباطل والتزوير، فقُبِض عَلَيْهِ وعُذِّب
وصودِر ثمّ أُعدِم، فقيل إنّه أُخرِج ليلا وخُنِق عند تلّ النّصارى
بظاهر دمشق. ورُميَ أو قُبِرَ فِي شهر جمادى الأولى.
وكان ظالما جبّارا، جسَّرَ الرّفيعَ عَلَى جهنَّم، فقيل إنّه أخذ من
أموال المسلمين لنفسه ستّمائة ألف دِرهم، وعُصِر وكُسِرت ساقاته، وقيل
إنّه مات تحت الضَّرْب، فانظُر كيف عاقبة الظُّلْم واعتبروا أيُّها
الظَّلَمة، وهذا خفيفٌ بالنّسبة إلى ما ادُّخِرَ لَهُ فِي الآخرة.
89- حَمدُ الأَبْلَه [2] .
الملقّب بالأدغم.
كَانَ مُوَلَّهًا ناقص العقل أو عادم العقل. وكان غير محترز من
النّجاسات عَلَى قاعدة المجانين. وكان يصيح بِهِ الصّبيان: يا أدغم،
فيثور ويصيح، وربَّما أذى نفسه بالضّرب.
وكان لأهل بغداد فِيهِ اعتقاد، ويعدّونه من أصحاب الكرامات.
تُوُفّي فِي جمادى الآخرة، وازدحموا عَلَى نعشه، فوا عجبا لبني آدم ما
أغفلهم وأغرَّهم.
- حرف الخاء-
90- خاطب بْن عَبْد الكريم [3] بن أبي يعلى.
__________
[1] انظر عن (الحسين بن عمر) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 750، 751 وفيه
يدعوه بالواسطي المدعو بالموفّق دون أن يسمّيه.
[2] انظر عن (حمد الأبله) في: المختار من تاريخ ابن الجزري 196 وفيه:
«حميد» .
[3] انظر عن (خاطب بن عبد الكريم) في: تكملة الإكمال لابن نقطة 2/ 213
رقم 1452 وفيه:
«ويقال: خاطب بْن عَبْد الكريم بْن أَبِي يَعْلَى الحارثي» ، كذا ذكره
لي بعض أصحابنا، وقال
(47/117)
أَبُو طَالِب الحارثيّ، المِزّيّ.
وُلِدَ سنة سبْعٍ وأربعين: وسمع تاريخ المزّة من الحافظ ابن عساكر.
وأخذ عَنْهُ: الزَّكيّ البِرْزاليّ، وابن الجوهريّ، والكمال بْن
الدّخْمِيسيّ، والجمال بْن شُعَيب، والقُدماء.
وحدَّث عَنْهُ: أَبُو عَلِيّ بْن الخلّال، وَأَبُو المحاسن بْن
الخرميّ، وَمُحَمَّد بْن سالم النّابلسيّ المؤذّن، وأبو حامد ابن
الصّابونيّ، وعنبر وَعَبْد الرحيم بْن خَلَف المِزِّيّان.
وكان شيخا معمَّرًا من أهل البِرّ.
تُوُفّي فِي المحرَّم بالمِزَّة.
91- خليل بْن بدر.
من رءوس الضّلال. قد كَانَ قوي بأسُه فاستولى عَلَى قلاعٍ من أعمال
سُلَيْمَان شاه، وتقوَّى بالتّتار. وكان بزِيّ القَلَنْدريَّة [1] ،
يشرب الخمر ويأكل الحشيش ويدَّعي أنّه من الرّفاعيّة. وأظهر الإباحة
والزَّنْدقة، واجتمع لَهُ عددٌ كثير، فحاربهم سُلَيْمَان شاه، فقُتِل
خليل فِي المصافّ، وقُتِل من أصحابه ألف ومائتان، وجُرِح خلّق، وعُلِّق
رأس خليل، لعنه اللَّه، عَلَى رأس خانقين، وهرب أخوه ومَن نجا مِن
أصحابه إلى التّتار.
__________
[ () ] لي: كتب لي بخطه: «خاطب» بتقديم الألف على الطاء، وقد لقيته أنا
بقريته المزّة، وهي قرية من دمشق» ، وتكملة إكمال الإكمال لابن
الصابوني 326، والعبر 5/ 172 وفيه «حاطب» بالحاء المهملة، وسير أعلام
النبلاء 23/ 113 دون ترجمة، ومرآة الجنان 4/ 105 وفيه «حاطب» بالحاء
المهملة، وتبصير المنتبه 1/ 392، وتوضيح المشتبه 3/ 28.
وهو في الأصل: «خاصب» .
[1] القلندريّة: المحلّقون لحاهم.
(47/118)
- حرف الراء-
92- رحمة بْن [1] الخضِر [2] بْن مختار.
القاضي أَبُو الغيث الأشجعيّ، الشّافعيّ. قاضي ذات الكَوْم [3] .
تُوُفّي بِهَا، وله نحوٌ من سبعين سنة.
وقال إنّه سَمِعَ من البُوصِيريّ.
تُوُفّي فِي ربيع الأوّل.
- حرف السين-
93- سعد اليمني.
مولى الحافظ أَبِي المواهب بْن صَصْرَى، التَّغْلبيّ.
تُوُفّي بدمشق فِي جمادى الآخرة.
وقد أجازَ لأبي المعالي بْن البالِسيّ، وغيره.
94- سُلَيْمَان بْن عَبْد الكريم [4] بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن سَعْد
اللَّه.
الفقيه أَبُو القاسم الأنصاريّ، الدّمشقيّ، المقرئ، المجوِّد.
سمّعه خاله المحدِّث عَبْد العزيز السّيبانيّ من: الخُشُوعيّ، وابن
طَبَرْزَد، وحمّاد الحرّانيّ، وجماعة.
ورحل إلى بغداد فسمع من: أَبِي أَحْمَد بْن سُكَيْنَة، ويحيى بْن
الربيع الفقيه، وسليمان الموصليّ، وجماعة.
وكان مع فِقْهه عارفا بالقراءات مُجَوِّدًا لَهَا.
قرأ عَلَيْهِ جماعة.
__________
[1] كتب في الأصل فوق «بن» : صح.
[2] انظر عن (رحمة بن الخضر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 643 رقم
3162، وصلة التكملة للحسيني، ورقة 14.
[3] الكوم: بفتح الكاف. وقد تضمّ.
[4] انظر عن (سليمان بن عبد الكريم) في: ذيل الروضتين 174، وسير أعلام
النبلاء 23/ 113 دون ترجمة.
(47/119)
روى عنه: الشيخ تاج الدين عبد الرحمن،
وأخوه، وَأَبُو عَلِيّ بْن الخلّال، وإسماعيل بْن عساكر، وَمُحَمَّد
ابن خطيب بيت الآبار، وجماعة.
وهو والد شيختنا فاطمة بِنْت سُلَيْمَان.
وقد روى عَنْهُ بالحضور العماد بْن النّابلسيّ، وغيره. وكان يؤدّب.
ويُعرف بابن السّيُوريّ.
تُوُفّي فِي ثامن عشر شعبان، وله سبْعٌ وستّون سنة.
95- سُلَيْمَان بْن عَلِيّ [1] .
أَبُو الربيع الكُتَاميّ الأندلُسيّ، الشِّلْبيّ [2] .
صحِبَ الحافظَ أَبَا مُحَمَّد بْن حَوْط اللَّه، ولازَمَه مدّة. وحمل
«صحيح البخاريّ» عَن أَبِي الوليد بْن خَالِد العَبْدَريّ.
وكان الغالب عَلَيْهِ الأدب مَعَ الضَّبْط والإتقان.
تُوُفّي بميورقة [3] .
- حرف الطاء-
96- طَيْبَرْس بْن أَيْبَك [4] .
الأمير الكبير بهاء الدّين ابن الأمير حسام الدّين. من أمراء
البغدادِيّين.
أُمِّرَ بعد وفاة والده، وخُلِع عَلَيْهِ. وكان من المِلاح، فَتُوُفّي
وهو شابّ طريّ، فتحزّن بعض النّاس عليه لحسنه.
__________
[1] انظر عن (سليمان بن علي) في: تكملة الصلة لابن الأبّار، رقم 1992،
والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة للمراكشي 4/ 76 رقم 186.
[2] في الأصل: «السلبي» : بالسين المهملة. والمثبت هو الصحيح، نسبة إلى
مدينة شلب.
[3] هكذا في الأصل، وفي الذيل والتكملة: «منرقة» بالنون. وقال
المراكشي: وكان أديبا حافظا، كاتبا بليغا، كثير التمثيل بالأشعار
والحكم والآداب، حسن الخط، متقن الضبط، ذا حظ صالح من قرض الشعر،
وتجوّل كثيرا، وامتحن أوقاتا.... وقد نيّف على الستين.
[4] انظر عن (طيبرس بن أيبك) في: الوافي بالوفيات 16/ 509 رقم 556.
(47/120)
مات في شعبان.
- حرف الظاء-
97- ظافر بْن طاهر [1] بْن إِسْمَاعِيل بْن الحَكَم بْن إِبْرَاهِيم
بْن خَلَف.
أَبُو المنصور الأَزْديّ، الإسكندرانيّ، المالكيّ، المطرِّز المعروف
بابن شَحْم.
وُلِد سنة أربع وخمسين.
وسمع من: السِّلَفِيّ، وَأَبِي الطّاهر بْن عَوْف، ومخلوف بْن حارة
الفقيه، والقاضي مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن الحضْرميّ، وأخيه
الفقيه أَبِي الفضل أَحْمَد، وجماعة.
وكان يؤمّ بمسجد.
روى عَنْهُ: المجد ابن الحُلْوانيّة، والشَّرَف الدّمياطيّ، والتّاج
الغرافيّ، وجماعة.
وبالإجازة: القاضيان ابن الخويي، وتقي الدين سليمان، وأبو المعالي بْن
البالِسيّ، وجماعة.
وَتُوُفّي فِي نصف ربيع الأوّل بالإسكندريّة.
98- ظَبْيَة.
مُعْتَقَة المحدّث عَبْد الوهّاب بْن رَوَاح.
سَمِعْتُ من: عَبْد المجيد بْن مُحَمَّد المَرّاكِشيّ.
روى عَنْهَا: الدّمياطيّ، وغيره.
وماتت بالإسكندريّة.
__________
[1] انظر عن (ظافر بن طاهر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 643 رقم
3160، وصلة التكملة للحسيني، ورقة 14، والإشارة إلى وفيات الأعيان 344،
والعبر 5/ 172، وسير أعلام النبلاء 23/ 116 رقم 89، والوافي بالوفيات
16/ 531 رقم 572، والنجوم الزاهرة 6/ 352، وشذرات الذهب 5/ 213، 214.
(47/121)
- حرف العين-
99- عَبْد اللَّه بْن عَبْد الواحد [1] بْن عَلِيّ بْن الخضِر.
أَبُو بَكْر الحلبيّ الشّافعيّ، الشُّرُوطيّ.
روى عَن حنبل بالعُلى.
وعنه: مجد الدّين ابن العديم.
تُوُفّي فِي جمادى الأولى.
100- عَبْد اللَّه بْن صُبْح بْن حَسُّون.
العسقلانيّ الأصل، التِّنِّيسيّ، ثمّ الدّمياطيّ، المقرئ، الفَرَضيّ،
الخطيب.
روى بالإجازة عَن نصر اللَّه بْن سلامة الهيتيّ، وَأَبِي الفرج ابن
الْجَوْزيّ.
حدَّث عَنْهُ الدّمياطيّ وقال: هُوَ أستاذي فِي القراءة والفرائض.
مات فِي ذي القعدة، وله سبعون سنة.
101- عَبْد الرَّحمن بْن عَبْد المنعم [2] ابن الخطيب أَبِي البركات
الخضِر بْن شبل بْن الحُسَيْن بْن علي بْن عَبْد الواحد.
عزّ الدّين أَبُو مُحَمَّد بْن عَبْد الحارثيّ، الدّمشقيّ، الشّافعيّ.
ولد سنة اثنتين وستّين وخمسمائة.
وحدَّث عَن: القاضي أَبِي سعد بْن أَبِي عصرون، وعبد الرّزّاق
النّجّار، وإسماعيل الجفريّ، وجماعة.
روى عنه: المجد ابن الحُلْوانيّة، والفخر إِسْمَاعِيل بْن عساكر،
وَمُحَمَّد ابن خطيب بيت الآبار.
وَتُوُفّي فِي سابع المحرَّم وله ثمانون سنة. وهو أخو الكمال.
__________
[1] يحتمل أن تكون ترجمته في الجزء الضائع من (بغية الطلب) لابن
العديم.
[2] انظر عن (عبد الرحمن بن عبد المنعم) في: التكملة لوفيات النقلة 3/
635 رقم 3147، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 251، 252 رقم 241،
وصلة التكملة للحسيني، ورقة 11، 12.
(47/122)
102- عبد السلام عبد الله [1] ابن شيخ
الشّيوخ عُمَر بْن عَلِيّ بْن الزّاهد العارف أَبِي عَبْد اللَّه
مُحَمَّد بْن حَمُّوَيْه.
الْجُوينيّ، شيخ الشّيوخ، تاج الدّين، أَبُو مُحَمَّد.
وُلِد سنة ستّ وستّين وخمسمائة بدمشق.
وسَمِعَ من: الحافظ أبي القاسم بن عساكر، ويحيى الثّقفيّ، وَأَبِي
الفتح والده.
وسمع ببغداد من شُهْدَة.
ودخل الدّيار المصريّة، ثُمَّ دخل المغرب في سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة،
وأقام بها إلى سنة ستّمائة، وأخذ بها عن: مُحَمَّد بْن حَوْط اللَّه،
وجماعة.
وسكن مُرّاكش. وكان فاضلا مؤرّخا. لَهُ أدب وشِعر وتواليف، وله تواريخ.
وكان عفيفا متواضعا لا يلتفت إلى بني أخيه لأجل رئاستهم، وقد كانوا
كالملوك فِي دولة الملك الصّالح نجم الدّين.
روى عَنْهُ: الحافظ زكيّ الدّين المنذريّ، والمفتي زين الدّين
الفارِقيّ، وشمس الدّين مُحَمَّد بْن غانم الموقّع، والبدر أَبُو
عَلِيّ بْن الخلّال، والرّكن أحمد
__________
[1] انظر عن (عبد السلام- عبد الله) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 637،
638 رقم 3156، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 748، 749، وذيل الروضتين 174،
وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 81- 83 و 83- 85 رقم 56، و 241،
وصلة التكملة للحسيني، ورقة 13، ونهاية الأرب 29/ 307 وفيه: «عبد الله
بن عمر» ، والإشارة إلى وفيات الأعيان 344، وسير أعلام النبلاء 23/ 113
دون ترجمة، وفيه «تاج الدين عبد الله بن عمر» ، والإعلام بوفيات
الأعلام 267، والعبر 5/ 172، وتذكرة الحفاظ 4/ 1427، ومرآة الجنان 4/
105، والبداية والنهاية 13/ 165 وفيه: «أبو عبد الله بن عمر بن حمويه»
وهو غلط، ونزهة الأنام لابن دقماق، ورقة 60، 61، وذيل التقييد للفاسي
2/ 49 رقم 1135، والعسجد المسبوك 2/ 534، والمقفّى الكبير للمقريزي 4/
632 رقم 1553، وعقد الجمان 18/ ورقة 265، 266، والنجوم الزاهرة 6/ 350،
وشذرات الذهب 5/ 214.
ويقال في اسمه: عبد السلام، وعبد الله.
(47/123)
الطّاووسيّ، والفخر إِسْمَاعِيل بْن عساكر،
وجماعة. وَأَبُو المعالي بْن البالِسيّ بالحضور.
وكان من كبار الصُّوفية وله بينهم حُرْمة وافرة.
تُوُفّي فِي خامس صَفَر.
ودخل مَرّاكش وحظي عند ملكها أَبِي يوسف، فَقَالَ: قَالَ لي يوما: كيف
ترى هذه البلاد يا أَبَا مُحَمَّد وكيف هِيَ من بلادك الشّاميّة؟ قلت:
يا سيّدنا بلاد حسنة أنيقة مكملة وفيها عيب واحد.
قَالَ: ما هُوَ؟ قلت: تُنْسي الأوطان. فتبسَّم وأمر لي بزيادة رُتْبة
وإحسان [1] .
103- عَبْد العزيز بْن عَبْد الصّمد بْن مُحَمَّد بْن الْجَزَريّ.
الطّبيب المصريّ.
حدّث عَن: البُوصِيريّ، وغيره.
وكان يطبّب الفقراء ويؤثرهم بالأشربة وغيرها.
__________
[1] وقال سبط ابن الجوزي: «كان فاضلا نزها عفيفا، شريف النفس، عالي
الهمّة، قليل الطمع، لا يلتفت إلى مال أحد من خلق الله تعالى لأجل دنيا
لا إلى أهله ولا إلى غيرهم، وصنّف التاريخ وغيره، وكان صديقي، وكان
رحمه الله تعالى يزورني ويحضر مجالسي، وقد أنشدني لنفسه فقال:
لم ألق مستكبرا إلّا تحوّل لي ... عند اللقاء له الكبر الّذي فيه
ولا حلالي لي من الدنيا ولذّتها ... إلّا مقابلتي للتيه بالتي
وولي مشيخة الخوانك بعد أخيه صدر الدين، وكانت وفاته في سادس عشر صفر،
وصلّي عليه بجامع دمشق، ودفن بمقابر الصوفية عند المنيبع ...
ونقلت من خط ولده سعد الدين قال: ولد والدي تاج الدين يوم الأحد رابع
عشر شوال سنة 572 وكان مفنّنا في العلوم، عارفا بالأصلين والفروع
والترسّل والتواريخ والهندسة والطب، وسمع الحديث الكثير، وله مقاطيع
شعر جيدة، وصنّف الكتب، منها «المؤنس» في أصول الأشياء، ثماني مجلّدات،
وكتاب «السياسة الملوكية للكامل صاحب مصر» ، و «المسالك والممالك» ، و
«عطف الذيل في التاريخ» ، وله «أمالي» وتواريخ كثيرة. (ذيل مرآة
الزمان) ووقع في المطبوع من الكتاب أن الجويني سافر إلى المغرب في سنة
573 (!) والصحيح سنة 593 هـ.
(47/124)
104- عَبْد العزيز بْن عَبْد الواحد [1]
بْن إِسْمَاعِيل.
قاضي القُضاة بدمشق، رفيعُ الدّين، أَبُو حامد الْجِيليّ، الشّافعيّ،
الَّذِي فعل بالنّاس الأفاعيل.
كَانَ فقيها فاضلا، متكلّما، مُناظِرًا، متفلسفا، رديء العقيدة معترّا.
قدِم الشّام، ووُليّ قضاءَ بَعْلَبَكّ فِي أيّام صاحبها الملك الصّالح
إِسْمَاعِيل، ووزيره أمين الدّولة السّامريّ فنفق عليهما، فلمّا انتقلت
نوبة السَّلطنة بدمشق إلى إِسْمَاعِيل ولّاه القضاء، فاتّفق وأمين
الدّولة فِي الباطن عَلَى المسلمين، فكان عنده شهود زُور قد استعملهم
ومدَّعون زُور. فيحضر الرجل إلى مجلسه من المتموّلين فيدّعي عَلَيْهِ
المدَّعي بأنّ لَهُ فِي ذمّته ألف دينار أو ألفي دينار، فيبهت الرّجل
ويتحيرَّ ويُنْكر، فيقول المدَّعي: لي شهود، ويحضر أولئك الشّهود
فيلزمه الحُكْم، ثُمَّ يَقْولُ: صالح غريمَك، فيصالح عَلَى النِّصْف أو
أكثر أو أقلّ، فاستبيحت للنّاس أموالٌ لا تُحصَى بمثل هذه الصّورة.
وفي «جريدة» صدر الدّين عَبْد الملك بْن عساكر بخطّه أنّ القاضي
الرّفيع
__________
[1] انظر عن (عبد العزيز بن عبد الواحد) في: مفرّج الكروب 5/ 237، 341،
342، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 749- 751، وذيل الروضتين 173، 174، وعيون
الأنباء في طبقات الأطباء 2/ 171، 172، ونهاية الأرب 29/ 303، 304،
وسير أعلام النبلاء 23/ 109- 111 رقم 84، والعبر 5/ 172، 173، ودول
الإسلام 2/ 111، والمختار من تاريخ ابن الجزري 194- 196، وتذكرة الحفاظ
4/ 1427، 1428، وفوات الوفيات 2/ 352- 354 رقم 288، وتاريخ ابن الوردي
2/ 173، 174 وفيه: «الرقيع» ووفاته في سنة 641 هـ، والبداية والنهاية
13/ 162، 163 في وفيات 641 هـ، وطبقات الشافعية لابن كثير (مخطوط) ورقة
171 أ- 172 أ، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 592- 594 رقم 547، والوافي
بالوفيات 18/ 524- 526 رقم 526، وعيون التواريخ 20/ 171، 172، والعسجد
المسبوك 2/ 534 وفيه «عبد العزيز بن إسماعيل بن عبد الهادي» وهو خطأ،
والفلاكة والمفلوكون للدلجي 75، وفيه وفاته 643 هـ، والمنهل الصافي 7/
282- 285 رقم 1436، والدليل الشافي 1/ 415 رقم 1430، والنجوم الزاهرة
6/ 350، والدارس في تاريخ المدارس 1/ 188، وقضاة دمشق للنعيمي 69،
وشذرات الذهب 5/ 214، 215، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان
الإسلامي (تأليفنا) ق 2 ج 2/ 213، 214 رقم 549، ومعجم المؤلّفين 5/
251، 252.
(47/125)
دخل من توجُّهه إلى بغداد رسولا، وخرج
لِتَلَقّيه الوزير أمين الدّولة والمنصور ابن السّلطان إِسْمَاعِيل.
ودخل فِي زحمٍ عظيمٍ وعليه خِلْعة سوداء وعلى جميع أصحابه. فقيل إنّه
لم يدخل بغداد ولا أُخذت منه رسالة ورُدّ، واشترى الخِلَع من عنده
لأصحابه.
وشرع الملك الصّالح فِي مصادرة النّاس عَلَى يد [1] الرّفيع الْجِيليّ.
وكتب إلى نوّابه فِي القضاء يطلب منهم إحضار ما تحت أيديهم من أموال
اليتامى. فهذا القاضي ما ولي قاضي مثله. كَانَ يسلك طريق الوُلاة ويحكم
بالرِّشْوة، ويأخذ من الخصمين، ولا يعدّل أحدا إلّا بمال، ويأخذ ذَلِكَ
جَهْرًا. وفسْقه ظاهر.
وقد استعار أربعين طبقا ليهْدي فيها هديّة إلى صاحب حمص فلم يردّها.
فسبَى النّاس بأفعاله جور الوُلاة وأصحاب الشّروط. وغارت المياه فِي
أيامه وبَطَلَت طواحينٌ كثيرة، وصار نهر ثورة [2] يوم الفُتُوح لا يبلغ
طاحونة مَقْرَى [3] .
ومات فِي ولايته عجميٌّ خلّف مائة ألف وابنة، فما أعطى البيت فِلْسًا.
وأذِن الرّفيعُ للنّساء فِي دخول جامع دمشق، وقال: ما هُوَ بأعظم من
الحَرَمين، فدخلْنَ وامتلأ بالنّساء والرّجال ليلة النّصف، وتأذّى
النّاس بذلك حتّى شكوا إلى السّلطان، فمنع الناس منه.
قَالَ أَبُو المظفَّر بْن الجوزيّ [4] : حدَّثني جماعة أعيان أَنَّهُ
كَانَ فاسد العقيدة، دَهْرِيًّا، مستهترا بأمور الشّريعة، يجيء إلى
صلاة الْجُمعة سَكْرانًا. وأنّ داره كانت مثل الحانة، شهد بهذه الأشياء
عندي جماعةٌ عُدُول.
وحكى لي جماعة أنّ الوزير السّامريّ بعث بِهِ فِي اللّيل من دمشق إلى
قلعة
__________
[1] في الأصل: «رد» .
[2] هو نهر ثورا: بالفتح والألف الممدودة، وهو نهر عظيم بدمشق. وجاء في
شعر بعضهم:
«ثورة» بالهاء، وهو ضرورة. وقد أثبتها المؤلّف- رحمه الله- كما ترى،
وهو من أهل دمشق، فتأمّل.
[3] مقرى: قرية بالقرب من دمشق. بفتح الميم وسكون القاف، وفتح الراء،
وألف مقصورة.
[4] في مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 750.
(47/126)
بَعْلَبَكّ عَلَى بغْل بإكاف، فاعتقله
واستأصله، ثُمَّ بعث بِهِ إلى مغارة أُفْقَة [1] فِي جبل لُبْنان
فأهلكه بِهَا. وبعث إِلَيْهِ عَدْلَين شهدوا عَلَيْهِ ببيع أملاكه.
فحدَّثني أحدُهما قَالَ: رَأَيْته وعليه قنْدُورة صغيرة، وعلى رأسه
تخفيفة، فبكى وقال:
معكم شيء آكُل فلي ثلاثة أيّام ما أكلت شيئا.
فأطعمناه من دارنا، وشهِدنا عَلَيْهِ ببيع أملاكه للسّامريّ، ونزلنا من
عنده، فَبَلَغَنَا أنّهم جاءوا إِلَيْهِ، فأيقن بالهلاك وقال: دعوني
أُصليّ ركعتين. فقام يصليّ وطوّل، فَرَفَسَه دَاوُد من رأس شَقِيف
مُطِلٍّ عَلَى نهر إِبْرَاهِيم [2] ، فما وصل إلى القرار إلّا وقد
تقطّع.
وحكى لي آخر أنّ ذيله تعلّق بسنّ الجبل فضربوه بالحجارة حتّى مات.
وذكر ناصر الدّين مُحَمَّد بْن المُنَيْطِريّ [3] ، عَن عَبْد الخالق
رئيس النَّيْرَب قَالَ: لمّا سُلِّم القاضي الرّفيع إلى المقدَّم
دَاوُد سيف النقمة وإليَّ أيضا وصلْنا بِهِ إلى الشَّقِيف [4] وفيه عين
ماء فَقَالَ: عليَّ غُسْل وأشتهي تُمكّنوني أغتسِل وأصلّي.
فنزل واغتسل وصلّى ودعا، ثُمَّ قَالَ: افعلوا ما شئتم. فدفعه دَاوُد،
فما وصل إلّا وقد تلف.
قَالَ أَبُو المظفَّر [5] : وحكى لي أعيان الدّماشقة أنّ الموفَّق
الواسطيّ هُوَ كَانَ أساس البلاء، فتح أبواب الظُّلم، وجسَّر الرّفيع
عَلَى جهنّم، وأخذ لنفسه من أموال النّاس ستّمائة ألف درهم. وآخر أمر
الموفّق أنّه عذّب عذابا ما عذّبه
__________
[1] مغارة أفقة: شرقي مدينة جبيل. وهي بضم الهمزة وسكون الفاء وفتح
القاف. وقد تحرّفت في المرآة إلى: «أفنة» .
[2] نهر إبراهيم: هو النهر الّذي يسقي مدينة جبيل، وينبع في جبل لبنان
شرقيّ المدينة، ويسمّى قديما نهر أدونيس.
[3] المنيطري: بضمّ الميم وفتح النون وسكون الياء آخر الحروف وكسر
الطاء والراء. نسبة إلى المنيطرة، وهو حصن وجبل يرتفع في جبال لبنان
بين جبيل وبعلبكّ. وقد تصحّفت هذه النسبة في: المختار من تاريخ ابن
الجزري 195 إلى «المنطيري» .
[4] تصحّفت في المختار إلى: «السقيف» بالسين المهملة.
[5] في المرآة ج 8 ق 2/ 750.
(47/127)
أحد، وكُسرت ساقاه، ومات تحت الضَّرْب،
وأُلقيَ فِي مقابر النّصارى، فأكلته الكلاب وصَار عِبرة.
قلت: وبلغني أنّ سبب هلاك الرّفيع وهذا أنّ النّاس استغاثوا إلى
الصّالح إِسْمَاعِيل من الرّفيع ورافعوه، وكثُرت الشّنائع، فخاف الوزير
السّامريّ، وعجّل بهلاكهما ليمحو التُّهمة عَن نفسه ويُرضي النّاس،
ولئلّا يُقِرّا عَلَيْهِ.
وقيل إنّ السّلطان كَانَ عارفا بالأمور، فاللَّه أعلم. ولم يُعِدّ
النّاس قضيّة الرّفيع وقَتْلَه محنة بل نعمة، نسأل اللَّه السّتْر
والعافية.
وكان القبض عَلَيْهِ فِي آخر سنة إحدى وأربعين.
وذكر واقعته فِي سنة اثنتين ابن الْجَوْزيّ [1] ، وغيره، فإنّ فيها
اشتهر إعدامه.
وقال الإِمَام أَبُو شامة [2] : وفي ذي الحجّة سنة إحدى قُبضَ عَلَى
أعوان الرّفيع الْجِيليّ الظَّلَمة الأرجاس وكبيرهم الموفَّق حسين
الواسطيّ ابن الرّوّاس، وسُجنوا ثُمَّ عُذِّبوا بالضَّرْب والعصر
والمصادرة. ولم يزل ابن الرّوّاس فِي العذاب [3] والحبس إلى أن فُقِد
فِي جمادى الأولى سنة اثنتين.
قَالَ: وفي ثاني عشر ذي الحجّة أُخرج الرّفيع من داره وحُبِس
بالمُقَدَّميّة.
قَالَ: ثُمَّ أُخرج ليلا وذُهِب بِهِ فسُجن بمغارة أُفْقَة من نواحي
البِقاع، ثُمَّ انقطع خبره. وذكروا أَنَّهُ تُوُفّي، منهم من قَالَ:
أُلقيَ مِن شاهِق. وقيل خُنِق.
وولي القضاء محيي الدّين ابن الزّكيّ.
قَالَ ابن واصل [4] : حكى لي ابنُ صُبْح بالقاهرة أَنَّهُ ذهب بالرّفيع
إلى رأس شقيف، فعرف أنّي أريد رَمْيَه، فَقَالَ: باللَّه عليك أمهِلْ
حتّى أصلّي ركعتين.
فأمهلته حتّى صلّاهما ثمّ رميته فهلك.
__________
[1] هكذا، والصواب: «سبط ابن الجوزي» .
[2] في ذيل الروضتين 173، 174.
[3] في الأصل: «العزاب» بالزاي، وهو غلط.
[4] في مفرّج الكروب 5/ 341.
(47/128)
وقال غيره: كان الرّفيع فقيها بالعذراويّة
[1] وبالشّاميّة [2] والفلكيّة [3] ، وكان يشغل النّاس. وكان ذكيّا
كثير التّحصيل. وصارت بينه وبين أمين الدّولة عَلِيّ بْن غزال الوزير
صُحْبة أكيدة، فولّاه قضاء بَعْلَبَكّ، فلمّا تُوُفّي القاضي شمس
الدّين الخوئيّ طلبه أمين الدّولة ووُليّ قضاء دمشق. فصار لَهُ جماعة
يكتبون محاضر زُور عَلَى الأغنياء ويُحضِرونهم فيُنكرون، فيُخرجون
المحاضر فيعتقلهم بالجاروخيّة [4] ، فيصالحون عَلَى البعض، ويُسيرِّ
فِي السرّ إلى أمين الدّولة ببعض ذَلِكَ. فكثُرت الشّكاوى. وبلغ
السّلطانَ، فأمر بكشف ما حُمِل إلى خزانة الدّولة فِي مدّته. وكان
الوزير لا يحمل إلى الخزانة إلّا اليسير. فَقَالَ الرّفيع:
الأمور عندي مضبوطة مكتوبة. فخافه الوزير وشغب عَلَيْهِ قلب السّلطان
وحذّره غائلته، فَقَالَ: أنت جئت بِهِ وأنت تتولّى أمره أيضا. فأهلكه.
ومن تعاليق عَبْد الملك بْن عساكر قَالَ: وليلة استهلّت سنة اثنتين نزل
الوالي ابن بكّا إلى دار الرّفيع واحتاطوا عَلَى ما فيها، وشرعوا بعد
يومٍ فِي البيع، فمن ذَلِكَ أربعة عشرة بغْلة ومماليك، وتسعمائة مجلّد
وجَوَارٍ وأثاث. وساروا بالقاضي فألبسوه طرطورا وتوجّهوا بِهِ نحو
بَعْلَبَكّ. ووُليّ القضاء ابن الزّكيّ.
وذكر صاحبنا شمس الدّين مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم فِي «تاريخه» [5]
قَالَ: وفيها، يعني سنة اثنتين، عُزِل الرّفيع الْجِيليّ عَن مدارسه.
فكان فِي آخر السّنة الماضية قد عُزِل عَن القضاء، وسبب عزْله وإهلاكه
الوزير السّامريّ، فإنّ الرفيع كتب فِيهِ ورقة إلى الملك الصّالح
يَقْولُ: قد حملت إلى خزائنك ألف ألف دينار من أموال النّاس.
فَقَالَ الصّالح: ولا ألف ألف درهم. وأوقف السّامريّ عَلَى الورقة
__________
[1] انظر عن المدرسة العذراوية في: الدارس 1/ 143 و 283.
[2] انظر عن المدرسة الشامية (الجوّانية) في الدارس 1/ 227 و 256.
[3] انظر عن المدرسة الفلكية في: الدارس 1/ 143 و 166 و 327 و 2/ 152.
[4] انظر عن المدرسة الجاروخية في: الدارس 1/ 169.
[5] انظر المختار من تاريخه للذهبي 194- 196.
(47/129)
فأنكر. فبلغ الرّفيع فَقَالَ: أَنَا
أحاققه. فَقَالَ السّامريّ: هذا قد أكل البلاد وأقام علينا الشَّناعات،
والرّأي عزْله ليتحقّق النّاس أنّك لم تأمره. فعزله وأعطى العادليّة
[1] لكمال الدّين التَّفْلِيسيّ صِهر الخوئيّ، والشّاميّة الكُبرى [2]
لتقيّ الدّين مُحَمَّد بن رزين الحمويّ، والعذراويّة لمحيي الدّين ابن
الزّكيّ.
وأسقط محيي الدّين عدالة أصحاب الرّفيع وهم: العزّ بن القطّان، والزّين
الحَمَويّ، والجمال بْن سيدة، والموفّق الواسطيّ، وسالم المقدسيّ،
وابنه مُحَمَّد. وكان الطّامّة الكبرى الموفّق فإنّه أهلك الحرْث
والنَّسْل.
وقال الموفَّق أَحْمَد بْن أَبِي أُصَيبعة [3] : كَانَ بالعَذْراويّة
يشتغل فِي أنواع العلوم والطِّبّ. وقرأت عَلَيْهِ شيئا من العلوم
الحكميّة والطّبّ. وكان فصيح اللّسان، قويّ الذّكاء، كثير الاشتغال
والمطالعة. وولي قضاء بَعْلَبَكّ. وكان صديقا للصّاحب أمين الدّولة
وبينهما عِشرة. وله من الكتب «كتاب شرح الإشارات» ، و «التّنبيهات» ،
واختصر كتاب «الكُلّيّات» من «القانون» وغير ذَلِكَ.
105- عُبَيْد اللَّه بْن مُحَمَّد [4] بْن فُتُوح.
أَبُو الْحُسَيْن النَّفْزِيّ الشّافعيّ الفقيه.
روى عَن: أَبِيهِ، وَأَبِي الخطّاب بْن واجب.
وتفقّه بإشبيليّة عَلَى: أَبِي الْحُسَيْن بْن زرقون. ثُمَّ أقبل عَلَى
العبادة والزُّهد.
وكان حافظا للفقه والحديث.
ورَّخه الأبّار.
__________
[1] انظر عن المدرسة العادلية في: الدارس 1/ 224.
[2] هي الشامية الجوّانية.
[3] في عيون الأنباء 2/ 171، 172.
[4] انظر عن (عبيد الله بن محمد) في: تكملة الصلة لابن الأبّار.
(47/130)
106- عليّ بْن إِبْرَاهِيم [1] بْن عَبْد
الغنيّ.
أَبُو الْحَسَن المصريّ، النّحاس الزّناجِليّ. والزّناجِل آنية من
النّحاس.
حدّث عَن: عَبْد اللَّه بْن بَرّيّ النّحْويّ، وإسماعيل بْن قاسم
الزّيّات.
روى عَنْهُ: الحافظ أَبُو مُحَمَّد الدّمياطيّ، وغيره.
ولم ألقَ أحدا روى لي عَنْهُ.
وبالإجازة: العماد بْن البالِسيّ، وغيره.
وَتُوُفّي فِي تاسع عشر المحرّم.
107- عَلِيّ بْن الأنجب [2] بْن ما شاء اللَّه بْن حسن.
الفقيه، المقرئ، أبو الحسن ابن الجصّاص البغداديّ، الحنبليّ.
قرأ القرآن بواسط عَلَى أَبِي بَكْر بْن الباقِلّانيّ.
وسمع من: يحيى بْن بَوْش، وابن شاتيل، وابن كُلَيْب.
وعاش بِضْعًا وسبعين سنة. وكان ينسخ بالأُجرة، وله أدب وفضائل.
وأُحضِر ليلقّن مجاهدَ الدّين أيْبَك الدُّوَيْدار الصّغير فِي صِغَره،
فحصّل جملة من المال والعقار. واتّجر في الكتب [3] .
__________
[1] انظر عن (علي بن إبراهيم) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 636 رقم
3151، وصلة التكملة للحسيني، ورقة 12.
[2] انظر عن (عليّ بن الأنجب) في: الذيل على طبقات الحنابلة 2/ 230 رقم
336، ومختصره 70، والمشتبه في الرجال 2/ 624، وذيل تاريخ بغداد لابن
النجار 3/ 208- 210 رقم 688، والمنهج الأحمد 378، والمقصد الأرشد، رقم
701، والدرّ المنضّد 1/ 381 رقم 1052، وشذرات الذهب 5/ 216.
[3] وقال ابن النجار: حفظ القرآن الكريم وجوّد قراءته، وتفقّه عَلَى
أَبِي الفتح بْن المَنّيّ، وتكلَّم في مسائل الخلاف، وقرأ الأدب، وكتب
خطا حسنا، وسمع الحديث من أبي الفتح بن شاتيل فمن بعده، وذكر لنا أنه
سمع من الكاتبة شهدة، ومن عبد الحق بن يوسف، وسافر إلى واسط وقرأ بها
القرآن على أبي بكر ابن الباقلاني، وسمع الحديث من أبي الفرج بن نغوبا
وغيره، علّقنا عنه شيئا يسيرا من الحديث والأناشيد، وهو فاضل، كبير
المحفوظ، دمث الأخلاق، مليح المحاورة، لطيف الطبع، ظريف.
(47/131)
تُوُفّي فِي جمادى الأولى ببغداد [1] .
وذكر أَنَّهُ سَمِعَ من شُهْدَة.
108- عَلِيّ بْن عَبْد الباقي بْن عَلِيّ.
الحاجّ أَبُو الْحَسَن الدّمشقيّ الصّالحيّ.
تُوُفّي فِي ربيع الآخر، ودُفن بقاسيون.
قَالَ الضّياء: روى شيئا من الحديث أظنّه عَن ابن طَبَرْزَد.
109- عَلِيّ بْن عَبْد الرَّحْمَن.
أَبُو الْحَسَن بْن الفُقّاعيّ، السّعديّ، المصريّ.
روى عَن: أَبِي الفتح محمود بْن الصّابونيّ، والمشرف بْن المؤيّد.
وَتُوُفّي فِي جمادى الأولى.
110- عَلِيّ بْن عَبْد الصّمد بْن عَلِيّ [2] .
أَبُو الْحَسَن بْن الْجَنّان الأندلُسيّ، الفقيه.
ذكر وفاته فيها عزُّ الدّين الحسينيّ، وقال: وُلِد فِي سنة اثنتين
وسبعين وخمسمائة.
وسمع من: الحافظ بْن أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الجدّ،
وَأَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن سَعِيد بْن زرقون، وجماعة [3] .
111- عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب بْن أَبِي القاسم.
الأَنْصَارِيّ، الدّمشقيّ، عزّ الدّين، أَبُو القاسم. وهو بكنيته أشهر.
ولد سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة.
__________
[1] وقال ابن النجار: سألت ابن الجصّاص عن مولده، فقال: في أول سنة ست
وستين وخمسمائة.
[2] انظر عن (علي بن عبد الصمد) في: تكملة الصلة لابن الأبّار، رقم
1909، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة للمراكشي 5/ ق 1/ 253،
254 رقم 518.
[3] وقال المراكشي: وكان محدّثا ضابطا متقنا، نبيلا، متيقّظا، ذاكرا
للتواريخ الحديثية، عارفا بطرق الرواية، ثقة فيما يأثره، عدلا فيما
يرويه، عاقدا للشروط، بصيرا بعللها، مبرّزا في العدالة.
(47/132)
وسمع من: الخشوعيّ.
روى عنه: المجد ابن الحُلْوَانيّة، والشّيخ زين الدّين الفارِقيّ.
وكان عدْلًا بباب الجامع.
تُوُفّي فِي ذي القعدة.
112- عَلِيّ بْن أَبِي القاسم [1] بْن صالح.
أَبُو الحسن الدّربنديّ، الصّوفيّ، المعروف بابن الشّريف.
من أهل خانكاه الطّواويس [2] بدمشق.
سَمِعَ من: الخُشُوعيّ، وَمُحَمَّد بْن الخصيب.
روى عَنْهُ: ابن الحُلْوانيّة فِي «مُعْجَمه» .
ومات فِي صَفَر.
113- عُمَر الملك المغيث [3] جلال الدّين ابن السلطان الملك الصالح نجم
الدين أيوب بن السّلطان الملك الكامل مُحَمَّد بْن العادل.
تُوُفّي شابّا بقلعة دمشق فِي حبْس عمّ والده الملك الصّالح
إِسْمَاعِيل. وكان والده لمّا خرج من دمشق إلى فلسطين استناب ولده هذا
بقلعة دمشق. فلمّا أخذ إِسْمَاعِيل دمشقَ اعتقله. فلم يزل إلى أن
تُوُفّي فِي ربيع الأوّل. فتألمَّ أبوه لموته، واتَّهَم عمّه بأنّه
سقاه، وحاربه وتجهّز له.
__________
[1] انظر عن (علي بن أبي القاسم) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 638،
639 رقم 3158، وصلة التكملة للحسيني، ورقة 13.
[2] انظر عن (خانقاه الطواويس) في: الدارس 1/ 104 و 282 و 2/ 129.
[3] انظر عن (الملك المغيث) في: الفوائد الجلية في الفرائد الناصرية
لداود الأيوبي 360، ومفرّج الكروب 5/ 346، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 751،
752، والحوادث الجامعة 293، والمختصر في أخبار البشر 3/ 173، ودول
الإسلام 2/ 148، والمختار من تاريخ ابن الجزري 196، والدرّ المطلوب
357، وتاريخ ابن الوردي 2/ 175، والبداية والنهاية 13/ 165، والوافي
بالوفيات 22/ 439 رقم 310، والعسجد المسبوك 2/ 539، والسلوك للمقريزي ج
1 ق 2/ 318، والنجوم الزاهرة 6/ 351، وتاريخ ابن سباط (بتحقيقنا) 1/
332، وشفاء القلوب 426، وشذرات الذهب 5/ 215، والدارس 2/ 282، وترويح
القلوب 84.
وله ذكر في: سير أعلام النبلاء 23/ 113 دون ترجمة.
(47/133)
114- عمر بن عبد الرحيم [1] بْن عَبْد
الرَّحْمَن بْن الحَسَن بْن عَبْد الرَّحْمَن.
الفقيه الإِمَام كمال الدّين، أَبُو هاشم بْن العجميّ الكلبيّ.
ولد سنة سبع وخمسين وخمسمائة.
وتفقّه عَلَى الفقيه طاهر بْن جميل.
وسمع من: يحيى الثّقفيّ.
وحدَّث ودرّس. وقيل إنّه ذكر كتاب «المهذَّب» خمسا وعشرين مرّة.
وكان شديد الوسواس فِي الطّهارة، فدخل الحمّام وقصد الخزانة ليتطهّر
منها، فضاق بِهَا نَفَسُه وخارت قواه فمات، رحمه اللَّه.
سَمِعَ منه: أَبُو عَبْد اللَّه البِرْزاليّ، وعبّاس بْن بزوان،
وجماعة.
وَتُوُفّي فِي حادي عشر رجب. وهو من بيت حِشْمة وعِلْم.
115- عُمَر الملك السّعيد [2] بْن السّلطان شهاب الدّين غازي بن الملك
العادل.
وُلِدَ صاحب مَيَّافارِقين.
كَانَ شابّا مليحا، شجاعا، جوادا، فلمّا استولت التّتار عَلَى ديار
بَكْر وأخذوا خِلاط، خرج شهابُ الدّين من بلاده خائفا، واستنجد
بالخليفة وبالملوك. وكان معه ابنه هذا وابن أخيه حسن بْن تاج الملوك.
فجاء حسن إلى عُمَر فضربه بسِكّينٍ فقضى عَلَيْهِ وهرب، فأُخذ فِي
الحال وقتله عمّه.
فذكر سعد الدّين ابن حَمُّوَيْهِ، وكان مَعَ شهاب الدّين قَالَ: نزلنا
بالهرماس من نواحي حصن كيفا، فَقَالَ السّلطان لولده الملك السّعيد:
تعود إلى ميّافارقين
__________
[1] انظر عن (عمر بن عبد الرحيم) في: صلة التكملة للحسيني، ورقة ملحقة
بالورقة 17، وسير أعلام النبلاء 23/ 115، 116 رقم 88، وطبقات الشافعية
لابن كثير (مخطوط) ورقة 173 أ، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 450
رقم 418.
[2] انظر عن (الملك السعيد) في: المختصر في أخبار البشر 3/ 173، ونهاية
الأرب 29/ 307، 308.
(47/134)
وتجمع النّاس، وأروح أَنَا إلى مصر وبغداد
لاستنفار النّاس. فَقَالَ: ما أفارق السّلطان. وجاء أمير حسن قعد إلى
جانبه، ثُمَّ أخرج سِكِّينًا ضرب بِهَا عُمَر وهرب، ورمى بنفسه بثيابه
فِي العين فغرّق نفسه. فصاح السّلطان: أَمْسِكُوه، فعاد إلى السّلطان
ليضربه أيضا، فوقف عمر بينه وبين أبيه وقال: يا عدوّ اللَّه قتلتني
وتقتل السّلطان أيضا! فضربه بالسّيف قطع خاصرته، فوقع وتكاثر الغلمان
عَلَى حَسَن، فَقَالَ لَهُ السّلطان: ويْلك ما حملك عَلَى قتل ولدي من
غير ذنْبٍ لَهُ إليك؟
قَالَ: اقتل إنْ كنت تقتل.
فأمر بِهِ فقطّعوه بين يديه. ثمّ سار إلى العراق ليستنفر عَلَى
التّتار.
- حرف القاف-
116- القاسم بْن مُحَمَّد [1] بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن
سُلَيْمَان.
الحافظ أَبُو القاسم بْن الطَّيْلسان الأَنْصَارِيّ، الأَوْسيّ،
القُرْطُبيّ.
وُلِدَ سنة خمسٍ وسبعين وخمسمائة أو نحوها.
ذكره أَبُو عَبْد اللَّه الأَبّار، فَقَالَ: روى عَن جدّه لأمّه أَبِي
القاسم بْن غالب الشّراط، وَأَبِي العبّاس بْن مقدام، وَأَبِي مُحَمَّد
عَبْد الحقّ الخَزْرَجيّ، وَأَبِي الحَكَم بْن حَجَّاج، وجماعة من
شيوخنا.
وأجاز لَهُ: عَبْد المنعم بْن الفَرَس، وَأَبُو القاسم بْن سمحون.
__________
[1] انظر عن (القاسم بن محمد) في: تكملة الصلة لابن الأبّار (مخطوطة
الأزهر) ج 3/ ورقة 102، و (المطبوع) 203، 204، وبرنامج شيوخ الرعينيّ
27، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة ج 5 ق 2/ 557- 566 رقم
1090، وملء العيبة لابن رشيد الفهري 2/ 93، والمعين في طبقات المحدّثين
201، رقم 2126، وتذكرة الحفاظ 4/ 1436، وفيه:
«القاسم بن أحمد بن محمد» ، وسير أعلام النبلاء 23/ 114، 115 رقم 87،
وغاية النهاية 2/ 23 رقم 2601، وتبصير المنتبه 515، وبغية الوعاة 2/
261 رقم 1931، وتاريخ الخلفاء 476، وشذرات الذهب 5/ 215، 216، ونيل
الابتهاج 221، 222، وكشف الظنون 251 و 262 و 343 و 617 و 619 و 958 و
1194 و 1576، وهدية العارفين 1/ 829، ومعجم المؤلفين 8/ 113، 114.
(47/135)
وشيوخه ينيفون عَلَى المائتين. وتصدّر
للإقراء والإسماع.
وكان مَعَ معرفته بالقراءات والعربيّة متقدّما فِي صناعة الحديث
مُتْقنًا لَهُ.
لَهُ من المصنّفات: «كتاب ما ورد من الأمر فِي شرْبة الخمر» ، و «كتاب
بيان المنن على قارئ الكتاب والسّنن» ، و «كتاب الجواهر المفصّلات في
المسلسلات» ، و «كتاب غرائب أخبار المسندين ومناقب آثار المهتدين» ، و
«كتاب أخبار صُلحاء الأندلس» .
أخَذَ عَنْهُ جماعة من أكابر أصحابنا، وكان أهلا لذلك. خرج من
قُرْطُبة، وقت أخْذ الفِرنج لَهَا، فنزل بمالقة، ولقي حظّا بِهَا إلى
أن تُوُفّي فِي ربيع الآخر.
117- قمر بْن هلال [1] بْن بطّاح.
أَبُو هلال، وَأَبُو الضّوء القَطِيعيّ، الهرّاس، المكاريّ، ثُمَّ
البقّال.
ويُسمّى عُمَر أيضا.
سَمِعَ من: شُهْدَة الكاتبة، وتَجَنِّي الوهْبانيّة، وَعَبْد الحقّ
اليُوسُفيّ.
وكان شيخا أمينا.
روى لنا عَنْهُ بالإجازة: القاضي تقيّ الدِّين سُلَيْمَان، وَأَبُو
المعالي بْن البالِسيّ، وغيرهما.
تُوُفّي فِي رجب.
- حرف الكاف-
118- كامل بْن أَبِي الفَرَج [2] .
التَّيْميّ، البكْريّ، البغداديّ، الأديب الَّذِي فاق أهلَ زمانه فِي
تجليد الكُتُب، وله شِعْرٌ حَسَن.
تُوُفّي فِي المحرَّم، وله ستّ وسبعون سنة.
__________
[1] انظر عن (قمر بن هلال) في: الإشارة إلى وفيات الأعيان 344، وسير
أعلام النبلاء 23/ 114 دون ترجمة.
[2] انظر عن (كامل بن أبي الفرج) في: الوافي بالوفيات 24/ 314 رقم 326.
(47/136)
- حرف الميم-
119- مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن [1] بْن عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن بْن
رَوَاحَة بْن إِبْرَاهِيم.
نفيسُ الدّين، أَبُو البركات الأَنْصَارِيّ، الحَمَويّ الضّرير.
أخو عزّ الدّين عَبْد اللَّه.
وُلِدَ بحماة في رجب سنة أربع وستّين وخمسمائة.
وسمع بمكّة من: عَبْد المنعم بْن عَبْد اللَّه الفراويّ [2] .
وبالإسكندريّة من: أَبِي طَالِب أَحْمَد بْن المُسَلِّم اللَّخْميّ،
وَأَبِي الطّاهر بْن عَوْف.
وبمصر من: أَبِي القاسم البُوصِيريّ. وبحماة من: والده.
وأضرّ فِي أثناء عُمره.
روى عَنْهُ: القاضي مجد الدّين العديميّ، والمحدّث تقيّ الدّين إدريس
بْن مزيز، والشّهاب أَحْمَد الدّشْتيّ، وجماعة.
وبالإجازة: العماد بْن البالِسيّ، وغيره.
وسمعْتُ من بنته فاطمة [3] بحماة، وطرابُلُس.
تُوُفّي فِي آخر يومٍ من السّنة بحماة.
وسمع منه: سُنْقُر القُضاعيّ، والأمير أَحْمَد بْن الأشْتَريّ،
والخابُوريّ.
120- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي كامل [4] .
القاضي شمس الدّين أَبُو عَبْد اللَّه المصريّ الورّاق، المعروف
بالسّنائيّ.
__________
[1] انظر عن (محمد بن الحسين) في: العبر 5/ 173، والإعلام بوفيات
الأعلام 267، وسير أعلام النبلاء 23/ 114 دون ترجمة، ومرآة الجنان 4/
105، والمقفّى الكبير للمقريزي 5/ 584 رقم 2129.
[2] تصحّفت هذه النسبة في مرآة الجنان إلى «الفوارني» .
[3] انظر عن (فاطمة) في: معجم شيوخ الذهبي 432، 433 رقم 633، وذيل
العبر 89، وتذكرة الحفاظ 3/ 883، ومرآة الجنان 4/ 255، وشذرات الذهب 6/
40، وأعلام النساء 4/ 101، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان
الإسلامي ق 2 ج 3/ 232 (في ترجمة المؤرّخ الذهبي رحمه الله) .
[4] انظر عن (ابن أبي كامل) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 637 رقم
3154، وصلة التكملة للحسيني، ورقة 13.
(47/137)
قَالَ الحافظ عَبْد العظيم: تُوُفّي فِي
ثالث صفر، وقد عَلَت سِنّه.
وحدَّث عَن السِّلَفيّ بالإجازة.
وكانت لَهُ خبرة تامّة بالوراقة وأحكامها. وكان جدّه قاضي مصر.
121- مُحَمَّد بْن عَبْد السّتّار [1] بْن مُحَمَّد.
العماديّ، الكَرْدَرِيّ [2] ، البراتقينيّ، وبراتقين قصبة من قصاب
كَرْدَر من أعمال جُرْجانية خُوارزم، العلّامة شمس الأئمّة أَبُو
الوحدة.
كَانَ أستاذ الأئمّة عَلَى الإطلاق، والموفود عَلَيْهِ من الآفاق.
قرأ بخوارزم عَلَى برهان الدّين ناصر بْن عَبْد السّيّد المطرّز، مصنّف
«شرح المقامات» .
وتفقّه بسَمَرْقَنْد عَلَى شيخ الإِسْلَام برهان الدّين عَلِيّ بْن
أَبِي بَكْر بْن عَبْد الجليل المَرْغِينانيّ، وسمع منه وتفقّه
ببُخَارَى عَلَى العلّامة بدر الدّين عُمَر بْن عَبْد الكريم الورسكيّ،
وَأَبِي المحاسن الْحَسَن بْن منصور قاضي خان، وجماعة.
وبرع فِي المذهب وأصوله.
تفقّه عَلَيْهِ خلْق، ورحل إِلَيْهِ جماعة إلى بُخَارَى منهم: ابن أخيه
العلّامة مُحَمَّد بْن محمود الفقيهيّ، وسيف الدّين الباخَرْزيّ، وشيوخ
الفَرَضيّ العلّامة حافظ الدّين مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن نصر، وظهير
الدّين مُحَمَّد بْن عُمَر النّوجاباذيّ، وجماعة ذكرهم الفرضيّ. ومن
خطّه نقلت هذا كلّه.
ولد سنة تسع وخمسين وخمسمائة.
__________
[1] انظر عن (محمد بن عبد الستار) في: سير أعلام النبلاء 23/ 112، 113
رقم 86، والوافي بالوفيات 3/ 254 رقم 1276، والجواهر المضية 2/ 82 رقم
243، والعسجد المسبوك 2/ 533، والنجوم الزاهرة 6/ 351، وتاريخ الخلفاء
للسيوطي 476، وطبقات الفقهاء المنسوب لطاش كبرى زاده 107، وشذرات الذهب
5/ 316، والفوائد البهية 176، 177.
[2] تصحّفت هذه النسبة في تاريخ الخلفاء إلى: «الكردي» . وجاء في
العسجد المسبوك إنه الكردوزي وأن كردوز من أعمال خوارزم، وهذا وهم.
(47/138)
وَتُوُفّي ببُخَارَى فِي محرَّم سنة اثنتين
وأربعين وستّمائة، ودُفِنَ عند الإِمَام عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّد
بْنِ يعقوب الحارثيّ البخاريّ.
122- مُحَمَّد بْن عَبْد الوهّاب [1] بْن يوسف.
شمس الدّين ابن الإِمَام بدر الدّين المصريّ، الحنفيّ، المعروف بابن
المِجَنّ [2] .
حدَّث عَن: أَبِي مُحَمَّد القاسم بْن عساكر.
وكان والده من أعيان الحنفيّة ومدرّسيهم.
تُوُفّي مُحَمَّد فِي ربيع الْأَوَّل.
123- مُحَمَّد بْن عَليّ [3] بْن عَلِيّ بْن عَلِيّ بْن المفضّل بن
القامغار [4] .
الأديب الكاتب مهذّب الدّين ابن الخِيميّ، الحِليّ، العِراقيّ،
الشّاعر.
شيخ معمّر، فاضل.
ولد بالحلّة في سنة تسع وأربعين وخمسمائة.
قدِم دمشقَ وأخذ بِهَا عَن: التّاج الكِنْدِيّ.
وسمع بمصر من: أَبِي يعقوب بْن الطُّفَيْل، وَأَبِي الْحُسَيْن بْن
نجا، وبنت سعد الخير.
واستوطن مصر. وكان من أعيان الأدباء. وكان يذكر أنّه لقي ببغداد
العلّامة أَبَا مُحَمَّد بْن الخشّاب وأنّه هو لَقَّبَه: مُهَذَّب
الدّين.
__________
[1] انظر عن (محمد بن عبد الوهاب) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 642
رقم 3159، وصلة التكملة للحسيني، ورقة 13، 14، والجواهر المضيّة 2/ 87،
والمقفّى الكبير للمقريزي 6/ 162 رقم 2631، والطبقات السنية 3/ 430.
[2] تصحّفت هذه النسبة إلى: «المحسن» في: الجواهر المضية.
[3] انظر عن (محمد بن علي) في: نهاية الأرب 29/ 309، والمختار من تاريخ
ابن الجزري 197، وسير أعلام النبلاء 23/ 114 دون ترجمة، وطبقات
الشافعية الكبرى للسبكي 8/ 79، والوافي بالوفيات 4/ 181- 183 رقم 1720،
وفوات الوفيات 3/ 441، 442، والمقفّى الكبير للمقريزي 1/ 322 رقم 2790،
وبغية الوعاة 1/ 184، 185 رقم 308، وهدية العارفين 2/ 121، 122، ومعجم
المؤلفين 11/ 29، 30.
[4] تصحّفت هذه النسبة في نهاية الأرب إلى: «التامغاز» .
(47/139)
قَالَ: ثُمَّ دخلتُها سنة سبعين وقرأتُ
بِهَا الأدب عَلَى ابن القصّار، والكمال الأنباريّ، وابن عُبَيْدة،
وابن حُميدة، وَأَبِي الْحَسَن بْن الزّاهدة.
ثُمَّ سافرت إلى الشّام بعد الثّمانين.
قَالَ ابن النّجّار: كتبت عَنْهُ بالقاهرة، وهو شيخ فاضل كامل المعرفة
بالأدب ويقول الشِّعر الجيّد، وله مصنّفات كثيرة. وهو حَسَن الطّريقة
متديّن متواضع. أنشدني لنفسه:
أَأَصْنامَ هذا العصِر طُرًّا أكلُّكم ... يَعُوقُ أما فيكم يَغُوثُ
ولا وَدُّ
لقد طال تردادي إليكم فلم أجد ... سوى ربّ شانٍ فِي الغِنَى شأنه
الرّدُّ [1]
وذكر لَهُ ابن النّجّار عدّة مصنّفات أدبية [2] ، وَأَنَّهُ تُوُفّي
فِي ذي القعدة سنة إحدى وأربعين. كذا قَالَ سنة إحدى. وقال: ذكر لي
قَالَ: دخلت بغداد مَعَ أَبِي وأنا صغير وأسمعني من ابن الزّاغُونيّ.
وروى عَنْهُ: الحافظ عَبْد المؤمن فِي «معجمه» .
قَالَ الشّريف عزّ الدّين: تُوُفّي فِي العشرين من ذي القعدة سنة
اثنتين هذه، وهو أصحّ. وكذا قرأته بخطّ ابن خلّكان [3] .
__________
[1] في الوافي بالوفيات 4/ 281 زيادة بيت:
ودعوى كرام يستحيل قبولها ... ويقبل إذ حدّ الحسام لها حدّ
[2] من مصنّفاته كما في (الوافي 4/ 182) : «كتاب حرف في علم القرآن» ،
«أمثال القرآن» ، «كتاب الكلاب» ، «استواء الحاكم والقاضي» ، «ردّ على
الوزير المغربي» ، «المقايسة» ، «لزوم الخمس» ، «الملخّص الديواني في
الأدب والحساب» ، «المقصورة» ، «المطاول في الردّ على المعرّي في مواضع
سها فيها ستة» ، «اسطرلاب الشعر» ، «شرح التحيّات» ، «الأربعين
والأساسيات» ، «الديوان المعمور في مدح الصاحب» ، «الجمع بين الأخوات
والمحافظة عليهنّ وهنّ مسيئات» ، «صفات القبلة مجملة مفصّلة» ، «رسالة
من أهل الإخلاص والمودّة إلى الناكثين من أهل الغدر والردة» .
[3] وقال السيوطي: روى عنه المنذري وقال في تاريخه: شاعر مفلق، وأديب
بارع، له تصانيف حسنة، (بغية الوعاة 1/ 184) ولم يذكره المنذري في
التكملة لوفيات النقلة.
(47/140)
124- مُحَمَّد بْن عيّاش [1] بْن حامد بْن
محمود بْن خليف.
أَبُو عَبْد اللَّه السّاحليّ، ثُمَّ الدّمشقيّ الصّالحيّ، والد شيخنا
نصر اللَّه.
كَانَ شيخا صالحا خيّرا.
روى عَن: ابن الْحُسَيْن أَحْمَد بْن الموازينيّ.
روى عَنْهُ: المجد ابن الحُلْوانيّة، والجمال ابن الصّابونيّ.
وتُوُفّي فِي الحادي والعشرين من جُمَادَى الآخرة.
ورّخه الضّياء فَقَالَ: كَانَ خيّرا ديّنا.
125- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد [2] بْن أَبِي السّداد موفَّق.
مولى زكيّ اللّمتُونيّ، القاضي أَبُو عيسى المُرْسيّ.
وُلِدَ سنة أربعٍ وخمسين وخمسمائة.
وسمع الكثير من: أبي عبد الله محمد بْن حُمَيْد، وجماعة.
وأجاز لَهُ أَبُو بَكْر بن الجد، وأبو عبد الله بن زرقون، وجماعة.
وَتُوُفّي فِي جمادى الآخرة.
ورَّخه الأَبّار وقال: ناب في القضاء دهرا طويلا بمُرْسِيَة، ثُمَّ
وليه استقلالا. وأخذ عَنْهُ بعضُ أصحابنا. ولم يكن يُبصر الحديث.
126- مُحَمَّد بْن يوسف [3] بْن سَعِيد بْن مسافر بْن جميل.
أَبُو عَبْد اللَّه الأَزَجيّ، القطّان، الحنبليّ.
وُلِدَ سنة ثلاثٍ وسبعين، وسمّعه أَبُوهُ من أَبِي العلاء محمد بن جعفر
بن عقيل، وعبيد اللَّه بْن شاتيل، ونصر اللَّه القَزَّازِ، وعبدِ
الرَّحْمَن بن جامع.
__________
[1] انظر عن (محمد بن عيّاش) في: تكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني
123 رقم 85.
[2] انظر عن (محمد بن محمد) في: تكملة الصلة لابن الأبّار 2/ 654 رقم
1677، وملء العيبة لابن رشيد الفهري 2/ 89، 98، 100، 103، 133، 252،
256، 258، 311.
[3] انظر عن (محمد بن يوسف) في: الذيل على طبقات الحنابلة 2/ 230، 231
رقم 337، ومختصره 70، والمنهج الأحمد 378، والمقصد الأرشد، رقم 1106،
والدرّ المنضّد 1/ 381، 382 رقم 1053.
(47/141)
وكان فاضلا ذكيّا، حَسَن المشاركة فِي
العلوم. وله مجاميع وفوائد.
روى عَنْهُ: جمال الدّين الشُّرَيْشيّ، وَالشَّيْخ عَلِيّ بْن عَبْد
الدّائم.
وبالإجازة: أَبُو المعالي بْن البالِسيّ، وفاطمة بِنْت سُلَيْمَان،
وأبو نصر ابن الشّيرازيّ.
وَتُوُفّي فِي ثالث رجب شهيدا من لُقْمةٍ غَصَّ بِهَا.
127- مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر بْن عَبْد الواحد.
أَبُو عَبْد اللَّه البغداديّ المِعْمار.
روى عَن: أَبِي الْحُسَيْن عبدِ الحقّ اليوسفيُّ.
ومات فِي جمادى الأولى.
ورّخه الشّريف عزّ الدّين.
128- محمود بْن مُحَمَّد [1] بْن عُمَر بْن شاهنشاه بْن أيّوب.
صاحب حماة الملك المظفّر تقيّ الدّين ابن المنصور ناصر الدّين ابن
المظفّر تقيّ الدين.
كانت دولته خمسا وعشرين سنة وسبعة أشهر.
ومرض بالفالج ثلاثين شهرا. ومات فِي ثامن جمادى الأولى.
وتملّك بعده الملك المنصور مُحَمَّد ولده.
قَالَ ابن واصل [2] : مات لثمانٍ بقين من جمادى الأولى عَن نحوٍ من
ثلاثٍ وأربعين سنة. وخلّف من الذّكور المنصور والأفضل عليّا. وكان
المظفّر شجاعا
__________
[1] انظر عن (محمود بن محمد) في: مفرّج الكروب 5/ 342- 344، والمختصر
في أخبار البشر 3/ 173، والدر المطلوب 210، 211، و 356، 357، ونهاية
الأرب للنويري 29/ 308، 309، وسير أعلام النبلاء 23/ 210، 211 رقم 126،
وتاريخ ابن الوردي 2/ 250، والعسجد المسبوك 2/ 533، والسلوك ج 1 ق 1/
318، وعقد الجمان (حوادث سنة 642 هـ) . وشفاء القلوب 397- 406 رقم 104،
وتاريخ ابن سباط (بتحقيقنا) 1/ 210، وتاريخ حماه للصابوني 35، 36.
[2] في مفرّج الكروب 5/ 342.
(47/142)
إلى الغاية، ولم يعرف أحد من أهل بيته أفرس
منه. وكان أبدا يحمل لُتًّا من حديد عَلَى كتِفه فِي ركوبه لا يقدر
أحدٌ عَلَى حمله.
حضر حروبا كثيرة بيَّن فيها. وكان فطِنًا ذكيّا، قويّ الفراسة، عظيم
الهيبة، طيّب الفاكهة، لَهُ مَيْل إلى الفضيلة. حصل لي منه حظّ. وذلك
قبل موته بسنة. وكان ناقص الحظّ لم يزل مَعَ جيرانه فِي حروب. وكان
يرجو ظهور الصّالح نجم الدّين لينتقم بِهِ من أعدائه. وكان مُحِبًّا
فِيهِ، حريصا بكلّ ممكنٍ عَلَى قيام ملكه. فلمّا تملّك الدّيار
المصريّة خُطب لَهُ بحماة، وحصل عنده من السّرور شيء عظيم، وزُيّنت
قلعة حماة زينة عظيمة حتّى عمّت الزّينة جميع أبراجها، ونُثِرت
الدّنانير والدّراهم وقت الخطْبة.
قَالَ: وحين ظهر الصّالح وتمكّن عَرَض للملك المظفَّر من المرض ما عرض،
وبقي سنتين وتسعة أشهر.
ولم يكن موته بالفالج بل عرضت لَهُ حمى حادّة أيّاما، وَتُوُفّي إلى
رحمة اللَّه تعالى. وتملّك ولده المنصور وعُمره عشر سنين وثلاثة
وأربعون يوما، فقام بالأمور الأستاذ دار طُغْرِيل، وشيخ الشّيوخ شَرَف
الدّين، والشّجاع مرشد، والوزير بهاء الدّين، والكلّ يرجعون إلى أوامر
الصّاحبة غادية بِنْت الملك الكامل زَوْجَة المظفَّر.
ولمّا بلغ السُّلطانَ موتُ المظفَّر حزن لموته حُزْنًا عظيما، وجلس
للعزاء ثلاثة أيّام.
قلت: ومن ثَمّ دام ملْك حماة إلى آخر صبيّ للمنصور وابنه، لأنّ الدّولة
ما زالت فِي بيت الصّالح ومواليه، وهم متصافون متناصحون.
129- مسعود [1] .
__________
[1] انظر عن (مسعود) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 635 رقم 3148، وصلة
التكملة للحسيني، ورقة 12.
(47/143)
أَبُو الخير الحَبَشيّ، مولى الشّريف أَبِي
القاسم حمزة بْن عَلِيّ المخزوميَّ العثمانيّ، المصريّ.
سَمِعَ من البوصيريّ، والقاسم ابن عساكر.
روى عَنْهُ: الحافظان المنذريّ، والدّمياطيّ.
وَتُوُفّي فِي المحرَّم. ووصفه المنذريّ بالصّلاح.
130- منصور [1] بْن الشَّيْخ أَبِي عَلِيّ حسّان بْن أَبِي القاسم.
الْجُهَنيّ المهدويّ، ثُمَّ الإسكندرانيّ.
روى بالإجازة عَن السِّلَفيّ.
ومات فِي المحرَّم رحمه اللَّه تعالى.
131- المؤَيَّد بْن عَلِيّ بْن أَحْمَد.
الفقيه أَبُو شجاع بْن الشَّصّاص، الحنفيّ. شيخ بغداديّ.
وُلِدَ فِي رمضان سنة خمسٍ وستّين.
وسمع من عَبْد الحقّ اليُوسُفيّ.
تُوُفّي فِي آخر رجب، ولم يحدّث. ومات بحلب. قاله ابن النّجّار.
132- مهنّا بْن الْحَسَن بْن حمزة.
الأمير أَبُو البقاء المدنيّ، العَلَويّ، الحُسينيّ.
أقام ببغداد، وولي نظر الكوفة والحلّة. ونُفِّذَ رسولا إلى النّواحي
وفُوِّض إِلَيْهِ وقف المدينة. ثُمَّ سار بحمل الكسْوةَ الشّريفة.
تُوُفّي فِي المحرَّم ببغداد.
- حرف النون-
133- ناصر بْن منصور [2] بْن ناصر بْن حمدان.
__________
[1] انظر عن (منصور) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 635، 636 رقم 3149.
[2] انظر عن (ناصر بن منصور) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 644 رقم
3164، وصلة التكملة
(47/144)
نجيب الدّين أَبُو الوفاء الفُرضيّ،
التّاجر، السّفّار.
وُلِدَ بفُرض، بُلَيْدة بقرب الفُرات من الشّام في سنة اثنتين وخمسين
وخمسمائة.
دخل خُوارزم وسمع من: مُحَمَّد بْن فضل اللَّه السّالاريّ، ونجم الدّين
الكُبريّ أَحْمَد بْن عُمَر.
روى عَنْهُ: جمال الدّين الفاضليّ، وَأَبُو علي بن الخلال، ومحمد بن
يوسف الذهبي.
وبالحضور أَبُو المعالي بْن البالِسيّ.
وكان ذا ثروة ومال. وسكن بزبدين من الغوطة.
تُوُفِّي فِي السّادس والعشرين من ربيع الْأَوَّل.
وهو آخر من ذُكر فِي كتابَ التّكملة فِي وَفَيَات النَّقَلَة للحافظ
الزّكيّ.
- حرف الهاء-
134- هاشم بْن الشَّرَف بْن الأعزّ بْن هاشم بْن القاسم.
الرّئيس السّيّد شَرَف العلا، أَبُو المكارم العَلَويّ، الكاتب.
قَالَ الشّريف عزّ الدّين: وُلِدَ بآمِد سنة ثمانٍ وستّين. وسمع بدمشق
من القاسم بْن عساكر.
وكتب الإنشاء بحلب مدّة فِي الدّولة الظّاهريّة، ثُمَّ عاد إلى مدينة
آمِد وخدم صاحبها الملك المسعود بْن العادل.
وكان عارفا بالأخبار والتّاريخ والنَّسَب.
ثُمَّ عاد إلى ديار مصر وبها تُوُفّي فِي ثامن رمضان.
135- هبة اللَّه بْن صَدَقة بْن عَبْد اللَّه بن منصور.
الطّبيب العالم، نفيس الدّين ابن الزّبير الكولميّ.
__________
[ () ] للحسيني، ورقة 14، وسير أعلام النبلاء 23/ 114 دون ترجمة.
(47/145)
ولد في حدود سنة خمس وخمسين وخمسمائة
بأسْوان وسمع من الأمير أُسامة بْن منقِذ بدمشق. ومن يوسف بْن
الطُّفَيْل بمصر.
وبرع فِي علم الطّبيعيّ. وولي رئاسة الأطبّاء بالدّيار المصريّة.
وكان فِيهِ عدالة، وله نظر فِي مذهب الشّافعيّ.
روى عَنْهُ: الحافظان المنذريّ والدّمياطيّ، وجماعة.
وَتُوُفّي فِي خامس ربيع الآخر.
وكَولم، بفتح الكاف، بلد بالهند.
قرأ الطّبّ أوّلا عَلَى ابن شوعة، ثُمَّ عَلَى الشَّيْخ السّديد. وبرع
أيضا فِي صناعة الكُحْل، واشتهر أيضا بِهَا. وخدمَ الكامل.
136- هبة اللَّه بْن منصور [1] بْن مَنْكير.
الإِمَام أَبُو الفضل الواسطيّ، المقرئ، النَّحْويّ.
سَمِعَ من أَبِي الفتح المَنْدائيّ «جزء» الأَنْصَارِيّ.
- حرف الياء-
137- يوسف بْن عَبْد المعطي [2] بْن منصور بْن نجا بْن منصور.
الصّدر جمال الدّين، أبو الفضل ابن المَخِيليّ [3] ، الغسّانيّ،
الإسكندراني، المالكيّ.
من أكابر أهل الثّغر. ومَخِيل من بلاد بَرَقة.
وُلِدَ سنة ثمان وستّين وخمسمائة.
__________
[1] انظر عن (هبة الله بن منصور) في: في بغية الوعاة 2/ 326 رقم 2096.
[2] انظر عن (يوسف بن عبد المعطي) في: صلة التكملة للحسيني، ورقة 16،
والمعين في طبقات المحدّثين 201 رقم 2127، وتذكرة الحفاظ 4/ 1438،
والعبر 5/ 173، والإشارة إلى وفيات الأعيان 344، والإعلام بوفيات
الأعلام 267، وسير أعلام النبلاء 23/ 116- 118 رقم 90، وتبصير المنتبه
1349، والنجوم الزاهرة 6/ 352، وشذرات الذهب 5/ 216.
[3] تصحّفت إلى «المحيلي» بالحاء المهملة في: تذكرة الحفاظ.
(47/146)
وسمع من: السلفي، وأبي الطاهر بن عوف،
وَأَبِي الطّيّب بْن مخلوف.
ثنا عَنْهُ: الدِّمياطيّ، والضّياء السَّبْتيّ، وَمُحَمَّد بْن أبي
القاسم الصَّقِّليّ، وَأَبُو الْحَسَن عَلِيّ بْن المنير، وَأَبُو
المعالي الأَبَرْقُوهيّ، وَأَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان
بْن النّقيب المفسّر.
وروى عَنْهُ: جماعة سوى هَؤُلاءِ.
وتفقّه عَلَى مذهب مالك.
وقال ابن الحاجب، قَالَ لي إنّه دخل دمشق.
تُوُفّي فِي سابع جُمادى الآخرة.
الكُنى
138- أَبُو البدر بْن جَعْفَر بْن كَرَم بْن أَبِي بَكْر البغداديّ.
ويُعرف بابن الأعرج.
سَمِعَ من شُهْدة كتاب «محاسبة النّفس» لابن أَبِي الدّنيا.
أجاز لأبي سعد، وابن الشّيرازيّ، والمُطْعم، والبُحَيريّ.
وعاش سبْعًا وثمانين سنة.
روى عَنْهُ بالإجازة والسّماع غير واحد.
ومات فِي الثّالث والعشرين من رمضان.
139- أَبُو سعد بْن أَبِي المعالي [1] بْن تمام.
المصريّ الطّبيب، عَن أعيان الأطبّاء.
عُمِّر وانهرم وعجز أخيرا.
ومات وقد قارب المائة.
وكان جماعةٌ من الأعيان يختارون علاجه ويرغبون فيه.
توفّي في المحرّم.
__________
[1] انظر عن (أبي سعد بن أبي المعالي) في: التكملة لوفيات النقلة 3/
636 رقم 3150.
(47/147)
وفيها وُلِد:
المؤرّخ كمال الدّين عَبْد الرّزّاق بْن الفُوَطيّ، والقاضي صدر الدّين
عَلِيّ بْن أَبِي القاسم بْن مُحَمَّد البُصْراويّ، شيخ الحنفيّة بقلعة
بُصْرَى فِي رجب، والعفيف إِسْحَاق بْن يحيى الآمِديّ، بآمِد، والصّلاح
مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن تبع القصير، والأسد عَبْد القادر بْن عَبْد
العزيز بْن الملك المعظَّم، والجمال أَبُو مُحَمَّد إِسْمَاعِيل بْن
مُحَمَّد بْن الفُقّاعيّ، بحماة، والتّاج أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن
الكيّال الضّرير العبّاسيّ، وَمُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الحَكَم
السَّعْديّ ابن الماشطة، وَمُحَمَّد بْن أَبِي الفتح بْن صدّيق بْن
الخِيَميّ التّاجر، فِي ذي القعدة بدمشق، وإسماعيل بْن الْحُسَيْن بْن
أَبِي التّائب الأنصاريّ، وشمس الدّين مُحَمَّد بْن يوسف بْن أفتِكِين،
وشيخ التّعبير بمصر نجم الدّين مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر بْن محمود بْن
إبراهيم بن إبراهيم الحنبليّ ابن الدّقّاق، وَالشَّيْخ مُحَمَّد بْن
الصّلاح موسى بْن مُحَمَّد بْن راجح، والنَّجْمُ عَبْد الرحيم بْن يحيى
بْن مَسْلَمَة المَقْبُريّ، والقاضي صدر الدّين سُلَيْمَان بْن هلال
الجعفريّ، وَأَحْمَد بْن عليّ الكلبيّ، عمّ النّاس فِي ذي الحجّة.
(47/148)
سنة ثلاث وأربعين
وستمائة
وهي سنة الخوارزمية تُوُفّي فيها بدمشق أمم لا يحصيهم إلّا اللَّه.
- حرف الألف-
140- أَحْمَد بْن إِسْمَاعِيل بْن الواعظ [1] .
الإِمَام أَبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيم بْن نجا
الأَنْصَارِيّ.
وُلِدَ سنة ثلاثٍ وتسعين.
وسمع من: جدّته فاطمة بنت سعد الخير. وبدمشق من جماعة.
تُوُفّي فِي أوّل جمادى الأولى.
141- أَحْمَد بْن عَبْد الرحيم بْن أَحْمَد بْن خليفة.
الحرّانيّ ثُمَّ الدّمشقيّ.
تُوُفّي فِي جمادى الآخرة، وله اثنتان وسبعون سنة.
حدَّث عَن: أَبِي الفوارس الْحَسَن بْن عَبْد اللَّه بْن شافع.
142- أَحْمَد بْن عَبْد الرحيم بْن عَلِيّ [2] .
__________
[1] انظر عن (أحمد بن إسماعيل) في: صلة التكملة للحسيني، ورقة 25،
وتحفة الأحباب للسخاوي 347.
[2] انظر عن (أحمد بن عبد الرحيم بن علي) في: عقود الجمان في شعراء هذا
الزمان لابن الشعار الموصلي (نسخة أسعد أفندي 2323) ج 1/ ورقة 89 ب،
وصلة التكملة للحسيني، ورقة 31، 32، وذيل الروضتين 176، ونهاية الأرب
29/ 318، 319، والمعين في طبقات المحدّثين 202 رقم 2135، والإعلام
بوفيات الأعلام 268، وسير أعلام النبلاء 23/ 211 رقم 127، والعبر 5/
75، ومرآة الجنان 4/ 108، وطبقات الشافعية لابن كثير (مخطوط)
(47/149)
القاضي الأشرف أَبُو الْعَبَّاس ابن القاضي
الفاضل.
وُلِدَ سنة ثلاثٍ وسبعين.
وسمع من: القاسم بن عساكر، والأثير بن بنان، والعماد الكاتب، وفاطمة
بنت سعد الخير.
وأقبل على الحديث في الكهولة واعتنى به، واجتهد في الطّلب، وحصّل
الأصول الكثيرة.
وسمّع أولاده.
وكان صدرا رئيسا، من نبلاء الرّجال وممّن يصلح للوزارة.
توفّي في سادس جمادى الآخرة بمصر.
وقد قرأ القرآن عَلَى أَبِي القاسم الشّاطبيّ.
وتفقّه عَلَى ابن سلامة، وقرأ النَّحْو عَلَى مهذَّب الدّين حسن بْن
يحيى اليمنيّ.
وسمع فِي الكهولة ببغداد من: أَبِي عَلِيّ بْن الجواليقيّ، وطبقته.
وبدمشق من: ابن البُنّ، وابن صَصْرَى، وزين الأُمناء، وخلْق.
وأقام بدمشق مدّة، ثُمَّ بمصر. ودرّس بمدرسة أَبِيهِ.
وكان مجموع الفضائل، كثير الإفضال عَلَى المحدّثين والشّيوخ.
قَالَ عُمَر بْن الحاجب: استوزره الملك العادل سيف الدّين، فلمّا مات
العادل عُرِضت عَلَيْهِ الوزارةُ فلم يقبلْها، وأقبل عَلَى طلب الحديث
حتّى صار يُضْرَب بِهِ المَثَل.
وكان كثير الإنفاق عَلَى الشّيوخ والطّلبة. وقورا، مهيبا، فصيحا، سريع
القراءة.
__________
[ () ] ورقة 171 أ، والوافي بالوفيات 7/ 57، 58 رقم 2989، والمقفّى
الكبير للمقريزي 1/ 296 رقم 483، وبغية الطلب لابن العديم 2/ 313، 314
رقم 140، وشذرات الذهب 5/ 218.
(47/150)
حكى القاضي الصّاحب شرف الدّين ابن فضل
اللَّه أنّ الكامل صاحب مصر نفَّذ القاضي الأشرف رسولا إلى الخليفة،
فأظهر من الحِشْمة والصَّدَقات والصِّلات أمرا عظيما. وأنّ الَّذِي
أعطاه الخليفة من الجوائز فرَّقه كلَّه فِي حاشية الخليفة. وحُسِبَ ما
أنفقه ببغداد تِلْكَ الأيّام فكان ستّة عشر ألف دينار. سمعها منه علاء
الدّين الكِنْديّ [1] .
143- أَحْمَد [2] بْن عَبْد الخالق [3] بْن مُحَمَّد بْن هبة اللَّه
بْن أَبِي هشام.
صفيُّ الدّين أَبُو الْعَبَّاس القُرَشيّ، الدّمشقيّ.
نسخ الكثير وقرأ الحديث. وكانت عنده فضيلة ومعرفة.
وعاش ثمانين سنة.
وسمع: أَبَا الْحُسَيْن أَحْمَد بْن الموازينيّ، والخطيب أبا القاسم
الدّولعيّ، وبرغش عتيق ابن شافع، وَعَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن جمال
الإِسْلَام.
كتب عَنْهُ: عُمَر بْن الحاجب، والنّجيب الصّفّار، وجماعة.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ: أنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ
الْخَالِقِ حُضُورًا، أنا أَحْمَدُ بْنُ حَمْزَةَ، أنا جَدِّي
كِتَابَةً، أنا رَشَأُ بْنُ نَظِيفٍ، نا الْحَسَنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ،
ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بَحْرٍ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ
الصَّائِغُ، نا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، نا غُنْدَرٌ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ
حَبِيبٍ التَّيْميِّ، أَنَّ مُعَاوِيَةَ سَأَلَ رجلا مِنْ عَبْدِ
الْقَيْسِ عَلامَةً قَالَ: مَا تَعُدُّونَ الْمُرُوءَةَ فِيكُمْ؟
قَالَ: الْعِفَّةُ وَالْحِرْفَةُ.
تُوُفّي فِي خامس محرَّم.
144- أَحْمَد بْنِ عُمَرَ [4] بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الله بن
سعد الجمّال.
__________
[1] وللقاضي أحمد بن عبد الرحيم شعر في: عقود الجمان، والوافي
بالوفيات.
[2] من حقّ هذه الترجمة أن تأتي بعد (أحمد بن إسماعيل) رقم 140 وأبقيت
عليها هنا التزاما بترتيب المؤلّف- رحمه الله-.
[3] انظر عن (أحمد بن عبد الخالق) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 755،
والمعين في طبقات المحدّثين 201 رقم 2128، وسير أعلام النبلاء 23/ 145
دون ترجمة.
[4] انظر عن (أحمد بن عمر) في: صلة التكملة للحسيني، ورقة 32، وسيأتي
أخوه «محمد» برقم (256) .
(47/151)
أَبُو عَبْد الْعَبَّاس المقدسيّ،
الحنبليّ.
وُلِدَ سنة تسعين.
وسمع من: الخشوعيّ، وابن طَبَرْزَد، وبأصبهان من: عفيفة، وزاهر بْن
أَحْمَد، وَأَبِي الفخر أَحْمَد بْن سعيد، وابن الإخوة.
روى عَنْهُ: الشَّيْخ تاج الدّين، وأخوه، وَأَبُو بَكْر الدَّشْتيّ،
والقاضي تقيّ الدّين سُلَيْمَان، وجماعة.
تُوُفّي فِي رجب.
145- أَحْمَد بْن عيسى [1] بْن العلّامة مُوَفَّق الدِّين عَبْد اللَّه
بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن قُدَامة.
الإِمَام الحافظ الزّاهد القُدوة، سيف الدّين بْن المجد الحنبليّ.
وُلِدَ سنة خمسٍ وستّمائة.
وسمع: أَبَا اليُمْن الكِنْديّ، وأبا القاسم بْن الحَرَسْتانيّ، وداود
بْن ملاعب، وَأَحْمَد بْن عَبْد اللَّه السُّلَميّ العطّار، وموسى بْن
عَبْد القادر، وابن أَبِي لُقْمة، وجدّه.
وتخرج بخاله الشَّيْخ الضّياء.
ورحل إلى بغداد سنة ثلاثٍ وعشرين، فسمع: الفتح بْن عَبْد السّلام،
وعليَّ بْنَ بُورنْداز، وهذه الطّبقة.
ثُمَّ رحل سنة ستٍّ وعشرين. وكتب بخطّه المليح ما لا يوصف. وصنّف
__________
[1] انظر عن (أحمد بن عيسى) في: صلة التكملة للحسيني، ورقة 35، وذيل
الروضتين 177، والمعين في طبقات المحدّثين 201 رقم 2129، والإشارة إلى
وفيات الأعيان 345، والإعلام بوفيات الأعلام 268، والعبر 5/ 174، وسير
أعلام النبلاء 23/ 118، 119 رقم 91، ومرآة الجنان 4/ 108، والذيل على
طبقات الحنابلة 2/ 241 رقم 347، ومختصره 72، والمنهج الأحمد 380،
والوافي بالوفيات 7/ 273 رقم 3249، والمقصد الأرشد، رقم 110، والدرّ
المنضّد 1/ 386 رقم 1063، والنجوم الزاهرة 6/ 353، وطبقات الحفاظ 504
رقم 1116، وشذرات الذهب 5/ 217.
(47/152)
وخرَّج، وسوَّد مسوَّدات لم يتمكّن من
تبييضها، وكان ثقة حُجّة، بصيرا بالحديث ورجاله، عاملا بالأثر، صاحب
عبادة وتهجُّد وإنابة.
وكان إماما فاضلا ذكيّا، حادّ القريحة، تامّ المروءة، كثير الأمر
بالمعروف والنَّهي عَن المُنْكَر، ولو طال عُمره لساد أهل زمانه
عِلْمًا وعملا، فرحمه الله ورضي اللَّه عَنْهُ.
ثنا عَنْهُ الشّهاب أَبُو بَكْر الدَّشْتيّ.
ومات قبل أوان الرّواية فإنّه عاش ثمانيا وثلاثين سنة.
وَتُوُفّي بعد أن كفَّن خلقا كثيرا وتديَّن لذلك وسعى بكلّ ممكن، فِي
أوّل شعبان. ومحاسنه جمَّة.
146- أَحْمَد بْن كَشَاسِبَ [1] بْن عَلِيّ بْن أَحْمَد.
الإِمَام كمال الدّين أَبُو الْعَبَّاس الدِّزْمارِيّ [2] ، الفقيه
الشّافعيّ، الصّوفيّ.
روى عَن: سراج الدّين الْحُسَيْن بْن الزّبيديّ.
وله تصانيف [3] .
أثنى عَلَيْهِ الإِمَام أَبُو شامة [4] ، وقال: كَانَ فقيها صالحا
متضلِّعًا، من نقل وجوه المذهب وفهم معانيه.
قَالَ: وهو أخبر من قرأت عَلَيْهِ المذهب فِي صباي. وكان كثير الحجّ
والخير. وقَفَ كُتُبه.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن كشاسب) في: ذيل الروضتين 175، والمشتبه 1/ 286،
وسير أعلام النبلاء 23/ 145 دون ترجمة، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي
5/ 13، وطبقات الشافعية الوسطى، له، ورقة 36 أ، والوافي بالوفيات 7/
299 رقم 3284، وطبقات الشافعية لابن كثير (مخطوط) ورقة 171 أ، والعقد
المذهب 109، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 431 رقم 401، وتوضيح
المشتبه 4/ 37، وكشف الظنون 490، ومعجم المؤلفين 2/ 53.
[2] الدزّماريّ: بكسر أوله وسكون الزاي وفتح الميم وبعد الألف راء
مكسورة.
[3] منها: «رفع التمويه في النكت على التنبيه» ، و «الفروق» .
[4] في ذيل الروضتين 175.
(47/153)
وهو الَّذِي ذكره شيخنا عَلَم الدّين فِي
خُطَبه وتفسيره.
تُوُفّي فِي ربيع الآخر.
147- أَحْمَد بْن مُحَمَّد [1] بْن الحافظ عَبْد الغنيّ بْن عَبْد
الواحد.
الإِمَام تقيُّ الدّين، أَبُو الْعَبَّاس ابن العِزّ المقدسيّ،
الحنبليّ، الفقيه.
وُلِدَ سنة إحدى وتسعين.
وسمع من: الخُشُوعيّ، وحنبل، وجماعة.
ورحل إلى أصبهان وسمع من: أبي الفخر أسعد، وعفيفة الفارقانيّة، وزاهر
الثّقفيّ.
ورجع فلازَم الفِقْهَ والاشتغال على جدّه لأمّه موفّق الدّين، حتّى برع
فِي المذهب، وحفظ «الكافي» لجدّه جميعه.
وقد تفقّه ببغداد عَلَى: الفخر إِسْمَاعِيل غُلام ابن المَنِّيّ.
وتميّز وحصّل ما لم يحصِّلْه غيرُه. ودرّس وأفتى. ولم يكن للمقادسة فِي
وقته أعلم منه بالمذهب.
روى عَنْهُ: العزُّ أحمد بن العِماد، والشمس مُحَمَّد بن الواسطي،
والقاضي تقيّ الدّين سُلَيْمَان، وَمُحَمَّد بْن شَرَف، والخشّاب،
وغيرهم.
وَتُوُفّي فِي الثّامن والعشرين من ربيع الآخر.
وكان فصيحا مَهِيبًا وَقُورًا، مليح الشّكل، حَسَن الأخلاق وافر
الحُرْمة، معظَّمًا عند الدّولة، كثير الإيثار، كبير المقدار، رحمه
اللَّه تعالى.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن محمد) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 770، وذيل
الروضتين 176، وصلة التكملة للحسيني، ورقة 27، والعبر 5/ 174، 175،
وسير أعلام النبلاء 23/ 212 رقم 128، ومرآة الجنان 4/ 108، والذيل على
طبقات الحنابلة 2/ 232، 233 رقم 339، ومختصره 70، والمنهج الأحمد 378،
والوافي بالوفيات 8/ 55 رقم 3467، والنجوم الزاهرة 6/ 354، 355،
والمقصد الأرشد، رقم 144، والدرّ المنضّد 1/ 382 رقم 1055، وشذرات
المذهب 5/ 217.
(47/154)
أنا أبو الفداء ابن الخبّاز أنّ
الخَوارزميّة نزلت حول دمشق، وخاف النّاس، فأمر الشَّيْخ التّقيّ
بتدريب الطُّرُق فِي الجبل، وتحصيل العُدَد، وجْمع الرجال والاحتراز.
ثُمَّ ركب الخانات، يعني مقدَّمين الخَوارزميّة، ووصلوا إلى
المَيْطُور، فخرج التّقيّ والنّاس بالعُدد، فإذا رسولٌ قد جاء يبشّر
بالأمان، وأنّهم لا يدخلون الجبل إلّا بأمر الشَّيْخ. فمضى الشَّيْخ
والجماعة حوله بالعُدَد إلى أن وصل إلى تِلْكَ الحواريّ شرقيّ الجبل
والخانات عَلَى خيولهم، فلمّا رأوا الشَّيْخ نزلوا عَن الخيل والتقوا
الشَّيْخ ورحّبوا بِهِ وقبّلوا يده، ثُمَّ قَالُوا: طيّبوا قلوبكم،
فإنْ أذِنتم لنا فِي العبور وإلّا رجعنا.
فأذِن لهم، ولم يدخلوا فِي وسط السّوق بل فِي سفح الجبل إلى العُقَيْبة
ثمّ إلى المِزّة ولم يتأذّ أحدٌ من أهل الجبل سوى حَسَن غلام الشَّرَف
بْن المعتمد قاتلهم فقتلوه. ثُمَّ نُصّبت أعلامهم عَلَى أماكن مرتفعة
أمانا منهم، ووفوا بالأمان.
148- أَحْمَد بْن مُحَمَّد [1] .
أَبُو جَعْفَر القَيْسيَّ القُرْطُبيّ، المعروف بابن أَبِي حجّة.
ذكره الأبّار فَقَالَ: تُوُفّي بمَيُورقَة، وقد سَمِعَ من: أَبِي
القاسم بْن بشكُوَال، وابن مضاء، وغيرهما.
وتصدّر للإقراء والتّعليم والنّحْو، واختصر «التّبصرة» لمكّيّ، وصنَّف
فِي النّحْو.
سكن إشبيلية بعد خروجه من قُرْطُبة، وأَسرته الرّوم، وعُذِّب وقاسي.
149- أَحْمَد بْن محمود [2] بْن إِبْرَاهِيم بن نبهان.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن محمد القيسي) في: تكملة الصلة لابن الأبّار 1/
123، وملء العيبة لابن رشيد الفهري 2/ 38، ومعرفة القراء الكبار 2/ 643
رقم 610، وغاية النهاية 1/ 136، وكشف الظنون 99، ومعجم المؤلفين 2/ 89.
[2] انظر عن (أحمد بن محمود) في: صلة التكملة للحسيني، ورقة 24، وذيل
الروضتين 175، والمعين في طبقات المحدّثين 201 رقم 2130، وتذكرة الحفاظ
4/ 1459، والإشارة إلى وفيات الأعيان 344، والإعلام بوفيات الأعلام
267، والعبر 5/ 175، وسير أعلام النبلاء
(47/155)
الحافظ المفيد شرف الدّين، أبو العبّاس ابن
أَبِي الثّناء الدّمشقيّ، المعروف بابن الجوهريّ.
أحد مِن عنِي بهذا الشأن وتعبَ عَليْهِ، ورحل وسهر وكتب الكثير، وحصّل
ما لم يحصّلْه غيره. ثُمَّ أدركه الأَجَل شابّا، فاللَّه يرحمه.
سَمِعَ: أَبَا المجد القَزْوينيّ، ومسلم بْن أَحْمَد الباري، ومُكْرَم
بْن أَبِي الصَّقْر، وهذه الطّبقة.
ورحل بعد الثّلاثين، وسمع من: أَبِي الْحُسَيْن القَطِيعيّ، وابن
اللّتّيّ، والأنجب الحمّاميّ، وطائفة من أصحاب ابن البطّيّ، وشُهْدَة.
فأكثر ورجع بحديثٍ كثير، ونسخ واستنسخ.
ثُمَّ رحل إلى مصر فأكْثَرَ عَن الصَّفْراويّ، والهَمَذانيّ، وابن
بختيار، ونُظَرائهم.
وأقدم معه أَبَا الفضل الهَمَذَانيّ فأفاد الدّمشقيّين.
وكانت لَهُ دنيا ومَبَرّات، فأنفق سائر ذَلِكَ فِي الطَّلب. وكان
صَدُوقًا مُتقِنًا متثبّتا، غزير الفائدة، نظيف الخطّ، قليل الضَّبط
لقلّة بِضاعته من العربيّة، لكنّه كَانَ ذكيّا فطِنًا.
وكانت الصّدريّة قاعة فاشتراها منه ابن المُنَجّا ووَقَفَها مدرسة.
ولمّا احتضر وقَفَ كُتُبَه وأجزاءه بالنُّوريّة وارتفق بِهَا
الطَّلَبة.
وأظنّه حدَّث بشيء.
تُوُفّي فِي صفر، رحمه اللَّه تعالى. وهو خال أمّ شيخنا ابن الخلّال.
150- أَحْمَد بْن يحيى بْن مُحَمَّد بْن صباح.
أَبُو الْعَبَّاس المصريّ المؤذّن.
__________
[23] / 264 رقم 174، والوافي بالوفيات 8/ 167 رقم 3589، وطبقات الحفاظ
506 رقم 1123، والدارس في تاريخ المدارس 1/ 111، وشذرات الذهب 5/ 218،
والأعلام 1/ 254، وطبقات الحفاظ والمفسّرين 61 رقم 1121.
(47/156)
روى عَن: البُوصِيريّ.
حدَّث عَنْهُ: الدّمياطيّ، وابن الحُلْوانيّة.
ومات فِي صفر.
151- إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الرَّحْمَن [1] بْن عَليّ بْن عَبْد
العزيز.
القاضي شرفُ الدّين أَبُو إِسْحَاق المخزوميّ، المصريّ، الكاتب.
ويُعرف بابن قُرَيش. وُلِدَ سنة، اثنتين وسبعين بمصر.
وسمع بِهَا من: البهاء بْن عساكر، وبنت سعد الخير.
وكتب الخطَّ الفائق وتأدَّب، وخدم فِي ديوان الإنشاء. كتب بخطّه كثيرا.
وكان فِيهِ خير ومحبّة للصّالحين. وهو ابن أخت القاضي الفاضل.
تُوُفّي بدمشق فِي جمادى الأولى.
152- إبراهيم [2] .
هو صدر الدّين ابن اللهيب.
تُوُفّي بدمشق فِي جمادى الآخرة.
ورّخه أَبُو شامة مختصرا.
153- إِسْحَاق بْن أَبِي القاسم [3] الْحُسَيْن بْن هبة اللَّه بْن
محفوظ بْن صَصْرى.
أَبُو إِسْمَاعِيل التّغْلبيّ، الدّمشقيّ.
وُلِدَ سنة ثلاثٍ وسبعين.
وسمع من: القُطْب مَسْعُود النَّيْسابوريّ، وَأَحْمَد بْن الموازينيّ،
ويحيى الثقفيّ، ويوسف بْن معالي، وعمّه أبي المواهب الحافظ، وإسماعيل
الخدويّ، وجماعة.
__________
[1] انظر عن (إبراهيم بن عبد الرحمن) في: ذيل الروضتين 176، والمقفّى
الكبير للمقريزي 1/ 213 رقم 238.
[2] انظر عن (إبراهيم صدر الدين) في: ذيل الروضتين 177 وفيه «إبراهيم
بن الليث» .
[3] انظر عن (إسحاق بن أبي القاسم) في: سير أعلام النبلاء 23/ 146 دون
ترجمة.
(47/157)
روى عنه: الشيخ تاج الدين عبد الرحمن،
وأخوه الخطيب شَرَف الدّين، وَالشَّيْخ زين الدّين الفارِقيّ، والبدر
بْن الخلّال، والفخر إِسْمَاعِيل بْن عساكر، وَمُحَمَّد ابن خطيب بيت
الآبار، وطائفة.
ومات فِي تاسع عشر جمادى الأولى.
154- آسية بِنْت شجاع بْن مفرح بْن قَصّة.
قرأتُ وفاتهَا بخطّ الضّياء فِي ربيع الأوّل.
155- آمنة بِنْت إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه.
قرأتُ وفاتهَا بخطّ الضّياء فِي ربيع الآخر، وقال: كانت كثيرة الصّلاة
باللّيل والصّيام. وأظنُّها روت بالإجازة.
156- آمنة بِنْت حمزة.
أخت القاضي تقيّ الدّين سُلَيْمَان الحنبليّ، وزوجة الْحَافِظُ ضِيَاءُ
الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ.
قَالَ: تُوُفّيَتْ فِي سَلْخ جمادى الأولى.
وكانت ديِّنة خيرَّة موافقة، حفظت عليَّ القرآن العزيز، رحمها اللَّه
تعالى.
- حرف الباء-
157- بردي خان [1] .
ولَقَبُه اختيار الدّين الخُوارزميّ. أحد الخانات الأربعة الّذين
نازلوا دمشق.
كَانَ شيخا خبيثا ذا رأيٍ ودهاء. وكان أمير حاجب السّلطان جلال الدّين
خوارزم شاه.
قَالَ سعد الدّين: تُوُفّي فِي رابع ربيع الآخر. ذكره في «تاريخه» .
__________
[1] انظر عن (بردي خان) في: مفرّج الكروب 5/ 135 و 136، والوافي
بالوفيات 10/ 111 رقم 4567.
(47/158)
158- بِهرام شاه [1] بْن شاهنشاه بْن عُمَر
بْن شاهنشاه بْن أيّوب بْن شاذي.
صاحب بَعْلَبَكّ.
مات ببغداد، ولبس غلمانه المُسُوح، وقد وَخَطَه الشَّيْب وناهَزَ
الخمسين.
- حرف الجيم-
159- جمال بْن يوسف بْن عليّ.
الدّارانيّ.
شيخ معمَّر. وُلِدَ سنة ثلاثٍ وأربعين، وحدَّث عَن ابن عساكر.
حدّث عنه: المجد ابن الحُلْوانيّة، وَالشَّيْخ عليّ بْن هارون.
وبالإجازة: أَبُو المعالي بْن البالِسيّ.
ولا أعلم مَتَى تُوُفّي، إلّا أنّه انقطع ذكره فِي هذا الوقت ومن قبله.
160- الجلّاب بْن الحارس.
وزير صاحب اليمن الملك المسعود أقسيس.
تُوُفّي فِي أثناء السّنة باليمن.
161- جَهْمَةُ بِنْتُ هبة اللَّه بْن عَلِيّ بْن حَيْدرة.
السُّلَمِيّة الدّمشقيّة، أُمّ الخير.
روت عن: أبي الحسين أحمد ابن المَوَازينيّ.
وتُوُفّيت فِي ذي الحجة.
- حرف الحاء-
162- الْحَسَن بْن مُحَمَّد [2] بْن عُمَر بْن عَلِيّ.
__________
[1] انظر عن (بهرام شاه) في: مفرّج الكروب 5/ 62، 203، 213، والوافي
بالوفيات 10/ 307 رقم 4817، والعسجد المسبوك 2/ 541.
[2] انظر عن (الحسن بن محمد) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 759، وذيل
الروضتين 177،
(47/159)
الصّاحب، الأمير، مقدَّم الجيوش، معين
الدّين، أَبُو عليّ ابن شيخ الشّيوخ صدر الدّين أَبِي الْحَسَن.
وُلِدَ بدمشق قبل التّسعين، وتقدَّم فِي الدّولة الكامليّة، وعظُم شأنه
فِي الدّولة الصّلاحيّة، ووَزَرَ للملك الصّالح، وقدِم دمشقَ بالجيوش
المصريّة والخَوارزميّة فحاصرها ثمّ تسلّمها من الصّالح إِسْمَاعِيل.
ومرض بالإسهال والدّم.
ومات وما مُتِّع فِي الثّاني والعشرين من رمضان، وله نيِّفٌ وخمسون
سنة، ودُفِن بسفح قاسيون إلى جانب أخيه العماد.
وكان بين حصول أُمنيته وحلول مَنِيّته أربعة أشهر ونصف.
وكان فِيهِ كرم وسخاء ودِين فِي الجملة.
وأخرج الملك الصّالح أخاه فخر الدّين ابن الشَّيْخ فِي أثناء السّنة من
الحبس بعد أن لاقى شدائد، وسجنه ثلاث سنين. فأنعم عَلَيْهِ وقرّبه.
163- الْحَسَن بْن ناصر بْن عَلِيّ.
أَبُو عَلِيّ الحضرميّ الهدويّ المغربيّ، نزيل الإسكندريّة.
وُلِدَ سنة اثنتين وخمسين، وقيل سنة أربع وخمسين بالمغرب.
وحدَّث عَن: عَبْد المجيد بْن دليل، وَعَبْد الرَّحْمَن بْن موقا.
وكان صالحا معمَّرًا.
روى عَنْهُ: شيخنا الدِّمياطيّ، وغيره.
وقال: مات في سنة أربع.
__________
[ () ] ومفرّج الكروب 5/ 169، 174، 198، 277، 300، 303، 304، 331، 346،
3447- 352، ونهاية الأرب 29/ 314، والإشارة إلى وفيات الأعيان 346،
والإعلام بوفيات الأعلام 268، والعبر 5/ 175، 176، ودول الإسلام 2/
148، 149، وسير أعلام النبلاء 23/ 146 دون ترجمة، والمختار من تاريخ
ابن الجزري 200، والوافي بالوفيات 12/ 246 رقم 225، والبداية والنهاية
13/ 171، والنجوم الزاهرة 6/ 352، 353، وشذرات الذهب 5/ 218.
(47/160)
وقال الشّريف: تُوُفّي فِي خامس ربيع الآخر
سنة ثلاث فيحرّر ذلك.
وأجاز للبهاء ابن البرزاليّ، والعماد ابن البالِسيّ.
164- الْحُسَيْن بْن عَلِيّ [1] بْن أَحْمَد بْن المهتدي باللَّه.
الهاشميّ العبّاسيّ، أَبُو طَالِب [2] ، نقيب العراق.
ورَّخه فِي أوائل السّنة الشّريف عزّ الدّين، وأنّه روى عَن يحيى بْن
الْحُسَيْن الأَوَانيّ.
وقد ذكرناه فِي السّنة الماضية وأنّه الْحُسَيْن بْن أَحْمَد، فاللَّه
أعلم.
- حرف الخاء-
165- خديجة بِنْت الشَّيْخ العماد إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الواحد.
المقدسيّة.
تُوُفّيت بالجبل فِي ثالث جمادى الأولى.
قَالَ الضّياء: قد سمِعَت الحديثَ، ولا أدري هَلْ رَوَتْ أم لا؟
166- خديجة بِنْت عَلِيّ بْن الوزير أَبِي الفَرَج مُحَمَّد بْن عَبْد
اللَّه ابن رئيس الرؤساء.
امْرَأَة صالحة، رَوَت عَن: تجَنِّي الوهْبانيّة، وشُهْدة.
روى لنا عَنْهَا [3] بالإجازة: القاضي، وسعد الدّين، والمُطْعِم،
والنَّجْدِيّ، وطائفة.
ماتت فِي جمادى الأولى، ولها ثلاث وسبعون سنة.
__________
[1] تقدّمت ترجمته في وفيات السنة السابقة باسم: «الحسين بن أحمد بن
علي» ، رقم (87) .
[2] تقدّم في الترجمة السابقة أن كنيته «أبو طاهر» .
[3] في الأصل: «عنه» والمثبت هو الصواب.
(47/161)
- حرف الراء-
167- راجح بْن أَبِي بَكْر [1] بْن إِبْرَاهِيم.
أَبُو مُحَمَّد بْن منْجاب المَنُورقيّ، بالنّون فيهما، الصّوفيّ.
روى بالإجازة عَن الكِنْديّ.
سَمِعَ منه: شيخنا الدّمياطيّ، وقال: تُوُفّي بمكّة فِي شوّال [2] .
168- ربيعة خاتون [3] بِنْت نجم الدّين أيّوب بْن شاذي.
أخت النّاصر والعادل.
تزوَّجت أوّلا بالأمير مَسْعُود بْن الأمير معين الدّين أُنُز، فلمّا
مات تزوّجت بالملك مظفَّر الدّين صاحب إربل فبقيت بإربل دهرا معه.
فلمّا مات قدِمت إلى دمشق، وخدمتها العالمة أَمَةُ اللّطيف بنت النّاصح
ابن الحنبليّ، فأحبّتها وحصل لَهَا من جهتها أموال عظيمة، وأشارت عليها
ببناء المدرسة بسفح قاسيون، فَبَنَتْها ووَقَفَتْها عَلَى النّاصح
والحنابلة.
وتُوُفّيَت بدمشق فِي دار العقيقيّ الّتي صُيِّرَت المدرسة الظّاهريّة.
ودُفنت بمدرستها تحت القبو. ولقيت العالمة بعدها شدائد من الحبس ثلاث
سنين.
بالقلعة والمصادرة، ثُمَّ تزوَّج بِهَا الأشرف صاحب حمص ابن المنصور،
وسافر بِهَا إلى الرَّحبة فَتُوُفّيَتْ هناك سنة ثلاث وخمسين.
__________
[1] انظر عن (راجح بن أبي بكر) في: بغية الطلب لابن العديم (المصوّر)
8/ 11، 12 رقم 1127.
[2] وكان مولده في سنة 578 هـ.
[3] انظر عن (ربيعة خاتون) في: مفرّج الكروب لابن واصل 5/ 49، 54، 62،
164، 268، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 756، وذيل الروضتين 177، ونهاية الأرب
29/ 317، 318، والمختصر في أخبار البشر 3/ 174، والعبر 5/ 176، وتاريخ
ابن الوردي 2/ 175، والبداية والنهاية 13/ 170، والإعلام بوفيات
الأعلام 268، والوافي بالوفيات 14/ 97- 99 رقم 122، والعسجد المسبوك 2/
542، والنجوم الزاهرة 6/ 353، والدارس في تاريخ المدارس 2/ 79، 80.
(47/162)
ولربيعة خاتون عدّة محارم سلاطين، وهي أخت
ستّ الشّام.
واستولى الصّاحب معين الدّين ابن الشَّيْخ عَلَى موجودها فلم يُمتَّع،
وعاش بعدها أيّاما قلائل.
تُوُفّيت فِي ثامن رجب عَن سنٍّ عالية، رحمها اللَّه تعالى.
- حرف الزاي-
169- زينب بِنْت الجمال أَبِي حمزة أَحْمَد بْن عُمَر ابن الشَّيْخ
أَبِي عُمَر.
عمَّة القاضي تقيّ الدّين سُلَيْمَان.
رَوَت بالإجازة عَن: مَسْعُود الحمّال.
وتُوُفّيت فِي جمادى الأولى.
170- زينب بِنْت أَبِي أَحْمَد عَبْد الواحد بْن أَحْمَد.
أمّ مُحَمَّد، أخت الحافظ الضّياء.
ولدت سنة اثنتين وستّين وخمسمائة. وعاش إحدى وثمانين سنة.
ورَوَت بالإجازة عَن: صالح بْن الرحلة، وَأَبِي العلاء الهَمَذَانيّ،
والسِّلَفيّ.
كتب عَنْهَا: أخوها، والسّيف بْن المجد.
وروى عَنْهَا: شمس الدّين مُحَمَّد بْن الكمال، وعائشة بِنْت المجد،
والقاضي تقيّ الدّين سُلَيْمَان. وبالإجازة: أبو المعالي ابن
البالِسيّ، وغيره.
قَالَ أخوها الضّياء: تُوُفّيت فِي الخامس والعشرين من ربيع الأوّل.
قَالَ: وكانت وفيّة خيّرة، ذات مروءة وسَعَة خُلُق.
- حرف السين-
171- سارة بِنْت عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن قُدَامة.
أمُّ حمزة. وجدّةُ قاضي القُضاة تقيّ الدّين سُلَيْمَان.
وُلِدَت قبل التّسعين وخمسمائة.
(47/163)
وأجاز لَهَا: السِّلَفيّ، وخطيب المَوْصِل،
وجماعة.
رَوَت الحديث. وحدَّث عَنْهَا: شمس الدّين مُحَمَّد بْن الكمال،
والشَّرَف أَحْمَد بْن أَحْمَد الفَرَضيّ، وعائشة بِنْت المجد، وحفيدها
القاضي.
وبالإجازة: العماد بْن البالِسيّ.
وكانت صالحة كسائر عجائز الدَّير المبارك.
وتُوُفّيت فِي جمادى الأولى.
172- سالم بْن عَبْد اللَّه [1] بْن عُبَيْد بْن سَعِيد المالقيّ.
قيّم دار الحديث النُّوريّة، رَجُل صالح.
سَمِعَ من: القَاسِم بْن عساكر، وعمر بْن طبرزَد.
حمل عَنْهُ: الحافظ أَبُو عَبْد اللَّه البِرْزاليّ، والجمال بْن
الصّابونيّ.
وأجاز لجماعة.
وتُوُفّي فِي ربيع الأوّل.
173- سالم بْن عَبْد الرّزّاق [2] بْن يحيى بْن عُمَر بْن كامل.
سديدُ الدّين العقربائيّ، خطيب عَقْرَبا.
كَانَ فاضلا، يُنشئ الخُطَب.
وُلِدَ سنة تسع وستّين وخمسمائة، وسمع من: أَبِي المعالي بْن صابر،
ويحيى بْن محمود الثّقفيّ، وابن صَدَقَة.
روى عَنْهُ: ابن الحُلْوانيّة، وَأَبُو عليّ بْن الخلّال، وَمُحَمَّد
بن محمد الكنجي، ومحمد ابن خطيب بيت الآبار.
وحضر عَلَيْهِ ابن البالِسيّ.
تُوُفّي فِي نصف ربيع الأوّل.
__________
[1] انظر عن (سالم بن عبد الله) في: ذيل الروضتين 175.
[2] انظر عن (سالم بن عبد الرزاق) في: العبر 5/ 176، وسير أعلام
النبلاء 23/ 146 دون ترجمة.
(47/164)
174- سيف الدّين بْن قلِيج [1] .
الأمير الكبير صاحب القِلِيجيّة.
تُوُفّي فِي شعبان بدمشق. ودُفن بتُربته الّتي فِي مدرسته بدمشق.
وقد عمل نيابة دمشق. وكان أَبُوهُ من الأمراء الظّاهرية الحلبيّة.
واسم سيف الدّين: عَلِيّ.
كتب عَنْهُ القُوصيُّ شِعرًا، وذكره فِي «مُعجمه» وقال: كانت مدرسته
دار خَالِد بْن الوليد.
- حرف الشين-
175- شعبان بْن إِبْرَاهِيم [2] بْن أَبِي طَالِب.
الدّارانيّ، الحمصيّ الأصل، أخو مُحَمَّد وعليّ.
سمعوا من الحافظ ابن عساكر.
وكتب عَنْهُم ابن الحاجب.
روى عَنْهُ: ابن الحُلْوانيّة، وابن الخلّال، وجماعة.
وَتُوُفّي فِي هذه السنة.
176- شُكْرُ اللَّه بْن عَبْد اللَّطيف بْن مُحَمَّد بْن ثابت.
الخُوارَزْميّ، ثُمَّ الأصبهانيّ أَبُو أَحْمَد. من أولاد الشّيوخ.
وُلِدَ بأصبهان، وسمع فيما أظنّ من والده، وكتب فِي الإجازات.
ومات، رحمه الله، في ربيع الآخر.
__________
[1] انظر عن (سيف الدين بن قليج) في: ذيل الروضتين 177، ومفرّج الكروب
5/ 165، 171، 174، 239، 328، 340، 363، والإشارة إلى وفيات الأعيان
346، وسير أعلام النبلاء 23/ 146 دون ترجمة، والبداية والنهاية 13/
171.
[2] انظر عن (شعبان بن إبراهيم) في: سير أعلام النبلاء 23/ 146 دون
ترجمة.
(47/165)
- حرف الصاد-
177- صارو خان [1] .
أَحْد مقدَّمي الخَوَارَزْميّة.
كَانَ شيخا سمينا، قليل الفهم. وكان شحنة جمال السّلطان، فمات هو وبردي
خان عَلَى دمشق.
مات هذا فِي جمادى الآخرة.
178- الصَّفيّ.
الكلبيّ، المقرئ عَلَى الجنائز بدمشق فِي ربيع الأوّل.
179- صفيّة بِنْت إِسْحَاق بْن الخِضر.
سمِعَت الحديث، وماتت فِي ربيع الآخر.
سَمِعْتُ «المُسْنَد» كلّه من حنبل.
وسمعت من: ابن طَبَرْزَد.
وكانت من نساء الجبل.
180- صفيّة بِنْت أَحْمَد بْن عُمَر بْن الشَّيْخ أَبِي عُمَر
المقدسيّ.
عمّةُ القاضي تقيّ الدّين سُلَيْمَان.
تُوُفّيت هِيَ وأختُها زينب بِنْت أَحْمَد فِي جمادى الأولى.
وقد رَوَتا إجازة عَن: مَسْعُود الجمّال، وعفيفة الفارقانيّة.
181- صفيّة أمّ أَحْمَد ابْنَة الشَّيْخ موفّق الدّين بْن قُدامة.
وُلِدَتْ بعد السّبعين وخمسمائة.
وروت بالإجازة عَن: أَبِي طاهر السِّلَفيّ، وخطيب الموصل، وعبد الحقّ
اليوسفيّ، وجماعة.
__________
[1] انظر عن (صارو خان) في: الأعلاق الخطيرة 3/ 82، والوافي بالوفيات
16/ 226 رقم 249.
(47/166)
سئل عَنْهَا الضّياء فَقَالَ: كانت صاحبة
أوراد، وهي كثيرة المعروف.
قلت: روى عَنْهَا: ابن الكمال، وعائشة بِنْت المجد.
وتُوُفّيَتْ فِي ربيع الآخر فِي أواخره.
وروى عَنْهَا بالإجازة أيضا أَبُو المعالي بْن البالِسيّ، وغيره.
182- صفيّة بِنْت النّاصح مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن سعد.
أمُّ مُحَمَّد.
تُوُفّيت فِي جمادى الأولى.
روت بالإجازة شيئا يسيرا.
سَمِعَ منها: الزّكيّ البِرْزاليّ، والسَّيف بْن المجد.
وأنا عَنْهَا: القاضي تقيّ الدّين.
183-[ ... ] [1] بْن أَبِي الجود.
الصُّوفيّ.
خدم الملك المحسن بْن صلاح الدّين.
وروى بالإجازة عَن البُوصِيريّ.
- حرف الطاء-
184- طَلْحَةُ بنُ مُحَمَّد بْن طلحة [2] .
الأُمَويّ الإشبيليّ، المقرئ.
أخذ عَن: أَبِيهِ، وعمّه أبي العبّاس.
وأتقن القراءات والعربيّة.
__________
[1] في الأصل بياض. ولم أتبيّن اسم صاحب الترجمة.
[2] انظر عن (طلحة بن محمد) في: تكملة الصلة لابن الأبّار، رقم 338
بإيجاز شديد، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة للمراكشي 4/ 161-
170 رقم 303 (في ترجمة مطوّلة) ، وملء العيبة لابن رشيد الفهري 2/ 129،
131، 141، 142، 150- 156، وبغية الوعاة 2/ 19، 20 رقم 1328.
وهو: أبو محمد طلحة بن مُحَمَّد بن طَلْحة بن مُحَمَّد بْن عَبْد الملك
بْن أحمد بْن خلف بن الأسعد بن حزم.
(47/167)
وتصدّر [1] .
مات في أوّل السّنة.
- حرف العين-
185- عبد الله بن عبد العزيز [2] .
اليونينيّ، الزّاهد، والد شيخنا أحمد [3] .
__________
[1] وقال المراكشي: وكان مقرئا مبرّزا في صنعة التجويد، نحويا ماهرا،
عروضيا حاذقا، ذا حظّ وافر من الأدب وقرض الشعر، ذاكرا لتواريخ الرجال
وأحوالهم، حسن الجمع لمتفرقات أخبارهم عارف بطرق الرواية، عني معظم
دهره بتقييد العلم ولقاء حملته، وكان من آنق الناس طريقة في الخط ومن
المتقدّمين في الإتقان والضبط ومن جلّة النبلاء في كل ما يحاول ...
وألّف «معجم شيوخه» في ذلك الوقت في مجموع وسمه ب «ملحة الراويّ وختام
عيبة الحاوي» وقفت عليه بخطّه، وذكر أنه جمعه بقرب من العشرين وستمائة،
واستفاده منه أصحابه وجملة من أشياخه وقيدوا منه وانتفعوا به، وصنّف
حينئذ «معجم شيوخ القاضي أبي الوليد الباجي» ورواه أصحابه، وقد وقفت
أيضا عليه بخطه. وانتصب للإقراء وتدريس العربية ومعظم شيوخه أحياء،
وحمل عنه العلم واستجيز وهو ابن العشرين سنة، ولم يزل عاكفا على
استفادة العلم وإفادته منقطعا لخدمته لا يشغله عنه شاغل، شغفا به وحرصا
عليه، صابرا على شدّة الفقر وقلّة ذات اليد، راضيا بحاله ذلك غير
متشوّف إلى عرض من الدنيا. وله برنامج حفيل استوعب فيه ذكر شيوخه إلى
عام خمسة وثلاثين وستمائة، سمّاه «تقية الوارد ونخبة مستفاد الوافد»
ويشتمل على مئات من الرجال وجماعة من النساء. وعمل فهارس لطائفة من
أشياخه كأبي أميّة وأبي الوليد ابن الحاجّ وغيرهما، ظهر في ذلك كله
جودة اختياره وحسن ترتيبه وفضل اقتداره، ووصل كتاب «صلة» الحافظ أبي
القاسم بن بشكوال بتقاييد كثيرة لم يتم غرضه منها، ولا أمهلته المنيّة
إلى تخليصها وإخراجها من مسوّدتها.
وأورد المراكشي له شعرا، ثم قال: مولده حسبما نقلته من خطّه في جمادى
الأولى من سنة إحدى وستمائة بموافقة ينير، وتوفي بإشبيليّة والعدوّ-
دمّرهم الله- محاصرون لها الحصار الأول، أرى ذلك سنة ثلاث وأربعين
وستمائة، وهي سنة احتراق العطارين.
وقال السيوطي: ومات بإشبيليّة سنة ثنتين، أو ثلاث، أو أربع، أو خمس
وأربعين وستمائة.
ويقول خادم العلم وطالبه، محقّق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» :
لم يذكر المرحوم «عمر رضا كحّالة» صاحب هذه الترجمة في «معجم
المؤلّفين» ولا في «المستدرك» مع أنه من شرطه.
[2] انظر عن (عبد الله بن عبد العزيز) في: الجزء المتضمّن الحوادث
ووفيات (611- 620 هـ.) من هذا الكتاب، رقم 452 في ترجمة أسد الشام.
[3] انظر عن (أحمد بن عبد الله بن عبد العزيز) في: معجم شيوخ الذهبي 38
رقم 35، والعبر
(47/168)
من أصحاب الشّيخ عبد الله اليونينيّ.
توفّي في ثامن رجب. وكان من الصّالحين الأولياء.
حكى شيخنا ولده أحمد قَالَ: عنَّفني مرَّةً وانزعج فقال: وا لك، أَنَا
قضيت إلى يومي هذا صلاةَ أربعين سنة.
وحدَّثني فقيرٌ قَالَ: أفتاك أبوك سنة بثلاثة دراهم، اشترى بدرهم دقيق
وبدرهم سمْن وبدرهم عسل، ولّته وجعله ثلاثمائة وستّين كبّة، كَانَ
يُفْطر كلّ ليلة عَلَى كبّة.
وقيل إنّه عمل مرّة مجاهدة تسعين يوما، يُفطِر كلّ ليلةٍ عَلَى حِمصة
حتّى لا يواصل.
وقال الشَّيْخ إسرائيل بْن إِبْرَاهِيم: كَانَ الشَّيْخ عَبْد اللَّه
بْن عزيز إذا دخل رجب تمارض ويأكل فِي كلّ عشرة أيّام أكلة.
وحكى العماد أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن سَعْد قَالَ: أخبرني الشَّيْخ
إِبْرَاهِيم البطائحيّ قَالَ: كَانَ فِي المِزّة شابٌّ يشرب، فَقَالَ
الشَّيْخ عَبْد اللَّه بْن عَبْد العزيز:
أحضِروه لعلَّه يتوب. وكان يُحسِن إلى جماعة المِزّة.
قَالَ: فدعا إنسان الشَّيْخ عَبْد اللَّه وأصحابَه وحضر الشّابّ، فأنشد
فقير أبياتا فطاب الشَّيْخ، وكان ثَمَّةَ شمعةٌ فجعل الشّيخ لحيته
عليها وبقيت النّار تخرج من خَلَلها. وكان الشَّيْخ كَثّ اللّحية، فوقع
الشّابّ عَلَى رِجْليّ الشَّيْخ وتاب، وجاء منه رجلٌ صالح.
وحكى غيرُ واحدٍ من أهل المِزّة أنّهم شاهدوا الشَّيْخ والنّار تخرج من
خَلَل لحيته وأنّ الشّابّ تاب. وهذه حكاية صحيحة.
وقال الشَّيْخ يوسف الزّاهد: قدمت من الحجّ وأنا عريان، قال: فخطر لي
__________
[5] / 393، وشذرات الذهب 5/ 443، وموسوعة علماء المسلمين ق 2 ج 1/ 322
رقم 1644.
(47/169)
أنّ ما فِي دمشق مثل الشَّيْخ عَبْد اللَّه
بْن عَبْد العزيز، فذكرته للشّيخ مُحَمَّد السّلاويّ فَقَالَ: وأزيدك،
ما فِي الشّام.
وعن الشَّيْخ عَلِيّ الشِّبْليّ قَالَ: احتاجت زوجتي إلى مقنِّعة
وطالَبَتْني، فقلت: عليَّ دَينٌ خمسة دراهم فمن أَيْنَ أشتري لك؟ فنمتُ
فرأيتُ كأنّ من يقول لي: إن أردت أن تنظر إلى إِبْرَاهِيم الخليل
فانظُر إلى الشَّيْخ عَبْد اللَّه بْن عَبْد العزيز. فلمّا أصبحت أتيته
بقاسيون، فقال لي: وا لك يا عليّ اجلِس. وقام إلى منزله وعاد ومعه
مُقَنِّعة وفي طَرَفها خمسة دراهم. فرجعت. وكان عندنا وردٌ فجمعتْهُ
المرأةُ وأتت بِهِ إلى بيت الشَّيْخ عَبْد اللَّه، فوجدت زوجته وما
عَلَى رأسها سوى مِئْزَرٍ معقودٍ تحت حِنكها، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا.
وحكى ولده الفقيه أَحْمَد قَالَ: قَالَ أَبِي: واللَّهِ ما نظرتُ إلى
فقير إلّا قلت: هذا خيرٌ منّي.
قلت: وبَلَغَنَا أنّ الشَّيْخ عَبْد اللَّه كَانَ كثيرا الذِّكر كثير
الإيثار مَعَ الفقر، كبير القدرْ، بعيد الصِّيت. صحِب الشَّيْخ عَبْد
اللَّه اليونينيّ الكبير مدّة.
وقبره بسفح قاسيون بقرب التُّربة المعظَّمة، رحمه اللَّه.
وروى لنا ولده عَن ابن الزُّبَيْديّ.
ومن مناقب ابن عزيز فيما رَوَاهُ ابن العزّ عُمَر خطيب زَمْلَكا عَن
الشَّيْخ مُرّيّ خادم ابن عزيز أنّ الشَّيْخ كَانَ إذا رَأَى الفقيرَ
قَالَ: ما تجي تعمل عندي فِي جُبّ. فإذا أجاب قَالَ: عَلَى شرط أيّ شيء
جاءنا فُتُوح تأخذه. فكان إذا عمل الفقير عُمْقَ شِبْرَيْن فإنْ أُتَيَ
الشّيخ بشيءٍ دفعه إِلَيْهِ. فإذا راح عمد الشَّيْخ فطمّ ما حفره
الفقير.
186- عَبْد اللَّه بْنِ عُمَرَ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الله ابن
النّخّال [1] .
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن عمر بن النخال) في: التكملة لوفيات النقلة 3/
رقم 2494 ضمن ترجمة أخيه «محمد» ، وتذكرة الحفاظ 4/ 1432 وفيه تصحّف
إلى: «النحال» بالحاء، وسير أعلام النبلاء 23/ 213 رقم 129، وذيل
التقييد للفاسي 2/ 50، 51 رقم 1138.
(47/170)
أَبُو بَكْر البغداديّ البوّاب، الرّجل
الصّالح.
سَمِعَ من شُهْدَة كتاب «المصافحة» ، والرّابع من «المَحَامليّات» ،
وغير ذَلِكَ.
روى عَنْهُ: مجد الدّين العديميّ، وفتاه بَيْبَرس، وَالشَّيْخ مُحَمَّد
القزّاز.
وما أدري تُوُفّي فِي هذه السّنة أو عَلَى أثرها.
وقد أجاز للمطعم، والبُحَيْريّ، وبنت الواسطيّ، وطائفة.
187- عَبْد اللَّه بْنِ عُمَرَ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّه
بْن سعد.
الشّمس أَبُو مُحَمَّد المقدسيّ، أخو الجمال أَحْمَد.
سَمِعَ من: حنبل، وابن طَبَرْزَد.
روى عَنْهُ شيوخنا: أَبُو مُحَمَّد الفارقي، وأبو علي بن الخلال،
والصدر الأرموي.
ومات فِي جمادى الأولى.
188- عَبْد اللَّه بْن الشيخ أَبِي عُمَر [1] مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن
مُحَمَّد بْن قُدامة.
الإِمَام الخطيب شَرَفُ الدّين، أَبُو مُحَمَّد المقدسيّ، خطيب جامع
الجبل.
كَانَ فقيها عالِمًا، ديّنا، ورِعًا، صالحا، قليل الكلام، وافر
الحُرمة، كبير القدْر.
وُلِدَ فِي رمضان سنة ثمان وسبعين وخمسمائة.
وسمع من: يحيى الثقفي، وابن صدقة الحراني، وَعَبْد الرَّحْمَن بْن
عَلِيّ الخِرَقيّ، وجماعة.
وبمصر من: البُوصِيريّ، وإسماعيل بْن ياسين، والأَرْتاحيّ.
وببغداد: المبارك بْن المعطوش، وأبا الفَرَج بْن الْجَوْزيّ، وعبد الله
بن أبي المجد، وجماعة.
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن أبي عمر) في: ذيل الروضتين 177، والعبر 5/
176، والإشارة إلى وفيات الأعيان 345، وسير أعلام النبلاء 23/ 146 دون
ترجمة، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 234، 235 رقم 342، ومختصره 71،
والمنهج الأحمد 379، والمقصد الأرشد، رقم 537، والدرّ المنضّد 1/ 383
رقم 1058.
(47/171)
واشتغل ببغداد وبدمشق عَلَى عمّه الشَّيْخ
الموفَّق.
روى عَنْهُ: الشَّيْخ محمود الدَّبيثيّ، وابن أخيه أَحْمَد بْن
مُحَمَّد الدَّشْتيّ، وَمُحَمَّد بْن مُحَمَّد الكنجي، والشيخ تاج
الدين عبد الرحمن، وأخوه، وَأَبُو عَلِيّ بْن الخلّال، وَمُحَمَّد ابن
خطيب بيت الآبار، والنّجم إِسْمَاعِيل بْن الخبّاز، وجماعة درجوا إلى
اللَّه تعالى، والقاضي تقيّ الدّين سُلَيْمَان، وعيسى المُطْعم، وطائفة
سواهم.
وقد سَمِعَ منه: الشَّيْخ الضّياء، وذكره فِي شيوخه. وورّخ وفاته فِي
العشرين من جمادى الآخرة. ثمّ مات بعده بأسبوع.
189- عَبْد اللَّه بْن أَبِي الفضل [1] مُحَمَّد بْن أَبِي مُحَمَّد
بْن الوليد.
أَبُو منصور البغداديّ، الحافظ [2] .
أحد من عُني بهذا الشّأن ورحل فِيهِ.
سَمِعَ: عَبْد العزيز بْن الأخضر الحافظ، وَعَبْد العزيز بْن منيب،
ومسعود بْن بركة، وطائفة ببغداد.
والحافظ عَبْد القادر بحرّان، وأبا هاشم عَبْد المطَّلب بحلب، والتّاج
الكنديّ، وابن الحرستانيّ بدمشق.
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن أبي الفضل) في: تكملة الإكمال لابن نقطة 2/
38 رقم 1083، وصلة التكملة للحسيني، ورقة 28، وتلخيص مجمع الآداب في
معجم الألقاب لابن الفوطي 5/ 859 رقم 1970، وتاريخ إربل لابن المستوفي
1/ 405- 409 رقم 306، والمشتبه في الرجال 1/ 151، والمعين في طبقات
المحدّثين 201 رقم 2131، وسير أعلام النبلاء 23/ 213، 214 رقم 130،
وتذكرة الحفاظ 4/ 1432، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 233 رقم 340،
ومختصره 70، والمنهج الأحمد 378، وتوضيح المشتبه 2/ 296، وتبصير
المنتبه 1/ 251، والدرّ المنضّد 1/ 382، 383 رقم 1056، وشذرات الذهب 5/
219، وتاريخ علماء المستنصرية 1/ 331.
[2] وقال ابن نقطة في (تكملة الإكمال 2/ 38) قال لي أبو بكر بن تميم بن
البندنيجي وغيره إنّ اسمه الّذي سمّي به: «جزيرة» . (بضم أوله) . وهو
تصغير جزرة كما في (الدرّ المنضد 1/ 383) .
(47/172)
وكان مشهورا بجَوْدة القراءة وسُرعتها،
وخطّه ضعيف.
طريقته تُشْبه طريقةَ عَبْد [القادر] [1] الرُّهاويّ شيخه، ومن كبار
أئمّة السّنّة.
وله مصنّفات و «تاريخ» مفيدة.
تُوُفّي كهْلًا فِي ثالث جمادى الأولى [2] .
190- عَبْد اللَّه بْن نصر بْن عَلِيّ بْن المجاور الدّمشقيّ.
أديب فاضل.
روى عَنْهُ الحافظ عَبْد العظيم شِعْرًا.
وَتُوُفّي عَن إحدى وستّين سنة بالفَيُّوم.
191- عَبْد الجليل بْن عَبْد الجبّار [3] بْن عَبْد الواسع بْن عَبْد
الجليل.
المحدّث تاج الدّين الأَبْهريّ، العدْل.
وُلِدَ بأَبْهَر بزَنْجان سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة.
وقدِم دمشقَ فاشتغل بِهَا ونسخ الكثير.
وسمع من: حنبل، وابن طَبَرْزَد، والكِنْديّ.
روى عَنْهُ: المفتي أبو محمد الفارقي، وأبو علي بن الخلّال، والصّدر
الأُرْمَوِيّ، والعماد بْن البالِسيّ، وجماعة.
وخطّه طريقة مشهورة.
تُوُفّي فِي ربيع الأوّل. وكان صوفيّا.
__________
[1] إضافة من: تاريخ إربل 1/ 406.
[2] وقال ابن المستوفي: ورد إربل في محرم سنة أربع وعشرين وستمائة ونزل
بدار الحديث بها.
وهو حافظ مكبّ على كتابة الحديث. يقرأ حسنا. أخذ عن معظم رجال بغداد،
وأقام عدّة سنين بحرّان، فأخذ عن عبد القادر الرهاوي، سمع الكثير، وكتب
الكثير. أخبرني أنه ولد ببغداد في شهر رجب من سنة تسع وثمانين
وخمسمائة. (تاريخ إربل 1/ 405، 406) .
[3] انظر عن (عبد الجليل بن عبد الجبار) في: ذيل الروضتين 175، والمعين
في طبقات المحدّثين 202 رقم 2132.
(47/173)
192- عَبْد الحقّ بْن عَبْد اللَّه [1] بْن
عَبْد الواحد بْن علّان [2] بْن خَلَف.
أَبُو سُلَيْمَان الخَزْرَجيّ، المصريّ، ويُعرف بابن الحَجّاج.
محدّث معروف، وُلِدَ سنة اثنتين وسبعين.
وسمع من: أَبِي القاسم البُوصِيريّ، وَأَبِي نزار ربيعة.
وبدمشق: الخضِر بْن كامل، وابن الحَرَسْتانيّ.
تُوُفّي فِي العشرين من جمادى الأولى.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ.
وهو ابن عمّ عَبْد اللَّه بْن عَبْد الواحد.
193- عَبْد الحقّ بْن عَبْد السّلام بْن عَبْد الحقّ.
أَبُو مُحَمَّد التّميميّ الصّقليّ، ثُمَّ الدّمشقيّ، المؤدّب بمسجد
الرَّحبة.
وُلِدَ سنة خمسٍ وستّين.
وسمع من: يحيى الثّقفيّ.
روى عَنْهُ: الزّكيّ البرزاليّ، والمجد ابن الحُلْوانيّة، وجماعة
سواهم.
وبالإجازة أَبُو المعالي بْن البالِسيّ.
تُوُفّي فِي سلْخ ربيع الأوّل.
194- عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه بْن الحافظ عَبْد الغنيّ.
المقدسيّ.
تُوُفّي شابّا.
195- عَبْد الرَّحْمَن بْن الحَافِظ عَبْد الغني [3] بْن عَبْد الواحد
بْن عليّ.
__________
[1] انظر عن (عبد الحق بن عبد الله) في: الوافي بالوفيات 18/ 59 رقم
55.
[2] هكذا في الأصل، وفي الوافي 17/ 301 وأصوله: «علّاف» بالفاء. وفي:
النجوم الزاهرة 5/ 25 «علّاق» بالقاف. والله أعلم أيّها الصحيح.
[3] انظر عن (عبد الرحمن بن عبد الغني) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 522
في آخر ترجمة والده عبد الغني المتوفى سنة 600 هـ. ولم يذكره في وفيات
هذه السنة 643 هـ، وذيل الروضتين 176، والعبر 5/ 176، 177، والذيل على
طبقات الحنابلة 2/ 231، 232 رقم 338،
(47/174)
الفقيه أَبُو سُلَيْمَان المقدسيّ، مُحيي
الدّين.
وُلِدَ سنة ثلاثٍ وثمانين.
وسمع من: أَبِيهِ، والخُشُوعيّ، وجماعة.
وبمصر من: البُوصِيريّ، وابن ياسين، والأرتاحيّ.
وببغداد من: أَبِي الفَرَج بْن الْجَوْزيّ، والمبارك بن المعطوش، وعبد
الله بن أبي المجد، وعمر بْن عَلِيّ الواعظ، والحسن بْن عَلِيّ بْن
أُشْنانَة.
وتفقّه عَلَى الشَّيْخ الموفَّق.
وكان فقيها، متفنّنا، صالحا، خيِّرًا، عابدا، مدرّسا، من أعيان
الحنابلة.
قِيلَ إنّه حفظ الكتاب «الكافي» جميعه، وكان دائم البِشْر، حَسَن
الأخلاق، لطيف الشّمائل.
روى عَنْهُ: الشَّيْخ شمس الدين عَبْد الرحمن، والمجد ابن الحلوانيّة،
وأبو الحسين ابن اليُونينيّ، وَأَبُو عليّ بْن الخلّال، والتّاج عَبْد
الخالق القاضي، وابنه عَبْد السّلام، والشَّرَف إِبْرَاهِيم بْن حاتم،
وَأَبُو بَكْر بْن الذّكريّ، وَأَبُو بَكْر بْن الدَّشْتيّ، وَأَبُو
الفضل سُلَيْمَان بْن حمزة الحاكم، وطائفة سواهم.
وَتُوُفّي فِي التّاسع والعشرين من صفر.
196- عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللّطيف بْن إِسْمَاعِيل بْن أَبِي
سَعْد.
الشَّيْخ أَبُو البركات ابن شيخ الشّيوخ النَّيْسابوريّ، ثُمَّ
البغداديّ.
ولد سنة سبعين وخمسمائة.
__________
[ () ] ومختصره 70، والوافي بالوفيات 18/ 159 رقم 203، والمنهج الأحمد
378، والمقصد الأرشد، رقم 586، والدرّ المنضّد 1/ 382 رقم 1054، وشذرات
الذهب 5/ 219، 220.
وقد أضاف السيد «أيمن فؤاد سيد» إلى المصادر في تحقيقه لكتاب الوافي
بالوفيات ج 18/ 159 بالحاشية رقم (203) : كتاب التكملة لوفيات النقلة،
رقم الترجمة 1547، والمختصر من تاريخ ابن الدبيثي- ص 204، فأخطأ في
الاثنين، فالمذكور في هذين المصدرين هو: «عَبْد الرَّحْمَن بْن عبد
الغني بن مُحَمَّد بن سعيد (أو سعد) ابن الغسّال البغدادي» وكنيته:
أبو القاسم، ومولده في سنة 540 هـ. فليصحّح.
(47/175)
وسمع: أَبَاهُ، وعمّه صدر الدّين عَبْد
الرّحيم، وأبا الفتح بْن شاتيل، والقزّاز.
وكان صالحا عابدا، ولي مشيخة الرّباط البِسْطاميّ.
وبالإجازة: أَبُو المعالي ابن البالِسيّ، وَأَبُو نصر بْن الشّيرازيّ،
والبُحَيْريّ، وبنت الواسطيّ، وخلْق.
قَالَ الشّريف: تُوُفّي فِي ثالث ذي القعدة.
197- عَبْد الرَّحْمَن بْن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن
إلياس.
نجمُ الأُمَنَاء أَبُو مُحَمَّد الأزْديّ، الحمصيّ، ثُمَّ الدّمشقيّ،
التّاجر.
وُلِدَ بدمشق سنة ستٍّ وخمسين.
وسمع من الحافظ أَبِي القاسم القُشَيْريّ يسيرا.
روى عَنْهُ: ابن الحُلْوانيّة، وَالشَّيْخ تاج الدّين عَبْد
الرَّحْمَن، وأخوه، وغيرهم.
وَتُوُفّي فِي نصف شعبان يوم الجمعة.
وروى لنا عَنْهُ شَرَفُ الدّين عشرة أحاديث.
198- عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر [1] بْن بركات بْن شُحانة [2] .
المحدّث العالم، سراج الدّين، أَبُو مُحَمَّد الحرّانيّ.
تُوُفّي بميّافارقين فِي جُمادى الآخرة. وسماعاته كثيرة سنة نيّف عشرة
__________
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن عمر) في: عقود الجمان لابن الشعار 3/ ورقة
246 ب، وتكملة الإكمال لابن نقطة 3/ 149، 150 رقم 2971، وتاريخ إربل 1/
334- 337 رقم 232، وسير أعلام النبلاء 23/ 214 رقم 131، والإعلام
بوفيات الأعلام 268، والمعين في طبقات المحدّثين 202 رقم 2133، وتذكرة
الحفاظ 4/ 1432، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 240 رقم 346، ومختصره
72، والوافي بالوفيات 18/ 200، 201 رقم 245، والمقصد الأرشد، رقم 585،
والمنهج الأحمد 380، وتوضيح المشتبه 5/ 64، وتبصير المنتبه 2/ 276،
والمنهل الصافي 7/ 171 رقم 1380، والدرّ المنضد 1/ 385، 386 رقم 1062،
وشذرات الذهب 5/ 220.
[2] شحانة: بضم الشين المعجمة، وفتح الحاء المهملة وبعد الألف نون.
(47/176)
وستّمائة بدمشق، وحلب، ومصر، والموصل [1] .
وكتب شيئا كثيرا [2] .
سَمِعَ: القاضي أَبَا القاسم بْن الحَرَسْتانيّ، وداود بْن ملاعب،
والافتخار الهاشميّ، ومِسْمار بْن العُوَيْس، وخلقا كثيرا.
وكان ثقة، فَهمًا، حَسَن المذاكرة [3] .
روى عَنْهُ بالإجازة أَبُو نصر بْن الشّيرازيّ.
199- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد [4] بْن عَبْد العزيز.
وجيهُ الدّين أَبُو القاسم اللَّخْميّ القُوصيّ، الحنفيّ، الفقيه.
وُلِدَ بقُوص سنة خمسٍ وخمسين وخمسمائة.
__________
[1] وقال ابن نقطة: ودخل بغداد في سنة تسع عشرة وستمائة فسمع بها من
أصحاب الأرموي.
(تكملة الإكمال 3/ 150) .
[2] وقال مجير الدين الحنبلي: وكانت له بنت عمياء تحفظ كثيرا إذا سئلت
عن باب من العلم من الكتب الستة ذكرت أكثره وكانت أعجوبة في ذلك.
(الدرّ المنضّد 1/ 386) .
[3] وقال ابن المستوفي: قدم إربل في جمادى الآخرة سنة تسع عشرة
وستمائة. حافظ مؤرّخ، عمل لحرّان تاريخا يدخل في أربعين جلدا. عنده
محفوظات كثيرة للمحاضرة. سألته عن مولده فقال: لا أعرفه. شاب قصير.
وسئل مرة أخرى عن مولده فقال: لم أبلغ الثلاثين.
أنشدني لنفسه في خامس رجب:
يا قاتلي لو أنّ قلبك جلمد ... وشكوت أشواقي لرقّ الجلمد
قيل اكتسيت الذّلّ بعد مهابة ... وبك اشتفى منّي العدي والحسد
وسهرت في حبّيك ليلي لم أنم ... أتراك مثلي ساهرا لا ترقد
ويلاه من نار بقلبي أضرمت ... ما إن لها إلّا رضابك مبرد
وقسيّ سحر من لحاظك فوّقت ... فأصيب قلبي المستهام المكمد
(تاريخ إربل) .
[4] انظر عن (عبد الرحمن بن محمد) في: الطالع السعيد الجامع أسماء
نجباء الصعيد للأدفوي 295، 296 رقم 227، وسير أعلام النبلاء 23/ 146
دون ترجمة، والجواهر المضية 2/ 394، 395 رقم 785، والوافي بالوفيات 18/
259 رقم 312، وتاج التراجم لابن قطلوبغا 34، والمقفّى الكبير للمقريزي
4/ 74 رقم 1445، وحسن المحاضرة 1/ 465، 466، وطبقات المفسّرين للداوديّ
1/ 284، 285، والطبقات السنية، برقم 1196، والخطط التوفيقية 14/ 138،
والأعلام 4/ 105، ومعجم المؤلفين 5/ 180.
(47/177)
وسمع بمصر من: عَبْد اللَّه بْن بَرّيّ
النَّحْويّ، وعليّ بْن هبة اللَّه الكامليّ، ومحمود بْن أَحْمَد بْن
الصّابونيّ، والقاسم بْن عساكر.
وعنه: ابن الحُلْوانيّة، والدّمياطيّ، وَأَبُو الْحَسَن الغرافيّ،
وغيرهم.
وكان أديبا شاعرا مَعَ ما فِيهِ من التّبحّر بمذهبه فإنّه درس وأفتى
وناظَرَ وطال عُمره [1] .
وَتُوُفّي فِي سابع ذي القعدة بالقاهرة.
200- عَبْد الرَّحْمَن بْن مقرَّب [2] بْن عَبْد الكريم.
الحافظ المفيد، أسعد الدّين، أَبُو القاسم الكِنْديّ، الإسكندرانيّ،
المعدّل.
ولد سنة أربع وخمسين وخمسمائة.
وقرأ بنفسه عَلَى: البُوصِيريّ، وَعَبْد الرَّحْمَن بْن مُوقا، وَأَبِي
الفضل الغَزْنَويّ، والأَرْتاحيّ، وبنت سعد الخير، وجماعة.
ولزِم الحافظ أَبَا الْحَسَن بْن المفضّل وتخرَّج بِهِ، وخرَّج لنفسه
عشرين جزءا أبان فيها عَن معرفةٍ ونَبَاهة.
حدَّث عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّد الدّمياطيّ، والزَّينُ مُحَمَّد بْن
منصور الورَّاق، وجماعة.
وَتُوُفّي فِي ثالث عشر صفر. وهو والد مقرّب الرّاوي عن ابن عماد.
__________
[1] وقال ابن أبي الوفاء القرشي: وله تصانيف في فنون نظما ونثرا في
المذاهب الأربعة، واللغة، والتفسير، والوعظ، والإنشاء، وله خطّ حسن.
سمع منه الحافظ المنذري وذكره في «معجم شيوخه» . (الجواهر المضية) وقال
الأدفوي: جاور بمكة، شرّفها الله تعالى، ودرّس بها. ودرّس بالمدرسة
العاشورية بحارة زويلة بالقاهرة.
وحدّث ودرّس وصنّف، وكان أحد الفقهاء. (الطالع السعيد) .
[2] انظر عن (عبد الرحمن بن مقرّب) في: صلة التكملة للحسيني، ورقة 23،
والمعين في طبقات المحدّثين 202 رقم 2134، وتذكرة الحفاظ 4/ 1458،
والإشارة إلى وفيات الأعيان 344، والإعلام بوفيات الأعلام 267، والعبر
5/ 177، وسير أعلام النبلاء 23/ 215 رقم 132، والوافي بالوفيات 18/
285، 286 رقم 338، والنجوم الزاهرة 6/ 354، وشذرات الذهب 5/ 220.
(47/178)
201- عَبْد [الرحيم] [1] بْن الإِمَام
أَبِي الْحَسَن عَلِيّ [2] بْن إِبْرَاهِيم بْن نجا.
أَبُو سعد الخير الأَنْصَارِيّ.
وُلِدَ بدمشق سنة أربعٍ وخمسين.
وسمع من: والديه.
وأجاز لَهُ: أَبُو موسى المَدِينيّ، وجماعة.
وتهاون بِهِ أَبُوهُ ولم يُسمّعه فِي صِغَره ولا استجاز لَهُ.
تُوُفّي بالقاهرة فِي ربيع الأوّل.
وقد سَمِعَ منه الزّكيّ المنذريّ.
وروى عَنْهُ: الدِّمياطيّ، وغيره.
202- عَبْد الرّزّاق بْن أَبِي الغنائم [3] بْن ياسين بْن العلاء.
أَبُو مُحَمَّد مهذّب الدّين الدّقُوقيّ، العراقيّ، الضّرير، المقرئ،
الشّاعر.
قدِم الشّامَ شابّا فسمع بِهَا من عَبْد اللّطيف بْن أَبِي سعد لمّا
قدِمَها، ومن:
القاسم بْن عساكر، والمفضّل بْن عَقِيل، والخطيب الدَّوْلَعيّ، وَأَبِي
بَكْر مُحَمَّد بْن يوسف الآمُليّ، وغيرهم.
روى عَنْهُ: زين الدّين الفارِقيّ، والبدر بْن الخلّال، والعماد بْن
البالِسيّ، وغيرهم.
ومات فِي ثامن شعبان بدمشق.
203- عَبْد السّلام بْن ممدود بْن أَبِي الوحش.
أَبُو مُحَمَّد بن السّيوريّ، الشّيبانيّ.
سمع من: الخشوعيّ.
__________
[1] في الأصل بياض. والمستدرك من مصادر ترجمته.
[2] انظر عن (عبد الرحيم بن علي) في: صلة التكملة للحسيني، ورقة 25.
[3] انظر عن (عبد الرزاق بن أبي الغنائم) في: نكت الهميان 190، 191،
والوافي بالوفيات 18/ 409 رقم 419.
(47/179)
وَتُوُفّي فِي رجب وله ستّون سنة.
حدَّث وأجاز.
204- عَبْد السّلام بْن برتقش.
القضائيّ الزَّكَويّ.
كان برتقش تَسَمّى بإسحاق.
روى عَن: الخُشُوعيّ، وَعَبْد اللّطيف الصّوفيّ.
وعنه: ابن الحلوانيّة، وغيره.
مات في جمادى الأولى.
205- عبد السّيّد بن أبي الرجاء مظفّر بن أبي عبد الله محمد بن محفوظ
بن صَصْرَى.
أَبُو مُحَمَّد التّغلبيّ الدّمشقيّ.
حدّث عَن: عَبْد الكريم بْن الهادي.
وسمع منه الطَّلَبة.
ومات فِي سادس عشر ربيع الآخر.
روى عَنْهُ: البهاء بْن عساكر بالإجازة.
206- عَبْد الكريم بْن أَبِي الفتح.
الحَبَقيّ، الفقيه.
دمشقيٌّ يروي عَن: الخُشُوعيّ.
ثنا عَنْهُ: الفخر بْن عساكر.
وَتُوُفّي فِي جمادى الأولى.
207- عَبْد اللّطيف بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن عساكر.
أبو الحسن ابن زين الأمناء.
والد شيخنا عبد المنعم [1] .
__________
[1] مات سنة 700 هـ. (معجم شيوخ الذهبي 335 رقم 481) .
(47/180)
كَانَ صالحا متزهّدا.
تُوُفّي، رحمه اللَّه، فِي شوّال.
208- عَبْد المحسن بْن حمّود [1] بْن المحسّن بْن عَلِيّ.
المولى أمين الدّين، أَبُو الفضل التّنوخيّ، الحلبيّ، الكاتب المنشئ
البليغ.
وُلِدَ سنة سبعين وخمسمائة.
ورحل فسمع بدمشق من: حنبل، وابن طَبَرْزَد، وابن الزّنف، وَأَبِي
اليُمْن الكِنْديّ، وطائفة.
وعُنِي بالأدب.
وجمع كتابا فِي عشرين مجلّدة فِي الأخبار والنّوادر، روى فِيهِ
بالأسانيد.
وله دِيوان شعر، وديوان ترسُّل.
روى عَنْهُ: الشّهاب القُوصيّ، والزّيْن الفارقيّ شيخنا، وَأَبُو
عَلِيّ بْن الخلّال، وَالشَّيْخ عَلِيّ بْن هارون، والعماد بْن
البالِسيّ.
ومن شِعره:
اشتغِلْ بالحديث إنْ كنتَ ذا ... فهم ففيه المُرادُ والإِيثارُ
فهو للعِلم مُعْلِّمٌ وبه ... بين ذوي الدّين تحسن الآثار
__________
[1] انظر عن (عبد المحسن بن حمّود) في: التذكرة لابن العديم (مصوّر)
96، 97، وعقود الجمان في شعراء هذا الزمان لابن الشعار الموصلي (أسعد
أفندي 2325) ج 4/ ورقة 53 أ، وقلائد الجمان، 4/ 105- 125، ومرآة الزمان
ج 8 ق 2/ 757، وصلة التكملة للحسيني، ورقة 34، والعبر 5/ 177، وتذكرة
الحفاظ 4/ 1432، وسير أعلام النبلاء 23/ 215، 216 رقم 133، وفوات
الوفيات 2/ 293- 296، والوافي بالوفيات 19/ 138- 140 رقم 118، وذيل
التقييد للفاسي 2/ 153 رقم 1331 وفيه «عبد المحسن بن محمود» وهو خطأ،
والنجوم الزاهرة 6/ 353، وشذرات الذهب 5/ 220، وتاريخ آداب اللغة
العربية 3/ 22، وإعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء 4/ 381- 383 رقم
203، وإيضاح المكنون 1/ 491 و 2/ 523، وكشف الظنون 1758، وهدية
العارفين 1/ 621، والأعلام 4/ 295، ومعجم المؤلفين 6/ 172، وتاريخ
الأزمنة للدويهي 226.
وذكره ابن الغزّي في: ديوان الإسلام مرتين: ج 2/ 193، 194 رقم 819 وج
3/ 276 رقم 1424.
(47/181)
إنّما الرّأيُ والقياس ظَلامٌ ...
والأحاديثُ للورى أنوارُ
كُنْ بما قد علِمتَهُ عاملا ... فالعِلْم دَوحٌ منهنّ تُجنى [1]
الثَمارُ
وإذا كنتَ عالما [2] وعليما ... بالأحاديث لن تمسَّكَ النارُ [3]
وقد كتب أمين الدّين ابن حمّود لعزّ الدّين أَيْبَك صاحب صَرْخَد
ووَزَرَ لَهُ، وكان ديّنا كامل الأدوات [4] .
تُوُفّي فِي الرّابع والعشرين من رجب.
209- عَبْد الملك بْن عَبْد الوهّاب بْن زين الأُمَناء بْن عساكر.
أَبُو الوفاء.
من علماء المحدّثين وفُضَلائهم. كتب وأجاد وخرَّج.
وقرأ عَلَى الشّيوخ. ولو عاش لتعيّن.
مات فِي المحرَّم وله اثنتان وثلاثون سنة.
__________
[1] في الوافي 19/ 138 «تجبى» .
[2] في الوافي 19/ 138: «عاملا» .
[3] في الوافي 19/ 138: «نار» .
[4] ومن شعره:
رشقت فؤادي عن قسيّ حواجب ... يفعلن فيه وفي غير الواجب
فكأنّ حاجبها الأزجّ وقد بدا ... نون أجادته صناعة كاتب
وأنشد في غلام راكب أشهب:
ولابس حلّة الجمال ... يميس في حلية الدلال
أغنت عن القوس حاجباه ... ومعسّلتاه عن النبال
وافترس الناس منه ... وبه ينظر عن مقلتي غزال
مرّ على أشهب فقلنا ... تبارك الله ذو الجلال
من أنبت الغصن في كثيب ... وسخّر الصبح للهلال
(التذكرة 96، 97) .
وقال سبط ابن الجوزي: وأنشدني لما نزل الفرنج على الطور في سنة 614:
قل للخليفة لا زالت عساكره ... لها إلى النصر إصدار وإيراد
إن الفرنج بحصن الطور قد نزلوا ... لا تغفلنّ فإنّ الطور بغداد
(ذيل مرآة الزمان) وله شعر كثير في: قلائد الجمان لابن الشعار الموصلي،
والوافي بالوفيات، وفوات الوفيات، وغيره.
(47/182)
سَمِعَ: جدّه، وابن اللّتّيّ.
210- عَبْد الوهّاب بْن مَعَدّ بْن أَحْمَد بْن الواثق.
أَبُو مُحَمَّد العبّاسيّ البغداديّ.
روى عَن: عُبَيْد اللَّه بْن شاتيل.
ومات فِي ثامن عشر صفر.
211- عُبَيْد اللَّه بْن جُبارة.
المرداويّ الصّالحيّ، الفقيه الحنبليّ.
تُوُفّي بالجبل فِي جمادى الآخرة.
212- عتيق بْن أَبِي الفضل [1] بْن سلامة بْن عَبْد الكريم بْن ثابت.
العدْل أَبُو بَكْر السَّلَمانيّ، الشّاهد تحت السّاعات.
وُلِدَ سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة.
وسمع الكثير من: أَبِي القاسم الحافظ.
وسمع أيضا من: أَبِي المعالي عَلِيّ بْن خلدون، ومن: أَبِي طَالِب
مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن عبدان.
وكان كثير التّلاوة مواظبا عَلَى الصَّلوات فِي جماعة. وعنده مُزاح
ودُعابة.
روى عَنْهُ: الحافظ زكيُّ الدّين البِرْزاليّ مَعَ تقدّمه، وَأَبُو
مُحَمَّد الجزائريّ، وَأَبُو الفضل الإربليّ الذّهبيّ، وَأَبُو الفضل
بْن عساكر، وابن عمّه الفخر، وَأَبُو عَلِيّ بْن الخلّال، والعلاء بْن
البقّال، والخطيب شَرَف الدّين الفَزَاريّ، وآخرون.
وحضر عَلَيْهِ أَبُو المعالي بْن البالِسيّ جميع كتاب «المجالسة»
بسماعه سوى الأوّل والثّامن بفَوْت، والخامس عَلَى ابن عساكر.
__________
[1] انظر عن (عتيق بن أبي الفضل) في: صلة التكملة للحسيني، ورقة 38،
والعبر 5/ 177، وتذكرة الحفاظ 4/ 1432، وسير أعلام النبلاء 23/ 221،
222 رقم 140، وذيل التقييد للفاسي 2/ 163، 164 رقم 1359.
(47/183)
وحضر عليه «الأربعين المساواة» لابن عساكر،
و «مجلس فضل رجب» وهو السّادس بعد الأربعمائة.
وحضر عَلَيْهِ «عوالي» حِسانًا، والأوّل والثّاني من «سباعيّات»
الحافظ، و «جزء» أبي معاذ الشّاه وما معه، و «سداسيّات» الفُرَاويّ،
وغير ذَلِكَ.
تُوُفّي فِي الثّاني والعشرين من ذي القعدة ودُفن بمقبرة باب الفراديس.
213- عثمان بْن حامد.
الفقيه.
تُوُفّي بدمشق فِي جمادى الآخرة.
214- عثمان بْن عَبْد الرَّحْمَن [1] بْن عُثْمَان بن مُوسى بن أبي
نصر.
__________
[1] انظر عن (عثمان بن عبد الرحمن) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 757، 758،
ومفرّج الكروب لابن واصل 5/ 143، وذيل الروضتين 175، 176، ووفيات
الأعيان 2/ 243- 245 رقم 411، وصلة التكملة للحسيني، ورقة 27، وملء
العيبة للفهري 3/ 217، 218، وطبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي،
تحقيق أكرم البوشي وإبراهيم الزيبق، مؤسسة الرسالة، بيروت- ج 4/ 214-
218، والمختصر في أخبار البشر 3/ 174، ونهاية الأرب 29/ 318، والمعين
في طبقات المحدّثين 202 رقم 2136 وفيه: «تقيّ الدين أبو عمرو بن عثمان»
وهذا وهم، وتذكرة الحفاظ 4/ 1430- 1433، وسير أعلام النبلاء 23/ 140-
144 رقم 100، والإشارة إلى وفيات الأعيان 344، والإعلام بوفيات الأعلام
267، والعبر 5/ 177، 178، ودول الإسلام 2/ 112، وبرنامج الوادي آشي
269، وتاريخ ابن الوردي 2/ 175، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 8/ 326-
336 (5/ 137) ، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 41 رقم 730، ومرآة الجنان
4/ 108- 110، وطبقات الشافعية لابن كثير (مخطوط) ورقة 172 أ، ب،
والبداية والنهاية 13/ 167 و 168، 169، وتاريخ علماء بغداد (المنتخب
المختار) لابن رافع، 130- 133، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 444-
446 رقم 414، والوفيات لابن قنفذ 316، 317 رقم 642، وذيل التقييد
للفاسي 2/ 169، 170 رقم 1369، وتاريخ الخميس للدياربكري 2/ 415،
والنجوم الزاهرة 6/ 354، والإعلان بالتوبيخ للسخاوي 602، وطبقات الحفاظ
للسيوطي 499، 500، والأنس الجليل للعليمي 2/ 449، وطبقات المفسّرين
للداوديّ 1/ 377، 378، وكشف الظنون 48، 70، 836، 1100، 1161، 1218،
1219، 1297، 1830، 2008، 2009، ومفتاح السعادة 2/ 60، 61، و 147، 148 و
355، وحاشية البغدادي على شرح بانت سعاد 1/ 471، وشذرات الذهب 5/ 221،
222، وطبقات الشافعية لابن هداية الله
(47/184)
الإِمَام مفتي الإِسْلَام تقيّ الدّين
أَبُو عَمْرو ابن الإِمَام البارع أَبِي القاسم صلاح الدّين النَّصريّ،
الكُرديّ، الشَّهْرَزُوريّ، الشّافعيّ.
وُلِدَ سنة سبْع وسبعين، وتفقّه عَلَى والده الصّلاح بشَهْرَزُور، وكان
والده شيخ تِلْكَ النّاحية، ثُمَّ نقله إلى المَوْصِل فاشتغل بِهَا
مدّة، وبرع فِي المذهب.
قَالَ ابن خَلِّكان فِي «تاريخه» : بَلَغَني أَنَّهُ كرّر عَلَى جميع
«المهذّب» ولم يَطرَّ شاربُه، ثُمَّ ولي الإعادة عَنْهُ العلّامةُ
العمادُ بْن يونس.
قلت: وسمع من: عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن السّمين، ونصر اللَّه
بْن سلامة الهيْتيّ، ومحمود بْن عَلِيّ المَوْصِليّ، وَعَبْد المحسن
ابن خطيب المَوْصِل، وَعَبْد اللَّه بْن أَبِي السّنان بالمَوْصِل.
ورحل وله بضْعٌ وعشرون سنة إلى بغداد، فسمع بِهَا من أَبِي أَحْمَد عبد
الوهّاب ابن سُكَيْنة، وعمر بْن طَبَرْزَد، وبدُبَيْس من: إِسْمَاعِيل
بْن إِبْرَاهِيم الخبّاز، وبهَمَذَان من: أَبِي الفضل بْن المعزّم،
وجماعة.
وبنَيْسابور من: منصور الفُرَاويّ، والمؤيَّد الطُّوسيّ، والقاسم بْن
الصّفّار، وَمُحَمَّد بْن الْحَسَن الصّرام، وَأَبِي المعالي بْن ناصر
الأَنْصَارِيّ، وأبي النّجيب إسماعيل القارئ، وزينب الشّعريّة.
__________
[220،) ] وصلة الخلف للروداني 215 و 245 و 306 و 398، وديوان الإسلام
لابن الغزّي 3/ 214، 215 رقم 1341، والتاج المكلّل للقنوجي 80،
والإشارات إلى أماكن الزيارات للحوراني 37، 38، والزيارات للعدوي 84،
85، وهدية العارفين 1/ 654، وتاريخ الأدب العربيّ 6/ 202- 211، وذيله
1/ 612، والأعلام 4/ 207، ومعجم المؤلّفين 6/ 257، والمستدرك على
المعجم 457، 458، وفهرس مخطوطات الحديث بالظاهرية 65، وفهرس الفقه
الشافعيّ بالظاهرية 163، وفهرس مخطوطات التاريخ بالظاهرية 249- 251،
ومعجم طبقات الحفاظ والمفسّرين 127 رقم 1107.
وانظر مقدّمة كتاب «أدب المفتي والمستفتي» لابن الصلاح بتحقيق الدكتور
محيي هلال السرحان. ومقدّمة كتاب «طبقات الفقهاء الشافعية» له، بتحقيق
محيي الدين علي نجيب- طبعة دار البشائر الإسلامية، بيروت 1413 هـ. /
1992 م.
(47/185)
وبمرو من: أبي المظفر عبد الرحيم بن
السّمعاني، وَمُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل المُوسَوِيّ، وَأَبِي جَعْفَر
مُحَمَّد بْن مُحَمَّد السّنْجيّ، وَمُحَمَّد بْن عُمَر المسعوديّ،
وجماعة.
ودخل الشّام فِي سنة سبْع عشرة أو قبلها فسمع من: الموفّق شيخ
الحنابلة، وزَيْن الأُمَناء، وأخيه المفتي فخر الدّين.
وسمع بحلب من: أَبِي مُحَمَّد ابن الأستاذ.
وقد ورد دمشق قبل ذَلِكَ، وسمع من: القاضي جمال الدّين بْن
الحَرَسْتانيّ.
وسمع بحرّان من: الحافظ عَبْد القادر.
ثُمَّ فِي النّوبة الثّانية درَّس بالقدس بالمدرسة الصّلاحيّة، فلمّا
خرّب المعظَّم أسوار القدس قدِم دمشق ووُليّ تدريس الرّواحيّة.
ووُليّ سنة ثلاثين مشيخة الدّار الأشرفيّة، ثُمَّ تدريس الشّاميّة
الصُّغْرى.
وكان إماما بارعا، حُجّة، متبحِّرًا فِي العلوم الدينيّة، بصيرا
بالمذهب ووجوهه، خبيرا بأُصوله، عارفا بالمذاهب، جيّد المادّة من
اللّغة والعربيّة، حافظا للحديث متفنِّنًا فِيهِ، حَسَن الضَّبْط، كبير
القدْر، وافر الحُرْمة مَعَ ما هُوَ فِيهِ من الدّين والعبادة
والنُّسُك والصّيانة والورع والتَّقْوى. فكان عديم النّظير فِي زمانه.
قَالَ ابن خَلِّكان [1] : كَانَ أحد فُضَلاء عصره فِي التّفسير،
والحديث، والفقه، وله مشاركة فِي فنونٍ عدّة، كانت فتاويه مسدَّدة، وهو
أحد أشياخي الّذين انتفعتُ بهم. وكان من العِلم والدّين عَلَى قَدَمٍ
حَسَن. أقمتُ عنده للاشتغال ولازمته سنة اثنتين وثلاثين. وقد جمعت
فتاويه فِي مجلّدة. وله إشكالات عَلَى «الوسيط» .
__________
[1] وفيات الأعيان 2/ 243، 244.
(47/186)
وقال ابن الحاجب فِي «معجمه» : إمام ورع،
وافر العقلِ، حَسَن السَّمْت، متبحّر فِي الأُصُول والفروع، بالَغَ فِي
الطَّلَب حتّى صار يُضْرب بِهِ فِيهِ المَثَل، وأجهد نفسَه فِي الطّاعة
والعبادة.
قلت: وكان حَسَن الاعتقاد عَلَى مذهب السِّلَف، يرى الكَفَّ عَن
التّأويل، ويؤمن بما جاء عَن اللَّه ورسوله عَلَى مُرادهما. ولا يخوض
ولا يتعمّق.
وفي فتاويه: سُئل عمّن يشتغل بالمنطق والفلسفة فأجاب: الفلسفة أسُّ
السَّفَه والانحلال، ومادّة الحَيْرة والضّلال، ومقال الزَّيْغ
والزَّنْدَقة. ومَن تفلسَفَ عَمِيَتْ بصيرتُه عَن محاسن الشّريعة
المؤيَّدة بالبراهين. ومن تلبَّس بِهَا قارنه الخذْلان والحرمان،
واستحوَذ عَلَيْهِ الشّيطان، وأظلم قلبُه عَن نُبُوَّة محمدٍ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم.
إلى أن قَالَ: واستعمال الاصطلاحات المنطقيّة فِي مباحث الأحكام
الشّرعيّة من المُنْكَرَات المستبشَعَة، والرّقاعات المستَحْدَثَة،
وليس بالأحكام الشّرعيّة، وللَّه الحمد، افتقارٌ إلى المنطق أصلا، وهو
فقاقع قد أغنى اللَّه عَنْهَا كلَّ صحيح الذِّهْن. فالواجب عَلَى
السّلطان، أعزّه اللَّه، أن يَدفع عَن المسلمين شرّ هَؤُلاءِ المشائيم،
ويُخرجهم من المدارس ويُبْعِدهم.
وللشّيخ فتاوٍ هكذا مُسَدَّدة، فرحِمه اللَّه ورضي عَنْهُ.
وكان معظّما فِي النّفوس، حَسَن البِزَّة، كثير الهَيْبة، يتأدَّب معه
السّلطان فمَن دونه [1] .
تفقّه عَلَيْهِ كثيرٌ منهم: الإِمَام شمس الدّين عَبْد الرَّحْمَن بْن
نوح المقدسيّ، والإِمَام شهاب الدّين عَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْمَاعِيل
أَبُو شامة، والإِمَام كمال الدّين سلار، والإِمَام كمال الدّين
إِسْحَاق، والإمام تقيّ الدّين ابن رزين قاضي الدّيار المصريّة،
والعلّامة شمس الدّين ابن خَلِّكان قاضي الشّام.
وروى عَنْهُ: الفخر عُمَر بْن يحيى الكرْجيّ، والمجد يوسف بْن
المِهْتار،
__________
[1] في وفيات الأعيان 2/ 243، 244.
(47/187)
وابنه مُحَمَّد، والتّاج عَبْد الرَّحْمَن
شيخ الشّافعيّة، والجمال أبو بكر محمد بن أحمد الشريشي، والزَّيْن
عَبْد اللَّه بْن مروان مفتي الشّافعيّة، والجمال عَبْد الكافي
الرَّبَعيّ، والشَّرَف أَحْمَد الفَزَاريّ، والشَّرَف أَحْمَد بْن
عساكر، والكمال عَبْد اللَّه بْن قوام، والشّهاب مُحَمَّد بْن
مُشَرَّف، والشَّرَف عُمَر بْن خواجا إمام، والصّدر مُحَمَّد بْن يوسف
الأُرْمَوِيّ، والشّمس مُحَمَّد بْن يوسف الذّهَبيّ، والعماد مُحَمَّد
بْن البالِسيّ، والشَّرف ابن خطيب بيت الآبار، والقاضي أَحْمَد بْن
عَلِيّ الحنبليّ، والشّهاب مُحَمَّد بْن العفيف، وغيرهم.
وانتقل إلى رحمة اللَّه فِي سَحَر يوم الأربعاء الخامس والعشرين من
ربيع الآخر، وحمل على الرّؤوس، وازدحم عَلَيْهِ الخلْق. وكانت عَلَى
جنازته هيبة وخشوع، فَصُلِّيَ عَلَيْهِ بالجامع، وشيّعوه إلى عند باب
الفَرَج، فَصُلِّيَ عَلَيْهِ بداخله ثانية، ورجع النّاس لأجل حصار
البلد بالخَوارَزْميّة، وخرج بِهِ دون العشرة ودفنوه بمقابر
الصُّوفيّة، وقَبْرُه فِي طرفها الغربيّ عَلَى الطّريق ظاهر. وعاش ستّا
وستّين سنة.
215- عقيل بْن نصر اللَّه بْن عقيل بْن المُسَيَّب بْن عَلِيّ بْن
مُحَمَّد.
شَرَفُ الدّين أَبُو طَالِب بْن أَبِي الفِتْيان بْن أَبِي طَالِب بْن
أَبِي الفوارس ابن الرّئيس أبي الحسن ابن الصّوفيّ مُحَمَّد الدّمشقيّ.
من بيت حشمة ورئاسة، وكان إمام مسجد الدّيماس [1] ، وله محفوظات، وفيه
دِين وتزهُّد.
وُلِدَ سنة تسع وستّين، وسمع من: يحيى الثّقفيّ، وابن صدقة الحرّانيّ.
__________
[1] وقال سبط ابن الجوزي: وزارني يوما بتربة حسين على ثورا في أيام
المعظّم وقال: تسأله أن يعطيني مدرسته، وكان المعظّم يكرهه، فما زلت به
حتى استصلحته له، فأخذ ينشدني في ذلك اليوم يقول:
احذر من الواوات أربعة ... فهنّ من الحتوف
واو الوصيّة والوكالة ... والوديعة والوقوف
(ذيل مرآة الزمان) .
(47/188)
روى عنه: ابن الحلوانية، والشيخ تاج الدين،
وأخوه الخطيب شرف الدين، والفخر بن عساكر، والرّكن أحمد الطّاووسيّ،
والشَّرَف مُحَمَّد ابن خطيب بيت الآبار.
وحضورا أَبُو المعالي بْن البالِسيّ.
وَتُوُفّي فِي ربيع الأوّل.
216- عَلِيّ بْن الحسن بْن حمزة.
الغسّانيّ، الصّيداويّ، ثُمَّ الدّمشقيّ.
وسمع: مُحَمَّد بْن الخصيب.
وحدَّث وأجاز.
وَتُوُفّي فِي عاشر ربيع الآخر.
217- عَلِيّ بْن الْحُسَيْن [1] بْن عَلِيّ بْن منصور.
المُسْنِد الصّالح المعمَّر، أَبُو الْحَسَن بْن أَبِي عَبْد اللَّه
بْن المقيّر البغداديّ الأَزَجيّ، الحنبليّ، المقرئ النّجّار، مُسْنِد
الدّيار المصريّة، بل مُسْنِد الوقت.
وُلِدَ ليلة عيد الفِطْر سنة خمسٍ وأربعين.
وأجاز لَهُ أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن الزَّاغُونيّ، ونصر بْن نصر
العُكْبَريّ، وَمُحَمَّد بْن ناصر الحافظ، وسعيد بْن البنّاء، وَأَبُو
الكَرَم الشَّهْرَزُوريّ، وَأَبُو جَعْفَر أَحْمَد بْن مُحَمَّد
العبّاسيّ، وجماعة.
وكان يمكنه السّماع من هَؤُلاءِ، فإنّهم كانوا أحياء في سنة خمسين
وخمسمائة ببلده.
وسمع بنفسه من: شُهْدَة، ومَعْمَر بْن الفاخر، وعبدِ الحقّ اليُوسُفيّ،
وعيسى بْن أَحْمَد الدُّوشابيّ، وَأَحْمَد بْن النّاعم، وَأَبِي عَلِيّ
بْن شِيرُوَيْه، وجماعة.
وهو آخر من روى بالإجازة عن أولئك، وبالسّماع عن ابن الفاخر.
__________
[1] لم يذكره النعيمي في: الدارس.
(47/189)
وحدَّث ببغداد، ودمشق، ومصر، ومكّة. وقدِم
دمشقَ سنة اثنتين وثلاثين فأقام بِهَا سنتين. وحجّ وراح إلى مصر فأقام
بِهَا. وجاور بمكّة أيضا.
وَتُوُفّي بمصر.
قَالَ التّقيُّ عُبَيْد وغيره: كَانَ شيخا صالحا كثير التّهجُّد
والعبادة والتّلاوة، صابرا عَلَى أهل الحديث.
وقال الشّريف عزّ الدّين: كَانَ من عباد اللَّه الصّالحين كثير
التّلاوة، مشتغلا بنفسه.
تُوُفّي ليلة نصف ذي القعدة.
قلت: حمل عَنْهُ أئمّة وحفّاظ. وأنا عَنْهُ: عَبْد المؤمن بْن خَلَف
الحافظ، والضّياء عيسى السّبتيّ، والجلال عَبْد المنعم القاضي، وَأَبُو
علي بن الخلال، وأبو الفضل الذهبي، وأبو الْعَبَّاس بْن مؤمن،
وَمُحَمَّد بْن يوسف الحنبليّ، وعيسى المعاري، والقاضي تقيّ الدّين
سُلَيْمَان، وَأَبُو السُّعُود مُحَمَّد بْن عَبْد الكريم المنذريّ،
وزينب بِنْت القاضي محيي الدّين، والجمال ابن مكرم الكاتب، ومحمد بن
المظفّر الفقيه، وصبيح الصّوابيّ، وبيبرس القيمريّ، وشِهاب بْن عَلِيّ،
وشَرَف الدّين أَبُو الْحَسَن بْن اليُونينيّ، وغيرهم.
وقد انفرد بدمشق عَنْهُ: بهاء الدّين القاسم بْن عساكر بجملةٍ عالية.
وآخر من روى عَنْهُ بالسّماع وبالإجازة يونس الدّبابيسيّ بالقاهرة [1]
.
__________
[1] وقال ابن الصابوني: وكان من عباد الله الصالحين وأوليائه الورعين،
مشتغلا بنفسه، مواظبا على تلاوة كتابه العزيز ودرسه، أثر الصلاح عليه
لائح، وعرف القبول منه فائح. سكن دمشق مدّة سنين، لا يعرفه أحد من
العالمين إلى أن ظهرت له إجازة عالية من الشيوخ المسندين، ووجد سماعه
على جماعة من الأئمّة المتقدّمين، فأخذ الناس عنه، وسمعوا منه،
وتبرّكوا به. ثم سافر عنها قاصدا لبيت الله الحرام. وناويا لزيارة قبر
نبيّه- عليه أفضل الصلاة والسلام- فلما تمّ له ما قصده ونواه، وتحقّق
لديه ثوابه وعقباه، عزم على الدخول إلى الديار المصرية لينشر بها
السّنّة المحمّدية، فأقبل أهلها بوجوههم إليه، وفرحوا بأخذهم عنه
وسماعهم عليه، ولازموه ملازمة الغريم، في النهار الواضح والليل البهيم،
إلى أن دنا أجله ... سمعت منه بحمد الله كثيرا بدمشق ومصر وتبرّكت به،
وانتفعت بصحبته» .
(47/190)
218- عَلِيّ بْن شاهنشاه [1] .
الأديب، أَبُو الْحَسَن.
لَهُ شِعْر كيِّس.
تُوُفّي فِي سابع ذي القعدة. أظنّه مصريّا، رحمه اللَّه تعالى.
219- عَلِيّ بْن عَبْد الرَّحْمَن [2] بْن عَلِيّ بْن أَحْمَد.
أَبُو الْحَسَن الزُّهْريّ، الإشبيليّ.
سَمِعَ «صحيح البخاريّ» من أَبِيهِ. وأخذ القراءات عَن أَبِي بَكْر بْن
صاف. والعربيّة عَن أَبِي إِسْحَاق بْن ملكون.
وولي الخطابة فِي آخر عُمره بجامع العدّبس. وولي قضاء القُضاة فِي
أيّام أَبِي مروان أَحْمَد بْن مُحَمَّد الباجيّ قتيل ابن الأحمر. وقد
حدَّث بيسير، وعُمِّر دهرا.
وتوفّي، رحمه الله، في ربيع الآخر [3] بالأندلس. ذكره الأبّار.
- سيف الدين عليّ بن قليج [4] .
في حرف السّين.
220- عليّ بن محاسن [5] بن عوانة بن شهاب.
القاضي نور الدّولة أبو الحسن النّميريّ الكفربطنانيّ، ويعرف بقاضي
كفربطنا.
__________
[ () ] (تكملة إكمال الإكمال 333 و 338) .
[1] انظر عن (علي بن شاهنشاه) في: الوافي بالوفيات 21/ 152 رقم 98.
[2] انظر عن (علي بن عبد الرحمن) في: تكملة الصلة لابن الأبّار 3/ ورقة
76، و (المطبوع) رقم 1958، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة 5/
1/ 248، 249 رقم 498، وصلة الصلة لابن الزبير 135- 137، وملء العيبة
لابن رشيد الفهري 2/ 133، ومعرفة القراء الكبار 2/ 646 رقم 615، وغاية
النهاية 1/ 548.
[3] ومولده عام 550 هـ.
[4] تقدّمت ترجمته برقم (174) .
[5] انظر عن (علي بن محاسن) في: سير أعلام النبلاء 23/ 146 دون ترجمة.
(47/191)
كان كبير القرية ومحتشمها، وعلى قبره جملون
ومقرئ إلى جانب مسجد أبيه.
حدّث عَن: الخُشُوعيّ.
روى عَنْهُ: الشَّيْخ تاج الدّين عَبْد الرَّحْمَن، وأخوه، وَأَبُو
عَلِيّ بْن الخلّال، وَمُحَمَّد بْن خطيب بيت الآبار.
وحضر عَلَيْهِ أَبُو المعالي بْن البالِسيّ.
تُوُفّي فِي خامس رمضان.
ولأبيه رواية عن الحافظ ابن عساكر. ولابنه مُحَمَّد رواية عَن ابن
اللّتّيّ.
وسمعنا عَلَى بِنْت ابنه ستّ القُضاة سنة بضع عشرة وسبعمائة بإجازة
سِبْط السِّلَفيّ.
221- عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عبد الصّمد [1] .
__________
[1] انظر عن (علي بن محمد بن عبد الصمد) في: معجم الأدباء 15/ 65، 66
رقم 13، ومعجم البلدان 3/ 196، وذيل مرآة الزمان 758، 759، وإنباه
الرواة 2/ 311، 312 رقم 494، وعقود الجمان لابن الشعار 5/ ورقة 10،
وذيل الروضتين 177، ووفيات الأعيان 3/ 340، 341 رقم 456، وتلخيص مجمع
الآداب 4 ق 1/ 604 رقم 880، والمختصر في أخبار البشر 4/ 174، وإشارة
التعيين، ورقة 36، ونهاية الأرب 29/ 319، والمعين في طبقات المحدّثين
202 رقم 2138، وسير أعلام النبلاء 23/ 122- 124 رقم 94، والإشارة إلى
وفيات الأعيان 222، والإعلام بوفيات الأعلام 367، ومعرفة القراء الكبار
631- 635 رقم 596، وتذكرة الحفاظ 4/ 1432، والعبر 5/ 178، ودول الإسلام
2/ 149، والوافي بالوفيات 22/ 64- 66 رقم 17، وتاريخ ابن الوردي 2/
176، وتلخيص ابن مكتوم، ورقة 154، 155، ومرآة الجنان 4/ 110، 111،
وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 141 رقم 958، وطبقات الشافعية الكبرى 5/
126، و (8/ 297، 298) ، والبداية والنهاية 13/ 870، وطبقات الشافعية
لابن كثير (مخطوط) ورقة 172 ب، وتاريخ الخميس 2/ 415، والبلغة في تاريخ
أئمّة اللغة 166، 167، وغاية النهاية 1/ 568- 571 رقم 2318، ونهاية
الغاية، ورقة 165، وطبقات النحاة واللغويين لابن قاضي شهبة، ورقة 183،
وطبقات الشافعية، له 2/ 447، 448 رقم 416، والنجوم الزاهرة 9/ 354،
والبدر السافر، ورقة 24، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 758، وبغية الوعاة 2/
192- 194 رقم 1768، وحسن المحاضرة 1/ 412، 413، وتاريخ الخلفاء 476،
وطبقات المفسّرين للسيوطي 25، 26،
(47/192)
العلّامة عَلَمُ الدّين، أَبُو الْحَسَن
الهَمْدانيّ، السَّخاويّ، المصريّ، شيخ القرّاء بدمشق.
[وُلِدَ] [1] سنة ثمانٍ أو تسع وخمسين وخمسمائة، وسمع بالثّغر من:
السِّلَفيّ، وَأَبِي القاهر بْن عَوْف.
وبمصر من: أَبِي الجيوش عساكر بْن عَلِيّ، وَأَبِي القاسم البُوصِيريّ،
وإسماعيل بْن ياسين، وجماعة.
وبدمشق من: ابن طَبَرْزَد، والكِنْديّ، وحنبل.
وسمع الكثير من الإِمَام أَبِي القاسم الشّاطبيّ، وقرأ عَلَيْهِ
القراءات، وعلى أَبِي الجود غياث بْن فارس، وعلى أَبِي الفضل مُحَمَّد
بْن يوسف الغَزْنَوِيّ.
وبدمشق عَلَى أَبِي اليُمْن الكِنْديّ، قرأ عليهما «بالمبهج» لسِبْط
الخيّاط، ولكن لم يسند عَنْهُمَا القراءات، فرأيتهم يقولون إنّ
الشّاطبيّ قَالَ لَهُ: إذا مضيت إلى الشّام فاقرأ عَلَى الكنْديّ ولا
تَرْوِ عَنْهُ.
وقيل إنّه رَأَى الشّاطبيّ فِي النّوم فنهاه أن يُقْرِئ بغير ما أقرأه.
وكان إماما علّامة، مقرِئًا، محقّقا، مجوّدا، بصيرا بالقراءات
وعِلَلها، ماهرا بِهَا، إماما فِي النَّحو واللّغة، إماما فِي التّفسير
كَانَ يتحقّق بهذه العلوم الثّلاثة ويحكيها. وكان يُفْتي عَلَى مذهب
الشّافعيّ.
تصدّر للإقراء بجامع دمشق، وازدحم عَلَيْهِ الطّلبة وقصدوه من البلاد،
وتنافسوا فِي الأخذ عَنْهُ. وكان ديِّنًا خيِّرًا متواضعا، مطّرحا
للتّكلّف، حلو
__________
[ () ] وطبقات المفسرين للداوديّ 1/ 425- 428، وشذرات الذهب 5/ 222،
223، وخزانة الأدب للبغدادي 2/ 529، وروضات الجنات 492، 493، وديوان
الإسلام 3/ 96، 97 رقم 1177، ومفتاح السعادة 1/ 390، وكشف الظنون 132،
وإيضاح المكنون 1/ 255، وهدية العارفين 1/ 708، والأعلام 4/ 332، ومعجم
المؤلفين 7/ 209، ومعجم طبقات الحفاظ والمفسرين 259 رقم 370، وذيل
التقييد للفاسي 2/ 213 رقم 1461، والقلائد الجوهرية 238.
[1] إضافة على الأصل يقتضيها النص.
(47/193)
المحاضرة، مطبوع النّادرة، حادّ القريحة من
أذكياء بني آدم. وكان وافر الحُرْمة، كبير القدْر، محبَّب [1] إلى
النّاس.
روى الكثير من العوالي والنّوازل، وكان لَيْسَ لَهُ شُغْل إلّا العِلم
والإفادة.
قرأ عَلَيْهِ خلْقٌ كثير إلى الغاية، ولا أعلم أحدا من القرّاء فِي
الدّنيا أكثر أصحابا منه.
ومن مصنَّفاته: «شرح الشّاطبيّة» في مجلّدين، و «شرح الرّائيّة» فِي
مجلّد فِي رسم المُصْحَف، وكتاب «جمال القرّاء وتاج الإقراء» ، وكتاب
«خير الدَّياجيّ فِي تفسير الأحاجي» ، وكتاب «التّفسير» إلى الكهف فِي
أربع مجلَّدات، وكتاب «المفضّل فِي شرح المفصّل» ، وغير ذَلِكَ ممّا لم
يحضرني ذكره.
أقرأ عَنْهُ القراءات: شمسُ الدّين أَبُو الفتح مُحَمَّد بْن عَلِيّ
الأقصاريّ، وشهابُ الدّين أَبُو شامة، وزين الدّين عَبْد السّلام
الزَّوَاديّ، ورشيدُ الدِّين أَبُو بَكْر بْن أَبِي الدُّر المكيني،
وتقيّ الدّين يعقوب الجرائديّ، وجمال الدّين إِبْرَاهِيم الفاضليّ،
ورضيّ الدّين جَعْفَر بْن دَبُوقا الحرّانيّ، وشمس الدّين محمد بن
الدّمياطيّ، ونظام الدّين مُحَمَّد التّبْريزيّ، وشهاب الدّين مُحَمَّد
بْن مُزْهر.
وروى عَنْهُ من شيوخنا الّذين لقِيناهم الشَّيْخ زين الدّين الفارقيّ،
والجمال عبد الواحد ابن كثير النّقيب، وقد قرأ عليه القراءات ونسي،
ورشيد الدّين إسماعيل بن المعلّم وقد قرأ عليه القراءات ونسي، والشّمس
محمد بن قايماز، وقد قرأ عليه القراءات ونسي، رأيت إجازته بالقراءات،
وشرف الدّين أحمد بن إبراهيم الخطيب وقد قرأ عَلَيْهِ لنافع وَأَبِي
عَمْرو، وأقرأ عَنْهُ، وشَرَف الدّين إِبْرَاهِيم بْن أَبِي الْحَسَن
المُخَرّميّ، وقد قرأ عَلَيْهِ ختْمةً، والشّهاب أَحْمَد بْن مروان
التّاجر وقد قرأ القرآن، وعرض عَلَيْهِ الشّاطبيّة، وَأَبُو عَلِيّ بْن
الخلّال، والزَّيْن إِبْرَاهِيم بْن الشّيرازيّ، وَأَبُو المحاسن بْن
الخِرَقيّ وقد قرأ
__________
[1] هكذا في الأصل. والصواب لغة: «محبّبا» .
(47/194)
عليه القرآن وجوّده، وكمال الدّين أحمد بن
العطّار، وإبراهيم بن أخي علاء الدّين ابن النّصير، وزين الدّين أحمد
بن محمود القلانسيّ، وقد قرأ عليه القراءات وترك، والصّدر إِسْمَاعِيل
بْن يوسف بْن مكتوم وقال: قرأت عَلَيْهِ ختْمةً لأبي عَمْرو.
وذكره القاضي ابن خَلَّكان فِي «تاريخه» [1] وقال: رَأَيْته مِرارًا
راكب [2] بهيمة إلى الجبل وحوله اثنان أو ثلاثة يقرءون عَلَيْهِ فِي
أماكن مختلفة دفعة واحدة، وهو يردّ عَلَى الجميع.
قلت: وفي نفسي شيءٌ من صحّة الرّواية عَلَى هذا النَّعْت لأنّه لا
يُتَصَّور أن يسمع مجموع الكلمات، فما جعل اللَّه لرجلٍ من قلبين فِي
جوفه. وأيضا فإنّ مثل هذا الفِعل خلاف السُّنّة، ولا أعلم أحدا من شيوخ
المقرءين كَانَ يترخّص فِي هذا إلّا الشَّيْخ عَلَم الدّين.
وكان رحمه اللَّه أقعد بالعربيّة والقراءات من تاج الدّين الكِنْديّ.
ومحاسنه كثيرة، وفوائده غزيرة.
ومن شِعره:
قَالُوا: غدا نأتي ديارَ الحِمَى ... وينزل الرّكْبُ بمغْناهم
وكلّ من كَانَ مُطِيعًا لهم ... أصبح مسرورا بلُقْياهم
قلت: فلي ذنبٌ فما حِيلَتي ... بأيّ وجهٍ أتلقّاهم؟
قِيلَ: أَلَيس العَفْوُ من شأنهم؟ ... لا سيّما عمّن ترجّاهم [3]
وقد ذكره العماد الكاتب فِي «السّيل والذَّيْل» فَقَالَ: عَلِيّ بْن
السَّخَاويّ، عرض لَهُ قاضي الإسكندريّة عَلَى السّلطان الملك النّاصر
صلاح الدّين هذه القصيدة بظاهر عكّا بالمعسكر المنصور في سنة ستّ
وثمانين وخمسمائة وأثنى على
__________
[1] وفيات الأعيان 3/ 340.
[2] هكذا في الأصل. والصواب لغة: «راكبا» .
[3] في مرآة الجنان 4/ 111 «ممن يرجاهم» .
(47/195)
فضله وأدبه وعِلْمه، وهي:
بين الفؤادين من صَبٍّ ومحبوب ... يظلّ ذو الشّوق فِي شدّ وتقريبِ
صَبْرُ المُتَيَّمِ فِي قُرْب الدّيارِ بِهِ ... أَوْلَى من الصَّبْر
فِي نأْيٍ وتغريبِ
وهي طويلة أورد فيها العماد قطعة فِي مدح السّلطان.
وقد مدح الأديب رشيد الدّين بقصيدته الّتي أوّلها:
فاق الرّشيدُ فأمَّتْ بحرَهُ الأُمَمُ ... وصدّ عَن جَعْفَر وردا لَهُ
أُمَمُ
وبين وفاتيَ المذكورين أكثر من مائة سنة.
قَالَ أَبُو شامة [1] : وفي ثاني عشر جمادى الآخرة تُوُفّي شيخنا
عَلَمُ الدّين علّامة زمانه، وشيخ أوانه بمنزله بالتُّربة الصّالحيّة،
ودُفِن بقاسيون. وكانت عَلَى جنازته هَيْبة وجلالة وأجناب. ومنه
استفدتُ علوما جمّة، كالقراءات، والتّفسير، وفنون العربيّة. وصحِبْتُه
من شعبان سنة أربع عشرة وستّمائة. ومات وهو عنّي راضٍ [2] .
قلت: وكان شيخ الإقراء بالتُّربة المذكورة، وله تصدير وحلقة بجامع
دمشق. وكانت حلقته عند المكان المسمّى بقبر زكريّا مكان الشَّيْخ عَلَم
الدّين البِرْزاليّ الحافظ.
222- عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن كامل بْن أَحْمَد بْن أسد.
__________
[1] في ذيل الروضتين 177.
[2] وقال ياقوت الحموي: كان مبدؤه الاشتغال بالفقه على مذهب مالك بمصر،
ثم انتقل إلى مذهب الشافعيّ، وسكن بمسجد بالقرافة يؤمّ فيه مدّة طويلة،
فلما وصل الشيخ أبو القاسم الشاطبي إلى تلك الديار واشتهر أمره لازمه
مدّة وقرأ عليه القرآن بالروايات، وتلقّن منه قصيدته المشهورة في
القراءات، وكان يعلّم أولاد الأمير ابن موسك، وانتقل معه إلى دمشق،
واشتهر بها بعلم القرآن، وعاود قراءة القرآن على تاج الدين أبي اليمن
الكندي ولازمه، وقرأ عليه جملة وافرة من سماعاته في الأدب وغيره، وصار
له حلقة بالجامع بدمشق، وتردّد إليه الناس للتأدّب وشرع في التصنيف،..
وكتبت هذه الترجمة في سنة تسع عشرة وستمائة وهو بدمشق كهل يحيا. (معجم
الأدباء) .
(47/196)
أَبُو الْحَسَن بْن الشَّيْخ أَبِي المحاسن
التُّنُوخيّ، الدّمشقيّ.
وُلِدَ سنة ثمانٍ وسبعين.
وسمع من: الخشوعيّ، ومن: أبيه.
روى عنه: المجد ابن الحلوانية وغيره.
وحدثنا عنه: محمد بن يوسف الذّهبيّ، وَمُحَمَّد ابن خطيب بيت الآبار،
وإبراهيم بْن صَدَقة المُخَرّميّ.
وَتُوُفّي فِي رمضان.
223- عَلِيّ بْن ( ... ) [1] .
الدّمشقيّ الحنفيّ.
عُرِف بابن الحجّة.
224- عَلِيّ بْن مجاهد بْن شِبْل.
أَبُو موسى الأَنْصَارِيّ، السُّوَيْديّ، الشُّرُوطيّ.
بدمشق.
سَمِعَ الكثير بنفسه وكتب الطِّباق عَلَى الخُشُوعيّ، والقاسم بْن
عساكر، والضّياء الدَّوْلَعيّ، وَعَبْد اللّطيف بْن أَبِي سعد، وابن
طَبَرْزَد.
روى عَنْهُ: الشَّيْخ تاج الدّين عَبْد الرَّحْمَن، وأخوه، والزّين
إِبْرَاهِيم بْن الشّيرازيّ، وَمُحَمَّد ابن خطيب بيت الآبار، وآخرون.
وَتُوُفّي فِي ربيع الآخر.
روى عنه بالإجازة البهاء ابن عساكر.
225- عُمَر بْن نصر اللَّه بْن مُحَمَّد بْن محفوظ بْن صَصْرَى.
أَبُو حفص التّغلِبيّ، الدّمشقيّ، الْجُنْديّ.
سَمِعَ: القاضي أَبَا سعد بْن عصرون، وأحمد بن الموازينيّ، وبركات
الخشوعيّ.
__________
[1] بياض في الأصل.
(47/197)
روى عَنْهُ: الشَّيْخ تاج الدّين وأخوه
شَرَفُ الدّين الخطيب، وَأَبُو عَلِيّ بْن الخلّال، وَمُحَمَّد ابن
خطيب بيت الآبار، وآخرون.
وَتُوُفّي فِي ربيع الآخر.
روى عنه بالإجازة: البهاء ابن عساكر.
226- عُمَر بْن أَبِي بَكْر [1] بْن جَعْفَر.
الفقيه الصّالح، علاء الدّين الكُرديّ.
تُوُفّي بدمشق. ذكره أَبُو شامة هكذا.
227- عيسى بْن حامد بْن عَلِيّ [2] .
الدّارانيّ.
سَمِعَ من: الحافظ أَبِي القاسم.
كتب عَنْهُ الطَّلَبة وحضر عَلَيْهِ من شيوخنا العماد بْن البالِسيّ.
وَتُوُفّي فِي هذه السّنة.
- حرف الفاء-
228- فاطمة بِنْت الشَّيْخ موفّق الدّين بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد
بْن مُحَمَّد بْن قُدَامة.
تُوُفّيت عَن نيِّفٍ وخمسين سنة.
وروى عَنْهَا القاضي بإجازتها من ابن القزّاز ومن السِّلَفيّ. وما
كأنّها أدركَتْ ذَلِكَ.
229- فاطمة بِنْت القاضي محيي الدّين أَبِي المعالي مُحَمَّد بْن
عَلِيّ بْن مُحَمَّد القُرَشيّ.
من بيت فضل وحشمة.
__________
[1] انظر عن (عمر بن أبي بكر) في: ذيل الروضتين 177.
[2] انظر عن (عيسى بن حامد) في: سير أعلام النبلاء 23/ 146 دون ترجمة.
(47/198)
تُوُفّيت فِي ربيع الآخر. وقد روت عَن
أبيها.
230- الفتح بْن عَلِيّ بْن الفتح [1] .
الأديب قوام الدّين أَبُو إِبْرَاهِيم البُنْداريّ الأصبهانيّ، الكاتب
الشّاعر.
نزيل دمشق.
سَمِعَ الكثير، وكتبوا عَنْهُ من نظْمه. وله مديحٌ فِي الشَّيْخ
الموفَّق.
تُوُفّي فِي سابع ربيع الأوّل. وقد كتب فِي الإجازات.
231- الفضل بْن سالم [2] بْن مرشد.
أَبُو البَرَكات التّنُوخيّ المَعَرّيّ، الكاتب صاحب الإنشاء
والتَّرسُّل لصاحب حماة.
روى عَن: أَبِيهِ، وعن: مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن المهذّب.
وكان ذا حظوة وتقدُّم عند مخدومه.
تُوُفّي بحماة فِي العشرين من جمادى الأولى. وله شِعْر جيّد.
232- الفضل بْن نبا [3] بْن أَبِي المجد الفضل بْن الْحَسَن بْن
إِبْرَاهِيم.
أَبُو المجد ابن البانياسيّ الحِمْيرَيّ، الدّمشقيّ.
وُلِدَ بحلب سنة ثلاثٍ وثمانين.
وسمع من: جدّه لأمّه الحافظ البهاء قاسم بْن عساكر، وَأَبِي طاهر
الخُشُوعيّ.
وكان فصيحا أديبا شاعرا، لكنّه تُكُلِّم فِي دِينه وعقيدته، فاللَّه
أعلم.
تُوُفّي بدمشق فِي تاسع رجب.
233- الفلك المسيريّ [4] .
__________
[1] انظر عن (الفتح بن علي) في: ذيل الروضتين 175.
[2] انظر عن (الفضل بن سالم) في: الوافي بالوفيات 24/ 42 رقم 36.
[3] انظر عن (الفضل بن نبا) في: تكملة الإكمال لابن نقطة 1/ 544 رقم
973. والوافي بالوفيات 24/ 66 رقم 67.
[4] انظر عن (الفلك المسيري) في: مفرّج الكروب لابن واصل 5/ 129، ومرآة
الزمان ج 8
(47/199)
أَبُو زَبْر، واسمه عَبْد الرَّحْمَن بْن
هبة اللَّه.
كَانَ صدْرًا كبيرا محتشما، وافر الحُرمة، ظاهر النّعمة، كثير التِّيه
والصَّلَف.
قَالَ سعد الدّين ابن الشَّيْخ فِي «تاريخه» إنّ الملك الأشرف رسم
عَلَى الفَلَك واحتاط عَلَى موجودة فِي سنة أربعٍ وثلاثين، لكونه نُقِل
إِلَيْهِ أَنَّهُ كاتَبَ أخاه الكامل.
قَالَ: وكان لَهُ حظٌّ عند الأشرف مَعَ أَنَّهُ كَانَ يستجهله. كنت عند
الأشرف يوما فخرج الفلك لشُغُلٍ وعاد، فَقَالَ: أَيْنَ كنت يا مَلَكُ؟
قَالَ: يا مولانا سيّرت الدّوابّ إلى الإصطَبل. فَقَالَ: عجبٌ ما
رُحْتَ معها! يعني أَنَّهُ من الدّوابّ.
- حرف القاف-
234- قَيْسُ بْن إِبْرَاهِيم.
الحلبيّ الشّاعر.
تُوُفّي فِي المحرَّم.
- حرف الكاف-
235- كَيْخِسْرُو بْن قَيْقَبَاذ [1] بن كيخسرو.
__________
[ () ] ق 2/ 756، وتلخيص مجمع الآداب 4 ق 3/ 487، ونهاية الأرب 29/
318، وتاريخ إربل لابن المستوفي 1/ 242، والمختار من تاريخ ابن الجزري
201، وسير أعلام النبلاء 23/ 146 دون ترجمة، والمشتبه 2/ 493، والبداية
والنهاية 13/ 145، وتوضيح المشتبه 8/ 136.
و «المسيري» : بفتح الميم: وكسر السين المهملة، تليها مثنّاة تحت
ساكنة، ثم راء. نسبة إلى قرية المسير. (توضيح المشتبه 8/ 175) .
[1] انظر عن (كيخسرو بن قيقباذ) في: مفرّج الكروب 5/ 324- 327، وتاريخ
مختصر الدول لابن العبري 437- 439 و 440 و 447، والحوادث الجامعة 103،
وتلخيص مجمع الآداب ج 4 ق 2/ 1203، والوافي بالوفيات 24/ 379 رقم 435،
والعسجد المسبوك 2/ 540، وصبح الأعشى 5/ 36.
(47/200)
السّلْجُوقيّ، صاحب الرّوم.
تسلطن بعد أَبِيهِ وهو شابٌّ فلعب. وقصد فرقة من التّتار أَرْزَن
الرّوم فحاصروها، وأخذوا منها أموالا جَمَّة، ثُمَّ نازَلُوا بعضَ
بلاده، فجمع وحشد وسار إليهم، فهزموه وأُسِرت أمّه. وبعد انهزامه ولي
السّلطنة ابنٌ لَهُ عمره سبْعُ سنين.
مات كَيْخِسْرُو فِي هذه السّنة [1] عَلَى ما ورَّخه ابن السّاعي.
- حرف اللام-
236- لؤلؤ.
الحارميّ الأصل، وحارِم من أعمال حلب، المصريّ.
سَمِعَ مَعَ مولاه نصر بْن مُحَمَّد بْن أَبِي الفتون النَّحْويّ من:
أَبِي القاسم البُوصيريّ، والأَرْتاحيّ.
تُوُفّي بالقاهرة يوم الفِطْر.
- حرف الميم-
237- مُحَمَّد بْن تاج الأُمَنَاء [2] أَبِي الفضل أَحْمَد بْن
مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن هبة اللَّه بْن عساكر.
الرّئيس العالم النّسّابة عزّ الدّين أَبُو عَبْد اللَّه الدّمشقيّ.
ولد سنة خمس وستّين وخمسمائة.
وسمع من: الحافظ أَبِي القاسم عمّ والده، ومن: أبي المعالي بن صابر،
__________
[1] ورّخ ابن العبري وفاته بسنة 642 هـ.
[2] انظر عن (محمد بن تاج الأمناء) في: صلة التكملة للحسيني، ورقة 28،
وذيل الروضتين 176، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 177، 178،
والإشارة إلى وفيات الأعيان 345، والإعلام بوفيات الأعلام 267، وسير
أعلام النبلاء 23/ 216، 217 رقم 134، والعبر 5/ 179، وتذكرة الحفاظ 4/
1432، والعسجد المسبوك 2/ 541، والنجوم الزاهرة 6/ 355، وشذرات الذهب
5/ 226.
(47/201)
وَعَبْد الصَّمَد بْن سعد النّسويّ،
وَأَبِي الفهم عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي العجائز، وَأَبِي طَالِب
الخضر بْن طاوس، وجماعة.
روى عَنْهُ خلْق منهم: العلّامة تاج الدّين عَبْد الرَّحْمَن، وأخوه،
ورشيد الدّين إِسْمَاعِيل بْن المعلّم، والبدر بْن الخلّال، والفخر بن
عساكر، وكماد الدّين بْن العطّار، والنَّجْم عَبْد العالي الشُّرُوطيّ،
والبهاء بْن عساكر، والزَّيْن إِبْرَاهِيم بْن الشّيرازيّ.
وكان رئيسا عالِمًا متجمّلا، يركب البغْلة ويلبس البِزّة الحَسَنة. وله
«تاريخ» عَلَى الحوادث فِيهِ الدُّرّة والبَعْرة وأشياء باردة، ولم
يُظْهره الرّجل، وإنّما هُوَ تعاليق فِي جريدة، ويسمّى «موائمة
النّسابة» .
تُوُفّي فِي ثالث جمادى الأولى، وله نظْمٌ حَسَن.
238- مُحَمَّد بْن أَبِي جَعْفَر [1] أَحْمَد بْن عَلِيّ.
الإِمَام المحدّث تاج الدّين أَبُو الْحَسَن الفَرَضيّ، إمام الكلّاسة
وابن إمامها.
وُلِدَ في أوّل سنة خمس وسبعين وخمسمائة بدمشق. وحجّ بِهِ أَبُوهُ سنة
تسعٍ فسمع فِي أواخر الخامسة من: عَبْد المنعم بْن عَبْد اللَّه
الفُرَاويّ «سُباعيّاته» الأربعين.
ومن: عَبْد الوهّاب ابن سُكَيْنَة، وَأَبِي يَعْلى مُحَمَّد بْن
المطهَّر الفاطميّ، وَأَبِي غالب زهير شعرانة بمكّة.
وسمع بدمشق بعد ذَلِكَ من: أَبِي سعد بْن أَبِي عَصْرون، وَأَحْمَد بْن
حمزة بْن المَوَازينيّ، والفضل بْن البانياسيّ، ويحيى الثَقفيّ،
والتّاج مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن المسعوديّ، وابن صَدَقَة
الحرّانيّ، وطائفة سواهم.
__________
[1] انظر عن (محمد بن أبي جعفر) في: ذيل الروضتين 176، والإعلام بوفيات
الأعلام 268، والإشارة إلى وفيات الأعيان 345، وتذكرة الحفاظ 4/ 1432،
والمعين في طبقات المحدّثين 202 رقم 2140، والعبر 5/ 179، وسير أعلام
النبلاء 23/ 146 دون ترجمة، والوافي بالوفيات 1/ 118 رقم 460، وشذرات
الذهب 5/ 226.
(47/202)
ثُمَّ أقبل فِي آخر عُمره عَلَى الحديث
إقبالا كُلّيًّا، ونسخ الكثير، وقرأ عَلَى الشّيوخ، ومشى مَعَ
الطَّلَبة.
وكان ثقة، خيِّرًا، فاضلا، صالحا، مُحَبَّبًا إلى النّاس.
وروى الكثير.
حدَّث عَنْهُ: الحافظ أَبُو عَبْد اللَّه الإشبيليّ مَعَ تقدُّمه،
وشَرَفُ الدّين النّابلسيّ، وَالشَّيْخ تاج الدّين، وأخوه، وَأَبُو
المحاسن بْن الحَرَميّ، وَأَبُو عَبْد اللَّه الدِّمياطيّ، والمفتي
زَين الدّين الفارقيّ، وَأَبُو عَلِيّ بْن الخلّال، وَالشَّيْخ
مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الكنْجيّ، وخلق سواهم.
وبالحضور: العماد بْن البالِسيّ، وغيره.
وقد سافر فِي شبيبته إلى اليمن والهند، وتغرَّب مدّة.
تُوُفّي إلى رحمة اللَّه في خامس جمادى الأولى بدمشق. وكانت لَهُ جنازة
حفِلة، وحُمِل نعشه على الرّؤوس، ودُفِن بسفح قاسيون عند أَبِيهِ.
239- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن سالم بْن أَبِي عَبْد اللَّه.
أَبُو عَبْد اللَّه المقدسيّ، المعروف بالبدر، النّاسخ. من أهل جبل
الصّالحية.
وكان أَبُوهُ من الصّالحين.
ولد هذا سنة تسع وسبعين وخمسمائة.
وسمع من: يوسف بْن معالي، والخُشُوعيّ، وابن طَبَرْزَد.
رَوَى عَنْهُ جماعة.
وكان مليح الخطّ، كريم النّفس.
تُوُفّي فِي الخامس والعشرين من رجب.
240- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن زُهَير [1] .
الدَّارانيّ.
__________
[1] انظر عن (محمد بن أحمد بن زهير) في: سير أعلام النبلاء 23/ 146 دون
ترجمة.
(47/203)
سمع بداريّا من الحافظ ابن عساكر «تاريخ
دارَيّا» .
روى عَنْهُ: أَبُو عَلِيّ بْن الخلّال، وَأَبُو المحاسن بْن أَبِي
الحَرَم بن الحرميّ، وجماعة.
وبالإجازة: أبو المعالي ابن البالِسيّ، وغيره.
241- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن دَاوُد [1] .
أَبُو عَبْد اللَّه التُّونسيّ.
قدِم مصر، وسمع من البُوصِيريّ.
وبدمشق من: ابن طَبَرْزَد، والكِنْديّ.
وَتُوُفّي بمصر فِي ذي الحجّة وله سبعون سنة.
242- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم [2] بْن عَبْد الملك.
أَبُو عَبْد اللَّه الأَزْديّ القارحيّ، الأندلسيّ، من أهل قيجاطة.
قَالَ ابن الزُّبَيْر: يُعرف بابن القُرَشيّة.
قلت: أخذ القراءات ببلده عَن: أَبِي عَبْد اللَّه بْن يربوع، وقيَّد
عَلَيْهِ كتب العربيّة وسمع منه. ثُمَّ حجَّ.
وسمع بالقاهرة من: أبي عبد الله محمد بن عمر القُرْطُبيّ، وذكر أَنَّهُ
لقي عَلِيّ بْن مُحَمَّد التُّجِيبيّ فأخذ عَنْهُ القراءات تلاوة،
وكتاب «التّيسير» . وحدَّثه بذلك عَن المعمّر سُلَيْمَان بْن طاهر، عَن
أَبِي عَمْرو الدّانيّ. وحدَّثه أيضا عَن أَبِي إِسْحَاق المجتقونيّ،
عَن أَبِي عَمْرو.
قَالَ الأبّار: وفي هذا كلّه نَظَر.
وأخذ بدمشق عَن الخُشُوعيّ، والقاسم بْن عساكر.
ورجع فأخذ القراءات عن أبي جعفر الحصّار.
__________
[1] انظر عن (محمد بن أحمد بن داود) في: المقفّى الكبير للمقريزي 6/
170 رقم 1718.
[2] انظر عن (محمد بن إبراهيم) في: تكملة الصلة لابن الأبّار 2/ 656،
والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة 6/ 97، 98، ومعرفة القراء
الكبار 2/ 645، 646 رقم 614، وغاية النهاية 2/ 45، والمقفى الكبير
للمقريزي 6/ 107 رقم 1651.
(47/204)
وأقرأ بمُرْسِية وحدَّث بيسير. وَتُوُفّي
فِي المحرَّم.
243- مُحَمَّد بْن تميم [1] بْن أَحْمَد بْن أَحْمَد بن كرم.
أبو القاسم ابن البَنْدَنِيجيُّ البغداديّ، المعدّل.
سَمِعَ من: يونس، وَعَبْد المنعم بْن كُلَيْب، وَمُحَمَّد بْن حَيْدرَة
العَلَويّ، وأبا الفتح المَنْدَائيّ.
سَمِعَ بإفادة أَبِيهِ، فإنّ مولده فِي حدود الخمس والثّمانين، وكان من
أعيان البغادِدَة وكُفَلائهم.
روى عَنْهُ: أَبُو المعالي الأَبْرقُوهيّ، وغيره.
وكتب عَنْهُ: ابن الحاجب، والطّلبة.
توفي في ذي القعدة.
244- محمد بن الحسن بْن إِسْمَاعِيل بْن مظفَّر بْن الفُرات.
الإسكندرانيّ، أَبُو عَبْد اللَّه.
روى عَن: عَبْد الرَّحْمَن بْن مُوقا.
حدَّث عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّد الدّمياطيّ، وغيره.
وكان من عدول الإسكندريّة.
تُوُفّي فِي صفر، رحمه اللَّه تعالى.
245- مُحَمَّد بْن سَعِيد [2] بْن أَبِي البقاء الموفّق بْن عَلِيّ.
أَبُو بَكْر بْن الخازن النَّيْسابوريّ، ثُمَّ البغداديّ، الصّوفيّ.
مسند بغداد.
__________
[1] انظر عن (محمد بن تميم) في: سير أعلام النبلاء 23/ 146 دون ترجمة.
[2] انظر عن (محمد بن سعيد) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن
الدبيثي 1/ 283، 284 رقم 292، وصلة التكملة للحسيني، ورقة 38، 39،
والمعين في طبقات المحدّثين 203 رقم 2141، وتذكرة الحفاظ 4/ 1432، وسير
أعلام النبلاء 23/ 124، 125 رقم 95، والإشارة إلى وفيات الأعيان 346،
والإعلام بوفيات الأعلام 268، والعبر 5/ 179 وفيه:
«محمد بن سعد» ، والنجوم الزاهرة 6/ 355، وشذرات الذهب 5/ 226.
(47/205)
وُلِدَ فِي صفر سنة ستٍّ وخمسين.
وسمع: أَبَا زُرْعَة المقدسيّ، وأبا بَكْر أَحْمَد بْن المقرّب، وشهدة،
وأبا العلاء بن عقيل، وجماعة.
روى عَنْهُ: مجد الدّين عَبْد الرَّحْمَن بْن العديم، وفتاه بَيْبَرس،
وعزّ الدّين أَحْمَد الفاروثيّ، وعلاء الدّين عَلِيّ بْن بَلَبَان،
ورشيد الدّين مُحَمَّد بْن أَبِي القاسم، وتقيّ الدّين إِبْرَاهِيم بْن
الواسطيّ، وشمس الدّين عَبْد الرَّحْمَن بْن الزَّيْن، ومحيي الدّين
مُحَمَّد بْن النّحّاس الحنفيّ، وابن عمّه بهاء الدّين أيّوب، ورُكن
الدّين أحمد الطّاووسيّ، وجمال الدّين مُحَمَّد بْن أَحْمَد
الشَّرَيْشيّ، وتاج الدّين عَلِيّ الغرّافيّ، وخلْق سواهم.
وكان صيِّنًا متديِّنًا، حَسَن السِّمْت. من أعيان الصُّوفيّة.
كتب عَنْهُ الكبار مثل الدُّبيثيّ، وابن النّجّار. وقد أجاز للبهاء ابن
عساكر، وابن الشّيرازيّ، وسعد الدّين، والمُطْعم، والبجديّ، وهديّة
بِنْت مؤمن، وبنت الواسطيّ، وبنت المحبّ، وخلْق.
وتُوُفيّ فِي السابع والعشرين من ذي الحجَّة ببَغْدَاد.
246- مُحَمَّد بْن شيبان بْن ثعلب الصّالحيّ.
أخو المُسْنِد المعمَّر أَحْمَد.
تُوُفّي فِي جمادى الأولى. وما كأنّه حدَّث.
247- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الحافظ عَبْد الغنيّ.
أخو الإِمَام الشَّرَف حسن.
تُوُفّي شابّا فِي جُمَادَى الأولى.
248- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي الفتح بْن مطيع الدّولة.
الدّمشقيّ الحنفيّ.
تُوُفّي فِي شعبان وله ثمانون سنة.
(47/206)
249- مُحَمَّد بْن القاضي شَرَف الدّين [1]
عَبْد اللَّه بْن زين القُضاة عَبْد الرَّحْمَن بْن سلطان.
شَرَفُ الدّين القُرَشيّ.
تُوُفّي فِي رمضان بدمشق.
250- مُحَمَّد بْن البهاء [2] عَبْد الرَّحْمَن بْن إِبْرَاهِيم.
الفقيه تقيّ الدّين، أَبُو الرِّضا المقدسيّ.
ولد سنة تسع وسبعين وخمسمائة.
وسمع من: إِسْمَاعِيل الْجَنْزويّ، وَعَبْد الرَّحْمَن بْن عَلِيّ
الخِرَقيّ، والخُشُوعيّ، وجماعة.
وسفّره أَبُوهُ مَعَ الشَّيْخ الضّياء وأقاربه إلى مصر فسمع من:
البُوصِيريّ، والأرتاحيّ، وجماعة.
وسمع ببغداد من: أَبِي الفَرَج بْن الْجَوْزيّ، وأصحاب ابن الحُصَيْن.
وكان فقيها فاضلا، سليم الباطن، كثير السُّكُوت.
روى عَنْهُ: أَبُو عَلِيّ بْن الخلّال، وَأَبُو بَكْر الدّشْتيّ،
وجماعة.
وَتُوُفّي فِي سلْخ شعبان.
251- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ [3] بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن
عَبْد الرَّحْمَن بْن الجبّاب.
العَدْل ظهير الدّين، أَبُو إِبْرَاهِيم التّميميّ، السَّعديّ،
الإسكندرانيّ، المالكيّ.
من بيت رواية وشهرة.
وُلِدَ سنة خمسٍ وخمسين وخمسمائة.
__________
[1] انظر عن (محمد ابن القاضي شرف الدين) في: ذيل الروضتين 177، 178.
[2] انظر عن (محمد بن البهاء) في: صلة التكملة للحسيني، ورقة 34 وفيه
اسمه: «محمود» .
[3] انظر عن (محمد بن عبد الرحمن) في: صلة التكملة للحسيني، ورقة 23،
وسير أعلام النبلاء 23/ 222 رقم 141، وتذكرة الحفاظ 4/ 1432.
(47/207)
وسمع من: السِّلَفيّ، وَأَبِي مُحَمَّد
العثمانيّ، وغيرهما.
روى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّد الدِّمياطيّ، والتَّقيُّ عُبَيد
الإِسْعَرْديّ، والضّياء عيسى السَّبْتيّ، ونصر اللَّه بْن عيّاش
الصّالحيّ، وغيرهم.
وسمع من السِّلَفيّ كتاب «الطّبقات» لمسلم، والأوّل من انتخاب
السِّلَفيّ عَلَى السرّاج، ومُقَطَّعات من شِعر المتنبّي، وجزء الجمال،
وغير ذَلِكَ.
ومات فِي خامس المحرَّم.
252- مُحَمَّد بْن عَبْد العظيم [1] بْن عَبْد القويّ.
الحافظ المتقن، رشيد الدّين، أَبُو بَكْر بْن الحافظ الكبير زكيّ
الدّين المنذريّ.
وُلِدَ سنة ثلاث عشرة وستّمائة فِي رمضان.
وسمّعه أَبُوهُ الكثير من عَبْد القويّ بْن الجبّاب، وَأَبِي طَالِب
بْن حديد، والفخر الفارسيّ، وأصحاب السِّلَفيّ.
ثُمَّ أكبَّ عَلَى الطَّلب بنفسه بعد الثّلاثين، ورحل وسمع بدمشق وحلب.
وكان ذكيّا فطِنًا حافظا.
روى عَنْهُ: رفيقه الحافظ أَبُو مُحَمَّد الدّمياطيّ.
وَتُوُفّي إلى رحمة اللَّه شابّا فِي ذي القعدة. وصَبَرَ أَبُوهُ
واحتسبه.
253- مُحَمَّد بْن عَبْد الْوَاحِدِ [2] بْن أَحْمَد بْن عَبْد
الرَّحْمَن بْن إسماعيل.
__________
[1] انظر عن (محمد بن عبد العظيم) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ رقم
1488 ضمن الترجمة، وصلة التكملة للحسيني، ورقة 38، وسير أعلام النبلاء
23/ 218، 219 رقم 136، والمغرب في حلى المغرب 1/ 257- 267، والوافي
بالوفيات 3/ 264، 265 رقم 1303، والعسجد المسبوك 2/ 541، والمقفّى
الكبير للمقريزي 6/ 91 رقم 2523.
[2] انظر عن (محمد بن عبد الواحد) في: ذيل الروضتين 177، وصلة التكملة
للحسيني، ورقة 33، والمعين في طبقات المحدّثين 203 رقم 2142، والإشارة
إلى وفيات الأعيان 345، والإعلام بوفيات الأعلام 268، ودول الإسلام 2/
146، والعبر 5/ 179، 180، وسير أعلام النبلاء 23/ 126- 130 رقم 97،
وتذكرة الحفاظ 4/ 1405، 1406 رقم 1129،
(47/208)
الحافظ الحُجّة الإِمَام ضياء الدّين،
أَبُو عَبْد اللَّه السّعديّ، المقدسيّ، ثُمَّ الدمشقيّ الصّالحيّ،
صاحب التَّصانيف النّافعة.
وُلِدَ بالدّير المبارك فِي سنة تسع وستّين وخمسمائة.
وسمع من: أَبِي المعالي بْن صابر، وَمُحَمَّد بْن أَبِي الصَّقْر،
وَأَبِي المجد الفضل بْن الْحُسَيْن البانياسيّ، وَأَبِي الْحُسَيْن
أَحْمَد بْن الموازينيّ، والخضِر بْن طاوس، ويحيى الثّقَفيّ، وَأَبِي
الفتح عُمَر بْن عَلِيّ الْجُوينيّ، وابن صَدَقَة الحرّانيّ، وإسماعيل
الجنزويّ، وخلْق.
ولزِم الحافظ عَبْد الغنيّ وتخرَّج بِهِ، وحفظ القرآن، وتفقَّه.
ورحل أوّلا إلى مصر سنة خمسٍ وسبعين، فسمع: أَبَا القاسم البُوصِيرِيّ،
وإسماعيل بْن ياسين، والأرتاحيّ، وبنت سعد الخير، وعليّ بْن حمزة،
وجماعة.
ورحل إلى بغداد بعد موت ابن كُلَيْب، فلهذا روى عَن أصحابه، وفاته
الأخْذ عنه.
وقد أجاز له ابن كليب ومن هو أكبر من ابن كليب كشهدة، والسّلفيّ.
فسمع من: المبارك بن المعطوش، وهو أكبر شيخ له ببغداد، وأبي الفرج بن
الجوزيّ، وعبد الله بن أبي المجد، والبقاء بن حيّد، وعبد الله بن أبي
الفضل بن مزروع، وعبد الرحمن بن محمد ابن ملّاح الشّط، وطائفة من أصحاب
__________
[ () ] والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 236- 240 رقم 345، ومختصره 71،
والوافي بالوفيات 4/ 65، 66 رقم 1515، وفوات الوفيات 3/ 426، 427 رقم
477، والبداية والنهاية 13/ 169، 170، والمنهج الأحمد 379، ذيل التقييد
للفاسي 1/ 170 رقم 300، والمقصد الأرشد، رقم 996، والمقفّى الكبير
للمقريزي 6/ 150 رقم 2613، والنجوم الزاهرة 6/ 354، والدرّ المنضّد 1/
384، 385 رقم 1061، وشذرات الذهب 5/ 224، وكشف الظنون 22، 1274، 1277،
1298، 1468، 1624، 1889، 2013، إيضاح المكنون 2/ 33، 69، القلائد
الجوهرية لابن طولون 1/ 76- 79، والدارس في تاريخ المدارس للنعيمي 2/
91- 96، وفهرس مخطوطات الظاهرية ليوسف العش 6/ 175، 267، 268، 285،
وديوان الإسلام 3/ 217، 218 رقم 1343، وذيل تاريخ الأدب العربيّ 1/
690، والأعلام 6/ 255، ومعجم المؤلّفين 10/ 263.
(47/209)
قاضي المرستان، وابن الحصين.
وعرض القرآن على عبد الواحد بن سلطان.
ثمّ دخل أصبهان بعد موت أبي المكارم بن اللّبّان، وسمع من: أَبِي
جَعْفَر الصَّيْدلانيّ، وَأَبِي [1] القاسم عَبْد الواحد
الصَّيْدلانيّ، وخَلَف بْن أَحْمَد الفرّاء، والمفتي أسعد بْن محمود
العِجْليّ، وَأَبِي الفَخْر سعد بْن سَعِيد بْن رَوْح، وأسعد بْن
أَحْمَد الثّقفيّ الضّرير، وإدريس ابن مُحَمَّد السّاوالوَيْه، وزاهر
بْن أَحْمَد الثّقفيّ، وهو أخو أسعد، والمؤيَّد ابن الإخوة، وعفيفة
الفارقانيّة، وَأَبِي زُرْعة عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد اللّفْتُوانيّ،
وخلْق سواهم.
وبهَمَذان من: عَبْد الباقي بْن عثمان بْن صالح، وجماعة.
ورجع إلى دمشق بعد السّتّمائة، ثُمَّ رحل إلى أصبهان ثانيا فأكثر بِهَا
وتزيَّد، وحصّل شيئا كثيرا من المسانيد والأجزاء. ورحل منها إلى
نَيْسابور فدخلها ليلة وفاة منصور الفُرَاويّ، فسمع من المؤيَّد
الطُّوسيّ، وزينب الشِّعْريّة، والقاسم الصّفّار.
ورحل إلى هراة فأكثر بها عن أَبِي رَوْح عَبْد المعزّ، وجماعة.
ورحل إلى مَرْو فأقام بِهَا نحوا من سنتين. وأكثر بِهَا عَن: أَبِي
المظفَّر بْن السّمعانيّ، وجماعة.
وسمع بحلب، وحرّان، والموصل. وقدِم دمشقَ بعد خمسة أعوام بعلمٍ كثير
وكُتُب أُصُولٍ نفيسة فتح اللَّه عَلَيْهِ بِهَا هبة ونسخا وشِراءً.
وسمع بمكة من أبي الفتوح بن الحصري، وغيره.
ورجع ولزِم الاشتغال والنَسْخ والتّصنيف. وسمع فِي خلال ذَلِكَ عَلَى
الشَّيْخ الموفَّق وبَابَتِه.
وأجاز لَهُ: السِّلَفيّ، وشُهْدَة، وَأَحْمَد بْن عَلِيّ بن النّاعم،
وأحمد بن
__________
[1] في الأصل: «أبو» وهو سهو.
(47/210)
يلدرك، وتَجَنِّي الوهْبَانيَّة، وابن
شاتيل، وَعَبْد الحقّ اليُوسُفيّ، وأخوه عَبْد الرحيم اليُوسفيّ، وعيسى
الدُّوشابيّ، وَمُحَمَّد بْن نسيم العَيْشُونيّ، ومسلم بْن كاتب
النّحّاس، وَأَبُو شاكر السّقلاطونيّ، وَعَبْد اللَّه بْن بَرّيّ
النَّحْويّ، وَأَبُو الفتح عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد الخِرَقيّ، وخلْق
كثير.
ذكره ابن الحاجب تلميذه [1] فَقَالَ: شيخنا أَبُو عَبْد اللَّه شيخ
وقته، ونسيج وحده عِلمًا وحِفْظًا وثقة ودُنيا، مِن العُلماء
الربّانيّين، وهو أكبر من أن يدلّ عَلَيْهِ مثلي. كَانَ شديد التّحرّي
فِي الرّواية، ثقة فيما يرويه، مجتهدا فِي العبادة، كثير الذِّكْر،
منقطعا عَن النّاس، متواضعا فِي ذات اللَّه، صحيح الأُصُول، سهل
العارية. ولقد سَأَلت عَنْهُ فِي رحلتي جماعة من العارفين بأحوال
الرجال، فأطنبوا فِي حقّه ومدحوه بالحِفْظ والزُّهْد، حتّى إنّه لو
تكلَّم فِي الْجَرْح والتّعديل لقُبِل منه.
سألتُ أَبَا عَبْد اللَّه البِرْزَاليّ عَنْهُ فَقَالَ: حافظ ثقة، جبل
دِين.
وذكره ابن النّجّار فِي «تاريخه» فَقَالَ: كتب وحصَّل الأُصُول، وسمعنا
بقراءته الكثير. وأقام بهَرَاة ومَرْو مدّة، وكتب الكُتُبَ الكِبار
بهمَّةٍ عالية، وجدٍّ واجتهاد، وتحقيقٍ وإتقان. كتبتُ عَنْهُ ببغداد،
ودمشق، وبَنْيسابور. وهو حافظٌ متقِن، ثَبْت حُجّة، عالِم بالحديث
والرّجال. ورع تقيّ، زاهد، عابد، محتاط فِي أكل الحلال، مجاهد فِي سبيل
اللَّه. ولَعَمْري ما رَأَت عيناي مثله فِي نزاهته وعفَّته وحُسْن
طريقته فِي طلب العِلم. سَأَلْتُهُ عَن مولده فَقَالَ: فِي جمادى
الأولى سنة تسعٍ وستّين. ورأيت بخطّه مولده فِي سادس جمادى الآخرة،
فاللَّه أعلم.
قلت: الثاني هُوَ الصّحيح فإنّه كذلك أخبر لعمر بْن الحاجب.
قلت: سَمِعْتُ الحافظ أَبَا الحَجّاج المِزّيّ، وما رَأَيْت مثله،
يَقْولُ: الشَّيْخ الضّياء أعلم بالحديث والرّجال من الحافظ عَبْد
الغنيّ، ولم يكن فِي وقته مثله.
وحكى النّجم بْن الخبّاز عَن العزّ عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بن
الحافظ قال: ما جاء عبد الدّار الدّارقطنيّ مثل شيخنا الضّياء.
__________
[1] في الأصل: «ذكره ابن الحاجب في تلميذه» .
(47/211)
وقال الشَّرَف أَبُو المظفَّر بْن
النّابلسيّ: ما رَأَيْت مثل شيخنا الضّياء.
ذِكر تصانيف الضّياء.
كتاب «الأحكام» [يعوز قليلا فِي نحو عشرين جزءا] [1] .... فِي ثلاث
مجلّدات، «فضائل الأعمال» فِي مجلّد [2] ، «الأحاديث المختارة» خرَّج
منها تسعين جزءا، وهي الأحاديث الّتي تصلُح أن يُحتَجَّ بِهَا سوى ما
فِي «الصّحيحين» ، خرّجها من مسموعاته [3] . كتاب «فضائل الشّام» ثلاثة
أجزاء، كتاب «فضائل القرآن» جزء، كتاب «الحُجّة» ، كتاب «النّار» [4] ،
كتاب «مناقب أصحاب الحديث» [5] ، كتاب «النَّهْيُ عَن سَبّ الأصحاب» ،
كتاب «سِيَر المقادسة» [6] كالحافظ عَبْد الغنيّ، والشّيخ الموفَّق،
والشّيخ أَبِي عُمَر، وغيرهم فِي عدّة أجزاء.
وله تصانيف كثيرة فِي أجزاء عديدة لا يحضُرني ذِكرُها [7] .
وله مجاميع ومُنتخبات كثيرة. وله كتاب «الموافقات» [8] فِي نيِّفٍ
وخمسين جزءا.
وبنى مدرسة عَلَى باب الجامع المظفَّريّ، وأعانه عليها بعضُ أهل الخير،
وجعلها دار حديث، وأن يسمع فيها جماعة من الصّبيان، ووقف بِهَا كُتُبَه
وأجزاءه. وفيها وَقَفَ الشَّيْخ الموفّق، والبهاء عَبْد الرَّحْمَن،
والحافظ عَبْد الغنيّ، وابن الحاجب، وابن سلام، وابن هامل، وَالشَّيْخ
عَلِيّ المَوْصِليّ. وقد نُهِبت فِي نكْبة الصّالحيّة، نوبةَ غازان،
وراح منها شيء كثير. ثمّ تماثلت وتراجع حالُها.
وفيها، بحمد اللَّه، الآن جملة نافعة للطّلبة.
__________
[1] في الأصل بياض، والمستدرك بين الحاصرتين أضفته من: الدرّ المنضّد
1/ 384.
[2] في الدرّ المنضّد 1/ 385 «أربعة أجزاء» .
[3] وقال بعض الأئمّة: هي خير من «صحيح» الحاكم.
[4] في الدرّ المنضّد: «صفة النار» جزءان.
[5] في الدرّ المنضّد: أربعة أجزاء.
[6] في الدرّ المنضّد: كتاب «سبب هجرة المقادسة إلى دمشق وكرامات
مشايخهم» ، نحو عشرة أجزاء. وأفرد لأكابرهم من العلماء لكلّ واحد سيرة
في أجزاء كثيرة.
[7] انظر بقيّة مصنّفاته في: الدرّ المنضّد.
[8] في الدرّ المنضّد: «الموبقات» أجزاء كثيرة. و «الموفقات» جزء!
(47/212)
وكان رحمه اللَّه ملازما لجبل الصّالحيّة،
قَلّ أن يدخل البلد أو يحدّث. ولا أعلم أحدا سَمِعَ منه بالمدينة، وإنْ
كَانَ فَنَزْرٌ يسير.
أخذ عَنْهُ جماعة من شيوخه، وروى عَنْهُ: الحافظ أَبُو عَبْد اللَّه
البِرْزاليّ، والحافظ أَبُو عَبْد اللَّه بْن النّجّار، وجماعة.
ومن شيوخنا: أبو العبّاس بن الظّاهريّ، وأبو الفداء إِسْمَاعِيل بْن
الفرّاء، والتّقيّ أَحْمَد بْن مؤمن، وَالشَّيْخ مُحَمَّد بْن حازم،
وَالشَّيْخ عَلِيّ بْن بقا، والنّجم موسى الشّقْراويّ، والنّجم
إِسْمَاعِيل بْن الخبّاز، وداود بْن حمزة، وَمُحَمَّد بْن عَلِيّ ابن
الموازينيّ، وعثمان الحمصيّ، والشّهاب أَحْمَد الدّشتيّ، وَأَبُو
عَلِيّ بْن الخلّال، وعيسى بْن المُطْعِم، وَأَبُو بَكْر بْن عَبْد
الدّائم، وَمُحَمَّد ابن خطيب بيت الآبار، وزينب بنت عبد الله ابن
الرّضيّ، والقاضي المجد سالم بْن أَبِي الهيجا، وَمُحَمَّد بْن يوسف
الذّهبيّ، ومُسْنِد الشّام القاضي تقيّ الدّين سُلَيْمَان فأكثر
عَنْهُ، فإنّي سَمِعْتُهُ يَقْولُ: سَمِعْتُ من شيخنا الضّياء ألف جزء.
وقرأت بخطّ المحدّث مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن سلام قَالَ: مُحَمَّد
بْن عَبْد الواحد شيخنا، ما رَأَيْت مثله فِي ما اجتمع لَهُ. كَانَ
مقدَّمًا فِي علم الحديث، فكأنّ هذا العِلم قد انتهى إِلَيْهِ وسلَّم
لَهُ. ونظر فِي الفِقْه وناظَرَ فِيهِ. وجمع بين فِقه الحديث ومعانيه.
وشدّ طرفا من الأدب وكثيرا من اللّغة والتّفسير.
وكان يحفظ القرآن واشتغل مدّة بِهِ، وقرأ بالرّوايات عَلَى مشايخ
عديدة، وكان يتلوه تلاوة عذْبة. وجمع كلَّ هذا مَعَ الورع التّامّ
والتّقشُّف الزَّائد، والتّعفُّف والقناعة والمروءة والعبادة الكثيرة،
وطلْق النَّفْس وتجنّبها أحوال الدّنيا ورُعُوناتها، والرّفق بالغُرباء
والطُّلاب، والانقطاع عَن النّاس، وطول الرّوح على الفقير والغريب.
وكان محبّا لمن يأخذ عنه، مكرما لمن يسمع عليه. وكان يحرّض على
الاشتغال، ويعاون بإعارة الكتب. وكنت أسأله عَن المشكلات فيجيبني أجوبة
شافية عجز عَنْهَا المتقدّمون، ولم يدرك شَأْوها المتأخّرون. قرأتُ
عَلَيْهِ الكثير، وما أفادني أحدٌ كإفادته. وكان ينبّهني عَلَى
المهمّات من العوالي، ويأمرني بسماعها، ويُكْرمني كثيرا.
(47/213)
وقرأت عَلَيْهِ «صحيح مُسْلِم» .
كانت لَهُ أُرَيْضَة بباب الجامع ورِثها من أَبِيهِ، وكان يبني فيها
قليلا قليلا عَلَى قدر طاقته، فيُسّر بنا كثيرا عَنْهَا بهمّته وحُسْن
قصده وإجابة دعوته، ونزل فيها المشتغلون بالفِقه والحديث، وكان ما يصل
إِلَيْهِ من وقف يوصله إليهم ويصرفه عليهم.
ورام بعضُ الكبار مساعدتَه ببناء مصنّع للماء فأبى ذَلِكَ وقال: لا
حاجة لنا فِي ماله.
وكان من صِغره إلى كِبره موصوفا بالنُّسك، مشتغلا بالعِلم.
قلت: تُوُفّي يوم الإثنين الثّامن والعشرين من جمادى الآخرة، وله أربعٌ
وسبعون سنة وأيّام، رحمه اللَّه ورضي عَنْهُ.
254- مُحَمَّد بْن عَلِيّ [1] بْن منصور.
اليمنيّ، شهابُ الدّين، المقرئ المحدّث المعروف بابن الحجازيّ.
أحد تلامذة الشَّيْخ عَلَم الدّين السَّخاويّ.
سَمِعَ الكثير وكتب الأجزاء. وخطّه مليح. وكان من فُضلاء الشّباب، رحمه
اللَّه.
وهو وأبوه من أصحاب السّخاويّ.
تُوُفّي فِي جمادى الآخرة. ورّخه أَبُو شامة.
255- مُحَمَّد بْن عُمَر [2] بْن عَبْد الكريم.
الإِمَام فخر الدّين الحِمْيرَيّ، الدّمشقيّ، الشّافعيّ المعروف بالفخر
ابن المالكيّ.
ولد ظنّا في سنة ثمانين وخمسمائة.
__________
[1] انظر عن (محمد بن علي) في: ذيل الروضتين 176.
[2] انظر عن (محمد بن عمر) في: ذيل الروضتين 177، وسير أعلام النبلاء
23/ 147 دون ترجمة، والوافي بالوفيات 4/ 261 رقم 1793.
(47/214)
وسمع من: الخُشُوعيّ، والقاسم بْن عساكر،
وحنبل بْن عَبْد اللَّه، وابن طَبَرْزَد.
وأكثر عَن المتأخّرين كأبي مُحَمَّد بْن البن، وزَيْن الأُمَناء.
وعُني بالرّواية، وكتب الأجزاء والطِّباق. وخطّه فِي غاية الحُسْن،
دقيق معلّق.
صاحَبَ أهل الخير والعِلم، وكان ذا جلالةٍ ووقار وزُهْد وخير. وكان
لَهُ بيت بالمنارة الشّرقيّة من جامع دمشق، وخزانة كُتُب تجاه محراب
الصّحابة، وهي الّتي بيد الشَّيْخ عَلَم الدّين الآن. وكان كثير
الملازمة لحلقة السّخاويّ، وروى معه الكثير.
حدَّث عَنْهُ: الشَّيْخ تاج الدّين عَبْد الرَّحْمَن، وأخوه، ومجد
الدّين ابن الحُلْوانيّة، والمحدّث مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الكنْجيّ،
وَأَبُو عَلِيّ بْن الخلّال، وآخرون.
وبالحضور: أَبُو المعالي بْن البالِسيّ، وبالإجازة غير واحد.
وَتُوُفّي نصف شعبان. وقيل فِي رجب.
وكان قد ولي إمامة الكلّاسة بعد الشَّيْخ تاج الدّين فِي السّنة.
256- مُحَمَّد بْن عُمر [1] بْن عَبْد اللَّه بْن سَعْد [2] بْن مفلح
بْن عَبْد اللَّه.
المقدسيّ، الحنبليّ، فخر الدّين.
حدّث عن: يحيى الثّقفيّ، وابن صَدَقَة الحَرَّانيّ، والْجَنْزَويّ،
والخُشُوعيّ، وجماعة.
وكان صالحا زاهدا عابدا، صاحب ليل وأوراد، رحمه الله.
روى عنه: الشّيخ تاج الدّين، وأخوه الشّرف الخطيب، والبدر حسن بن
الخلّال، وجماعة.
__________
[1] في الأصل: «عمرو» ، والتصحيح من: صلة التكملة للحسيني، ورقة 24،
25، ومن ترجمة أخيه «أحمد» التي تقدّمت برقم (144) ، وسير أعلام
النبلاء 23/ 147 دون ترجمة.
[2] في الأصل: «أسعد» ، وما أثبتناه هو الصحيح كما في الصلة، وترجمة
«أحمد» .
(47/215)
وبالحضور: أبو المعالي بن البالسيّ.
ووصفه الضّياء فقال: رجل خير ثقة، كثير الذّكر.
قلت: ولد سنة أربع وسبعين ظنّا، ومات في الرّابع والعشرين من ربيع
الآخر. وكان وكيلا بطاحونة مقرى.
257- محمد بن المجد عيسى بن الشّيخ الموفّق.
أخو الحافظ سيف الدّين أحمد.
توفّي شابّا في جمادى الأولى.
وكان قد تفقّه وسمع من جدَّه. وما أظنّه حدَّث.
258- مُحَمَّد بْن قاسم بْن منداس [1] .
أَبُو عَبْد اللَّه المغربيّ البِجّائيّ الجزائريّ. والجزائر من عمل
بِجّاية. ويُعرف أيضا بالأشيريّ، النَّحْويّ.
وُلِدَ سنة سبع وخمسين وخمسمائة، وأخذ العربيّة بالجزائر عَن: أَبِي
موسى عيسى الجزوليّ النّحويّ، لقيه في سنة ثمانين وخمسمائة.
وأخذ عَن: أَبِي مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه، وَأَبِي الْحَسَن نجبة،
وعليّ بْن عتيق.
ولقي بقابس أَبَا القاسم بْن مجكان، آخر الرُّواة عَن أَبِي عَبْد
اللَّه المازريّ، فسمع منه.
وأقرأ ببلده العربيّة وروى اليسير. وروى أيضا بالإجازة العامّة عَن
السِّلَفيّ.
قَالَ الأَبّار: أجازها وَتُوُفّي فِي أوّل المحرَّم.
259- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الله بن عمر.
أَبُو عَبْد اللَّه المَعَرّيّ الكاتب، ابن نقّاش السّكّة، أخو أحمد.
سمع: البوصيريّ، والأرتاحيّ.
__________
[1] في الأصل: محمد بن قاسم بن مندا، والتصحيح من: بغية الوعاة 1/ 214
رقم 380.
(47/216)
روى عَنْهُ: شيخنا الدّمياطيّ.
وَتُوُفّي فِي حادي عشر ذي القعدة، قاله الشّريف. ثُمّ قَالَ: وقيل
تُوُفّي فِي ذي القعدة من سنة أربعٍ وأربعين.
260- مُحَمَّد بْن محمود [1] بْن الحَسَن بْن هبة اللَّه بْن محاسن.
الحافظ الكبير مُحِبّ الدّين [2] ، أَبُو عَبْد اللَّه بْن النّجّار
البغداديّ، صاحب «التّاريخ» الكبير.
__________
[1] انظر عن (محمد بن محمود) في: معجم الأدباء 19/ 49- 51 رقم 13،
وعقود الجمان في شعراء هذا الزمان، لابن الشعار الموصلي (نسخة أسعد
أفندي 2327) ج 6/ ورقة 217 ب، وصلة التكملة للحسيني، ورقة 35، والحوادث
الجامعة المنسوب لابن الفوطي 102، 103، (205 رقم 707) ، وذيل تاريخ
بغداد لابن الدبيثي 15/ 78، وتاريخ إربل لابن المستوفي 1/ 360، 361 رقم
255، ووفيات الأعيان 2/ 264، والمعين في طبقات المحدّثين 203 رقم 2143،
وتذكرة الحفاظ 4/ 1428، والإشارة إلى وفيات الأعيان 145، 146، والإعلام
بوفيات الأعلام 268، وسير أعلام النبلاء 23/ 131- 134 رقم 98، ودول
الإسلام 2/ 149، والعبر 5/ 180، والمختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن
الدبيثي 1/ 137 رقم 268، ومرآة الجنان 4/ 111، والوافي بالوفيات 5/ 9-
11 رقم 1963، وفوات الوفيات 4/ 36، 37 رقم 494، وطبقات الشافعية الكبرى
للسبكي 5/ 41 (8/ 98، 99 رقم 1093) ، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 502،
503 رقم 1199، والبداية والنهاية 13/ 169، والعسجد المسبوك 2/ 539،
540، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 454- 456 رقم 424، وذيل
التقييد للفاسي 1/ 263 رقم 515، والنجوم الزاهرة 6/ 355، والمقفّى
الكبير للمقريزي 7/ 136 رقم 3790، ومعجم الشافعية لابن عبد الهادي،
ورقة 58، وطبقات الحفّاظ للسيوطي 499 رقم 1108، وتاريخ الخلفاء، له
476، وشذرات الذهب 5/ 226، ومفتاح السعادة 1/ 211، وكشف الظنون 30، 73،
179، 180، 288، 607، 648، 739، 925، 960، 999، 1152، 1184، 1201، 1356،
1509، 1513، 1585، 1608، 1774، 1775، 1840، 1950، وإيضاح المكنون 2/
108، وهدية العارفين 2/ 122، وديوان الإسلام لابن الغرّي 4/ 336، 337
رقم 2124، وذيل تاريخ الأدب العربيّ لبروكلمان 1/ 613، وفهرس مخطوطات
الظاهرية ليوسف العش 6/ 157، وفهرس المخطوطات المصوّرة للطفي عبد
البديع 2/ 72، وفهرس المخطوطات المصوّرة لسيد 2/ 67، وعلم التأريخ عند
المسلمين لروزنتال 69، 118، 224، 287، 477، 570، 590- 592، 606، 622،
626، 642، 649، 687، 697، 718، ومعجم المؤلفين 11/ 317، والتاريخ
العربيّ والمؤرّخون لشاكر مصطفى 2/ 117، 118، ومعجم طبقات الحفاظ
والمفسّرين 167 رقم 1106.
[2] في النجوم الزاهرة 6/ 355 «مجد الدين» وهو تصحيف.
(47/217)
وُلِدَ فِي ذي القعدة سنة ثمانٍ وسبعين
وخمسمائة.
وسمع من: عَبْد المنعم بْن كُلَيْب، ويحيى بْن بَوْش، وذاكر بْن كامل،
والمبارك بْن المعطوش، وَأَبِي الفَرَج بْن الْجَوْزيّ، وأصحاب ابن
الحُصَين، والقاضي أَبِي بَكْر فأكثر.
وأوَّل سماعه وله عشر سنين. وأوَّل عنايته بالطِّبّ وله خمس عشرة سنة.
وقرأ بنفسه عَلَى مثل ابن الْجَوْزيّ. وتلا بعده كُتُبًا «كالمبهج»
وغيره مرّاتٍ عَلَى أَبِي أَحْمَد بْن سُكَيْنَة. وما علِمْتُه أقرأ.
وله الرّحلة الواسعة إلى الشّام، ومصر، والحجاز، وأصبهان، وخُراسان،
ومَرْو، وهَرَاة، ونَيْسابور [1] .
ولقيَ أَبَا رَوْح الهَرَويّ، وعينَ الشّمس الثّقفيّة، وزينب
الشِّعْريّة، والمؤيَّد الطُّوسيّ، وداود بْن معمّر، والحافظ أَبَا
الْحُسَيْن عَلِيّ بْن المفضّل، وأبا اليُمْن زيد بْن الْحَسَن
الكِنْديّ، وأبا القاسم بْن الحَرَسْتانيّ، فَمَنْ بعدهم.
وأكثر فِي كتبٍ عَن أصحاب ابن شاتيل وأصحاب أَبِي جَعْفَر
الصَّيدلانيّ.
وسمع الكثير ونسخ، وحصّل الأُصُول والمسانيد، وخرَّج لنفسه ولغير واحد.
وجمع «التّاريخ» الَّذِي ذيَّل بِهِ عَلَى «تاريخ بغداد» للخطيب،
واستدرك فِيهِ عَلَى الخطيب فجاء فِي ثلاثين مجلّدا، دلّ عَلَى تبحّره
فِي هذا الشّأن وسعة حِفْظه.
وكان إماما ثقة، حُجّة، مقرِئًا، مجوِّدًا، حُلْو المُحَاجَّة،
كيِّسًا، متواضعا، ظريفا، صالحا، خيِّرًا، متنسِّكًا.
أثنى عَلَيْهِ ابن نُقْطَة والدُّبَيْثيّ، والضّياء المقدسيّ، وهم من
صغار شيوخه من حيث السّند.
__________
[1] وقال ابن المستوفي: سمع الكثير وكتبه، وطلبه في صغره، وأدرك إسنادا
حسنا، له حفظ ومعرفة وإتقان وفهم. ورد إربل وما أقام بها في سنة عشرين
وستمائة. (تاريخ إربل 1/ 360) .
(47/218)
وروى عَنْهُ: الجمال مُحَمَّد بْن
الصّابونيّ، والعِزّ أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم الفاروثيّ، والجمال أَبُو
بَكْر الوائليّ الشَّرِيشيّ، والتّاج عليّ بْن أَحْمَد العراقيّ،
والعلاء بْن بَلَبَان، والشّمس مُحَمَّد بْن أَحْمَد القزّاز، وجماعة.
وبالإجازة: القاضيان ابن الخوبيّ وتقيّ الدّين سُلَيْمَان، والحافظ
أَبُو الْعَبَّاس أَحْمَد بْن الظّاهريّ، وَأَبُو المعالي بْن
البالِسيّ.
وقال ابن السّاعي فِي تذييله عَلَى ابن الأثير إنّه مات فِي منتصف
شعبان، وإنّه كَانَ شيخ وقته.
وكانت رحلته سبعا [1] وعشرين سنة. واشتملت مشيخته عَلَى ثلاثة آلاف شيخ
سوى النّساء [2] .
وله كتاب «القمر المنير فِي المُسْنَد الكبير» ذكر كلّ صَحابيّ وما
لَهُ من الحديث. وصنَّف كتاب «كنز الأنام فِي السُّنَن والأحكام» ، وله
كتاب «المختلف والمؤتلف» ذيَّلَ بِهِ عَلَى ابن ماكولا، وكتاب «المتّفق
والمفترق» [3] عَلَى منهاج كتاب الخطيب، وكتاب «نسب المحدّثين إلى
الآباء والبلدان» ، وكتاب «عواليه» ، وكتاب «مُعجمه» [4] ، وكتاب «جنّة
النّاظرين فِي معرفة التّابعين» ، وكتاب «الكمال فِي معرفة الرّجال» ،
وكتاب «العِقْد الفائق فِي عيون أخبار الدّنيا ومحاسن تواريخ الخلائق»
، وكتاب «ذيل تاريخ بغداد» وهو بيّضه فِي ستّة عشر مجلّدا، وقرأته عليه
كلّه، وكتاب «المستدرك على تاريخ الخطيب» ، وكتاب «الدُّرَّة اليتيمة
[5] فِي أخبار المدينة» ، وكتاب «روضة الأولياء فِي مسجد إيلياء» ،
وكتاب «نزهة الوَرَى فِي أخبار أمّ القُرَى» [6] ، وكتاب «الأزهار في
أنواع الأشعار» ،
__________
[1] في الحوادث الجامعة 102 «ثمان» . والمثبت يتفق مع: معجم الأدباء
19/ 50.
[2] في الحوادث الجامعة 103 بلغ النساء أربعمائة امرأة.
[3] في نسبة رجال الحديث إلى الآباء والبلدان. (معجم الأدباء) .
[4] أي معجم الشيوخ.
[5] في معجم الأدباء: «الدرّة الثمينة..» .
[6] في معجم الأدباء: «نزهة الورى في أخبار القرى» بإسقاط «أمّ» ، وهو
خطأ.
(47/219)
وكتاب «سلوة الوحيد» ، وكتاب «غرر الفوائد»
في ستّ مجلّدات، وكتاب «مناقب الشّافعيّ رحمه الله» [1] .
وقد أوصى إليّ ووقف كتبه بالنّظاميّة، فنفّذ إليّ الشرابيّ مائة دينار
لتجهيز جنازته.
وكان من محاسن الدّنيا. ورثاه جماعة.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْعَلَوِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
مَحْمُودِ بْنِ الْحَسَنِ الْحَافِظُ سَنَةَ ثَلاثٍ وَثَلاثِينَ
وَسِتِّمِائَةٍ: نا عَبْدُ الْمُعِزِّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَزَّازُ.
(ح) ، وَأَنَا أَحْمَدَ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ الْمُعِزِّ،
أنا يُوسُفُ بْنُ أَيُّوبَ الزَّاهِدُ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ
الْحَافِظُ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا حَبِيبُ
بْنُ الْحَسَنِ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَيُّوبَ، أنا أَبُو نَصْرٍ
التَّمَّارُ، أنا حَمَّادُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَطَاءٍ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَتَمَ عِلْمًا
عَلَّمَهُ اللَّهُ أَلْجَمَهُ اللَّهُ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ» [2] .
أنشدنا أَبُو المعالي مُحَمَّد بْن عَلِيّ بن محمد بن محمود ابن النجار
أن أَبَا بَكْر عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ الحنفي الفرغاني أنشده لنفسه.
تَحرَّ- فَدَيْتُكَ- صِدْقَ الحديث ... ولا تحسب الكذِب أمرا يسيرا
فَمَن أثمر الصّدق فِي قَوْلُهُ ... سَيَلْقى سرورا ويرقى سريرا
ومن كان بالكذب مستهترا ... سيدعو ثُبُورًا ويَصْلَى سعيرا [3]
تُوُفّي ابن النّجّار، رحمه الله، في خامس شعبان ببغداد.
__________
[1] في معجم الأدباء: «غرر الفؤاد» .
[2] حديث صحيح، أخرجه الإمام أحمد في مسندة 2/ 263 و 305 و 344 و 353 و
495، وأبو داود في سننه (3658) ، والترمذي في جامعه (2696) ، والطبراني
في المعجم الصغير 1/ 61 و 114 و 162، والخطيب في تاريخ بغداد 2/ 268.
[3] ولابن النجار شعر في: معجم الأدباء، وعقود الجمان.
(47/220)
261- مُحَمَّد بْن المسلَّم بْن أَحْمَد
بْن عَلِيّ.
أَبُو عَبْد اللَّه المازنيّ النّصيبيّ، ثُمَّ الدّمشقيّ.
ولد سنة ثمانين وخمسمائة. وسمع الحديث وكتب الإجازات.
وَتُوُفّي فِي جمادى الأولى.
262- مُحَمَّد بْن علّان.
أَبُو الفضل الكاتب.
تُوُفّي ببغداد فِي شعبان. وكان سريع الكتابة والإنشاء.
ذُكِر أَنَّهُ كتب فِي يومٍ واحد ستّة عشر كرّاسا. وكان يُنشئ الرّسالة
معكوسة، يبدأ بالحمْدَلَة ويختم بالبَسْمَلَة.
مات فِي عَشْر السّبعين.
263- مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر بْن سرايا.
أَبُو عبد الله الحرّانيّ المعروف بالمعين المنكِر.
سَمِعَ ببغداد من: أَبِي الفَرَج ابن الْجَوزيّ، وغيره.
وحدَّث. وله وقائع عجيبة فِي إنكار المُنْكَر بحرّان.
وعاش أربعا وسبعين سنة.
ومات فِي ربيع الآخر.
264- مُحَمَّد بْن الميسيّ عزّ الدّين.
شابٌّ فاضل من أصحاب السَّخاويّ.
تُوُفّي فِي جمادى الأولى.
265- محاسن بْن الحارث.
الحربيّ.
روى عَن: عَبْد الخالق بْن البُنْدار.
تُوُفّي فِي أوّل جمادى الآخرة ببغداد.
(47/221)
266- محاسن بن عبد الملك [1] بن علي بن
نجا.
الفقيه العلّامة، ضياء الدّين التّنوخيّ، الحمويّ، الحنبليّ، نزيل
دمشق.
تفقّه عَلَى الشَّيْخ الموفّق وغيره.
وسمع الكثير. وحدَّث عَن: أَبِي طاهر الخُشُوعيّ.
وأجاز لأبي المعالي بْن البالسيّ، وطبقته.
وكان إماما صالحا، قانعا، متعفِّفًا، زاهدا، كبير القدر.
ذكره الحافظ الضّياء فَقَالَ: كَانَ الضّياء محاسن عالما، نافعا للخلق.
وقال غيره: كَانَ خبيرا بمذهب أَحْمَد وبغيره من أقوال العلماء، قليل
الشَّر، متواضعا، خاملا. ما نافس أحدا فِي منصب قَطّ، ولا أكل من وقْف.
بل كَانَ يتقوَّت من شكارة تُزرع لَهُ بحَوْران. وما أذى مسلما قَطُّ،
ولا تنعَّم فِي مأكل ولا ملبس، ولا زاد عَلَى ثوبٍ وعِمامة صغيرة. وكان
صاحب عبادة وصلاح.
تفقَّه عَلَيْهِ جماعة، ومات فِي ثالث جمادى الآخرة، رحمه اللَّه.
267- محمود بْن حُمَيْد [2] بْن حُضَيْر.
أَبُو حُمَيْد الدّارانيّ.
شيخ صالح خيّر.
سمع من الحافظ ابن عساكر.
أخذ عَنْهُ الشرف أَحْمَد بْن الجوهري، والجمال بْن شعيب.
وروى عَنْهُ: أَبُو المحاسن بْن الخِرَقيّ، وَأَبُو [عَلِيّ] [3]
الخلّال، وَأَبُو المعالي بن البالسيّ، وغيرهم.
__________
[1] انظر عن (محاسن بن عبد الملك) في: ذيل الروضتين 177، وسير أعلام
النبلاء 23/ 147 دون ترجمة، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 234 رقم 341،
ومختصره 71، والمنهج الأحمد 379، والمقصد الأرشد، رقم 1142، والدرّ
المنضّد 1/ 383، رقم 1057.
[2] انظر عن (محمود بن حميد) في: سير أعلام النبلاء 23/ 147 دون ترجمة.
[3] في الأصل بياض.
(47/222)
وقال النّجيب الصّفّار: تُوُفّي فِي شهور
سنة اثنتين [1] وأربعين.
268- محمود بْن مُحَمَّد [2] بْن يحيى بْن بُنْدار.
الفقيه العالم معين الدّين أَبُو الثّناء الأُرْمَوِيّ، الشّافعيّ،
التّاجر، جدّ قاضي القُضاة شهاب الدّين مُحَمَّد بْن الخويّيّ لأُمّه.
وُلِدَ سنة ثمان وخمسين وخمسمائة، ورحل فِي التّجارة.
وسمع بخُوارزم من: مُحَمَّد بْن فضل اللَّه السّقالاريّ، وبدمشق من:
العماد مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الأصبهانيّ الكاتب.
وكان صاحب مال فافتقر وجلس مَعَ الشُّهود، وحضر المدارس.
روى عنه: البدر بن الخلّال، والمجد ابن الحُلْوانيّة، وغيرهما.
مات فِي ثامن ربيع الأوّل.
269- مدرك بْن أَحْمَد بْن مدرك بْن حسن.
أَبُو المشكور البَهْرانيّ، الحَمَويّ، المعروف بابن يعيش.
ولد بحماة في سنة ستّين وخمسمائة.
وروى عَن: أَبِيهِ. وبالإجازة عَن: السِّلَفيّ.
روى عَنْهُ: فارس بْن برير، وَأَبُو حامد بْن الصّابونيّ، وغيرهما.
وروى لي بالإجازة الخطيب موفَّق الدّين مُحَمَّد بْن مُحَمَّد
الحَمَويّ.
تُوُفّي فِي سلْخ ذي القعدة. وكان فاضلا ديّنا.
روى عَنْهُ أيضا مجد الدّين العديميّ.
وورَّخه ابن الظّاهريّ سنة اثنتين.
270-[مفضَّل] [3] بْن عَلِيّ [4] بْن عَبْد الواحد.
__________
[1] في الأصل: «اثنان» وهو غلط.
[2] انظر عن (محمود بن محمد) في: ذيل الروضتين 175، وسير أعلام النبلاء
23/ 147 دون ترجمة.
[3] في الأصل بياض، والمستدرك من مصادر ترجمته.
[4] انظر عن (مفضّل بن عليّ) في: تاريخ إربل لابن المستوفي 1/ 390- 393
رقم 294، وصلة التكملة للحسيني، ورقة 36، والمعين في طبقات المحدّثين
203 رقم 2144، وتذكرة الحفاظ
(47/223)
المحدِّث الرحّال، أَبُو العزّ القُرَشيّ،
الشّافعيّ. ويُعرف بابن خطيب القرافة.
فقيه صالح متصوّن، كثير التّحرّي، وهو من أهل السُّنَّة والدّين
والعدالة.
كتب بخطِّه الكثير.
وسمع بدمشق من: الكِنْديّ، وَأَبِي القاسم بْن الحَرَسْتانيّ، وجماعة.
وبأصبهان: مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن الْجُنَيْد، وبنَيْسابور من:
المؤيَّد، وزينب الشّعريّة، وبهَرَاة من: أَبِي رَوْح.
وأجاز لَهُ السِّلَفيّ ولأخيه.
روى عَنْهُ: الشَّيْخ تاج الدّين عَبْد الرَّحْمَن، وأخوه، والفخر
إِسْمَاعِيل بْن عساكر، والشَّرَف مُحَمَّد ابن خطيب بيت الأبار،
وجماعة.
وحضورا: أَبُو المعالي بْن البالسيّ.
تُوُفّي فِي ثالث شوّال، رحمه اللَّه تعالى [1] .
271- المُنْتَجَب بن أبي العزّ [2] بن رشيد.
__________
[4] / 1432، وسير أعلام النبلاء 23/ 348 رقم 246.
[1] وقال ابن المستوفي: المصري مولدا ومنشأ، الدمشقيّ أصلا، الشافعيّ
مذهبا وفقها، استظهر الكتاب العزيز، وسمع الحديث النبوي، وسافر في
البلاد، وتكلّم في مسائل الخلاف، وناظر. صنّف كتابا سمّاه «ما يسكن من
البلاد ويصحب من العباد» ، ذكر فيه عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن
مُحَمَّد بْن قدامة المقدسي الحنبلي آخر كتابه، وقال فيه: وأنشدنيه في
رمضان سنة خمس وعشرين وستمائة، وفيه:
أخّرته لقوله ... في آية ختامه
مسك وفي زماننا ... غنيمة أيّامه
فإنّه مع العدي ... نافذة سهامه
فالزمه لا تخلّه ... فراجح كلامه
(تاريخ إربل 1/ 391) .
[2] انظر عن (المنتجب بن أبي العزّ) في: ذيل الروضتين 175، وفيه:
«المنتخب» ، وصلة تكملة وفيات النقلة 1/ ورقة 24، والإعلام بوفيات
الأعلام 267، وسير أعلام النبلاء 219،
(47/224)
الإِمَام مُنْتَجَبُ الدّين أَبُو يوسف
الهَمَدانيّ، المقرئ، نزيل دمشق، وشيخ الإقراء بالزَّنْجِيليّة [1] ،
ومصنِّف «شُرُوح الشّاطبيّة» ، وغير ذَلِكَ.
كَانَ صوّاما مُقْرِئًا فاضلا، [رأسا] [2] بالعربيّة. شرح «الشّاطبيّة»
شرحا مطوَّلًا مفيدا، وشرح «النّفس» للزَّمَخْشَرِيّ فأجاد.
وروى عَن: أَبِي حفص بْن طَبَرْزَد، والكِنْديّ. وأخذ القراءات عَن أبي
الجود غياث بْن [فارس] [3] .
سَمِعَ منه الحديث: شَرَفُ الدّين أَحْمَد بْن الجوهريّ، وَأَحْمَد بْن
محمود الشَّيْبانيّ، وبدر الأتابكيّ الخادم.
وقرأ عَلَيْهِ الصّائن الواسطيّ الضّرير نزيل قُونية، وشيخُنا النّظام
مُحَمَّد بْن عَبْد الكريم التِّبريزيّ، وغيرهما.
وكان سُوقه كاسدا مَعَ وجود السَّخَاويّ. تُوُفّي فِي ثالث عشر ربيع
الأوّل.
وقال الإِمَام أَبُو شامة [4] : فِي سادس ربيع الأوّل توفّي
المُنْتَجَب الهَمَدَانيّ، وكان مقرئا مجوّدا. قرأ عَلَى أبي الجود
والكنديّ، وانتفع بشيخنا أبي الحسن
__________
[220] رقم 137، وتذكرة الحفاظ 4/ 1432، ومعرفة القراء الكبار 2/ 637،
638 رقم 599، والعبر 5/ 180، وفيه: «المنتخب» ، ومرآة الجنان 4/ 108 و
111، وغاية النهاية 2/ 310 رقم 3646، ونهاية الغاية، ورقة 280، وبغية
الوعاة 2/ 300 رقم 2022، وطبقات المفسّرين للداوديّ 2/ 233، 234،
وشذرات الذهب 5/ 227، وتاريخ الخلفاء 476 وفيه: «منتخب الدين» وهو
تصحيف، ومفتاح السعادة 1/ 392، وكشف الظنون 1258، 1259، 1776، وهدية
العارفين 2/ 472، ومعجم المؤلفين 13/ 7.
[1] في الأصل: «الزنجانية» ، والتصحيح من: معرفة القراء الكبار، وسير
أعلام النبلاء، ولم يذكرها النعيمي في: الدارس في تاريخ المدارس. وهي
«التربة الزنجيلية» . ووقع في ذيل الروضتين 175 «المدرسة الزنجبيلية» .
[2] في الأصل بياض، والمستدرك من: معرفة القراء الكبار 2/ 637، وغاية
النهاية 2/ 310.
[3] في الأصل بياض، والمستدرك من: معرفة القراء الكبار 2/ 637.
[4] في ذيل الروضتين 175.
(47/225)
السّخاويّ فِي معرفة قصيد الشّاطبيّ، ثُمَّ
تعاطى شرح القصيد فخاض، ثُمَّ عجز عَن سباحته، وجحد حقّ تعليم شيخنا
لَهُ وإفادته لَهُ، والله يعفو عنّا وعنه.
سمعتُ الإِمَام التّبريزيّ يَقْولُ: قرأت القرآن بأربع روايات عَلَى
المُنْتَجَب، فكنت أقرأ عَلَيْهِ خفْيةً من شيخنا عَلَم الدّين، لأنّ
من كَانَ يقرأ عَلَى السّخاويّ لا يجسر أن يقرأ عَلَى المُنْتَجَب،
فتكلَّم فيَّ بعض الطّلبة عند السّخاويّ، فَقَالَ الشَّيْخ: هذا ما
هُوَ مثل غيره. هذا يقرأ ويروح وما يكثر أصولا [1] . وسامحني الشَّيْخ
عَلَمُ الدّين دون غيري.
272- منصور بْن أَبِي الفتح [2] أَحْمَد بْن أَبِي غالب مُحَمَّد بْن
مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن السَّكَن.
أَبُو غالب البغداديّ، المَرَاتبيّ، الخلّال، المعروف بابن المُعَوَّج.
ولد سنة خمس وخمسين وخمسمائة.
وسمع من: أَبِيهِ، وَمُحَمَّد بْن إِسْحَاق الضّياء، وَأَبِي مُحَمَّد
بْن الخشّاب النَّحْويّ، وَأَبِي طَالِب المبارك بْن خُضَيْر،
وَعُبَيْد اللَّه بْن شاتيل.
وكان شيخا جليلا ديّنا، أمينا، عالي الرّواية، سَمِعَ النّاس منه.
وروى عَنْهُ: مجد الدّين العديميّ.
وأجاز لجماعة منهم: الفخر إِسْمَاعِيل بْن عساكر، وَأَبُو معان
مُحَمَّد بْن البالِسيّ، وَمُحَمَّد بْن يوسف الذّهبيّ، وفاطمة بِنْت
سُلَيْمَان، والقاضي تقيّ الدّين سُلَيْمَان، وعيسى المُطْعم، وسعد بْن
مُحَمَّد، وَأَبُو بَكْر بْن عَبْد الدّائم، وفاطمة بِنْت جوهر،
وَأَحْمَد بْن الشِّحْنة، وَأَبُو نصر بْن الشّيرازيّ، والنّجديّ، وبنت
الواسطيّ.
وَتُوُفّي فِي ثاني عشر جمادى الآخرة ببغداد، ويومئذٍ مات السّخاويّ
أيضا.
__________
[1] في معرفة القراء الكبار 2/ 638 «وما يكثر فضولا» ومثله في: غاية
النهاية 2/ 310.
[2] انظر عن (منصور بن أبي الفتح) في: الإشارة إلى وفيات الأعيان 345،
والإعلام بوفيات الأعلام 268، والعبر 5/ 181، وسير أعلام النبلاء 23/
147 دون ترجمة.
(47/226)
273- منصور بْن مُحَمَّد بْن سَعِيد بْن
جحدر.
المصريّ.
تُوُفّي بمصر فِي ذي القعدة.
روى عَن أَبِي يعقوب بْن الطُّفَيْل.
274- موسى بْن مُحَمَّد [1] بْن خَلَف بْن راجح.
الشَّيْخ صلاح الدّين أَبُو الفتح ابن الإِمَام شهاب الدّين المقدسيّ
الحنبليّ.
وُلِدَ فِي صفر سنة ثلاثٍ وثمانين وخمسمائة. وكان صالحا، زاهدا، فقيرا،
ديّنا، عاقلا، أديبا، شاعرا، بديع الخطّ، كثير الفضائل.
روى عَن: يوسف بْن معالي، وبركات الخُشُوعيّ، ومحمود بْن عَبْد المنعم،
وجماعة.
وسمع بواسط من: أَبِي الفتح المَنْدائيّ. وببغداد من أصحاب قاضي
المَرِسْتان.
وكان كثير الأسفار، كريم النَّفْس، حُلْو المحاضرة. لَهُ أصحابٌ وأتباع
يحبّونه ويقتدون بِهِ.
روى عَنْهُ: الحافظ زكيّ الدّين البِرْزاليّ، والمجد ابن الحُلْوانيّة،
وَالشَّيْخ تاج الدّين، وأخوه، وَالشَّيْخ مُحَمَّد بْن جوهر
التّلْعَفْرِيّ، والفخر إِسْمَاعِيل بْن عساكر، وَالشَّيْخ مُحَمَّد
بْن مُحَمَّد الكنْجيّ.
وقد كَانَ صحِبَ الشَّيْخ عَلِيّ القريثيّ، وَالشَّيْخ عَبْد اللَّه
بْن عَبْد العزيز، وأظنّه صحِب الشَّيْخ عَبْد اللَّه اليُونينيّ.
وحكى العزّ عُمَر بْن أَحْمَد الشُّرُوطيّ عَن أَبِيهِ أَنَّهُ رَأَى
فِي المنام الصّلاح موسى وقائلا يَقْولُ: يا جانّ أرْضَ عَن موسى حتّى
نرضى عنك فهو أقرب إلينا من حبل الوريد. فكان بعد يخضع له.
__________
[1] انظر عن (موسى بن محمد) في: سير أعلام النبلاء 23/ 147 دون ترجمة،
والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 235 رقم 343، ومختصره 71، والمقصد
الأرشد، رقم 1128، والدرّ المنضّد 1/ 384 رقم 1059.
(47/227)
ومن شِعره:
لمن هذه الأنام فِي الرّوض تَرْتَعُ ... يشوقك مرأى منهنّ ومَسْمَعُ
وألحان أطيارٍ عَلَى الأَيْك أفصَحَتْ ... فاشمت فؤادا بالصّبابة
مُولِعُ
أَيَا مَنْ حَوَى كلَّ الملاحة وجهُهُ ... ومن جُمِعت فِيهِ المحاسن
أجمعُ
أما آن تحنو عَلَى ذي صَبَابةٍ ... حليفٍ ضنى أحشاؤه تتقطّعُ
وقرأت بخطّ البهاء عَبْد الرَّحْمَن بْن إِبْرَاهِيم فِي «مشيخته» :
أنشدني الزّاهد العارف أَبُو عيسى بْن موسى بْن المقدسيّ لنفسه:
يا غافلا عَن رُشْده مُتَعَامي ... متورّطا فِي ورطة الأيّامِ
أَحَسِبْتَ أنّ الفقَر لبْسُ عَباءةٍ ... أو كشْفُ رأسٍ وحَفَا أقدامِ
الفقر فِي كلّ حظّ نفسِك والهوى ... ....... [1] الإِسْلَامِ
تُوُفّي فِي السّابع والعشرين من جُمَادَى الآخرة. وكان ذا هِمّةٍ
وعزْم. مضى واشترى أسرى من الفِرَنْج. وقد حبسه الملك الصّالح نجم
الدّين مدّة بمصر.
275- موسى بْن يونس بْن قسيم.
العزيزيّ الواعظ.
كتب عَنْهُ النّجيب بْن شبيب ... وقال: مات فِي رمضان وقد جاوز
التّسعين.
وعُمِّر.
276- مؤمنة بِنْت عَبْد الدّائم بْن نعمة.
المقدسيّة أخت شِهاب الدّين أحمد.
لها إجازة.
روت شيئا، وماتت في جمادى الأولى.
__________
[1] بياض في الأصل مقدار كلمتين أو ثلاث.
(47/228)
- حرف النون-
277- النّاصح الفارسيّ [1] .
الأمير الكبير مقدَّم الجيوش الحلبيّة.
جاء بالعسكر نجدة لصاحب مصر فمات بدمشق وحُمِل إلى حلب.
وكان فاسقا يشرب الخمر.
278- الن.... [2] أخت مؤمنة بِنْت عَبْد الدّائم بْن نعمة المقدسيّ.
روت بالإجازة أيضا.
وماتت فِي جمادى الآخرة.
279-[نبا] [3] بْن أَبِي المكارم بْن هجّام [4] .
نجم الدّين أَبُو الثّبّان الطَّرابُلُسيّ [5] ، ثُمَّ المصريّ،
الحنفيّ، الفقيه.
سَمِعَ من: عَبْد اللَّه بْن بركة، وإسماعيل بْن قاسم الزّيّات،
وَمُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن المسعوديّ، وجماعة.
ووُلِدَ بعد السّتّين بقليل.
روى عَنْهُ: الحافظان المنذريّ والدّمياطيّ، وَأَبُو المعالي
الأَبَرْقُوهيّ، وَأَبُو حامد ابن الصّابوني [6] ، وجماعة.
وكان من فقهاء مدرسة السّيرميّين.
__________
[1] انظر عن (الناصح الفارسيّ) في: مفرّج الكروب 5/ 151، 179، 314،
327، 330، 332، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 759 وفيه: «الناسخ» وهو تصحيف.
[2] في الأصل بياض.
[3] في الأصل بياض، والمستدرك من مصادر الترجمة.
[4] انظر عن (نبا بن أبي المكارم) في: تكملة الإكمال لابن نقطة 1/ 544
رقم 972، وسير أعلام النبلاء 23/ 147 دون ترجمة، وتوضيح المشتبه 2/ 99،
وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 70، 71 رقم 47، والجواهر المضية في
طبقات الحنفية 2/ 191.
[5] طرابلس الغرب.
[6] وهو قال: سألته عن مولده فلم يحقّقه، وذكر أنه يكون إمّا في سنة
إحدى أو اثنتين وستين وخمسمائة تقديرا.
(47/229)
مات فِي نصف جمادى الآخرة.
280- نجم الدّين القَيْمُرِيّ [1] .
أحد أمراء دمشق الموصوفين بالشّجاعة والدّيانة.
تُوُفّي فِي شوّال.
281- نصر اللَّه بْن أَحْمَد [2] بن نجم بن عَبْد الوهّاب ابن
الحنبليّ.
أبو الفتح.
ولد سنة سبع وسبعين وخمسمائة.
وسمع من: الخُشُوعيّ. وأجاز لَهُ يحيى الثّقفيّ.
روى عنه: ابن الحلوانية، والشيخ تاج الدين، وأبو عليّ بن الخلّال،
والفخر ابن عساكر، والشَّرَف مُحَمَّد ابن خطيب بيت الأبار، وجماعة.
وَتُوُفّي فِي أواخر رمضان.
282- نصر بْن أَحْمَد بْن الشَّيْخ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَلِيّ بْن
المسلّم ابن الخِرَقيّ.
الدّمشقيّ أَبُو المظفَّر.
تُوُفّي فِي جمادى الأولى.
كتب من الإجازات وحدَّث.
283- نصر بْن أَبِي السُّعود [3] بْن المظفَّر بْن الخضر [4] بْن بطّة
[5] .
__________
[1] انظر عن (نجم الدين القيمري) في: ذيل الروضتين 178.
[2] انظر عن (نصر الله بن أحمد) في: صلة التكملة للحسيني، ورقة 34.
[3] انظر عن (نصر بن أبي السعود) في: تكملة الإكمال لابن نقطة 1/ 306،
307 رقم 428، وصلة التكملة للحسيني، ورقة 31، والذيل على طبقات
الحنابلة 2/ 235، 236 رقم 344، ومختصره 71، والمقصد الأرشد، رقم 1176،
والمنهج الأحمد 379، وتوضيح المشتبه 1/ 559، وتبصير المنتبه 1/ 95،
والدرّ المنضّد 1/ 384 رقم 1060، وتاج العروس 5/ 109.
وقد أعاد محقّق (الدر المنضّد) الدكتور عبد الرحمن العثيمين فذكر اسم
صاحب الترجمة في المستدرك على المؤلّف (ج 1/ 387 بالحاشية، سطر 12) مع
أنه مذكور في متن الكتاب كما رأيت برقم (1060) فليصحح.
[4] في الأصل: «الحصين» ، والتصحيح من مصادر الترجمة.
[5] بطّة: بفتح الباء الموحّدة، وتشديد الطاء المهملة.
(47/230)
الفقيه أَبُو القاسم الأَبَرْقُوهيّ،
البغداديّ، الضّرير، الحنبليّ.
حدّث عَن: أَبِي الفتح بْن شاتيل، وابن كُلَيْب.
وَتُوُفّي فِي جمادى الآخرة ببغداد.
وكان فقيها، إماما، مُفْتيًا، مناظِرًا، أديبا، نَحْويًا، بارعا فِي
الخلاف والفقه.
روى لنا عَنْهُ بالإجازة أَبُو المعالي الأَبَرْقُوهيّ [1] .
وعاش إحدى وثمانين سنة.
وأجاز أيضا لِمُطْعم، ولسعد، والنّجديّ، وبنت مؤمن [2] .
- حرف الياء-
284- يحيى بْن عَبْد الرّزّاق [3] بْن يحيى بْن عُمَر بْن كامل.
الخطيب العدْل جمال الدّين، أَبُو زكريّا الزُّبَيْديّ، المقدسيّ، خطيب
عَقْربا وابن خطيبها.
وُلِدَ سنة تسعٍ وستّين وخمسمائة.
وسمع: المعالي بْن صابر، ويحيى الثّقفيّ، وأُسامة بْن مُنْقِذ.
روى عَنْهُ: حفيداه عليّ وعمر ابنا إِبْرَاهِيم، وَمُحَمَّد بْن دَاوُد
ابن خطيب بيت الآبار، وَأَبُو عَلِيّ بْن الخلّال، والمجد ابن
الحُلْوانيّة.
وَتُوُفّي فِي ثامن عشر محرّم.
قَالَ عُمَر بْن الحاجب: كَانَ يُتَّهَم فِي شهادته.
__________
[1] وقال ابن نقطة: وكان معيدا للفقهاء، وله شعر، أنشدني منه أبياتا.
(تكملة الإكمال 1/ 307) .
[2] وقال في الدرّ المنضّد: وكان يسمّي نفسه عليّا في أول، فاسمع ثم
ترك ذلك.
[3] انظر عن (يحيى بن عبد الرزاق) في: سير أعلام النبلاء 23/ 147 دون
ترجمة.
(47/231)
285- يحيى بْن عَلِيّ [1] بْن عَلِيّ بْن
عنان [2] .
أَبُو بَكْر بْن البقّال البغداديّ، الغَنَويّ، الفَرَضيّ.
سَمِعَ الكثير من ابن شاتيل، وغيره [3] .
وعاش نيِّفًا وسبعين سنة [4] .
286- يعقوب بْن مُحَمَّد [5] بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن شهاب الدّين.
أَبُو يوسف ابن المجاور الشَّيْبانيّ، الوزير الصّاحب.
وُلِدَ سنة ثمانٍ وستّين وخمسمائة.
وسمع من: أَبِي المجد الفضل بْن الْحُسَيْن ابن البانياسيّ، وأجاز لَهُ
الحافظ أَبُو العلاء الهَمَذَانيّ، وَمُحَمَّد بْن سلمان الهمذانيّ.
روى عَنْهُ: ابن الحُلْوانيّة، والشّهاب القُوصيّ، والشَّرَف أَحْمَد
بْن عساكر، وابن عمّه الفخر إِسْمَاعِيل، وابن عمّهما الشَّرف عَبْد
المنعم، وابن عمّهم البهاء أَبُو مُحَمَّد الطّيّب، وَأَبُو عَلِيّ بْن
الخلّال، وَمُحَمَّد بْن يوسف الذّهبيّ، وأَبُو نصرٍ مُحَمَّد بْن
مُحَمَّد بْن الشّيرازيّ.
وبالحضور: أَبُو المعالي بْن البالسيّ، وغيره.
وكان رأسا محتشما، ذا عقلٍ وديانةٍ وسؤدد. وزر للملك الأشرف
__________
[1] انظر عن (يحيى بن علي) في: صلة التكملة للحسيني، ورقة 37، وتكملة
الإكمال لابن نقطة 4/ 208 رقم 4231 وقال محقّقه الدكتور عبد القيّوم
عبد رب النبي، في الحاشية: «لم أقف على ترجمته» ، والذيل على طبقات
الحنابلة 2/ 247 رقم 348، ومختصره 72، والمنهج الأحمد 380، والمقصد
الأرشد، رقم 1227، والدرّ المنضّد 1/ 387 رقم 1064، وقد ذكره محقّق
الكتاب الدكتور عبد الرحمن العثيمين ثانية في حاشية الصفحة 387- السطر
17 باعتباره استدراكا على المؤلّف، مع أنه مذكور في أول الصفحة ذاتها
برقم (1064) .
[2] عنان: بكسر العين المهملة ونون مكرّرة.
[3] وقال ابن نقطة: سمعت منه، وهو ثقة فاضل صحيح السماع. (تكملة
الإكمال 4/ 208) .
[4] وقال ابن رجب: يلقب عباد الدين. ولد سنة 571 تقريبا. وطلب العلم في
صباه، وتفقه في المذهب، وقرأ الفرائض والحساب، وتصرّف في الأعمال
السلطانية، وكان صدوقا حسن السيرة. (الذيل على طبقات الحنابلة) .
[5] انظر عن (يعقوب بن محمد) في: سير أعلام النبلاء 23/ 147 دون ترجمة.
(47/232)
موسى، ووَزَرَ خالُه أَبُو الفتح يوسف بْن
الحسين ابن المحاور للملك العزيز عثمان بْن صلاح الدّين.
وَتُوُفّي فِي ثامن ربيع الأوّل بدمشق.
287- يعيش بْن عَلِيّ [1] بْن يعيش بْن أَبِي السّرايا مُحَمَّد بْن
عَلِيّ بْن المفضّل بْن عَبْد الكريم بْن مُحَمَّد بْن يحيى بْن حيّان
ابن القاضي بِشْر بْن حيّان الأسَديّ.
العلّامة موفَّق الدّين أَبُو البقاء الأَسَديّ المَوْصِليّ الأصل،
الحلبيّ، النَّحْويّ.
وُلِدَ بحلب فِي سنة ثلاثٍ وخمسين وخمسمائة فِي رمضان.
وسمع بِهَا من: القاضي أَبِي سَعْد بْن أَبِي عصرون، ويحيى الثَّقَفيّ،
وَأَبِي الحسن أحمد بن محمد بن الطَّرَسُوسيّ.
ورحل فسمع بالموصل من الخطيب أَبِي الفضل الطّوسيّ مشيخته وغير ذلك.
__________
[1] انظر عن (يعيش بن علي) في: إنباه الرواة على أنباه النحاة للقفطي
4/ 39- 44 رقم 823، وعقود الجمان في شعراء هذا الزمان لابن الشعّار
الموصلي (نسخة أسعد أفندي 2330) ج 10/ ورقة 108 أ، ووفيات الأعيان لابن
خلّكان 7/ 46- 53 رقم 833، وصلة التكملة للحسيني، ورقة 31، والمختصر في
أخبار البشر 3/ 174، 175، وفيه: «يعيش بن محمد بن علي» ، وطبقات
الشافعية للمطري، ورقة 206 أ، والمعين في طبقات المحدّثين 203 رقم
2145، والإشارة إلى وفيات الأعيان 345، والإعلام بوفيات الأعلام 268،
وسير أعلام النبلاء 23/ 144، 145 رقم 101، والعبر 5/ 181، وتاريخ ابن
الوردي 2/ 176 وفيه «يعيش بن محمد بن علي» وهو يتابع «المختصر» لأبي
الفداء، وتلخيص أخبار النحويين واللغويين لابن مكتوم (نسخة التيمورية)
ورقة 274، ومرآة الجنان 4/ 106- 108، وفيه:
«موفق الدين بن يعيش» ، والعسجد المسبوك 2/ 541، 542، والنجوم الزاهرة
6/ 355، وبغية الوعاة 2/ 351، 352 رقم 2165، وتاريخ الخلفاء للسيوطي
476، وكشف الظنون 412 و 1775، ومفتاح السعادة 1/ 158، 159، وشذرات
الذهب 5/ 228، وهدية العارفين 2/ 548، وديوان الإسلام لابن الغزّي 4/
410 رقم 2227، وإعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء 4/ 383- 386 رقم 204،
واكتفاء القنوع لفانديك 301، والأعلام 8/ 206، ومعجم المؤلفين 13/ 256.
(47/233)
وكان يُعرف بابن الصّائغ. وكان من كبار
أئمّة العربيّة.
تخرّج بِهِ أهل حلب، وطال عُمره وشاع ذِكره.
وأخذ النّحو عَن أَبِي السّخاء الحلبيّ وَأَبِي الْعَبَّاس المغربيّ،
وليسا بالمشهورَيْن.
وقدِم دمشقَ فجالَسَ الكِنْديّ. وسأل عَن قول الحريريّ فِي «المقامة
العاشرة» :
حتّى إذا لألأ الأُفْق ذَنَب سرحان ... وآن انبلاج [1] الفجر وحان
فتوقّف وقال: علمت قصْدك، وأنّك أردت إعلامي بمكانتك من النّحو.
والمسألة أن يرفع الأفق وينصب ذَنَب وبالعكس أحسن وأصحّ. ويجوز رفْع
ذَنَب عَلَى البَدَل. وقيل بنصْبهما.
وذكر ابن خلّكان [2] أَنَّهُ قرأ عَلَيْهِ سنة ستٍّ وبعض سنة سبْعٍ
وعشرين معظم «اللُّمَع» لابن جنّيّ. وقال: حضَرْتُهُ وقد شرح هذا
البيت، فطوّل وأوضح، والشّخص الَّذِي يشرح لَهُ ساكت، منصت إلى الآخر
ثُمَّ قَالَ: يا سيّدي، وأيْشٍ فِي المليحة ما يشبه الظَّبْيَة؟ قَالَ:
فَرْوَتُها وذَنَبُها. فضحك الجماعة وخجِل الرّجل.
والبيت:
يا ظَبيةَ الورى بين حلاحل ... وبين النقاء أأنتِ أم أمّ سالم [3]
__________
[1] في مرآة الجنان 4/ 106 «وان ايتلاح» وهو تصحيف.
[2] في وفيات الأعيان 7/ 48.
[3] في وفيات الأعيان 7/ 48:
أيا ظبية الوعساء بين جلاجل ... وبين النقا أأنت أم أمّ سالم
وفي مرآة الجنان 4/ 107.
أيا ظبية الوعساء بين خلاخل ... وبين النقاء أنت أم أم سالم
وفي الأصل: «وبين النقاءات أم أم سلم» .
(47/234)
روى عَنْهُ: الصّاحب كمال الدّين ابن
العديم، وابنه مجد الدّين، وابن الحُلْوانيّة، وابن هابيل، وبهاء
الدّين أيّوب بْن النّحّاس، وأخوه أَبُو الفضل إِسْحَاق، وبشير
القُضاعيّ، والحافظ أَبُو العبّاس بْن الطّاهريّ، وَأَبُو بَكْر
أَحْمَد الدَّشْتيّ وهو آخر من حدَّث عَنْهُ، وَعَبْد الملك ابن
العفيفة القصّار.
وكان ظريفا مطبوعا، خفيف الرّوح، طيّب المِزاج مَعَ سكينةٍ ورَزَانة.
وله نوادر كثيرة. وكان طويل الرّوح حَسَن التَّصَرُّف، وعامتُه فضيلا.
حدَّث تلامذته أَنَّهُ أقرأ العربيّة والتّصريف مدّة طويلة. وكان يُعرف
قديما بابن الصّائغ. شرح «المفصّل» للزّمخشريّ، و «التّصريف» لأبي
الفتح بْن جنّيّ.
وَتُوُفّي فِي الخامس والعشرين من جمادى الأولى بحلب، وله تسعون سنة.
288- يوسف بْن إِبْرَاهِيم بْن يوسف [1] .
الفقيه الإِمَام زين الدّين، أَبُو الحَجّاج الكُرديّ، الحصْكفيّ،
الشّافعيّ.
وُلِدَ بحصن كيفا سنة سبْعٍ وسبعين. ودخل بغداد.
وسمع من: عَبْد العزيز بْن الخضر، وابن سِينا، والعلّامة يحيى بْن
الربيع.
وكانت لَهُ بدمشق حلقة للاشتغال والتّدريس.
روى عنه: الشيخ زين الدين الفارقي، وأبو علي بْن الخلّال، والبدر
أَحْمَد بْن الصّوّاف، وَمُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الكَرَكِيّة، وجماعة
سواهم.
وَتُوُفّي فِي سادس عشر جمادى الآخرة.
289- يوسف بْن عَبْد السّيّد بْن يوسف بْن إِبْرَاهِيم.
الأَنْصَارِيّ، الدّمشقيّ، الكتّانيّ.
روى عَن: الخُشُوعيّ.
روى عَنْهُ: ابن الحُلْوانيّة، وَمُحَمَّد بْن مُحَمَّد الكنْجيّ،
والخطيب شرف الدّين الفزاريّ، وغيرهم.
__________
[1] انظر عن (يوسف بن إبراهيم) في: ذيل الروضتين 177.
(47/235)
ورّخه ابن الشُّقَيْشقة.
290- يوسف بْن مُحَمَّد [1] بْن يُوسُف بْن مُحَمَّد بْن أَبِي بَدّاس.
المقرئ الفقيه أبو محمد ابن الحافظ زكيّ الدّين البِرْزاليّ،
الإشبيليّ، ثُمَّ الدّمشقيّ، الشّاهد.
سمّعه والده الكثير من أَبِي القاسم بْن صَصْرَى، وزين الأُمَنَاء،
وَأَبِي عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْديّ، وخلق.
ومات ولم يحدّث، فإنّه مات شابّا وله إحدى وعشرون سنة أو نحوها، وخلف
ولده العدْل بهاء الدّين أَبَا الفضل وله خمس سنين فكفله جدّه لأمّه
الشَّيْخ عَلَم الدّين أَبُو مُحَمَّد القاسم الأندلسيّ.
تُوُفّي فِي جُمادى الآخرة.
291- يوسف بْن يونس [2] بْن جَعْفَر بْن بركة.
أَبُو الحَجّاج البغداديّ المقرئ، سبط ابن مدح البغداديّ.
وُلِدَ ببغداد سنة ثمانٍ وستّين وخمسمائة.
وسمع من: عَبْد الخالق بْن عَبْد الوهّاب الصّابونيّ، ويحيى بْن بَوْش.
وبدمشق من: الخُشُوعيّ.
وسكن دمشق وقرأ القراءات عَلَى التّاج الكِنْديّ، ولقّن بالجامع مدّة.
روى عَنْهُ: الحافظ زكيّ الدّين البرزاليّ مع تقدّمه، والمجد ابن
الحُلْوَانيّة، وَمُحَمَّد بْن مُحَمَّد الكنْجيّ الصّوفيّ، وَأَبُو
علي بن الخلال، ومحمد بن يوسف الذهبي، وَمُحَمَّد ابن خطيب بيت الآبار.
وبالحضور أَبُو المعالي البالِسيّ، وغيره.
وَتُوُفّي فِي تاسع جمادى الآخرة بدمشق.
__________
[1] انظر عن (يوسف بن محمد) في: سير أعلام النبلاء 23/ 57 رقم 38.
[2] انظر عن (يوسف بن يونس) في: سير أعلام النبلاء 23/ 147 دون ترجمة.
(47/236)
292- يوسف بْن أَبِي الغنائم بْن أَبِي
بَكْر.
أبو الفتح ابن المقرئ بالألحان.
كَانَ شيخا معمَّرًا. سَمِعَ ببغداد من يحيى بْن بَوْش.
ومات بحلب فِي رابع جمادى الأولى.
- الكنى-
293- أَبُو بَكْر بْن أَحْمَد بْن عُمَر [1] .
البغداديّ، الزّاهد، إمام مسجد حارة الحاطب بدمشق.
صاحب عبادة ومجاهدة.
سَمِعَ بمصر من: أَبِي الفتح محمود بْن أَحْمَد الصّابونيّ.
وبدمشق من: إِسْمَاعِيل الجنْزَويّ، والكِنْديّ.
قَالَ عُمَر بْن الحاجب: سَأَلت شيخنا الضّياء عَنْهُ فَقَالَ: بلغني
أَنَّهُ جاور بمكّة سنة قرأ فيها ألف خَتْمة.
قلت: روى عَنْهُ: أَبُو حامد بْن الصّابونيّ، وغيره.
وكان يُعرف بالمَرَاوِحيّ.
وروى لنا عَنْهُ بالإجازة أَبُو المعالي بْن البالِسيّ، وغيره.
ومات فِي نصف جمادى الآخرة.
294- أَبُو بَكْر بْن أَحْمَد [2] بْن مُحَمَّد.
الدّمشقيّ، الحنبليّ، الخبّاز.
ولد سنة خمس وخمسين وخمسمائة.
شيخ حَسَن السَّمْت من أهل العُقَيبة، يُعرف بالقاضي.
روى عَنْهُ: يوسف بْن معالي.
أخذ عنه: المجد ابن الحلوانيّة، والشّهاب أحمد بن الخرزيّ.
__________
[1] انظر عن (أبي بكر بن أحمد) في: صلة التكملة للحسيني، ورقة 30.
[2] هو ممّا يستدرك على تراجم الحنابلة.
(47/237)
وروى لنا عَنْهُ بالإجازة ابن البالِسيّ.
ومات فِي رابع ربيع الآخر.
295- أَبُو عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن أَبِي بَكْر.
الدّمشقيّ النّجّار.
أحد من أجاز ابن البالِسيّ.
ومات فِي شعبان. ورّخه النّجيب الصّفّار.
296- أَبُو القاسم بْن صدّيق بْن سالم.
الأَنْصَارِيّ الدّمشقيّ.
أجاز لابن البالِسيّ.
وَتُوُفّي فِي رجب. ضبطه النّجيب أيضا.
297- (صاحب) [1] الرّوم ابن علاء الدّين كيقباذ.
صاحب الرُّوم.
قَالَ أَبُو المظفَّر بْن الْجَوْزيّ: كَانَ شابّا لَعّابًا، صانَعَ
التّتار والْتَزَمَ لهم كلَّ يومٍ بألف دينار.
اعْلَم أنّني لم أترك فِي هذه السّنة أحدا بَلَغني موته من النّاس
فلهذا أثبت فيها خلقا مجهولين دون غيرها من السّنين.
__________
[1] في الأصل بياض. والمستدرك من: «مرآة الزمان» ج 8 ق 2/ 759.
(47/238)
وفيها وُلِدَ:
القاضي شَرَفُ الدّين منيف بْن سُلَيْمَان السُّلَميّ بزُرَع فِي صفر،
وتاج الدّين أَحْمَد بْن إدريس بْن مرير بحماة فِي رجب، وَأَبُو معالي
أَحْمَد بْن تاج الدّين عليّ بن القسطلانيّ خطيب مصر، وناصر الدّين بْن
أَيْبَك الشِّبْليّ المحدّث بالقاهرة، ورُكْن الدّين عَبْد اللَّه بْن
عَلِيّ الخالديّ الشّافعيّ فِي صفر باليمن، سَمِعَ من ابن السِّبْط،
وَأَحْمَد بْن عثمان بْن الشّيرازيّ بِبَعْلَبَكّ.
(47/239)
سنة أربع وأربعين
وستمائة
- حرف الألف-
298- أحمدُ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن حسين بْن عَبْد العزيز.
أَبُو العبّاس الكروكيّ، التَّيْميّ، الإسكندرانيّ، المؤدّب، المحدّث.
روى عَن: ابن مُوقا، وغيره.
وعنه: الدّمياطيّ.
299- أَحْمَد بْن عَلِيّ [1] بْن معْقل.
أَبُو العبّاس المُهَلّبيّ الحمصيّ، العزّ، الأديب.
ولد سنة سبع وستّين وخمسمائة، ورحل إلى العراق. وأخذ الرفض بالحلّة عَن
جماعة، والنّحو ببغداد عَن أَبِي البقاء العُكْبَرِيّ والوجيه
الواسطيّ.
وبدمشق عَن: أَبِي اليُمْن الكنديّ.
حتّى برع في العربيّة والعروض، وصنّف فيهما. وقال الشّعر الرّائق
العذب.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن علي) في: ذيل مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي 3/ 11-
13، وتاريخ إربل 1/ 447، وصلة التكملة للحسيني، ورقة 40، 41، والإعلام
بوفيات الأعلام 269، والعبر 5/ 182، 183، وسير أعلام النبلاء 23/ 222،
223 رقم 142، والوافي بالوفيات 7/ 239، 240 رقم 3195، والبلغة في تاريخ
أئمة اللغة للفيروزآبادي 27 رقم 48، وبغية الوعاة 1/ 348 رقم 666،
وشذرات الذهب 5/ 229، وأعيان الشيعة 9/ 184، ومعجم المؤلفين 2/ 24.
(47/240)
وقد نظم «الإيضاح» و «التّكملة» فأجاد.
وقدّم الكتاب للملك المعظَّم فأجازه بثلاثين دينار وخِلْعة. وكان
أحْوَل قصيرا، وافر العقل، غاليا فِي التَّشَيُّع، ديِّنًا متزهّدا.
وقد حكم لَهُ التّاج الكِنْديّ بأنّ الكتاب المذكور أعلق بالأفكار
وأثبت فِي القلوب من لفظ أَبِي عَلِيّ الفارسيّ.
واتّصل سنة بضع عشرة بالملك الأمجد صاحب بَعْلَبَكّ، ونَفَقَ عَلَيْهِ،
وأقام عنده. وقدَّرَ لَهُ جامكيّة. وعاش بِهِ رافضةُ تِلْكَ النّاحية
وأخذوا عَنْهُ.
وله ديوان شِعر مختصّ بأهل البيت فِيهِ التنقيص بالصّحابة.
ومن شِعره:
أما والعيون النّجل خلقةَ صادقٍ ... لقد بيَّضَ التّفريقُ سُودَ
المفارقِ
وجرَّعني كأسا من الموتِ أحمرا ... غداة غدتْ بالبيض حمرُ الأيانقِ
حملنَ بدورا فِي ظلام ذوائبٍ ... تُضلُّ ولا يهدى بِهَا قلبُ عاشقِ
أشَرْنَ لتوديعي حذارَ مراقبٍ ... بقضبان دُرٍّ قُمِّعَتْ بعقائقِ
فلمْ أَر آراما سواهنّ كُنَّسًا ... عَلَى فُرُشٍ مَوْشِيّةٍ ونَمَارقِ
وبكى فؤادي جازعٌ خافقٌ وقد ... أرقْتُ لبرْقٍ من حمى الجزع خافقِ
وظبي من الأتراك أرهق مُهجتي ... هواهُ ولم يستوفِ سنَّ المراهقِ
غدا قدُّهُ غُصْنًا رطيبا لعاطف ... وطلعته بدرا منيرا لرامق [1]
وله:
ما لي أزوّر شَيْبي بالسّواد وما ... من تعانى [2] الزّور فِي فعلٍ ولا
كلِمِ
إذا بدا سرُّ شَيْبٍ فِي عِذار فتى ... فليسَ يُكتمُ بالحنّاء والكتم
[3]
__________
[1] الوافي بالوفيات 7/ 239.
[2] في الوافي: «شأني» .
[3] الوافي بالوفيات 7/ 239، 240.
(47/241)
تُوُفّي ابن معقل بدمشق فِي الخامس
والعشرين من ربيع الأوّل.
300- أَحْمَد بْن عَلِيّ.
أَبُو الْعَبَّاس المالَقيّ، المقرئ المجوّد.
أخذ القراءات عَنْ: أَبِي جَعْفَر أَحْمَد بْن عَلِيّ الحصار
ببلنْسِية.
ومات فجأة فِي رجب.
301- إِبْرَاهِيم بْن عَبْد العزيز بْن عَبْد الجبّار [1] .
الحكيم البارع سعد الدّين السُّلَميّ، الدّمشقيّ، الطّبيب.
خدم الملك الأشرف. وكان عَلَى خير ودين. ومات فِي سادس جمادى الأولى.
وكان مع تقدُّمه فِي الطِّبّ عالِمًا بالفقه عَلَى مذهب الشّافعيّ. وهو
الَّذِي تولّى عمارة الْجَوْزيّة بدمشق. وعاش إحدى وستّين سنة.
وكان أَبُوهُ الموفّق [2] طبيب الملك العادل.
وكان سعد الدّين مجلس عامّ للاشتغال فِي الطِّبّ. وللصّدر البكْريّ
فِيهِ:
حكيمٌ لطيفٌ من لَطَافَةِ وصْفِهِ ... يودّ المُعَافَى السّقَمَ حتّى
يعوده
302- إِبْرَاهِيم السّلطان [3] الملك المنصور ناصر الدّين.
__________
[1] انظر عن (إبراهيم بن عبد العزيز) في: ذيل الروضتين 179، والمقفى
الكبير للمقريزي 1/ 226 رقم 246، والوافي بالوفيات 6/ 48 رقم 2487،
وعيون الأنباء في طبقات الأطباء 2/ 192.
[2] ترجمته في عيون الأنباء 2/ 191.
[3] انظر عن (السلطان إبراهيم) في: الفوائد الجلية في الفرائد الناصرية
لداود بن عيسى الأيوبي 112، 247، ومفرّج الكروب لابن واصل 5/ 369- 374،
وذيل الروضتين 178، 179، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 764، 765، والتكملة
لوفيات النقلة 3/ 535 رقم 2937، والحوادث الجامعة 137، والمختصر في
أخبار البشر 3/ 176، وأخبار الأيوبيين لابن العميد 49، ودول الإسلام 2/
150، والعبر 5/ 153، وسير أعلام النبلاء 23/ 41 في آخر ترجمة أبيه «أسد
الدين» ، والمختار من تاريخ ابن الجزري 205، ونثر الجمان 2/ ورقة 111،
(47/242)
صاحب حماة، ابن الملك المجاهد أسد الدّين
شيركوه صاحب حمص، ابن الأمير ناصر الدّين مُحَمَّد ابن الملك المنصور
أسد الدّين شيركوه بْن شاذي بْن مَرْوَان.
تُوُفّي عقِيب كسرته للخَوَارَزْميّة فِي صفر، وكانت وفاته بدمشق
بالنَّيرب بالدَّهْشَة، وحُمِل إلى حمص.
وكان سلطنته ستّ سنين ونصف. وتملّك بعده ابنُه الأشرف موسى وله يومئذٍ
سبْع عشرة سنة.
وهو الَّذِي كسر التّتار عَلَى حمص فِي سنة تسع وخمسين.
وكان الملك المنصور بطلا شجاعا، عالي الهمّة، وافر الهيبة، لَهُ أثر
عظيم فِي هزيمة جلال الدّين خُوارزْم شاه وعسكره مَعَ الأشرف سنة سبْع
وعشرين وستّمائة. فإنّ والده سيرَّه نجدة للأشرف. ثُمَّ كسر
الخَوارزميّة بالشّرق مرَّتين وأضعف رُكْنهم، لا سيما فِي سنة أربعين،
فإنّه سار بجيش حلب. إلى آمِد، واجتمع بعسكر الرّوم، فصادف إغارة
التّتار عَلَى خَرت بِرْت، فخافهم فساق، وقصد الخَوارزميّة وهم مَعَ
الملك المظفَّر شهاب الدّين غازي، ومعه خلقٌ لا يُحصَوْن من
التُّركمان، حتّى قِيلَ إنّ مقدّمهم قَالَ لغازي: أَنَا أكسر الحلبيّين
بالجوابنة الّذين معي، وكان عدّتهم فيما قِيلَ سبعين ألف جوبان سوى
الخيّالة منهم. فالتقاهم صاحب حمص فِي صفر من سنة أربعين، فانكسر غازي
والخَوارزميّة وانهزموا، ووقع الحلبيّون فِي النَّهب فِي الخِيَم
والخِرْكاوات، فحازوا جميع ما فِي معسكر غازي، وأخذوا النّساء
الخُوارزميّات والتُّركُمانيّات. ونزل صاحب حمص فِي خيمة غازي، واستولى
عَلَى خزائنه. وغنِم الحلبيّون ما لا يُحصى ولا يُحدّ ولا يوصف. وبِيعت
الأغنام بأبخس الأثمان.
__________
[112،) ] ومرآة الجنان 4/ 112، وتاريخ ابن الوردي 2/ 177، ونزهة الأنام
لابن دقماق، ورقة 40، والدرّ المطلوب 9، 30، والعسجد المسبوك 2/ 548،
والبداية والنهاية 13/ 154، 155، والوافي بالوفيات 6/ 20، 21 رقم 2448،
ومآثر الإنافة للقلقشندي 2/ 97، وتاريخ ابن خلدون 5/ 359، والسلوك
للمقريزي ج 1 ق 2/ 325، والنجوم الزاهرة 6/ 316، وشذرات الذهب 5/ 229،
وتاريخ ابن سباط (بتحقيقنا) 1/ 337.
(47/243)
ثُمَّ إنّ صاحب حمص صالح الصّالح نجم
الدّين وصفا له. وستر الخوارزميّة الكسْرة العُظْمى بعيون القَصَب.
وكان محسِنًا إلى رعيّته، سَمْحًا حليما بخلاف أَبِيهِ.
ثُمَّ إنّه قدِم دمشق في آخر أيّامه فبالغ فِي خدمته الأمير حسام
الدّين بْن أَبِي عَلِيّ نائب الصّالح.
وكان قد بدأ بِهِ مرض السّلّ فقوي بِهِ حتّى خارت قواه، ومات رحمه
اللَّه تعالى.
303- إِبْرَاهِيم بْن عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه بْن ياسين [1] .
العسقلانيّ، العدل جمال الدّين الدّمشقيّ، ويُعرف بابن البلّان.
سَمِعَ «العِلم» لأبي خَيْثَمَة ببغداد من عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن
عَلِيّ المَوْصليّ [2] .
روى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الكنْجيّ، والفخر إِسْمَاعِيل بْن
عساكر، وكيدر أَحْمَد بْن الصّوّاف، وَمُحَمَّد ابن خطيب بيت الآبار.
وروى عَنْهُ حضورا العماد بْن البالِسيّ.
ومات فِي ربيع الآخر.
304- إِبْرَاهِيم بْن يحيى [3] بْن الفضل بْن البانياسيّ.
كمال الدّين أَبُو إِسْحَاق الحميريّ، الدّمشقيّ.
ولد سنة إحدى وثمانين وخمسمائة.
وسمع من: الخُشُوعيّ، والقاسم بْن عساكر، ومنصور الطَّبَريّ.
وحفظ كتاب «التّنبيه» عَلَى الشَّيْخ عيسى الضّرير، وعلى القاضي محيي
الدّين مُحَمَّد بْن الزّكيّ.
__________
[1] انظر عن (إبراهيم بن عليّ) في: ذيل الروضتين 179 وفيه: «الجمال بن
البلّان» ، وأضاف بعده (؟) علامة الاستفهام، كأن ناشره شكّ في صحّته،
وتكملة الإكمال لابن نقطة 1/ 340 رقم 511 وفيه قال محقّقه بالحاشية
(511) : لم أقف على ترجمته.
[2] وقال ابن نقطة: كان يتردّد إلى بغداد في التجارة، وسمع بها من
جماعة.
[3] انظر عن (إبراهيم بن يحيى) في: ذيل الروضتين 179.
(47/244)
وولي نظر جامع دمشق ونظر المارستان، كلاهما
معا. وكان أمينا، كافيا، رئيسا، نبيلا.
قَالَ عُمَر بْن الحاجب: سَأَلْتُهُ عَن نِسْبتهم إلى بانياس فَقَالَ:
كَانَ لنا جدٌّ يرمي بالبُنْدُق، فصرع الطّير ودُعي لصاحب دمشق.
قَالَ: فأعطاه بانياس إقطاعا، فكان يخزن رزّها حتّى يطلب وكان الباعة
يقولون: عليكم بالبانياسيّ، فعُرف بذلك.
قلت: روى عَنْهُ الشَّيْخ تاج الدّين، وأخوه، وعمر ابن خطيب عقربا
الجنديّ، وَمُحَمَّد ابن خطيب بيت الآبار.
وبالإجازة أَبُو المعالي بْن البالِسيّ، والقاضي الحنبليّ، وجماعة.
ومات فِي صَفَر.
305- إِسْمَاعِيل بْن جَهْبَل [1] .
الفقيه الإِمَام تاج الدّين، أَبُو الفضل الحلبيّ، الشّافعيّ.
كَانَ فقيها بصيرا بالمذهب، ديّنا خيّرا صالحا، كريم النَّفْس، سليم
الصّدر.
تُوُفّي بحلب. قاله أَبُو شامة.
306- إِسْمَاعِيل بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد [2] .
الكورانيّ، الزّاهد، المقيم بمقصورة الحنفيّة من الجامع.
كَانَ زاهدا عابدا، أمّارا بالمعروف، كبير القدر. وكان يغلظ للملوك
وينصحهم ويُنكر عليهم، ولا يقبل صِلَتهم.
سَمِعَ بحلب من: أَبِي الحَسَن أَحْمَد بْن محمد بن الطّرسوسيّ.
__________
[1] انظر عن (إسماعيل بن جهبل) في: ذيل الروضتين 179.
[2] انظر عن (إسماعيل بن علي بن محمد) في: ذيل الروضتين 179، والإشارة
إلى وفيات الأعيان 346، وبغية الطلب لابن العديم (المصوّر) 4/ 242 رقم
525، ومرآة الجنان 4/ 112، والعبر 5/ 184.
(47/245)
وحدَّث.
وَتُوُفّي بدمشق فِي ثامن عشر شعبان، ودُفِن بمقابر الصُّوفيّة، وشيّعه
خلْق.
- حرف الباء-
307- بدر العلائيّ [1] .
من الخُدّام الأشرفيّة الأعيان.
سَمِعَ كثيرا من الحديث، وما أظنّه حدّث.
وَتُوُفّي فِي جمادى الآخرة، رحمه اللَّه تعالى.
308- بركة خان [2] .
الخُوارَزْميّ. من ملوك الخُوارزميّة الأربعة. وكان هو أجلّهم وأميرهم.
وكان مائلا إلى الخير فِي الجملة، والرِّفق بالنّاس.
وكان الملك الصّالح نجم الدّين أيّوب قد صاهره وأحسن إِلَيْهِ، ثُمَّ
خرج عَلَى الصّالح وأعان أعداءه وصار من حزب الملك الصّالح
إِسْمَاعِيل، فانتدب لحربهم الملك المنصور صاحب حمص، وشمس الدّين لؤلؤ
نائب السّلطنة بحلب والتُّركُمان، والْتَقَى الْجَمْعان عَلَى بُحَيْرة
حمص، فقُتِل فِي المعركة بركة خان فِي ثامن المحرَّم من السّنة، وحُمِل
رأسه إلى حلب. ولم يقم للخَوارزْميّة بعده قائمة.
فإنّ فِي العام الماضي مات من رءوسهم بردي خان وصارو خان.
__________
[1] في الأصل: «بدر العلّاف» والتصحيح من: ذيل الروضتين 179.
[2] انظر عن (بركة خان) في: مفرّج الكروب لابن واصل 5/ 135، 189، 197،
248، 283، 293، 325، 336، 358، 359، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 764، وذيل
الروضتين 178، والعبر 5/ 182، ودول الإسلام 2/ 113، وسير أعلام النبلاء
23/ 148 دون ترجمة، وتاريخ ابن الوردي 2/ 253، والمختار من تاريخ ابن
الجزري 205، والبداية والنهاية 13/ 172، والوافي بالوفيات 1/ 121 رقم
4579.
(47/246)
- حرف الحاء-
309- الْحَسَن بْن عديّ [1] بْن أَبِي البركات بْن صخْر بْن مسافر بْن
إِسْمَاعِيل.
الملقَّب بتاج الدّين، العارف شمس الدّين، أَبُو مُحَمَّد شيخ الأكراد.
وجدّه أَبُو البركات هُوَ أخو الشَّيْخ عَدِيّ، رحمة اللَّه عَلَيْهِ.
وكان الْحَسَن هذا من رجال العالم رأيا ودهاء، وله فضل وأدب وشعر جيّد
وتصانيف فِي التّصوُّف. وله أتباعٌ ومُرِيدون يتغالون فِيهِ. وبينه
وبين الشَّيْخ عديّ من الفَرْق ما بينَ القَدَم والفَرْق.
وبلغ من تعظيم العدويّة لَهُ فيما حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّد الْحَسَن
بْن أَحْمَد الإربليّ قَالَ: قدِم واعظٌ عَلَى الشَّيْخ حَسَن هذا فوعظ
حتّى رقّ حَسَن وبكى وغُشي عَلَيْهِ، فوثب بعض الأكراد عَلَى الواعظ
فذبحوه. ثُمَّ أفاق الشَّيْخ حسن فرآه يتخبّط فِي دمه فَقَالَ: ما هذا؟
فقالوا: والا أَيْشٍ هذا من الكلاب حتّى يُبْكِي سيّدي الشَّيْخ؟! فسكت
حفظا لدَسْته وحُرْمته.
قلت: وقد خاف منه الملك بدر الدّين لؤلؤ صاحب المَوْصِل، وعمل عَلَيْهِ
حتّى قبض عَلَيْهِ وحبسه، ثُمَّ خنقه بوَتَرٍ بقلعة المَوْصِل خوفا من
الأكراد، لأنّهم كانوا يشنُّون الغارات عَلَى بلاده، فخشي لا يأمرهم
بأذى وإشارة فيخرّبون بلاد المَوْصِل لشدّة طاعتهم لَهُ.
وفي الأكراد طوائف إلى الآن يعتقدون أنّ الشَّيْخ حسن لا بدّ أن يرجع،
__________
[1] انظر عن (الحسن بن عديّ) في: تاريخ إربل لابن المستوفي 1/ 116- 121
رقم 43، والمختار من تاريخ ابن الجزري 206- 208، والعبر 5/ 183 وفيه
«الحسن بن علي» وهو تصحيف، وسير أعلام النبلاء 23/ 223، 224 رقم 143،
والوافي بالوفيات 12/ 101- 103 رقم 88، وفوات الوفيات 1/ 334- 336 رقم
117، والعسجد المسبوك 2/ 549، وتحفة الأحباب للسخاوي 188، وشذرات الذهب
5/ 229، وإيضاح المكنون 2/ 718، ومعجم المؤلفين 3/ 245.
(47/247)
وقد تجمّعت عندهم زَكَوَاتٌ ونُذُورٌ
ينتظرون خروجه، وما يعتقدون أَنَّهُ قُتِل.
ورأيت لَهُ كتابا فِيهِ عشرة أبواب، أحد الأبواب إثبات رؤية اللَّه
تعالى عيانا، وأنّ غير واحدٍ من الأولياء رَأَى اللَّه تعالى عيانا
واستدلّ عَلَى ذَلِكَ، فنعوذ باللَّه من الخذْلان والضّلال.
ومن تصانيفه: كتاب «مَحَكّ الإيمان» ، وكتاب «الجلوة لأرباب الخَلْوة»
، وكتاب «هداية الأصحاب» . وله ديوان شِعر فِيهِ أشياء من الاتّحاد،
فمن ذَلِكَ:
وقد عصيت اللّواحي فِي محبّتها ... وقلت كفُّوا فهَتْكُ السِّرّ
ألْيَقُ بي
فِي عِشْق غانيةٍ فِي طَرْفها حَوَرٌ ... فِي ثَغْرها شَنَبٌ ويلي [1]
من الشَّنَبِ
فُتنْت عنّي بِهَا يا صاحِ إذا بَرَزَتْ ... وغبت إذا حضرتْ حقّا ولم
تَغِبِ
وصرت فَرْدًا بلا ثانٍ أقومُ بِهِ ... وأصبح الكُلُّ والأكوانُ
تَفْخَرُ بي
وكلّ معنايَ معناها وصُورتها ... كصورتي وهي تُدْعَى ابْنتي وَأَبِي
[2]
وله دو بيت:
الحكمة أنْ تشربَ فِي الحانات ... خمرا قرِنتْ بسائر اللّذّاتِ
من كفّ مُهَفْهَفٍ مَتَى ما تُليت ... آياتُ صفاته بَدَتْ فِي ذاتي [3]
وللحافظ شمس الدّين الذّهبيّ مؤلّف هذا «التّاريخ» ، فإنّه كتب ولكاتبه
كَانَ وكان.
أمرد وقَحْبة وقهوة أوراد أرباب القوى ... هذي طريق الجنّة أَيْنَ طريق
النّار
ولحسن بْن عديّ المُتَرْجَم من أُرْجُوزة:
وشاهدت عينايَ [4] أمرا هائلا ... جلّ بأنْ ترى [5] له مماثلا
__________
[1] في الوافي بالوفيات 12/ 102 «وجدي» .
[2] الأبيات في: المختار من تاريخ ابن الجزري، وفوات الوفيات.
[3] في المختار من تاريخ ابن الجزري 207 «من فوات» . والبيتان في:
الوافي بالوفيات 12/ 103.
[4] في المختار: «عينا لي» .
[5] في المختار: «بأن تروا» .
(47/248)
فغبتُ عند ذاك عَن وُجُودي ... لمّا
تَجَلَّى الحقُّ فِي شُهودِي
وعايَنَتْ عَيْنايَ [1] ذات البارِي [2] ... من غير شكٍّ ولا تَماري
[3]
فكنت [4] من ربّي لا محالَهْ ... كقابِ قوسينِ وأَدْنَى حالهْ [5]
كَذَبَ وفَجَرَ قاتَلَهُ اللَّه أَنَّى يُؤْفَك.
وله:
سطا وله فِي مذهب الحبّ أنْ يسطو ... مليحٌ لَهُ فِي كلّ جارِحة [6]
قسط
ومن فوق صحن الخدّ للنّقط عارِية [7] ... يُدلّ عَلَى ما يفعل الشّكل
والنّقط
وأقول: لا يكمل للرّجل إيمانه حتّى يبرأ من الحُلُوليّة والاتّحاديّة
الّذين يقولون إنّ اللَّه سبحانه وتعالى حلّ فِي الصُّوَر واتَّحدَت،
وَأَنَّهُ بذوات البَشَر.
وعاش الشَّيْخ حسن هذا ثلاثا وخمسين سنة [8] .
__________
[1] في المختار: «عينا لي» .
[2] في المختار: «البارد» .
[3] في المختار: «من غير ما شكّ ولا تحامي» .
[4] في المختار: «فلنت» .
[5] في الوافي بالوفيات 12/ 102 «جلاله» .
[6] في المختار لابن الجزري 208 «جارمه» .
[7] في الوافي 12/ 103 «غاية» .
[8] وقال ابن المستوفي: أخبرني أنه ولد بقرية تدعى «لالش» بضم اللام
والشين المعجمة، من قرى الهكارية من أعمال الموصل، سنة اثنتين وتسعين
وخمسمائة. ورد إربل في شهر رمضان سنة سبع وعشرين وستمائة لحادثة وقعت
من أصحابهم، وهي أنهم ذكروا عنهم أنهم أخرجوا عظام الشيخ الصالح أبي
أحمد عبد الله بن الحسن بن المثنّى المعروف بابن الحدّاد من قبره
وأحرقوها وأخربوا المقبرة التي كانت فيها، وفعلوا أشياء يقبح ذكرها،
وكان بينه وبين أصحاب عديّ زمن حياة أبي أحمد شحناء عظيمة، تعدّوا عليه
فيها حتى أدّى بهم الأمر إلى أن نزلوا عليه في ولاية أبي منصور قايماز
بن عبد الله- رحمه الله- وجرحوه جراحا كثيرة، فأخذ منهم جماعة واعتقلهم
وأدّبهم. وأخذ العلماء في أقاويلهم ومعتقداتهم فتاوى كتبوها للشيخ
الإمام أبي حامد محمد بن يونس، فأفتى في ذلك بما يرد في هذا الموضع،
فاستدعاهم أبو الفضائل لؤلؤ بن عبد الله الأتابكي إلى الموصل، فجاءوا
في جمع عظيم وخيل كثيرة، فأخذها منهم، وقال لهم: اعبدوا الله في تلّ
التوبة ولا تقربوا زاوية الشيخ عديّ، وسلّمها
(47/249)
310- حمّاد بْن حامد [1] بْن أَحْمَد.
أَبُو البركات [2] العرضيّ.
رحل وسمع من: المؤيّد الطُّوسيّ، وزينب الشّعريّة.
وحدَّث بسنجار.
وبها تُوُفّي فِي هذه السّنة.
311- الحسن بن ناصر بن عليّ.
__________
[ () ] وما معها إلى أحمد بن أبي البركات، فهو مقيم بها.
وورد أبو محمد إلى إربل في العشر الوسطى من رمضان، فأقام بها أياما في
القبّة التي بناها أبو الفتح أحمد بن المبارك حيالي المسجد العتيق،
وأنفذ له أبو سعيد كوكبوري بن علي نفقة وأمره ألّا يقيم، فسافر ليلة
السبت الحادي عشر من شهر رمضان سنة سبع وعشرين وستمائة.
وهو شاب جميل الصورة، في حلقه سلعة، كيّس الأخلاق حميد العشرة. أنشدني
لنفسه:
وساق يشير بألحاظه ... فيسكرنا وهو لم يثمل
بفيه المدام ولكنّها ... تصان وتحجب بالذبل
وكيف اصطباري يا لوّمي ... عن الشرب أم كيف يا عذّلي
وديني ونصّ اعتقادي المدام ... وحانه خمّارة منزلي
وقولي إذا متّ لا تحقروا ... لي القبر إلّا بقطربّل
وأنشدنا لنفسه:
أمسيت لا أخشى الصدور مثلما ... أصبحت لا أرتاح للوصال
وليس مثلي من يروم سلوة ... ولا يرى الميل إلى الملال
وحدّثني قال: غنّى مغنّ يوما قوله:
لا تسقني وحدي فما عوّدتني ... أنّي أشحّ بها على جلّاسي
فقلت:
هات اسقني وحدي فما عوّدتني ... بالشرب بين تخالف الأجناس
واسق الأنام إذا سكرت بقيّتي ... وأفض على الآفاق فضلة كاسي
من خمرة تنفي الهموم إذا بدت ... عنّي ويذهب شربها وسواسي
حمراء صافية توقّد نورها ... كتوقّد المصباح والمقياس
وأورد ابن المستوفي أبياتا لابن عديّ يرثي فيها والده، كما أورد له
نسخة فتوى والجواب عنها.
[1] انظر عن (حمّاد بن حامد) في: بغية الطلب لابن العديم (المصوّر) 6/
506، 507 رقم 899.
[2] في البغية: «أبو المكارم التاجر» .
(47/250)
الحضرميّ، المَهْدويّ، أَبُو عَلِيّ.
سَمِعَ من: عَبْد المجيد بْن دليل.
روى عَنْهُ: الدِّمياطيّ.
وعاش تسعين سنة.
تُوُفّي فِي ربيع الأوّل بالإسكندريّة.
- حرف الدال-
312- دَاوُد بْن مُوسَك [1] بْن جكّوب مُوسَك.
الأمير الكبير عماد الدّين.
تُوُفّي فِي شعبان أو فِي رجب.
كَانَ فِي حبْس النّاصر بالكَرَك فمرض فأخرجه، وقد خرج فِي عُنقه
خَرَاجٌ فبطّوه بغير اختباره فمات.
وكان، رحمه اللَّه، ذا فُتُوّةٍ ومروءة، كم أغاث ملهوفا وأعان مكروبا،
فرحمه اللَّه وسامحه. وكانت لَهُ رئاسة، وله نفْس شريفة. اتّهمه
النّاصر بالمسير إلى صاحب مصر فسجنه. وهو أخو الأمير أَبِي الثّناء
محمود الَّذِي روى «الأربعين» عَن السِّلَفيّ، ثنا ابن الخلّال، بِهَا.
ولم أظفر بوفاة محمود بعد.
- حرف الصاد-
313- صالح.
أَبُو البقاء الدَّوْلَعيّ، أخو الخطيب جمال الدّين مُحَمَّد بْن أَبِي
الفضل.
سَمِعَ من: حنبل المكبّر، وكتب فِي الإجازات.
ومات فِي شوّال.
__________
[1] انظر عن (داود بن موسك) في: ذيل الروضتين 179، ومرآة الزمان ج 8 ق
2/ 765 وفيه:
«عماد الدين بن داود بن موسك» ، وإنسان العيون لابن أبي عذيبة، ورقم
330، والمختصر في أخبار البشر 3/ 176، والمختار من تاريخ ابن الجزري
205، 206، وتاريخ ابن الوردي 2/ 177، والوافي بالوفيات 13/ 497، 498
رقم 595.
(47/251)
- حرف الضاد-
314- ضَوْءُ بْن مُصْبِح بْن فَتُّوح.
جمال الدّين، الفقيه الحنبليّ، الوكيل.
سَمِعَ من حنبل، وحدّث فِي هذا العام.
ولم يلْقَهُ الدّمياطيّ.
روى لنا عَنْهُ إِسْحَاق النّحّاس.
- حرف الطاء-
315- طارق بن عبد الغنيّ.
أَبُو منصور الشّافعيّ، قاضي بِلْبِيس.
تُوُفّي بِهَا وقد جاوز التّسعين وانهرم.
روى عَن مؤدّبه يريك بْن عَوَض.
- حرف العين-
316- عَبْد اللَّه بْن المختار.
تُوُفّي فِي شوّال بمصر، وَلَهُ إحدى وستّون سنة.
317- عَبْد اللَّه بْن يوسف [1] بْن زيدان.
أَبُو مُحَمَّد المغربيّ الفاسيّ النَّحْويّ، الأُصُوليّ، المعدّل.
تُوُفّي بمصر كهلا فِي جُمَادَى الأولى.
318- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَد بْن أَبِي بَكْر.
أَبُو القاسم الرَّبَعيّ المقرئ الصُّوفيّ.
تُوُفّي بمصر فِي المحرَّم وله ثمانون سنة.
صحِبَ: أَبَا الرّبيع المالَقِيّ، وَالشَّيْخ أَبَا عَبْد الله
القرشيّ.
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن يوسف) في: بغية الوعاة 2/ 68 رقم 1456.
(47/252)
319- عَبْد الرَّحْمَن بْن سلطان بْن جامع
بْن عويس [1] .
الفقيه رُكن الدّين التّميميّ، الدّمشقيّ، الحنفيّ، أبو بكر.
ولد سنة سبع وسبعين وخمسمائة.
وسمع: مُحَمَّد بْن صَدَقَة، وَعَبْد الرَّحْمَن بْن عَلِيّ الخِرَقيّ،
ويوسف بْن معالي.
وكان إمام مسجد البياطرة قبل ولده شيخنا أي عَبْد اللَّه مُحَمَّد، جدّ
صاحبنا أمين الدّين مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم إمام المسجد يومئذ.
روى لنا عنه: محمد بن محمد الكنجيّ، والمجد ابن الحُلْوانيّة، والبدر
بْن الخلّال، والفخر بْن عساكر، وَمُحَمَّد ابن خطيب بيت الآبار.
وبالحضور العماد ابن البالِسيّ.
تُوُفّي فِي ثامن عشر صفر.
320- عَبْد الرَّحْمَن ضياء الدّين المالكيّ [2] .
الغماريّ، الَّذِي جلس مكان الشَّيْخ أَبِي عَمْرو بْن الحاجب لمّا
انفصل عَن دمشق، وجلس فِي حلقته بالجامع فِي زاوية المالكيّة ومدرستهم.
وكان فقيها كريما، شارِعًا، فاضلا.
تُوُفّي فِي شعبان. قاله أَبُو شامة.
321- عَبْد الرحيم بْن مُحَمَّد بْن بنين بْن خَلَف.
أَبُو الفضل المصريّ السِّمْسار.
روى عَن: عشير بْن عَلِيّ، وابن ياسين، والبُوصِيريّ.
ومات في ثالث ذي الحجّة.
__________
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن سلطان) في: ذيل الروضتين 179، وسير أعلام
النبلاء 23/ 148 دون ترجمة.
[2] انظر عن (عبد الرحمن المالكي) في: ذيل الروضتين 179، والبداية
والنهاية 13/ 172، 173.
(47/253)
سَمِعَ منه: الدّمياطيّ.
322- عَبْد العزيز بْن عثمان بْن أَبِي طاهر بْن مفضّل [1] .
الشَّيْخ عزّ الدّين أَبُو مُحَمَّد الإربليّ، المحدّث.
إمام دار الحديث النّوريّة.
طلب الكثير وسمع بنفسه. وكان صاحب وقار وسَمْتٍ حَسَن.
سَمِعَ: الخُشُوعيّ والقاسم بْن عساكر، وحنبل بْن عَبْد اللَّه.
وبمصر من: الأرتاحيّ، وبنت سعد الخير.
وسمع أيضا من العماد الكاتب، ومن: عَبْد اللّطيف بْن أَبِي سعد.
وكان أديبا فاضلا حَسَن المشاركة فِي العلوم [2] .
كتب عَنْهُ القدماء كعمر ابن الحاجب وطبقته.
وروى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّد الجرائريّ، ومحمد بن محمد الكنجي، وأبو
علي بن الخلّال، وَمُحَمَّد ابن خطيب بيت الآبار، وَمُحَمَّد بْن يوسف
الذّهبيّ، وإبراهيم بْن صَدَقَة المخرّميّ، وآخرون.
وُلِدَ بإربِل فِي سنة إحدى وسبعين وخمسمائة، ومات بالغُوطة بجَوْبر
فِي ثامن عشر ربيع الأوّل.
323- عَبْد المحسن بْن عَبْد الكريم بْن علوان.
أَبُو مُحَمَّد المخزوميّ المصريّ، المالكيّ العدل.
سَمِعَ من: البُوصِيريّ، وغيره.
ومات فِي شوّال عن بضع وستّين سنة.
__________
[1] انظر عن (عبد العزيز بن عثمان) في: ذيل الروضتين 179، وتاريخ إربل
1/ 121 رقم 44، وعقود الجمان لابن الشعار 3/ ورقة 295 ب، والوافي
بالوفيات 18/ 528 رقم 529.
[2] واقتصر ابن المستوفي فقال: سمع الحديث بدمشق على أبي حفص عمر بن
محمد بن طبرزد في ثاني عشر ربيع الأوّل سنة أربع وستمائة وسمع غيره، لم
أتحقّقه فأذكر من حاله شيئا.
وقال أبو شامة: أسمعت عليه ابني محمدا كثيرا من الكتب والأجزاء.
(47/254)
324- عَبْد المنعم بْن مُحَمَّد [1] بْن
مُحَمَّد بْن أَبِي المضاء.
أَبُو المظفَّر البَعْلَبَكّيّ، ثُمَّ الدّمشقيّ، نزيل حماة.
روى عَن: أَبِي القاسم بْن عساكر، والخضِر بْن طاوس.
روى عَنْهُ: الشّهاب أَحْمَد بْن الخَرَزيّ، والتّقيّ إدريس بْن عزيز.
وكان من شهود حماة. تُوُفّي بِهَا فِي الرّابع والعشرين من ذي الحجّة.
325- عَبْد الوهّاب ابن الحنفيّ [2] .
القاضي شَرَفُ الدّين نائب الحكم بدمشق.
تُوُفّي فِي صَفَر.
326- عثمان بْن مَسْعُود بْن عَبْد اللَّه [3] .
الفقيه عزّ الدّين الدّمشقيّ، الحنفيّ. كَانَ من فُضَلاء الحنفيّة.
وُلِدَ سنة أربعٍ وسبعين وخمسمائة.
روى عنه: المجد ابن الحُلْوانيّة، والفخر بْن عساكر، وَمُحَمَّد ابن
خطيب بيت الآبار، وغيرهم.
وولي تدريس الصّادريّة.
وَتُوُفّي فِي ربيع الآخر.
327- عَلِيّ بْن الخَضِر بْن بكران بْن عمران.
أَبُو الْحَسَن الرَّبَعيّ، الْجَزَريّ.
سَمِعَ بدمشق من: ابن طَبَرْزَد، وغيره.
وبمصر من: البوصيري، والأرتاحيّ.
__________
[1] انظر عن (عبد المنعم بن محمد) في: الإشارة إلى وفيات الأعيان 346،
والعبر 5/ 184، وشذرات الذهب 5/ 230، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ
لبنان الإسلامي ق 2 ج 2/ 282 رقم 630.
[2] انظر عن (عبد الوهاب ابن الحنفي) في: ذيل الروضتين 179.
[3] انظر عن (عثمان بن مسعود) في: ذيل الروضتين 179.
(47/255)
وكان شيخا صالحا حافظا لكتاب اللَّه.
روى عنه: الشيخ زين الدين الفارقي، وأبو علي بن الخلّال، وأبو المعالي
ابن البالِسيّ.
مات فِي جُمادى الآخرة.
328- عَلِيّ بْن عَبْد الكافي بْن عَلِيّ بْن موسى [1] .
الإِمَام الفقيه، نجم الدّين، أَبُو الْحَسَن الرَّبَعِيّ،
الصَّقَلّيّ، ثُمَّ الدّمشقيّ، الشّافعيّ.
سَمِعَ: الخُشُوعيّ، والقاسم، والعماد الأصبهانيّ، وأبا المفضّل بْن
الخصيب، وغيرهم.
روى عنه: الشيخ تاج الدين عبد الرحمن، وأخوه، وَمُحَمَّد ابن خطيب بيت
الآبار، والبدر أَحْمَد بن الصّوّاف، والزّين إبراهيم ابن الشّيرازيّ،
وجماعة.
ومات فِي ثاني رمضان.
329- عيسى بْن مُحَمَّد بْن حسّان.
أَبُو القاسم الأنصَاريّ، الشّافعيّ، الحاكم.
وُلِدَ بأسيوط سنة سبْعٍ وخمسين وخمسمائة.
وسمع ببغداد من: منوجهر بْن تركانشاه. وأجاز لَهُ أيضا.
روى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّد الدِّمياطيّ، وغيره.
تُوُفّي بأسوان فِي ثامن شوّال.
- حرف الميم-
330- مُحَمَّد بْن حسان بْن رافع بْن سُمَيْر [2] .
__________
[1] انظر عن (علي بن عبد الكافي) في: ذيل الروضتين 179 وفيه: «النجم
عبد الكافي» بإسقاط اسمه «عليّ» ، وسير أعلام النبلاء 23/ 148 دون
ترجمة.
[2] انظر عن (محمد بن حسّان) في: ذيل الروضتين 179، وصلة التكملة
لوفيات النقلة للحسيني، ورقة 40، والمعين في طبقات المحدّثين 203 رقم
2146، والإشارة إلى وفيات
(47/256)
الخطيب صائنُ الدّين [1] ، أَبُو عَبْد
اللَّه العامريّ، الدّمشقيّ، المعدّل، المحدّث.
سَمِعَ: الخُشُوعيّ، وَعَبْد اللّطيف الصّوفيّ، وابن طَبَرْزَد، وخلْق
سواهم.
وكتب الكثير، وعُني بالحديث. وسمّع أولاده وأقاربه، وكان فاضلا مفيدا،
مليح الكتابة، مشكور السّيرة. كَانَ يؤمّ بمسجد قصر حَجّاج ويخطب بجامع
المُصَلَّى.
روى عَنْهُ: الشَّيْخ تاج الدّين الفَزَاريّ، وأخوه أَبُو عَلِيّ بْن
الخلّال، وَأَبُو عَبْد اللَّه ابن خطيب بيت الآبار، وجماعة.
وَتُوُفّي فِي صفر، رحمه اللَّه تعالى.
331- مُحَمَّد بْن حمّاد [2] بْن أَبِي الْحَسَن سعد اللَّه.
أَبُو بَكْر الحنبليّ، الحلبيّ، مخلص الدّين، الفقيه.
سَمِعَ ببغداد، وحدَّث عَن: أَحْمَد بْن يحيى الدّبيقيّ، وَأَبِي
البقاء العُكْبَرِيّ.
سَمِعَ منه: الزّكيّ البِرْزالي مَعَ تقدُّمه، والنّجيب الصّفّار.
وثنا عَنْهُ مُحَمَّد بْن يوسف الذّهبيّ، وغيره.
تُوُفّي فِي رمضان.
332- مُحَمَّد بْن عَبْد الظّاهر بْن هبة اللَّه بْن النَّصِيبيّ.
الحلبيّ، أَبُو عَبْد اللَّه المحدّث.
سَمِعَ: حنبلا، وابن طَبَرْزَد، والإفتخار الهاشميّ، وجماعة.
وسمّع أولاده، وكتب وحصّل وعني بالطّلب.
__________
[ () ] الأعيان 346، وسير أعلام النبلاء 23/ 147، 148 رقم 102،
والإعلام بوفيات الأعلام 269، والعبر 5/ 184، والبداية والنهاية 13/
172، والنجوم الزاهرة 6/ 357، وشذرات الذهب 5/ 230.
[1] في المعين، وذيل الروضتين: «ضياء الدين» .
[2] انظر عن (محمد بن حمّاد) في: ذيل الروضتين 179 وفيه: «المخلص أبو
بكر بن حمّاد الحنبليّ» .
(47/257)
وَتُوُفّي فِي سادس ربيع الأوّل بحلب.
333- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن خليفة.
أَبُو بَكْر الدّمشقيّ المجلّد الأَنْصَارِيّ، المعروف بالزّكيّ
البستانيّ.
وُلِدَ سنة ستٍّ وسبعين.
وسمع: الخُشُوعيّ، وَمُحَمَّد بْن الخصيب.
وَتُوُفّي فِي ذي القعدة.
334- مُحَمَّد بْن محمود [1] بْن عَبْد المنعم.
الإِمَام تقيُّ الدّين المراتبيَّ [2] ، الحنبليّ.
كَانَ فقيها إماما بارعا فِي مذهبه، ذا فنون.
تُوُفّي بدمشق ودُفن بالجبل فِي جمادى الآخرة.
ذكره أَبُو شامة [3] فَقَالَ: كَانَ عالما متفنّنا، ولي بِهِ صُحبة
قديمة، وبعده لم يبق فِي مذهب أَحْمَد بدمشق مثله.
قلت: هُوَ والد شيختنا خديجة [4] ومحمود الأصمّ [5] . تفقّه عَلَى
الشَّيْخ الموفّق، وغيره.
وسمع من: أبي عليّ الأوميّ، وطائفة [6] .
__________
[1] انظر عن (محمد بن محمود) في: ذيل الروضتين 179، والعبر 5/ 184،
والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 242 رقم 349، ومختصره 72، والبداية
والنهاية 13/ 172، والوافي بالوفيات 5/ 11 رقم 1964، والمنهج الأحمد
381، والمقصد الأرشد، رقم 1065، والدرّ المنضّد 1/ 387، 388 رقم 1065.
[2] تصحّفت هذه النسبة في: ذيل طبقات الحنابلة إلى «المرابتي» بتقديم
الباء على التاء.
[3] في ذيل الروضتين 179.
[4] توفيت سنة 699 هـ. (معجم شيوخ الذهبي 187) .
[5] مات سنة 716 هـ. (معجم شيوخ الذهبي 612) .
[6] وقال ابن رجب: قرأت بخط ابن الصيرفي الفقيه: أنشدني الشيخ تقيّ
الدين المراتبي لغيره:
أيحسن أن أظما وأحواض برّكم ... عذاب، ومن ورّادها أنا معدود
يعوم بها غيري، ويروى، وإنّني ... على ظمأ منها مذاد ومطرود
(الذيل على طبقات الحنابلة 2/ 242) .
(47/258)
335- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد
بْن أَبِي صالح [1] .
أَبُو صالح التُّجِيبيّ الأندلُسيّ المالَقيّ، الزّاهد.
أخذ عن أَبِي مُحَمَّد القُرْطُبيّ، وجماعة.
ونزل سَبْتَةَ وأقرأ بِهَا القرآن والعربيّة. وكان قدوة فِي الزُّهد
والورع، مشهورا [2] .
تُوُفّي رحمه اللَّه فِي ربيع الأوّل. وكانت جنازته مشهورة.
336- محمود بْن نصر اللَّه بْن محمود بْن كامل.
زكيّ الدّين أبو الثّناء الأنصاريّ الدّمشقيّ التّاجر ابن البعلبكّيّ.
ولد سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة.
وسمع من: عبد الرحمن بن علي الخرقي، وغيره.
وببغداد من عَبْد المنعم بْن كُلَيب.
روى عَنْهُ: أَبُو الْحُسَيْن عَلِيّ بْن اليُونينيّ، وَأَبُو عَلِيّ
بْن الخلّال، والصّدر مُحَمَّد الأُرْمَويّ، وجماعة.
ومات فِي ربيع الأوّل.
337- مُعينُ الدّين ابن الشَّهْرَزُوريّ.
القاضي. رئيس فاضل.
تُوُفّي بدمشق. قاله سعد الدّين.
__________
[1] انظر عن (مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أَبِي صالح) في:
ملء العيبة لابن رشيد الفهري 2/ 63، 312.
[2] وقال ابن رشيد الفهري: ولقيت بمالقة الفقيه الأستاذ المقرئ الزاهد
الورع أبا صالح محمد بن محمد بن محمد، وصحبته إلى سبتة ولازمته وقرأت
عليه وسمعت وأجازني (2/ 312) .
(47/259)
- حرف النون-
338- مَسْعُود الْجُويْنيّ [1] ، وهو: نصر اللَّه بْن أَحْمَد بْن
رسلان بْن فتيان بْن كامل.
مجد الدّين، أَبُو الفتح الأَنْصَارِيّ، الدّمشقيّ، العدل. عُرف بابن
البَعْلَبَكّيّ.
سَمِعَ من: الخُشُوعيّ، وجماعة.
وأجازه مَسْعُود الجمّال، وحضر «جزء ابن عَرَفَة» عَلَى ابن كُلَيْب.
روى عَنْهُ: أَبُو الحسين ابن اليُونينيّ، والصَّدر مُحَمَّد
الأُرْمَوِيّ.
وحضورا: مُحَمَّد البالِسيّ [2] .
339- نصْر اللَّه بْن عين الدّولة بْن عيسى.
موفَّقُ الدّين أَبُو الفتح الدّمشقيّ الحنفيّ.
سَمِعَ: الكِنْديّ، وجماعة وبحلب: الافتخار الهاشميّ.
وحدّث.
تُوُفّي في جمادى الأولى.
- حرف الهاء-
340- هاشم بْن الشّريف البهاء عَبْد القادر بْن عثمان بْن عقيل بْن
عَبْد القاهر.
تاج الدّين أَبُو مُحَمَّد الهاشميّ، العبّاسيّ، الدّمشقيّ،
الشُّرُوطيّ، والد شيخنا مُحَمَّد.
وُلِدَ سنة أربع وثمانين وخمسمائة.
__________
[1] انظر عن (مسعود الجويني) في: صلة التكملة، ورقة 39، وذيل الروضتين
179، والمختصر المحتاج إليه 3/ 91، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ
لبنان الإسلامي (تأليفنا) ق 2 ج 5/ 14 رقم 1307.
[2] وأقول: لعلّ صاحب الترجمة هو الّذي روى عن عَبْد المنعم بْن عَبْد
الوهاب بْن سعد بن صدقة الحراني البغدادي، المتوفى سنة 596 هـ.
(المختصر المحتاج إليه، الموسوعة) .
(47/260)
وسمع: الخُشُوعيّ، وَعَبْد اللّطيف بْن
أَبِي سعد، وحنبل بْن عَبْد اللَّه.
روى عَنْهُ: المفتي أبو محمد الفارقي، وأبو علي بن الخلال، وأبو
المعالي بن البالسي، وجماعة.
توفي في سادس رمضان.
341- هبة اللَّه بْن عَبْد الوهّاب بْن أَحْمَد.
أَبُو القاسم بْن النّحّاس.
روى عَن الأمير أسامة بْن مُنْقِذ شيئا من شِعره.
ومات فِي جمادى الآخرة.
- حرف الياء-
342- يعيش بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن حَفّاظ.
أمين الدّين أبو البقاء ابن الكُوَيْس العامريّ.
وُلِدَ سنة ثمانين. وسمع من: الخُشُوعيّ، والقاسم بْن عساكر.
وكان مُقرِئًا فاضلا.
روى عَنْهُ: الشَّيْخ تاج الدّين، وأخوه مُحَمَّد ابن خطيب بيت الآبار،
وآخرون.
وبالحضور: أَبُو المعالي ابن البالِسيّ.
ومات فِي ثامن شوّال.
343- يوسف بْن إسماعيل [1] بن إبراهيم بن عبد الله بن طلحة.
أَبُو العزّ المقدسيّ، ثُمَّ الدّمشقيّ، الحنبليّ، التّاجر، والد شيخنا
الموفَّق، الشّاهد.
حدَّث عَن الخشوعيّ.
روى عنه: المجد ابن الحلوانيّة، ومحمد الكنجيّ، والشّيخ تاج الدّين،
__________
[1] انظر عن (يوسف بن إسماعيل) في: صلة التكملة للحسيني 39.
(47/261)
وأخوه، وَمُحَمَّد ابن خطيب بيت الآبار،
وغيرهم.
وَتُوُفّي بحلب فِي ربيع الآخر.
الكنى
344- أَبُو الحَجّاج الأَقْصُرِيّ [1] .
الزّاهد، هُوَ يوسف بْن عَبْد الرّحيم بْن غزّيّ الْقُرَشِيّ
الأَقْصُريّ.
لَهُ أتباع ومُرِيدون. ألّف «مواقف» كمواقف النّقريّ.
صحِب الشَّيْخ عَبْد الرّزّاق التَّيْنمليّ تلميذ أَبِي مَرِين.
قَالَ لي أَبُو عَمْرو المُرابطيّ: وفاتُه عَلَى لوحٍ عند قبره سنة
أربعٍ.
345- أَبُو السُّعُود بْن أَبِي العشائر [2] بْن شعبان.
الباذبيني، ثُمَّ المصريّ، الزّاهد، شيخ الفقراء السُّعُوديّة.
تُوُفّي فِي تاسع شوّال.
وكان صاحب عبادة وزُهد وأحوال.
وكان بالقرافة. لَهُ أتباعٌ ومريدون.
لم يبلُغْنا شيء من أخباره.
346- أَبُو اللَّيْث [3] .
الزّاهد الحمويّ.
صاحب عبادة ومجاهدة. كَانَ يعمل الرّياضة الأربعينيّة. وله زاوية مليحة
بحماه، وأصحاب وأتباع.
__________
[1] انظر عن (أبي الحجّاج الأقصري) في: سير أعلام النبلاء 23/ 148 دون
ترجمة، وتاريخ الخلفاء للسيوطي 476.
[2] انظر عن (أبي السعود بن أبي العشائر) في: سير أعلام النبلاء 23/
148 (دون ترجمة) ، وطبقات الأولياء 406، 407 رقم 111، وحسن المحاضرة 1/
297، والطبقات الكبرى للشعراني 1/ 189- 194، وجامع كرامات الأولياء 1/
274، والخطط التوفيقية 6/ 17.
[3] انظر عن (أبي الليث) في: سير أعلام النبلاء 23/ 148 دون ترجمة.
(47/262)
وكان يأتي بَعْلَبَكّ ويقيم بِهَا.
وصحِب الشَّيْخَ عَبْدَ اللَّه اليُونينيّ الَّذِي يُقال لَهُ أسَدُ
الشّام.
تُوُفّي أَبُو اللَّيْث بحماة فِي هذه السّنة.
وفيها وُلِد:
إمام الكلّاسة وابن أمامها شمسُ الدين مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَد بْن
عثمان الخِلاطيّ خطيب دمشق، رمضان، وشمسُ الدّين مُحَمَّد بْن الفخر
عَبْد الرَّحْمَن بْن يوسف البَعْلَبَكّيّ الحنفيّ، فِي آخر السّنة،
وصدرُ الدّين أَبُو المجامع إِبْرَاهِيمُ بْنُ سعد الدّين مُحَمَّد بْن
المؤيَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن حَمُّوَيه
الْجُوَينيُّ بآمُلَ، فِي شعبان، وشمسُ الدّين أَبُو العلاء محمودُ
بْنُ أَبِي بَكْر النجاريّ الفَرَضيّ المحدّث، وأمينُ الدّين سالمُ بن
محمد بن حصرى أخو قاضي القضاة، وشهابُ الدّين محمودُ بْن سُلَيْمَان
الكاتب بحلب، فِي شعبان، والقاضي شمسُ الدّين محمدُ بْنُ إِبْرَاهِيم
بْن إِبْرَاهِيم الأذْرعيّ الحنفيّ، فيها تقريبا، وَأَبُو الْحَسَن بنُ
عَبْد اللَّه بْن الشَّيْخ غانم بنابلس، والشَّرَفُ مُحَمَّدُ بن عبد
الله بْنُ رُقَيّةَ المقدسيّ الغفرياتيّ، والشّهابُ أَحْمَدُ بْنُ
سامة، والفخر عثمانُ بْنُ عَبْد الرحمن بْن أَبِي عَلِيّ التّنُوطيّ
المَعَرِّيّ المقرئ، وَالشَّيْخ نورُ الدّين عَلِيُّ بْنُ يوسف بْن
حريز بْن معضاد الشَّطبونيّ المصريّ، بالقاهرة فِي شوّال، والبرهانُ
بْنُ إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الكريم بْن العنبريّ.
(47/263)
سنة خمس وأربعين
وستمائة
- حرف الألف-
347- أَحْمَد بْن عَلِيّ [1] .
أَبُو جَعْفَر بْن الفحّام المالقيّ النّاسخ.
أجاز لَهُ أَبُو عَبْد اللَّه بْن زرقون.
وسمع من: أَبِي القاسم بْن سمحون، وابن نوح الغافقيّ، وابن عَوْن
اللَّه الحصار.
وكان أنيق الوِراقة يعيش منها. وله مشاركة فِي النَّحْو وغيره [2] .
وقد ذكره ابن فرقون فِي «ذيل الصّلة» لَهُ، فسمّاه أَبَا العبّاس
أَحْمَد بْن يوسف بْن أَحْمَد الأَنْصَارِيّ. وكان شُهِرَ بابن
الفحّام. اجتمعت بِهِ بمالقة وأجازني.
ومن شيوخه عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي بَكْر بْن صاف، وَأَبُو بَكْر
محمد بن طلحة، وجماعة.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن علي بن الفحّام) في: تكملة الصلة لابن الأبّار 1/
323، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة للمراكشي ق 1/ 321- 323
رقم 414، وغاية النهاية 1/ 88، رقم 398، وبغية الوعاة 1/ 346 رقم 659.
[2] وقال المراكشي: كان مقرئا متقدّما في التجويد، ميرزا في العربية،
حسن المشاركة في غير ذلك، راوية للحديث، عدلا، ثقة، بارع الوراقة
مثابرا عليها يعيش منها وقتا، وأتقن ما تولّاه منها وأجاد تقييده، وكتب
الكثير، وكان تقيا ورعا فاضلا مؤثرا للخلوة والانفراد بنفسه، ملازما
مسجده أكثر نهاره لا يكاد يبرح منه.
وأرّخ المراكشي وفاته لليلة بقيت من رجب سنة 644 ابن نحو تسعين سنة.
وقال ابن الأبّار إنه توفّي في جمادى الأولى سنة 645 فاللَّه أعلم.
(47/264)
تُوُفّي بمالقة فِي جمادى الأولى عام خمسةٍ
وأربعين.
وأظنّ ابن فرتون واهما قد أدخل ترجمة فِي ترجمة.
348- أَحْمَد بْن يوسف.
أَبُو العبّاس الأنصاريّ، الإشبيليّ، ابن النّجّار.
أحد المتصدّرين للأقراء بإشبيليّة.
أخذ القراءات عَن أَبِي القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن صاف.
ومات فِي آخر العام والفرنج تحاصر إشبيلية.
349- إِبْرَاهِيم بْن خيرخان [1] بْن مودود بْن خيرخان بْن سيف الدّولة
قراجا.
أَبُو إِسْحَاق الحنفيّ، الدّمشقيّ، المعدّل.
سَمِعَ: البُوصِيريّ، والخُشُوعيّ.
وَتُوُفّي فِي المحرَّم.
روى عَنْهُ: المجد ابن الحُلْوانيّة.
350- إِبْرَاهِيم بْن عثمان [2] بْن يوسف أُورَتُق.
مُسْنَدِ العراق، أَبُو إِسْحَاق الكاشْغَريّ، ثُمَّ البغداديّ،
الزَّرْكشيّ.
وُلِدَ فِي جمادى الأولى سنة أربعٍ وخمسين وخمسمائة. وسمّعه أبوه من:
أبي الفتح ابن البطّي، وَأَحْمَد بْن مُحَمَّد الكاغَديّ، وَأَبِي
الْحَسَن علي ابن تاج القرّاء، وأحمد بن عبد الغنيّ الباجسرائيّ،
وَأَبِي بَكْر بْن النَّقُّور، ويحيى بْن ثابت، ونفيسة البزّازة، وهبة
اللَّه بْن يحيى البُوقيّ، وجماعة.
__________
[1] انظر عن (إبراهيم بن خيرخان) في: الجواهر المضية 1/ 37، والطبقات
السنية 1/ 223 رقم 34.
[2] انظر عن (إبراهيم بن عثمان) في: تاريخ إربل لابن المستوفي 1/ 357-
360 رقم 253، والمعين في طبقات المحدّثين 203 رقم 2147، والإعلام
بوفيات الأعلام 269، وسير أعلام النبلاء 23/ 148- 1050 رقم 103، والعبر
5/ 185، ومرآة الجنان 4/ 112، والجواهر المضيّة 1/ 42 رقم 30، والوافي
بالوفيات 6/ 55 رقم 2494، والمنهل الصافي 1/ 99، 100 رقم 52، والطبقات
السنية 1/ 241، 242 رقم 53، وشذرات الذهب 5/ 230، 231.
(47/265)
وطال عُمُره، واشتهر اسمُه، ورحل إِلَيْهِ
الطّلبة.
روى عَنْهُ: الحُفّاظ الكِبار: البِرْزاليّ، وابن نُقْطَة، والضّياء،
وابن النّجّار، والمُحِبّ عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد، وموسى بْن أَبِي
الفتح، وَعَبْد الرّحيم بْن الحاجّ الزَّجّاج، والمُحْيي يحيى بْن
مُحَمَّد بْن القلانسيّ، وَمُحَمَّد بْن عامر الغُسُوليّ، ومدرّس
الحلاويّة الكمال إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه بْن أمين الدّولة،
والتّقيّ إِبْرَاهِيم بْن الواسطيّ، وأخوه مُحَمَّد، والعزّ
إِسْمَاعِيل بْن المُقِرّ، والتّقيّ بْن مؤمن، والمجد بْن العديم قاضي
القُضاة وفتاهُ بَيْبَرْس وهو آخر من روى عَنْهُ، ومحيي الدّين
مُحَمَّد بْن النّحّاس، وابن عمّه البهاء أيّوب، والمجد مُحَمَّد بْن
الظَّهير الحنفيّون، وَعَبْد اللّطيف وَعَبْد الكريم ابنا ابن
المعدَّل، وَأَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن العماد، وعَلِيّ بْن أَحْمَد بْن
عَبْد الدّائم، وشُهْدَة بِنْت ابن العديم، وَمُحَمَّد بْن مُحَمَّد
بْن النَّصيبيّ، وعَلِيّ بْن عثمان الطَّيّبيّ.
وسمعنا من جماعة بإجازته، وهي متيَّسرة.
قَالَ ابن نُقْطَة: سَمِعْتُ منه، وسماعه صحيح.
وقال عُمَر بْن الحاجب: كَانَ شيخا شهلا سمحا، ضحوك السّنّ، له أصول
يحدّث منها. وكان سليم الباطن، مشتغلا بصنعته، إلّا أَنَّهُ كَانَ
يتشيّع ولم يظهر منه إلّا الجميل.
وقال أبو طالب ابن السّاعي: هُوَ أوّل من رُتّب شيخا بدار الحديث
المستنصريّة، وذلك فِي ذي القعدة سنة إحدى وأربعين.
قلت: إنّما وليها بعد موت شيخها ابن القُبّيْطيّ. وقد عُمّر وساء
خُلُقُه، وبقي يحدّث بالأُجرة، ويُعاسر عَلَى الطَّلَبة. وحكاية
المُحِبّ معه مشهورة، فإنّه لمّا دخل بغداد بادر وذهب إِلَيْهِ بجزء
ابن البانياسيّ ليقرأه عَلَيْهِ وهو عَلَى حانوت، فَقَالَ: ما بي فراغٌ
السّاعة. فألحّ عَلَيْهِ فتركه وراح، فتبِعَه وشرع يقرأ فِي الجزء.
وقرأ ورقة، ووصل إلى بيته، فضربه بعصاه ضربتين، وقعت الواحدة فِي
الجزء، ودخل وأغلق الباب. فرأيت ذَلِكَ بخطّ المُحِبّ.
ثُمَّ استولى عَلَيْهِ فِي سنة ثلاثٍ وأربعين الأمراض والهَرَم، وانقطع
فِي بيته.
(47/266)
قَالَ ابن النّجّار: هُوَ صحيح السّماع
إلّا أَنَّهُ عسِر جدّا، يذهب إلى الاعتزال.
قَالَ: ويقال إنّه يرى رأي الفلاسفة، ويتهاون بالأمور الدّينيّة، مَعَ
حُمْقٍ ظاهرٍ فِيهِ وقلّة عِلْم.
ثُمَّ روى ابن النّجّار عَنْهُ حديثا من جزء أَحْمَد بْن ملاعب.
وهو آخر من كَانَ فِي الدنيا بينه وبين مالك. وهم: ابن البطّيّ وغيره،
عَن البانياسيّ، عَن ابن الصَّلْت، عَن الهاشميّ، عَن أَبِي مُصْعَب،
عَن مالك [1] .
تُوُفّي فِي حادي عشر جمادى الأولى، وفات الشّريفَ [2] وفاتُهُ.
351- إِبْرَاهِيم بْن أَبِي عَبْد اللَّه بْن أَبِي نصر.
أَبُو إِسْحَاق بْن النّحّاس الحلبيّ العدل، ويُعْرَف قديما بابن
عمرون.
ولد سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة.
وسمع من: ابن طَبَرْزَد، والافتخار الهاشميّ.
ورحل إلى بغداد فسمع من: عَبْد العزيز بْن الأخضر، وَأَحْمَد بْن
الدّبيقيّ، وجماعة.
وكتب الكثير، وعُنِي بالحديث.
روى عَنْهُ ابنه شيخنا بهاء الدّين محمد النّحويّ.
__________
[1] وقال ابن المستوفي: المعروف جدّه بأورتق، من ساكني بغداد، قدم إربل
في جمادى الآخرة من سنة عشرين وستمائة. سمع أبا المظفّر أحمد بْن
مُحَمَّد بْن عَلي بْن صالح الكاغدي، وأبا الفتح محمد بن عبد الباقي بن
أحمد بن سلمان بن البطّي، وغيرهما. روى الحديث بإربل، سمع عليه الشيخ
الحافظ أبو محمد بدل بن أبي المعمّر، وأبو طاهر محمد بن يوسف بن بقاء
الشاعر الموصلي، وعمر بن كمشكين بن خطلبة الإربلي، وأحمد بن يحيى بن
نزار اليمني، وحمّاد بن ثمال بن حمّاد السويداوي الملقّب بالماجشون،
وعباس بن بزوان، وغيرهم.
أجاز لي الكاشغري ... ولم أعلم بهذا الشيخ الكاشغري، لما قدم إربل فأخذ
عنه. (تاريخ إربل) .
[2] أي الحسيني صاحب: صلة التكملة لوفيات النقلة، إذ لم يذكره فيه.
(47/267)
وَتُوُفّي سابع عشر المحرَّم.
- حرف التاء-
352- تمّام بْن أَحْمَد [1] بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَلِيّ.
أَبُو المكارم شهابُ الدّين الأَنْصَارِيّ الدّمشقيّ، المعروف بابن
السَّيْرَجيّ.
من بيت عدالة وكتابة وتقدُّم.
سَمِعَ: الخُشُوعيّ، وَعَبْد اللّطيف الصّوفيّ، وحنبل بْن عَبْد
اللَّه.
روى عَنْهُ: الشَّيْخ زين الدّين الفارِقيّ، وَأَبُو عَلِيّ بْن
الخلّال، والصّدر مُحَمَّد الأمَوِيّ، والمجد عَبْد الرَّحْمَن بْن
الإسْفَرَائينيّ، وجماعة.
ومات فِي شعبان وقد قارب السّتّين. وأجاز لأبي نصر بْن الشّيرازيّ.
- حرف الحاء-
353- الْحُسَيْن بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن حمزة [2] .
نقيبُ الأشراف، قُطْبُ الدّين، أَبُو عَبْد اللَّه العَلَويّ الحسينيّ،
الأديب.
اتّفق أَنَّهُ قَالَ عَلَى سبيل التّصحيف: نريد حليقة حديد، أي خليفة
جديد.
فنُقِلت إلى الإِمَام النّاصر فَقَالَ: بل حلقتان. فقيّده وسجنه
بالكوفة إلى أن مات النّاصر. ثُمَّ أُخرج.
تولّى فِي أوّل الدّولة المستنصريّة النّقابة، وحظي عند المستنصر.
تُوُفّي فِي المحرَّم وقد جاوز السّبعين، وخلّف دنيا واسعة، من ذلك ذهب
عين عشرون ألف دينار [3] .
__________
[1] انظر عن (تمام بن أحمد) في: الوافي بالوفيات 10/ 399 رقم 4894.
[2] انظر عن (الحسين بن الحسن) في: الحوادث الجامعة 110، وتلخيص مجمع
الآداب ج 4 ق 4/ 630، والمختار من تاريخ ابن الجزري 209، 210، والبداية
والنهاية 13/ 173 وفيه: «الحسن بن الحسين» ، والوافي بالوفيات 12/ 355،
356 رقم 337، والعسجد المسبوك 2/ 555، 556، وأعيان الشيعة 25/ 310.
[3] من شعره:
(47/268)
- حرف الخاء-
354- خديجة بِنْت القاضي أَبِي المجد عَبْد الرَّحْمَن بْن عَلِيّ بْن
قُرَيش المخزوميّ.
وتُدْعَى ستّ النّساء.
روت بالإجازة عَن: أَبِي الطّاهر بْن عَوْف.
روى عَنْهَا: شيخنا الدّمياطيّ.
- حرف الزّاي-
355- زينب بِنْت سالم.
البغداديّة.
روت بالإجازة عَن شُهْدَة.
- حرف السين-
356- السَّبْتيّ.
من صُلحاء العراق ومشاهير المشايخ.
357- سُلَيْمَان بْن دَاوُد [1] بْن العاضد باللَّه عَبْد اللَّه بْن
يوسف بن الحافظ.
__________
[ () ]
لجّ بي الشوق إلى شادن ... مهفهف كالقمر الطّالع
يميس كالنّشوان من عجبه ... وينثني كالغصن اليانع
ويرشق القلب إذا ما بدا ... بأسهم من طرفه الرائع
قد كنت أبكي قبل حبّي له ... بأدمع من جفني الهامع
حتى رسا الحبّ بقلبي فما ... أبكي بغير العلق الناصع
أغضّ أجفاني لا من كرى ... تشبّها بالراقد الوادع
لعلّ طيفا منك يأتي إذا ... أبصرني في صورة الهاجع
أعلّل النفس بزور المنى ... علّة لا راج ولا طامع
قناعة منّي بما لا أرى ... وتلك عندي غاية القانع
[1] انظر عن (سليمان بن داود) في: مفرّج الكروب 5/ 381، 382، وسير
أعلام النبلاء 23/ 271 رقم 181، والوافي بالوفيات 15/ 377 رقم 524،
واتعاظ الحنفا للمقريزي 3/ 347، والدرّ المطلوب لابن أيبك 363.
(47/269)
العُبَيْديّ المصريّ. هلك فِي شوّال سنة
خمسٍ وأربعين وستمائة بقلعة الجبل.
قَالَ القاضي جمالُ الدّين بْن واصل: سافرتُ إلى مصر سنة إحدى وأربعين
وسمعت أنّ دعوة الإسماعيليّة المصريّين لَهُ، ولهم فِيهِ اعتقاد عظيم.
ورأيت مَن اجتمع بِهِ وتحدّث معه فأخبرني أَنَّهُ فِي غاية الجهل
والغباوة.
قَالَ ابن واصل [1] : وكان قد أُدخِلَتْ أُمُّه إلى دَاوُد بْن العاضد
فِي الحبْس، يعني أيّام صلاح الدّين، فِي زِيّ مملوك، وملك سرقوطَها
دَاوُد، فحملت بسليمان. ثُمَّ حُملت الجارية إلى الصّعيد فولدت
سُلَيْمَان وترعرع، وأُخفي أمرُهُ عَن الدّولة عند بعض الرُّعاة،
فأُعلم بِهِ الملك الكامل، فظفر بِهِ وحبسه. ولمّا زالت الدّولة بموت
العاضد قَالَتْ دُعاتهم: الإمامة صارت لابنه دَاوُد، ولَقَّبُوه بينهم:
الحامد للَّه، ومات دَاوُد هذا فِي السّجن فِي سلطنة العادل. وأمّا
سُلَيْمَان فلم يخلِّف ولدا ذَكَرًا.
قَالَ ابن واصل [2] : سَمِعْتُ من ينتمي إلى مذهبهم يدّعي أنّ لَهُ
ولدا قد أُخفي.
قَالَ ابن واصل: وبقي منهم اليوم رجلان محبوسان يقلعة الجبل [3] ...
جدّهما العاضد. وكان أحدهما واسمه القاسم قد بلغه أنّي صنّفت «تاريخا»
للسّلطان الملك الصّالح: وذكرت فِيهِ أخبار هَؤُلاءِ القوم وما قاله
النّسّابون فيهم، وأنّ بعضهم قَالَ أصلهم يهود. فطلعت يوما إلى القلعة
المحروسة، ودخلت عَلَى باب الحبس، والقاسمُ هذا قاعدٌ عَلَى الباب،
فسأل عنّي، فعُرِّف بي، فاستدعاني فأتيتُه، فَقَالَ: أنتَ ذكرتَ أنّ
نَسَبَنَا يرجع إلى اليهود؟ فخجلت منه وما أمكنني إلّا الاعتراف، وأحلت
الأمر على قول المؤرّخين.
__________
[1] في مفرّج الكروب 5/ 682.
[2] في مفرّج الكروب 5/ 382.
[3] في الأصل بياض.
(47/270)
قَالَ: وبالجملة مذاهبهم رديّة واعتقادهم
فِي الإلهيّات [1] ينزح إلى رأي المتفلسفة، وسُمُّوا الباطنيّة لأنّهم
ينزّلون القرآن عَلَى معانٍ مخالفةٍ لآرائهم ويصرفونه عَن ظاهره.
- حرف الشين-
358- شُعَيب بْن يحيى [2] بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عطية.
أبو مدين القيروانيّ الأصل، الإسكندرانيّ، التّاجر ابن الزَّاغونيّ،
نزيل مكّة.
وُلِدَ سنة خمس وستّين وخمسمائة.
وسمع من: السِّلَفيّ. وجاوَرَ مدّة. وكان معروفا بالبِرّ والإيثار.
روى عَنْهُ: الزّكيّ المنذريّ، والشَّرَف الدِّمياطيّ، والجمال بْن
الطّاهِريّ، والرِّضى إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد الطَّبَريّ، إمام
المقام، وأخوه الصَّفيّ مُحَمَّد بْن مُحَمَّد، والبهاء أيّوب بْن
النّحّاس، وأخوه الأمين مُحَمَّد، والمُحِبّ أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه
الطّبريّ الفقيه، وجماعة من المكّيّين.
وتُوُفّي فِي الثّالث والعشرين من ذي القعدة وله ثمانون سنة.
359- ( ... ) [3] تاج النّساء بِنْت قاضي القُضاة جَعْفَر بْن عَبْد
الواحد بْن أَحْمَد الثّقفيّ.
البغداديّة.
روت عَن: عُبَيْد اللَّه بْن شاتيل.
وَتُوُفّيت في رمضان.
__________
[1] في الأصل: «الإلاهيات» .
[2] انظر عن (شعيب بن يحيى) في: صلة التكملة للحسيني، ورقة 49، والمعين
في طبقات المحدّثين 203 رقم 2148 وفيه: «أبو مدين بن شعيب» ، والإشارة
إلى وفيات الأعيان 346، وسير أعلام النبلاء 23/ 268، 269 رقم 178،
والإعلام بوفيات الأعلام 269، والعبر 5/ 186، والنجوم الزاهرة 6/ 359،
وشذرات الذهب 5/ 231.
[3] في الأصل بياض.
(47/271)
روى عَنْهَا بالإجازة البهاء فِي «معجمه» .
- حرف العين-
360- عَبْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم [1] بْن سَعِيد بْن القائد.
القاضي أَبُو مُحَمَّد الهلاليّ، الرِّيغيّ. ورِيغ معاملة من ناحية
الجنوب ببلاد المغرب، ولد بها سنة إحدى وخمسين وخمسمائة تقريبا.
وكتب إِلَيْهِ السِّلَفيّ بالإجازة، ثُمَّ قدِم الإسكندريّة، وسمع من:
الإِمَام أَبِي الطّاهر بْن عَوْف، والفقيه مخلوف بْن جارة.
وكان بصيرا بمذهب مالك. أعاد بمدرسة المالكيّة بمصر.
وسمع من: أَبِي القاسم الشّاطبيّ جميع «المُوَطَّأ» عَن ابن هُذَيْل،
وولي قضاء الإسكندريّة.
وكان ورِعًا، صليبا فِي الأحكام، ديِّنًا مَهِيبًا. وولي الخطابة أيضا
أربعين سنة. واستعفى من القضاء قبل موته بسنة.
روى عَنْهُ: شيخنا الدّمياطيّ وأثنى عَلَيْهِ.
وَتُوُفّي فِي الثامن والعشرين من ربيع الآخر عن أربع وتسعين سنة.
361- عبد الله ابن زين الأمناء [2] أبي البركات الحسن بن محمد.
نظامُ الدّين الدّمشقيّ، الشّافعيّ، ابن عساكر.
أخو عَبْد الوهّاب وَعَبْد اللّطيف [3] .
تُوُفّي فِي هذه السّنة.
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن إبراهيم) في: صلة التكملة للحسيني، ورقة 46،
وسير أعلام النبلاء 23/ 272، 273 رقم 183، وذيل التقييد للفاسي 2/ 29
رقم 1103، والمقفّى الكبير للمقريزي 4/ 437 رقم 1512، وتبصير المنتبه
1/ 624.
[2] انظر عن (عبد الله بن زين الأمناء) في: ذيل الروضتين 180.
[3] وكانت وفاة عبد اللطيف في السنة الماضية 644 هـ. ويلقّب «ركن
الدين» وكان متزهّدا ذا وسواس.
(47/272)
362- عَبْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه.
أَبُو مُحَمَّد عتيق عبدون الرُّهاويّ.
شيخ مُسْنِد، سَمِعَ ببغداد من: ذاكر بْن كامل، ويحيى بْن بَوْش،
وَعَبْد المنعم بْن كُلَيْب، وداود بْن نظام المُلْك، وأخته بِلْقيس.
روى لنا عَنْهُ: أَبُو المفضّل إِسْحَاق النّحّاس.
وسمع منه: شيخنا ابن الظّاهريّ، وجماعة.
وَتُوُفّي بحرّان فِي جمادى الآخرة.
363- عَبْد اللَّه بْن هلال.
الباجِسْرائيّ.
سَمِعَ: ابن بَوْش، وابن كُلَيْب.
364- عَبْد اللَّه بْن قاسم [1] بن عبد الله بن محمد بن خلف.
أَبُو مُحَمَّد اللَّخْميّ الحافظ الأندلسيّ، الحريريّ.
وُلِدَ سنة إحدى وسبعين وخمسمائة.
وسمع من عَبْد الرَّحْمَن بْن عَلِيّ الزُّهْرِيّ «صحيح الْبُخَارِيّ»
بسماعه من شُرَيْح.
وسمع من: أَبِي الْحَسَن بْن عظيمة، وطائفة.
وعُنِي بالحديث أتمّ عناية، وصنّف كتاب «حديقة الأنوار فِي معرفة
الأنسَاب» ، وكتابُ المنهج الرّضِيّ فِي الجمع بين كتابي ابن بشكُوال
وابن الفَرَضِيّ.
وكان مَعَ حِفْظه شاعرا مجوِّدًا، مليح الحظّ.
تُوُفّي بإشبيليّة فِي حصار الرّوم، لعنهم اللَّه، بِهَا في شوّال سنة
خمس. وفي
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن قاسم) في: تكملة الصلة لابن الأبّار 2/ 902،
903 رقم 2121، والوافي بالوفيات 17/ 406 رقم 341.
(47/273)
خامس شعبان سنة ستٍّ دخلها الطّاغيةُ صاحب
قشْتَالة صُلْحًا بعد أن حاصرها ستّة عشر شهرا، فإنّا للَّه وإنّا
إِلَيْهِ راجعون.
365- عَبْد الجبّار بْن بشّار.
المقدسيّ، ثُمَّ الإسكندرانيّ، المالكيّ.
روى عَن: ابن مُوق.
وعنه: الدّمياطيّ، وغيره.
وأجاز: البهاء ابن البرزاليّ، والعماد ابن البالِسيّ.
وَتُوُفّي فِي المحرَّم.
366- عَبْد الخالق بْن تروس بْن قسطة.
مولى القاضي الزّكيّ.
روى عَن: عَبْد اللّطيف بْن أَبِي سعد.
ومات فِي جُمَادَى الآخرة.
367- عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حَرَميّ [1] فُتُوح بْن بَنِين [2] .
أَبُو القاسم المكّيّ، العطّار، الكاتب، المعمّر الفاضل، الورّاق.
وُلِدَ سنة بضع وأربعين وخمسمائة، و ( ... ) [3] ابن ناصر وأبا بَكْر
بْن الزّاغونيّ، ولكن لم يكن لَهُ من يستجيز لَهُ. فلمّا شبّ سَمِعَ
بنفسه «صحيح الْبُخَارِيّ» من عَلِيّ بْن عمّار المقرئ، بسماعه لَهُ من
عيسى بن أبي ذرّ، عن أبيه.
__________
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن أبي حرمي) في: صلة التكملة، للحسيني، ورقة
47، والمعين في طبقات المحدّثين 203 رقم 2149، والإشارة إلى وفيات
الأعيان 346، وسير أعلام النبلاء 23/ 269، 270 رقم 179، وذيل التقييد
للفاسي 2/ 91، 92 رقم 1217، والعقد الثمين، له 5/ 398.
[2] بنين: ضبطها الفاسي بباء موحّدة ثم نون ثم ياء مثنّاة من تحت ثم
نون. (ذيل التقييد 2/ 92) .
[3] في الأصل بياض. ويحتمل أن يكون: «وعاصر» .
(47/274)
ثُمَّ رحل إلى الشّام والعراق، سنة ثمانين
وخمسمائة، فسمع ببغداد من:
أَبِي الفَتْح بْن شاتِيل، ونصرِ اللَّه القزّاز.
وبدمشق من: الفضل بْن الْحُسَيْن البانياسيّ، وَأَبِي سَعِيد بْن أَبِي
عصرون، وغيرهما.
وأجاز لَهُ أَبُو طاهر السِّلَفيّ.
روى عَنْهُ: الإِمَام مُحِبُّ الدّين أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه
الطَّبريّ، والقاضي مجد الدّين بْن العديم، والحافظ شَرَفُ الدّين
الدّمياطيّ، ورضيُّ الدّين إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد الطَّبريّ، وأخوه
الصّفيّ أَحْمَد، وآخرون.
قَالَ الدّمياطيّ: تُوُفّي فِي نصف رجب، وقد جاوز المائة.
368- عَبْد الرَّحْمَن بْن مكّيّ بْن جَعْفَر.
أَبُو القاسم الأَزَجيّ الدّبّاس.
سَمِعَ: أَبَا الْحُسَيْن عَبْد الخالق اليُوسُفيّ.
ومات فِي ربيع الأوّل. كذا ذكره الشريف عزّ الدّين، ولا أعرفه.
369- عَبْد الرَّحْمَن بْن يحيى بْن عتيق.
أَبُو القاسم بْن علّاس الغسّانيّ الإسكندرانيّ، المالكيّ، ويُعرف بابن
القِصْدِيريّ.
وُلِدَ سنة أربعٍ وستّين وخمسمائة.
وسمع من: القاضي مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن الحضْرميّ، وحمّاد
الحرّانيّ.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وغيره.
وَتُوُفّي فِي شوّال.
370- عَبْد الرّحيم بْن الحافظ القاضي أَبِي الْحَسَن عُمَر بْن
عَلِيّ.
الْقُرَشِيّ، الزُّبَيْريّ، أَبُو البركات الدّمشقيّ، ثُمَّ البغداديّ.
وُلِدَ فِي رمضان سنة ثلاثٍ وسبعين، وحضّره أَبُوهُ عَلَى تَجَنِّي
الوهْبانيّة، واستجاز لَهُ شُهْرَةَ. ومات أَبُوهُ وهو طفل، فتولّاه
اللَّه ونشأ ولدا مباركا.
(47/275)
وكان ورِعًا، صالحا، ديِّنًا، سَلَفِيًّا.
تُوُفّي فِي الثّاني والعشرين من شعبان.
أجاز لابن الشّيرازيّ، وسعد، والبجريّ، وبنت مؤمن.
371- عَبْد المأمون بْن مُحَمَّد [1] بْن الحَسَن.
أَبُو مُحَمَّد بْن اللّكّاف البغداديّ، المقرئ، الحنفيّ.
كَانَ شيخ الحنفيّة وعالَمهم بالعراق.
وقد سَمِعَ بدمشق من التّاج الكِنْديّ، وَأَبِي عَبْد اللَّه بْن
البنّاء.
وَتُوُفّي إلى رحمة [2] اللَّه تعالى فِي ربيع الأوّل.
372- عُبَيْد اللَّه بْن النّيّار [3] .
الأَجَلّ تاج الدّين البغداديّ.
373- علوان بْن عَلِيّ بْن جُميع.
الرجل الصّالح، أَبُو عَلِيّ الحرّانيّ.
روى بالإجازة عَن أَبِي زرعة المقدسيّ، وَأَحْمَد بْن المقرِّب،
وَأَبِي بَكْر بْن النَّقُّور، وجماعة.
روى عَنْهُ: الشَّرَفُ عَبْد الأحد ابن تَيْمِيّة.
وَتُوُفّي فِي جمادى الآخرة.
374- عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيم [4] بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن
بَكْرُوس.
الفقيه أبو الحسن التّميميّ، البغداديّ، الحنبليّ.
__________
[1] لم يذكره ابن أبي الوفاء القرشي في (الجواهر المضية) مع أنه من
شرطه.
[2] في الأصل: «رحمت» .
[3] انظر عن (عبيد الله بن النيّار) في: المختار من تاريخ ابن الجزري
211 وفيه: «أبو الحسن عبيد الله بن محمد بن الحسين بن النيار اليعقوبي
وكيل أم المستعصم باللَّه في رجب، وحضر الخلق بسبب أخيه شيخ الشيوخ أبي
المظفر علي بن النيار. وعاش ستين سنة» .
[4] انظر عن (علي بن إبراهيم) في: الذيل على طبقات الحنابلة 2/ 243 رقم
350، ومختصره 72، والمقصد الأرشد، رقم 694، والمنهج الأحمد 381، والدرّ
المنضّد 1/ 388 رقم 1066.
(47/276)
ولد سنة ثمان وثمانين وخمسمائة.
وسمع من: يحيى بْن بَوْش، وابن كُلَيْب.
روى لنا عَنْهُ الشَّيْخ مُحَمَّد بْن أَحْمَد القزّاز.
ومات فِي رجب.
375- عَلِيّ بْن عَبْد الرحمن [1] بن أبي المكارم عبد الواحد بن هلال.
الصّدر شمس الدّين، أَبُو الْحَسَن الأزْديّ، الدّمشقيّ.
ولد سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة.
وسمع من: العدل عَبْد الوهّاب والد كريمة، وَأَبِي مُحَمَّد القاسم بْن
عساكر.
روى عَنْهُ: الفخر إِسْمَاعِيل بْن عساكر، وغيره.
وَتُوُفّي فِي الثّامن والعشرين من شعبان.
376- عَلِيّ بْن يعقوب [2] .
الفقيه كمال الدّين الدَّوْليّ الشّافعيّ.
ولي قضاء بَعْلَبَكّ، ثُمَّ قضاء صَرْخَد، ثُمَّ زُرَع [3] .
تُوُفّي فِي رمضان.
377- عَلِيّ بْن أَبِي الْحَسَن [4] بْن منصور.
__________
[1] انظر عن (علي بن عبد الرحمن) في: ذيل الروضتين 180 وفيه: «الشمس بن
هلال» .
[2] انظر عن (علي بن يعقوب) في: ذيل الروضتين 180.
[3] وقال أبو شامة: تولّى القضاء ببعلبكّ، ثم بصرخد، ثم برزة وبها
توفي. وقد وجدت بخط الدولبي المذكور أنه عليّ بن يعقوب بن إسحاق بن عبد
الله بن أبي الحسن. وهو كردي الجوزقاني، رحمه الله تعالى. وكان شيخا في
الفقه.
[4] انظر عن (علي بن أبي الحسن) في: نهاية الأرب 29/ 328، والإشارة إلى
وفيات الأعيان 346، 347، والإعلام بوفيات الأعلام 269، والمشتبه في
الرجال 1/ 150، وسير أعلام النبلاء 23/ 224- 227 رقم 144، وفوات
الوفيات 2/ 42- 45، والذيل على الروضتين 180، وشذرات الذهب 5/ 231،
232، والنجوم الزاهرة 6/ 359، 360، والكواكب الدرّية (مخطوط) ، وجامع
كرامات الأولياء 2/ 174، والحوادث الجامعة 235 وفيه وفاته سنة 646 هـ،
والعبر في خبر من غبر 5/ 186، وتاريخ ابن الوردي 2/ 178، وعيون
(47/277)
الشَّيْخ أَبُو الْحَسَن، وَأَبُو مُحَمَّد
الحريريّ، مقدّم الطّائفة الفقراء الحريريّة [1] أولي الطّيبة
والسّماعات والشّاهد.
كَانَ لَهُ شأن عجيب ونبأ غريب. وهو حورانيّ من عشيرة يُقال لهم بنو
الرّمان.
وُلِدَ بقرية بُسْر [2] ، وقدِم دمشق صبيّا فنشأ بِهَا. وذكر الشَّيْخ
أنّ مرجع قومه إلى قبيلةٍ من أعراب الشّام يُعرفون ببني قرقر. وفي قرية
مردا من جبل نابلس قوم من بني قرقر.
وكانت أمّ الشّيخ دمشقيّة من ذُرّيّة الأمير قِرْواش بْن المسيّب
العُقَيْليّ، وكان خاله صاحب دُكّان بسوق الصّاغة.
قَالَ النّجمُ بْنُ إسرائيل الشّاعر: أدركتُه ورأيته.
قَالَ: وَتُوُفّي والد الشَّيْخ وهو صغير فنشأ فِي حَجْر عمّه، وتعلّم
صنعة العتّابيّ [3] ، وبرع فيها حتّى فاق الأقران. ثُمَّ اقتطعه اللَّه
إلى جنابه العزيز فصحِب الشَّيْخَ أَبَا عَلِيّ المغربل خادم الشَّيْخ
رسلان.
قرأت بخطّ الحافظ سيف الدّين ابن المجد ما صورته: عليّ الحريريّ:
وطئ أرض الجبل ولم يكن ممّن يمكنه المقام بِهِ، والحمد للَّه. كَانَ من
أفتن شيء وأضرّه عَلَى الإِسْلَام، مُظهِرًا سُنَّةَ الزَّنْدقة
والاستهزاء بأوامر الشّرع ونواهيه.
وبلغني من الثّقات بدء أشياء يُسْتَعْظَم ذِكرُها من الزَّنْدقة
والْجُرأة عَلَى اللَّه. وكان مُسْتَخِفًّا بأمر الصّلوات وانتهاك
الحُرُمات.
__________
[ () ] التواريخ 20/ 14- 17، والمختار من تاريخ ابن الجزري 212، ومرآة
الجنان 4/ 112، 113، والبداية والنهاية 13/ 173، 174، والعسجد المسبوك
2/ 556، 557، وطبقات الأولياء لابن الملقّن 450، 451 رقم 140، والفلاكة
والمفلوكين للدلجي 72، وجامع كرامات الأولياء 2/ 340.
[1] قال أبو شامة في (ذيل الروضتين 180) الحريرية: أصحاب الرأي المنافي
للشريعة وباطنهم شرّ من ظاهرهم.
[2] في نهاية الأرب 29/ 328 «بشر» . وجاء في مرآة الجنان 4/ 113 إنه
ولد بقرية تستر من حوران! وهذا تصحيف.
[3] العتّابيّ: صناعة النسيج، ويكون مخطّطا كجلد الفرس العتّابيّ.
(47/278)
ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُل أنّ شخصا
دخل الحمّام فرأى الحريريَّ فِيهِ ومعه صِبيان حِسانٌ بلا مَيَازِر،
فجاء إِلَيْهِ فَقَالَ ما هذا؟ فَقَالَ: كأنّ لَيْسَ سوى هذا، وأشار
إلى أحدهم تمدَّد عَلَى وجهك، فتمدّد. فتركه الرجل وخرج هاربا ممّا
رَأَى.
وحَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاق الصَّريفينيّ قَالَ: قلت للحريريّ: ما
الحُجَّةُ فِي الرَّقص؟ قَالَ: قوله تعالى: إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ
زِلْزالَها 99: 1 [1] . وكان يُطْعِم ويُنْفق ويهوِّن أمورَ الدّين
فيتبعه كلُّ مريب. وشاع خبره، وشهِد عَلَيْهِ خلقٌ كثير بما رأوا منه
ومن أصحابه بما يوجب القتْل. ورُفِع أمره إلى السّلطان، فلم يقدم عَلَى
قتله، بل سجنه مرّة بعد أخرى، ثُمَّ أُطلِق والله المستعان عَلَى هذه
المصيبة الّتي لم يُصَب المسلمون بمثلها.
قلت: رحم اللَّه السّيفَ ابن المجد ورضي عَنْهُ، فكيف لو رَأَى كلام
الشّيخ ابن العربيّ الَّذِي هُوَ محض الكُفْر والزَّنْدقة لقال إنّ هذا
الرجل المنتظر. ولكنْ كَانَ ابن العربيّ منقبضا عَن النّاس، وإنّما
يجتمع بِهِ آحاد الاتّحادية، ولا يصرّح بأمره لكلّ أحد، ولم يشتهر
كُتُبه إلا بعد موته بمدّة. ولهذا تمادى أمره، فلمّا كَانَ عَلَى رأس
السّبعمائة جدّد اللَّه لهذه الأمّة دينها بهتْكه وفضيحته، ودار بين
العلماء كتابه «الفصوص» . وقد حطّ عَلَيْهِ الشَّيْخ القُدوة الصّالح
إِبْرَاهِيم بْن معضاد الْجَعْبَريّ، فيما حَدَّثَنِي بِهِ شيخُنا ابن
تَيْميّة، عَن التّاج البرنْباريّ، أَنَّهُ سَمِعَ الشَّيْخ
إِبْرَاهِيم يذكر ابنَ العربيّ فَقَالَ: كَانَ يقول بقِدَم العالم ولا
يُحرِّم فَرْجًا.
وأنبأنا العلّامة ابنُ دقيق العيد أنه سمع الشَّيْخ عز الدين بْن عَبْد
السّلام يَقُولُ فِي ابن العربيّ: شيخ كذّاب.
وممّن حطّ عَلَيْهِ وحذّر من كلامه الشّيخ القدوة الوليّ إبراهيم
الرّقّي.
__________
[1] أول سورة الزلزلة.
(47/279)
وممّن أفتى بأنّ كتابه «الفصوص» فِيهِ
الكُفْر الأكبر قاضي القضاة بدر الدّين ابن جماعة، وقاضي القُضاة سعد
الدّين الحارثيّ، والعلّامة رُكْن الدّين عُمَر بْن أَبِي الحَرَم
الكتّانيّ، وجماعة سواهم.
وأمّا الحريريّ فكان متهتّكا، قد ألقى جِلْباب الحياء، وشطح حتّى
افتضح، واشتهر مُروقُه واتَّضح. وأبلغ ما يقوله فِي هَؤُلاءِ ( ... )
[1] العلماء أنّ لكلامهم معاني وراء ما نفهمه نَحْنُ، مَعَ اعترافهم
بأنّ هذا الكلام من حيث الْخَطَّاب العَرِيّ كُفْر وإلحاد، لا يخالف
فِي ذَلِكَ عاقل منهم إلّا من عاند وكابر.
فخُذْ ما قاله الحريريّ فِي «جزء مجموع كلامه» يتداوله أصحابُه بينهم
قَالَ: إذا دخل مريدي بلدَ الرّوم، وتنصّر، وأكل لحم الخنزير، وشرِب
الخمر كَانَ فِي شُغلي.
وسأله رَجُل: أيّ الطُّرُق أقرب إلى اللَّه حتَّى أسير فِيهِ؟ فَقَالَ
لَهُ: اترك السَّيرَ قد وصلتَ! قلت: هذا مثل قول العفيف التّلمِسانيّ:
فلسوفَ تعلم أنّ سيرَك لم يكنْ ... إلّا إليك إذا بلغت المنزلا
وقال لأصحابه: بايِعُوني عَلَى أن نموتَ يهودَ، ونُحشر إلى النّار حتّى
لا يصاحبني أحد لعِلّة.
وقال: ما يَحْسُن بالفقير أن ينهزم من شيء، ويَحْسُن بِهِ إذا خاف شيئا
قصده.
وقال: لو قدم عليَّ من قتل ولدي وهو بذلك طيّب وجدني أطيب منه.
وللحريريّ فِي الجزء المذكور:
أمرد يقدِّم مداسي أَخْيَرُ من رضوانكم ... ورُبْع قحبةٍ عندي أحسنُ من
الولدان
قَالُوا:
أنت تُدْعَى صالح ودع عنك هذا الخندق ... قلت: السّماع يصلح لي بالشّمع
والمردان
ما أعرف لآدم طاعة إلّا سجود الملائكة ... وما أعرف آدم عصى الله تعظيم
للرحمن
__________
[1] بياض في الأصل مقدار كلمة.
(47/280)
إن كنت أقجيّ تقدَّمْ وإنْ كنتَ رمّاح
انتبه ... وإنْ كنتَ حشوا لمخدّةٍ أُخرُجْ ورُدَّ الباب
أودّ اشتهي قبل موتي أعشق ولو صورة حجر ... أَنَا ممثَّكِلٌ محيَّر
والعشق بي مشغول
وقال النّجم بْن إسرائيل: قَالَ لي الشَّيْخ مرّة: ما معنى قوله تعالى:
كُلَّما أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا الله 5: 64 [1]
فقلت: سيّدي يَقْولُ وأنا أسمع.
قَالَ: ويحك من الموقد ومن المطفئ؟ لا تسمع للَّه كلاما إلّا منك فيك.
قلت: ومن أَيْنَ لي؟ قَالَ: تمحو آنيتك.
وقال: لو ذبحت بيدي سبعين نبيّا ما اعتقدت أنّي مخطئ. يعني لو ذبحتهم
لفعلت ما أراده اللَّه منّي، إذ لا يقع شيء فِي الكون إلّا بإذْنه
سبحانه وتعالى.
قلت: وطرد ذَلِكَ أنّ اللَّه تعالى أراد منّا أن نلعن قَتَلَة الأنبياء
عليهم السّلام، ونبرأ منهم، ونعتقد أنّهم أصحاب النّار، وأن نلعن
الزّنادقة، ونضرب أعناقهم، وإلّا فلأَيِّ شيءٍ خُلِقت جهنَّم، واشتدّ
غضب اللَّه عَلَى من قتل نبيّا، فكيف بمن يقتل نبيّا، والله تعالى يحبّ
الأبرار، ويبغض الفجّار، ويخلّدهم فِي النّار، مَعَ كونه أراد إيجاد
الكفر والإيمان فهو ( ... ) [2] الشّيء، فإنّه لا يكون إلّا ما يريد.
ولكنّه لا يرضى حيازة الكُفْر ولا يحبّه، نعم يريده ولا يُسأل عمّا
يفعل، ولا يُعتَرَض عَلَيْهِ، فإنّه أحكم الحاكمين، وأرحم الراحمين، لا
يخلق شيئا إلّا لحكمةٍ، لكنّ عقولنا قاصرة عَن إدراك حكمته، فالخلْق
ملكه، والأمر أمره لا مُعَقِّب لُحكمه، يخلِّد الكفّار فِي النّار
بعدله وحكمته، ويخلّد الأبرار فِي الجنّة بفضله ورحمته. فجميع ما يقع
فِي الوجود فبِأمره وحكمته، وعدم علمنا بمعرفة حكمته لا يدلّ عَلَى
أَنَّهُ يخلق شيئا بلا حكمة تعالى اللَّه عَن ذَلِكَ أَفَحَسِبْتُمْ
أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ 23:
115 [3] .
__________
[1] سورة المائدة، الآية 64.
[2] في الأصل بياض مقدار كلمة.
[3] سورة المؤمنون، الآية 115.
(47/281)
وقال أبو الحسن عليّ بن أنجب ابن السّاعي
فِي تاريخه: الفقير الحريريّ الدّمشقيّ شيخ عجيب الحال، لَهُ زاوية
بدمشق يقصده بِهَا الفقراء وغيرهم من أبناء الدّنيا، وكان يُعاشر
الأحداث ويَصْحبهم ويقيمون عنده، وكان النّاس يُكثرون القول فِيهِ،
وينسبونه إلى ما لا يجوز، حتّى كَانَ يقال عَنْهُ إنّه مُباحيّ، ولم
يكن عنده مراقبة ولا مبالاة، بل يدخل مَعَ الصّبيان الأحداث، ويعتمد
معهم ما يسمّونه تخريبا، والفقهاء يُنكرون فِعْله، ويوجّهون الإنكار
نحوه، حتى إنّ سلطان دمشق أخذه مِرارًا وحبسه، وهو لا يرجع عَن ذَلِكَ
ويزعم أَنَّهُ صحيح فِي نفسه. وكان لَهُ قَبُول عظيم لا سيّما عند
الأحداث، فإنّه كَانَ إذا وقع نظره عَلَى أحدٍ من الأحداث سواء كَانَ
من أولاد الأمراء أو أولاد الأجناد أو غيرهم يحسن ظنّه فِيهِ، ويميل
إِلَيْهِ، ولا يعود ينتفع بِهِ أهله، بل يلازمه ويقيم عنده اعتقادا
فِيهِ. وكان أمره مشكلا، والله يتولّى السّرائر. ولم يزل عَلَى ذَلِكَ
إلى حين وفاته. وكان فِيهِ لُطف. وله شِعر، فمنه:
كم تنعمني بصحبة الأجساد ... كم تسهرني بلذّة الميعاد
جُدْ لي بمُدامة تقوّي رَمَقي ... والجنّة جُدْ بِهَا عَلَى الزّهّاد
وقال الإِمَام أَبُو شامة [1] : الشَّيْخ عَلِيّ الحريريّ المقيم بقرية
بُسْر، كَانَ يتردّد إلى دمشق، وتبِعه طائفة من الفقراء المعروفين
بالحريريّة أصحاب الزِّيّ المنافي للشّريعة وباطنهم شرّ من ظاهرهم،
إلّا مَن رجع منهم إلى اللَّه تعالى.
وكان عند هذا الحريريّ من القيام بواجب الشّريعة، ما لم يعرفه أحد من
المتشرّعين ظاهرا وباطنا، ومن إقامة شرائع الحقيقة ما لم يكن عند أحد
فِي عصره من المحافظة عَلَى محبّة اللَّه وذِكره والدّعاء إِلَيْهِ
والمعرفة بِهِ. وأكثر النّاس يغلطون فِي أمره الظّاهر وفي أمره الباطن.
ولقد أفتى فِيهِ مشايخ العلماء، وما بلغوا منتهى فُتْياهم، وبلغ هُوَ
فيهم ما كانوا يريدون أن يبلغوه فِيهِ.
قلت: يعرّض بابن عَبْد السّلام لكونه أُخرِج من دمشق.
__________
[1] في ذيل الروضتين 180.
(47/282)
قَالَ: ولقد كَانَ- قدّس اللَّه روحه-
مكاشفا لِما فِي صدور خلق اللَّه ممّا يضمرونه، بحيث قد أطلعه اللَّه
عَلَى سرائر خلْقه وأوليائه.
قلت: المكاشفة لما فِي ضمائر الصّدور قَدَر مشترك بين أولياء اللَّه
وبين الكُهّان والمجانين. ولكنّ الشَّيْخ شهاب الدّين يتكلّم من وراء
العافية، ويُحسِن الظّنَّ بالصّالحين والمجهولين، والله يثيبه عَلَى
حُسْن قصده وصِدْق أدبه مَعَ أُولي الأحوال، ونحن فاللَّه يُثيْبنا
عَلَى مقاصدنا، والله هُوَ المطّلع عَلَى نيّاتنا ومُرادنا، وهو حسبنا
ونِعْمَ الوكيل.
قَالَ اللَّه تعالى: وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى
أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ 6: 121 [1] الآية وللَّه القائل [2] :
دُفٌّ ومِزْمار ونَغِمةُ شادِنٍ ... فمتى رَأَيْت عبادة بملاهي
يا لحرقة ما خسر دين مُحَمَّد ... و ( ... ) [3] عَلَيْهِ وملّة إلّا
هِيَ
ومن قول الحريريّ: الشِّعر باب السرّ.
قل: بل باب الشرّ، فإنّه ينسب النّفاق فِي القلب.
وقال عَلَيْهِ السّلام: لأن يمتلئ جوفُ أحدكم قَيْحًا خيرٌ لَهُ من أن
يمتلئ شِعرًا.
ونهى أصحابه عَن غلْق الباب وقت السّماع حتّى عَن اليهود والنّصارى
وقال: دار الضَّرْب الّتي للسّلطان مفتوحة، وضارب الزَّغَل يُغلق بابه.
وقال: لو اعتقدت أنّي تركت الخمر لعُدت إليها.
وله مِن هذا الهَذَيان شيء كثير.
وذكر النّسّابة فِي «تعاليقه» قَالَ: وفي سنة ثمان وعشرين وستمائة أمر
الصّالح بطلب الحريريّ فهرب إلى بُسْر، وسببه أنّ ابن الصّلاح، وابن
__________
[1] سورة الأنعام، الآية 121.
[2] هكذا في الأصل، والمشهور أن يقال: «وللَّه درّ القائل» .
[3] في الأصل بياض مقدار كلمة.
(47/283)
عَبْد السّلام، وابن الحاجب أفتوا بقتله
لِما اشتهر عنه من الإباحة، وقذف الأنبياء عليهم السّلام والفسْق، وترك
الصّلاة. وقال الملك الصّالح أخو السّلطان: أَنَا أعرف منه أكثر من
ذَلِكَ. وسجن الوالي جماعة من أصحابه، وتبرّأ منه أصحابه وشتموه، ثُمَّ
طُلِب وحبِس بعِزتا، فجعل ناسٌ يترددون إِلَيْهِ ف ( ... ) [1]
الفقهاء، وأرسلوا إلى الوزير ابن مرزوق: إنْ لم تعمل الواجب فِيهِ
وإلّا قتلناه نَحْنُ.
وكان ابن الصّلاح يدعو عَلَيْهِ فِي أثناء كلّ صلاةٍ بالجامع جَهْرًا،
وكتب طائفةٌ من أصحابه غير محضرٍ بالبراءة منه.
قلت: ومن كلامه المليح: ودُرْتُ طول عُمري عَلَى من ينصفني فوجدت فردا
واحدا، فلمّا أنصفني ما أنصفتُه.
وقال: أقمتُ شهرا لا أفتر عَن الذّكْر، فكنت ليلة فِي بيتٍ مظلم فجفّ
لساني، ولم يبق فِي حركةٌ سوى أنّي أسمع ذِكر أعضائي بسمعي.
وقال: ما يحسن أن تكون العبادة هِيَ المعبود.
وقال: أعلى [2] ما للفقير الاندحاض.
وكان الحريريّ يلبس الطّويل والقصير والمدوَّر والمفرَّج، والأبيض
والأسود، والعمامة والمِئزَر والقَلَنْسُوَة وحدها، وثوب المرأة
والمطرّز والملوّن.
وسأله أصحابه لمّا حُبِس أن يسأل ويتشفَّع، فلم يفعل، فلمّا أقام أربع
سنين زاد سؤالهم، فأمرهم أن يكتبوا قَصّةً فيها: من الخلق الضّعيف إلى
الرّيّ الشّريف، ممّن هُوَ ذنب كلّه إلى من هُوَ عفْوٌ كلّه، سبب هذه
المكاتبة الضّعف عَن المعاتبة، أصغر خَدَم الفقراء عليّ الحريريّ.
فقيرٌ ولكنْ من عفافٍ ومن تُقَى ... وشيخ ولكن للفُسُوق إمامُ
فسَعوا بالقَصَّة وأرادوا أن تصل إلى السّلطان، فما قرأها أحد من
الدّولة
__________
[1] في الأصل بياض، ويحتمل أنه: «فيهم الفقهاء» .
[2] في الأصل «أعلا» .
(47/284)
إلّا ورماها، فبلغه ذَلِكَ، فاحتدّ وقال:
لأجل هذا ما أذِنت لكم فِي السَّعْي.
وأقام فِي عزتا ستَّ سنين وسبعة أشهر، يعني فِي الحبْس.
وأصاب النّاسَ جدْبٌ، وكان هُوَ فِي ذَلِكَ الوقت يركب الخيل العربيّة
ويلبس الملبوس الجميل، ولم يكن فِي بيته حصير، وربّما تغطّى هُوَ
وأهلُه بجِلّ الفَرَس.
وقال: نسجت ثوب حرير كما جرت العوائد والثّوب كالثّياب المعتادة
بالتَّخازين والأكمام والنّيافق، والكلّ نسج لم يدخل فِيهِ خَيْطٌ ولا
إبْرة، فلمّا فرغ دوّروه فِي البلد، وشهد الصُّنّاع بصحّته تركته
وبكيت، فَقَالَ لي إنسان:
عَلَى أَيْشٍ تبكي؟ فقلت: عَلَى زمان ضيّعتُه فِي فِكري فِي عمل هذا
كيف ما كَانَ فيما هُوَ أهم منه.
وقال لنا صاحبنا شمسُ الدين محمد بن إبراهيم الجزري في «تاريخه» [1] :
حكى لي زينُ الدّين أَبُو الحَرَم بْن مُحَمَّد بْن عسيرة الدّمشقيّ
الحريريّ قَالَ: كَانَ أَبِي مجاور الشَّيْخ عَلِيّ الحريريّ بدُكّان
عَلَى رأس درب الصّقيل، وكان قد وقف عَلَى الشَّيْخ عَلِيّ دراهمَ
كثيرة، فحبسوه، ودخل الحبْس وما معه دِرهم، فبات بلا عَشاء، فلمّا
كَانَ بُكْرةً صلّى بالمُحَبَّسِين، وقعد يذكّر بهم إلى ساعتين من
النّهار، وبقي كلُّ من يجيئه شيء مِن المأكول مِن أهله يشيله، فلمّا
قارب وقت الظُّهر أمرهم بمدّ ما جاءهم، فأكل جميع المحبَّسين وفضل منه،
ثُمَّ صلّى بهم الظُّهر، وأمرهم أن يناموا ويستريحوا، ثُمَّ صلّى بهم
العصر، وقعد يذكر بهم إلى المغرب، وكلّما جاءهم شيء رفعه، ثُمَّ مدّده
بعد المغرب مَعَ فضلة الغداء، فأكلوا وفضل شيء كثير. فلمّا كَانَ فِي
ثالث يوم أمرهم مَن عَلَيْهِ أقلّ من مائة درهم أن يَجْبوا لَهُ من
بينهم، فخرج منهم جماعة وشرعوا فِي خلاص الباقين، يعني الّذين خرجوا.
وأقام ستّة أشهر، فخرج خلْقٌ كثير، ثمّ إنّهم جَبَوا لَهُ وأخرجوه،
وعاد إلى دُكّانه. وصار أولئك المحبَّسون فيما بعد يأتونه العصر،
ويطْلعون بِهِ إلى عند قبر الشَّيْخ رسلان فيذكر بهم. وربّما يطلعون
إلى الجسر العبديّ، وكلّ يوم يتجدّد لَهُ أصحابٌ إلى أن آل أمرُه إلى
ما آل.
__________
[1] في القسم الضائع من تاريخه.
(47/285)
وقال الْجَزَريّ أيضا: حَدَّثَنِي عماد
الدّين يحيى بْن أَحْمَد الحسينيّ البُصْرويّ ومؤيّد الدّين عَلِيّ بْن
خطيب عقربا أنّ جمال الدّين خطيب عَقْربا جدّ المؤيّد والفَلَك
المسيريّ الوزير وابن سلام طلعوا إلى قرية للفلك فعزموا عَلَى زيارة
الحريريّ ببسر، فَقَالَ أحدهم: إنْ كَانَ رجلا صالحا فعند وصولنا
يُطْعمنا بسيسة، وقال الآخر: ويُطعمنا بِطّيخ أحمر [1] ، وقال الآخر:
ويُحضِر لنا فقّاعا بثلج. فأتَوْه فتلقّاهم أحسن مُلْتقى، وأَحضر
البسيسة، وأشار إلى من اشتهاها أنْ كُلْ، وأحضَر البِطّيخ وأشار إلى
الآخر أنْ كُل. ثُمَّ نظر إلى الَّذِي اشتهى الفُقّاع وقال: كَانَ عندي
باب البريد. ثُمَّ دخل فقير وعلى رأسه دَسْت فُقّاع وثلج فَقَالَ:
اشربْ بسم اللَّه.
وذكر المولى بهاءُ الدّين يوسف بْن أَحْمَد بْن العجميّ، فيما
حَدَّثَنِي بِهِ رَجُل معتبر عنه، أنّ الصّاحب مجد الدّين ابن العديم
حدّثه عَن أَبِيهِ الصّاحب كمال الدّين قَالَ: كنت أكره الحريريّ
وطريقه، فاتّفق أنّي حججتُ، فحجّ فِي الرّكْب ومعه جماعة ومُرْدان،
فأحرموا وبقي يبدو منهم فِي الإحرام أمورٌ مُنْكَرَة. فحضرتُ يوما عند
أمير الحاجّ فجاء الحريريّ، فاتّفق حضور إنسان بَعْلَبَكّيّ وأحضر
ملاعق بَعْلَبَكّيّة، ففرّق علينا لكلّ واحدٍ مِلْعَقَتَين، وأعطى
للشَّيْخ الحريريّ واحدة، فأعطاه الجماعة ملاعقهم تكرمة لَهُ، وأمّا
أَنَا فلم أُعْطِهِ مِلْعقتي، فَقَالَ: يا كمال الدّين ما لَكَ لا
توافق الجماعة؟ فقلت: ما أُعطيك شيئا. فَقَالَ: السّاعة، تكسرها، أو
نحو هذا.
قَالَ: والمِلْعقتان عَلَى رُكبتي، فنظرت إليهما فإذا بهما قد انكسرتا،
فقلت: ومع هذا فما أرجع عَن أمري فيك وهذا من الشّيطان. أو قَالَ هذا
حال شيطانيّ.
وقال ابن إسرائيل فيما جمعه من أخبار الحريريّ: صحِبْتُه حَضَرًا
وسَفَرًا، وبلغ سبْعًا وستّين سنة. كذا قَالَ ابن إسرائيل. قال: وتوفّي
في السّاعة من يوم
__________
[1] هكذا في الأصل. والصواب لغويّا: بطّيخا أحمر.
(47/286)
الجمعة السّادس والعشرين من رمضان سنة خمسٍ
وأربعين من غير مرض.
وكان أخبر بذلك قبل وقوعه بمدّة.
ثُمَّ قَالَ ابنُ إسرائيل: وشهر أخبار موته فِي اليوم الَّذِي (مات)
[1] فِيهِ فِي ليلته بحيث إنّه أوصى كما يوصي من هُوَ بآخر رمق، وهو
حينئذٍ أصحّ ما كَانَ، وقُبِضَ جالسا مستقبل القِبْلة ضاحكا. وحضرتُ
وفاتَه وغسَّلتُه وأَلْحدْتُهُ. ورثيته بهذه القصيدة:
خطْبٌ كما شاء الإلهُ جليلُ ... ذهلتْ لديه بصائرُ وعُقُولُ
قلت: وهي نيفٌ وسبعون بيتا.
وبين أصحابه المحيا كلّ عام فِي ليلة سبعة وعشرين، وهي من ليالي القدر،
فيُحْيُون تِلْكَ اللّيلة بالدُّفوف والشّبّابات والمِلاح والرَّقْص
إلى السَّحَر، اللَّهمّ لا تمكُرْ بنا وتَوَفنَّا عَلَى سُنَّةِ نبيَّك
[2] .
378- عُمَر بْن رسول [3] الملك نور الدّين.
__________
[1] في الأصل بياض.
[2] وقال اليافعي معقّبا على المؤلّف- رحمه الله-: هذا معنى ما أشار
إليه الذهبي وميله إلى ما ذكرت من الوصف الأخير كما هو مذهب أكثر
الفقهاء الطعن في كثير من المشايخ، فإنه قال: ومن خيّر أمره نسبه إلى
الفضل والكمال، ومن قبّح أمره رماه بالكفر والضلال. ثم قال: وهو أحد من
لا يقطع عليه بجنة ولا نار، فإنّا لا نعلم بما ختم له، لكنه توفي في
يوم شريف يوم الجمعة قبل العصر السادس والعشرين من شهر رمضان، وقد نيّف
على التسعين، مات فجأة. انتهى كلامه. وفيه من التشكّك ما فيه من تغليب
التكفير، وأما عدم القطع المذكور فليس يخرج منه أحد سوى الأنبياء صلوات
الله عليهم أجمعين، ومن شهد له بذلك ولم يزل الفقراء يذكرون عن الشيخ
المذكور عجائب من الكرامات والتجريبات (ومرآة الجنان 4/ 113) .
[3] انظر عن (عمر بن رسول) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 771، والحوادث
الجامعة 123، والمختصر في أخبار البشر 3/ في وفيات 649 هـ. والسمط
الغالي الثمن لبدر الدين اليامي (كمبرج 1974) 201 وما بعدها، وسير
أعلام النبلاء 23/ 173، 174 رقم 108، والوافي بالوفيات 22/ 479 رقم
338، والعقود اللؤلؤية للخزرجي 44، والعقد الثمين للفاسي 6/ 339،
والسلوك ج 1 ق 1/ 333، وتاريخ ثغر عدن لابن أبي مخرمة 2/ 174، وغاية
الأماني ليحيى بن الحسين 431، وتاريخ ابن خلدون 5/ 1088.
(47/287)
صاحب اليمن.
قَالَ سعد الدّين فِي «الخريدة» : فِي سنة خمسٍ وأربعين وفي ذي القعدة
وصَلَنَا الخبرُ بأنّه مات. تملّك البلاد اليمنيّة بضع عشرة سنة، وقتل
مماليكه فِي هذا العام. وولي السّلطنة بعده ولدُه الملك المظفّر يوسف
بْن عُمَر، واستقرّ مُلْكُه بعد محاربةٍ بينه وبين ابن عمّه. وبقي يوسف
فِي السّلطنة نيّفا وأربعين سنة.
379- عُمَر بْن مُحَمَّد [1] بْن عُمَر بْن عَبْد اللَّه.
الأستاذ أَبُو عَلِيّ الأَزْديّ، الإشْبيليّ، النَّحْويّ، المعروف
بالشَّلُوبِينيّ.
والشَّلُوبِين بلُغة أهل الأندلس هُوَ الأبيض الأشقر.
كَانَ إمام العصر فِي معرفة العربيّة. وُلِدَ سنة اثنتين وستّين
وخمسمائة بإشبيليّة.
قَالَ الأَبّار: سَمِعَ من: أَبِي بَكْر بن الجدَّ، وأَبِي عَبْد الله
بن زرقون، وَأَبِي مُحَمَّد بْن بُونة، وَأَبِي زيد السُّهَيْليّ،
وَعَبْد المنعم بْن الفَرَس.
وأجاز لَهُ أَبُو القاسم بْن حُبَيْش، وَأَبُو بَكْر بْن خَيْر،
وَأَبُو طاهر السِّلَفيّ، كتب إِلَيْهِ من الثَّغَر [2] .
__________
[1] انظر عن (عمر بن محمد) في: معجم البلدان 3/ 360، وإنباه الرواة 2/
332، وتكملة الصلة لابن الأبّار (مخطوطة الأزهر) ج 3/ ورقة 50 أ،
ووفيات الأعيان 3/ 451، 452 رقم 498، والمغرب في حلى المغرب لابن سعيد
2/ 129، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة 5/ 460- 464 رقم 807،
وملء الغيبة لابن رشيد الفهري 2/ 65، 92، 131، 148، 209، 210، 231،
234، 236، 249، والمختصر في أخبار البشر 3/ 177، والإشارة إلى وفيات
الأعيان 346، والإعلام بوفيات الأعلام 269، وسير أعلام النبلاء 23/
207، 208 رقم 124، والعبر 5/ 186، وتاريخ ابن الوردي 2/ 178، 179،
وتلخيص أخبار النحويين واللغويين لابن مكتوم (نسخة التيمورية) ورقة
162- 165، والبداية والنهاية 13/ 173، ومرآة الجنان 4/ 113، 114،
والديباج المذهب لابن فرحون 2/ 78- 80 رقم 3، والعسجد المسبوك 2/ 557،
والنجوم الزاهرة 6/ 358، وبغية الوعاة للسيوطي 2/ 224، 225 رقم 1855،
وتاريخ الخلفاء، له 476، وكشف الظنون 508، 1428، 1774، 1800، وهدية
العارفين 1/ 786، وروضات الجنات للخوانساري 501، وديوان الإسلام لابن
الغزّي 3/ 142، 143 رقم 1240، والأعلام 5/ 62، ومعجم المؤلفين 7/ 316.
[2] يقصد من الاسكندرية.
(47/288)
قلت: وكان مختَصًا بابن الجدّ ورُبيّ فِي
حَجْره لأنّ والده كَانَ يخدم ابن الجدّ. وسمع الكثير. وأقبل عَلَى
النَّحْو ولزِم أَبَا بَكْر مُحَمَّد بْن خَلَف بْن صافٍ النَّحْويّ
حتّى أحكم الفنّ.
وأمّا الأَبّار فَقَالَ [1] : أخذ العربيّة عَن أَبِي إِسْحَاق بْن
مُلكون، وَأَبِي الْحَسَن [2] نَجَبَة. وجمع «مشيخته» ونصّ على اتّساع
مسموعاته.
وسمعت من ينكر عليه ذلك ويدفعه عنه.
وكان في وقته علما في العربيّة وصناعتها، لا يُجارى ولا يُبارى قياما
عليها واستبحارا فيها. وقعد لإقرائها بعد الثّمانين وخمسمائة، وأقام
عَلَى ذَلِكَ نحوا من ستّين سنة، ثُمَّ ترك فِي حدود الأربعين وستّمائة
لكِبَر سِنّه، وزُهْد النّاس فِي العِلْم، وإطباق الفتنة، وتغلُّب
الرّوم حينئذٍ عَلَى قُرْطُبَة وبَلَنْسِيَة ومُرْسِيَة، وتصدّيهم
لسائر الأندلس.
وله تواليف مفيدة وتشابيه بديعة مَعَ حُسْن الخطّ. وقد أخذ عَنْهُ
عالَم لا يُحصَوْن.
سَمِعْتُ عَلَيْهِ وأجاز لي «ديوان أَبِي الطَّيِّب المُتَنَبّي» .
وَتُوُفّي نصف صفر.
وقال ابن خَلِّكان [3] : قد رَأَيْت جماعة من أصحاب أَبِي عَلِيّ
الشَّلُوبِين، وكلٌّ منهم يَقْولُ: ما يتقاصر الشَّيْخ أَبُو عَلِيّ
عَن الشَّيْخ أَبِي عَلِيّ الفارسيّ.
وقالوا: كَانَ فِيهِ مَعَ هذه الفضيلة غَفْلَة وصورةُ بَلَهٍ. حتّى
قَالُوا: كَانَ يوما إلى جانب نهرٍ وبيده كراريس يطالع، فوقع كرّاسٌ
فِي الماء، فغرّقه بكرّاسٍ آخر فتلِفا.
شرح «المقدّمة الْجَزُوليّة» شرحين. وبالْجُملة فإنّه كَانَ عَلَى ما
يُقال خاتمة أئمّة النّحو.
__________
[1] في تكملة الصلة، ورقة 50 أ.
[2] في الأصل: «الحسين» ، والتصحيح من: تكملة الصلة، وسير أعلام
النبلاء 23/ 208.
[3] في وفيات الأعيان 3/ 451، 452.
(47/289)
قلت: عاش ثلاثا وثمانين سنة.
380- عُمَر بْن أَبِي بَكْر بْن عَبْد الفتّاح.
أَبُو حفص المالِيني الصّوفيّ.
حدَّث ببغداد عَن: أَبِي رَوْح عَبْد المعزّ الهَرَويّ.
ومات فِي شوّال ببغداد.
- حرف الغين-
381- غازي [1] .
السّلطان الملك المظفَّر شهابُ الدّين ابن الملك العادل أَبِي بَكْر
بْن أيّوب بْن شاذي. صاحب مَيّافارِقِين، وخِلاط، وحصن منصور.
كَانَ سَمْحًا جوادا، وبطلا شُجاعًا، شَهْمًا، مَهِيبًا.
قَالَ أَبُو المظفَّر الْجَوْزيّ [2] : حضر مجلسي بالرُّها سنة إحدى
عشرة وستّمائة وأنا قاصد خِلاط، فأحسن إليَّ، وكان لطيفا يُنْشد
الأشعار ويحكي الحكايات.
وحجّ عَلَى درْب العراق. وتسلطن بعده ابنُه الشّهيد الملك الكامل ناصرُ
الدّين مُحَمَّد.
أنشَدَنا سعد الدّين مَسْعُود بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر الْجُويْنيّ
لنفسه فِي كتابه يرثي هذا السّلطان:
ألا رَوَّى الإلهُ تُرابَ قبر ... حللت به شهاب الدّين غازي
__________
[1] انظر عن (غازي) في: مفرّج الكروب لابن واصل 5/ 345، 346، ومرآة
الجنان ج 8 ق 2/ 510، (في وفيات سنة 645 هـ.) وج 8 ق 2/ 768، 769 (في
وفيات سنة 646 هـ.) ، ونهاية الأرب للنويري 29/ 329، والدرّ المطلوب
لابن أيبك 357، والعبر 5/ 187، ودول الإسلام 2/ 154، والمختار من تاريخ
ابن الجزري 214 (وفيه وفاته سنة 646 هـ.) ، وسير أعلام النبلاء 23/ 150
دون ترجمة، ومرآة الجنان 4/ 114، والبداية والنهاية 13/ 174، وعيون
التواريخ 20/ 22، 23، والسلوك للمقريزي ج 1 ق 2/ 332 وفيه وفاته سنة
646 هـ.، وعقد الجمان (المخطوط) في وفيات سنة 642 هـ.، وتاريخ الأزمنة
للدويهي 226. وسيعاد في وفيات السنة التالية مختصرا، برقم (438) .
[2] في مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 768.
(47/290)
وأسكنك المليك جِنان عَدْنٍ ... وكان لك
المُكافي والمجازي
فضلت النّاس مكرُمة وجُودًا ... فما لك فِي البريّة من موازي
وكنت الفارس البطْل المُفَدَّى ... مُبيد القرن فِي يوم البرازي [1]
قَالَ الشّريف عزُّ الدّين الحسينيّ: تُوُفّي فِي رجب.
وقال غيره: تُوُفّي سنة ستٍّ وأربعين فوهِم.
- حرف الفاء-
382- فضل بْن الْحَسَن الهكّاريّ، الكُرديّ، الزّاهد، من أهل سفح
قاسيون.
كَانَ عَلَى قدم من العبادة والقناعة والطّاعة.
قَالَ الشَّيْخ إسرائيل بْن إِبْرَاهِيم: حَدَّثَنِي الشَّيْخ الفقيه
اليُونينيّ قَالَ: بينما الشَّيْخ عَبْد اللَّه قاعدا نظر إلى الشَّيْخ
توبة وقال: يا توبة، أمرني مولاي أن آخذ العهد عَلَى شخص. ثُمَّ قام
وتبِعَه الشَّيْخ توبة، فبات بالرَّبْوَة، وأصبح إلى الغسُولة، وأخذ
العهد عَلَى الشَّيْخ فضل.
وقال الشّمس مُحَمَّد بْن الكمال: كَانَ الشَّيْخ فضل يصلّي فِي جامع
الجبل إلى جانب المِنْبر، فانقطع، فسأله التّقيّ بْن العزّ عَن
انقطاعه، وكان قد انتقل إلى عند قبّة الحجّة الّتي عند الميْطُور،
فَقَالَ فضل: سَمِعْتُ فِي الحديث أنّ الجار يسأل عَن جاره فخشيت أن
يسألكم الله عنّي فتحوّلت.
__________
[1] زاد في (ذيل مرآة الزمان) ، و (عيون التواريخ) :
تجند له بأبيض مشرفي ... وتطعنه بأسمر ذي اهتزاز
ومن شعره أيضا:
ومن عجب الأيام أنك جالس ... على الأرض في الدنيا فأنت تسير
فسيرك يا هذا كسير سفينة ... بقوم جلوس والقلوع تطير
(البداية والنهاية) وكتب على ظهر تقويم:
إذا أردت اختيار السعد فيه فقل ... على الّذي في يديه السعد اتّكل
سلّم إلى الله فيما أنت فاعله ... فما إلى النجم لا قول ولا عمل
(مرآة الزمان، عيون التواريخ) .
(47/291)
وكان لا يقبل من أحد شيئا، فإذا ألحَّ
عَلَيْهِ وأعلمه أَنَّهُ حلال أخذه. فإذا أتاه مرّة ثانية لم يقبلْه
ويقول لَهُ: أجعلك حينما أكون أنتظرك، أو ما هذا معناه.
وقال الخطيب عَبْد اللَّه بْن العزّ عُمَر: حَدَّثَنِي الشَّيْخ أَبُو
الزّهر بْن سالم قَالَ: ذُكر الشَّيْخ سالم عند الملك الأشرف وَأَنَّهُ
ترك الْجُنْديّة وتزهَّد، وكان حاضرا الصّلاح موسى بْن راجح، فأثنى
عَلَيْهِ، فَقَالَ السّلطان: حتّى نطلع نزوره. فبلغه، فسمعتُه يدعو
باللّيل: اللَّهمّ أشغَلْ عبدَك موسى عنّي بما شئت.
قَالَ: فما رجع ذَكَرَه. وكان لَهُ بنات ربّما جاعوا.
تُوُفّي، رحمه اللَّه، فِي حدود هذا العام.
- حرف الكاف-
383- كِنَانَةُ بِنْتُ مُرْتَضَى بْن أَبِي الْجُود حاتم بْن السلم.
أمُّ إِبْرَاهِيم الحارثيّة المصريّة.
سمّعها أبوها من: إِسْمَاعِيل بْن قاسم الزّيّات، ومُنْجِب بْن عَبْد
اللَّه المُرْشِديّ، وَعَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد السّيبيّ.
وأجاز لَهَا الشّافعيّ.
روى عَنْهَا: الحافظ المنذريّ، والدّمياطيّ، وجماعة.
وبالإجازة: أَبُو المعالي بْن البالِسيّ، وغيره.
تُوُفّيَتْ فِي رجب.
- حرف الميم-
384- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن خليل.
السَّكُونيّ أَبُو عُمَر.
(47/292)
385- مُحَمَّد بْن ثامِر [1] .
أَبُو عَبْد اللَّه البُسْتيّ، البغداديّ، الزّاهد.
كَانَ صالحا عابدا متبتّلا، صوّاما، قوّاما، سليم الصّدر، خشن العَيْش،
قانعا.
وله من الدّولة إقبال وقَبُول زائد لا سيّما من أستاذ الدّار الدّولة
النّاصريّة الإماميّة رشيق الشّيرازيّ وغيره.
386- مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن نجا.
كبيرُ الإماميّة، نجيبُ الدّين الحِلّيّ الرّافضيّ.
387- مُحَمَّد بْن سَعِيد [2] بْن عليّ.
أَبُو عَبْد اللَّه الأَنْصَارِيّ الغَرْناطيّ، الطَرّاز، المحدّث
[المجوّد] [3] الحافظ أَبِي عَبْد اللَّه النُّمَيْريّ.
سَمِعَ: أَبَا القاسم بْن سَمْحُون، وعليّ بْن جَابِر، وطائفة.
وأجاز لَهُ أَبُو اليُمْن الكِنْديّ.
كَانَ لَهُ عناية تامّة بالرّواية، معروفا بالإتقان، موصوفا بالبلاغة
والبيان.
تُوُفّي فِي شوّال عَن سبْعٍ وخمسين سنة. وقد طوّله ابن الزّبير [4] .
__________
[1] انظر عن (محمد بن ثامر) في: الحوادث الجامعة 218، والمختار من
تاريخ ابن الجزري 211، والعسجد المسبوك 560.
[2] انظر عن (محمد بن سعيد) في: التكملة لكتاب الصلة لابن الأبّار 2/
659، 660 رقم 1683، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة للمراكشي 6/
210- 212 رقم 613، وملء العيبة لابن رشيد الفهري 2/ 63، 311، وسير
أعلام النبلاء 23/ 258- 261 رقم 171، والديباج المذهب في معرفة أعيان
علماء المذهب لابن فرحون 2/ 77- 279 رقم 89، والعسجد المسبوك للخزرجي
2/ 558، وغاية النهاية 2/ 144 رقم 3026، ودرّة الحجال في أسماء الرجال
لابن أبي حجلة 2/ 49، 50 رقم 495، وشجرة النور الزكية 1/ 182، 183، رقم
600.
[3] في الأصل بياض. والمستدرك من مصادر ترجمته.
[4] في صلة الصلة. كما طوّله المؤلّف الذهبي- رحمه الله- في سير أعلام
النبلاء بأكثر ممّا هنا.
(47/293)
388- مُحَمَّد بْن عَبْد الأوّل بْن عَلِيّ
بْن هبة اللَّه [1] .
أَبُو الوقت الرّكَبْدار المستنصريّ، الواسطيّ المقرئ، الملقَّب شجاع
الدّين.
شيخ صالح، خيّر، أديب، شاعر، ماهر فِي فنّه. كَانَ رِكَبْدار المستنصر
باللَّه، وله حُرْمَة وافرة.
وُلِدَ سنة سبعين وخمسمائة.
وسمع من: أَبِي السّعادات القزّاز، وَعُبَيْد اللَّه بْن شاتيل،
وَأَبِي الخير أَحْمَد بْن إِسْمَاعِيل الطّالْقانيّ، ومسعود بْن
النّادر.
حدَّث عَنْهُ: القاضي أَبُو المجد بْن العديم، والإِمَام أَبُو بَكْر
أَحْمَد بْن الشِّرِيشيّ، والشِّهاب أَحْمَد بْن الْجَزَريّ، والمجد
مُحَمَّد بْن خَالِد بْن حمدون الحَمَويّ، وَالشَّيْخ مُحَمَّد بْن
أَحْمَد القزّاز.
وروى عَنْهُ بالإجازة آخرون. وَتُوُفّي فِي الثّالث والعشرين من ربيع
الأوّل.
وكان يصحب الفُقَراء، أجاز للبجديّ، وبنت الواسطيّ، وبنت مؤمن.
وكان الخليفة ربّما باسطه [2] .
__________
[1] انظر عن (محمد بن عبد الأول) في: الحوادث الجامعة 110، والوافي
بالوفيات 3/ 209 رقم 1195.
[2] وقال صاحب (الحوادث الجامعة 110) : «وكان أديبا سمع الحديث النبوي،
وكان يحب أهل الدين وأرباب التصوّف، خدم في مبدإ أمره مع ركبدارية
الأمير قشتمر، ثم خدم ركابدار الخليفة الظاهر، وقرّب وأدنى، فلما
استخلف المستنصر أقرّه على ذلك وزاد في إكرامه، حكى عن نفسه قال: خلوت
يوما بالخليفة المستنصر وهو مسرور يباسطني فقلت له: يا أمير المؤمنين
عندي أمر وأشتهي أن تأذن لي في السؤال عنه، فقال: قل. فقلت: يا أمير
المؤمنين تدعوني تارة بالشيخ محمد، فأطير فرحا وأقول: قد شرّفني
مولانا، ومرة تقول أي ركابدار، فأموت خوفا وأخشى أن أكون قد أذنبت
ذنبا، فقال: لا والله يا شيخ محمد ما لك عندنا إساءة، وإنما متى كنت
على غير طهارة أقول: أي ركابدار إجلالا لذكر اسم النبي عليه الصلاة
والسلام.
وقد نسب إليه شعر، منه: قوله من قصيدة طويلة:
أدرها باليمين أو الشمال ... فلو كانت حلالا يا حلالي
ولا تطفئ توقّدها بماء ... ففي ياقوتها نور اللآلي
(47/294)
389- مُحَمَّد بْن عَوَض بْن سلامة.
أَبُو بَكْر البغداديّ، الصُّوفيّ، الغرّاد.
سَمِعَ من: عبيد اللَّه بْن شاتيل.
وعاش ستّا وثمانين سنة، وَتُوُفّي فِي المحرَّم.
روى لنا عَنْهُ بالإجازة أَبُو المعالي بْن البالِسيّ.
390- مُحَمَّد بْن مفضّل [1] بْن الْحَسَن.
أَبُو بَكْر اللَّخْميّ الأندلسيّ، خطيب المَرِيّة.
كَانَ فاضلا شاعرا، أديبا، متصوّفا.
سَمِعَ من: أَبِي الْحَسَن بْن زرْقون.
391- المُنَازِلُ بْنُ الوزير أَبِي الفرج [2] مُحَمَّد بْن عَبْد
اللَّه بْن هبة اللَّه بْن المظفر ابن رئيس الرؤساء.
أَبُو الفتح ابن وزير المستضيء باللَّه.
كَانَ بارعا فِي الفلسفة والهندسة والأدب والشِّعْر والطِّبّ. وأقرأ
علم الأوائل فِي داره. وولي صدريّة المخزن فِي سنة خمسٍ وستّمائة
أشْهُرًا، وعُزِل.
وكان محتشما وافر الحُرمة. عمل رباطا للفقراء إلى جانب داره ووقف
عَلَيْهِ.
وَتُوُفّي فِي ذي القعدة وله نيِّفٌ وثمانون سنة. ولم أر له رواية.
__________
[ () ]
وصرّف صرفها بعناء شاد ... مليح الوجه معشوق الدلال
يريك اليأس منه على دنوّ ... يريد هوى ويطمع في الوصال
ولا تخش الهموم على سرور ... ولا تجزع لحادثة الليالي
[1] انظر عن (محمد بن مفضّل) في: تكملة الصلة لابن الأبّار 360،
والوافي بالوفيات 5/ 52 رقم 2038، وملء العيبة لابن رشيد الفهري 2/ 92.
[2] انظر عن (المنازل) في: الحوادث الجامعة 227، وتلخيص مجمع الآداب
لابن الفوطي ج 2 ق 2/ 448، 449، والمختار من تاريخ ابن الجزري 210،
211، والعسجد المسبوك 2/ 560 وفيه: «المبارك» وهو تصحيف.
(47/295)
بلى، سَمِعَ من: يحيى بْن ثابت، وتَجَنِّي.
ومولده في رجب سنة ستّين وخمسمائة.
وأجاز لأبي نصر بْن الشّيرازيّ، ولمحمد النّجديّ.
ورثاه تلميذه الموفّق بْن أَبِي الحديد [1] .
392- محمود بْن عَلِيّ بْن الخضِر.
أَبُو الثّناء بْن الشّمّاع الدّمشقيّ العامريّ.
وُلِدَ سنة إحدى وثمانين.
وسمع من: الخشوعي، وعبد اللطيف بن أبي سعد.
روى عَنْهُ: الشَّيْخ زين الدّين الفارِقيّ، وَأَبُو عَلِيّ بْن
الخلّال، وَأَبُو الفضل بْن البِرْزاليّ، وغيرهم.
تُوُفّي فِي شعبان.
393- مصطفى بْن محمود [2] بْن موسى بْن محمود.
أَبُو عَلِيّ الأنصاريّ المصريّ، نزيل مكّة.
كَانَ يلقَّب صائن الدّين.
سَمِعَ: عَبْد اللَّه بْن بَرّيّ النَّحْويّ، وأبا المفاخر المأمونيّ.
روى عَنْهُ: شيخنا الدّمياطيّ، وجماعة.
__________
[1] فقال:
انظر إلى العلماء كيف تزول ... ومن أنت للأحوال كيف تحول
مات الّذي كنا نعيش بفضله ... ولسوف يتلو الفاضل المفضول
ذهب الّذي رصد النجوم رياضة ... فأطاعه التسيير والتحويل
لو كان بطليموس في يمامه لغدا ... وناظر فكرتيه ميل
جمع الرواية والدراية فاستوى ... في وضعه المنقول والمعقول
فيه أسانيد الحديث صحاحه ... وبه أستفيد للجرح والتعديل
(المختار من تاريخ ابن الجزري) .
[2] انظر عن (مصطفى بن محمود) في: ذيل التقييد للفاسي 2/ 288 رقم 1643،
والعقد الثمين، له 7/ 204.
(47/296)
وكان فقيها فاضلا. ولد بعد السّتّين
وخمسمائة.
وَتُوُفّي بمكّة فِي رابع عشر جمادى الأولى، وقد جاور مدّة سنتين، وسمع
منه المكّيّون.
394- مظفَّر بْن عَبْد اللَّه بْن الشَّرَف.
أَبُو المنصور القَيْسيّ، المحليّ، الأديب المعروف بابن قديم.
كَانَ من كبار الأُدباء المصريّين.
تُوُفّي فِي ذي القعدة، وعاش ستّا وخمسين سنة.
395- مُكَرَّم بْن أَبِي الحَسَن [1] رضوان بْن أَحْمَد بْن أَبِي
القاسم.
الرّئيس جلالُ الدّين أَبُو المُعِزّ الأنصاريّ، الرُّوَيْفعيّ، من
وُلِدَ رُوَيْفع بْن ثابت صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقد ساق نَسَبَه الشّريفَ عزُّ الدّين، وقال: وُلِدَ بالقاهرة فِي صفر
سنة اثنتين وثمانين.
وسمع من: أَبِي الْجُود اللَّخْميّ، وعليّ بْن نصر بْن العطّار،
وَعَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن مُجلي، وَأَبِي الْحَسَن بْن المفضَّل
الحافظ، وطائفة.
وأجاز لَهُ خلق كثير. وخرَّج لَهُ المحدّث أَبُو بَكْر بْن مسد مشيخة
بالسّماع والإجازة.
وكان أحد المشايخ المشهورين بالأدب والفضل والتّقدُّم وكثرة المحفوظات.
وتقدَّم عند الدّولة.
قلت: وكان ذا حَظْوةٍ وحِشْمة. وهو والد الرّئيس المُسْند جمال الدّين
مُحَمَّد.
وممّن أجاز لَهُ: البُوصِيريّ، والخُشُوعيّ، وَأَبُو جَعْفَر
الصَّيْدلانيّ.
روى عَنْهُ: ابنه، وشيخنا الدّمياطيّ، وقال فِيهِ: هُوَ جمال الدّين
ابن المغربيّ الإفريقيّ.
__________
[1] انظر عن (مكرّم بن أبي الحسن) في: سير أعلام النبلاء 23/ 150 دون
ترجمة.
(47/297)
تُوُفّي فِي سابع عشر رمضان.
396- موسى بْن إِسْمَاعِيل بْن فتيان.
التّميميُّ، السّعْديّ، الحمصيّ، التّاجر، الأديب. ويُعرف بابن العصوب
وبابن الدّقيق.
قتِل غِيلةً بقُوص، وهو كهْل. وكان لَهُ معرفة بالنَّحْو والشِّعْر.
- حرف النون-
397- نصر بْن تُرْكيّ بْن خَزْعَل بْن تُركيّ.
أَبُو غالب الحَنْظَليّ البصريّ، المسكيّ التّاجر.
سَمِعَ من: ابن كُلَيْب، وَعَبْد اللَّه بْن أَبِي المجد.
ومات فِي أوّل رجب.
- حرف الهاء-
398- هاجر والدة الخليفة المستعصم باللَّه [1] .
حجّت وأنفقت أموالا عظيمة فِي الحجّ.
وَتُوُفّيت فِي هذه السّنة، وشيّعها الوزير فمَن دونَه مَشْيًا.
399- هبة اللَّه بْن الْحَسَن [2] بْن هبة اللَّه بْن الحَسَن بْن
عَلِيّ.
البغداديّ، أبو المعالي ابن الدَّواميّ، الملقَّب عزُّ الكُفَاة [3] ،
ابن الصّاحب أَبِي عليّ.
__________
[1] انظر عن (هاجر) في: خلاصة الذهب المسبوك للإربلي 289، مختصر
التاريخ لابن الكازروني 266، والحوادث الجامعة 266، 267 (في حوادث سنة
646 هـ.) ، والمختار من تاريخ ابن الجزري 211، والعسجد المسبوك 2/ 555،
وتاريخ ابن خلدون 1 ق 4/ 223- 227.
[2] انظر عن (هبة الله بن الحسن) في: الحوادث الجامعة 227 وفيه وفاته
سنة 646 هـ.، وتلخيص مجمع الآداب لابن الفوطي ج 4 ق 1/ 629 رقم 921،
وإنسان العيون لابن أبي عذيبة، ورقة 330، والمختار من تاريخ ابن الجزري
210، والعبر 5/ 187، وسير أعلام النبلاء 23/ 230، 231 رقم 149،
والمختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن الدبيثي 3/ 222 رقم 1286، والعسجد
المسبوك 2/ 558، 559، وشذرات الذهب 5/ 233.
[3] في الحوادث الجامعة: لقبه نظام الدين. وفي تلخيص مجمع الآداب: «علم
الدولة» .
(47/298)
ولد في شوّال سنة إحدى وستّين وخمسمائة.
وسمع: تَجَنِّي الوهْبانيّة، وأبا الفتح بْن شاتيل.
ووُليّ حاجب الحُجّاب مدّة.
وكان أَبُوهُ وكيل الإِمَام الناصر، ثُمَّ وُليّ أَبُو المعالي حمل
كِسْوة الكعبة، ووُليّ صدر ديوان الزِّمام، وانحدر إلى أعمال واسط، فلم
يؤذِ أحدا، وحُمِدت سيرتُه، فعُزل لِلِين جانبه وخيره، كما عُزِل
الَّذِي قبله لخيانته. وكتب الإِمَام:
يلحق الثّقة العاجز بالخائن الجلْد. فلزِم الرّجُل منزلَه فِي حال
تعفُّفٍ، وانقطاعٍ، وعبادةٍ، وكَثْرة تِلاوةٍ، وصومٍ، وصَدَقة.
روى لنا عَنْهُ: علاء الدّين بَيْبَرْس العديميّ.
وروى عَنْهُ بالإجازة: القاضي شهابُ الدّين الخُويّيّ، والفخر
إِسْمَاعِيل المشرف، وغيرهما.
وقد سَمِعَ منه ابن الحاجب، وابن النّجّار، والطَّلَبة.
وَتُوُفّي فِي السّادس والعشرين من جمادى الأولى سنة خمسٍ وأربعين
وستّمائة، وشيّعه خلْق.
ورثاه أَبُو العزّ عَبْد اللَّه بْن جميل بقصيدةٍ منها:
أبدى مُصَلّاك البكاءَ وشأنُهُ ... من وِرْدكَ التّكبيرُ والتَّهليلُ
وتَعَطَّل المحرابُ من متهجّدٍ ... لخُشُوعه منه الدّموع تسيلُ
لم تبِت فِي اللّيل الكتابَ مرتَّلًا ... إلّا وكان وسيلَهُ جبريلُ
أَخْبَرَنَا [علاء الدّين] [1] بَيْبَرْس قَالَ: أَنَا ابن الدّواميّ
سنة اثنتين وأربعين، أَنَا تَجَنِّي بسَنَدها. وسمع من تَجنِّي الرّابع
من «المَحَامِليّات» بقراءة ابن الحصْريّ فِي سنة خمسٍ وسبعين فِي
المحرَّم.
وقد أجاز لأحمد ابن الشَّحْنة، والمطعّم، وابن سعد، والنَّجْديّ،
وهُدْبَة بِنْت مؤمن، وجماعة.
__________
[1] في الأصل بياض، والمستدرك ممّا تقدّم من سياق ترجمته.
(47/299)
400- يعقوب بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن
عيسى بْن درباس [1] .
الأمير الكبير، شَرَفُ الدّين أَبُو يوسف الهَذَبَانيّ، الكُرديّ،
الإربليّ، ثُمَّ المَوْصِليّ، من أمراء الدّيار المصريّة.
وُلِدَ فِي حدود سنة ثلاث وستّين وخمسمائة بالعِماديّة.
وسمع بالمَوْصِل من: يحيى الثّقفيّ، ومنصور بْن أَبِي الْحَسَن
الطَّبَريّ، وَعَبْد الوهّاب بْن أَبِي حبّة، وإسماعيل بْن عُبَيْد.
وقيل إنّه سَمِعَ من أَبِي الفضل خطيب الموصل.
وذكره التّقيّ عَبْد فَقَالَ: قرأ عَلَى أَبِي السّعادات ابن الأثير
أكثر مصنّفاته، وحدَّث بِهَا.
قلت: وقدِم دمشقَ وهو ابن عشرين سنة، فسمع من القاسم بْن عساكر، وبمصر
من الأثير بْن بنان. وحدّث بدمشق، والقاهرة.
ووُليّ شدّ الدّواوين بدمشق. وكان بيته مأوى الفُضَلاء، وعنده أدب
وفضيلة، وفِقْه، وفرائض.
روى عَن منصور الطّبريّ «مُسْنَد أَبِي يَعْلَى» .
روى عَنْهُ: الحافظ أَبُو مُحَمَّد الدّمياطيّ، والعماد عَبْد اللَّه
بْن حسّان خطيب المُصَلَّى، وناصر الدّين أَحْمَد بْن الماكسانيّ.
وروى عَنْهُ بمصر «مُسْنَد أَبِي يَعْلى» شيخٌ ما أظنّه تُوُفّي بعد
الآن.
تُوُفّي فِي ثامن عشر ربيع الأوّل بمصر، وقد سَمِعَ منه الصّدر
القُونُويّ «جامع الأصول» ورواه. قرأه عليه القطب الشّيرازيّ.
__________
[1] انظر عن (يعقوب بن محمد) في: صلة التكملة للحسيني، ورقة 45، وسير
أعلام النبلاء 23/ 231، 232 رقم 151، والعبر 5/ 187، 188، والعسجد
المسبوك 2/ 558، وذيل التقييد للفاسي 2/ 313، 314 رقم 1702، وحسن
المحاضرة 1/ 377 رقم 67، ومفتاح السعادة 1/ 204، وشذرات الذهب 5/ 223.
(47/300)
401- يوسف بْن القاضي زين الدّين عليَّ بْن
يوسُف بْن عَبْد اللَّه بْن بُنْدار.
أَبُو الحَجّاج الدّمشقيّ الأصل، المصريّ المعدّل شَرَف الدّين.
عاش أربعا وستّين سنة.
وحدَّث عَن البُوصِيريّ، وإسماعيل بْن ياسين.
وهو أخو المعين أَحْمَد.
تُوُفّي فِي جمادي الآخرة.
وهو من شيوخ الدّمياطيّ.
الكنى
402- أَبُو بَكْر [1] .
الملك العادل سيف الدّين ابن السُّلطان الملك الكامل مُحَمَّد بْن
العادل.
تملَّك الدّيار المصريّة سنة خمسٍ وثلاثين بعد موت والده، وهو شابٌّ
طرِيّ لَهُ عشرون سنة.
قَالَ الإِمَام أَبُو شامة: تُوُفّي الكامل وتولّى بعده دمشقَ ومصرَ
ابنُه العادلُ أَبُو بَكْر. وكان نائبة عَلَى دمشق الملك الجواد يونس
بن ممدود، فهمّ بمسك
__________
[1] انظر عن (السلطان أبي بكر العادل) في: الفوائد الجلية في الفرائد
الناصرية لداود الأيوبي 260، ومفرّج الكروب لابن واصل 5/ 379- 381،
ووفيات الأعيان 4/ 166 و 5/ 86، والمختصر في أخبار البشر 3/ 176،
ونهاية الأرب للنويري 29/ 329، والدرّ المطلوب لابن أيبك 363، والنور
اللائح والدرّ الصادح في اصطفاء الملك الصالح للقيسراني (بتحقيقنا) ص
55، وأخبار الأيوبيين لابن العميد 157، وتاريخ الزمان لابن العبري 293،
ومرآة الزمان لسبط ابن الجوزي ج 8 ق 2/ 771، وتاريخ ابن الوردي 2/ 178،
والجوهر الثمين لابن دقماق 2/ 32- 35، وعيون التواريخ 20/ 23، 24،
والوافي بالوفيات 7/ 248، والسلوك للمقريزي ج 1 ق 2/ 329، وشفاء القلوب
365- 367 رقم 92، وتاريخ ابن سباط (بتحقيقنا) 1/ 341، وشذرات الذهب 5/
236، وترويج القلوب 62 رقم 105، وأخبار الدول للقرماني 2/ 258.
(47/301)
الجواد، فكاتب الجواد الملك الصّالح وأقدمه
إلى دمشق وسلّمها إِلَيْهِ وعوّضه عَنْهَا، وجرت أمورٌ مذكورة فِي
الحوادث وفي ترجمة الصّالح.
وعمل أمراء الدّولة عَلَى العادل وعزلوه، وملّكوا الصّالح. وكانت سلطنة
العادل بضعة وعشرين شهرا. وحبسه أخوه فبقي فِي الحبْس عشر سِنين، ثُمَّ
قتله أخوه، فما عاش بعده إلّا سنة وعشرة أشهر.
فأنبأني سعدُ الدّين مَسْعُود ابن شيخ الشّيوخ قَالَ: فِي خامس شوّال
من سنة خمسٍ وأربعين جهّز الملك الصّالح أخاه العادل مَعَ نسائه إلى
الشَّوْبَك، فبعث إِلَيْهِ الخادم محسن إلى الحبْس وقال: يَقْولُ لك
السّلطان لا بُدّ من رواحك إلى الشَّوْبَك.
فَقَالَ: إنْ أردتُم قتلي فِي الشَّوْبَك فهنا أَوْلَى، ولا أرُوح
أبدا.
فلامه وعذله، فرماه العادل بدَوَاةٍ، فخرج وعرَّف السّلطان فَقَالَ:
دبِّر أمرَه. فأخذ ثلاثة مماليك، ودخلوا عَلَيْهِ ليلة ثاني عشر شوّال
فخنقوه بوَتَر، وقيل بشاش وعلّق به، وأظهروا أَنَّهُ شنق نفسه. وأخرجوا
جنازته مثل الغُرباء.
قلت: عاش إحدى وثلاثين سنة.
قَالَ القاضي جمال الدّين ابن واصل [1] : كَانَ العادل يعاني اللَّهْو
واللَّعِب، ويقدّم من لا يصلُح ممّن هُوَ عَلَى طريقته، ويُعرض عَن
أكابر الدّولة ويُهملهم، فنفروا منه لهذا، ومالوا إلى الصّالح أخيه
وكاتَبُوه وطلبوا لأهليّته. واتّفقت الأشرفيّة ورأسهم أَيْبَك الاسم،
وجوهر الكامليّ كبير الخدّام، وركِبوا وأحاطوا بالدِّهليز، فرموه،
وجعلوا العادل فِي خيمةٍ صغيرةٍ، ووكّلوا بِهِ، فلم يتحرَّك معه أحدٌ،
ولزِم كلُّ أميرٍ وِطاقَه، فسار الصّالح مَعَ ابن عمّه النّاصر دَاوُد
يطويان المَرَاحل. وبقي كلَّ يومٍ يتلقّاه طائفة من الأمراء، إلى أن
وصل إلى بِلْبِيس، فتسلَّم المُلْك ليلةَ الجمعة ثامن ذي القعدة سنة
سبْعٍ وثلاثين، وزُيِّنت القاهرة، وفرح النّاس لنجابته وشهامته. ونزل
النّاصر بدار الوزارة.
__________
[1] في مفرّج الكروب 5/ 379.
(47/302)
403- أَبُو الْحَسَن بْن الأعزّ بْن أَبِي
الْحَسَن البغداديّ.
الرّفّاء.
سَمِعَ من: المبارك بْن عَلِيّ بْن خُضَيْر.
وحدَّث وطال عُمُرُه.
وَتُوُفّي فِي مُسْتَهَلّ رجب. وهو آخر من حدَّث عَن هذا.
سمّعه مؤدّبه.
روى عَنْهُ إجازة: البهاء بْن عساكر.
وسمّي بركة، وسمّي عليّا.
وفي رجب قَالَ سعد الدّين فِي «جريدته» : تُوُفّي الأمير ظهير الدّين
بْن سُنْقُر الحلبيّ، والأمير علاء الدّين قُراسُنْقُر العادل، فاحتاط
السّلطان عَلَى موجودة، ولم يُعْقِب.
وفي شعبان مات الأمير صلاح الدّين ابن الملك مَسْعُود أقْسِيس، وكانت
لَهُ جنازة حَفِلَة.
وفيها وُلِدَ:
العلّامة شمسُ الدّين مُحَمَّد بْن أَبِي الفتح فِي أوائلها،
ببَعْلَبَكّ، والمفتي مجدُ الدين إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد تقريبا،
بحرّان، والقاضي شَرَفُ الدّين هبة اللَّه بْن القاضي نجم الدّين بْن
البارِزيّ، بحماة، والإمام بدرُ الدّين مُحَمَّد بْن عَبْد المجيد بْن
زيد النَّحْويّ، ببَعْلَبَكّ، والصّاحب محيي الدّين بْن فضل اللَّه
العَدَويّ، بالكَرَك، والفقيه أمينُ الدّين مُحَمَّدُ بْن عَبْد الوليّ
بْن خَوْلان، ببعلبكّ، والتّقيّ محمد بن بركات ابن الْقُرَشِيّة، وعلاء
الدّين عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن النّضر الشّروطيّ،
(47/303)
والشّهاب أحمد ابن الحلبيّة الملقِّن
بالجبل، وفتح الدّين أَحْمَد بْن عَبْد الواحد الزَّمْلَكانيّ، وَعَبْد
اللَّه بْن عَبْد الوهّاب بْن المُحْيي حمزة البهْرانيّ، بحماة، وناصر
الدين مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن البَعْلَبَكيّ الشّاهد، والبدر
عَبْد اللّطيف بْن أَبِي القاسم بْن تَيْميّة، بحرّان، أحد التّجّار،
والأديب البارع شمسُ الدّين مُحَمَّد بْن حسن بْن سِباع الدّمشقيّ
الصّائغ الشّاعر العَرُوضيّ، وبدرُ الدّين مُحَمَّد بْن عَبْد الرحيم
بْن أَحْمَد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سلطان
بْن يحيى الْقُرَشِيّ، فِي المحرَّم، والشّريفُ يونسُ بْن أَحْمَد بْن
أَبِي الجنّ، فِي ذي الحجّة، وَأَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن
عليّ بْن عنْتَر السُّلَميّ الدّمشقيّ، والعمادُ إِبْرَاهِيمُ بْن
الكيّال، وَأَبُو بَكْر بْن عَبْد الباري الإسكندرانيّ التّاجر، فِي
صفر ثنا عَن السِّبْط، وَمُحَمَّدُ بْن إِبْرَاهِيم بْن مرّيّ
الطّحّان، وَمُحَمَّدُ بْن الشّجاع عَبْد الخالق بْن مُحَمَّد بْن
سَرِيّ المِزّيّ، وَالشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْن الشَّيْخ إِبْرَاهِيم
الأُرْمَوِيّ، والبدر سعد بْن الجمال أَبِي عَبْد اللَّه بْن يوسف
النّابلسيّ، ويوسفُ بْن عُمَر الخُشَنيّ، لَهُ حضورٌ عَلَى السّادي،
والشرف مُحَمَّد بْن العزّ بْن صالح بْن وُهَيْب الحنَفيّ، ومظفّرُ
الدّين بْن موسى بْن الأمير عزّ الدّين عثمان بن ميرك.
(47/304)
سنة ست وأربعين
وستمائة
- حرف الألف-
404- أَحْمَد بْن إِسْمَاعِيل بْن قلوس.
المحدِّث نجمُ الدّين الحنفيّ ابن مدرِّس العزّيَّة الّتي عَلَى
الميدان.
سَمِعَ الكثير ونسخ الأجزاء.
قال التّاج ابن عساكر: وُجِد فِي خندق باب النّصر ميّتا، ودُفِن عَلَى
أَبِيهِ.
405- أَحْمَد بْن الْحَسَن [1] بْن خضر بْن رِيش.
عزّ الدّين أَبُو العبّاس الْقُرَشِيّ، الدّمشقيّ، المعدّل.
وُلِدَ سنة إحدى وسبعين. وسمع من جدّه لأمّه الخضِر بْن طاوس نسخة
أَبِي مُسْهِر.
كتب عَنْهُ: عُمَر بْن الحاجب والقُدماء.
وروى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّد الدّمياطيّ، وأبو علي بن الخلال، والفخر
بن عساكر، وَأَبُو الفضل الذّهبيّ، وجماعة.
وَتُوُفّي بالمِزّة فِي رابع جمادى الآخرة.
406- أَحْمَد بْن سلامة [2] بْن أَحْمَد بن سَلْمان.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن الحسن) في: تكملة الإكمال لابن نقطة 2/ 705 رقم
2572 وفيه:
«أحمد بن الحسين» .
[2] انظر عن (أحمد بن سلامة) في: العبر 5/ 188، والذيل في طبقات
الحنابلة 2/ 243 رقم 351، ومختصره 72، والمنهج الأحمد 381، والمقصد
الأرشد، رقم 57، والدرّ المنضّد 1/ 388 رقم 1067.
(47/305)
الشّيخ أبو العبّاس ابن النّجّار
الحرّانيّ، الحنبليّ.
شيخ صالح زاهد، عابد، صاحب صلاة وصوم، من الرّاسخين في السّنّة.
له طلب وتحصيل.
رحل وسمع من: ابن كُلَيْب، وَأَبِي طاهر بْن المعطوش، وحمّاد بْن هبة
اللَّه الحرّانيّ، وَعَبْد الرَّحْمَن بْن عَلِيّ الحرميّ، وجماعة.
وحدَّث بدمشق وحرّان.
روى عَنْهُ: الحافظ الضّياء، والكبار.
وَحَدَّثَنَا عَنْهُ: مُحَمَّد بْن قَيْماز الدّقيْقيّ، والقاضي تقيّ
الدّين سُلَيْمَان، وعيسى المغازي، وغيرهم [1] .
وفي خطّه سَقَمٌ كثير.
تُوُفّي فِي رجب أو فِي شعبان.
407- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أُميّة [2] .
الحافظ أَبُو العبّاس العَبْدَريّ، المَيُورقيّ، المحدّث، الرَّحّال.
روى عَنْهُ الدِّمياطيّ من شِعره.
ومات فِي ذي الحجّة كهْلًا بالقاهرة. ومولده بمَيُورقَة.
408- إِبْرَاهِيم بْن سهل [3] .
اليهوديّ، شاعر أهل الأندلس. بل شاعر زمانه.
__________
[1] وقال ابن حمدان: سمعت عليه كثيرا، وكان من دعاة أهل السّنّة
وولاتهم، مشهورا بالزهد والورع والصلاح. (الذيل على طبقات الحنابلة 2/
243) .
[2] انظر عن (أحمد بن محمد بن أميّة) في: ذيل الروضتين 283 وسيعاد في
السنة التالية برقم (456) .
[3] انظر عن (إبراهيم بن سهل) في: عقود الجمان للزركشي 1/ 12، ولابن
شاكر الكتبي 1/ 20- 30 رقم 5، ونفح الطيب للمقّري 2/ 351، والمنهل
الصافي لابن تغري بردي 1/ 51- 56- رقم 30 وفيه وفاته قبل سنة 646 وقيل
سنة 649 هـ، وشذرات الذهب 5/ 244، وذيل تاريخ الأدب العربيّ لبروكلمان
1/ 483، وكشف الظنون 763، ومعجم المصنّفين للتونكي 3/ 156- 158، ومعجم
المؤلّفين 1/ 37 وفيه وفاته سنة 649 هـ.
(47/306)
غرق فِي البحر فِي هذا العام عَلَى ما حكاه
أَبُو القاسم بْن عمران السَّبْتيّ، وسيأتي فِي الطّبقة الآتية.
409- إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد.
أَبُو إِسْحَاق الأصبحيّ الإشبيليّ. نزيل حصن القصر.
أخذ القراءات السَّبْع عَن أَبِي عَبْد اللَّه بْن مالك المرتليّ فِي
سنة ثمان وسبعين وخمسمائة.
وعاش إلى هذا الوقت. وكان أديبا فاضلا، شاعرا، وكان شيخه أَبُو عَبْد
اللَّه مُحَمَّد بْن مالك من أصحاب أَبِي الْحَسَن شُرَيْح والكبار.
تُوُفّي أَبُو إِسْحَاق فِي سنة ستٍّ هذه فِي آخرها.
410- إِسْمَاعِيل بْن أَحْمَد بْن إِسْمَاعِيل بْن أَبِي الوقار.
أَبُو الطّاهر التّنوخيّ الدّمشقيّ، الصُّوفيّ.
سمع من: الخُشُوعيّ، وَعَبْد اللطيف بْن أَبِي سعد.
وبمصر من البُوصِيريّ.
وسكن مصر، دولي مشارفة البيمارستان. وكان من ذوي البيوتات.
تُوُفّي فِي عاشر رمضان.
411- إِسْمَاعِيل بْن سودكين [1] بْن عَبْد اللَّه.
أَبُو الطّاهر المكيّ النّوريّ، الحنفيّ، الصّوفيّ، المتكلّم.
وُلِدَ بالقاهرة فِي سنة تسع وسبعين وخمسمائة.
وسمع من: أبي الفضل الغزنوي، وأبي عبد اللَّه الأرتاحيّ.
وسمع بحلب من: الافتخار، وَعَبْد المطّلب، وغيره.
__________
[1] انظر عن (إسماعيل بن سودكين) في: العبر 5/ 188، والجواهر المضية 1/
409 رقم 334، والمقفّى الكبير للمقريزي 2/ 90 رقم 746، والطبقات
السنية، رقم 502، وكشف الظنون 2/ 1168، 1379، 1433، 1566، وإعلام
النبلاء بتاريخ حلب الشهباء 4/ 797 رقم 206، ومعجم المؤلفين 2/ 271.
(47/307)
وصحب الشّيخ المحيي ابن العربيّ مدّة، وكتب
عَنْهُ كثيرا من تصانيفه.
وكان عَلَى مذهبه فيما أحسب. وله نظْمٌ جيّد وفضيلة.
روى لنا عَنْهُ: أَبُو حفص بْن القوّاس.
ومات بحلب فِي الرّابع والعشرين من صفر.
وكان أَبُوهُ من مماليك السّلطان نور الدّين محمود، فتزهّد هُوَ
وتصوَّف.
412- أَيْبك المعظَّميّ [1] .
الأمير الكبير عزّ الدّين صاحب المدرسة الّتي بالكشك والتُّربة الّتي
عَلَى الشَّرف. وكان صاحب قلعة صَرْخَد أعطاه إيّاها. استعاده الملك
المعظَّم فِي سنة ثمانٍ، وقيل سنة إحدى عشرة وستّمائة، واستمرّ فيها
إلى أن أخذها منه الصّالح نجمُ الدّين سنة 644، وقبض عَلَيْهِ وسجنه
إلى أن مات سنة ستٍّ، ثُمَّ نُقِلَ إلى الشّام فدُفِن بتُربته.
وكان المعظَّم قد أخذ صَرْخَد من صاحبها ابن قُراجا.
- حرف الباء-
413- بشير بْن حامد [2] بْن سُلَيْمَان بْن يوسف بْن سُلَيْمَان بْن
عَبْد اللَّه.
__________
[1] انظر عن (أيبك المعظّمي) في: الفوائد الجلية في الفرائد الناصرية
لداود بن عيسى الأيوبي 123، ومفرّج الكروب لابن واصل 5/ 151، 212، 248،
261، 313، والمختصر في أخبار البشر 3/ 178، وتاريخ ابن الوردي 2/ 180،
والوافي بالوفيات 9/ 480، 481 رقم 4442، والبداية والنهاية 13/ 174
وفيه وفاته سنة 645 هـ.
[2] انظر عن (بشير بن حامد) في: مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي ج 8 ق 2/
133، 134، وصلة التكملة للحسيني، ورقة 51، والمختصر المحتاج إليه من
تاريخ ابن الدبيثي 1/ 263، 264 رقم 534، وسير أعلام النبلاء 3/ 255،
256 رقم 167، وطبقات الشافعية للمطري، ورقة 205 أ، ب، والوافي بالوفيات
10/ 161، 162 رقم 4633 وفيه: بشير بن أبي حامد، وطبقات الشافعية الكبرى
للسبكي 8/ 133، 134 رقم 1122، والعقد الثمين 3/ 371، وذيل التقييد
للفاسي 1/ 488، 489 رقم 955، وطبقات المفسّرين للسيوطي 39 رقم 24،
وطبقات المفسّرين للداوديّ 1/ 115، 116 رقم 109، والأعلام 2/ 29، ومعجم
طبقات الحفاظ والمفسّرين 220، رقم 109، وكشف الظنون 460، 644، وإيضاح
المكنون 1/ 30، ومعجم المؤلفين 3/ 46، 47.
(47/308)
الإِمَام نجمُ الدّين أَبُو النُّعْمان
القُرَشيّ، الهاشميّ، الطّالبيّ، الجعفريّ، الزَّيْنَبيّ، التّبريزيّ،
الصّوفيّ الفقيه.
وُلِدَ بأردبيل في سنة سبعين وخمسمائة.
وسمع من: عَبْد المنعم بْن كُلَيْب، ويحيى الثّقفيّ، وَأَبِي الفتح
المَنْدائيّ، وابن سُكَيْنَة، وابن طَبَرْزَد، وجماعة.
روى لنا عَنْهُ: الحافظ عَبْد المؤمن، والمحدّث عيسى السَّبْتيّ.
وَتُوُفّيّ بمكّة مجاورا فِي ثالث صفر. وكان إماما مشهورا بالعِلم
والفضل، وله «تفسير» مليح فِي عدّة مجلّدات.
وروى عنه أيضا: الشّيخ جمال الدّين ابن الظّاهريّ، وَالشَّيْخ مُحِبّ
الدّين الطّبريّ، وعدّة.
قَالَ ابن النّجّار فِي «تاريخه» بعد أن ساق نِسبته إلى أَبِي طَالِب:
تَفَقَّه ببغداد عَلَى أَبِي القاسم بْن فَضْلان، ويحيى بْن الرّبيع.
وحفظ المذهب والأُصول والخلاف، وناظر وأفتى، وأعاد بالنّظاميّة. سَمِعَ
منه جماعة، ووُليّ نظر مصالح الحَرَم وعمارة ما تشعّث منه. وهو حَسَن
السّيرة، متديّن.
وقال لنا الحافظ قُطْب الدّين: أنشدنا الإمام قطب الدّين ابن
القسطلانيّ قَالَ: حكى لي نجمُ الدّين بشير التَبْريزيّ قَالَ: دخلت
عَلَى ابن الحرّانيّ ببغداد، فسُرِقتْ مَشَّايتي، فكتبتُ إِلَيْهِ:
دخلت إليك يا أمَلي بَشيرًا ... فلما أنْ خرجتُ خرجتُ [1] بِشْرا
أعِدْ يائي الّتي سَقَطَتْ من اسمي ... فيائي فِي الحِسابِ تُعَدُّ
عَشْرا
قَالَ: فسيَّر إليَّ نصف مثقال.
__________
[1] في سير أعلام النبلاء 23/ 256 «فلما أن خرجت بقيت» ، والمثبت يتفق
مع: الوافي بالوفيات 10/ 162.
(47/309)
- حرف السين-
414- سُلَيْمَان بْن يحيى [1] بْن سُلَيْمَان بْن يَدَّر [2] .
أَبُو عَمْرو القَيْسيّ، الإشبيليّ.
سَمِعَ: الحافظ أَبَا مُحَمَّد بْن حَوْط اللَّه، وغيره.
وقرأ العربيّة والأُصول، ودرَّس، وولي خطّة الشُّورَى.
تُوُفّي فِي رمضان.
- حرف الصاد-
415- صفيّةُ بنتُ العَدْل عَبْد الوهَّاب [3] بْن عَليّ بْن الخَضِر
بْن عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ.
أمُّ حمزة الْقُرَشِيّة الأَسَدِيّة، الزُّبَيْريّة، الدّمشقيّة، ثُمَّ
الحَمَويّة، زَوْجَة قاضي حماة محيي الدّين حمزة البَهْرانيّ.
كانت أصغر من أختها كريمة، ولم يسمّعها أبوها شيئا، بل استجاز لَهَا
عمّها، وأجاز لَهَا مَسْعُود الثّقفي، والحسن بْن الْعَبَّاس
الرُّسْتميّ، والقاسم بن الفضل الصيدلاني، ورجا بن حامد المعداني،
ومعتمر بن الفاخر، وأبو الحسن عليّ ابن تاج القُرّاء، وطائفة.
وطال عُمْرها، وتفرّدت بإجازة جماعة.
__________
[1] انظر عن (سليمان بن يحيى) في: تكملة الصلة لابن الأبّار، رقم 1993،
والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة للمراكشي 4/ 97، 98 رقم 207.
[2] يدّر: ضبطها ابن عبد الملك المراكشي فقال: بياء مسفول مفتوح ودال
مفتوح مشدّد، وراء.
[3] انظر عن (صفيّة بنت عبد الوهّاب) في: صلة التكملة للحسيني، ورقة
52، 53، والمعين في طبقات المحدّثين 204 رقم 2150، وسير أعلام النبلاء
23/ 270 رقم 180، والإشارة إلى وفيات الأعيان 347، والإعلام بوفيات
الأعلام 269، والعبر 5/ 188، 189، والنجوم الزاهرة 6/ 361، وشذرات
الذهب 5/ 234.
(47/310)
روى عنها: المجد ابن الحُلْوانيّة،
والشَّرَف الدّمياطيّ، والجمال بْن الظّاهريّ، والتّقيّ إدريس بْن
مُزَيْز، وَأَبُو بَكْر أَحْمَد الدَّشْتيّ، والأمين مُحَمَّد بْن
النّحّاس، وجماعة.
وبالحضور: حفيدها عَبْد اللَّه بْن عَبْد الوهّاب، وَأَحْمَد بْن
مُزَيْز.
قَالَ الدّمياطيّ: حضرتُ جنازتها بحماة فِي خامس رجب. وقد سَمِعَ منها
القدماء: أَبُو الطّاهر إِسْمَاعِيل بْن الأنْماطيّ، وَأَبُو الفتح بْن
الحاجب، وجماعة.
- حرف العين-
416- عَبْد اللَّه بْن أحمد [1] .
الحكيم العلّامة، ضياء الدّين ابن البيطار الأندلسيّ، المالقيّ،
النّباتيّ، مصنِّف كتاب «الأدوية المفردة» ولم يُصنَّف مثله.
كَانَ ثقة فيما ينقله، حجّة. وإليه انتهت معرفة النّبات وتحقيقه وصفته
وأسمائه وأماكنه. كَانَ لا يُجارى فِي ذَلِكَ. سافر إلى بلاد الأغارقة
وأقصى بلاد الرّوم.
وأخذ فنّ النّبات عَن جماعة، وكان ذكيّا فطنا.
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن أحمد البيطار) في: عيون الأنباء في طبقات
الأطباء لابن أبي أصيبعة (طبعة ميلر) 2/ 133 (601، 602) ، و (طبقة دار
الفكر، بيروت 1957) 3/ 220- 222، والعبر 5/ 189، وسير أعلام النبلاء
23/ 256، 257 رقم 168، وتاريخ ابن الوردي 1/ 180، 181، ومرآة الجنان 4/
115، وعيون التواريخ لابن شاكر الكتبي 20/ 28، وفوات الوفيات، له 2/
159، 160 رقم 215، والوافي بالوفيات للصفدي 17/ 51، 52 رقم 47، والعسجد
المسبوك للغسّاني 2/ 567، 568، وحسن المحاضرة للسيوطي 1/ 542 رقم 16،
وتاريخ الخلفاء، له 476، ونفح الطيب للمقّري 2/ 691، 692 رقم 304،
وشذرات الذهب 5/ 234، وهدية العارفين 1/ 461، وديوان الإسلام لابن
الغزّي 1/ 356، 357 رقم 559، ومفتاح السعادة 1/ 331، وكشف الظنون 51،
383، 574، 1149، 1772، 1870، 1871، وإيضاح المكنون 1/ 109، ومعجم
المؤلفين 6/ 22.
(47/311)
قَالَ الموفّق أَحْمَد بْن أَبِي
أُصَيْبعَة [1] : شاهدت معه كثيرا من النّبات فِي أماكنه بظاهر دمشق.
وقرأت عَلَيْهِ «تفسيره لأسماء أدوية كتاب ديسقوريدوس» فكنت أجد من
غزارة عِلمه ودرايته وفهمه شيئا كثيرا جدّا.
ثُمَّ ذكر الموفّق فصلا في براعته في النّبات والحشائش، ثمّ قَالَ:
وأعجب من ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ ما يذكر دواء إلّا ويعين فِي أيّ مقالةٍ
هو في «كتاب ديسقوريدوس» و «جالينوس» وفي أيّ عددٍ هُوَ من جملة
الأدوية المذكورة فِي تِلْكَ المقالة.
وكان فِي خدمة الملك الكامل، وكان يعتمد عَلَيْهِ فِي الأدوية المفردة
والحشائش، وجعله بمصر رئيسا عَلَى سائر العشّابين وأصحاب البسطات.
ثُمَّ خدم بعد ذَلِكَ ابنه الملك الصّالح. وكان متقدّما فِي أيّامه،
حظيّا عنده.
تُوُفّي ابن البيطار بدمشق فِي شعبان.
417- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد [2] بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ
بْنِ أَبِي بَكْر بْن موسى بْن حفص.
أَبُو مُحَمَّد الأَنْصَارِيّ الدّانيّ، نزيل شاطبة.
سَمِعَ من: أُسامة بْن سُلَيْمَان صاحب ابن الدّبّاغ، وَأَبِي القاسم
بْن إدريس، وَأَبِي القاسم أَحْمَد بْن بَقِيّ.
وقرأ العربيّة والآداب. ورحل فسمع بالإسكندريّة من مُحَمَّد بْن عبّاد،
وبدمشق من الحَسَن بْن صبّاح، وجماعة.
ومال إلى عِلْم الطِّبّ، وعُنِي بِهِ، وشارك في فنون.
أثنى عليه الأبّار، وقال: كَانَ من أهل التّواضع والطّهارة. صاحَبْتُهُ
بتونس وسمعت منه كثيرا، ورحل ثانية إلى المشرق، فَتُوُفّي بالقاهرة فِي
سلْخ شعبان وهو في آخر الكهولة، رحمه الله تعالى.
__________
[1] في عيون الأنباء (طبعة دار الفكر) 3/ 220.
[2] انظر عن (عبد الله بن أحمد الأنصاري) في: تكملة الصلة لابن
الأبّار.
(47/312)
418- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن محمد
بْن عطيّة [1] .
القَيْسيّ، المالكيّ.
حجّ، وسمع من: مرتضى بْن أَبِي الجود، وجعفر الهَمَذَانيّ.
وكان زاهدا صالحا. ورّخه الأَبّار.
419- عَبْد اللَّه بْن الْحَسَن [2] بْن أَبِي الفتح منصور بْن أَبِي
عَبْد اللَّه.
القاضي الفقيه، أَبُو المكارم السّعديّ، الدّمياطيّ، المقدِسيّ الأصل.
وُلِدَ سنة ثلاثٍ وستّين وخمسمائة.
وقرأ القرآن عَلَى أَبِي الجيوش عساكر بْن عَلِيّ، وتَفَقَّه عَلَى
العلّامة الشِّهاب الطُّوسيّ.
ورحل إلى العراق، فسمع من: أَبِي منصور عَبْد اللَّه بْن عَبْد
السّلام، والحافظ أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن موسى الخازميّ.
وأجاز لَهُ الحافظان ابن عساكر، والسِّلَفيّ.
ودرّس بالمدرسة النّاصريّة بدِمياط، ووُليّ القضاء والخطابة بِهَا.
روى عَنْهُ الحافظ شَرَفُ الدّين المتوثي وقال: هُوَ شيخي ومُفَقِّهي
جلال الدّين، صحِبْتُه سِنين بدِمياط، وتفقّهت عَلَيْهِ وعلى أخيه
القاضي أَبِي عَبْد اللَّه الْحُسَيْن.
وروى عَنْهُ أيضا: الحافظ عَبْد العظيم، وَأَبُو المعالي
الأَبَرْقُوهيّ، وَأَبُو الحمد أتوش الافتخاريّ، وجماعة.
توفّي بالقرافة في سابع عشر شعبان.
__________
[1] انظر عن (عَبْد اللَّه بن أَحْمَد بن مُحَمَّد) في: تكملة الصلة
لابن الأبّار.
[2] انظر عن (عبد الله بن الحسن) في: ذيل التقييد للفاسي 2/ 32، 33 رقم
1110، والمقفّى الكبير للمقريزي 4/ 391 رقم 1487، وتحفة الأحباب
للسخاوي 75.
(47/313)
420- عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن [1] بْن
عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن بْن عَبْد اللَّه بْن رَوَاحة بْن
إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه بْن رَوَاحة بْن عُبَيْد بْن مُحَمَّد
بْن عَبْد اللَّه بْن رَوَاحة بْن ثعلبة بْن امرئ القيس بْن عَمْرو.
المُسْنِد عزّ الدّين أَبُو القاسم الأَنْصَارِيّ الخَزْرَجيّ،
الحَمَويّ، الشّافعيّ.
وُلِدَ بجزيرة من جزائر المغرب، وهي جزيرة صقلّيّة، وأبوه بِهَا مأسور
في سنة ستّين وخمسمائة. وكان قد أُسِرَ أبواه وهو حَمْل، ثُمَّ يَسَّرَ
اللَّه خلاصهما.
وهو من بيت عِلم وعدالة. رحل بِهِ أَبُوهُ إلى الإسكندريّة بعد
السَبعين، وسمّعه الكثير من السِّلَفيّ، فمن ذَلِكَ «السّيرة» تهذيب
ابن هشام. وقد سمعها من ابن رَوَاحة ببَعْلَبَكّ شيخُنا القاضي تاجُ
الدّين عَبْدُ الخالق.
وتفرَّد عَن السِّلَفيّ بأجزاء كثيرة.
وسمع من: عَبْد اللَّه بْن بَرّيّ النَّحْويّ، وَأَبِي المفاخر
المأمونيّ، والطّالب أَحْمَد بْن رجا اللَّخْميّ، وعَلِيّ بْن هبة
اللَّه الكامِليّ، وَأَبِي الطّاهر إِسْمَاعِيل بْن عوف، وَأَبِي
الجيوش عساكر بْن عَلِيّ، وَأَبِي سعد بْن أَبِي عصرون الشّافعيّ،
وجماعة.
وسمع من والده قطعة من شِعره. وكذلك من تقيّة بِنْت غيث الأَرْمنازيّ
الشّاعرة.
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن الحسين) في: عقود الجمان في شعراء هذا الزمان
لابن الشعار الموصلي (نسخة) أسعد أفندي 2324، ج 3/ ورقة 159 أ، وصلة
التكملة لوفيات النقلة، للحسيني، ورقة 52، وتكملة إكمال الإكمال لابن
الصابوني 49 و 207 رقم 170، وتاريخ إربل لابن المستوفي 1/ 412- 417 رقم
310، والمعين في طبقات المحدّثين 204 رقم 2151، والإشارة إلى وفيات
الأعيان 347، والإعلام بوفيات الأعلام 269، وسير أعلام النبلاء 23/
261- 263 رقم 172، والعبر 5/ 189، وعيون التواريخ لابن شاكر 20/ 24،
والوافي بالوفيات للصفدي 17/ 144، 145 رقم 128، والمستفاد من ذيل تاريخ
بغداد للدمياطي 140، وذيل التقييد للفاسي 2/ 34 رقم 1112، والعسجد
المسبوك للغسّاني 2/ 568، والمقفّى الكبير للمقريزي 4/ 392 رقم 1488،
والنجوم الزاهرة 6/ 361، وشذرات الذهب 5/ 234، وموسوعة علماء المسلمين
في تاريخ لبنان الإسلامي (تأليفنا) ق 2 ج 5/ 168 في ترجمة (تقيّة بنت
غيث) وفيه: «عبد الله بن رواحة الحموي» .
(47/314)
وقرأ الأدب عَلَى أَبِيهِ وعلى ابن بَرّيّ.
وتفقّه.
وكان يرتزق من الشّهادة، وكان يأخذ على التّحديث، الله يسامحه.
حدّني إسحاق الصّفّار وكان بعث شيخنا الحافظ ابن خليل إلى ابن رَوَاحة
يعتب عَلَيْهِ فِي أخذه عَلَى الرّواية، فاعتذر بأنّه فقير.
وقرأت بخطّ أَبِي الفتح بْن الحاجب: قَالَ لي الحافظ ابن عَبْد الواحد:
ذكر لي أخي الشّمس أَحْمَد أنّه لمّا كَانَ بحمص ورد عَلَيْهِ ابن
رواحة فأراد أن يسمع منه، فذكر لَهُ جماعةٌ من أهل حمص أنّ ابن رَوَاحة
يشهد بالزُّور فتركْتُهُ.
وقال أَبُو الفتح: قَالَ لي تقيّ الدّين أَحْمَد بْن العزّ: كلّ ما [1]
سَمِعْتُهُ عَلَى ابن رَوَاحة فقد تركْتُهُ.
وقال الزّكيّ البِرْزاليّ: كَانَ عنده تسامُحُ قَلْب، وكان لَهُ شِعْر
وسَط يمتدح بِهِ ويأخذ الصِّلات، وحدَّث بأماكن عديدة.
وقال الحافظ زكيّ الدّين عَبْد العظيم: سَأَلْتُهُ عَن مولده فَقَالَ:
فِي جزيرة مسّينة بالمغرب سنة ستّين. كَانَ أَبِي سافر إلى المغرب
فأُسِر، فوُلِدْتُ لَهُ هناك.
روى عَنْهُ: زكيّ الدّين، وَأَبُو حامد بْن الصّابونيّ، وَأَبُو
مُحَمَّد الدّمياطيّ، وَأَبُو الْعَبَّاس بْن الظّاهريّ، وَأَبُو الفضل
بْن عساكر، وَأَبُو الْحُسَيْن اليُونينيّ، وإدريس بْن مُزَيْز، وبنته
ستّ الدّار، وفاطمة بِنْت النّفيس بْن رَوَاحة بِنْت أخيه، والبهاء بْن
النّحّاس، وأخوه، والكمال إِسْحَاق، وَأَبُو بَكْر الدَّشْتيّ،
والشَّرَف عَبْد الأحد بْن تَيْميّة، والمفتي أَبُو مُحَمَّد الفارقيّ،
وفاطمة بِنْت جوهر، وفاطمة بِنْت سُلَيْمَان، والشّمس أَحْمَد بْن
مُحَمَّد بْن العجميّ، وخلْق سواهم.
وَتُوُفّي بين حماة وحلب. وحُمِل إلى حماة فدُفِن بِهَا في ثامن جمادى
الآخرة [2] .
__________
[1] في الأصل: «كلما» .
[2] وقال ابن المستوفي: ورد إربل في العشر الأول من ذي الحجة من سنة
خمس وعشرين وستمائة، ونزل بدرب المنارة في زاوية الشيخ محمد بن محمد بن
الحسين الكريدي، وأكرمه
(47/315)
421- عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد
بْن إِبْرَاهِيم.
أَبُو مُحَمَّد الأستاريّ، الأنصاريّ، نزيل إشبيلية.
أخذ القراءات عَن أَبِي الْحَسَن بْن عظيمة.
والنّحْو عَن أَبِي عَلِيّ الشَّلُوبِين.
وحجّ فتفقّه بتلك الدّيار، وسمع قطعة من «جامع» التِّرْمِذِيّ عَلَى
زاهر بْن رستم، وعاد إلى إشبيلية. ودرس الأُصول ومذهب مالك، ثُمَّ
انتقل إلى سِبْتَة واشتغل بِهَا.
تُوُفّي فِي آخر السّنة.
422- عَبْد الباري بْن عَبْد الخالق بْن أَبِي البقاء صالح بْن عَلِيّ
بْن زيدان.
أَبُو الفتح الأُمَويّ، المكّيّ الأصل، المصريّ، العطّار، المؤذّن.
سَمِعَ مَعَ ابنه من أَبِي عَبْد اللَّه الأرتاحيّ، وجماعة.
__________
[ () ] الفقيه أبو سعيد كوكبوري بن علي، ومرض عند وروده إربل وأبلّ من
مرضه. دخل ثغر الإسكندرية وهو صبيّ مع والده، وسمع أبا طاهر أحمد بن
محمد الأصبهاني السلفي. وله إجازة من أبي القاسم علي بن الحسن بن عساكر
الدمشقيّ صاحب تاريخها.
وذكر ابن المستوفي شعرا لجدّه، وشعرا لأبيه أنشده إياه عبد الله بن
الحسين. ثم قال إنه أنشده لنفسه في ذي الحجة من سنة 625:
صبرا لعلّك في الهوى أن تنصفا ... أو أن ترقّ لمدنف أو تعطفا
ما كلّ من أضحى الجمال بأسره ... ولغيره منح القطيعة والجفا
كلّا، ولا من حاز أفئدة الورى ... بجماله أبدى المسير تعسّفا
يا مانعا جفني الكرى بصدوده ... قسما بمهدك بعد بعدك ما غفا
إن كان قصدك أن تريق دمي فلا ... تتقلّدن سيفا فطرفك قد كفى
لو أنّ جسمي في بحار مدامعي ... يطفى بنار فيه من سقم طفا
ومنها:
أحييت يوسف في المحاسن مثلما ... أحيا أبو بكر أخاه يوسفا
وأنشدني لنفسه في تاريخه في صديق له سافر ولم يودّعه:
رحلت ولم أودّع منك خلّا ... صفا كدر الزمان به وراقا
ولكن خاف من أنفاس وجدي ... إذا أبدى العناق يرى احتراقا
فكأس الشوق منذ نأيت عني ... أكابده اصطباحا واغتباقا
(47/316)
وكان أَبُوهُ من أعيان الفُضَلاء.
تُوُفّي عَبْد الباري فِي نصف شعبان.
423- عَبْد الرَّحْمَن بْن الخضر بْن الْحَسَن بْن عَبْدان.
نجم الدّين أَبُو الْحُسَيْن الأَزْديّ، الدّمشقيّ، والد شيخنا الشّمس
أبي القاسم.
ولد سنة تسعين وخمسمائة.
وسمع من: الخُشُوعيّ، والقاسم بْن عساكر، وحنبل، وطائفة فأكثر.
روى عَنْهُ: الشَّيْخ تاج الدّين عَبْد الرَّحْمَن، وأخوه، وَأَبُو
عَلِيّ بْن الخلّال، وأبو الفداء بْن عساكر، وَمُحَمَّد بْن مُحَمَّد
البجّيّ، وجماعة.
وبالحضور: أَبُو المعالي بْن البالِسيّ، وغيره.
تُوُفّي فِي جمَادَى الأولى.
424- عَبْد الرَّحْمَن بْن عبد العزيز بن علي بن عبد العزيز.
أبو القاسم المخزوميّ، المصريّ، الشّارعيّ شرف الدّين ابن الصَّيْرفيّ.
تُوُفّي فِي ذي الحجّة عَن خمسٍ وستّين سنة.
وحدَّث عَن: البُوصِيريّ، وقاسم بْن إِبْرَاهِيم المقدسيّ، وجماعة.
وهو من شيوخ الدّمياطيّ.
425- عَبْد الرَّحْمَن بْن عَلِيّ بْن عُثْمَان بْن يوسف بْن
إِبْرَاهِيم.
القاضي المكرَّم، أَبُو المعالي بْن أَبِي الْحَسَن الْقُرَشِيّ،
المخزوميّ، المُقَيرَّيّ المصريّ، الشّافعيّ.
ولد سنة تسع وستّين وخمسمائة.
وسمع من: عَبْد اللَّه بْن بَرّيّ النَّحْويّ، وَمُحَمَّد بْن عَلِيّ
الرِّضَى، والبُوصِيريّ، وإِسْمَاعِيل بْن ياسين، والقاسم بْن عساكر.
وأجاز لَهُ السِّلَفيّ، وعبد الحقّ اليوسفيّ، والحافظ ابن عساكر،
وشُهْدَة، وخطيب المَوْصِل، وطائفة.
(47/317)
وروى الكثير، وهو من بيت كتابة وجلالة.
حدَّث عَنْهُ: الحافظ زكيّ الدّين المنذريّ مَعَ تقدُّمه.
وثنا عَنْهُ الحافظ أَبُو مُحَمَّد بْن خَلَف، وبَيْبَرْس القَيْمُريّ.
وَتُوُفّي فِي سابع رمضان.
426- عَبْد الرّزّاق ابن الإِمَام المفتي فخر الدّين أَبِي مَنْصُور
عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن هبة اللَّه ابن عساكر.
أَبُو الفُتُوح الدّمشقيّ، المعدَّل.
وُلِدَ سنة أربع وسبعين.
وسمع من: البوصيريّ.
روى عنه: الدّمياطيّ.
وَتُوُفّي فِي رمضان.
427- عَبْد القويّ بْن عَبْد اللَّه [1] بْن إِبْرَاهِيم.
الأستاذ أَبُو مُحَمَّد بْن المغربل السَّعْديّ، المصريّ، الأَنْماطيّ،
المقرئ.
قرأ القراءات عَلَى أَبِي الْجُود وسمع منه.
ومن: العماد الكاتب، وابن نجا الواعظ.
وتصدَّر لإقراء القرآن بجامع السرّاجين بالقاهرة، مدّة، وانتفع بِهِ
جماعة.
تُوُفّي فِي العشرين من شوّال.
428- عَبْد المنعم بْن مُحَمَّد بْن يوسف.
العدل، أَبُو مُحَمَّد الأَنْصَارِيّ، المصريّ، الخِيَميّ، الشّافعيّ.
والد الأديب مُحَمَّد ابن الخيميّ.
سَمِعَ من: العماد الكاتب.
وفي الحجّ من: جعفر بن آموسان.
__________
[1] انظر عن (عبد القويّ بن عبد الله) في: صلة التكملة لوفيات النقلة،
للحسيني، 1/ ورقة 55، ومعرفة القراء الكبار 2/ 642 رقم 607، وحسن
المحاضرة 1/ 500.
(47/318)
وَتُوُفّي فِي رجب بالقاهرة.
429- عثمان بْن عُمَر [1] بْن أَبِي بَكْر بْن يونس.
العلّامة جمال الدّين أَبُو عَمْرو بْن الحاجب الكرديّ، الدُّوِينيّ
الأصل، الأنطاكيّ المولِد، المقرئ المالكيّ، النَّحْويّ، الأُصُوليّ،
الفقيه، صاحب التّصانيف المنقّحة.
وُلِدَ سنة سبعين أو إحدى وسبعين، هُوَ شَكّ، بأسْنا من عمل الصّعيد.
وكان أَبُوهُ جنديّا كرديّا حاجبا للأمير عزّ الدّين موسك الصّلاحيّ.
فاشتغل أَبُو عَمْرو فِي صِغَره بالقاهرة وحفظ القرآن. وأخذ بعض
القراءات عَن الشّاطبيّ، رحمه اللَّه، وسمع منه «التّيسير» .
__________
[1] انظر عن (عثمان بن عمر) في: ذيل الروضتين 160 و 182، وعقود الجمان
لابن الشعار 4/ ورقة 142، ووفيات الأعيان 3/ 248- 250 رقم 413، وصلة
التكملة لوفيات النقلة، للحسيني 1/ ورقة 55، ومفرّج الكروب 5/ 302،
ونهاية الأرب 29/ 330، 331، والطالع السعيد للأدفوي 352- 357 رقم 277،
والمختصر في أخبار البشر 3/ 178، والمعين في طبقات المحدّثين 204 رقم
2152، والإشارة إلى وفيات الأعيان 347، والإعلام بوفيات الأعلام 270،
وسير أعلام النبلاء 23/ 264- 266 رقم 175، ومعرفة القراء الكبار 2/
648، 649 رقم 617، والعبر 5/ 189، 190، وتاريخ ابن الوردي 2/ 179، 180،
ومرآة الجنان 4/ 114، 115، والبداية والنهاية 13/ 176، والديباج المذهب
189، وغاية النهاية 1/ 508، 509 رقم 2104، والوفيات لابن قنفذ 319، 320
رقم 647، والبلغة في تاريخ أئمّة اللغة للفيروزآبادي 140 رقم 220،
وعيون التواريخ 20/ 24، 25، والنجوم الزاهرة 6/ 360، والمنهل الصافي 7/
421- 424 رقم 1527، والدليل الشافي 1/ 440 رقم 1521، وذيل التقييد
للفاسي 2/ 171 رقم 1373، والوافي بالوفيات 19/ 489- 496 رقم 504، وحسن
المحاضرة 1/ 210، وتاريخ الخلفاء 476، وبغية الوعاة 2/ 134، 135 رقم
1632، ومفتاح السعادة 1/ 117، وشذرات الذهب 5/ 334، وروضات الجنات 448،
وكشف الظنون 1370، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 277، وهدية العارفين 1/ 654،
وآثار الأدهار 1/ 183، وتاريخ ابن سباط 1/ 342، والخطط التوفيقية 8/
62، وشجرة النور الزكية 1/ 167، 168 رقم 525، والفتح المبين في طبقات
الأصوليين 2/ 65، 66، وتاريخ آداب اللغة العربية 3/ 53، واكتفاء القنوع
بما هو مطبوع لفنديك 305، ومعجم المطبوعات العربية والمعرّبة لسركيس
71، والأعلام 4/ 374، ومعجم المؤلفين 6/ 265، ودائرة المعارف الإسلامية
1/ 126، والدارس 2/ 3- 5، وإشارة التعيين 204، 205 رقم 121، وإيضاح
المكنون 1/ 351.
(47/319)
وقرأ طُرُق «المبهج» عَلَى أَبِي الفضل
مُحَمَّد بْن يوسف الغَزْنَويّ، وقرأ بالسّبع عَلَى أَبِي الْجُود.
وسمع من: أَبِي القاسم البُوصِيريّ، وإسماعيل بْن ياسين، والقاسم بْن
عساكر، وحمّاد الحرّانيّ، وبنت سعد الخير، وجماعة.
وتفقَّه عَلَى أَبِي منصور الأبياريّ، وغيره.
وتأدَّب عَلَى الشّاطبيّ، وَأَبِي الثّناء. ولزِم الاشتغالَ حتّى برع
فِي الأُصول والعربيّة. وكان من أذكياء العالم. ثُمَّ قدِم دمشقَ ودرَس
بجامعها فِي زاوية المالكيّة، وأكبَّ الفُضَلاء عَلَى الأخْذ عَنْهُ.
وكان الأغلب عَلَيْهِ النّحْو. وصنَّف فِي الفِقْه مختصرا، وفي الأُصول
مختصرا، وفي النّحو والتّصريف مقدّمتين. وكلّ مصنَّفاته فِي غاية
الحُسْن. وقد خالف النُّحَاة فِي مواضِعَ، وأورد عليهم الإشكالات
وإلْزامات مقحمة يَعْسُر الإجابة عنها.
ذكره الحافظ أبو الفتح عمر بن الحاجب الأمينيّ فَقَالَ: هُوَ فقيه مفتي
مُناظر، مبرِّزٌ فِي عدّة علوم، متبحّر مَعَ ثقة ودِين وورع وتواضع
واحتمال واطّراح للتّكلُّف.
قلت: ثُمَّ نزح عَن دمشق هُوَ وَالشَّيْخ عزّ الدّين بْن عَبْد السّلام
فِي الدّولة الإسماعيليّة عند ما أنكرا عَلَى الصّالح إِسْمَاعِيل،
فدخلا مصر، وتصدّر هُوَ بالمدرسة الفاضليّة ولازَمَه الطَّلَبة.
قَالَ القاضي شمسُ الدّين بْن خَلِّكان [1] : كَانَ من أحسن خلْق
اللَّه ذِهنًا.
وجاءني مِرارًا بسبب أداء شهادات، وسألتُه عَن مواضع فِي العربيّة
مُشْكِلة، فأجاب أبلغَ إجابةٍ بسُكُونٍ كثير وتثبيت تامّ.
ثُمَّ انتقل إلى الإسكندريّة ليُقيم بِهَا، فلم تَطُلْ مدّتُه هناك،
وَتُوُفّي بِهَا فِي السّادس والعشرين من شوّال.
__________
[1] في وفيات الأعيان 3/ 248.
(47/320)
قلت: قرأ عليه بالرّوايات شيخُنا الموفَّق
مُحَمَّد بْن أَبِي العلاء، وحدَّث عَنْهُ الحافظان المنذريّ
والدّمياطيّ والجمال الباهليّ وَأَبُو مُحَمَّد الجزائريّ، وَأَبُو
عَلِيّ بْن الخلّال، وَأَبُو الفضل الإربِليّ، وَأَبُو الْحَسَن بْن
البقّال، وطائفة.
وبالإجازة قاضي القُضاة ابن الجوزيّ والعماد بْن اليانشيّ.
وأخذ عَنْهُ العربيّةَ شيخُنا رضيُّ الدّين أَبُو بَكْر القُسْطنطينيّ.
وقد رُزِقت تصانيفُه قَبُولًا زائدا لحُسْنها وجَزَالتها.
430- عثمان بْن نصر اللَّه [1] بْن عثمان.
أَبُو عَمْرو الشَّقَّانيّ، الصّوفيّ.
وُلِدَ بحلب سنة خمس وخمسين [2] وخمسمائة، ورحل لمصر وسمع بِهَا من:
عشائر بْن عَلِيّ، وهبة اللَّه البُوصِيريّ.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وغيره.
وبالإجازة: العدلان ابن البِرْزاليّ، وابن النّابلسيّ.
ومات، رحمه اللَّه، فِي المحرَّم.
431- عَلِيّ بْن المأمون [3] أَبِي العلاء إدريس بْن المنصور بْن يعقوب
بْن يوسف بْن عَبْد المؤمن بْن عَلِيّ.
القَيْسيّ، الخليفة المغربيّ، الملقّب بالمعتضد وبالسّعيد، أبو الحسن.
__________
[1] انظر عن (عثمان بن نصر الله) في: تكملة إكمال الإكمال لابن
الصابوني 234 رقم 216، وتوضيح المشتبه 5/ 349، 350 وفي هذين المصدرين
ورد: «عثمان بن أبي نصر بن عثمان بن محمد الكتامي الشقّاني» .
[2] في تكملة ابن الصابوني 234: «سنة خمس وستين» ، وهو الصحيح لقول ابن
ناصر الدين في التوضيح: «وقد جاوز الثمانين» . ولو كان مولده كما هو في
المتن لقيل إنه جاوز التسعين.
[3] انظر عن (علي بن المأمون) في: وفيات الأعيان 7/ 17، 18 رقم 363،
والعبر 5/ 190، وسير أعلام النبلاء 23/ 186، 187 رقم 112، ومرآة الجنان
4/ 115، والعسجد المسبوك للغسّاني 2/ 568، وتاريخ الدولتين الموحّدية
والحفصية للمراكشي (طبعة المكتبة العتيقة بتونس 1966) ص 30، 31، وشرح
رقم الحلل للسان الدين ابن الخطيب 194، 195، 205، 218، 230، ومآثر
الإنافة في معالم الخلافة للقلقشندي 2/ 88 و 101، وشذرات الذهب 5/ 236،
والأعلام 4/ 263.
(47/321)
ولي الأمر بعد أخيه عَبْد الواحد الملقّب
بالرّشيد سنة أربعين، فبقي إلى أن خرج إلى ناحية تلِمسان، وحاصر قلعة
هناك، فقُتِل عَلَى ظهر فَرَسه فِي صفر من هذا العام. وولي الأمر بعده
المرتضى أَبُو حفص، فامتدّت أيّامه عشرين عاما.
وكان السّعيد أسود اللّون، فارسا، شجاعا.
مات فِي سلْخ صفر سنة ستٍّ مقتولا.
432- عَلِيّ بْن جَابِر [1] بْن عَلِيّ.
الإِمَام أَبُو الْحَسَن الإشبيليّ الدّبّاج. مقرئ الأندلس.
أخذ القراءات عَن أَبِي بَكْر بْن صاف، وَأَبِي الْحَسَن نجبة بْن
يحيى.
وأخذ العربيّة عَن أبي ذرّ بن أبي ركب الخشنيّ، وأبي الحسن بن خروف.
وتصدّر للإقراء والعربيّة نحوا من خمسين سنة.
ذكره أَبُو عَبْد الله الأبار [2] فقال: كان من أهل الفضل والصّلاح،
وأَمّ بجامع العَدَبّس. وكان مولده فِي سنة ستّ وستّين وخمسمائة.
وَتُوُفّي بإشبيليّة فِي شعبان بعد دخول الرّوم الملاعين صلحا البلد
بجُمعة.
فإنّه هالَهُ نُطْقُ النّواقيس وخرْس الأذان، فما زال يتأسّف ويضطرب
ارتماضا لذلك إلى أن قضى نحبه، رحمه الله ورضي عنه.
__________
[1] انظر عن (علي بن جابر) في: تكملة الصلة لابن الأبّار 3/ ورقة 176،
و (المطبوع) 2/ 683 رقم 1910، وبرنامج شيوخ الرعينيّ 88، 89، والمغرب
في حلى المغرب 1/ 255، واختصار القدح المعلّى، لابن سعيد 155، والذيل
والتكملة لكتابي الموصول والصلة 5/ 1/ 198- 201، رقم 394، وصلة الصلة
لابن الزبير 137، وصلة التكملة لوفيات النقلة، للحسيني 1/ ورقة 54،
وملء العيبة لابن رشيد الفهري 2/ 55، 65، 92، 131، 148، 208، 210، 231،
249. والإشارة إلى وفيات الأعيان 347، والإعلام بوفيات الأعلام 269،
وسير أعلام النبلاء 23/ 209، 210 رقم 125، والعبر 5/ 190، ومعرفة
القراء الكبار 2/ 647 رقم 616، والبلغة في تاريخ أئمّة اللغة 150،
وغاية النهاية 1/ 528، 529، والنجوم الزاهرة 6/ 371، وبغية الوعاة 2/
153، ونفح الطيب 2/ 532 و 5/ 27، وشذرات الذهب 5/ 235، وتاريخ الخلفاء
476.
[2] في تكملة الصلة.
(47/322)
وقيل: مات يوم دخلوها.
قلت: وكان أستاذا فِي العربيّة، يُقرئ كتابِ سيبَويْه، وغيره.
وكان حُجّةً فِي نقْله، مسدّدا فِي بحثه، رحمه اللَّه [1] .
433- عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ.
الكَرَكيّ، تمّ المكّيّ.
سَمِعَ من: يحيى بْن ياقوت، وناصر بْن رستم، ويونس الهاشميّ، وجماعة.
روى عَنْهُ: الدِّمياطيّ، وأهل مكّة.
مات فِي ذي الحجّة.
434- عَلِيّ بْن يحيى [2] بْن المخرّميّ [3] .
أَبُو الْحَسَن البغداديّ، الفقيه. أحد الأذكياء الموصوفين.
__________
[1] وقال ابن عبد الملك المراكشي: وكان حسن السمت والهدي، ديّنا صالحا،
سنّيا فاضلا، ظريف الدعابة، حسن اللوذعية، مقرئا مجوّدا، متعلّقا
برواية يسيرة من الحديث، متقدّما في العربية والأدب، يقرض قطعا من
الشعر يجيد فيها، عكف على إقراء القرآن وتدريس العربية والأدب نحو
خمسين سنة لم يتعرّض لسواه ولا عرّج على غيره نزاهة عن الأطماع وأنفة
من التعلّق بالدّنيا وأهلها، وكان مبارك التعليم فنفع الله بصحبته
والأخذ عنه خلقا كثيرا، وكتب بخطّه الرائق الكثير وأتقن ضبطه وتقييده.
ومن شعره:
لربّنا مأدبة ... دعا إليها الجفلى
فمن أتاها مسلّما ... يرتع بروضات الفلا
في الثمر الحلو الّذي ... قد فاق كلّ ما حلا
لذّاته لا تنقضي ... لمن صغى ومن تلا
سبحان من يسرّه ... لذكره وسهّلا
لولاه لم نطق له ... ذكرا ولا تحمّلا
والحمد للَّه كما ... علّمنا وأفضلا
[2] انظر عن (علي بن يحيى) في: الحوادث الجامعة 117، 118، والمختار من
تاريخ ابن الجزري 214، 215، والبداية والنهاية 13/ 175، 176.
[3] في المختار من تاريخ ابن الجزري «المخزمي» بالزاي، وفي البداية
والنهاية: «المحرمي» بالحاء المهملة.
(47/323)
كَانَ متوقِّد القريحة ومات شابّا. ورثاه
أَبُو المعالي القاسم بْن أَبِي الحديد [1] .
وقد ناب عَن أخيه الرّئيس أَبِي سعد المبارك فِي صدرية ديوان الزّمام،
فلمّا عُزِل أخوه أقبل عَلَى عِلم القرآن والحديث والعبادة.
وكان سُنّيًّا سَلَفِيًّا أثريّا [2] ، رحمه اللَّه.
435- عَلِيّ بْن يوسف بن إبراهيم بن عبد الواحد [3] .
__________
[1] فقال فيه:
ومن يكد للأنام وهي مسيئة ... بقايا الرزايا واخترام المخرم
معنى ظاهرا كالنجم خفّ مسيره ... مناف سريعا من نلته أنجم
فيا راكبا تطوي الفجاج وقصده ... زيارة أجداث الحسين المعظم
تحمّل عن وجدي وشوقي رسالة ... وعرّج على تلك الديار وسلّم
وقل كمال للذي بعدك ما حلت ... حياتي ولم أدرك سكونا لأعظمي
ولا راق لي شمّ النسيم وقد سرى ... ولا ساغ برد الماء بعدك في فمي
هي الحسرة الأولى وأحسنت أنني ... أموت بها إذ لا سلوّ لمغرم
(المختار من تاريخ ابن الجزري) .
[2] وقال صاحب (الحوادث الجامعة 117) : كان ينوب أخاه فخر الدين
المبارك لابن المخرمي إلى أن عزل ووكّل بهما، فلما أفرج عنهما تشاغل
جمال الدين بالعلم وزيارة أصحابه وإخوانه، وألّف كتابا مختصرا سمّاه
«نتائج الأفكار» يشتمل على رياضة النفس ومدح العقل وذم الهوى، وكان
يقول شعرا جيدا، وله أشعار كثيرة. ورثاه أخوه فخر الدين بقوله:
لقد شفّني وجدي وضاقت مذاهبي ... وحلّ عزائي بعد موت المخرمي
أخي وابن أمي والّذي كان ناظري ... وسمعي وروحي بين لحمي وأعظمي
رزتك المنايا دوننا ولو أنصفت ... لقد كان من قبل التفرق مأتمي
ترحّلت عن دار الفناء مطهّرا ... من الذام فأبشر بالسلامة وأنعم
فإن حال ما بيني وبينك تربة ... مجاورة السبط الإمام المكرم
إليك تراني قد حثثت مطيّتي ... وحبّك من قلبي كما كنت فاعلم
فلا طلعت شمس إذا كنت غائبا ... ولا سار بدر في الدجى بين أنجم
ولا نسمت ريح الصبا بعد بعدكم ... ولا راق لي عيش ولا لذّ مطعمي
سأبكيك ما دامت حياتي فإن جرى ... من الدمع تقصير سأتبعه دمي
وشكري لما أولاك حيّا وميّتا ... من البرّ ما قد كلّ عن نشره فمي
أبو الطيب الوافي الّذي فاق فضله ... وأنعامه أربى على كلّ منعم
[3] انظر عن (علي بن يوسف) في: معجم الأدباء 15/ 175- 204 رقم 34،
ومعجم البلدان
(47/324)
الوزير الأكرم جمالُ الدّين أَبُو
الْحُسَيْن الشَّيْبَاني، القِفْطيّ، المعروف أيضا بالقاضي الأكرم،
وزير حلب.
كَانَ إماما إخباريّا مؤرّخا، جمّ الفضائل، وافر الفوائد، صدْرًا
محتشما، معظّما، كريما جوادا، كامل السُّؤدُد، حُلْو الشّمائل، لَهُ
عدّة تصانيف منها:
كتاب «أخبار النُّحاة وما صنّفوه» [1] ، وكتاب «أخبار المصنّفين وما
صنّفوه» ، وكتاب «الكلام عَلَى الموطّأ» ، وكتاب «أخبار الملوك
السّلجوقيّة» ، وكتاب «تاريخ مصر إلى دولة صلاح الدّين» فِي ستّ
مجلَّدات، و «تاريخ الألموت» ، و «تاريخ اليمن» ، و «تاريخ محمود بن
سبكتكين وأولاده» ، و «تاريخ آل مِرْداس» . وخرّج «مشيخة» للكِنْديّ.
وله: «إصلاح ما وقع فِي الصّحاح» .
وجمع من الكُتُب ما لا يوصف، وقصد بِهَا من الآفاق. ولم يكن يحبّ من
الدّنيا سواها. ولم يكن لَهُ دارٌ ولا زَوْجَة. وأوصى بكُتُبه للنّاصر
صاحب حلب، وكانت تساوي خمسين ألف دينار.
__________
[3] / 55، 56، وعقود الجمان لابن الشعار ج 5/ ورقة 1، وتاريخ مختصر
الدول لابن العبري 272، والحوادث الجامعة 118، وعقود الجمان للزركشي،
ورقة 234 أ، ومفرّج الكروب لابن واصل 5/ 115، 119، 313، والطالع السعيد
للأدفوي 237، 238 وفيه مولده سنة 563 هـ. بقفط، ونهاية الأرب للنويري
29/ 331- 333، والعبر 5/ 191، والإشارة إلى وفيات الأعيان 347،
والإعلام بوفيات الأعلام 270، وسير أعلام النبلاء 23/ 227 رقم 145،
ومرآة الجنان 4/ 116، والوافي بالوفيات 22/ 338- 341 رقم 241، وعيون
التواريخ 20/ 26، 27، وفوات الوفيات 3/ 117، 118 رقم 369، والعسجد
المسبوك 2/ 567، والنجوم الزاهرة 6/ 361، وبغية الوعاة 1/ 212، 213 رقم
1816، وتاريخ الخلفاء للسيوطي 476، وحسن المحاضرة، له 1/ 554 رقم 12،
وشذرات الذهب 5/ 236، وإعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء 4/ 387- 397
رقم 205، وكشف الظنون 170، 282، 283، 301، 304، 310، 730، 1072، 1097،
1108، 1434، 1617، 1775، وإيضاح المكنون 1/ 74، 444 و 2/ 555، 696،
وهدية العارفين 1/ 709. وفهرس المخطوطات المصوّرة للطفي عبد البديع 2/
35، 36، 233، ومعجم المؤلفين 7/ 263.
وانظر مقدّمة كتابه «إنباه الرواة على أنباه النحاة» لمحمد أبي الفضل
إبراهيم، طبعة دار الكتب المصرية.
[1] وهو: «إنباه الرواة على أنباه النحاة» .
(47/325)
ومات فِي رمضان.
وهو أخو المؤيَّد القِفْطيّ نزيل حلب أيضا.
وله حكايات عجيبة فِي غرامة بالكُتُب، وأظنّه جاوز السّتّين من عمره،
رحمه اللَّه [1] .
436- عُمَر بْن عَلِيّ بْن أَبِي المكارم بْن فتيان.
الشَّيْخ بهاءُ الدّين، أَبُو حفص الأَنْصَارِيّ، الدّمشقيّ، ثُمَّ
المصريّ، الفقيه.
كَانَ أَبُوهُ أَبُو القاسم من كبار الفُقَهاء الشّافعيّة.
ولد البهاء في سنة ثمان وسبعين وخمسمائة.
وسمع من: جدَّيه أَبِي الْحَسَن بْن نجا، وفاطمة بِنْت سعد الخير،
وَأَبِي القاسم البُوصِيريّ، وجماعة.
وخطب بجامع المقْس بظاهر القاهرة. وحدَّث بدمشق، ومصر.
روى عَنْهُ: أَبُو الفضل مُحَمَّد بْن يوسف الإِرْبِليّ، وَأَبُو
مُحَمَّد الدّمياطيّ الحافظ، وَأَبُو الْحَسَن بْن البقّال، وجماعة.
ومات فِي شعبان.
437- عُمَر بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن حَيْدرة.
الظّهير الرّحْبيّ، ثُمَّ الدّمشقيّ، أَبُو حفص.
كان منقطعا متزهّدا، وله زاوية.
__________
[1] ومن شعره:
ضدّان عندي قصّرا همّتي ... وجه حيّيّ ولسان وقاح
إن رمت أمرا خانني ذو الحيا ... ومقول يطيعني في النجاح
فأنثني في حيرة منهما ... لي مخلب ماض وما من جناح
شبه جبان فرّ من معرك ... خوفا وفي يمناه عضب الكفاح
وله في أعور:
شيخ لنا يعزى إلى منظر ... مستقبح الأخلاق والعين
من عجب الدهر محدّث به ... بفرد عين ولسانين
(الحوادث الجامعة) و (عيون التواريخ) و (فوات الوفيات) .
(47/326)
سَمِعَ: القاسم بْن عساكر.
كتب عَنْهُ ابن الحاجب.
وروى عَنْهُ القاسم بْن عساكر فِي «معجمه» .
ولد سنة سبع وخمسين وخمسمائة.
- حرف الغين-
438- غازي [1] .
صاحب مَيّافارقين.
قد مرّ عام أوّل. وقيل: مات فِي هذه السّنة. وتملّك بعده ولده الشّهيد
الملك الكامل مُحَمَّد.
- حرف الميم-
439- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد.
أَبُو عَبْد اللَّه العراقيّ، الحمْديّ، والحمْد: قرية بالعراق.
وكان يُعرف بالقاصّ.
حدَّث عَن: أَبِي الفَرَج بْن الْجَوْزيّ.
ثنا عَنْهُ: أَبُو بَكْر الدّشتيّ.
وكان يقصّ في الأعزية بحلب، ويؤدّب الصّبيان.
وسمع أيضا من ابن بوش.
440- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن أسامة.
الفقيه شمس الدّين الدّمشقيّ، الشّافعيّ.
مدرّس سنجار.
حدّث عن: عبد المنعم بن كليب، وغيره.
وأقام بسنجار دهرا. وكان إماما فاضلا.
__________
[1] تقدّمت ترجمته في وفيات السنة الماضية 645 هـ، برقم (381) وحشدت
هناك مصادرها.
(47/327)
توفي في صفر بسنجار، رحمه الله.
441- محمد بْن إِسْمَاعِيل بْن حَمْزة بْن أَبِي البركات.
أَبُو عَبْد اللَّه بْن البطّال البغداديّ، الأَزَجِيّ، الدّقّاق.
سَمِعَ من: عُبَيْد اللَّه بْن شاتيل، وَعَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن
خميس، وغيرهما.
أخذ عَنْهُ: المُحِبّ القُدْسيّ، وجماعة.
وأنا عَنْهُ: أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَحْمَد القزّاز.
وَتُوُفّي فِي رابع رجب.
442- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن خليل [1] بْن إِسْمَاعِيل.
أَبُو عُمَر السَّكُونيّ، القَيْسيّ.
من بيت عِلْمٍ وجلالة.
روى عَن: أَبِيهِ، وأعمامه، وَأَبِي بَكْر بْن الجدّ، وَأَبِي عبد الله
بن زرقون، وابن بشْكُوَال.
وكان من جِلَّة العُلماء، لَهُ تصانيف فِي الفقه، ووُليّ القضاء بمواضع
[2] .
443- مُحَمَّد بْن عتيق [3] بْن عَبْد اللَّه بْن حُمَيْد.
__________
[1] انظر عن (محمد بن أحمد بن خليل) في: الذيل والتكملة لكتابي الموصول
والصلة للمراكشي ج 5/ 630- 635 رقم 1200، وسير أعلام النبلاء 23/ 299
رقم 205، والوافي بالوفيات 2/ 120 رقم 464، ونفح الطيب 4/ 304، ومعجم
المؤلفين 8/ 258.
[2] وقال المؤلّف- رحمه الله- في: سير أعلام النبلاء 23/ 299: «توفي
سنة اثنتين وخمسين وستمائة» ! ويقول خادم العلم وطالبه محقّق هذا
الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» : لا أدري لماذا أورده المؤلّف- رحمه
الله- هنا، وكان يجدر أن يحوّله إلى وفيات الطبقة التالية في موضعه.
فيما وقع في: الذيل والتكملة للمراكشي 5/ 635 أنه توفي عن سنّ عالية في
العشر الآخر من شعبان سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة!
[3] انظر عن (محمد بن عتيق) في: التكملة لكتاب الصلة لابن الأبّار 2/
661، 662 رقم 1685، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة للمراكشي 6/
429، 430 رقم 1147، وملء العيبة لابن رشيد الفهري 2/ 90، وفيه: «محمد
بن عتيق بن علي» ، وسير أعلام النبلاء 23/ 257 رقم 169، وتذكرة الحفاظ
4/ 1436، والوافي بالوفيات 4/ 80 رقم 1539،
(47/328)
الإِمَام أَبُو عَبْد اللَّه التُّجِيبيّ،
الغَرْناطيّ، المعروف باللّارَدِيّ، صاحب التّصانيف.
روى عَن: أَبِيهِ أَبِي بَكْر.
وسمع ببَلَنْسِيَة من: أَبِي عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد.
ووُلِدَ فِي صفر سنة ثلاثٍ وستّين وخمسمائة. وكان من الأدباء العُلماء.
وكان حيّا إلى هذا العام، وَتُوُفّي فِيهِ أو عَلَى أثره.
ذكره أَبُو عَبْد اللَّه الأَبّار [1] فَقَالَ: وُليّ القضاء وصنَّف.
ومن تواليفه:
«أنوار الصّباح فِي الجمع بين الكُتُب السّتّة الصّحاح» ، وكتاب «مطالع
الأنوار ونفحات الأزهار فِي شمائل المختار» ، وكتاب «النُّكَت الكافية
فِي الاستدلال عَلَى مسائل الخلاف بالحديث» ، وكتاب «منهاج العمل فِي
صناعة الجدل» ، وكتاب «المسائل النّوريّة إلى المقامات الصّوفيّة» .
444- مُحَمَّد بْن عثمان [2] بْن أميرك.
النّشّاريّ، الخيّاط، نزيل الإسكندريّة.
أجاز لَهُ السِّلَفيّ.
سَمِعَ منه: شيخنا الدّمياطيّ، وهو قيّد وفاته.
445- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن نَبَاتَة.
الوزير جلال الدّين أَبُو الفتح الفارقيّ الكاتب.
وُلِدَ بماردِين سنة إحدى وسبعين.
وروى شيئا من شِعره.
ومات بمَيَّافارِقِين فِي ثالث عشر رجب.
وكان صدْرًا رئيسا، وافر الحرمة.
__________
[ () ] والعسجد المسبوك 2/ 569، وإيضاح المكنون 1/ 146 و 2/ 473، 496،
588، 677، وهدية العارفين 2/ 124، ومعجم المؤلفين 10/ 280.
[1] في تكملة الصلة 2/ 661، 662.
[2] انظر عن (محمد بن عثمان) في: المقفّى الكبير للمقريزي 6/ 199 رقم
2655.
(47/329)
446- مُحَمَّد بْن عَمْر [1] بْن مُحَمَّد
بْن الحَوْش.
أَبُو عَبْد اللَّه الإسْعِرْديّ، المقرئ الحنبليّ، التّاجر.
سَمِعَ من: المؤيَّد الطُّوسيّ، وزينب الشّعريّة، والقاسم بْن
الصّفّار.
روى عَنْهُ: المجد بْن الحُلْوانيّة، والجمال بْن الصّابونيّ، وغيرهما.
وَتُوُفّي بالقاهرة يوم عاشوراء.
وحدَّث بدمشق.
447- مُحَمَّد بْن المسلَّم [2] بْن نَبْهَان.
نظامُ الدّين التّميميّ، البغداديّ، المقرئ.
قَالَ الشّريف: تُوُفّي فِي الخامس والعشرين من رجب بالقاهرة، وتصدَّر
لإقراء القرآن بالمدرسة الفاضليّة مدّة، وانتفع بِهِ جماعة.
لم يذكر عَلَى من قرأ.
قرأ عَلَى أصحاب الشَّهْرَزُوريّ. وتلا عَلَيْهِ الكمال المَحَلّيّ،
وغيره.
448- مُحَمَّد بْن نَامَاوَر [3] بْن عبد الملك.
__________
[1] انظر عن (محمد بن عمر) في: صلة التكملة للحسيني، ورقة 35، والمقفّى
الكبير للمقريزي 6/ 425 رقم 2916.
[2] انظر عن (محمد بن المسلّم) في: المقفّى الكبير للمقريزي 7/ 254 رقم
3318.
[3] انظر عن (محمد بن ناماور) في: ذيل الروضتين 182، وعيون الأنباء في
طبقات الأطباء لابن أبي أصيبعة (طبعة دار الفكر، بيروت 1957) 3/ 199،
200 (وطبعة أخرى) 2/ 120، 121، وصلة التكملة لوفيات النقلة، للحسيني،
ورقة 54، ونهاية الأرب للنويري 29/ 330 وفيه: «ناماد» وهو تصحيف، وسير
أعلام النبلاء 23/ 228 رقم 146، والعبر 5/ 191، والوافي بالوفيات 5/
108، 109 رقم 2121، وعيون التواريخ لابن شاكر الكتبي 20/ 25، وطبقات
الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 43 (8/ 105، 106 رقم 1097) ، وطبقات
الشافعية الوسطى، له، ورقة 126 أ، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 502،
503 رقم 460، والبداية والنهاية 13/ 175، وطبقات الشافعية لابن كثير،
ورقة 173 ب، والوفيات لابن قنفذ 320 رقم 648 وفيه: «محمد بن محمد» ،
ووفاته سنة 648 هـ، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 456، 457 رقم
425، والمقفّى الكبير للمقريزي 7/ 325 رقم 3417، وتاريخ الخلفاء
للسيوطي 476، وحسن المحاضرة، له 1/ 541 رقم 15،
(47/330)
القاضي أفضل الدّين الخُونَجِيّ، أَبُو
عَبْد اللَّه الشّافعيّ.
ولد سنة تسعين وخمسمائة. ووُليّ قضاءَ مدينة مصر وأعمالها.
ودرّس بالمدرسة الصّالحيّة وأفتى، وصنَّف ودرّس.
قَالَ الإِمَام أَبُو شامة [1] : كَانَ حكيما مَنْطِقيًّا. وكان قاضي
قُضاة مصر.
وقال ابن أَبِي أُصَيْبعة [2] : تميّز فِي العلوم الحِكميّة، وأتقن
الأمور الشّرعيّة.
قويّ الاشتغال، كثير التّحصيل. اجتمعتُ بِهِ، ووجدته الغاية القُصْوَى
فِي سائر العلوم. وقرأتُ عَلَيْهِ بعض الكُلِّيات من كتاب «القانون»
للرّئيس. وقد شرح الكلّيات إلى النَّبْض. وله «مقالة فِي الحدود
والرّسوم» ، وكتاب «الْجُمَل» فِي المنطِق، وكتاب «أدوار الحُمَّيَات»
. ومات فِي خامس رمضان.
ورثاه العزّ الضّرير الإربِليّ فَقَالَ:
قضى أفضل الدّنيا فلم يبقَ فاضلٌ ... وماتت بموت الخَوْنَجِيّ الفضائلُ
فيا أيُّها الخَبرُ الَّذِي جاء آخِرًا ... فحلّ لنا ما لم تحلّ
الأوائلُ [3]
وهي طويلة.
449- مُحَمَّد بْن يحيى [4] بْن هشام.
العلّامة أَبُو عَبْد اللَّه الأَنْصَارِيّ، الخَزْرَجيّ، الأندلُسيّ،
المعروف بابن البَرْذَعيّ، النَّحْويّ.
__________
[ () ] ومفتاح السعادة لطاش كبرى زاده 1/ 246، (وفيه وفاته سنة 649 هـ)
، وبدائع الزهور لابن إياس ج 1 ق 1/ 276، 277، وكشف الظنون 602، 1486،
1986، وشذرات الذهب 5/ 236، وهدية العارفين 2/ 123، وذيل تاريخ الأدب
العربيّ 1/ 838، والأعلام 7/ 122، ومعجم المؤلفين 12/ 76، وديوان
الإسلام لابن الغزّي 2/ 222 رقم 855.
[1] في ذيل الروضتين 182.
[2] في عيون الأنباء 3/ 199، 200.
[3] طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 457.
[4] انظر عن (محمد بن يحيى) في: تكملة الصلة لابن الأبار 3/ 361،
والوافي بالوفيات 5/ 201، 202 رقم 2262، وبغية الوعاة 1/ 267، 268 رقم
499، وكشف الظنون 212، 1261، وإيضاح المكنون 1/ 110، 120، وهدية
العارفين 2/ 124، ومعجم المؤلفين 12/ 113.
(47/331)
من أهل الجزيرة الخضراء.
روى عَن أَبِيهِ وأخذ عَنْهُ القراءات. وأخذ العربيّة عَن أَبِي ذَرّ
الخشنيّ.
وسمع من جماعة.
وكان رأسا فِي عِلْم اللّسان، عاكفا عَلَى التّعليم والتّعليل
والتّصنيف.
كَانَ أَبُو عَلِيّ الشَّلُوبِينيّ يُثْني عَلَيْهِ ويعترف لَهُ.
صنَّف كتاب «فصل المقال فِي أبْنية الأفعال» ، وكتاب مسائل النُّخَب»
فِي عدّة مجلّدات، وكتاب «الإفصاح» ، وغير ذَلِكَ.
تُوُفّي، رحمه اللَّه تعالى، بتونس فِي جمادى الآخرة وقد نيَّف عَلَى
السبعين.
450- مُحَمَّد بْن يحيى بْن أَبِي الْحَسَن ياقوت [1] بْن عَبْد
اللَّه.
أَبُو الْحَسَن الإسكندرانيّ، المالكيّ، المقرئ.
وُلِدَ بالإسكندريّة فِي رجب سنة ثمانٍ وستّين، فأتى أَبُوهُ إلى
السِّلَفيّ ليُسمّيه ويكنّيه، فسمّاه مُحَمَّدًا، وكنّاه أَبَا
الْحَسَن.
وسمع من: السِّلَفيّ، ومن القاضي مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن
الحضرميِّ، وَعَبْد الرَّحْمَن بْن بُوقا.
وكانت لَهُ حلقة يوم الجمعة.
روى عنه: المجد ابن الحُلْوانيّة، وشَرَفُ الدّين الدّمياطيّ، وتاج
الدين الغرافيّ، وجماعة.
وبالإجازة: أَبُو المعالي بْن البالِسيّ، وطبقته.
تُوُفّي فِي سابع عشر ربيع الآخر.
451- مُحَمَّد بن أبي الكرم [2] بن المعلّى.
__________
[1] انظر عن (محمد بن يحيى بن ياقوت) في: العبر 5/ 191.
[2] انظر عن (محمد بن أبي الكرم) في: ذيل الروضتين 182.
(47/332)
القاضي عزيز الدّين السّنجاريّ [1] ،
الحنفيّ.
حدَّث بدمشق عَن: أَبِي طاهر أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه خطيب الموصل،
وناب فِي القضاء عَن القاضي جمال الدّين يونس المصريّ.
تُوُفّي بدمشق فِي شعبان.
452- منصور بْن سَنَد [2] بْن منصور بْن أَبِي القاسم بْن الْحُسَيْن.
أَبُو عَلِيّ الإسكندرانيّ السِّمْسار النّخّاس، المعروف بابن
الدّبّاغ.
وُلِدَ سنة ستّين أو إحدى وستّين.
وسمع من: السِّلَفيّ.
روى عَنْهُ: الجمال بْن الصّابونيّ، والضّياء السَّبْتيّ، والعلاء بْن
بَلَبَان، والشَّرَف الدِّمياطيّ، وآخرون.
ومات فِي السّادس والعشرين من ربيع الأوّل.
والنّخّاس بخاءٍ معجمة.
- حرف الياء-
453- يحيى بْن مانع.
أمير عَرَب الشّام، أَبُو عيسى.
تُوُفّي فِي هذه السّنة، ورّخه سعد الدّين.
__________
[1] في ذيل الروضتين: «عز الدين.. السخاوي» .
[2] انظر عن (منصور بن سند) في: الإشارة إلى وفيات الأعيان 347،
والإعلام بوفيات الأعلام 269 ووقع فيه: «منصور بن سندان» ، والعبر 5/
191.
(47/333)
- الكنى-
454-[رشيد الدين] [1] .
أَبُو سَعِيد بْن الموفَّق يعقوب النَّصْرانيّ، المقدسيّ، الطّبيب. من
أعيان الأطِبّاء وعُلمائهم المشاهير.
أخذ النَّحْو عَن التّقيّ خَزْعَل بْن عساكر، وأخذ الطِّبّ عَن الحكيم
رشيد الدّين عَلِيّ بْن خليفة بْن أَبِي أُصَيْبَعَة، عمّ مؤرِّخ
الأطبّاء. وهو أنجب تلامذة المدهور. واشتغل أيضا عَلَى المهذَّب عَبْد
الرحيم بْن عَلِيّ.
وخدم الملك الكامل بالقاهرة، ثُمَّ بعده خدم الملك الصّالح نجم الدّين،
فيما عرض للصّالح وهو بدمشق آكلة فِي فخذه. كَانَ يعالجه [2] الرّشيد
أبو خليفة، فلمّا طال الأمر بالسّلطان استحضر أَبَا سَعِيد بْن
الموفَّق وشكى حاله إِلَيْهِ، وكان بين هذا وبين ابن خليفة منافسة،
فتكلَّم فِي أنّ أَبَا خليفة أخطأ فِي المعالجة، فنظر السّلطان إلى
أَبِي خليفة نظر غضب فقام وخرج.
قَالَ الموفَّق أَحْمَد بْن أَبِي أُصَيْبَعَة [3] : ثُمَّ فِي أثناء
ذَلِكَ المجلس بعَيْنه قُدّام السّلطان عرض لأبي سَعِيد المذكور فالج،
وبقي مُلْقَى بين يديه. فأمر السّلطان بحمله إلى داره، فبقي كذلك أربعة
أيّام ومات فِي أواخر رمضان بدمشق.
وله من المصنَّفات لا رحمه اللَّه: كتاب «عيون الطّبّ» وهو أجَلّ كتابٍ
صُنِّف فِي الطّبّ، ويحتوي عَلَى علاجات ملخّصة مختارة. وله تعاليق على
كتاب «الحاوي في الطّبّ» .
__________
[1] في الأصل بياض، والمستدرك بين الحاصرتين من: عيون الأنباء في طبقات
الأطباء لابن أبي أصيبعة 2/ 132، 133، وكشف الظنون 628، 1187، ومعجم
المؤلفين 4/ 161.
[2] في الأصل: «يعالجه» والمثبت هو الصواب.
[3] في عيون الأنباء 2/ 132، 133.
(47/334)
وفيها ولد:
القاضي شَرَفُ الدّين عَبْد الغنيّ بْن يحيى بْن مُحَمَّد الحرّانيّ
الحنبليّ فِي رمضان بحرّان، وشَرَفُ الدّين عَبْد اللَّه بْن الشرف حسن
بن عبد الله بن الحافظ، وشَرَفُ الدّين مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن نصر
اللَّه بْن المظفَّر بْن القلانِسيّ، ونجمُ الدّين علي بن عبد الكافي
بن عبد الملك المحدّث، والزّينُ أَبُو بَكْر بْن يوسف المِزيّ تقريبا،
والزَّينُ عَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْمَاعِيل المقدسيّ، وَمُحَمَّدُ
بْنُ أحمدُ بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الملك بْن الفصيح، وإمامُ
مَقْرَى ناصرُ الدّين مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَمْرو،
والشِّهابُ أَحْمَدُ بْنُ عَبْد الرَّحْمَن الصَّرْخَدِيّ، سَمِعَ
الخمسة من خطيب مَرْو.
والجمالُ يوسفُ بْنُ إسرائيل المقرئ بالكَرَك، وأمينُ الدّين سالمُ
بْنُ أَبِي الدُّرّ القلانِسيّ، والشَّمْسُ مُحَمَّدُ بْن أَحْمَد بْن
الزّرّاد الصّالحيّ، والنَّجمُ عَبْدُ الملك بْن عَبْد القاهر بْن
تَيْمِيّة، وَالشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَن بْن أَبِي مُحَمَّد
القرامزيّ، والفخرُ عثمان بْن أَبِي الوفاء الفَزَاريّ، والجمالُ يوسف
ابن قاضي حرّان، وعليُّ بْنُ السّكاكِرِيّ.
(47/335)
سنة سبع وأربعين
وستمائة
- حرف الألف-
455- أَحْمَد بْن الفضل بْن عَبْد القاهر بْن مُحَمَّد.
أَبُو الفضل الأُمَويّ الحلبيّ.
سَمِعَ من: يحيى الثّقفيّ.
روى عَنْهُ: الحافظ أَبُو مُحَمَّد الدِّمياطيّ، وإسحاق الأَسَديّ،
وغيرهما.
وَتُوُفّي فِي سابع عشر ربيع الآخر وله خمسٌ وثمانون سنة.
عنده نسخة نبيط.
456- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أُميّة بْن عَلِيّ [1] .
أَبُو الْعَبَّاس العَبْدريّ، المَيُورقيّ، المحدّث.
تُوُفّي بالقاهرة فِي أوّل السّنة، وقيل فِي آخر السّنة الماضية.
وله شِعرٌ جيّد، روى عَنْهُ منه شيخنا الحافظ عَبْد المؤمن الدّمياطيّ.
ومات وقد قارب الخمسين.
457- إِبْرَاهِيم بْن يحيى بْن إِبْرَاهِيم بْن العكّيّ.
الشَّقْراويّ، الحنبليّ.
فقيه صالح. ولي خطابة فِي البرّ.
وروى عن: الخشوعيّ، والحافظ عبد الغنيّ، وجماعة.
روى لنا عَنْهُ: النّجم، وَأَبُو بكر الدّشتيّ.
__________
[1] تقدّم برقم (407) في وفيات السنة السابقة.
(47/336)
حدَّث فِي شوّال من هذه السّنة. ولا أعلم
مَتَى مات.
458- إِبْرَاهِيم بْن يعقوب بْن يوسف بْن عامر.
أَبُو إِسْحَاق العامريّ المصريّ، المؤدّب، المقرئ، المالكيّ.
عاش خمسا وثمانين سنة، وسمع من: البُوصِيريّ، وغيره.
وصنَّف مصنَّفًا فِي «القراءات» [1] ، وتصدَّر للإقراء.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ.
ومات فِي ربيع الأوّل.
459- إدريس بْن مُحَمَّد [2] بْن مُحَمَّد بْن موسى.
أَبُو العلاء [3] الأَنْصَارِيّ القُرْطُبيّ.
أخذ عَن: أَبِي جَعْفَر بْن يحيى الخطيب، وَأَبِي مُحَمَّد بْن حَوْط
اللَّه.
ومال إلى العربيّة والآداب. وأقرأ ذَلِكَ بقُرْطُبة. ثُمَّ نزل سَبْتَة
وأفاد بِهَا.
ومات فِي أواخر العام بِهَا.
460- إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الرَّحْمَن [4] .
الحبشيّ النّجاشيّ، أَبُو طاهر، خادم الضّريح النَّبويّ.
سمع من: ابن طبرزد، والكنديّ.
وذكر أَنَّهُ من وُلِدَ النّجاشيّ أصحمة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
تُوُفّي فِي رابع عشر ربيع الآخر.
أجاز لأبي المعالي ابن البالسيّ، وغيره.
461- أيّوب [5] .
__________
[1] لم يذكر كحّالة في «معجم المؤلّفين» ، ولا في المستدرك عليه.
[2] انظر عن (إدريس بن محمد) في: ملء العيبة لابن رشيد الفهري 2/ 132.
[3] في ملء العيبة: «أبو العلى» .
[4] انظر عن (إسماعيل بن إبراهيم) في: ذيل الروضتين 183.
[5] انظر عن (السلطان أيوب الصالح) في: الفوائد الجلية في الفرائد
الناصرية لداود بن عيسى الأيوبي 97، 112، 133، 247، 257، ومرآة الزمان
لسبط ابن الجوزي ج 8
(47/337)
السّلطان الملك الصّالح نجمُ الدّين ابن
السّلطان الملك الكامل ناصر الدّين أَبِي المعالي مُحَمَّد بن السّلطان
الملك العادل أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن أيّوب.
وُلِدَ سنة ثلاثٍ وستّمائة بالقاهرة، فلمّا قدِم أَبُوهُ دمشقَ فِي آخر
سنة خمسٍ وعشرين استنابه عَلَى ديار مصر، فلمّا رجع انتقد عَلَيْهِ
أَبُوهُ أحوالا، ومال عَنْهُ إلى الملك العادل ولده. ولمّا استولى
الكامل عَلَى حَرَّان، وعلى حصنِ كيفا، وآمِد، وسِنْجار سلْطَنَه عَلَى
هذه البلاد وأرسله إليها. فلمّا تُوُفّي الكامل تملَّك بعده ديارَ مصر
ابنُه العادل أَبُو بَكْر، فطمع الملك الصّالح وقوِيتْ نفسُه، وكاتَبَ
الأمراءَ، واستخدم الخَوَارَزْميّة. فاتّفق أنّ الملك الرّحيم لؤلؤ
صاحب الموصل قصد الصّالح وهو بسَنْجار، فحاصره حتّى أشرف عَلَى أخْذ
سَنْجار، فأخرج في
__________
[ () ] ق 2/ 775، وذيل الروضتين لأبي شامة 182، 183، وتاريخ مختصر
الدول لابن العبري 259، وتاريخ الزمان، له 294، وتاريخ ابن العميد
(أخبار الأيوبيين) 159، والمختصر في أخبار البشر لأبي الفداء 3/ 179،
180، ووفيات الأعيان لابن خلّكان 2/ 332، 337 و 3/ 494 و 4/ 155 و 5/
82، 84- 86، 92، 332 و 6/ 247- 249، 258- 260، ونهاية الأرب للنويري
29/ 336، 337، والنور اللائح والدرّ الصادح للقيسراني (بتحقيقنا) ص 55،
ومفرّج الكروب لابن واصل 5/ 369- 380، والحوادث الجامعة المنسوب خطأ
للقفطي 121، 122 وفيه وفاته سنة 648 هـ، والدرّ المطلوب لابن أيبك 370-
374، وسير أعلام النبلاء 23/ 187- 193 رقم 113، والعبر 5/ 193، ودول
الإسلام 2/ 153، والمختار من تاريخ ابن الجزري للذهبي 216، والإشارة
إلى وفيات الأعيان، له 347، والإعلام بوفيات الأعلام، له 270، وتاريخ
ابن الوردي 2/ 181، 182، ومرآة الجنان لليافعي 4/ 116، والبداية
والنهاية 13/ 177، وعيون التواريخ 20/ 30، 31، والوافي بالوفيات 10/
55- 58 رقم 4500، والعسجد المسبوك للغسّاني 2/ 574، والجوهر الثمين
لابن دقماق 2/ 36- 39، وجواهر السلوك لابن إياس (مخطوط) ورقة 19 ب،
وسمط النجوم العوالي للعصامي 4/ 14، ومآثر الإنافة للقلقشندي 2/ 93،
وتاريخ ابن خلدون 5/ 360 والسلوك ج 1 ق 2/ 339- 344، والمواعظ
والاعتبار للمقريزي 2/ 236، وأمراء دمشق في الإسلام للصفدي 15، والنجوم
الزاهرة 6/ 361، ومورد اللطافة، للسخاوي (مخطوط) ورقة 93 أ، وشفاء
القلوب للحنبلي 367- 382 رقم 83، وتاريخ ابن سباط (بتحقيقنا) 1/ 345،
346، وتاريخ الأزمنة للدويهي 227، 228، وبدائع الزهور لابن إياس ج 1 ق
1/ 278، 279، وترويح القلوب في مناقب بني أيوب للزبيدي 62 رقم 107،
وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي 5/ 237، وأخبار الدول للقرماني 2/
260- 262، 264، والأعلام للزركلي 1/ 382.
(47/338)
السرّ القاضي السَّنْجاريّ، وراح إلى
الخَوَارَزْميّة، فوعدهم ومنّاهم، فجاءوا وكشفوا عَن سَنْجار، ودفعوا
لؤلؤ عَن سِنْجار، وقيل كسروه. وكان الجواد بدمشق فضعف عن سلطنتها،
وخاف من الملك العادل، فإنّه أراد القبض عَلَيْهِ، فكاتب الملك الصّالح
واتّفق معه عَلَى أن يعطيه سَنْجار، والرَّقَّة، وعانَة بدمشق.
فقدِم الصّالح دمشق وتملّكها، وأقام بِهَا أشهرا من سنة ستٍّ وثلاثين،
ثُمَّ سار إلى نابلس، وراسل الأمراء المصريّين واستمالهم.
وكان عمّه الصّالح إِسْمَاعِيل عَلَى إمرة بَعْلَبَكّ، فقوِيتْ نفسُه
عَلَى أخْذ دمشق، وكاتب أهلَها، وساعده الملك المجاهد صاحب حمص، وهجم
عَلَى البلد فأخذها، فردّ الملك الصّالح أيّوب ليستدرك الأمر، فخذله
عسكره، وبقي فِي طائفةٍ يسيرة، فجهَّز الملك النّاصر دَاوُدَ من
الكَرَك عسكرا قبضوا عَلَى الصّالح بنابلس، وأتوا بِهِ إلى بين يدي
النّاصر، فاعتقله عنده مكرَّمًا. وتغيَّر المصريّون عَلَى العادل،
وكاتبهم النّاصر، وتوثَّق منهم، ثُمَّ أخرج الصّالح واشترط عَلَيْهِ إن
تملَّك أن يُعطِيَه دمشقَ، وأن يُعْطِيَه أموالا وذخائر. وسار إلى غزّة
فبرز الملك العادل بجيشه إلى بِلْبِيس وهو شابٌّ غرّ، فقبض عَلَيْهِ
مماليك أَبِيهِ، وكاتبوا الصّالحَ يستعجلونه، فساق هُوَ والنّاصر
دَاوُد إلى بلبيس، ونزل بالمخيّم السُّلطانيّ وأخوه معتَقَلٌ فِي
خِرْكاه. فقام فِي اللَّيْل وأخذ أخاه فِي محفَّة، ودخل قلعة الجبل،
وجلس عَلَى كُرْسيّ المُلْك. ثُمَّ ندم الأمراء، فاحترز منهم، ومسك
طائفة فِي سنة ثمانٍ وثلاثين وستّمائة.
وقال ابن واصل [1] : سار الصّالحُ نجمُ الدّين بعد الاتّفاق بينه وبين
ابن عمّه الجواد إلى دمشق، وطلب النجدة من صاحب المَوْصِل لمّا صالحه،
فبعث إِلَيْهِ نجدة. وكان الملك المظفَّر صاحب حماة معه قد كاتَبَه،
فقدِما دمشقَ فزيّنت، وتلقّاه الجواد. ثُمَّ تحوّل الجواد إلى دار
السّعادة، وهي لزوجته بِنْت الأشرف، فكانت مدّة تملّكه دمشق عشرة أشهر.
__________
[1] في مفرّج الكروب 5/ 327 وما بعدها.
(47/339)
ثُمَّ ندم الجواد واستقلّ من جامع الصّالح،
فطلب جماعة واستمالهم، فأتاه المظفَّر وعاتبه واستحلفه، وضمن لَهُ ما
شَرَط لَهُ الصّالح، فخرج من البلد وسار فتسلَّم سَنْجار وغيرها. فعند
ذَلِكَ أخرب صاحب حمص سَلَمية، ونقل جميع أهلها إلى حمص أذى لصاحب
حماة. فلمّا مات المجاهد ردّ أهلها وعَمَّروها.
وجاءت الخَوارِزْميّة، فاتّفق معهم المظفَّر، ونازل حمصَ وجدَّ فِي
القتال، فراسل المجاهد الخَوَارِزْميّة واستمالهم وبذل لهم مالا،
فأخذوه، فعرف المظفَّر فخافهم وردّ إلى حماة، وعادت الخَوَارِزْميّة
إلى الشَّرق فأقاموا فِي بلادهم الّتي أقطعهم الملك الصّالح.
ثُمَّ تواترت كُتُب المظفَّر ورُسُلُه عَلَى الصّالح يحضُّه عَلَى قصْد
حمص، وقدِم عَلَى الصّالح عمُّه الصّالح إِسْمَاعِيل من بَعْلَبَكّ،
فأظهر لَهُ الوُدَّ وحلف لَهُ، ورجع إلى بلده ليومه.
وأمّا العادل فانزعج بمصر لقدوم أخيه وأخْذه دمشق، وخاف. ثُمَّ ورد
عَلَى الصّالح رسول ابن عمّه الناصر دَاوُد بمؤازرته بأخذ مصر لَهُ
شرْط أن تكون دمشق للنّاصر، فأجابه. ثُمَّ برز الصّالح إلى ثَنِيّة
العُقَاب، وأقام أيّاما ليقصد حمص. وجاء أستاذ داره حسام الدّين ابن
أَبِي عَلِيّ الهَذبانيّ من الشّرق، فدبَّر الدّولة بعقله وفضله [1] .
وجاءته القُضاة من أمراء مصر سرّا يدعونه إلى مصر ليملكها، فتحيَّر
هَلْ يقصد مصر أو حمص. ثُمَّ رجَّح مصر فترحَّل عَلَى الفَوْر، وبلغه
مجيء جماعة أمراء من مصر مغفَّرين، ونزلوا بغزَّة. وكان مَعَ الصّالح
نحو ستّة آلاف فارس جياد، وفيهم عمّاه مجيرُ الدّين يعقوب وتقيُّ
الدّين عَبَّاس وجماعة من الأمراء المعظَّميّة، وجاءه الأمراء
المصريّون لخربة اللُّصُوص، ومعه ولده المغيث عُمَر. وترك بقلعة دمشق
ولدَه الصّغير مَعَ وزيره صفيّ الدّين ابن مهاجر، فمات الصّبيّ.
__________
[1] انظر: مفرّج الكروب 5/ 361.
(47/340)
ثُمَّ سار إلى نحو نابلس، وكان النّاصر
داود بمصر، فنزل بجيشه مدينة نابلس ثلاثة أشهُر، ولمّا لم يقع اتّفاقٌ
بين الصّالح وابن عمّه النّاصر، ذهب النّاصر إلى مصر فتلقّاه العادل
واتّفقا عَلَى محاربة الصّالح، ووعده العادل بدمشق.
وتواترت عَلَى الصّالح كُتُب أمراء مصر يستدعونه لأنّه كان أمير من
أخيه وأعظَم وأخْلَق بالمُلْك. وممّن كاتَبَه فخرُ الدّين ابن شيخ
الشّيوخ، فعلِم بِهِ العادل فحبسه.
واستعمل الصّالح نوّابه عَلَى أعمال القدس، وغزّة، وإلى العريش.
وجهَّزَ عسكرا إلى غزّة، وضُرِبت خيمتُه عَلَى العوجا، وعملوا الأزواد
لدخول الرّمل، وقدِم عَلَيْهِ رسولُ الخلافة ابن الْجَوْزيّ. وأرسل إلى
الصّالح إِسْمَاعِيل ليمضي معه إلى مصر، فتعلَّل واعتذر، وسيَّر
إِلَيْهِ ولده الملك المنصور محمودا نائبا عَنْهُ، ووعده بالمجيء، وهو
فِي الباطن عَمَّالٌ عَلَى أخْذ دمشق [1] .
ودخلت سنة سبْعٍ وثلاثين فبرز العادل إلى بِلْبِيس، وأخذ ابن
الْجَوْزيّ فِي الإصلاح بين الأَخَوَين عَلَى أن تكون دمشق وأعمالُها
للصّالح مَعَ ما بيده من بلاد الشّرق، ومصر للعادل. وكان مَعَ ابن
الْجَوزيّ ولدُه شَرَفُ الدّين شابٌّ ذَكَر كامل، فتردّد فِي هذا
المعنى بين الأخَوَيْن حتّى تقارب ما بين الأخوين لولا [ما] حدث [من]
العمّ إِسْمَاعِيل [2] ، فإنّه بقي يكاتب العادل ويُقوّي عزْمه ويقول:
أَنَا آخذ دمشق نائبا لك. ثُمَّ حشد وجمع، وأعانه صاحبُ حمص. ثُمَّ طلب
ولده من الصّالح، زعم ليستخلفه بعلبكّ ويَقْدَم هُوَ، فنفّذه إِلَيْهِ،
ونفّذ ولده الملك المغيث ليحفظ قلعة دمشق، ولم يكن معه عسكر [3] .
وأمّا صاحب حماة فأشفق عَلَى الصّالح وتحيّل في إرسال عسكر ليحفظ له
__________
[1] انظر: مفرّج الكروب 5/ 215، 216.
[2] مفرّج الكروب 5/ 219 والمستدرك منه ومن السياق.
[3] مفرّج الكروب 5/ 220 و 222.
(47/341)
دمشق، فأظهر أَنَّهُ متألّم خائف،
وَأَنَّهُ يريد أن يسلّم حماة إلى الفِرَنج، وأنّ نائبة سيف الدّين ابن
أَبِي عَلِيّ قد عرف بهذا منه، وَأَنَّهُ سيفارقه فأظهر الخلاف
عَلَيْهِ، فخرج من حماة، وتبِعه أكثرُ العسكر، وطائفةٌ كثيرةٌ من أعيان
الحَمَوِيّين خوفا من الفرنج. ورام المظفَّر أن تتمّ هذه الحيلة فما
تمّت. فسار الأمير سيفُ الدّين بالنّاس، وقوّى المظفَّر الوهْمَ بأنِ
استخدم جماعة من الفِرنْج وأنزلهم القلعة، فقوي خوفُ الرّعيّة. وتبِع
سيفَ الدّين خلْفٌ، فسار وراء المظفَّر يُظْهِر أَنَّهُ يسترضيه، فما
رجع، فنزلوا عَلَى بُحَيْرة حمص، فركب صاحب حمص وأتاهم واجتمع بسيف
الدّين مُطْمَئِنًّا. ولو حاربه سيفُ الدّين بجَمْعه لَمَا قدر
عَلَيْهِ صاحب حمص، ولَكَان وصل إلى دمشق وضَبَطَها ولَعَزَّ عَلَى
الصّالح إِسْمَاعِيل أن يأخذها.
فسأل سيف الدّين عَن مَقْدَمه فَقَالَ: هذا الرّجل قد مال إلى الفرنج
واعتضد بهم، فطلبنا النّجاة بأنفُسنا. فوانسه الملك المجاهد، وطلب منه
دخول حمص ليضيفه، فأجابه سيف الدّين وصعِد معه إلى القلعة. وأظهر لَهُ
الإكرام، ثُمَّ بعث إلى أصحابه فدخل أكثرهم حمص، ومن لم يُجِبْ هرب.
ثُمَّ قبض المجاهد عليهم وضيّق عليهم، واعتقل الأكابر وعاقبهم وصادرهم
حتّى هلك بعضهم فِي حبْسه، وبعضهم خلّص بعد مدّة، وباعوا أملاكهم
وأدّوها فِي المصادرة. وهلك فِي الحبس سيف الدّين [عليّ] [1] ابن أَبِي
عَلِيّ، وهو أخو أستاذ دار الملك الصّالح حسام الدّين، ويا ما ذاق من
الشّدائد حتّى مات. وضعُف صاحب حماة ضعفا كثيرا، واغتنم ضعفَه صاحبُ
حمص فسار وقصد دمشق مؤازرا لإسماعيل، فصبّحوا دمشق فِي صَفَر سنة
سبْعٍ، وأُخِذت بلا قتال. بل تسلَّق جماعةٌ من خان ابن المقدّم، ونزلوا
فكسروا قفْلَ بابِ الفراديس ودخلوا.
ثُمَّ دخلوا القلعة، وقاتلوا المغيثَ ثلاثة أيّام، فسلَّمت بالأمان،
ودخل إِسْمَاعِيل القلعة، وسجن المغيثَ فِي برج إلى أن مات [2] .
__________
[1] إضافة من: مفرّج الكروب 5/ 227.
[2] مفرّج الكروب 5/ 230.
(47/342)
فلمّا وردت أخبار أخْذ دمشق فارق الملكَ
الصّالحَ سائرُ الأمراء والْجُنْد وطلبوا بلدهم وأهاليهم، وترحّل هُوَ
إلى بَيْسان، وفسدت نيّات من معه، وعلموا أنْ لا ملجأ لَهُ، وَأَنَّهُ
قد تلاشى بالكُلِّيّة، وقال لَهُ حتّى أعمامه وأقاربه:
لا يمكننا المُقامُ معك، أهالينا بدمشق. فأذن لهم فترحّلوا بأطلابهم
وهو ينظر إليهم، حتّى فارقه طائفةٌ من مماليكه، ولم يبق معه إلّا أستاذ
داره وزَيْن الدّين أمير جاندار ونحو سبعين مملوكا لَهُ [1] . فلمّا
جنّه اللّيل أمر أن لا تُشْعل الفوانيس، ثُمَّ رحل فِي اللّيل وردّ إلى
جهة نابلس. فحكى لي الأميرُ حسامُ الدّين قَالَ: لمّا رحل السّلطان من
منزلته اختلفتْ كلمةُ من بقي معهم، وأشار بعضهم بالرّجوع إلى الشّرق
فخاف أن يؤخذ لبُعْد المسافة وقال: ما أرى إلّا التَّوجُّه إلى نابلس
فألتجئ إلى ابن عمّي الملك النّاصر. فتوجّه إلى نابلس، فلمّا طلعت
الشّمس ورأى مماليكُه ما هُوَ فِيهِ من القِلّة واقَعَهُمُ البكاءُ
والنّحيب. واعترضهم جماعةٌ من العربان فقاتلوهم وانتصروا عَلَى العرب،
ونزلوا بظاهر نابلس [2] .
وقوي أمرُ الصّالح إِسْمَاعِيل، وجاءته الأمراء وتمكّن. وكان وزيره
أمينُ الدّولة سامريّا أسلم فِي صِباه. وكان عمّه وزيرا للأمجد صاحب
بَعْلَبَكّ، ومات عَلَى دينه [3] .
وأمّا العادل بمصر فإنّه استوحش من النّاصر دَاوُد وتغيَّر عَلَيْهِ،
فخلّاه النّاصر، وردَّ إلى الكَرَك ومعه سيفُ الدّين عَلِيُّ بْن قليج
[4] فوافق ما تمّ عَلَى الصّالح. فبعث إلى الصّالح يعِده النَّصر،
وأشار عَلَيْهِ بالنّزول بدار الملك المعظَّم بنابلس. ثُمَّ نزل
النّاصر بعسكره. ثُمَّ أمر يوما بضرب البُوق، وأوهم أنّ الفِرَنْج قد
أغاروا عَلَى ناحيته، فركب معه جماعة الصّالح الّذين معه، فحينئذٍ أمر
النّاصر بتسيير الملك الصّالح إلى الكَرَك فِي اللّيل. فلم يَصْحَب
الصّالح من غلمانه سوى
__________
[1] مفرّج الكروب 5/ 233، 234.
[2] مفرّج الكروب 5/ 235، 236.
[3] مفرّج الكروب 5/ 236.
[4] في مفرّج الكروب 5/ 239 (قلج) ، وهو سواء بكسر اللام.
(47/343)
الأمير رُكْن الدّين بَيْبَرْس الكبير،
وبعث معه جاريته أُمَّ خليل شَجَرَ الدُّر، فأُنزل بقلعة الكَرَك بدار
السّلطنة. وتقدَّم النّاصر إلى أمّه وزوجته أن يقوما بخدمة الصّالح،
وبعث إِلَيْهِ يَقْولُ: إنّما فعلت هذا احتياطا لئلّا يصل إليك مكروهٌ
من أخيك أو عمّك، ولو لم أنقلك إلى الكَرَك لقصداك [1] .
ثُمَّ أمر شهابَ الدّين ونَجْمَ الدّين ابنَيْ شيخ الإِسْلَام بملازمة
خدمة الصّالح ومؤانسته، وهما من أخصّ أصحاب النّاصر ومن أجناده. وقد
وُليّ الشّهاب هذا تدريس الجاروخيّة [2] بدمشق [3] . ولمّا تملّك الملك
الصّالح ديارَ مصر قصداه فأكرمهما وقدّمهما، واستناب شهابَ الدّين
عَلَى دار العدل.
واستُشْهِد نجمُ الدّين عَلَى دِمياط [4] .
وكان أولاد النّاصر دَاوُد لا يزالان فِي خدمة الصّالح بالكَرَك، ولم
يفقد شيئا من الإكرام [5] .
ثُمَّ خيَّر النّاصرُ أصحابَ الصّالح بين إقامتهم عندهُ مكْرَمِين وبين
السَّفَر إلى أَيْنَ أحبُّوا، فاختار أكثرُهم المُقامَ عنده، فكان منهم
البهاء زُهير، وشهابُ الدّين ابن أَبِي سعد الدّين بْن مكشبا [6] ،
وكان والدُه سعدُ الدّين ابنَ عمّةِ الملك الكامل. وأمّا الأستاذ دار
حسامُ الدّين ابنُ أَبِي عَلِيّ وزَيْنُ الدّين أميرُ جُنْدَار فطلبا
دمشقَ، فأذِن لهما، فقدِما عَلَى الصّالح إِسْمَاعِيل، فقبض عَلَى حسام
الدّين وأخذ جميع ماله وقيّده، وقيّد جماعة من أصحاب الصّالح نجم
الدّين، وبقوا فِي حبْسه مدّة. ثُمَّ حوّل حسامَ الدّين إلى قلعة
بعلبكّ وضيّق عليه [7] .
__________
[1] مفرّج الكروب 5/ 239- 241 باختصار.
[2] انظر عن المدرسة الجاروخية في: الدارس في تاريخ المدارس 1/ 225-
232.
[3] مفرّج الكروب 5/ 241.
[4] مفرّج الكروب 5/ 241، 242.
[5] مفرّج الكروب 5/ 242.
[6] وفي مفرّج الكروب 5/ 242 «كمشبة» وهما سيّان.
[7] مفرّج الكروب 5/ 243.
(47/344)
ولمّا بلغ العادلَ ما جرى عَلَى أخيه أظهر
الفرح ودقّت البشائر وزُيّنتْ مصر، وبعث يطلبه من النّاصر فأبى
عَلَيْهِ [1] .
فلمّا كَانَ فِي أواخر رمضان سنة سبْعٍ طلب الملك النّاصر دَاوُد
الصّالح نجم الدّين فنزل إِلَيْهِ إلى نابلس، فضرب لَهُ دِهْليزًا
والتفّ عَلَيْهِ خواصّه، ثُمَّ أمر النّاصر بقطع خُطْبة العادل، وخطب
للصّالح. ثُمَّ سارا إلى القدس وتحالفا وتعاهدا عند الصّخرة عَلَى أن
تكون مصر للصّالح، والشّام والشّرق للنّاصر، ثمّ سار إلى غزّة. وبلغ
ذَلِكَ العادلَ فعظُم عَلَيْهِ، وبرز إلى بِلْبِيس، وسار إلى نجدته
الصّالحُ إسماعيلُ من دمشق، فنزل بالغَوْر [2] من أرض السَّواد. ثُمَّ
خاف النّاصر والصّالح من جيشٍ أمامهما وجيشٍ خلفهِما، فرجعا إلى القدس
[3] . فما لبِثا أنْ جاءت [4] النّجابون بكُتُب المصريّين يحثّون
الصّالح، فقويت نفسُه، وسار مُجِدًّا مَعَ النّاصر [5] ، وتملّك مصر
بلا كُلْفة، واعتقل أخاه [6] . ثُمَّ جهّز مَن أوهم النّاصر بأنّ
الصّالح فِي نيّة القبض عَلَيْهِ فخاف وغضب وأسرع إلى الكَرَك [7] .
ثُمَّ تحقّق الصّالحُ فسادَ نِيّات الأشرفيّة وأنّهم يريدون الوثوب
عَلَيْهِ، فأخذ فِي تفريقهم والقبْض عليهم. فبعث مقدّم الأشْرفيّة
وكبيرَهم أيْبَك الأسمر نائبا عَلَى جهة، ثُمَّ جهّز مَن قبض عَلَيْهِ،
فذُلَّت الأشرفيّة، فحينئذٍ مَسَكَهم عن بُكْرة أبيهم وسجنهم. وأقبل
عَلَى شراء المماليك التّرك والخطائيّة، واستخدم الأجناد.
ثُمَّ قبض عَلَى أكثر الخدّام شمس الدّين الخاصّ [8] ، وجوهر
النُّوبيّ، وعلى جماعةٍ من الأمراء الكامليّة، وسجنهم بقلعة صدر
بالقُرب من أيلة [9] .
__________
[1] مفرّج الكروب 5/ 244.
[2] في مفرّج الكروب 5/ 260 «بالغوّار» .
[3] في مفرّج الكروب 5/ 260: «فرجعا إلى نابلس» .
[4] هكذا.
[5] مفرّج الكروب 5/ 257- 261 باختصار.
[6] مفرّج الكروب 5/ 263- 265.
[7] مفرّج الكروب 5/ 272، 273.
[8] في مفرّج الكروب 5/ 275 «الخواص» .
[9] مفرّج الكروب 5/ 274- 276.
(47/345)
وخرج فخرُ الدّين ابنُ الشَّيْخ من حبْس
العادل فركب ركبة عظيمة، ودعت لَهُ الرَّعيَّة لكَرَمه وحُسْن سِيرته،
فلم يُعجِب الصّالحَ ذَلِكَ، وتخبّل، فأمره بلُزُوم بيته واستوزر أخاه
مُعينَ الدّين. ثُمَّ شرع يؤمّر غلْمانه فأكثَرَ من ذَلِكَ [1] .
وأخذ فِي بناء قلعة الرَّوضة، واتّخذها سَكَنًا، وأنفق عليها أموالا
عظيمة.
وكانت الجيزة [2] قبلُ مُنْتَزَهًا لوالده، فشيّدها فِي ثلاثة أعوام،
وتحوّل إليها.
وأمّا النّاصر فإنّه اتّفق مَعَ عمّه الصّالح إِسْمَاعِيل والمنصور
صاحب حمص فاتّفقوا عَلَى الصّالح [3] .
وأمّا الخَوَارِزْميّة فإنّهم تغلَّبوا عَلَى حرّان، وملكوا غيرها من
القِلاع، وعاثوا وأخربوا البلاد الْجَزَريّة، وكانوا شرّا من التّتار
لا يعفّون عن قتْلٍ ولا عن سبْي، ولا فِي قلوبهم رحمة [4] .
وفي سنة إحدى وأربعين وقع الصُّلح بين الصّالَحينْ وصاحب حمص، عَلَى أن
تكون دمشق للصّالح إِسْمَاعِيل، وأن يُقيم هُوَ والحلبيّون والحمصيّون
الخُطْبة فِي بلادهم لصاحب مصر، وأن يُخرج ولده الملك المغيث من اعتقال
الصّالح إِسْمَاعِيل [5] . فركب الملك المغيث وبقي يسير ويرجع إلى قلعة
دمشق، وردّ عَلَى حسام الدّين ما أُخِذَ لَهُ، ثُمَّ ساروا إلى مصر.
واتّفق الملوك عَلَى عداوة النّاصر دَاوُد [6] .
وجهّز الصّالح إِسْمَاعِيل عسكرا يحاصرون عجلون، وهي للنّاصر،
__________
[1] مفرّج الكروب 5/ 276، 277.
[2] في مفرّج الكروب 5/ 278 «الجزيرة» ، وهو الصحيح.
[3] مفرّج الكروب 5/ 278.
[4] مفرّج الكروب 5/ 279.
[5] مفرّج الكروب 5/ 327، 328.
[6] مفرّج الكروب 5/ 328، 329.
(47/346)
وخطب لصاحب مصر فِي بلاده، وبقي عنده
المغيث حتّى تأتيه نُسَخ الأَيْمان، ثُمَّ بَطَلَ ذَلِكَ كلُّه [1] .
قَالَ ابن واصل [2] : فحدّثني جلالُ الدّين الخِلاطيّ قَالَ: «كنت
رسولا [3] من جهة الصّالح إِسْمَاعِيل، فورد عليَّ منه كتابٌ وفي طيّه
كتابٌ من الصّالح نجم الدّين إلى الخَوَارِزْميّة يحثُّهم عَلَى الحركة
ويُعلِمُهم أَنَّهُ إنّما يصالح عمَّه ليتخلّص المغيثُ من يده،
وَأَنَّهُ باقٍ عَلَى عداوته، ولا بُدّ لَهُ من أخْذ دمشق منه» [4] .
فمضيت بهذا الكتاب إلى الصّاحب مُعين الدّين، فأوقفته عَلَيْهِ، فما
أبدى عَنْهُ عُذْرًا يسوغ [5] . وردّ الصّالحُ إِسْمَاعِيلُ المُغِيثَ
إلى الاعتقال، وقطع الخُطْبة، وردّ عسكره عن عجلون، وراسل النّاصرَ
واتّفق معه عَلَى عداوة صاحب مصر. وكذلك رجع صاحب حلب وصاحب حمص
عَنْهُ، وصاروا كلمة واحدة عَلَيْهِ. واعتُقِلت رُسُلُهُم بمصر [6] .
واعتضد صاحب دمشق بالفِرَنج، وسلَّم إليهم القدسَ، وطَبَرَيّة،
وعسْقلان [7] . وتجهَّز صاحب مصر للقتال وجهّز البعوث، وجاءته
الخَوَارِزْميّة، فساقوا إلى غزّة، واجتمعوا بالمصريّين وعليهم رُكْن
الدّين بَيْبَرْس البُنْدُقْدار الصّالحيّ، وليس هُوَ الَّذِي مَلَكَ،
بل هذا أكبر منه وأقدم، ثُمَّ قبض عَلَيْهِ الصّالح نجمُ الدّين
وأعدمه.
قَالَ ابن واصل [8] : فتسلَّم الفرنجُ حَرَم القُدس وغيرَه، وعمّروا
قلعتَيْ طَبَرَيّة، وعسقلان وحصّنوهما. ووعدهم الصّالح بأنّه إذا
مَلَكَ مصرَ أعطاهم بعضها. فتجمّعوا وحشدوا.
__________
[1] مفرّج الكروب 5/ 330.
[2] في مفرّج الكروب 5/ 331 وما بعدها.
[3] في مفرّج الكروب 5/ 331: «كنت بمصر رسولا» .
[4] انظر بعض الاختلاف في النص.
[5] في مفرّج الكروب 5/ 331 «يسوغ قبوله» .
[6] مفرّج الكروب 5/ 331، 332.
[7] زاد ابن واصل: «كوكب» . (مفرّج الكروب 5/ 332) .
[8] في مفرّج الكروب 5/ 332، 333.
(47/347)
وسارت عساكر الشّام إلى غزّة، ومضى المنصور
صاحب حمص بنفسه إلى عكّا فأجابوه. فسافرتُ أَنَا إلى مصر، ودخلت القُدس
فرأيت الرُّهْبان عَلَى الصّخرة وعليها قناني الخمر، ورأيت الجرس [1]
فِي المسجد الأقصى، وأُبْطِل الأذان بالحَرَم وأُعْلِن الكُفْر.
وقدِم وأنا بالقدس النّاصر دَاوُد إلى القُدس فنزل بغربيّه.
وفيها ولّى الملكُ الصّالح قضاءَ مصر للأفضل الخَوْنَجِيّ بعد أنْ عزل
ابنَ عَبْد السّلام نفسه بمُدَيْدة [2] .
ولمّا عدّت الخَوَارِزْميّة الفُرات، وكانوا أكثر من عشرة آلاف، ما
مرّوا بشيءٍ إلّا نهبوه، وتقهقر الّذين بغزّة منهم. وطلع النّاصر إلى
الكَرَك، وهربت الفرنج من القدس، فهجمت الخَوَارِزْميّة القدسَ، فقتلوا
مَن بِهِ مِن النّصارى، وهدموا مقبرة القُمامة، وأحرقوا بِهَا عظام
الموتى، ونزلوا بغزّة وراسلوا صاحب مصر، فبعث إليهم الخِلَع والأموال،
وجاءتهم العساكر [3] ، وسار الأمير حسام الدّين ابن أبي عَلِيّ بعسكرٍ
ليكون مركزا بنابلس. وتقدَّم المنصور إِبْرَاهِيم عَلَى الشّاميّين،
وكان شَهْمًا شجاعا قد انتصر عَلَى الخَوَارِزْميّة غير مرّة، وسار
بهم، ووافَتْهُ الفِرَنْجُ من عكّا وغيرها بالفارس والرّاجل، ونفّذ
النّاصرُ داودُ عسكرَه فوقع المَصَافُّ بظاهر غزّة وانكسر المنصور شرّ
كسْرة واستحرّ القتْل بالفرنج [4] .
قَالَ ابن واصل [5] : أخذت سيوفُ المسلمين الفرنجَ فأفنوهم قتلا وأسرا،
ولم يفلت منهم إلّا الشّارد، وأسر أيضا من عسكر دمشق والكَرَك جماعةَ
مقدَّمين، فحُكيَ لي عن المنصور أَنَّهُ قَالَ: واللَّهِ لقد قصَّرْتُ
ذَلِكَ اليوم، ووقع فِي قلبي أنّنا لا نُنْصَر لانتصارنا بالفرنج.
__________
[1] في الأصل: «الجرص» .
[2] مفرّج الكروب 5/ 335.
[3] مفرّج الكروب 5/ 336، 337.
[4] مفرّج الكروب 5/ 337، 338.
[5] في مفرّج الكروب 5/ 338 وما بعدها.
(47/348)
ووصلتْ عساكرُ دمشق معه فِي أسوأ حال.
وأمّا بمصر فزُيِّنتْ زِينةً لم تُزَيَّن مثلها، وضُرِبت البشائر،
ودخلت أسارى الفرنج والأمراء، وكان يوما مشهودا بالقاهرة.
ثُمَّ عطف حسامُ الدّين ابن أَبِي عَلِيّ ورُكْنُ الدّين بَيْبَرْس
فنازلوا عسقلان وحاصروا الفرنج الّذين تسلّموها، فجُرِح حسام الدّين،
ثُمَّ ترحّلوا إلى نابلس، وحكموا عَلَى فلسطين والأغوار، إلّا عجلون
فهي بيد سيف الدّين بْن قليج نيابة للنّاصر دَاوُد [1] . وبعث السّلطان
الصّالح نجم الدّين وزيره معين الدّين ابن الشَّيْخ عَلِيّ عَلَى جيشه،
وأقامه مُقام نفسه، وأنفذ معه الخزائن، وحكّمه فِي الأمور، وسار إلى
الشّام ومعه الخَوَارِزْميّة، فنازلوا دمشقَ وبها الصّالح والمنصور
صاحب حمص، فدلّ الصّالح إِسْمَاعِيل فلم يظفر بطائلٍ ورجع [2] .
واشتدّ الحصار عَلَى دمشق وأُخذت بالأمان لقلّة مَن مَعَ صاحبها،
ولفَنَاء ما بالقلعة من الذّخائر، ولِتَخَليّ الحلبيّين عَنْهُ، فترحّل
الصّالح إِسْمَاعِيل إلى بَعْلَبَكّ، والمنصور إلى حمص. وتسلّم الصّاحب
مُعينُ الدّين القلعةَ والبلدَ [3] .
ولمّا رأت الخَوَارِزْميّة أنّ السّلطان قد تملّك الشّام بهم وهزم
أعداءه، صار لهم عليه إدلال كبير، مع ما تقدَّم من نصْرهم لَهُ عَلَى
صاحب المَوْصِل وهو بسَنْجار، فطمعوا فِي الأحياز العظيمة، فلمّا لم
يحصلوا عَلَى شيءٍ فَسَدَتْ نيَّتُهُم لَهُ، وخرجوا عَلَيْهِ، وكاتبوا
الأميرَ رُكْنَ الدّين بَيْبَرْس البُنْدُقْداريّ، وهو أكبر أمراء
الصّالح نجمِ الدّين، وكان بغزّة، فأصغى إليهم فيما قِيلَ، وراسلوا
صاحب الكرك، فنزل إليهم ووافقهم [4] .
__________
[1] مفرّج الكروب 5/ 340 وفيه: «ولم يبق بيد الملك الناصر إلا الكرك
والبلقاء والصلت وعجلون، وهي بيد سيف الدين بن قليج» .
[2] العبارة هنا مبتورة غير واضحة. وفي مفرّج الكروب 5/ 341 «وسيّر
الملك الصالح إسماعيل وزيره أمين الدولة إلى بغداد مستشفعا بالخليفة
المستعصم باللَّه، ومتوسلا إليه ليصلح بينه وبين ابن أخيه السلطان
الملك الصالح. ثم رجع من بغداد ولم يتحصّل من رسالته على طائل» .
[3] مفرّج الكروب 5/ 348.
[4] مفرّج الكروب 5/ 349، 350.
(47/349)
قلت: وكانت أُمُّه أيضا خُوَارَزْميّة،
وتزوَّج منهم.
ثُمَّ طلع إلى الكَرَك واستولى حينئذٍ عَلَى القدس ونابلس وتلك
النّاحية، وهربَتْ منه نُوّابُ صاحبِ مصر.
ثُمَّ راسلت الخُوَارَزْميّة الملكَ الصّالحَ إسماعيلَ، وحلفوا لَهُ،
فسار إليهم، واتّفقتْ كلمةُ الجميع عَلَى حرب صاحب مصر، فقلِق لذلك،
وطلب رُكْن الدّين بَيْبَرْس فقدم مصر فاعتقله وكان آخر العهد بِهِ [1]
. ثُمَّ خرج بعساكره فخيّم بالعبّاسيّة [2] ، وكان قد نفّذ رسوله إلى
المستعصم باللَّه يطلب تقليدا بمصر والشّام والشّرق، فجاءه التّشريف
والطَّوقُ الذَّهَب والمركوب. فلبس التّشريف الأسود والعِمامة
والْجُبَّةَ والفَرَسَ بالحلْية الكاملة، وكان يوما مشهودًا.
ثُمَّ جاء الصّالح إِسْمَاعِيل والخُوَارَزْميّة فنازلوا دمشق وليس بها
كبيرُ عسكرٍ، وبالقلعة الطُّوَاشيُّ رشيدُ، وبالبلد نائبُها حسامُ
الدّين بْن أَبِي عَلِيّ الهَذبانيّ، فضبطها وقام بحِفْظها بنفسه ليلا
ونهارا، واشتدّ بِهَا الغلاء، وهلك أهلُها جوعا ووباء.
وبلغني أنّ رجلا مات فِي الحبْس فأكلوه، كذلك حَدَّثَنِي حسامُ الدّين
بْن أَبِيّ عَلِيّ، فعند ذَلِكَ اتّفق عسكر حلب والمنصور صاحب حمص
عَلَى حرب الخُوَارَزْميّة وقصدوهم فتركوا حصار دمشق، وساقوا أيضا
يقصدونهم، فالتقى الجمعان، ووقع المَصَافُّ فِي أوّل سنة أربعٍ وأربعين
عَلَى القصب، وهي منزلة عَلَى بريد من حمص من قِبْلِيّها، فاشتدّ
القتال والصّالح إِسْمَاعِيل مع الخوارزميّة فانكسروا عند ما قُتِل
مقدَّمُهُم الملكُ حسامُ الدّين بركةُ خان، وانهزموا ولم تقُم لهم
بعدها قائمة. فقتَلَ بركةَ خان مملوكٌ من الحلبيّين، وتشتّتت
الخُوَارَزْميّة، وخدم طائفة منهم بالشّام، وطائفة بمصر، وطائفة مع
كشلوخان [3] ذهبوا إلى
__________
[1] مفرّج الكروب 5/ 350، 351.
[2] في مفرّج الكروب 5/ 351 «العباسية» وهو غلط.
[3] في الأصل: «كسلوخان» بالسين المهملة. والتصحيح من: مفرّج الكروب 5/
359.
(47/350)
التّتار وخدموا معهم، وكفى اللَّه شرَّهم.
وعُلِّق رأسُ بركةَ خان عَلَى قلعة حلب. ووصل الخبر إلى القاهرة
فزُيِّنت، وحصل الصُّلْح التّامّ والوُدّ بين السّلطان وبين صاحب حمص
والحلبيّين [1] .
وأمّا المُحَارِفُ الملكُ إِسْمَاعِيلُ فإنّه التجأ إلى حلب عند ابن
ابن أخته الملك النّاصر صلاح الدّين، فأرسل صاحبُ مصر البهاءَ زُهير
إلى النّاصر صاحب حلب يطلب منه إِسْمَاعِيلَ، فشقّ ذَلِكَ عَلَى
النّاصر وقال: كيف يحسُن بي أن يلتجئ إليّ خال أَبِي وهو كبير البيت،
وأبعثه إلى من يقتله وأخفِر ذِمَّته؟! فرجع البهاء زُهير [2] .
وأمَّا نائبُ دمشق حسامُ الدّين فإنّه سار إلى بَعْلَبَكّ وحاصرها،
وبها أولاد الصّالح إِسْمَاعِيل، فسلّموها بالأمان، ثُمَّ أُرسِلُوا
إلى مصر تحت الحَوْطة هم والوزير أمينُ الدّولة والأستاذ دار ناصر
الدّين ابن يغمور، فاعتُقِلوا بمصر، وصَفَت البلاد للملك الصّالح [3] .
وبقي النّاصر دَاوُد بالكَرَك فِي حُكْم المحصور [4] . ثمّ رضي
السّلطان على فخر الدّين ابن شيخ الشّيوخ، وأخرجه من الحبس بعد موت
أخيه الوزير معين الدّين، وسيَّره فاستولى عَلَى جميع بلاد النّاصر
دَاوُد، وخرّب ضِياع الكَرَك، ثُمَّ نازلها أيّاما، وقَلَّ ما عند
النّاصر من الملك والذّخائر بِهَا، وقلّ ناصُره [5] ، فعمل قصيدة يعاتب
بِهَا السّلطانَ، ويذكر فيها ما لَهُ من اليد عنده من ذَبّه عَنْهُ
وتمليكه ديار مصر، وهي:
قلْ للَّذي [6] قاسمتُه ملكَ اليدِ ... ونهضتُ فِيهِ نهضةَ المستأسِدِ
عاصيتُ فِيهِ ذوي الحِجَى من أسرتي ... وأطعت فيه مكارمي وتودّدي
__________
[1] مفرّج الكروب 5/ 359، 360.
[2] مفرّج الكروب 5/ 360.
[3] مفرّج الكروب 5/ 361، 362.
[4] مفرّج الكروب 5/ 363.
[5] مفرّج الكروب 5/ 363، 364.
[6] في مفرّج الكروب 5/ 365، والفوائد الجلية 262، وذيل مرآة الزمان 1/
161، وشفاء القلوب 352 «قولوا لمن» . والمثبت يتفق مع: النجوم الزاهرة
6/ 326.
(47/351)
يا قاطع الرّحم الّتي صِلتي بِهَا [1] ...
كُتبت عَلَى الفَلَك الأثير بعسجدِ
إن كنتَ تقدحُ فِي صريح مناسبي [2] ... فاصبِرْ بعرضك [3] للهيب
المرصدِ [4]
عمي أبوك ووالدي عم، به ... يعلو انتسابك كلّ ملكٍ أصْيَدِ
صالا وجالا كالأُسودِ ضَوَاريًا ... فارتدّ [5] تيّار الفُرات
المُرْبدِ
دَعْ سيفَ مِقوليَ البليغ يذبّ [6] عن ... أعراضكم بغِرِيدِه المتوقّدِ
فهو الذي قد صاغ تاج فخاركم ... بمفصل من لؤلؤٍ وزبرجدِ
ثُمَّ أخذ يصف نفسه وجُودَه ومحاسنه وسُؤدُدَه، إلى أن قَالَ:
يا مُحْرِجي بالقول، واللهِ الَّذِي ... خَضَعَتْ لعزّتِهِ جِبَاهُ
السُّجَّدِ
لولا مقال الهجر منك لما بدا ... مني افتخارٌ بالقريضِ المُنْشَدِ
إنْ كنتُ قلتُ خلافَ ما هُوَ شِيمتي ... فالحاكمونَ بمسمعٍ وبمشهدِ
واللهِ يا ابن العمّ لولا خيفتي ... لَرَمَيْتُ ثَغْرَكَ بالعُداة
المُرّدِ
لكنّني ممّا يخافُ حرامه [7] ... ندما [يُجرِّعني] [8] سِمامَ [9]
الأسودِ
فأراك ربُّكَ بالهُدَى ما ترتجي ... ليراك [10] تفعل كلّ فعل مرشد [11]
__________
[1] في مفرّج الكروب 5/ 365: «لها» .، والمثبت يتفق مع النجوم الزاهرة،
والفوائد الجلية 264.
[2] في ذيل مرآة الزمان: «منابتي» .
[3] في النجوم الزاهرة: «بعزمك» ، وفي شفاء القلوب، «لعرضك» .
[4] في مفرّج الكروب 5/ 365، والفوائد الجلية 264: «الموصد» ، والمثبت
يتفق مع النجوم الزاهرة.
[5] في مفرّج الكروب 5/ 365، والفوائد الجلية 264: «وأزيز» والمثبت
يتفق مع النجوم الزاهرة.
[6] في الفوائد الجلية: «يذود» ، والمثبت يتفق مع مفرّج الكروب 5/ 366،
وذيل مرآة الزمان، والنجوم الزاهرة.
[7] في الفوائد الجلية 268، «حزامة» ، والمثبت يتفق مع: مفرّج الكروب
5/ 368.
[8] في الأصل بياض، والمستدرك من المصادر.
[9] في مفرّج الكروب 5/ 368 «سهام» ، والمثبت يتفق مع: الفوائد الجلية
268.
[10] في المصادر: «لنراك» .
[11] في الفوائد الجلية، ومفرّج الكروب: «أرشد» ، والمثبت يتفق مع
النجوم الزاهرة.
(47/352)
لتعيدَ [1] وجهَ الملكِ طلْقًا ضاحكا ...
وتردَّ [2] شملَ البيتِ غير مُبَدَّدِ
كيلا ترى الأَيامُ فينا [3] فرصة ... للخارجين وَضحكة للحُسَّدِ [4]
ثُمَّ إنّ السّلطان طلب الأمير حسام الدّين ابن أَبِي عَلِيّ وولّاه
نيابةَ الدّيار المصريّة، واستناب عَلَى دمشق الصّاحبَ جمالَ الدّين
يحيى بْن مطروح [5] . ثمّ قدم الشّام، وجاء إلى خدمته صاحبُ حماة
الملكُ المنصور، وهو ابن اثنتي عشرة سنة، وصاحب حمص وهو صغير، فأكرمهما
وقرّبهما، ووصل إلى بَعْلَبَكّ، ثُمَّ ردّ إلى دمشق [6] .
ثُمَّ قدِم عَلَى نائب مصر حسام الدّين والدُه بدرُ الدّين محمدُ بْنُ
أَبِي عَلِيّ، وقَرَابتُهُ علاءُ الدّين، وكانا فِي حبْس صاحب حمص،
فلمّا مات أطلقهما ابنه، فَتُوُفّي بدرُ الدّين بعد قدومه بيسير [7] .
ثُمَّ رجع السّلطان ومرض فِي الطّريق.
حكى لي [8] الأميرُ حسامُ الدّين قَالَ: لمّا ودّعني السّلطان قَالَ:
إنّي مسافرٌ، وأخاف أن يعرض لي موتٌ وأخي العادل بقلعة مصر فيأخذ
البلاد، وما يجري عليكم منه خيرٌ، فإنْ مرضتُ ولو أَنَّهُ حُمى يومٍ
فأَعْدِمْه، فإنّه لا خير فيه، وولدي توران شاه لا يصلحُ للمُلْك، فإنْ
بَلَغَكَ موتي فلا تسلِّم البلادَ لأحدٍ من أهلي، بل سلّمْها للخليفة
[9] .
__________
[1] في الفوائد الجلية: «لنعيد» والمثبت يتفق مع مفرّج الكروب، والنجوم
الزاهرة.
[2] في الفوائد الجلية: «ونرد» ، والمثبت يتفق مع مفرّج الكروب،
والنجوم الزاهرة.
[3] في الفوائد الجلية، «أنّا» ، والمثبت يتفق مع مفرّج الكروب،
والنجوم الزاهرة.
[4] انظر الأبيات مع زيادات كثيرة في: الفوائد الجلية 262- 268، ومفرّج
الكروب 5/ 365- 368، وذيل مرآة الزمان لليونيني 1/ 161- 164، والنجوم
الزاهرة 6/ 326، 327، وشفاء القلوب 352، ومنها قسم في: سير أعلام
النبلاء 23/ 190.
[5] مفرّج الكروب 5/ 372.
[6] مفرّج الكروب 5/ 373.
[7] مفرّج الكروب 5/ 374.
[8] أي لابن واصل.
[9] مفرّج الكروب 5/ 375، 376.
(47/353)
وأمّا عسقلان وطَبَرَيّة، فلمّا
تسلَّمَتْها الفِرنجُ من الصّالح إِسْمَاعِيل بَنَوْها، وحصّنوا
القلعتين فنازلَهَما فخرُ الدّين ابن شيخ الشّيوخ بعد ما ترحّل عن حصار
الكَرَك، ففتحهما وهدمهما. ودُقّت البشائر [1] .
وفَتَر السّلطان عن أخْذ حمص لانتماء صاحبها للأشرف، وأبوه إلى
السّلطان ومرايتهما لَهُ. ثُمَّ قدّم الأشرف للسّلطان قلعة شمسين
فتسلَّمها.
وأمّا حماة فكانت لابن أخته الملك المظفَّر وبها الصّاحبة أخت
السّلطان، ثُمَّ تملّكها الملك المنصور بْن المظفَّر، وتزوّج بِنْت أخت
السّلطان فاطمة خاتون ابْنَة الكامل، وكانت فاطمة بحلب، وهي والدة
صاحبها للآن الملك النّاصر صلاح الدّين ابن العزيز، فزوَّج أختَه بصاحب
حماة فِي هذه السّنة، وجاءت إِلَيْهِ فِي تجمُّلٍ عظيم [2] .
ثُمَّ دخلت سنة ستٍّ وأربعين فصرف السّلطان نيابةَ مصر عن حسام الدّين
بجمال الدّين ابن يغمور، وبعث الحسامَ بالمصريّين إلى الشّام، فأقاموا
بالصّالحيّة أربعة أشهر [3] .
قَالَ ابن واصل [4] : وأقمتُ مَعَ حسام الدّين هذه المدّة، وكان
السّلطان فِي هذه المدّة مقيما بأشمون طناح، ثُمَّ رجعنا إلى القاهرة.
وفيها خرجت الحلبيّون وعليهم شمسُ الدّين لؤلؤ الأمِينيّ، فنازلوا حمص
ومعهم الملك الصّالح إِسْمَاعِيل يرجعون إلى رأيه، فنصبوا المجانيق
وحاصروها شهرين، ولم يُنْجِدْها صاحبُ مصر، وكان السّلطان مشغولا بمرضٍ
عرض لَهُ فِي أُنْثَيَيْه، ثُمَّ فتح وحصل منه ناسور يعسر برؤه، وحصلت
لَهُ فِي رئته قُرْحَة مُلْتَفّة، لكنّه عازمٌ عَلَى إنجاد صاحب حمص،
ولمّا اشتدّ الخناق بالأشرف صاحب
__________
[1] مفرّج الكروب 5/ 378.
[2] مفرّج الكروب 5/ 383.
[3] نهاية الأرب 29/ 328.
[4] في الجزء السادس من مفرّج الكروب، وهو لم ينشر حتى الآن.
(47/354)
حمص اضطرَّ إلى أن أذعن بالصُّلْح، وطلب
العِوَض عن حمص تلّ باشر مُضافًا إلى ما بيده، وهو الرَّحْبَة،
فتسلّمها الأميرُ شمسُ الدّين لؤلؤ الأمينيّ، وأقام بِهَا نوّابا لصاحب
حلب. فلمّا بلغ السّلطانَ وهو مريضٌ أخْذُ حمص غضب وعظُمَ عَلَيْهِ،
وترحّل إلى القاهرة، واستناب بِهَا ابن يغمور، وبعث الجيوش إلى الشّام
لاستنقاذ حمص. وسار السّلطان فِي مَحِفَّة، وذلك فِي سنة ستٍّ وأربعين،
فنزل بقلعة دمشق وبعث جيشه فنازلوا حمص، ونصبوا عليها المجانيق، فممّا
نُصِب عليها منجنيقٌ مغربيّ، ذكر لي الأميرُ حسامُ الدّين أَنَّهُ
كَانَ يرمي حجرا زنته مائة وأربعين رطلا بالشّاميّ. ونصب عليها
قُرابُغا اثني عشر منجنيقا سلطانيّة، وذلك فِي الشّتاء. وخرج صاحب حلب
بعسكره فنزل بأرض كَفَرْطاب، ودام الحصار إلى أنْ قدِم الباذرائيّ
للصُّلْح بين صاحب حلب وبين السّلطان، عَلَى أن يقرّ حمص بيد صاحب حلب،
فوقع الاتّفاق عَلَى ذَلِكَ، وترحّل عسكر السّلطان عن حمص لمرض
السّلطان، ولأنّ الفرنج تحرّكوا وقصدوا مصر، وترحّل السّلطان إلى
الدّيار المصريّة لذلك وهو فِي مَحِفَّة [1] .
وكان النّاصر صاحب الكَرَك قد بعث شمسَ الدّين الخُسْروشاهيّ إلى
السّلطان وهو بدمشق يطلب منه خبز والشَّوْبَك لينزل لَهُ عن الكَرَك،
فبعث السّلطان تاج الدّين ابن مهاجر فِي إبرام ذَلِكَ إلى النّاصر،
فرجع عن ذَلِكَ لمّا سَمِعَ بحركة الفرنج، وطلب السّلطان نائب مصر جمال
الدّين ابن يغمور، فاستنابه بدمشق، وبعث إلى نيابة مصر حسام الدّين ابن
أَبِي عَلِيّ، فدخلها فِي ثالث محرَّم سنة سبْعٍ.
وسار السّلطان فنزل بأشمون طناح ليكون فِي مقابلة الفرنج إنْ قصدوا
دِمياط. وتواترت الأخبار بأنّ ريد افرنس [2] مقدَّم الإفرنسيسيّة قد
خرج من بلاده فِي جُمُوعٍ عظيمة، وشتا بجزيرة قبرص، وكان من أعظم ملوك
الفرنج وأشدّهم بأسا.
__________
[1] نهاية الأرب 29/ 334.
[2] هو: روادي فرانس: ملك فرنسا، لويس التاسع.
(47/355)
وريد بلسانهم الملك.
وشُحِنت دِمياط بالذّخائر، وأحكِمت الشّواني. ونزل فخر الدّين ابن
الشَّيْخ بالعساكر فنزل عَلَى جيزة دِمياط، فأقبلت مراكب الفرنج فأرسلت
بإزاء المسلمين فِي صفر. ثُمَّ شرعوا من الغد فِي النّزول إلى البرّ
الَّذِي فِيهِ المسلمون.
وضُرِبت خيمة حمراء لريد افرنس، وناوشهم المسلمون القتال، فقُتل يومئذٍ
الأميرُ نجمُ الدّين ابنُ شيخ الإِسْلَام، والأمير الوزيريّ [1] ،
فترحّل فخر الدّين ابن الشَّيْخ بالنّاس، وقطع بهم الجسرَ إلى البرّ
الشّرقيّ الَّذِي فِيهِ دِمياط، وتقهقر إلى أشمون طناح، ووقع الخذْلان
عَلَى أهل دِمياط، فخرجوا منها طول اللَّيل عَلَى وجوههم حتّى لم يبق
بِهَا أحد. وكان هذا من قبيح رأي فخر الدّين فإنّ دمياط كانت فِي نوبة
سنة خمس عشرة وستّمائة أقلّ ذخائر وعددا، وما قدر عليها الفرنج إلى بعد
سنة، وإنّما هرب أهلها لمّا رأوا هربَ العساكر وعلموا مرض السّلطان.
فلمّا أصبحت الفرنجُ تملّكوها صَفْوًا بما حَوَت من العُدد والأسلحة
والذّخائر والغِلال والمجانيق، وهذه مصيبةٌ لم يجر مثلُها. فلمّا وصلت
العساكر وأهلِ دِمياط إلى السّلطان، حنق عَلَى الكِنانيّين الشّجعان
الّذين كانوا بِهَا، وأمر بهم فشُنِقوا جميعا [2] ، ثُمَّ رحل بالجيش
وسار إلى المنصورة، فنزل بِهَا فِي المنزلة الّتي كَانَ أَبُوهُ نزلها،
وبها قصرٌ بناه الكامل. ووقع النّفير العام فِي المسلمين، فاجتمع
بالمنصورة أُمم لا يُحصَوْن من المطّوّعة والحربان والحرافشة، وشرعوا
فِي الإغارة عَلَى الفِرنج ومناوشتهم وتخطُّفهم، واستمرّ ذَلِكَ
أشهُرًا، والسّلطان يتزايد مرضُه، والأطبّاء قد أيأسَتْه لاستحكام مرض
السّلّ بِهِ.
وأمّا الكَرَك فإنّ صاحبها سافر إلى بغداد، فاختلف أولاده، وسار أحدهم
إلى الملك الصّالح، فسلَّم إِلَيْهِ الكَرَك، ففرح بِهَا السّلطان مع
ما هو فيه من
__________
[1] هو صارم الدين أزبك الوزيري، (نهاية الأرب 29/ 334) .
[2] وكانوا نيّفا وخمسين أميرا. (نهاية الأرب 29/ 335) وفي سير أعلام
النبلاء 23/ 191 «وشنق من مقاتليها ستين» .
(47/356)
الأمراض، وزُيّنت بلادُه، وبعث إليها
الطُّوَاشيّ بدرَ الدّين الصّوابيّ نائبا، وقدِم عَلَيْهِ آلُ النّاصر
دَاوُد فبالغ فِي إكرامهم وأقطعهم أجنادا جليلة.
إلى أن قَالَ ابن واصل فِي سيرة الصّالح: وكان مَهِيبًا، عزيز النّفْس،
أَبِيَّها، عالِيَها، حَيِّيًا، عفيفا، طاهرَ اللّسان والذّيل، لا يرى
الهزْل والعَبَث، شديد الوقار، كثير الصّمت. اشترى من المماليك
التُّرْك ما لم يشتره أحدٌ من أهل بيته، حتّى صاروا مُعظم عسكره،
ورجّحهم عَلَى الأكراد وأمّرهم، واشترى وهو بمصر خلْقًا منهم وجعلهم
بِطانته والمحيطين بدِهليزه وسمّاهم [1] البحريّة [2] .
حكى لي حسام الدّين ابن أَبِي عَلِيّ أنّ هَؤُلاءِ المماليك مَعَ فَرْط
جبروتهم وسطْوتهم كانوا أبلغ مَن يعظّم هيبة السّلطان، فكان إذا خرج
وشاهدوا صورته يرعدون خوفا منه، وَأَنَّهُ لم يقع منه فِي حال غضبه
كلمةٌ قبيحةٌ قطّ، أكثر ما يَقْولُ إذا شَتَم: يا متخلّف.
وكان كثير الباه لجواريه فقط، ولم يكن عنده فِي آخر وقتٍ غير زوجتين،
إحداهما شَجَر الدُّرّ، والأخرى بِنْت العالمة تزوّجها بعد مملوكه
الْجُوكنْدار.
وكان إذا سَمِعَ الغناء لا يتزعزع ولا يتحرّك، وكذلك الحاضرون يلتزمون
حالته كأنّما عَلَى رءوسهم الطَّير. وكان لا يستقلّ أحدٌ من أرباب
دولته بأمرٍ، بل يراجعون بالقَصَص مَعَ الخُدّام، فيوقِّع عليها بما
يعتمده كِتاب الإنشاء.
وكان يحبّ أهلَ الفضل والدّين، وما كَانَ لَهُ مَيلٌ إلى مطالعة
الكُتُب.
وكان كثير العزْلة والانفراد.
قَالَ ابن واصل: كَانَ لا يجتمع بالفُضَلاء لأنّه لم يكن لَهُ مشاركةٌ
بخلاف أَبِيهِ، وكان اجتماعه بالنّاس قليلا، بل كَانَ يقتصر عَلَى
نُدمائه المعروفين بحضور مجلسه. وكان لَهُ نهمة فِي اللَّعِب
بالصَّوَالجة، وفي إنشاء الأبنية العظيمة الفاخرة.
__________
[1] في الأصل: «وسماعهم» وهو خطأ.
[2] سير أعلام النبلاء 23/ 191، 192.
(47/357)
وقال غير ابن واصل فِي سيرة الملك الصّالح:
كَانَ ملكا مَهِيبًا، جبّارا ذا سطوةٍ وجلالة، وكان فصيحا، حَسَن
المحاورة، عفيفا عن الفواحش، فأمّر مماليكه التُّرْك، وجرى بينه وبين
عمّه إِسْمَاعِيل أمورٌ وحروبٌ إلى أن أخذ نوّابه دمشقَ عام ثلاثة
وأربعين، وذهب إِسْمَاعِيل إلى بَعْلَبَكّ، ثُمَّ أُخذت من إِسْمَاعِيل
بَعْلَبَكّ، وتعثّر والتجأ إلى النّاصر صاحب حلب. ولمّا خرج الملك
الصّالح من مصر إلى الشّام خاف من بقاء أخيه، فقتله سرّا، فلم
يُمَتَّع، ووقعت الأكلة فِي فخذه بدمشق. ونزل الإفرنسيس ملك الفرنج
بجيوشه عَلَى دِمياط فأخذها، فسار إِلَيْهِ الملك الصّالح فِي مَحِفّةٍ
حتّى نزل بالمنصورة عليلا، ثُمَّ عرض لَهُ إسهالٌ إلى أن تُوُفّي ليلة
النّصف من شعبان بالمنصورة وأُخْفي موتُه حتّى أُحضِر ولدُه الملكُ
المعظَّم من حصن كيفا، وملّكوه بعده.
فذكر سعدُ الدّين أنّ ابن عمّه فخر الدّين نائب السّلطنة دخل من الغد
خيمة السّلطان، وقرَّر مَعَ الطُّوَاشيّ بحُسْن أن يُظهِر أنّ السّلطان
أمر بتخليف النّاس لولده الملك المعظّم ولوليّ عهده فخر الدّين، فتقرّر
ذَلِكَ وطلبوا النّاس، فحلفوا الأولاد للنّاصر، فوقفوا وقالوا: نشتهي
أنّ ننظر السّلطان، فدخل خادم وخرج وقال: السّلطان يسلّم عليكم وقال ما
يشتهي أن تروه فِي هذه الحالة، وقد رسم أن تحلفوا فحلفوا. وجاءتهم من
كلّ ناحية، راحت الكَرَك منهم واسودّت وجوههم عند أبيهم بغدرهم، ومات
السّلطان الَّذِي أمّلوه، ثُمَّ عَقِيب ذَلِكَ نفَوْهم من مصر. ونَفَّذ
الأميرُ فخرُ الدّين نسخ الأَيْمان إلى البلد ليحلفوا للمعظَّم.
قلت: وكانت أمّ ولده شَجَر الدُّرّ ذات رأيٍ وشهامة، وقد وليت المُلْكَ
مدّة شهرين وأكثر، وجرت لَهَا أمور، وخُطِب لَهَا عَلَى المنابر. وبقي
المُلْك بعده فِي مواليه الأتراك وإلى اليوم. وتربته بمدرسته
بالصّالحية بالقاهرة.
- حرف الثاء-
462- ثابت.
الفقير، شيخٌ بُستانيٌّ فلّاح، لَهُ أصحاب ومُحِبُّون، وله زاوية بقصر
حَجّاج.
(47/358)
قَالَ التّاج عَبْد الوهّاب بْن عساكر:
كَانَ لَهُ عادةٌ فِي كلّ جمعة لا يفيق ولا يصلّي ولا يأكل ولا يعي
اليومَ كلَّه إلى أن مات.
وكانت لَهُ جنازة حفِلة.
- حرف الجيم-
463- جَعْفَر بْن عَبْد الجليل.
الفقيه أبو الفضل القَلْعيّ المالكيّ.
سَمِعَ بدمشق من القاضي جمال الدّين ابن الحَرَسْتانيّ.
وحدَّث، ومات بالإسكندريّة فِي شعبان.
- حرف الحاء-
464- حَرَميّ بْن عَبْد الغنيّ [1] بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي بَكْر.
أَبُو المكرّم الأَنْصَارِيّ، المصريّ، الورّاق، تقيّ الدّين.
وُلِدَ سنة سبْعٍ وخمسين وخمسمائة.
وسمع من: عشير بْن عَلِيّ، وَعَبْد اللَّه بْن برّيّ النّحْويّ،
وَأَحْمَد بْن طارق الكَرْكيّ، وغيرهم.
روى عَنْهُ: ابن الحُلْوانيّة، والدِّمياطيّ، وجماعة من المصريّين.
وروى عَنْهُ بالإجازة القاضي الحنبليّ، والعماد ابن البالِسيّ،
وغيرهما.
وتُوُفّي فِي السّابع والعشرين من ذي القعدة.
465- الْحُسَيْن بْن موسى بْن فيّاض.
الإِمَام أَبُو عَلِيّ الإسكندرانيّ.
من وجوه علماء الثّغر.
درّس وأفتى، ومات فِي رجب.
روى عَنْهُ: شيخنا الدّمياطيّ عن عَبْد الرَّحْمَن مولى ابن باقا.
__________
[1] انظر عن (حرمي بن عبد الغني) في: المقفى الكبير للمقريزي 3/ 264
رقم 1128.
(47/359)
وقد سمع أيضا من عليّ بن البنّاء المكّيّ.
466- الْحُسَيْن بْن الْحَسَن [1] بْن منصور.
أَبُو عَبْد اللَّه السّعديّ، المقدسيّ الأصل، الدّمياطيّ، الشّافعيّ
القاضي الملقّب بزَين الدّين أخو الشَّيْخ عَبْد اللَّه.
روى عن الحازميّ بالإجازة.
قَالَ شيخنا الدّمياطيّ: هو شيخي ومفقّهي، درست عليه «التّنبيه» وبعض
«المهذّب» ، و «منخول» الغزّاليّ في أصول الفقه، و «جمل» الزَّجّاجيّ.
قَالَ: وسمعت منه تصنيفه فِي البِدَع والحوادث. وكان صالحا زاهدا، ما
ركب دابّة فِي ولايته القضاءَ قَطّ.
مات بالصّعيد فِي أحد الجمادَين.
- حرف السين-
467- سُلَيْمَان شاه [2] بْن سعد الدّين شاهنشاه بْن المظفَّر تقيُّ
الدِّين عُمَر بْن شاهنشاه بْن أيّوب بْن شاذي.
الأيّوبيّ الحَمَويّ، تَمَفْقَرَ فِي شبيبته وصحِب الفُقراء، وحمل
الرَّكْوَة وحجّ.
ثُمَّ إنّه كاتَبَ والدَة الملك النّاصر ابن سيف الإِسْلَام صاحب
اليمن، وكانت تغلّبت عَلَى زَبيد وضبطت الأموال، وبقيت متلفّتة إلى
مجيء رجلٍ من بني أيّوب ليقوم فِي المُلْك. وشاد لَهُ الأمر، وذلك فِي
حدود نيِّفٍ وستّمائة، فبعثت إلى مكّة من يكشف لَهَا الأمور، فوقع
مملوكها بسليمان شاه، فسأله عن
__________
[1] انظر عن (الحسين بن الحسن) في: طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/
436 رقم 406.
[2] انظر عن (سليمان شاه) في: مفرّج الكروب 5/ 227، والدرّ المطلوب
156، والوافي بالوفيات 15/ 391، 392 رقم 537.
(47/360)
اسمه ونَسَبه فأخبره، فكتب إليها
فطلَبَتْه، فسار إلى اليمن وتزوَّجها وملّكته، فعظُم شأنُه وملأ البلاد
ظُلْمًا وجورا، واطّرح زوجته وتزوَّج عليها. وكاتب السّلطانَ العادلَ
فجعل أوّل كتابه: «إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ، وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ
الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» [1] . فاستقلّ السّلطان عقْلَه وعلم أَنَّهُ
لا بُدَّ لَهُ مِن قصْد اليمن، فلمّا تفرّغ جهَّز سِبْطَه الملكَ
المسعودَ أقسيس بْن الكامل بْن العادل فِي جيشٍ، فدخل اليمن واستولى
عَلَى مدائنها وحصونها، وقبض عَلَى سُلَيْمَان شاه، فبعث بِهِ وبزوجته
بِنْت سيف الإِسْلَام إلى مصر، فأجرى لهما الكامل ما يقوم بمصالحهما،
فلم يزل مقيما بمصر إلى سنة سبْعٍ وأربعين، فخرج إلى الغَزَاة فاستشهد
بالمنصورة.
468- سيّدةُ بِنْتُ عَبْد الغنيّ.
أمُّ العلاء العبدريّة الغَرْناطيّة، العالمة.
كانت حافظة للقرآن، مليحة الخطّ، كثيرة العبادة والبِرّ والمعروف وفَكّ
الأسارى.
ونسخت بخطّها «إحياء علوم الدّين» ، وغير ذَلِكَ فِي دُور الملوك.
وَتُوُفّيت بتونس.
أرّخها الأبّار.
- حرف الصاد-
469- صِدّيق بْن رمضان [2] بْن عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه.
أَبُو الفضل، وَأَبُو بَكْر الدّمشقيّ، الصّوفيّ، نزيل حلب.
وُلِدَ سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة.
__________
[1] اقتباس من سورة النمل، الآية 20.
[2] انظر عن (صدّيق بن رمضان) في: مرآة الجنان 4/ 397، 398 رقم 208.
(47/361)
وسمع من: القاضي أَبِي سعد بْن عصرون،
ويحيى الثّقفيّ.
روى عَنْهُ: شيوخنا ابن الظّاهريّ، والدّمياطيّ، وإسحاق النّحّاس.
وَتُوُفّي فِي السّادس والعشرين من شوّال رحمه اللَّه تعالى.
- حرف العين-
470- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد [1] .
أَبُو مُحَمَّد الصّنْهاجيّ النّابلسيّ الطَّنْجيّ، المغربيّ.
سَمِعَ بسَبْتَة من: أَبِي محمد ابن عُبَيْد اللَّه، وبفاس من: أَبِي
عَبْد اللَّه الفَنْدلاويّ.
وسمع كتاب «شُعَب الإِيمَان» من مؤلّفه عَبْد الجليل بْن موسى.
وأجاز لَهُ أَبُو القاسم بْن الملجوم، وَأَبُو الْعَبَّاس بْن مضاء.
وولي قضاء شِرَيش، ثُمَّ غرّب عن وطنه إلى تونس سنة اثنتين وأربعين.
وكان مشاركا فِي عِلم الكلام.
كتب عَنْهُ أَبُو عَبْد اللَّه الأَبّار، وذكر أَنَّهُ كَانَ حيّا فِي
سنة سبْعٍ هذه.
471- عَبْد الصّمد الحجازيّ [2] .
الشّريف الزّاهد، نزيل دمشق.
كَانَ مقيما فِي المسجد الَّذِي بين القصّاعين والفشقار [3] .
تُوُفّي فِي جمادى الأولى وازدحم النّاس عَلَى نعشه، رحمه اللَّه.
472- عَبْد العزيز بْن عَبْد الوهّاب [4] بْن إِسْمَاعِيل بْن مكّيّ
بْن إِسْمَاعِيل بْن عِيسَى بْن عوف.
الفقيه أَبُو الفضل بْن الفقيه أَبِي محمد بن العلامة أبي الطاهر بن
عوف
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن محمد) في: تكملة الصلة لابن الأبّار.
[2] انظر عن (عبد الصمد الحجازي) في: ذيل الروضتين 183.
[3] في ذيل الروضتين: «الفيسيقار» .
[4] انظر عن (عبد العزيز بن عبد الوهاب) في: العبر 5/ 193، 194، وسير
أعلام النبلاء 23/ 233 دون ترجمة، والعسجد المسبوك 2/ 572.
(47/362)
الْقُرَشِيّ، الزُّهْريّ، العَوْفيّ،
الإسكندرانيّ، المالكيّ، رشيد الدّين.
ولد سنة سبع وستّين وخمسمائة، وسمع «الموطَّأ» من جدّه.
وسمع من: أَبِي الطَّيِّب عَبْد المنعم بْن الخلوف. وبمكة من: زاهر بْن
رستم.
والعجب كيف لم يسمع من السِّلَفيّ فإنّه من بيت العِلم والرّواية
والصّلاح، وكان ورِعًا، زاهدا، خيِّرًا.
ثنا عَنْهُ الحافظ أَبُو بَكْر الدّمياطيّ، وكان عنده «موطَّأ مالك» .
وروى عَنْهُ جماعة من المصريّين.
وعاش ثمانين سنة، ومات فِي عاشر صفر.
473- عَبْد العزيز بْن محمود [1] .
الدّمشقيّ، الحنبليّ.
حدَّث عن حنبل، وابن طَبَرْزَد.
وكان يقرأ عَلَى الجنائز بحلب.
ويُعرف بابن الأغماتيّ.
روى عَنْهُ: الدِّمياطيّ، وإسحاق الصّفّار.
474- عَبْد الكريم بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي القاسم بْن
مُحَمَّد.
أَبُو مُحَمَّد المَوْصِليّ المعبّر، المعروف بابن التُّرابيّ. نزيل
القاهرة.
روى عن: أَبِي الفضل خطيب الموصل قطعة من «مشيخته» .
روى عَنْهُ: شيخنا الدّمياطيّ، وجماعة.
وقد أنبأ ابن البالسيّ أنّ هذا الشَّيْخ أجاز لَهُ فِي سنة سبْعٍ هذه
من ديار مصر، قَالَ: أَنَا أَبُو الفضل عَبْد اللَّه في جمادى الأولى
سنة ستّ وسبعين وخمسمائة، فذكر حديثا.
__________
[1] انظر عن (عبد العزيز بن محمود) في: صلة التكملة للحسيني، ورقة 53.
(47/363)
قلت: ولم أقع بتاريخ وفاته، وهذه السّنة
آخر العهد بِهِ.
475- عَجِيبَة [1] بِنْت الحافظ أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن أَبِي غالب
بْن أَحْمَد بْن مرزوق الباقداريّ البغداديّ.
وتدعى ضوْءُ الصّباح. شيخة مُسْنِدة مشهورة. تفرّدت فِي الدّنيا
بالإجازة عن جماعة.
وسمعت من: عَبْد اللَّه بْن منصور المَوْصِليّ، وَعَبْد الحقّ
اليُوسُفيّ، وجماعة.
وأجاز لَهَا مَسْعُود الثّقفيّ، وَأَبُو عَبْد اللَّه الرُّستُميّ،
وَأَبُو خير الباغبَان، وابن عمّه رشيد الباغبَان، وهبة اللَّه بْن
أَحْمَد الشِّبْليّ البغداديّ، ورجاء بْن حامد المعدانيّ، وغيرهم.
وخرّجوا لَهَا «مشيخة» فِي عشرة أجزاء.
وُلِدَت فِي صفر سنة أربع وخمسين وخمسمائة، وكانت امْرَأَة صالحة.
روى عَنْهَا: المُحِبّ عَبْد اللَّه، وَأَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن
عَبْد الهادي، وموسى بْن أَبِي الفتح المقدسيّون، وَمُحَمَّد بْن عَبْد
المحسن الواعظ، وجماعة.
وَتُوُفّيت فِي صفر وقد تحمَّلت ثلاثا وتسعين سنة.
أنا ابْنُ الْبَالِسِيِّ، عَنْ عَجِيبَةَ، أنا عَبْدُ اللَّهِ، أنا
ابْنُ الطُّيُورِيِّ، أنا الْحُسَيْنُ الطَّنَاجِيرِيُّ، أنا أَحْمَدُ
بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَزَّازُ، نا نِفْطَوَيْهِ، نا مُحَمَّدُ بْنُ
عَبْدِ الْمَلِكِ، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ
مُطَرِّفٍ، عَنْ حَسَّانِ بن عطيّة، عن أبي أمامة، أنّ
__________
[1] انظر عن (عجيبة) في: تكملة الإكمال لابن نقطة 4/ 130 رقم 4098،
والمعين في طبقات المحدّثين 204 رقم 2155، وسير أعلام النبلاء 23/ 232،
233 رقم 152، وتذكرة الحفاظ 4/ 1412، والعبر 5/ 194، ومعجم شيوخ الذهبي
1/ 31، وتاريخ علماء بغداد المسمّى (المنتخب المختار) 88- 90، والعسجد
المسبوك 2/ 573، والوافي بالوفيات 19/ 524، 525 رقم 539، وتوضيح
المشتبه 6/ 195، وذيل التقييد للفاسي 2/ 383 رقم 1859، وشذرات الذهب 5/
238، والأعلام 4/ 217.
(47/364)
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ: «الْحَيَاءُ وَالْعِيُّ شُعْبَتَانِ مِنَ الإِيمَانِ
وَالْبَذَاءُ [1] وَالْبَيَانُ شُعْبَتَانِ مِنَ النِّفَاقِ» [2] . وقد
أجازت أيضا لمحمد الباجديّ، وبنت الواسطيّ، وجماعة. وتفرّدت عَنْهَا
الشّيخةُ زينبُ بِنْتُ الكمال فروت عَنْهَا الكثير فِي سنة إحدى
وثلاثين وسبعمائة، بل وفي سنة سبْعٍ وثلاثين، وفي سنة تسعٍ وثلاثين.
476- عقيل بْن أَبِي الفتح مُحَمَّد بْن يحيى بْن مواهب بْن إسرائيل.
أَبُو الفُتُوح البَرَدانيّ الخبّاز.
سَمِعَ: أَبَاهُ، وأبا الفتح بْن شاتيل، وأبا السّعادات القزّاز،
وَعَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن خميس السّرّاج.
وكان شيخا صحيح السَّماع، لا بأس بِهِ.
روى عَنْهُ: المحبّ ابن العماد، وغيره.
وسمعنا بإجازته من أَبِي المعالي بْن البالِسيّ.
477- عَلِيّ بْن أَبِي القاسم [3] بْن غزّيّ.
__________
[1] في الأصل: «البذ» .
[2] رواه أحمد في المسند 5/ 269، والترمذي في جامعه، كتاب البرّ، باب
ما جاء في الحياء (207) من طريق محمد بن عمرو، أخبرنا أبو سلمة، عن أبي
هريرة، بلفظ: «الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنة، والبذاء من
الجفاء، والجفاء في النار» ، وفي الباب عن ابن عمر، وأبي بكرة، وعمران
بن حصين. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
ونحوه حديث عبد الحميد بن سوار حدّثني إياس بن معاولة بن قرّة، حدّثني
أبي، عن جدّي قرّة قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وسلّم فذكر عنده الحياء، فقالوا: يا رسول الله الحياء من
الدين؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«بل هو الدين كله» ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «إن الحياء
والعفاف والعيّ- عيّ اللسان لا عيّ القلب- والعمل من الإيمان، وإنهنّ
يزدن في الآخرة وينقصن من الدنيا، ولما يزدن في الآخرة أكثر مما ينقص
في الدنيا، فإن الشحّ والبذاء من النفاق، وإنهن يزدن في الدّنيا وينقصن
من الآخرة ولما ينقصن في الآخرة أكثر مما يزدن في الدنيا» .
أخرجه الطبراني في المعجم الكبير 19/ 29، 30 رقم 63.
[3] انظر عن (علي بن أبي القاسم) في: نهاية الأرب 29/ 355، وطبقات
الأولياء لابن الملقّن 459، 460 رقم 144، وتحفة الأحباب للسخاوي 162،
163 وفيه: «علي بن القاسم بن
(47/365)
أَبُو الْحَسَن الدّمياطيّ الزّاهد.
وُلِدَ سنة ستٍّ وسبعين [1] وخمسمائة.
وروى عَنْهُ: ابن جُبَير الكِنانيّ.
روى عَنْهُ: الحافظ عَبْد المؤمن.
وكان أحد المشايخ المشهورين بالعبادة والصّلاح. أسَرَتْهُ الفرنج عند
استيلائهم عَلَى دِمياط، وكانوا يعظّمونه ويحترمونه لشهر صلاحته [2] .
تُوُفّي برِباطه بالقَرَافة الكُبرى [3] ، وقبره بالرّباط ظاهر.
478- عُمَر بن عبد الوهاب [4] بن محمد بن طاهر بْن عَبْد العزيز.
صفيُّ الدّين، أَبُو البركات الْقُرَشِيّ، الدّمشقيّ، المعدّل، المعروف
بابن البراذعيّ.
وُلِدَ سنة ستّين وخمسمائة تقريبا، وسمع من أَبِي القاسم بْن عساكر،
وَأَبِي سعد بْن أَبِي عصرون، وجماعة.
وله «مشيخة» خرّجها الزّكيُّ البِرْزاليّ.
وكان من عدول تحت السّاعات.
روى عَنْهُ: البِرْزاليّ مَعَ تقدُّمه، وحفيد البرزاليّ، وابن
الحلوانيّة،
__________
[ () ] غزّي بن عبد الله يعرف بابن فضل» ، وحسن المحاضرة للسيوطي 1/
298.
[1] في تحفة الأحباب: ولد سنة 556 هـ.
[2] وقال السخاوي: وهو مشهور بإجابة الدعاء عند قبره ... وكان سمته
حسنا، وصحبه جماعة من أكابر المشايخ منهم الشيخ العارف أبو مروان عبد
الملك بن تفل، وهذا مات بدمياط.
وقال الشيخ العارف أبو عبد الله بن النعمان: كان الشيخ أبو الحسن إذا
تكلّم أخذ بمجامع القلب وكانت له فراسة صادقة ومكاشفات، وحكى عنه
أصحابه أنواعا من الحكايات والكرامات. رحمة الله عليه. (تحفة الأحباب)
.
[3] في رابع عشري ذي القعدة.
[4] انظر عن (عمر بن عبد الوهاب) في: صلة التكملة لوفيات النقلة
للحسيني، ورقم 56، وذيل الروضتين 183، والعبر 5/ 194، والإشارة إلى
وفيات الأعيان 348، والإعلام بوفيات الأعلام 270، وسير أعلام النبلاء
23/ 263 رقم 173، وذيل التقييد للفاسي 2/ 245 رقم 1537، والنجوم
الزاهرة 6/ 343، وشذرات الذهب 5/ 238.
(47/366)
والدّمياطيّ، وابن الظّاهريّ، وقاضي
القُضاة ابن الْجُويْنيّ، وَالشَّيْخ تاج الدّين عَبْد الرَّحْمَن،
وأخوه، وَمُحَمَّد ابن خطيب بيت الآبار، وإسماعيل بْن عساكر،
وَمُحَمَّد بْن عتيق الشُّرُوطيّ، وَأَبُو المعالي مُحَمَّد بْن
البالِسيّ، وجماعة كثيرة.
- حرف القاف-
479- قيصر بْن آقْسُنْقُر بْن قفجق بْن تكِش.
التُّرْكُمانيّ الصّوفيّ.
جاور بمكة نحْوا من ستّين سنة.
وحدّث عن يونس بْن يحيى الهاشميّ.
أخذ عَنْهُ الأَبِيوَرْدِيّ، والدّمياطيّ، وجماعة.
ومات فِي سلْخ المحرَّم.
- حرف الميم-
480- مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل بْن عَبْد الجبّار بْن أَبِي الحَجّاج
شِبْل بْن عَلِيّ [1] .
القاضي الرئيس ضياء الدّين، أَبُو الْحُسَيْن بْن القاضي أَبِي الطّاهر
الْجُذَاميّ الصُّوَيْتِي [2] ، المقدسيّ، ثُمَّ المصريّ.
الأديب الكاتب.
وُلِدَ فِي تاسع صفر سنة أربع وسبعين وخمسمائة.
وسمع من: أَبِي القاسم البُوصِيريّ، وَأَبِي مُحَمَّد بْن عساكر،
وجماعة بمصر، وَأَبِي الفتح المندائيّ بواسط، وَأَبِي أَحْمَد عَبْد
الوهّاب بْن سُكَيْنَة ببغداد، والخُشُوعيّ، وجماعة بدمشق.
وعُني بالحديث وخرّج لجماعة وكتب. وهو من بيت رئاسة وفضيلة.
سَمِعَ منه: الجمال بْن شعيب، والنّجيب الصّفّار، والضّياء بن
البالسيّ.
__________
[1] انظر عن (محمد بن إسماعيل) في: ذيل الروضتين 184، وتاريخ إربل لابن
المستوفي 1/ 300 رقم 201، والوافي بالوفيات 2/ 218، 219 رقم 612.
[2] قال الصفدي: «تصغير صوت» .
(47/367)
وحدّث عَنْهُ الشَّرَف الدّمياطيّ، والعماد
بْن البالِسيّ، وجماعة.
طعنه الفِرَنْج بالمنصورة طعنة فحُمِل إلى القاهرة وأدركه أجله بسمنود
فِي خامس ذي القعدة، رحمه اللَّه.
وكان صاحب ديوان الجيش الصّالحيّ [1] .
481- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ.
أوحدُ الدّين الْقُرَشِيّ، الزُّبَيْريّ، الدّمشقيّ.
ولد سنة إحدى وثمانين وخمسمائة بدمشق.
وسمع: أَبَا طاهر الخُشُوعيّ، وغيره.
روى عَنْهُ: ابن الحُلْوانيّة، وَمُحَمَّد بْن مُحَمَّد الكنْجيّ،
وجماعة.
ويُعرف بابن الكعكيّ.
تُوُفّي فِي ثامن رجب.
وقد أجاز لي ابنه عَبْد اللَّه بْن الأوحد [2] ، رحمهما اللَّه تعالى.
482- مُحَمَّدِ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْنُ مُحَمَّدِ بْن عشائر.
المَوْصِليّ القبيعيّ.
حدّث بحلب عن: حنبل المكبّر.
وعنه: الدِّمياطيّ، وغيره.
وكان شاهدا بحلب.
وروى لنا عَنْهُ إِسْحَاق الأسَديّ.
483- مُحَمَّد بْن عَبْد الكريم [3] بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن
أَبِي عَلِيّ.
__________
[1] وقال ابن المستوفي: من أصحاب الحديث الراحلين فيه. وذكر لي أنه من
أهل التصوّف. ورد إربل واجتمعت به.
[2] هو: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن علي بن
حرب، أبو محمد بن الأوحد القرشي الزبيري الحلبي الفقيه المعدّل. ولد
سنة 603 ومات سنة 678 هـ. (معجم شيوخ الذهبي 267 رقم 368) .
[3] انظر عن (محمد بن عبد الكريم) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد
لابن الدبيثي 2/ 68 رقم
(47/368)
أَبُو جَعْفَر بْن أَبِي عَلِيّ السّيّديّ
[1] ، الأصبهانيّ، ثُمَّ البغداديّ الحاجب.
وُلِدَ فِي ذي القعدة سنة أربع أو ثمان وستّين وخمسمائة عَلَى قَوْلين
لَهُ.
وسمّعه أَبُوه من: أَبِي الْحَسَن عَبْد الحقّ اليوسُفيّ، وَأَبِي
العلاء مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن عقيل، وتَجَنّي الوهْبانيّة، ونصر
اللَّه القزّاز، ومسعود بْن النّادر، وخلق.
وروى الكثير، وطال عُمرُه.
روى عَنْهُ: ابن النّجّار، والمُحِبّ عَبْد اللَّه المَقْدِسيّ، وجمالُ
الدّين أَبُو بَكْر الشَّرِيشيّ، وَأَبُو جَعْفَر بْن المُقيِّر،
وطائفة.
وَتُوُفّي فِي هذه السّنة. كذا ذكره الشّريفُ ولم يُعيِّن الشَّهْرَ.
أجاز لسعد الدّين، والنّجديّ، وعليّ بن السّكاكريّ، و [ستّ الفقهاء]
[2] بِنْت الواسطيّ، وبنت مؤمن، وخطبا ابْنَة البالِسيّ، وابن العماد
الكاتب.
قَالَ ابن النّجار: سمّعه جدّه الكثير، ورأيت كتبه مكشوطا أماكن لأبيه،
وقد جعل عِوَضها اسْمَه. ولَعَمْري لقد خلط عَلَى نفسه، وهو حريص عَلَى
الرّواية مكتسب بِهَا وليس لَهُ فَهْم.
قلت: تفرَّدَتْ بِنْتُ الكمال بإجازته. وقد ذمّه المُحِبّ، وذكر
أَنَّهُ خوّفه من اللَّه فِي ادّعاء إجازةٍ فيها ابن الخشّاب وغيره،
وإنّما هِيَ لأخٍ لَهُ اسمُه باسمه مات صغيرا، فادّعاها أَبُو جَعْفَر.
وكان أخوه الَّذِي مات يُكنَى أَبَا جَعْفَر أيضا.
ويؤيد ذَلِكَ أَنَّهُ سَمِعَ بعضَ جزء «الطّبّ» للجلال، عَلَى عَبْد
الحقّ فِي محرَّم سنة سبعين حضورا وله سنتان.
__________
[277،) ] وصلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني، ورقة 58، 59، والإشارة
إلى وفيات الأعيان 348، والإعلام بوفيات الأعلام 270، والعبر 5/ 194،
وسير أعلام النبلاء 23/ 266- 268 رقم 176، والمختصر المحتاج إليه من
تاريخ ابن الدبيثي 1/ 76 رقم 143، ولسان الميزان لابن حجر 5/ 264 رقم
908، وشذرات الذهب 5/ 283.
[1] تصحّفت هذه النسبة في لسان الميزان إلى: «السندي» بالنون.
[2] في الأصل: «ونفها» . والمثبت عن: سير أعلام النبلاء 23/ 267.
(47/369)
ثُمَّ قَالَ المُحِبّ المذكور: وهذا بَلاءٌ
ذميمٌ شديد. وسماع هذا يدلّ عَلَى أَنَّهُ وُلِدَ سنة ثمانٍ وستّين،
وليس لَهُ سماع إلّا بعد السّبعين. ولقد فاوضْتُهُ وخوَّفْتُهُ وأنكرتُ
عَلَيْهِ، وحضر عندي بعد أيّام، وأخرج الإجازة الّتي بخطّ ابن شافع،
وقد ضُرِب عَلَى ذَلِكَ الاسم فِي غير موضع، فقلت: ما هذا؟ قَالَ: لا
أدري مَن فعل هذا، ولعلّ أحدا قصد أذايَ فعل هذا. وأخذ يصرّ عَلَى أنّ
المضروبَ عَلَيْهِ اسمُه مَعَ ضعْفٍ فِي النُّطْق وارتعادٍ وتغيُّر
لونٍ. فقلت: المصلحة أنْ تُخْفي هذه الإجازة واقنَعْ بما لك من السّماع
الصّحيح. وهذا أمرٌ عظيم يسألك عَنْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ: فخجل وانكسر، ولا قوّة إلّا باللَّه.
484- مُحَمَّد بْن غنائم بْن بيان.
الدّمشقيّ الحنفيّ، الواعظ.
سَمِعَ من: إِسْمَاعِيل الْجَنْزَويّ، والفقيه مَسْعُود بْن شجاع
الحنفيّ.
ومات فِي ذي القِعْدَة.
485- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ.
المُضَرِيّ البصْريّ، ثُمَّ البغداديّ شهاب الدّين التّاجر.
روى عن: ابن الأخضر.
وَتُوُفّي بمصر.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ.
- حرف النون-
486- نجم الدّين ابن شيخ الإِسْلَام [1] .
من الأمراء الصّالحيّة، قُتِل عَلَى دِمياط، فَقَالَ الملك الصّالح: ما
قدرتم تقفون ساعة بين يدي الفرنج لمّا دخلوا دِمياط، ولا قُتل من
العسكر إلّا هذا الضيف.
__________
[1] انظر عن (نجم الدين ابن شيخ الإسلام) في: مرآة الزمان لسبط ابن
الجوزي ج 8 ق 2/ 774، وذيل الروضتين 183، والمختار من تاريخ ابن الجزري
219، 220.
(47/370)
وكان هذا قد قفز من عند صاحب الكَرَك،
ولمّا هجم الفرنج ودخلوا دِمياط من بابٍ خرج ابنُ شيخ الإِسْلَام
والعسكرُ من بابٍ، وتوقّف الفرنج ساعة، وخافوا من مكيدَة. وخرج [1] أهل
دِمياط عَلَى وجوههم حَيَارى بنسائهم وصغارهم، ونُهِبوا فِي
الطُّرُقات، وتوصّلوا إلى القاهرة.
- حرف الواو-
487- وُهَيْب بْن عَبْد الخالق [2] بْن عَبْد اللَّه بْن مُلْهَم.
أَبُو العَبُوس الكِنانيّ، المصريّ، أَبُو الْحُسَيْن الأديب.
حدّث عن: البُوصِيريّ، والأرْتاحيّ.
وله شِعْرٌ حَسَن رائق.
- حرف الياء-
488- يحيى بن عبد الواحد [3] بن الشَّيْخ أَبِي حفص عُمَر الهنْتانيّ.
الأمير أَبُو زكريّا [4] صاحب إفريقية وتونس.
كَانَ أَبُوهُ نائبا لآل عَبْد المؤمن عَلَى إفريقية، فلمّا تُوُفّي
والده جاء من قِبَل المؤمنيّ الأميرُ عَبّو، فولي مدّة عَلَى إفريقية،
فقام عَلَيْهِ يحيى هذا ونازعه وقهره، وغلب عَلَى إفريقية وتمكّن
وامتدّت أيّامُه، وتملّك بِضْعًا وعشرين سنة. واشتغل عنه بنو عبد
المؤمن بأنفسهم.
__________
[1] في الأصل: «وحج» ، والتصحيح من: المختار.
[2] سيعاد في الكنى، برقم (492) .
[3] انظر عن (يحيى بن عبد الواحد) في: الحلّة السيراء لابن الأبّار ج
1/ 3، 11 و 2/ 305، 306، 315، وعقود الجمان في شعراء هذا الزمان لابن
الشعار الموصلي (نسخة أسعد أفندي 2330) ج 10/ ورقة 3 ب، وسير أعلام
النبلاء 23/ 185، 186 رقم 111، وفوات الوفيات لابن شاكر الكتبي 4/ 293-
295 رقم 572، وتاريخ ابن خلدون 6/ 280، وتاريخ الدولتين الموحّدية
والحفصية للمراكشي 23- 31، والسلوك لمعرفة دول الملوك للمقريزي ج 1 ق
2/ 355، وأزهار الرياض في أخبار القاضي عياض 3/ 208، وشرح رقم الحلل
للسان الدين بن الخطيب 208، 218، 219، ومآثر الإنافة في معالم الخلافة
للقلقشندي 2/ 86، 88، 100، 101، 253، 259، وأخبار الدول للقرماني 2/
411.
[4] في الأصل: «أبو زكري» .
(47/371)
تُوُفّي بمدينة بُونَة فِي جمادى الآخرة
سنة سبْعٍ وأربعين، أو فِي سنة [تسع] [1] يُحَرَّر.
489- يوسف بْن حسين.
الرّقّام المَوْصليّ، البغداديّ، المحدّث. من مشاهير الطَّلبة. ورّخه
ابن أنجب.
490- يوسف ابن شيخ الشّيوخ [2] صدر الدّين أَبِي الْحُسَيْن مُحَمَّد
ابن شيخ الشّيوخ أَبِي الفتح عُمَر بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن
حَمُّوَيْه بْن مُحَمَّد بْن حَمُّوَيْه.
الأمير الصّاحب، مقدَّم الجيوش الصّالحيّة، فخرٌ الدّين، أَبُو الفضل
الحمُّوِيّ الْجُويْنيّ الأصل، الدّمشقيّ.
وُلِدَ بدمشق سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة.
وسمع: منصور بْن أَبِي الْحَسَن الطَّبريّ، وغيره.
وبمصر من: مُحَمَّد بْن يوسف الغَرْنَويّ.
وحدَّث.
وكان رئيسا عاقلا مدبّرا، كامل السُّؤْدُد، وخليقا للإمارة، محبَّبًا
إلى النّاس، سَمْحًا جوادا، لم يبلُغْ أحدٌ من إخوته الثّلاثة إلى ما
بلغ من الرُّتْبة. وقد حبسه السّلطان نجمُ الدّين سنةَ أربعين، وبقي في
الحبس ثلاثة أعوام، وقاسي
__________
[1] في الأصل بياض، والمستدرك من: سير أعلام النبلاء 23/ 186.
[2] انظر عن (يوسف ابن شيخ الشيوخ) في: مفرّج الكروب لابن واصل 5/ 169،
174، 198، 215، 276، 300، 303، 352، 363، 378، 379، ومرآة الزمان لسبط
ابن الجوزي ج 8 ق 2/ 776- 778، وأخبار الأيوبيين لابن العميد 159، وذيل
الروضتين لأبي شامة 184، وصلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني، ورقة 58،
ونهاية الأرب للنويري 29/ 338، 339، والإشارة إلى وفيات الأعيان 347،
348، وسير أعلام النبلاء 23/ 100- 102 رقم 76، والإعلام بوفيات الأعلام
270، والعبر 5/ 194، 195، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 8/ 97 (في
ترجمة أبيه) ، ومرآة الجنان 4/ 117، والبداية والنهاية 13/ 178، وعيون
التواريخ لابن شاكر الكتبي 20/ 32- 35، والعسجد المسبوك للغسّاني 2/
571، 572، والنجوم الزاهرة 6/ 363، وشذرات الذهب 5/ 238، 239.
(47/372)
ضرّا شديدا، وكان لا ينام من القمل، ثُمَّ
أَخْرَجَهُ وأنعم عَلَيْهِ، وجعله نائب السّلطنة.
وكان يتعانى شُرْب النّبيذ، نسأل اللَّه العفو. فلمّا تُوُفّي السّلطان
ندبوا فخرَ الدّين إلى السّلطنة فامتنع، ولو أجاب لَتَمّ لَهُ الأمر.
بَلَغَنَا عَنْهُ أنّه قدِم دمشقَ مَعَ السّلطان فنزل دار سامة [1]
فدخل عليه العماد ابن النّحّاس فَقَالَ لَهُ: يا فخر الدّين إلى كم؟ ما
بقي بعد اليوم شيء.
فَقَالَ: يا عماد الدّين، والله لأسبقنّك إلى الجنّة. فصدّق اللَّه إن
شاء اللَّه قوله، واستشهد يوم وقعة المنصورة.
ولمّا مات الصّالح قام فخر الدّين بأمر المُلْك، وأحسن إلى الرّعيّة،
وأبطل بعض المُكُوس، وركب الشّاويشيّة، ولو أمهله القضاءُ لكان ربّما
تسلْطَن.
بعث الفارس أقْطاي إلى حصن كيفا لإحضار الملك المعظّم توران شاه وُلِدَ
السّلطان، فأحضره وتملّك.
وقد همّ المعظَّم هذا بقتله، فإنّ المماليك الّذين ساقوا إلى دمشق
يستعجلون المعظَّم أوهموه أنّ فخر الدّين قد حلّف لنفسه عَلَى المُلْك.
واتّفق مجيء الفِرَنْج إلى عسكر المسلمين، واندفاعُ العسكر بين أيديهم
منهزمين، فركب فخرُ الدّين وقت السَّحَر ليكشف الخبر، وأرسل النُّقَباء
إلى الجيش، وساق فِي طلبه، فصادف طلْب الدّيويّة، فحملوا عَلَيْهِ،
فانهزم أصحابه وطُعِن هُوَ فَسَقط وقُتِل. وأمّا غلمانه فنَهبوا أمواله
وخَيْله.
قَالَ سعد الدّين ابن عمّه: كَانَ يوما شديد الضّباب فطعنوه، رَمَوْه،
وضربوا فِي وجهه بالسّيف ضربتين، وقُتِل عَلَيْهِ جَمْدارُه لا غير،
وأخذ الجولانيّ قُدورَ حمّامه الَّذِي بناه بالمنصورة، وأخذ الدّمياطيّ
أبوابَ داره، فقتل يومئذ
__________
[1] يرد في المصادر: «سامة» و «أسامة» بإسقاط الهمزة وإثباتها. وهو
أسامة والي بيروت، من أمراء الناصر صلاح الدّين.
(47/373)
نجمُ الدّين البَهْنَسيّ والشّجاعُ ابنُ
بَوْش. والتّقية الكاتب ونهب خيم الميمنة جميعها. ثُمَّ تراجع المسلمون
وأوقعوا بالفِرَنج، فقُتِل منهم ألف وستّمائة فارس. ثُمَّ ضربت الفرنج
خِيَمَهم فِي هذا البرّ، وشرعوا فِي حفْر خندقٍ عليهم.
قَالَ: ثمّ شلنا فخر الدّين وهو بقميص لا غير. وأمّا داره الّتي أنشأها
بالمنصورة ذاتها فِي ذَلِكَ النّهار خربت حتّى يقال كَانَ هنا دار هِيَ
بالأمس كانت تصطف عَلَى بابها سناجق سبعين أميرا ينتظرون خروجه، فسبحان
من لا يحول ولا يزول.
ثُمَّ حُمِل إلى القاهرة، وكان يوم دفْنه مشهودا، حُمِل عَلَى الأصابع،
وعُمِل لَهُ عزاءٌ عظيم. قُتِل رحمه اللَّه يوم رابع ذي القعدة.
ومن نظمه دو بيت:
صيّرت فمي لفيه باللّثم لثام ... غصبا ورَشَقْتُ من ثناياه مُدَامْ
فاغتاض [1] وقال: أنت فِي الفقه إمامْ ... يقي خمرٌ وعندك الخمرُ
حَرَامُْ
وله:
فِي عشقك قد هجرتُ أُمّي وَأَبِي ... الرّاحةُ للغَير وحظّي تعبي
يا ظالم فِي الهوى أَمَا تُنْصِفِي ... وحَّدْتُكَ فِي العِشْق فلِمَ
تُشْرِك بي؟
وله أيضا من الشِّعر:
وتعانَقْنَا، فقُلْ ما ... شئت من ماءٍ وخمرِ
وتعاقَبْنا فقُلْ ما ... شئت من غِنْج وسِحرِ
ثُمَّ لمّا أدبر اللَّيْلُ ... وجاء الصُّبْحُ يجري
قَالَ: إيّاك تلاشى ... بك بدري. قلت: بدْري
وله:
__________
[1] كذا، ويعني: «فاغتاظ» .
(47/374)
إذا تحقَّقْتُم بما عند عبدكم ... من
الغرام فذاك القدرُ يكفيهِ
أنتم سَبَيْتُم فؤادي وهو منزلكم ... وصاحب البيت أدرى بالّذي فِيهِ
[1]
491- يوسف بْن محمود [2] بْن الْحُسَيْن بْن الْحَسَن بْن أَحْمَد.
شمس الدّين أَبُو يعقوب السّاوي. الدّمشقيّ المولد، المصريّ الصّوفيّ،
ويعرف بابن المخاض.
وُلِدَ فِي ربيع الأوّل سنة ثمانٍ وستّين وخمسمائة.
وسمع من: السِّلَفيّ، والتّاج مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن
المسعوديّ، وَعَبْد اللَّه بْن بَرّيّ، والبُوصيريّ، وغيرهم.
روى عَنْهُ: الحافظ عَبْد العظيم.
وطال عُمرُه وشاع ذِكره.
نا عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّد الدّمياطيّ، والشَّرَفُ حَسَن بْن
الصَّيْرفيّ، وَأَبُو المعالي الأَبَرْقُوهيّ، وَأَبُو الفتح بْن
القَيْسَرانيّ، والشَّرَفُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْد الرَّحيم الْقُرَشِيّ،
والأمين مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر الصّفّار، وطائفة.
وَتُوُفّي فِي حادي عشر رجب، وكان من صوفيّة خانقاه سَعِيد السّعداء.
__________
[1] ومن شعره:
عصيت هوى نفسي صغيرا فعند ما ... رمتني الليالي بالمشيب وبالكِبَر
أطعتُ الهوى عكس القضيَّة ليتني ... خُلِقت كبيرا ثم عدتُ إلى الصغر
(نهاية الأرب 29/ 339) ، (البداية والنهاية 13/ 178) .
[2] انظر عن (يوسف بن محمود) في: صلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني،
ورقة 57، والإشارة إلى وفيات الأعيان 347، وسير أعلام النبلاء 23/ 233،
234 رقم 153، والإعلام بوفيات الأعلام 270، والعبر 5/ 195، والعسجد
المسبوك للغسّاني 2/ 572، وذيل التقييد للفاسي 2/ 331 رقم 1735،
والنجوم الزاهرة 6/ 363، وحسن المحاضرة 1/ 378، وشذرات الذهب 5/ 239.
(47/375)
الكنى
492- أَبُو الْحُسَيْن بْن عَبْد الخالق [1] .
الكِنانيّ، الأديب، المعروف بالبرّاد. اسمه وُهَيْب، قد ذُكر.
وهو من شيوخ الدّمياطيّ.
وفيها وُلِدَ:
شهاب الدين أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الوليّ بْن جُبارة المقرئ،
شهاب الدّين مُحَمَّدُ بْن أَحْمَد بْن شِبْل الْجَزَريّ، مفتي
المالكيّة، وسعدُ الدّين سعدُ اللَّه بْنُ نجيح الحرّانيّ الأديب،
وعليُّ بْن عُمَر بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن خطيب بيت الآبار، فِي
جمادى الأولى، وَمُحَمَّدُ بْنُ يونس بْن أَحْمَد الحنفيّ المؤذّن،
والنّجمُ أَبُو بَكْر بْن بهاء الدّين مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن
خَلِّكان، والصّائنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ
بْنِ حسّان، فِي شوّال، والشِّهابُ أَحْمَدُ بْن أَبِي العِزّ بْن صالح
الأذْرعيّ، والنّجمُ عَبْدُ الرّحيم بْن محمود بْن أَبِي النّور،
وصفيُّ الدّين محمود بْن أَبِي بَكْر الأُرْمَوِيّ، المحدّث بالقرافة،
وشَرَفُ الدّين أَحْمَدُ بْن عيسى بْن الشَّيْرجيّ، فِي ربيع الآخر،
والنَّجمُ أَحْمَدُ بْن تاج الدّين ابن القسطلانيّ، حضر أيضا السِّبْط،
والجمالُ يوسفُ بْن إِبْرَاهِيم قاضي إبل السّبوق، والبهاءُ مُحَمَّدُ
بْن نصر اللَّه بْن سَنِيّ الدّولة، والعلاءُ عَلِيُّ بْن مُحَمَّد بْن
أَبِي بَكْر بْن قاسم الإربِليّ، ثُمَّ الدّمشقيّ التّاجر، والنّجمُ
إِبْرَاهِيم بْن المسيّب بن أبي الفوارس،
__________
[1] تقدّم باسم: «وهيب» برقم (487) .
(47/376)
وأمينُ الدّين مُحَمَّدُ بْن مُحَمَّد بْن
هلال الأَزْديّ، ونورُ الدّين عَلِيُّ بْن يُوسف بْن جرير
الشَّطَنُوفيّ المقرئ فِي قَوْلٍ، وشَرَفُ الدّين مُحَمَّد بْن شريف
بْن يوسف بْن الوحيد، الكاتب الزُّرَعيّ بدمشق، والشَّرَفُ يعقوب بْن
أَحْمَد، أخو قاضي الحصْن، وإبراهيم بْن مُحَمَّد بْن الظّاهريّ
الصّالحيّ.
(47/377)
سنة ثمان وأربعين
وستمائة
- حرف الألف-
493- أَحْمَد بْن مُحَمَّد [1] بْن عَبْد العزيز بْن الْحُسَيْن بْن
عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن بْن أَحْمَد.
فخر القُضاة أَبُو الفضل بْن الجبّاب [2] التّميميَّ السَّعْديَّ
المصريّ المالكيّ العدْل، ناظر الأوقاف.
ولد سنة إحدى وستّين وخمسمائة.
وسمع: السِّلَفيّ، وأبا المفاخر بْن المأمونيّ، وَعَبْد الله بن برّيّ
النّحويّ.
وحدّث ب «صحيح مُسْلِم» مرّات عديدة عن المأمونيّ.
روى عَنْهُ: الحافظان المنذريّ والدّمياطيّ، وجمال الدّين ابن
الظّاهريّ، وفتح الدّين ابن القَيْسرانيّ، وَالشَّيْخ مُحَمَّد القزّاز
الحرّانيّ، وطائفة سواهم.
وكان صحيح السَّماع.
قَالَ الدّمياطيّ: قرأت عَلَيْهِ «صحيح مُسْلِم» مرَّتين، وكان محسنا
إليَّ، بارّا بي.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن محمد) في: الإشارة إلى وفيات الأعيان 348،
والإعلام بوفيات الأعلام 270، والعبر 5/ 198، وسير أعلام النبلاء 23/
234، 235 رقم 154، وتذكرة الحفاظ 4/ 1411، والوافي بالوفيات 8/ 55 رقم
3465، وذيل التقييد للفاسي 1/ 387 رقم 754، والنجوم الزاهرة 7/ 22،
وشذرات الذهب 5/ 240.
[2] وقع التصحيف في «الجبّاب» إلى «الحباب» بالحاء المهملة في: الوافي
بالوفيات، والنجوم الزاهرة، وشذرات الذهب.
(47/378)
وقال غيره: كَانَ أَبُوهُ وزيرا جليلا.
تُوُفّي ليلة الحادي والعشرين من رمضان.
494- أَحْمَد بْن الرِّضَى عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد
الجبّار.
المقدِسيّ.
سَمِعَ: ابن طَبَرْزَد، وجماعة.
وعنه: الدّمياطيّ، وقال: مات بين العيدين.
495- أَحْمَد بْن يوسف [1] بْن عَلِيّ.
الفقيه الشّريف عمادُ الدّين أَبُو نَصْر [2] العَلَويّ الحَسَنيّ
الموصليّ، الحنفيّ.
وُلِدَ سنة نيّف وستّين وخمسمائة، وتفقّه عَلَى التّاج حمد بْن
مُحَمَّد الحنفيّ.
وسمع من: الشّريف أَبِي هاشم عَبْد المطَّلب، وغيره بحلب.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ وقال: تُوُفّي بحلب، وإسحاق الصّفّار.
496- إِبْرَاهِيم بْن ظافر [3] .
أَبُو إِسْحَاق الدّمياطيّ، المهندس المعروف بابن بُقا [4]
المَنْجَنِيقيّ.
سَمِعَ بدمشق من زَيْن الأُمَناء، وبدِمياط من إِبْرَاهِيم بْن سُمّاقا
قاضي دِمياط.
وأجاز لَهُ البُوصِيريّ وجماعة.
روى عَنْهُ الدّمياطيّ، وقال: قَتَلَتْهُ الفِرنجُ عَلَى رأس المنجنيق
لمّا فتحوا دمياط في ذي القعدة.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن يوسف) في: بغية الطلب في تاريخ حلب لابن العديم
(المصوّر) 3/ 286 رقم 339، والمقفّى الكبير للمقريزي 1/ 749 رقم 687،
والدليل الشافي لابن تغري بردي 1/ 100 رقم 347، والمنهل الصافي، له 2/
282، 283 رقم 349، وإعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء للطبّاخ 4/ 399
رقم 210.
[2] في بغية الطلب كنيته: «أبو العباس» .
[3] انظر عن (إبراهيم بن ظافر) في: ذيل مشتبه النسبة لابن رافع السلامي
14 وفيه:
«إبراهيم بن علي بن ظافر بن حميد الشامي ثم الدمياطيّ المهندس المعروف
بابن بقا» .
[4] في الأصل: «بقي» والتصويب من: ذيل مشتبه النسبة، حيث ضبطه بضم
الباء الموحّدة ثم قاف وألف مقصورة.
(47/379)
497- إِبْرَاهِيم بْن محمود [1] بْن سالم
بْن مهديّ.
أَبُو مُحَمَّد، وَأَبُو إِسْحَاق الأَزَجيّ، المقرئ، المصروف بابن
الخيِّر الحنبليّ.
وُلِدَ فِي آخر سنة ثلاثٍ وستّين.
سَمِعَ الكثير من: أَبِي الْحُسَيْن عَبْد الحقّ، وشُهْدَة، وخديجة
النّهروانيّة، والحسن بْن شيروَيْه، وَعَبْد اللَّه بْن شاتيل، وغيرهم.
وأجاز لَهُ أَبُو الفتح بْن البطّيّ، وجماعة.
وقرأ بالرّوايات عَلَى جماعة. وكان صالحا، ديِّنًا، فاضلا، دائم
البِشْر.
روى الكثير وأقرأ مدّة طويلة، وطال عُمُره ورُحِل إِلَيْهِ.
روى عَنْهُ: ابن الحُلْوانيّة، والدّمياطيّ، ومجد الدّين العديميّ،
وجمال الدّين الشَّرِيشيّ، والخطيب عزّ الدّين الفاروثيّ، وتقيّ الدّين
ابن الواسطيّ، وَالشَّيْخ مُحَمَّد السّمعيّ، وَالشَّيْخ مُحَمَّد
القزّاز، وَالشَّيْخ عَبْد الرَّحْمَن بْن المقيّر، وَأَبُو القاسم بْن
بَلَبَان، وَأَبُو الْحَسَن الغَرَافيّ، وخلق كثير.
وكان شيخنا الدّمياطيّ يتندّم لكونه لم يدر أنّ «جزء الحفّار» سماعه
إلّا بعد موته، وقال لنا: مات فِي سابع عشر ربيع الآخر، وكانت جنازته
مشهودة.
قَالَ ابن النّجّار: كتب بخطّه كثيرا من الكُتُب المُطَوَّلات، ولقَّنَ
خلْقًا.
كتب عَنْهُ شيئا يسيرا عَلَى ضعْفٍ فِيهِ.
__________
[1] انظر عن (إبراهيم بن محمود) في: صلة التكملة لوفيات النقلة
للحسيني، ورقة 61، والمعين في طبقات المحدّثين 204 رقم 2156، وتذكرة
الحفاظ 4/ 1410، والإشارة إلى وفيات الأعيان 348، والإعلام بوفيات
الأعلام 270، والعبر 5/ 198، وسير أعلام النبلاء 23/ 235، 236 رقم 155،
والمشتبه في الرجال 1/ 194، والمختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن
الدبيثي 1/ 235، 236 رقم 472، والذيل على طبقات الحنابلة لابن رجب 2/
243، 244 رقم 352، ومختصره 72، والوافي بالوفيات 6/ 142، 143 رقم 2586،
وغاية النهاية في طبقات القراء لابن الجزري 1/ 27 رقم 113، وذيل
التقييد لمعرفة رواة المسانيد للفاسي 1/ 454، 455 رقم 883، والمنهج
الأحمد 382، والمقصد الأرشد، رقم 1263، وتوضيح المشتبه لابن ناصر الدين
3/ 479، وتبصير المنتبه بتحرير المشتبه 553، والنجوم الزاهرة 7/ 22،
والدرّ المنضد 1/ 389 رقم 1069، وشذرات الذهب 5/ 240.
(47/380)
498- إِبْرَاهِيم بْن محمود [1] بْن جوهر.
الشَّيْخ الزّاهد أَبُو إِسْحَاق البَعْلَبَكّيّ، الحنبليّ، المقرئ
البِقاعيّ، والد شيختنا المعمَّرة فاطمة [2] .
روى عن: أَبِي اليُمْن الكنديّ، وصحِب الشَّيْخ العماد مدّة، وقرأ عليه
القرآن، وجمع له سيرة حسنة في جزء مفرد، وكتب بخطّه العلم والحديث.
وتفقّه على الشّيخ الموفّق، وغيره.
وكان من سادة المشايخ في وقته علما وزهدا وعبادة.
كان يلقّن النّاس ويحرص عليهم. وأقام بالعقيبة مدّة.
ذكره الشّيخ شمس الدّين بن أبي عمر فقال: عرفته ثلاثين سنة، ما
سَمِعْتُ منه كلمة يُعْتَذَرُ منها.
قلت: رجع فِي آخر عُمُره إلى بَعْلَبَكّ وحدَّث بِهَا.
روى لنا عَنْهُ: الشَّيْخ قُطْبُ الدّين موسى بْن الفقيه، والشّهاب ابن
بابا جُوك [3] ، والقاضي تقيّ الدّين سُلَيْمَان.
وَتُوُفّي فِي نصف رجب، ودُفِن إلى جانب شيخه عَبْد اللَّه اليُونينيّ
[4] ، رحمة [5] اللَّه عليهما. وقد صحِب أيضا الشَّيْخ عَبْدَ اللَّه
البَطائحيّ مدّة، وكان به خصّيصا.
__________
[1] انظر عن (إبراهيم بن محمود) في: ذيل مرآة الزمان لليونيني 1/ 37،
وتاج العروس للزبيدي 3/ 415، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان
الإسلامي (تأليفنا) ق 2 ج 1/ 253 رقم 54.
[2] انظر معجم شيوخ الذهبي 424 رقم 620.
[3] في الأصل: «باجوك» ، والصواب: «باباجوك» .
وهو أبو أحمد إبراهيم بن محمد بن إدريس بن باباجوك بن شعبان التركماني
البعلبكي. مات سنة 722 هـ. (معجم شيوخ الذهبي 123 رقم 153، موسوعة
علماء المسلمين ق 2 ج 1/ 242 رقم 48) .
[4] وهو عبد الله بن عثمان بن جعفر اليونيني الملقّب بأسد الشام. مات
سنة 617 هـ.
[5] في الأصل: «رحمت» .
(47/381)
وكان الشّيخ تقيّ الدّين ابن الواسطيّ
يُثْني عَلَى الشَّيْخ إِبْرَاهِيم بْن جوهر كثيرا وقال: كَانَ رجلا
مُحقًّا.
499- إِسْحَاق بْن سلطان بن جامع بن عويش بْن شدّاد.
شَرَفُ الدّين التّميميّ، الدّمشقيّ، الحنفيّ، المؤذّن بالعُقّيْبَة.
سَمِعَ من: الخُشُوعيّ، وغيره.
روى عَنْهُ: ابن الحُلْوانيّة، وَمُحَمَّد بْن مُحَمَّد الكنْجيّ،
وَأَبُو عَلِيّ بْن الخلّال، وجماعة.
وابن البالِسيّ حضورا.
تُوُفّي فِي جمادى الأولى.
500- إِسْمَاعِيل [1] .
السّلطان الملك الصّالح عمادُ الدّين أَبُو الجيش ابن الملك العادل
أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن أيّوب بْن شاذي، صاحب بَعْلَبَكّ، وبُصْرَى،
ودمشق.
__________
[1] انظر عن (عن السلطان الصالح إسماعيل) في: الفوائد الجلية في
الفرائد الناصرية لداود بن عيسى الأيوبي 105، 111، 246، 247، 257، 260-
262، وبغية الطلب في تاريخ حلب لابن العديم (المصوّر) 4/ 347- 350 رقم
536، ومفرّج الكروب لابن واصل، ج 5/ انظر فهرس الأعلام 389، وذيل
الروضتين لأبي شامة 186، وتاريخ مختصر الدول لابن العبري 232، وأخبار
الأيوبيين لابن العميد 163، وتلخيص مجمع الآداب في معجم الألقاب لابن
الفوطي ج 4 ق 2/ 692، والدرّة الزكية لابن أيبك 15، والعبر 5/ 198،
199، ودول الإسلام 2/ 156، والمختصر في أخبار البشر لأبي الفداء 3/
185، وتاريخ ابن الوردي 2/ 186، ومرآة الجنان 4/ 118، والبداية
والنهاية 13/ 179، 180، والوافي بالوفيات 9/ 215 رقم 4121، وعيون
التواريخ 20/ 46، والعسجد المسبوك 2/ 580، والسلوك للمقريزي ج 1 ق 2/
378، 379، وتاريخ ابن خلدون 5/ 362، والنجوم الزاهرة 7/ 8، 9، والدليل
الشافي 1/ 128 رقم 447، والمنهل الصافي 2/ 420- 422 رقم 448، وشفاء
القلوب للحنبلي 324، 325 رقم 43، وعقد الجمان للعيني (المطبوع) 1/ 47،
والدارس في تاريخ المدارس للنعيمي 1/ 316، وشذرات الذهب 5/ 241، وترويح
القلوب 61، وتاريخ ابن سباط (بتحقيقنا) 1/ 360، ومآثر الإنافة
للقلقشندي 2/ 82- 85، 94، 95، ووفيات الأعيان 2/ 23 و 5/ 82، 84، 334،
335.
(47/382)
ملك دمشق بعد موت أخيه الملك الأشرف، وركب
بأُبَّهة السَّلطنة، وخلع عَلَى الأمراء، وبقي أيّاما، فلم يَلْبَث أن
نازل دمشقَ الملكُ الكاملُ أخوه فأخذها منه، وذهب هُوَ إلى بَعْلَبَكّ.
ثُمَّ هجم هُوَ وصاحبُ حمص عَلَى دمشق فتملّكها فِي سنة سبْعٍ وثلاثين
كما هُوَ مذكور فِي الحوادث.
وبَدَتْ منه هناتٌ عديدة، واستعان بالفِرَنج عَلَى حرب ابن أخيه، وأطلق
لهم حصن الشَّقِيف [1] . ثُمَّ أُخذت منه دمشق فِي سنة ثلاثٍ وأربعين،
وذهب إلى بَعْلَبَكّ فلم يَقَرّ لَهُ قرار، والتفّ عَلَيْهِ
الخُوَارَزْميّة. وتمّت لَهُ خُطُوبٌ طويلة فالتجأ إلى حلب. وراحت منه
بُصْرَى وبَعْلَبَكُّ، وبقي فِي خدمة ابن ابن أخيه الملك النّاصر.
فلمّا سار النّاصر لأخذ الدّيار المصريّة ومعه الملك الصّالح، أُسِر
الصّالح فيمن أُسِر وحُبِس بالقاهرة، ومرّوا بِهِ أسيرا عَلَى تُربة
ابن أخيه الصّالح نجم الدّين، فصَاحت البحريّة، وهم غلمان نجم الدّين:
يا خَوَنْد أَيْنَ عينُك تُبصر عدوَّك.
قَالَ سعد الدّين فِي «تاريخه» : وفي سلْخ ذي القعدة أخرجوا الصّالح
إِسْمَاعِيل من القلعة ليلا، ومضوا بِهِ إلى الجبل، فقتلوه هناك، وعُفي
أثرُهُ.
قلت: حصل لَهُ خيرٌ بالقتل والله يسامحه. وقد رَأَيْت ولديه الملك
المنصور والملك السّعيد والد الكامل.
وقد روى عن أَبِيهِ جزءا من «المَحَامليّات» ، قرأه عَلَيْهِ السّيف
ابن المجد.
وكان لَهُ إحسان إلى المَقَادِسة، ولكنّ جناياته عَلَى المسلمين ضخمة.
قَالَ ابن واصل [2] : لمّا أُتيَ بالملك الصّالح إِسْمَاعِيل إلى الملك
المُعِزّ وإنّما أُتيَ صبيحة الوقعة، أُوقِف إلى جانبه.
قال حسام الدّين ابن أَبِي عَلِيّ: فَقَالَ لي المُعِزّ: يا خَونْد
حسام الدّين، أما تسلِّم عَلَى المولى الملك الصّالح؟
__________
[1] هو شقيف أرنون بجنوب لبنان.
[2] في الجزء السادس من مفرّج الكروب، ولم ينشر حتى الآن.
(47/383)
قَالَ: فدنوت منه وسلّمت عَلَيْهِ.
ثُمَّ دخل الملك المُعِزّ، وقد انتصر، القاهرة.
قَالَ ابن واصل: كَانَ يوما مشهودا، فلقد رَأَيْت الملكَ الصّالحَ
إِسْمَاعِيل وهو بين يدي المُعِزّ، وإلى جانبه الأمير حسام الدّين ابن
أَبِي عَلِيّ، فحكى لي حسامُ الدّين قَالَ: قلت لَهُ: هَلْ رأيتم
القاهرة قبل اليوم؟ قَالَ: نعم، رأيتها مَعَ الملك العادل وأنا صبيّ.
ثُمَّ إنّه اعتُقل الصّالح بالقلعة أيّاما، ثُمَّ أتاه ليلة السّابع
والعشرين من ذي القعدة عزُّ الدّين أيْبَك الرُّوميّ وجماعةٌ من
الصّالحيّة إلى الدّار الّتي هُوَ فيها، وأمروه أن يركب معهم، فركب،
ومعهم مِشْعَلٌ، فمضوا بِهِ إلى باب القلعة من جهة القرافة، فأطفئوا
المِشْعَلَ وخرجوا بِهِ. وكان آخر العهد بِهِ. فقيل إنّه خُنِق كما أمر
هُوَ بخنق الملك الجواد.
قَالَ: وكان ملكا شَهْمًا، يقِظًا، محسنا إلى جُنْده، كثير التّجمال.
وكان أَبُوهُ العادل كثير المحبّة لأمّه، وكانت من أحظى حظاياه عنده.
ولها مدرسة وتُربة بدمشق.
501- أمين الدّولة [1] .
الصّاحب أَبُو الْحَسَن السّامريّ ثُمَّ المسلمانيّ، وزير الملك
الصّالح عماد الدّين إِسْمَاعِيل.
قَالَ أبو المظفَّر الجوزيّ: ما كَانَ مسلما ولا سامريّا، بل كَانَ
يتستر بالإسلام ويبالغ فِي هدْم الدّين. فقد بلغني أنّ الشَّيْخ
إِسْمَاعِيل الكُورانيّ قَالَ له
__________
[1] انظر عن (أمين الدولة) في: مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي ج 8 ق 2/
784، ومفرّج الكروب 5/ 236، 237، 331، 341، 342، 362، وأخبار الأيوبيين
لابن العميد 163، ووفيات الأعيان 2/ 307، والعبر 5/ 199، وتاريخ ابن
الوردي 2/ 186، والمختار من تاريخ ابن الجزري 228، والبداية والنهاية
13/ 180، 181، وعيون التواريخ 20/ 47، وعقد الجمان (المطبوع) 1/ 46،
والنجوم الزاهرة 7/ 21، 22، وشذرات الذهب 5/ 241.
(47/384)
يوما: لو بقيتَ عَلَى دينك كَانَ أصلح
لأنّك تتمسّك بدينٍ فِي الجملة [1] . أمّا الآن فأنت مُذَبْذَبٌ لا
إلى هَؤُلاءِ ولا إلى هؤلاء.
قال: وآخر أمره شُنِق بمصر، وظهر لَهُ من الأموال والجواهر ما لا
يوصف. فبلغني أنّ قيمة ما ظهر لَهُ ثلاثة آلاف ألف دينار. ووُجِد
لَهُ عشرة آلاف مجلّد من الكُتُب النّفيسة.
قلت: وإليه تُنْسَب المدرسة الأمينيّة ببَعْلَبَكّ [2] .
حبس بقلعة مصر مدّة، فلمّا جاء الخبر الَّذِي لم يتمّ بأخذ الملك
النّاصر صاحب الشّام الدّيارَ المصريّة كَانَ السّامريُّ فِي
الْجُبّ هُوَ وناصر الدّين بْن يغمور أستاذ دار الصّالح
إِسْمَاعِيل، وسيف الدّين القَيْمُرِيّ والخُوَارَزْميّ، صهر الملك
النّاصر، فخرجوا من الْجُبّ وعَصَوا فِي القلعة، ولم يوافقهم
القَيْمُرِيّ، بل جاء وقعد عَلَى باب الدّار الّتي فيها حرمُ عزّ
الدّين أيْبَك التُّرْكُمانيّ وحماها. وأمّا أولئك فصاحوا بشعار
الملك الصّالح، ثُمَّ كانت الكَرّةُ للتُّرك الصّالحيّة، فجاءوا
وفتحوا القلعة وشنقوا أمينَ الدّولة وابن يَغْمُور
والخُوَارَزْميّ.
وقد ذكرنا فِي ترجمة القاضي الْجِيليّ [3] بعضَ أخبار أمين
الدّولة، وهو أبو الحسن ابن غَزَال بْن أَبِي سَعِيد، ولمّا أسلم
لُقِّب بكمال الدّين.
وكان المهذَّب السّامريّ وزير الأمجد عمّه، وكان أمين الدّولة
ذكيّا، فطِنًا، واهيا، شيطانا، ماهرا فِي الطِّبّ. عالج الأمجد
واحتشم فِي أيّامه، فلمّا تملك الصّالح إِسْمَاعِيل بَعْلَبَكّ
وَزَر لَهُ ودَبَّر مملكته، فلمّا غلب عَلَى دمشق استقلّ بتدبير
المملكة، وحصَّل لمخدومه أموالا عظيمة، وعَسَف وظَلَم. ثُمَّ لمّا
عجز الصّالح عن دمشق وتسلّمها نوّاب الصّالح نجم الدّين، احتاطوا
عَلَى أمين الدّولة واستصفوا أمواله، وبعثوه إلى قلعة مصر فحُبِس
بِهَا خمس سنين. وأكثر هو وجماعة من أصحاب الصّالح.
__________
[1] في المختار من تاريخ ابن الجزري 228 «في الجهلة» .
[2] فهو أنشأها ووقف عليها. (المختار من تاريخ ابن الجزري) ،
والدارس 2/ 285، 286.
[3] هو عَبْد العزيز بْن عَبْد الواحد بْن إِسْمَاعِيل، أبو حامد
الملقّب رفيع الدين. تقدّمت ترجمته في وفيات سنة 642 هـ. برقم
(104) .
(47/385)
502- الأياز بْن عَبْد اللَّه.
أَبُو الخير الشَّهْرَزُوريّ القضائيّ، مولاهم.
شيخ مُسِنّ، سَمِعَ من: خطيب الموصل أَبِي الفضل عَبْد اللَّه.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وغيره.
وأجاز للعماد ابن البالِسيّ فِي هذا العام، وانقطع خبره.
- حرف التاء-
503- توران شاه بْن أيّوب [1] بْن مُحَمَّد بْن العادل.
السّلطان الملك المعظَّم غياثُ الدّين، وُلِدَ السّلطان الملك
الصّالح نجم الدّين.
__________
[1] انظر عن (توران شاه بن أيوب) في: مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي
ج 8 ق 2/ 781- 783، وذيل الروضتين لأبي شامة 185، ومذكرات جوانفيل
(ترجمة د. حسن حبشي) ص 139، 140، و 163- 165، وتاريخ مختصر الدول
لابن العبري 260، وتاريخ الزمان، له 294، 295، وأخبار الأيوبيين
لابن العميد 160، وتلخيص مجمع الآداب في معجم الألقاب لابن الفوطي
ج 4 ق 2/ 1186 رقم 1671، والحوادث الجامعة المنسوب لابن الفوطي خطأ
246، 247، والمختصر في أخبار البشر لأبي الفداء 3/ 181، والنور
اللائح والدرّ الصالح للقيسراني (بتحقيقنا) 56، والدرّ المطلوب
لابن أيبك 381- 383، ونهاية الأرب للنويري 29/ 359- 362، وسير
أعلام النبلاء 23/ 193- 196 رقم 114، والإعلام بوفيات الأعلام 270،
والعبر 5/ 199، 200، ودول الإسلام 2/ 154، والمختار من تاريخ ابن
الجزري 224، وتاريخ ابن الوردي 2/ 183، 184، وفوات الوفيات 1/ 163-
165 رقم 91، وعيون التواريخ 20/ 43، ومرآة الجنان 4/ 117، 118،
والوافي بالوفيات 10/ 441- 443 رقم 4933، وطبقات الشافعية الكبرى
للسبكي 8/ 134- 136 رقم 1123، والعسجد المسبوك للغسّاني 2/ 576،
ومآثر الإنافة للقلقشندي 2/ 93، وتاريخ ابن خلدون 5/ 360، 361،
والسلوك للمقريزي ج 1 ق 2/ 358- 361، والمقفّى الكبير، له 2/ 625
رقم 1037 والنجوم الزاهرة 6/ 364- 372، و 7/ 20، وشفاء القلوب
للحنبلي 426- 431 رقم 125، وحسن المحاضرة 2/ 35، 36، وتاريخ ابن
سباط (بتحقيقنا) 1/ 349، 350، وبدائع الزهور لابن إياس ج 1 ق 1/
283- 285، وتاريخ الأزمنة للدويهي 229، 230، وشذرات الذهب 5/ 241،
242، وسمط النجوم العوالي 4/ 14، 15، وأخبار الدول للقرماني (تحقيق
د. أحمد حطيط ود. فهمي سعد) بيروت 1992- ج 2/ 262، 263، 397.
(47/386)
لمّا تُوُفّي الصّالح جمع فخرُ الدّين ابن
الشَّيْخ الأمراء وحلفوا لهذا، وكان بحصن كيفا، ونفذوا فِي طلبه
الفارس أقطايا، فساقَ عَلَى البريد، وأخذ عَلَى البرّيّة بِهِ أيضا
لئلّا يعترضه أحدٌ من ملوك الشّام، فكاد أن يهلك من العَطَش، ودخل
دمشق هُوَ ومن معه، وكانوا خمسين فارسا، ساروا أوّلا إلى جهة عانَة
وعَدّوا الفُرات، وغرَّبوا عَلَى بَرّ السَّمَاوَة.
ودخل دمشق بأُبَّهَة السَّلطنة فِي أواخر رمضان، ونزل القلعة وأنفق
الأموال، وأحبّه النّاس. ثُمَّ سار إلى الدّيار المصريّة بعد عيد
الأضحى، فاتّفق كسرةُ الفِرنج، خَذَلَهُم اللَّه، عند قدومه، ففرح
النّاس وتيمّنوا بطَلْعته. لكنْ بدت منه أمورٌ نفَّرت منه القلوب،
منها أَنَّهُ كَانَ فِيهِ خِفَّةٌ وطَيْش.
قَالَ الشَّيْخ قُطْبُ الدّين: كان الأمير حسام الدّين ابن أَبِي
عليّ ينوب للصّالح نجم الدّين فسيِّر القُصّاد عند موته سِرًّا إلى
المعظَّم بحصْن كيفا يستحثّه عَلَى الإسراع، فسار مُجِدًّا، ونزل
بحصن كيفا ولده الملك الموحّد عَبْد اللَّه وهو ابن عشر سنين، وسار
يعسف البادية خوفا من الملوك الّذين فِي طريقه، فدخل قلعة دمشق،
ثُمَّ أخذ معه شَرَف الدّين الوزير هبة اللَّه الفائزيّ.
وكان حسامُ الدّين المذكور قد اجتهد فِي إحضاره مَعَ أنّ والده
كَانَ يَقْولُ:
ولدي ما يصلُح للمُلْك. وألحَّ عَلَيْهِ الحُسامُ أنْ يُحضِره
فَقَالَ: أجيبه إليهم يقتلونه. فكان كما قَالَ.
وقال سعد الدّين بْن حمُّوَيه: قدِم المعظَّم فطال لسان كلّ من
كَانَ خاملا فِي أيّام أَبِيهِ، ووجدوه مُخْتَلَّ العقل، سيّئَ
التّدبير.
ودُفع خُبْزُ فخرِ الدّين ابن الشَّيْخ بحواصله لجوهر الخادم
للالاته [1] .
وانتظر الأمراء أن يُعطيهم كما أعطى أمراءَ دمشق، فلم يَرَوا لذلك
أثرا. وكان لا يزال يحرّك كتِفَه الأيمن مَعَ نصف وجهه. وكثيرا ما
يولعُ بلحيته، ومتى سكر
__________
[1] هكذا في الأصل، وفي سير أعلام النبلاء 23/ 195 «للالاه» ، وهو
المربيّ أو الخادم الخاصّ.
(47/387)
ضرب الشَّمع بالسّيف، فَقَالَ: هكذا أريد
أن أفعل بغلمان أَبِي. ويتهدّد الأمراء بالقتل. فتشوّش قلوب الجميع
ومقتته الأنْفُس، وصادف ذَلِكَ بُخْلًا.
قلت: لكنّه كَانَ قويّ المشاركة فِي العلوم، حَسَن المَبَاحث،
ذكيّا.
قَالَ أَبُو المظفّر الْجَوْزيّ [1] : بلغني أَنَّهُ كَانَ يكون
عَلَى السّماط بدمشق، فإذا سَمِعَ فقيها يَقْولُ مسألة قَالَ: لا
نسلّم. يصيح بِهَا.
ومنها أَنَّهُ احتجب عن أمور النّاس، وانهمك عَلَى الفساد مَعَ
الغلمان عَلَى ما قِيلَ، وما كَانَ أَبُوهُ كذلك، وقيل إنّه تعرّض
لحظايا أَبِيهِ.
وكان يشرب، ويجمع الشُّموع، ويضرب رءوسها بالسّيف ويقول: كذا أفعل
بالبحريّة، يعني مماليك أَبِيهِ.
ومنها أَنَّهُ قدّم الأراذل وأخّر خواصَّ أَبِيهِ. وكان قد وعد
الفارس أقطاي لمّا قدِم إِلَيْهِ إلى حصن كيفا أن يؤمّره فما وفي
لَهُ، فغضب.
وكانت أمّ خليل زَوْجَة والده قد ذهبت من المنصورة إِلَى القاهرة،
فجاء هُوَ إِلَى المنصورة، وأرسل يتهدّدها ويطالبها بالأموال،
فعاملت عليه.
فلمّا كَانَ اليوم السّابع والعشرين من المحرَّم من هذا العام ضربه
بعض البحريّة وهو عَلَى السِّماط، فتلقّى الضَّربة بيده، فذهبت
بعضُ أصابعه، فقام ودخل البُرج الخشب الَّذِي كَانَ قد عُمِل هناك،
وصاح: مَن جرحني؟ فقالوا:
بعض الحشيشيّة. فَقَالَ: لا والله إلّا البحريّة. واللَّهِ
لأفنينّهم. وخيّط المزيّن يده وهو يتهدّدهم، فقالوا فيما بينهم:
تمّموه [2] وإلّا أبادنا. فدخلوا عَلَيْهِ، فهرب إلى أعلى [3]
البُرج، فرموا النّار فِي البُرج ورموا بالنُّشّاب، فرمى بنفسه،
وهرب إلى النّيل وهو يصيح: ما أريد ملكا، دعوني أرجع إلى الحصن يا
مسلمين، أما فيكم من يصطنعُني؟ فما أجابه أحدٌ. وتعلَّق بذيل
الفارس أقطاي، فما أجاره،
__________
[1] في مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 781، 782.
[2] في سير أعلام النبلاء 23/ 195 «بتّوه» .
[3] في الأصل: «أعلا» .
(47/388)
فقيل إنّه هرب من النُّشّاب، ونزل فِي
الماء إلى حلقه، ثُمَّ قتلوه، وبقي مُلْقًى عَلَى جانب النّيل
ثلاثة أيّام منتفخا، حتّى شفّع فِيهِ رسول الخليفة فواروه.
وكان الَّذِي باشر قتْله أربعةٌ، فلمّا قتِل خُطِب عَلَى منابر
الشّام ومصر لأمّ خليل شَجَر الدُّرّ معشوقة الملك الصّالح، وكانت
ذات عقلٍ وفِطْنة ودهاء.
قَالَ أَبُو شامة [1] : قتلوه وأمّروا عليهم شَجَرَ الدُّرّ،
فأخبرني من شاهد قتله أَنَّهُ ضُرِب أوّلا، فتلقّى السَّيفَ بيده
فجُرِحت، واختبط النّاس، ثُمَّ قَالُوا:
بعد جَرْح الحيّة لا ينبغي إلّا قتلُها، فلبسوا وأحاطوا بالبُرج
الَّذِي صنع له فِي الصّحراء لمغازلة الفرنج، فأمروا زرّاقا بإحراق
البرج، فامتنع، فضربوا عُنُقه، وأمروا آخَرَ فرماه بالنِّفْط، فهرب
من بابه، وناشَدَهُم اللَّهَ بالكَفّ عَنْهُ، وَأَنَّهُ يُقْلع
عمّا نقموا عَلَيْهِ، فما أجابوه، فدخل فِي البحر إلى حلْقه، فضربه
البُنْدُقْدَاريُّ بالسّيف، وقيل: ضربه عَلَى عاتقه، فنزل السّيف
من تحت إبْطه الأخرى.
وحُدِّثْتُ أَنَّهُ بقي يستغيث برسول الخليفة: يا أبي عزّ الدّين
أدرِكْني. فجاء وكلّمهم فِيهِ، فردّوه وخوّفوه من القتل، فرجع،
فلمّا قتلوه نودي: لا بأس، النّاس عَلَى ما هم عَلَيْهِ، وإنّما
كانت حاجة قضيناها. واستبدّوا بالأمر، وسلطنوا عليهم عِزَّ الدّين
أَيْبَكَ التُّرْكُمانيّ، ولقّبوه بالملك المُعِزّ. وساروا إلى
القاهرة.
قَالَ ابن واصل: ولمّا دخل المعظَّمُ قلعةَ دمشق قامت الشُّعراء،
فابتدأ شاعرٌ بقصيدة قَالَ أوّلها:
قُل لنا كيف جئت من حصن كيفا ... حين أرغمت للأعادي أُنُوفا
فَقَالَ المعظَّم فِي الوقت:
الطّريقَ الطّريقَ يأَلف نَحْسٍ ... مرّة أمنا وطَوْرًا مَخُوفا
__________
[1] في ذيل الروضتين 185.
(47/389)
فاستطرفه النّاس واشتهر بذلك.
ثُمَّ إنّه سار فلمّا قطع الرَّمْل ونزل قصر الصّالحيّة وقع من
حينئذٍ التّصريح بموت أَبِيهِ. وكان مدّة كتْمان موته ثلاثة أشهر.
وكان يخطب لَهُ ثُمَّ بولاية العهد للمعظّم. ثُمَّ قدِم إلى خدمته
نائبُ سلطنة مصر حسامُ الدّين بْن أَبِي عَلِيّ الَّذِي كَانَ
أستاذ دار أَبِيهِ وأتابَكَ جُنْده فِي حصن كيفا، فخلع عَلَيْهِ
خِلْعَةً تامّة وسيفا مُحَلًى وفَرَسًا بِسَرْجٍ مُحَلَّى، وثلاثة
آلاف دينار.
قَالَ ابن واصل: وكنتُ يومئذٍ مَعَ حسام الدّين، فذكرني للسّلطان،
فأتيت وقبَّلْتُ يده، ثُمَّ حضرت أَنَا وجماعة من علماء المصريّين
عنده، فأقبل علينا.
وذكر ابن نُباتَة مُشاكلة للخطيبين عماد الدّين وأصيل الدّين
الإسْعِرْديّ، فلم ينطقا لخُلُوِّهما من فضيلة، فقلت: إنّ بعض
النّاس ردّ عَلَيْهِ فِي قوله الحمد للَّه الّذي إن وعدني وفى وإنْ
أوعد عفا: كأنّه نظر إلى قول الشّاعر:
لمخلف إيعادي ... ومُنْجز معدي
وهذا مدح لآدميّ، لكنّه لا يكون مدْحًا فِي حقّ الله إذا الحلف فِي
كلامه مُحالٌ عقلا.
فأقبل عليّ وقال: أليس اللَّه يعفو بعد الوعيد؟
فقلت: يا خونْد هذا حقّ، لكنّه يكون وعيده مخلفا، فإذا عفى عن شخصٍ
من المتواعدين عُلِم أَنَّهُ ما أراده بذلك العموم، أمّا إذا توعْد
شخصا بعينه بعُقُوبة، فلو لم يعاقبه لزِم الخُلْف فِي خبره، وهو
مُحال.
فأعجبه، وأخذ يحادثني فِي أشياء من عِلْم الكلام وغيره من الأدب،
فتكلّم كلاما حَسَنًا. ثُمَّ رجَّح أَبَا تمّام عَلَى المتنبّي،
وأشار إلى حسام الدّين وقال:
الأمير حسام الدّين يوافقني عَلَى ترجيحه.
ثُمَّ وصلْنا إلى المنصورة لسبْعٍ بقين من ذي القعدة، فنزل بقصر
أَبِيهِ، فلو أحسن إلى مماليك أَبِيهِ لَوَازَرُوه، ولكنّه اطّرحهم
وجفاهم ففسدت أحواله، وقدِم
(47/390)
جماعةٌ من علماء القاهرة كابن عَبْد
السّلام، وابن الْجُمَّيْزي، وسراجُ الدّين الأُرْمَوِيّ، ووجدوا
سوق الفضائل عنده نافقة.
- حرف الحاء-
504- الحافظة [1] .
اسمها أرغوان، عتيقة الملك العادل. وهي الّتي ربَّت الملك الحافظ
صاحب قلعة جَعْبَر.
كانت بدمشق، وكانت تبعث إلى القلعة بالأطعمة والثّياب إلى الملكُ
المغيث عُمَر بْن الملك الصّالح نجم الدّين أيّوب وهو محبوس، فحقد
عليها الصّالح إِسْمَاعِيل، وصادرها وأخذ منها أموالا كثيرة.
بنت لَهَا تُربةً مليحة فوق عين الكرْش، ووقفت دارها بدمشق عَلَى
خُدّامها، وعاشت زمانا.
505- الْحَسَن بْن أَبِي طاهر [2] إِبْرَاهِيم بْن سَعِيد بْن يحيى
بْن مُحَمَّد بْن الخشّاب.
الحلبيّ.
من كبراء الحلبيّين، وهم بيت حشمة وتشيُّع.
مات فِي جمادى الآخرة [3] .
506- الْحَسَن بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن العُمرانيّ.
أَبُو مُحَمَّد المَوْصِليّ، المعروف بابن الأثير شرف الدّين.
حدّث عن: يحيى الثُّقفيّ، وَعَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن سُوَيْد
التّكريتيّ.
__________
[1] انظر عن (الحافظة أرغوان) في: البداية والنهاية 13/ 180 وفيه:
«الحافظية» ، وعيون التواريخ 20/ 46، والنجوم الزاهرة 7/ 21،
وشذرات الذهب 5/ 240، 241.
[2] انظر عن (الحسن بن أبي طاهر) في: بغية الطلب في تاريخ حلب لابن
العديم (المصوّر) 5/ 255 رقم 659، وإعلام النبلاء بتاريخ حلب
الشهباء للطبّاخ 4/ 398، 399 رقم 209.
[3] ومولده في سنة 560 هـ.
(47/391)
روى عنه: شيخنا الدمياطي، وقال: توفي في
ربيع الأوّل.
507- الْحَسَن بْن الْحُسَيْن بْن إِبْرَاهِيم بْن غسّان بْن موسى.
أَبُو عَلِيّ الدّاريّ التّميميّ، الخليليّ، العدل، التّاجر.
وُلِدَ ببلبيس سنة خمس وخمسين وخمسمائة.
وسمع ببغداد من: عَبْد اللَّه بْن دَهْبَل بْن كارة.
وكان من أعيان التُّجّار المتموّلين.
تُوُفّي بمصر فِي سادس عشر رمضان، ومدحه الوزير فخر الدّين عُمَر
بْن الخليليّ.
- حرف الخاء-
508- خديجة بِنْت المحدّث أَبِي الميمون عَبْد الوَهَّاب بن عَتِيق
بن هِبَة الله بن وردان.
أمُّ الخير المصريّة.
سمّعها أبوها من: عَبْد اللّطيف بْن أَبِي سعد الصُّوفيّ، وَعَبْدِ
المُجيب بْن زُهير، وجماعة.
وسمعت حضورا من البُوصِيريّ.
روى عَنْهَا: الدّمياطيّ، وغيره.
تُوُفّيت فِي ذي الحجّة.
509- خلجان بْن عَبْد الوهّاب بْن محمود.
أَبُو مُحَمَّد العُمَريّ، المصريّ، المالكيّ، الضّرير، المقرئ.
قرأ القراءات، وتصدّر لإقرائها بالجامع العتيق. وقرأ عَلَى الكبار
فإنّه وُلِدَ سنة أربعٍ وستّين وخمسمائة.
وسمع من: البُوصِيريّ، وجماعة.
وَتُوُفّي فِي سلْخ ربيع الآخر. وكان فقيرا قانعا، رحمه اللَّه.
(47/392)
- حرف الدال-
510- دَاوُد بْن سُلَيْمَان [1] بْن عَبْد الوَهّاب بْن الشّيخ
عَبْد القادر.
أَبُو سُلَيْمَان الْجِيليّ، ثُمَّ البغداديّ.
سَمِعَ من: جدّه عَبْد الوهّاب.
روى عَنْهُ: شيخنا الدِّمياطيّ، وقال: تُوُفّي فِي ربيع الأوّل.
ودُفن عند آبائه بمقبرة الحَلْبَة.
- حرف السين-
511- سالم بْن مساهل بْن سالم.
الحجريّ، الإسكندرانيّ.
روى عن: حمّاد الحرّانيّ.
وَتُوُفّي بالإسكندريّة فِي نصف ربيع الآخر، رحمه اللَّه تعالى.
- حرف الضاد-
512- ضياء الدّين القَيْمُرِيّ [2] .
من كبار الأمراء النّاصريّة.
قُتِل بين يديّ الملك المُعِزّ صبْرًا مَعَ الأمير شمس الدّين لؤلؤ
بآخر رمل مصر.
- حرف العين-
513- عامر بْن مكّيّ بْن غالب.
البغداديّ المقرئ، الخطيب، الضّرير.
سَمِعَ: عَبْد الوهّاب بْن سُكَيْنَة، وجعفر بن أموسان.
__________
[1] انظر عن (داود بن سليمان) في: صلة التكملة للحسيني، ورقة 57،
58، والمنهج الأحمد 381، والدرّ المنضّد 1/ 388 رقم 1068 وفيه:
«داود بن عبد الوهاب بن عبد القادر» .
[2] انظر عن (ضياء الدين القيمري) في: ذيل الروضتين 186، ومفرّج
الكروب 5/ 336.
(47/393)
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ.
وَتُوُفّي فِي شعبان.
514- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أيّوب.
الخطيب، أَبُو مُحَمَّد التُّجِيبيّ الْجَيّانيّ.
روى عن: أَبِي الْحُسَيْن بْن زَرْقون، وَأَبِي الخطّاب بْن واجب.
وألّف جزءا فِي «السّتْرة فِي الصّلاة ومذاهب النّاس فيها» [1] .
سَمِعَ منه: ابن الزُّبَيْر الثَّقَفيّ، وقال: مات فِي ربيع الأول.
515- عَبْدِ اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عطيّة [2] .
أَبُو مُحَمَّد القَيْسيّ المالكي، المالَقيّ.
قَالَ الشّريف عزّ الدّين: مولده سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة.
وسمع من: أَبِي الحَجّاج المالقيّ، وَأَبِي مُحَمَّد عَبْد اللَّه
بْن القُرْطُبيّ الحافظ.
وأجاز لَهُ: أَبُو عَبْد اللَّه بْن زرْقون، وخلْق كثير.
ورحل وحجّ وسمع من: مرتَضَى بْن أَبِي الجود، وجعفر الهَمْدانيّ.
وكتب حديثا كثيرا. وكان شيخا مُسِنًّا من صُلَحاء المسلمين.
تُوُفّي فِي هذه السّنة.
قلت: ذكره الأَبّار فِي سنة ستٍّ وأربعين مختصرا.
وقد ذكره أَبُو جَعْفَر بْن الزُّبَيْر فِي بَرْنامجه وعظّمه وأثنى
عَلَيْهِ، وقال فِيهِ:
الزّاهد العارف اللُّغَويّ الحافظ.
أجاز لَهُ عَبْد الحقّ صاحب الأحكام، وَأَبُو الطّاهر بْن عوْف،
ثمّ سمّى جماعة.
قَالَ: وأخذ فِي رحلته سنة تسع عشرة وستّمائة عن نيِّفٍ وستّين
شيخا، وكان يغيب كثيرا عن مدينة مالقة بأملاكه.
__________
[1] لم تذكره معاجم المؤلّفين.
[2] انظر عن (عَبْد اللَّه بن أَحْمَد بن مُحَمَّد) في: تكملة
الصلة لابن الأبّار.
(47/394)
مولده سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة، وَتُوُفّي
فِي جمادى الآخرة سنة ثمانٍ.
516- عَبْد الرَّحْمَن بْن يوسف بْن مُحَمَّد.
أَبُو معتوق الحربيّ، المعروف بابن الكلّ.
وُلِدَ سنة خمسٍ وسبعين وخمسمائة.
وسمع من: عَبْد المغيث بْن زُهَير، ويعقوب بْن يوسف المقرئ،
والمبارك بْن المبارك بْن المعطوش، وجماعة.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وقال: تُوُفّي فِي أوّل رجب.
517- عَبْد السّلام بْن عَلِيّ بْن هبة اللَّه.
الفقيه أَبُو مُحَمَّد المصريّ المعدّل.
روى عن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بن البنّاء.
ومات فِي المحرَّم بمصر.
518- عَبْد العزيز بْن يوسف بْن أَبِي الفَرَج بْن المهذّب.
أَبُو مُحَمَّد التّنُوخيّ الحَمَويّ، ثُمَّ الدّمشقيّ.
سَمِعَ من: عَبْد اللّطيف بْن سعد، والقاسم بْن عساكر، وحنبل.
وكان صالحا زاهدا، كثير الحجّ والتّلاوة.
روى عَنْهُ: ابن الحُلْوانيّة، وغيره.
ومات فِي رجب.
519- عَبْد الغنيّ بْن فاخر [1] .
مهْتار الفرّاشين بدار الخلافة. وكان حَسَن الزِّي، كثير التّنعُّم
جدّا. نفقته فِي الشّهر فوق مائة وخمسين دينارا، وله عدّة حظايا.
وكان مهووسا بأمر الْجِنّ ويزعم أَنَّهُ يستحضرهم. وله وقْفٌ
وبِرّ.
__________
[1] انظر عن (عبد الغني بن فاخر) في: الحوادث الجامعة 124،
والمختار من تاريخ ابن الجزري 229، والعسجد المسبوك 2/ 580، 581.
(47/395)
وعاش نيّفا وسبعين سنة.
520- عَبْد القُدُّوس بْن عَرَفَة بْن عَلِيّ [1] .
أَبُو أَحْمَد بْن البقلي، البغدادي، المقرئ.
روى عن أَبِيهِ أَبِي المعالي جزءا عن أَبِي الكَرم
الشَّهْرَزُوريّ.
أخذ عَنْهُ: الدِّمياطيّ، وغيره.
مات فِي صَفَر [2] .
521- عَبْد المحسن بْن زين بْن سلطان.
الكِنانيّ، المقرئ، المصريّ.
قرأ القراءات، وتصدّر لإقرائها بالقاهرة.
وسمع من: عَلِيّ بْن المفضَّل الحافظ.
تُوُفّي فِي العشرين من شعبان وله ثمانٍ وسبعون سنة.
روى عَنْهُ والدّمياطيّ من شِعره.
522- عَبْد الملك بْن عبدُ السَّلام بنُ إسْمَاعيل بْن عَبْد
الرَّحْمَن [3] .
الفقيه مجد الدّين، أَبُو مُحَمَّد اللّمغانيّ، ثُمَّ البغداديّ،
الحَسَنيّ.
روى عن: أَحْمَد بْن أزهر السّبّاك، وغيره.
وكان مدرّس مشهد أَبِي حنيفة ببغداد.
روى عنه: الدمياطي، وغيره.
ومات في ذي الحجّة.
__________
[1] انظر عن (عبد القدّوس بن عرفة) في: عيون التواريخ 20/ 46 وفيه:
«عبد القويّ» .
[2] من شعره:
ليت السباع لنا كانت مجاورة ... وإننا لا نرى ممن نرى أحدا
إن السباع لتهدي في مواضعها ... والناس ليس بهاد شرّهم أبدا
فاهرب بنفسك واستأنس بوحدتها ... تلق السعيد إذا ما كنت منفردا
[3] انظر عن (عبد الملك بن عبد السلام) في: عقد الجمان (المطبوع)
1/ 45.
(47/396)
523- عَبْد الوهّاب بْن ظافر [1] بْن
عَلِيّ بْن فتوح بْن الْحُسَيْن بْن إِبْرَاهِيم.
المحدّث المُسْنِد رشيدُ الدّين، أَبُو مُحَمَّد بْن رَوَاج، وهو
لَقَبُ أَبِيهِ، الأزْديّ، أو القُرَشيّ، فيُحَرَّر، الإسكندراني،
المالكيّ، الْجَوْشَنيّ.
وُلِدَ سنة أربعٍ وخمسين، وسمع الكثير من: السِّلَفيّ، ومخلوف بْن
مارة الفقيه، وَأَبِي الطّاهر بْن عَوْف، وَأَبِي طَالِب أحمدَ بْن
المُسلَّم اللَّخميّ، والمشرف بْن عَلِيّ الأَنْماطيّ، وَأَحْمَد
وَمُحَمَّد ابنَيْ عَبْد الرَّحْمَن الحضْرميّ، ومقاتل بْن عَبْد
العزيز البَرْقيّ، وظافر بْن عطيّة اللّخْميّ، وَمُحَمَّد بْن
القاسم الفاسيّ، ويحيى بْن عبد المُهَيْمِن بْن قلينا، وَمُحَمَّد
بْن مُحَمَّد المَرّاكِشيّ، وَعَبْد الواحد بْن عسكر، وغيرهم.
وكتب بخطّه الكثير، وخرّج لنفسه «أربعين حديثا» .
وكان فقيها لبيبا، فاضلا، ديّنا، صحيح السَّماع، متواضعا، سهل
الانقياد، وانقطع بموته شيءٌ كثير.
روى عَنْهُ: ابن نُقطة، وابن النّجّار، والزّكيّ المنذريّ،
والرّشيد العطّار، وابن الحُلْوانيّة، والدّمياطيّ، والضّياء
السَّبْتيّ، والشَّرَفُ حسينُ بْن الصَّيْرفيّ، والتّاج علي
الغَرّافيّ، والشّهابُ أَحْمَد بْن الدُّفُوفيّ، والطُّواشيّ بلالُ
المُعِينيّ، وَمُحَمَّد بْنُ النّضير بْن الأصفر، وشهابُ بْن
عَلِيّ، وَأَبُو بَكْر بْن ثابت البشطاريّ، وَمُحَمَّد بْن أَبِي
القاسم الصّقِلّيّ، والشّمسُ عَبْد القادر بْن الحظيريّ،
والشَّرَفُ مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحيم بْن النّشر، وخلق كثير.
وحدّث بالإسكندريّة، والقاهرة.
__________
[1] انظر عن (عبد الوهاب بن ظافر) في: تكملة إكمال الإكمال لابن
الصابوني 11 و 307، والإشارة إلى وفيات الأعيان 348، والإعلام
بوفيات الأعلام 270، والعبر 5/ 200، وسير أعلام النبلاء 23/ 154
دون ترجمة، وتذكرة الحفاظ 4/ 1411، والوافي بالوفيات 19/ 303 رقم
283، وذيل التقييد للفاسي 2/ 159 رقم 1348، والسلوك للمقريزي ج 1 ق
1/ 381، وفيه: «عبد الوهاب بن طاهر» وهو تصحيف، والنجوم الزاهرة 7/
22، وتاريخ الخلفاء للسيوطي 476، وشذرات الذهب 5/ 242.
(47/397)
سَمِعْتُ عَبْد المؤمن الحافظ يَقْولُ: قرأ
ابن شُحَانَة عَلَى ابن رَوَاج فَقَالَ:
الإِبطِ، بكسر الباء، فَقَالَ: لا تُحَرِّكْهُ يَفِحُّ صِنانُه.
تُوُفّي ابن رَوَاج فِي ثامن عشر ذي القعدة، وختم أصحابه بيوسف بن
عمر الجينيّ، يعني بالسّماع.
524- عثمان بْن عَبْد الواحد بْن عَبْد الرَّحمن بْن سلطان بْن
يحيى بْن عَلِيّ.
مجدُ الدّين، أَبُو عَبْد اللَّه الْقُرَشِيّ، الدّمشقيّ.
سَمِعَ من: جدّه زَيْن القضاة أَبِي بَكْر، وَعَبْد اللّطيف بْن
أَبِي سعد، وحنبل، وغيرهم.
وأضرّ بأَخَرَة، وانقطع عن النّاس.
روى عنه: الشيخ زين الدين الفارقي، وأبو علي الخلّال، والصّدر
الأُرْمَويّ، والعماد بْن البالِسيّ، وآخرون.
تُوُفّي فِي رجب.
525- عَلِيّ بْن سالم [1] بْن أَبِي بَكْر بْن سالم.
أَبُو القاسم البَعْقُوبيّ [2] ، الخشّاب.
ولد قبل السّبعين وخمسمائة، وسمعَ من: عُبَيْد اللَّه بْن شاتيل،
ونصرِ اللَّه القزّاز، وغيرهما.
كتب عَنْهُ: عُمَر بْن الحاجب، والكبار.
وروى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّد الدِّمياطيّ، وغيره.
وأجاز لجماعة من شيوخنا.
وَتُوُفّي فِي الخامس والعشرين من رمضان ببغداد.
__________
[1] انظر عن (علي بن سالم) في: سير أعلام النبلاء 23/ 154 دون
ترجمة.
[2] البعقوبي: بفتح الباء الموحّدة، وسكون العين المهملة، بلدة
قريبة من بغداد في الشمال منها.
(47/398)
526- عَلِيّ بْن عَبْد المجيد بْن مُحَمَّد
بْن مُحَمَّد.
أَبُو الْحَسَن الكِرْكِنْتيّ، الإسكندراني. وكِرْكِنْت: من قُرى
القيروان.
حدَّث عَنْ: القاضي أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَبْد
الرَّحْمَن الحضرميّ.
مات فِي رمضان.
527- عُمَر بْن إِسْحَاق [1] .
فخر الدّين، أَبُو حفص الدَّوْرَقيّ [2] .
صدر مُعَظَّم كبير، واسع الجاه، كَانَ ذا رُتبة.
راتبه كلّ يوم خمسمائة رطْل خُبْز، إلى مثل ذَلِكَ من اللّحْم
والأَدَم. وكان خيرا سليم الصَّدْر [3] .
- حرف اللام-
528- لؤلؤ [4] .
الأمير الكبير شمسُ الدّين، أَبُو سَعِيد الأميني الموصلي، كافل
الممالك الشّاميّة.
__________
[1] انظر عن (عمر بن إسحاق) في: تكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني
180، 181، والحوادث الجامعة 125، وتلخيص مجمع الآداب ج 5 ق 3/ 267،
268، والمختار من تاريخ ابن الجزري 228.
[2] في الحوادث الجامعة: «الدوراقي» وهو تصحيف.
[3] وقال صاحب (الحوادث الجامعة) : كان يتولّى أشغال زعماء البيات،
وينوب عنهم، وكان ذا مال كثير فائض، وجاه عريض، بنى بشرقيّ مدينة
واسط جامعا كان قد دثر، يعرف بجامع ابن رقاقا، وعمّر إلى جانبه
رباطا، وأسكنه جماعة من الفقراء، ورتّب فيه من يلقّن القرآن المجيد
ويسمع الحديث، وأجرى عليهم الجرايات اليومية والشهرية، ثم أنشأ
قريبا من مدرسة الشرابي التي بشرقيّ واسط رباطا آخر على شاطئ دجلة،
وتربة يدفن فيها، ووقف عليها وقوفا سنية، وكان قد تجاوز السبعين من
عمره.
[4] انظر عن (لؤلؤ الأميني) في: مفرّج الكروب لابن واصل 5/ 119،
285، 310، 377، ومرآة الزمان لسبط ابن الجوزي ج 8 ق 2/ 783، 784،
وذيل الروضتين 186، والمختصر في أخبار البشر 3/ 181، والإشارة إلى
وفيات الأعيان للذهبي 348، وتاريخ ابن الوردي 2/ 184 و 186،
والوافي بالوفيات 24/ 407 رقم 478، والسلوك للمقريزي ج 1 ق 2/ 380،
والمقفى الكبير، له 5/ 16 رقم 1564، وعقد الجمان للعيني (المطبوع)
1/ 48، 49.
(47/399)
ولد سنة خمس وثمانين وخمسمائة تقريبا.
وسمع من: مُحَمَّد بْن وهب بْن الزّنف، وعمر بْن طَبَرْزَد.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، ومجد الدّين ابن العديم، وغيرهما.
وكان بطلا شجاعا، كريما، ديّنا، عابدا، صالحا، أمّارا بالمعروف
إلّا أنّ فِيهِ عقْل التُّرك.
كَانَ مدبّر الدّولة النّاصريّة، فحرص كلَّ الحِرْص عَلَى العبور
إلى الدّيار المصريّة وليفتحها لمخدومه، فسار بِهِ وبالجيوش، وعمل
مَعَ عسكر مصر مَصَافًّا بقرب العبّاسة فانكسر المصريّون، ثُمَّ
تناخت البحريّة بعد فراغ المَصَافّ، وحملوا عَلَى لؤلؤ وهو فِي
طائفةٍ قليلة فأسروه، ثُمَّ قتلوه بين العبّاسة وبِلْبِيس فِي تاسع
ذي القِعدة، وقتِل معه جماعة.
قَالَ ابن واصل: وقطع المَصَافّ فحمل الشّاميّون وثبت المُعِزّ فِي
جماعة من البحريّة، وتحيّز بهم ومعه الفارس أقطاي، وعزموا عَلَى
قصد ناحية الشَّوْبَك.
وبقي السّلطان الملك النّاصر تحت السّناجق فِي جمعٍ قليل أيضا،
وبَعُد عَنْهُ جيشُه إذ ساقوا خلْف المصريّين إلى العبّاسة، وتمّ
لهم النّصر، ونصبوا دهليز السّلطان بالعبّاسة.
وحكى لي الأمير حسام الدّين ابن أَبِي عَلِيّ أن فرسه تقنطر بِهِ،
فجاء جُنديٌّ فركبه وقال لَهُ: قد تمّت الكسْرة علينا.
قَالَ: فشاهدت طلْبًا قريبا منّي فقصدتُهُم، فرأيت رَنْكَهم رَنْك
[1] المصريّين فأتيتهم، فوجدت المُعِزّ وأقطاي فِي جماعةٍ لا
يزيدون عَلَى سبعين فارسا فسلّمتُ عَلَى الملك المُعِزّ ووقفت،
فَقَالَ لي: ترى هذا الْجَمْع؟ قلت: نعم.
فَقَالَ: هذا الملك النّاصر وجماعته.
__________
[1] الرنك: لفظ فارسيّ معناه: اللون، وأصبح مصطلحا للشعار أو
العلامة يتّخذه السلاطين والأمراء.
(47/400)
ثُمَّ إنّ المُعِزّ حمل عَلَى النّاصر،
فانهزم وكُسِرَت سناجقُه، ونُهِبَ ما معه، وأُسِر بعضهم، ونجا
البعض. وانضاف بعض العزيزيّة إلى المُعِزّ وكثُر جَمْعه، فلقد أساء
شمسُ الدّين لؤلؤ التّدبيرَ فِي تَرْكِه السُّلطانَ فِي قِلٍّ من
النّاس خلفه، وكان ينبغي لَهُ وللعسكر أن يُلازموه إلى أن ينزل
بالمنزلة. ولو فعلوا ذَلِكَ لَمَلَكُوا البلاد. فأسَرَ أصحاب
المُعِزّ الملكَ الصّالحَ إِسْمَاعِيلَ والأشرفَ صاحب حمص،
والمعظَّمَ وَلَدَيِ السّلطان صلاح الدّين. وبلغ لؤلؤ هرب السّلطان
فقال: ما يضرّنا بعد أن انتصرنا، هُوَ يعود إذا تمكّنا.
ثُمَّ كرَّ راجعا فِي جَمْعٍ، وحمل عَلَى الملك المُعِزّ، فحمل
عَلَيْهِ أيضا، فانكسر جماعة لؤلؤ، وأُسَر هُوَ وضياءُ الدّين
القيمريّ، فحدّثني حسام الدّين ابن أَبِي عَلِيّ قَالَ: ما رَأَيْت
أَحسن ثَبَاتًا من لؤلؤ، ولا أشدّ صبرا. لم يتكلَّم بكلمةٍ ولا
ذَلّ ولا خضع ولا اضطرب حتّى أَخَذَتْهُ السّيوف.
- حرف الميم-
529- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَلِيّ.
القاضي أَبُو القاسم الْجَيّانيّ، الأندلُسيّ.
من كبار المُسْنِدِين.
روى عن: ابن المجد، والسُّهَيْليّ، وَأَبِي عَبْد اللَّه بْن
زَرقون بالإجازة.
530- مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن عَبْد السّلام بْن عتيق.
الإِمَام، قاضي الإسكندريّة أَبُو عَبْد اللَّه التّميميّ،
السّفاقُسيّ المالكيّ، الخطيب.
سَمِعَ من: ابن بوقا.
وَتُوُفّي فِي ربيع الأوّل.
531- مُحَمَّد بن سليمان [1] بن علي بن سالم.
__________
[1] انظر عن (محمد بن سليمان) في: المقفّى الكبير للمقريزي 5/ 694
رقم 2308.
(47/401)
أَبُو عَبْد اللَّه الحَمَويّ، ثُمَّ
الدّمشقيّ، الحنفيّ الواعظ.
أخو أَبِي بَكْر. وُلِدَ سنة تسعٍ وسبعين.
وسمع بالقاهرة من الزَّوجَين ابن نجا وفاطمة بِنْت سعد الخير.
وبدمشق من: ابن طَبَرْزَد.
روى عَنْهُ: أَبُو عَلِيّ بْن الخلّال، وغيره.
وَتُوُفّي فِي ذي القعدة بدمشق.
532- مُحَمَّد بْن سَنْجَر شاه [1] بْن غازي بْن مودود.
الملك المعظّم صاحبُ الجزيرة العُمَريّة، وابن صاحبها.
بقي فِي المُلْك ثلاثا وأربعين سنة، ولَقَبُه مُعِزّ الدّين.
تزوَّج ابنُه ببنت بدر الدّين صاحب المَوْصِل.
وكان ديّنا قبل السّلطنة، فلمّا طالت أيّامه تَجَبَّر وظلم
وتَفَرْعَنَ.
وكان صاحب مصر الكامل يُهاديه ويُراسله، وكذا الخليفة وصاحب الموصل
ويحترمونه، لكونه بقيّة البيت الأتابكيّ.
تملّك الجزيرة بعد أَبِيهِ الملك المسعود زوج بِنْت صاحب الموصل،
فبغى عَلَيْهِ صاحب الموصل وغرّقه.
533- مُحَمَّد بْن أَبِي بكر [2] عَبْد اللَّه بْن أَبِي
السّعادات.
أَبُو عَبْد اللَّه البغداديّ، الدّبّاس، الحنبليّ.
من كبار علماء الحنابلة. كَانَ صالحا، ديِّنًا، خيرا، صابرا عَلَى
تعليم العِلْم. أعاد بالمستنصريّة مدّة.
__________
[1] انظر عن (محمد بن سنجر شاه) في: المختار من تاريخ ابن الجزري
229، والوافي بالوفيات 3/ 140 رقم 1087.
[2] انظر عن (محمد بن أبي بكر) في: المختار من تاريخ ابن الجزري
229، وتذكرة الحفاظ 4/ 4111، وسير أعلام النبلاء 23/ 154 دون
ترجمة، والذيل على طبقات الحنابلة لابن رجب 2/ 245، 246 رقم 354،
ومختصره 72، والمنهج الأحمد 382، والدرّ المنضّد 1/ 389، 390 رقم
1071، وشذرات الذهب 5/ 242، 243، وتاريخ علماء المستنصرية 139،
140.
(47/402)
وسمعَ من: عُبَيْد اللَّه بْن شاتيل، ونصرِ
اللَّه القزّاز.
وقرأ بنفسه عَلَى أصحاب ابن الحُصَيْنِ.
تُوُفّي فِي شعبان. قاله الْجَزَريّ [1] .
وقد ذكره ابن النّجّار، وروى عَنْهُ حديثا، وأطنب فِي مدحه
وتضخيمه، رحمه اللَّه.
534- مُحَمَّد بْن عَبْد القادر بْن مُحَمَّد بْن أَبِي سهل.
أَبُو عَبْد اللَّه الصّوفيّ البَنْدَنِيجيّ.
شيخ صالح، سَمِعَ من: يحيى بْن بَوْش.
ومات فِي جمادى الآخرة.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، ومجد الدّين العديميّ.
535- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد [2] بْن عُمَر بْن أَبِي بَكْر بْن
منصور بْن أَبِي سعد.
مجدُ الدّين أَبُو عَبْد اللَّه الإسْفَرَايينيّ الصّوفيّ المعروف
بابن الصّفّار.
وُلِدَ يوم عاشوراء سنة سبع وثمانين وخمسمائة بأسفرايين.
وسمع بنَيْسابور من: المؤيَّد الطُّوسيّ، والقاسم بْن عَبْد اللَّه
الصّفّار، وعثمان بْن أَبِي بَكْر الخَبُوشانيّ، وزينب
الشِّعْريّة، وغيرهم.
وكان صوفيّا محدّثا عالِمًا. وُليّ القراءةَ بدار الحديث من أوَّل
ما فُتحت، وكان مليحَ القراءة، متزهّدا، كثير السُّكُون، صحيح
الكتابة.
روى عَنْهُ: الشَّيْخ زَيْن الدّين الفارقيّ، والخطيب شَرَف الدّين
الفَزَاريّ، وبهاء الدّين ابن المقدسيّ، وركن الدّين الطّاووسيّ،
وَمُحَمَّد بْن مُحَمَّد الكنْجي، وجلال الدّين النّابُلُسيّ
الحاكم، وجماعة.
__________
[1] في المختار من تاريخه للذهبي 229.
[2] انظر عن (محمد بن محمد) في: ذيل الروضتين 186، والعبر 5/ 200،
وتذكرة الحفاظ 4/ 1412، وسير أعلام النبلاء 23/ 258 رقم 170، وذيل
التقييد للفاسي 1/ 240، 241 رقم 469، وشذرات الذهب 5/ 243.
(47/403)
بالحضور: العماد ابن البالِسيّ، وغيره.
تُوُفّي بالسُّمَيْساطِيّة فِي تاسع عشر ذي القِعدة [1] .
536- مُحَمَّد ابن الوزير نصير الدّين بْن مهديّ بْن حمزة [2] .
أَبُو عَبْد اللَّه العَلَويّ، البغداديّ، الأديب.
وُليّ نظر الخزانة فِي دولة أَبِيهِ، فلما نُكِب أَبُوهُ حُبسَ
هذا، ثُمَّ أُخرِج عَنْهُ وخمل أمره.
بقي إلى هذه السّنة.
537- محمود بْن الْحُسَيْن بْن أَبِي الفوارس.
القاضي أَبُو الثّناء الشَّهْرَزُوريّ، الشّافعيّ، قاضي كَفَرْطاب.
وُلِدَ بالطّالقان، من نواحي شَهْرَزُور.
وحدَّث عن: عُمَر بْن طَبَرْزَد.
تُوُفّي فِي رجب بكفر طاب.
538- مَسْعُود بْن عَبْد اللَّه.
أَبُو الخير التّكْرُوريّ الزّاهد، صاحب المحدّث عزّ الدّين بْن
هلال.
سَمِعَ من: منصور الفُرَاويّ، وَأَبِي رَوْح عَبْد المُعِزّ، وزينب
الشِّعْريّة.
وسكن مُنْيَةَ بني خصيب إلى حين وفاته.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وغيره.
وَتُوُفّي فِي صفر.
539- مظفّر بْن عَبْد الملك [3] بن عتيق بن مكّيّ.
__________
[1] في تذكرة الحفاظ 4/ 1412 توفّي سنة 646 هـ.
[2] انظر عن (محمد ابن الوزير نصير الدين) في: المختار من تاريخ
ابن الجزري 227، 228.
[3] انظر عن (مظفّر بن عبد الملك) في: الإشارة إلى وفيات الأعيان
348، والإعلام بوفيات الأعلام 270، والعبر 5/ 201، وسير أعلام
النبلاء 23/ 268 رقم 177، والمشتبه في الرجال 2/ 512، وتذكرة
الحفاظ 4/ 1411، والنجوم الزاهرة 7/ 22، وشذرات الذهب 5/ 243.
(47/404)
أَبُو منصور الفِهْريّ، ابن الفُوِّيّ [1]
، الإسكندرانيّ، المالكيّ، الشّاهد.
ولد سنة ثمان وخمسين وخمسمائة.
وسمع من: السِّلَفيّ.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وَأَبُو القاسم بْن بَلَبَان، وَعَبْد
الرَّحْمَن بْن عَبْد الوهّاب بن عطيّة، وأبو محمد ابن
الصَّيْرفيّ، وَأَبُو الهُدَى عيسى السَّبْتيّ، وعدّة.
تُوُفّي سلْخ ذي القِعدة.
- حرف الهاء-
540- هديّة بِنْت مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن خميس المغربيّ.
أمُّ الفتح الحلبيّة الواعظة.
تروي عن: يحيى الثَّقَفيّ.
روى عَنْهَا: ابن الحُلْوانيّة، وابن الظّاهريّ، والدّمياطيّ،
وسُنْقُر الزِّينيّ، وإسحاق الصّفّار، وجماعة.
وماتت فِي ثامن رجب.
- حرف الياء-
541- يحيى بْن عُمَر.
أَبُو المفضَّل البغداديّ، التّاجر، المطرّز.
حدّث عن: حنبل، وابن طبرزد.
روى عنه: الدمياطي، وغيره.
ومات بالقاهرة. وكان يعرف بابن صهير.
__________
[1] تصحّفت هذه النسبة في تذكرة الحفاظ إلى: «القوي» بالقاف. وقد
ضبطها المؤلّف- رحمه الله- في المشتبه بضم الفاء وكسر الواو
المشدّدة.
(47/405)
542- يوسف بْن خليل [1] بْن قُرَاجا بْن
عَبْد اللَّه.
الحافظُ شمسُ الدّين، أَبُو الحَجّاج الدّمشقيّ الأَدَميّ، نزيل
حلب.
وُلِدَ سنة خمسٍ وخمسين وخمسمائة بدمشق. وكان مشتغلا بصنعته إلى أن
صار ابن نيّفٍ وثلاثين سنة، فأخذ يسمع الحديث.
فسمع من: يحيى الثّقفيّ، وَأَحْمَد بْن حمزة بْن المَوَازِينيّ،
وابن صَدَقَة الحرّانيّ.
ثُمَّ طلب الحديث وكتب الطِّباق، ونسخ أجزاء، وتخرج عَنْهُ الحافظ
عَبْد الغنيّ، وسمع منه الكثير.
وكان شابّا، فطِنًا، مليح الخطّ، فحسّن لَهُ الحافظ الرّحلة وإدراك
الأسانيد العراقيّة، فرحل إلى بغداد سنة ثمانٍ [2] وثمانين، وسمع
بِهَا الكثير من ذاكر بْن كامل، ويحيى بْن بوش، وابن كليب، ورجب بن
مذكور، وَأَبِي منصور بْن عَبْد السّلام، وَعَبْد اللَّه بْن
المبارك الأَزَجيّ، وخلْق من أصحاب ابن الحصين، وغيره.
__________
[1] انظر عن (يوسف بن خليل) في: صلة التكملة لوفيات النقلة
للحسيني، ورقة 62، والإشارة إلى وفيات الأعيان 348، والإعلام
بوفيات الأعلام 270، والعبر 5/ 201، وتذكرة الحفاظ 4/ 1410، وسير
أعلام النبلاء 23/ 151- 155 رقم 104، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد
للدمياطي 213، والذيل على طبقات الحنابلة لابن رجب 2/ 244، 245 رقم
353، ومختصره 72، وذيل التقييد للفاسي 2/ 319، 320 رقم 1714،
والنجوم الزاهرة 7/ 22، وعقد الجمان للعيني (المطبوع) 1/ 45،
والسلوك لمعرفة دول الملوك للمقريزي ج 1 ق 2/ 381، والمنهج الأحمد
382، وطبقات الحفاظ للسيوطي 495، 496 رقم 1100، وتاريخ الخلفاء، له
476، والمقصد الأرشد، رقم 1263، وديوان الإسلام لابن الغزّي 4/
395، 396 رقم 2213، والدرّ المنضّد 1/ 389 رقم 1070، وشذرات الذهب
5/ 243، 244، وكشف الظنون 278، وهدية العارفين 2/ 554، والتاج
المكلّل للقنوجي 240، 241، وإعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء
للطباخ 4/ 399- 401 رقم 211، والأعلام 8/ 229، ومعجم المؤلفين 13/
297.
[2] جاء في الأصل فوق كلمة ثمان: «أو 7» .
(47/406)
ورجع إلى بلده بحديث كثير، وقد فهم وحفظ،
وصار من خيار الطَّلَبة، فبقي متطلّعا إلى ما بأصبهان من العوالي
فِي هذا الوقت، فرحل إليها فِي سنة إحدى وتسعين، وأدرك بِهَا
إسنادا فِي غاية العُلُوّ. أكثر عن أصحاب أَبِي عَلِيّ الحدّاد.
وسمع الكثير من: مَسْعُود الحمّال، وخليل بْن بدر الدّاراني،
وَأَبِي الفضائل عَبْد الرحيم الكاغَديّ، وَأَبِي جَعْفَر مُحَمَّد
بْن إِسْمَاعِيل الطَّرَسُوسيّ، وَأَبِي طاهر بْن فاذشاه، وَأَبِي
المكارم اللّبّان، والكَرّانيّ، وناصر الويرج، وَمُحَمَّد بْن
أَحْمَد المهّاد، وَمُحَمَّد بْن الْحَسَن الأصفهبذ، وخلْق.
وكتب الكُتُبَ الكِبار والأجزاء، وحسُن خطّه، واتّسع حِفْظه، وجلب
إلى الشّام خيرا كثيرا، ثُمَّ رحل إلى مصر وسمع من: البُوصِيريّ،
وإسماعيل بْن ياسين، وَأَبِي الْجُود المقرئ، وفاطمة بِنْت سعد
الخير، وجماعة.
قَالَ عُمَر بْن الحاجب: سَأَلت أَبَا إِسْحَاق الصِرَّيْفِينيّ
عَنْهُ، فَقَالَ: حافظ ثقة، عالِم بما يُقرأ عَلَيْهِ، لا يكاد
يفوته اسمُ رَجُل.
وقال ابن الحاجب: وسألت الضّياء عَنْهُ فَقَالَ: حافظ، سَمِعَ
وحصّل الكثير، وهو صاحب رحلة وتَطْواف.
قَالَ ابن الحاجب: هُوَ أحد الرّحّالين بل واحدهم فضلا وأوسعهم
رحلة.
نقل بخطّه المليح ما لا يدخل تحت الحصر، وهو طيّب الأخلاق،
مَرْضِيّ الطّريقة، متقن، حافظ، ثقة.
قلت: روى عَنْهُ جماعة منِ كبار الحفّاظ.
وأنبا عَنْهُ: الحافظان الدّمياطيّ، وابن الظّاهريّ، وَمُحَمَّد
بْن سُلَيْمَان المغربيّ، وَمُحَمَّد بْن جوهر المقرئ، وعلي بْن
أَحْمَد الهاشميّ، والبهاء أيّوب بْن النّحّاس، وأخوه إِسْحَاق،
وعزّ الدّين عَبْد العزيز بْن العديم الحاكم، وأخوه عَبْد المحسن،
وطاهر بْن عَبْد اللَّه بْن العجميّ، وَعَبْد الملك بْن حنيفة،
وسُنْقُر الزَّيْنيّ، وَعَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد المخزوميّ،
وَأَبُو حامد المؤذّن، وتاج الدّين صالح الفَرَضيّ، وَأَبُو بَكْر
الدَّشْتيّ، وآخرون.
(47/407)
وممن يروي عَنْهُ فِي هذا الوقت، وهو سنة
أربع عشرة، ابن ساعد بمصر، ونحوه بِنْت النّصيبيّ بحماة، وابن
أخيها مُحَمَّد بْن أَحْمَد، وَأَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن العجميّ،
وإبراهيم وإسماعيل وَعَبْد الرَّحْمَن بنو صالح بْن العجميّ بحلب،
والعفيف إِسْحَاق الآمِديّ، والأمين مُحَمَّد بْن النّحاس بدمشق.
وقد خرّج لنفسه «معجما» سمعتُه من ابن الظّاهريّ، و «عوالي» و
«فوائد» كثيرة سمعنا عامّتها. وتفرّد بأشياء كثيرة من حديث أصبهان
لخرابها واستيلاء الهَلاك عليها، مَعَ أَنَّهُ ما رحل إليها حتّى
مضى من عُمره عُنْفُوانُ الشّبيبة، وصار ابن ستٍّ وثلاثين سنة.
تُوُفّي، رحمه اللَّه تعالى، فِي ليلة عاشر جمادى الآخرة [1] بحلب.
543- يونس بْن خليل [2] بْن قُراجا.
أَبُو مُحَمَّد الدّمشقيّ الأَدَميّ.
أخو الحافظ شمس الدّين يوسف.
وُلِدَ فِي أوّل سنة تسع وخمسين وخمسمائة.
وسمع مع أخيه من الخُشُوعيّ، وغيره.
ورحل معه إلى مصر متفرّجا، فسمع من: البُوصِيريّ، وإسماعيل بْن
ياسين ولزِم صنعته إلى أن تُوُفّي.
روى عنه: الشيخ تاج الدين عبد الرحمن، وأخوه الخطيب شرف الدّين،
والبدر ابن الخلّال، وَمُحَمَّد بْن يوسف الذّهبيّ، والحافظ أَبُو
مُحَمَّد بْن خَلَف، وَأَبُو المعالي بْن البالِسيّ، وجماعة.
تُوُفّي فِي الخامس والعشرين من المحرَّم بدمشق، وله تسعون سنة
إلّا سنة.
وإجازته موجودة لجماعة.
__________
[1] وقع في ديوان الإسلام 4/ 395 أن وفاته سنة 684 هـ، وهو خطأ.
[2] انظر عن (يونس بن خليل) في: سير أعلام النبلاء 23/ 154 في
ترجمة أخيه الّذي تقدّم قبله مباشرة.
(47/408)
- الكنى-
544- أَبُو بَكْر بْن إِسْمَاعِيل بْن جوهر بْن مصر.
الأنصاريّ، الدّمشقيّ، الفرّاء، التّاجر.
حدَّث عن: يوسف بْن معالي، والحسين بْن عَبْد اللَّه بْن شوّاش.
أخذ عَنْهُ ابن الحُلْوانيّة، والجمال ابن الصّابونيّ.
والتَقَى عُبَيْد الإسْعِرْديّ.
وَتُوُفّي فِي رجب.
545- أَبُو الفتح بْن أَبِي الغنائم بْن هبة الله بْن المبارك بْن
حيدرة.
السُّلَميّ.
سَمِعَ: حضورا من أَبِي الْحُسَيْن بْن المَوَازينيّ.
وَتُوُفّي فِي جمادى الآخرة.
وفيها وُلِدَ:
نورُ الدّين عَلِيُّ بْن أَبِي بَكْر بْن بُحْتُر الحنفيّ، فِي
شوّال، والمعينُ خطابُ بْن مُحَمَّد بْن نصار، وشمسُ الدّين
مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَلِيّ الرَّقّي القاضي، والشَّرَفُ
مُحَمَّدُ بْن فتح الدّين عَبْد اللَّه بْن القَيْسرانيّ، بحلب،
والجمالُ عَبْدُ القاهر بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد التّبْريزيّ
الخطيب قاضي سَلَمية بحرّان، والملكُ الأوحدُ شادي ابن الملك
الزّاهر صاحب حمص، والشّهابُ أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن معالي
الزَّعْتر، والشّمسُ مُحَمَّدُ بْن الخضر نقيب المالكيّ، والمحيي
يحيى بْن يحيى الرّواديّ الشّاهد، والفخرُ عثمانُ بْن مُحَمَّد بْن
قاضي القُضاة ابن درباس،
(47/409)
وعيسى بْن عَبْد الغنيّ بْن حازم المقدسيّ،
وشُهْدَة بِنْت المكين أَبِي الحَسَن الحصْنيّ بمصر، والنّورُ
محمود بْن أَبِي طَالِب بْن مَرْضِيّ الحَمَويّ، وإمامُ الدّين
مُحَمَّد بْن عُمَر بْن مُحَمَّد بْن الفارسيّ، ويعقوب بْن
مُحَمَّد التُّرْكُمانيّ، وَأَبُو بَكْر بْن عامر بْن شريط،
وَالشَّيْخُ أَحْمَدُ بْن مُحَمَّد الحرّانيّ المقرئ، وَعَبْدُ
الرَّحْمَن بْن العِزّ الفرّاء، وَالشَّيْخُ أَحْمَدُ بْن الفخر،
تقريبا، والتّقيُّ أَحْمَدُ بْن الشَّيْخ العِزّ الحنبلي، فِي
شعبان، وَأَحْمَدُ بْن قُطْب الدّين مُحَمَّد بْن القسطلانيّ،
والبدرُ عثمانُ بْن عَبْد الصّمد بْن الحَرَسْتانيّ، ومحيي الدّين
يحيى ابن قاضي زرع الشّيبانيّ، تقريبا.
(47/410)
سنة تسع وأربعين
وستمائة
- حرف الألف-
546- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بن عَبْد الصمد بْن
الْحُسَيْن بْن أحمد بْن تميم.
أَبُو بَكْر التّميميّ، الدّمشقيّ، الكاتب.
من أكابر الدّمشقيّين، ومن بيتٍ قديم.
سَمِعَ: القَاسِم بْن عساكر، وعمر بْن طبرزَد، والكِنْديّ، وغيرهم.
روى عنه: الشيخ زين الدين الفارقي، وَأَبُو عَلِيّ بْن الخلّال،
وَأَحْمَد بْن مُحَمَّد الصّوّاف، وجماعة.
وَتُوُفّي فِي سلْخ رجب عن ثلاثٍ وستّين سنة.
547- أَحْمَد بْن مُسْلِم [1] بْن أَبِي الفتح بْن أَبِي غانم.
أَبُو الْعَبَّاس، الْجَبَليّ، الحلبيّ.
سَمِعَ من: يحيى الثَّقَفيّ.
وحدّث بدمشق، وحلب.
وَتُوُفّي فِي حلب ليلة رابع شعبان. قاله الشريف.
ولم أر للدِّمياطيّ أخْذًا عنه.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن مسلم) في: بغية الطلب في تاريخ حلب لابن
العديم (المصوّر) 3/ 136 رقم 256 وفيه: «أحمد بن مسلم بن عبد الله،
أبو العباس الحلبي مولى بني العجمي» ، وتكملة إكمال الإكمال لابن
الصابوني 124 رقم 86.
(47/411)
وروى عنه: أبو حامد بن الصّابوني [1] ،
وقال: هُوَ من جَبَلَة بالسّاحل.
548- أَحْمَد بْن نصر [2] بْن أَبِي القاسم بْن أَبِي الْحَسَن.
أَبُو الْعَبَّاس بْن أَبِي السُّعُود التّميميّ، الحنظليّ،
الأَزَجيّ.
التّاجر المعروف بابن قُمَيْرَة، أخو يحيى.
شيخ معمّر، ولد سنة ثمان وخمسين وخمسمائة.
وسَمِعَ من: أبي مُحَمَّد عبد اللَّه بْن أَحْمَد بْن هبة اللَّه
بْن النَّرْسِيّ نصف جزء، وهو آخر من حدَّث عَنْهُ.
روى عنه: القاضي مجد الدّين ابن العديم، والحافظ شَرَفُ الدّين
الدّمياطيّ، والواعظ مُحَمَّد بْن الدَّواليبيّ.
تُوُفّي فِي أوائل هذا العام.
وقد روى عَنْهُ النّجّار وقال: شيخ متيقّظ، حَسَن الطّريقة، سافر
كثيرا إلى خُراسان، وخُوارزْم، والجزيرة، والشّام، ومصر، وهو من
أعيان التُّجّار، ذوي الثّروة الواسعة واليَسَار، رحِمَه اللَّه
تَعَالَى.
549- أَحْمَد بْن يوسف بْن عَبْد الواحد بْن يوسف [3] .
الفقيه العلّامة، أَبُو الفتح الأنصاريّ، الدّمشقيّ، ثُمَّ
الحلبيّ، الحنفيّ، الصّوفي.
تفقّه وبرع فِي عِلْم الخلاف والنَّظَر، وطُلِب إلى بغداد فوُليّ
بها تدريس
__________
[1] قال ابن الصابوني: سمعت منه بصنعاء الشام، وسألته عن مولده
فقال: في سنة سبع وستين وخمسمائة، لا يحقّ الشهر.
[2] انظر عن (أحمد بن نصر) في: الإعلام بوفيات الأعلام 271، وسير
أعلام النبلاء 23/ 286 رقم 193، وبغية الطلب في تاريخ حلب لابن
العديم (المصوّر) 3/ 178 رقم 283.
[3] انظر عن (أحمد بن يوسف) في: سير أعلام النبلاء 23/ 254 دون
ترجمة، وعقد الجمان للعيني (المطبوع) 1/ 57، 58، وإعلام النبلاء
بتاريخ حلب الشهباء للطبّاخ 4/ 402 رقم 214.
(47/412)
مذهبه بالمستنصريّة مدّة. ثُمَّ استأذن فِي
العَوْد إلى وطنه، فعاد إلى حلب ودرّس بِهَا بالمقدّميّة وبمدرسة
الحدّادين. ووُليّ مشيخة رباط سُنْقُر شاه بعد موت أَبِيهِ.
وروى عن: شيخه الافتخار الهاشميّ، وغيره.
تُوُفّي فِي شعبان.
550- أَحْمَد بْن أَبِي البركات.
واسم أَبِي البركات الخضِر بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن القاسم.
أَبُو العبّاس القرشيّ الدّمشقيّ، الطّبيب المعروف بابن المجريّ.
حدّث عن: الخُشُوعيّ، وَعَبْد اللّطيف بْن أَبِي سعد.
وحدّث بمصر، ومات بعجلون فِي ذي الحجّة.
551- إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه بْن جَابِر.
التّنُوخيّ، الحَمَويّ، الشّافعيّ، مدرّس الصّهيونيّة بحماه.
أجاز لَهُ أَبُو الخير القَزْوينيّ.
وسمع من: أَبِيهِ.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ.
مات فِي رمضان فِي عَشْر الثّمانين.
552- إِسْمَاعِيل بْن يحيى [1] بْن أَبِي الوليد.
أَبُو الوليد الأَزْديّ الغَرْناطيّ، العطّار.
سَمِعَ من: عَبْد المنعم الخَزْرجيّ، وَأَبِي بَكْر بْن حَسْنُون
وأخذ عَنْهُ القراءات.
وأجاز لبعض الفُضلاء فِي هذه السّنة، وانقطع خبره.
وقال لي ابن عمران السّبْتي: قرأ عليه شيخنا ابن الزّبير القراءات
السّبع
__________
[1] انظر عن (إسماعيل بن يحيى) في: ملء العيبة لابن رشيد الفهري 2/
171.
(47/413)
553- الأَعَزُّ بْنُ فَضَائل [1] بْن أَبِي
نصر بْن غَبّاسوه [2] بْن [العُلِّيق] [3] .
أَبُو نصر البغداديّ البابَصْريّ، ويُعرف أيضا بابن بُنْدُقَة.
سَمِعَ من: شُهْدة، وَعَبْد الحقّ اليُوسُفيّ، وَأَبِي المظفّر
أَحْمَد بْن حمدي، والمبارك بْن مُحَمَّد الزّبيديّ، وَعَبْد
الرَّحْمَن بْن يَعِيش القواريريّ.
وأجاز لَهُ أَبُو طاهر السِّلَفيّ. وكان شيخا صالحا متيقّظا، حَسَن
الطّريقة، كثير التّلاوة، عالي الرّواية. تفرّد «بموطّأ
القَعْنبيّ» عن شهدة، و «بالقناعة» لابن أبي الدّنيا، و «بكرامات
الأولياء» للخلّال.
روى عَنْهُ: ابن الحُلْوانيّة، ومجد الدّين العديميّ، وشَرَف
الدّين الدّمياطيّ، وجمال الدّين الشَّرَيْشيّ، وجمال الدّين
سُلَيْمَان بْن رطلين، وآخرون.
وحدَّث عَنْهُ بالإجازة القاضي ابن الحوريّ، وَأَبُو المعالي بْن
البالِسيّ، وَمُحَمَّد النّجديّ.
وعنه: [عَبْد] [4] الملك بْن تَيْميّة، وابن عمّه، وعلي بْن
السّكاكريّ، وبِنْت مؤمن، وزينب بِنْت الكمال، وجماعة.
وَتُوُفّي فِي سادس عشر رجب.
- حرف الباء-
554- بركة بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عمّارة.
الحريميّ.
__________
[1] انظر عن (الأعزّ بن فضائل) في: صلة التكملة لوفيات النقلة،
للحسيني، ورقة 65، والإشارة إلى وفيات الأعيان 349، والإعلام
بوفيات الأعلام 271، والعبر 5/ 202، وسير أعلام النبلاء 23/ 238،
239 رقم 157، والوافي بالوفيات 9/ 290 رقم 4216، وذيل التقييد
للفاسي 1/ 484 رقم 946، والنجوم الزاهرة 7/ 24، وشذرات الذهب 5/
244.
[2] في الأصل «عباس» ، والمثبت من مصادر الترجمة، وفي الوافي:
«غباسوه» بالغين المعجمة.
[3] في الأصل بياض، والمستدرك من مصادر الترجمة.
[4] من سير أعلام النبلاء 23/ 239.
(47/414)
روى عن: فارس بْن المشاهر، وأفضل بْن أَبِي
الْحَسَن الخبّاز.
روى عنه: الدّمياطيّ، وغيره.
- حرف الجيم-
555- جعفر بن عبد الرحمن [1] .
أبو الفضل الحلبيّ، الزّاهد، المعروف بالسرّاج.
سمع من: الافتخار الهاشميّ، وجماعة.
ومات في شعبان.
- حرف الحاء-
556- حمدان بن شبيب [2] بن حمدان.
أبو الثّناء الحزاميّ العطّار، والد العلّامة نجم الدّين.
روى عن: أَبِي ياسر بْن أَبِي حبّة.
وعنه: الدّمياطيّ، وابن الطّاهريّ، وطائفة.
مات فِي صفر بحَرَّان.
- حرف الخاء-
557- الخضِر بْن الْحَسَن [3] بْن عامر.
شمسُ الدّين، أَبُو القاسم الحلبيّ، ابن قاضي الباب. ويدعى بعبد
المجيد.
__________
[1] انظر عن (جعفر بن عبد الرحمن) في: تاريخ ابن الوردي 2/ 188،
189 وفيه: «تاج الدين جعفر بن محمود بن سيف» ، وإعلام النبلاء
بتاريخ حلب الشهباء للطبّاخ 4/ 401 رقم 212.
[2] انظر عن (حمدان بن شبيب) في: صلة التكملة لحسيني، ورقة 57.
[3] انظر عن (الخضر بن الحسن) في: بغية الطلب في تاريخ حلب لابن
العديم (المصوّر) 7/ 376 رقم 1029، وإعلام النبلاء بتاريخ حلب
الشهباء للطباخ 4/ 401 رقم 213.
(47/415)
سَمِعَ: يحيى الثّقفيّ.
وعنه: ابن الظّاهريّ، والدّمياطيّ، وإسحاق النّحّاس، وجماعة.
ومات فِي ذي القعدة.
- حرف السين-
558-[سالم] [1] بْن ثمال [2] بْن عِنَان بن واقد بن مستفاد.
أبو المرجّى السّنبسيّ، العُرْضيّ، ثُمَّ الدّمشقيّ.
وُلِدَ سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة، وطلب الحديث وأكثر من السّماع
إلى الغاية لا سيّما عن المتأخّرين.
وكان شيخا صالحا، حدّث عن: التّاج الكِنْديّ، وابن الحَرَسْتانيّ.
وسمع من: ابن سُلَيْمَان المَوْصِليّ، وأخيه.
روى عَنْهُ: الدِّمياطيّ، والفارقيّ، وَمُحَمَّد بْن مُحَمَّد
الكنْجيّ، وابن الخلّال، وغيرهم.
تُوُفّي فِي سلْخ شعبان بدمشق.
559-[.....] [3] بْن إِسْمَاعِيل.
الأَسَديّ، الدّمشقيّ الرّام.
وُلِدَ فِي سنة أربع وستّين وخمسمائة بالعُقِّيبة.
وحدَّث عن: حنبل، وابن طَبَرْزَد.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ.
وَتُوُفّي بقلعة دمشق فِي ذي القعدة.
__________
[1] في الأصل بياض. والاستدراك من: سير أعلام النبلاء 23/ 254.
[2] في السير: «ثمالي» .
[3] في الأصل بياض، ولم أتبيّنه.
(47/416)
- حرف العين-
560- عَبْد اللَّه بْن أَبِي المكارم [1] عَبْد المنعم بْن أَبِي
الفضائل أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن فضائل بْن عشائر.
أَبُو حامد السُّلَميّ، الحنفيّ، الحلبيّ.
شيخ صالح معمّر. وُلِدَ فِي شهر جمادى الأولى سنة إحدى وستّين
وخمسمائة بحلب.
وسمع من: أَبِيهِ ومن: الْحَسَن بْن عَلِيّ البطليوسيّ، وَأَبِي
الفَتْح عُمَر بْن عَلِيّ الْجُوَيْنيّ.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وابن الظّاهريّ، وجماعة.
ومن القدماء: مجد الدّين ابن العديم، وغيره.
وَتُوُفّي فِي رابع شعبان.
قرأ عَلَيْهِ الدّمياطيّ «رسالة القُشَيْريّ» عن الْجُويْنيّ، عن
الشّاذياخي.
561- عَبْد الجليل بْن مُحَمَّد [2] بْن عَبْد اللَّه بْن تغري بْن
القاسم.
أَبُو مُحَمَّد الْقُرَشِيّ، المصريّ، الطّحاويّ، المالكيّ، الرّجل
الصّالح.
وُلِدَ سنة سبْعٍ وستّين بطحا، وسمع بمنْية بني خصيب من: عَلِيّ
بْن خَلَف الكوميّ.
ونسخ كثيرا بخطّه من الحديث. وكان صحيح النَّقْل، ثقة، فاضلا،
محدّثا.
وُليّ خطابة الجامع الطُّولونيّ، وسمع من المتأخّرين. وله إجازة من
البُوصيريّ وطبقته، ولم يزل يطلب الحديث إلى حين وفاته.
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن أبي المكارم) في: سير أعلام النبلاء 23/
254 دون ترجمة.
[2] انظر عن (عبد الجليل بن محمد) في: سير أعلام النبلاء 23/ 254
دون ترجمة، وتحفة الأحباب للسخاوي 394.
(47/417)
روى [عَنْهُ] [1] الدّمياطيّ،
والأَبَرْقُوهيّ، وجماعة.
وَتُوُفّي بالشّارع فِي رابع رمضان.
562- عَبْد الخالق بْن الأنجب بْن المعمّر بْن الحَسَن [2] .
الفقيه الملقّب بالحافظ أَبُو مُحَمَّد ضياء الدّين العراقيّ،
النَّشْتِبْرِيّ [3] الماردينيّ، نزيل دُنَيْسَر، وماردين.
سَمِعَ ببغداد من: أَبِي الفتح بْن شاتيل، وَأَبِي بَكْر الحازميّ،
وابن كُلَيْب، وَأَبِي الفَرَج بْن الْجَوْزيّ.
وسمع بمصر من: إِسْمَاعِيل بْن ياسين.
وبدمشق من: إِسْمَاعِيل الْجَنْزويّ، وبركات الخُشُوعيّ.
قَالَ عُمَر بْن الحاجب: سَأَلت الحافظ الضّياء عَنْهُ فَقَالَ:
صحِبَنَا فِي السَّماع ببغداد، وما رأينا منه إلّا الخير.
وبَلَغَنَا أَنَّهُ فقيهٌ حافظ.
وقال غيره: كَانَ فقيها مناظرا متفنّنا، كثير الموادّ.
__________
[1] إضافة على الأصل يقتضيها السياق.
[2] انظر عن (عبد الخالق بن الأنجب) في: معجم البلدان 5/ 286،
وإكمال الإكمال لابن نقطة (نسخة دار الكتب المصرية) ، ورقة 50،
وصلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني، ورقة 67، والإشارة إلى وفيات
الأعيان 349، والإعلام بوفيات الأعلام 271، والعبر 5/ 202، وسير
أعلام النبلاء 23/ 239- 248 رقم 158، والمشتبه في الرجال 1/ 380،
والوافي بالوفيات 18/ 91، 92 رقم 96، وذيل التقييد للفاسي 2/ 119
رقم 1268، وتوضيح المشتبه لابن ناصر الدين 5/ 232، وتبصير المنتبه
763، والدليل الشافي 1/ 395، والنجوم الزاهرة 7/ 24، والمنهل
الصافي 2/ 283، وشذرات الذهب 5/ 244، 245، وديوان الإسلام لابن
الغزّي 4/ 323 رقم 2103.
[3] النّشتبري: بنون مكسورة، وقد تفتح، ثم شين معجمة ساكنة، ثم تاء
مثناة مفتوحة، ثم موحّدة ساكنة ثم راء، فياء. نسبة إلى نشتبرى قرية
كبيرة ذات نخل وبساتين تختلط بساتينها ببساتين شهربان من طريق
خراسان من نواحي بغداد. (معجم البلدان) .
وجاء في شذرات الذهب: إنه البشيري بفتح الباء الموحّدة وكسر
المعجمة وبعد الياء راء نسبة إلى قلعة بشير بنواحي الدوران من بلاد
الأكراد. والمعتمد ما ذكرته المصادر: معجم البلدان، وإكمال ابن
نقطة، والمشتبه، والتوضيح، والتبصير.
(47/418)
وقال الشريف عزّ الدّين الحافظ: كَانَ يذكر
أنّه ولد في سنة سبع وثلاثين وخمسمائة، وَأَنَّهُ أجاز لَهُ جماعة
منهم أَبُو الفتح الكَرُوخيّ.
قلت: أحضر لنا الأمير أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن التِّيتي
إجازة عتيقة قد أجاز فيها لعبد الخالق بْن الأنجب النِّشْتِبْريّ
ولغيره فِي سنة إحدى وأربعين جماعةٌ من شيوخ نَيْسابور لعبد اللَّه
بْن الفَرَاويّ، وَعَبْد الخالق بْن زاهر الشّحّاميّ، لكنّها
لعلّها لأخٍ لصاحب الترجمة اسمه باسمه فيما أُرى.
وقد رحل ابن الحاجب وغيره بعد العشرين ولم يعرف بهذه الإجازة، ولو
عرف بِهَا فِي ذَلِكَ الزّمان لكانت من أعلى [1] ما يُروى، فكيف
فِي هذا الوقت؟! وكذا شيخنا الدّمياطيّ لم يعبأْ بهذه الإجازة ولا
سَمِعَ عَلَيْهِ بها.
وأمّا السراج ابن شُحَانَة فقرأ عَلَيْهِ بِهَا «الأربعين» لعبد
الخالق الشّحّاميّ فِي سنة إحدى وأربعين وستّمائة بجامع آمِد.
وقال الدّمياطيّ: مات فِي الثاني والعشرين من ذي الحجّة، وقد جاوز
مائة [2] . وكان فقيها عالما. ثُمَّ قيّد النِّشْتِبْري بكسر أوّله
وثالثه. وقول الدّمياطيّ إنّه جاوز المائة فِيهِ نزاع، فإنّ الحافظ
ابن النّجّار قَالَ: بَلَغَني أَنَّهُ ادّعى الإجازة من موهوب بْن
الجواليقيّ والكَرُوخيّ وجماعة، وروى عَنْهُمْ. وما أظنّ سِنَّة
يحتمل ذَلِكَ.
قلت: الإجازة صحيحة إنْ شاء اللَّه مَعَ إقراره بأنّها لَهُ وبأنّه
وُلِدَ فِي حدود سنة أربعين وخمسمائة.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، ومجد الدّين بْن العديم، وجمال الدّين ابن
الظّاهريّ، وشمس الدّين عَبْد الرَّحْمَن بْن الزَّين، وابن
التّيْتيّ المذكور.
ومن القدماء: الحافظ أَبُو عبد الله البرزالي، وغيره.
__________
[1] في الأصل: «أعلا» .
[2] انظر عنه في: أهل المائة فصاعدا للذهبي- ص 137.
(47/419)
وبالإجازة: أَبُو المعالي بْن البالِسيّ،
وشيخنا أَبُو عَبْد اللَّه بْن الدّباهيّ، وجماعة بقيد الحياة [1]
.
563- عَبْد الدَائم بْن عَبْد المحسن [2] بْن إِبْرَاهِيم.
الشَّيْخ عماد الدّين بْن الدّجاجيّ، الأَنْصَارِيّ، المصريّ.
ولد سنة أربع وسبعين وخمسمائة.
وسمع من: إِسْمَاعِيل الزّيّات، وَمُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن
المسعوديّ، وَأَبِي الجيوش عساكر بْن عَلِيّ.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وَعُبَيْد الإسعِرْديّ، وإبراهيم بْن عيسى
الزّيّات، وَمُحَمَّد بْن عَبْد القويّ بْن عزون، وجماعة.
ومات فِي شهر ربيع الأوّل، وختم أصحابه بيوسف بْن عُمَر الختنيّ.
564- عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد السّلام بْن إِسْمَاعِيل [3] .
القاضي العلّامة أَبُو الفضل اللَّمْغانيّ، ثُمَّ البغداديّ،
الحنفيّ، مدرّس المستنصريّة.
كَانَ شيخ المذهب فِي زمانه. أخذ عَنْهُ أئمّة وفُضَلاء.
وروى عن أَبِيهِ القاضي أَبِي مُحَمَّد.
روى عَنْهُ الدّمياطيّ فَقَالَ: أَخْبَرَنَا قاضي القضاة شرقا
وغربا كمال الدّين:
أنا أبي، فذكر حديثا.
__________
[1] طوّل المؤلّف- رحمه الله- ترجمته في: سير أعلام النبلاء، فذكر
أسماء الشيوخ الذين أجازوه.
[2] انظر عن (عبد الدائم بن عبد المحسن) في: سير أعلام النبلاء 23/
254 دون ترجمة.
[3] انظر عن (عبد الرحمن بن عبد السلام) في: صلة التكملة لوفيات
النقلة للحسيني، ورقة 65، والحوادث الجامعة 157، وسير أعلام
النبلاء 23/ 250 رقم 161، والوافي بالوفيات 18/ 158، 159 رقم 201،
والبداية والنهاية 13/ 181، 182، والجواهر المضيّة 1/ 301، 302 رقم
803، والعسجد المسبوك 2/ 584، 585، والسلوك ج 1 ق 2/ 382، وعقد
الجمان (المطبوع) 1/ 56، والمنهل الصافي 7/ 184، 185 رقم 1383،
والدليل الشافي 1/ 400 رقم 1379.
(47/420)
تُوُفّي فِي حادي عشر رجب عن خمسٍ وثمانين
سنة.
565- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد [1] بْن عَبْد الرَّحْمَن.
الأستاذ أَبُو القاسم بْن رحمون المصْموديّ، النَّحْويّ.
أخذ العربيَّةَ من ابن خَرُوف. وكان ذا لَسن وفصاحة. وكان يُقِرئ
«كتاب سِيبَوَيْه» . وله صِيت وشُهرة ومشاركة فِي فنون، ومعرفة
جيّدة بالنّحو.
مات بسَبْتة فِي صفر سنة تسعٍ ورّخه ابن الزُّبَيْر.
566- عَبْد الظّاهر بْن نشوان [2] بْن عَبْد القاهر بْن نجدة.
الأمير رشيد الدّين أَبُو مُحَمَّد الْجُذَاميّ، المصريّ، المقرئ،
النَّحْويّ الضرير.
من ذرّيّة رَوْح بْن زنْباع، رحمه اللَّه.
قرأ القراءات عَلَى أَبِي الْجُود، والنّحْو عَلَى ... [3] .
وسمع من: أَبِي القاسم البُوصِيريّ، وَأَبِي عَبْد اللَّه
الأرتاحيّ.
وتصدّر للإقراء مدّة. وتخرَّج بِهِ جماعة. وكان مُقرِئ الدّيار
المصريّة فِي زمانه.
قرأ عَلَيْهِ شيخنا النّظام التِّبْريزيّ ختمة.
وأخذ عَنْهُ القراءات عدّة أئمّة، وازدحموا عليه.
__________
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن محمد) في: الوافي بالوفيات 18/ 239 رقم
291، وبغية الوعاة 2/ 86.
[2] انظر عن (عبد الظاهر بن نشوان) في: ذيل الروضتين 187، ومفرّج
الكروب 5/ 164، وصلة التكملة لوفيات النقلة، للحسيني 1/ ورقة 63،
والعبر 5/ 202، والإشارة إلى وفيات الأعيان 348، 349، والإعلام
بوفيات الأعلام 271، وسير أعلام النبلاء 23/ 254 دون ترجمة، ومعرفة
القراء الكبار 2/ 650 رقم 619، والوافي بالوفيات 18/ 463، 464 رقم
486، ونكت الهميان 194، ودرّة الأسلاك 1/ ورقة 6، وغاية النهاية 1/
391، 392، ونهاية الغاية، ورقة 97، وبغية الوعاة 2/ 97، وحسن
المحاضرة 1/ 500، وشذرات الذهب 5/ 245، والسلوك ج 1 ق 2/ 382.
[3] في الأصل بياض.
(47/421)
وكان وجيها عند الخاصّة والعامّة.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، والحدّاد.
ومات فِي جُمادى الأولى [1] .
وهو والد الكاتب البليغ القاضي محيي الدّين.
567- عَبْد العزيز بْن يحيى [2] بْن أَبِي بَكْر بْن مُحَمَّد بْن
يحيى.
أَبُو نصر بْن الزَّبِيديّ، الرَّبَعِيّ، الفَرَسِيّ، من ربيعة
الفَرَس.
كَانَ أسْنَد من بقي ببغداد.
ولد سنة ستّين وخمسمائة، وسمع من: أَبِي عَليّ أَحْمَد بْن
مُحَمَّد الرَّحَبيّ، وَأَبِي المكارم مُحَمَّد بْن أَحْمَد
الظّاهريّ.
وسمع من: شُهْدَة، والحسين بْن عَلِيّ السّمّاك، وَأَبِي نصر يحيى
بْن السَّدَنْك.
ومن مَرْوِيّاته عشرة أجزاء من أوّل «مَصَارع العُشّاق» عَلَى
شُهْدَة.
روى عَنْهُ: الحافظ شَرَفُ الدّين الدّمياطيّ، وقال: تُوُفّي فِي
سلْخ جمادى الأولى.
وأجاز لابن الشّيرازيّ، وَأَحْمَد بْن مُحَمَّد البجديّ، وعلي بْن
السّكاكريّ، وَعَبْد الملك بْن تَيْمِيّة، وابن عمّه، وستّ الخطباء
بنت البالسيّ، وطائفة.
__________
[1] ومن شعره مما كتبه إلى بعض ملوك بني أيوب يطلب حوض طين في
بهتيم:
يا أيّها الملك الّذي إنعامه ... للناس أنفع من سحاب ممطر
بهتيم فيها فضلة في طينها ... جد لي به من فضلك المستثمر
حوض متى أعطيته لي منعما ... فجزاك عند الله حوض الكوثر
وله: «شرح العنوان» ، وكتاب «قبضة العجلان في مخارج الحروف» ، وله
«شرح بعض المفصّل» . (الوافي بالوفيات) .
[2] انظر عن (عبد العزيز بن يحيى) في: صلة التكملة لوفيات النقلة
للحسيني، ورقة 63، والإشارة إلى وفيات الأعيان 349، والإعلام
بوفيات الأعلام 271، والعبر 5/ 203، وسير أعلام النبلاء 23/ 251،
252 رقم 164، والعسجد المسبوك 2/ 583 وفيه: «عبد العزيز بن المبارك
بن محمد الزبيدي» ، والنجوم الزاهرة 7/ 24، وشذرات الذهب 5/ 245.
(47/422)
568- عَبْد اللّطيف بْن عَلِيّ [1] بْن
النّفيس بْن بورنداز.
الحافظ المفيد نورُ الدّين، أَبُو مُحَمَّد بْن أَبِي الْحَسَن
البغداديّ.
وُلِدَ سنة تسعٍ وثمانين وخمسمائة. وأجاز لَهُ ذاكر بْن كامل،
وغيره.
وسمع من: أَبِيهِ، وجعفر بْن موسان، وَعَبْد العزيز بْن منينا،
فمَن بَعدهم.
وحدّث وكتب الكثير، وأفاد.
أخذ عَنْهُ: الدّمياطيّ، وغيره.
وَتُوُفّي فِي الثّامن والعشِرين من ربيع الآخر عن ستّين سنة.
569- عَبْد الملك بْن عَبْد الكافي [2] بْن عَلِيّ بْن موسى بْن
حَجّاج.
رضيُّ الدّين أَبُو مُحَمَّد الرَّبَعيّ الشّاهد، الصّقِلّيّ،
ثُمَّ الدّمشقيّ، الشّافعيّ.
وُلِدَ سنة ستٍّ وثمانين، وسمع من: الخُشُوعيّ، وَمُحَمَّد بْن
الخصيب، والعماد الكاتب.
روى عنه: مجد الدّين ابن الحُلْوانيّة، وابنه الخطيب جمال الدّين
عَبْد الكافي، وغيرهما.
تُوُفّي فِي خامس شوّال.
570- عُبَيْد اللَّه بن عاصم [3] بن عيسى بن أحمد.
__________
[1] انظر عن (عبد اللطيف بن علي) في: الذيل على طبقات الحنابلة 2/
247 رقم 355، ومختصره 73، والمقصد الأرشد، رقم 655، والمنهج الأحمد
382، والدرّ المنضّد 1/ 390 رقم 1072.
[2] هو أخو «محمد بن عبد الكافي» الّذي ستأتي ترجمته بعد قليل برقم
(578) .
[3] انظر عن (عبيد الله بن عاصم) في: تكملة كتاب الصلة لابن الأبار
2/ 941 رقم 2186، وملء العيبة لابن رشيد الفهري 2/ 56، 93، 137،
وفيه: «عبيد الله بن عاصم بن عبيد الله بن حمد» ، والإشارة إلى
وفيات الأعيان 349، والإعلام بوفيات الأعلام 271، وسير أعلام
النبلاء 23/ 250، 251 رقم 162، والوافي بالوفيات 19/ 376، 377 رقم
353، والنجوم الزاهرة 7/ 24.
(47/423)
الخطيب أَبُو الْحَسَن [1] الأَسَديّ،
الرُّنْديّ، خطيب رُنْدَة وعالمها، ومُسْنِد الأندلس فِي وقته.
وُلِدَ فِي جمادى الأولى سنة اثنتين وخمسمائة.
وسمع من: الحافظَين أَبِي بَكْر بْن الجد، وَأَبِي عَبْد اللَّه
بْن زرْقون، والخطيب أَبِي القاسم بن حبيش، وأبي عبد الله بن
حُمَيْد، وَأَبِي الْحَسَن نَجَبَة بْن يحيى، وَأَبِي زيد
السُّهَيْليّ.
وكان من أهل العناية بالرّواية.
قَالَ الشريف عزّ الدّين: تُوُفّي فِي ذي الحجّة برُنْدَة.
571- عَلِيّ بْن أَبِي الفتح [2] بْن الوزير الكبير أَبِي الفَرَج
ابن رئيس الرؤساء.
كَانَ مفسِدًا مِقْدامًا. تبِع يهوديّا معه مالٌ فهجم دارَه فقتله
وأخذ المال، فصاحت الزّوجة فقتلها، وخرج، فتبِعَه الجيران، فأُخِذ
ووُسِّطَ عَلَى باب النُّوبيّ.
572- عَلِيّ بْن مُحَمَّد [3] بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن يحيى.
الصّدر الحافظ، أَبُو الْحُسَيْن الغافقيّ، السَّبْتيّ الشّاري،
نزيل مالقة.
والشّارة بشرقيّ الأندلس.
ولد سنة إحدى وسبعين وخمسمائة.
وسمع الكثير من: أَبِي مُحَمَّد بْن عُبَيْد الله.
__________
[1] في ملء العيبة: «أبو الحسين» .
[2] انظر عن (علي بن أبي الفتح) في: الحوادث الجامعة 253، والعسجد
المسبوك 2/ 581.
[3] انظر عن (علي بن محمد الغافقي) في: التكملة لكتاب الصلة لابن
الأبّار (نسخة الأزهرية) ج 3/ ورقة 80، والمطبوع/ رقم 1922،
وبرنامج شيوخ الرعينيّ 74، وجذوة الاقتباس 485، وملء العيبة لابن
رشيد الفهري 2/ 136، وصلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني، ورقة 66،
وسير أعلام النبلاء 23/ 275- 278 رقم 186، وصلة الصلة لابن الزبير
149، والإحاطة في أخبار غرناطة 4/ 187، والعسجد المسبوك 2/ 583،
وغاية النهاية 1/ 574، 575 رقم 2330، وذيل التقييد للفاسي 2/ 215
رقم 1467، والدليل الشافي 1/ 469، والوافي بالوفيات 22/ 95 رقم 42.
(47/424)
وسمع من: مُحَمَّد بْن غازي السَّبْتيّ،
وَأَبِي الْحُسَيْن بْن خير.
وأخذ العربيّة عن: أَبِي ذَرّ الخُشَنيّ، وَأَبِي الْحَسَن بْن
خَرُوف.
وأجاز لَهُ الإِمَام أَبُو زيد السُّهَيْليّ.
وسمع بفاس من أَبِي عَبْد اللَّه الفَنْدلَاويّ.
وأخذ القراءات عن: أَبِي زكريّا الهوزني.
وشارك فِي عدّة فنون مع الشرف والحشمة والمروءة الظّاهريّة، واقتنى
من الكتب شيئا كثيرا، وحصّل الأصول العتيقة، وروى الكثير.
وكان محدّث تلك النّاحية.
توفي في رمضان بمالقة.
وحكى لي ابن عمران السَّبْتيّ عن سبب إخراج أَبِي الْحُسَيْن
الشّاري من سَبْتَة إلى ابن خَلاص، وكِبار أهل سَبْتَة عزموا عَلَى
تمليك سَبْتَة ليحيى بْن عَبْد الواحد صاحب إفريقية، فَقَالَ
الشّاريُّ: يا قوم خير إفريقية بعيد عنّا وشرها. ورأيي مُداراة ملك
مَرّاكش. فلم يهنْ عَلَى ابن خَلاص، وكان مُطاعًا، فهيّأ مركبا
وأنزل فِيهِ أَبَا الْحَسَن وغرّبه عن سَبْتة إلى مالقة، وترك أهله
وماله بسَبْتة، وله بِهَا مدرسة مليحة كبيرة.
روى عَنْهُ: أَبُو جَعْفَر بْن الزُّبَيْر وأثنى عَلَيْهِ. وسمع
منه شيئا كثيرا، رحمه اللَّه تعالى.
573- عَلِيّ بْن هبة اللَّه [1] بْن سلامة بْن المسلّم بن أحمد بن
علي.
__________
[1] انظر عن (علي بن هبة الله) في: ذيل مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 786،
وذيل الروضتين 187، وصلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني 1/ ورقة
67، 68، والعبر 5/ 203، ومعرفة القراء الكبار 2/ 651، 652 رقم 620،
وسير أعلام النبلاء 23/ 253، 254 رقم 166، والإعلام بوفيات الأعلام
271، والإشارة إلى وفيات الأعيان 349، ودول الإسلام 2/ 156،
والمشتبه في الرجال 1/ 176، والعسجد المسبوك 2/ 583، 584، وغاية
النهاية 1/ 583، ونهاية الغاية، ورقة 173، وحسن المحاضرة 1/ 413،
وشذرات الذهب 5/ 246، وعقد الجمان 1/ 57، والمختار من تاريخ ابن
الجزري 231، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 298- 302، ومرآة
الجنان 4/ 119، وطبقات الشافعية الكبرى
(47/425)
الإِمَام العلّامة مُسْنِد الدّيار
المصريّة، بهاء الدّين أَبُو الْحَسَن اللَّخْميّ، المصريّ،
الشّافعيّ، الخطيب، المدرّس، ابن بِنْت أَبِي الفوارس
الْجُمَّيْزيّ.
وُلِدَ يوم عيد الأضحى سنة تسع وخمسين وخمسمائة بمصر، وحفظ القرآن
وهو ابن عَشْر سِنين أو أقلّ، ورحل بِهِ أَبُوهُ فسمع بدمشق من أبي
القاسم بن عساكر الحافظ في سنة ثمانٍ وستّين «صحيح الْبُخَارِيّ»
بفَوْتٍ قليل.
ورحل مَعَ أَبِيهِ إلى بغداد فقرأ بِهَا القراءات العَشْر عَلَى
أَبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن عساكر البطائحيّ بكتابه الَّذِي صنّفه
فِي القراءات. وسمع منه الكتاب أيضا.
وهو آخر من قرأ القراءات فِي الدّنيا عَلَى البطائحيّ، بل وآخر من
روى عَنْهُ بالسّماع.
وقرأ أيضا بالقراءات العَشْر عَلَى الإِمَام قاضي القُضاة أَبِي
سَعِيد بْن أَبِي عصرون ممّا تضمّنه «كتاب الإيجاز» تأليف أَبِي
ياسر مُحَمَّد بْن عَلِيّ المقرئ الحمّاميّ، وهو من جملة تلامذته.
فأخبرنا أَبُو الْحُسَيْن اليُونينيّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا
الْحَسَن بْن الْجُمَّيْزيّ يَقْولُ: قرأت عَلَيْهِ، يعني عَلَى
ابن عصرون، كتاب «المهذّب» لأبي إِسْحَاق الشّيرازيّ، وكان قد قرأه
عَلَى القاضي أَبِي عَلِيّ الفارِقيّ، عند المصنِّف، وذلك فِي سنة
خمسٍ وسبعين وبعدها. وألبسني فِي هذا التّاريخ شيخنا أَبُو سعد
الطَّيْلسان وشرّفني بِهِ عَلَى الأقران. وكتب لي لما ثبت عندي
عِلْم: الولد الفقيه الإِمَام بهاء الدّين أَبِي الْحَسَن بْن
أَبِي الفضائل، وفّقه اللَّه، ودينه وعدالته، رَأَيْت تمييزه من
بين أبناء جنسه وتشريفه بالطَّيْلَسان، والله يرزقه القيام بحقّه.
__________
[ () ] للسبكي 8/ 301- 340، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 377 379،
وطبقات الشافعية لابن كثير (مخطوط) ورقة 172 ب، 173 أ، والبداية
والنهاية 13/ 181، والوافي بالوفيات 24/ 284 رقم 212، وبرنامج شيوخ
الرعينيّ 177، والسلوك ج 1 ق 2/ 382، وطبقات الشافعية لابن قاضي
شهبة 2/ 449، 450 رقم 417، والنجوم الزاهرة 7/ 24، وذيل التقييد
للفاسي 2/ 225، 226 رقم 1490، والدليل الشافي 1/ 487، وعيون
التواريخ 20/ 53، 54، وتاريخ الخلفاء 476 وفيه: «البهاء ابن بنت
الحميري» وهو تصحيف، والبدر السافر، ورقة 35 ب، وتاريخ علماء بغداد
157.
(47/426)
وكتب عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عصرون:
سَمِعْتُ عَلَيْهِ كتاب «الوسيط» للواحديّ، وكتاب «الوجيز» لَهُ
أيضا، وكتاب «الوقف والابتداء» لابن الأنباريّ، وكتاب «الإيجاز»
فِي القراءات لأبي ياسر، أخبرني بِهِ عن أَبِي بَكْر المَزْرَقيّ،
وكتاب معالم السُّنَن، للخطّابيّ، وغير ذَلِكَ من الأجزاء.
قلت: وهو آخر تلامذة أَبِي سعد فِي الدّنيا. والعَجَبُ من القراء
كيف [لم] [1] يزحموا عَلَيْهِ ولا تنافسوا فِي الأخْذ عَنْهُ،
فإنّه كَانَ أعلى [2] إسنادا من كلّ أحدٍ فِي زمانه، فلعلّه كَانَ
تاركا للفنّ.
وسمع ببغداد من: شُهْدَة الكاتبة، وَعَبْد الحقّ اليُوسُفيّ،
وَأَبِي شاكر يحيى السَّقْلَاطُونيّ، وَمُحَمَّد بْن نسيم
العَيْشُونيّ.
وسمع بالإسكندريّة من: أَبِي طاهر السِّلَفيّ، وتفرّد عَنْهُ
بأشياء، وعن غيره.
وسمع من: أَبِي الطّاهر بْن عَوْف، وَأَبِي طَالِب أحمدَ بْن
المُسلَّم التّنُوخيّ.
وسمع بمصر من: عَبْد اللَّه بْن بَرِّيّ النَّحْويّ، وَأَبِي
القاسم بْن فِيُّره الشّاطبيّ، وقرأ عَلَيْهِ عدة ختمات ببعض
الرّوايات، وسمع منه «الموطّأ» وعدّة كتب.
وتفقّه بمصر عَلَى: أَبِي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن منصور
العراقيّ، والشّهاب مُحَمَّد بْن محمود الطُّوسيّ، ودرّس وأفتى
دهرا. وخطب مدّة بجامع القاهرة.
وكان رئيس العلماء فِي وقته، معظَّمًا عند الخاصّة والعامّة، كبير
القدْر، وافر الحُرمة، ولا تعلم أحدا سَمِعَ من السِّلَفيّ وابن
عساكر وشُهْدة سواه إلّا الحافظ عَبْد القادر بْن عَبْد اللَّه.
روى عَنْهُ خلْق من أهل دمشق وأهل مكّة وأهل مصر منهم: الزّكيّان
__________
[1] إضافة على الأصل يقتضيها السياق.
[2] في الأصل: «أعلا» .
(47/427)
المنذريّ والبِرْزاليّ، وابن النّجّار،
والدّمياطيّ، وابن دقيق العيد، وشَرَف الدّين أَبُو الْحُسَيْن
اليُونَينيّ، وضياء الدّين عيسى السّبتي، وفخر الدّين عثمان
التّوزريّ، وشهاب بْن عَلِيّ، وَمُحَمَّد بْن عَبْد الحميد
المؤدّب، ورضيّ الدّين إِبْرَاهِيم المَطِيريّ، وأخوه الصَّفِيّ
أَحْمَد، والقاضي تقيّ الدّين سُلَيْمَان، وَعَبْد الرَّحْمَن
ويحيى ابنا مُحَمَّد بْن عَلِيّ المكّيّ، والأمين مُحَمَّد بْن
النّحّاس، والشَّرَف مُحَمَّد بْن عَبْد الرّحيم الْقُرَشِيّ.
والمجبي مُحَمَّد بْن يوسف النَّحْويّ، وجماعة أحياء.
تُوُفّي فِي الرّابع والعشرين من ذي الحجّة، وقد كمّل التّسعين.
574- عُمَر بْن مُحَمَّد [1] بْن عُمَر.
أَبُو الفتح الأَبِيوَرْديّ، ثُمَّ الحلبيّ الصُّوفيّ الخيّاط.
وُلِدَ بحلب سنة ستٍّ أو سبع وخمسين وخمسمائة، وعمّر اثنتين وتسعين
سنة.
وحدَّث عَنْهُ: يحيى الثّقفيّ.
وكان خيّرا متصوّنا، روى عَنْهُ الحلبيّون.
مات فِي الثّاني والعشرين من ذي القعدة.
575- عيسى بْن أَبِي الحرم [2] مكّيّ بْن الْحُسَيْن بْن يقظان بْن
أَبِي الْحَسَن بْن فتيان بْن راجح بْن عامر بْن عَجْلان.
الشَّيْخُ سديدُ الدّين، أَبُو القاسم العامريّ، المصريّ،
الشّافعيّ، المقرئ، الحاكم، إمام جامع الحاكم.
__________
[1] انظر عن (عمر بن محمد) في: بغية الطلب لابن العديم (المصوّر) ج
10/ 293 رقم 1782 وفيه قال: لا يعرف إلّا بالكنية.
[2] انظر عن (عيسى بن أبي الحرم) في: صلة التكملة لوفيات النقلة،
للحسيني 1/ ورقة 67، والعبر 5/ 203، 204، وسير أعلام النبلاء 23/
254، 255 (دون ترقيم) ، والإشارة إلى وفيات الأعيان 349، والإعلام
بوفيات الأعلام 271، ومعرفة القراء الكبار 2/ 652 رقم 621، وغاية
النهاية 1/ 614 وفيه ابن أبي الحزم (بالزاي) ، وحسن المحاضرة 1/
501، وشذرات الذهب 5/ 246.
(47/428)
ولد قبل السّبعين وخمسمائة، وقرأ القراءات
عَلَى أَبِي القاسم الشّاطبيّ، وسمع منه «الشّاطبيّة» عرْضًا من
صدره.
وتصدّر للإقراء فتلا عَلَيْهِ جماعةٌ منهم شيخنا الموفّق بْن أَبِي
العلاء النَّصِيبيّ، ونور الدّين عَلِيّ بْن ظهير الكفْتي.
وممّن روى عَنْهُ: القاضي مجد الدّين العديميّ، وتقيّ الدّين يعقوب
بْن بدران الجرائديّ، وشيخنا مُحَمَّد بْن رضوان السِّمْسار،
والقاضي دانيال الكَرَكيّ يروي عَنْهُ «الشّاطبيّة» وعن السّخاويّ
قرأها عَلَيْهِ عَلِيّ بْن جوديّ المِهْرانيّ.
روى عَنْهُ الحافظ عَبْد العظيم أربعة أبيات من أوّل «الشّاطبيّة»
قَالَ:
أنشدنا الشّاطبيّ من حفظي.
تُوُفّي فِي الحادي والعشرين من شوّال، رحمه اللَّه تعالى.
- حرف القاف-
576- قيصر بْن أَبِي القاسم [1] بْن عَبْد الغنيّ بْن مسافر.
الرّئيس عَلَمُ الدّين تَعَاسِيف السُّلَميّ، الدّمشقيّ، الحنفيّ،
الكاتب.
ولد سنة خمس وسبعين وخمسمائة.
وسمع بالقاهرة من: الأثير بْن بيان، وَأَبِي الفضل مُحَمَّد بْن
يوسف الغَزْنَوِيّ.
ونشأ بالقاهرة.
روى عَنْهُ: الدِّمْياطيّ، وغيره.
وكان ماهرا فِي عِلْم الرّياضيّ، بارعا فِي الهندسة والحساب. وليّ
نظر
__________
[1] انظر عن (قيصر بن أبي القاسم) في: مفرّج الكروب 5/ 146 و 310 و
343، 344، والتاريخ المنصوري 177، والطالع السعيد 469- 471، ووفيات
الأعيان 5/ 315، 316، والمختصر في أخبار البشر 3/ 186، وسير أعلام
النبلاء 23/ 255 دون ترجمة، وتاريخ ابن الوردي 2/ 188، والوافي
بالوفيات 24/ 304 رقم 318، والسلوك ج 1 ق 1/ 382، وعقد الجمان
(المطبوع) 1/ 58، وحسن المحاضرة 1/ 250.
(47/429)
الدّواوين المصريّة فلم تُشْكَر سيرتُه،
وكثُرَ عَسفه وظُلْمه. وقد وليّ ولايات ببلاد الشّرق.
ومات بدمشق فِي رجب.
سافر واشتغل عَلَى الكمال بْن يونس.
- حرف الميم-
577- مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز [1] بْن أَبِي القاسم عَبْد الرحيم
بْن عَمْرو بْن سُلَيْمَان بْن الْحَسَن بْن إدريس بن أمير الأندلس
المعتلي باللَّه يحيى بْن عَلِيّ بْن حمّود.
المحدّث أَبُو جَعْفَر الهاشميّ العَلَويّ، الحَسَنيّ، الإدريسيّ،
المصريّ.
وُلِدَ سنة ثمانٍ وستّين وخمسمائة بالصّعيد الأعلى، واشتغل، وحصّل
الأدب والتّاريخ، وعُنِي بالحديث.
وسمع الكثير من: أَبِي القاسم البُوصِيريّ، وَأَبِي الطّاهر
إِسْمَاعِيل بْن ياسين، وبنت سعد الخير، وَأَبِي الفضل
الغَرْنَويّ، فمَنْ بَعْدَهم.
وخرَّج لجماعة.
روى عَنْهُ: الدِّمياطيّ.
وَتُوُفّي فِي الحادي والعشرين من صفر [2] .
578- مُحَمَّد بْن عَبْد الكافي [3] بْن عَلِيّ بْن موسى.
القاضي شمسُ الدّين أَبُو عَبْد اللَّه وَأَبُو بَكْر الرَّبَعيّ،
الصّقِلّيّ، ثمّ الدّمشقيّ.
الفقيه الشّافعيّ مدرّس الأمينيّة.
__________
[1] انظر عن (محمد بن عبد العزيز) في: معجم شيوخ الدمياطيّ، ورقة
108، والمقفّى الكبير للمقريزي 6/ 84، 85 رقم 2507.
[2] في المقفّى وفاته سنة 644 هـ.
[3] انظر عن (محمد بن عبد الكافي) في: ذيل الروضتين 187، والمختار
من تاريخ ابن الجزري 231، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 8/ 75،
وعيون التواريخ 20/ 53، وطبقات الشافعية لابن كثير (مخطوط) ورقة
173 أ، ب.
(47/430)
قَالَ الشّريف: تُوُفّي فِي تاسع عشر ذي
الحجّة، وقد ناب فِي القضاء مدّة بدمشق. وولد سنة سبعين وخمسمائة.
وسمع من: الأمير أُسامة بْن مُنْقِذ.
وقد تقدّم ذِكر أخَوَيْه النّجم عَلِيّ، والرّضَى عَبْد الملك [1]
.
قلت: روى عَنْهُ: ابن الحُلْوانيّة، ومجد الدّين ابن العديم،
والحافظ الدّمياطيّ، وَأَبُو الفضل إِسْحَاق الأسَدَيّ، وجماعة.
وقد وُليّ قضاء حمص أيضا، ومن أعيان الشّافعية كَانَ.
579- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد [2] بْن أَبِي عَلِيّ بْن أَبِي سعد
بْن عَمْرُون.
الشَّيْخ أَبُو عَبْد اللَّه الحلبيّ، النَّحْويّ، جمال الدّين.
ولد سنة ستّ وتسعين وخمسمائة، تقديرا.
وسمع من: ابن طَبَرْزَد، وأخذ النَّحْو عن: الموفّق يعيش، وغيره.
وبرع فِي العربيّة وتصدّر لإقرائها، وتخرَّج بِهِ جماعة.
وقد جالسه الإمام جمال الدّين ابن مالك. وأخذ عنه شيخنا بهاء
الدّين ابن النّحّاس.
وحدَّث عَنْهُ: الحافظ عَبْد المؤمن.
وَتُوُفّي فِي ثالث ربيع الأوّل.
580- مُحَمَّد بْن أَبِي البدر مقبل [3] بْن فتيان بْن مطر.
العلّامة المفتي، سيفُ الدّين أَبُو المظفَّر بْن المَنّيّ
النّهروانيّ، ثمّ البغداديّ، الحنبليّ.
__________
[1] تقدّمت ترجمة عبد الملك برقم (569) .
[2] انظر عن (محمد بن محمد) في: بغية الوعاة 1/ 231 رقم 417.
[3] انظر عن (محمد بن مقبل) في: صلة التكملة للحسيني، ورقة 64،
والعبر 5/ 204، والمعين في طبقات المحدّثين 206 رقم 2167، والإشارة
إلى وفيات الأعيان 349، والإعلام بوفيات الأعلام 271، والمختصر
المحتاج إليه 1/ 150 رقم 290، وسير أعلام النبلاء 23/ 252، 253 رقم
165، وذيل طبقات الحنابلة 2/ 248 رقم 356، والوافي بالوفيات 5/ 52،
53 رقم 2041، والمنهج الأحمد 382، والنجوم الزاهرة 7/ 24، وشذرات
الذهب 5/ 246، والمقصد الأرشد، رقم 1066، والدرّ المنضّد 1/ 390
رقم 1073.
(47/431)
ولد سنة سبع وستين وخمسمائة، وتفقّه عَلَى
عمّه ناصح الإِسْلَام أَبِي الفتح بعض التفقُّه.
وسمع من: أَبِي الفوارس سعد بن الصّفيّ الشّاعر المعروف بالحيص
بيض، وأسعد بن بلدرك، وشهدة، وأبي الحسين عبد الحقّ، وغيرهم.
وكان فقيها مُفْتيًا حَسَن الكلام فِي مسائل الخلاف، وغيرهم،
عدْلًا، متميّزا، محمود السّيرة.
سَمِعَ منه أئمّة وفُضَلاء. وطال عُمُره وعلا سَنَدُه. وقد رحل إلى
واسط وقرأ بالعشرة عَلَى أَبِي بَكْر بْن الباقِلّانيّ.
وقد أَمّ بمسجد المأمونيّة مسجد عمّه، وخدم فِي ديوان التّشريفات،
ثُمَّ شهد عَلَى القُضاة، وأعاد بالمستنصريّة.
وكان يَخْضِب بالسّواد، ثُمَّ تركه. قاله ابن النّجّار.
وروى عَنْهُ: ابن الحُلْوانيّة، وجمال الدّين الشَّرِيشيّ، وشَرَف
الدّين الدّمياطيّ، وَمُحَمَّد بْن بركة الشّمْعيّ، وَالشَّيْخ
مُحَمَّد القزّاز، وجماعة.
تُوُفّي فِي سابع جمادى الآخرة.
وأجاز لمحمد النَّجْديّ، وعليّ بْن السّكاكريّ، وبنت مؤمن، وطائفة.
581- مُحَمَّد بن المؤيّد.
الشّيخ سعد الدّين ابن حَمُّوَيْه الْجُويْنيّ.
قِيلَ: تُوُفّي بِهَا، وقيل فِي سنة خمسين، وسيأتي [1] .
- حرف النون-
582- نفيس بْن سَعِيد [2] بْن نجم بْن مُحَمَّد.
أَبُو مُحَمَّد الدّارقَزّيّ، الصُّوفيّ، الحنبليّ، من صوفيّة رباط
البِسْطاميّ.
__________
[1] برقم (614) .
[2] انظر عن (نفيس بن سعيد) في: صلة التكملة للحسيني، ورقة 77،
والدرّ المنضّد 1/ 390 بالحاشية.
(47/432)
ولد سنة ثلاث وستّين وخمسمائة.
وسمع من: عُبَيْد اللَّه بْن شاتيل، وَأَحْمَد بْن المبارك بْن
دُرّك.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وقال: توفّي في سابغ ذي القعدة.
وروى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن الظَّهير الكازرونيّ.
- حرف الياء-
583- يحيى بْن عيسى بْن إِبْرَاهِيم بْن مطروح [1] .
الأمير الصّاحب جمال الدّين، أَبُو الْحُسَيْن، الأديب الشّاعر.
وُلِدَ بأسْيوط سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة.
وسمع بقُوص من: أَبِي الْحُسَيْن عَلِيّ بْن البنّاء.
وحدَّث، وقال الشِّعْر الرّائق. وقد أبدع فِي هذين البيتين:
إذا ما سقاني ريقُه وهو باسمٌ ... تذكَّرتُ ما بين العُذَيْب وبارق
ويذكرني من قدّه ومَدَامِعي ... مجرى عوالينا ومجرى السّوابق [2]
__________
[1] انظر عن (يحيى بن عيسى) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 788، 789
وفيه وفاته سنة 655 هـ.، وعقود الجمان في شعراء هذا الزمان لابن
الشعار الموصلي (نسخة أسعد أفندي 2330) ج 10/ ورقة 5 أ، وذيل
الروضتين 187 (في وفيات سنة 650 هـ) ، ووفيات الأعيان 6/ 258- 266
رقم 811، وصلة التكملة للحسيني، ورقة 65، والمختصر في أخبار البشر
3/ 186، والمختار من تاريخ ابن الجزري 231، والمشتبه 1/ 117 و 2/
481، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 398- 302، والعبر 5/ 204،
وسير أعلام النبلاء 23/ 273، 274 رقم 184، والإعلام بوفيات الأعلام
271، والإشارة إلى وفيات الأعيان 349، وتاريخ ابن الوردي 2/ 187،
188، والبداية والنهاية 13/ 182 (في المتوفين سنة 650 هـ) ، ومرآة
الجنان 4/ 119، 120، والدرّة الزكية 20، 21، والسلوك ج 1 ق 2/ 382،
وعقد الجمان (المطبوع) 1/ 59- 62، وعيون التواريخ 20/ 54- 61،
والعسجد المسبوك 2/ 585، والنجوم الزاهرة 7/ 24 (في حوادث سنة 649
هـ) . و 7/ 27 (في حوادث ووفيات سنة 650 هـ.) ، وحسن المحاضرة 1/
567 رقم 48 وفيه وفاته سنة 654 هـ. وهو غلط، وثمرات الأوراق لابن
حجّة الحموي 15، وتاريخ ابن سباط (بتحقيقنا) 1/ 361، وإنسان العيون
لابن أبي عذيبة، ورقة 394، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 290، وشذرات
الذهب 5/ 247، 248 وكشف الظنون 768، وديوان الإسلام 4/ 288 رقم
2054، والأعلام 8/ 162، ومعجم المؤلفين 13/ 217.
[2] وهذا البيت للمتنبي وفي قصيدة له بديعة وهو:
(47/433)
وخدم الملك الصّالح نجمَ الدّين فِي مدّة
نيابته بالدّيار المصريّة عن والده الملك الكامل سنة خمسٍ وعشرين.
ولمّا توجّه الصّالح إلى حصن كيفا وملك البلاد، وكان ابن مطروح فِي
خدمته وأقام معه مدّة. وبعده، ثُمَّ قدِم عَلَيْهِ فِي سنة تسعٍ
وثلاثين إلى مصر فرتّبه ناظر الخزانة، فلمّا تملّك دمشقَ فِي سنة
ثلاثٍ وأربعين رتّبه واليا للبلد، ولبس زِيّ الأمراء، وارتفعت
منزلته، فلمّا قدِم الصّالح دمشق سنة ستٍّ وأربعين عزله، وتنكّر
لَهُ لأمورٍ نَقَمَها عَلَيْهِ. ثُمَّ بقي ملازما لخدمته وهو
مُعْرِضٌ عَنْهُ. فلمّا تُوُفّي الصّالح لزِم بيته.
ومن شِعره:
علّقته من آل يَعْرُب لحظة ... أمضى وأفْتَكَ من سيوف عُرَيْبه
أسكنتُهُ فِي المُنْحَنَى من أضْلُعي ... شوقا لبارق ثغره
وعُذَيْبه
يا غائبا ذاك الفُتُور بطَرْفه ... خلّوه لي أَنَا قد رضيت بعَيْبه
لَدْنٌ وما مر النّسيم بعطْفِهِ ... أرِجٌ وما نَفَخَ العبيرُ
بجَيْبه
وله:
من لي بغُصْن بالجمال مُمَنْطَقٌ ... حُلْو المعاني واللَّمى
والمنطِقِ
مُثْرَى الرّوادف مُمْلِقٌ من خصِرْهِ ... أَسَمِعْتَ فِي الدّنيا
بمُتَّرٍ مُمْلِقِ
منها.
وأقول: يا أخت الغزال ملاحة ... فتقول: لا عاش الغزال ولا بقي
وقد ادّعى جعفر ابن شمس الخلافة أنّ هذا البيت الثّالث لَهُ، وعمل
كلٌّ منهما محضرا بأنّ البيت لَهُ، وشهد لكلّ واحدٍ جماعة.
قَالَ ابن خَلَكان [1] : حلف لي ابن مطروح أنّ البيت لَهُ، وكان
محترزا فِي أقواله لم يعرف منه الدّعوى بما ليس له.
__________
[ () ]
تذكرت ما بين العذيب وبارق ... مجرى عوالينا ومجرى السوابق
[1] في وفيات الأعيان 6/ 264.
(47/434)
وله:
تَثَنَّى كالهِرّ الرُّدَيْنيّ حائلُه ... وقد عبقت بالطِّيب منه
غلائلُه
فَعَانَقَتْ غُصْنًا لا يراه أخو تُقًى ... فيمكن إلّا أن تهيج
بلابلُه
من التُّرْك ملحي فِي الصّميم وخالُه ... من الزَّنْج من ذا فِي
الملاحة يماثلُه
فطافت بنا السرّا من كلّ جانبٍ ... ورقَّتْ حواشي ليلنا وشمائلُه
وأوصى بأن يُكتَب عَلَى قبره دو بيت:
أصبحت بقَعْر حُفْرةٍ مُرْتَهِنا ... لا أملك من دنياي إلا كَفَنا
يا مَن وسِعَتْ عبادَه رحمتُه ... من بعض عبادك المساكين أَنَا
تُوُفّي بمصر فِي مُسْتَهَلّ شعبان.
روى عَنْهُ: الشّهاب القُوصيّ، وَأَبُو المجد العديميّ، وَأَبُو
الْعَبَّاس بْن خَلِّكان.
584- يوسف بْن عَلِيّ.
أَبُو الحَجّاج البغداديّ، العدل.
روى عن: عَبْد اللَّه بْن دَهْبَل بْن كارِه.
وعنه: شيخنا الدّمياطيّ.
ومات فِي المحرَّم.
585- يوسف بْن أَبِي مُحَمَّد بْن مكّي بْن سلامة.
الحكيم أَبُو العِزّ السَّنْجاريّ، ثُمَّ الدّمشقيّ الطّبيب،
الملقّب بالْجُنَيْد. من مشاهير الأطبّاء.
سَمِعَ من: الخُشُوعيّ، والقاسم بْن عساكر، والمسلم بْن حمّاد بْن
مَيْسَرة.
روى عَنْهُ: الحافظان أَبُو عَبْد اللَّه البِرْزاليّ، وَأَبُو
مُحَمَّد الدّمياطيّ، وَأَبُو عَلِيّ بْن الخلّال، وَأَبُو المعالي
بْن البالِسيّ، وجماعة.
وَتُوُفّي فِي ثامن عشر جمادى الآخرة، وله 74 سنة.
(47/435)
الكنى
586- أَبُو بَكْر بْن سُلَيْمَان بْن عَلِيّ بْن سالم.
حسامُ الدّين الحَمَويّ، ثُمَّ الدّمشقيّ، الواعظ فِي الأَعْزِيَة،
الحنفيّ.
وُلِدَ سنة بضعٍ وخمسين وخمسمائة.
وسمع من: الأمير أُسامة بْن مُنْقِذ، والخُشُوعيّ، والقاسم بْن
عساكر، وحنبل، وابن طَبَرْزَد.
وأخذ الوعظ عن والده.
ووعظ بمسجد أَبِي اليُمْن أكثر من خمسين سنة.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وَأَبُو عَلِيّ بْن الخلّال، وَأَبُو
مُحَمَّد الفارِقيّ الفقيه، وَمُحَمَّد بْن مُحَمَّد الكنْجيّ،
وَأَبُو المعالي بْن البالِسيّ، وجماعة سواهم لا أستحضرهم.
وكان صالحا خيّرا معدّلا.
تُوُفّي فِي سابع عشر ذي القعدة.
587- أَبُو القاسم بْن خليفة بْن يُونُس بْن أَبِي الْقَاسِم بْن
خليفة.
الحكيم سديدُ الدّين الأَنْصَارِيّ، الخَزْرَجيّ السّعديّ العباديّ
الكحّال، المعروف بابن أَبِي أُصَيْبَعَة، والد صاحب «تاريخ
الأطبّاء» موفَّق الدّين.
وُلِدَ بالقاهرة سنة خمسٍ وسبعين وخمسمائة، واشتغل بِهَا هُوَ
وأخوه الطّبيب رشيدُ الدّين.
وبرع السّديد فِي الكحْل ورُزِق حَظْوة. وكان فِي المارستان
النُّوريّ وقلعة دمشق، ومات بِهَا فِي ربيع الآخر.
وفيها وُلِدَ.
نجمُ الدّين علي بن محمد بن عمر بن هلال الأزْديّ، والقاضي نجمُ
الدّين أَحْمَد بْن عَبْد المحسن الدّمشقيّ،
(47/436)
والقاضي بدرُ الدّين عَبْد اللّطيف ابن
قاضي القُضاة تقيُّ الدِّين مُحَمَّد بْن رزين، والشَّرَفُ
مُحَمَّدُ بْن إِسْمَاعِيل بْن النّشر الْقُرَشِيّ، والشّمسُ عبد
الله بن محمد بن يوسف بن عَبْد المنعم النابُلُسيّ، وعزيزُ الدّين
يحيى بْن الفخر الكُرْجيّ، وفتحُ الدّين عَمْرو بْن مُحَمَّد بْن
أَحْمَد بْن البقّال، وَعَبْدُ المحسن بْن عبد القدوس الشّقراويّ،
الصّالحيّ، والشَّمسُ أَحْمَدُ بْن يعقوب الطّيبيّ، الكاتب
الشّاعر، وإبراهيم بْن عَلِيّ بْن الخِيَميّ المصريّ، وعزُّ الدّين
عَبْد العزيز بْن إدريس بْن بُزَيْز، وأمينُ الدّين هبةُ اللَّه
بْن مخلص الدّين محمود بْن هبة اللَّه بْن قرياص، وَعَبْدُ
الرَّحْمَن شيخنا العِزّ بْن الفرّاء بخُلْف، والصّاحبُ عزّ الدّين
حمزة بن المؤيّد التّميميّ ابن القلانِسيّ، والشّهابُ أَحْمَد بْن
عَبْد الكريم بْن الكرشت الحنفيّ الشّاعر.
(47/437)
سنة خمسين وستمائة
- حرف الألف-
588- أَحْمَد بْن سَعْد [1] بْن عَبْد اللَّه بْن سَعْد بن مفلح بن
هبة اللَّه بْن نُمَيْر.
أَبُو الْعَبَّاس الأَنْصَارِيّ، المقدسيّ، الصّالحيّ، الحنبليّ،
المؤدّب.
روى عن: الخُشُوعيّ، وابن طَبَرْزَد.
روى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّد الدّمياطيّ، وسعد الدّين يحيى ابن
أخيه.
وأُقِعد بأَخَرَة. وكان إنسانا مباركا.
تُوُفّي فِي نصف ذي القعدة بعد أخيه بشهر.
589- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الملك.
الْجُذاميّ القُرْطُبيّ، نزيل سَبْتَة.
كَانَ محدّثا، أديبا، بارعا فِي الطِّبِّ، بصيرا بِهِ.
روى عن: أبي محمد بن عُبَيْد الله وغيره.
أقام بمَرّاكِش، وبها مات.
وله إجازة من أَبِي عَبْد اللَّه بْن زَرْقون، ونَجَبَة، وجماعة.
روى عَنْهُ: ابن الزُّبَيْر، وقال يُعْرف بالبطيط. عاش تسعين سنة.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن سعد) في: صلة التكملة للحسيني، ورقة 82، وذيل
طبقات الحنابلة 2/ 249، والدرّ المنضّد 1/ 391.
(47/438)
590- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن هبة اللَّه
[1] بْن عثمان بْن أَبِي الفتح.
الفقيه أَبُو الْعَبَّاس ابن عروسة الواسطيّ، ثُمَّ المَوْصِليّ،
الحنفيّ.
روى عن: عَبْد اللَّه بْن أَبِي المجد، وابن طَبَرْزَد.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ [2] ، وغيره.
ومات فِي رمضان عن سبعين سنة.
وكان مدرّسا متميّزا، ترسّل عن صاحب المَوْصِل إلى العراق والشّام
غير مرّة.
ونزل الرّقّة ودرّس بِهَا.
روى عَنْهُ بالإجازة: البهاء ابن عساكر، وغيره.
591- أَحْمَد بْن المفرّج [3] بْن عَلِيّ بْن عَبْد العزيز بْن
مَسْلَمَة.
المعمّر المُسْنِد، رشيد الدّين، أَبُو الْعَبَّاس الدّمشقيّ، ناظر
الأيتام.
وُلِدَ فِي ربيع الآخر سنة خمسٍ وخمسين وخمسمائة بدمشق.
وسَمِعَ من: الحافظ أبي القاسم بن عساكر، وَعَبْد الرَّحْمَن بْن
الْحُسَيْن بْن عبدان، وَأَبِي اليُسْر شاكر التَّنْوخيّ الكاتب.
وأجاز لَهُ: الشَّيْخ عَبْد القادر الْجِيليّ، وابن البطّيّ، وأبو
الحسين ابن تاج القُرّاء، وهبة اللَّه بْن هلال الدّقّاق،
وَأَحْمَد بْن المقرّب، ويحيى بْن ثابت، وأبو
__________
[1] انظر عن (أحمد بن محمد بن هبة الله) في: الجواهر المضيّة 1/
322 رقم 245، والطبقات السنية، رقم 370.
[2] وقال ابن أبي الوفاء القرشي: ورأيته بخطّه في «معجم شيوخه» ،
وذكر أنّ مولده في الثالث والعشرين من شعبان سنة ثمانين وخمسمائة.
ورأيت بخطّ الشريف عزّ الدين في «وفياته» : وكان فقيها حسنا،
متديّنا، كثير التلاوة للقرآن.
[3] انظر عن (أحمد بن المفرّج) في: صلة التكملة للحسيني، ورقة 73،
والعبر 5/ 205، وسير أعلام النبلاء 23/ 281، 282 رقم 190، ودول
الإسلام 2/ 118، والإشارة إلى وفيات الأعيان 350، والإعلام بوفيات
الأعلام 272، والوافي بالوفيات 8/ 185 رقم 3612، والنجوم الزاهرة
7/ 30، وشذرات الذهب 5/ 249.
(47/439)
بكر بن النّقّور، وأبو مُحَمَّد بْن
الخشّاب، ومَعْمَر بْن الفاخر، وَأَحْمَد بْن مُبَادِر، وحَيْدَرة
بْن عُمَر العَلَويّ، والمبارك بْن الْمُبَارَك السِّمسار،
وَأَحْمَد بْن عَبْد الغنيّ الباجسرائيّ، ونفيسة البزّازة،
ومُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الْعَبَّاس الحرّانيّ، وعبد الرحمن
ابن يحيى الزُّهْريّ، سمعا مِن: هبة اللَّه الأَنْصَارِيّ، وأبو
الحسن محمد بن إسحاق الصّابيء، وحزينة بِنْت سعد بْن الهاطر،
وَعَبْد الواحد بْن الْحُسَيْن، وخلْق سواهم.
وعُمِّر دهْرًا، وروى الكثير.
وتفرّد عَن أكثر هَؤُلَاءِ بالرّواية. وكان عدْلًا، ساكنا،
وَقُورًا، مَهيبًا، محمود السّيرة.
روى عَنْهُ: الدِّمياطيّ، والفارِقيّ، وابن الخلّال، وكمال الدّين
ابن العطّار، والعماد بْن البالِسيّ، ورشيد بْن كامل الأديب،
والشّمس مُحَمَّد بْن التّاج، والشّمس مُحَمَّد بْن الصّلاح، وابن
ابن أخيه عَبْد الرحيم بن يحيى، ومحمد أخو المحبّ، والبهاء ابن نوح
المقدسيّ، ومحمود بْن المَرَاتِبيّ، وبَيْبَرْس العديميّ، وخلْق
غيرهم.
وإجازته رخيصة بعد.
تُوُفّي فِي ثامن عشر ذي القعدة.
592- أَحْمَد بْن نصر اللَّه [1] ، ويسمّى عَبَّاس بْن نصر اللَّه،
بْن أَبِي بَكْر بْن نصر بْن صغير.
أَبُو الفضل شمس الدّين ابن القَيْسَرانيّ، المخزوميّ، الدّمشقيّ،
ناظر السّبع الكبير.
وُلِدَ سنة تسع وستّين وخمسمائة.
وسمع من: أبي الحسين أحمد بن الموازيني.
أخذ عنه: الجمال بن الصّابونيّ، والمجد ابن الحلوانيّة، والضّياء
ابن البالسيّ، وابناه العماد وعبد الله.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن نصر الله) في: تكملة إكمال الإكمال لابن
الصابوني 242 رقم 224.
(47/440)
تُوُفّي فِي شوّال. وفي صفر تُوُفّي نسيبه
أَبُو المكارم [1] .
593- إِسْحَاق بْن أَحْمَد [2] .
الشَّيْخ المفتي الفقيه، الإِمَام كمال الدّين المَغَربيّ،
الشّافعيّ.
أحد الفُقهاء الكبار المشهورين بالعلم والعمل.
قَالَ أَبُو شامة [3] : تُوُفّي بالرّواحيّة. وكان عالما زاهدا
متواضعا مُؤْثِرًا، دُفِن عند شيخه ابن الصّلاح.
قلت: كَانَ معيدا عند ابن الصّلاح نحوا مِن عشرين سنة. وكان
مُتَصدِّيًا للإفادة والفتوى.
تفقّه بِهِ أئمّة، وكان كبير القدْر فِي الخير والصّلاح، متين
الورع، عُرِضت عَلَيْهِ مناصب فامتنع، ثمّ ترك الفتوى وقال: فِي
البلد مِن يقوم مُقامي.
وكان يسرد الصّوم، ويُؤْثِر بثُلث جامكيّته، ويَقْنَع باليسير،
ويَصِلُ رَحِمَه بما فضل عَنْهُ.
وكان فِي كلّ رمضان ينسخ ختْمة ويُوقِفُها. وله أورادٌ كثيرة،
ومحاسن جمّة.
مرض بالإسهال أربعين يوما، وانتقل إلى اللَّه عَن نيِّفٍ وستّين
سنة.
وكان أسمر، تامّ القامةِ شيّعه خلائق فِي ثامن وعشرين ذي القعدة
سنة خمسين.
وكان شيخنا أَبُو إِسْحَاق الإسكندريّ يعظّمه ويصف شمائله، رحمه
الله.
__________
[1] وهو سعيد بن خالد، وستأتي ترجمته قريبا برقم (599) .
[2] انظر عن (إسحاق بن أحمد) في: ذيل الروضتين 187 والعبر 5/ 205،
وسير أعلام النبلاء 23/ 248، 249 رقم 159، والوافي بالوفيات 8/ 403
رقم 3847، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 8/ 126 رقم 1114، وطبقات
الشافعية للإسنويّ 1/ 141 رقم 127، ومرآة الجنان 4/ 120، وطبقات
الشافعية لابن كثير (مخطوط) ورقة 171 أ، وطبقات الشافعية لابن قاضي
شهبة 2/ 127، 128، وطبقات الشافعية لابن هداية الله 224، والدارس
في أخبار المدارس 1/ 21 و 25 و 274، وشذرات الذهب 5/ 249، 250.
[3] في ذيل الروضتين 187.
(47/441)
ووقت وفاته مات الشّريف ابن غزلان مِن
أكابر الشُّرفاء بدمشق ومن رءوس الشّيعة، ودُفِن عند قومه، فرآه
بعضُ الأخيار فِي النَّوم فَقَالَ: ما فعل اللَّه بك؟ قَالَ: غُفِر
لي ولمن مات فِي ذَلِكَ اليوم ببركة الكمال إِسْحَاق المَعَرّيّ.
رَأَيْت هذا كلّه فِي كرّاس فِيهِ وَفَيَات جماعة، ما أعلم مَن
جَمَعَه.
594- إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم [1] بْن عامر.
أَبُو إِبْرَاهِيم الهَمَدانيّ الطَّوْسيّ، بفتح الطّاء،
الأندلسيّ.
سمع: أبا عبد الله ابن زرْقون، وأجاز لَهُ مُسْنِد المغرب مُحَمَّد
بْن عَبْد اللَّه بْن خليل القَيْسيّ. وانفرد فِي الدّنيا عَنْهُ.
وسَمِعَ من: أبي مُحَمَّد بْن عُبَيْد الله.
وتلا بالسَّبْع عَلَى أَبِي الْحَسَن بْن هشام.
وعاش خمسا وثمانين سنة.
روى عَنْهُ: أَبُو جَعْفَر بْن الزُّبَيْر، وغيره.
مات فِي جمادى الأولى [2] بالأندلس.
595- إِسْمَاعِيل بْن عَبْد اللَّه الرُّوميّ.
مولى أَبِي الْعَبَّاس أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم الحمصيّ.
حدَّث عَن الخُشُوعيّ.
وعنه: الدّمياطيّ.
توفّي في المحرّم.
__________
[1] انظر عن (إسحاق بن إبراهيم) في: سير أعلام النبلاء 23/ 300،
301، رقم 207، والوافي بالوفيات 8/ 398 رقم 3839، وغاية النهاية 1/
155 رقم 721، وذيل التقييد للفاسي 1/ 477، 478 رقم 932، والدليل
الشافي 1/ 115.
[2] وقع في سير أعلام النبلاء 23/ 301 توفي سنة خمس وخمسين
وستمائة.
(47/442)
- حرف الدال-
596- الدُّوَيْدار الكبير [1] .
هُوَ الملك علاء الدّين الطّيْبَرْسي الظّاهريّ، مولى الخليفة
الظّاهر.
وكان عظيما لديه، وعالي المرتبة عند المستنصر. زوّجه بابنة [2] بدر
الدّين صاحب الموصل، ووهبه ليلة عُرسه مائة ألف دينار. وكان دخْلُه
فِي العام من ملكه وإقطاعه خمسمائة ألف دينار.
وكان كريما حَسَن السّيرة.
دُفن فِي مشهد مُوسَى الكاظم، ورثته الشّعراء.
أرّخه ابن السّاعي.
- حرف الحاء-
597- الحَسَن بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الحَسَن بْن عَبْد اللَّه
بْن أَحْمَد.
أَبُو مُحَمَّد.
ابن عمّ القاضي نجم الدّين عَبْد اللَّه بْن الباذرائيّ وزوج
ابنته.
روى عَنْهُ: عَبْد الوهّاب بْن سُكَيْنَة.
وعنه: الدّمياطيّ أيضا.
تُوُفّي فِي رجب.
598- الْحَسَن بْن مُحَمَّد [3] بْن الْحَسَن بْن حيدر بْن عَلِيّ.
__________
[1] انظر عن (علاء الدين الطيبرسي الدويدار الكبير) في: الحوادث
الجامعة 265، والعسجد المسبوك 2/ 590- 592.
[2] في الأصل: «باينت» .
[3] انظر عن (الحسن بن محمد) في: معجم الأدباء 9/ 189- 191 رقم 15،
وصلة التكملة للحسيني، ورقة 71، والحوادث الجامعة 262- 264، والعبر
5/ 205، 206، وسير أعلام النبلاء 23/ 282- 284 رقم 191، ودول
الإسلام 2/ 118، والإشارة إلى وفيات الأعيان 349، 350، والإعلام
بوفيات الأعلام 271، ومرآة الجنان 4/ 121، وتاريخ علماء بغداد 48،
وعيون التواريخ 20/ 66، 67، والوافي بالوفيات 12/ 240- 243 رقم
(47/443)
العلّامة رضيّ الدّين، أَبُو الفضائل
الْقُرَشِيّ، العَدَويّ، العُمَريّ، الصَّغَانيّ الأصل، الهنديّ
اللّوهوْريّ المولد، البغداديّ الوفاة، المكّيّ المَلْحَد، المحدّث
الفقيه الحنفيّ اللُّغَوِيّ، صاحب التّصانيف.
وُلِدَ بمدينة لوْهَوْر فِي عاشر صفر سنة سبع وسبعين وخمسمائة،
ونشأ بغَزْنَة، ودخل بغداد سنة خمس عشرة وستمائة. وذهب منها
بالرّسالة الشّريفة إلى صاحب الهند سنة سبْع عشرة فبقي مدّة. وقدِم
سنة أربعٍ وعشرين، ثُمَّ أُعيد إليها رسولا عامَئِذٍ، فما رجع إلى
بغداد إلى سنة سبْعٍ وثلاثين.
وقد سَمِعَ بمكّة مِن: أَبِي الفتوح نصر بْن الحُصريّ.
وسمع باليمن مِن: القاضي إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد بْن أَبِي سالم
القريضيّ.
وسمع بالهند مِن: القاضي سعد الدّين خَلَف بْن مُحَمَّد
الحسْنَابَاذيّ، والنّظام مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن المرغينانيّ.
__________
[ () ] 219، وفوات الوفيات 1/ 358- 360 رقم 29، ومنتخب المختار
لابن رافع 48، 49 رقم 43، والجواهر المضيّة 2/ 82- 85 رقم 475،
والعسجد المسبوك 2/ 589، 590، وذيل التقييد للفاسي 1/ 511، 512 رقم
999، وكتائب أعلام الأخيار، رقم 450، والطبقات السنية، رقم 720،
والمزهر 1/ 100 و 2/ 421، والعقد الثمين 4/ 176- 179 رقم 1013،
والسلوك ج 1 ق 1/ 385، وطبقات النحاة واللغويين لابن قاضي شهبة،
ورقة 113، وتاج التراجم 24، والدليل الشافي 1/ 368، والنجوم
الزاهرة 7/ 26، وبغية الوعاة 1/ 519- 521 رقم 1076، وشذرات الذهب
5/ 250، وتاج العروس (صغن) ، وتاريخ ثغر عدن 2/ 53، ومفتاح السعادة
1/ 112، وكشف الظنون 2/ 1122، والفوائد البهية 63، وروضات الجنات
3/ 94، وهدية العارفين 1/ 281، والرسالة المستطرفة 151، ورجال
السند والهند 98، 99، وتاريخ الأدب العربيّ 6/ 212، وتاريخ آداب
اللغة العربية لزيدان 3/ 50، ونزهة الخواطر 1/ 137، ومعجم المؤلفين
3/ 179، والبلغة في تاريخ أئمة اللغة 63، والقاموس المحيط (صغن) ،
وديوان الإسلام 3/ 205، 206 رقم 1327، وإيضاح المكنون 2/ 433،
والأعلام 2/ 214.
وانظر مقدّمة «العباب الزاخر واللباب الفاخر» للشيخ محمد حسن آل
ياسين- طبعة المعارف ببغداد 1977، ومقدّمة «العباب» أيضا، للدكتور
قير محمد حسن- طبعة المجمع العلمي العراقي، بغداد 1978، ومقدّمة
«التكملة والذيل والصلة» له، بتحقيق عبد العليم الطحاوي، طبعة دار
الكتب المصرية 1970، ومقدّمة «الشوارد في اللغة» بتحقيق عدنان عبد
الرحمن الدوري، طبعة المجمع العلمي العراقي 1403 هـ/ 1983 م.
(47/444)
وببغداد مِن: أَبِي منصور سَعِيد بْن
مُحَمَّد بْن الرّزّاز.
وكان إِلَيْهِ المُنْتَهى فِي معرفة اللّسان العربيّ [1] .
صنَّف كتاب «مَجْمَع البحرين» فِي اللُّغة، اثنا عشر مجلَّدًا،
وكتاب «العُبابَ الزّاخر» فِي اللُّغة، عشرون مجلّدا ولم يُتمّه،
وكتاب «الشّوارد فِي اللّغات» ، وكتاب «الفُحُول» ، وكتاب
«الأضداد» ، وكتاب «العَرُوض» ، وكتاب «أسماء العادة» ، وكتاب
«أسماء الأسد» ، وكتاب «أسماء الذّئب» ، وكتاب «تعزيز بيتي
الحريريّ» ، وكتاب فِي عِلْم الحديث، وسائر هذه التّصانيف لطاف.
قَالَ شيخُنا الدّمياطيّ: وجميعها لي لها نسخ.
وله مِن المصنّفات أيضا، كتاب «مشارق الأنوار فِي الجمع بين
الصّحيحين» ، وكتاب «مصباح الدُّجَى [2] » ، وكتاب «الشّمس
المنيرة» ، وكتاب «شرح الْبُخَارِيّ» فِي مجلّد، وكتاب «دَرّ
السَّحابة فِي وَفَيَات الصّحابة» ، وكتاب «الضُّعفاء» ، وكتاب
«الفرائض» ، وكتاب «تذييل العزيزيّ» ، وكتاب «شرح أبيات المفصّل» ،
وغير ذَلِكَ.
قَالَ الدّمياطيّ: وكان شيخا صالحا صدوقا صَمُوتًا عَن فضول
الكلام، إماما فِي اللّغة والفِقْه والحديث. قرأتُ عَلَيْهِ يوم
الأربعاء، وتُوُفّي ليلة الجمعة تاسع عشر شعبان. وحضرتُ دفْنه
بداره بالحريم الظّاهريّ. ثُمَّ نُقِل، بعد خروجي مِن بغداد، إلى
مكّة فدُفِن بها. وكان قد أوصى بذلك، وأعدّ خمسين دينارا لمن يحمله
إلى مكّة.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمُؤْمِنِ بْنُ خَلَفٍ الْحَافِظُ أَنَّهُ
قَرَأَ عَلَى أَبِي الْفَضَائِلِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ
الْقُرَشِيِّ وَغَيْرِهِ بِبَغْدَادَ: أَخْبَرَكُمْ أَبُو
الْفُتُوحِ النُّهَاوَنْدِيُّ بِمَكَّةَ، أنا أَبُو طَالِبٍ
__________
[1] ومن شعره:
تسربلت سربال القناعة والرّضا ... صبيّا وكانا في الكهولة ديدني
وقد كان ينهاني أني حفّ بالرّضا ... وبالعفو أن أولى يدا من يدي
دني
(الجواهر المضية 2/ 85، العقد الثمين 4/ 178، الطبقات السنية، رقم
720) .
[2] في الأصل: «الدجا» .
(47/445)
مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِيُّ،
أنا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ التُّسْتَرِيُّ، أنا أَبُو عُمَرَ
الْقَاسِمُ بْنُ جعفر، أنا أبو عليّ اللّؤلؤيّ، ثنا أَبُو دَاوُدَ،
ثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا
بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ هِشَامُ بْنُ
حَسَّانٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ: «حَبَسُونَا عَنْ صَلاةِ
الْوُسْطَى، صَلاةِ الْعَصْرِ، مَلأَ اللَّهُ بُيُوتَهُمْ
وَقُبُورَهُمْ نَارًا» [1] .
- حرف السين-
599- سَعِيد بْن خالد بْن أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن نصر بْن
صغير.
أَبُو المكارم المخزوميّ، الخالديّ، الحلبيّ، ابن القَيْسَرانيّ،
نجم الدّين.
وُلِدَ سنة سبع وثمانين وخمسمائة.
وسمع بحلب مِن: عُمَر بْن طبرزد.
وحدَّث.
وقد وَزَرَ أَبُوهُ الصّاحب موفَّق الدّين أَبُو البقاء لنور
الدّين محمود بْن زنكي، وسيّره رسولا إلى مصر فسمع بها مِن: عَبْد
اللَّه بْن رفاعة السّعديّ.
وكان يكتب عَلَى طريقة ابن البوّاب.
وأمّا أَبُو عَبْد اللَّه [2] فهو الشّاعر المشهور، ذَكَره ابن
عساكر فِي تاريخه [3] وروى عَنْهُ.
تُوُفّي النجم بدمشق فِي صَفَر. وهو عمّ شيخنا فتح الدّين.
600- سُلَيْمَان بْن مُحَمَّد [4] بْن سُلَيْمَان بْن عَلِيّ بْن
شبيل.
__________
[1] أخرجه أحمد في المسند 1/ 392 من طريق محمد بن طلحة، عن زبيد،
عن مرّة، عن عبد الله. ولفظه: «حبسونا عن صلاة الوسطى حتى غابت
الشمس، ملأ الله بطونهم وقبورهم نارا» .
[2] هو «محمد بن نصر بن صغير القيسراني» صاحب الديوان. المتوفى سنة
548 هـ. وقد تقدّمت ترجمته في موضعها في وفيات تلك السنة وحشدت لها
عشرات المصادر.
[3] انظر: مختصر تاريخ ابن عساكر لابن منظور 23/ 276 رقم 302.
[4] انظر عن (سليمان بن محمد) في: بغية الوعاة 1/ 601 رقم 1276.
(47/446)
العلّامة البارع جمال الدّين، أَبُو الربيع
المَذْحجيّ، اليمنيّ النَّحْويّ.
وُلِدَ بخَلّة [1] ، وهي قرية مِن قبليّ عدن، في سنة ثمان وسبعين
وخمسمائة.
وتُوُفّي فِي المحرَّم بمدينة الفَيُّوم.
وكان مِن كِبار النُّحَاة. تخرَّج بِهِ جماعة. قاله الشّريف عزّ
الدّين.
- حرف العين-
601- عَبْد القادر بْن حسّان [2] بْن رافع بْن سُمَيْر بْن ثَابت.
الخطيب شَرَفُ الدّين أَبُو مُحَمَّد العامريّ، الدّمشقيّ،
الشّافعيّ، العدْل، خطيب المُصَلَّى.
وُلِدَ سنة ثلاثٍ وثمانين.
وسمع مِن: الخُشُوعيّ، والقاسم بْن عساكر، وَمُحَمَّد بْن الخصيب،
وابن طَبَرْزَد، وجماعة.
روى عَنْهُ: زين الدّين الفارِقيّ، وشَرَف الدّين الدّمياطيّ،
والبدر بْن الخلّال، والعماد بْن البالِسيّ، وجماعة.
وكان عَدْلًا ديِّنًا فصيحا. خطب بالمُصَلَّى مدّة.
وقيل: مات مسقوط العدالة لأمرٍ حدث منه، فاللَّه أعلم.
ومات فِي أوّل رجب.
602- عَبْد الواحد ابن خطيب زَمْلَكا [3] .
العلّامة البارع كمال الدّين.
قِيلَ: مات فِي سادس عشر ذي الحجّة من السّنة.
__________
[1] خلّة: ضبطها السيوطي بفتح الخاء المعجمة وتشديد اللام.
[2] انظر عن (عبد القادر بن حسّان) في: توضيح المشتبه لابن ناصر
الدين 2/ 11.
[3] انظر عن (ابن خطيب زملكا) في: ذيل الروضتين 187، ومرآة الجنان
4/ 127، وعيون التواريخ 20/ 73، وشذرات الذهب 5/ 250 (في وفيات سنة
651 هـ-.) .
(47/447)
وورّخه أَبُو شامة [1] فِي الآتية فِي
المحرَّم.
وعاش نيِّفًا عَن ستّين سنة.
وكان طويلا كبير اللّحية، ويلبس قصيرا.
603- عَبْد الوهّاب بْن يوسف [2] بْن مُحَمَّد بْن خَلَف.
الفقيه أَبُو مُحَمَّد ابن الفقيه أَبِي الحَجَّاج، الأَنْصَارِيّ،
القَصْريّ [3] ، المغربيّ، المالكيّ.
الفقيه القُدْوة، المعروف بابن رُشَيّق [4] ، بالتّصْغير، شيخٌ
عالِم، صالح، خيّر، ذو مُروءة وفُتُوَّة وتعفُّف وفَقْر.
حمل عَن أَبِيهِ الرّاوي عَن عِياض [5] ، وَأَبِي بَكْر بْن
العربيّ.
وعن: عَبْد الجليل القَصْريّ مصنِّف «شُعَب الإِيمَان» .
وتصدّر بالجامع العتيق بمصر.
كتب عَنْهُ الرّشيد العطّار حكاية.
ومات ليلة عيد الفطر عَن ثلاثٍ وستّين سنة.
وأمّا مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر بْن رُشَيق [6] ، بالضمّ
والخِفَّة، وأخوه حسين [7] ، فسمع منهما الدّمياطيّ «أربعيّ
القُشَيْريّ» بسماعهما مِن ابن أَبِي المجد الحربيّ.
وحَدَّثَنِي أَبُو عَبْد اللَّه سبْط ابْن رُشَيّق أنّ جَدّه
الزّاهد عَبْد الوهّاب بقي أيّاما عديدة عَلَى وضوء واحد واشتهر
هذا.
__________
[1] في ذيل الروضتين 187.
[2] انظر عن (عبد الوهاب بن يوسف) في: ذيل مشتبه النسبة لابن رافع
26، وتوضيح المشتبه لابن ناصر الدين 4/ 195، 196، وتبصير المنتبه
2/ 605.
[3] من أهل قصر عبد الكريم من المغرب، (توضيح المشتبه 4/ 196) .
[4] رشيّق: بضم الراء، وفتح الشين المعجمة، وتشديد الياء المنقوطة
باثنتين من تحتها وكسرها.
[5] هو عياض بن موسى السبتي.
[6] انظر عن (محمد بن أبي بكر بن رشيق) في: توضيح المشتبه 4/ 196.
[7] انظر المصدر نفسه.
(47/448)
وَحَدَّثَنَا أَبُو عَبْد اللَّه عَن أُمّه
أنّ أباها قَالَ لهم ليلة عيد الفِطْر: أَنَا مثل اللّيلة أموت.
قَالَتْ: فصام رمضان كلَّه فِي العام الآتي، وجلس اليوم الأخير منه
يسبّح ويذكر اللَّه، ثُمَّ بقي إلى آخر النّهار يَقُولُ: انظري هَل
غابت الشّمس. فكنت أخرج وأعود فأقول: لا، ما غابت. فلمّا غابت
تُوُفّي فِي الحال، رحمه اللَّه ورضي عَنْهُ.
604- عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الجهْم.
الفقيه أَبُو الْحُسَيْن القُرَشيّ، الجعفريّ، البُصْرَويّ، نزيل
القاهرة.
تُوُفّي فِي شعبان، وقد شاخ وكمّل التّسعين.
سَمِعَ مِن: العلّامة عَبْد اللَّه بْن بَرِّيّ، وَأَبِي الفضل
الغَزْنَويّ.
- حرف الميم-
605- مُحَمَّد بْن جبريل [1] بْن أَبِي الفوارس بْن جبريل.
أبو عَبْد اللَّه الدَّرْبَنْدِيّ، الصُّوفيّ، عماد الدّين
النَّصْريّ.
روى عَن: عَبْد الخالق بْن فيروز.
وعنه: الدِّمياطيّ، وغيره.
تُوُفّي فِي ذي القعدة [2] .
606- مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن [3] بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن
ظَفَر.
القاضي شمس الدّين، أَبُو عَبْد اللَّه العَلَويّ، الحُسَينيّ،
الأُرْمَوِيّ، ثُمَّ المصريّ، الشّافعيّ، المعروف بقاضي العسكر.
__________
[1] انظر عن (محمد بن جبريل) في: المقفّى الكبير للمقريزي 5/ 479
رقم 1968.
[2] وهو ولد سنة 581 هـ.
[3] انظر عن (محمد بن الحسين) في: الحوادث الجامعة 310، وسير أعلام
النبلاء 23/ 334 رقم 232، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 451 رقم
407، والوافي بالوفيات 2/ 253 رقم 818، وطبقات الشافعية لابن كثير
(مخطوط) ورقة 173 أ، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 451، 452
رقم 420، وهدية العارفين 2/ 125، والمقفى الكبير للمقريزي 5/ 597
رقم 2148، ومعجم المؤلفين 9/ 244.
(47/449)
ولد سنة ثمان وسبعين وخمسمائة.
وتفقّه عَلَى شيخ الشّيوخ صدر الدّين أَبِي الْحُسَيْن بْن
حَمُّوَيْه وصَحِبَه مدّة.
وسمع مِن: فاطمة بِنْت سعد الخير.
ودرَّس بمدرسة زين التُّجّار بمصر. وولي نقابة السّادة وقضاء
العساكر.
وذهب فِي الرِّسْليّة إلى العراق.
وكان مِن كبار الأئمّة وصُدُور الدّيار المصريّة، وله يدٌ طُولَى
فِي الأُصُول والنَّظَر.
تُوُفّي فِي ثالث عشر شوّال.
وكان مولده بأرمينية.
روى عَنْهُ: الدِّمياطيّ، وغيره.
607- مُحَمَّد بْن سَعْد [1] بْن عَبْد اللَّه بْن سَعْد بن مفلح
بن هبة اللَّه بْن نُمَيْر.
المَوْلَى العالم شمس الدّين أَبُو عَبْد اللَّه الأَنْصَارِيّ،
المقدسيّ، ثُمَّ الدّمشقيّ، الصّالحيّ، الحنبليّ، الكاتب الأديب.
وُلِدَ سنة إحدى وسبعين وخمسمائة.
وسمع من: أبي الحسين أحمد بن الموازيني، ويحيى الثقفي، وعبد الرحمن
بن علي الخرقي، وابن صدقة الحرّانيّ، وإسماعيل الجنزويّ [2] ،
وجماعة.
__________
[1] انظر عن (محمد بن سعد) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 787، 788
وعقود الجمان في شعراء هذا الزمان لابن الشعار الموصلي (نسخة أسعد
أفندي 2327) ج 6/ ورقة 160 أ، وصلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني،
ورقة 72، والعبر 5/ 206، والإشارة إلى وفيات الأعيان 350، والإعلام
بوفيات الأعلام 271، وسير أعلام النبلاء 23/ 249 رقم 160، والذيل
على طبقات الحنابلة لابن رجب 2/ 248، 249 رقم 357، ومختصره 73،
والوافي بالوفيات 3/ 91، 92 رقم 1020، وفوات الوفيات 3/ 358 رقم
454، والبداية والنهاية 13/ 182، 183، والمنهج الأحمد 382، والعسجد
المسبوك 2/ 592، والمقصد الأرشد، رقم 950، وعيون التواريخ 20/ 67،
68، والنجوم الزاهرة 7/ 26، 27، والدرّ المنضّد 1/ 390، 391 رقم
1074، وشذرات الذهب 5/ 251.
[2] مهملة في الأصل. وهو: إسماعيل بن الجنذوي الشروطي أبو الفضل.
انظر: توضيح المشتبه 2/ 483 و 3/ 492.
(47/450)
وأجاز لَهُ عُبَيْدُ اللَّه بْنُ شاتيل،
وَأَحْمَد بْن يَنَال التُّرْك [1] ، والحافظ أَبُو مُحَمَّد
المَدِينيّ، وأبو السّعادات نصر اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن
القزّاز، وآخرون.
وكان أديبا بليغا، وشاعرا محسِنًا، وكاتبا مُنشِئًا، يرجع إلى دينٍ
وصلاحٍ وصيانةٍ ورئاسة.
كتب الإنشاء للملك الصّالح عماد الدّين، وطال عُمُرُه.
وروى الكثير، وكتب عَنْهُ القُدماء كالحافظ الضّياء، وَأَبِي الفتح
بْن الحاجب.
وروى عنه: مجد الدّين ابن العديم، وشَرَف الدّين الدّمياطيّ،
والقاضي تقيّ الدّين سُلَيْمَان، والفخر بْن عساكر، والشَّرَف ابن
خطيب بيت الآبار، والعفيف إِسْحَاق الآمِديّ، والفقيه عَلِيّ بْن
عَبْد الحميد العَنْدَقِيّ [2] ، وسعد الدّين يحيى بْن مُحَمَّد
ولده، وطائفة سواهم.
وتُوُفّي بسفح قاسيون ثاني شوّال.
608- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه أَبِي السَّهْل [3] .
أَبُو الفضل الواسطيّ، ثُمَّ البغداديّ، المقرئ، الخيّاط.
شيخ صالح خيّر. ولد سنة تسع وخمسين وخمسمائة.
وسمع: أَبَا الفتح مُحَمَّد بْن يحيى بْن مواهب البَردانيّ،
وَعُبَيْد اللَّه بْن شاتيل، والفقيه أَبَا الخير أَحْمَد بْن
إِسْمَاعِيل القَزْوينيّ، وغيرهم.
روى عَنْهُ: قُطْبُ الدّين مُحَمَّد بْن القسطلّانيّ، وشَرَف
الدّين الدِّمياطيّ، وَالشَّيْخ مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الكَنْجيّ،
وَدَاوُد بْن أَبِي نصر البغداديّ، وبَيْبَرْس العديميّ، وآخرون.
__________
[1] توفّي سنة 585 هـ. انظر: تكملة الإكمال لابن نقطة 1/ 450، 451
رقم 762.
[2] لم أقف على هذه النسبة.
[3] انظر عن (محمد بن علي أبي السهل) في: سير أعلام النبلاء 23/
284 دون ترجمة، وذيل التقييد للفاسي 1/ 181 رقم 330.
(47/451)
وأجاز لجماعةٍ فِي الأحياء.
وتُوُفّي فِي منتصف المحرَّم.
قَالَ الدّمياطيّ: قرأت عَلَيْهِ كتاب «أسباب النُّزول» للواحديّ،
وكتاب «غريب الحديث» لأبي عُبَيْد.
609- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن محمود [1] بْن حسام الدّين طريف بْن
رسلان.
جمال الدّين أَبُو عَبْد اللَّه بْن العسقلانيّ، المصريّ ثُمَّ
الدّمشقيّ، الحنفيّ الضّرير.
وُلِدَ بمصر فِي سنة نيِّفٍ وسبعين وخمسمائة.
وسمع بنَيْسابور مِن: منصور الفَرَاويّ، والمؤيَّد الطُّوسيّ،
وزينب الشِّعْرية.
وحجّ غير مرّة، ودخل إلى ما وراء النّهر فِي طلب الفِقْه
والرّواية.
وكان فقيها فاضلا، ديِّنًا، خيّرا.
روى عَنْهُ: الشَّيْخ تاج الدّين عَبْد الرَّحْمَن، وأخوه، وزين
الدّين الفارِقيّ، وشمس الدّين الدِّمياطيّ، والفخر بْن عساكر،
وَمُحَمَّد بْن مُحَمَّد الكَنْجيّ، وَمُحَمَّد ابن خطيب بيت
الآبار، وجماعة كثيرة.
تُوُفّي فِي ثالث شعبان.
610- مُحَمَّد بْن غَلْبُون [2] بْن مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز بْن
غلْبُون.
أَبُو بَكْر الأَنْصَارِيّ، المُرْسي.
سَمِعَ مِن: أَبِيهِ، وجماعة.
وأجاز لَهُ: أَبُو عَبْد اللَّه بن زرْقون، وأبو الفضل بْن
حُبَيْش.
ومن المشرق: المحدّث عَبْد الرّزَّاق ابن الشَّيْخ عَبْد القادر
الْجِيليِّ، وَعَبْد الواحد بن سلطان المقرئ.
__________
[1] انظر عن (محمد بن علي بن محمود) في: سير أعلام النبلاء 23/ 284
دون ترجمة، وذيل التقييد للفاسي 1/ 190 رقم 349، والمقفّى الكبير
للمقريزي 6/ 357 رقم 2836.
[2] انظر عن (محمد بن غلبون) في: تكملة الصلة لابن الأبّار.
(47/452)
ذكره الأبّار فَقَالَ: كَانَ ذا عنايةٍ
بالرّواية والفقه، مشاركا فِي فنون.
واختلّ قبل وفاته، وبيعت أكثر أصوله وهو لا يشعر.
وتُوُفّي فِي شعبان. وقد أخذتُ عَنْهُ سنة ستٍّ وثلاثين، يعني وهو
فِي العافية، رحمه اللَّه.
611- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن سَعْد اللَّه [1] بْن رمضان بْن
إِبْرَاهِيم.
الفقيه تاج الدّين، أَبُو عَبْد اللَّه بْن الوزّان الحلبيّ، ثُمَّ
الدّمشقيّ، الحنفيّ.
وُلِدَ بحلب سنة ثمانٍ وستّين وخمسمائة.
وسمع بمصر مِن: أَبِي القاسم البُوصِيريّ، وفاطمة بِنْت سعد الخير،
وَأَبِي الْحَسَن بْن نجا الواعظ، والأرتاحيّ، وجماعة.
وبالإسكندريّة مِن: عَبْد الرَّحْمَن بْن موقا.
وبدمشق مِن: حنبل، وغيره.
ودرّس بالمدرسة الأسديّة [2] بظاهر دمشق عَلَى الشّرف القِبْليّ،
وولي نظر المارستان مرّة.
وكان عدْلًا متميّزا فاضلا.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، والكَنْجيّ، وبهاء الدّين مُحَمَّد بْن
سَنِيّ الدّولة الشّاهد، وأخوه أحمد الجنديّ، وأبو المعالي ابن
البالِسيّ، وجماعة.
تُوُفّي فِي ثامن عشر المحرَّم.
612- مُحَمَّد بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ الْحَسَنِ بْنِ
حكيم.
أَبُو الْحَسَن الحَرّانيّ، ثُمَّ الحلبيّ.
ولد سنة ستّ وستّين وخمسمائة ببغداد.
__________
[1] انظر عن (محمد بن محمد بن سعد الله) في: سير أعلام النبلاء 23/
284 دون ترجمة، والمقفّى الكبير للمقريزي 7/ 13 رقم 3080.
[2] انظر عن المدرسة الأسدية في: الدارس 1/ 115.
(47/453)
وسمع مِن: لاحق بْن قندرة، وَأَبِي القاسم
بْن شدّقينيّ، وَعَبْد اللَّه بْن دَهْبل، وابن طَبَرْزَد، وغيرهم.
وروى عَنْهُ: القاضي مجد الدّين العديميّ، والحافظ شَرَف الدّين
النُّوبيّ، وغيرهما.
وكان شيخا صالحا زاهدا. سَمِعَ جميع «المُسْنَد» للإمام أَحْمَد،
عَلَى ابن قندرة.
ويُقال إنّه مِن وُلِدَ ثابت بْن قُرَّة الصّابئ.
تُوُفّي فِي المحرّم بحلب.
613- مُحَمَّد بْن محمود [1] بْن عُبَيْد اللَّه [2] بْن مُحَمَّد
بْن يوسف.
أَبُو عَبْد اللَّه بْن الملثّم المصريّ، العادليّ.
وُلِدَ سنة سبْعٍ وأربعين [3] . وكان مِن أولاد طلبة العِلم،
فسمّعه أَبُوهُ الكثير مِن: البُوصِيريّ، والأرْتاحيّ، وَعَبْد
الخالق بن فيروز، وفاطمة بنت سعد الخير، وجماعة.
روى عَنْهُ: الدِّمياطيّ، وابن الحُلْوانيّة.
وتُوُفّي ليلة عيد النَّحْر. وهو أخو فاطمة [4] .
614- مُحَمَّد بْن المؤيَّد [5] بْن عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن
مُحَمَّد بْن حمّويه.
__________
[1] انظر عن (محمد بن محمود) في: المقفى الكبير للمقريزي 7/ 140
رقم 3235.
[2] في المقفى: «عبد الله» .
[3] في المقفّى: ولد بالقاهرة في الثاني عشر ربيع الأول سنة تسع
وسبعين وخمسمائة.
[4] وقال المقريزي: وكان والده سمع كثيرا، وحصّل الأصول الكثيرة
لكثرة رغبته في ذلك، فانتفع به وبكتبه. وحدّث هو وابن أخيه أبو
العباس أحمد بن محمد بن عبد الله الهمدانيّ، وسافر إلى دمشق مرارا
بعد الستمائة. وكان أبوه مؤذّن الملك العادل، وكان في باب الرواية
على أتمّ حفاظ.
قال ابن مسدي: قال لي يوما: إنّ فلانا جاءني ليسمع من أختي فاطمة،
فلم أمكّنه من ذلك لأنّها لا تصلّي، فهجرتها وهي تتمادى على ترك
الصلاة.
[5] انظر عن (محمد بن المؤيّد) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 790،
والعبر 5/ 206، والمختار من
(47/454)
الشَّيْخ سعد الدّين [1] أَبُو إِبْرَاهِيم
الجوَيْنيّ، الصُّوفيّ.
كَانَ صاحب رياضات، وأحوال. وله كلام فِي التصوُّف عَلَى طريقة أهل
الوحدة.
وكان قد حجّ وأقام بقاسيون يتألّه ويتعبّد مدّة فِي زاويةٍ لَهُ
ومعه جماعة مِن الصُّوفيّة، ولهم سمْت وجلالة وتعفُّف. فلمّا ضاق
بِهِ الحال رجع إلى خُراسان، واجتمع بِهِ جماعةٌ مِن أمراء
التّتار، وأسلم عَلَى يده غير واحدٍ منهم. وبنى [2] بآمُل خانكاه،
ورُزِق القَبُولَ التّامّ. ثُمَّ زار قبر جدّهم القُدْوة الكبير
مُحَمَّد بْن حَمُّوَيْه الْجُوَيْنيّ بحيرآباذ [3] مِن أعمال
جُوَيْن فأقام عنده أسبوعا وعبر إلى اللَّه تعالى [4] .
وهو والد شيخنا صدر الدّين إِبْرَاهِيم الَّذِي أسلم عَلَى يده
قازان.
وتُوُفّي والده الشَّيْخ معين الدّين أَبُو المفاخر المؤيَّد سنة
خمسٍ وستّمائة، رحمه اللَّه تعالى.
615- مُحَمَّد بْن أَبِي المعالي [5] بْن جَعْفَر بْن عَلِيّ.
أَبُو عَبْد اللَّه الأَنْصَارِيّ، البَعْلَبَكّيّ، ثُمَّ
الدّمشقيّ، الحنبليّ، التّاجر.
ولد سنة أربع وثمانين.
__________
[ () ] تاريخ ابن الجزري 232، 233 (في وفيات سنة 651 هـ) ، ودرّة
الأسلاك لابن حبيب، ورقة 8، 9، ومرآة الجنان 4/ 121، والنجوم
الزاهرة 7/ 31، وشذرات الذهب 5/ 251، 252.
وله ذكر دون ترجمة في: سير أعلام النبلاء 23/ 284.
[1] في المختار من تاريخ ابن الجزري 232 «سعد الله» .
[2] في الأصل: «نبا» .
[3] من نواحي نيسابور. (معجم البلدان 1/ 350) .
[4] الترجمة منقولة عن: المختار من تاريخ ابن الجزري 233، وفي
آخرها قال: قيل إنه توفي سنة خمسين.
[5] انظر عن (محمد بن أبي المعالي) في: صلة التكملة للحسيني، ورقة
80، والمقفّى الكبير للمقرزي 7/ 271، 272 رقم 3333، والدرّ المنضّد
1/ 391 بالحاشية.
(47/455)
وسمع مِن: الخُشُوعيّ، وحنبل.
روى عَنْهُ: الدِّمياطيّ، وابن الحُلْوانيّة، والقاضي جلال الدّين
عَبْد المنعم، والفخر عَبْد اللَّه بْن المَرّاكِشيّ، وغيرهم.
تُوُفّي فِي نصف ربيع الأوّل. لَقَبُهُ: عماد الدّين، ويقال لَهُ
أَبُو المعالي أيضا [1] .
616- مُوسَى بْن زكريّا بْن إِبْرَاهِيم.
صدرُ الدّين أَبُو عمران الحَصْكَفِيّ، الفقيه الحنفيّ، قاضي آمِد.
قدِم حلبَ رسولا. وحدَّث بالقاهرة وبها تُوُفّي فِي صفر وله سبعون
سنة.
روى شيئا عَن: الافتخار الهاشميّ.
وعنه: عَبْد المؤمن الدّمياطيّ.
617- مُوسَى بْن أَبِي الفتح محمود بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن
أحمد.
سعد الدّين ابن الصّابونيّ، المحموديّ، الصُّوفيّ.
وُلِدَ لأبيه بديار مصر قبل الثّمانين وخمسمائة.
وروى شيئا بالإجازة عَن والده.
تُوُفّي فِي رمضان، وجاوز السّبعين.
- حرف النون-
618- نصر اللَّه بْن أَبِي العزّ [2] هبة اللَّه بْن أَبِي محمد بن
عبد الباقي.
__________
[1] وقال المقريزي: قدم مصر تاجرا وحدّث بها.
روى عنه ابن مسدي وقال: كان شيخا ميسورا، وفي طبقات السماع مذكورا.
وقال الرشيد بن الزكيّ: قدم سنة ... وثلاثين وستمائة في ذي القعدة.
[2] انظر عن (نصر الله بن أبي العزّ) في: الفوائد الجلية في
الفرائد الناصرية لداود بن عيسى الأيوبي 96- 98، وسير أعلام
النبلاء 23/ 284 دون ترجمة، والبداية والنهاية 13/ 184، وعيون
التواريخ 20/ 70، 71، والسلوك ج 1 ق 2/ 385، وبدائع البدائه 271
رقم 307، والمغرب في حلى المغرب لابن سعيد 299، 300، وفوات الوفيات
2/ 597، وحسن المحاضرة 1/ 567.
(47/456)
فخرُ القُضاة أَبُو الفتح [1] بْن بُصَاقَة
الغِفارِيّ المصريّ، الحنفيّ، الكاتب، النّاصريّ، الأديب.
شاعر مُفْلِق، بديع النَّظْم.
ذكره ابن النّجّار فَقَالَ: كَانَ خِصِّيصًا بالملك المعظَّم ثُمَّ
بابنه دَاوُد، وقدِم معه بغدادَ. وكتبنا عَنْهُ مِن شِعره.
وُلِدَ بقوص سنة تسع وسبعين وخمسمائة.
قلت: روى عَنْهُ: الشّهاب القُوصيّ فِي «معجمه» شيئا كثيرا مِن
شِعره.
ومات فِي ثامن جمادى الآخرة بدمشق.
ومن شِعْره مُلْغِزًا:
وحاملة محمولة غير أنّها ... إذا حملت أَلْقت اليوم جنينها
منعّمة لم ترضَ خدمةَ نفسِها ... فغلمانُها مِن حولها يخدمونها
لها حينئذٍ ما بين زوجين يعتدي ... ولولاهما كَانَ التَّرَهُّب
دينها
وقد شبّهت بالعرش في أنّ تحتها ... ثمانية من فوقهم يحملونها [2]
__________
[1] في بدائع البدائه 271 «أبو الفرج» .
[2] ومن شعره:
ولما أبيتم سادتي عن زيارتي ... وعوضتموني بالبعاد عن القرب
ولم تسمحوا بالوصل في حال يقظتي ... ولم يصطبر عنكم لرقّته قلبي
نصبت لصيد الطّيف جفني حيلة ... فأدركت خفض العيش بالنوم والنصب
وله شعر في عيون التواريخ.
وقال ابن سعيد: سلّم له الملك الناصر بن الملك المعظّم بن العادل
بن أيوب أعمال دولته، واتصلت به صحبته بعد صحبة أبيه إلى أن لم يبق
بيد الملك المذكور إلّا حصن الكرك، واقتضى ضيق الوقت تقلّبه بين
شدّة ورخاء إلى أن قوّض خيامه عن تلك الأرجاء. وأخبرت أنه الآن
بحضرة الخلافة بغداد، حماها الله.
وذكر لي جماعة ممن يعرفه أنه جليل القدر، عظيم البلاغة. ولم أقف له
على نثر. وإنما أخبرت أنه كتب مع العماد السلماسي المتقدّم الذكر
إلى السيف الآمدي العالم المشهور، وقد رغب إليه العماد في
الاستفادة من مشافهته فأحاله على مطالعة الكتب، فشكا ذلك إلى فخر
القضاة وأراد تنبيهه عليه.
ولا تكله إلى كتب يطالعها ... فالسيف أصدق أنباء من الكتب
(47/457)
619- نصْرُ اللَّه بْن أَبِي الْجُود حاتم
بْن عَبْد الجليل بْن عَبْد الجبّار بْن حَسَن.
سديدُ الدّين، أَبُو القاسم الأَنْصَارِيّ، المصريّ. الكاتب
الأديب.
ولد سنة خمس وسبعين وخمسمائة.
وسمع مِن: البُوصِيريّ، وإسماعيل بْن ياسين، والقاسم بْن عساكر،
والعماد الكاتب، وجماعة.
وتقلّب فِي الخِدَم الدّيوانيّة.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وغيره.
تُوُفّي فِي جُمَادى الآخرة.
- حرف الهاء-
620- هبة اللَّه بْن مُحَمَّد [1] بْن الْحُسَيْن بْن مُفَرِّج بْن
حاتم بن حسن بن جعفر.
__________
[ () ] وذكره السلماسي في الرسالة التي وجّهها إلى إفريقية، وأنشد
له فيها:
وعلق تعشّقته بعد ما غدا ... وهو من سقطات المتاع
ولم يبق في المرد إلّا كما ... يقال على أكلة والوداع
فعاجلته عن دخول الكنيف ... بشحّ مطاع ورأي مضاع
فأغرقني منه نوء البطين ... وروّاه منّي نوء الذراع
(المغرب 299، 300) .
وقال ابن ظافر الأزدي إن ابن بصاقة أخبره فقال: ضرط بعض أصحابنا
ونحن مجتمعون في بعض منازلات الفرنج، وتبعه آخر، فصنع بعضنا في
الأول، وصنع بعضنا فيهما جميعا..
ولما ضرط الآخر قلت:
رأيت ابن عروة يتلو الظهير ... وقد ضرطا لاشتداد الجزع
فقلت: أللخوف هذا الضراط؟ ... كأنّ فؤادكما ينتزع
فقالا: إذا دهمت غارة ... فلا بدّ من ضرب بوق الفزع
(بدائع البدائه 271) .
[1] انظر عن (هبة الله بن محمد) في: العبر 5/ 206، وسير أعلام
النبلاء 23/ 284 دون ترجمة، والإشارة إلى وفيات الأعيان 349،
والإعلام بوفيات الأعلام 271، وشذرات الذهب 5/ 253.
(47/458)
جمالُ الدّين أَبُو البركات، المقدِسيّ
الأصل، الاسكندرانيّ، الشّافعيّ، المعروف بابن الواعظ.
شيخ فاضل جليل مِن عُدُول الثَّغْر.
وُلِدَ سنة 569.
وروى عَن: السِّلَفيّ، وعن: عَبْد الرَّحْمَن بْن مُوقا.
روى عَنْهُ: الحافظان عَبْد العظيم المنذريّ، وَعَبْد المؤمن
الدّمياطيّ، وقالا: مات فِي ثامن صفر.
وقال المنذريّ: سماعه حضور.
قلت: روى عَنْهُ بالإجازة: أبو المعالي ابن البالسيّ، وغيره.
وبالسّماع أيضا: مجد الدّين ابن العديم، وقبله التّقيّ
اليَلْدانيّ، وَأَحْمَد بْن عَبْد الكريم بْن الأغلاقيّ.
- حرف الياء-
621- يحيى بْن أَبِي السُّعُود [1] نصر بْن أَبِي القاسم بْن أَبِي
الْحَسَن بْن قُمَيْرَة [2] .
مؤتَمَنُ الدّين أَبُو القاسم التّميميّ، الحنْظليّ، اليَرْبُوعيّ،
الأَزَجيّ، التّاجر السّفّار.
أسندُ مَن بقي فِي العراق.
وُلِدَ سنة خمس وستّين وخمسمائة.
وسمع مِن: شُهْدَة، وتَجَنِّي الوهْبانيّة، وَعَبْد الحق
اليُوسُفي، وَمُحَمَّد بْن بدر الشِّيحيّ، والحسن بْن شِيرُوَيْه.
وحدَّث ببغداد، ودمشق، ومصر، وحلب فِي تجارته.
__________
[1] انظر عن (يحيى بن أبي السعود) في: صلة التكملة للحسيني، ورقة
70، والإعلام بوفيات الأعلام 271، والإشارة إلى وفيات الأعيان 349،
وسير أعلام النبلاء 23/ 285 رقم 192، ودول الإسلام 2/ 118، والعبر
5/ 206، 207، وشذرات الذهب 5/ 253.
[2] تصحّف إلى: «ابن العميرة» في: دول الإسلام.
(47/459)
وأكثر عَنْهُ الخلْق. وهو آخر مِن سَمِعَ
فِي الدّنيا مِن هَؤُلَاءِ الخمسة.
روى عَنْهُ: الحافظ مجد الدّين ابن النّجّار، ومجد الدّين ابن
الحلوانيّة، والحافظان ابن الظّاهريّ، والدّمياطيّ، والقاضي تقيّ
الدّين سُلَيْمَان، وأبو بَكْر الدُّبَيْثيّ، والبهاء أيّوب بْن
النّحّاس، وأخوه إِسْحَاق، وبَيْبَرْس العديميّ، والعماد بْن
البالِسيّ، وإبراهيم بْن التّقيّ بْن أَبِي اليُسْر، وعليّ بْن
جَعْفَر المؤدّب، وَالشَّيْخ عَبْد الرَّحْمَن بْن المُقَيَّر،
وَعَبْد اللَّه بْن الشَّيْخ شمس الدّين، وَمُحَمَّد بْن الصّلاح
مُوسَى، والتّقيّ عَبْد اللَّه بْن تمام، وخلْق سواهم.
تُوُفّي فِي السّابع والعشرين مِن جُمادى الأولى ببغداد، وله خمسٌ
وثمانون سنة.
الكنى
622- أَبُو بَكْر بْن سعد اللَّه بن جماعة بن حازم بن صخر.
الكنانيّ، الحَمَويّ، الشّافعيّ.
شيخ صالح خيِّر.
روى عَن: عمّه أَبِي الفتح نصر اللَّه بْن جماعة.
وهو مِن بيت الدّين والصّلاح.
تُوُفّي فِي شعبان بحماة.
وهو عمّ قاضي القُضاة بدر الدّين، رحمه الله.
وفيها وُلِدَ:
القُدوةُ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَر بْن الزّاهد أَبِي بَكْر بْن قِوام
البالِسيّ، ومُعِينُ الدين أَبُو بَكْر بْن عَبْد اللّطيف بْن
المُغَيْزِل، خطيب حماة، وعفيفُ الدّين مُحَمَّد بْن المجد عَبْد
اللَّه بْن الْحُسَيْن الإربليّ، يوم عاشوراء بحلب، وشاكرُ بْن
تقيّ الدّين بْن أَبِي اليُسْر.
وعُمَرُ بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مؤمن،
(47/460)
وقِوامُ الدّين حَسَن بْن مُحَمَّد بْن
الطّبّاخ، وشهابُ الدّين أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان بْن
حمائل بْن غانم الكاتب، وَالشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْن نُصر بْن صالح
المصريّ المقرئ، تقريبا، وشمس الدّين مُحَمَّد بْن عُمَر بْن
أَحْمَد بْن عَبْد الدّائم، المقرئ الضّرير، والمعلّم مُحَمَّد بْن
المظفَّر الصّالحيّ المهندس، وَالشَّيْخ مُحَمَّد بْن المهيب عَبْد
اللَّه، فِي ثاني ربيع الأوّل، والشّهاب أَحْمَد بْن كِنْديّ بْن
عُمَر، وُلِدَ فِي جمادى، وناصر الدّين مُحَمَّد بْن الشَّيْخ
إِبْرَاهِيم بْن معْضاد الْجَعْبَرِيّ، والزين عَلِيّ بْن مرزوق
السُّلامي، بها، وَمُحَمَّد بْن يوسف بْن عَبْد اللَّه بْن رجا
البوّاب، وأقوش مولى شِبْل الدّولة، بماردين، وَعَبْد العزيز بْن
الشّيّاح، وَمُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بوّاب الزّكاة، وَالشَّيْخ
إِبْرَاهِيم بْن المغريشة، وعليّ بْن يونس المؤدَب، وَالشَّيْخ
مُحَمَّد عيسى المجلّد، والتّقيّ حمزة بْن المجدليّ، وإسحاق بْن
إِبْرَاهِيم بْن الوزيريّ.
(47/461)
ذكر شيوخ كانوا فِي حدود الأربعين وبعدها
- حرف الألف-
623- إلياس بْن الأنجب بْن يحيى بن عبّاس.
أبو عبد الله البغداديّ ابن الكيْلانيّ، الغرّاد، ثُمَّ التّاجر.
قَالَ ابن النّجّار: شيخ صالح. وجدْنا سماعَه فِي أجزاء مِن
«الحلْية» عَلَى ابن البطّيّ.
مولده فِي سنة 558.
قلت: أجاز لابن الشّيرازيّ، وَلِمُحَمَّد البجدّيّ، وبنت مؤمن،
وجماعة.
أجاز لهم فِي سنة أربعين وستّمائة.
- حرف الباء-
624- بَرَكة بْن الأعزّ بْن أَبِي الْحَسَن بْن بركة.
أَبُو الْحَسَن البغداديّ، الرّفّاء، المؤذّن.
سَمِعَ بإفادة مؤدّبه شيئا مِن: المبارك بْن حصير.
وهو شيخ صالح.
أجاز لابن الشّيرازيّ، وسعد الدّين البجدّيّ، وفقها بِنْت
الواسطيّ، وجماعة.
625- بَرَّة بِنْت عَبْد الوهّاب بْن برغش.
أمَةُ الوهّاب.
(47/462)
سمّعها أبوها مِن: عَبْد اللَّه بْن
أَحْمَد السّرّاج، وخُمَارتاش الرّوسائيّ.
ومن مَرْوِيّاتها كتاب: يومٌ وليلةٌ لابن شبيب العُمريّ، سَمِعَتْه
مِن السّرّاج سنة سبْعٍ وسبعين، وهو مجلَّد.
أجازت لابن الشّيرازيّ، وابن المُطْعِم، والبجدّيّ، وبِنْت مؤمن،
وجماعة.
626- بِنْت العمّ بِنْت عَبْد المحسن بْن بُريك بْن عَبْد المحسن.
الأَزَجِيَّة.
سَمِعْتُ سنة سبعين مِن أبيها جزءا عَن أُبيِّ النَّرْسيّ.
أجازت للمُطْعِم، وسعد الدّين، والبجدّيّ، وبنت الواسطيّ، وجماعة.
- حرف الصاد-
627- صَلَفُ بنتُ قاضي القُضاة جَعْفَر بْن عَبْد الواحد بْن
الثّقفيّ.
سَمِعْتُ مِن: ابن شاتيل.
أجازت: لسعد، والبجدّيّ، وبنت الواسطيّ، وبنت مؤمن، وطائفة.
- حرف الطاء-
628- طلعة بِنْت راشد بْن عَبْد اللَّه بْن سُلَيْمَان البقّال
الأَزَجيّ.
سَمِعْتُ حضورا سنة سبعين مِن: عَبْد الحقّ اليُوسُفيّ.
أجازت لابن الشّيرازيّ، والمُطْعِم، والبجدّيّ، وهديّة بِنْت مؤمن،
وجماعة.
- حرف العين-
629- عَبْد الله بن عبد الملك بن مظفر بن غالب.
أَبُو مُحَمَّد الحريميّ.
سمّعه أَبُوهُ فِي سنة تسعٍ وسبعين مِن ابن شاتيل كتاب «الشُّكْر»
لابن أَبِي الدُّنيا.
(47/463)
أجاز لسعد، والبجدّيّ، وبنت الواسطيّ،
وجماعة.
قَالَ ابن النّجّار: هو صالح لا بأس بِهِ.
630- عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه بْن بختيار بْن عَلِيّ.
أَبُو مُحَمَّد اليماميّ، الصّوفيّ. واليماميّة مِن أعمال واسط.
سكن بغداد، وسمع مِن: أَبِي الْحُسَيْن عَبْد الحقّ.
قَالَ ابن النّجّار: شيخ صالح حَسَن الطّريقة، وهو الآن حيّ، وقد
قارب الثّمانين.
قلت: أجاز لابن الشّيرازيّ، وَمُحَمَّد البجدّيّ، وجماعة.
631- عَبْد الملك بْن المبارك بْن أَبِي القاسم بْن قيبا.
أَبُو منصور السّقلاطونيّ.
شيخ لا بأس بِهِ، مقلّ. وُلِدَ سَنَة سبْعٍ وخمسين.
وسَمِعَ مِن: يحيى بْن ثابت، وغيره.
أجاز لابن عساكر، وابن الشّيرازيّ، والبجدّيّ، وبنت الواسطيّ،
وجماعة.
632- عَقِيل بْن مُحَمَّد بْن يحيى بْن مواهب بن إسرائيل.
أبو الفتوح البرداني الخباز.
سمع: أَبَاهُ، وابن شاتيل، والقزّاز، وأبا مُحَمَّد بْن السّرّاج.
قَالَ ابن النّجّار: صحيح السّماع، لا بأس بِهِ.
أجاز لابن الشّيرازيّ، وَمُحَمَّد البجدّيّ، وجماعة.
- حرف الميم-
633- مُحَمَّد بْن محمود بْن أَبِي طاهر بْن معالي.
أَبُو عَبْد اللَّه بْن النّجّاد البغداديّ.
سَمِعَ «جزء الجراديّ» مِن أَبِي شاكر السّقلانيّ.
أجاز للمطعم، وسعد، والبجدّيّ، وبنت مؤمن، وجماعة.
(47/464)
فمن حديثه: أَنَا أَبُو شاكر، أَنَا
مُحَمَّد بْن المختار، أَنَا عَلِيّ بْن عُمَر البرمكيّ، ثنا
عُبَيْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ ابن الجراديّ الكاتب، ثنا
عَبْد الوهّاب بْن عيسى، ثنا مُحَمَّد بْن شجاع، فذكر حديثا.
قَالَ ابن النّجّار: هذا الشَّيْخ هُوَ ممّن لا يُفرح بِمِثْلِهِ.
634- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن عَبْد الصّمد [1] بْن الهنيّ بْن
أَحْمَد.
الإِمَام أَبُو منصور البغداديّ، المقرئ، الخيّاط، البوّاب.
مِن كبار القُرّاء ببغداد.
سَمِعَ: ابن طَبَرْزَد، وابن مَنِينا، وابن الأخضر.
ورحل فأخذ عَن الكِنْديّ، وابن الحَرَسْتانيّ، وعدّة.
وقرأ عَلَى أصحاب أَبِي الكَرَم الشَّهْرزوريّ، فتلا بطُرق
«المصباح» عَلَى الشَّيْخ عَبْد العزيز بْن النّاقد، وتلا عَلَى
أَبِي الكرَّم.
قرأ عَلَيْهِ بالسّبع: الموفق عَبْد اللَّه بْن مظفّر
البَعْقُوبيّ، وغيره.
وروى عَنْهُ: ابن الحُلْوانيّة، والدّمياطيّ، وعليّ بْن ممدود
البَنْدَنِيجيّ، وغيرهم.
وُلِدَ سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة، وبقي إلى قريب الخمسين، بل إلى
سنة خمس وخمسين وحدَّث فيها.
635- المبارك بْن مُحَمَّد بْن مَزْيَد.
الخوّاص أَبُو الْحُسَيْن البغداديّ، الحنفيّ.
سَمِعَ بعض «مشيخة النَّسَوِيّ» مِن أَبِي السّعادات القزّاز.
وسمع مِن: ابن كليب، وَعَبْد الغنيّ بْن أَبِي العلاء
الهَمَذَانيّ.
سَمِعَ مِن عَبْد الغنيّ جميع «مُسْنَد العدنيّ» ، قَالَ: أنبا
سَعِيد بْن أَبِي الرجاء الصَّيْرفيّ.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وَمُحَمَّد بْن مُحَمَّد الكَنْجيّ،
وجماعة.
وأجاز لطائفةٍ مِن كُهُول شيوخنا، ولم أظفر بوفاته.
__________
[1] انظر عن (عن محمد بن علي بن عبد الصمد) في: سير أعلام النبلاء
23/ 341، 342 رقم 237، وغاية النهاية 2/ 205 رقم 3266، والمقفّى
الكبير للمقريزي 6/ 312 رقم 2778.
(47/465)
- حرف الياء-
636- يحيى بْن عَبَّاس.
أَبُو زكريا القَيْسيّ، القَسَنْطِينيّ المحدّث.
لَهُ رحلة إلى الأَنْدَلُس، فأخذ عَن: أَبِي عَبْد اللَّه بْن
نُوح، وَأَبِي الخطّاب بْن واجب، والحسين بْن زلال، وطائفة.
أجاز لأبي جَعْفَر بْن الزُّبَيْر برنامجه فِي سنة تسعٍ وأربعين.
637- يحيى بْن عَلِيّ بْن عَلِيّ بْن عنان.
أَبُو الْحَسَن الغَنَوِيّ البغداديّ، [المعروف] [1] بابن البقّال
الحنبليّ الفَرَضيّ.
أحد الأئمّة. سَمِعَ: أبا الفتح بن شاتيل، ومن بعده فأكثر.
ثمّ ترك العلم وعالج الدّيوان.
ولد سنة إحدى وسبعين.
أجاز لابن الشّيرازيّ، وابن سعد، والبجدّيّ، وبنت مؤمن، وبنت
الواسطيّ، وجماعة.
الكنى
638- أبو محمد بن أبي القاسم بن الأشرف.
العبّاسيّ المتوكّليّ.
سمع من: أبي شاكر السّقلاطونيّ.
سمع منه ابن النّجّار.
وأجاز لابن سعد، وللبجدّيّ، وجماعة.
انتهت الطبقة الخامسة والستون من تاريخ الإسلام للذهبي أعانني الله
على إكمالها
__________
[1] إضافة على الأصل يقتضيها السياق.
(47/466)
(بعون الله تعالى وتوفيقه تم إنجاز هذه
الطبقة من «تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام» لمؤرّخ
الإسلام الكبير الحافظ «شمسُ الدين مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَد بْن
عثمان بن قايماز الذهبيّ» المتوفّى سنة 748 هـ. بدمشق. وقد قام
بتحقيقها، وضبط نصّها، وتوثيق مادّتها، وتخريج أحاديثها وأشعارها،
وصنعة فهارسها، العبد الفقير إلى الله تعالى، وراجي عفوه، خادم
العلم وطالبه، الحاج «أبو غازي، عمر عبد السلام تدمري» ، الأستاذ
الدكتور، عضو الهيئة العربية العليا لإعادة كتابة تاريخ الأمة في
اتحاد المؤرّخين العرب، وأستاذ التاريخ الإسلامي في الجامعة
اللبنانية، الطرابلسيّ المولد والدار، الحنفيّ المذهب، وكان ذلك
ضحى يوم الثلاثاء الحادي عشر من المحرّم 1417 هـ. / الموافق للثامن
والعشرين من أيار (مايو) 1996 م. بمنزله بساحة الملك الأشرف خليل
بن قلاوون (النجمة سابقا) بثغر طرابلس الشام المحروس، حفظه الله
وجعله بلدا آمنا مطمئنّا وسائر بلاد المسلمين. وهو المستعان لإتمام
تحقيق بقية هذا السّفر النافع، وعليه الاتّكال) .
(47/467)
|