تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، ت
تدمري
[المجلد الثامن والأربعون (سنة 651- 660)
]
[الطبقة السادسة والستون]
حوادث سنة إحدى وخمسين وستمائة
[سلطان مصر]
استهلَّت وسلطان مصر الملك الأشرف بن صلاح الدين ابن أقسِيس وأتابكه
الملك المُعِزّ أيبَك [1] .
[سلطان الشام]
وسلطان الشّام إلّا اليسير النّاصر يوسف.
[رجوع الأسرى من وقعة الصالحية]
وفيها رجع الباذرائيّ ونظامُ الدين ابن المَوْلَى من القاهرة بخلاص
الّذين أسرتهم البحريّة فِي وقعة الصَّالحيَّة بآخر الرمل فِي سنة
ثمانٍ وأربعين. وهم الملك المعظّم توران شاه بن السُّلطان صلاح الدّين،
وأخوه النُّصْرة، والملك الأشرف ابن صاحب حمص، وأولاد الملك الصّالح
إِسْمَاعِيل، وشهاب الدّين الْقيُمريّ [2] .
[قدوم ابنة السُّلطان علاء الدين على زوجها السُّلطان الناصر]
وفي آخرها، وقيل فِي الآتية، قدِمَتِ ابنة السُّلطان علاء الدّين من
الروم على زوجها السُّلطان الملك النّاصر، وفي خدمتها سوباشيّ [3] معه
خمسمائة
__________
[1] العبر 5/ 207
[2] مرآة الزمان ق 2 ج 8/ 789، المختار من تاريخ ابن الجزري 232،
البداية والنهاية 13/ 184.
[3] سوباشي صوباشي، لفظ فارسي مركّب من: صو، ومعناه: الجند، وباشي،
معناه رئيس.
(48/6)
فارس، وجهازها وثَقْلها على ألف جَمَل،
ومحفتُها بأطلس مُكلله بالجوهر والذهَب، فبُسِطَت البُسُط بين يدي
دابّتها، وكان يوما مشهودا، وعُمِلَ لها عُرسٌ لم يُسمع بِمِثْلِهِ من
الأعمال بدمشق. وهي بِنْت ابنة السُّلطان العادل [1] .
[الصلح بين المصريين والسُّلطان]
وفيها تقرّر الصُّلح بين المصريّين والسُّلطان الناصر على أن تكون
للمصريّين غزَّة، والقدس، وحلفوا على ذلك [2] .
[قطْع خُبز الأمير حسام الدين بمصر]
وقُطع بمصر خُبز الأمير حسام الدّين بن أَبِي عليّ، فاستأذن فِي المُضي
إلى الشّام، فأذِن له، فقدِم على النّاصر فاحترمه وأعطاه خُبزًا جليلا
[3] .
[تعاظم الفَارس أقطاي بمصر]
وعظُم الفارس أقطاي الْجَمَدار [4] بمصر، وكان يركب بشاويش وعَظَمةٍ،
والتفّت عليه البحريّة والْجَمْداريَّة. وكانوا فِي نيّة سلطنته. ونزل
رُكْن الدّين بَيْبَرْس البُنْدُقداري ببعض دار الوزارة، وصار من كبار
أمراء الدّولة، وكذلك سيف الدّين بَلبَان الرشِيدي، وشمس الدّين
سُنْقُر الرُّومي، وشمس الدّين سُنْقُر الأشقر، وعزّ الدّين الأخرم،
وهم من حزب الفارس. والملك خائف من ثورتهم، وكانت النّاصريّة
والعزيزيّة من حزبه، فأخذوا فِي الحيلة على إهلاك الفارس [5] .
وكانت الوقعة الجمعة، وخرج من دمشق ركُبٌ عظيم وسبيل كثير.
__________
[1] مرآة الزمان ق 2/ ج 8/ 791 (حوادث سنة 652 هـ) ، أخبار الأيوبيين
لابن العميد 164، 165، نهاية الأرب 29/ 379، السلوك ج 1 ق 2/ 388، عقد
الجمان (1) 79، 80.
[2] نهاية الأرب 29/ 426، المختصر في أخبار البشر 3/ 186، الدّرة
الزكية لابن أيبك 22، 23، تاريخ ابن الوردي 2/ 189، تاريخ ابن سباط
(بتحقيقنا) 1/ 364، السلوك ج 1 ق 2/ 385، 386، عقد الجمان (1) 80.
[3] المختصر في أخبار البشر 3/ 186، الدرّة الزكية 23، تاريخ ابن
الوردي 2/ 189 وفيه «خبر» بدل «خبز» وهو تحريف، المختار من تاريخ ابن
الجزري 232، السلوك ج 1 ق 2/ 386.
[4] الجمدار: كلمة فارسية مركّبة من لفظين: جاما: وهي الثياب، ودار:
معناها صاحب. فيكون هو صاحب الثياب. أي المشرف على خزائن الملابس
السلطانية وما يتعلّق بها.
[5] الروض الزاهر 53، التحفة الملوكية 34، السلوك ج 1 ق 2/ 386 و 388،
عقد الجمان (1) 80، النجوم الزاهرة 7/ 30.
(48/7)
[الغلاء بمكة]
ولكن كان الغلاء بمكّة شديدا، أبيع شربة الماء بدرهم، والشّاة بأربعين
درهما [1] . ومضوا وردّوا على تيماء.
[مسير هولاكو إلى ما وراء النهر]
وفيها جَهْز طاغية «المغْل إلى بلاد ما وراء النهر أخاه هولاكو، فسار
من قُراقرم فِي جيشٍ كثيف، فبادر أرغوان إلى خدمته فأقرّه على خُراسان
[2] .
[منازلة عسكر الناصر عكا]
وفيها سار طائفةٌ من عسكر الملك النّاصر فنزلوا على عكّا، ثمّ ملكوا
كرْدَانة وأحرقوا الطّواحين.
[أخذ صيدا بالسيف]
وساقوا إلى صيدا فأخذوها بالسّيف فهرب أهلُها إلى قلعتها [3] .
[تخريب قلعة الجيزة]
وفيها خرّبوا قلعة الجيزة.
[منع الوعّاظ من الوعظ بالقاهرة]
وفيها منعوا الوُعاظ بالقاهرة من الوعظ لكون العماد الواعظ قال على
المِنبر: خلق الله آدم بيده. وأشار إلى يده، فعزّروه وعزموا على عقد
مجلس فلم يتّفق.
[نزوح خلق من بغداد إلى الشام]
وفيها نزح خلْقٌ من الْجُنْد من بغداد إلى الشّام لقطع أرزاقهم.
__________
[1] النجوم الزاهرة 7/ 30.
[2] الحوادث الجامعة 131.
[3] القدّيس لويس، حياته، حملاته على مصر والشّام (مذكّرات جوانقيل-
سيمون دي جوانقيل) ترجمة د. حسن حبشي- القاهرة 1968- ص 243، العدوان
الصليبي على بلاد الشّام- د. جوزيف نسيم يوسف- الإسكندرية 1971- ص 206،
صيدا ودورها في الصراع الصليبي الإسلامي- د. أسامة زكي زيد- طبعة
الهيئة المصرية العامة للكتاب- فرع الإسكندرية 1980- ص 231، 232.،
لبنان من السقوط بيد الصليبيين حتى التحرير- تأليفنا- ص 263.
(48/8)
سنة اثنتين وخمسين
وستمائة
[إقطاع آيدغدي]
فيها أقطع الملك المعزّ لأيْدغْدي العزيزيّ دمياط فوق خبزه [1] .
[ظهور نار فِي أرض عَدَن]
وفيها جاءت الأخبار أنْ نارا ظهرت فِي أرض عَدَن بجبالها، وكان يطير
شَرَرها فِي اللّيل إلى البحر ويصعد منها دُخانٌ عظيم فِي النّهار.
وخاف أهل اليمن وتاب بعضُهم [2] .
[ظهور الخارجي المستنصر باللَّه بالمغرب]
وفيها ظهر بالمغرب خارجيّ وتُسَمى المستنصر باللَّه، وأظهر العدل،
واستولى على إفريقية، وبنى [3] برجا وكان يجلس فيه، ويجلس تحته القاضي،
__________
[1] مرآة الزمان ق 2 ج 8/ 790 وفيه زيادة، «ونقل ثلاثين ألف دينار» ،
نهاية الأرب 29/ 432، الدرّة الزكية 24، المختار من تاريخ ابن الجزري
234، عيون التواريخ 20/ 74.
[2] مرآة الزمان ق 2 ج 8/ 790، 791، نهاية الأرب 29/ 433، الدرّة
الزكية 23 (حوادث سنة 651 هـ) . وهو ينقل عن ابن واصل الّذي يذكر الخبر
أيضا في سنة 651 هـ. تاريخ ابن الوردي 2/ 190، المختار من تاريخ ابن
الجزري 234، عيون التواريخ 20/ 74، البداية والنهاية 13/ 185، مرآة
الزمان ج 8 ق 2/ 790، 791، عقد الجمان (1) 92، درّة الأسلاك (مخطوط)
ورقة 9، النجوم الزاهرة 7/ 32، تاريخ ابن سباط 1/ 364 (حوادث سنة 651
هـ) ، أخبار الدول 2/ 199، السلوك ج 1 ق 2/ 394، تاريخ الخلفاء 465،
شذرات الذهب 5/ 255.
[3] في الأصل: «بنا» .
(48/9)
والوزير، والمحتسب، والوالي، يقضون أمور
النّاس بحيث يراهم ويسمعهم [1] .
[عرس ابنة الملك علاء الدين]
وفيها رجع الشّريف المُرْتَضَى الحلبيّ من الرّوم، وأحضر معه ابنة ملك
الرّوم علاء الدّين كَيْقُبَاذ، وأمّها ابنة السُّلطان الملك العادل،
وقد تزوّجها الملك النّاصر، فعمل عُرسه عليها بدمشق، وعُمِلت القِباب،
ولعب الجيش، واحتفلوا للعُرس احتفالا عظيما [2] .
[قَتْل أقْطاي وركوب المُعِزّ دَسْت السلطنة]
وفيها توجّه الفارس أقطاي إلى الصّعيد ثانيا فقَتل ونهب وعَسَف [3] ،
ولما رجع قُتِل بقلعة الجبل، وهرب حزبه من البحريّة [4] ، ومَن قعد
منهم قَبضَ عليه المُعِزّ وأودعهم السّجن. وركبت العزيزيّة ونهبوا دُور
البحريّة. وأبطل المُعِز يومئذٍ اسم الملك الأشرف، وأنزله إلى عمّاته
القُطْبيات. وركب الملك المُعِزّ فِي دست السّلطنة [5] .
__________
[1] مرآة الزمان ق 2 ج 8/ 791، المختار من تاريخ ابن الجزري 234، عقد
الجمان (1) 99، 100، تاريخ الدولتين الموحّدية والحفصية 46، الحلل
السندسية ج 1 ق 4/ 1036، النجوم الزاهرة 7/ 32.
[2] تقدّم هذا الخبر في السنة الماضية، وهو في: مرآة الزمان ق 2 ج 8/
791، وأخبار الأيوبيين 164، 165، المختصر في أخبار البشر 3/ 190،
المختار من تاريخ ابن الجزري 235، البداية والنهاية 13/ 185، التحفة
الملوكية 36، عقد الجمان (1) 92.
[3] مرآة الزمان ق 2 ج 8/ 791.
[4] مرآة الزمان ق 2 ج 8/ 792 و 793، نزهة المالك والمملوك، للعباسي
(مخطوطة المتحف البريطاني) (23662) ورقة 102، تاريخ الدولة التركية،
ورقة 2 ب- 3 ب، أخبار الأيوبيين لابن العميد 164 (حوادث سنة 651 هـ) ،
نهاية الأرب 29/ 430، المختصر في أخبار البشر 3/ 190، الدرّة الزكية
25، تاريخ ابن الوردي 2/ 192، العبر 5/ 210 و 211، دول الإسلام 2/ 157،
مرآة الجنان 4/ 128، عيون التواريخ 20/ 75، الروض الزاهر 53، تاريخ ابن
سباط 1/ 365، جامع التواريخ 233، ذيل مرآة الزمان 1/ 59، التحفة
الملوكية 35، الجوهر الثمين 2/ 54، السلوك ج 1 ق 2/ 390، العسجد
المسبوك 2/ 605، عقد الجمان (1) 85، 86.
[5] الحوادث الجامعة 133، 134 وفيه «القراطاي» بدل «أقطاي» ، المختصر
في أخبار البشر 3/ 190، الدرّة الزكية 25، 26، المختار من تاريخ ابن
الجزري 235، ذيل مرآة الزمان 1/ 58،
(48/10)
[قدوم البحرية على
صاحب الشام]
وقدِم البحريّة على صاحب الشّام ورأسهم سيف الدّين بَلَبَان الرّشيديّ،
ورُكن الدّين بيبرس البُنْدُقْداريّ، فبالغ فِي إكرامهم بالعطاء
والخِلَعِ، فلزّوه فِي التّوجّه إلى مصر لكونها مُخَبَّطة [1] . فقدّم
على الجيش الملك المعظّم عمّ أبيه، فدهمهم الشّتاء وهم بالغور، وزادت
الشّريعة، ووقع فِي حوافر خيلهم مرض.
وبقوا فِي الغور مدّة، ثمّ نزلوا غزّة، فبذل الملك المُعِز الأموال،
ونزل العبّاسية [2] ، وخاف من العزيزيّة الّذين قفزوا إلى مصر سنة
ثمانٍ وأربعين، لأنّه بلغه أنّ الملك النّاصر كاتبهم، فقبض على كبارهم،
ونهب خِيَمهم. فبلغ ذلك الملكَ النّاصر ففتر وضعُفَتْ همّته [3] .
[طغيان أقطاي]
وكان الفارس أقطاي قد طغى وتجبّر بحيث إنه إذا ركب إلى القلعة يدوس
موكُبه النّاس ويضربونهم، ولا يلتفت إلى المُعِز ولا إلى غيره،
والخزائن بحْكمه. ثمّ أراد أن يسكن القلعة وأن تُخْلَى له دار
السّلطنة، وطاش وأسرف، فقتله المعزّ، وهربت مماليكه [4] .
__________
[ () ] 59، بدائع الزهور ج 1 ق 1/ 291، 292.
[1] نهاية الأرب 29/ 434، العبر 5/ 210.
[2] في المختصر لأبي الفداء 3/ 190 «العباسية» .
[3] أخبار الأيوبيين لابن العميد 164، العبر 5/ 210، المختار من تاريخ
ابن الجزري 235، 236، دول الإسلام 2/ 157، عيون التواريخ 20/ 75، 76،
التحفة الملوكية 35، 36، الجوهر الثمين 2/ 54، 55، السلوك ج 1/ ق 2/
392، عقد الجمان (1) 88.
[4] مرآة الزمان ق 2 ج 8/ 792، 793، تاريخ الدولة التركية، ورقة 2 أ،
الحوادث الجامعة 133، نهاية الأرب 29/ 429- 432، الدرّة الزكية 25، 26،
دول الإسلام 2/ 157، عيون التواريخ 20/ 76، 77، الروض الزاهر 53، ذيل
الروضتين 188، أخبار الأيوبيين 164، المختصر في أخبار البشر 3/ 190،
العبر 5/ 211، تاريخ ابن الوردي 2/ 192، البداية والنهاية 13/ 185،
مرآة الجنان 4/ 128، الوافي 9/ 317، 318 العسجد المسبوك 2/ 605، السلوك
ج 1 ق 2/ 389، 390، عقد الجمان (1) 85- 87، النجوم الزاهرة 7/ 11، 12،
المنهل الصافي 2/ 502، مآثر الإنافة 2/ 92، شذرات الذهب 5/ 255، تاريخ
ابن سباط 1/ 365، بدائع الزهور ج 1 ق 1/ 291، الجوهر الثمين 2/ 54.
(48/11)
[رواية أيبك الفارسيّ فِي «تاريخ ابن
الجزري» ]
قال شمس الدّين الْجَزَرِي فِي «تاريخه» [1] : فحدّثني عزّ الدّين
أيْبَك الفارسيّ [2] فِي سنة تسع وسبعين قال: طلع أستاذنا إلى القلعة
فِي شَعْبان على عادته، فرتّب له المُعِزّ عشرة مِنهم مملوكه قُطز،
الَّذِي تسلطن، فقتلوه، فركبت البحريّة وغلمان الفارس فبلغوا سبعمائة
وأتوا القلعة، فرمى برأس الفارس إليهم، فهرب طائفة إلى الكَرَك إلى
الملك المغيث، وطائفة إلى الشّام، وطائفة طلبوا الأمان. وكنا أنا
وخُشْداشتي [3] فِي اثني عشر مملوكا قد أخذنا كلّ واحدٍ فرسا وَجَنبيًا
[4] وهجينا، وطلعنا من القاهرة فِي اللّيل، وَقَصَدْنا البرّيّة،
فوقعنا فِي تيه بني إسرائيل، فبقينا خمسة أيّام فِي البريّة، ونَحَرْنا
بعض الهجَن فأكلناه، ثمّ سِرنا يوما وليلة، فلاح لنا فِي اليوم السّابع
عمارةٌ فقصدناها، فلقينا صورة مدينةٍ بأسوارٍ وأبواب جميعها زجاج أخضر،
فدخلناها فوجدنا الرمل ينبعُ فِي أماكن منْهَا، وبعضه قد وصل إلى
السُّقُوف، وأكثر الأسواق ما فيها رَجُل [5] بل الدّكاكين على حالها،
وفيها قماش، فكنّا نَمَسه فيصير هَبَاءً، وكذلك أخشاب السُّقُوف حتّى
النُّجاس قد تفتتِ. ووجدنا صينيّة نُحاس فيها ميزان، فحين رفعناها
تفتّتت، ووجدنا فيها تسعة دنانير عليها صورة غزال وعليها حروف عبراني
[6] . فبقينا يومئذٍ ندور فِي تلك المدينة [7] إلى أن وجدْنا أثر
رَشَح، فحفَرْنا نحو ذراعين، فظهرت بلاطة [8] فقلعناها، فإذا صهريج
ماء، فشربنا وسقينا الدّوابّ، وَنَحَرنا فرسا وهجينا، وشوينا اللّحم
على السّيخ، ثمّ تزوَّدنا من الماء ونحن لا ندري إلى أَيْنَ نتوجّه،
فسِرنا يوما وليلة، فوقعنا على قبيلة
__________
[1] المختار من تاريخ ابن الجزري، ص 236، 237.
[2] في المختار: «أيبك مملوك الفارس أقطاي» .
[3] خشداش: مملوك مع آخر من المماليك في خدمة سيّد كبير ويرتبط أحدهما
بالآخر برباط الإخاء والصداقة والفداء. (تكملة المعاجم العربية 4/ 26)
.
[4] وقع في المطبوع من المختار 236 «جنبيا» .
[5] في الأصل: «ما بينها رمال» ، والمثبت من المختار 236، 237.
[6] في الدّرّة الزكية لابن أيبك 27 «أسطر عبرانية» .
[7] في الدرّة الزكية: «وبقينا في تلك المدينة ونحن ما لنا هم إلّا
التدوير على الماء» .
[8] في الدّرّة الزكية: «بلاطة خضراء» .
(48/12)
عرب من بني مهديّ [1] ، فوصلْونا [2] إلى
الكَرَك، فأكْرمنا المغيث ثمّ قصدنا يهوديّا لنصرف الدّنانير وحكينا
له، فصاح وغُشِي عليه، ثمّ قال: هذا ضُرِب فِي زمان مُوسَى عليه
السلام، وهذه المدينة بُنيت لمّا كان مُوسَى فِي التّيه بالزّجاج
الأخضر عِوَض الحجارة، وقد حصل لها طوفان رمليّ، فتارة ينقُص الرمل
فتظهر جدرانها، وتارة يغطّيها الرمل.
فبعناه الدّنانير بمائة دِرهم [3] ، وأضافَنَا وأعلَمَ يهودَ الكَرَك
بنا، فكانوا يأتوننا ويسألوننا ويقولون: هذه المدينة الخضراء التي
بناها مُوسَى عليه السّلام [4] .
[رواية ابن الجزري عن المدينة الخضراء]
قال الْجَزَري [5] : ثم حَجَجْتُ أَنَا فاكتريتُ من مَعَان مع شخص من
بنى مهديّ إلى القدس فسألته، فقال: نَحْنُ بهذا التّيه [6] ، وأنا ما
رَأَيْت شيئا، ولكنْ أخبرنى أَبِي أنّه تصيَّد فِي التّيه فوقع بمدينة
خضراء ورأى حيطانها زجاجا أخضر [7] .
قال: فلمّا رجعتُ أعلمتُ قومي، فأخذوا جمالا وأوسقوها زادا وماء، ثم
قصدنا تلك الأرض فلم نرها وغُيبَت عنّا. وبعد كلّ مدّة يراها واحدْ
مصادفة. ويقصدها عرب تلك النّاحية باليهود ليزوروها، فقَل من يراها.
[محاربة صاحب الموصل العدويّة]
وفيها حارب صاحب المَوْصِل العدويّة، وقتل خلقا، وأسر عدّة، وصلب منهم
مائة نفُس، وذبح مائة، وقُتِل كبيرهم وعُلق. وبعث من نبش الشّيخ عديّا
__________
[1] في الدّرّة الزكية: «من بني مهدي عرب الكرك» .
[2] في المختار 237 «فأوصلونا» .
[3] في الدرّة الزكية ص 28 «كل دينار بمائة درهم نقرة» .
[4] بدائع الزهور ج 1 ق 1/ 292.
[5] في المختار من تاريخه 237.
[6] في المختار 237 «نحن نجد التّيه» .
[7] في المختار زيادة: «والرمل في تلك الأرض يعلو تارة وينقص تارة مثل
زيادة الماء. إن الله تعالى خلّصني منها» .
(48/13)
وأحرق عظامه. أنبأني بذلك الظّهير ابن
الكازرونيّ فِي «مجموع» [1] .
[وثوب غانم بن راجح على أَبِيهِ بمكة]
ووثب غانم بن راجح بن قتادة الحسَنِي فِي مكّة بأبيه فقيَّده وزعم أنّه
جُنَّ، فسأله أن يُخلي سبيله، فأعطاه جملا فركبه وهرب، وتمكّن غانم
بمكّة [2] .
__________
[1] والخبر موجود في: الحوادث الجامعة 133، والعسجد المسبوك 2/ 601.
[2] الحوادث الجامعة 134، السلوك ج 1 ق 2/ 396، العسجد المسبوك ج 2/
601.
(48/14)
سنة ثلاث وخمسين
وستمائة
[نزول عسكر الناصر والمعزّ كلّ فِي ناحية]
دَخَلَتْ وعسكرُ الملك النّاصر نازلٌ على العوجا، والملك المُعِزّ
نازلٌ على العبّاسة [1] ، وطال مُقام الفريقين [2] .
[إقطاع الناصر البحرية]
وكان النّاصر قد أقطع البحريّة أخبازا جليلة [3] .
[حرب العزيزية والمُعِزّ والصلح بين الملكين]
قال ابن واصل [4] : وفي رمضان عزمت العزيزية على القبض على المُعِزّ،
وكاتبوا النّاصر، ولم يوافقْهم جمال الدين أيْدُغْدي. واستشعر الملك
المُعِزّ منهم وعرف الخبر، وعلموا هُمْ فهربوا على حَمِية، وكبيرهم شمس
الدين أقوش البريّ [5] . ولم يهرب أيْدُغْدي وأقام بمخيّمه، فجاء
المُعِز راكبا إلى قرب مُخَيمه فخرج إليه أيْدُغْدي، فأمر المُعِزّ
فحُمل على دابّة، وقبض أيضا على الأمير الأتابكيّ فحُبسا، ونُهبت خيام
العزيزيّة كلّهم يومئذٍ بالعبّاسة. ثمّ اصطلح الملكان على أنّ من
الورّادة ورائح للمعزّ [6] .
__________
[1] في المختصر في أخبار البشر 3/ 190 «العباسية» ، والمثبت يتفق مع:
الدرّة الزكية 29.
[2] الدرّة الزكية 29، المختار من تاريخ ابن الجزري 238، عيون
التواريخ، 20/ 81، 82.
[3] المختار من تاريخ ابن الجزري 238، عيون التواريخ 20/ 81.
[4] في الجزء السادس من (مفرّج الكروب) ولم يصلنا.
[5] في السلوك ج 1 ق 2/ 397 «أقش الركني» ، وفي النجوم 7/ 34 «البرنلي»
.
[6] المختصر في أخبار البشر 3/ 190، 191، تاريخ ابن الوردي 2/ 192،
الروض الزاهر
(48/15)
[ذكر أسماء أعيان
البحرية]
سيف الدين الرَشيدي، عزّ الدين أزْدُمر السّيفيّ، رُكْنُ الدين
البُنْدُقْداريّ، شمسُ الدين سُنْقُر الأشقر، سيف الدين قلاوون
الألفيّ، بدر الدين بَيْسَرِي، شمس الدين سُنقُر الرّوميّ، سيف الدين
بَلَبَان المُسْتَعرِبي [1] .
[السّيل بدمشق]
وفيها جاء سَيْلٌ بدمشق عَرِمٌ أخْرَبَ عدّة دُورٍ بظاهر البلد وبلغ
ارتفاعهُ ستّة أذْرُع وزيادة.
[ولادة مولود للسلطان الناصر]
وفيها وُلِد الملكُ علاء الدين للسّلطان الملك الناصر من ابْنَة صاحب
الرّوم، واحتفلوا لذلك إلى الغاية.
[الفتنة بمِنَى]
وفيها جرت فتنةٌ بمِنَى ونُهِب الوفد، فقُتل جماعة وجُرِح خلْق. فأرسل
أمير مكّة إدريس وأبو نُمَيّ إلى أمير المؤمنين يعتذران [2] .
__________
[ () ] 55، 65، تاريخ ابن سباط 1/ 366، التحفة الملوكية 38، عقد الجمان
(1) 107، النجوم الزاهرة 7/ 34.
[1] نهاية الأرب 29/ 433، 434، الدرّة الزكية 28، المختار من تاريخ ابن
الجزري 238، عيون التواريخ 20/ 82، الجوهر الثمين 2/ 54 وفيه اختلاف
يسير، السلوك ج 1 ق 2/ 396 وفيه «بلبان المسعودي» ، النجوم الزاهرة 7/
34 وفيه «بلبان المستنصري» .
[2] عقد الجمان (1) 109
(48/16)
سنة أربع وخمسين
وستمائة
[الحكام فِي البلاد]
خليفةُ الوقت المستعصم باللَّه.
وصاحب الشّام الملك النّاصر.
وصاحب مصر المُعِزّ.
وصاحب الكَرَك والشّوبك المغيث بن عُمَر بن العادل أَبِي بَكْر بن
الملك الكامل.
وصاحب المَوْصل الملك الرّحيم لؤلؤ.
وصاحب مَيَّافارقين الكامل مُحَمَّد بن غازي بن الملك العادل.
ونائب إرْبِل تاجُ الدين ابِن صلايا العَلَوي.
ونائب حصون الإسماعيليّة الثّمانية رضيّ الدين أَبُو المعالي.
وصاحبُ صِهيون وبرزبه مظفّر الدين عثمان بن منكورس.
وصاحب حماه الملك المنصور.
وصاحب تلّ باشِر والرحْبَة وتَدْمُر وزنوبيا الأشرف مُوسَى بن الملك
المجاهد إِبْرَاهِيم ابن صاحب حمص.
وصاحب مكّة ابن قَتَادة الحُسَيني.
وصاحب ماردين الملك السّعيد إيل غازي الأرْتُقي.
وصاحب اليمن الملك المظفّر يوسف بن عُمَر.
(48/17)
وصاحب الرومُ رُكْن الدين وأخوه عزّ الدين.
وصاحب خراسان وما وراء النّهر والخطا القاآن ملك التّتار [1] .
[ظهور النّار بالمدينة [2]]
قال أَبُو شامة: جاء إلى دمشق كُتُبٌ من المدينة بخروج نارٍ عندهم فِي
خامس جُمادى الآخرة، وكُتِبت الكُتُب فِي خامس رجب، والنّار بحالها
بعدُ.
ووصلت إلينا الكُتُب فِي شعبان. فأخبرني مَن أثق به ممّن شاهدها
بالمدينة أنّه بلغه أنّه كُتِب بتيماء على ضوئها الكُتُب.
قال: وكنّا فِي بيوتنا بالمدينة تلك اللّيالي، وكأنّ فِي دار كلّ واحدٍ
سراجا. ولم يكن لها حَرَّ ولا لَفْح على عِظَمها، إنّما كانت آية.
قال أَبُو شامة: وهذه صورة ما وقفتُ عليه من الكُتُب: لمّا كانت ليلة
الأربعاء ثالث جمادى الآخرة ظهر بالمدينة دَوِي عظيم ثمّ زلزلةٌ عظيمة
فكانت ساعة بعد ساعة إلى خامس الشهْر، فظهرت نارٌ عظيمة فِي الحَرّة
قريبا من قُرَيظة تنوّر لها من دُورنا من داخل المدينة كأنّها عندنا.
وسالت أودية منها إلى وادي شطا مسيل الماء، وقد سدّت مسيل شطا وما عاد
يسيل. والله لقد طلعنا جماعةٌ نُبْصِرُها فإذا الجبال تسيل نيرانه، وقد
سَدّت الحَرَّة طريق الحاجّ العراقيّ، فسارت إلى أنْ وصلت إلى الحَرة،
فوقفت ورجعت تسير فِي الشّرق يخرج من وسطها مُهود وجبال نار تأكل
الحجارة،
__________
[1] قارن بعيون التواريخ 20/ 86، وذيل مرآة الزمان 1/ 3، 4.
[2] انظر خبر النار في المدينة، في:
المختصر في أخبار البشر 3/ 193، وتاريخ ابن الوردي 2/ 194، والعبر 5/
215، 216، والمختار من تاريخ ابن الجزري 240، وذيل الروضتين 190- 192،
وذيل مرآة الزمان 1/ 4- 10، ودول الإسلام 2/ 158، وعيون التواريخ، 2/
87- 92، والبداية والنهاية 13/ 187- 193، ومرآة الجنان 4/ 131- 134،
وتاريخ الخميس 2/ 415- 418، وتاريخ ابن سباط (باختصار شديد) 1/ 373
(حوادث سنة 655 هـ) . وأخبار الدول 2/ 199، 200، وتاريخ الخلفاء 465،
466، وسير أعلام النبلاء 23/ 180، والسلوك ج 1 ق 2/ 398، 399، والعسجد
المسبوك 2/ 620، والطبقات الشافعية الكبرى 5/ 112، والنجوم الزاهرة 7/
16- 19، وعقد الجمان (1) 92 (حوادث سنة 652 هـ) ، و 122- 127، وشذرات
الذهب 5/ 263، وتحقيق النصرة للمراغي 69، 70، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/
298، 299.
(48/18)
فيما أنموذج لِما أخبر الله تعالى: إِنَّها
تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ كَأَنَّهُ جِمالَتٌ [1] صُفْرٌ 77: 32-
33 [2] . وقد أكلت الأرض. ولها الآن شهر وهي فِي زيادة، وقد عادت إلى
الحرار فِي قُرَيْظة طريق الحاجّ إلى بُحيرة العراقيّ كلّها نيران
تشتعل نبصرها فِي اللّيل من المدينة كأنّها مشاعل، وأمّا أمّ النّيران
الكبيرة فهي جبال نيران حمر، وما أقدر أصف هذه النّار.
ومن كتاب آخر: ظهر فِي شرقيّ المدينة نارٌ عظيمة بينها وبين المدينة
نصف يوم انفجرت من الأرض، وسال منها وادٍ من نار حتّى حاذت جبل أحُد،
ثمّ وقفت. ولا ندري ماذا نفعل. ووقت ظهورها دخل أهلُ المدينة إلى
نبيّهم صلى الله عليه وآله وسلم مستغفرين تائبين إلى ربّهم.
ومن كتاب آخر: في أوّل جُمادى الآخرة ظهر بالمدينة صوت كالرّعد البعيد،
فبقي يومين، وفي ثالث الشّهر تعقّبه زلزال فتقيم ثلاثة أيّام، وقع فِي
اليوم واللّيلة أربع عشرة زلزلة. فلمّا كان يوم خامسه انبجست الأرض من
الحَرَّة بنارٍ عظيمة يكون قدرها مثل مسجد رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم، وهي برأي العين من المدينة تُشاهد، وهي ترمي بشَرَرٍ
كالقصْر. وهي بموضعٍ يقال له أخلين أو أخلبين.
وقد سال من هذه النّار وادٍ يكون مِقداره أربعة فراسخ، وعرضه أربعة
أميال، وعُمقة قامةٌ ونصف، وهو يجري على وجه الأرض وتخرج منه مِهاد
وجبال صغار، ويسير على وجه الأرض، وهو صخر يذوب حتّى يبقى مثل الأتل،
فإذا أَخمَد صار أسود، وقبل الخمود لونه أحمر.
وقد حصل إقلاع عن المعاصي وتقرّب بالطّاعات. وخرج أمير المدينة عن
مظالم كثيرة [3] .
ومن كتاب قاضي المدينة سِنان الحسينيّ [4] يقول في التّاريخ: «لقد
والله
__________
[1] في الأصل: «جمالات» ، ومثله في: ذيل الروضتين 190.
[2] سورة المرسلات، الآيتين 32 33.
[3] الحوادث الجامعة 152.
[4] هو شمس الدين سنان بن عبد الوهاب بن نميلة الحسيني، كما في: نهاية
الأرب 29/ 449، وعيون التواريخ 20/ 89، والبداية والنهاية 13/ 188،
وذيل الروضتين 191 وفيه «تميلة» .
(48/19)
زُلزِلت مرة ونحن حول الحُجْرة النّبويّة
[1] ، فاضطرب لها المِنبر والقناديل. ثمّ طلع فِي رأس أخْيَلين [2]
نارٌ عظيمة مثل المدينة المعظّمة، وما بانت لنا إلّا ليلة السّبت
وأشفقنا منها.
وطلعتُ إلى الأمير وكلّمته وقلت: قد أحاط بنا العذاب، ارجعْ إلى الله.
فأعتقَ كلّ مماليكه وردّ على جماعةٍ أموالهم. فلمّا فعل ذلك قلت: اهبط
معنا إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلم. فهبط وبتنا ليلة السّبت،
النّاس جميعُهم والنسوانُ وأولادُهن، وما بقي أحدٌ لا فِي النّخل [3]
ولا فِي المدينة إلّا عند النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم، وأشفقنا
منها، وظهر ضوءُها إلى أن أبصِرت من مكّة، ومن الفَلاة جميعها. ثمّ سال
منها نهر من نارٍ، وأخذ فِي وادي أخَيلين [4] وسدّ الطّريق، ثمّ طلع
إلى بحرة الحاجّ، وهو بحرُ نارٍ [5] يجري وفوقه حرَّة [6] تسير إلى أن
قطعت وادي الشّظاه [7] ، وما عاد يجيء فِي الوادي سَيلٌ قطّ لأنّها
حرّة، تجيء قامتين وثلاثٍ عُلُوها [8] .
واللهِ يا أخي إنّ عيشتنا اليوم مكدّرة [9] ، والمدينة قد تاب أهلُها
ولا بقي يُسمع فيها رَبابٌ ولا دُف ولا شُرْب [10] . وتمّت النّار تسير
إلى أن سدّت بعض طريق الحاجّ، وكان [11] فِي الوادي إلينا منها قَتِير
[12] ، وخفنا أن تجيئنا، واجتمع النّاس وباتوا عند النَّبِيّ صلى الله
عليه وآله وسلّم [13] وقد طُفِئ قَتِيُرها الَّذِي يلِينا بقُدرة الله
عزّ
__________
[1] في الأصل: «النبوة» .
[2] في نهاية الأرب 29/ 450، والنجوم الزاهرة 6/ 18 «أحيلين» بالحاء
المهملة، وهو واد قريب من المدينة. وفي البداية والنهاية 13/ 188
«أجيلين» .
[3] في نهاية الأرب 29/ 450 «النخيل» ، ومثله في عيون التواريخ 20/ 89.
[4] هكذا في الأصل بالخاء المعجمة، وفي عيون التواريخ 20/ 89 «ااجلين»
وهو تصحيف.
[5] في نهاية الأرب 29/ 450 «نهر نار» ، وفي عيون التواريخ 20/ 89 «بحر
ناري» .
[6] في نهاية الأرب 29/ 450 «جمرة» .
[7] الشظاة: بالظاء المعجمة، واد يأتي من شرقي المدينة من أماكن بعيدة
عنها، حتى يصل إلى الحرّة.
[8] إلى هنا يتفق النص مع نهاية الأرب 29/ 449- 451.
[9] في ذيل مرآة الزمان 1/ 7 «مكروه» وفي عيون التواريخ 20/ 89
«متكدّرة» .
[10] هذه العبارة ليست في نهاية الأرب.
[11] في نهاية الأرب 29/ 451 «وجاء» .
[12] القتير: دخان فيه نار، ورائحة الشيء المحترق.
[13] زاد اليونيني في ذيل مرآة الزمان 1/ 7: «ليلة الجمعة» .
(48/20)
وجلّ، وإلى السّاعة ما نَقَصتْ بل ترمي مثل
الجبال [1] حجارة من نار، ولها دويّ، ما تدعنا نرقد ولا نأكل ولا نشرب،
وما أقدِر أصِف لك عِظَمَها ولا ما فيها من الأهوال. وأبصرها أهلُ
يَنْبُع [2] ، ونَدَبوا قاضيهم ابنَ سعد [3] ، وجاء وغدا [4] إليها،
وما أصبح يقدر يصِفُها من عِظَمها. وكتب يوم خامس رجب، والشّمس والقمر
من يوم ظهرت ما يطلعان إلّا كاسِفَين [5] .
ومن كتاب آخر من بعض بني الفاشانيّ يقول: جرى عندنا أمر عظيم [6] ..
إلى أن قال: من النّار ظهر للنّاس ألسنٌ تصعّد فِي الهواء حمراء كأنّها
العَلَقَة، وعَظُمَت ففزع النّاس إلى المسجد، وابتهلوا إلى الله عزّ
وجلّ، وغطتُ حُمرةٌ النّار السماءَ كلّها حتّى بقي النّاس فِي مثل ضوء
القمر، وأيقنّا بالعذاب. وصعِد القاضي والفقيه إلى الأمير يعِظُونه
فطرح المكس، وأعتق رقيقه كلّهم، وردّ علينا كلّ ما لنا تحت يده، وعلى
غيرنا. وبقيت كذلك أيّاما، ثمّ سالت فِي وادي أُخَيْلين [7] تنحدر مع
الوادي إلى الشّظاه، حتّى لحِق سَيَلانُها ببَحْرة الحاجّ، والحجارةُ
معها تتحرّك وتسير حتّى كادت تقارب حرّة العِراض [8] . ثمّ سَكَنَتْ
ووقفت أيّاما، ثمّ عادت ترمي بحجارة من خلفها وأمامها حتّى بَنَتْ
جبلين خلفَها وأمامها، وما بقي يخرج منها من بين الجبلين، لسانٌ لها
أيّاما. ثمّ إنّها عَظُمَت الآن وسَنَاها [9] إلى الآن، وهي تتّقد
كأعظم ما يكون. ولها كلّ يوم صوتٌ عظيم من آخر اللّيل إلى ضَحوه [10] ،
والشّمس والقمر كأنّهما منكسفان إلى الآن. وكتب هذا ولها شهر [11] .
__________
[1] في الأصل: «الجمال» .
[2] في نهاية الأرب 29/ 451 «أهل التنعيم» ، وفي عيون التواريخ 20/ 90
«الينبع» .
[3] في نهاية الأرب 29/ 451 «ابن أسعد» ، والمثبت يتفق مع عيون
التواريخ 20/ 90.
[4] في نهاية الأرب 29/ 451 «وعدّا» .
[5] راجع نصّ الكتاب في نهاية الأرب 29/ 449- 451 ففيه زيادة ونقصان
عمّا هنا، وذيل مرآة الزمان، وعيون التواريخ.
[6] انظر النص في: ذيل مرآة الزمان 1/ 8.
[7] في نهاية الأرب 29/ 452 «أحيلين» بالحاء المهملة.
[8] في نهاية الأرب 29/ 453 «حرّة العريض» .
[9] في الأصل: «وشباها» ، والتحرير من: نهاية الأرب، وعيون التواريخ
20/ 90.
[10] في نهاية الأرب: «صحوة» .
[11] انظر نصّ الكتاب في نهاية الأرب 29/ 452، 453 مع زيادة، وعيون
التواريخ 20/ 90، 91.
(48/21)
قلت: أمر هذه النّار متواتر، وهي ممّا أخبر
به المصطفى صلوات الله عليه وسلامه حيث يقول: لا تقوم السّاعة حتّى
تخرج نارٌ من أرض الحجاز تُضيء لها أعناق الإبل بِبُصْرى.
وقد حكى غيرُ واحدٍ ممّن كان بِبُصرى فِي اللّيل ورأى أعناق الإبل فِي
ضوئها.
وقال أَبُو شامة: وفي ليلة السّادس عشر، كذا قال، من جُمادى الآخرة
خُسِف القمر أوّل اللّيل، وكسِفت الشمس فِي عبدة، كذا قال، وما احمرّت
وقت طلوعها وغروبها. وبقيت كذلك أيّاما متغيّرة ضعيفة النّور، واتّضح
بذلك ما صوّره الشّافعيّ من اجتماع الكسوف والعبد.
قلت: هذا الكلام فِيهِ ما فِيهِ، وقوله كُسِفت الشّمس فِي العبدة دعوى
ما علِمتُ أحدا وافقه عليها ولا ورّخها غيره. ثمّ بيّن مستنده باحمرار
الشّمس وضعف نورها، وهذا لا يُسمى كسوفا أبدا. ولقد كنتُ فِي رحلتي إلى
الإسكندريّة وأنا فِي المركب انظر إلى الشّمس قبل غروبها بساعة، وهي
كأنّها نحاسةٌ حمراء ما لها من النّور شيء أصلا إلى أن تتوارى. وذلك
لكثافة الأبخرة الأرضيّة. ومثل هذا إذا وقع لا تُصلى له صلاةُ الكسوف.
وَالنَّبِيُّ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ لَمْ نَسْمَعْهُ سَمَّى
ذَلِكَ كُسُوفًا فِي وَصْفِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ بِالآيَةِ الَّتِي
مَيَّزَهَا بِهَا فَقَالَ: إِنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ مِنْ صَبِيحَتِهَا
وَلا شُعَاعَ لَهَا.
وَأَمَّا كُسُوفُ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ فَشَيْءٌ ظاهر يبدو قليلا
قليلا في القرض إِلَى أَنْ يَذْهَبَ نُورُهُمَا وَلَوْنُهُمَا،
وَتَظْهَرُ الْكَوَاكِبُ بِالنَّهَارِ. وَقَدْ يَكُونُ كُسُوفًا
نَاقِصًا فَيَبْقَى شَطْرٌ مِنَ الشَّمْسِ كَاسِفًا، وَشَطْرٌ
نَيِّرًا.
وَأَمَّا حِسَابُ أَهْلِ الْهَيْئَةِ لِذَلِكَ فَشَيْءٌ مَا عَلِمْتُهُ
يُحَرَّمُ أَبَدًا، وَهُوَ عِنْدَهُمْ حِسَابٌ قَطْعِيٌّ، وَمَنْ
نَظَرَ فِي مُسْتَنَدِهِمْ جَزَمَ بِهِ، بخلاف قَوْلُهُمْ فِي
تَأْثِيرِ الْكُسُوفِ فِي الأَرْضِ مِنْ مَوْتٍ عَظِيمٍ، أَوْ حَادِثٍ
كَبِيرٍ، فَإِنَّ هَذَا مِنَ الإِفْكِ وَالزُّورِ وَالْهَذَيَانِ
الَّذِي لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَعْتَقِدَهُ. وَذَلِكَ
التَّأْثِيرُ عِنْدَ الْمُنَجِّمِينَ ظَنٌّ وَحَدْسٌ والظّنّ الكذب.
الحديث. وهذا رسول الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ
الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لا يَكْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلا
لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِمَا
عِبَادَهُ» .
(48/22)
[غرق بغداد]
زادت دجلة زيادة مهولة إلى الغاية لم يُعهد مثلها إلّا من زمان، فغرق
خلق كثيرٌ من أهل بغداد. ومات خلقٌ تحت الهدْم. وركب النّاس فِي
المراكب واستعانوا باللَّه تعالى وعاينوا التّلف [1] .
فنقل أَبُو شامة قال: جاء كتاب من المدينة النبويّة من بعض بني
الفاشانيّ يقول فِيهِ: وصل إلينا من العراق نجّابة في جُمادى الآخرة،
وأخبروا عن بغداد أنّه أصابها غَرَقٌ عظيم حتّى دخل الماءُ من أسوار
بغداد، وغرق كثيرٌ من البلد، وانهدمت دار الوزير، وثلاثمائة وثمانون
دارا، وانهدم مخزن الخليفة، وهلك شيء كثير من خزانة السّلاح. وأشرف
النّاس على الهلاك، وعادت السفُن تدخل إلى وسط البلد وتخرق أزِقة بغداد
[2] .
وقد وقع مثل هذا الغرق ببغداد في سنة أربع وخمسين وخمسمائة أيضا.
وبعد ذلك غير مرّة، فقد غرقت بغداد عدّة مرّات.
[فتنة الكرْخ]
وفيها كانت فتنة الكرْخ فِي ذي الحجّة. قتل أهل الكرْخ رجلا من
قَطَفْتا فحمله أهلُه إلى باب النُوبيّ، ودخل جماعة إلى الخليفة
وعظّموا ذلك، ونسبوا أهل الكرْخ إلى كلّ فساد، فأمر بردعهم. فركب
الْجُند إليهم وتِبعَهم الغوغاء فنهب الكرخ وأحرقت عدّة مواضع، وسبوا
العلويّات وقتلوا عدّة. واشتدّ الخَطْبُ ثمّ أخِمدت الفتنة بعد بلاءٍ
كبير، وصُلِب قاتل الأوّل [3] .
__________
[1] مرآة الزمان ق 2 ج 8/ 794، الحوادث الجامعة 153، المختار من تاريخ
ابن الجزري 240 وفيه فقط: «وغرق بغداد» ، دول الإسلام 2/ 158، عيون
التواريخ 20/ 86، 87 وفيه فقط: «غرق بغداد» ، السلوك ج 1 ق 2/ 399،
العسجد المسبوك 2/ 615، 616، النجوم الزاهرة 7/ 35، شذرات الذهب 5/
264، تحقيق النصرة للمراغي 69، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 298.
[2] ذيل مرآة الزمان 1/ 8، عيون التواريخ 20/ 86، 87.
[3] الحوادث الجامعة 152.
(48/23)
[خلاف وزير المستعصم
والدويدار الصغير]
ونُسِب إلى مجاهد الدين الدُّوَيْدار الصّغير أنهُ عامَلَ على خلْع
المستعصم وتولية ولده، فأسرع مجاهد الدين وحَلَف وسأل أن يواقف القائل
عَنْهُ. ولبس اللأمَة جَنْدُه واستوحش من الوزير، فهاشت العامَّةُ وعظم
الأمر. وقتل جماعة كثيرة وجرح خلق. ثمّ كتب المستعصم أمانا بخطّه
للدوَيْدار فرضي.
حريق المسجد [1]
وفي ليلة الجمعة مُسْتَهَل رمضان احترق مسجد الرسول صلى الله عليه وآله
وسلّم، وكان ابتداء حريقه من زاويته الغربيّة بشمال. دخل بعض القوم إلى
خزانة ومعه مُسْرجة فعلقت فِي الآلات، ثمّ اتّصلت بالسقُف سريعا، ثمّ
دَبت فِي السّقوف آخذة نحو القِبْلة، وعجز النّاس عن إطفائها، فما كان
إلّا ساعة حتّى احترقت سقوف المسجد كلّها، ووقعت بعض أساطينه وذاب
رَصاصُها، وكلّ ذلك قبل أن ينام النّاس. واحترق سقف الحجرة النّبويّة،
ووقع ما وقع منه فِي الحُجْرة، وترك على حاله لما شرعوا فِي عمارة
سقفها وسقْف المسجد [2] .
نقل هذا أَبُو شامة وغيره.
وممّا قيل فِي ذلك:
لم يحترق حَرَم الرسول لحادثٍ ... يُخْشَى عليه ولا دهاه العار
لكنّها أيدي الرّوافض لامست ... ذاك الجدار [3] فطهّرته النّار [4]
__________
[1] انظر خبر حريق المسجد في:
المختصر في أخبار البشر 3/ 193، وتاريخ ابن الوردي 2/ 194، والعبر 5/
216، ودول الإسلام 2/ 158، ومرآة الجنان 4/ 134، 135، وعيون التواريخ
20/ 92، والبداية والنهاية 13/ 193، وذيل الروضتين 194، وتاريخ الخميس
2/ 418- 420، وذيل مرآة الزمان 1/ 10، والعسجد المسبوك 2/ 620، 621،
وعقد الجمان (1) 128، والنجوم الزاهرة 7/ 36، وشذرات الذهب 5/ 263،
264، وتحقيق النصرة للمراغي 68، 69، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 291 (حوادث
سنة 651 هـ) .
[2] نهاية الأرب 29/ 454، 455.
[3] في عيون التواريخ 20/ 92 «ذاك الجناب» ، ومثله في ذيل الروضتين،
وذيل مرآة الزمان.
[4] البيتان في: ذيل الروضتين 194، وعيون التواريخ، 2/ 92، وتاريخ
الخميس 2/ 419، وذيل مرآة الزمان 1/ 10، والنجوم الزاهرة 7/ 36، وشذرات
الذهب 5/ 263، 264.
(48/24)
[ملْك هولاكو حصون الإسماعيلية]
وفيها كان خروج الطّاغية هولاكو بن تولي بن جنكزخان، فسار فِي المغول
من الأردو فملَكَ الألموت وقلاع الإسماعيليّة الّتي بنواحي الرّيّ [1]
.
قال ابن السّاعي: بعث هولاكو إلى مقدّمة الباطنية رُكْن الدين فبعث
أخاه في ثلاثمائة فقتلهم هولاكو وتهدّد ركن الدين، فنزل إليه بأمان،
ثمّ قتله وخرّب قلعته، ثمّ خرب الألموت وسائر قلاع الباطنيّة، ثمّ
ترحّل قاصدا العراق وسيّر باجونوين إلى الرّوم فانهزم صاحبُها إلى بلاد
الأشكريّ، فملكت التّتار سائر الرّوم، ونهبوا وقتلوا وفعلوا الأفاعيل
[2] .
[تأمين هولاكو صاحب ميّافارقين]
وتوجَّه الملك الكامل مُحَمَّد بن شهاب الدين غازي صاحب مَيافارِقين
إلى خدمة هولاكو، فأكرمه وأمّنه وأعطاه فَرَمَانًا ورجع إلى بلاده [3]
.
[التدريس فِي المدرسة الناصريّة]
وفيها فُتحت المدرسة النّاصريّة بدمشق عند الفراغ من بنائها. وحضر
الدرس يومئذٍ السُّلطان [4] .
[الشروع فِي بناء الرباط الناصري]
وفيها شرعوا فِي بناء الرّباط النّاصريّ، واحتفلوا له، وجابوا له الحجر
__________
[ () ] وهما في تاريخ الخميس 2/ 419.
لم يحترق حرم النبيّ لريبة ... يخشى عليه وما به من عار
لكنه أيدي الروافض لامست ... تلك الرسوم فطهّرت بالنار
[1] العبر 5/ 216، المختار من تاريخ ابن الجزري 240، ذيل مرآة الزمان
1/ 11، دول الإسلام 2/ 158، عيون التواريخ 20/ 93، النجوم الزاهرة 7/
37، تاريخ الخميس 2/ 420، تاريخ مختصر الدول لابن العبري 265، تاريخ
الزمان، له 301، 302، تاريخ ابن سباط 1/ 367 (حوادث سنة 653 هـ) .
[2] العبر 5/ 216، مرآة الجنان 4/ 135 باختصار شديد.
[3] العبر 5/ 216، دول الإسلام 2/ 158.
[4] عيون التواريخ 20/ 87، البداية والنهاية 13/ 193، عقد الجمان (1)
121، الدارس 1/ 459، النجوم الزاهرة 7/ 35.
(48/25)
الأصفر من بلد حلب [1] .
[اتفاق الناصر والمُعِزّ على محاربة هولاكو]
وفيها تواترت الأخبار بوصول هولاكو بجيشه إلى أذَرْبَيْجَان يقصدون
العراق، فوردت قُصاد الدّيوان العزيز على نجم الدين الباذرائيّ إلى
دمشق بأن يتقدّم إلى الملك النّاصر بمصالحة الملك المُعِزّ، وأن يتّفقا
على حرب التّتار، فأجاب النّاصر إلى ذلك، وردّ عسكره من غزّة فدخلوا
دمشق [2] .
[القضاء بديار مصر]
وفيها عزل بدر الدين السَّنْجاري عن قضاء ديار مصر، ووُلي تاجُ الدين
ابن بِنْت الأعزّ [3] .
[توقُّف الخليفة عن ردّ وديعة للملك الناصر]
وكانت للملك النّاصر دَاوُد بن المعظّم وديعة عند الخليفة، فتوقّف فِي
ردّها واحتجّ بحُجَج باردة. وجَرَت أمورٌ قبيحة لم يُعْهد مثلها من
أميرٍ فضلا عن أمير المؤمنين [4] .
وكان النّاصر دَاوُد قد حجّ، وعاد على العراق بسببها فأُنزل بالحلّة
وأجريَ عليه راتبٌ ضعيف، فعمل قصيدة تلطّف فيها وعدّد خدمه وخدم آبائه
فما نفع، بل سيّروا إليه من حاسبه على جميع ما اتّصل إليه من النّفقات
والمأكول وما حملوه إليه من الهدايا فِي تردّده، ثمّ أوصلوا إليه شيئا
يسيرا، وقالوا: قد وصل إليك قيمة وديعتك فهاتِ خطّك بوصوله، وأنّك لم
يبق لك شيء. فكتب كارها. ولم يصل إليه من قيمتها العشر. وسافر فاجتمع
عليه جماعةٌ من الأعراب وخدموه وأرادوا به التّوصّل إلى العَبْث
والفساد فأبى عليهم، وأقام عندهم. فخاف من ذلك صاحب الشّام الملك
النّاصر فأحضر
__________
[1] عيون التواريخ 20/ 87، البداية والنهاية 13/ 193، عقد الجمان (1)
122.
[2] العبر 5/ 217، عيون التواريخ 20/ 93، ذيل مرآة الزمان 1/ 12، شذرات
الذهب 5/ 264.
[3] عيون التواريخ 20/ 93 وفيه «ابن الأعز» ، ذيل مرآة الزمان 1/ 13.
[4] عيون التواريخ 20/ 93.
(48/26)
الملك الظّاهر شاذي بن دَاوُد، وحلف له
أنّه لا يؤذي والده. فسار شاذي إلى أَبِيهِ وعرّفه، فقدِم دمشق فوجد
الملك النّاصر قد أوغر صدره فنزل بتُربة والده بقاسيون، وشَرَط عليه أن
لا يركب فَرسًا. ثمّ أذِن له بركوب الخيل بشرط أن لا يدخل البلد ولا
يركب في الموكب. واستمرّ ذلك إلى آخر السّنة [1] .
[انهدام خانقاه الطاحون بظاهر دمشق]
وفيها انهدمت خانقاه الطّاحون بظاهر دمشق، فمات تحت الهدْم شيخنا بدر
الدين المراغيّ وآخر.
__________
[1] عيون التواريخ 20/ 93، 94، ذيل مرآة الزمان 1/ 13، 14.
(48/27)
سنة خمس وخمسين
وستمائة
[موت المُعِزّ صاحب مصر]
فِي ربيع الأوّل مات الملك المُعِزّ أَيْبَك التُّركماني صاحب مصر،
قَتَلَتْه زوجتْه شجر الدّرّ، وسلطنوا بعدهَ ولده المنصور عليّ بن
أيْبَك [1] .
[تردُّد رسُل التتار إلى بغداد]
وفيها تردّدت رُسُل التّتار إلى بغداد، وكانت الفرامين منهم واصلةٍ إلى
ناسٍ من بعد ناس من غير تحَاش منهم فِي ذلك ولا خيفة، والخليفة والنّاس
فِي غفلةٍ عمّا يُراد بهم ليقضيَ الله أمرا كان مفعولا [2] .
[توجيه الهدايا إلى هولاكو]
وفي رمضان توجّه الملك العزيز بن السان الملك النّاصر يوسف، وهو صبيّ
مع الأمير الزّين الحافظيّ وجماعة بهدايا وتُحَف إلى هولاكو [3] .
__________
[1] تحفة الأحباب للسخاوي 99، نزهة المالك والمملوك، ورقة 102، التحفة
الملوكية 39، الجوهر الثمين 2/ 256، أخبار الأيوبيين 165، نهاية الأرب
29/ 456، المختصر في أخبار البشر 3/ 192، الدّرة الزكية 30- 32، تاريخ
ابن الوردي 2/ 193، العبر 5/ 220 و 222، النور اللائح والدرّة الصادح
لابن القيسراني (بتحقيقنا) ص 56، دول الإسلام 2/ 159، مرآة الجنان 4/
136، عيون التواريخ 20/ 106، ذيل مرآة الزمان 1/ 46، البداية والنهاية
13/ 195، ذيل الروضتين 196، أخبار الزمان 295، تاريخ مختصر الدول 260،
وستأتي بقية المصادر عن موت المعزّ في ترجمته في الوفيات (رقم 189) ،
فاطلبها هناك.
[2] العبر 5/ 220، دول الإسلام 2/ 159، العسجد المسبوك 2/ 625.
[3] العبر 5/ 221.
(48/28)
[اختلاف المصريّين]
وأمّا المصريّون فاختلفوا وقُبِض على جماعةٍ منهم وقُتل آخرون [1] .
[وزارة ابن بِنْت الأعزّ]
ووُلي الوزارة القاضي تاج الدّين ابن بِنْت الأعزّ [2] .
[الفتنة بين السُّنة والشيعة]
وفيها كانت فتنة هائلة ببغداد بين السّنّة والشّيعة أدّت إلى خرابٍ
ونهب، وقُتِل جماعة من الفريقين، واشتدّ الأمر، ثمّ بعث الخليفة من
سكّن الفتنة [3] .
[ظهور طائفة الحيدرية بالشام]
وفي هذا الوقت ظهر بالشّام طائفة الحيْدرية، يقصّون لِحاهُم ويلبسون
فراجيّ من اللّبّاد وعليهم طراطير، وفي رقابهم حِلَقٌ كبار من حديد.
زعموا أنّ الملاحدة أمسكوا شيخهم حيْدَر وقصّوا ذَقْنه. وهم يُصلون
ويصومون، ولكنّهم قوم منحرفون.
وكان أمر الدّين ضعيفا من أيّام النّاصر بدَوران الخمر والزّنا وكثْرة
الظُّلْم وعدم العدل، وظهور البِدَع، وغير ذلك [4] .
[الوحشة بين الناصر والبحرية]
وفيها وقعت وحْشةٌ فِي نفس الملك النّاصر من البحريّة، وبَلَغَة أنّهم
عزموا على الفتْك به، فأمرهم بالانتزاح عن دمشق، ففارقوه مُغاضِبين له
ونزلوا غزّة، ثمّ انتموا إلى الملك المغيث صاحب الكرك، وخطبوا له
بالقدس،
__________
[1] السلوك ج 1 ق 2/ 401.
[2] أخبار الأيوبيين 166، نهاية الأرب 29/ 461، الدرّة الزكية 30
(حوادث سنة 654 هـ) .
و32، عيون التواريخ 20/ 108، النجوم الزاهرة 7/ 43، ذيل مرآة الزمان 1/
49، عقد الجمان (1) 158.
[3] العبر 5/ 221، دول الإسلام 2/ 159، البداية والنهاية 13/ 196،
تاريخ الخميس 2/ 420، العسجد المسبوك 2/ 621 و 625، عقد الجمان (1)
158.
[4] البداية والنهاية 13/ 196، السلوك ج 1 ق 2/ 407، عقد الجمان (1)
158.
(48/29)
وأخذوا حواصل غزّة والقدس. ثمّ حصل
الانتصار عليهم فانهزموا إلى البَلْقاء، ثمّ طمّعوا المغيث فِي أخْذ
مصر له، وأنفق فيهم الأموال، وساروا، فَجَرَت لهم وقعة مع المصريّين
فانكسروا وزيّنت مصر [1] .
[طمع المغيث فِي الديار المصرية]
قال ابن واصل [2] : انقاد المغيث للبحريّة وأنزل إليهم بعض عسكره مع
أتابكه الطّواشيّ بدر الدين الصّوابيّ الَّذِي ملّكه الكَرَك عند قتلة
الملك المعظّم ابن الصّالح، فكان الصّالح لمّا تملّكها فِي آخر أيّامه
استناب بها الصّوابيّ، وسيّر إليها خزانة عظيمة من المال، فضيّعه
المغيث على البحريّة طمعا فِي الدّيار المصريّة.
ثمّ سار جيش المغيث إلى مصر فبرز لحربهم جُنْدها فكسروهم، وجُرح سيف
الدّين الرشيديّ وأُسِر، فانهزم الصّوابيّ ورُكن الدين البُنْدُقْداريّ
وطائفة، ودخل جماعةٌ منهم القاهرة مستأمنين، وكان قد جاء قبلهم عزّ
الدين الأخرم فأكرِم [3] .
[خلعة الخليفة للملك الناصر]
وفيها قدِم الشَّيْخ نجم الدين الباذرائيّ بالخِلْعة الخليفيّة للملك
النّاصر بالسّلطنة فركب بها، وكان يوما مشهودا. فلمّا رجع توجّه معه
إلى العراق النّاصر دَاوُد فِي جماعةٍ من أولاده، وكان قد أباعه
النّاصر داره المعروفة بدار سامة فصيّرها مدرسة فلمّا وصلوا إلى
قرقيسيا أشار الباذرائيّ عليه بالإقامة حتّى يستأذن له. فأقام ولم
يجئْه إذْنٌ، فردّ إلى الشّام، وتوجّه فِي البريّة إلى أن وصل إلى تِيه
بني إسرائيل واجتمع إليه العربان [4] .
__________
[1] المختصر في أخبار البشر 3/ 193، الدرّة الزكية 30، تاريخ ابن
الوردي 2/ 194، العبر 5/ 221، أخبار الأيوبيين 168، الروض الزاهر 59،
60، تاريخ ابن خلدون 5/ 378، ذيل مرآة الزمان 1/ 49، 50، عيون التواريخ
20/ 108، 109، السلوك ج 1 ق 2/ 406، عقد الجمان (1) 156- 158، تاريخ
ابن سباط 1/ 372.
[2] في الجزء الضائع من مفرّج الكروب.
[3] ذيل مرآة الزمان 1/ 51، 52، النجوم الزاهرة 7/ 45.
[4] المختصر في أخبار البشر 3/ 193، عيون التواريخ 20/ 110 ووقع فيه:
«وقصد فيه بني إسرائيل» ذيل مرآة الزمان 1/ 53، 54، السلوك ج 1 ق 2/
407.
(48/30)
[إغارة التتار على
الموصل]
وفيها أغارت التّتار على بلاد المَوْصل وفتكوا [1] .
[تصوُّف ابن حَمُّويه]
وفيها بَطَل سعد الدين خضر بن حَمُّويه وترك الْجُنْدية وزالت سعادته
والتجأ [2] إلى التصوُّف.
[وصف المفاسد بدمشق]
قال فِي «تاريخه» : ولمّا عاندني الدّهر فِي أموري، وباعَدَ سُروري،
وكدَّر مشاربي، وعسّر مآربي، وانقطعت الأرزاق، وانحلّ كيس الإنفاق،
خرجتُ من مصر، فلمّا حَلَلْتُ بدمشق، مسقط رأسي، وجدتها وقد صوّح
واديها، وخلا من الأنيس ناديها، وارتفعت عَنْهَا البركات، وأحيط بها
الظّلم والظُّلُمات.
والأسواق كاسدة، والرّعايا فاسدة. عدم ركبا، وظهرت الخيانات وشغل
المودف، وعَلَت المُنْكَرات، وأحْدِث من الرسوم ما لم يُعْهَد، وحُملوا
أثقالا مع أثقالهم. إنِ استغاثوا بالملك أجابهم بالضّرب والرّدّ، وإنِ
استنجدوا بالوزير عاملهم بالإعراض والصّدّ، وإن سألوا الحاجب طلب
الرّشا بلا حمد.
إلى أن قال: لا يحضرهم أحدٌ على مائدة، ولا يرجع من عندهم بفائدة.
قومٌ إذا أكلوا أخفوا كلامهم واستوثقوا من رِتاج الباب والدّار،
يكذِبون ويحلِفون، ويغدرون ويُخْلِفون، وعلى حريم أصحابهم بالفاحشة
يحلفون. قد قنع كلّ منهم بلومه، ولفّ ذنبه على خيشومه.
قيل لوزيرهم: إنّا نُطِيل الجلوس، فلو جعلتَ علامة لقيامنا. قال: إذا
قلت يا غلام هات الغداء فانصرفوا.
وقال صاحب ديوانهم لغُلامه: هات غدائي وأغلِقِ الباب. فقال: بل أغلِق
الباب وأجيء بالطّعام. قال: أنت أحذق منّي، فأنت حُرُّ لوجه الله بعد
موتك.
وحضر شاعر مائِدةً أكبرٍ أمرائهم فرمَى لُقمة للهرّ، فقال الأمير: لا
__________
[1] تاريخ الزمان لابن العبري 304.
[2] في الأصل: «والتجى» .
(48/31)
تُطْعِمْها فإنّها هرّة جيراننا.
ومن غرائب الظّلم أنّ رجلا جاء بحِمْل عَسَلٍ، فأخِذ للخوشخاناه، فطولب
بمكس [1] العسل، فقال: خذوا من تحت أيديكم. قَالُوا: ما نعرف ما تقول.
فذهب بالبغل يبيعه، فأخذه أمير الإصطبل. وطولب بحقّه فِي السّوق فقال:
أدفعوا لي ثمنه وخُذوا حقّكم. قَالُوا: ما نعلم ما تقول. وحبسوه على
مكسه. فكتب إلى أهله. نفّذوا لي دراهم حتّى أستِفك روحي، فقد راح
العَسَل والبغل، وأنا محبوس على المكْس.
وممّا يناسب هذه الحكاية أنّ امرأة ذهب عَنْهَا حُلِي بخمسة آلاف فوجده
منادي بسوق الرّحبة فردّه عليها، فوهبته خمسمائة درهم فتمنّع وقال:
إنّما رَدَدْتُه للَّه. فألزمته فأخذ الدّراهم. فسمع به الوالي فأحضره
وأخذ منه الدّراهم وضربه وقال: ليش ما جيت بالحُلِي إلى عندنا؟
ثمّ ذكر كلاما طويلا من هذا النّحو.
[مسير هولاكو إلى بغداد]
وفي سنة خمسٍ سار هولاكو من هَمَدان قاصدا بغداد، فأشار ابن
العَلْقَمِي الوزير على الخليفة ببذل الأموال والتحَف النّفيسة إليه،
فثناه عن ذلك الدّويدار وغيره، وقالوا: غرض الوزير إصلاح حاله مع
هولاكو. فأصغى إليهم وبعث هديّة قليلة مع عبد الله ابن الجوزيّ، فتنمّر
هولاكو وبعث يطلب الدوَيْدار وابن الدوَيْدار وسليمان شاه فما راحوا.
وأقبلت المغل كاللّيل المظلم، وكان الخليفة قد أهمد حال الْجُنْد
وتعثّروا وافتقروا، وقُطِعت أخبازهم، ونُظِم الشعْر فِي ذلك، فلا قوّة
إلّا باللَّه [2] .
__________
[1] في الأصل: «فطولب بمسك» .
[2] الحوادث الجامعة 154.
(48/32)
سنة ست وخمسين
وستمائة
[انهزام المتّفقين على قصد الديار المصرية]
دَخَلَتْ والملك النّاصر والبحريّة، والملك المغيث متّفقون على قَصْد
الدّيار المصريّة وطمعوا فيها لأنّ سلطانها صبيّ، فنزل الملك المغيث
على غزّة فخرج الأمير سيف الدّين فظفر بعسكر مصر، ونزل بالعبّاسة لقتال
الشّاميّين [1] .
ثمّ سار المغيث بالعساكر الشّاميّة، فضرب مع المصريّين رأسا فِي الرمل،
فانكسر وأسِرت طائفة من أمرائه، وهم أيْبَك الرّوميّ، وأيْبَك
الحَمَوي، وزكيّ الدين الصّيرفيّ، وابن أطلس خان الخُوَارَزْمي،
فُضرِبت أعناقُهم صبرا بين يدي قُطُز، ودخلوا بالرّءوس إلى القاهرة،
وهرب المغيث وأتابكه الصّوابيّ والبندقداريّ فِي أسوأ حالٍ وأنحسه إلى
الكَرَك [2] .
كائنة بغداد [3]
كان هولاكو قد قصد الألمُوت، وهو معقل الباطنيّة الأعظم وبها المقدّم
__________
[1] ذيل مرآة الزمان 1/ 85.
[2] المختصر في أخبار البشر 3/ 195، عيون التواريخ 20/ 135، 136،
التحفة الملوكية 40، النجوم الزاهرة 7/ 45، 46.
[3] انظر عن (كائنة بغداد) في:
أخبار الأيوبيين 166، 167، والحوادث الجامعة 157- 159، ونزهة المالك،
ورقة 103، والدرّة الزكية 34- 36، ودول الإسلام 2/ 159، 160، ومرآة
الجنان 4/ 137، 138، وعيون التواريخ 20/ 129- 135، والبداية والنهاية
13/ 200- 203، وذيل الروضتين 198، 199، وتاريخ الخميس 2/ 420- 422،
والفخري 334- 336، ومختصر التاريخ لابن الكازروني 268- 274، ومذكرات
جوانقيل 255، وتاريخ الزمان 307- 309، وتاريخ مختصر الدول 269- 272،
والمختصر في أخبار البشر 3/ 193، 194، والعبر 5/ 225، 226، والمختار من
تاريخ ابن الجزري 244، 245، وجامع التواريخ ج 2 ق 2/ 292- 294، وذيل
مرآة الزمان 1/ 85- 89، وتاريخ ابن الوردي 2/ 195- 197، ودرّة الأسلاك
(مخطوط) 1/ ورقة 15، 16، وتاريخ ابن خلدون 3/ 537، ومآثر الإنافة 2/
90- 92، والعسجد المسبوك 2/ 630- 635، ونهاية الأرب 27/ 380- 383،
والسلوك ج 1 ق 2/ 409، 410، وعقد الجمان (1) 167- 176، وتاريخ ابن سباط
1/ 373- 376، وشذرات الذهب 5/ 270، 271، وتاريخ الأزمنة 237، 239،
وبدائع الزهور ج 1 ق 2/ 297، والتحفة الملوكية 41، والجوهر الثمين 1/
220- 223، وأخبار الدول لابن القرماني (طبعة بيروت) 2/ 195- 197، ودول
الإسلام الشريفة البهية وذكر ما ظهر لي من حكم الله
(48/33)
علاء الدين مُحَمَّد بن جلال الدين حَسَن
المنتسب إلى نزار ابن المستنصر بن الظّاهر بن الحاكم العُبَيْدي
الباطنيّ، فتُوُفي علاءُ الدين وقام بعده ابنُه شمسُ الشُموس، فنزل إلى
هولاكو بإشارة النّصير الطُوسي عليه، وكان النّصير عنده وعند أَبِيهِ
من قبل، فقتل هولاكو شمس الشّموس وأخذ بلاده وأخذ الروم، وأبقى بها ركن
الدين ابن غياث الدين كيْخُسْرو صورة بلا معنى، والحُكْم والتصرّف
لغيره.
وكان وزير العراق مؤيّد الدين ابن العَلْقمي رافضيّا جَلْدًا خبيثا
داهية، والفتن فِي استعارٍ بين السّنّة والرّافضة حتّى تجالدوا
بالسّيوف، وقُتِل جماعة من الرّوافض ونُهِبوا، وشكا أهل باب البصرة إلى
الأمير رُكْن الدين الدوَيْدار والأمير أبي بكر ابن الخليفة فتقدّما
إلى الجند بنهب الكرخ، فهجموه ونهبوا وقتلوا، وارتكبوا من الشّيعة
العظائم، فحنق الوزير ونوى الشّرّ، وأمر أهل الكَرْخ بالصبْر والكفّ
[1] .
وكان المستنصر باللَّه قد استكثر من الْجُنْد حتّى بلغ عدد عساكره مائة
ألف فيما بَلَغَنَا، وكان مع ذلك يصانع التّتار ويُهاديهم ويُرْضيهم.
فلمّا استخلف المستعصم كان خليّا من الرّأي والتّدبير، فأشير عليه بقطع
أكثر الْجُنْد، وأنّ مصانعة التّتار وإكرامهم يحصل بها المقصود، ففعل
ذلك [2] .
وأمّا ابن العلْقمي فكاتَبَ التّتار وأطمعهم فِي البلاد، وأرسل إليهم
غلامه وأخاه، وسهّل عليهم فتْحَ العراق [3] ، وطلب أن يكون نائبَهم،
فوعدوه بذلك
__________
[ () ] الخفية في جلب طائفة الأتراك إلى الديار المصرية للمقدسي (من
علماء القرن التاسع) مخطوطة دار الكتب المصرية، رقم 1033 تاريخ، ورقة
22، 23، وتاريخ الخلفاء 471، والنجوم الزاهرة 7/ 48- 53، وتحقيق النصرة
للمراغي 70، وتالي وفيات الأعيان، ومنتخب الزمان في تاريخ الخلفاء
والعلماء والأعيان، لأحمد بن علي المغربي الحريري (كتبه سنة 926 هـ.) -
مخطوطة سوهاج بمصر، رقم 86 تاريخ ورقة 346.
[1] أخبار الأيوبيين 167، المختصر في أخبار البشر 3/ 193، تاريخ ابن
الوردي 2/ 195.
[2] فصار عسكر بغداد دون عشرين ألف فارس. (المختصر في أخبار البشر 3/
194) و (تاريخ ابن الوردي 2/ 196) .
[3] أخبار الأيوبيين 167 وفيه يقول جرجس ابن العميد وهو مؤرّخ نصراني:
«وكان الوزير يميل إلى العلوية فشقّ عليه هذا الأمر إلى الغاية فكتب
إلى هولاوون بأن يصل إلى بغداد ويأخذها، وهذا أمر مشهور» ، المختصر في
أخبار البشر 3/ 193، تاريخ ابن الوردي 2/ 196.
(48/34)
وتأهّبوا لقصد بغداد، وكاتبوا صاحب
المَوْصِل لؤلؤ فِي تهيئة الإقامات والسّلاح. فأخذ يكاتب الخليفة سرّا
ويهيّئ لهم الآلات والإقامات. وكان الوزير هُوَ الكلّ، وكان لا يوصل
مكاتبات صاحب الموصل ولا غيره إلى الخليفة وإنْ وصلت سرّا إلى الخليفة
أطلع عليها ابن العلقميّ وردّ الأمر إليه [1] .
وكان تاج الدين ابن صَلايا نائب إرْبل يحذّر الخليفة ويحرّك عزْمه،
والخليفة لا يتحرّك ولا يستيقظ. فلمّا تحقّق حركة التّتار نحوه سير
إليهم شرفَ الدين ابن محيي الدين ابن الْجَوْزي رسولا يعِدُهم بأموالٍ
عظيمة، ثمّ سيّر مائة رَجُل إلى الدرْبَنْد يكونون فِيهِ ويطالعون
الأخبار، فمضوا فلم يطلع لهم خبرٌ لأنّ الأكراد الّذين هناك دلّوا
التّتار عليهم فقتلوهم أجمعين فيما قيل [2] .
وركب هولاكو إلى العراق، وكان على مقدّمته باجونوين [3] وفي جيشه خلْق
من الكَرْخ ومن عسكر بركة ابن عمّ هولاكو، ومدد من صاحب الموصل مع ولده
الملك الصّالح رُكن الدين إِسْمَاعِيل. وأقبلوا من جهة البرّ الغربيّ
عن دجلة، فخرج عسكر بغداد وعليهم رُكن الدين الدوَيْدار، فالتقاهم يوم
تاسوعاء على نحو مرحلتين من بغداد، فانكسر البغداديّون بعد أن قتلوا
عددا كثيرا من العدوّ، وأخذتهم السّيوف وغرق بعضهم فِي الماء، وهرب
الباقون.
ثمّ ساق باجونوين فنزل القريّة مقابل دار الخلافة وبينه وبينها دجلة.
وقصد هولاكو بغداد من جهة البرّ الشّرقيّ، ثمّ إنّه ضرب سورا على عسكره
وأحاط ببغداد. فأشار الوزير على المستعصم بمصانعتهم وقال: أخرج إليهم
أَنَا فِي تقرير الصُّلح. فخرج وتوثّق لنفسه من التّتار وردّ إلى
الخليفة وقال: إنّ الملك قد رغب فِي أن يزوّج بنته بابنك الأمير أَبِي
بَكْر ويُبقيك فِي منصب الخلافة كما أبقى صاحبَ الروم فِي سلطنته، ولا
يؤثر إلّا أن تكون الطّاعة له كما كان أجدادك مع السّلاطين
السّلجوقيّة، وينصرف عنك بجيوشه فيجيبه مولانا إلى هذا فإنّ فيه حقن
دماء المسلمين، ويمكن بعد ذلك أن يفعل
__________
[1] العبر 5/ 225.
[2] تاريخ ابن الوردي 2/ 196، مرآة الجنان 4/ 138.
[3] في العبر 5/ 225 «ناجوانوين» . والمثبت هو الصحيح.
(48/35)
ما يريد. والرأي أن تخرج إليه.
فخرج فِي جماعة من الأعيان إلى هولاكو فأنزل فِي خيمة. ثمّ دخل الوزير
فاستدعى الفقهاء والأماثل، ليحضروا العقد يعني. فخرجوا من بغداد
فضُرِبت أعناقهم، وصار كذلك يخرج طائفةٌ بعد طائفة فتُضرَب أعناقهم.
ثمّ مدّ الجسر وبكّر باجونوين ومَن معه فبذلوا السّيف فِي بغداد،
واستمرّ القتل والسّبي في بغداد بضعا وثلاثين يوما [1] ، ولم ينْجُ
إلّا من اختفى. فَبَلَغَنا أنْ هولاكو أمر بعد ذلك بعدّ القتلى فبلغوا
ألف ألف وثمانمائة ألف وكسر.
والأصحّ أنّهم بلغوا ثمانمائة ألف [2] . ثمّ نودي بعد ذلك بالأمان،
وظهر من كان قد تخبّأ وهم قليل من كثير [3] .
فممّن هلك فِي وقعة بغداد الخليفة، وابناه أَحْمَد وأبو [4] بَكْر [5]
، وابن الجوزيّ وأولاده الثّلاثة، والركْن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن
سُكَيْنَة كهْلًا، وكبير الشّافعية شهاب الدين محمود بن أَحْمَد
الزّنجانيّ، والقُدْوة الشَّيْخ عليّ الخبّاز، والأديب نحويّ
النّظاميّة جمال الدين عَبْد الله بن خنقز، وشيخ الخليفة صدر الدين
عليّ بن النيّار [6] ، وقريبه عَبْد الله بن عُبَيْد الله، والعدل
عَبْد الله بن عساكر البَعْقُوبي، والشرَف مُحَمَّد بن سُكيْنة أخو
الركْن، والعدل عَبْد الوهّاب بن الصّدر عَبْد الرحيم بن عَبْد الوهّاب
بن سُكَيْنَة وأخوه عَبْد الرَّحْمَن، ويحيى بن سعد البرديّ العدل،
ووالد الرشيد بن أَبِي القاسم، وعَبْد القاهر بن مُحَمَّد بن الفُوطي
كاتب ديوان العرض.
وفيها مات: عليّ بن الأخضر، والشّاعر عليّ الرُّصافي، وحسين بن داود
الواسطيّ المحدّث، وعمر بن دهمان المحدّث قتلا، وأحمد بن مَسْعُود
البَعْلي الْجُبَيْلي، وعبد الله بن ياسر البعليّ، ووالد الشّيخ عليّ
البندنيجيّ العدل،
__________
[1] في الأصل:، «بضع» ، وفي تاريخ ابن الوردي 2/ 197: دام القتل والنهب
أربعين يوما.
[2] الحوادث الجامعة 159.
[3] العبر 5/ 225، 226.
[4] في الأصل: «وأبي» .
[5] الموجود في الحوادث الجامعة 158 قتلوا ولده أحمد، وولده الآخر عبد
الرحمن وكنيته أبو الفضل. وقد ورد ذكر ولده أبي بكر في: المختار من
تاريخ ابن الجزري 245.
[6] في الأصل: «البيار» ، والتصحيح من: الحوادث الجامعة 158، وعيون
التواريخ 20/ 135.
(48/36)
ومحمد بن الهيثميّ، والعدل عليّ بن أَبِي
البدر.
وأمّا الوزير ابن العلْقَمِي فلم يتم [له] ما أراد، وما اعتقد أنّ
التّتر يبذلون السيف مطلقا، فإنّه راح تحت السّيف الرّافضة والسّنّة
وأمم لا يُحصُون، وذاق الهوان والذُل من التّتار، ولم تطل أيّامه بعد
ذلك.
ثمّ ضرب هولاكو عنق باجونوين لأنّه بَلَغه عَنْهُ أنّه كاتبَ الخليفة
وهو فِي الجانب الغربيّ.
وأمّا الخليفة فقُتِل خَنْقًا، وقيل: غُم فِي بساط، وقيل: رفسوه حتى
مات [1] . وقتل الأمير مجاهد الدّين الدُّوَيْدار، والشّرابيّ،
والأستاذ دار محيي الدّين ابن الجوزيّ ووالداه، وسائر الأمراء والحُجاب
والكبار.
وقالت الشُعراء قصائد فِي مراثي بغداد وأهلها وتمثّل بقول سِبْط
التّعاويذيّ:
بادت وأهلوها معا فبيوتُهُمْ ... ببقاء مولانا الوزير خراب [2]
وكانت كسْرةُ عسكر الخليفة يوم عاشوراء، ونزل هولاكو بظاهر بغداد فِي
الرابع عشر من المحرّم، وبقي السّيف يعمل فيها أربعة وثلاثين يوما.
وبَلَغَنَا أنْ آخر جمعة خطب فيها الخطيب ببغداد كانت الخطبة «الحمد
للَّه الَّذِي هدم بالموت مُشَيد الأعمار، وحكم بالفناء على أهل هذه
الدّار» .
وكان السّيف يعمل فِي الجمعة الأخرى، فإنّا للَّه وإنّا إليه راجعون.
اللَّهمّ أجِرْنا فِي مُصيبتنا الّتي لم يُصَب الإسلامُ وأهلُه بمثلها.
ولتقيّ الدّين إِسْمَاعِيل بن أَبِي اليُسْر قصيدة مشهورة فِي بغداد،
هي:
لسائل الدّمع عن بغداد أخبارُ ... فما وقوفك والأحباب قد ساروا
__________
[1] انظر عن (مقتل المستعصم باللَّه) في: نزهة المالك والمملوك، ورقة
103، الحوادث الجامعة 158، أخبار الأيوبيين 166، 167، المختصر في أخبار
البشر 3/ 194، العبر 5/ 231، دول الإسلام 2/ 160، مختصر التاريخ 273.
[2] البيت في: تاريخ الخلفاء، 472، وأخبار الدول 2/ 198، وتحقيق النصرة
70، وشذرات الذهب 5/ 271.
(48/37)
يا زائرين [1] إلى الزّوراء لا تفدوا [2]
... فما بذاك الحمى والدّار ديارُ
تاجُ الخلافة والرّبع الَّذِي شرُفَتْ ... به المعالم قد عفّاه إقفارُ
[3]
أضحى لعصف البِلَى فِي ربُعه أثر ... وللدّموع على الآثار آثارُ
يا نار قلبي من نارٍ لحربِ وَغَى ... شبتْ عليه ووافى الربْعَ إعصارُ
علا الصليبُ على أعلى منابرها ... وقام بالأمر من يحويه زنارُ
وكم حريم سَبَتْهُ التُّرْكُ غاصبةٌ ... وكان من دون ذاك الستْر أستارُ
وكم بُدُور على البدريّة [4] انخسفت ... ولم يعد لبدور الحيّ إبدار
وكم ذخائر أضحَت وهي شائعةٌ ... من النّهّاب وقد حازته كفارُ
وكم حدود أقيمت من سيوفهم ... على الرّقاب وحُطت فِيهِ أوزارُ
ناديت والسبْيُ مهتوك تجرّهم [5] ... إلى السّفاح من الأعداء ذعارُ [6]
وهم يساقون للموت الَّذِي شهدوا ... النّار يا ربّ من هذا ولا العارُ
والله يعلم أنّ القوم أغفلهم ... ما كان من نِعم فيهنّ إكثارُ
فأهملوا جانب الجبّار إذ غفلوا ... فجاءهم من جنود الكفر جبّار
يا للرجال بأحداثٍ يحدّثنا ... بما غدا فيهم إعذار وإنذارُ
من بعد أسرِ بني الْعَبَّاس كلّهم ... فلا أنار لِوجه الصّبع إسفارُ
ما راق لي قطّ شيء بعد بَيْنهِم ... إلّا أحاديث أرويها وآثارُ
لم يبق للدّين والدّنيا وقد ذهبوا ... شوقٌ لمجدٍ وقد بانوا وقد باروا
إنّ القيامة في بغدادَ قد وُجِدتْ ... وحدّها حين للإقبال إدبار
آل النبيّ وأهل العِلْم قد سُبيوا [7] ... فَمَنْ ترى بعدهم يحويه
أمصار
__________
[1] في أخبار الدول 2/ 199: «يا سائرين» .
[2] في أخبار الدول: «لا تعدوا» .
[3] حتى هنا في أخبار الدول 2/ 199.
[4] البدرية: نسبة إلى بدر مولى المعتضد، والمراد بها قصر المنصور.
(انظر تاريخ بغداد 1/ 108) .
[5] في تاريخ الخلفاء «تجربهم» .
[6] حتى هنا في تاريخ الخلفاء 472، 473، وشذرات الذهب 5/ 271، 272.
[7] هكذا في الشعر، وهو خطأ.
(48/38)
ما كنتُ آمُلُ أن أبقى وقد ذهبوا ... لكنْ
أَتَتْ [1] دون ما اختار أقدارُ [2]
فِي أبيات أخَر، وجُمْلتُها ستّة وستّون بيتا.
قال ابن الكازرونيّ [3] وغيره: ما زالوا فِي قتل وسبْي وتعذيب عظيم
لاستخراج الأموال مدّة أربعين يوما، فقتلوا النّساء والرجال والأطفال
أهل البلد وأهل سائر القرى ما عدا النّصارى، عُين لهم شحاني حَرَسُوهم،
وانضمّ إليهم خَلْقٌ فسِلمُوا. وكان ببغداد عدةٌ من التّجّار سلِموا
لفرمانات والتجأ [4] إليهم خلق، وسلم مَن بدار ابن العَلْقَمِي، ودار
ابن الدّامغانيّ صاحب الدّيوان ودار ابن الدّواميّ الحاجب، وما عدا ذلك
ما سلِم إلّا من اختفى فِي بئرٍ أو قناة، وأحرق مُعظم البلد.
وكانت القتلى فِي الطّرق كالتُلُول. ومن سلِم وظهر خرجوا كالموتى من
القبور خوفا وجوعا وبردا.
وسلِم أهل الحلّة والكوفة. أمّنهم القان، وبعث إليهم شحاني. وسلمت
البصرة وبعضُ واسط. ووقع الوباء فيمن تخلّف، فلا حول ولا قوة إلّا
باللَّه.
[وقعة المغيث مع المصريين]
وفيها كانت وقعة الملك المغيث مع المصريّين فانكسر كما ذكرنا، وهرب
هُوَ وبدر الدّين الصّوابيّ والبُنْدُقْداريّ الَّذِي تسلطن، فوصلوا
إلى أسوأ حال [5] .
وأمّا مصر فزينتْ فِي ربيع الآخر للنّصر، وعاشت البحريّة بعد الكسرة
وأفسدوا، فجهّز لحربهم الملك النّاصر محيي الدّين ابن أَبِي زكري ونور
الدّين عليّ بن الأكتع فالتقوا على غزّة، فانتصرت البحريّة وأسروا
الأميرين
__________
[1] في النجوم «أبي» .
[2] الأبيات في النجوم الزاهرة 7/ 51، 52.
[3] قوله ليس في مختصر التاريخ، وفيه رواية مختلفة.
[4] في الأصل: «والتجى» .
[5] تقدّم هذا الخبر في حوادث سنة 655 هـ.
(48/39)
وحملوهما [1] إلى الكَرَك، وقويت شوكتهُم
[2] ، فبرز دهليز الملك النّاصر، وعزم على قتالهم بنفسه، فقرُبَت
البحريّة من دمشق، فهجم رُكْن الدّين البُنْدُقْداريّ في بعض الأيّام
على الدّهليز وهو عند الجسورة، وقطع أطناب الدُهليز [3] .
[خيانة ابن العلقميّ]
وولّى هولاكو على العراق نوّابه. وعزم ابن العلْقَمي على أن يحسّن
لهولاكو أن يقيم ببغداد خليفة علويا فلم يتهيّأ ذلك له، واطرَحَتْه
التّتار، وبقي معهم على صورة بعض الغلمان، ثمّ مات كمدا لا رحمه الله،
ولا خفّف عَنْهُ [4] .
[قتل ابن صَلايا]
وسار هولاكو قاصدا إلى أذَرْبَيْجَان فنزل إليه بدر الدّين صاحب
الموصل، فأكرمه وردّه إلى الموصل، ونزل إليه تاج الدّين ابن صَلايا
فقتله، فقيل إنّ صاحب الموصل كان فِي نفسه من ابن صَلايا فقال لهولاكو:
هذا شريفٌ علويّ، فربّما تطاول إلى الخلافة، وتقوم معه خلق. فلهذا قتله
هولاكو. ولم تطُل لصاحب الموصل بعد ذلك حياة [5] .
[محاصرة التتار ميّافارقين]
وفيها جاءت فرقة من التّتار فنازلت ميّافارقين فحصروها [6] .
__________
[1] في الأصل: «وحملوها» وهو سهو.
[2] المختصر في أخبار البشر 3/ 197.
[3] البداية والنهاية 13/ 204، أخبار الأيوبيين 168، ذيل مرآة الزمان
1/ 90، 92، المختصر في أخبار البشر 3/ 195، تاريخ ابن الوردي 2/ 198،
عيون التواريخ 20/ 135، عقد الجمان (1) 181، النجوم الزاهرة 7/ 45، 46،
و 47، تاريخ ابن سباط 1/ 377، الروض الزاهر 57، السلوك ج 1 ق 2/ 411.
[4] ذيل مرآة الزمان 1/ 90، 91، تاريخ الخلفاء 473، شذرات الذهب 5/
272.
[5] ذيل مرآة الزمان 1/ 91.
[6] الحوادث الجامعة 164 (حوادث سنة 657 هـ.) ، أخبار الأيوبيين 167،
المختصر في أخبار البشر 3/ 196، 197، تاريخ ابن الوردي 2/ 199، نهاية
الأرب 27/ 383، تاريخ مختصر
(48/40)
[كتاب هولاكو إلى
صاحب الشام]
وفيها جاءت رُسُل قاءان من بلاد ما وراء النّهر ورُسُل هولاكو إلى صاحب
الشّام، فصورة كتاب هولاكو: «يعلم سلطان ملك ناصر- طال بقاؤه- إنّه
لمّا توجّهنا إلى العراق وخرج إلينا جنودهم، فقتلناهم بسيف الله تعالى،
ثمّ خرج إلينا رؤساء البلد ومقدّموها، فكان قُصارى كلامهم سببا لهلاك
نفوسهم يستحقّ الإذلال [1] ، فأعدمناهم أجمعين، وذلك بما قدّمت أيديهم
وبما كانوا يكسبون. وأمّا ما كان من صاحب البلدة، فإنّه خرج إلى
خدمتنا، ودخل تحت عبوديّتنا، فسألناه عن أشياء كَذَبنا فيها، فاستحقّ
الإعدام. وكان كذِبُه ظاهرا، ووجدوا ما عملوا حاضرا. أجب ملك البسيطة،
ولا تقولنّ: قلاعي المانعات ورجالي المقاتلات. ولقد بَلَغَنَا أنّ
شَذَراتٍ [2] من العسكر التجأت إليك هاربة، وإلى جنابك لائذة.
أين المَفَر ولا مَفَر لهاربٍ ... ولنا البسيطان الثرَى والماءُ
فساعة وقوفِك على كتابنا تجعل قلاع الشّام سماها أرضا، وطولها عرضا.
والسلامُ.
ومن كتابٍ ثان: «خدمة ملك ناصر- طال عُمرُه-، أمّا بعد، فإنّا فتحنا
بغداد واستأصلنا. ملْكها وملِكها، وكان ظنّ وَقد ضنّ [3] بالأموال، ولن
ينافس فِي الرجال أن مُلكه يبقى على ذلك الحال، وقد علا ذِكره، ونما
[4] قَدْرُه، فخُسِف فِي الكمال بدْره.
إذا تمّ أمر بدا نقصُهُ ... تَوَقعْ زوالا إذا قيل تمّ
ونحن فِي طلب الازدياد، على ممرّ الآباد، فلا تكن كالّذين نَسُوا الله
فأنساهم أنفسهم، وأبدٍ ما فِي نفسِك، إمّا إمساك بمعروف أو تسريح
بإحسان.
__________
[ () ] الدول 277، تاريخ الزمان 314، البداية والنهاية 13/ 215، تاريخ
ابن سباط 1/ 379، 380، الأعلاق الخطيرة ج 3 ق 2/ 489، 490، 500- 504،
ذيل مرآة الزمان 1/ 91.
[1] في تاريخ الخلفاء 473: «تستحق الإهلاك» .
[2] في تاريخ الخلفاء 473: «شذرة» .
[3] في تاريخ الخلفاء 474: «وقد فتن» .
[4] في تاريخ الخلفاء 474: «نمى» .
(48/41)
أجب ملك البسيطة تأمّنْ شَرْه، وتنال برّه،
وأسْع إليه برجالك وأموالك، ولا تعوّق رسولنا [1] ، والسّلام» .
[قدوم الملك الكامل إلى دمشق وعَوده]
وفي صَفَر قدِم دمشق الملكُ الكامل بن المظفّر بن العادل يستنجد
الإِسْلَام على التّتار، فتباشروا للنّاس شيئا، ودخل البلد وزار قبر
جَدّه، ثُم ردّ إلى بلاده ولم ينفر أحدٌ لِتَيقن النّاس بأخْذ بغداد
[2] .
[وصول فرسان من العراق إلى دمشق]
ووصل نحو خمسمائة فارس من عسكر العراق، ذكروا أن التّتار حالوا بينهم
وبين بغداد. ثمّ جاء بعدهم نحو الثلاثمائة إلى دمشق.
[اشتداد الوباء بالشام]
وفي أثناء السّنة اشتدّ الوباء بالشام [3] ومات خَلْقٌ بحيث أنّه قيل
إنّه خرج من حلب فِي يومٍ واحدٍ ألف ومائتا جنازة [4] .
وأمّا دمشق فكان فيها من المرض ما لا يحَد ولا يوصف [5] ، واستغنى
العطّارون. ونفدت الأدوية، وعزّ الأطِباء إلى الغاية، وأبيع الفَروج
بدمشق بثلاثة دراهم، وبحلب بعشرة دراهم. ومبدأ الوباء فِي جمادى الأولى
لفساد الهواء بملحمة بغداد [6] .
__________
[1] في تاريخ الخلفاء 474: «رسلنا» .
[2] الأعلاق الخطيرة ج 3 ق 2/ 484، 485، ذيل مرآة الزمان 1/ 91.
[3] العبر 5/ 226، النجوم الزاهرة 7/ 60.
[4] وقال أبو الفداء: «اشتد الوباء بالشام خصوصا بدمشق حتى لم يوجد
مغسّل للموتى» .
(المختصر في أخبار البشر 3/ 197) و (تاريخ ابن الوردي 2/ 199) وتاريخ
ابن سباط 1/ 378، وذيل الروضتين 200، وذيل مرآة الزمان 1/ 91، وعيون
التواريخ 20/ 142، عقد الجمان (1) 183.
[5] السلوك ج 1 ق 2/ 410.
[6] وقال اليونيني: «وبيع الرطل الدمشقيّ من التمر الهندي بستين درهما
والحزّة من البطّيخ الأخضر بدرهم» . (ذيل مرآة الزمان 1/ 91) ، وانظر:
السلوك ج 1 ق 2/ 409 و 410.
(48/42)
سنة سبع وخمسين
وستمائة
[القبض على البحرية بحلب]
فِي أوّلها سار الملك النّاصر متبِعًا آثار البحريّة، فاندفعوا بين
يديه إلى الكَرَك، فنزل بركة زيزا، وعزم على حصار الكَرَك، وفي خدمته
صاحب حماه الملك المنصور، فجاءت إليه رُسُل المغيث مع الدّار القطْبية،
وهي ابنة الملك الأفضل قُطْب الدّين ابن العادل يضرعون إليه فِي الرّضا
عن المغيث، فَشَرَطَ عليهم أنْ يقبض على مَن عنده من البحريّة، فأجاب
ونفّذهم إليه على الجمال، فبعثهم إلى قلعة حلب فحُبِسوا بها [1] .
[دخول البُنْدُقْداريّ فِي خدمة الناصر]
وأمّا ركْن الدّين البُنْدُقْداريّ فهرب من الكَرَك فِي جماعةٍ، وقدِم
على الملك النّاصر، فأحسن إليهم وصَفَحَ عنهم، ورجع وفي خدمته
البُنْدُقْداريّ [2] .
[أخْذ هولاكو قلعة اليمانية]
وفيها نزل هولاكو على آمد، وبعث رسله إلى صاحب ميّافارقين [3] .
__________
[1] تاريخ ابن الوردي 2/ 201، ذيل مرآة الزمان 1/ 342، عقد الجمان (1)
182.
[2] أخبار الأيوبيين 169، المختصر في أخبار البشر 3/ 198، الدرّة
الزكية 38، عيون التواريخ 20/ 213، ذيل مرآة الزمان 1/ 342، الروض
الزاهر 61، السلوك ج 1 ق 2/ 415، النجوم الزاهرة 7/ 53.
[3] في العبر 5/ 238 بعث رسله إلى صاحب ماردين. وفي دول الإسلام 2/ 168
«وبعث إليه صاحب ماردين» ، وفي عيون التواريخ 20/ 213 وبعث رسله إلى
الملك السعيد نجم الدين صاحب ماردين، وفي تاريخ الخميس 2/ 422 «نزل
هولاكو على آمد وبعث إليه صاحب
(48/43)
الملك السّعيد نجم الدّين يطلبه، فسيّر
إليه ولده الملك المظفّر فِي خدمته سابق الدّين بَلَبَان، والقاضي
مهذّب الدّين مُحَمَّد بن مجلي، ومعهم تقادم، واعتذر بالمرض به فوافق
وصولهم إليه أخْذه لقلعة اليمانيّة [1] وإنزاله منها حريمَ الملك
الكامل صاحب ميّافارقين، وولدَه الملك النّاصر يوسف بن الكامل، والملكَ
السّعيد عُمَر، وابن أخيه الملك الأشرف أَحْمَد، والملكَ الصّالح أيّوب
بن الملك المشمّر ابن تاج الملوك عليّ بن العادل. فلمّا رآهم ابن صاحب
ماردين جزع وأدّى الرسالة فقيل له: ليس مرضه بصحيح وإنّما هُوَ، متمارض
محافظة للملك النّاصر صاحب الشّام، فإن انتصرتُ عليه اعتذَرَ إليّ
بزيادة المرض، وإن انتصر عليّ بقيتْ له يد بيضاء عند النّاصر، فلو كان
للنّاصر قوة يدفعني لما مكّنني من دخول هذه البلاد، وقد بَلَغَنِي أنّه
بعث حريمه وحريم أمرائه وكبراء رعيّته إلى مصر، ولو نزل صاحبكم إليّ
رعيت له ذلك.
ثمّ أمر بردّ القاضي وحده، فعاد وأخبر مخدومه بصورة الحال، فتألّم على
إرساله ولده، وبعث رسولا إلى الملك النّاصر يستحثّه على الحركة،
ويعرّفه أنّه مَتَى وصل إلى حلب قدِم إليه برجاله وأمواله. وسيّر فِي
الظّاهر إلى هولاكو بهديةٍ، وفي الباطن إلى ولده يحرّضه على الهروب.
وسيّر إلى صاحبي الرّوم عزّ الدّين ورُكْن الدّين يُنكر عليهما كونهما
فِي خدمة هولاكو، ويقول:
إن بَقى عليكما فإنّما ذلك ليُغْر الملك النّاصر، فأعمِلا الحيلة فِي
الانفصال عَنْهُ، والحذر منه [2] .
[الخوف من التتار بالشام]
وفي أواخر السّنة وقعت الأراجيف بحركة التّتار نحو الشّام فانجفل الخلق
[3] .
__________
[ () ] ماردين بالتقادم على ولده» ، ومثله في: الأعلاق الخطيرة ج 3 ق
2/ 559.
[1] في الأصل: «الثمانية» ، والتصحيح من: الأعلاق الخطيرة ج 3 ق 2/
559، وذيل مرآة الزمان 1/ 343، والنجوم الزاهرة 7/ 54.
[2] عيون التواريخ 20/ 213، 214، والخبر كما هنا في: الأعلاق الخطيرة ج
3 ق 2/ 559- 561، وذيل مرآة الزمان 1/ 342- 344، النجوم الزاهرة 7/ 54.
[3] الدرّة الزكية 44، العبر 5/ 238، عيون التواريخ 20/ 214، ذيل
الروضتين 203، الروض الزاهر 61.
(48/44)
[رأي العزّ بن عَبْد السلام فِي جهاد
التتار]
وفي آخرها قبض الأمير سيف الدّين قُطُز المعزيّ على ابن أستاذه الملك
المنصور عليّ بن المُعِزّ، وتسلطن ولُقب بالملك المظفّر. وسبب ذلك قدوم
الصّاحب كمال الدّين ابن العديم رسولا يطلب النّجدة على التّتار [1] ،
فجمع قُطز الأمراء والأعيان، فحضر الشَّيْخ عزّ الدّين ابن عَبْد
السّلام والقاضي بدر الدّين السّنجاريّ، وجلس الملك المنصور فِي دَسْت
السّلطنة، فاعتمدوا على ما يقوله الشَّيْخ عزّ الدّين، فكان خُلاصته:
إذا طرق العدوّ البلادَ وَجَبَ على العالم كلّهم قتالُهُم، وجاز أن
يؤخذ من الرّعيّة ما يُستعان به على جهادهم، بشرط أن لا يبقى فِي بيت
المال شيء، وأن تبيعوا ما لكم من الحوائص والآلات، ويقتصر كلّ منكم على
فَرَسه وسلاحه، ويتساووا فِي ذلك هُمْ والعامّة. وأمّا أخْذ أموال
العامة مع بقاء ما فِي أيدي الْجُنْد من الأموال والآلات الفاخرة فلا
[2] .
[سلطنة قُطُز]
ثمّ بعد أيام يسيرة قبض على المنصور وقال: هذا صبيّ والوقتُ صَعْب، ولا
بدّ من أن يقوّم رجلٌ شجاع ينتصب للجهاد [3] .
وكان الأميران عَلَم الدّين الغتمي [4] وسيف الدّين بهادر المُعِزيين
حين جرى هذا المجلس غائبين لرمي البُنْدُق، فاغتنم قُطُز غيبتهما
وتسلطن، فلمّا حضرا قبض عليهما، وسيّر القاضي برهان الدّين السنْجاري
مع ابن العديم إلى
__________
[1] عيون التواريخ 20/ 214.
[2] البداية والنهاية 13/ 215، السلوك ج 1 ق 2/ 416، 417، تاريخ
الخلفاء 475، بدائع الزهور ج 1 ق 1/ 301، 302.
[3] نزهة المالك والمملوك، ورقة 102، تاريخ الدولة التركية، ورقة 5 أ،
المختصر في أخبار البشر 3/ 199، مرآة الجنان 4/ 148، عيون التواريخ 20/
214، البداية والنهاية 13/ 216، ذيل الروضتين 203، تاريخ الخميس 2/
422، جامع التواريخ 300، التحفة الملوكية 42، الجوهر الثمين 2/ 57، 58،
السلوك ج 1 ق 2/ 417، عقد الجمان (1) 220، تاريخ الخلفاء 475، النجوم
الزاهرة 7/ 72، بدائع الزهور ج 1 ق 1/ 302.
[4] في عقد الجمان (1) 220 «العتمي» بالعين المهملة.
(48/45)
الشّام يعِد النّاصر بالنّجدة [1] .
[خوف الناصر من التتار وجُبْنه]
وبرز الملك النّاصر والعساكر فنزلوا على بَرْزَة شماليّ دمشق، واجتمع
له عسكر كبير وتركمان وأتراك وعجم ومطوعة. ثمّ رَأَى تخاذُل عسكره
وأنّه لا طاقة له بالتّتار لكثرتهم فخاف وجبُن. وكان قد صادر النّاس
وجبى الأموال وما نفع [2] .
[نكبة الحلبيّين أمام التتار]
وفيها عبر هولاكو بجيشٍ عظيم الفُرات بعد أن استولى على حرّان،
والرّها، والجزيرة، وأوّل من عدّى أشموط [3] بن هولاكو فِي ذي الحجّة.
فجاء الخبر من البيرة إلى حلب والنائب بها الملك المعظّم توران شاه،
فجفل النّاس منها، وعظُمَ الخَطْب، وعمّ البلاء [4] .
وكانت حلب فِي غاية الحصانة وحُسْن الأسوار المنيعة وقلعتها كذلك
وأبلغ. فلمّا كان فِي العَشْر الأخير من ذي الحجّة قصدت التتار حلبَ
ونزلوا على حيلان [5] وتلك النّواحي، ثمّ بعثوا طائفة من عسكرهم
فأشرفوا على
__________
[1] المختصر في أخبار البشر 3/ 199، تاريخ ابن الوردي 2/ 202، تاريخ
ابن سباط 1/ 381، السلوك ج 1 ق 2/ 417، النجوم الزاهرة 7/ 73.
[2] عيون التواريخ 20/ 214، البداية والنهاية 13/ 216، تاريخ الزمان
315، الروض الزاهر 61، 62، عقد الجمان (1) 219، النجوم الزاهرة 7/ 74،
شذرات الذهب 5/ 287، 288.
[3] في المختصر في أخبار البشر 3/ 199 «سموط» بحذف الألف، والسين
المهملة. ومثله في:
تاريخ ابن الوردي 2/ 202، والمثبت يتفق مع: العبر 5/ 238، وعيون
التواريخ 20/ 214، والبداية والنهاية 13/ 215، وفي الأعلاق الخطيرة ج 3
ق 2/ 498 «يشموط» ، وعقد الجمان (1) 218 «شموط» ، وفي مآثر الإنافة 2/
103 «سموط» . والمثبت يتفق مع: النجوم الزاهرة، وشذرات الذهب.
[4] أخبار الأيوبيين 171، نهاية الأرب 29/ 384، جامع التواريخ م 2 ق 2/
9 وج 1/ 305- 308، ذيل مرآة الزمان 1/ 375- 377، تاريخ الخميس 2/ 422،
تاريخ مختصر الدول 279، السلوك ج 1 ق 2/ 420، تاريخ الخلفاء 475،
النجوم الزاهرة 7/ 74، شذرات الذهب 5/ 288.
[5] حيلان: قرية من قرى حلب. (معجم البلدان 2/ 382) وفي الأصل: «جيلان»
بالجيم، ومثله في: شذرات الذهب 5/ 288.
(48/46)
المدينة، فخرج إليهم عسكر المدينة ومعهم
خَلْقٌ من المطوّعة، فساروا فرأوا التّتار، فلمّا تحقّقوا كثرتهم كرّوا
راجعين. وأمر نائب حلب أن لا يخرج بعد ذلك أحد [1] ، وكتب يستحثّ الملك
النّاصر فِي الكشف عَنْهُمْ. فلمّا كان من الغد رحل التّتار عن منزلتهم
ونازلوا حلب، واجتمع عسكر البلد بالبواشير وإلى ميدان الحصا، وأخذوا
فِي إجالة الرأي، فأشار عليهم نائب السّلطنة أن لا يخرجوا، فلم يوافقه
العسكر، وخرجوا ومعهم العوامّ والشّطّار، واجتمعوا بجبل بانقوسا، ووصل
جمع التّتار إلى ذيل الجبل، فحمل عليهم جماعة من العسكر فانهزم التّتار
مكيدة، فتبعوهم ساعة، ثمّ كثرت التّتار عليهم، فهربوا إلى أصحابهم، ثمّ
انهزم الجميع لمّا رأوا التّتار مُقبلين، فركبت التّتار ظهورهم يقتلون
فيهم. وقُتِل يومئذٍ الأمير عَلَم الدّين زُرَيْق العزيزيّ ونازلت
التّتار البلدَ فِي ذلك اليوم، ثمّ رحلوا عَنْهَا طالبين إعزاز،
فتسلّموها بالأمان [2] .
وخرجت السّنة والناسَ فِي أمرٍ عظيم من الخوف والجلاء والحيرة [3] .
__________
[1] النجوم الزاهرة 7/ 75.
[2] المختصر في أخبار البشر 3/ 199، 200، تاريخ ابن الوردي 2/ 202،
عيون التواريخ 20/ 215، تاريخ مختصر الدول 279، 280، أخبار الأيوبيين
171، الدرّة الزكية 44، الأعلاق الخطيرة ج 3 ق 3/ 561، مآثر الإنافة 2/
103، 104، السلوك ج 1 ق 2/ 419، عقد الجمان (1) 218، النجوم الزاهرة 7/
76، تاريخ ابن سباط 1/ 381، 382، تاريخ الأزمنة 239، شذرات الذهب 5/
287، 288، تاريخ الزمان 315، 316، الجوهر الثمين 2/ 60، التحفة
الملوكية 43.
[3] نزهة المالك والمملوك، ورقة 102، 103، أخبار الأيوبيين 171.
(48/47)
سنة ثمان وخمسين
وستمائة
[الحكّام فِي البلاد]
استهلّت والوقت خالٍ من أمامٍ أعظم.
وعلى الشّام النّاصر يوسف، وزال ملكه بعد أيّام يسيرة.
وصاحب مصر المظفّر قُطُز تملّك فِي أوائلها.
وصاحب اليمن المظفّر يوسف بن عُمَر.
وصاحب ظفار مُوسَى بن إدريس.
وصاحب دلّه وبعض الهند ناصر الدّين مُحَمَّد [1] بن أيتمُش.
وصاحب كرمان خاتون زَوْجَة الحاجب بُراق.
وصاحب شيراز أَبُو بَكْر بن أتابك سعد [2] .
وصاحب الموصل ابن بدر الدّين.
وصاحب ماردين السّعيد غازي.
وصاحب الرّوم قلج رسلان وكيكاوس [3] ابنا الملك كَيْخُسْرو من تحت
أوامر التّتر.
وصاحب الكرك المغيث عمر.
__________
[1] في المختار من تاريخ ابن الجزري 254 «محمود» .
[2] وقع في المختار: «صعد» بالصاد.
[3] في المختار: «خيكاوس» .
(48/48)
وصاحب مكّة أَبُو نُمَيّ [1] مُحَمَّد بن
أَبِي سعد وعمّه إدريس.
وصاحب المدينة جمّاز.
وصاحب حماه الملك المنصور مُحَمَّد.
وصاحب حمص الأشرف مُوسَى بن المنصور إِبْرَاهِيم.
وصاحب تونس مُحَمَّد بن يحيى.
وصاحب العراق وأذَرْبَيْجَان وخُراسان هولاكو بن تولي بن جنكزخان [2] .
[اجتياح التتار حلب]
وفي المحرّم قطع هولاكو الفُراتَ فنزل النّيرب والملّاحة وتلك
النّواحي، وأرسل إلى أهل حلب: إنكم تضعفون عن لقائنا ونحن نقصد
سلطانكم، فاجعلوا لنا عندكم شِحْنةً بالقلعة وشِحْنةً بالبلد، فإن
انتصر علينا الملكُ النّاصر فالأمر إليكم، فإنْ شئتم أبقيتم على
الشّحنتين، وإن شئتم قتلتموهما، وإنْ كانت النصرةُ لنا فحلب، وغيرها
لنا وتكونون آمنين.
فلم يُجِبْه الملك المعظّم توران شاه إلى ذلك وقال: ما له عندنا إلّا
السّيف.
وكان الرَّسُول بذلك صاحب أرْزُن، فما أعجبه جوابه وتألّم للمسلمين
[لما علم] [3] الأمر [4] . فنازل هولاكو حلب بجيوشه فِي ثاني صَفَر،
وهجمت التّتار البواشير [5] وقتلوا أكثر من بها. وقُتِل يومئذٍ أسد
الدّين ابن الزّاهر دَاوُد بن صلاح الدّين [6] ، ولم يُصبح عليهم ثالث
صَفَر إلّا وقد حفروا خندقا فِي طول
__________
[1] وقع في المطبوع من المختار: «أيوني» .
[2] قارن بما في المختار من تاريخ ابن الجزري 254، 255.
[3] ما بين الحاصرتين إضافة على الأصل من: المختصر في أخبار البشر 3/
201، ومكانه في الأصل بياض.
[4] البداية والنهاية 13/ 218، شذرات الذهب 5/ 290.
[5] في المختصر 3/ 201 «وهجموا النواثر» .
[6] المختصر في أخبار البشر 3/ 201، تاريخ ابن الوردي 2/ 203.
(48/49)
قامة، وفي عرض أربعة أذْرُع، وبنوا حائطا
ارتفاع خمسة أذرُع كالسّور عليهم وعملوا فِيهِ أبوابا، ونصبوا على باب
العراق الّذي للبلد أكثر من عشرين منجنيقا، وألحّوا بالرمي بها ليلا
ونهارا، وأخذوا فِي نقب السّور، فلم يزالوا إلى أن ظهروا أوّلا من
حمّام حمدان فِي ذيل قلعة الشّريف، وركبوا الأسوار من كلّ ناحيةٍ فِي
اليوم التّاسع من صَفَر، فهرب المسلمون إلى جهة القلعة، ورمى خَلْقٌ
نفوسهم فِي الخندق، وبذلت التّتار السّيف فِي العالم، ودخل خَلْقٌ إلى
القلعة، وذلك يوم الأحد.
وأصبحوا يوم الإثنين وهم على ما أمسوا عليه من القتْل والسّبي، وامتلأت
الطرُقات بالقتلى. وأحمي فِي البلد أماكن لِفَرَماناتٍ كانت بأيديهم،
فمن ذلك دار شهاب الدّين بن عمرون، ودار نجم الدّين ابن أخي مردكين،
ودار البازيار [1] ، ودار عَلم الدّين قيصر المَوْصِلي، والخانقاه
الّتي فيها زين الدّين الصّوفيّ، وكنيسة اليهود، فنجا من القتل في هذه
الأماكن أكثرُ من خمسين ألفا، واستتر أيضا جَمعٌ كثير، فقتِل أمم لا
يحصيهم إلّا الله سبحانه وتعالى [2] .
وبقي القتل والأسر والحريق والبلاء إلى يوم الجمعة الرابع عشر من صفر،
ثمّ نودي برفع السّيف، وأذّن المؤذّنون يومئذ بالجامع، وأقيمت الخطبة
والصّلاة. ثمّ أحاطوا بالقلعة وحاصروها، وبالقلعة الملك المعظّم [3] .
[هرب الملك الناصر من دمشق]
ووصل الخبر بأخذ حلب إلى دمشق يوم السّبت فهرب الملك النّاصر من
__________
[1] في المختصر في أخبار البشر 3/ 201 «البازياد» بالدال. والمثبت هو
الصحيح كما في تاريخ ابن الوردي 2/ 203.
[2] الحوادث الجامعة 164، 165 (باختصار شديد) ، أخبار الأيوبيين 171،
المختصر في أخبار البشر 3/ 201، تاريخ ابن الوردي 2/ 202، مرآة الجنان
4/ 148، ذيل مرآة الزمان 1/ 345، 346، السلوك ج 1 ق 2/ 442، 423.
[3] العبر 5/ 241، دول الإسلام 2/ 162، مرآة الجنان 4/ 148، تاريخ ابن
سباط 1/ 383، السلوك ج 1 ق 2/ 422، تاريخ الزمان 316، تاريخ مختصر
الدول 279، عقد الجمان (1) 230، 231، مآثر الإنافة 2/ 104، شذرات الذهب
5/ 290.
(48/50)
دمشق وزال ملكه [1] . وكانت رُسُل التّتار
يومئذٍ بِحَرَستا فدخلوا دمشق، وقُرِئ فرمان الملك بأمان أهل دمشق وما
حولها. ووصل نائب هولاكو على دمشق فِي ربيع الأوّل فلقيه كبراء البلد
بأحسن مَلْقى. وقرِئ الفَرَمان. وجاءت التّتار من جهة الغوطة مارّين من
شرقيّها إلى الكسْوة [2] .
[تعيين التفليسي بقضاء الشام]
وبعد أيّام وصل منشور من هلاوون للقاضي كمال الدّين عمر التّفليسيّ
بقضاء الشّام، وماردين، والموصل، وبنظر الأوقاف والجامع. وكان نائبا
للقاضي صدر الدّين ابن سَنِي الدّولة [3] .
[تأمين حماه]
وأمّا حماه فكان صاحبها المنصور قد تقهقر إلى دمشق فنزل بَرزة. فجاء
إلى حماه بطاقة برواح حلب، فوقع فِي البلد خَبْطةٌ عظيمة، وخرج أهلها
على وجوههم، وسافر بهم الطّواشيّ مرشد. ثمّ بقي بها آحاد من الأعيان،
فتوجّهوا إلى حلب بمفاتيح البلد، وطلبوا عطف هولاكو عليهم وأن ينفد
إليهم شِحْنة، فسيّر إليهم خُسْرُوشاه، رجلٌ أعجميّ [4] فقدِمَها وأمّن
الرعيّة. وكان بقلعتها الأمير مجاهد الدّين قَيماز، فدخل فِي طاعته [5]
.
[دخول صاحب حماه إلى مصر]
وسار الملك النّاصر ومعه صاحب حماه والأمراء نحو غزّة، ثمّ سار إلى
قَطية [6] ، فتقدّم صاحب حماه بجمهرة العساكر والجفّال ودخل مصر. وبقي
__________
[1] أخبار الأيوبيين 172، نهاية الأرب 29/ 386، الروض الزاهر 62.
[2] أخبار الأيوبيين 173، العبر 5/ 242، دول الإسلام 2/ 162، عيون
التواريخ 20/ 222، 223 ووقع فيه «الكسرة» النجوم الزاهرة 7/ 76، شذرات
الذهب 5/ 290.
[3] عيون التواريخ 20/ 223، ذيل الروضتين 204، السلوك ج 1 ق 2/ 424،
النجوم الزاهرة 7/ 76، 77.
[4] قال أبو الفداء: إنه كان يدّعي أنه من ذرّية خالد بن الوليد. وهو
أيضا عند ابن الوردي.
[5] المختصر في أخبار البشر 3/ 201، تاريخ ابن الوردي 2/ 203، ذيل
الروضتين 204، عقد الجمان (1) 232، مآثر الإنافة 2/ 104، شذرات الذهب
5/ 290.
[6] في الأصل: «قصبة» . والمثبت عن المصادر وفيها «قطيا» ، وهي قرية
بجوار الفرمة تحيط بها
(48/51)
النّاصر فِي عسكر قليل، منهم أخوه الملك
الظّاهر، والملك الصّالح ابن صاحب حمص، والأمير شهاب الدّين
القَيْمُرِي، فتوجّهوا إلى تيه بني إسرائيل، وخاف من المصريّين [1] .
[استيلاء التتار على الشام]
ووصلت عساكر التّتار إلى غزّة واستولوا على الشّام إلّا المعاقل
والحصون، فإنّ بعضها لم يستولوا عليه.
وحاصروا قلعة حلب أيّاما، واستعانوا بمن بقي من أهل البلد يتترّسون
بهم، ثمّ تسلّموها بالأمان [2] .
[استيلاء التتار على قلعة دمشق]
وأمّا قلعة دمشق فشرعوا فِي حصارها وبها الأمير بدر الدّين مُحَمَّد بن
قراجا [3] ، وأحاط بها خَلْقٌ من التّتار، وقطّعوا الأخشاب، وأتوا
بالمجانيق معهم، ونصبوا عليها أكثر من عشرين منجنيقا، وأصبحوا يُلحون
بها على برج الطّارمة، فطلب أهلها الأمان فِي آخر النّهار ما تشقّق
البُرج، وخرجوا من الغد.
ثمّ أخذت التّتار جميع ما فيها، وسكنها النّائب كتبُغا، وخرّبوا
شرفاتها إلى بانياس [4] .
__________
[ () ] الرمال وتقع في الطريق إلى مصر من الشام.
[1] المختصر في أخبار البشر 3/ 201، تاريخ ابن الوردي 2/ 204، السلوك ج
1 ق 2/ 419، 420، تاريخ ابن سباط 1/ 383، 384، و 390، أخبار الأيوبيين
170، 171، ذيل الروضتين 206، 207، عيون التواريخ 20/ 224، الروض الزاهر
62، 63، ذيل مرآة الزمان 1/ 350، 351، النجوم الزاهرة 7/ 77.
[2] المختصر في أخبار البشر 3/ 202، تاريخ ابن الوردي 2/ 204.
[3] في أخبار الأيوبيين 174 «قريبجاه» .
[4] أخبار الأيوبيين 174، المختصر في أخبار البشر 3/ 203، دول الإسلام
2/ 162، مرآة الجنان 4/ 148، عيون التواريخ 20/ 224، ذيل مرآة الجنان
1/ 351، 352، ذيل الروضتين 204، تاريخ ابن سباط 1/ 388، 389، السلوك ج
1 ق 2/ 426، عقد الجمان (1) 240، 241، مآثر الإنافة 2/ 104، 105، شذرات
الذهب 5/ 290.
(48/52)
[وقوع السّبي الكبير بنواحي نابلس]
وأمّا الفِرقة الّتي طلبت حَوْران أولا فامتدّوا إلى نابلس وتلك
النّواحي، فأهلكوا الحْرث والنّسل، وبذلوا السّيف فِي نابلس، وقدِموا
إلى دمشق بالسبْي، فكان النّاس يشترونهم ويستفكّونهم منهم بالدّراهم
المعدودة لكثرة من فِي أيديهم من السبْي [1] .
[استسلام الملك الناصر]
ثمّ ظفروا بالملك النّاصر، وسلم نفسه إليهم بالأمان، فمرّوا به على
دمشق، ثمّ ساروا به إلى هولاكو، فأحسن إليه وأكرمه، ورعى له مجيئه
إليه، وبقي فِي خدمته هُوَ وجماعة من أهله [2] .
[الطواف برأس صاحب ميّافارقين بدمشق]
وفي جُمادى الأولى طافوا بدمشق برأس الشهيد الملك الكامل صاحب
ميّافارقين الَّذِي حاصره التّتار سنة ونصفا، وما زال ظاهرا عليهم إلى
أن فني أهل البلد لفناء الأقوات [3] .
[وفاة القاضي ابن سنيّ الدولة]
وأمّا القاضيان محيي الدّين ابن الزّكيّ، وصدر الدّين ابن سنِي الدّولة
فذهبا إلى هولاكو ثمّ رجعا، وانقطع الصدْر ببَعْلَبَكَّ مريضا ومات [4]
.
__________
[1] الخبر باختصار في: تاريخ ابن سباط 1/ 389، وهو في ذيل مرآة الزمان
1/ 351، عقد الجمان (1) 231.
[2] أخبار الأيوبيين 175، دول الإسلام 2/ 163، مرآة الجنان 4/ 148،
149، ذيل الروضتين 206، تاريخ ابن سباط 1/ 390، تاريخ الزمان 317،
تاريخ مختصر الدول 280، جامع التواريخ 301، ذيل مرآة الزمان 1/ 358،
359، عقد الجمان (1) 236، النجوم الزاهرة 7/ 77، شذرات الذهب 5/ 290.
[3] الحوادث الجامعة 164 وفيه أن صاحب ميّافارقين هو «الملك الأشرف» ،
والمختصر في أخبار البشر 3/ 203، وتاريخ ابن الوردي 2/ 205، وتاريخ
مختصر الدول 280، والأعلاق الخطيرة ج 3 ق 2/ 506.
[4] دول الإسلام 2/ 164، عيون التواريخ 20/ 224، ذيل مرآة الزمان 1/
356، و 357، ذيل الروضتين 206، لبنان من السقوط بيد الصليبيين حتى
التحرير- تأليفنا ص 275.
(48/53)
[قراءة فرمان ابن الزكيّ بقضاء دمشق]
ودخل ابن الزّكيّ فقُرِئ فرمانه بدمشق فِي جمادى الآخرة تحت النسْر
بقضاء القضاة، وأن يكون نائبة أخوه لأمّه شهابُ الدّين إِسْمَاعِيل بن
حبش.
وحضر قراءة الفرمان إيسبان [1] نائب التّتار وزوجته تحت النّسر على
طرّاحة وُضِعَت لها، وهي بين زوجها وبين ابن الزّكيّ [2] .
قال قُطْب الدّين فِي «تاريخه» [3] : توجّه محيي الدّين وأولاده وأخوه
لأمّه شهاب الدّين وابن سنِي الدّولة إلى هولاكو فأدركوه قبل أن يقطع
الفُرات، ثمّ عادوا إلى بَعْلَبَكَّ، ودخل محيي الدّين فِي مِحفة وهو
فِي تجمُل عظيم، ومعه من الحَشم والغلمان ما لا مزيد عليه، وصلّى
الجمعة فِي شُباك الأمينيّة، وأحضر مِنْبَرًا قبالة الشّبّاك فقرئ
تقليده، وهو تقليد عظيم جدّا قد بالغوا في تفخيمه بحيث لا يُخَاطَب
فِيهِ إلّا بمولانا، وفيه أنّه يشارك النوّاب فِي الأمور، وعليه
الخِلْعة فَرجِية سوداء منسوجة بالذَهب، قيل إنّها خِلْعة الخليفة على
صاحب حلب [4] ، أخذت من حلب. وعلى رأسه بقيار صوف بلا طَيْلسان.
[انتزاع ابن الزكيّ المدارس لنفسه وأصحابه]
قال أَبُو شامة: [5] ثمّ شرع ابن الزّكيّ فِي جرّ الأشياء إليه وإلى
أولاده مع عدم الأهليّة، فأضاف إلى نفسه وأقاربه العَذْراوية [6] ،
والنّاصريّة [7] ، والفلكيّة [8] ، والركْنية [9] ، والقَيْمُرية [10]
، والكلّاسة [11] . وانتزع الصّالحيّة
__________
[1] في ذيل مرآة الزمان 1/ 357 «ايلبان وكان من المغل» ، وفي ذيل
الروضتين 205 «ايل سبان» .
[2] عيون التواريخ 20/ 224، 225، ذيل مرآة الزمان 1/ 356، عقد الجمان
(1) 239.
[3] ذيل مرآة الزمان 1/ 356.
[4] وقيل: لبس خلعة هولاكو. (المختصر في أخبار البشر 3/ 203) .
[5] في ذيل الروضتين.
[6] انظر عن (العذراوية) في: الدارس في تاريخ المدارس 1/ 143 و 283.
[7] انظر عن (الناصرية) في: الدارس في تاريخ المدارس 1/ 23 و 143 و 350
و 2/ 159.
[8] انظر عن (الفلكية) في: الدارس في تاريخ المدارس 1/ 143، 166، 327 و
2/ 152.
[9] انظر عن (الركنية) في: الدارس في تاريخ المدارس 1/ 143 و 148، 190،
327.
[10] انظر عن (القيمرية) في: الدارس في تاريخ المدارس 1/ 339.
[11] انظر عن (الكلاسة) في: الدارس في تاريخ المدارس 1/ 166، 340.
(48/54)
وسلّمها إلى العماد ابن محيي الدّين بن
العربيّ، وانتزع الأمينيّة [1] من عَلَم الدّين القاسم وسلّمها إلى
ولده عيسى، وانتزع الشّومانيّة [2] من الفخر النَقْشُواتي وسلّمها إلى
الكمال بن النّجّار، وانتزع الربْوة من مُحَمَّد اليمنيّ وسلّمها إلى
الشّهاب محمود بن مُحَمَّد بن عَبْد الله ابن زين القُضاة، وولّى ابنه
عيسى مشيخة الشّيوخ.
وكان مع الشّهاب أخيه لأمّه تدريس الرّواحيّة، والشّاميّة البرّانية.
وبقي على الأمور إلى أن زالت دولة الطّاغية هولاكو عن الشّام، وجاء
الإِسْلَام فبذل أموالا كثيرة على أن يقرّ القضاء والمدارس فِي يده
فأقرّ على ذلك شهرا، ثم سافر مع السُّلطان إلى مصر معزولا، وولّي
القضاء فِي ذي القعدة نجم الدّين أَبُو بَكْر بن صدر الدّين ابن سَنِي
الدّولة [3] .
[استيلاء التتار على عدّة بلاد]
وفي جُمادى الآخرة أو نحوه استولت التّتار على عجلون، والصَّلْت،
وَصَرْخَد، وبُصْرَى، والصّبيبة [4] ، وخرّقت شُرفات هذه القلاع،
ونُهِب ما فيها من الذّخار. وأرسلوا كمال الدّين عُمَر التّفليسي إلى
الكَرَك يأمرون المغيث بتسليمها، فأرسل إليهم ولده مع التفْليسي،
والملك القاهر بن المعظّم، والمنصور ابن الصّالح إِسْمَاعِيل. فسار
الجميع صُحبة المقدّم كَتْبُغا وقد ظفر بالملك النّاصر وهو على
عَجْلُون، فهرب الملك القاهر وردّ إلى الكَرَك. وقال للمغيث: ما القوم
شيء، فقوّ نفسَك واحفظ بلدك. ثمّ سار إلى مصر، فحرّض الجيش على الخروج،
وهوّن شأن التّتار، فشرعوا فِي الخروج.
وسار كتْبُغا بمن معه إلى صفد، وهي للفرنج، فأنزلوا الإقامات، ونُصِبَت
لكَتْبُغا خيمةٌ عظيمة، ووصل إليه الزّين الحافظيّ والقاضي محيي الدّين
وعليه الخِلعة السّوداء. ثمّ دخلوا دمشق فِي رجب. ثمّ سار فِي طائفةٍ
بالنّاصر وابنه
__________
[1] انظر عن (الأمينية) في: الدارس في تاريخ المدارس 1/ 84، 132 و 2/
217.
[2] انظر عن (الشومانية) في: الدارس في تاريخ المدارس 1/ 238.
[3] ذيل الروضتين 205، 206، ذيل مرآة الزمان 1/ 357.
[4] المختصر في أخبار البشر 3/ 204، ذيل مرآة الزمان 1/ 358.
(48/55)
وأخيه الظّاهر إلى هولاكو.
[ضرب عنق ابن قراجا وغيره]
وفي شعبان أحضروا إلى دمشق بدر الدّين محمد بن قُرَاجا [1] ، ونقيب
القلعة الجمال الحلبيّ المعروف بابن الصّيرفيّ، ووالي قلعة بَعْلَبَكَّ
[2] ، فضُربتْ أعناقُهم [3] .
[تسلُم صاحب حمص نيابة الشام]
ووصل الملك الأشرف بن منصور بن المجاهد صاحب حمص فنزل فِي داره، وقُرئ
فَرَمانُه بتسليم نَظَره فِي البلاد، وأن يكون نائبا للملك على الشّام
جميعه. وسُلمت إليه حمص، وتَدْمُر، والرّحبة [4] .
[استيلاء التتار على صيدا]
وفي رمضان وصل الخبر باستيلاء التّتار على صيدا من بلاد الفرنج ونهبها
[5] .
[تعدية هولاكو الفرات]
وأمّا هولاكو فإنّه عدّى [6] الفُرات بأكثر الجيش ومعهم من السبيُ
والأموال والخيرات والدّوابّ ما لا يوصف، إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ
لِيَزْدادُوا إِثْماً 3: 178 [7] .
__________
[1] في ذيل مرآة الزمان 3/ 92 «فريجار» ، وفي السلوك ج 1 ق 2/ 426
«قرمجاه» ، والمثبت يتّفق مع: البداية والنهاية 13/ 319.
[2] وهو شجاع الدين إبراهيم. (الأعلاق الخطيرة 2/ 251، لبنان من السقوط
بيد الصليبيين- تأليفنا ص 275) .
[3] ذيل مرآة الزمان 3/ 92، البداية والنهاية 13/ 319، السلوك ج 11 ق
2/ 426، ذيل الروضتين 207، البداية والنهاية 13/ 219.
[4] ذيل الروضتين 206، السلوك ج 1 ق 2/ 425.
[5] ذيل الروضتين 207، صيدا ودورها في الصراع الصليبي الإسلامي 234-
236، تاريخ الحروب الصليبية 3/ 529، 530، لبنان من السقوط بيد
الصليبيين ص 278- 280.
[6] في الأصل: «عدا» .
[7] سورة آل عمران، الآية 178، والخبر في: العبر 5/ 242.
(48/56)
[مراسلة الملك
السعيد هولاكو]
ومرض الملك السّعيد مرضا شديدا، ثمّ عُوفي، وبعث إلى هولاكو يطلب منه
سابق الدّين بَلَبَان، فبعثه إليه، وقد استماله هولاكو فِي مدّة مُقامه
عنده. فلمّا اجتمع بمخدومه أخبره بما تمّ على أهل حلب. ثمّ أرسل
السّعيد إليه بهديّة سنِية، وأخبروه بما فِيهِ السّعيد. فسأل عن قلعة
ماردين، فأخبروه أنّ فيها من الأموال والذّخائر والأقوات كفاية أربعين
سنة. فكتب إليه يعفيه من الحضور، وأرسل إليه ولده الملك المظفّر
ليطمئنّ قلبُه [1] .
[استيلاء التتار على ماردين]
وعاد سابق الدّين إلى هولاكو بردّ الجواب، ثمّ قصد أستاذه الملك
السّعيد أن يردّه من دُنَيْسَر ويُمسكه، فلم يتّفق، واتّصل بهولاكو ولم
يرجع.
وعلم السّعيد أنّ التّتار لا بدّ لهم منه ومن حصاره، فنقل ما فِي البلد
من الذّخائر إلى القلعة.
ثم بعد أربعة أيّام وَصَلَتْهُ رُسُلُ هولاكو بحربة، ووصل عقِب ذلك
طائفةٌ من التّتار فنازلت ماردين فِي ثالث جُمادى الأولى، ولم يقاتلوا.
وبقوا ستّة عشر يوما. وقيل إنّ هولاكو كان معهم. ثمّ التمسوا فتْح
أبواب البلد ليدخلوا لشراء الأقوات وغيرها ويرحلون. ففتح لهم، فتردّدوا
فِي الدّخول والخروج ثلاثة أيام، ثمّ صعدوا على سور ماردين، ودقّوا
الطّبل، وهجموا البلد بالسّيف، فقاتلهم أهله ودَربُوا الشّوارع
وطردوهم، فدام القتال شهرين إلى أن فتح لهم بعض مقدّمي البلد دربا
فملكوه، ودخلوا منه إلى الجامع، وصعدوا المنابر، ورموا منها بالنّشّاب،
فضعُف النّاس، واحتموا بالكنائس، وصعِد بعضهم إلى القلعة، وملكت
التّتار البلد، ونصبوا المجانيق على القلعة، وهي ستّة، فلم يصل إلى
القلعة منها إلّا ثلاثة أحجار.
[موت الملك السعيد]
واستمرّ الحصار إلى آخر السّنة، ووقع الوباء بالقلعة، فمات الملك
__________
[1] الخبر باختصار في الدرّة الزكية 46.
(48/57)
السّعيد فيمن مات، وهلك الخلق. ورمى رجلٌ
نفسَه من القلعة وأخبر التّتار بموت السُّلطان، فبعثوا إلى ابنه الملك
المظفّر وطلبوا منه الدّخول فِي الطّاعة.
[كتاب هولاكو إلى الناصر]
وفي وسط العام قُرئَ بدمشق كتابُ هولاكو بسبب النّاصر، وذلك قبل أن يصل
إليه. وهو: «أمّا بعدُ، فنحن جنود الله، بنا ينتقم ممّن عتا وتجبّر،
وطغى وتكبّر، وباللَّه [1] ما ائتمر. إن عوتب تنمّر، وإن روجع استمر» .
ونحن قد أهلكنا البلاد، وأبدنا العباد، وقتلنا النّسوان والأولاد [2] .
فيا أيّها الباقون، أنتم بمن مضى لاحقون، ويا أيّها الغافلون أنتم
إليهم تساقون. ونحن جيوش الهلكة، لا جيوش الملكة، مقصودنا الانتقام،
وملكنا لا يُرام، ونزيلنا لا يُضام، وعدْلُنا فِي مُلكنا قد اشتهر، ومن
سيوفنا [3] أَيْنَ المَفَر؟
أَيْنَ المفرّ لا مفرّ لهاربٍ ... ولنا البسيطان الثرَى والماءُ
ذلّت لهيبتنا الأسودُ وأصبحتْ ... فِي قبضتي الأمراء والخلفاءُ
ونحن إليكم صائرون، ولكم الهرب، وعلينا الطّلب [4] .
ستعلم ليلى أيّ دين تدايَنَتْ ... وأي غريمٍ للتّقاضي غريمُها [5]
دمّرنا البلاد، وأيتمنا الأولاد، وأهلكنا العباد، وأذقناهم العذاب [6]
، وجعلنا عظيمهم صغيرا، وأميرهم أسيرا. تحسبون [7] أنّكم منّا ناجون أو
متخلّصون، وعن قليلٍ سوف تعلمون على ما تقدمون، وقد أعذر من أنذر» [8]
.
__________
[1] في المختار من تاريخ ابن الجزري 255: «وبأمر الله» .
[2] في المختار من تاريخ ابن الجزري 255: «والولد» .
[3] في المختار من تاريخ ابن الجزري 255: «ومنا أين المفرّ» .
[4] هذه العبارة ليست في: المختار.
[5] في المختار: «وأي عريم بالتقاضي غرتها» وهو غلط.
[6] في المختار: «العذاب الأليم» .
[7] في المختار: «أتحسبون» .
[8] المختار 255، عيون التواريخ 20/ 225، 226، السلوك ج 1 ق 2/ 427-
429، تاريخ الخلفاء 436 وفيه زيادة: «وأنصف من حذر» .
(48/58)
[مفارقة بيبرس
للناصر ودخوله مصر]
وأمّا رُكْن الدّين بَيْبَرس البُنْدُقْداريّ فإنّه فارق الملك النّاصر
من الرمل، واتّفق هُوَ والشهرزُورية بغزّة، وتزوّج ببنت بركة خان أحد
ملوكهم، ثمّ بعث علاء الدّين طَيْبرس الوزيريّ إلى صاحب مصر ليحلف له
على ما اقترحه عليه.
فأجابه فسَاق ودخل مصر فِي الثّاني والعشرين من ربيع الأول، فأكرمه
الملك المظفّر واحترمه، وقوّى هُوَ جَنان المظفّر على حرب التّتار [1]
.
ثمّ جاء بعدُ الملكُ القاهرُ من الكَرَك فهوّن أمر التّتار.
وكان شروع المصريّين فِي الخروج إلى التّتار فِي نصف شعبان.
[حال المسلمين فِي دمشق]
قلت: وكان النّاس فِي دمشق آمنين من أذيّة التّتار بالنسبة، وذلك لهيبة
هولاكو، لأنه بَلَغَنَا أنّ مفاتيح دمشق لمّا أتته على حلب وهو فرحان
بفتوح البلاد رمى بسرقوجه وقال للمُغْل: دوسوا عليه. فضربوا جوك
وقالوا: العفو. فقال:
هذا دمشق، من آذى دمشق وأهلها يموت. فلقد كان التّتريّ يغمس مقرعته فِي
القنبريس أو الدّبس ويمصّها، فيسبّه القاضي ويصيح به وهو لا ينطق. ونحو
هذا. لكن انُتهكَت الحُرُمات، وظهرت الفواحش والخمور، ورفعت النّصارى
رءوسها. وكان التّتار بين كافرٍ ونَصْرَانِي أو مَجُوسي، وما فيهم من
يتلفّظ بالشّهادة إلّا أن يكون نادرا.
قال ابن الجزَرِي [2] : حدّثني أَبِي قال: خرجتُ من الصّلاة فِي الجمعة
الثانية من رمضان، فوجدت دكاكين الخضراء فيها النّصارى يبيعون الخمر،
وبعض الفُساق معهم وهم يشربون ويرشّون على المُصَلين من الخمر، فبكيت
بُكاءً كثيرا إلى أن وصلتُ إلى دُكاني بالرّمّاحين.
وقال أَبُو شامة [3] : كانت النّصارى بدمشق قد شمخوا بدولة التّتار،
وتردّد
__________
[1] المختار من تاريخ ابن الجزري 255، 256، الدرّة الزكية 49.
[2] في المختار من تاريخ ابن الجزري 257 بزيادة ونقص بعض الألفاظ، وقد
ذكر اليونيني رواية ابن الجزري في: ذيل مرآة الزمان 1/ 363- 365.
[3] في ذيل الروضتين 208.
(48/59)
إيسبان المقدّم إلى كنيستهم، وذهب بعضهم
إلى هولاكو فجاءوا بفَرَمان بأن يرفع دينهم، فخرجت النّصارى يتلقّونه،
ودخلوا رافعي أصواتهم ومعهم الصّليب مرفوع، وهم يَرُشُون الخمرَ على
النّاس، وفي أبواب المساجد، ودخلوا من باب توما، وقفوا عند رباط
البيانيّة، ونادوا بشعارهم، ورَشوا الخمر في باب الرّباط، وباب سيه
ودرب الحجر، وألزموا النّاس من الدّكاكين بالقيام للصّليب، ومن لم يفعل
ذلك أحرقوا بابه وأقاموه غصْبًا، وشقّوا القصبة إلى عند القنطرة فِي
آخر سُوَيقة كنيسة مريم، فقام بعضهم على الدّكّان الواسطيّ وخطب، وفضّل
دين النّصارى وصغّر من دين الإسلام، ثمّ عطفوا من خلف السّوق إلى
الكنيسة الّتي أخربها الله تعالى.
وقيل: إنهم كانوا ينادون: ظهر الدّين الصّحيح دين المسيح. وذلك فِي
الثاني والعشرين من رمضان.
فصَعد المسلمون والقُضاة والعُلماء إلى إيل سبان بالقلعة فِي ذلك،
فأهانوهم، ورفعوا قِسيس النّصارى عليهم، وأخرجوهم من القلعة بالضّرب
والإهانة. ثمّ نزل إيل سبان من الغد إلى الكنيسة.
[موقعة عين جالوت]
[1] وأقبل الملك المظفّر بالجيوش حتّى أتى الأردن. وسار كتْبُغا
بالمغول،
__________
[1] انظر عن (موقعة عين جالوت) في: ذيل مرآة الزمان 1/ 365- 367، وذيل
الروضتين 207، 208، و 209، والحوادث الجامعة 166، والتحفة الملوكية 43،
44، وعيون التواريخ 20/ 227، والمختصر في أخبار البشر 3/ 205، والدرّة
الزكية 49- 51، والروض الزاهر 63- 66، والعبر 5/ 242، 243، ودول
الإسلام 2/ 163، ومرآة الجنان 4/ 149، والبداية والنهاية 13/ 220، 221،
والسلوك ج 1 ق 2/ 430، 431، ونهاية الأرب 29/ 474، وبدائع الزهور ج 1 ق
1/ 306، وتاريخ ابن سباط 1/ 391، 392، وتاريخ الأيوبيين 175، وتاريخ
مختصر الدول 280، وتاريخ ابن الوردي 2/ 206، 207، وتاريخ ابن خلدون 5/
379، ومآثر الإنافة 2/ 105، وعقد الجمان (1) 243، 244، وجامع التواريخ
لرشيد الدين الهمذاني 313، وتاريخ الأزمنة 242، والنجوم الزاهرة 7/ 77-
81، وشذرات الذهب 5/ 291، ومعركة عين جالوت للدكتور عماد عبد السلام
رءوف- بغداد 1986، وتاريخ الخلفاء 475، وتحقيق النصرة للمراغي 70،
والفضل المأثور لشافع بن علي، مخطوطة البودليان بأكسفورد رقم 424، ورقة
54 ب، وحسن المناقب السريّة، له، ورقة 7 ب.، وتالي وفيات الأعيان 129،
وفيه «عين جالود» .
(48/60)
فنزل على عين جالوت من أرض بيسان. وكان
شاليش المسلمين رُكْن الدّين بَيْبَرْس البُنْدُقْداريّ، فحين طلع من
التّلّ أشرف على التّتار نازلين، ووقعت العين على العين، وكان بينه
وبين السُّلطان مرحلة. فجهّز البريديّة فِي طلب السُّلطان وقلق وقال:
إن ولّينا كَسَرنا الإِسْلَام. فجعلوا يُقهِقرون رءوس خيلهم حتّى
ينزلوا عن التّلّ إلى خَلَف. وضربت التّتار حلقة على التّلّ وتحيّز
البُنْدُقْداريّ بعسكره فلم تمضِ ساعةٌ حتّى جاءته خمسمائة ملبسة من
أبطال الإِسْلَام، ثمّ بعد ساعة أخرى لحقتها خمسمائة أخرى.
وأمّا التّتار فاشتغلوا أيضا بأخذ أهبَتهم للمصافّ. وتلاحَقَ الجيشُ
ثمّ وقع المَصَاف.
قال أَبُو شامة [1] : لمّا كان ليلة سبْعٍ وعشرين من رمضان جاءنا
الخبرُ بأنّ عسكر المسلمين وقع على عسكر التّتار يوم الجمعة الخامس
والعشرين من الشّهر عند عين جالوت، وهزموهم وقتلوا فيهم، وقتلوا ملكهم
كَتْبُغا، وأسِر ابنُه، فانهزم من دمشق النّائب إيل سبان [2] ومَنْ
عنده من التّتار، فتبِعُهُم أهلُ الضّياع يتخطّفونهم.
وقال الشَّيْخ قُطْب الدين اليونيني [3] : خرج الملك المظفّر بجيش مصر
والشّام إلى لقاء التتر، وكان كَتْبُغًا بالبقاع، فبلغه الخبر، فطلب
الملك الأشرف، يعني الَّذِي استنابه هولاكو على الشّام والقاضي محيي
الدّين، واستشارهم، فمنهم من أشار بعدم الملتَقَى، وبأن يندفع بين
يدَيِ المظفّر إلى أن يجيئه المَدَد من هولاكو، ومنهم من أشار بغير ذلك
وتفرّقت الآراء، فاقتضى رأيه هُوَ الملتقى، وسار من فوره فالتقوا يوم
الجمعة، فانكسرت ميسرة المسلمين كسرة شنيعة، فحمل الملك المظفّر فِي
التّتار، وحمل معه خَلْقٌ فكان النّصر. قُتِل كتْبُغا ومُعظم أعيان
التّتار، وقتل منهم مقتلة عظيمة، وهرب من هرب.
__________
[1] في ذيل الروضتين 207.
[2] سبان: بالسين المهملة والباء الموحّدة. ووقع في الدرّة الزكية 51
«ايل ستان» بالتاء، وفي البداية والنهاية 13/ 219 «إبل سيان» ، و «إبل
سنان (13/ 221) .
[3] في الأصل بياض، والمثبت اعتمدناه في العودة إلى: ذيل مرآة الزمان
1/ 360.
(48/61)
وقيل إنّ الَّذِي قتل كَتْبُغا الأمير آقش
الشّمسيّ [1] ، وولْت التّتر الأدبار، وطمع النّاس فيهم يتخطّفونهم
وينهبونهم.
وعند الفراغ من المَصَاف حضر الملك السّعيد بن عثمان بن العادل صاحب
الصبَيْبة إلى بين يدي السُّلطان فلم يقبله وضرب عُنُقه [2] .
[الانتقام من النصارى]
وجاء كتاب المظفّر بالنّصر، فطار النّاس فرحا، وثار بعضهم بالفخر
الكنجيّ فقتلوه بالجامع، لكونه خالَطَ الشّمس القُمي، ودخل معه فِي
أخْذ أموال الْجُفال، وقُتِل الشّمس ابن الماكسِيني [3] ، وابن
البُغَيْل [4] ، وغيرهم من الأعوان [5] .
وكان (....) [6] الثّكل على النّصارى لعنهم الله من أوّل أمس، لرفعهم
الصّليب وغير ذلك، فأسرعوا إلى دُورهم ينهبونها ويخرّبونها، وأخربوا في
كنيسة اليعاقبة، وأحرقوا كنيستهم الكبرى، كنيسة مريم، حتّى بقيت
كَوْمًا، وبقيت النّار تعمل فِي أخشابها أيّاما. وقُتل منهم جماعة،
واختفى سائرهم.
ونُهب قليل من اليهود، ثمّ كفّوا عَنْهُمْ لأنّهم لم يصدُرْ منهم ما
صدر من النّصارى. وعيّد المسلمون على خيرٍ عظيم [7] ، والحمد للَّه.
__________
[1] البداية والنهاية 13/ 221.
[2] ذيل مرآة الزمان 1/ 2611، البداية والنهاية 13/ 221.
[3] في ذيل الروضتين 208، والنجوم الزاهرة 7/ 80 «ابن الماسكيني» بتقدم
السين.
[4] في النجوم الزاهرة 7/ 80، وعيون التواريخ 20/ 228، «ابن التفيل» ،
والمثبت يتفق مع: ذيل مرآة الزمان، وذيل الروضتين.
[5] ذيل الروضتين 208.
[6] بياض في الأصل.
[7] ذيل مرآة الزمان 1/ 362، 363، ذيل الروضتين 208، عيون التواريخ 20/
228، الدرّة الزكية 52، 53، دول الإسلام 2/ 163، مرآة الجنان 4/ 149،
البداية والنهاية 13/ 221، السلوك ج 1 ق 2/ 432، تاريخ الأيوبيين 175،
المختصر لأبي الفداء 3/ 204، 205، وتاريخ ابن الوردي 2/ 206، عقد
الجمان (1) 249، 250، النجوم الزاهرة 7/ 80، 81، تاريخ ابن سباط 1/
293، شذرات الذهب 5/ 291، تاريخ الأزمنة 243.
(48/62)
[بدء الوحشة بين المظفّر وبيبرس]
ودخل السُّلطان الملك المظفّر القلعة مؤيّدا منصورا، وأحبّه الخلق غاية
المحبّة. وعبر قبله البُنْدُقْداريّ على دمشق، وسار وراء التّتر إلى
بلاد حلب، وطردهم عن البلاد [1] . ووعده السُّلطان بحلب، ثمّ رجع عن
ذلك فتأثّر رُكْن الدّين البُنْدُقْداريّ من ذلك، وكان مبدأ الوحشة [2]
.
[تأمين ابن صاحب حمص]
وسيّر الملك الأشرف ابن صاحب حمص يطلب من السُّلطان أمانا على نفسه
وبلاده، وكان قد هرب مع التّتار من دمشق، ثمّ انملَسَ منهم وقصد
تَدْمُر، فأمّنه وأعطاه بلاده، فحضر إلى الخدمة، ثمّ توجّه إلى حمص [3]
وتوجّه صاحب حماه إلى حماه [4] .
[تعيين وعزل أصحاب مناصب]
واستعمل السُّلطان على حلب علاء الدّين ابن صاحب الموصل [5] .
واستعمل على دمشق حسين الكرديّ طبردار الملك الناصر الَّذِي خدعه
وأوقعه فِي أسْر التّتار [6] ، وعزل عن خطابة دمشق ابن الحرستانيّ،
ووليها أصيل الدين الإسعرديّ إمام السّلطان قُطُز، وقُرِئ تقليده، ثمّ
عُزِل بعد شهر وأعيد عماد الدّين ابن الحرستانيّ [7] .
__________
[1] عيون التواريخ 20/ 228، الدرّة الزكية 60، الروض الزاهر 66، دول
الإسلام 2/ 163، السلوك ج 1 ق 2/ 432.
[2] تاريخ الخلفاء 475، 476.
[3] المختصر في أخبار البشر 3/ 205، البداية والنهاية 13/ 222، السلوك
ج 1 ق 2/ 433، عقد الجمان (1) 248.
[4] المختصر في أخبار البشر 3/ 206، البداية والنهاية 13/ 222، السلوك
ج 1 ق 2/ 433، نهاية الأرب 29/ 457، عقد الجمان 248.
[5] المختصر في أخبار البشر 3/ 207، عقد الجمان (1) 248، 249.
[6] وقال أبو الفداء خلاف ذلك: وفي يوم دخوله (قطز) دمشق أمر بشنق
جماعة من المنتسبين إلى التتر فشنقوا وكان من جملتهم حسين الكردي
طبردار الملك الناصر يوسف وهو الّذي أوقع الملك الناصر في أيدي التتر.
(المختصر 3/ 205) .
[7] البداية والنهاية 13/ 224.
(48/63)
[عَوْد المظفّر إلى مصر]
وأقام المظفّر نحو الشّهر، وسار إلى الدّيار المصريّة [1] .
ونقل الصّاحب عزّ الدّين ابن شدّاد [2] أنّ المظفّر لمّا ملك دمشق
عَزَم على التّوجّه إلى حلب لينظّف أثارَ التّتار من البلاد، فوشى إليه
واشٍ أنّ رُكْن الدّين البُنْدُقْداريّ قد تنكّر له وتغيّر عليه: وأنّه
عامل عليك. فصرف وجهه عن قصده، وعَزَم على التّوجّه إلى مصر وقد أضمر
الشّرّ للبُنْدُقْداريّ. وأسرّ ذلك إلى بعض خَوَاصه، فاطلَع على ذلك
البُنْدُقْداريّ [3] .
[قَتْل المظفّر قُطُز [4]]
ثمّ ساروا والحُقُود ظاهرة فِي العيون والخُدود، وكلّ منهما متحرّس من
الآخر. إلى أن أجمع رُكْن الدّين البُنْدُقْداريّ على قتل المظفر.
واتّفق مع سيف الدّين بَلَبَان الرّشيديّ، وبهادر المُعِزيّ، وبيدغان
الركنيّ، وبكتوت الجوكنْدار، وبلبان الهارونيّ، وأنَس الأصبهانيّ
الأمراء [5] .
فلمّا قارب القصر [6] الَّذِي بالرمل عرج للصيد، ثم رجع، فسايره
__________
[1] البداية والنهاية 13/ 222، تاريخ ابن سباط 1/ 394.
[2] في القسم الضائع من: تاريخ الملك الظاهر. والمطبوع منه يبدأ في
مجريات حوادث سنة 670 هـ.
[3] الدرّة الزكية 60، دول الإسلام 2/ 163، مرآة الجنان 4/ 149، السلوك
ج 1 ق 2/ 434.
[4] انظر عن (قتل قطز) في: الحوادث الجامعة 45، وذيل مرآة الزمان 11/
371، والمختصر في أخبار البشر 3/ 207، والدرّة الزكية 61، 62، وعيون
التواريخ 20/ 229، وحسن المناقب السريّة لشافع بن علي (مخطوطة باريس
1707) ورقة 9 و 136 والروض الزاهر 68، والسلوك ج 1/ 435، والنجوم
الزاهرة 7/ 83، والعبر 5/ 243، ودول الإسلام 2/ 163، ومرآة الجنان 4/
149، والبداية والنهاية 13/ 222، 223، ونهاية الأرب 29/ 477، 478، وذيل
الروضتين 211، وتاريخ مختصر الدول 282، وتاريخ الزمان 319، وتالي وفيات
الأعيان 50، و 129، وتحقيق النصرة للمراغي 71.
[5] وقال أبو الفداء: «وكان قد اتفق بيبرس البندقداري الصالحي مع أنص
مملوك نجم الدين الرومي الصالحي والهاروني، وعلم الدين صغن أغلي على
قتل المظفّر قطز» . (المختصر 3/ 207) .
وانظر الدرّة الزكية 60، والسلوك ج 1 ق 2/ 435، ونهاية الأرب 29/ 477،
وعقد الجمان (1) 253، وحسن المناقب، ورقة 9 أ. و 135 ب.
[6] في عيون التواريخ 20/ 229 «القصير بين الغرابي والصالحية» .
(48/64)
البُنْدُقْداريّ وأصحابه، وحادَثَه، وطلب
منه امْرَأَة من سبْي التّتار، فأنعم له بها، فأخذ يده ليُقبلها، وكانت
تلك إشارة بينه وبين أولئك، فبادره بدر الدّين بكتوت الجوكنْدار
المُعِزّيّ، فضربه بالسّيف على عاتقه فأبانه، ثمّ رماه بهادر
المُعِزّيّ بسهم قضى عليه، وذلك يوم سادس عشر [1] ذي القعدة.
[سلطنة بيبرس]
ثمّ ساروا إلى الدّهليز وضربوا مشورة فيمن يملّكوه عليهم، فاتّفقوا على
رُكْن الدّين البُنْدُقْداريّ. وتقدّم الأمير فارس الدّين أقطاي
المعروف بالأتابَك فبايعه، ثمّ تلاه الرشيديّ. ولُقب بالملك القاهر [2]
.
ثمّ ساق هُوَ والأتابك، وقلاوون الَّذِي تسلطن، والبَيْسَري، وجماعة،
وقصد قلعة مصر، ورتّب أقوش النّجيبيّ [3] أستاذ داره، وعزّ الدّين
الأخرم أمير جنْدار. فخرج نائب الملك المظفّر على القاهرة للقائه، وهو
الأمير عزّ الدّين الحلّيّ، فصادف هؤلاء فأخبروه بما وقع، فحلف لرُكْن
الدّين، وردّ إلى القلعة ووقف على بابها ينتظره.
وكانت القاهرة قد زيّنت لقدوم المظفّر وهم فِي فرحة، فلمّا طلع الضّوء
لم يشعروا إلّا والمنادي يقول: مَعْشَر الناسَ، ادعُوا لسلطانكم الملك
القاهر رُكْن الدّنيا والدّين. ووعدهم بالإحسان وإزالة ... [4] لأنّ
المظفّر كان قد أحدث على المصريّين حوادث كثيرة، منها تصقيع الأملاك
وتقويمها وزكاتها، وأخْذ ثُلث الزّكاة، وثلث الترِكات، وعن كلّ إنسانٍ
دينار واحد، ومضاعف الزّكاة، فبلغ ذلك فِي العام ستمائة ألف دينار،
فأطلق لهم ذلك. وجلس على
__________
[1] في ذيل مرآة الزمان 1/ 371 «ثالث عشر» ، وفي المختصر في أخبار
البشر 3/ 207 «سابع عشر» ومثله في الروض الزاهر 68، وحسن المناقب
السرية (مخطوطة المكتبة الأهلية بباريس 1707) ورقة 9 و 136، وعقد
الجمان (1) 254.
[2] في الدرّة الزكية 62 «ولقّب الملك الظاهر» ، ومثله في: الحوادث
الجامعة 166 (حوادث سنة 659 هـ.) ، والبداية والنهاية 13/ 223، وحسن
المناقب، ورقة 9 ب، و 136 ب، وتالي وفيات الأعيان 50.
[3] في ذيل مرآة الزمان 1/ 371 «التجيبي» بالتاء المثنّاة. والمثبت
يتفق مع بقية المصادر.
[4] بياض في الأصل. وفي المختار 258 «ادعوا لسلطانكم الملك القاهر،
فوجموا خوفا من عودة دولة البحرية. ثم سرّي عنهم بمواعيد برزت إليهم» .
وانظر: ذيل مرآة الزمان 1/ 372.
(48/65)
تخت المُلْك يوم الأحد، وذلك اليوم الثّاني
من قتْله للمظفّر، فأشار عليه الوزير زين الدّين ابن الزبَيْر وكان
مُنْشئًا بليغا، بأن يغيّر هذا اللقَب وقال: ما لقبَ به أحد فأفلح.
لُقبَ به القاهر بن المعتضد فسُمِل بعد قليل وخُلِع، ولقّب به الملك
القاهر ابن صاحب الموصل فسُم. فأبطل السُّلطان هذا اللقَب وتلقّب
بالملك الظّاهر [1] .
[تسلطُن نائب دمشق]
وأمّا نائب دمشق الحلبيّ فبلغه قتل المظفّر، فخاف الأمراء بدمشق لنفسه،
ودخل القلعة، وتسلطن، وتلقّب بالملك المجاهد، وخُطِب له بدمشق فِي سادس
ذي الحجّة مع الملك الظّاهر. وأمر بضرب الدّراهم باسميهما [2] .
[غلاء الأسعار]
وغلت الأسعار وبقي الخبز رِطْل بدرهمين، ووقيّة الْجُبْن بدرهم ونصف.
وأمّا اللّحم فكاد يُعدم، وبلغ الرطْل بخمسة عشر درهما [3] .
[إبعاد الملك المنصور]
ولمّا استقرّ الملك الظّاهر فِي السّلطنة أبعد عنه الملك المنصور عليّ
بن
__________
[1] ذيل مرآة الزمان 1/ 370- 373، الدرّة الزكية 61- 64، تاريخ ابن
الوردي 2/ 299، العبر 5/ 243، البداية والنهاية 13/ 223، المختصر في
أخبار البشر 3/ 207، 208، عيون التواريخ 20/ 229، 230، المختار 257،
258، التحفة الملوكية 45، الروض الزاهر 69، 70، العبر 5/ 243، دول
الإسلام 2/ 163، السلوك ج 1 ق 2/ 436، 437، نهاية الأرب 30/ 14، 15،
تاريخ ابن سباط 1/ 398، عقد الجمان (1) 262، تاريخ الخلفاء 476، الفضل
المأثور 4 ب و 55 أ، حسن المناقب، ورقة 9 ب، و 136 أ، تالي وفيات
الأعيان 50.
[2] ذيل مرآة الزمان 1/ 373 و 374، ذيل الروضتين 210، تالي وفيات
الأعيان 51، التحفة الملوكية 45، عيون التواريخ 20/ 231، المختصر في
أخبار البشر 3/ 208، العبر 5/ 243، دول الإسلام 2/ 163، 164، مرآة
الجنان 4/ 149، البداية والنهاية 13/ 223، السلوك ج 1 ق 2/ 439، نهاية
الأرب 30/ 38، تاريخ ابن الوردي 2/ 210، النجوم الزاهرة 3/ 84، تاريخ
ابن سباط 1/ 399، بدائع الزهور ج 1 ق 1/ 311، عقد الجمان (1) 265.
[3] ذيل مرآة الزمان 1/ 376، ذيل الروضتين 211 وفيه: رطل اللحم خمسة
دراهم. الدرّة الزكية 65، عقد الجمان (1) 272.
(48/66)
المُعِزّ أيْبَك وأمّه وأخاه إلى بلاد
الأشكريّ، وكانوا معتَقَلين بالقلعة.
[عمارة قلعة دمشق]
وفي ذي القعدة أمر الأمير عَلم الدّين الحلبيّ بعمارة قلعة دمشق
وإصلاحها، وركب بالغاشية والسّيوف المجرّدة، وحمل له الغاشية ابن الملك
العادل والزّاهر ابن صاحب حمص والقُضاة والمدرّسون حوله. ففرح النّاس
وعملوا فِي بنائها [1] .
[استنابة الملك السعيد على حلب]
وكان المظفّر قد استناب على حلب الملك السّعيد علاء الدّين ابن صاحب
الموصل، وقصد بذلك استعلام أخبار العدوّ، لأنّ أخاه الملك الصّالح كان
بالموصل، وأخاه المجاهد كان بالجزيرة، فتوجّه السّعيد إلى حلب بأمرائها
وعسكرها، فأساء إليهم، وأراد مصادرة الرعيّة، فاجتمعت الأمراء على
قبْضه، وعوّضوا عَنْهُ الأمير حسام الدّين الجوكنْدار العزيزيّ، ثمّ
بلغهم أنّ التّتار قد قاربوا البيرة، وكانت أسوار حلب وأبراجها قد هدمت
وهي سائبة كما هِيَ الآن، فانجفل النّاس منها [2] .
[التدريس بالتربة الصالحية]
وفي شوّال درّس ناصر الدّين مُحَمَّد بن المقدسيّ بالترْبة الصّالحيّة
بعد والده. ولّاه المنصور بن الواقف [3] .
[تقليد قاضي القضاة]
وقرئ تقليد قاضي القضاة محيي الدين بولايته القضاء والمدارس من جهة
__________
[1] ذيل مرآة الزمان 1/ 373، 374، عيون التواريخ 20/ 230، 231، المختصر
في أخبار البشر 3/ 208، السلوك ج 1 ق 2/ 439، تاريخ ابن الوردي 2/ 210،
تاريخ ابن سباط 1/ 399.
[2] عيون التواريخ 20/ 231، المختصر في أخبار البشر 3/ 208، 209،
الدرّة الزكية 64، 65، العبر 5/ 244، دول الإسلام 2/ 164، مرآة الجنان
4/ 149، تاريخ ابن الوردي 2/ 210، البداية والنهاية 13/ 225، النجوم
الزاهرة 7/ 84، تاريخ ابن سباط 1/ 399، عقد الجمان (1) 267.
[3] هكذا رسمها في الأصل.
(48/67)
المظفّر. ثمّ عزل بعد أيّام بنجم الدّين
ابن سَنِي الدّولة [1] .
[التدريس بالأمينية]
ودرّس بالأمينية قَطْبُ الدين ابن عصْرُون.
[عمارة القلعة]
وشرعوا فِي عمارة ما وَهي من قلعة دمشق [2] .
[تراخي الأسعار]
وعمل أهل البلد وأهل الأسواق، وعظم السّرور، وعُمِلت المغاني والدّبادب
لذلك، وبلغ اللحم فِي ذي القعدة الرطْل بتسعة دراهم، ورطل الخبز
بدرهمين، ورطل الْجُبْن باثني عشر درهما. وأسعار الأقوات من نسبة ذلك
بدمشق.
وبلغ صرف الدّينار إلى خمسةٍ وسبعين درهما. وأبيع في عيد النّحر رأس
الأضحية بستّمائة درهم. وتزايد الأمر. نقل ذلك التّاج ابن عساكر.
[قتل ابن الشحنة والقزويني]
وفيها واقع بهادُر الشُحْنة والعماد القزوينيّ صاحب الدّيوان علاء
الدّين، فأمر هولاكو بقتلْه، فطلب العفو فعفا عَنْهُ، وأمر بحلق لحيته
فحُلِقت، فكان يجلس فِي الدّيوان ملثّما [3] . ثمّ عظُم بعد ذلك، وقدم
أخوه الوزير شمس الدّين وظهرت براءته، وقال لبهادر: الشعْر إذا حُلِق
يُنْبُت، والرأس إذا قُطع لا ينبت. ثمّ دبّر الحيلة في قتله وقتل
العماد القزوينيّ [4] .
__________
[1] ذيل الروضتين 209 و 211.
[2] السلوك ج 1 ق 2/ 439.
[3] الحوادث الجامعة 165.
[4] الحوادث الجامعة 166 (حوادث سنة 659 هـ.) و 168 (حوادث سنة 660
هـ.) .
(48/68)
سنة تسع وخمسين
وستمائة
استهلّت وما للنّاس خليفة.
وصاحب مكّة الشّريف أبو عليّ الحَسَني وعمّه، وصاحب المدينة عزّ الدّين
بن حمّاد بن شِيحَة الحَسَني، وصاحب مصر الملك الظاهر ركن الدّين بيبرس
الصّالحيّ، وصاحب دمشق الملك المجاهد عَلَم الدّين سَنْجَر الحلبيّ،
وصاحب الموصل الملك الصّالح إِسْمَاعِيل بن لؤلؤ، وصاحب الجزيرة أخوه
المجاهد إِسْحَاق، وصاحب ماردين المظفّر قُرا رسلان ابن السّعيد، وصاحب
الرّوم رُكْن الدّين قِلِج رسلان بن غياث الدّين كيخسْرُو بن علاء
الدّين وأخوه عزّ الدّين كيكاوس، وصاحب الكَرَك والشوْبَك المغيث عُمَر
بن العادل بن الكامل، وصاحب حماه المنصور مُحَمَّد بن المظفّر، وصاحب
حمص والرحْبة وتَدْمُر الأشرف مُوسَى بن إِبْرَاهِيم بن شيركوه.
والمستولي على حصون الإسماعيليّة الشّماليّة رضيّ الدّين أَبُو المعالي
بن نجم الدّين إسماعيل بن المشغرانيّ [1] .
__________
[1] في الأصل، وذيل مرآة الزمان 2/ 88 والدرّة الزكية 84 «الشعراني» ،
وما أثبتناه هو الصحيح كما جاء في الأصل من: عيون التواريخ. انظر
المطبوع 20/ 248.
والنسبة إلى بلدة مشغرى مشغرة في أسفل البقاع من «لبنان» .
(48/69)
وصاحب مراكِش المرتَضَى عُمَر بن
إِبْرَاهِيم بن يوسف، وصاحب تونس أَبُو عَبْد الله مُحَمَّد بن يحيى بن
أَبِي مُحَمَّد بن الشَّيْخ أَبِي حفص عُمَر بن يحيى، وصاحب اليمن
الملك المظفّر يوسف بن الملك المنصور، وصاحب ظَفَار مُوسَى بن إدريس
الحضْرمي، وصاحب رومه ناصر الدّين محمود بن شمس الدّين أيتمش، وصاحب
كرْمان تُركان خاتون زَوْجَة الحاجب بُراق وابنا أخي بُراق، وصاحب
شِيراز وفارس أَبُو بَكْر بن أتابك سعد، وصاحب خُراسان، والعراق،
وأذَرْبَيْجَان، وغير ذلك: هولاكو بن قان بن جنكِزخان، وصاحب دَسْت
القفْجاق وتلك الدّيار بركة ابن عمّ هولاوو [1] .
وقعة حمص [2]
وكانت فِي خامس المحرّم. اجتمع عددٌ من التّتار الّذين نَجَوْا من عين
جالوت، والّذين كانوا بِحَران والجزيرة. وكانوا قد هلكوا من القَحْط
فأغاروا على حلب، وقتلوا أهلها بقرنيبا، ثمّ ساقوا إلى حمص لمّا علِموا
بقتلة الملك المظفّر، وأنّ العساكر مختلفة، فوجدوا على حمص الأمير
حسامَ الدّين الجوكندار ومعه العسكر الّذين كانوا بحلب، والملك المنصور
صاحب حماه،
__________
[1] هكذا في الأصل. وانظر: ذيل مرآة الزمان 2/ 87، والدرّة الزكية 67،
وعيون التواريخ 20/ 247، 248، والبداية والنهاية 13/ 229، 230، وعقد
الجمان (1) 287، 288.
[2] انظر عن (وقعة حمص) في: ذيل مرآة الزمان 1/ 434، وذيل الروضتين
211، والمختصر في أخبار البشر 3/ 209، والدرّة الزكية 68، 69، ودول
الإسلام 2/ 165، وعيون التواريخ 20/ 248، 249، والمختار من تاريخ ابن
الجزري 259، 260، والروض الزاهر 97، والعبر 5/ 251، 252، ومرآة الجنان
4/ 150، 151، والبداية والنهاية 13/ 230، والسلوك ج 1 ق 2/ 442، ونهاية
الأرب 30/ 40، 41، وتاريخ مختصر الدول 282، وتاريخ الزمان 319، وتاريخ
ابن الوردي 2/ 210، وعقد الجمان (1) 268، 269، والنجوم الزاهرة 7/ 106،
107، وتاريخ ابن سباط 1/ 400، وتاريخ الأزمنة 245، وشذرات الذهب 5/
296، وتاريخ الخميس 2/ 423.
(48/70)
والملك الأشرف صاحب حمص، وعدّتهم ألف
وأربعمائة، فحملوا على التّتار وهم فِي ستّة آلاف فارس حملة صادقة
فكسروهم وركبوا أقفيتهم قتلا حتّى أتى القتل على مُعظَمهم، وهرب
مقدّمهم بَيْدرا فِي نفرٍ يسير بأسوإ حال.
وكانت الوقعة عند تُربة خَالِد بن الوليد رضي الله عَنْهُ. وتُسمى وقعة
حمص «القيقان» ، لأنّ غير واحد حدّث أنّه رَأَى قِيقانًا عظيمة قد
نزلَت وقت المصافّ على التّتار تضرب فِي وجوههم.
وحكى بدر الدّين مُحَمَّد بن عزّ الدّين حَسَن القيْمُرِي، وكان صدوقا،
قال: كنت مع صاحب حماه فو الله لقد رَأَيْت بعيني طيورا بيضاء وهي تضرب
فِي وجوه التّتار يومئذٍ. نقله عَنْهُ الْجَزَري فِي «تاريخه» [1] .
وقال أَبُو شامة [2] : جاء الخبر بأنّ التّتار كُسِروا بأرض حمص كسرة
عظيمة وضُرِبت البشائر، وكانت الوقعة عند قبر خَالِد إلى قريب الرستَن،
وذلك يوم الجمعة خامس المحرّم، وقُتل منهم فوق الألف، ولم يُقتَل من
المسلمين سوى رجلٍ واحد. ثُم جاءت رءوسهم إلى دمشق.
قلت: حكى أَبِي [3] أنّهم جابوها فِي شراع، وكنّا نتعجّب من كبر تلك
الرءوس لأنّها رءوس المُغْل.
قال أَبُو شامة [4] : وجاء الخبر بنزول التّتار على حماه فِي نصف
الشّهر، فقدِم صاحب حماه وصاحب حمص فِي طلب النّجدة والاجتماع على
قتالهم، فنزل الملك المجاهد الحلبيّ عَلَم الدّين عن سلطنة دمشق.
قلت: بل اتّفقوا على خلْعه، وحصروه فِي القلعة، وجرى بينهم شيء من
قتال، وخرج إليهم وقاتلهم، ثمّ رجع إلى القلعة. فلمّا رَأَى الغَلَبة
خرج فِي اللّيل بعد أيّام من دمشق من باب سرّ قريبٍ من باب توما، وقصد
بَعْلَبَكَّ، فعصى فِي قلعتها، وبقي قليلا، فقدِم علاء الدّين طيبرس
الوزيريّ وأمسك
__________
[1] المختار من تاريخ ابن الجزري 259، 260، وهو في: ذيل مرآة الزمان 1/
435، ونهاية الأرب 30/ 41، وعقد الجمان (1) 269، وفيه «نور الدين
القيمري» .
[2] في ذيل الروضتين 211.
[3] أبي أحمد والد المؤلّف الذهبي، رحمه الله.
[4] في ذيل الروضتين 211.
(48/71)
الحلبيّ من قلعة حلب، وقيّده وسيّره إلى
مصر [1] .
[الثلج بدمشق]
وفيها، فِي أواخر المحرّم، وقع على دمشق ثلج عظيم لم يُعهَد مثلُه،
فبقي يومين وليلتين، وبقي على الأسطحة أعلى [2] من ذراع، ثمّ رُمي وبقي
كأنّه جبال فِي الأزِقة وتضرّر الخلقُ به. وذلك فِي أوّل كانون الأصمّ.
[قتل الغُرباء بحلب]
وأما التّتار فقال قُطْبُ الدّين [3] أبقاه الله: ولمّا عاد مَن نجا
مِن التّتار إلى حلب أخرجوا من فيها، ثمّ نادوا: كلّ من كان من أهل
البلد فلْيَعتزِل. فاختلط على النّاس أمرهم ولم يفهموا المُراد، فاعتزل
بعضُ الغُرباء عن أهل حلب، فلمّا تميّز الفريقان أخذوا الغُرباء وذهبوا
بهم إلى ناحية [بابلى] [4] فضربوا رقابهم، وكان فيهم جماعة من أقارب
الملك النّاصر رحمهم الله [5] .
ثمّ عدّوا من بقي، وسلّموا كلّ طائفة إلى رجلٍ كبيرٍ ضمّنوه إيّاهم.
[الغلاء بحلب]
ثم أحاطوا بالبلد أربعة أشهر، فلم يدخلها أحدُ ولا خرج منها أحدٌ،
فَغَلَت الأسعار وهلكوا، وتعثّروا، وبلغ رِطل اللّحم سبعةَ عَشَرَ
درهما، ورطْل السمَك ثلاثين درهما، ورطل اللبَن خمسة عشر درهما، وأكلت
الميتات [6] .
__________
[1] الروض الزاهر 95، ذيل مرآة الزمان 2/ 91، 92، ذيل الروضتين 212،
المختصر في أخبار البشر 3/ 210، عيون التواريخ 20/ 249، السلوك ج 1 ق
2/ 445، الوافي بالوفيات 15/ 474، الأعلاق الخطيرة 2/ 53، التحفة
الملوكية 46 (حوادث سنة 658 هـ.) ، الدرّة الزكية 69، 70، الروض الزاهر
94، 95، العبر 5/ 252، دول الإسلام 2/ 165، مرآة الجنان 4/ 151.
[2] في الأصل: «أعلا» .
[3] في ذيل مرآة الزمان 1/ 435.
[4] في الأصل بياض، والمستدرك من: ذيل المرآة 1/ 435 وهي أيضا: بابلا،
على ميل تقريبا من حلب. (معجم البلدان) .
[5] البداية والنهاية 13/ 230، نهاية الأرب 30/ 41.
[6] انظر تفاصيل أكثر في: ذيل مرآة الزمان 1/ 436، 437، نهاية الأرب
30/ 42، 43.
(48/72)
[سفر الجوكندار]
وأمّا الجوكندار فدخل مصر ثمّ عاد إلى حلب.
[ركوب السُّلطان]
وفي سابع صَفَر ركب السُّلطان الملك الظّاهر فِي دَسْت السّلطنة من
قلعة الجبلَ وهو أوّل ركوبه [1] .
[إرسال سنجر الحلبي إلى القاهرة]
قال قُطْبُ الدّين [2] : وكتب إلى الأمراء يحرّضهم على الحلبيّ، فخرجوا
عن دمشق ونابَذُوه وفيهم علاء الدّين البُنْدُقْدار، يعني أستاذ الملك
الظّاهر، وبهاء الدّين بُغدي فتبعهم الحلبيّ وحاربهم، فحملوا عليه
فهزموه، ودخل القلعة فأغلقها فِي حادي عشر صَفَر. ثم خرج من القلعة تلك
اللّيلة، وأتى بَعْلَبَكَّ فِي عشرين مملوكا.
واستولى البُنْدُقْدار على دمشق، وناب بها عن الملك الظّاهر، وجهّز
لمحاصرة بَعْلَبَكَّ بدر الدّين ابن رحّال، فحال وصوله دخل بَعْلَبَكَّ
وراسل الحلبيّ، ثمّ تقرّر نزوله ورواحه إلى خدمة الملك الظّاهر، فخرج
من القلعة على بَغْلة، وسار فأدخِل على الملك الظّاهر ليلا، فقام إليه
واعتنقه وأكرمه، وعاتبه عتابا لطيفا، ثمّ خلع عليه ورسمَ له بخَيْل (
... ) [3] .
قلت: ثمّ حبسه.
وقال أَبُو شامة [4] : ثمّ رجعت التّتار، فنزل صاحب صهيون وتخطّف منهم
جماعة، وقتلت الفداويّة الحشِيشية صاحبَ سِيس، لَعَنَه الله. ووقع
__________
[1] السلوك ج 1 ق 2/ 443، نهاية الأرب 30/ 17.
[2] في ذيل مرآة الزمان 1/ 438 بتصرّف.
[3] في الأصل كلمة غير واضحة، وفي ذيل مرآة الزمان 1/ 438 «ورسم له
بخيل وبغال وجمال وثياب» ، وكذا في: عيون التواريخ 20/ 250، المختصر في
أخبار البشر 3/ 210، الروض الزاهر 97، البداية والنهاية 13/ 230، نهاية
الأرب 30/ 38، 39، تاريخ ابن سباط 1/ 401.
[4] في ذيل الروضتين 211، 212.
(48/73)
السّيف بين التّتر وابن صاحب سِيس.
[تدريس ابن سنِي الدولة]
وفيها درّس القاضي نجم الدّين ابن سِني الدّولة بالعادليّة وعُزِل
الكمال التفْليسي، واعتقل بسبب الحياصة النّاصريّ الّتي تسلّمها
التّتار. وكانت رهنا بمخزن الأيتام على المال الَّذِي اقترضه الملك
النّاصر [1] .
[هزيمة الفرنج]
قال: وفيه، يعني ربيع الأوّل، خرج الفِرَنج فِي تسعمائة قنطاريّة،
وخمسمائة ترْكُبُلي، ونحو ثلاثة آلاف رَاجِل، فأخِذ الجميع قتْلا
وأسرا، ولم يفْلت منهم سوى واحدٍ [2] .
قلت: انتدب لقتالهم الفاخريّة التُرْكُمان، فأخْلَوا لهم بيوتهم
وهربوا، وكمنوا لهم، ثمّ نزلوا عليهم وبيّتوهم، وأراح الله منهم. وكان
خروجهم من عكّا وصيدا.
[والعزاء بالملك الناصر]
وفي جمادى الأولى عُقِد العزاء بجامع دمشق للملك النّاصر. جاء الخبر
أنّه ضُربت رَقَبتُه مع جماعةٍ لمّا بلغهم أنّ المصريّين كسروهم على
عين جالوت [3] .
[سفر أولاد صاحب الموصل إلى مصر]
وفيه ورد دمشق أولاد صاحب الموصل، وهما صاحب الجزيرة يومئذٍ وصاحب
الموصل بعيالهم وأموالهم، ومعه [4] طائفة من أهل البلاد، فمضوا إلى
مصر. ثُم رجعوا فِي أواخر السّنة مع السّلطان، ومضوا إلى بلادهم [5] .
__________
[1] ذيل الروضتين 212، عقد الجمان (1) 271.
[2] ذيل الروضتين 212.
[3] ذيل الروضتين 212، المختصر في أخبار البشر 3/ 211.
[4] هكذا في الأصل، وتحتمل: «ومعهم» .
[5] ذيل الروضتين 212، 213، التحفة الملوكية 47، المختصر في أخبار
البشر 3/ 213،
(48/74)
[خلافة المستنصر باللَّه]
وفي رجب أقيم فِي الخلافة بمصر المستنصر باللَّه أَحْمَد، ثمّ قدِم
دمشق هو والسّلطان، فعملت لقدومهما القِباب، واحتفل النّاس لزينتها [1]
. وعُدِم فِي الشرق فِي آخر العام كما فِي ترجمته.
[تولية ابن خَلكان القضاء]
وفي ذي الحجّة عُزِل عن قضاء الشّام نجم الدّين ابن سَنِي الدّولة،
ووُلي شمس الدّين ابن خَلكان الَّذِي كان نائب الحُكْم بالقاهرة، ثمّ
وكّل بالمعزول وألزِم السّفر إلى مصر [2] .
قال أَبُو شامة [3] : كان جائرا وظالما، وشاع عَنْهُ أنه أودع كيسا
فِيهِ ألف دينار، فردّ بدله كيسا فِيهِ فلوس [4] . وفُوضَ إلى ابن
خَلكان نظر الأوقاف وتدريس مدارس كانت بيد المعزول: العادليّة،
والعذراويّة، والنّاصريّة، والفَلَكية، والرّكنيّة، والإقباليّة،
والبَهنَسية [5] .
[عودة السُّلطان إلى مصر]
وفي نصف ذي الحجّة رجع السُّلطان إلى مصر [6] .
[إقامة خليفة جديد يُلقب بالحاكم بأمر الله]
وفيها أقام الأمير شمس الدين أقوش البرليّ المسمّى برلو بحلب خليفة،
__________
[ () ] الروض الزاهر 116، 117، نهاية الأرب 30/ 26.
[1] ذيل مرآة الزمان 1/ 441، 442، ذيل الروضتين 213، التحفة الملوكية
47، مرآة الجنان 4/ 151، البداية والنهاية 13/ 232، حسن المناقب، ورقة
14 ب، تالي وفيات الأعيان 2.
[2] المختصر في أخبار البشر 3/ 213، الدرّة الزكية 85، العبر 5/ 252،
مرآة الجنان 4/ 151، السلوك ج 1 ق 2/ 465، نهاية الأرب 30/ 49، تاريخ
ابن الوردي 2/ 213، تاريخ ابن سباط 1/ 403، عقد الجمان (1) 314.
[3] في ذيل الروضتين 214 بتصرّف.
[4] وقال أبو شامة: وفي الجملة تولّى الحكم في زماننا ثلاثة مشهورون
بالفسق: هذا الظالم، والرفيع الجيلي، وابن الجمال المصري.
[5] ذيل الروضتين 215، نهاية الأرب 30/ 49.
[6] ذيل الروضتين 215، نهاية الأرب 30/ 49.
(48/75)
ولَقبَه الحاكم بأمر الله، وخطب له، ونقش
اسمه على الدّراهم، فلمّا قدِم السُّلطان الشّام تزلزل أمرُه، وطلب
العراق، ثمّ اجتمع بالإمام المستنصر باللَّه، ودخل فِي طاعة المستنصر
[1] .
[المصافّ بين المستنصر وبين التّتار]
وفي آخرها وقع المصافّ بين المستنصر وبين التّتار بالعراق، فعُدِم
المستنصر، وقُتِل عددٌ من الصحابة وهرب الحاكم فِي جماعةٍ وسلِم. وممّن
عُدِم فيها كمال الدّين ابن السنْجاري، ويحيى بن العُمَري، وعبد الملك
بن عساكر. وقد ذكرنا الوقعة فِي ترجمة المستنصر [2] .
[الحرب بين سنجر الحلبي والبرلي]
واستعمل السُّلطان على حلب الأمير عَلَم الدّين سَنْجَر الحلبيّ، وبعث
معه عساكر لمحاربة برلو، وكان قد غلب على حلب. فلمّا قرُب الحلبيّ قصد
البرلي الرّقّة، ودخل الحلبي حلب، وجهّز عسكرا وراء البرلي، فأدركوه
بالبرّية فقال: أَنَا مملوك السُّلطان. وخدعهم. ثمّ وصل إلى حَران، ثمّ
أتى البيرة فتسلّمها، وقوي أمره، وقصد حلب، فقفز إليه جماعة من عسكر
حلب، فخاف الحلبيّ وهرب، فدخل البرلي حلب. فلمّا بلغ السُّلطان خرج من
مصر بالجيش، ثمّ جهّز علاء الدّين أيدكين البُنْدُقْدار نائبا على حلب
ومُحاربًا للبرلي، فسَار من دمشق فِي نصف ذي القعدة، فخرج البرلي عن
حلب، وقصد قلعة القرادي وحاصرها، وأخذها من التّتار ونهبها [3] .
[العفو عن صاحب الكرك]
وفيها كاتَبَ الملك المغيث صاحب الكَرَك الملك الظّاهر يستعطفه فرضي
عنه [4] .
__________
[1] ذيل الروضتين 215، الدرّة الزكية 82، العبر 5/ 252، 253.
[2] ذيل الروضتين 215، الدرّة الزكية 83، 84، العبر 5/ 253، مرآة
الجنان 4/ 151.
[3] انظر المختصر في أخبار البشر 3/ 210، 211، والسلوك ج 1 ق 2/ 463 و
465، 466، ونهاية الأرب 30/ 45، وعقد الجمان (1) 310، وحسن المناقب،
ورقة 23 أ، ب.
[4] الروض الزاهر 122، نهاية الأرب 30/ 53 (حوادث سنة 660 هـ) ، عقد
الجمان (1) 317،
(48/76)
[ولاية السنجاري
قضاء مصر]
وفي شوّال وُلي قضاء مصر برهان الدّين السّنجاريّ، وعُزِل تاج الدّين
ابن بِنْت الأعزّ [1] .
[زواج بِنْت صاحب الموصل]
وفي شوّال تزوّج ببليك الخَزْنَدَار الظّاهريّ ببنت صاحب الموصل بدر
الدّين لؤلؤ، فأعطاه السُّلطان الصّبيبة، وبانياس [2] .
[الخلعة على صاحب حمص]
وقدِم على السُّلطان وهو بدمشق الملك الأشرف صاحب حمص، فخلع عليه
وأعطاه ثمانين ألف درهم، وزاده تلّ باشر [3] .
[غارة الرشيديّ على أرض أنطاكية]
وفي ذي الحجّة سار الرشيديّ فِي عسكرٍ إلى أرض أنطاكية فأغار عليها [4]
.
[غدر التتار بأصحاب صاحب ماردين]
قال قُطْبُ الدّين: فِي رمضان وقع الصلْح بين التّتار وبين الملك
المظفّر بن السّعيد صاحب ماردين، فتوجّه إليهم ومعه هديّة سَنِية من
جُملتها باطية مجوهرة قيمتها أربعة وثمانون ألف دينار فأكرموه، ثمّ
قتلوا أصحابه، وكانوا سبعين ألفا بلا ذَنْب ولا جُرْم، بل أرادوا قص
جناحه.
__________
[ () ] 318، حسن المناقب، ورقة 25 أ، ب.
[1] السلوك ج 1 ق 2/ 465، نهاية الأرب 30/ 19.
[2] الروض الزاهر 86، 87، نهاية الأرب 30/ 53 (حوادث سنة 660 هـ) .
[3] الدرّة الزكية 81، الروض الزاهر 117، البداية والنهاية 13/ 233،
السلوك ج 1 ق 2/ 462، نهاية الأرب 30/ 46، عقد الجمان (1) 317.
[4] الروض الزاهر، السلوك ج 1 ق 2/ 463، نهاية الأرب 30/ 44، 45.
(48/77)
[المصافّ بين صاحب الروم وأخيه]
وفي رمضان وقع المصافّ بين الأخوين رُكْن الدّين صاحب الرّوم، وأخيه
عزّ الدّين بقُرب قُونية، فانتصر رُكْن الدّين لأنّه كان معه نجدة من
التّتر، وقُتِل من عسكر عزّ الدّين خلْق، وأسِر جماعة فشْنقوا. وأقام
عزّ الدّين بأنطاكيّة.
(48/78)
سنة ستين وستمائة
[إظهار البرلي الطاعة للسلطان]
في أوّلها دخل البرلي إلى حلب مرّة أخرى، فخرج البُنْدُقْدار عَنْهَا،
وأظهر البرلي طاعةَ السُّلطان. وكان شجاعا مذكورا لا يُصطَلَى بناره
[1] .
[خبر حمار الوحش]
وقال ابن خَلكان [2] ، رحمه الله: فِي أثنائها توجّه عسكر الشّام إلى
أنطاكية، فأقاموا قليلا عليها، ثمّ رجعوا، فأخبرني بعضهم بغريبةٍ، وهي
أنهم نزلوا على جَرود وهي بين دمشق وحمص فاصطادوا حُمْر وحشٍ كثيرة،
فذبح رجلٌ حمارا وطبخ لحمه، فبقي يوما يوقِد عليه فلا ينضُجُ لحمُه ولا
يتغيّر ولا قارب النّضج، فقام جُندي فأخذ الرأس فوجد على أذنه وشما،
فقرأه، فإذا هُوَ بهرام جور. فلمّا أتوا أحضروا تلك الأذُن إليّ، فوجدت
الوشُم ظاهرا وقد رَق شَعْر الأذُن، وموضع الوشم أسود، وهو بالقلم
الكوفيّ. وبهرام جور من ملوك الفُرس كان إذا كثُر عليه الوحش وشَمَهُ
وأطْلقه. وحُمر الوحْش من الحيوانات المعمّرة، وهذا لعلّه عاش ثمانمائة
سنة أو أكثر. انتهى قوله [3] .
__________
[1] الروض الزاهر 133، 134، نهاية الأرب 30/ 59.
[2] في وفيات الأعيان 6/ 354.
[3] والخبر نقله اليونيني في: ذيل مرآة الزمان 1/ 499، 510، وابن شاكر
الكتبي في: عيون التواريخ 20/ 267، 268، وابن كثير في البداية والنهاية
13/ 233، وبدر الدين العيني في عقد الجمان (1) 334، 335 وفيه: وقال ابن
كثير: يحتمل أن يكون هذا بهرام شاه الملك الأمجد، إذ يبعد بقاء مثل هذا
بلا اصطياد هذه المدّة الطويلة ويكون الكاتب قد أخطأ فأراد كتابة بهرام
شاه، فكتب بهرام جور وحصل اللبس من هذا.
وقال بدر الدين العيني: كلام ابن كثير بعيد، فأيش يحتاج إلى هذه
التأويلات البعيدة، ولا
(48/79)
[قدوم الحاكم بأمر
الله إلى القاهرة]
وفي ربيع الآخر قدِم القاهرةَ الحاكمُ بأمر الله ومعه ولدُه وجماعة،
فأكرمه الملك الظّاهر وأنزله بالبرج الكبير، وهو أَحْمَد بن أَبِي عليّ
القُبي بن عليّ بن أَبِي بَكْر ابن أمير المؤمنين المسترشد باللَّه [1]
ابن المستظهر الهاشميّ العبّاسيّ.
اختفى وقتَ أخْذِ بغداد ونجا، ثمّ خرج منها وفي صُحبته زين الدّين صالح
بن مُحَمَّد بن البنّاء الحاكم، وأخوه مُحَمَّد، ونجم الدّين ابن
المُنَشا، وقصد حسين بن فلاح أمير بني خفاجة، فأقام عنده مدّة، ثمّ
توصّل مع العرب إلى دمشق، وأقام عند الأمير عيسى بن مُهَنَّا والد
مهنّا مدّة، فطالع به السُّلطان الملك النّاصر، فأرسل يطلبه، فبغته
مجيء التّتار. فلمّا ملك الملك المظفّر دمشق سيّر الأمير قِلِيج
البغداديّ إلى ناحية العراق وأمره بتطلّب الحاكم، فاجتمع به وبايعه على
الخلافة، وتوجّه فِي خدمته الأمير عيسى والأمير عليّ بن صقر ابن مخلول
[2] ، وعمر بن مخلول [2] ، وسائر آل فضل، سوى أولاد حُذَيْفَة. فافتتح
الحاكم بالعرب عانَةَ، والحديثة، وهيت، والأنبار، وضرب مع القرادول
رأسا بقرب بغداد [3] فِي أواخر سنة ثمانٍ وخمسين، فانتصر عليهم، وقُتِل
من التّتار خلْق، ولم يُقتَل من أصحابه غير ستّة، فيقال، والله أعلم:
قُتِل من التّتار نحو ألفٍ وخمسمائة فارس، منهم ثمانية أمراء. فجاء جيش
للتّتار عليهم قرابُغا، فردّ المسلمون على حَمِية، فتبِعهم قرابغا إلى
هيت وردّ [4] .
__________
[ () ] ضرورة إليها، فإنّ عيش الحمر الوحشية هذه المدة غير بعيد، وعدم
وقوعها في الصيد غير بعيد، وأيضا فإن المواسم التي يسمّون بها آذان
الحيوان بأسماء الملوك مقرّرة عندهم، مكتوبة، صحيحة، حتى لا يقع
الاشتباه، فكيف يلتبس بهرام شاه ببهرام جور.
[1] في المختصر لأبي الفداء 3/ 215 «أحمد بن حسن بن أبي بكر ابن الأمير
أبي علي القبّي ابن الأمير حسن بن الراشد بن المسترشد ... » . وفي
تاريخ الخلفاء 478 «أبو العباس أحمد بن أبي علي الحسن بن أبي بكر بن
الحسن بن علي القبّي- بضم القاف وتشديد الباء الموحّدة-» .
[2] في المختار من تاريخ ابن الجزري 261، «فحول» ، والمثبت يتفق مع:
ذيل مرآة الزمان 1/ 485.
[3] في المختار من تاريخ ابن الجزري 261 «وضربوا مع التتار مصافا بأرض
بغداد» . وفي ذيل مرآة الزمان 1/ 485 «على الفلوجة من أرض بغداد» .
[4] ذيل مرآة الزمان 1/ 485، ذيل الروضتين 216، المختصر في أخبار البشر
3/ 23، المختار من تاريخ ابن الجزري 260، 261، البداية والنهاية 13/
233، تاريخ ابن الوردي 2/ 123، مآثر الإنافة 2/ 127، السلوك ج 1 ق 2/
468، الدرر الكامنة 1/ 128، عيون التواريخ 20/
(48/80)
وأقام الحاكم عند ابن مُهنا، فكاتَبه علاءُ
الدّين طَيْبرس نائب دمشق يومئذٍ للملك الظّاهر يستدعيه، فقدِم دمشقَ
فِي صَفَر، فبعثه إلى السُّلطان، فِي خدمته الثّلاثة الّذين خرجوا معه
من بغداد.
وكان المستنصر باللَّه قد تقدّمه بثلاثة أيّام إلى القاهرة، فما رَأَى
أن يدخل على إثره خوفا من أن يُمسك، فهرب راجلا وصحبته الزّين صالح
البنّاء [1] ، وقصدا دمشق، ودلّهما بدويّ من عرب غَزِيَة [2] ، فاختفيا
بالعقيبة، وحصّلا ما يركبان، وقصدا سَلَميَة، وصحبَهما جماعة أتراك،
فوجدوا أهل سَلَمِيَة متحصّنين خوفا من الأمير آقش البرلي، فوقع بينهم
مناوشة من حرب، ونجا الحاكم وصاحبه، وقصد البرلي فقبّل البرلي يده،
وبايعه هُوَ وكلّ من بحلب، وتوجّهوا إلى حَران، (فبايعه الشَّيْخ شهاب
الدّين عَبْد الحليم ابن تَيْمية والد شيخنا وأهل حَران) [3] . وجمع
البرلي للحاكم جمعا كثيرا نحو ألف فارس من التّركمان، وقصدوا عانَة،
فوافاهم الخليفةُ المستنصر، فأعمل الحيلة، وأفسد التّركمان على الحاكم،
ودخل الحاكم فِي طاعته وانقاد له، ووقع الاتّفاق. فلمّا عُدِم المستنصر
فِي الوقعة المذكورة فِي ترجمته قصد الحاكم الرحْبة، وجاء إلى عيسى بن
مُهَنا، فكاتَبَ الملك الظّاهر فِيهِ، فطلبه، فقدِم إلى القاهرة،
فبايعوه وامتدّت أيّامه، وكانت خلافته نيّفا وأربعين سنة [4] .
[موقعة التتار وعسكر البرلي]
قال أَبُو شامة [5] : وفيها جاء الخبر بالتقاء التتر الّذين بالموصل
بعسكر
__________
[ () ] 226، بدائع الزهور ج 1 ق 1/ 312، 313، تاريخ الخلفاء 478، 479.
[1] في المختار 261 «صالح بن البناء» ، وفي ذيل مرآة الزمان 1/ 486،
«زين الدين صالح الأسدي المعروف بابن البنّاء» .
[2] غزية: موضع قرب جبلة. وجبلة قلعة مشهورة بساحل الشام من أعمال
اللاذقية قرب حلب.
(معجم البلدان 4/ 203، مراصد الاطلاع 1/ 312.)
[3] ما بين القوسين لم يرد في المختار من تاريخ ابن الجزري (ص 261) ،
ولا في ذيل المرآة 1/ 486.
[4] المختار 260، 261، ذيل مرآة الزمان 1/ 486، 487، الدرّة الزكية 86،
87، البداية والنهاية 13/ 233، تالي وفيات الأعيان 3.
[5] في ذيل الروضتين 218.
(48/81)
البرلي، وجرت بينهم وقعةٌ قُتِل فيها مقتلة
عظيمة، وقُتِل عَلَمُ الدّين سَنْجار المعروف بحكَم الأشرفيّ، وابنه
بكتوت الحرّانيّ.
[ولاية الحرّاني دمشق]
قال [1] : وفيها وُلي ولاية دمشق ونظر الجامع والمساجد الأمير الافتخار
الحرّانيّ [2] ، وكان شيخا كبيرا خيّرا، ألزم أهل الأسواق بالصّلاة
وعاقب عليها، ومنع جماعة من الأئمّة الاستنابة، وأرجع على بعضهم بما
تناولهم منهم التّاج الشّحرور، والجمال الموقانيّ، والشّمس ابن غانم،
والشّمس ابن عَبْد السّلام.
ونقّص كثيرا من جامكيّاتهم المقرّرة.
[عودة كبير أولاد صاحب الموصل إلى بلده]
وأمّا أولاد صاحب الموصل فلمّا فارقوا المستنصر فِي العام الماضي
أقاموا بسَنْجار، وكتب كبيرهم الملك الصّالح إلى الموصل يستشير أهلَها،
فأشاروا عليه بالمجيء، فقدِم عليهم فِي العشرين من ذي الحجّة ومعه
ثلاثمائة فارس، وكان في الموصل أربعمائة فارس، فدخلها، وترك إخوته
بسَنْجار.
فلمّا بلغهم قتُل المستنصر ونزول التّتار على الموصل لحصار أخيهم
رجعوا، فأعطاهم الملك الظّاهر أخبازا، وأعطى الملك المجاهد إِسْحَاق
مبلغا من المال لخاصّه، ولعلاء الدّين مبلغا لخاصّه [3] .
[انكسار البرلي أمام التّتار]
وأمّا التّتار فنازلوا الموصل ومعهم صاحب ماردين، ونصبوا عليها
المجانيق وضايقوها، ولم يكن بها سلاح ولا قُوتٌ كثير، فَغَلا السّعر،
واستنجد الملك الصّالح بالبرلي، فَنَجَده من حلب، فسار إلى سَنْجار،
فعزمت التّتار على الهرب، فوصل إليهم الكلب الزّين الحافظيّ وأخبرهم
بأنّ البرلي في طائفة قليلة، وشجّعهم، فسارت إليه التّتار وهم فِي عشرة
آلاف، والبرلي فِي
__________
[1] أي أبو شامة في الذيل 218.
[2] هو الافتخار أياز.
[3] تالي وفيات الأعيان 3، 4.
(48/82)
ألفٍ من التّركمان والعرب، فتوقّف عن
لقائهم، ثمّ نزل إليهم فِي رابع عشر جُمادى الآخرة، فكسروه وقُتِل
جماعةٌ من وجوه أصحابه، وانهزم جريحا، وأسِر طائفة من أصحابه بعد أن
أبْلَوا بلاء حسنا. ووصل البرلي إلى البيرة، ففارقه أكثر من معه،
وقصدوا الدّيار المصريّة [1] .
[تأمير البرلي بمصر]
وجاءت رُسُل هولاكو إلى البرلي يطلبه إليه، فلم يُجبْه إلى ذلك، وكاتب
الملك الظّاهر فأمّنه، فسار إلى مصر، فأعطاه السُّلطان إمريّة سبعين
فارسا، وخلع عليه [2] .
[أخذ التّتار الموصل وقتل الصالح]
وأمّا التّتار فأخذوا الأسارى فأدخلوهم من النقوب إلى الموصل
ليُعَرفوهم بكسرة البرلي. واستمرّ الحصار إلى شعبان من سنة ستّين، ثمّ
طلبوا ولد الملك الصّالح، فأخرجه إليهم، ثمّ خلّوه أيّاما، وكاتبوه بأن
يسلّم الموصل وهدّدوه، فجمع الأكابر وشاورهم، فأشاروا عليه بالخروج
فقال: تُقْتَلُون لا محالة.
فصمّموا على الخروج، فخرج إليهم يوم نصف شعبان وقد ودّع النّاس، ولبس
البياض، فلمّا وصل إليهم رسّموا عليه [3] .
وكان الحصار قد طال جدّا، وعلى سور البلد ثلاثون منجنيقا ترمي العدوّ
وعلى المغول سنداغو [4] ، وقد خندقوا على نفوسهم، وبالغوا فِي الحصار،
حتّى كَلَّ الفريقان. ثمّ سلّمت الموصل، ونوديَ فِي الموصل بالأمان
فاطمأنّ النّاس، فشرع التّتار فِي خراب السّور. فلمّا طمّنوا النّاس
دخلوا البلد وبذلوا
__________
[1] ذيل مرآة الزمان 1/ 492، الدرّة الزكية 88.
[2] ذيل مرآة الزمان 1/ 493، 494، الدرّة الزكية 88، الروض الزاهر 134
وفيه: «كتب له منشورا بستين فارسا» ومثله في: نهاية الأرب 30/ 60، وحسن
المناقب ورقة 27 ب، والمثبت يتفق مع البداية والنهاية 13/ 234، والسلوك
ج 1 ق 2/ 476.
[3] ذيل المرآة 1/ 494.
[4] في ذيل المرآة 1/ 494 والدرّة الزكية 88، 89 وتالي وفيات الأعيان 4
«صندغون» ، والمثبت يتفق مع الحوادث الجامعة 166 (حوادث سنة 659 هـ) .
و 167 (حوادث سنة 660 هـ) .
(48/83)
السّيف تسعة أيّام إلى أوائل رمضان [1] .
ووسّطوا علاء الدّين ولد الملك الصّالح، وعلّقوه على باب الجسر، ثمّ
رحلوا فِي آخر شوّال بالصّالح فقتلوه فِي الطّريق [2] رحمه الله.
[استقلال أمراء بمصر]
وأمّا علاء الدّين والملك المجاهد فاستقلّوا أمراء بمصر [3] .
[محاصرة قلعة الروم]
وأمّا ابن صاحب الرّوم عزّ الدّين فإنّه اختلّ أمره وضايقته التّتر،
فقصد الأشكريّ وسأله العَوْن فقال: إن تنصرْتَ أعَنتُك. فَهم أن يفعل
لينال غرضه من النّصر على أخيه بالتّنصّر، فلامه أصحابه وقالوا: هذا
ينفّر عنك قلوبَ العسكر. فأمسك، وتغيّر خاطرُ الأشكريّ عليه وحَبَسه
بقلعة، فأغارت طائفة من عسكر بركة على بعض بلاد الأشكريّ، وحاصروا تلك
القلعة، فوقع الاتّفاق على أنّه إنْ سلّم إليهم السُّلطان عزّ الدّين
رحلوا. فسلّمه إليهم، فانطلقوا به إلى الملك بركة.
[الخُلف بين هولاكو وبركة]
ووقع الخُلْف بين هولاكو وبركة [4] ، وأظهر بركة عداوته، وبعث الرّسل
إلى الملك الظّاهر بالموادة واجتماع الكلمة، ويحرّضه على حرب هولاكو،
ثمّ جرى بينهما مصافّ، كما يأتي إن شاء الله تعالى.
[القبض على نائب دمشق]
وفي شوّال قدِم الدّمياطيّ الأمير والرّكنيّ علاء الدّين الأعمى الّذي
صار
__________
[1] الحوادث الجامعة 166 (حوادث سنة 659 هـ) ، البداية والنهاية 13/
234.
[2] ذيل مرآة الزمان 1/ 494، 495، الحوادث الجامعة 167، الدرّة الزكية
88، العبر 5/ 258، دول الإسلام 2/ 166، مرآة الجنان 4/ 152، البداية
والنهاية 13/ 234، السلوك ج 2/ 475، تاريخ الخميس 2/ 423، تالي وفيات
الأعيان 5.
[3] ذيل مرآة الزمان 1/ 495، الدرّة الزكية 90.
[4] ذيل مرآة الزمان 1/ 487 و 497، ذيل الروضتين 220، العبر 5/ 258،
دول الإسلام 2/ 166، البداية والنهاية 13/ 243، تاريخ الخميس 2/ 423.
(48/84)
بالقدس، فقبضا على نائب دمشق طيبرس
الوزيريّ، وحُمِل إلى مصر، وباشر الرّكنيّ النّيابة إلى أن قدِم
النّجيبيّ [1] .
[دخول أول دفعة من التتار فِي الإسلام]
وفي ذي الحجّة [2] وصل إلى دمشق من التتار نحو المائتين هاربين إلى
المسلمين، فأعطوا أخبازا. وهم أوّل من فرّ من التّتار ودخل فِي
الإِسْلَام [3] .
[معاقبة جماعة]
وقُتل العماد القزوينيّ، أحدُ الحكّام بالعراق، لخيانته [4] . وأخِذ
متولّي واسط مجد الدّين صالح بن هُذيل وعُذب وصودِر.
[تسليم واسط]
وسُلمت واسط إلى الملك منوجهر ابن صاحب همدان، فسار واستصحب معه فخر
الدّين مظفّر بن الطّرّاح فجعله نائبة فِي تدبيرها [5] .
[قتل شِحنة بغداد]
وقُتِل فِي العام الآتي شِحُنة بغداد بهادر. وكان مسلما سائسا لا بأس
به.
وكان يُصلي التّراويح، وولّي بعده قُرَبُوقا شِحْنة [بغداد] [6] .
[خسف سبع جزائر للفرنج فِي البحر]
وفي «تاريخ المؤيّد» [7] قال: وفيها فِي ربيع الآخر، أعني سنة 659،
__________
[1] ذيل مرآة الزمان 1/ 488- 492، ذيل الروضتين 220، الدرّة الزكية 87
و 93، الروض الزاهر 136، 137، 140، 141، البداية والنهاية 13/ 235،
السلوك ج 1 ق 2/ 472، نهاية الأرب 30/ 60، عقد الجمان (1) 330، 331.
[2] في ذيل الروضتين: في يوم السبت والعشرين من ذي القعدة.
[3] ذيل الروضتين 220، الدرّة الزكية 90، 91، البداية والنهاية 13/
234، السلوك ج 1/ 474، نهاية الأرب 30/ 63.
[4] الحوادث الجامعة 168 وقد سبق خبره في حوادث سنة 658 هـ.
[5] الحوادث الجامعة 168.
[6] الإضافة من: الحوادث الجامعة 168 (سنة 661 هـ) . وفيه «قرابوقا» .
[7] المختصر في أخبار البشر 3/ 213 (حوادث سنة 659 هـ) ، والخبر أيضا
في: الدرّة الزكية
(48/85)
وردت الأخبار أنّ سبع جزائر فِي البحر
خُسِف بها وبأهلها، ولبس أهل عكّا السّواد وبكوا وتابوا.
[تثبيت نسب الحاكم العباسي]
وفي آخر يوم من سنة ستّين أثبتوا نَسَبَ الحاكم العبّاسيّ، وبويع
بالخلافة بعد جمعة.
[استرجاع الروم القسطنطينية من الفرنج]
وفي سنة ستّين تحزّبت نصارى الرّوم وحشدوا، وأخذوا مدينة القسطنطينية
من الفرنج. وكان الفرنج قد استولوا عليها من سنة ستّمائة. أرّخ ذلك
الملك المؤيّد [1] رحمه الله.
انتهت وقائع هذه الطبقة والحمد للَّه وحده
__________
[ () ] 85، والسلوك ج 1 ق 2/ 447، وعقد الجمان (2) 323، وتاريخ ابن
سباط 1/ 403.
[1] أرّخ المؤيّد أبو الفداء لأخذ الفرنج القسطنطينية من الروم سنة 600
هـ. (المختصر 3/ 105) ولم يؤرّخ لاستعادة الروم لها في هذه السنة 660
هـ. وانظر: الروض الزاهر 129.
(48/86)
بسم الله الرحمن الرحيم ربّ أعن
[المتوفون في هذه الطبقة]
سنة إحدى وخمسين وستمائة
- حرف الألف-
1- أَحْمَد بْن الْحَسَن [1] بْن عُمَر.
أَبُو المجد المُرادي، الخطيب.
من كِبار علماء الأندلس. كان عارفا بالكلام.
روى عن: أَبِي خَالِد بن يزيد بن رفاعة بالإجازة.
ومات فِي شوّال [2] .
2- أَحْمَد بن سُلَيْمَان بن أَحْمَد بن عليّ.
أَبُو الْعَبَّاس ابن المغربل السّعديّ، المصريّ، الشّارعيّ.
ولد سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن الحسن) في: الديباج المذهب لابن فرحون 45، والذيل
والتكملة لكتابي الموصول والصلة لابن عبد الملك المراكشي ج 1 ق 1/ 94،
95 رقم 110.
[2] وقال ابن عبد الملك المراكشي: كان فقيها حافظا ذاكرا للنوازل،
بصيرا بالفتوى متقدّما في علم الكلام وأصول الفقه، سنّيّا فاضلا، متين
الدين، صنّاع اليدين، خيّرا. خطب زمانا بجامع قصبة غرناطة القديمة،
وكفّ بصره آخر عمره.
مولده بغرناطة سنة 575 هـ.
(48/87)
وسمع من: القاسم بن إِبْرَاهِيم المقدسيّ.
روى عنه: الدّمياطيّ، والمصريّون.
وبالإجازة: أبو المعالي بن البالسي، وغيره.
توفي في خامس ربيع الأوّل.
3- أَحْمَد بن غازي [1] بن يوسف بن أيّوب.
الملك الصّالح، صلاح الدّين ابن السُّلطان الملك الظّاهر بن السُّلطان
الكبير صلاح الدّين الأيّوبيّ، صاحب عين تاب، وعمّ السُّلطان الملك
النّاصر صاحب الشّام.
وُلِد فِي صَفَر سنة ستّمائة، وكان أكبر من أخيه الملك العزيز، وإنّما
أخّروه عن سلطنة حلب لأنّه ابن جارية، ولأنّ العزيز ابن الصّاحبة بِنْت
السُّلطان الملك العادل. وقد تزوّج هذا بعد أخيه بامرأته فاطمة بِنْت
السُّلطان الملك الكامل مُحَمَّد.
وكان مهِيبًا، وَقُورًا، متجمّلا، وافر الحُرْمة.
حدّث عن: الافتخار الهاشميّ.
روى عَنْهُ الدّمياطيّ نوبة، وذكر أنّه امتنع من الرّواية وقال: ما أنا
أهل لذلك، بل أَنَا أسمع عليك. ثمّ سمع منه ووصله.
تُوُفي فِي شعبان ببلد عَيْن تاب، وعمل ابن أخيه السُّلطان له العزاء
بدار السّعادة، ورَثَتهُ الشّعراء. وخلّف ولدا ذَكَرًا.
4- أَحْمَد بن يوسف [2] بن أحمد.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن غازي) في: وفيات الأعيان 4/ 10 رقم 147، وذيل
مرآة الزمان 2/ 60، والعبر 5/ 207، 208، ومرآة الجنان 4/ 127، والعسجد
المسبوك 2/ 599، والسلوك ج 1 ق 2/ 389، والوافي بالوفيات 7/ 276 رقم
3255، والدليل الشافي 1/ 68 رقم 235، والمنهل الصافي 2/ 55، 56 رقم
237، وشذرات الذهب 5/ 253، وشفاء القلوب 342، 343 رقم 67، وإعلام
النبلاء بتاريخ حلب الشهباء 4/ 405، 406 رقم 128.
[2] انظر عن (أحمد بن يوسف) في: الوافي بالوفيات 8/ 288 رقم 3709،
والديباج المذهب 74، والمقفّى الكبير 1/ 738- 742 رقم 682، ونفح الطيب
2/ 332، ومقدّمة الدكتور إحسان عباس لكتاب «سرور النفس بمدارك الحواس
الخمس» - ص 5، وتراجم المؤلّفين
(48/88)
أَبُو الفضل المغربيّ القَفْصِي [1] .
وقفصَة من بلاد إفريقية، ولد بها سنة ثمانين وخمسمائة.
وقرأ الأدب، وعلوم الأوائل، والفلسفة.
وقدِم دمشقَ، وسمع من التّاج الكِنْدي واشتغل عليه.
وأخذ قبل ذلك بمصر عن الموفّق عَبْد اللّطيف.
وله نَظْمٌ [2] ونَثْر ومصنّفات.
رجع إلى بلاده وولّي قضاء قَفْصَة، ثمّ رجع بعد ذلك إلى مصر وبها مات
فِي المحرّم.
وهذا يُنعت بالشرَف التّيفاشيّ.
5- إِبْرَاهِيم بن سُلَيْمَان [3] بن حمزة بن خليفة.
الكاتب، جمالُ الدّين ابن النّجار القُرَشي، الدّمشقيّ المجوّد.
وُلِد بدمشق سنة تسعين وخمسمائة.
وسمع من: التّاج الكِنْدي، وغيره.
وحدّث وكتب فِي الإجازات. وكتب عليه أبناء البلد.
وكان الشّهاب غازي المجوّد من أصحابه. وله شِعر وأدب. وقد سافر إلى حلب
وبغداد.
__________
[ () ] التونسيين 1/ 272، وعقد الجمان (1) 82، وكشف الظنون 72، 233،
620، 742، 979، 1055، 1260، 1305، وإيضاح المكنون 1/ 549، وفهرست
الخديوية 6/ 16، ومعجم المؤلفين 2/ 208.
[1] القفصي: بالفتح ثم السكون، وصاد مهملة، نسبة إلى قفصة: بلدة صغيرة
في طرف إفريقية من ناحية المغرب من عمل الزاب الكبير. (معجم البلدان 4/
382) .
[2] ومنه:
لا تعتبنّ على بخل مغاربة ... طباع أنفسهم تبدي الّذي فيها
فالشمس تبذل في الدنيا أشعّتها ... حتى إذا وصلت للغرب تخفيها
[3] انظر عن (إبراهيم بن سليمان) في: العبر 5/ 207، والإعلام بوفيات
الإعلام 272، وفوات الوفيات 1/ 8- 10 رقم 4، وعيون التواريخ 20/ 79،
80، والوافي بالوفيات 5/ 356- 358 رقم 2436، وشذرات الذهب 5/ 253،
ومعجم الشعراء والأدباء في تاريخ لبنان الإسلامي (مخطوط) - بتأليفنا،
والمقفّى الكبير 1/ 165، 166 رقم 152، والمنهل الصافي 1/ 65 رقم 92،
وعقد الجمان (1) 82.
(48/89)
وتُوُفي بدمشق فِي ربيع الآخر.
وذكره ابن العديم رحمه الله فِي «تاريخه» [1] فقال: كتب للأمجد صاحب
بعلبكّ، وأقام فِي خدمته مدّة، ثمّ سافر إلى الدّيار المصريّة وتولّى
الإشراف بالإسكندريّة، ثمّ عاد إلى دمشق.
اجتمعت به وأنشدني شيئا من نظْمه [2] . وقد قرأ الأدب على الكِندي،
وفتيان الشّاغوريّ.
6- إِبْرَاهِيم بن الخطيب أَبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن
عَلِيّ بْن جميل.
أَبُو إِسْحَاق المعافريّ المالقيّ، ثمّ المقدِسي.
وُلِد بالأرض المقدسة فِي سنة ثمان وثمانين وخمسمائة.
وسمع بدمشق من: عَبْد اللّطيف بن أَبِي سعد، والقاسم بن عساكر، والعماد
الكاتب، وحنبل، وستّ الكَتَبة.
وسمع بالقدس أيضا من طائفة، وحدّث بها. وأخذ عَنْهُ غيرُ واحد.
7- إِبْرَاهِيم بن عليّ [3] بن أَحْمَد.
أَبُو إِسْحَاق الأندلسيّ الشّريشيّ المعروف بالبونسيّ، من قرية بونس
[4] ،
__________
[1] لم أجده في المطبوع من «بغية الطلب» ، كما لم يذكره في «التذكرة» .
[2] ومن شعره:
يا ربّ أسود شائب أبصرته ... وكأنّ عينيه لظى وقاد
فحسبته ما قد بدا في بعضه ... نار وباقية عليه رماد
ومن شعره:
لقد نبتت في صحن خدّك لحية ... تأنّق فيها صاحب الإنس والجن
وما كنت محتاجا إلى حسن نبتها ... ولكنها زادتك حسنا إلى حسن
وله شعر غيره.
[3] انظر عن (إبراهيم بن علي) في: المشتبه في الرجال 2/ 674، وتوضيح
المشتبه 9/ 266، وتبصير المنتبه 4/ 1510، ومعجم المصنّفين للتونكي 3/
276، 277، والأعلام 1/ 45، ومعجم المؤلفين 1/ 63، وتاج العروس (مادّة:
بونس) .
[4] بونس: بموحّدة مضمومة ونون مضمومة أيضا كما في تونس، وبذلك قيّدها
في تبصير المنتبه. أما في تاج العروس (بونس) ، ومعجم المؤلفين فقيّدها
بالفتح. وهي من أعمال شريش.
(48/90)
بباءٍ موحّدة. وذلك مُستفاد مع التُونُسي
واليونُسي.
قال الأبّار: روى عن أَبِي الْحَسَن بن هشام، وأبي عَمرو بن غياث.
وأخذ عَنْهُ غيرُ واحد.
وتُوُفي فِي وسط السّنة، وله ثمانٍ وسبعون سنة.
وله مصنّف فِي غرائب التّصحيح [1] .
قلت: روى عَنْهُ مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن يربوع السّبتيّ في حدود
سبعمائة.
8- إِبْرَاهِيم بن مرتفع بن رسلان.
أَبُو إِسْحَاق الْمَصْرِيّ، الذَهَبِي، النّاسخ، المعروف بابن
السّاعاتيّ.
سمع من: هبة الله ابن ستّ الملك بعض «ديوانه» .
وكان مليح الأذهاب والنّسخ. وله شعر، كتبوا عَنْهُ منه.
9- إِبْرَاهِيم بن يوسف بن بركة.
أَبُو إِسْحَاق المَوْصِليّ، الخطيب، الشّافعيّ، الكُتُبي، المعروف
بابن ختّة.
شيخٌ مُعَمَّر، فاته السّماع من الكبار، فإنّه وُلِد سنة أربعٍ وخمسين.
وقد روى بالإجازة عن: خطيب المَوْصِل الفضل عَبْد الله بن أَحْمَد.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وغيره.
ومات فِي أوّل السّنة.
10- إِسْمَاعِيل بن الفضل [2] بن أَبِي الفضل بن خَلَف بن عَبْد الله
بن يعقوب.
الحكيم [3] : أَبُو الفضل مهذّب الدّين التّنوخيّ الحمويّ، الطّبيب.
__________
[1] سمّاه: التبيين والتنقيح لما ورد من الغريب في كتاب «الفصيح» ، وله
«كنز الكتاب، ومنتخب الأدب» . و «التعريف والإسلام في رجال ابن هشام» .
[2] انظر عن (إسماعيل بن الفضل) في: الوافي بالوفيات 9/ 185 رقم 4095.
[3] في الأصل: «الحليم» .
(48/91)
من كبار الأطباء بالقاهرة.
وُلد سنة ثلاثٍ وثمانين وخمسمائة.
ومات فِي صَفَر.
- حرف الجيم-
11- جُنْدُب بن عَبْد الله.
ضياء الدّين الحَمَوي.
تُوُفي بحماة فِي هذه السّنة أو فِي الماضية.
وله شِعر منه:
ومشرفٌ ناظرُه عليك ... يعمل فينا عَمَلَ المشرَفي
أسرفَ إذ أسرفَ فِي حُكمِهِ ... والكَفَن بالمشرَف المشرفيّ
- حرف الحاء-
12- الْحَسَن بن عَليّ [1] بن الحُسَيْن بن صَدَقة.
الحكيم البارع، أَبُو مُحَمَّد الواسطيّ، المعروف بابن ميجال، بياء آخر
الحروف ثمّ جيم، الطّبيب المجاور بمكّة.
ولد سنة ثمانين وخمسمائة بواسط.
وسمع: أَبَا الفتح ابن المَنْدائي [2] ، وابن الأخضر، وغيرهما [3] .
روى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّد الدّمياطيّ، وغيره.
وتُوُفي فِي ذي القعدة بمكّة، رحمه الله تعالى.
__________
[1] انظر عن (الحسن بن علي) في: ذيل التقييد 1/ 507 رقم 990.
[2] المندائي بفتح الميم وسكون النون، لفظ فارسيّ معناه بالعربي:
الباقي، (توضيح المشتبه 8/ 319) .
[3] في ذيل التقييد: «يروي عن أبي الفتح محمد بن أحمد المسند أي
«المسند» للإمام أحمد بن حنبل، و «جزء الأنصاري» عن الأخضر سماعا» .
(48/92)
13- حمْد بن مُحَمَّد [1] .
الْجَزَري، الأديب الشّاعر.
صالح، دَين، متعفّف. كان يعمل المكاكي ويتصدّق.
وكان أهل الجزيرة أكرادا، ويقول خطيبهم: اللهمّ وارض عن معاوية الخال،
ويزيدَ المِفْضال.
وكان حَمدُ شيعيّا غاليا، فكان الأكراد يمقتونه ويكفّرونه.
وله قصيدة أوّلها:
نار غرامي فيك ما تنطفئ ... ووجْدُ قلبي بك [2] ما يشتفي
والجسمُ فِي حُبك أضحى وقد ... أذابه السقْمُ فلم يُعْرَفِ
يا رشا تفعل ألحاظُهُ ... فِي القلبِ فِعْلَ الصارِمِ المُرهَفَ [3]
وهي طويلة فيها أنواع من الرّفض.
- حرف الدال-
14- دَاوُد بن ظاهر.
الشُّجاع العسقلانيّ، والد شيخنا الفاضليّ.
مات فِي ذي الحجّة.
- حرف الذال-
15- ذاكر [4] .
واسمه مُحَمَّد بن إسحاق بن محمد بن المؤيّد، المحدّث، قُطْبُ الدّين،
أَبُو الفضل الهَمَدَانيّ، الأبَرْقُوهي، ثمّ المصريّ.
__________
[1] انظر عن: (حمد بن محمد) في: التذكرة لابن العديم الحلبي 247،
والمختار من تاريخ ابن الجزري 233، والوافي بالوفيات 13/ 161، 162 رقم
181.
[2] في الوافي: «فيك» (13/ 161) .
[3] زاد ابن الجزري بيتا في المختار من تاريخه 233.
آه وما ينفعني في الهوى آه ... إذا لم يك ماء لمسعف
[4] انظر عن (ذاكر) في: صلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني 2/ ورقة 86
وفيه: «ذاكر بن أحمد بن إسحاق بن أحمد بن المؤيّد» .
(48/93)
ولد بأبرقوه سنة سبع وستّمائة.
وسمع بها حضورا من: أَبِي سهل عَبْد السّلام السرقُولي.
وبهَمَذَان من: إِسْمَاعِيل بن الْحَسَن الحماميّ، ومحمد بْن أَحْمَد
بْن هبة اللَّه الرُّوذَرَاوَريّ.
وبأصبهان من: عَبْد اللّطيف بن مُحَمَّد بن ثابت الخُوَارَزْمي.
وسمع ببغداد من: الفتح بن عَبْد السّلام، والمبارك بن أَبِي الجود.
وبحرّان من: فخر الدّين ابن تيمية.
وبدمشق من: ابن أَبِي لُقْمَة، وجماعة.
وعُنِي بالحديث بعد موت والده. وسمع الكثير. وكتب وخرّج لنفسه
«ثمانيّات» .
روى عَنْهُ: أخوه شيخنا أَبُو المعالي أَحْمَد [1] ، وابن بَلَبَان،
والدّمياطيّ، وغيرهم.
ومات رَحمه الله كهلا فِي خامس ربيع الأوّل بمصر.
- حرف الراء-
16- الرضِي الهنديّ [2] .
من كبار الحنفيّة.
ولّي تدريس الصّادريّة [3] بدمشق مدّة بعد العِز عَرَفَة.
ومات فِي جمادى الأولى.
وكان موصوفا بالعِلم والصّلاح.
ودرّس بعده الصّادريّة الفقيه أبو الهول [4] . قاله التّاج ابن عساكر.
__________
[1] انظر معجم شيوخ الذهبي 1/ 26 رقم 14.
[2] انظر عن (الرضي الهندي) في: الجواهر المضيّة 2/ 204 رقم 592 وفيه:
«الرضيّ بن إسحاق بن عبد الله النصري» ، والدارس 1/ 413 وفيه «الرضي
الملتاني الهندي» ، والطبقات السنية، رقم 883.
[3] الصادرية: مدرسة داخل دمشق بباب البريد على باب الجامع الأموي
الغربي، أنشأها شجاع الدولة صادر بن عبد الله، وهي أول مدرسة أنشئت
بدمشق سنة 491 هـ.
[4] هو: برهان الدين إبراهيم بن محمود الغزنوي المعروف بأبي الهول.
(الدارس) .
(48/94)
- حرف السين-
17- سارة بِنْت مُحَمَّد بن المحدّث أبي الفضل إِسْمَاعِيل بن عليّ
الْجَنْزَوي.
أمّ عَبْد الرّحيم الدّمشقيّة.
روت عن جدّها.
وروي عَنْهَا.
توفّيت فِي تاسع جُمادى الآخرة بقاسيون.
18- سعد الله بن أَبِي الفتح [1] بن يَعْلَى.
أَبُو نصر المَنْبِجِي.
سمع بَهَرَاة من: أَبِي روح عَبْد العزْ.
ودخل خُوارزْم وأقام بها مدّة. وكان أديبا شاعرا، فاضلا، صوفيّا.
روى عَنْهُ: الشَّيْخ زين الدّين الفارقيّ، والحافظ عَبْد المؤمن
الدّمياطيّ، ومحمد بن مُحَمَّد الكنجيّ، والعماد بن البالِسي، وجماعة.
وتُوُفّي فِي السّادس والعشرين من ذي الحجّة.
- حرف الصاد-
19- صالح بن شجاع [2] بْن مُحَمَّد بْن سيّدهم بْن عَمْرو.
أَبُو النّقاء الكِناني، المُدلجي، المالكيّ، الخيّاط.
وُلِد بمكّة فِي شوّال سنة أربع وستّين وخمسمائة.
__________
[1] انظر عن (سعد الله بن أبي الفتح) في: بغية الطلب في تاريخ حلب لابن
العديم (المصوّر) 9/ 475- 479 رقم 1357.
[2] انظر عن (صالح بن شجاع) في: صلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني 2/
ورقة 2، والعبر 5/ 208، والمعين في طبقات المحدّثين 207 رقم 2173 وفيه
وفاته سنة 653 هـ.، والإعلام بوفيات الأعلام 272، وسير أعلام النبلاء
23/ 289، 290 رقم 196، وذكره في الصفحة 279، والإشارة إلى وفيات
الأعيان 350، والنجوم الزاهرة 7/ 31، وحسن المحاضرة 1/ 379 رقم 75،
وشذرات الذهب 5/ 253، وذيل التقييد 2/ 18 رقم 1079، والعسجد المسبوك 2/
597، 598.
(48/95)
وسمع بالقاهرة «صحيح مُسْلِم» من أَبِي
المفاخر المأمونيّ.
وأجاز له: أَبُو طاهر السلَفي، وأبو مُحَمَّد بن برّيّ النّحويّ،
وعثمان بن فَرَج العَبدَري، ومنجب بن عَبْد الله المُرشدي، وجماعة.
روى عَنْهُ: الحافظ ابن المنذريّ، والدّمياطيّ، وأبو عَبْد الله
مُحَمَّد بن أَحْمَد القزّاز، وطائفة من أهل بلده من شيوخنا.
وحدّث «بصحيح مُسْلِم» مراتٍ متعدّدة. وكان خيّاطا صالحا، خيّرا،
قانعا. وكان أَبُوهُ أَبُو الْحُسَيْن من كبار القرّاء، أخذ عَنْهُ
جماعة.
تُوُفي صالح فِي سادس عشر المحرّم. وآخر أصحابه البدر يوسف الخَتَني.
20- صدَقَة بن الْحُسَيْن [1] بن مُحَمَّد بن عليّ بن وزير.
أَبُو الْحَسَن الواسطيّ، ثمّ البغداديّ [2] .
روى عن: ابن كُلَيب.
وعنه: الدّمياطيّ، وقُطْب الدّين ابن القسطلانيّ، ومحمد بن مُحَمَّد
الكنجيّ.
مات في ذي الحجّة [3] .
__________
[1] انظر عن (صدقة بن الحسين) في: الحوادث الجامعة 132، وتاريخ إربل 1/
138 وفيه:
«صَدَقة بْن الْحُسَيْن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن وزير» و 140 و
180، 209 و 388، 389.
[2] قال في الحوادث الجامعة: «كان أحد الصوفية برباط المأمونية، ثم ترك
ذلك وخدم ناظر حجر البيع، ثم عزل فانقطع في زاوية له وهي مشهورة في
بغداد.
[3] أنشد لنفسه من قصيدة طويلة في طريق مكة:
الحمد للَّه حملا لا نفاد له ... حتى الممات ويوم الحشر آمله
مهيمن جلّ عن شبه وعن صفة ... بلا نظير ولا حدّ يشاكله
دعا الأنام إلى البيت الحرام فمن ... هدي أجاب ولم يشغله شاغله
من كلّ برّ تقي مخلص ورع ... صفت سرائره عفّت شمائله
ومن مخدّرة عفّت وزيّنها ... طرف جريح بدمع فاض هاطله
كم فدفد قد قطعناه وكم حدب ... أعيت ركائبنا منه جنادله
وفي منّى بلغ الأحباب منيتهم ... والحب محبوبه الأدنى مواصله
وفي آخرها:
(48/96)
- حرف العين-
21- عَبْد الرَّحْمَن بن مكّي [1] بن عَبْد الرَّحْمَن بن أَبِي سَعِيد
بن عتيق.
جمال الدّين، أَبُو القاسم، ابن الحاسب الطرابُلُسي، المغربيّ، ثمّ
الإسكندرانيّ، السّبط.
وُلِد بالإسكندريّة سنة سبعين وخمسمائة، وسمع من جَدّه أَبِي طاهر
السّلطيّ قطعة صالحة من مَروِياته [2] ، وهو آخر من سَمِعَ منه.
وسمع من ابن موقا جزءا، ومن: بدر الخُدَاداذي، وعبد المجيد بن دليل،
وأبي القاسم البوصِيري، وجماعة.
وأجاز له: جدّه، وشُهْده الكاتبة، وعبد الحقّ اليوسُفي، والمبارك بن
عليّ بن الطّبّاخ، وأبو الْحَسَن عليّ بن حُمَيد بن عمار.
روى «صحيح الْبُخَارِيّ» عن عيسى بن أَبِي ذَر الهَرَوي، وخطيب
المَوْصِل أَبِي الفضل الطّوسيّ، والقاضي العلّامة أَبِي سَعِيد بن
أَبِي عَصرُون، والحافظ أَبِي القاسم خَلَف بن بشكوال الأندلسيّ،
ومنوجهر بن تركانشاه،
__________
[ () ]
يا خسر سابور لا نابتك نائبة ... ولا عداك من الوسميّ هاطله
لا زلت في سعد، لا زلت في دعة ... لا باد ربعك واحضرّت منازله
(تاريخ إربل 1/ 388) .
وله:
أخيّ لولا اشتياقي لم أزرك فإن ... تبعد فما دنوّي منك إرباح
أبدي الجميل تكافيني بمخزنة ... كأنّي طائر كافاه تمساح
(تاريخ إربل 1/ 389) .
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن مكي) في: تكملة إكمال الإكمال لابن
الصابوني 193، وصلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني، ج 2/ ورقة 4، 5
والمعين في طبقات المحدّثين 206 رقم 2170، ودول الإسلام 2/ 157،
والإعلام بوفيات الأعلام 272، والإشارة إلى وفيات الأعيان 350، وسير
أعلام النبلاء 23/ 278، 279 رقم 187، والعبر 5/ 308، والنجوم الزاهرة
7/ 31، وحسن المحاضرة 1/ 379 رقم 76، وشذرات الذهب 5/ 253، 254، وذيل
التقييد للفاسي 2/ 101، 102 رقم 1234، والسلوك ج 1 ق 2/ 389، والوافي
بالوفيات 18/ 286 رقم 339.
[2] سمع عليه كتاب «فتوح الشام» لأبي إسماعيل محمد بن عبد الله الأزدي،
أنا به ابن رمح، وكتاب «الناسخ والمنسوخ» لأبي داود السجستاني، أنا أبو
بكر أحمد بن علي الطريثيثي.
(48/97)
وَعَبْد اللَّه بن بَرِّي، وعَليِّ بن هبة
الله الكامليّ، وطائفة سواهم.
وتفرّد فِي زمانه، ورحل إليه الطّلبة.
وروى الكثير. ورحل هُوَ فِي آخر عُمره إلى القاهرة فبثّ بها حديثه،
وبها مات.
روى عَنْهُ أئمّة وحفّاظ منهم: زكيّ الدّين المُنْذِري، وشَرَفُ الدّين
الدْمياطي، وقاضي القُضاة تقيّ الدّين القُشَيري، وتقيّ الدّين عُبَيْد
الإسْعِرْدي، وضياء الدّين عيسى السّبتيّ، وشَرَفُ الدّين حَسَن بن
عليّ اللّخميّ، وضياء الدّين جَعْفَر بن عَبْد الرحيم الحُسَيْني،
وجلال الدّين عَبْد الله بن هشام، ومَنْكُبَرْس العزيزيّ نائب غزّة،
والكمال أَبُو مُحَمَّد عَبْد الرحيم بن عَبْد المحسن الحنبليّ، ومثقال
الأشرفيّ، والركْن عُمَر بن مُحَمَّد العُتْبي، وأبو بَكْر بن عَبْد
البادي الصّعيديّ، والأديب عَبْد المحسن بن هبة الله الفُوي، وعبد
المعطي ابن الباشق، وناصر الدّين مُحَمَّد بن عطاء الله بن الخطيب،
وفخر الدِّين عليّ بن عَبْد الرَّحْمَن النّابلسيّ، وأخوه شهاب الدّين
أَحْمَد العابر، والعماد مُحَمَّد بن يعقوب بن الجرائديّ، والشّهاب
أَحْمَد بن أَبِي بَكْر القرافيّ، والنور عليّ بن مُحَمَّد بن شخيان،
والتّاج مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سليم الوزير، والفخر أَحْمَد بن
إِسْمَاعِيل بن الحباب، والعماد مُحَمَّد بن عليّ بن القسطلانيّ، وولده
مُحَمَّد، وناصر الدّين مُحَمَّد بن أَحْمَد بن الدّماغ، وناصر الدّين
مُحَمَّد بن عُمَر بن ظافر الْبَصْرِيّ، ونور الدّين عليّ بن عَبْد
العظيم الرّسّيّ الشّريف، ونور الدّين عليّ بن عُمَر الواني.
وخرّج له المحدّث أَبُو المظفّر منصور بن سُلَيم «مشيخة» فِي أربعة
أجزاء.
وكان شيخا ناقص الفضيلة، لا بأس فِيهِ.
تُوُفي فِي ليلة رابع شوّال بدار الشَّيْخ أَبِي الْعَبَّاس بن
القسطلانيّ بالفُسطاط. وكان نازلا عندهم.
وقد سمعنا أيضا بإجازته من جماعةٍ منهم: خطيب حماة مُعين الدّين أَبُو
بَكْر بن المُغَيزِل، والنّجم محمود بن النمَيْري، وستّ القُضاة بِنْت
مُحَمَّد
(48/98)
النمَيرية، والعماد مُحَمَّد بن البالِسي،
وغيرهم.
وانفردت عَنْهُ بِنْت الكمال بإجازته لمّا مات ابن الرضيّ، وابن عنتر
سنة ثمانٍ وثلاثين.
22- عَبْد القادر بن الحُسَيْن [1] بن مُحَمَّد بن جَمِيل.
أَبُو مُحَمَّد البغداديّ، البَنْدَنِيجي [2] البوّاب.
سَمِعَ من: أَبِي الحُسَيْن عَبْد الحقّ اليُوسُفيّ، وعُبَيْد الله بن
شاتيل، والقزّاز.
وأحسبه آخر من روى عن عَبْد الحقّ.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، والكنجيّ، والبغداديّون.
ومات فِي سابع ذي القعدة.
23- عَبْد القادر بن أَبِي نصر عَبْد الجبّار بن عَبْد القادر.
أَبُو منصور ابن القزوينيّ البغداديّ، الحربيّ.
ولد سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة.
وسمع من: أَبِي الفتح بن شاتيل، وعبد المغيث بن زُهَير، ويعقوب الحربيّ
المقرئ.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، ومحمد بن مُحَمَّد الكنجيّ.
وكان مؤدّبا يُعرف بابن المَدِيني.
تُوُفي فِي خامس جُمادى الأولى.
24- عَبْد الكريم بن مظفّر بن سعد بن عُمَر بن الصّفّار.
شمس الدّين أَبُو الْحُسَيْن التّاجر، الأصَم.
كان من ذوي الثّروة.
حدّث بمصر والشّام وبغداد عن ابن كليب، و «بجزء» ابن عرفة.
__________
[1] انظر عن (عبد القادر بن الحسين) في: الإشارة إلى وفيات الأعيان
350، وسير أعلام النبلاء 23/ 279 و 280 رقم 188.
[2] سبق التعريف بهذه النسبة في الأجزاء السابقة من هذا الكتاب.
(48/99)
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، والبدر مُحَمَّد
بن السوَيدي المستوفي، وعبد الحافظ الشرُوطي، وغيرهم.
وبالإجازة: قاضي القضاة ابن الخُويي، والعماد بن البالِسي.
وكان حيّا فِي هذه السّنة، ولم تُضبط وفاتُه فيما أعلم رحمه الله
تعالى.
25- عَبْد الكريم بن منصور [1] بن أبي بَكْر.
أَبُو مُحَمَّد المَوْصِلي المحدّث، الرجل الصّالح، المعروف بالأثريّ
[2] الشّافعيّ.
سمع الكثير، وحدّث عن: مسمار بن العُوَيْس، وجماعة.
ومات كهلا في أواخر السّنة.
حدّث عَنْهُ: الدّمياطيّ، والشّيخ مُحَمَّد الكنجيّ.
وله شِعر جيّد.
سمع منه الدّمياطيّ بزاويته بقرية الحديثة من ضواحي بغداد، ونُسِبَ إلى
الأثر لاعتنائه به.
وقد سمع بالمَوْصِل من عَبْد المحسن ابن الخطيب، وبدمشق من الشَّيْخ
الموفّق. وبحلب وبغداد فأكثر.
توفّي في رمضان [3] .
__________
[1] انظر عن (عبد الكريم بن منصور) في: تكملة إكمال الإكمال لابن
الصابوني 14، وعقود الجمان في شعراء أهل هذا الزمان لابن الشعّار 5/
ورقة 198، وتاريخ إربل 1/ 447- 451 رقم 325، والمشتبه في الرجال 1/ 3،
وعيون التواريخ 20/ 72 وفيه قال محقّقاه: «لم نجد له ترجمة في المصادر
التي بين أيدينا» ، وتوضيح المشتبه 1/ 122، وشذرات الذهب 5/ 208، وتاج
العروس (مادّة: القمري) .
[2] الأثري: نسبة إلى الأثر النبويّ، ويراد به أحاديث السّنّة النبويّة
المرويّة. وذكره الزبيدي في مادّة «القمري» بضم القاف، وسمّاه: عبد
الكريم بن منصور القمري، وذكر تحديثه عن أصحاب الأرموي، وأنه كان يقرئ
بمسجد «قمرية» غربيّ بغداد فنسب إليها.
[3] وقال ابن المستوفي: ورد إربل، وما سمّع بها لأنه وردها وأقام بها
مريضا. وهو مقيم ببغداد. كان يكتب في نسبته: «الموصلي الأثري» .
نظم قصيدة في مدح الأئمّة: مالك بن أنس، والشافعيّ، وابن حنبل، وأجاز
روايتها لابن المستوفي: ومن شعره:
عاص هوى نفسك يا عاصي ... وادن من الخيرات يا قاصي
(48/100)
26- عَبْد الواحد بن عَبْد الكريم [1] بن
خَلَف.
العلّامة كمال الدّين، أَبُو المكارم ابن خطيب زملكا [2] الأنصاريّ،
السّماكيّ، الزّملكانيّ، الفقيه الشّافعيّ.
كان من كِبار الفُضَلاء، له معرفة تامّة بالمعاني والبيان والأدب،
ومشاركة جيدة فِي كثير من العلوم.
ذكره الإِمَام أَبُو شامة [3] فقال: كان عالما خيّرا متميّزا فِي علومِ
متعدّدة.
ولي القضاء بصَرخَد، ودرّس ببَعْلَبَكَّ، ثمّ تُوُفي بدمشق فِي
المحرّم.
قلت: وهو جَد شيخنا العلّامة كمال الدّين مُحَمَّد الشّافعيّ.
وله شِعر فائق.
كتب عَنْهُ: رشيد الدّين مُحَمَّد بن الحافظ عَبْد العظيم، وناصر
الدّين مُحَمَّد بن عَربشاه، وناصر الدّين محمد بن المهتار [4] .
__________
[ () ]
لا تغفلن عن ذكر مولى الورى ... وليكن الذكر بإخلاص
وله:
تب على عبد له عمل ... لو به جازيته هلكا
غافل عمّا يراد به ... مسلك العاصين قد سلكا
وقال ابن المستوفي: هذا الشيخ الأثري رأيته مع مودود بن كي أرسلان
بإربل بدار الحديث، ولم أنبّه عليه فاجتمع به اجتماعي بغيره ممّن عرفته
أو عرّفته، فأستنشده من شعره ما هو غرض هذا الكتاب. وحدّثني المبارك بن
أبي بكر بن حمدان الموصلي أنه من أهل الخير والورع والدين والصلاح،
استظهر الكتاب العزيز، وقرأ النحو والفقه، وسمع الكثير من الحديث. ولم
ير مثله في انقطاعه وقناعته على ما عنده من مسيس الحاجة.
[1] انظر عن (عبد الواحد بن عبد الكريم) في: ذيل الروضتين 187، والعبر
5/ 208، 209، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 12، ومرآة الجنان 4/ 127،
128، وعيون التواريخ 20/ 73 وفيه: «عبد الواحد بن خلف» ، والسلوك ج 1 ق
2/ 389، وعقد الجمان (1) 83، 84، وشذرات الذهب 5/ 254، وموسوعة علماء
المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي (تأليفنا) ق 2 ج 2/ 285، 286، رقم
635، وطبقات الشافعية الكبرى 8/ 316، وطبقات الشافعية، لابن كثير، ورقة
176 ب.، وعقد الجمان (1) 83، وتاريخ الخلفاء 476.
[2] في مرآة الجنان 4/ 127 «ابن خطيب زملكان» .
و «زملكا» : قرية بغوطة دمشق.
[3] في ذيل الروضتين 187.
[4] وقال ابن شاكر الكتبي: حكى عنه ابن أخيه عبد الكافي بن الخطيب عبد
القادر، أنه طال به
(48/101)
27- عثمان بن مُحَمَّد [1] بن عَبْد
الحميد.
التّنّوخيّ، البَعْلَبَكي، العَدَوي، الزّاهد الكبير، شيخ دَيْر ناعِس
[2] .
كان رضي الله عَنْهُ كبير القدر صاحب أحوال وكرامات وعبادة ومجاهدات.
ذكره خطيب زَمْلَكا عَبْد الله بن العزّ عُمر فقال: أخبرني إِسْمَاعِيل
بن رضوان قال: كان الشَّيْخ عثمان يخرج مع إخوته إلى الحصاد فيأخذ معه
إبريقا [3] ليتوضّأ منه، فقال إخوته مرّة: كم تُبْطِلنا بِصلاتك. وقام
أحدهم بردّ الإبريق. فلمّا جاء وقت الصّلاة قام إلى الإبريق وأخذه
وتوضّأ. فلمّا رأوه يتوضّأ قَالُوا له: لا تَعُدْ تحصد نَحْنُ نكفيك.
وحدّثني أَبُو الْعَبَّاس أَحْمَد بن عَبْد الله بن عزيز اليُونيني
قال: شاهدت الشَّيْخ عثمان وقد ورد عليه فُقراء، فأخرج إليهم فِي
مِيزَرٍ خبزا فأكلوا، فرأيت الَّذِي فضل أكثر من الَّذِي جاء به.
وقال عَبْد الدائم بن أَحْمَد بن عَبْد الدائم: وأخبرني العماد
مُحَمَّد بن عوصة قال: عرض للشّيخ الفقيه مَغَص فقال لي: امضِ إلى
الشَّيْخ عثمان وقُلْ له: قال لك الفقيه لئن لم يسكُنْ وَجَعُ جَوْفه
ليضربنّك مائة عصاة. فقلت: يا
__________
[ () ] المرض، فبينما نحن عنده يوما، إذ التوت يده اليمنى إلى أن صارت
كالقوس، ثم فقعت فقعة شديدة، ثم انكسرت وبقيت معلّقة بالجلد والعظام
تخشخش، ثم يوما آخر أصاب ذلك يده اليسرى. ويوما آخر أصاب رجله مثل ذلك،
ثم الرجل الأخرى، فبقيت أربعته مكسّرة، وأطرافه كأنها بجسمه معلّقة،
نسأل الله العافية، وسئل عن ذلك جماعة من الأطباء فما عرفوا جنس هذا
المرض. (عيون التواريخ) .
[1] انظر عن (عثمان بن محمد) في: العبر 5/ 209، وذيل مرآة الزمان 1/
32، 33، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي ق 2 ج 2/ 303
رقم 655 و 312 رقم 667، وسير أعلام النبلاء 23/ 295 رقم 201، ومرآة
الجنان 4/ 128، وعيون التواريخ 20/ 72، وشذرات الذهب 5/ 253 و 294 (في
وفيات سنة 650 هـ.) ، والوافي بالوفيات 19/ 506 رقم 513.
[2] دير ناعس: قرية بالبقاع من لبنان.
[3] في الأصل: «إبريق» .
(48/102)
سيّدي وكيف تضربُه؟ فقال: الشَّيْخ عثمان
أكرم على الله من أنْ أضربه.
قال: وأخبرني ولده القُدوة الشَّيْخ مُحَمَّد، عن أبيه قال: صلّينا بعض
الأيّام الضحَى، وإذا بالمسجد قد امتلأ جنّا [1] بحيث أنّي ما كنت
أستطيع القيام.
قال: فصحْتُ صيحة ظهر النّور من تحت المسجد واستوحيت بالمشايخ.
قال: فجاءوا واستحييت من الخليل عليه السّلام كون أنّه جاء فِي نصرتنا
وما ودّعته.
وأخبرني الشَّيْخ مُحَمَّد قال: كنت فِي بعض اللّيالي جالس [2] وإذا
رَجُل قد أقبل وبيده حَربةٌ تلمع، ويخرج منها نارٌ يظهر لهَبُها شرقا
وغربا، فخرج إليه والدي وأخذ بيده فمَشَيَا، فلمّا كان بعد الثّلاثين
ليلة رأيت ثلاثةَ رجالٍ على خيل، فقام والدي إليهم فأخذ بمعْرَفَة
فَرَس أحدهم، ووقف مكبوب الرّأس.
فلمّا كان من الغد رَأَيْت عند والدي رَجُل [3] يحدّثه ولا أرى شخصه،
وهو يقول: جاء إلينا الشَّيْخ عَبْد الله اليونينيّ [4] ومعه حَربةٌ،
والشّيخ عَبْد القادر، والشّيخ عَدِي [5] وسمّى الآخر، وهم رُكاب خيل،
وأخبرونا أنّ المسلمين منتصرين على العدوّ. فلمّا كان تلك اللّيلة
رَأَيْت والدي وهو يسير على السّطح وهو يهدر كهدر الأسد. فلمّا كان آخر
اللّيل صفّق صَفْقَتَين. فورّخ بعضُ الجماعة تلك اللّيلة وإذا هِيَ
ليلة كسروا الفرنج على المنصورة. أو ما هذا معناه.
__________
[1] في الأصل: «امتلأ جن» .
[2] هكذا بالعامّيّة.
[3] كذا بالعامّيّة، والصواب: «رجلا» .
[4] هو الشيخ عبد الله بن عثمان بن جعفر اليونيني الملقّب بأسد الشام.
توفي سنة 617 هـ.
(تقدّمت وفاته في الجزء 611- 620 هـ. رقم 452) .
[5] هو الشيخ عديّ بن مسافر بن إسماعيل الشامي الهكّاري المولود في
قرية بيت فار من أعمال بعلبكّ، والمتوفّى سنة 557 هـ. وقيل 555 هـ.
(تاريخ إربل 1/ 116، وفيات الأعيان 3/ 254، العبر 4/ 163، البداية
والنهاية 12/ 243، جامع كرامات الأولياء 2/ 147- 151، موسوعة علماء
المسلمين ق 2 ج 2/ 313 رقم 669) .
(48/103)
قال: وأخبرني القُدوة إِبْرَاهِيم بن
الشَّيْخ عثمان قال: رأيت عند أَبِي رجالا من لُبنان، فسمعتهم
يتحدّثون، فذكروا شخصا، وقال أحدهم ما أعطى الفرقان فسُئل عن الفُرقان
قال: يفرّق بين الحلّال والحرام.
قال: وأخبرني أَبِي قال: كنت بين الفُرزل [1] ونيحا [2] وإذا بطيور وهم
يقولون [3] : هذا قبر..... [4] .
قال: وأخبرني شيخنا أَبُو الْعَبَّاس أَحْمَد بن العماد بن إِبْرَاهِيم
المقدسيّ قال: أمرني رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله
وَسَلَّمَ فِي النّوم بوداع الشَّيْخ عثمان، فلمّا جئت لأودّعه قام
إليّ وقال: جئت تودّعني كما ودعتَ الشيخَ إِبْرَاهِيم. قلت: نعم.
قال: وأخبرني إِبْرَاهِيم أنّ أَبَاهُ لبِس من الشَّيْخ عَبْد الله
اليُونيني، وأنّه اجتمع بالشّيخ أَبِي الْحَسَن الشّعرانيّ الَّذِي
بجبل لبنان.
قلت: وللشّيخ عثمان ذِكر فِي ترجمة الشَّيْخ الفقيه [5] . وكان عديم
النّظير فِي زمانه- رحمه الله- وفيه خيرٌ وعِبادة، وله أوراد.
وتُوُفي فِي سادس شعبان من العام [6] .
28- عَليّ بْنُ عَبْد اللَّه [7] بْنِ مُحَمَّد بْن يوسف بن يوسف بن
أَحْمَد.
القاضي أَبُو الْحَسَن بن قَطْرال [8] الأَنْصَارِيّ، الأندلسيّ،
القرطبيّ.
__________
[1] الفرزل: بضم الفاء، وسكون الراء، وضمّ الزاي، قرية بقضاء زحلة
بالبقاع من لبنان.
[2] نيحا: بكسر النون، وياء آخر الحروف، وحاء مهملة، وألف ممدودة. قرية
بالبقاع من لبنان.
[3] كذا: وهو بالعامّيّة، والصواب: «وإذا بطيور وهي تقول» .
[4] في الأصل بياض. وقد كتب في الهامش بإزائه: «ت: ما عرف المصنّف أيش
كتب» .
[5] هو أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن
عيسى بن أبي الرجال اليونيني البعلبكي المتوفى سنة 658 هـ. وستأتي
ترجمته في هذا الجزء، برقم (456) .
[6] في شذرات الذهب 5/ 253 توفي سنة 650.
[7] انظر عن (علي بن عبد الله) في: صلة الصلة لابن الزبير 138، وتكملة
الصلة لابن الأبّار (مخطوطة الأزهر) ج 3/ ورقة 76، 77، والوفيات لابن
قنفذ 321 رقم 651، والعبر 5/ 209، 210، وسير أعلام النبلاء 23/ 304،
305 رقم 212، والعسجد المسبوك 2/ 597، وشذرات الذهب 5/ 254، وشجرة
النور الزكية 1/ 183 رقم 604، والإحاطة في أخبار غرناطة لابن الخطيب 4/
190، 191، والوافي بالوفيات 21/ 214 رقم 138.
[8] تصحف في شجرة النور إلى «ابن قرطال» .
(48/104)
ذكره الأبّار [1] فقال: سمع أَبَا عَبْد
الله بن حفص، وأَبَا القاسم بن رشد، وغيرهم، وأخذ قراءة نافع وعِلم
العربيّة عن أَبِي جَعْفَر بن يحيى الخطيب.
وسمع بغَرْنَاطة: أَبَا خَالِد بن رفاعة، وأبا الْحَسَن بن كوثر.
وسمع بالمنكّب [2] : عَبْد الحقّ بن بُونة، وبمالقة: أَبَا عَبْد الله
ابن الفخار، وبسَبتة: أَبَا مُحَمَّد بن عُبَيْد الله.
وأجاز لَهُ: أَبُو عَبْد اللَّه بن زرْقون، وأبو بكر بن الجدّ، وجماعة.
وولي قضاء أبّذة [3] فأسره العدوّ بها إذ تغلّبوا عليها سنة تسع
وستّمائة، ثمّ تخلّص. ووُلي قضاء شاطبة [4] مدّة، ثمّ وُلي قضاء شَرِيش
[5] ، ثمّ قضاء قُرْطُبَة. ثمّ أعيد إلى قضاء شاطبة وخطابتها. ثمّ نزح
عنها في آخر سنة ستّ وثلاثين وستّمائة لتغلّب العدوّ فِي صدر هذا العام
على بَلَنْسِيَة.
ووُلي قضاء سَبتَة ثمّ قضاء فاس. وكان من رجال الكمال، عِلمًا وعملا،
يشارك فِي عدّة فنون، ويتميّز بالبلاغة.
أخِذَتْ عَنْهُ بشاطبة جُملة من روايته.
وُلِد سنة ثلاثٍ وستّين وخمسمائة، وتُوُفي بمراكِش فِي ربيع الأوّل بعد
ولايته قضاء أغمات [6] .
__________
[1] في تكملة الصلة 3/ ورقة 76.
[2] المنكّب: مدينة صغيرة في مقاطعة غرناطة على البحر المتوسط، وبهذا
المرسي خرج عبد الرحمن الداخل الأموي عند دخوله الأندلس. (الروض
المعطار 548) .
[3] أبّذة: مدينة بالأندلس صغيرة (الروض المعطار 6) ، وتصحّفت في شذرات
الذهب إلى:
«آمد» .
[4] شاطبة: مدينة جليلة بالأندلس حصينة، قريبة من جزيرة شقر. (آثار
البلاد وأخبار العباد 539، الروض المعطار 337، نزهة المشتاق 192.)
[5] شريش: بفتح أوله وكسر ثانيه. من كور شذونة بالأندلس على مقربة من
البحر. (الروض المعطار 340) .
[6] أغمات: مدينة بأرض المغرب بقرب وادي درعة وبينها وبين نفيس مرحلة.
وهي مدينتان إحداهما تسمّى أغمات وريكة، والأخرى أغمات هيلانة، وبينهما
نحو ثمانية أميال. (الروض المعطار 46) .
(48/105)
29- عليّ بن عَبْد الرَّحْمَن [1] .
الإِمَام موفّق الدّين، أَبُو الْحَسَن البغداديّ البصْري، الحنبليّ.
سمع من: أَحْمَد بن صرْما، وزيد بن يحيى البَيع.
وأعاد بالمستنصريّة.
وتُوُفي شابّا فِي شَعْبان.
30- عليّ بْن عَبْد الوهاب بْن محمد بن طاهر.
الْقُرَشِيّ، الدّمشقيّ، أخو أَبِي حفص عُمَر بن البراذعيّ.
سمع من: ابن طبرزد، والكنديّ.
وحدّث.
ومات فِي شوّال.
31- عُمَر بن مكّي بن سرجا بن مُحَمَّد.
أَبُو حفص الحلبيّ المحدّث، شهاب الدّين.
ولد بعد التّسعين وخمسمائة.
وسمع من: الإفتخار عَبْد المطّلب الهاشميّ، وأبي مُحَمَّد بن علوان،
وجماعة.
وعُنِي بالحديث، وسمع الكثير من المتأخّرين وله شعر حسن.
روى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّد الدّمياطيّ، والعفيف إِسْحَاق الآمِدي،
والكمال إِسْحَاق الحلبيّ.
وتُوُفي فِي أواخر هذه السّنة.
- حرف الغين-
32- غالب بن حَسَن [2] بن أَحْمَد بن سيد بُونه.
الإِمَام القاضي أَبُو تمّام الخزاعيّ الدّانيّ.
__________
[1] انظر عن (علي بن عبد الرحمن) في: ذيل طبقات الحنابلة 2/ 249،
ومختصره 115، والمنهج الأحمد 382، والمقصد الأرشد رقم 730، والدرّ
المنضّد 1/ 393 رقم 1075.
[2] انظر عن (غالب بن حسن) في: صلة الصلة لابن الزبير.
(48/106)
صحِبَ قرابتَهُ القُدْوة أَحْمَد بن سيد
بُونه.
وروى عَنْ: أبيه، وأبي عَبْد اللَّه بْن مزين.
وكان فيما قال ابن الزّبير مُقرِئًا صالحا، قاضيا.
قيل: كان له كلّ يوم ختمة.
رَأَيْته بغرناطة، تُوُفي سنة 651.
- حرف الميم-
33- مُحَمَّد بن سُنُقر الحلبيّ.
أَبُو الفضل. دمشقيّ.
روى عن الخُشُوعي.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وغيره.
مات فِي صَفَر.
34- مُحَمَّد بن عبدان بن غريب.
أَبُو عَبْد الله الحَراني، الصّيدلانيّ، الملقّب بعريب.
حدّث عن: عَبْد الوهّاب بن أَبِي حبّة.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وقال: تُوُفي فِي حدود سنة 651.
35- مُحَمَّد بن عَبْد اللَّه بن عُثْمَان [1] بن جَعْفَر بن الشَّيْخ
القُدوة أَبِي عَبْد الله اليونينيّ الزّاهد.
ذكره خطيب زَمْلَكا فقال: كان صاحب كرامات ورياضات، زاهدا ورعا
متواضعا، لا يمكُن أحدا من تقبيل يده حتّى يقبّل أيضا يد ذلك الرّجل.
حدّثني الْحَسَن بن مظفّر قال: طلعنا إلى زاوية الشَّيْخ فتلقّانا
الشَّيْخ مُحَمَّد، فقال فيما حَدَّثَنَا، يا فقراء، كان سيّدي
الشَّيْخ قد جهزني إلى الحجاز،
__________
[1] انظر عن (محمد بن عبد الله بن عثمان) في: العبر 5/ 210، وسير أعلام
النبلاء 23/ 280 دون ترجمة، ومرآة الجنان 4/ 128 وفيه: «محمد ابن الشيخ
الكبير عبد الله الجويني» وهو غلط، والعسجد المسبوك 2/ 599، وشذرات
الذهب 5/ 254، وجامع كرامات الأولياء 234- 237، وموسوعة علماء المسلمين
في تاريخ لبنان الإسلامي ق 2/ ج 4/ 52 رقم 1050.
(48/107)
فلمّا كانت اللّيلة الّتي تُوُفي فيها
رَأَيْت رسول الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ فِي النّوم يُعزيني
فِي الشَّيْخ فورخْنا تلكَ الليلة، فلمّا وصلنا وجدناه قد تُوُفي فيها
[1] .
قال خطيب زَمْلَكا: وقد اختلفوا على ما قيل فيمن يكون شيخا بعد
الشَّيْخ عَبْد الله، فقال بعضهم: الشَّيْخ الفقيه [2] ، وقال آخرون:
يكون الشَّيْخ توبة [3] ، وقال بعضهم: الشَّيْخ عَبْد الله بن عَبْد
العزيز [4] . فحدّثني الشَّيْخ إسرائيل قال: فرأى الشَّيْخ الفقيه فِي
النّوم الشَّيْخ عَبْد الله وهو يقول: أنت والشّيخ توبة أصحابي،
والشّيخ عَبْد الله مُرِيدي، وولدي مُحَمَّد ما هُوَ صغير.
فلمّا أصبح أخبر الفقراء بما رَأَى، فلمّا قدِم الشَّيْخ مُحَمَّد من
الحجّ بسطوا له السّجّادة وقاموا حوله.
تُوُفي فِي رجب.
36- مُحَمَّد بن عليّ.
الشَّيْخ الكبير الحريريّ المتقدّم ذِكْرَه فِي الشّطح والأحوال.
كان ولده هذا رجلا صالحا، ديّنا، خيّرا.
ومن محاسنه أنّه كان يُنكر على أصحاب والده ويأمرهم باتّباع الشّريعة.
ولمّا مات أَبُوهُ طلبوا منه الجلوس فِي المشيخة فشرط شروطا لم يقدر
أصحابه على التزامها، فتركهم وانعزل عَنْهُمْ.
وأقام بدمشق وبها تُوُفي، ودُفِن عند الشَّيْخ رسلان، رحمه الله.
وعاش سبْعًا وأربعين سنة.
__________
[1] هو عبد الله بن عثمان بن جعفر الملقّب بأسد الشام، الزاهد اليونيني
الكبير. توفي يوم السبت في العشر الأول من ذي الحجة سنة 617 هـ. تقدّمت
ترجمته في الجزء (611- 620 هـ.) برقم 452.
[2] هو أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن
عيسى بن أبي الرجال اليونيني، المتوفى سنة 658 هـ. وستأتي ترجمته في
هذا الجزء برقم (456) .
[3] هو توبة بن أبي البركات التكريتي. تقدّمت ترجمته في الجزء (611-
620 هـ.) برقم 452، والجزء (621- 630 هـ.) برقم 82، وهو توفي سنة 622
هـ.
[4] له ذكر في ترجمة عبد الله بن عثمان بن جعفر، وكان بجبل قاسيون.
انظر: شذرات الذهب 5/ 73- 75.
(48/108)
37- مُحَمَّد بن عيسى.
أَبُو بَكْر الأَنْصَارِيّ، الخَزْرَجي، المالقيّ، الزاهد، نزيل مصر.
أحد الأولياء والعُباد. كان يأكل من كسْبه ولا يقبل من أحدٍ شيئا.
ذكره الحافظ عزّ الدّين الحُسَيني فقال: كان أحد الزُهَاد الورعين،
وعُباد الله المنقطعِين، مشتغلا بنفسه، يأكل من كسب يده مع جدّ وعملٍ
وفضلٍ وأدب. ولم يكن فِي زمانه من اجتمع فِيهِ ما جُمِع له.
تُوُفي، رحمه الله، فِي الثامن والعشرين من ربيع الآخر، ودُفِن بسفح
المقطّم.
وكان له مشهد عظيم جدّا، وقبره معروف يُزار ويتبرّك به، رحمه الله.
38- مُحَمَّد بن يوسف [1] .
الإِمَام المحدّث أَبُو عبد الله الهاشميّ، الطّنجاليّ [2] .
قال ابن الزبَيْر: محدّث فاضل، نحويّ، ورع، زاهد. لازَمَ المحدّث أَبَا
مُحَمَّد عَبْد الله بنَ عطيّة، وسمع عليه.
وأكثر عن: أَبِي الْحَسَن عليّ بن مُحَمَّد الغافِقي.
وقرأ على أَبِي القاسم بن الطيلَسان، وعلى أَبِي سُلَيْمَان ابن حوط
الله، وطائفة وأجاز له في صِغَره أَبُو الخطّاب بن واجب، وعدّة.
وكان من أبرع أهل زمانه خطّا وأتقنهم، لا يُجارى فِي ذلك.
وكان يتكلّم بجامع مالقة على «صحيح الْبُخَارِيّ» غدوة.
وكان كثير الورع. عاش نحوا من خمسين سنة، صَحِبْتُهُ وسمعت منه وقيل
إنّه مات فِي سنة ثلاثٍ كما يأتي [3] .
__________
[1] انظر عن (محمد بن يوسف) في: صلة الصلة لابن الزبير، وسير أعلام
النبلاء 23/ 280 دون ترجمة.
[2] الطّنجالي: بفتح الطاء المهملة وسكون النون، وجيم. نسبة إلى مدينة
طنجة بالمغرب. وبينها وبين سبتة ثلاثون ميلا في البر، وفي البحر نصف
مجرى. وتعرف بالبربرية «وليلي» افتتحها عقبة بن نافع. وهي على شاطئ بحر
الزقاق. (الروض المعطار 395، 396) وقالوا:
وطنجة آخر حدود إفريقية من المغرب.
[3] برقم (127) .
(48/109)
39- مُحَمَّد بن أَبِي المكارم [1] مفضّل
بْن مُحَمَّد بْن حسّان بْن جواد بْن عليّ بن خزرج.
زَينُ الدّين، أَبُو الْعَبَّاس [2] الأَنْصَارِيّ، الأسوانيّ،
الْمَصْرِيّ، الشّافعيّ، العدل.
وُلِد سنة إحدى وسبعين وخمسمائة.
وسمع من: عمّه أَبِي الطّاهر إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد، وإِسْمَاعِيل بن
ياسين، وفاطمة بِنْت سعد الخير، والعماد الكاتب.
وأجاز له: منُوجهر بن تركانشاه، ومحمد بن نصر بن الشّعّار، وغيرهما.
وتقلّب فِي الخِدَم الدّيوانيّة.
وكان رئيسا نبيلا من بيت حشمة [3] .
روى عَنْهُ الدّمياطيّ، وقال: تُوُفّي فِي ذي الحجَّة.
40- مُحَمَّد بْن أَبِي الفتح بن أَبِي الْحَسَن بن أَحْمَد بن أَبِي
الدّنيا.
أَبُو عَبْد الله البغداديّ.
وُلِد سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة.
وحدّث عن عَبْد الله بن شاتيل، وأبي شجاع محمد بن المقرون.
__________
[1] انظر عن (محمّد بن أبي المكارم) في: المقفّى الكبير 7/ 282، 283
رقم 3348.
[2] في المقفّى: «أبو الفضائل» .
[3] وقال الشعر، وكانت له بديهة. طلب من الشيخ عز الدين ابن عبد السلام
إجازة فأنشده الشيخ:
لو كان فيهم من عراه غرام ... ما عنّفوني في هواه ولاموا
فقال بديها:
لكنهم جهلوا لذاذة حبّه ... وعلمتها فلذا سهرت وناموا
لو يعلمون كما علمت جميعه ... جنحوا إلى ذاك الجناب وهاموا
أو لو بدت أنواره لعيونهم ... خرّوا ولم تثبت لهم أقدام
لولاك عزّ الدين تنعش مهجتي ... ما كان لي في البلدتين مقام
لمّا رأينا منك علما لم يكن ... بالدرس قلنا: إنه إلهام
جاوزت حدّ المدح حتى لم يطق ... مدحا لفضلك في الورى النّظّام
فعليك يا عبد العزيز تحيّة ... وعليك يا عبد السلام سلام
فلما فرغ من إنشاده قال الشيخ عز الدين: اشهدوا عليّ أني أجزته بالفتوى
والتدريس والشعر.
(48/110)
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، ومحمد بن الكنْجي،
وغيرهما.
مات فِي المحرّم.
41- مُحَمَّد.
الواعظ الشّاعر.
من أعيان أدباء البغاددة. ورّخه ابن أنجَب.
42- مظفّر بن مُحَمَّد بن مظفّر بن شجاع بن مظفّر بن البوّاب.
أَبُو منصور.
روى عن: ابن بَوْش، وابن كُلَيْب.
روى عَنْهُ: خطيب الدّين ابن القسطلانيّ، وشَرَفُ الدّين التّونيّ،
ومحمد بن مُحَمَّد الكنجيّ.
ومات فِي جمادى الأولى.
43- منصور بن سرّار [1] بن عيسى بن سَلِيم.
أَبُو عليّ الأَنْصَارِيّ، الإسكندرانيّ، المالكيّ، المقرئ المؤدّب
المعروف بالمسدّيّ.
ولد سنة سبعين وخمسمائة.
وسَمع من: عَبْد الرَّحْمَن بن موقا، ومحمد بن مُحَمَّد الكِرْكَنْتي
[2] ، ومنصور بن خميس وغيرهم. وكان من حذّاق المقرءين.
نَظم «أرجوزة فِي القراءات» .
وسرّار: مُشَدد، وسَلِيم: بفتح أوّله. وقيل إنّه صنّف تفسيرا.
__________
[1] انظر عن (منصور بن سرّار) في: صلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني
2/ ورقة 4، ومعرفة القراء الكبار 2/ 670، 671 رقم 638، والمشتبه في
الرجال 1/ 393، وغاية النهاية 2/ 312، وحسن المحاضرة 1/ 501، وطبقات
المفسّرين للسيوطي 42، وطبقات المفسّرين للداوديّ 2/ 338، 339، ومعجم
طبقات الحفاظ والمفسّرين 293 رقم 650، وتوضيح المشتبه 5/ 155، ومعجم
المؤلفين 13/ 13.
[2] الكركنتي: بكسر الكافين بينهما الراء الساكنة وبعدها النون ساكنة
وفي آخرها التاء المنقوطة من فوق باثنتين. نسبة إلى كركنت وهي قرية من
قرى القيروان إحدى بلاد المغرب.
(الأنساب 10/ 399) .
(48/111)
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، والوجيه منصور بن
سَلِيم.
تُوُفي فِي رجب عن ثمانين سنة.
44- مُوسَى بن مُحَمَّد [1] بن موسى بن أَحْمَد.
الفقيه، نجم الدّين، أَبُو عمران الكِناني القُمراوي، وقُمر: قرية من
نواحي صَرْخد.
كان شاعرا محسِنًا. تُوُفي وله ستّون سنة [2] .
وهذه الأبيات له:
قد مَل مريضك عُودُه ... ورثى لأسيرك حُسدُه
لم يُبْق هواك [3] سوى نَفَسٍ ... زَفَراتُ الشوقِ تُصَعدُه
هاروتُ يُعنعن فَن السّحر ... - إلى عينيك يسددُه [4]
وإذا أغمضْتَ اللّحظ فتكت ... ، فكيفَ وأنتَ تجردُه؟ [5]
- حرف النون-
45- نفيس بن محمود بن أَبِي القاسم بن مُحَمَّد بن عُبَيْد الله.
فخرُ الدّين، أَبُو المظفّر البعقوبيّ، ثمّ الدّمشقيّ، المقرئ،
الشّافعيّ العدل.
وُلِد بالعراق سنة ثمانٍ وسبعين وخمسمائة، وقدِم دمشقَ فاستوطنها وسمع
بها من: عُمَر بن طبرزد، وحنبل الرّصافيّ.
__________
[1] انظر عن (موسى بن محمد) في: المختار من تاريخ ابن الجزري 233، 234،
وعيون التواريخ 20/ 71، 72، وشذرات الذهب 5/ 252 (في وفيات 650 هـ.) .
[2] مولده سنة 591 هـ.
[3] في عيون التواريخ: «جفاك» .
[4] في عيون التواريخ: «ويسنده» .
[5] وزاد في عيون التواريخ:
كم سهل خدّك وجه رضى ... والحاجب منك يعقده
ما أشرك فيك القلب فلم ... في نار الشوق تخلده.
ومن شعره قصيدة وازن بها الحصري القيرواني في قصيدته المشهورة التي
أولها:
يا ليل الصبّ متى غده ... أقيام الساعة موعده؟
(48/112)
وقرأ القراءات على السّخاويّ، وغيره.
وحدّث وأقرأ.
روى عَنْهُ: أَبُو عَبْد الله مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز الدّمياطيّ،
وأبو مُحَمَّد بن خَلَف الدّمياطيّ، ومحمد بن مُحَمَّد الكنْجي.
تُوُفي فِي ثامن عشر ربيع الآخر.
- حرف الواو-
46- وهْبُ بن أَحْمَد بن أَبِي العِز.
شهابُ الدّين أَبُو العِز الْقُرَشِيّ، الحنفيّ، ويُعرف بابن أَبِي
العَيْش.
حدّث عن: حنبل، وابن طَبَرزَد.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وغيره.
- حرف الياء-
47- يحيى بن خَالِد [1] بن الأديب أَبِي عَبْد الله مُحَمَّد بن نصر بن
صغير.
الصدرُ الكبير، شهابُ الدّين، أَبُو جَعْفَر الْقُرَشِيّ المخزوميّ
الحلبيّ الكاتب المعروف بابن القَيْسَراني.
وُلِد سنة سبْعٍ وثمانين وخمسمائة.
وسمع بحلب من: عُمَر بن طَبَرْزَد.
روى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّد الدّمياطيّ، وغيره.
وكان من كُبراء حلب. ولي الوزارة. هُوَ وأبوه من بيت حشمة وتقدّم.
تُوُفي فِي ربيع الآخر.
تُوُفي أَبُوهُ سنة 588 [2] ، وتُوُفي أخوه أَبُو المكارم سعيد [3]
قبله سنة خمسين.
__________
[1] انظر عن (يحيى بن خالد) في: تكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 241
رقم 221.
[2] انظر ترجمته في الجزء (581- 590 هـ.) ص 296، 297 رقم 293.
[3] انظر عن (سعيد) في: تكملة إكمال الإكمال 241 رقم 222.
(48/113)
وعمل الصّاحب عزّ الدّين ابن القَيْسراني
عزاء عمّه يحيى هذا بدمشق، وتكلّم الوعّاظ وكان له ثروةٌ عظيمة ونعمة
جسيمة، حتّى قيل إنّ بذاره فِي العام ثلاثة آلاف مَكوك بالحلبيّ.
وفيها وُلِد:
الشَّيْخ مُحَمَّد بن أَحْمَد بن تمّام الصّالحيّ، الخيّاط الزّاهد.
ونجم الدّين أحمد ابنُ الشيخُ شمس الدِّين عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي
عُمَر المقدسيّ قاضي الحنابلة، وكمال الدّين مُوسَى بن قاضي دمشق شمس
الدّين أَحْمَد بن مُحَمَّد بن خَلكان الشّافعيّ خطيب كَفَرْبَطْنا،
فِي صَفَر، وعلاء الدّين علي بن مُحَمَّد بن سلمان بن غانم الكاتب،
ومحمد بن بكتمر العزّيّ التُّرَيْكِيّ، ويوسف بن مُحَمَّد بْن
سُلَيْمَان بْن أَبِي العز بْن وُهَيْب الحنفيّ فِي رجب، بالعَذْراوية
[1] ، وعبد الملك بن عُمَر الطّوسيّ، بقلعة دمشق، والمُحيي يحيى بن
السكاكِري، ويحيى بن يحيى بن عمران الْجَزري، الملقّب بالقاضي، وعليّ
بن أَبِي المعالي المَعَري بالمعرّة، وعبد الله بن إِبْرَاهِيم بن
مُحَمَّد بن أَبِي القاسم بن القزوينيّ بحلب، وقيل وُلِد سنة اثنتين،
ومحمد بن مُحَمَّد بن عَبْد المنعم الخيميّ الْمَصْرِيّ الشّاعر
أَبُوهُ، ومحمد بن مُحَمَّد بن عَبْد الباري بن حمزة الْمَصْرِيّ، وفخر
الدّين عَبْد الرَّحْمَن بن عَبْد الله بن محبوب، فِي ثاني المحرّم،
وإبراهيم بن أَحْمَد بن سليمان بن مروان ابن البَعْلَبَكّي، فِي شعبان،
وأبو بَكْر بن مُحَمَّد بن الرّضي القطّان، بالصّالحيّة.
__________
[1] انظر عن (العذراوية) في: الدارس 1/ 422. ص 57
(48/114)
سنة اثنتين وخمسين
وستمائة
- حرف الألف-
48- أَحْمَد بن أسعد [1] بن حلوان.
الحكيم البارع نجمُ الدّين، أَبُو الْعَبَّاس، ولد الحكيم موفقُ الدّين
المعروف بابن المنفاخ [2] ، وهو لَقَبُ الموفّق. ويُعرف بابن العالِمة
دُهْن اللّوز الّتي كانت عالمة دمشق.
وهو دمشقيّ أصله من المَعَرة. وُلِد سنة ثلاثٍ وتسعين بدمشق. وكان
أسمر، نحيفا، فصيحا، بليغا، مُفْرِط الذّكاء.
أخذ الطّبّ عن المهذّب الدّخوار وبرع فيه وفي المنطق والأدب.
وخدم بالطّبّ الملك المسعود صاحب آمِد. ثمّ وَزَر له. ثمّ غضب عليه
وصادره، فأتى دمشقَ وأقرأ بها الأدب.
وكان رئيسا متميزا.
ثمّ خدم الملك الأشرفَ الحمصيّ بتلّ باشر، وأقام عنده قليلا.
__________
[1] في الأصل: «أحمد بن سعد» والتصويب من مصادر الترجمة: ذيل مرآة
الزمان 1/ 92- 95، وعيون التواريخ 20/ 153، 154، وعيون الأنباء في
طبقات الأطبّاء ج 2/ 265، 266، والوافي بالوفيات 6/ 246 رقم 2726، وكشف
الظنون 1/ 96، 382، 1038، 1269، 1440، 1497، 1649، 2028، وإيضاح
المكنون 2/ 372، 603، ومعجم المؤلفين 1/ 162.
وسيعاد في وفيات سنة 656 هـ. برقم (238) .
[2] هكذا في الأصل. وسيأتي «ابن النفاخ» في الترجمة برقم (238) .
(48/115)
ومات فِي ثالث عشر ذي القعدة. قاله ابن
أَبِي أصَيْبَعة [1] .
وقال: حكى لي أخوه القاضي شهاب الدّين ابن العالِمة، أخوه لأمّه، أنه
تُوُفي مسموما. وله كتاب «التّدقيق فِي الْجَمْع بين الأمراض
والتّفريق» ، وكتاب «هتكُ الأستار عن تمويه الدّخوار» ، وكتاب «المدخل
فِي الطّبّ» ، وكتاب:
«العِلَل والأمراض» ، وشرح أحاديث نبَوية [2] .
49- أَحْمَد بن عَبْد الواسع بن أميركا بن شافع.
أَبُو الْعَبَّاس الْجِيلي، ثمّ البغداديّ.
سمع من: عبد المؤمن ابن كليب، وبرغش عتيق ابن حمدي، والشّيخ عبد
الوهّاب ابن الشّيخ عبد القادر، ولامعة بنت المبارك بن كامل، وجماعة.
روى عنه: الدّمياطيّ، وغيره.
وأجاز لجماعة.
تُوُفي فِي ثاني رمضان.
50- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد [3] بْن عَبْد اللَّه بْن
عُمَر.
أَبُو المكارم الْمَصْرِيّ الشّافعيّ المعروف بابن نقّاش السّكّة.
وُلِد سنة ثمان وستّين وخمسمائة.
وسمع من: البُوصِيري، وإسماعيل بن ياسين، ومحمد بن حَمْد الأرتاحيّ.
وكان لدَيه فضل، وله نَظْمٌ حَسَن.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، والمصريّون، ومجد الدّين ابن الحُلْوانية.
وبالإجازة: أَبُو الفضل بن البِرْزالي، وأبو المعالي ابن البالسيّ،
وآخرون ومات في جمادى الأولى.
__________
[1] في عيون الأنباء 2/ 265، 266.
[2] تتعلّق بالطبّ، وله كتاب «المهملات من كتاب الكلّيّات» ، وكتاب
«الإشارات المرشدة إلى الأدوية المفردة» .
[3] انظر عن (أحمد بن محمد بن محمد) في: سير أعلام النبلاء 23/ 2811
دون ترجمة.
انظر الخبر قبل الأخير في حوادث سنة 651 هـ.
(48/116)
51- أَحْمَد.
الواعظ البليغ، عِمادُ الدّين الواسطيّ.
أنبأنا سعدُ الدّين بن حَمُّوَيْه قال: فِي ذي الحجّة سنة إحدى وخمسين
منعوا العمادَ الواسطيّ من الوعظ وجميع الوعّاظ، يعني بمصر، لأنّه قال
على المنبر: خلق الله آدم بيده. وأشار إلى يده، فعزّروه وأرادوا عقد
مجلسٍ له فلم يتّفق.
قال: وكان حافظا، حَسَن الإيراد، فصيحا، موزون الحركات. تُوُفي فِي
رجب.
52- إبراهيم بن أحمد.
أبو إسحاق ابن السبْتِي، البغداديّ، العابر.
سمع: عليّ بنَ مُحَمَّد بن السّقّاء.
وعنه: الدّمياطيّ.
53- إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن يوسف.
الخطيب أَبُو إِسْحَاق الأوْسِي الأندلُسي، القُرْطُبيّ، المعدّل، نزيل
مالقة.
سمع من: أَبِي مُحَمَّد بن حَوْط الله، وأخيه أَبُو دَاوُد، وأبي
مُحَمَّد بن القُرْطُبيّ، وأبي القاسم الملّاحيّ.
وأجازوا له. وحدّث.
وكان فاضلا ثقة.
مات فِي جُمادى الآخرة.
54- إِسْمَاعِيل بن أَحْمَد [1] بن الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن أَحْمَد.
رشيد الدّين، أَبُو الفضل بن الشَّيْخ الفقيه أَبِي العبّاس العراقيّ،
__________
[1] انظر عن (إسماعيل بن أحمد) في: صلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني
2/ ورقة 9، والعبر 5/ 210، 211، والمعين في طبقات المحدّثين 207 رقم
2174، وفيه وفاته 653 هـ.
والإعلام بوفيات الأعلام 272، وسير أعلام النبلاء 23/ 305، 306 رقم
213، والإشارة إلى وفيات الأعيان 350، والنجوم الزاهرة 7/ 33، وشذرات
الذهب 5/ 255، وذيل التقييد للفاسي 1/ 461 رقم 893.
(48/117)
الأَواني [1] ، ثمّ الدّمشقيّ الحنبليّ
الجابي بدار الطّعم.
ولد بعيد السّبعين [2] وخمسمائة، وسمع من أَبِيهِ.
وكانت له إجازات عالية فروى عن: السلَفي [3] ، وشُهْدة، وعبد الحقّ،
وخطيب المَوْصِل، وأبي طَالِب مُحَمَّد بن عليّ الكتّانيّ الواسطيّ،
وأبي الْعَبَّاس التُّرك، وأبي الفتح عَبْد الله بن أَحْمَد الخِراقي،
وأبي المحاسن عَبْد الرَّزَّاق بن إسْمَاعِيل القُومساني، وابن عمّه
المُطَهر بن عَبْد الكريم، والحافظ أَبِي مُوسَى المَدِيني.
روى عَنْهُ: زكيّ الدّين البِرزالي مع تقدّمه، وشَرَف الدّين
الدّمياطيّ، وعبد الله بن عَبْد الرَّحْمَن المَقدِسي، وشمس الدّين
مُحَمَّد بن التّاج، وابن عمّه مُحَمَّد بن عَبْد الله، والجمال عَبْد
الرَّحْمَن بن أَحْمَد بن شُكر، والعماد مُحَمَّد بن البالَسي، والعِز
إِبْرَاهِيم بن الملك الحافظ، وطائفة سواهم.
وكان حافظا للقرآن، فاضلا، فصيح العبارة.
وأوَانا من قُرى بغداد.
تُوُفي فِي منتصف جمادى الأولى، ونيّف على الثّمانين.
55- أقطاي بن عبد الله [4] .
__________
[1] الأواني: بفتح الهمزة، والواو المخفّفة، بعد الألف نون مكسورة.
نسبة إلى أوانا بالفتح والتخفيف والقصر. قرية من قرى الدجيل على عشرة
فراسخ من بغداد ممن يلي الموصل.
(توضيح المشتبه 1/ 278) .
[2] في ذيل التقييد 1/ 461 «ومولده تقريبا سنة تسعين وخمسمائة أو
بعدها» .
[3] حدّث عنه بكتاب «السنن» للنسائي، برواية ابن السّنّي في غالب
الظنّ.
[4] انظر عن (أقطاي بن عبد الله) في: الروض الزاهر 53، وتاريخ الملك
الظاهر 112- 114، والحوادث الجامعة 272، وأخبار الأيوبيين 164، ومرآة
الزمان ج 8 ق 2/ 792، 793، وذيل الروضتين 188، والدرّة الزكية 24- 26،
والمختار من تاريخ ابن الجزري 235- 238، والعبر 5/ 211، ودول الإسلام
2/ 157، وسير أعلام النبلاء 23/ 197، 198 رقم 117 وصفحة 298 رقم 204،
والإشارة إلى وفيات الأعيان 351 وفيه «أقطايا» ، والمختصر في أخبار
البشر 3/ 190، وتاريخ ابن الوردي 2/ 192، ومرآة الجنان 4/ 128،
والبداية والنهاية 13/ 185، وعيون التواريخ 20/ 75- 77، والوافي
بالوفيات 9/ 317، 318، رقم 4250، والعسجد المسبوك 2/ 605، ومآثر
الإنافة 2/ 92، والسلوك ج 1 ق 2/ 389، 390، والنجوم الزاهرة 7/ 11، 12،
والمنهل الصافي 2/ 502 رقم 505، وشذرات الذهب
(48/118)
الْجَمْدار [1] ، الصّالحيّ، النّجميّ،
الأمير الكبير، فارس الدّين التُركي، من كبار مماليك الملك الصالح.
وكان شجاعا، جوادا كريما، نهّابا وهَابًا.
ذكر المولى شمسُ الدّين الْجَزري فِي «تاريخه» [2] أنّه كان مملوكا
للزّكيّ إِبْرَاهِيم الجزَري المعروف بالْجُبيلي، اشتراه بدمشق وربّاه،
ثمّ باعه بألف دينار، فلمّا صار أميرا وأقطعوه الإسكندرية طلب من الملك
النّاصر إطلاق أستاذه المذكور، وكان محبوسا بحمص، فأطلقه وأرسله إليه،
فبالغ فِي إكرامه، وخلع عليه، وبعثه إلى الإسكندريّة، وأعطاه ألفَيْ
دينار.
قلت: وكان طائشا، عاملا على السلطنة، وانضاف إليه البحريّة [3]
كالرّشيديّ ورُكْن الدّين بَيْبَرس البُنْدُقْداريّ الَّذِي صار
سلطانا. وجرت له أمور ذكرنا منها فِي الحوادث. وسار مرّتين إلى الصّعيد
فَظَلَم وعَسَف وقتل وتجبّر، وكان يركب فِي دست أيضا هو دَسْتِ
السّلطنة ولا يلتفت إلى الملك المُعز أيْبَك ولا يعدّه، بل يدخل إلى
الخزائن ويأخذ ما أراد. ثمّ إنّه تزوّج بابنة صاحب حماة، وبُعثت العروس
فِي تجمُّل زائد، فطلب الفارس أقطايا القلعة من الملك المُعِز ليسكن
فيها وصمّم على ذلك، فقالت أمّ خليل شجر الدّرّ لزوجها المعزّ: هذا ما
يجيء منه خير. فتعاملا على قتله.
قال شمس الدّين الْجَزَري [4] : فحدّثني عزّ الدّين أيْبَك أحد مماليك
الفارس قال: طلع أستاذنا إلى القلعة على عادته ليأخذ أموالا للبحريّة،
فقال له المُعِز: ما بقي فِي الخزائن شيء فامض بنا إليها لنعرضها. وكان
قد رتّب له في
__________
[ () ] 5/ 255، وتاريخ ابن سباط 2/ 365، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 291،
وتلخيص مجمع الآداب 4 ق 3/ 11، 12 رقم 1836، والمختصر في أخبار البشر
2/ 199، ونهاية الأرب 29/ 429- 432، والدليل الشافي 1/ 143 رقم 504.
[1] الجمدار: لفظ فارسيّ مركّب، معناه المسئول عن غرفة الملابس أو
المستحمّين، أصبح لقبا في العصر الأيوبي وما بعده لموظف من مرتبة أمراء
الطبلخانات، اتصل عمله بالعناية بخزانة ملابس الملك أو السلطان،
وإلباسه الثياب الخاصة بكل مناسبة. (معجم المصطلحات والألقاب التاريخية
126) .
[2] في المختار من تاريخه 238.
[3] البحرية: جماعة من المماليك كانوا يبيتون بالقلعة حول دهاليز
السلطان بهدف الحراسة، أول من رتّبهم وسمّاهم نجم الدين أيوب. (معجم
المصطلحات 69) .
[4] في المختار من تاريخه 236.
(48/119)
طريق الخزانة مملوكه قُطُز الَّذِي تسلطن
ومعه عشرة مماليك فِي مَضِيق، فخرجوا على أقطايا فقتلوه وأغلِقت
القلعة. فركبت البحريّة ومماليكه وكانوا نحوا من سبعمائة فارس وقصدوا
القلعة. فرمى برأسه إليهم فهربوا، وذهب طائفة منهم إلى الشّام. وكان
قتْلُه فِي شعبان.
- حرف الباء-
56- بدرة [1] بِنْت الإِمَام فخر الدّين مُحَمَّد بن أَبِي القاسم بن
تَيمية.
أمّ البدر، زَوْجَة العلّامة المفتي مجد الدّين أَبِي البركات بن
تَيمِية.
وجدّه شيخنا أَبِي الْعَبَّاس.
تُوفيت قبل زوجها بليلة.
وقد روت بالإجازة عن بعض أصحاب أَبِي عليّ الحدّاد.
سمع منها: الدّمياطيّ بإجازتها من أَبِي المكارم اللّبّان رحمها الله
تعالى.
57- البرهان المَوْصِلي الزّاهد.
خال التّاج ابن عساكر.
كان مُسِنًّا عالما، كبير الإدراك، صاحب كشف وحال.
قدِم مصرَ ونزل فِي دار القاضي محيي الدّين ابن الزّكيّ.
مات فِي ذي القعدة ودُفِن عند صُهَيْب الرّوميّ، رضي الله عنه.
58- بكْبَرْس بن يلنقلح [2] .
__________
[1] انظر عن (بدرة بنت الإمام فخر الدين) في: الدرّ المنضّد 1/ 395.
[2] انظر عن (بكبرس) في: عقد الجمان (1) 96، 97، والمنهل الصافي 3/ 384
رقم 674، والوافي بالوفيات 10/ 187، رقم 4672، وتاج التراجم لابن
قطلوبغا 19، والدليل الشافي 1/ 193، والجواهر المضيّة 1/ 462، 463 رقم
378، وأعلام الأخيار، رقم 435، والطبقات السنية، رقم 575، والفوائد
البهيّة 56، وكشف الظنّون 1/ 628 و 2/ 1143، 1983، ومعجم المؤلفين 3/
55.
و «بكبرس» : بفتح الباء الموحّدة، وسكون الكاف، وفتح الباء الثانية،
وسكون الراء، وفي آخره سين مهملة. (ضبطه في عقد الجمان (1) 97) .
و «يلنقلح» : بفتح الياء آخر الحروف، واللام، وسكون النون، وكسر القاف،
وكسر اللام الثانية، وفي آخره حاء مهملة. (ضبطه في عقد الجمان (1) 97)
.
وهو في الأصل: «بكترس بن يلتقلج» ، وورد «بكترش» في المنهل الصافي.
(48/120)
أَبُو شُجاع التّركيّ، مولى الإِمَام
النّاصر لدين الله، ويُعرف بنجم الدّين الزّاهد، وبالحاجّيّ.
كان فقيها عارفا بمذهب أَبِي حنيفة.
حدّث عن: عَبْد العزيز بن مينا.
روى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّد الدّمياطيّ، والقُطْب بن القسطلانيّ، ومحمد
بن مُحَمَّد الكَنْجِي. وكان أيضا عارفا بالأصول.
قال الدّمياطيّ: كان مقدّما على مماليك المستعصم باللَّه. وتُوُفي فِي
منتصف صَفَر.
وقال ابن النجّار فِي تراجم إياس: فقيه جليل القدْر، مُفْتٍ، له
مصنّفات. وهو صالح ديّن، قرأ الكثير بنفسه على أصحاب أَبِي الوقت [1] .
- حرف الحاء-
59- الْحَسَن بن عَبْد القاهر بن الحَسَن بن عليّ بن القاسم بن المظفّر
بن علي.
القاضي أَبُو عليّ ابن الشَّهْرَزُوري، شهاب الدّين المَوْصِلي.
سمع من: يحيى الثّقفيّ، ومن: ابن عمّه أَبِي البركات عَبْد الرَّحْمَن
بن مُحَمَّد، وغيرهما. وولّي قضاء المَوْصِل.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، ومحمد بن مُحَمَّد الكنْجي، وغيرهما.
وتُوُفي فِي ثالث شعبان وله ثمانٍ وثمانون سنة.
وكان يمكنه السّماع من أَبِي الفضل خطيب المَوْصِل فما اتّفق له، رحمه
الله.
__________
[1] وقال ابن العديم الحلبي: فقيه حسن، عارف بالفقه والأصول، وكان يلبس
لبس الأجناد، القباء والشربوش، عرض عليه المستنصر قضاء القضاة ببغداد
وأن يلبس العمامة، فامتنع من ذلك. وبلغني أنه كان اسمه أولا منكوبرس
فسمّي بكبرس. وكان خيّرا، ورعا، تقيّا، فاضلا، حسن الطريقة.
وقال صاحب طبقات الحنفية: له مختصر في الفقه على مذهب أبي حنيفة رضي
الله عنه نحو من القدوري اسمه «الحاوي» ، وله «شرح العقيدة الطحاوية»
في مجلّد كبير ضخم فيه فوائد، سمّاه ب «النور اللامع والبرهان الساطع»
.
(48/121)
60- الْحُسَيْن بن بدر الدّين بن
الْحُسَيْن.
فخرُ الدّين النّابلسيّ، والد الحافظ شَرَف الدّين يوسف وحمد الدّين
خَالِد.
تُوُفي بدمشق عن أربعٍ وتسعين سنة. أرّخه التّاج ابن عساكر.
61- الْحُسَيْن بن عليّ [1] بن أَبِي جَعْفَر مُحَمَّد بن عدنان بْنِ
مُحَمَّد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ أَبِي العلاء المسلّم
بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الله بن
عليّ بن أَبِي جَعْفَر الباقر.
الشريفُ النّقيب، أَبُو عليّ الهاشميّ، العَلَوي، الحُسيْني،
البغداديّ، المعروف بابن المختار.
روى عن: أَبِي منصور عَبْد الله بن مُحَمَّد بن حَموَيْه.
وولي نقابة العراق.
وهو من بيت جلالة وسُؤدُد.
والمختار لَقبُ جدّهم عُمَر.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وغيره.
ومات فِي رمضان.
62- حميد القرطبيّ [2] .
هو المحدّث البارع، الزّاهد القدوة أبو بكر أحمد بن أبي محمد بن الحسين
الأنصاريّ، الأندلسيّ.
ذكره ابن الزّبير في «برنامجه» فقال: قرأت عليه، وسمع بقراءتي.
وروى عَنْ: أَبِي مُحَمَّد بن حَوْط الله، وابن واجب، وأبي زيد بن
جميل.
وأجاز له: عَبْد الصّمد بن أَبِي القاسم بن رجاء، ويعيش بن القديم،
وأبو
__________
[1] انظر عن (الحسين بن علي) في: العسجد المسبوك 2/ 607 وفيه: «الحسن
بن علي بن المختار» .
[2] انظر عن (حميد القرطبي) في: صلة الصلة لابن الزبير، والوافي
بالوفيات 13/ 201 رقم 235.
(48/122)
مُحَمَّد الزُّهْرِيّ، وأبو الفُتُوح نصر
بن الحُصري، وخلْق.
وقلّ من رَأَيْت فِي الورع مثله. اقتضى نظرُهُ الرّجلة عن هذه البلاد
فِرارًا بدينه، فتوفّي في مصر سنة اثنتين.
وكان بارع الخطّ، حَسَن الضّبط، بديع النظْم، رحمه اللَّه تعالى.
- حرف الدال-
63- دَاوُد بْن شجاع بن لؤلؤ.
أَبُو الفضل البوّاب، البغداديّ.
وُلِد سنة خمسٍ وثمانين.
وسمع من: ذاكر بن كامل، وابن كُلَيْب، ويحيى بن بوش، وعبد الوهّاب ابن
سُكَيْنَة، وضياء بن الخريف.
روى عَنْهُ: ابن الخيّر، والدّمياطيّ.
ومات فِي شعبان.
- حرف الشين-
64- شُمَيْل بن مُهَلهل بن أَبِي طَالِب بن عدنان.
أَبُو الْحَسَن اللّخميّ، الإسكندرانيّ، المالكيّ، التّاجر.
سمع من: أَبِي القاسم بن مخلوف بن جارة، والحافظ ابن المفضل
المَقْدِسي.
وبدمشق من: أَبِي اليُمْن الكِندي، وغيره.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وغيره.
ومات في صفر.
- حرف العين-
65- عائشة بنت المحدث أبي الميمون عبد الوَهَّاب بن عَتِيق بن هِبَة
الله بن أَبِي البركات بن دروان.
أمّ الحسن المصريّة.
(48/123)
سمّعها أبوها من: هبة الله البُوصِيري،
وعبد اللطيف بن أَبِي سعد، وعبد المجيد بن زهير، وغيرهم.
وقد تقدّمت أختها خديجة.
روى عَنْهَا غير واحد من المصريّين.
وماتت فِي سادس رمضان.
66- عَبَّاس بن بزوان بن طرخان بن بزوان بن أَحْمَد.
المحدّث المفيد، أَبُو الفضل الشَّيْبَانيّ، المَوْصلي، كمال الدّين،
نزيل القاهرة.
سمع من: الحكيم أبي الحسن بن هبل، ومسمار بن العويس، وأحمد بن سلمان بن
الأصفر.
ثمّ عُني بالحديث، وسمع الكثير بإربل، وحلب، ودمشق، ومصر.
وكان حريصا على الطّلب، مُكْثِرًا.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ.
ومات فِي شوّال.
67- عَبْد اللَّه بْن الحَسَن [1] بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الله.
المحدّث الصّالح، المعمّر، الهكّاريّ.
ولد بنواحي العماديّة، من أعمال المَوْصِل، وحدّث عن: حنبل، سمع منه
شيخنا الدّمياطيّ «صحيح الْبُخَارِيّ» بإجازته العامّة من أَبِي الوقت،
وقال: وُلِد في سنة سبع وأربعين وخمسمائة.
وتُوُفي بحلب فِي أواخر العام وله مائة وخمس سنين رحمه الله تعالى.
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن الحسن) في: سير أعلام النبلاء 23/ 281، وذيل
التقييد للفاسي 2/ 32 رقم 1109.
(48/124)
68- عَبْد الحميد بن عيسى [1] بن عَمَويه
[2] بن يونس بن خليل.
العلّامة شمسُ الدّين، أَبُو مُحَمَّد الخُسْروشاهي [3] ، التبْريزي،
لأنّ خُسْروشاه قرية بقُرب تبريز، المتكلّم.
ولد سنة ثمانين وخمسمائة بخُسْرُوشاه، واشتغل بالعقليّات على الشَّيْخ
فَخر الدّين الرّازيّ ابن الخطيب.
وسمع من: المؤيّد الطّوسيّ.
وبرع فِي عِلم الكلام، وتفنّن فِي العلوم، ودرّس وقرأ وأفاد.
اشتغل عليه: زين الدّين ابن المرحّل خطيب دمشق، وغيره.
وأقام مدّة بالكَرَك عند صاحبها الملك النّاصر، وأخذ عَنْهُ أشياء من
عِلم الكلام.
روى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّد الدّمياطيّ، وغيره.
ومات فِي الخامس والعشرين من شوّال [4] ، ودُفِن بجبل قاسيون.
ذكره ابن أَبِي أصَيْبَعة فقال: تميّز فِي العلوم الحكميّة وحرّر
الأصول
__________
[1] انظر عن (عبد الحميد بن عيسى) في: عيون الأنباء 2/ 173، 174،
والفوائد الجليّة 151، 152 ومعجم البلدان 3/ 438، ومرآة الزمان ج 8 ق
2/ 793، وذيل الروضتين 198، والإعلام بوفيات الأعلام 272، والعبر 5/
211، 212، والإشارة إلى وفيات الأعيان 351، وسير أعلام النبلاء 23/
281، والوافي بالوفيات 18/ 73- 75 رقم 76، وطبقات الشافعية الكبرى 5/
60، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 175 أ، والبداية والنهاية 13/
185، وعيون التواريخ 20/ 77، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 439
رقم 410، والنجوم الزاهرة 7/ 32، وشذرات الذهب 5/ 255، وهدية العارفين
1/ 506، والعسجد المسبوك 2/ 606، الأنباء 648، والحوادث الجامعة وفيه:
«عبد الحميد بن حسن بن شاهي» ، وعقد الجمان (1) 94، والدليل الشافي 1/
395 رقم 1359، والمنهل الصافي 7/ 149 رقم 1363 وتاريخ الخلفاء 476
ومعجم المؤلفين 5/ 103.
[2] في المطبوع من طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 439 «عمريه» ، وفي
الأصل منه:
«عمويه» كما هو مثبت أعلاه.
[3] ووقع في طبقات الشافعية الكبرى: «الخروشاهي» ، وفي العسجد المسبوك:
«الخسروشاهيّ» .
[4] في الحوادث الجامعة وفاته في سنة 653 هـ.
(48/125)
الطّيّبة، وأتقن العلوم الشّرعيّة.
رثاه العزّ الضّرير بقصيدةٍ لاميّة، وله من الكتب «مختصر المهذّب» لأبي
إِسْحَاق، «مختصر الشّفاء» لابن سينا، «تتمّة الآيات البيّنات في
المنطق» ، وغير ذلك.
69- عَبْد الحقّ بن أَحْمَد بن محمود بن بدل.
أَبُو عَبْد الرَّحْمَن البَيْلَقاني.
وُلِد بالمدينة النّبويّة في سنة تسع وثمانين وخمسمائة.
وقدِم دمشقَ فِي صِغَره، وسمع من: أَبِي طاهر الخُشُوعي.
وبدمشق تُوُفي فِي الثّاني والعشرين من شعبان. ذكره الشّريف عزّ
الدّين.
ولم أعرفه بعد.
70- عَبْد الرَّحْمَن بن أَحْمَد بن عَبْد الواحد بن عَبْد السّلام بن
عَبْد العزيز.
أَبُو القاسم الأمَوي، الإسكندرانيّ، الكاتب العدْل، المعروف بابن
النحوِي. تُوُفي بالقاهرة فِي شوال وله اثنتان وثمانون سنة.
روى عن: عَبْد الرَّحْمَن بن موقا. وتقلّب فِي الخِدم، وولي نظر
الأحباس بمصر مدّة.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وغيره.
71- عَبْد الرَّحْمَن بن الحارث بن محاسن بن مبارك.
أَبُو عَبْد الله البغداديّ، الحربيّ.
روى عن: عبد الله بن أبي المجد الحربيّ.
ومات فِي رمضان.
72- عَبْد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بْن رستم.
أَبُو القاسم المَوْصِلي الشَّيْخ برهان الدّين الزّاهد.
وُلِد سنة سَبْعٍ وسبعين وخمسمائة بالعماديّة، من أعمال المَوْصِل،
وحدّث بدمشق عن: عَبْد العزيز بن الأخضر.
وكان فاضلا فِي فنونٍ من العِلم، منقبضا عن النّاس، زاهدا عابدا قانعا.
(48/126)
روى عنه: الدمياطي وغيره.
ومات فِي ذي القعدة، رحمه اللَّه تعالى.
73- عَبْد الرَّحْمَن بن مخلوف بن جماعة بن عليّ بن رجا.
أَبُو القاسم النّامي الإسكندرانيّ، العدل.
ثقة، صالح، حدّث عن: عَبْد الرَّحْمَن بن موقا.
روى عنه: حفيده أبو القاسم عبد الرحمن ابن مخلوف، وأبو مُحَمَّد
الدّمياطيّ. وتُوُفي فِي ربيع الآخر.
74- عَبْد السّلام بْن عَبْد اللَّه [1] بْن أَبِي القاسم الخضر بن
مُحَمَّد.
الإِمَام، شيخ الإسلام، مجد الدّين أبو البركات ابن تيميّة الحرّانيّ،
الحنبلي، جدّ شيخنا تقيّ الدّين.
ولد في حدود التّسعين وخمسمائة، وتفقّه فِي صغره على عمّه الخطيب فخر
الدّين. ورحل إلى بغداد وهُوَ ابن بِضع عشرة سنة فِي صحابة ابن عمّه
والسّيف فسمع من: أبي أحمد عبد الله ابن سُكَينَة، وعمر بن طَبَرْزَد،
وضياء بن الخرَيف، ويوسف بن كامل، وعبد العزيز بن الأخضر، وعبد العزيز
بن منينا، وأحمد بن الْحُسَيْن العاقوليّ، وعبد المولى ابن أَبِي
تمّام، ودُرة بِنْت عثمان، وجماعة.
__________
[1] انظر عن (عبد السلام بن عبد الله) في: صلة التكملة لوفيات النقلة
للحسيني 2/ ورقة 13، والعبر 5/ 212، ودول الإسلام 2/ 158، والمعين في
طبقات المحدّثين 207 رقم 2175، والإشارة إلى وفيات الأعيان 351،
والأعلام بوفيات الأعلام 272، وسير أعلام النبلاء 23/ 291- 293 رقم
198، ومعرفة القراء الكبار 2/ 520، 521 رقم 622، ومرآة الجنان 4/ 128،
وفوات الوفيات 2/ 323، 324 رقم 278، والوافي بالوفيات 18/ 428، 429 رقم
439، والبداية والنهاية 13/ 185، وذيل طبقات الحنابلة 2/ 249- 254 رقم
359، وغاية النهاية 1/ 385، 386 رقم 1647، ونهاية الغاية، ورقة 95،
والسلوك ج 1 ق 2/ 395، والنجوم الزاهرة 7/ 33، وطبقات المفسّرين
للداوديّ 1/ 297- 300، وشذرات الذهب 5/ 257، ومختصر ذيل طبقات الحنابلة
73، والمنهج الأحمد 382، والمقصد الأرشد، رقم 645، والدرّ المنضّد 1/
394، 395 رقم 1077، وعقد الجمان (1) 97، والدليل الشافي 1/ 412 رقم
1419، والمنهل الصافي 7/ 263- 265 رقم 1425، وتاريخ الخلفاء 477،
وديوان الإسلام 2/ 39 رقم 620، وكشف الظنون 1816، وإيضاح المكنون 570،
وهدية العارفين 1/ 570، والأعلام 4/ 6، وإعلام النبلاء بتاريخ حلب
الشهباء 4/ 408، 409 رقم 221، ومعجم المؤلفين 5/ 227.
(48/127)
وقرأ القراءات على عَبْد الواحد بن سلطان
صاحب سبط الخياط.
وسمع بحرّان من: حنبل المكبّر، والحافظ عَبْد القادر، وغير واحد.
وروى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّد الدمياطيّ، والإمام شهاب الدين عَبْد
الحليم ولده، وأمين الدين عَبْد الله بن شقير، والزاهد مُحَمَّد بن
عُمَر بن زناطر، والجمال عَبْد الغني بن منصور المؤذّن، ومحمد بن
مُحَمَّد الكنجي، ومحمد بن أَحْمَد بن القزاز، وآخرون.
وكان إماما حجّة بارعا فِي الفقه والحديث، وله يد طولى فِي التفسير،
ومعرفة تامة بالأصول، واطّلاع على مذاهب الناس. وله ذكاء مفرط، ولم يكن
فِي زمانه أحد مثله فِي مذهبه.
وله من المصنّفات النّافعة الّتي انتشرت فِي الآفاق «كالأحكام» ، و
«شرح الهداية» ، وقد بيّض منه ربعه الأوّل، وصنّف «أرجوزة فِي
القراءات» ، وكتابا فِي «أصول الفقه» [1] .
وحدّثني شيخنا تقيّ الدّين قال: كان الشَّيْخ جمال الدّين بن مالك
يقول:
ألِينَ للشّيخ مجد الدّين الفقه كما ألين لداودَ الحديد.
وحدّثني أيضا أنّ الصّاحب محيي الدّين يوسف ابن الجوزيّ اجتمع بالشّيخ
المجد فانبهر له وقال: هذا ما عندنا ببغداد مثله.
ولمّا حجّ التمسوا منه أن يقيم ببغداد فامتنع واعتلّ بالأهل والوطن.
قال شيخنا: وكانت فِي جدّنا حدّة. وقد قرأ عليه القراءات غيرُ واحدٍ،
منهم الَّذِي كان بحلب فُلان القَيرواني.
وحجّ سنة إحدى وخمسين. وفيها حجّ من دمشق الشَّيْخ شمس الدّين ابن
أَبِي عُمَر، فلم يقض لهما اجتماع.
__________
[1] ذكر العليمي تصانيفه: «أطراف أحاديث التفسير» رتّبها على السور
معزوّة، «أرجوزة في علم القراءات» ، «الأحكام الكبرى» في عدّة مجلّدات،
«المنتقى من أحاديث الأحكام» ، وهو الكتاب المشهور انتقاه من «الأحكام
الكبرى» ، و «المحرّر في الفقه» ، «منتهى الغاية في شرح الهداية» بيّض
منه أربع مجلّدات كبار إلى أوائل الحجّ، والباقي لم يبيّضه، «مسودّة في
أصول الفقه» مجلّد، وزاد فيها ولده ثم حفيده أبو العباس، «مسودّة في
العربية» على نمط «المسودّة في الأصول» . (الدرّ المنضّد 1/ 395) .
(48/128)
قال شيخنا: وحكى المَرَاغي أنّه اجتمع
بالشّيخ المجد فأورد عليه نُكتة، فقال المجد: الجواب عَنْهَا من ستّين
وجها، الأوّل كذا، والثّاني كذا، وسردها إلى آخرها. ثمّ قال للبرهان:
قد رضينا منك بإعادة الأجوبة. فخضع وانبهر.
قال: وكان الشّيخ نجم الدّين ابن حمدان مع براعته فِي المذهب وتوسّعه
فِيهِ يقول: كنت أطالع على الدّرس وما أبقي ممكنا، فإذا أصبحت وحضرتُ
عند الشَّيْخ ينقل أشياء كثيرة لم أعرفها ولم أطلِع عليها.
قال شيخنا: وكان جدّنا عجبا فِي حِفْظ الأحاديث وسردها وحِفظ مذاهب
النّاس وإيرادها بلا كُلْفة.
وحدّثني شيخنا أَبُو مُحَمَّد بن تيميّة أنّ جدّه ربّي بتَيْماء، وأنّه
سافر مع ابن عمّه إلى العراق ليخدمه ويشتغل وله ثلاث عشرة سنة، فكان
يبيت عنده فيسمعه يكرّر على مسائل الخلاف فيحفظ المسألة. فقال الفخر
إِسْمَاعِيل: أيش حفظ هذا التّنّين، يعني الصّبيّ، فبدر وقال: حفظت يا
سيّدي الدّرس. وعرضه فِي الحال. فبُهِتَ منه الفخر وقال لابن عمّه: هذا
يجيء منه شيء، وحرّضه على الاشتغال. فشيخه فِي الخلاف الفخر
إِسْمَاعِيل. وعرض عليه مصنّفه «جنّة النّاظر» . وكتب له عليه في سنة
ستّ وستّمائة: عرض عليّ الفقيه الإِمَام العالِم أوحد الفُضلاء، أو مثل
هذه العبارة، وأخرى نحوها، وهو ابن ستّة عشر.
وشيخه فِي الفرائض والعربيّة أَبُو البقاء العُكْبَري، وشيخه فِي
القراءات عَبْد الواحد المذكور، وشيخه فِي الفِقه أَبُو بَكْر بن غنيمة
صاحب ابن المَني.
وأقام ببغداد ستّ سِنين يشتغل، ثمّ قدِم حَرانَ واشتغل بها أيضا على
الشَّيْخ الفخر.
ثمّ رحل إلى بغداد سنة بضع عشرة، فازداد بها من العلوم، وصنّف
التّصانيف.
تُوُفي إلى رحمة [1] الله فِي يوم عَيْد الفِطْر بحَران.
75- عَبْد العزيز بن أَبِي بَكْر بن عليّ بن نجا بن أَبِي القاسم.
عزّ الدّين، أَبُو محمد بن الميلق الإسكندرانيّ، الكاتب.
__________
[1] في الأصل: «رحمت» .
(48/129)
سمع بمكة من: أبي الفتوح نصر بن الحصريّ،
وعليّ بن البنّاء.
وله شِعْر وأدب.
سمع منه: الدّمياطيّ، وغيره.
ومات فِي رجب.
76- عثمان بن برتقش المعظّميّ.
روى عن: حنبل، وابن طَبَرْزَد.
ومات فِي ذي الحجّة بدمشق.
77- عليّ بن أَبِي نصر [1] بن فاتح بن عَبْد الله.
أَبُو الْحَسَن البِجائي. وأبوه روميّ وأسلم.
وحجّ عليّ، وسمع من يونس الهاشميّ بمكّة.
وسمع: أَبَا القاسم بن الحَرَسْتاني بدمشق، وجماعة.
وعاد إلى بجاية. وكان إماما متقِنًا، زاهدا، خيّرا، عدلا.
تُوُفي فِي جُمادى الآخرة.
كتب عَنْهُ أَبُو عَبْد الله الأبّار، وعاش ستّا وثمانين سنة، وأبو
الْعَبَّاس بن الغمّاز وقال: سمعت عليه بعض «صحيح مُسْلِم» .
78- عيسى بن سلامة [2] بن سالم بن ثابت.
أَبُو العزائم، وأبو الفضل الحَراني، الخيّاط، المعمّر.
وُلِد فِي آخر شوّال سنة إحدى وخمسين وخمسمائة.
وسمع من: أَبِي الفتح أَحْمَد بن أَبِي ألوفا، وحمّاد الحرّانيّ.
__________
[1] انظر عن (علي بن أبي نصر) في: عنوان الدراية 137، والوفيات لابن
منفذ 321 رقم 653، ونيل الابتهاج 202.
[2] انظر عن (عيسى بن سلامة) في: صلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني 2/
ورقة 14، 15، والعبر 5/ 212، 213، والمعين في طبقات المحدّثين 207 رقم
2176، والإعلام بوفيات الأعلام 272، وسير أعلام النبلاء 23/ 280، 281
رقم 189، والإشارة إلى وفيات الأعيان 351، والنجوم الزاهرة 7/ 33،
وشذرات الذهب 5/ 259.
(48/130)
وأجاز له أَبُو الفتح مُحَمَّد بن عَبْد
الباقي بن البطّيّ، وأخوه أَحْمَد، ومحمد بن مُحَمَّد بن السّكن، وأبو
بَكْر عَبْد الله بن النّقّور، وأبو مُحَمَّد بن الخشّاب، وأبو عليّ
أَحْمَد بن الرّحبيّ، ويحيى بن ثابت، وسعد الله بن الدَّجاجيّ،
والمبارك بن مُحَمَّد البادرائيّ، وأحمد بن عليّ بن المعمّر العَلَوي،
وشُهْدَة، وخديجة بِنْت النّهروانيّ، وجماعة.
وروى الكثير، وقد حدّث بدمشق قديما.
روى عَنْهُ: شيخنا الدّمياطيّ والجمال عَبْد الغنيّ المؤذّن، ومحمد بن
زناطر الزّاهد، وأمين الدّولة ابن شقير، ومحمد بن درباس الحاكي،
والشرَف عَبْد الأحد بن تيميّة، وجمال الدّين أَحْمَد بن الظّاهريّ،
وأحمد بن مُحَمَّد الدّشتيّ، وطائفة سواهم. وهو من جملة من جاوز
المائة.
تُوُفي فِي أواخر هذه السّنة بحرّان، وكان آخر من روى عن المذكورين
بالإجازة سوى شُهْدة. وخاتم أصحابه قاسم بن الحبشيّ نزيل حلب.
- حرف الفاء-
79- فَخَروار بن عثمان بن مُحَمَّد.
أَبُو الفخر الدّونيّ، ثمّ الْمَصْرِيّ، الصّوفيّ، تقيّ الدّين
الشّافعيّ.
ولد بالقاهرة قبل السّبعين وخمسمائة، وقرأ القراءات على أَبِي الجود
اللّخميّ، وسمع من: أَبِي القاسم البُوصيري، والأرتاحيّ، وفاطمة بِنْت
سعد الخير. وحدّث.
روى عَنْهُ: ابن الحُلْوانية، والدّمياطيّ، والمصريّون.
وكان موصوفا بالزّهد والصّلاح.
تُوُفي في صفر.
80- فرج بن عبد الله [1] .
__________
[1] انظر عن (فرج بن عبد الله) في: ذيل الروضتين 188، وتكملة إكمال
الإكمال لابن الصابوني 271 رقم 260، والإعلام بوفيات الأعلام 272،
والعبر 5/ 213، وسير أعلام النبلاء 23/ 281، و 290، 291، رقم 197،
والإشارة إلى وفيات الأعيان 351، وصلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني
2/ ورقة 13، والبداية والنهاية 13/ 186، والنجوم الزاهرة 7/ 33، وشذرات
الذهب 5/ 259، وعقد الجمان (1) 95.
(48/131)
ناصحُ الدّين، أَبُو المغيث الحبشيّ،
القُرْطُبيّ، الخادم، مولى أَبِي جَعْفَر القُرْطُبيّ، وعتيق المجد
البَهْنَسِيّ.
ولد سنة بضع وسبعين وخمسمائة.
وسمع الكثير من: أَبِي طاهر الخُشُوعي، والقاسم بن عساكر، وعبد اللطيف
بن أبي سعد الصّوفيّ، وعبد الرَّحْمَن بن سلطان الْقُرَشِيّ، وحنبل،
وابن طَبَرْزَد، ومولاه أَبِي جَعْفَر.
وسمع بحلب من الافتخار الهاشميّ، وغيره.
وكان شيخا صالحا، عفيفا، كيّسا، متيقّظا. سمع وحصّل وروى الكثير.
ووقف كتبه على المحدّثين.
روى عنه: ابن الحلوانيّة، والكنجيّ محمد بن محمد، وعبد الغفّار
المقدسيّ، والعماد البالسيّ، والبرهان أبو إسحاق الإسكندرانيّ، وأبو
الحسن عليّ بن الشّاطبيّ، وطائفة سواهم.
توفّي في رابع شوّال.
- حرف القاف-
81- القاسم بن إبراهيم بن هبة الله بن إسماعيل بن نبهان.
القاضي، عماد الدّين، أبو القاسم الحمويّ، الشّافعيّ، المعروف بابن
المقنشع، قاضي حماة. ترسّل عن صاحب حماة، مِرارًا، ودخل الدّيار
المصريّة، وولّي القضاء بها.
ودرّس بحماة بالنّوريّة، وبحلب بالأسديّة.
ورجع من مصر فأدركه أجَلُه بدمشق بالمدرسة الزّنجيليّة. ودُفِن بسفح
جبل قاسيون في المحرّم.
(48/132)
- حرف الميم-
82- محمد بن أحمد بن خليل [1] بن إِسْمَاعِيل.
القاضي أَبُو الخطّاب السكُوني، الأندلسيّ، الكاتب. من شيوخ ابن
الزّبير.
ذكره فقال: كان روضة معارف، متقدّما فِي الكتابة والعلوم الأدبيّة، لم
ألقَ مثله، يخطب على البديه، ويكتب من غير تكلّف.
قُيد عَنْهُ من كلامه عند السّلاطين بإشبيليّة وغيرها. وكان مشاركا فِي
العلوم، وقد كثُر انتفاعي به. وكان عالي الرّواية، ثبتا، وله معرفة
بالرّجال.
لازمتهُ سِنين.
وأجاز لَهُ: أَبُو عَبْد اللَّه بن زرْقون، وأبو القاسم السهَيلي،
والحافظ السلَفي، فكان آخر من حدّث عَنْهُ بتلك الدّيار عَنْهُ [2] .
وسمع من: أَبِي الحَكَم بن حجّاج، وأبي الْعَبَّاس بن مقدام.
وكان من الأسخياء الأجواد، وهذا طُرفة فِي المغاربة.
83- مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن الزّمّال [3] .
أَبُو عَبْد الله الجيّانيّ.
سمع بمكّة من: يونس بن يحيى الهاشميّ، وغيره.
وحدّث بالإسكندريّة.
ومات فِي جُمادى الآخرة.
84- مُحَمَّد بن خطلج.
الدّمشقيّ البزّاز.
__________
[1] انظر عن (محمد بن خليل بن أحمد) في: سير أعلام النبلاء 23/ 281 دون
ترجمة.
[2] هكذا في الأصل.
[3] انظر عن (محمد بن الحسين بن الزمّال) في: المقفّى الكبير 5/ 602
رقم 2156 وفيه: الزّمّال بالزاي والميم.
(48/133)
روى عن: حنبل.
ومات فِي ذي القعدة. من شيوخ الدّمياطيّ.
85- مُحَمَّد بن طلحة [1] بن مُحَمَّد بن الْحَسَن.
الشَّيْخ كمالُ الدّين، أَبُو سالم القرشيّ، العدويّ، النّصيبيّ،
الشّافعيّ، المفتي. وُلِد بالعَمْرية، من قرى نصيبين، سنة اثنتين
وثمانين وخمسمائة.
وتفقّه، وبرع فِي المذهب.
وسمع بنَيْسَابُور من: المؤيّد الطّوسيّ، وزينب الشّعريّة.
وحدّث بحلب، ودمشق.
وكان صدْرًا معظّما، محتشما، عارفا بالمذهب والأصول والخلاف.
ترسّل عن الملوك، وولّي الوزارة بدمشق يومين ثمّ تركها، وتزهّد وخرج عن
ملبوسه، وانكمش عن النّاس. وكان ذَهابه إلى خُراسان فِي طلب العِلْم،
وناظرَ بها.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وابن الحلوانيّة، ومجد الدّين ابن العديم،
وجمال الدّين ابن الْجُوخي، وشهاب الدّين الكفريّ المقرئ، وجماعة.
وفي سنة ثمانٍ وأربعين قال التّاج ابن عساكر: خرج ابن طلحة عن جميع ما
له من موجودٍ ومماليك ودوابّ وملبوسٍ، ولبس ثوبا قطنيّا وتخفيفة. وكان
__________
[1] انظر عن (محمد بن طلحة) في: ذيل الروضتين 188، وصلة التكملة لوفيات
النقلة 2/ ورقة 11، والعبر 5/ 213، والإعلام بوفيات الأعلام 272، وسير
أعلام النبلاء 23/ 293، 294 رقم 199، والإشارة إلى وفيات الأعيان 350،
ومرآة الجنان 4/ 128، 129، والوافي بالوفيات 3/ 176 رقم 1146، وعيون
التواريخ 20/ 78، وطبقات الشافعية الكبرى 8/ 63 رقم 1076، والبداية
والنهاية 13/ 186، والنجوم الزاهرة 7/ 33، وشذرات الذهب 5/ 259، وإعلام
النبلاء بتاريخ حلب الشهباء 4/ 406، 407، رقم 219، ومرآة الجنان 4/
128، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 452، 453 رقم 421، والأعلام 7/
45 وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 503 رقم 1200، والمقفى الكبير 5/ 753،
754 رقم 2384، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 176 ب. والسلوك ج 1 ق
2/ 396 وفيه:
«مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن هِبة اللَّه بْن طلحة، وعنه نقل في عقد
الجمان (1) 94، 95، وكشف الظنون 360، 592، 734، 954، 1152، 1760، 1915،
1966، وإيضاح المكنون 2/ 499، وهدية العارفين 10/ 104، 105.
(48/134)
يسكن الأمينيّة [1] فخرج منها واختفى، ولم
يُعْلَم بمكانه. وسبب ذلك أنّ النّاصر عيّنه للوزارة وكتب تقليده، فكتب
هُوَ إلى النّاصر يعتذر.
قلت: وقد دخل فِي شيء من الهَذَيَان والضّلال، وعمل دائرة وادّعى أنّه
يستخرج منها عِلم الغيب وعِلم السّاعة، نسأل الله السّلامة فِي الدّين.
ولعلّه إن شاء الله رجع عن ذلك [2] .
تُوُفي فِي السّابع والعشرين من رجب بحلب، وقد جاوز السّبعين.
86- مُحَمَّد بن عليّ بن بقاء [3] .
أَبُو البقاء ابن السّبّاك البغداديّ.
سمع من: أَبِي الفتح بن شاتيل، وأبي السّعادات القزّاز، وذاكر بن كامل،
ويحيى بن بوش، وابن كليب.
__________
[1] الأمينية: انظر عنها في: الدارس 1/ 84.
[2] وقال اليافعي: «وابن طلحة المذكور لعلّه الّذي روى عن السيد الجليل
المقدار الشيخ المذكور عبد الغفّار صاحب الزاوية في مدينة قوص، قال:
أخبرني الرضى ابن الأصمع قال: طلعت جبل لبنان فوجدت فقيرا فقال لي:
رأيت البارحة في المنام قائلا يقول:
للَّه درّك يا بن طلحة ماجدا ... ترك الوزارة عامدا فتسلطنا
لا تعجبوا من زاهد في زهده ... في درهم لما أصاب المعدنا
قال: فلما أصبحت ذهبت إلى الشيخ ابن طلحة فوجدت السّلطان الملك الأشرف
على بابه وهو يطلب الإذن عليه فقعدت حتى خرج السلطان فدخلت عليه
فعرّفته بما قال الفقير، فقال:
إن صدقت رؤياه فأنا أموت إلى أحد عشر يوما، وكان كذلك. (مرآة الجنان 4/
128، 129) .
وقال ابن شاكر الكتبي: وله كتاب سمّاه «العقد الفريد» جمع فيه كل شيء
مليح، وكتاب في علم الحروف، وكتاب «الدرّ المنظّم في اسم الله الأعظم»
.
ومن شعره في المنجم:
إذا حكم المنجّم في القضايا ... بحكم جازم فاردد عليه
فليس بعالم ما الله قاض ... وقلّدني ولا تركن إليه
ومن شعره في المعنى:
ولا تركنن إلى مقال منجّم ... وكل الأمور إلى الإله وسلّم
واعلم بأنك إن جعلت لكوكب ... تدبير حادثة فلست بمسلم
وله شعر غيره في (عيون التواريخ) .
[3] انظر عن (محمد بن علي بن بقاء) في: العبر 5/ 213، والإشارة إلى
وفيات الأعيان 350، وسير أعلام النبلاء 23/ 281.
(48/135)
وروى الكثير.
روى عَنْهُ: ابن القسطلانيّ، والدّمياطيّ، ومحمد بن مُحَمَّد الكنجيّ،
وغيرهم.
وأجاز الجماعة.
وتُوُفي فِي السّابع والعشرين من شعبان، رحمه الله.
87- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن هبة اللَّه بْن عَبْد الصمد بْن
الْحُسَيْن بْن أحمد بْن تميم.
الرئيس جمالُ الدّين، أَبُو حامد التّميميّ، الدّمشقيّ، الكاتب العدل.
وُلِد سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة.
وحدّث عن: ابن طاهر الخُشُوعي.
روى عَنْهُ: مجد الدّين ابن الحُلوانية، والدّمياطيّ، والكنجيّ،
وجماعة.
وتُوُفي فِي الرّابع والعشرين من رجب بدمشق، ودُفن بتُربتهم بسفح
قاسيون.
88- مُحَمَّد بن أَبِي المعالي هبة الله [1] بن الْحُسَيْن [2] بن هبة
الله بن الدّواميّ.
أَبُو الْحَسَن البغداديّ.
وُلِد سنة ستّ وثمانين وخمسمائة. وكان ظريفا نديما، صاحب نوادر وسُرْعة
فَهْم، لا تُمَل مُجالستُهُ، مع وقارٍ وأدب. وله نظم رائق. [3] .
__________
[1] انظر عن (محمد بن أبي المعالي بن هبة الله) في: الحوادث الجامعة
134، 135، وتلخيص مجمع الآداب ج 4 ق 3/ 383، والعسجد المسبوك 2/ 607،
608.
[2] هكذا في الأصل، وفي المصادر: «الحسن» .
[3] ومن نظمه في الغزل:
أيا فاتر الأجفان في الفاء عجمة ... يقولون طرف فاتر وهو باتر
ويا كاسر الألحاظ صدّت قلوبنا ... فلا عجب كل الجوارح كاسر
ولا غرو أن يصطاد قلبي في الهوى ... علمت يقينا أن قلبي طائر
وفي طرفك السّحّار لفظ مصحّف ... فعودته أن الحلاوي ماهر
ويا ناعس الأجفان هب من نعاسها ... لعين المعنّى رقدة فهو ساهر
(48/136)
وحدّث عن: أَبِي الفَرَج بن كليب.
روى عنه: الدّمياطيّ، وغيره.
توفّي في شهر رمضان. وأبوه راو عن تجنّي الوهبانيّة.
89- مقلّد بن أَحْمَد بن الخُردادي.
تاجر كبير متموّل، ورث عن أَبِيهِ أموالا جزيلة. فمات أَبُوهُ أَحْمَد
فِي هذه السّنة. وكان له مداخلة للمغول، وتحدّث مع القان في الصّلح مع
أمير المؤمنين. ثمّ قدِم مع رسول القان.
ومن أعجب شيء أنّ ولده مقلّدا هذا كتب كتابه على بِنْت عمّه على صَداقٍ
مبلغُهُ مائة ألف دينار. وهذا ما لم يُسمع بِمِثْلِهِ قطّ إلّا لخليفة
أو نحوه.
90- مكّيّ بن أبي الغنائم المسلم [1] بن مكي بن خلف بن المسلم بن أحمد
بن محمد بن حصن بن صقر بن عبد الواحد بن عليّ بن عُلان.
العدل المُسِند، سديدُ الدّين، أَبُو مُحَمَّد القيسيّ، الدّمشقيّ،
الطّيبيّ، أسند مَن بقي بالشّام فِي زمانه.
وُلد فِي أوّل رجب سنة ثلاث وستّين وخمسمائة، وتفرّد فِي الدّنيا
بالرّواية عن: أَبِي القاسم بن عساكر، وأبي الفَهْم عَبْد الرَّحْمَن
بن أَبِي العجائز، وأبي المعالي ابن خلدون.
وروى أيضا عن: أَبِي المجد بن البانياسيّ.
وأجاز له: أَبُو طاهر السّلفيّ، ومحمد بن عليّ الرّحبيّ، المصريّ.
__________
[ () ]
ختمت على درّ الثنايا بخاتم ... عقيق وتحت الختم تحنى الجواهر
وكم فيك معنى لا أقوم بحصره ... وهيهات أن يحوي معانيك حاصر
وله غيره.
[1] انظر عن (مكّي بن أبي الغنائم المسلّم) في: ذيل الروضتين 188،
وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 305، وصلة التكملة لوفيات النقلة
للحسيني 2/ ورقة 7، والمعين في طبقات المحدّثين 207 رقم 2172، والإعلام
بوفيات الأعلام 272، والإشارة إلى وفيات الأعيان 350، والعبر 5/ 213،
ومرآة الجنان 4/ 129 وفيه: «السديد المكيّ الدمشقيّ العدل» ، وعيون
التواريخ 20/ 77، والبداية والنهاية 13/ 186، والنجوم الزاهرة 7/ 33،
وشذرات الذهب 5/ 260 وفيه: «السديد بن مكي» ، وذيل التقييد للفاسي 2/
290 رقم 1650، وعقد الجمان (1) 95.
(48/137)
روى عَنْهُ: ابن الحُلْوانية، والدّمياطيّ،
وابن الظّاهريّ، وزين الدين الفارقيّ، وسبطاه، وأمين الدّين سالم بن
صَصْرَى، وأخته أسماء، وأمّها، والعماد بن البالِسي، وأخوه عَبْد الله،
وطلحة الْقُرَشِيّ، ومحيي الدّين يحيى بن أَحْمَد المقدسيّ، وتاج
الدّين أَحْمَد بن مُرير الحَمَوي، وإسماعيل وعبد الله ابنا ابن أَبِي
التّائب، والشّرف عَبْد الله بن الشرفَ الحنبليّ، وخلق سواهم.
وكان شيخا حَسَنًا، متودّدا، صحيح السّماع، من بيت رواية وتقدّم
ورئاسة. وهو أخو سَعِيد ومحمد، وقد سمعا أيضا من الحافظ ابن عساكر.
تُوُفي فِي العشرين من صَفَر بدمشق.
- حرف النون-
91- ناصر بن ناهض [1] بن أَحْمَد بن مُحَمَّد.
الأديب أَبُو الفُتُوح اللّخميّ الْمَصْرِيّ، المعروف بالأديب
الحُصْري.
شاعر مُحْسِن مشهور. كتبوا عَنْهُ من نَظمه. وكان يذكر أنّه سمع من
السلَفِي، وأنّه وُلِد سنة ثمانٍ وخمسين وخمسمائة تقديرا.
أنبأنا أَبُو حامد بن الصّابوني [2] أنّ الأديب أَبَا الفُتُوح
الحُصْري أخبره وأنشده لنفسه. وقد أجازه رئيس قمحا رديئا فقال:
يُباع شِعْري بلا نقد لمنتقد ... إلّا بقمح خفيف الرّوح والجسدِ
قمح إذا رَمَقَتْه العين تؤلمه ... وهما فيقتصّ منها السّوس بالرّمد
ما ذاك إلّا لأحقاب له سَلَفَتْ ... وآدم لم يكن فِي الخُلْد فِي خلدِ
[3]
فأسودُ مثل حظّي فِي عيونِهِمُ ... وفارغ مثل آمالي بهم ويدي
إذا أخبرناه [4] أبدى فوق صفحَته ... حزنا على موت أهل الشّعر بالكمد
[5]
__________
[1] انظر عن (ناصر بن ناهض) في: تكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني
134، 135، والمغرب في حلى المغرب لابن سعيد المغربي (القسم الخاص بمصر)
ص 294، وعيون التواريخ 20/ 80، وعقد الجمان (1) 98، والدليل الشافعيّ
2/ 757 رقم 2538.
[2] في تكملة إكمال الإكمال.
[3] في عيون التواريخ: «وآدم لم يكن في جنّة الخلد» .
[4] في عيون التواريخ: «إذا خبرناه» .
[5] الأبيات في تكملة إكمال الإكمال، وفيه زيادة بيتين، ومن شعره
المعشّرات المشهورة التي
(48/138)
تُوُفي فِي سادس عشر ذي القعدة.
92- نصر الله بن القاضي عليّ بن عَبْد الرّشيد بن عليّ بن نبهان.
القاضي فخر الدّين أَبُو منصور الهَمَدَانيّ.
ولد بهَمَدَان سنة إحدى وتسعين وخمسمائة، وقدِم مع أَبِيهِ صغيرا إلى
بغداد، فسمع حضورا من: عَبْد المنعم بن كُلَيب، والمبارك بن المغطرس.
سمع منه ومن: عَبْد الله بن أَبِي المجد الحربيّ، وجماعة.
وتفقّه وأحكم المذهب، وولي القضاء بالجانب الغربيّ وحدّث.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، ومحمد الكنجيّ، وغيرهما.
تُوُفي فِي نصف شعبان.
أجاز لزينب خالة المحب، وللنّجديّ، والتّقيّ ابن العزّ، وطائفة.
93- نصر الله بن مُحَمَّد بن إلياس بن عَبْد الرَّحْمَن بْن عليّ بْن
أَحْمَد بْن فارس.
الأجلّ، جمال الدّين، أَبُو الفتح بن أَبِي بَكْر الأَنْصَارِيّ،
الدّمشقيّ، الكاتب المعروف بابن الشّيرجيّ، أخو نجم الدّين المظفّر.
ولد سنة ثمان وثمانين وخمسمائة، وسمع من: الخُشُوعي، وعبد اللّطيف
الصّوفيّ، وحنبل، وجماعة.
وتفقّه واشتغل وحصّل.
روى عَنْهُ: زين الدّين الفارقيّ، وشَرَف الدّين عَبْد المؤمن، وأبو
عليّ بن الخلّال، والعماد ابن البالسيّ.
توفّي في صفر.
94- نصر بن مُوسَى بن عيّاش بن عَبْد الله.
أَبُو الفتح الْمَصْرِيّ، الحَوْفي الحنبليّ.
قدِم دمشقَ فِي صِباه فسمع من: حنبل، وابن طبرزد، وجماعة. وجدّه عيّاش
بشين معجمة.
__________
[ () ] مطلعها:
أما لك يا داء المحبّ دواء ... بل عند بعض الناس منك شفاء
(48/139)
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ ومحمد الكنجيّ فِي
مُعجميهما.
وتُوُفي فِي سادس عشر رمضان وقد شاخ وجاوز التّسعين.
95- النصرَة [1] .
أَبُو الفتح، ابن السُّلطان صلاح الدِّين يوسُف بن أيّوب بن شاذي.
تُوُفي بحلب وقد قارب السّبعين أو جاوزها.
- حرف الياء-
96- يحيى بن مُحَمَّد بن مُوسَى.
التجِيبي، التلمِساني.
حجّ وجاورَ، وسمع بمكّة من: أَبِي الْحَسَن بن البنّاء.
وسكن الإسكندريّة، وجلس للوعظ فِي مسجده. وصنّف فِي التّفسير
والرّقائق.
وتُوُفي رحمه الله تعالى فِي تاسع شوّال.
97- يوسف بْن عَبْد الكافي بْن عَبْد الوهاب بْن رفاعة.
عِماد الدّين، أَبُو الحَجاج الإسكندرانيّ، المحتسب المعروف بابن
الكهف.
روى عن: أَبِي رَوْح المطهّر بن بَكْر البيهقيّ.
ومات فِي شعبان.
98- يوسف بن عليّ بن الْحَسَن بن شروان.
أَبُو المظفّر البغداديّ، المقرئ.
سمع: ذاكر بن كامل، وابن كليب، وابن بَوش، وغيرهم.
وعنه: الدّمياطيّ، وغيره.
__________
[1] انظر عن (النّصرة) في: البداية والنهاية 13/ 186، وذيل الروضتين
188، وإعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء 4/ 408 رقم 220 وفيه: «النصر»
.
(48/140)
وكان شيخا صالحا، خيّرا.
تُوُفي فِي سابع جُمادى الآخرة.
وفيها وُلِد:
بدر الدّين مُحَمَّد بن منصور الحلبيّ ابن الجوهريّ، فِي صَفَر، ونظام
الدّين حَسَن بن مؤيّد الدّين أسعد بن القلانِسِي، وناصر الدّين أَبُو
بَكْر بن عمران بن السّلّار، والشّمس مُحَمَّد بن الفخر عليّ بن
الْبُخَارِيّ المقدسيّ، والشّمس مُحَمَّد بن بَلَبَان الجوْزي القطّان،
والكمال مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمَد بن عثمان بن القوّاس،
والمخلص عَبْد الواحد بن عَبْد الحميد بن هلال الأَزْدِيّ، وعلاء
الدّين عليّ بن يحيى بن تمّام بن الْجُميزي، وأبو الْعَبَّاس أَحْمَد
بن يوسف بن مُوسَى التّلّيّ المصريّ، الشّافعيّ، وأبو الْحَسَن عليّ بن
إِسْمَاعِيل بن قريش المخزوميّ، الْمَصْرِيّ، ومحمد بن إِبْرَاهِيم بن
سلامة الْقُرَشِيّ، سمعا من النّجيب الحرّانيّ، ومحمد بن المحدّث أَبِي
الْحَسَن بن عَبْد العظيم الحصنيّ، روى عن الرّشيد، والشّمس يوسف بن
مُحَمَّد الكرديّ، سِبط ابن أَبِي اليُسر، والحاجّ أَحْمَد بن حمّود
الحرّانيّ بها يوم عاشوراء، وأحمد بن مُحَمَّد بن أَحْمَد بن عُمَر بن
الشَّيْخ أَبِي عُمَر، وُلِد بجمّاعيل، وشهاب الدّين أَحْمَد بن أَبِي
بَكْر بن حِرز الله، والمجاهد سَلمان بن لاحق الصرْخَدي المؤذّن بدمشق،
والقاضي جلال الدّين أَحْمَد بن حَسَن، بالرّوم، ومحمد بن كِندي بن
عُمر بن كِندي، وعبد العزيز بن عَبْد الحقّ بن شعبان الصّالحيّ.
(48/141)
سنة ثلاث وخمسين
وستمائة.
- حرف الألف-
99- أَحْمَد بن عطاء [1] بن حَسَن بن عطاء بن جُبَير بن جَابِر.
أَبُو الْعَبَّاس الأذرعيّ، الصّحراويّ. فلاح الفاتكيّة.
روى عن: عمر بن طبرزد.
وكتب عنه: الزّين الأبيورديّ، والدّمياطيّ، وغيرهما.
وتُوُفي فِي ذي القعدة عن سبعين سنة، ودفن بجبل الصّالحيّة.
وهو والد الصّاحب شهاب الدّين الحنفيّ، ووالد شيخنا أَبِي مُحَمَّد
الْحَسَن بن أَحْمَد الشرُوطي الَّذِي روى لنا عن ابن الزّبيديّ.
وكان حاجّا صَدُوقًا، تزوّج الدّمياطيّ بعده بامرأته أمّ شهاب الدّين.
100- أَحْمَد بن الكمال [2] عَبْد الرَّحِيم بْن عَبْد الواحد بْن
أَحْمَد.
الفقيه كمال الدّين المقدسيّ، أخو شمس الدّين.
كتب أكثر تصانيف عمّه الضّياء، وقرأ عليه الكثير.
وسمع من جماعة كأخيه. وروى اليسير لأنّه مات قبل أوان الرّواية، رحمه
الله.
توفّي في ثامن جمادى الآخرة بالبقاع.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن عطاء) في: عيون التواريخ 20/ 84.
[2] انظر عن (أحمد بن الكمال) في: سير أعلام النبلاء 23/ 307، وعيون
التواريخ 20/ 84.
(48/142)
وهو والد الضّياء مُحَمَّد، وزينب [1] .
101- إِسْمَاعِيل بن حامد [2] بن أَبِي القاسم عَبْد الرَّحْمَن بن
المرجّى بن المؤمّل بْنِ مُحَمَّد بْنِ عَليّ بْنِ إِبْرَاهِيم بْن
يعيش.
الأجلّ الرئيس، الفقيه شهاب الدّين، أَبُو المحامد، وأبو الطّاهر، وأبو
العرب [3] الأَنْصَارِيّ، الخَزْرجي، القوصيّ، الشّافعيّ، وكيل بيت
المال بالشّام.
وُلِد فِي المحرّم سنة أربع وسبعين وخمسمائة بقوص. وقدِم القاهرة فِي
سنة تسعين فلم يطوّل بها. وقدِم الشّام سنة إحدى وتسعين فاستوطنها.
وقد سمع بقوص كتاب «التّيسير» على أبي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَبْد
الرَّحْمَن بْن إقبال المَريني، وقرأ عليه القرآن. وذكر أنّه ولد
بالمريّة سنة تسع وتسعين وأربعمائة، وأنّه تلميذُ أَبِي عَمْرو الخضِر
بْن عَبْد الرَّحْمَن القيسيّ المقرئ.
قلت: ومولد الخضر فِي سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة، وكان يروي عن أَبِي
دَاوُد وأبي الْحَسَن بن شفيع.
__________
[1] وقال المؤلّف- رحمه الله-: والد شيختنا» .
[2] انظر عن (إسماعيل بن حامد) في: عقود الجمان في شعراء هذا الزمان
لابن الشعار الموصلي (مخطوطة أسعد أفندي 2323) ج 1/ ورقة 294 ب، وذيل
الروضتين 189، والغصون اليانعة في شعراء المائة السابعة لابن سعيد
الأندلسي 24، وصلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني 2/ ورقة 15، 16،
والمعين في طبقات المحدّثين 207 رقم 2177، والإعلام بوفيات الأعلام
273، وسير أعلام النبلاء 23/ 288، 289 رقم 195، والإشارة إلى وفيات
الأعيان 351، ودول الإسلام 2/ 158، والعبر 5/ 214، والمشتبه في الرجال
2/ 452، والوافي بالوفيات 9/ 105، 106 رقم 4021، وعيون التواريخ 20/
82، 83، ومرآة الجنان 4/ 129، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 174 أ،
ورقة 174 أ، والبداية والنهاية 13/ 186، والعسجد المسبوك 613، والنجوم
الزاهرة 7/ 35، والدارس في تاريخ المدارس 1/ 438، وشذرات الذهب 5/ 260،
وذيل التقييد للفاسي 1/ 465 رقم 902، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة
2/ 434 رقم 404، والطالع السعيد 157 رقم 87، ولسان الميزان 1/ 397 (1/
612، 613 رقم 1270 طبعة دار إحياء التراث، بيروت) وميزان الاعتدال 1/
225 رقم 862، والمغني في الضعفاء 1/ 80 رقم 645، والأعلام 1/ 308،
والمقفّى الكبير 2/ 88، 89 رقم 744، وعقد الجمان (1) 111، 112، وكشف
الظنون 1735، وإيضاح المكنون 1/ 210، وفهرس الفهارس للكتاني 1/ 205 و
2/ 321، ومعجم المؤلفين 2/ 263.
[3] في البداية والنهاية: «أبو العز» .
(48/143)
وقال القُوصي: قدِمتُ مصرَ بعد موت
الشّاطبيّ بأشهُر، فلم أسمع من القاضي الفاضل غير بيتين. وسمعت من
إِسْمَاعِيل بن صالح بن ياسين مقطّعات، ومن أَبِي عَبْد الله
الأرتاحيّ، وغيرهما.
وسمع بالمريّة من الفقيه عليّ بن خَلَف بن معزوز التلِمساني.
وسمع بقوص سنة تسع وثمانين من الحافظ ابن المفضّل لمّا حجّ.
وسمع بدمشق من الخُشُوعي فأكثر، ومن: القاسم بن عساكر، والعماد الكاتب،
وأحمد بن جيّوش الغَنَوي، وأحمد بن ترمش، وأحمد بن الزّنف، وأبي
جَعْفَر القُرْطُبيّ، وأسماء بِنْت الرّان، وأختها آمنة، وابنها القاضي
محيي الدّين مُحَمَّد بن الزّكيّ، وعبد اللّطيف ابن أَبِي سعد، ومحمود
بن أسد، ومنصور بن عليّ الطّبريّ، وعبد الملك بن ياسين الدّولعيّ،
وحنبل، وابن طَبَرْزَد، ومحمد بن سيدهم الهرّاس، ومحمد بن الخصيب، وخلق
كثير.
وعُني بالرّواية، وأكثَرَ من المسموعات. وخرّج لنفسه «معجما» هائلا فِي
أربع [1] مجلّدات ضِخام ما قصّر فِيهِ، وفيه غلط كثير مع ذلك وأوهام
وعجائب [2] .
وكان فقيها فاضلا، مدرّسا، أديبا، إخباريا، حفظة للأشعار، فصيحا مفوّها
[3] .
__________
[1] في الأصل: «أربعة» .
[2] وصنّف كتاب «بغية الراجي ومنية الآمل في محاسن دولة السلطان الملك
الكامل» ، وكتاب «الدرّ الثمين في شرح كلمة آمين» ، صنّفه للملك
الكامل، وكتاب «قلائد العقائل في ذكر ما ورد في الزلازل» .
وقال بعضهم في معجمه:
كم معجم طالعته مقلتي فبدا ... للحظها منه فضل غير منقوص
فما سمعت ولا عانيت في زمني ... أتمّ في فضله من معجم القوصي
وهو يشتمل على عجائب لأنه صنّفه في سجن الملك الصالح عماد الدين
إسماعيل ببعلبكّ وقد غضب عليه.
[3] وكانت فيه دعابة، وله عدّة نوادر، منها أنه رأى رجلا يحادث شابا
مليحا اسمه سليمان ويمازحه، فقال له: أنت تروم الملك؟ فقال: معاذ الله.
فقال: ما لي أراك تحوم حول خاتم سليمان؟ فخجل.
(48/144)
اتّصل بالصّاحب صفيّ الدّين ابن شُكْر،
وقال فِي ترجمته: هُوَ الّذي كَانَ السببَ فيما وليتُه وأوليته فِي
الدَّولة الأيوبيّة من الأنعام، وهُوَ الَّذِي أنشأني وأنساني الأوطان.
قلت: سيّره ابن شُكْر رسولا عن الملك العادل إلى البلاد، وولي وكالة
بيت المال، وتقدّم عند الملوك.
ودرّس بحلقته بجامع دمشق الّتي الآن مدرّسها الشَّيْخ علاء الدّين ابن
العطّار.
وكان يلازم لبْس الطيْلَسان المحنّك والبِزة الجميلة والبغْلة. وقد
مدحه جماعة من الأدباء وأخذوا جوائزه.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وابن الحُلْوانية، والكنْجي، والزّين
الأبِيوَرْدي، والبدر بن الخلّال، والرّشيد الرّقّيّ، والعماد ابن
البالِسي، والشّمس مُحَمَّد بن الزّرّاد، وخلق.
وتُوُفي فِي سابع ربيع الأوّل.
102- أمة اللّطيف بِنْت النّاصح عَبْد الرَّحْمَن الحنبليّ.
العالمة.
خدمت أختَ العادل ربيعة خاتون زَوْجَة صاحب اربل مدّة وأحبّتها، وحصل
لها من جهتها أموال عظيمة، ولاقت بعدها شدائد وحبسا ومصادرة، وحُبِست
بقلعة دمشق نحو ثلاث سنين، ثمّ أطلِقت وتزوّجت الأشرف ابن صاحب حمص،
وسافر بها إلى الرّحبة وتلّ باشر، وماتت سنة ثلاثٍ وخمسين وستّمائة
غريبة. وظهر لها بدمشق من الأموال والذّخائر واليواقيت ما يساوي
ستّمائة ألف درهم غير الأوقاف والأملاك.
وكانت فاضلة صالحة عفيفة، لها تصانيف ومجموعات. ترجمها ابن الجوزيّ.
__________
[ () ] وقال له الصاحب جمال الدين يحيى بن مطروح يوما: يا شيخ شهاب
الدين، أنت عندنا مثل الولد. فقال: لا جرم، إني مطروح! وقال له بعض
الرؤساء: أنت عندنا مثل الأبّ- وشدّد الباء- فقال: لا جرم، إنكم
تأكلونني!
(48/145)
103- إياس بن عَبْد الله بن عتيق.
القاضي أَبُو [1] منصور المظفّر بن عَبْد القاهر الشهْرَزُوري أَبُو
الخير، المَوْصِلي الدّار.
سمع من خطيب الموصل سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة أحاديث نسطور الموضوعة.
روى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّد الدّمياطيّ، وغيره.
قال الشّريف عزّ الدّين: تُوُفي فِي هذه السّنة.
- حرف التاء-
104- التّاج الأرَموي [2] مُحَمَّد بن الْحَسَن.
الشّافعيّ، مدرّس الشّرقيّة ببغداد.
تُوُفي عن نيفٍ وثمانين سنة.
وكان قد صَحِب فخْرَ الدّين الرّازيّ، وبرع فِي العقليّات. وله جاهٌ
وحشمة بوجود إقبال الشّرابيّ. وله عدّة مماليك تُرْك مُلاح وسراري.
وفيه تواضُع ورئاسة [3] .
__________
[1] في الأصل «أبي» .
[2] انظر عن (التاج الأرموي) في: الحوادث الجامعة 150، والفوائد الجلية
في الفرائد الناصرية للملك الناصر داود 157، والوفيات لابن قنفذ 322،
وآثار البلاد وأخبار العباد للقزويني 494، 495.
والأرموي: بضم الهمزة وسكون الراء. نسبة إلى: أرميّة، بلدة كبيرة من
بلاد آذربيجان. (آثار البلاد) .
[3] وقال القزويني: الشيخ أبو أحمد الملقّب بتاج الدين الأرموي كان
عديم المثل في زمانه بالأصول والفقه والحكمة والأدب، ذا عبارة فصيحة،
وتقرير حسن، وطبع لطيف، وكلام ظريف. كان الاجتماع به سببا للذّات النفس
من كثرة حكاياته الطيّبة والأمثال اللطيفة، والتشبيهات الغريبة
والمبالغات العجيبة. وكثيرا ما كان يقول: إنّ دفع التتر عن هذه البلاد
لكثرة صدقات الخليفة المستنصر باللَّه فإن الصدقة تدفع البلاء، ولولا
ذلك لكان من دفع العساكر الخوارزمشاهية كيف يقف له عسكر العراق؟ وكان
الأمر كما قال، فلما مضى المستنصر قلّت الصدقة جاءوا وظفروا.
وحكي أن الشيخ دخل يوما على ابن الوزير القمّيّ، وكان ابن الوزير دقيق
النظر، كثير
(48/146)
- حرف الحاء-
105- الحسين بن عُمَر [1] بن طاهر.
الفقيه، نورُ الدّين أَبُو عَبْد الله الفارسيّ، إمام الحنفيّة بمحراب
المدرسة الصّالحيّة بالقَاهرية.
سمع من: حمّاد الحرّانيّ.
وكان شيخا حسنا عفيفا فاضلا، له معرفة تامّة بالطّبّ.
تُوُفي فِي المحرّم بالقاهرة [2] .
106- حليمة بِنْت عليّ بن أَبِي بَكْر بْن مُحَمَّد بْن جمال الإِسلام
أَبِي الحَسَن عليّ بن المسلّم السلَمي.
أمّ الخير الدّمشقيّة.
روت عن: الخُشُوعي.
روى عَنْهَا: أَبُو مُحَمَّد الدّمياطيّ، وأبو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن
أَحْمَد العلويّ الغَرَافي.
توفّيت فِي ثالث شوّال.
- حرف الخاء-
107- الخضِر بن مُحَمَّد بن أَبِي بَكْر بن الخضر بن إِبْرَاهِيم بن
أَحْمَد.
أَبُو الْعَبَّاس الهكّاريّ، الأمَوي، العُتْبي.
من ولد الوليد بن عُتْبة بن أَبِي سُفيان.
وُلِد بمصر في سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة.
__________
[ () ] المآخذ، قال الشيخ: أراك تقتني المماليك المرد وليس هذا طريقة
المشايخ! قال الشيخ: لا، قعودي بين يديك من طريقة المشايخ، وإنما هذا
لذلك لولا ميلي إلى شيء من زينة الدنيا، ما قعدت بين يديك. (آثار
البلاد) .
[1] انظر عن (الحسين بن عمر) في: الجواهر المضيّة 1/ 216، والدليل
الشافي 1/ 275، والمنهل الصافي 5/ 166، 167 رقم 952.
[2] ولد سنة 575 أو 572 هـ.
(48/147)
وسمع بدمشق من الخُشُوعي. وحدّث.
وتُوُفي فِي نصف شعبان.
- حرف الراء-
108- رَيْحان الطوَاشي [1] .
شهاب الدّين الحَبَشي، خادم بني سُكِينَة.
حدّث عن: أَبِي مُحَمَّد بن الأخضر، وأَحْمَد بن الدَّبيقيّ.
روى عَنْهُ: الدمْياطي، وغيره [2] .
- حرف السين-
109- سَعِيد بن مُدرك بْن عَليّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بن
سُلَيْمَان.
أَبُو المشكور التّنوخيّ، المعرّيّ.
ولد بالمعرّة سنة ستّ وسبعين وخمسمائة، وقدم دمشق وحمل عن الخُشُوعي.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، ومحمد بن مُحَمَّد الكنجيّ، وأبو الْعَبَّاس
بن الظّاهريّ، وأخوه إِبْرَاهِيم.
ومات فِي المحرّم. وهو أخو القاضي أَحْمَد.
110- سيف الدّين القَيُمري [3] .
صاحب المارسْتان الَّذِي بجبل قاسيون. يقال إنّه ابن صاحب قَيْمُر.
__________
[1] انظر عن (ريحان الطواشي) في: الحوادث الجامعة 132 (في وفيات سنة
651 هـ) ، وتاريخ علماء بغداد للفاسي 55، وتاريخ إربل 1/ 197.
[2] وكان لإقبال الشرابي، وكان قريبا إليه، وكان ذا فضل وأدب ومروءة
وكرم.
وقال الفاسي في تاريخ علماء بغداد 55: أبو اليمن ريحان بن عبد الله
الحبشي المعروف بالظاهري. سمع من عبد العزيز بن محمود ابن الأخضر. توفي
سنة 653 هـ.
[3] انظر عن (سيف الدين القيمري) في: ذيل مرآة الزمان 1/ 43- 45،
والمختار من تاريخ ابن الجزري 238، 239، والعبر 5/ 214، ودول الإسلام
2/ 158، والبداية والنهاية 13/ 195، وعيون التواريخ 20/ 105، والنجوم
الزاهرة 7/ 39.
وسيعاد في الكنى آخر وفيات السنة التالية 654 هـ. برقم 177.
(48/148)
كان أميرا كبيرا، محتشما، بطلا، شجاعا من
الإبطال المذكورين بالفُرُوسية. وكان كريما جوادا. بنى له تُربةً كبيرة
بقبّة، وهي أقرب شيء إلى المارِستان. تُوُفي رحمه الله بنابلس، وحمِل
فدفن بتربته.
- حرف الشين-
111- شبليّ بن الْجُنَيد [1] بن إِبْرَاهِيم بن أَبِي بَكْر بن
خَلْكان.
القاضي العالِم، أَبُو بَكْر الزّرزاريّ الإربِلي، الشّافعيّ.
وُلِد بإربل فِي سنة ستّ وسبعين وخمسمائة.
وروى بالإجازة عن: يحيى بن بوش، وابن كُلَيْب.
ووُلي القضاء ببلد إخميم، وبهامات.
- حرف الصاد-
112- صقر بن يحيى [2] بن سالم بن يحيى بن عيسى بن صقر.
الإِمَام، المفتي، المُعِمر، ضياء الدّين، أَبُو المظفّر، وأبو
مُحَمَّد الكلبيّ، الشّافعيّ.
وُلِد سنة تسعٍ وخمسين ظنّا. وتفقّه فِي المذهب وجوّده.
وسمع من: يحيى بن محمود الثّقفيّ، والخُشُوعي، وحنبل، وابن طَبَرْزَد.
ودرّس مدّة بحلب، وأفتى وأفاد.
__________
[1] لم يذكر في تاريخ إربل لابن المستوفي، وهو في طبقات الشافعية
الكبرى 8/ 151.
[2] انظر عن (صقر بن يحيى) في: صلة التكملة لوفيات النقلة 2/ ورقة 15،
والإعلام بوفيات الأعلام 273، والإشارة إلى وفيات الأعيان 351، والعبر
5/ 214، والنجوم الزاهرة 7/ 314، وشذرات الذهب 5/ 261، وسير أعلام
النبلاء 23/ 289 و 306 رقم 214، وذيل الروضتين 188 وفيه «سقر بن يحيى
بن سفر» ، وطبقات الشافعية الكبرى 8/ 153 رقم 147» ، والبداية والنهاية
13/ 186، والوافي بالوفيات 16/ 329، 330 رقم 362، ونكت الهميان 174،
وعيون التواريخ 20/ 82، والعسجد المسبوك 2/ 612، والسلوك ج 1 ق 2/ 397،
وذيل التقييد 2/ 20 رقم 1084، والدليل الشافي 1/ 355، وطبقات الشافعية
للإسنويّ 1/ 215، ومرآة الجنان 4/ 129 وذكره بلقبه فقط، وطبقات
الشافعية للإسنويّ 1/ 450، 451، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 174
ب، 175 أ، وعقد الجمان (1) 111، والمنهل الصافي 6/ 349 رقم 1221،
وإعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء 4/ 410 رقم 223.
(48/149)
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وابن الظّاهريّ،
وأخوه أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم، وسنقُر القضائيّ، وتاج الدّين
الجعبريّ، وبدر الدّين مُحَمَّد بن النّوريّ، والكمال إِسْحَاق،
والعفيف إِسْحَاق، وجماعة سواهم.
وكان موصوفا بالدّيانة والعِلم. أضَر بأخرة.
وتُوُفي فِي سابع عشر صَفَر. وتأخّر من أصحابه راوٍ إلى سنة ثلاثين
وسبعمائة [1] .
- حرف العين-
113- عَبْد الرَّحْمَن بن أبي العزّ بن شواش بن عامر بن حميد.
أَبُو القاسم القيسيّ، البَعْلَبَكي، ثمّ الميماسيّ، الإسكندرانيّ،
البُرجي، النّاسخ.
سمع من: عَبْد الرَّحْمَن بن مُوقا.
والبرج من ثغر الإسكندريّة على البحر.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ.
114- عَبْد العزيز بن عَبْد المجيد بن سُلطان بن أَحْمَد.
الفقيه، بُرهان الدّين، أَبُو مُحَمَّد الْمَصْرِيّ، الشّافعيّ.
عُرِف بابن قراقيش.
ولد سنة تسع وستّين وخمسمائة.
وسمع من: عشير بن عليّ الجيليّ، والعماد الكاتب.
ووُلي قضاء الجيزة وعقود الأنكحة بمصر. وكان إماما متقِنًا، مُفْتيًا.
روى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّد بن خَلَف الحافظ.
ومات فِي ربيع الأوّل.
__________
[1] من شعره:
من ادّعى أنّ له حالة ... تخرجه عن منهج الشرع
فلا تكوننّ له صاحبا ... فإنّه ضرّ بلا نفع
(البداية والنهاية) و (عيون التواريخ) .
(48/150)
115- عَبْد الكريم بن عَبْد القادر بن
أَبِي الْحَسَن بن عَبْد الباري أَبُو مُحَمَّد الأَنْصَارِيّ،
المصريّ، الشّافعيّ، القصّار.
حدّث عن البُوصِيري، وطال عُمُرُهُ.
وتُوُفي فِي ثاني عشر ربيع الآخر عن إحدى وتسعين سنة.
كتبوا عَنْهُ.
116- عثمان بن رسلان [1] بن فتيان بن كامل.
أَبُو عَمرو الأَنْصَارِيّ، البَعْلَبَكي، ثمّ الدّمشقيّ التّاجر،
الحنبليّ.
سمع من: عَبْد الرَّحْمَن بن عليّ الخِراقي، والخُشُوعي.
وحدّث بدمشق، ومصر.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وإبراهيم بن عليّ بن الحبوبيّ.
وتوفّي في رمضان عن ثلاثٍ وسبعين سنة.
117- عثمان بن نصر الله بن مُحَمَّد بن محفوظ بن الْحَسَن بن صَصْرَى.
فخرُ الدّين، أَبُو عَمْرو التغلِبي، تَغْلِب بن وائل، الدّمشقيّ. من
بيتٍ مشهور.
روى عن: أَبِي اليُمن الكِندي، وغيره.
وسمع من: عَبْد الكريم بن شجاع القَيْسي.
كتب عَنْهُ القُدماء. ومات فِي ثالث ذي الحجّة، وهو أخو عُمَر.
118- عليّ بن معالي [2] بن أَبِي عَبْد الله بن غانم.
أَبُو الْحَسَن الرّصافيّ، المقرئ على تُرَب الخلفاء بالرّصافة.
ولِد سنة ثمان وستّين وخمسمائة.
وسمع من: ذاكر بن كامل، وطاعن الزّبيريّ، ويحيى بن بَوش، وابن كُلَيْب،
فَمَنْ بعدهم.
__________
[1] انظر عن (عثمان بن رسلان) في: صلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني
2/ ورقة 100.
[2] انظر عن (علي بن معالي) في: الإعلام بوفيات الأعلام 273.
(48/151)
وعني بالحديث وأكثر عن أصحاب ابن الحُصَيْن
والقاضي أَبِي بَكْر.
وكان يرجع إلى دين وورع وخير. وله أصُولٌ حِسان.
روى عَنْهُ: المُحِب عَبْد الله، والقُطْب القسطلّانيّ، والدّمياطيّ،
ومحمد بن مُحَمَّد الكَنْجي، وآخرون.
وأجاز لجماعة من الكهول الأحياء.
وتُوُفي، رحمه الله، فِي ذي الحجّة، وقيل فِي شوال.
- حرف الميم-
119- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن حِصْن [1] .
الصّالحيّ، العطّار.
روى عن: ابن طَبرْزَد.
حدّث عَنْهُ: الدّمياطيّ، وغيره.
وتُوُفي فِي هذه السّنة.
120- مُحَمَّد بن الأمير خاصّ بك بن بزغش.
الأجلّ، أَبُو عَبْد الله الشّوباشيّ، الْمَصْرِيّ.
وُلِد سنة أربعٍ وسبعين، وسمع من: أَبِي الطاهر محمد بن بنان، وأبي
الفضل الغزنوي، وجماعة.
روى عَنْهُ: الشّريف عزّ الدّين، وغيره.
وكان أبوه والي القاهرة مدّة، تولّاها هذا بعد أَبِيهِ قليلا وعُزل.
روى عَنْهُ عليّ بن عُمَر الوانيّ سنة ثمان شعرة وسبعمائة جزء «مُسْنَد
صُهَيْب» للزعْفراني.
مات فِي ذي الحجّة.
وحدّث عَنْهُ الدّمياطيّ بحديثٍ رَوَاهُ عن يوسف بن الطّفيل.
__________
[1] انظر عن (محمد بن أحمد بن حصن) في: صلة التكملة لوفيات النقلة
للحسيني 2/ ورقة 112.
(48/152)
121- محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن مزيل
بن نصر.
أَبُو عَبْد الله الْقُرَشِيّ المخزوميّ، المصريّ.
روى عن: قاسم بن إِبْرَاهِيم المقدسيّ، وأبي نزار ربيعة اليَمَني.
ومات فِي جُمادى الأولى.
122- مُحَمَّد بن المحدّث أَبِي صادق عَبْد الحقّ بْن هبة اللَّه بْن
ظافر بن حمزة.
أَبُو الفتح القُضاعي، الْمَصْرِيّ، المؤذّن الصّوفيّ، المعروف
بالزنْبُوري.
وُلِد سنة ستّ وثمانين وخمسمائة.
وسمع بإفادة أَبِيهِ من: البُوصِيري، والقاسم بن عساكر، وإسماعيل بن
ياسين، وعبد الخالق بن فيروز، والعماد الكاتب، وأبي الْحَسَن بن نجا
الواعظ، وجماعة.
وطلب بنفسه وأكْثَرَ وأفاد، خرّج للشّيوخ.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، والتّقيّ الإسْعرْدي، والطّلبة.
وكان يقيم بمسجد زنبور فلهذا قيل له الزنبوري.
تُوُفي فِي منتصف ربيع الآخر، وآخر من حدّث عَنْهُ يوسف الخَتَني.
123- مُحَمَّد بن أَبِي المعالي [1] عَبْد العزيز بن الواعظ أَبِي
الْحَسَن عَلِيّ بْن هبة اللَّه بْن خلدون.
العدل، أَبُو عَبْد الله الدّمشقيّ، الشّافعيّ.
روى عن: حنبل، وابن طَبَرْزَد.
تُوُفي فِي شوّال.
124- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد [2] بْن عثمان.
__________
[1] انظر عن (محمد بن أبي المعالي) في: ذيل الروضتين 189.
[2] انظر عن (محمد بن محمد بن محمد) في: صلة التكملة لوفيات النقلة
للحسيني 2/ ورقة 17، وسير أعلام النبلاء 23/ 294 رقم 200، والعبر 5/
215، والجواهر المضيّة 2/ 125 رقم 384، وشذرات الذهب 5/ 161، وذيل
التقييد للفاسي 1/ 254 رقم 496، ومرآة
(48/153)
النّظّام، أَبُو عَبْد الله البَلْخي، ثمّ
البغداديّ، الحنفيّ، نزيل حلب.
وُلِد ببغداد سنة ثلاثٍ وسبعين وخمسمائة، وسافر إلى خُراسان فتفقّه
بها.
وسمع من: المؤيّد الطّوسيّ، ومحمد بن عَبْد الرحيم الفاميّ، وغيرهما.
روى عنه: الدّمياطيّ، وابن الظّاهريّ، وو ولده عَبْد الوهّاب بن
البلْخي، وتاج الدّين صالح الْجَعْبِري، وبدر الدّين مُحَمَّد بن
التّوّزيّ، وغيرهم.
وحدّث «بصحيح مسلم» عن المؤيّد. وكان فقيها بارعا، مُفتِيًا، بصيرا
بالمذهب.
دخل بُخَاري، وسَمَرْقَنْد، وسمع من: أَبِي بَكْر عُمَر بن أَبِي الفتح
البُخاري، ومحمد بن أحمد ابن أَبِي الخطّاب السمَرْقَنْدي.
وسمع بخُوارزْم من: عَبْد الجليل بن إِسْمَاعِيل.
وبالرّيّ من: مَسْعُود بن موجود الحنفيّ، وبحلب من: أَبِي عَبْد الله
بن الزّبيديّ.
ذكره الشّريف في «الوفيات» ، وقال: تُوُفي رحمه الله ليلة التّاسع
العشرين من جُمادى الآخرة.
125- مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر [1] مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بن
عَلْوان بن عَبْد اللَّه بن عَلْوان بن عَبْد الله.
الأجلّ، نجم الدّين، أبو المكارم ابن الأستاذ الأسديّ، الحلبيّ.
وُلِد سنة ثمانٍ وثمانين وخمسمائة.
وحدّث عن ابن طَبرْزَد «بالغيلانيّات» . وكان أديبا فاضلا شاعرا.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وغيره.
تُوُفي في الخامس والعشرين من شوّال.
__________
[ () ] الجنان 4/ 129، والسلوك ج 1 ق 2/ 397، وعقد الجمان (1) 114،
115، وإعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء 4/ 409 رقم 222، ومشايخ بلخ من
الحنفية للمدرّس 1/ 76 رقم 110.
[1] انظر عن (محمد بن أبي بكر) في: التذكرة لابن العديم، ورقة 39،
والإشارة إلى وفيات الأعيان 351، وعقد الجمان (1) 112، 113.
(48/154)
126- مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر [1] بن
أَحْمَد بن خَلَف.
نور الدّين، أَبُو عَبْد الله بن النّور البلخيّ، ثمّ الدّمشقيّ،
المقرئ بالألحان.
وُلِد بدمشق فِي سنة سبْعٍ [2] وخمسين.
وسمع فِي القاهرة من: التّاج مُحَمَّد بن عَبْد الرَّحْمَن المسعوديّ،
والقاسم بن عساكر.
وسمع بالإسكندريّة فِي حياة السلَفي من المطهّر بن خَلَف الشّحّاميّ
جزءا فِي ذي القعدة سنة خمسٍ وسبعين عن وجيه الشّحّاميّ، وغيره.
وسمع بالقاهرة بخانقاه سَعِيد السعَداء فِي سنة 77 من منصور بن طاهر
الدّمشقيّ «أربعي» ابن وَدْعان الموضوعة، حدّثه بها عن ابن المؤمّل،
عَنْهُ.
وسمع بدمشق من: حنبل الرصافي، وأبي القاسم بن الحرستاني.
واجتمع بأبي طاهر السلَفي وأجاز له مرويّاته، وذكر أنّه سمع منه. وهو
صدوق مقبول القول، لكن لم يوجد له عَنْهُ شيء. وروى عَنْهُ الكثير
بالإجازة.
وخرّج له جمال الدّين محمد بن الصّابونيّ جزءا عن مشايخه.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وابن الظّاهريّ، وأخوه إِبْرَاهِيم، وجوّزه
مولاه البلْخي، والشّمس ابن الزّرّاد، والمحيي ابن المقدِسي إمام
المشهد، والبدر مُحَمَّد بن التوزِي، والعماد مُحَمَّد بن البالِسي،
والجمال عليّ بن الشّاطبيّ، وآخرون.
وروى عَنْهُ الحافظ عَبْد العظيم مع تقدّمه.
تُوُفّي فِي الرّابع والعشرين من ربيع الآخر، وله ستّ وتسعون سنة.
__________
[1] انظر عن (محمد بن أبي بكر) في: صلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني
2/ ورقة 16، والعبر 5/ 215، والمعين في طبقات المحدّثين 207 رقم 2178،
والإعلام بوفيات الأعلام 273، وسير أعلام النبلاء 23/ 307 رقم 215،
وشذرات الذهب 5/ 261، والمقفّى الكبير 5/ 435، 436 رقم 1912.
[2] في المقفى الكبير: ولد بدمشق سنة تسع وخمسين.
(48/155)
قال أَبُو مُحَمَّد الدّمياطيّ: كان صالحا
قديم السّماع، وُلِد بدرب العجم.
127- مُحَمَّد بن يوسف [1] بن أَحْمَد.
المحدّث العالِم، أَبُو عَبْد الله الهاشميّ، المالقيّ، المشهور
بالطّنجاليّ.
حمل عَنْهُ أَبُو جَعْفَر بن الزّبير، وسمع بقراءته كثيرا على أَبِي
الْحَسَن الشّاري.
وله إجازة من أَبِي الخطّاب بن واجب، وأبي عَبْد الله مُحَمَّد بن أحمد
بن يوسف الغرناطيّ ابن صاحب الأحكام.
وكان رفيقا فِي الطّلب لحُمَيد القُرْطُبيّ.
قال ابن الزّبير: كَانَا على سَمْتٍ متقارب وصلاح تامّ وَوَرَع وزهد.
مات الطّنجاليّ فِي صَفَر سنة ثلاثٍ. ومات حُمَيْدٌ قبله بعام، رحمهما
الله تعالى.
128- المبارك بن مَزْيَد.
البغداديّ، الخوّاص.
سمع ابن شاتيل.
وتفرّد بأجزاء.
آخر من روى عَنْهُ بالإجازة أَحْمَد الْجَزَري.
129- المبارك الحَبَشي.
عتيق عليّ بن منصور الدّمياطيّ الخراط.
حدّث بمصر عن: عَبْد المنعم بن كُلَيْب، وسماعه منه بقراءة ابن
مُعتِقِه عَبْد السّلام بن عليّ فِي سنة أربعٍ وتسعين.
روى عَنْهُ: الدمياطي، والمصريون.
تُوُفي فِي الخامس والعشرين من رجب، وقد جاوز التّسعين.
130- المرتضى [2] .
__________
[1] تقدّمت ترجمته في وفيات سنة 651 هـ، برقم (38) .
[2] انظر عن (المرتضى) في: ذيل الروضتين 189، وعيون التواريخ 20/ 84،
والسلوك ج 1
(48/156)
الشريفُ، أَبُو الفُتُوح، عزّ الدّين بْن
أَبِي طَالِب أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن جَعْفَر بن زيد بن جَعْفَر بن
أَبِي إِبْرَاهِيم مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن
بن إسحاق بن جعفر الصادق بن محمد الباقر العَلَوي، الحُسَيْني،
الإسحاقيّ، الحلبيّ، نقيب الأشراف بحلب.
ولد سنة تسع وسبعين وخمسمائة.
وسمع من: النّسّابة أَبِي عليّ مُحَمَّد بن أسعد الجوانيّ، والافتخار
الهاشميّ، وأبي مُحَمَّد بن علوان.
وأجاز له يحيى الثّقفيّ.
وحدّث بدمشق وحلب. وكان صدرا رئيسا وافر الحُرْمة. وهو الَّذِي شَهَّر
ابنَ العُود على حمارٍ بحلب لمّا سبّ الصّحابة.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وغيره.
وروى عَنْهُ بالثّغر: البُرهان الغَرَافي.
تُوُفي فجأة فِي شوّال بحلب.
131- مُسْلِم بن بركات بن المسلّم.
أَبُو البركات الحرّانيّ، المعروف بابن الرزَيْز الشّروطيّ الشّاهد.
سمع من: أَبِي ياسر عَبْد الوهّاب بن أَبِي حبّة، وغيره.
وسمع منه جماعة.
وروى عن أَبِي مُوسَى المَدِيني بالإجازة.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وستّ النّعم بنت نجم الدّين ابن حمدان.
132- مظفّر بن محمود بن أحمد بن عساكر.
أبو غالب الدّمشقيّ، والد الحكيم بهاء الدّين القاسم.
حدّث عن: أبي القاسم الحرستانيّ.
ومات كهلا فِي يوم عَرَفة بعَرَفَة. وتُوُفيت زوجتُه بعده وهي بِنْت
أَبِي الخوف، ودفنا بمقبرة مكّة.
__________
[ () ] ق 2/ 397، وعقد الجمان (1) 112.
(48/157)
- حرف الياء-
133- ياقوت.
مولى سلام بن عَبْد الوهّاب بن سلام، أَبُو الدّرّ الأرمنيّ الدّمشقيّ.
سمع بالقاهرة مع مولاه من أَبِي يعقوب بن الطفَيل.
وحدّث بدمشق.
134- يوسف بن مُحَمَّد [1] بن إِبْرَاهِيم.
أَبُو الحَجاج الأَنْصَارِيّ البيّاسيّ، الأديب.
كان علّامة إخباريّا، لُغَويًا بارعا فِي العربيّة وضروبها. وكان يحفظ
الحماسة» و «ديوان أبي تمّام» و «ديوان المتنبّي» و «ديوان سقط الزّند»
للمعرّي، و «السّبع المعلّقات» . وله «تاريخ على الحوادث» فِي مجلّدتين
سمّاه «كتاب الإعلام بالحروب الواقعة فِي صدر الإِسْلَام» إلى أيّام
الرشيد، وكتاب صنّفه فِي مجلدتَين قليل المَثل سمّاه «الحماسة» صنّفه
بتونس وجوّده، ونقل فِيهِ أشعارا فائقة، فمن ذلك قول الوأواء:
باللَّه باللَّه [2] عوجا لي على سَكَني ... وعاتباه لعلّ العتب يعطفُه
وعرّضا بي وقُولا فِي حديثكما [3] ... ما بال عبدك بالهجران تَبْلغُه
فإنْ تبسّم قولا [4] فِي مُلاطفةٍ ... ما ضرّ لو بوِصالٍ منكِ تُسعفُه
وإن بدا لكما من مالكي [5] غضب ... فغالِطاهُ وقولا ليس نعرفه [6]
__________
[1] انظر عن (يوسف بن محمد) في: وفيات الأعيان 7/ 238، والمختار من
تاريخ ابن الجزري 239، 240، ومرآة الجنان 4/ 129- 131، وعيون التواريخ
20/ 83، 84، وبغية الدعاة 2/ 359 رقم 2189، ونفح الطيب 3/ 316، وكشف
الظنون 126، وشذرات الذهب 5/ 262، وهدية العارفين 2/ 554، وديوان
الإسلام 1/ 303 رقم 473، وآداب اللغة العربية 3/ 81، والأعلام 8/ 249،
ومعجم المؤلّفين 13/ 327.
[2] في المختار من تاريخ ابن الجزري: «باللَّه ربّكما» .
[3] في الديوان: «كلامكما» .
[4] في الديوان: «عن» .
[5] في المختار: «سيدي» .
[6] الأبيات في ديوان الوأواء 146، 147، ووفيات الأعيان 7/ 240،
والمختار من تاريخ ابن الجزري 239.
(48/158)
تُوُفي البيّاسي بتونس فِي ذي القعدة، وقد
جاوز الثمانين بيسير. وبيّاسة من الأندلس.
135- يوسف بن أَبِي الْحَسَن بن بركات.
أَبُو العِز المَوْصِلِي المعروف بابن الأعرج.
تُوُفي بسنجار فِي رمضان.
يروي عن: عَبْد الله بن أَبِي المجد الحربيّ.
الكنى
136- أَبُو بَكْر بن يوسف [1] بن أَبِي الفَرَج بن يوسف بن هلال.
المحدّث المقرئ، ناصحُ الدّين الحرّانيّ، الحنبليّ المعروف بابن
الزّرّاد.
وُلِدَ بحرّان سنة أربع عشرة وستّمائة تقديرا، وقرأ القراءات، وتفقّه.
وسمع بدمشق من: أَبِي عَمرو بن الصّلاح، وأبي الْحَسَن السّخاويّ،
وبحلب من: ابن خليل، وابن رواحة، والطّبقة.
وأخذ القراءات عن: الشَّيْخ أَبِي عَبْد الله الفاسي، وغيره.
وكتب الكثير، وخطّه معروف، وكان ديّنا فاضلا.
روى عَنْهُ الدّمياطيّ فِي «مُعْجَمه» ، وكان رفيقه فِي الطّلب.
تُوُفي بحلب فِي التّاسع والعشرين من جُمادى الأولى.
137- أَبُو بَكْر بن أبي الفوارس [2] ابن الأمير عَضُد الدّولة مُرْهف
ابن الأمير مؤيّد الدولة أسامة بن مُنقذ الكِناني، الكلبيّ.
حسامُ الدّين.
من بيت الإمرة والفضيلة.
وُلِد بالقاهرة سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة.
ومات في رمضان.
__________
[1] انظر عن (أبي بكر بن يوسف) في: صلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني
2/ ورقة 99، وسير أعلام النبلاء 23/ 307 دون ترجمة، وإعلام النبلاء
بتاريخ حلب الشهباء 4/ 413 رقم 225.
[2] انظر عن (أبي بكر بن أبي الفوارس) في: عقد الجمان (1) 114
(48/159)
روى عن: جَدّه العَضُد من شِعره.
138- أَبُو مُحَمَّد بن عليّ [1] بن عَبْد الرَّحْمَن.
الخطيب مجدُ الدّين الإخميميّ، خطيب جامع مصر.
صِحب أَبَا الْحَسَن مُرْتَضي بن أَبِي الجود، وأبا الْعَبَّاس بن
القسطلانيّ.
وكان صالحا، عالما، مشهورا بالدّيانة، وله القَبُول التّامّ من النّاس.
وكان حَسَن السمْت، كريم الأخلاق، ساعيا فِي حوائج النّاس، تامّ
المروءة، كثير النّفع للمسلمين، وقبره يُزار بالقرافة، رحمه الله.
تُوُفي فِي ذي القعدة.
139- الأمين أَبُو سعد التفْليسي.
التّاجر. أحد المتموّلين.
تُوُفي غريبا بعكّا. وكان قد استفكّ بها خمسين أسيرا فجاءوا حول تابوته
إلى دمشق.
ودُفن بتُربته بالجبل.
وفيها وُلد:
العلّامة كمال الدّين أَحْمَد بن الشَّيْخ جمال الدّين أَبِي بَكْر
مُحَمَّد بن أَحْمَد البكريّ، الشّريشيّ فِي رمضان بسَنْجار، والقاضي
شمس الدّين مُحَمَّد بن عثمان الحريريّ فِي صَفَر، والقاضي إمام الدّين
عُمَر بن عَبْد الرَّحْمَن بن عُمَر القزوينيّ بتبريز، وشَرَفُ الدّين
أَحْمَد بن فخر الدّين سُلَيْمَان بن عماد الدّين ابن الشيرجي، وتقيّ
الدّين أبو بكر بن شَرَف الصّالحيّ الصّوفيّ، وأبو الْعَبَّاس أَحْمَد
بن المُحِب عَبْد الله بن أَحْمَد فِي ربيع الأوّل،
__________
[1] انظر عن (أبي محمد بن علي) في: عقد الجمان (1) 112 وفيه: «أبو
المجد علي بن عبد الرحمن الإخميمي» .
(48/160)
وأبو المجد عَبْد السّلام بن عَبْد العزيز
بن الشّيخ مجد الدّين ابن تيميّة بحرّان، وأبو الهُدى أَحْمَد بن
الشَّيْخ شهاب الدّين أَبِي شامة، وبهاء الدّين عليّ بن عزّ الدّين
عيسى بن الشّيرجيّ، وإبراهيم بن الشّمس إِبْرَاهِيم بن أَبِي بَكْر
الْجَزَري ثمّ الدّمشقيّ التّاجر، ابن الفاشوشة، والتّاج فايد الكاتب،
والأمين أَحْمَد بن مُحَمَّد بن تاج الدّين عليّ بن القسطلانيّ، بمصر،
ومحمد بن مقلّد بن الغسّانيّ بغسّانة من أعمال مصر، وصدر الدّين
مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ البُوري الْقُرَشِيّ،
بمصر، سمع هُوَ والّذي قبله من النّجيب.
والملك الكامل مُحَمَّد بن عَبْد الملك بن إِسْمَاعِيل الأيّوبيّ بطريق
الحجّ، والشّيخ كمال الدّين عبد الوهّاب ابن قاضي شَهْبَة فِي شوّال،
وقاضي صَرْخَد شهابُ الدّين أَحْمَد بن القاضي فخر الدّين عثمان بن
أَحْمَد الزرَعي، وأحمد بن منصور بن صارم الدّمياطيّ، والشّيخ زين
الدّين عُمَر بن أَبِي الخير الكِناني الشّافعيّ، والشّمس مُحَمَّد بن
عُمَر بن الياس الرّهاويّ في صفر، والشّهاب أحمد بن عمر بن زُهير
الزرَعي، سمع من جَدّه، ورُكن الدّين مُحَمَّد بن المجد عَبْد الله
الإربليّ بحلب فِي ربيع الآخر، وإسحاق بن مُحَمَّد بن أبي العجائز
الزّجّاج.
(48/161)
سنة أربع وخمسين
وستمائة
- حرف الألف-
140- أحمد بن محمد بن عبد الوهّاب بن عُمَر.
أَبُو الْعَبَّاس الْقُرَشِيّ، الإسكندرانيّ، المؤدّب.
قرأ القراءات على منصور بن خميس.
وسمع من: مُحَمَّد بن مُحَمَّد الكِرْكِنْتي.
وحدّث.
تُوُفي فِي المحرّم.
141- إِبْرَاهِيم بن أدنبا [1] .
الأميرُ مجاهدُ الدّين الصّوابيّ، أمير جاندار الملك الصّالح نجم
الدّين أيوب.
كان من كبار الأمراء، وقد ولي ولاية دمشق. وله شِعْرُ وَسَطَ [2] .
__________
[1] انظر عن (إبراهيم بن أدنبا) في: ذيل مرآة الزمان 1/ 14، وعيون
التواريخ 20/ 94، والوافي بالوفيات 5/ 329 وفيه «أونبا» ، والنجوم
الزاهرة 7/ 37، والمنهل الصافي 1/ 39 (أونبا) ، وشذرات الذهب 5/ 264،
والمقفّى الكبير 1/ 31 رقم 2.
[2] وكان أميرا جليلا فاضلا عاملا رئيسا كثير الصمت مقتصدا في إنفاقه.
ومن شعره:
أشبهك للغصن في خصال ... القدّ واللّين والتّثنّي
ولكن تجنّيك ما حكاه ... الغصن يجنى وأنت تجني
وله في مليح اسمه مالك:
ومليح قلت: ما الاسم ... حبيبي؟ قال: مالك
قلت: صف لي قدّك الزاهي ... وصف حسن اعتدالك
(48/162)
142- إبراهيم ابن الأمير عزّ الدّين
أَيْبَك [1] .
مظفّر الدّين، ابن صاحب صرخد المعظّمي.
تُوُفي فيها ودُفن بتُربة أَبِيهِ الّتي على الشّرف.
143- إِبْرَاهِيم بْنِ مُحَمَّدِ [2] بْن عَبْد الرَّحْمَن بْنُ
مُحَمَّدِ بن وَثيق.
أَبُو إِسْحَاق الأمَوي، الإشبيليّ، المقرئ المجوّد.
وُلِد قبل السّبعين وخمسمائة [3] . وذكر أنّه قرأ بالرّوايات السبْع
على جماعةٍ من سنة بضعٍ وتسعين بالأندلس.
ورأيت له مصنّفا فِي التّجويد والمخارج يدلّ على تبحّره [4] .
وقال: قرأت كتاب «الكافي» لابن شُرَيْح سنة ستّ وتسعين على مشايخي
بإشبيليّة: أَبِي الْحُسَيْن حبيب بن مُحَمَّد بن حبيب الحِمْيَري،
والخطيب أَبِي الحَكَم عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَمْرو بْن
أَحْمَد بن مُحَمَّد بن حَجاج اللَّخْمِي، وأبي الْعَبَّاس أَحْمَد بن
مقدام الرعَيْني.
وتلوْتُ عليهم بالرّوايات، وعلى: أَبِي الْحَسَن خالص بن التّرّاب، وهو
أوّل من قرأت عليه.
__________
[ () ]
قال: كالبدر وكالغصن ... وما أشبه ذلك
[1] انظر عن (إبراهيم بن أيبك) في: ذيل مرآة الزمان 1/ 15- 17، وذيل
الروضتين 189، والبداية والنهاية 13/ 195، والوافي بالوفيات 3/ 330 رقم
2402، والمقفّى الكبير 1/ 112 رقم 69، وعقد الجمان (1) 136.
[2] انظر عن (إبراهيم بن محمد) في: صلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني
2/ ورقة 21، وسير أعلام النبلاء 23/ 303، 304 رقم 211، ودول الإسلام 2/
159، والعبر 5/ 217، ومعرفة القراء الكبار 2/ 655، 657 رقم 623،
والإشارة إلى وفيات الأعيان 352، والمعين في طبقات المحدّثين 207 رقم
2179، والإعلام بوفيات الأعلام 273، وغاية النهاية 1/ 24، 25 رقم 101،
ونهاية الغاية، ورقة 7، والنجوم الزاهرة 7/ 40، وحسن المحاضرة 1/ 501،
وشذرات الذهب 5/ 264، وذيل التقييد للفاسي 1/ 445 رقم 467، والمقفّى
الكبير 1/ 305، 306 رقم 362.
[3] مولده سنة 67 وقيل 65 وقيل 564 هـ. بإشبيليّة. (المقفّى الكبير 1/
305) .
[4] لم يذكره كحّالة في «معجم المؤلّفين» مع أنه من شرطه.
(48/163)
قَالُوا: قرأنا على شُرَيْح بن مُحَمَّد بن
شُرَيْح الرّعينيّ، عن أَبِيهِ، رحمه الله.
وقال ابن وثيق: أنبا بكتاب «التّيسير» أَبُو عَبْد الله بن زرقون إجازة
عن أَحْمَد بن مُحَمَّد الخَولاني إجازة، يعني من المصنّف، كذلك.
وكان ابن وثيق ينتقل فِي البلاد، قد أقرأ بالموصل، والشّام، ومصر.
أخذ عَنْهُ القراءات: الأستاذ عماد الدّين بن أَبِي زهران المَوْصِليّ،
وأبو الْحَسَن علي بن ظهير الكَفَنِي، وغيرهما.
وروى عَنْهُ: الشَّيْخ مُحَمَّد بن جوهر التلْعَفرِي، والنّفيس
إِسْمَاعِيل بن صَدَقَة، وأبو عَبْد الله مُحَمَّد بن عليّ بن زُبَيْر
الجيليّ، وغيرهم.
وبقي إلى هذا الوقت.
تُوُفي فِي هذه السّنة أو قبلها أو بعدها بيسير.
وممّن قرأ عليه شيخنا الفخر عثمان التوزريّ [1] ، نزيل مكّة، وكان
عَلِي الإسناد فِي القراءات. وُلِد بإشبيليّة وتُوُفي بديار مصر
بالإسكندريّة فِي رابع ربيع الآخر.
وتلا ابن وثيق أيضا بالرّوايات على أَبِي الْعَبَّاس أَحْمَد بن منذر
بن جَهْوَر، وأخبره أنّه قرأ على أَبِي عَبْد الله مُحَمَّد بن خَلَف،
وابن صاف أجلّ أصحاب شُرَيْح.
144- إِسْمَاعِيل بن عَبْد المجيد بن علّاش.
الفقيه أَبُو الطّاهر المالكيّ، المتكلّم.
قال الشّريف: تُوُفي فِي ثامن عشر شوّال بالإسكندريّة، وكان أحد
المتصدّرين بها.
سمع كثيرا من: أَبِي عَبْد الله مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن محارب.
__________
[1] هو عثمان بن محمد بن عثمان بن أبي بكر، أبو عمرو التوزري. توفي سنة
713 هـ. (معجم شيوخ الذهبي 347 رقم 498) .
(48/164)
- حرف الباء-
145- بدر الدّين المراغيّ [1] .
شيخ خانقاه الطّاحون بدمشق.
وقع به السّلّم من أعلى [2] الخانقاه إلى الوادي فهلك فِي ذي الحجّة.
وقال أَبُو شامة: كان فقيها صالحا، تولّى العقود مدّة، ثمّ قضاء وادي
بَرَدَى، ثمّ لزم الخانقاه، رحمه الله.
146- بشارة الشّبليّ [3] .
الحُسَامي، الكاتب. مولى شِبْل الدّولة، صاحب المدرسة والخانكاه عند
ثورا.
سمع بشارة مع مولاه من: حنبل، وعمر بن طَبَرْزَد، وغيرهما.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، والأبِيوَرْدي، وجماعة.
وهو روميّ الجنس [4] ، وهو جدّ صاحبنا شَرَف الدّين.
تُوُفي فِي نصف رمضان.
- حرف السين-
147- سُنْقُر.
أَبُو المكارم التُركي، عتيق القاضي الأشرف أحمد ابن القاضي الفاضل.
سمع الكثير ببغداد من: أَبِي عَلِيّ بْن الجواليقيّ، وعبد السّلام
الدّاهريّ.
__________
[1] انظر عن (بدر الدين المراغي) في: ذيل الروضتين 195.
[2] في الأصل: «من أعلا» .
[3] انظر عن (بشارة الشبلي) في: ذيل مرآة الزمان 1/ 17، والبداية
والنهاية 13/ 198 (وفيات سنة 655 هـ) ، والدارس 1/ 408، وعيون التواريخ
20/ 98، وشذرات الذهب 5/ 265، والوافي بالوفيات 10/ 141 رقم 4599،
والدليل الشافي 1/ 191، والمنهل الصافي 3/ 365، 366 رقم 666، والدارس
1/ 531 وفيه «بشتاك الشبلي الحسامي» .
[4] وقال ابن كثير: «بشارة بن عبد الله الأرمني الأصل بدر الدين الكاتب
مولى شبل الدولة المعظمي، سمع الكندي وغيره، وكان يكتب خطا جيدا، وأسند
إليه مولاه النظر في أوقافه وجعله في ذريّته، فهم إلى الآن ينظرون في
الشّبليّتين.
(48/165)
وبدمشق من: أَبِي القاسم بن صَصْرَى.
وبمصر من جماعة.
وحدّث بمصر.
- حرف العين-
148- عامر بن حسّان بن عامر بن فتيان بن حمّود.
المحدّث أَبُو السّرايا القَيْسي الأجدابيّ، الإسكندرانيّ المالكيّ،
الصّوّاف المعروف بابن الوتّار.
ولِد فِي حدود التّسعين وخمسمائة.
وسمع من: عَبْد المجيب بن عَبْد الله بن زُهير، والمطهّر بن أَبِي
بَكْر البَيْهَقِي، وعليّ بن المفضّل الحافظ، فَمَنْ بعدهم.
وكتب الكثير وعُنِي بالحديث. وكان مفيد الإسكندريّة فِي وقته. وكان
ثقة، صالحا فاضلا.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وجماعة.
ومات في ذي القعدة كهلا. ودُفن بين المُنْياوَيْن.
149- عَبْد الله بن أَبِي المجد [1] الْحُسَيْن [2] بن أَبِي السّعادات
الحَسَن بن عليّ بن عَبْد الباقي بن محاسن.
الشَّيْخ عماد الدّين، أَبُو بَكْر الأَنْصَارِيّ، الدّمشقيّ الأصمّ،
المعروف بابن النّحّاس.
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن أبي المجد) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 794،
وذيل مرآة الزمان 1/ 24، وذيل الروضتين 189، وصلة التكملة لوفيات
النقلة للحسيني 2/ ورقة 20، 21، والعبر 5/ 217، 218، وفيه: «أبو بكر بن
عبد الله» وهو سهو، والإعلام بوفيات الأعلام 273، والإشارة إلى وفيات
الأعيان 351، وسير أعلام النبلاء 23/ 308، 309 رقم 216، والوافي
بالوفيات 17/ 132 رقم 118، وعيون التواريخ 20/ 100، والبداية والنهاية
13/ 193، والعسجد المسبوك 622، والنجوم الزاهرة 7/ 35، 40، وشذرات
الذهب 5/ 265، وعقد الجمان (1) 131.
[2] ورد في المصادر: «الحسين» ، و «الحسن» .
(48/166)
ولد في المحرّم سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة
بمصر، ونشأ بدمشق فسمع بها من القاضي أَبِي سعد بن أَبِي عَصْرُون، وهو
آخر من حدّث عَنْهُ.
ومن: ابن صَدَقة الحرّانيّ، والفضل بن الْحُسَيْن البانياسيّ، ويحيى بن
محمود الثّقفيّ، وإسماعيل الْجَنْزَوي، وأحمد بن حمزة ابن الموازينيّ،
وعبد الرَّحْمَن بن الْحُسَيْن بن عبدان، وستّ الكَتَبَة.
وسمع بأصبهان من: أَحْمَد بن أَبِي نصر بن الصّبّاغ، وعليّ بن منصور
الثّقفيّ، ومحمد بن مكّيّ الحنبليّ.
وبنَيْسابور من: المؤيّد الطّوسيّ، ومنصور الفراويّ، وغيرهما.
وبحلب من: الإفتخار الهاشميّ.
روى عَنْهُ: الزّكيّ البرزاليّ مع تقدّمه، وأبو مُحَمَّد الدّمياطيّ،
والشّمس بن الزّرّاد، والكمال مُحَمَّد بن النّحّاس الكاتب، والجمال
عليّ بن الشّاطبيّ، والبدر مُحَمَّد بن التّوزيّ.
وكان ثقة، صالحا، فاضلا، جليلَ القدْر.
حدث له صَمَمٌ فكان يحدّث من لفُظه. وخرّج له أَبُو حامد الصّابونيّ
جزءا. ومات فِي الثّاني والعشرين من صَفَر. وكان فاضلا عالما صالحا، له
ملْك يكفيه [1] .
150- عَبْد الله بن محمد بن شاهاور [2] بن أنوشروان بن أَبِي النّجيب.
الأسَدي، الرّازيّ، نجم الدّين، أَبُو بَكْر، شيخ الطّريقة والحقيقة.
كان كبير الشّأن، من أصحاب الأحوال والمقامات. أكثر التّرحال إلى
الحجاز، ومصر، والشّام، والعراق، والرّوم، وأذربيجان، وأرّان، وخراسان،
وخوارزم.
__________
[1] من شعره:
أحبّة قلبي إنّ عندي رسالة ... أحبّ وأهوى أن تؤدّى إليكم
متى ينقضي هذا القطوع وينتهي ... وأحظى شفاها بالسلام عليكم
[2] انظر عن (ابن شاهاور) في: العبر 5/ 218، ومرآة الجنان 4/ 136،
والوافي بالوفيات 17/ 579 رقم 485، وشذرات الذهب 5/ 265.
(48/167)
ولد سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة. وأوّل رحلته
سنة تسع وتسعين.
وسمع: عَبْد المُعِزّ الهَرَوي، ومنصور بن الفُرَاوي، وأَبَا الجنّاب
أَحْمَد بن عُمَر الخبوقيّ، والمؤيّد الطّوسيّ، ومسمار بن العُوَيْس،
وأَبَا رشيد مُحَمَّد بن أَبِي بَكْر الغزّال، وأَبَا بَكْر عَبْد الله
بن إِبْرَاهِيم بن عَبْد الملك الشّحاديّ، وجماعة سواهم.
روى عَنْهُ: دَاوُد بن شهملك اللّيريّ، ومحيي الدّين مُحَمَّد شاه
الغزّاليّ، وشمس الدّين مُحَمَّد بن حَسَن السّاوجيّ، وكهف الدّين
إِسْمَاعِيل بن عثمان القصْري، وإمام الدّين عَبْد الله بن دَاوُد بن
مُعَمَّر بن الفاخر، والحافظ شَرَف الدين الدمياطي، والشيخ محمد بن
محمد الكنجي، وقُطْب الدّين ابن القسطلانيّ.
وتُوُفي ببغداد فِي سادس شوّال سنة أربع وخمسين وستمائة، ودُفِن
بالشّونيزيّة.
أنبأني بأكثر هذا الفَرَضي، وأمّا الدّمياطيّ فقال: توفّي في أوّل عام
ستّة وخمسين، فيُحرر هذا.
151- عَبْد الباقي بن حَسَن [1] بْن عَبْد الباقي بْن أَبِي القاسم.
أَبُو ذَر الصّقليّ، ثمّ الْمَصْرِيّ، المعروف بابن الباجيّ.
سمع من: العماد الكاتب، وغيره.
وحضر إِسْمَاعِيل بنَ ياسين، وحدّث.
وكان أَبُوهُ من الطّلبة المشهورين.
152- عَبْد الرَّحْمَن بن إِبْرَاهِيم بن هبة الله بن إِسْمَاعِيل بن
نبهان.
الفقيه، أَبُو البركات، الحمويّ، الشّافعيّ المعروف بابن المقنشع.
وُلِد سنة أربع وسبعين وخمسمائة. ورحل إلى بغداد، وتفقّه بها.
وسمع من: أَبِي أَحْمَد عَبْد الوهّاب بن سُكَيْنَة، ويحيى بن الرّبيع
الفقيه.
وسمع بالمَوْصِل من: أَحْمَد بن عبد الله بن الطّوسيّ.
__________
[1] انظر عن (عبد الباقي بن حسن) في: الوافي بالوفيات 18/ 16 رقم 15.
(48/168)
وأجاز له أَبُو طاهر السلَفيّ.
وحدّث بدمشق ومصر، وهو أخو القاضي أَبِي القاسم قاضي حماة.
تُوُفي بحمص فِي جمَادَى الأولى.
153- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد [1] بن عبد الرحمن بن مُحَمَّد بن
حَفْاظ.
الشَّيْخ زكيّ الدّين، أَبُو مُحَمَّد السلَمي، الدّمشقيّ، المعروف
بابن الفُوَيْرة [2] .
وُلِد سنة إحدى وتسعين وخمسمائة تقريبا.
وحدّث عن: أَبِي اليُمْن الكِنْدي.
وكان من المعدّلين بدمشق.
تُوُفي فجأة ليلة منتصف ربيع الآخر. وكان ابنه بدرُ الدّين من أعيان
الحَنَفِية.
154- عَبْد الرَّحْمَن بن نوح [3] بن مُحَمَّد.
الإِمَام شمس الدّين التّركمانيّ، المقدسيّ الشّافعيّ، المفتي، صاحب
الشَّيْخ تقي الدّين ابن صلاح.
كان فقيها مجوّدا، بصيرا بالمذهب، مدرّسا. ولي تدريس الرّواحيّة.
وتفقّه عليه جماعة.
وسمع من: الحسين ابن الزّبيديّ، والمتأخّرين.
__________
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن محمد) في: ذيل مرآة الزمان 1/ 18، والبداية
والنهاية 13/ 195، وعيون التواريخ 20/ 98، والوافي بالوفيات 18/ 240
رقم 292.
[2] في البداية والنهاية: «أبو الغورية» ، وفي نسخة منه: «ابن القويرة»
. انظر المتن والحاشية.
[3] انظر عن (عبد الرحمن بن نوح) في: ذيل الروضتين 189، وذيل مرآة
الزمان 1/ 19، والإشارة إلى وفيات الأعيان 352، والعبر 5/ 218، وسير
أعلام النبلاء 23/ 309، وطبقات الشافعية الكبرى 5/ 71، والبداية
والنهاية 13/ 195، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 439، 440 رقم
411، وشذرات الذهب 5/ 265، والتهذيب للنووي 1/ 18، وطبقات الشافعية
للإسنويّ 2/ 504، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 175 أ، ب، وعقد
الجمان (1) 131، 132، والوافي بالوفيات 18/ 292، 293 رقم 344.
(48/169)
وروى شيئا يسيرا. وهو والد ناصر الدّين ابن
المقدسيّ الَّذِي شنقوه فِي الدّولة المنصوريّة، ووالد شيخنا بهاء
الدّين.
تُوُفي فِي ربيع الآخر عن نحو سبعين سنة. ونزل فِي آخر وقت عن نظر
الرّواحيّة وتدريسها لابنه، ولم يكن بأهلٍ.
155- عَبْد الرَّحْيمَ بن أَحْمَد بن الْحُسَيْن [1] بن كتائب.
أَبُو المعالي ابن القنّاريّ [2] ، الْقُرَشِيّ البَعْلَبَكيّ، العدل.
وُلِد بدمشق سنة تسعين وخمسمائة.
وسمع من: الخشوعيّ، وحنبل، وابن طبرزد. وحدّث.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، والفخر إِسْمَاعِيل بن عساكر، والبدر مُحَمَّد
بن التّوزيّ، والعماد بن البالِسيّ، وجماعة.
وكان من عُدُول بَعْلَبَكَّ. وكان أَبُوهُ من عُدُول دمشق.
والقنّاري بالفتح.
تُوُفي فِي سادس رمضان.
156- عَبْد الصّمد بن عَبْد القادر بن أَبِي الْحَسَن.
أَبُو مُحَمَّد الأَنْصَارِيّ، الْمَصْرِيّ، الدّقّاق.
وُلِد سنة أربعٍ وسبعين بمصر.
وسمع بدمشق من: الخُشُوعيّ. وحدّث.
تُوُفّي فِي جُمَادَى الأولى.
157- عبدُ العزيز بن عَبْد الرَّحْمَن [3] بْن أَحْمَد بْن هبة اللَّه
بْن أَحْمَد.
__________
[1] انظر عن (عبد الرحيم بن أحمد بن الحسين) في: تكملة إكمال الإكمال
لابن الصابوني 279، وذيل مرآة الزمان ج 1/ 18 وفيه: «عبد الرحمن ... بن
كاتب» ، والمشتبه في الرجال 2/ 415 و 431 و 534، وموسوعة علماء
المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي ق 2 ج 2/ 195 رقم 524 وفيه عن
المصادر «الحسن» بدل «الحسين» وتوضيح المشتبه 7/ 166 و 247، وتبصير
المنتبه 3/ 1115.
[2] القنّاريّ: بالقاف والنون المشدّدة المفتوحة.
[3] انظر عن (عبد العزيز بن عبد الرحمن) في: ذيل مرآة الزمان 1/ 19-
21، وعيون التواريخ
(48/170)
أَبُو بَكْر بن قِرْناص الحمويّ.
تُوُفي بحماة فِي ذي القعدة [1] .
وقد حدّث بشيء منَ شِعْره. وهو من بيتٍ مشهور [2] .
158- عَبْد العزيز بن عَبْد الغفّار [3] بن أَبِي التّمام.
هبة الله أَبُو مُحَمَّد بن الحُبُوبيّ [4] الدّمشقيّ.
حدّث عن: عَبْد العزيز بْن الأخضر.
وتُوُفّي فِي ذي الحجّة، ولم يرو عَنْهُم الدّمياطيّ.
159- عَبْد العظيم بن عَبْد الواحد [5] بن ظافر بن عبد الله بن محمد.
__________
[ () ] 20/ 98- 100، وشذرات الذهب 5/ 265، وطبقات الشافعية للمطري،
ورقة 207 ب، والسلوك ج 1 ق 2، 401 والوافي بالوفيات 18/ 519 رقم 519.
[1] مولده سنة 588 هـ.
[2] وقال ابن شاكر الكتبي: وكان من الأعيان العلماء الفضلاء النبلاء
الرؤساء المشهورين، وبيته مشهور بالفضل والتقدّم. وكان فاضلا في الفقه
والأدب، مجيدا في النظم والنثر، تزهّد في صباه، وامتنع من قول الشعر
إلّا ما يتعلّق بالزهد ومدح النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، وكان قد
صنّف ديوان رسائل مبتكرة بديعة فأعرض عنها وأمر بإعدامها. ومن شعره:
يا من غدا وجهه روض العيون لمّا ... أعاره الحسن من أنواع أزهار
نعمت طرفي وأودعت الحشا حرقا ... فالطرف في جنّة والقلب في نار
وله أبيات حسنة في أوقات طلوع منازل القمر ينتفع بها جدّا، أولها:
إذا ما ثلاث بعد عشرين وفّيت ... لنيسان فالنطح أرتقبه مع الفجر
وسادس أيّار البطين ويجتلي ... جبين الثريّا تسع عشر من الشهر
[3] في ذيل الروضتين 194، والبداية والنهاية 13/ 195 «العزّ عبد العزيز
بن أبي طالب بن عبد الغفار التغلبي) » . (الثعلبي) » .
[4] في ذيل الروضتين: يعرف بابن الحنوي. وجدّه لأمّه هو القاضي جمال
الدين أبو القاسم الحرستانيّ الأنصاري، وفي البداية والنهاية كنيته:
أبو الحسين.
[5] انظر عن (عبد العظيم بن عبد الواحد) في: تكملة إكمال الإكمال لابن
الصابوني 13 رقم 7 وعقود الجمان في شعراء هذا الزمان لابن الشعار 4/
199، وذيل مرآة الزمان 1/ 21- 23، والمغرب في حلى المغرب 318- 321،
ومسالك الأبصار 6/ ورقة 230، وفوات الوفيات 2/ 363، 366، وعيون
التواريخ 20/ 95- 98، والنجوم الزاهرة 7/ 37، والمنهل الصافي 7/ 307-
309 رقم 1450، وحسن المحاضرة 2/ 567، ومعاهد التنصيص 4/ 180، وبدائع
الزهور ج 1 ق 1/ 293، وشذرات الذهب 5/ 265، وهو في الأصل: «ابن أبي
الأصبغ» بالغين المعجمة، والسلوك ج 1/ 401، والدليل الشافي 1/ 419 رقم
1444،
(48/171)
الأديب أَبُو مُحَمَّد بن أَبِي الإصْبَع
[1] العدْواني الْمَصْرِيّ.
الشّاعر المشهور، الإِمَام فِي الأدب. له تصانيف حسَنَة فِي الأدب،
وشِعر رائق. وعاش نيّفا وستّين سنة.
وتُوُفي بمصر فِي الثّالث والعشرين من شوّال.
ومن شِعره ورواه عَنْهُ الدّمياطيّ:
تصدقْ بوصلٍ إنّ دمعيَ سائلُ ... وزَودْ فؤادي نظرة فَهُوَ راحِلُ
أيا ثمرا من شمس وجنته [2] لنا ... وخط [3] عِذَارَيْه الضحَى
والأصائلُ
تنقلت من طرف إلى القلب فِي النوى [4] ... وهانتك [5] للبدر التمام
منازل
__________
[ () ] وكشف الظنون 230، 233، 391، 727، وإيضاح المكنون 1/ 231 و 2/
391، ومعجم المؤلفين 5/ 265، والوافي بالوفيات 19/ 7- 13 رقم 1.
[1] في المغرب 318 «من ولد ذي الإصبع» ، ومولده سنة 588 بالقاهرة. وهو
أديب الديار المصرية، لم ألق فيها مثله معرفة بالتأريخ والنظم، والنثر
والكلام على البديع وغير ذلك مما يتعلّق بفنون الأدب. وله تصنيف في
البديع في نهاية من الحسن. طرّزه باسم الصاحب كمال الدين. وله كتاب
صنعه لوزير الجزيرة الصاحب محيي الدين بن سعيد بن ندي جمع فيه أمثال
القرآن العزيز، وكتب الحديث المشهورة: مسلم والبخاري والنسائي والترمذي
والسنن والموطّأ وغير ذلك من عيون الأمثال نظما ونثرا.
وكان فخر الترك أيدمر عتيق وزير الجزيرة قد شرع في تصنيف كتاب في فضلاء
هذا العصر، الذين شهروا بمصر، فابتدأ بذكر ابن أبي الإصبع، وقال في
وصفه: هو أشهر من أن ينبّه عليه، وأجلّ من أن يعرّف بالإشارة إليه. لا
يجاذب رداء فضله، ولا تدور العين في أصحابه على مثله. كبير شعراء عصره
غير مدافع، وحامل لوائهم غير منازع. مبرّز في حلبة العلوم الأدبية،
حائز قصبات السبق في الأدوات الشعرية، وآداب الصناعات البديعية. وشعره
أسير في الآفاق من مثل، وأوضح من نار رفعت للساري في ذروة جبل. سارت به
الركبان، وتهادته البلدان.
وله بالملوك صحبة وصلت أسبابهم بسببه، واختصاص بالملك الأشرف اختصاص
ندماني جذيمة به، وليست لي به معرفة توقفني على حقائق شئونه، وتسلك
سبيل الاطلاع على دقائق فنونه. ولم أزل- منذ عزمت على ذكره، وأردت في
هذا الكتاب إثبات شعره- متردّدا بين أن اكتفي بشهرة فضله، وبين أن أقول
فيه ما يقال في مثله، حتى عشوت إلى ضوء أدبه، فاستدللت عليه به» .
[2] ذيل مرآة الزمان: «أيا قمرا من حسن صورته لنا» .
[3] في بدائع الزهور: «وظلّ» ومثله في عيون التواريخ.
[4] في عيون التواريخ، وذيل المرآة: «تنقلت من طرف القلب مع النوى» .
[5] في الذيل، والعيون: «وهاتيك» .
(48/172)
إذا ذكرت عيناك للصّبّ درسها [1] ... من
السّحر قامت بالدلال دلائلُ [2]
جعلتُك بالتمييزُ نُصْبًا لناظري ... فلم لا [3] رفعتَ الهجرَ والهجرُ
فاعِلُ
غدا القَد غصنا [4] منك يَعْطفهُ الصّبا ... فلا غَرْوَ إن هاجتْ عليه
البلابلُ [5]
160- عليّ بن مُحَمَّد بن عُلَوِية.
الزّاهد القُدوة، نزيل المحمّدية من أعمال الصلْح بواسط. له كرامات.
161- عليّ بن يوسف [6] بن أَبِي الْحَسَن بن أَبِي المعالي.
أَبُو الْحَسَن الصّوريّ، الدّمشقيّ.
وُلِد سنة سَبْعٍ وسبعين وخمسمائة. ورحل للتّجارة فسمع بنَيْسابور من:
المؤيّد بن مُحَمَّد الطّوسيّ، وزينب الشّعريّة، والقاسم بن الصّفّار.
وحدّث بمصر ودمشق. وكان شيخا حَسَنًا، له صَدَقة ومعروف.
روى عَنْهُ: القاضي تقيّ الدّين سُلَيْمَان، والفخر ابن عساكر، وحمزة
بن عَبْد الله المقدسيّ، والشرَف عَبْد الله بن الشَّيْخ، وعليّ بن
إِبْرَاهِيم المَعَري، وآخرون.
وتُوُفي فِي الثّامن والعشرين من المحرّم.
__________
[1] في ذيل المرآة: «درونها» .
[2] في الذيل، والعيون: «قامت بالدليل الدلائل» .
[3] في المغرب، وعيون التواريخ، وبدائع الزهور: «فهلّا» .
[4] في المغرب: «منه» .
[5] في الأصل: «بلابل» .
والأبيات مع غيرها في: ذيل مرآة الزمان 1/ 23، وعيون التواريخ 20/ 96،
97، والمغرب في حلى المغرب. والبيتان الأول والخامس في: فوات الوفيات،
وبدائع الزهور، والمنهل الصافي، والوافي بالوفيات.
وله شعر غيره في المصادر.
[6] انظر عن (علي بن يوسف) في: تكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 248،
249، والمختار من تاريخ ابن الجزري 273، والإعلام بوفيات الأعلام 273،
والعبر 5/ 218، وسير أعلام النبلاء 23/ 309 دون ترجمة، وذيل التقييد
لقاضي مكة 2/ 31، 32 رقم 1108، والدرر الكامنة لابن حجر 2/ 361 و 374،
وشذرات الذهب (في وفيات 654 هـ.) ، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ
لبنان الإسلامي ق 2 ج 3/ 88 رقم 717.
(48/173)
162- عمر.
سراج الدّين النّهرفضليّ، قاضي القضاة بالعراق.
ذكره ابن أنجب.
163- عُمَر بن مُحَمَّد بن أَبِي القاسم الْحُسَيْن بن أَبِي يَعْلَى
حمزة بن الْحُسَيْن.
أَبُو حفص القُضاعي، البهْرانيّ، الحَمَويّ، الشّافعيّ.
سمع من جَدّه لأمّه العدل أَبِي مُحَمَّد عَبْد الوهّاب بن عليّ
الْقُرَشِيّ وهو ابن صفيّة.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ.
وتُوُفي بحماة فِي ثاني شوّال، وقد قارب الثّمانين.
164- عيسى بن أَحْمَد [1] بن إلياس بن أَحْمَد.
اليُونينيّ [2] الزّاهد، صاحب الشَّيْخ عَبْد الله اليُونينيّ.
كان زاهدا، عابدا، صوّاما، قوّاما، قانتا للَّه، حنيفا متواضعا لطيفا،
كبير القدر، منقطع القرين. صحِب الشيخَ مدّة طويلة. وكان من أجلّ
أصحابه. لم يشتغل بشيء سائر عمره إلّا بالعبادة ومطالعة كتب الرّقائق،
ولم يتزوّج قطّ، لكنّه عقد عقدا على عجوزٍ كانت تخدمه. وكان يعامل
الأكابر إذا زاروه بما يعامل به آحاد النّاس. وقد زاره البادرائيّ
رسولُ الخليفة فوصل إلى يُونين وأتى الزّاوية، فلمّا صلّى الشَّيْخ
المغرب قام ليدخل إلى خلوته فعارضه بعضُ أصحابه وقال: يا سيّدي هذا
الرجل مجتاز وقد قصد زيارتك. فجاء البادرائيّ وسلّم عليه وسأله
الدّعاء، وأخذ فِي محادثته، فقال الشَّيْخ: رحِم الله من زار وخفّف.
وتركه ودخل.
__________
[1] انظر عن (عيسى بن أحمد) في: ذيل مرآة الزمان 1/ 24- 33، والعبر 5/
218، 219، ومرآة الجنان 4/ 136، والسلوك ج 1 ق 2/ 401، والعسجد المسبوك
2/ 622، وشذرات الذهب 5/ 266، وتاريخ بعلبكّ 2/ 404، 405، وهو في سير
أعلام النبلاء 23/ 309 دون ترجمة، وعيون التواريخ 20/ 100، 101.
[2] وقع في السلوك: «البونيني» بالباء الموحّدة، وهو تصحيف، وفي مرآة
الجنان 4/ 136 «الجويني» ، وهو غلط.
(48/174)
وكان يستحضر كثيرا من مطالعته لكُتُب
الرّقائق، وكان يكتب أوراقا بشفاعات فيسارع أولو الأمر إلى امتثالها.
وكان مع لُطْف أخلاقه ذا هَيْبةٍ شديدة. وقد سرد الصّوم أكثر من أربعين
سنة. وكان لا يمشي إلى أحدٍ أبدا.
وكان يقال له: سلّاب الأحوال، لأنّه ما ورد عليه أحدٌ من أرباب القلوب
فسلك غير الأدب إلّا سلبه حاله.
قال الشَّيْخ قُطْبُ الدّين مُوسَى بن الفقيه فِي «تاريخه» : له كرامات
ظاهرة، ولقد سلب جماعة من الفقراء أحوالهم. وكان والدي- رحمه الله- إذا
خرج إلى يونين طلع إلى زاويته من بكرةٍ، ويدخلان إلى الخلوة، فلا
يزالان كذلك إلى الظهْر. وكان بينهما وِدادٌ عظيم واتّحاد ومحاببة في
الله.
وفي هذه السّنة كان والدي يأمرني فِي كلّ وقت بقصد زيارته، فكنت بعد كل
أيّام أتردّد إليه.
قال: وأخبر الشَّيْخ عيسى قبل موته بمدةٍ أنّ مُلْكَ بني أيّوب يزول
ويملك بعدهم الترْك ويفتحون السّاحل بأسره.
قال: وحكى بعضهم أنّه توجّه إلى طرابلُس فوجد أسيرا فعرفه فقال له:
لا تتخلّى عنّي واشترِني وأنا أعطيك ثمني حال وصولي إلى قريتي قرية
رُعْبان.
قال: فاشتريتُه بستّين دينارا وجئت معه، فلم أجد له ولا لأولاده تلك
اللّيلة عَشاء، فندمت، فقال لي أهل القرية: نَحْنُ أيّام البَيْدر نجمع
لك ثمنه، فضاق صدري. فاتّفق أنّي جئت إلى يُونِين فرأيت الشَّيْخ عيسى
ولم أكن رَأَيْته قبل ذلك، فحين رآني قال: أنت الَّذِي اشتريت الحاجّ
سهل؟ قلت: نعم.
فأعطاني شيئا، فإذا ورقة ثقيلة.
ففتحتها فإذا فيها السّتّين دينارا الّتي وزنتُها بعينها، فتحيّرت
وأخذتُها وانصرفت.
قال قُطْبُ الدّين: وشكوا إليه التّفّاح وأمر الدّودة، وسألوه كتابة
حِرْزٍ، فأعطاهم ورقة فشمّعوها وعلّقوها على شجرةٍ، فزالت الدّودة عن
الوادي بأسره، وأخصبت أشجار التّفّاح بعد يبسها وحملت. وبقوا على ذلك
سنين فِي حياة الشَّيْخ وبعد موته. ثمّ خشوا من ضياع الحِرْز ففتحوه
لينسخوه، فوجدوه
(48/175)
قطعة من كتابٍ ورد على الشَّيْخ من حماة،
فندِموا على فتحه، ثمّ شمّعوه وعلّقوه فما نفع، وركبت الدودةُ الأشجار.
قال: وأراد بعض النّاس بناء حمّام بُيونين وحصل الاهتمام بذلك، فقال
الشَّيْخ: هذا لا تفعلوه. فما وسِعَهم خلافُه، فلمّا خرجوا قال بعضهم:
كيف نعمل بالآلات؟ فقال رفيقه: نصبر حتّى يموت الشَّيْخ. فطلبهما إليه
وقال: قلتم كذا وكذا، وهذا ما يصير وما تعمّر فِي هذه القرية حمّام.
وقد أراد نائبا الشّام التجِيبي وعزّ الدّين أيْدُمُر بناء حمّام
بيُونين فلم يقدّر لهما.
وقال خطيب زَمْلَكا فِي ترجمة الشَّيْخ عيسى: سمعت شيخنا شمس الدين
عَبْد الرَّحْمَن بن أَبِي عُمَر يقول: كان الشَّيْخ عيسى صاحب مطالعة
فِي الكُتُب.
قال: وحدّثني عَبْد الرَّحْمَن بن إِسْمَاعِيل قال: كان الشَّيْخ عيسى
يكون نظره على خبز يابس، وما عاب طعاما، وما لبس طول عُمره سوى ثوبٍ
وعباءةٍ وقَلَنسُوةٍ ما زاد عليها.
وورد إلى زيارته البادرائيّ فخرج إليه وصافحه، ودخل وأغلق الباب، فنادى
فلم يردّ عليه، وقال: ما رَأَيْت شيخا مثل هذا، أو قال: هذا هُوَ
الشَّيْخ.
وأخبرني الشَّيْخ إسرائيل بن إِبْرَاهِيم قال: كنت أخدم الشّيخ عَبْد
الله بن عَبْد العزيز فِي يُونين، وكان المشايخ والفقراء يزورونه من
كلّ مكان، والشّيخ عيسى ما يجيء إليه أحد، فخطر ببالي هذا، فبينا أَنَا
عند الشَّيْخ عَبْد الله وما عندنا أحد وقد خطر لي هذا إذا أخذ بأذُني
وقال: يا إسرائيل تأدّب، الشَّيْخ عيسى قد حصل له الحقّ أيش يعمل بي
أَنَا.
قال: فبادرت وطلعتُ إلى الشَّيْخ عيسى، فلمّا رآني دقّ بإصبعه على
أنفي، وكان إذا مزح مع أحدٍ دقّ بإصبعه على أنفه، أو ما هذا معناه.
وأخبرني مُحَمَّد بن الشَّيْخ عثمان بدَيْر ناعس قال: خرجت صُحبةَ
والدي إلى زيارة الفقيه إلى بَعْلَبَكَّ، وكان يومئذٍ بيُونين،
فأتيناها وسلّمنا عليه، وجلس والدي، فقال له الشَّيْخ الفقيه: ما تزور
الشَّيْخ عيسى وعليّ الضّمان. فقام والدي وأنا معه، فلمّا رآه الشَّيْخ
عيسى وقف ووقف والدي من بعد الظّهر إلى
(48/176)
قريب العصر، ثمّ خطا الشَّيْخ عيسى وجاء
إلى والدي فتعانقا وجلسا.
فلمّا رجع والدي إلى عند الشَّيْخ الفقيه قال له: ما أوفيتَ الضّمان.
قال: فسأل الفقراء والدي عن هذا فقال: كان لي ثلاثةٌ وعشرون سنة
حَردانٌ على الشَّيْخ عيسى لكَوْنه إذا جاء إليه صاحب حالٍ يسلبه حاله،
فلمّا رَأَيْته وقف طويلا ورجع عمّا كان فِيهِ.
قال: وأخبرني الفقيه عَبْد الوليّ بن عَبْد الرَّحْمَن الخطيب قال:
لمّا دخل الخُوارزمية جاء والٍ لهم إلى يونين، وطلب من الفلّاحين شيئا
ما لهم به قوّة، فشكا الفلّاحون [1] الشَّيْخ عيسى. فاتّفق أنّ الوالي
طلع إلى عند الشَّيْخ فقال له:
أرفِقْ فهؤلاء فُقراء. فقال: ما إلى هذا سبيل.
قال: وبقي الشَّيْخ يردّد عليه ويقول ما إلى هذا سبيل، فنظر إليه وأطال
النّظر، وإذا به قد خبط الأرض وأزْبَدَ ساعة، فلمّا أفاق انكبّ على
رِجل الشَّيْخ واعتذر ونزل، فقال للخُوارزمية: من أراد أن يموت يطلع
إلى القرية. أو ما هذا معناه.
قال: وأخبرني الشَّيْخ إسرائيل بن إِبْرَاهِيم: ثنا الشَّيْخ عيسى
اليُونيني قال:
طلعتُ صُحْبة عمّي الشَّيْخ عَبْد الخالق اليُونيني- قلت: وقد تُوُفي
عَبْد الخالق سنة سبع عشرة وستمائة- إلى جبل لُبنان، وكان ثمّ بِرْكة
كبيرة، فجلسنا عندها وبقربها حَشيش له قرميّة حُلْوة، فقال لي عمّي:
اجلس هاهنا، وإذا جعت كل من هذه الحشيش.
قال: فإذا بأسدٍ كبير قد استقبله، فخفتُ عليه وبقيتُ أقول: يا عمّي يا
عمّي، وكان هُناك قَرمية شجرةٍ فصعِد عليها عمّي وركب الأسد ثمّ سار به
حتّى غاب عنّي، فبقيتُ هناك يومين فلمّا كان اليوم الثّالث إذا بعمّي
قد أقبل راكبا الأسد [2] ، فنزل على تلك القرميّة ومضى الأسد.
وقال الشَّيْخ قُطْبُ الدّين مُوسَى: مرض الشَّيْخ عيسى فِي أواخر
شوّال، وبقي أيّاما وأهل بَعْلَبَكَّ يتردّدون إلى زيارته ويغتنمون
بَرَكته، ولمّا وصل خبر
__________
[1] في الأصل: «قشكا الفلّاحين» وهو غلط.
[2] في الأصل: «راكب» .
(48/177)
موته إلى بَعْلَبَكَّ لم يبق فِي البلد
إلّا القليل خرجوا ليشهدوه، فكانوا منتشرين من البلد إلى يُونين،
والمسافة فوق فرسخين. وحصل لوالدي من الحُزْن والوجوم لموته لا
رَأَيْته حصل له بموت غيره.
ودُفِن إلى جانب عمّه عَبْد الخالق.
وتُوُفي فِي رابع ذي القعدة ودُفِن بزاويته.
165- عيسى بن طاهر [1] بن نصر الله بن جهبل.
أَبُو القاسم الحلبيّ، العدل، الحاسب.
حدّث عن: القاسم بن عساكر.
وكان بارعا فِي الحساب والفرائض.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وغيره.
توفّي رحمه الله في غرّة رمضان.
166- عيسى بن مُوسَى بن أَبِي بَكْر.
أَبُو الروْح الصّقليّ، ثمّ الدّمشقيّ، المقرئ الحنفيّ.
حدّث عن: الكِنْديّ.
ومات فِي تاسع ذي القعدة.
- حرف القاف-
167- قلاون.
أَبُو سَعِيد التّركيّ، المُعَظمي.
حدّث عن حنبل.
ومات فِي شوّال.
- حرف الكاف-
168- كافور الحَبَشي.
الطوَاشي، مولى الملك الأمجد بن الملك العزيز عثمان بن صلاح الدّين.
__________
[1] انظر عن (عيسى بن طاهر) في: ذيل مرآة الزمان 1/ 33 وفيه «عيسى بن
ظاهر» .
(48/178)
روى عن: حنبل، وابن طَبَرْزَد.
وهو من شيوخ الدّمياطيّ.
- حرف الميم-
169- مُحَمَّد بن أَبِي المكارم أَحْمَد بن عَبْد الواحد بن عَبْد
السّلام.
الأمَوي، الإسكندرانيّ، المؤدّب، المعروف بابن النحْوي.
روى عن: عَبْد الواحد بن موقا.
وعنه: الدّمياطيّ، وغيره.
170- مُحَمَّد بن الْحَسَن [1] بن عَبْد السّلام بن عتيق بن مُحَمَّد.
العدل، شَرَفُ الدّين، أَبُو بَكْر التّميميّ، السفاقُسي [2] ثمّ
الإسكندرانيّ، المالكيّ، المعروف بابن المَقدِسية لأنّه ابن أخت الحافظ
أَبِي الْحَسَن بن المفضّل المقدسيّ.
وُلِد في المحرّم سنة ثلاث [3] وسبعين وخمسمائة. وحضر عند أَبِي طاهر
السّلفيّ سماع «المسلسَل» بالأوّليّة، ولم يظهر له عَنْهُ سواه. وحضوره
له وهو فِي أوائل السّنة الثّالثة.
وأجاز له: هُوَ، وبدر الخُداداذي، وظافر بن عطيّة النّحّاس، وأبو
الطّاهر إِسْمَاعِيل بن عَوْف الفقيه، وأبو طَالِب أَحْمَد بن المسلّم
التّنوخيّ.
وسمع من: أَبِي الفضل أَحْمَد بن عَبْد الرَّحْمَن الحَضْرَمي فِي سنة
أربع وثمانين. وسمع بمصر من: البُوصِيري، وبمكّة من: القاسم ابن عساكر.
__________
[1] انظر عن (محمد بن الحسن) في: صلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني 2/
ورقة 22، وذيل مرآة الزمان 1/ 33، 34، والإعلام بوفيات الأعلام 273،
والإشارة إلى وفيات الأعيان 352، وسير أعلام النبلاء 23/ 295، 296 رقم
202، والعبر 5/ 219، والوافي بالوفيات 2/ 352 رقم 816، والعسجد المسبوك
2/ 622، 623، والمقفى الكبير 5/ 546، 547 رقم 2063، وشذرات الذهب 5/
266، وحسن المحاضرة 1/ 379 رقم 77.
[2] السفاقسي: نسبة إلى سفاقس، بلدة من إفريقية على البحر.
[3] في الوافي بالوفيات 2/ 352 ولد سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة.
(48/179)
وخرّج له منصور بن سَلِيم الحافظ «مشيخة» .
روى عَنْهُ: عَبْد الرّحيم بن عثمان بن عَوْف، والشّرف مُحَمَّد،
والوجيه عَبْد الوهّاب ابنا عَبْد الرَّحْمَن الشّقيريّ، والفخر
مُحَمَّد، والجلال يحيى ابنا مُحَمَّد بن الحُسَيْن بن عَبْد السّلام
السَّفَاقسيّ، والحافظ الدّمياطيّ، وآخرون.
وقد ناب فِي القضاء بالإسكندرية مدّة. قاله الشّريف عزّ الدّين.
وقال غيره: لا نعرف ذلك.
تُوُفي فِي ثالث جُمَادَى الْأولى، وَهُوَ آخر من روى حضورا عن
السلَفِي.
171- مُحَمَّد بن الفضل [1] بن عَقِيل بْن عُثمان بْن عَبْد القاهر بْن
الرّبيع بن سُلَيْمَان بن حمزة.
أَبُو طَالِب الهاشميّ، الْعَبَّاسيّ الصّالحيّ، من وُلِدَ الأمير صالح
بن عليّ.
حدّث عن: الخُشُوعي، وأبي جَعْفَر القُرْطُبيّ، وعبد الخالق بن فيروز،
وغيرهم.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، والشّمس الكنجيّ، والعماد بن البالِسيّ،
وغيرهم.
وكان من شُهُود تحت السّاعة. حجّ غير مرّة.
ومات فِي سادس عشر جُمادى الآخرة، رحمه الله تعالى.
172- مُحَمَّد بن يونُس [2] بن بَدْران بن فَيْروز بن صاعد بن غالي.
القاضي أبو حامد ابن قاضي القُضاة جمال الدّين أَبِي الفضائل
الْقُرَشِيّ السّيبيّ الْمَصْرِيّ [3] ، ثمّ الدّمشقيّ الشّافعيّ.
وُلِد سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة.
وسمع حضورا من الخشوعيّ. وسمع من: حنبل، والكنديّ.
__________
[1] انظر عن (محمد بن الفضل) في: ذيل مرآة الزمان 1/ 34.
[2] انظر عن (محمد بن يونس) في: ذيل مرآة الزمان 1/ 34- 37، والبداية
والنهاية 13/ 198 في وفيات سنة 655 هـ. وعيون التواريخ 20/ 101، 102،
والمقفى الكبير 7/ 520 رقم 3623، والأعلام 9/ 34، وطبقات الشافعية
للمطري، ورقة 208 أ.
[3] في عيون التواريخ: «الحضري» وهو تصحيف.
(48/180)
وتفقّه ودرس، وحكم بدمشق نيابة عن أَبِيهِ
الجمال الْمَصْرِيّ، ودرّس بالشّاميّة.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وغيره.
وتُوُفي فِي نصف رجب [1] .
173- المبارك بن أَبِي بَكْر [2] بن حَمدان بن أَحْمَد بن علوان.
واسم أَبِي بَكْر أَحْمَد.
المؤرّخ الأديب كمال الدّين أَبُو البَرَكات بن الشّعّار المَوْصِلِي،
مصنّف كتاب «عقود الْجُمَان فِي شِعر أهل الزّمان» [3] .
__________
[1] له شعر، منه:
صيّرت فمي لفيه باللثم لثام ... عمدا ورشفت من ثناياه مدام
فازورّ وقال: أنت في الفقه إمام ... ريقي خمر وعندك الخمر حرام
وله:
لما هجروا واصل جفني سهري ... قوم غدروا وأورقوني فكري
عاتبتهم قالوا: تعشق بدلا ... واختر عوضا فقلت: ردّوا عمري
وله:
ما تمّ على المجنون ما تمّ عليّ ... لمّا بعث الحبيب بالعتب إليّ
يا من عبثوا على كئيب دنف ... هل ينفع عتبكم إذا لم أك حيّ
[2] انظر عن (المبارك بن أبي بكر) في: ذيل مرآة الزمان 1/ 33، وسير
أعلام النبلاء 23/ 309 دون ترجمة، وتاريخ إربل 1/ 384- 386 رقم 292،
وتلخيص مجمع الآداب ج 4 ق 2/ 685، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني
253، وغربال الزمان في وفيات الأعيان للعامري (مخطوطة باريس) ورقة 187،
والعبر 5/ 219، ووفيات الأعيان 3/ 296، ومرآة الجنان 4/ 136، وشذرات
الذهب 5/ 266، وعيون التواريخ 20/ 101، والعسجد المسبوك 2/ 623، وبغية
الطلب لابن العديم (مخطوطة دار الكتب الوطنية بباريس 1138) ورقة 137،
وإعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء 4/ 413 رقم 226.
[3] قال ابن المستوفي: إنه جواد كريم، ورد إربل في العشرة الآخرة من
محرّم سنة خمس وعشرين وستمائة. شابّ مغرى بجمع الأشعار، ألّف كتابا جمع
فيه من الشعراء ما وصله.
ذيّله على كتاب المرزباني محمد بن عمران.
حدّثني أنه ولد بالموصل في مستهلّ صفر من سنة خمس وتسعين وخمسمائة.
يحفظ جملة من تاريخ وحكايات وأشعار، وأسماء شعراء، وأنسابهم ومواليدهم
ووفاتهم. حدّثني أنه كان شعّارا يعمل آلة الجمال وغيرها، وربّما كتب
«الشّعّار والمرحّل» . سألته أن ينشدني شيئا من شعره فقال: ما عملت
شعرا قطّ. فقلت له: تكلّف ذلك، وقد عملته. فأقام مدّة طويلة ثم قال: قد
عملت هذه الأبيات، وأنشدني لنفسه ... (وذكر أبياتا) .
(48/181)
سمع من: يعقوب بن صابر المنجنيقيّ، ومن
غيره.
وهو من شيوخ الدّمياطيّ. وتاريخه موجود بالسّميساطيّة.
وتُوُفي فِي سابع جمادى الآخرة [1] بحلب، وله إحدى وستّون سنة.
- حرف الياء-
174- ياقوت الطوَاشي.
افتخارُ الدّين الحَبشيّ، العِزيّ المسعوديّ، أَبُو الدّرّ الخادم.
سمع الكثير بالشّام، والحجاز، ومصر، واجتهد وحصّل الأموال والكُتُب
ووقفها.
وسمع من: القاضي بهاء الدّين يوسف بن شدّاد، وأبي الْحَسَن بن
الرّمّاح، وجماعة.
تُوُفي بالمدينة النّبويّة.
175- يعقوب [2] .
الأمير مجير الدّين ابن السُّلطان الملك العادل أَبِي بَكْر بن أيّوب
الأيّوبيّ.
ويلقّب بالملك المُعِز. وهو بمُجِير الدّين أشْهَر.
سمع من: عُمَر بن أَبِي السّعادات بن صرْما. وأجاز له: أَبُو رَوْح
عبدِ المعزّ الهرويّ، والمؤيّد الطّوسيّ.
__________
[ () ] وقال ابن الفوطي: كان من الأدباء الذين عنوا بجمع فقر العلماء
وأشعار الفضلاء، وله السعي المشكور فيما فعله، فإنه بقي مدّة 50 سنة
يكتب الأشعار سفرا وحضرا. ذيّل كتاب «معجم المرزباني» وذكر كل من نظم
شعرا بعد وفاته أي بعد وفاة المرزباني إلى سنة 600 هـ. ثم صنّف كتاب
«عقود الجمان» ذكر فيه من قال الشعر إلى آخر أيامه. وتوفي سنة 655
واستفدت من تصانيفه واسترحت إلى تواليفه. روى لنا عنه شيخنا بهاء الدين
علي بن عيسى الإربلي وغيره.
[1] أرّخ ابن الفوطي، والخزرجي وفاته بسنة 655 هـ.
[2] انظر عن (يعقوب الأمير) في: ذيل مرآة الزمان 1/ 37- 39، وذيل
الروضتين 194، والعبر 5/ 219، 220، والمختار من تاريخ ابن الجزري 240.
وعيون التواريخ 20/ 103، 104، والبداية والنهاية 13/ 195، وشذرات الذهب
5/ 266، وعقد الجمان (1) 135.
(48/182)
روى عَنْهُ الدّمياطيّ وقال: خرّجت له
مشيخة لأنّه طلب منّي ذلك.
وتُوُفي فِي ذي القعدة بدمشق.
قلت: صلّى عليه نجمَ الدّين البادرائيّ، ودُفِن عند والده بالتّربة،
وعمل السُّلطان عزاءه [1] .
176- يوسف بن قُزُغْلي [2] بن عَبْد الله.
الإِمَام، الواعظ، المؤرّخ، شمس الدّين، أَبُو المظفّر التّركيّ، ثمّ
البغداديّ العونيّ، الحنفيّ. سِبْط الإِمَام جمال الدّين أَبِي الفَرَج
ابن الجوزيّ، نزيل دمشق.
ولد سنة إحدى [3] وثمانين وخمسمائة.
__________
[1] ومن شعره:
إذا ما جرت من جفن غيري أدمعا ... جرت من عيوني أبحر وسيول
وو الله ما ضاعت دموعي عليكم ... ولو أنّ روحي في الدموع تسيل
[2] انظر عن (يوسف بن قزغلي سبط ابن الجوزي) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/
716، وذيل مرآة الزمان 1/ 39- 43، وذيل الروضتين 48، 49 و 195، وموسوعة
علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي ق 2 ج 5/ 69، 70 رقم 1368،
والمعين في طبقات المحدّثين 208 رقم 2181 وفيه: «يوسف بن الفرغلي» وهو
غلط، وأرّخ وفاته بسنة 656 هـ. (الحاشية 2181) ، والإعلام بوفيات
الأعلام 273، وسير أعلام النبلاء 13/ 296، 297 رقم 203، والإشارة إلى
وفيات الأعيان 352، والمختار من تاريخ ابن الجزري 240، 241، ووفيات
الأعيان 3/ 142، والعبر 5/ 220، ومرآة الجنان 4/ 136، وفوات الوفيات 4/
356، 357، وعيون التواريخ 20/ 103، 104، والبداية والنهاية 13/ 194،
195، والعسجد المسبوك 2/ 623، 624، وفيه: «يوسف بن عبد الله بن فيروز»
، والسلوك ج 1 ق 2/ 401، والنجوم الزاهرة 7/ 39، والدارس في تاريخ
المدارس 1/ 478، ومفتاح السعادة 1/ 255، 256، وشذرات الذهب 5/ 266،
ومنتخب المختار لابن رافع 236- 239 رقم 196، والجواهر المضية 2/ 230-
232 رقم 719، ولسان الميزان 6/ 328 رقم 1968، والفوائد البهية 183،
وعقد الجمان (1) 132- 135، وتاريخ الخلفاء 477، وميزان الاعتدال 3/
333، والمختصر في أخبار البشر 3/ 206، وكشف الظنون 172، 205، 437، 448،
558، 569، 1519، 1520، 1569، 1592، 1647، 1723، 1837، 1988، وإيضاح
المكنون 1/ 274، وهدية العارفين 2/ 554، 555، وفهرست الخديوية 5/ 57،
58، وفهرس مخطوطات الموصل 235، وتاج التراجم 61، وفهرس الفهارس 2/ 451،
وفهرس المخطوطات المصورة 1/ 333، ومعجم المؤلفين 13/ 324.
[3] جاء في الأصل فوق كلمة إحدى كلمة: ثلاث. هكذا ثلاث إحدى.
(48/183)
وسمع من: جَدّه، وعبد المنعم بن كُلَيْب،
وعبد الله بن أَبِي المجد الحربيّ.
وبالمَوْصِل من: أَبِي طاهر أَحْمَد، وعبد المحسن ابني الخطيب عَبْد
الله بن أَحْمَد الطّوسيّ.
وبدمشق من: عمر بن طبرزد، وأبي اليمن الكندي، وأبي عُمَر بن قُدامة،
وغيرهم.
روى عَنْهُ: المُعِزّ عَبْد الحافظ الشُرُوطي، والزّين عَبْد
الرَّحْمَن بن عُبَيْد، والنّجم مُوسَى الشّقراويّ، والعِز أَبُو بكر
بن عبّاس بن الشّائب، والشّمس مُحَمَّد بن الزّرّاد، والعماد مُحَمَّد
بن البالِسي، وجماعة.
وكان إماما، فقيها، واعظا، وحيدا فِي الوعظ، علّامة فِي التّاريخ
والسيَر، وافِر الحُرمة، مُحببًا إلى النّاس، حُلْوَ الوعظ، لطيف
الشّمائل، صاحب قبولٍ تامّ.
قدِم دمشقَ وهو ابن نيفٍ وعشرين سنة، فأقام بها ونَفَقَ على أهلها،
وأقبل عليه أولاد الملك العادل. وصنّف فِي الوعظ والتّاريخ وغير ذلك.
وكان والده من موالي الوزير عَون الدّين يحيى بن هُبَيْرة.
وقد روى عَنْهُ الدّمياطيّ، عن عَبْد الرَّحْمَن بن أَبِي حامد بن
عصيّة وقال:
تُوُفي فِي الحادي والعشرين من ذي الحجة.
قال أَبُو شامة [1] : تُوُفي بمنزله فِي الجبل، وحضر جنازته خَلْقٌ،
السُّلطان فَمَنْ دونَه. وكنتُ مريضا.
قال: ودرّس بالشّبليّة مدّة، وبالمدرسة البَدْرِية الّتي قِباله
الشّبليّة. وكان فاضلا عالما، ظريفا، منقطِعًا، مُنكِرًا على أرباب
الدّول ما هُم عليه من المنكَرَات، متواضعا.
كان يركب الحمار وينزل إلى مدرسته العِزية. وكان مقتصرا فِي لباسه،
مواظبا للتّصنيف والاشتغال، منصفا لأهل القضاء، مباينا لأولي الخبريّة
__________
[1] في ذيل الروضتين 48.
(48/184)
والجهل، يأتي إليه الملوك زائرين وقاصدين.
وفي طول زمانه فِي جاهٍ عريضٍ عند الملوك والعامّة. وكان مجلسه
مُطرِبًا، وصوته طيّبا، رحمه الله.
قلت: وحدّثونا أنّ ابن الصّلاح، رحمه الله، أراد أن يَعِظ، فقال له
الملك الأشرف: لا تفعل، فإنّك لا تقدر أن تكون مثل شمس الدّين ابن
الْجَوْزي، ودونه فما يُرضى لك. فترك الوعظ بعد أن كان قد تهيّأ له.
وقال عُمَر بن الحاجب: كان بارعا فِي الوعظ، كيس الإيراد، له صِيت فِي
البلاد، وله يَدٌ فِي الفقه واللّغة العربيّة. وكان حلو الشّمائل، كثير
المحفوظ، فصيحا، حَسَن الصّوت، يُنشئ الخُطَب ويحبّ الصّالحين
والعُزْلة، وفيه مروءة ودِين.
وكان يجلس يوم السّبت ويبسط النّاس لهم من بُكرة الجمعة حتّى يحصل
للشّخص موضع، ويحضره الأئمّة والأمناء. ويقع كلامُه فِي القلوب.
قرأ الأدب على أَبِي البقاء، والفقه على الحصيريّ، ولبس الخِرقة من
عَبْد الوهّاب ابن سُكَيْنة.
وحَظِيَ عند الملك المعظّم إلى غاية. وكان حنبليّا فانتقل حنفيّا
للدّنيا وورع وبرع وأفتى. وصنّف «مناصب أَبِي حنيفة» في مجلّد، و
«معادن الإبريز في التّفسير» تسعة وعشرين مجلّدا، و «شرح الجامع
الكبير» فِي مجلّدين.
قلت: ويُقال فِي أَبِيهِ زُغْلي [1] بحذف القاف. وقد اختصر شيخنا قطب
الدّين اليونينيّ تاريخه المسمّى و «مرآة الزّمان» ، وذيّل عليه إلى
وقتنا هذا.
__________
[1] وجاء في حاشية (شذرات الذهب 5/ 266 رقم 1) ما يلي: «في الأصل
(قزغلي) وفي كثير من كتب التاريخ كالنجوم، والأعلام، وابن الجزري
(قزأوغلي) وكلاهما وما يتصحّف منهما خطأ، ويسعى بعضهم لتعليله تعليلا
أعجميا فاسدا، والصواب (فرغلي) كما في نسخة قديمة من الوافي بالوفيات،
وابن خلّكان، وغيرهما من كتب الثقات» .
ويقول خادم العلم وطالبه، محقّق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» :
إنّ هذا التعليق مخالف للصواب، وليس في المصادر ما يؤكّده، والموجود في
وفيات الأعيان لابن خلّكان، والوافي بالوفيات للصفدي، وغيره يؤكّد أن
الاسم هو «قزغلي» وليس فرغلي. ولا غرابة في كون الاسم أعجميا فهو تركيّ
الأصل كما في (شذرات الذهب) ، وما ذكره المؤلّف الذهبي- رحمه الله-
أعلاه يؤكّد صحّة اسم «قزغلي» . وانظر: وفيات الأعيان 6/ 239.
(48/185)
الكنى
177- أَبُو الْحَسَن بن يوسف [1] بن أَبِي الفوارس.
القَيْمُري، الأمير.
تقدّم فِي حرف السّين من السّنة الماضية، وعرفناه بلَقَبه وهو الأمير
الكبير سيف الدّين الَّذِي وقفَ المارستان بالجبل والتّربة الّتي هِيَ
شماليّه.
تُوُفي فِي شعبان من هذه السّنة، كذا ذكره بعضُ المؤرّخين، فاللَّه
أعلم.
وفيها وُلِد:
الحافظ جمال الدّين أبو الحجّاج يوسف بن الزّكيّ عَبْد الرَّحْمَن
الكلبيّ المرّيّ، بحلب فِي ربيع الأوّل، والعلّامة أَبُو حيّان
مُحَمَّد بن يوسف الأندلسيّ النّحويّ، فِي شوّال، والفقيه الصّالح
أَبُو الْحَسَن عليّ بن إِبْرَاهِيم الدّمشقيّ ابن العطّار، فِي ذي
القعدة، والقاضي عِز الدّين عَبْد العزيز بن القاضي محيي الدّين ابن
الزّكيّ الْقُرَشِيّ، والقاضي زين الدّين عَبْد الله بن مُحَمَّد
الأَنْصَارِيّ ابن قاضي الخليل الشّافعيّ، قاضي حلب، وأحمد بن يوسف
الدّمانيسيّ، ثمّ الدّمشقيّ، بدرب العجم، وعليّ بن يحيى بن تمّام
الحِمْيَري فِي شعبان، ومحمد بن شيخنا عزّ الدّين ابن النرّاء بالجبل،
وعلاء الدّين عليّ بن عثمان بن حسّان الخرّاط، والضّياء عَبْد الله بن
عُمر الطّوسيّ،
__________
[1] انظر عن (أبي الحسن بن يوسف) في: ذيل مرآة الزمان 1/ 43- 45،
والبداية والنهاية 13/ 195 وفيه: «أبو الحسن يوسف» ، وعيون التواريخ
20/ 105، والنجوم الزاهرة 7/ 39، والمختار من تاريخ ابن الجزري 238،
239، والعبر 5/ 214، ودول الإسلام 2/ 158.
وقد تقدّم في وفيات سنة 653 هـ. برقم (110) .
(48/186)
والشرَف أَبُو القاسم بن عَبْد السّلام
المصلّي، والشّيخ حُسام بن سُلَيْمَان بن حَسَن بن مُوسَى بن الشَّيْخ
غانم بالقُدس، وبدر الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن القوّاس الشّاهد،
وأبو بَكْر ابن شيخنا العزّ أَحْمَد بن عَبْد الحميد، وثابت بن أَحْمَد
بن الرّشيد العطّار، الْقُرَشِيّ، يروي عن جَدّه، وعلاء الدّين عليّ بن
إِبْرَاهِيم بن قرباص بحماة، وفاطمة، وحبيبة، وستّ العرب: بنات
الشَّيْخ العِز بالجبل، وفخر الدّين أَحْمَد بن عزّ الدّين مُحَمَّد بن
محمد بن النّطّاع الأنصاريّ المصريّ، يروي عن النّجيب، والشّيخ
مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر بْن أَبِي طَالِب بن عبدان الدّمشقيّ الَّذِي
كان إمام الرّبوة، ويعقوب بن إِسْحَاق العامليّ الكفنيّ، وعبد
الرَّحِيمِ بن عَبْد العزيز بن إِبْرَاهِيم ابن الرّقوقيّ الصّالحيّ،
فِي رجب.
(48/187)
سنة خمس وخمسين
وستمائة
- حرف الألف-
178- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه [1] بْن مُوسَى بن نصر بن مِقدام.
أَبُو الْعَبَّاس القُدسي، ثمّ الصّالحيّ، العطّار، الحنبليّ.
روى عن: حنبل، وابن طَبَرْزَد.
وعنه: الدّمياطيّ، والنّجم إِسْمَاعِيل بن الخبّاز، ومحمد بن الزّرّاد،
وغيرهم.
تُوُفي فِي تاسع عشر المحرّم.
179- أَحْمَد بن عليّ بن زيد بن معروف.
أَبُو الْعَبَّاس الكِناني، العسقلانيّ، أخو فِراس.
سمع من: الخُشُوعي.
روى عنه: الدّمياطيّ، وغيره.
توفّي في السّابع والعشرين من شوّال بدمشق.
180- أَحْمَد بن قَرَاطاي [2] .
الأميرُ رُكن الدّين، أَبُو شجاع التّركيّ، الإربليّ، مولى السّلطان
مظفّر الدّين، صاحب إربل.
ولد سنة ثمان وتسعين وخمسمائة.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن عبد الله) في: صلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني
2/ ورقة 102.
[2] انظر عن (أحمد بن قراطاي) في: الوافي بالوفيات 7/ 296 رقم 3280،
والدليل الشافعيّ 1/ 69 رقم 240، والمنهل الصافي 2/ 62، 63 رقم 242.
(48/188)
وحدّث عن: مسمار بن العُوَيْس.
وله شِعْر جيّد.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وغيره.
وقدم دمشقَ فِي الرّسليّة من الدّيوان العزيز.
تُوُفي فِي ثامن عشر جُمادى الآخرة ببغداد. وكان أَبُوهُ من أمراء إربل
ثمّ غضب عليه أستاذه مظفّر الدّين وسجنه حتّى مات. فلمّا تُوُفي مظفّر
الدّين قدِم رُكنُ الدّين أَحْمَد وإخوته إلى حلب، وخدم عند الملك
العزيز، وتقدّم هُوَ وأخوه مُحَمَّد عنده، فلمّا تُوُفي العزيز سار
رُكن الدّين إلى بغداد وخدم، بها وزادت حُرمته، ومات فجأة.
181- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن المؤيِّد بْن علي بن إِسْمَاعِيل بن
أَبِي طَالِب.
أَبُو الْعَبَّاس الهَمَدانيّ، أخو القاضي المحدّث رفيع الدّين
إِسْحَاق، الأَبَرْقُوهيّ، ثمّ الْمَصْرِيّ.
وُلِد سنة ثمان وسبعين وخمسمائة.
وسمع من: عَبْد الخالق بن فيروز، وفاطمة بِنْت سعد الخير، وغيرهما.
وهو من بيت الحديث والرّواية.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وبنت أخيه زاهدة الأَبَرْقُوهية، والمصريّون.
وكتب عَنْهُ الزّين الأبيورديّ.
ومات فِي السّابع والعشرين من ذي القعدة.
182- أَحْمَد بن السّديد [1] مكّيّ بن المسلّم بن مكّيّ بن خَلَف.
الأجلّ، أَبُو المظفّر بن علّان القيسيّ، الدّمشقيّ.
روى عن: حنبل، وغيره [2] .
__________
[1] انظر عن (أحمد بن السديد) في: ذيل الروضتين 188، وذيل مرآة الزمان
1/ 54، وعيون التواريخ 20/ 110.
[2] وقال ابن شاكر الكتبي: كان من أعيان الدمشقيين ومن البيوت المشهورة
بها.
(48/189)
ومات فِي المحرّم [1] ، وقد جاوز السّتّين.
وهو من شيوخ الدّمياطيّ، والكنْجي.
183- أَحْمَد بن يوسف [2] بن زِيرِي بن عَبْد الله.
أَبُو الْعَبَّاس التّلمسانيّ المقرئ.
قدِم دمشقَ شابّا، وسمع من: الخُشُوعي، وغيره.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، والفخر إِسْمَاعِيل ابن عساكر، والمفتي علاء
الدّين عليّ بن مُحَمَّد الباجيّ، وكمال الدّين أَحْمَد بن العطّار،
والبدر أَحْمَد بن الصّوّاف، والعماد ابن البالِسيّ.
وتُوُفي فِي سادس عشر جُمادى الآخرة، وله بضعٌ وثمانون سنة.
قال أَبُو شامة: كان مقيما بالمنارة الشّرقيّة بجامع دمشق.
وكان شيخا معمّرا، منقطِعًا عن النّاس، مُحِبًّا للعُزْلة. روى
«الأحكام الصّغرى» الّتي لعبد الحقّ، عن البُرهان بن علوش المالكيّ
نزيل دمشق، عن المصنّف.
184- إِبْرَاهِيم بن أَبِي الطّاهر عَبْد المنعم [3] بن إِبْرَاهِيم بن
عَبْد الله بن عليّ.
الأَنْصَارِيّ، الخَزَرجي الْمَصْرِيّ التّاجر المعروف بابن الدّجاجيّ،
الشّارعيّ.
وُلِد سنة نيّف وثمانين وخمسمائة [4] .
وسمع من: عَبْد الخالق بن فيروز، وإسماعيل بن ياسين، والأرتاحيّ،
والعماد الكاتب.
وهو من بيت الرّواية.
كتب عنه: الدّمياطيّ، وجماعة.
__________
[1] أرّخ أبو شامة وفاته بسنة 652 هـ.
[2] انظر عن (أحمد بن يوسف) في: ذيل الروضتين 198.
[3] انظر عن (إبراهيم بن عبد المنعم) في: المقفّى الكبير 1/ 189 رقم
188.
[4] في المقفّى: مولده يوم الخامس عشر من شهر رجب سنة إحدى وثمانين
وخمسمائة.
(48/190)
وسمعنا بإجازته من أبي المعالي ابن
البالسي.
تُوُفي فِي تاسع عشر ربيع الآخر.
185- إِسْمَاعِيل بن أَبِي البركات [1] هبة الله بن أَبِي الرضا سَعِيد
[2] بن هبة الله بن مُحَمَّد.
الإِمَام عمادُ الدّين، أَبُو المجد بن باطيش المَوْصِليّ، الفقيه
الشّافعيّ.
وُلِدَ سَنةَ خمسٍ وسبعين وخمسمائة.
وسمع ببغداد من: جمال الدّين ابن الْجَوْزي، وأبي أَحْمَد ابن
سُكَيْنَة، وأبي شجاع ابن المقرون، وأبي حامد عَبْد الله بن جوالق،
وعبد الواحد بن سلطان، ويحيى بن الْحَسَن الأواني، وجماعة.
وبحلب من: حنبل، وبدمشق من: الكِنْدي، وابن الحَرَسْتَاني، ومحمد بن
وَهْب بن الزّنف، والخضِر بن كامل.
وبحرّان من: عَبْد القادر الحافظ.
ودرّس وأفتى وصنّف. وكان من أعيان الأئمّة، وله معرفة بالحديث، ومجاميع
فِي أسماء الرجال، وغير ذلك.
وله كتاب «طبقات أصحاب الشّافعيّ» ، وكتاب «مشتبه النّسبة» ، وكتاب
__________
[1] انظر عن (إسماعيل بن أبي البركات) في: عقود الجمان في شعراء هذا
الزمان لابن الشعار الموصلي (أسعد أفندي 2323) ج 1/ ورقة 296 أ، وصلة
التكملة لوفيات النقلة للحسيني 2/ ورقة 28، 29، ووفيات الأعيان 1/ 203
و 2/ 238 و 541 و 4/ 197 و 5/ 210، 211 و 7/ 337، وتلخيص مجمع الآداب ج
4/ ق 2/ 684 رقم 987 و 999، وذيل مرآة الزمان 1/ 54، وفيه: «إسماعيل بن
عبد الله بن سعيد..» ، وسير أعلام النبلاء 23/ 319 رقم 221، والعبر 5/
221، 222، وطبقات الشافعية الكبرى 8/ 131، 132 رقم 1119، والوافي
بالوفيات 9/ 234، 235 رقم 4139، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 275، 276
رقم 253، وشذرات الذهب 5/ 267، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 435
رقم 405، وطبقات الشافعية الوسطى للسبكي 151 ب، والأعلام 1/ 327،
وطبقات الشافعية لابن كثير 2/ ورقة 66 أ.، وعيون التواريخ 20/ 110،
والعسجد المسبوك 2/ 627، والإعلان بالتوبيخ للسخاوي 283، وطبقات
الشافعية، للمطري، ورقة 196 أ، ب.، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني
17، وديوان الإسلام 1/ 330 رقم 515، ومعجم المؤلفين 2/ 298.
[2] في عيون التواريخ 20/ 110 «سعد» .
(48/191)
«المغني فِي شرح غريب المهذّب ولغته وأسماء
رجاله» [1] .
وكان عارفا بالأُصُول، حَسَن المشاركة فِي العلوم.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، والبدر بن التّوزيّ، والتّاج صالح الحاكم،
وابن الظّاهريّ، وطائفة سواهم.
وكان واصلا عند الأمير شمس الدّين لؤلؤ نائب المملكة، وبينهما صُحبة من
الموصل.
ودرّس بالنّوريّة بحلب وبغيرها، وتخرّج به جماعة. وقد انتقى لنفسه جزءا
عن شيوخه. ودخل حلب أوّلا في سنة اثنتين وستّمائة، ثمّ قدِمَها سنة
عشرين وبها تُوُفي [2] رحمه الله في الرّابع عشر من جمادى الآخرة، وقد
جاوز الثّمانين.
186- إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم [3] بن عامر.
الشَّيْخ أَبُو إِبْرَاهِيم الغَرْناطي الطّوسيّ، بفتح الطّاء.
قرأ بمَراكِش وتأدّب. أخذ بها القراءات عن عليّ بن هشام الجذاميّ.
وسمع من خال أمّه أَبِي عَبْد الله بن زرقون بعض «مسلم» [4] ، ومن:
أَبِي مُحَمَّد بن عُبَيْد الله.
قال: وأجاز لي شيخُ والدي أَبُو عَبْد الله بن خليل العبْسي سنة سبعين،
ولي ستّ سنين.
__________
[1] وفي هذا الكتاب غلط ابن باطيش في ترجمة «مطرف بن عبد الله الشخّير»
فقال: توفي سنة سبع وثمانين، مع أنه ذكر أنّ الإمام الشافعيّ رآه،
والإمام الشافعيّ ولد سنة 150 بعد موت ابن الشخير بثلاث وستين سنة.
(وفيات الأعيان 5/ 210، 211) .
[2] وأرّخ ابن كثير وفاته بسنة 654 هـ. (طبقات الشافعية 2/ ورقة 66 أ)
.
[3] انظر عن (إسحاق بن إبراهيم) في: سير أعلام النبلاء 23/ 300، 301
رقم 207، والوافي بالوفيات 8/ 398 رقم 3839، وغاية النهاية 1/ 155 رقم
721، والدليل الشافي 1/ 115 رقم 399، والمنهل الصافي 2/ 354، 355 رقم
401.
[4] أي: بعض «صحيح مسلم» .
(48/192)
وكان قد تفرّد عن أَبِي عليّ الغسّانيّ.
وكان الطوسيّ أديبا شاعرا عالما، زمنا [1] . وكان يتلو كلّ يوم ختمة.
وهو آخر من حدّث عن ابن خليل.
عاش تسعين سنة [2] ، أرّخه ابن الزّبير، وقال: روى عَنْهُ جماعة من
جِلة أصحابنا، واختلفتُ إليه كثيرا.
187- إقبال [3] .
الحَبَشي ثمّ الْمَصْرِيّ، عتيق أَبِي الْجُود ندي الحنفيّ.
سمع من: العماد الكاتب والأرْتاحي.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، والمصريّون.
وتُوُفي فِي ثالث المحرّم.
188- أيْبَك بن عَبْد الله [4] .
الترْكُماني، السُّلطان الملك المعزّ، عزّ الدّين، صاحب مصر.
__________
[1] في الأصل: «زمن» .
[2] في غاية 1/ 155 وعاش خمسا وثمانين سنة.
[3] انظر عن (إقبال) في: الفخري في الآداب السلطانية 22- 27 و 243،
والحوادث الجامعة 308، وسير أعلام النبلاء 23/ 370 رقم 263، وعيون
التواريخ 20/ 84، 85، والعسجد المسبوك 2/ 612، 613، والنجوم الزاهرة 7/
51، والدارس في تاريخ المدارس 1/ 159، 160، وشذرات الذهب 5/ 261.
[4] انظر عن (أيبك بن عبد الله المعزّ) في: أخبار الزمان 295، والنور
اللائح (بتحقيقنا) 56، وأخبار الأيوبيّين 165، وذيل الروضتين 196،
وتاريخ مختصر الدول 260، والمختصر في أخبار البشر 3/ 192، وذيل مرآة
الزمان 1/ 45- 47، والعبر 5/ 230، والدرّة الزكية 8، 31- 32، ودول
الإسلام 2/ 159، وسير أعلام النبلاء 23/ 198- 200 رقم 118، وصفحة 318،
والمختار من تاريخ ابن الجزري 241، والإعلام بوفيات الأعلام 273، ونزهة
المالك والمملوك (مخطوط) ورقة 102، والتحفة الملوكية 39، ونهاية الأرب
29/ 456، والجوهر الثمين 2/ 56، ومرآة الجنان 4/ 136، 137، وتاريخ ابن
الوردي 2/ 193، وطبقات الشافعية الكبرى 8/ 269، وعيون التواريخ 20/
111، والبداية والنهاية 13/ 198، 199، والوافي بالوفيات 9/ 469- 474
رقم 4430، ودرّة الأسلاك 1/ ورقة 14، وتاريخ ابن خلدون 5/ 363، ومآثر
الإنافة 2/ 94، والسلوك ج 1 ق 2/ 402، 404، وعقد الجمان (1) 140- 141،
والمنهل الصافي 1/ 20- 28، والنجوم الزاهرة 7/ 2- 32، وحسن المحاضرة 2/
38، 39، وتاريخ ابن سباط 2/ 370، 371، وشذرات الذهب 5/ 267، وبدائع
الزهور ج 1 ق 1/ 293، 294، وتاريخ الأزمنة 235.
(48/193)
كان أكبر مماليك الملك الصّالح نجم الدّين،
خدمه ببلاد الشّرق، وكان جَهَاشَنْكيَره [1] ، فلمّا قُتِل الملك
المعظّم بن الصالح اتّفقوا على أيْبَك التّركمانيّ هذا، ثمّ
سَلْطَنُوه. ولم يكن من كبار الأمراء، لكنّه كان معروفا بالعقل
والسّداد والدّين، وترْك المُسْكِر، وفيه كَرَمٌ وسُكون. فسلطنوه فِي
أواخر ربيع الآخر سنة ثمانٍ وأربعين، فقام الفارس أقطاي وسيفُ الدّين
الرّشيديّ ورُكن الدّين البُنْدُقْداريّ، وجماعة من الأمراء فِي سلطنة
واحدٍ من بيت المملكة، وأنِفوا من سلطنة غلام، فأقاموا الأشرف يوسفَ
بنُ النّاصر يوسف بن المسعود أقسيس صاحب اليمن بن السُّلطان الملك
الكامل، وكان صبيّا له عشرُ سِنين، وجعلوا أيْبَك التركُماني أتابكه،
وأخّروه عن السّلطنة، وذلك بعد خمسة أيّام من سلطنته. ثمّ كان التّوقيع
يخرج وصورته: «رسم بالأمر العالي السّلطانيّ الأشرفيّ والملكيّ
المُعِزّيّ» .
واستمرّ الحال والمعزّ هُوَ الكلّ، والصّبيّ صورة. وجَرَت أمور ذكرنا
منها فِي الحوادث.
وكان طائفة من الجيش الْمَصْرِيّ كاتبوا بعد هذا بمدّة الملكَ المغيث
الَّذِي بالكَرَكَ وخطبوا له بالصّالحية، فأمر الملك المُعِزّ بالنّداء
بالقاهرة أنّ الدّيار المصريّة لأمير المؤمنين، وأنّ الملك المُعِزّ
نائبُه. ثمّ جُددت الأيمان للملك الأشرف بالسّلطنة، وللمعزّ
بالأتابكيّة.
وقد جرى للمُعِزّ مَصَاف من النّاصر صاحب الشّام، وانكسر المُعِزّ،
ودخلت النّاصرية مصر وخطبوا لأستاذهم، ثمّ انتصر المعزّ وانهزم النّاصر
إلى الشّام. ووقع بعد ذلك الصّلح بين الملكين.
وكان على كتف المعزّ خشداشه الفارس أقطايا الجمدار، فعظم شأنه، والتفّ
عليه البحريّة. وكان يركب بالشّاويش ويطلع إلى السّلطنة، ولقّبوه سرّا
__________
[1] جهاشنكير جاشنكير: لقب موظف مأخوذ من لفظ فارسيّ معناه: متذوّق
الطعام، أطلق في العصر الأيوبي واستمر حتى العصر العثماني على المتحدّث
عن مأكول السلطان وشرابه والمسئول عن سلامته وخلوّه من السموم. كان في
البداية من أمراء الطبلخانات ثم أصبح من أخصّ موظفي القصر السلطاني
باعتباره المسئول عن الأسمطة السلطانية بشكل عام في الحفلات والولائم
الكبيرة. (حدائق الياسمين لابن كنان 132، معجم المصطلحات 118) .
(48/194)
بالملك الجواد، فقتله المعزّ، وتمكّن من
السّلطنة. وتزوّج في سنة ثلاث وخمسين بشجر الدّرّ أمّ خليل صاحبة
السُّلطان الملك الصّالح.
وكان كريما جوادا، كثير العطاء، حَسَن المُداراة، لا يرى الجور ولا
العسف، بنى بمصر مدرسة كبيرة.
واتّفق أنّه خطب بنتَ السُّلطان بدر الدّين صاحب الموصل وراسله، فغارت
شَجَرُ الدّرّ وعزمت على الفتك به وإقامة غيره.
قال الشَّيْخ قُطْبُ الدّين: فطلبت صفيّ الدّين ابنَ مرزوق، وكان بمصر،
فاستشارته ووعدته بالوزارة، فأنكر عليها ونهاها عَنْهُ، فلم تُصْغ إلى
قوله، وطلبت مملوكا للطّواشيّ مُحسِن الصّالحيّ وعرّفته بأمرها ووعدته
ومنّته إن قَتَل المُعِزّ، ثمّ استدعت جماعة من الخُدام واتّفقت معهم.
فلمّا كان يوم الثّلاثاء الثّالث والعشرين من ربيع الأوّل لعب المُعِزّ
أيْبَك بالكُرة، وصعِد إلى القلعة آخر النّهار، وأتى الحمّام ليقلب
عليه ماء، فلمّا قلع ثيابه وثب عليه سَنْجَر الجوهريّ والخُدْام
فرَمَوْه وخنقوه. وطلبت شَجَرُ الدّرّ ابنَ مرزوق على لسان الملك
المُعِزّ فركب حماره وبادر ودخل القلعة من باب السّرّ، فرآها جالسة
والمعزّ بين يديها ميتا، فأخبرته بالأمر فعظُم عليه جدّا، واستشارته
فقال: ما أعرف ما أقول، وقد وقعتِ فِي أمر عظيم ما لكِ منه مخلّص.
ثمّ طلبت الأمير جمالَ الدّين أيْدُغدي، العزيزيّ، وعزّ الدّين أيْبَك
الحلبيّ الكبير، وعرضت عليهما السّلطنة، فلمّا ارتفع النّهار شاع الخبر
واضطرب النّاس ثمّ اتّفقوا على سلطنة الملك المنصور عليّ بن الملك
المُعِزّ وعُمرُه يومئذٍ خمس عشرة سنة، وجعلوا أتابكه الأمير عَلَم
الدّين سَنْجَر الحلبيّ المُشِد. وأخرِجت هِيَ من دار السّلطنة بعد أن
امتنعت بها أيّاما. وجُعِلت فِي البرج الأحمر، وقبضوا على الجواري
والخدّام وسَنْجَر الجوهريّ، ثمّ صُلِب هُوَ وأستاذه وجماعة من
الخدّام.
وفي ثاني ربيع الآخر ركب الملك المنصور باللَّه السّلطنة.
وقال غيره: غارت شَجَرُ الدّرّ ورتّبت للمعزّ سَنْجَر الجوهريّ مملوك
(48/195)
الفارس أقطايا، فدخل عليه الحمّام لَكَمَه
فرماه، ولزِم الخدّام بمعاريه، وبقيت هِيَ تضرب بالقبقاب وهو يستغيث
ويضرع إليها إلى أن مات، رحمه الله.
ومات فِي عَشْر السّتّين، وخُنِقتْ هِيَ بعدُ كما يأتي.
189- أيْبَك [1] .
الأمير الكبير عزّ الدّين الحلبيّ. كان من أعيان أمراء الدّولة
الصّالحية، وفي مماليكه عدّة أمراء. وقد عُينَ للسّلطنة بعد قتل
المُعِزّ التّركمانيّ.
واتّفق أنّه فِي عاشر ربيع الآخر تَقَنطَرَ به فرسُه بظاهر القاهرة،
فمات من ذلك. ويومئذٍ قبضوا على نائب السّلطنة الجديد، وهو عَلَمُ
الدّين سَنْجَر الحلبيّ الصّغير وسجنوه، واضطربت القاهرة، وهربت جماعة
من الأمراء والْجُند إلى الشّام.
قال ابن واصل [2] : فِي عاشر ربيع الآخر قبض مماليك المعزّ وهم قطز،
وسنجر الغتميّ، وبهادر على أتابك الجيش الَّذِي نُصبَ بعد قتل المُعِزّ
الأمير عَلَم الدّين سَنْجَر الحلبيّ الصّغير، لأنّهم تخيّلوا منه طمعا
فِي المُلك، وأنزلوه إلى الْجُب، فوقع فِي البلد اضطراب شديد، وهرب
أكثرُ الصّالحيّة إلى جهة الشّام، وتقنطر بالأمير عزّ الدّين الحلبيّ
الكبير فَرَسه، وكذلك الأمير رُكن الدّين خاصّ تُرك الصّغير. فهلكا
خارج القاهرة. وتبع العسكرُ المنهزمين فقبضوا على أكثرهم، وقُبِض على
الوزير الفائزيّ، وفُوضت الوزارة إلى قاضي قُضاة القاهرة بدر الدّين
السّنجاريّ. وأخِذت جميع أموال الفائزيّ ثمّ خُنِق.
- حرف الباء-
190- بغدي.
الأمير الكبير، بهاء الدّين الأشرفيّ، ثمّ الصّالحيّ، الْمَصْرِيّ،
مُقدم الحلقة المنصورة.
__________
[1] انظر عن (أيبك) في: «ذيل مرآة الزمان 1/ 60، 61، والوافي بالوفيات
9/ 474 رقم 4431، ودرّة الأسلاك 1/ حوادث سنة 655 هـ. والدليل الشافي
1/ 161، والمنهل الصافي 3/ 129، 130 رقم 574، والنجوم الزاهرة 7/ 56،
57.
[2] في الجزء المفقود من «مفرّج الكروب» .
(48/196)
وقعت خبطةٌ فِي القاهرة فاجتمع أكثر
الأمراء فِي دار بغدي الأشرفيّ بين القصرين بسبب تغيّر خاطر السُّلطان
الملك المنصور بن المُعِزّ على سيف الدّين قُطُز، ثمّ رضي عليه المنصور
وخلع عليه، وسكنت الفتنة.
فلمّا كان فِي رابع رمضان ركب مقدّم العسكر بغدي الأشرفيّ والأمير بدر
الدّين بلغان الأشرفيّ فِي جماعة من العسكر، وأتوا قلعة مصر لحرب من
بها من المُعِزية فتقلّل جمعُهما وأسلمهما جنْدهما، وقُبِض عليهما بعد
أن جُرح بغدي. ووثبت المعزيّة على الأمراء الأشرفيّة كأيْبَك الأسمر
وأرز الرّوميّ، والسّابق الصيْرَمي فمسكوهم ونُهِبت حواصلهم.
191- بهيّة.
ستّ البهاء بِنْت أَبِي الفتح إِبْرَاهِيم بن بدر العطّار.
سمعتْ من: الكِنْدي. وحدّثت.
وماتت فِي ربيع الآخر.
- حرف الخاء-
192- خاصّ تُرْك.
رُكنُ الدّين الصّالحيّ.
من كبار الأمراء، تقنطر به فَرَسُه هُوَ وعزّ الدّين الحلبيّ المذكور،
يوم القبض على عَلَم الدّين الحلبيّ، فمات أيضا.
193- خُسْرُوا [1] .
شمس المُلْك [2] ، رُكْن الدّين بن علاء الدّين مُحَمَّد بن الْحَسَن
بن الصّبّاح الباطنيّ، النّزاريّ، صاحب قلعة الألموت، ورئيس
الإسماعيلية ببلاد العجم، وصاحب الدّعوة الملعونة.
دامت الرّئاسة فِيهِ وفي أَبِيهِ وجدّه دهرا طويلًا، وكان سِنانُ كبير
__________
[1] انظر عن (خسرو) في: العسجد المسبوك 2/ 629، والوافي بالوفيات 13/
317 رقم 392.
[2] في الوافي: «شمس الشموس» .
(48/197)
الإسماعيليّة بالشّام فِي دولة السُّلطان
صلاح الدّين من دُعاة الْحَسَن بن الصّبّاح.
ودعوتُهم ودينهُم كُفْرٌ وزندقةٌ، والسّلام.
قدِم هولاكو ونازَل قلعة الألموت مدّة فِي سنة خمس وخمسين إلى أن أخذها
مظفّر برُكْن الدّين هذا فقتله، وقتل معه طائفة من الملاحدة.
194- خليل بن أَحْمَد بن خليل بن بادار بن عُمَر.
أَبُو الصّفا التّبريزيّ، الصّوفيّ.
قدِم دمشقَ شابّا.
وسمع بها من: عُمَر بن طَبَرْزَد، وغيره.
روى عنه: الدمياطي، وغيره.
وتوفي في شوال وقد أسنّ وجاوز التّسعين.
.- حرف الشين-
195- شَجَرُ الدُّرّ [1] .
جارية السُّلطان الملك الصّالح، وأمّ ولده خليل.
كانت بارعة الجمال، ذات رأي ودهاء وعقل. ونالت من السّعادة ما لم ينلها
أحدٌ من نساء زمانها.
وكان الملك الصّالح يحبّها ويعتمد عليها، ولمّا توفّي على دِمياط أخفت
موته، وكانت تعلّم بخطّها مثل علامته وتقول: السُّلطان ما هُوَ طيّب.
وتمنعهم من الدّخول إليه.
__________
[1] انظر عن (شجر الدّرّ) في: تاريخ مختصر الدول 260، وتاريخ الزمان
295، وأخبار الأيوبيين 165، وذيل الروضتين 196، وذيل مرآة الزمان 1/
61، 62، والنور اللائح (بتحقيقنا) 56، والمختصر في أخبار البشر 3/ 192،
والدرّة الزكية 32، ودول الإسلام 2/ 159، وتاريخ ابن الوردي 2/ 194،
والبداية والنهاية 13/ 199، وعيون التواريخ 20/ 112، ومرآة الجنان 4/
137، والعبر 5/ 222، 223، والوافي بالوفيات 16/ 120 رقم 123، ومآثر
الإنافة 2/ 94، وتاريخ ابن خلدون 5/ 363 و 377، والمواعظ والاعتبار 2/
237، والسلوك ج 1 ق 2/ 404، والنجوم الزاهرة 7/ 56، وحسن المحاضرة 2/
39، وتاريخ ابن سباط 2/ 372، وشذرات الذهب 5/ 268، وبدائع الزهور ج 1 ق
1/ 294، 295، وتاريخ الأزمنة 235، وأعلام النساء 2/ 290، والتحفة
الملوكية 39، ونهاية الأرب 29/ 457، والدليل الشافي 1/ 342 رقم 1179،
والمنهل الصافي 2/ 219- 221 رقم 1182.
(48/198)
وكانت الأمراء والخاصكيّة يحترمونها
ويُطيعونها، وملّكوها عليهم أيّاما.
وتسلطنت وخُطِب لها على المنابر إثر قتل السُّلطان الملك المعظّم بن
الصّالح.
ثمّ تزوّج بها المُعِزّ، واستولت عليه، وأشارت عليه بقتل الفارس أقطايا
فقتله.
ثم غارت منه لمّا خطب بِنْت لؤلؤ صاحب المَوْصِل فقتلتْهُ فِي الحمّام،
وقتلت وزيرها القاضي الأسعد.
قال شيخنا قُطْبُ الدّين [1] ، كان الصّالح يحبّها كثيرا، وكانت فِي
صُحبته لمّا اعتُقل بالكَرَك، وولدت له هناك الأمير خليل، ومات صبيّا.
ولمّا قُتِل المعظّم تملّكت الدّيار المصريّة وخطب لها على المنابر.
وكانت تعلّم على المناشير وتكتب: «والدة خليل» . وبقيت على ذلك ثلاثة
أشهر، ثمّ استقرّت السّلطنة للأشرف. ثمّ تزوّجها المُعِز، فكانت
مستولية عليه ليس له معها كلام.
وكانت تُركية ذات شهامة وقوّة نفس.
وقيل إنّ المُعِزّ ملّ من احتجارها عليه واستطالتِها، ورُبما عزم على
إهلاكها، فقتلته. فأخذها مماليكه بعد أن أمّنوها فاعتقلوها فِي برج،
والملك المنصور ابن المُعِزّ التّركمانيّ وأمّه يحرّضان على قتلها.
فلمّا كانت بُكْرة يوم السّبت حادي عشر ربيع الآخر ألقِيَت تحت قلعة
مصر مقتولة مسلوبة، ثمّ حُمِلت إلى تُربتها الّتي بَنَتْها لها بقرب
تُربة السّيّدة نفيسة.
وكان الصّاحب [بهاء] [2] الدّين ابن حِنا [3] قد وَزَرَ لها. ولمّا
قتلت المُعِزّ وتيقّنت أنّها مقتولة أودعت جملة من المال فذهبت، وأعدمت
جواهر نفيسة كسرتها فِي الهاون.
قال ابن واصل [4] : كانت حَسَنَة السّيرة، لكنّ الغَيْرة حَمَلَتها على
ما فعلت.
قال ابن أنجب: نُقِش اسمُها على الدّينار والدّرهم. وكان الخطباء
يقولون
__________
[1] في ذيل مرآة الزمان 1/ 61، 62.
[2] في الأصل بياض. والمستدرك من: ذيل مرآة الزمان 1/ 62.
[3] في الأصل: «ابن جني» ، وهو غلط، وما أثبتناه هو الصحيح. فهو: بهاء
الدين علي بن محمد بن سليم المعروف بابن حنّا. (ذيل المرآة) .
[4] في الجزء المفقود من «مفرّج الكروب» .
(48/199)
بعد الدّعاء للخليفة: «واحفَظِ اللَّهمّ
الْجِهَةَ الصّالحة، ملكة المسلمين، عِصْمة الدّنيا والدّين، أمّ خليل
المستعصميّة، صاحبة السُّلطان الملك الصّالح» .
- حرف العين-
196- عَبْد الله بن أَبِي القاسم عُمَر بن عبد الرحيم بْن عَبْد
الرَّحْمَن بْن الحَسَن بْن عَبْد الرَّحْمَن بن طاهر بن محمد ابن
مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن عليّ الكرابيسي.
أَبُو حامد ابن العجميّ، الحلبيّ.
تُوُفي بين دمشق وحلب، وهو راجع من دمشق فِي سَلْخ ذي القعدة، وله إحدى
وخمسون سنة.
سمع من: أَبِيهِ، والافتخار الهاشميّ، وجماعة.
197- عَبْد الله بْن عَبْد الحميد [1] بْن مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر بن
ماضي.
أَبُو مُحَمَّد المقدِسي الحنبليّ، المؤدّب.
سمع من: حنبل، وابن طَبَرْزَد، والكِنْدي.
وتُوُفي فِي النصف من رمضان وله ثَمانٍ وخمسون سنة.
روى عَنْهُ الدّمياطيّ، وابن الخبّاز، وجماعة.
198- عَبْد الله بن أَبِي الوفاء [2] مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن عَبْد
اللَّه بْن عثمان.
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن عبد الحميد) في: صلة التكملة لوفيات النقلة
للحسيني 2/ ورقة 113.
[2] انظر عن (عبد الله بن أبي الوفاء) في: ذيل الروضتين 198، وصلة
التكملة لوفيات النقلة للحسيني 2/ ورقة 31، ومختصر التاريخ لابن
الكازروني 278، 279، وذيل مرآة الزمان 1/ 70- 73، وتكملة إكمال الإكمال
لابن الصابوني 27- 31، والحوادث الجامعة 322، 323، والإعلام بوفيات
الأعلام 273، وسير أعلام النبلاء 23/ 332- 334 رقم 231، ودول الإسلام
2/ 159، والعبر 5/ 223، والإشارة إلى وفيات الأعيان 352، والمختار من
تاريخ ابن الجزري 241، 242، والمشتبه في الرجال 1/ 41، والوافي
بالوفيات 17/ 580، 581 رقم 486، وعيون التواريخ 20/ 115، 116، وطبقات
الشافعية الكبرى 8/ 159 رقم 1156، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 276،
277 رقم 254، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 175 أ، والبداية
والنهاية 13/ 196، ودرّة الأسلاك 1/ ورقة 14، والسلوك ج ق 2/ 407،
وتبصير المنتبه 119 و 1335، والنجوم الزاهرة 7/ 57، وشذرات الذهب 5/
269، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 437 رقم 408، ومرآة الجنان 4/
137 وفيه: «نجم
(48/200)
الإِمَام نجم الدّين أَبُو مُحَمَّد
البادَرائي [1] البغداديّ، الشّافعيّ الفرضيّ.
ولد سنة أربع وتسعين وخمسمائة.
وسمع من: عَبْد العزيز بن مَنِينا، وأبي منصور سَعِيد بن مُحَمَّد
الرّزّاز، وسعيد بن هبة الله الصّبّاغ، وجماعة.
وتفقّه وبرع فِي المذهب، ودرّس بالمدرسة النّظاميّة وترسّل عن الدّيوان
العزيز غير مرّة. وحدّث بحلب، ودمشق، ومصر، وبغداد. وبنى بدمشق المدرسة
الكبيرة المشهورة به.
وكان صدرا محتشما، جليل القدر، وافر الحُرمة.
قال شيخنا الدّمياطيّ: أحسن إليّ ولقيت منه أثرة وبرّا فِي السفَر
والحَضَر ببغداد، ودمشق، والموصل، ومصر، وحلب. وصَحِبْتُه تِسع سِنين.
وقد وُلي قضاء القضاة ببغداد خمسة عشر يوما.
قتل أَبُو شامة [2] : ويوم ثامن عشر ذي الحجّة عُمِل بدمشق عزاء
الشَّيْخ نجم الدّين الباذرائيّ بمدرسته بدمشق.
قلت: وكان فقيها عالِمًا ديّنا، متواضعا، دمث الأخلاق، منبسطا، وقد
اشتهر أنّ الزّين خَالِد بن يوسف الحافظ قال للبادرّائيّ: تذكر ونحن
بالنّظاميّة والفُقهاء يلقّبونني «حولتا» ويلقّبونك «الدّعشوش» .
فتبسّم وحملها. وكان يركب بالطّرحة، ويُسلم على من يمرّ به. عافاه الله
من فتنة التّتار الكائنة على بغداد، وتوفّاه فِي أوّل ذي القعدة.
وروى عَنْهُ أيضا: رُكْنُ الدّين أَحْمَد القزوينيّ، وتاجُ الدّين صالح
الْجَعْبَري، وبدرُ الدّين مُحَمَّد بن التّوزيّ الحلبيّ، ومحمد بن
محمد الكنجيّ، وجماعة.
__________
[ () ] الدين أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي؟» وهو وهم، والعسجد المسبوك 2/ 628، 629 وفيه:
«أبو بكر مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن عَبْد اللَّه بْن عثمان بن عبد
الله بن أبي ألوفا البغدادي الشافعيّ الفرضيّ» ، والدارس 2/ 205،
وروضات الجنات 684، والمقفى الكبير 4/ 113، 114 رقم 1471، وعقد الجمان
(1) 160، 161، وتاريخ الخلفاء 477، وشفاء القلوب 356.
[1] البادرّائي: نسبة إلى بادرايا بنواحي واسط.
[2] في ذيل الروضتين 198.
(48/201)
وقد ولّي القضاء على كُرهِ ما وعاجلته
المَنِية.
199- عَبْد الحقّ بْن أَبِي مَنْصُور بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن.
أَبُو التّقى المَنْبَجيّ التّاجر.
حدّث عن: المؤيّد الطّوسيّ، وزينب الشّعريّة، وإسماعيل بن عثمان
القارئ.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، والبدر بن التّوزيّ، والكمال إِسْحَاق
الأسديّ.
وُلِد سنة ثمان وثمانين وخمسمائة، وتوفّي في ثامن ذي القعدة بمدينة
مَنْبج.
200- عَبْد الحميد بن هِبة اللَّه [1] بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن
أَبِي الحديد.
عزّ الدّين أَبُو حامد المدائنيّ، المعتزليّ، الفقيه الشّاعر، الأديب،
أخو الموفّق [2] .
__________
[1] انظر عن (عبد الحميد بن هبة الله) في: الفخري في الآداب السلطانية
لابن طباطبا 337، والحوادث الجامعة 160، وعقود الجمان في شعراء هذا
الزمان لابن الشعار 4/ 213، وعقود الجمان للزركشي 163، وذيل مرآة
الزمان 1/ 62- 70، وتلخيص مجمع الآداب ج 4 ق 1/ 190، 196، والمختار من
تاريخ ابن الجزري 242، وفوات الوفيات 2/ 259- 262، رقم 246، وعيون
التواريخ 20/ 112- 114، ووفيات الأعيان 5/ 392، والوافي بالوفيات 18/
76- 80 رقم 80، والبداية والنهاية 13/ 199، ودرّة الأسلاك 1/ ورقة 14،
15، والكنى والألقاب للقمّي 1/ 189، ومقدّمة شرح نهج البلاغة، بتحقيق
الأستاذ أبو الفضل إبراهيم، «وطبقات الشافعية للمطري، ورقة 206 ب» ،
والتذكرة الفخرية للإربلي 153، والسلوك ج 1 ق 2/ 408، وعقد الجمان (1)
164، والدليل الشافي 1/ 395 رقم 1359، والمنهل الصافي 7/ 149، 150 رقم
1363، وكشف الظنون 799، 977، 1273، 1291، 1583، 1610، 1991، وإيضاح
المكنون 1/ 484، وفهرست الخديوية 4/ 277، ومعجم المؤلفين 5/ 106.
[2] وقال ابن الشعّار: خدم في عدّة أعمال سوادا وحضرة آخرها كتابة
ديوان الزمام، تأدّب على الشيخ أبي البقاء العكبريّ ثم على أبي الخير
مصدّق بن شبيب الواسطي. واشتغل بفقه الإمام.
الشافعيّ وقرأ الأصول، وكان أوه يتقلّد قضاء المدائن. (عقود الجمان) .
ومن تصانيفه: «شرح نهج البلاغة» في عشرين مجلّدا، و «الفلك الدائر على
المثل السائر» صنّفه في ثلاثة عشر يوما. ولمّا صنّفه كتب إليه أخوه
موفّق الدين:
«المثل السائر» يا سيّدي ... صنّفت فيه الفلك الدائرا
لكن هذا فلك دائر ... أصبحت فيه المثل السائرا
(48/202)
ولد سنة ستّ وثمانين وخمسمائة.
روى بالإجازة عن: عَبْد الله بن أَبِي المجد الحربيّ.
وهو معدود فِي أعيان الشّعراء كأخيه. وله ديوان مشهور.
وهو من شيوخ الدّمياطيّ، وغيره.
بل الصّواب موت الأخَوَين فِي سنة ستّ وخمسين.
201- عَبْد الرَّحْمَن بن عثمان بن حبيب.
أَبُو مُحَمَّد الزّرزاريّ، قاضي عَزاز [1] .
تُوُفي بعَزَاز فِي رجب.
وحدّث عن: الإفتخار الهاشميّ، وغيره.
202- عَبْد الرَّحْمَن بن محمود [2] .
أَبُو مُحَمَّد العُكْبَري، الحنبليّ.
حدّث عن: أَبِي القاسم ابن الحَرَستاني.
ومات فِي شعبان. ودُفِن بجبل قاسيون.
203- عَبْد الرَّحْمَن بن أَبِي الفهم [3] عَبْد المنعم بْن عَبْد
الرَّحْمَن بْن عَبْد المنعم بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن
مُحَمَّد.
__________
[ () ] وله شعر في المصادر. ونظم «فصيح» ثعلب في يوم وليلة، وله
تعليقات على كتاب «المحصّل والمحصول» للإمام فخر الدين الرازيّ.
أما أخوه موفّق الدين فهو: القاسم بن هبة الله بن محمد. وسيأتي في
وفيات سنة 656 هـ.
برقم (304) .
[1] يقال: عزاز وأعزاز، بلدة شماليّ من حلب. (معجم البلدان 4/ 118) .
[2] انظر عن (عبد الرحمن بن محمود) في: صلة التكملة لوفيات النقلة
للحسيني 2/ ورقة 113.
[3] انظر عن (عبد الرحمن بن أبي الفهم) في: ذيل الروضتين 195، وصلة
التكملة لوفيات النقلة للحسيني 2/ ورقة 26، وذيل مرآة الزمان 1/ 70،
والمعين في طبقات المحدّثين 208 رقم 2182، والإعلام بوفيات الأعلام
273، وسير أعلام النبلاء 23/ 311، 312 رقم 219، والإشارة إلى وفيات
الأعيان 352، ودول الإسلام 2/ 159، والعبر 5/ 223، 224، والبداية
والنهاية 13/ 197، وعيون التواريخ 20/ 115، والعسجد المسبوك 2/ 627،
628، والنجوم الزاهرة 7/ 59، والدارس في تاريخ المدارس 1/ 93، وشذرات
الذهب 5/ 299، وعقد الجمان (1) 159، والوافي بالوفيات 18/ 176، 177 رقم
222.
(48/203)
المحدّث المعمّر، تقيّ الدّين، أَبُو
مُحَمَّد اليَلداني [1] ، الدّمشقيّ الشّافعيّ.
وُلد بَيلدان فِي أوّل سنة ثمان وستّين وخمسمائة، وطلب الحديث على
كِبَر ورحل فسمع من: ابن كُلَيب، وابن بَوْش، والمبارك بن المعطوش،
وهبة الله ابن الحسن السّبط، وغياث بن الحسن بن البنّاء، وأعزّ بن عليّ
الظّهريّ [2] ، ودُلَف بن قُوفا [3] ، والحسن بن أشنانَة، وعبد اللّطيف
بن أَبِي سعد، وبقاء بن جنّد، وأبي عليّ بن الخُرَيْف [4] ، وعبد الله
بن جوالق، وعبد الرَّحْمَن بن أَحْمَد العمريّ، وخلق كثير.
وسمع بالمَوْصِلِ: أَبَا منصور مُسَلم بن عليّ السّيحيّ [5] .
وبدمشق: أَبَا الحجّاج يوسف بن معالي الكِناني، والخُشُوعي، والبهاء بن
عساكر، ونصر الله بن يوسف الحارثي: وعبد الخالق بن فيروز، وحنبل
المكبّر، وجماعة.
وكتب الكثير بخطّه. وكان ثقة، صالحا، مفيدا.
روى عَنْهُ: سِبْطُه عَبْد الرَّحْمَن، وأبو عَبْد الله مُحَمَّد بن
الزّرّاد، والبدر بن التّوزيّ، والجمال عليّ بن الشّاطبيّ، والشرَف
مُحَمَّد ابن رقيّة، وأبو عَبْد الله مُحَمَّد بن زباطر، ومحمد بن
أَحْمَد القصّاص، وأبو المعالي بن البالِسي، وأبو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم
بن محمود العَقْرباني، ويحيى بن مكّيّ، العقربانيّ، والفقيه عَبْد الله
بن مُحَمَّد المراكِشي، وزينب بِنْت عَبْد الله بن الرّضيّ، وخلق
سواهم.
وتُوُفي بيَلدان، وكان خطيبا بها، فِي ثامن ربيع الأوّل [6] ، وانقطع
بموته شيء كثير.
__________
[1] اليلداني: نسبة إلى يلدان قرية من قرى دمشق. (معجم البلدان) .
[2] كذا، وفي الوافي بالوفيات 18/ 176 «الظهيري» .
[3] قوفا: بالقاف، ثم واو وفاء. (توضيح المشتبه 7/ 257) .
[4] في الأصل: «الحريف» بالحاء المهملة، والتصويب من: توضيح المشتبه 3/
211 بالخاء المعجمة وفتح الراء. وهو: ضياء بن أبي القاسم بن أبي عليّ
بن الخريف.
[5] في الأصل: «الشيحي» بالشين المعجمة، والتصويب من: المشتبه في
الرجال 1/ 350، وتوضيح المشتبه 5/ 39.
[6] وقد ناهز مائة سنة من العمر (عيون التواريخ 20/ 115) .
(48/204)
قال أَبُو شامة [1] : دُفِن بقريته، وكان
شيخا صالحا، مشتغلا بالحديث سماعا وإسماعا ونسخا إلى أن تُوُفي. أخبرني
أنّه كان مراهقا حين طهّر نور الدّين محمود بن زنكي ولده. وأنّه حضر
الطّهور، ولعب الأمراء بالميدان، وأنّه أتى من القرية مع الصُبيان
للفُرجة.
قلت: هذا بخلاف ما تقدّم، والّذي تقدّم هُوَ الَّذِي ذكره الشّريف فِي
«الوَفَيَات» ، والدّمياطيّ، وغيرهما. وكتب هُوَ بخطّه فِي إجازة كتب
فيها سنة إحدى وأربعين: ومولدي فِي مُسْتَهَل المحرّم سنة ثمانٍ
وستّين.
قلت: هذا أصحّ والوهم من اليَلداني، فإنّ الإِمَام شِهابَ الدّين ثقة
مُتِقن.
ثمّ قال شهابُ الدّين: وأخبرني أَنَّهُ رأى النّبيّ صلّى الله عليه
وآله وَسَلَّمَ فِي النّوم فقال له: يا رسول الله، ما أَنَا رَجُل
جيّد؟ فقال: بلى، أنت رَجُل جيّد.
204- عَبْد [الرحيم] [2] بْن أَبِي جعْفَر [3] أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن
طلحة.
المحدّث الحافظ، أَبُو القاسم الأَنْصَارِيّ، الخَزْرَجي، الشّاطبيّ،
ثم السّبتيّ المعروف بابن عُلَيْم.
لَقبُهُ أمين الدّين. ولد سنة خمس وثمانين وخمسمائة [4] .
وسمع بقُرطُبَة: أَبَا مُحَمَّد بن حوط الله، وبمراكش: أَبَا القاسم
أَحْمَد بن بقيّ. وحجّ سنة ثلاث عشرة وستّمائة فسمع بمصر، ودمشق،
وبغداد.
فسمع: مُحَمَّد بن عماد، والفخر الفارسيّ، وعبد القويّ بن الجبّاب،
وعليّ بن أَبِي الكَرَم بن البنّاء الْمَكِّيّ، والشّهاب
السَّهْرُوَرْدِيّ، وابن روزبه، والقطيعيّ، وأبا صادق بن صباح، وابن
الزّبيديّ، وعزّ الدّين أَبَا الحسن بن الأثير، وطائفة.
__________
[1] في ذيل الروضتين 195.
[2] في الأصل بياض. والمستدرك من المصادر التالية.
[3] انظر عن (عبد الرحيم بن أبي جعفر) في: تكملة الصلة لابن الأبّار
(مخطوطة الأزهر) 3/ ورقة 21 أ، وصلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني 2/
ورقة 27، وسير أعلام النبلاء 23/ 335 رقم 233.
[4] عند ابن الأبّار: ولد في عصر يوم الجمعة السادس عشر من ذي القعدة،
وعند الحسيني: ولد في السادس عشر من ربيع الآخر.
(48/205)
ورجع إلى المغرب.
قال الأبّار [1] : قدِم تُونُسَ سنة اثنتين وأربعين فسمعتُ عليه جُملة.
وقال عزّ الدّين الحُسَيْني: رجع إلى المغرب وقد حصّل جملة كثيرة من
الحديث مصنّفات وأجزاء، واستوطن تُونُس، وروى بها الكثير حتّى كان
يُعرف فِيها بالمحدّث.
وكان صَدوقًا، صحيح السّماع، مُحِبًّا فِي هذا الشّأن.
قال: وامتنع فِي آخر أيّامه من التّحديث.
وقال: قد اختلط، وكان لذلك.
تُوُفي فِي الحادي والعشرين من ربيع الأوّل.
سمع الوادياشيّ من جماعةٍ من أصحابه بتُونُس.
205- عَبْد الصّمد بن خليل بن مقلّد بن جَابِر.
أَبُو مُحَمَّد الأَنْصَارِيّ الدّمشقيّ، الصّبّاغ، المعروف بسِبْط ابن
جُهَيْم.
وُلِد بعد السّتّين وخمسمائة بدمشق.
وحدّث عن الأمير مؤيّد الدّولة أسامة بن مُنْقِذ بشيءٍ من شِعره، وهو
آخر من روى فِي الدّنيا عَنْهُ.
تُوُفِّي فِي السّادس والعشرين من ربيع الْأَوَّل. ورّخه الشّريف.
206- عَبْد العزيز بن مروان بن أَحْمَد بن المفضّل بن عقيل بن حَيدَرة.
البَجَلي، الدّمشقيّ.
روى عن: حنبل.
وهو من شيوخ الدّمياطيّ.
مات فِي ذي الحجّة.
207- عَبْد الكريم بن نصر اللَّه بْن مُحَمَّد بْن المسلَّم بْن
المعلّى بن عليّ بن أَبِي سُرَاقة.
__________
[1] في تكملة الصلة 3/ ورقة 21 أ.
(48/206)
أَبُو القاسم الهَمَدانيّ، الدّمشقيّ.
وُلِد فِي صَفَر سنة سبع وستّين وخمسمائة.
وسمع من: المبارك بن فارس الماورديّ، والأمير أَبِي المظفّر أسامة بن
منقذ، وغيرهما.
وهو أخو أَبِي بَكْر الفضل الَّذِي روى عن حنبل، ولم أعرفهما بعد.
وأمّا أبوهما فمن شيوخ ابن خليل، يروي عن نصر الله المصّيصيّ.
تُوُفي أَبُو القاسم فِي سابع شعبان.
208- عَبْد المعطي بْن علي بْن مُحَمَّدِ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن
عَبْد الملك بن محارب.
أَبُو مُحَمَّد القَيسي، الأندلسيّ، ثمّ الإسكندرانيّ.
سمّعه عمّه أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أَبِي القاسم
البُوصِيري.
ورحل معه إلى دمشق وبغداد فسمع وحدّث.
وتُوُفي بالصّعيد فِي هذه السّنة.
209- عَبْد الوهّاب بن عَبْد الخالق بن عبد الله بن علي بن صدقة.
الفقيه الإِمَام، زين الدّين، أَبُو مُحَمَّد الأَزْدِيّ الإسكندرانيّ،
المالكيّ، المعروف بابن السّبّاك.
وُلِد سنة تسعٍ وثمانين.
وسمع من: عَبْد المجيب بن زُهَير، وابن المفضّل الحافظ.
وحدّث. وكان مدرّسا بالثّغر.
مات فِي ربيع الأوّل.
210- عليّ بْن مُحَمَّدُ بْنُ عليّ بن شريح.
أَبُو الْحَسَن الإسكندرانيّ.
روى عن: عَبْد الرَّحْمَن بن موقا.
وعنه: الدّمياطيّ.
ومات فِي ثالث صفر.
(48/207)
211- عليّ بن مُحَمَّد بن الرّضا [1] بن
حمزة بن أميركا.
الشّريف أَبُو الْحَسَن الحُسَيْني المُوسَوي، الطّوسيّ، الأديب،
الشّاعر، المعروف بابن دفتر خُوان [2] .
وُلِد بحماه [3] ، وبها تُوُفي فِي ربيع الآخر وله ستٌ وستّون سنة.
كان فاضلا شاعرا محسنا [4] ، له مصنّفات أدبيّة. وقد امتدح المستنصر
باللَّه وغيره.
212- عُمَر بن سَعِيد بن عَبْد الواحد بن عَبْد الصّمد بن تحمس.
أَبُو القاسم الحلبيّ.
روى حضورا عن: يحيى الثّقفيّ.
وسمع من: ابن طبرزد، وجماعته.
روى عَنْهُ: الفخر بن عليّ بن الْبُخَارِيّ، وأبو مُحَمَّد الدّمياطيّ،
والتّاج الْجَعْبَري، والبدر بن التّوزيّ، وجماعة.
وتُوُفي فِي سادس ربيع الأوّل بحلب.
- حرف الغين-
213- غازية [5] بِنْت السُّلطان الملك الكامل مُحَمَّد بن العادل أَبِي
بَكْر بن أيّوب.
__________
[1] انظر عن (علي بن محمد بن الرضا) في: ذيل مرآة الزمان 1/ 73- 75،
والمختار من تاريخ ابن الجزري 243، وعيون التواريخ 20/ 116، 117،
والنجوم الزاهرة 7/ 57، وعقد الجمان (1) 164، والوافي بالوفيات 22/ 29
رقم 2.
[2] في ذيل المرآة: «دميرخان» .
[3] ومولد، سنة 589 هـ.
[4] ومن شعره:
أعاتب عيني وهي أول من جنى ... وأزجر قلبي كي يحيد عن الحبّ
فإنّ لمت قلبي قال: عيناك قد جنت ... وإن قلت: يا عيني تحيل على القلب
وقد حرت بين اثنين كان بجهده ... يسوق بلبّات الغرام إلى لبي
[5] انظر عن (غازية) في: ذيل مرآة الزمان 1/ 75، وسير أعلام النبلاء
23/ 347 رقم 243، والمختصر في أخبار البشر 3/ 196، وتاريخ ابن الوردي
2/ 199، وعقد الجمان (1) 204، والنجوم الزاهر 7/ 57، وشفاء القلوب 382-
385 رقم 84.
(48/208)
زَوْجَة المظفّر صاحب حماة، وأمّ الملك
المنصور صاحب حماة والملك الأفضل أمير عليّ. لمّا مات زوجها كانت هِيَ
مدبّرة دولةِ حماه، وكانت ديّنة صالحة، محتشمة. ولدت المنصورَ سنة
اثنتين وثلاثين، والأفضلَ سنة خمسٍ وثلاثين. وتوفّيت فِي تاسع عشر ذي
القعدة.
ويقال لها: الصّاحبة.
ولمكان أبيها وأخيها السُّلطان الملك الصّالح أيّوب بقي مُلك حماة فِي
ولدها.
وربّت عندها أختَها، ثمّ زوّجها بالسّعيد عَبْد الملك ابن الصّالح
إِسْمَاعِيل، فقدِمت من حماة، وبنى بها فِي آخر سنة اثنتين وخمسين
فولدت له الملك الكامل. ثمّ ماتت وللولد سنتان، فتوفّيت بعد أختها
صاحبة حماة بليال من شهر ذي القعدة بدمشق، فدفنوها بتُربةِ والدها
الملك الكامل، وشهد دفْنَها السُّلطان الملك النّاصر يوسف.
والعجب أنّ فِي الشّهر ماتت الأخت الثّالثة، وهي بِنْت الملك الكامل بن
العادل زَوْجَة الملك العزيز صاحب حلب. توفّيت بالرّستن، وكانت قد
توجّهت من دمشق إلى حماة. مات الثّلاث فِي أسبوع.
- حرف الميم-
214- مُحَمَّد بن إبراهيم [1] بن جوبر [2] .
المحدّث أَبُو عَبْد الله الأَنْصَارِيّ، المقرئ، البلَنسِي.
سمع كتاب «التّيسير» من أَبِي بَكْر بن أبي حمزة [3] .
__________
[1] انظر عن (محمد بن إبراهيم) في: سير أعلام النبلاء 23/ 318 دون
ترجمة، وذيل التقييد للفاسي 1/ 151 رقم 249، وغاية النهاية 2/ 160 رقم
3100 وقال فيه ابن الجزري: «ذكره الذهبي فقال: محمد بن إبراهيم بن
جوبر، فلم يذكر أباه» . وذكره هو: محمد بْن عبد الرحمن بْن إبراهيم بْن
جوبر، ثم قال: هذا هو الصواب في نسبه.
أقول: ولهذا أعاد المؤلّف- رحمه الله- ترجمته ثانية باسم «محمد بن عبد
الرحمن بن إبراهيم» برقم (218)
[2] في ذيل التقييد 1/ 151 «جرير» ، وهو غلط.
[3] في غاية النهاية: «من أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أَبِي
جمرة» ، والمثبت يتفق مع: ذيل التقييد.
(48/209)
وسمع «الموطّأ» و «الشّفاء» لعياض، وأشياء.
يروي عَنْهُ: أَبُو إِسْحَاق الغافقيّ، وأبو جَعْفَر بن الزّبير،
وطائفة.
وجَوْبَر: بجيم مَشُوبة بشين.
وقد قرأ بالرّوايات على أَبِي جَعْفَر الحصّار، وغيره.
ثمّ وقفتُ على ترجمته لتلميذه ابن الزّبير فقال مُحَمَّد بن عَبْد
الرَّحْمَن بن إِبْرَاهِيم ابن جَوْبَر العدل، أَبُو عَبْد الله
الأَنْصَارِيّ، البزّاز.
روى عن: أَبِي حمزة [1] ، وأبي عمر بن عات، وأبي الخطّاب بن واجب،
ومحمد بن خَلَف بن ... [2] ، وله سماعٌ كثير على ابن واجب، وله اعتناء
بالرّواية، ورحلة فِي الأندلس وغرب العدوة. وألّف «برنامجا» . وكان
بزّازا، كثير السّكوت، دائم الوقار، عدْلًا، ضابطا.
قرأ القرآن على أَبِي بَكْر الطَّرْطُوشي، عن ابن هُذَيْل.
وقد أخذ عَنْهُ: أَبُو عَبْد الله الطّنجاليّ، وأبو إِسْحَاق
البلفيقيّ.
ووفاته فِي ذي القعدة [3] .
215- مُحَمَّد بن الْحُسَيْن [4] بن عَبْد الله.
العلّامة الكبير، تاجُ الدّين أَبُو الفضائل الأرمويّ، المتكلّم
الأصوليّ،
__________
[1] في غاية النهاية: ابن أبي جمرة.
[2] في الأصل بياض.
[3] وله ست وثمانون سنة. (ذيل التقييد 1/ 151) .
[4] انظر عن (محمد بن الحسين) في: الحوادث الجامعة 310، والوفيات لابن
قنفذ 322 رقم 653 وفيه وفاته سنة 653 هـ-. وحوادث الزمان وأنبائه
ووفيات الأكابر والأعيان من أبنائه، المعروف بتاريخ ابن الجزري (مخطوط)
، ورقة 393 حسب ترقيم المخطوط، وورقة 469 حسب ترقيمنا وتحقيقنا، في ذكر
الأناشيد، في آخر وفيات سنة 735 هـ. وسير أعلام النبلاء 23/ 334 رقم
232 وصفحة 318 وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 451 رقم 407، والوافي
بالوفيات 2/ 253 رقم 818، وطبقات الشافعية الوسطى للسبكي، ورقة 74 أ،
وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 451 رقم 419، وطبقات الشافعية لابن
كثير، ورقة 176 ب، والمقفّى الكبير 5/ 585 رقم 2131، وفيه وفاته 656
هـ، وهدية العارفين 2/ 126، ومعجم المؤلفين 9/ 244، وكشف الظنون 2/
1615.
(48/210)
صاحب [الحاصل من] [1] «المحصول» ، وتلميذ
الإِمَام فخر الدّين الرّازيّ.
روى عَنْهُ شيخنا الدّمياطيّ شِعْرًا سمعه من الفَخْر، وقال: مات قبل
وقعة بغداد.
قلت: عاش قريبا من ثمانين سنة. وكان من فُرسان المناظرين [2] .
216- مُحَمَّد بن سيف [3] .
اليُونيني، الزّاهد.
كان صالحا ورِعًا، كريما، كبير القدْر، من أصحاب الشّيخ عَبْد الله.
وله زاوية بيونين.
توفّي في هذه السّنة، وخَلَفَه فِي الزّاوية ابن أخيه الشَّيْخ الصّالح
سليمان بن عليّ بن سيف، رضي الله عنه.
217- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ [4] بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي
الفضل.
__________
[1] ما بين الحاصرتين إضافة على الأصل، وهو الصواب، لأن كتاب «المحصول»
لأستاذه الفخر الرازيّ، والأرموي اختصره وسمّاه «الحاصل من المحصول» .
انظر: طبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 451، وكشف الظنون 2/ 1615، وسير
أعلام النبلاء 23/ 334 بالحاشية رقم (3) .
[2] ونقل ابن قاضي شهبة هذه العبارة عن المؤلّف- رحمه الله- ولكنه أضاف
بعدها: «وذكره أيضا قبل ذلك في من توفي في سنة ثلاث وخمسين، وبه جزم
ابن كثير» .
ويقول خادم العلم ومحقّق هذا الكتاب، «عمر عبد السلام تدمري» : لم
يذكره المؤلّف الذهبي- رحمه الله- قبل ذلك في من توفي سنة 653 هـ. لا
في هذا الكتاب، ولا في سير أعلام النبلاء. كما لم يذكره ابن كثير في
وفيات السنتين 653 و 655 هـ. من البداية والنهاية، وقد ذكر في الوافي
بالوفيات 2/ 253 انه توفي عن نيّف وثمانين سنة في سنة ثلاث وخمسين ...
وقيل توفي سنة خمس وخمسين، وذكر الإسنوي نقلا عن الحافظ الدمياطيّ في
معجمه أنه توفي قبل واقعة التتار، ثم قال: وكانت واقعة التتار في
المحرّم سنة ست وخمسين وستمائة، وفي حفظي أنه توفي سنة ثلاث وخمسين
وستمائة.
[3] انظر عن (محمد بن سيف) في: ذيل مرآة الزمان 1/ 76، وله ذكر في آخر
ترجمة عبد الله بن عثمان اليونيني (انظر تاريخ الإسلام 611، 620 هـ)
رقم 452.
[4] انظر عن (محمد بن عبد الله) في: معجم الأدباء 18، 209- 213 رقم 62،
وتكملة الصلة لابن الأبّار 2/ 663، 664 رقم 1689، وذيل الروضتين 195،
196، وصلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني 2/ ورقة 26، 27، وذيل مرآة
الزمان 1/ 76- 79، والمعين في طبقات المحدّثين 208 رقم 2183، والإعلام
بوفيات الأعلام 273، وسير أعلام النبلاء 23/ 312- 318 رقم 220، ودول
الإسلام 2/ 120، والعبر 5/ 224، ومرآة الجنان 4/
(48/211)
الإِمَام الأوحد، شَرَفُ الدّين، أَبُو
عَبْد الله السّلميّ، الأندلسيّ المرسيّ، المحدّث، المفسّر، النّحويّ.
وُلِد بمُرْسِية فِي ذي الحجّة سنة تسعٍ وستّين، وقيل: سنة سبعين [1] ،
وخمسمائة.
وعُنِي بالعِلم، وسمع «الموطّأ» بالمغرب بعُلُو من الحافظ أَبِي
مُحَمَّد عَبْدِ اللَّهِ بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد الله الحجريّ.
وسمع من: عَبْد المنعم بن الفَرَس.
وحجّ، ورحل إلى العراق، وخُراسان، والشّام، ومصر. وكان كثير الأسفار
قديما وحديثا.
سمع من المنصور الفُراوي [2] ، والمؤيّد الطّوسيّ، وزينب الشّعريّة،
وأبي رَوْح [3] الهَرَوي.
وببغداد من أصحاب قاضي المَرِسْتان، وخلْق.
روى عَنْهُ: الحافظ أَبُو عَبْد الله بن النّجّار، مع تقدّمه،
والدّمياطيّ،
__________
[ () ] 137، وطبقات الشافعية الكبرى 8/ 69- 72 رقم 1079، وطبقات
الشافعية للإسنويّ 2/ 451، 452 رقم 1133، وعيون التواريخ 20/ 117- 119،
والوافي بالوفيات 3/ 354، 355 رقم 1435، والبلغة في التاريخ أئمّة
اللغة للفيروزآبادي 228 رقم 330، والعقد الثمين لقاضي مكة 2/ 81- 86
رقم 234، وطبقات النحاة واللغويّين لابن قاضي شهبة 141- 143 رقم 102
وفيه: «محمد بن محمد بن عبد الله» وطبقات الشافعية، له 2/ 453، 454 رقم
422، والبداية والنهاية 13/ 197، والنجوم الزاهرة 7/ 59، وطبقات
المفسّرين للسيوطي 106، 107 رقم 104، وبغية الوعاة، له 1/ 144- 146 رقم
241، وطبقات المفسّرين للداوديّ 2/ 168- 172 رقم 513، ونفح الطيب 2/
241، 242 رقم 158، وشذرات الذهب 5/ 269، ومعجم طبقات الحفاظ والمفسّرين
278 رقم 513، وهديّة العارفين 2/ 125، وذيل التقييد 1/ 144، 145 رقم
233، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 17- 19 رقم 13، والعسجد المسبوك 2/
629، والمقفّى الكبير 6/ 121- 123 رقم 2565، وطبقات الشافعية للمطري،
ورقة 207 أ، ب، وعقد الجمان (1) 159، 160، وتاريخ الخلفاء 477، وكشف
الظنون 458 وغيرها، وإيضاح المكنون 1/ 604، وهدية العارفين 1/ 125،
وديوان الإسلام 4/ 178، 179 رقم 1905، والأعلام 6/ 233، ومعجم المؤلفين
10/ 244.
[1] هكذا أخبر هو عن نفسه لياقوت الحموي. (معجم الأدباء 18/ 210) .
[2] قيّدها في معجم الأدباء 18/ 211: «الفرّاري» بفتح الفاء وتشديد
الراء، وهو خطأ.
[3] في معجم الأدباء «ابن روح» ، وهو خطأ. وهو «عبد المعزّ بن محمد
الهروي» .
(48/212)
ومحبّ الدّين الطّبريّ، والقاضيان تقيّ
الدّين الحنبليّ، وجمالُ الدّين [1] مُحَمَّد بن سومر المالكيّ،
والخطيب شرف الدّين الفزاريّ، وعماد الدّين ابن البالِسي، ومحمد بن
يوسف الذَهَبِي، ومحمد بن يوسف بن المهتار، وبهاء الدّين إِبْرَاهِيم
بن القُدسي، والشرَف عَبْد الله بن الشَّيْخ، والشّمس مُحَمَّد بن
التّاج، وسعدُ الدّين يحيى بن سعد، ومحمود بن المَرَاتِبي، ومحمد بن
نِعْمَة، وعليّ القُصَيْري، ومحمود الأعسر، وخلق كثير من أهل مكّة،
ودمشق، ومصر.
ذكره ابن النّجّار [2] فقال: حجّ وقدم طالبا سنة خمس [3] وستّمائة،
فسمع الكثير، وقرأ الفقه والأصول. ثمّ سافر إلى خُراسان. وسمع
بنَيْسابور، ومَرْو، وهَرَاة، وعاد مجتازا إلى الشّام، ثمّ حجّ وقدِم
بغداد فِي سنة أربع وثلاثين، ونزل بالمدرسة النّظاميّة، وحدّث «بالسّنن
الكبير» للبيهقيّ، و «بغريب الحديث» للخطّابيّ، عن منصور الفُرَاوي.
وعلقتُ عَنْهُ من شِعْره. وهو من الأئمّة الفُضَلاء فِي جميع فنون
العِلم. له فَهْمٌ ثاقِب وتدقيق فِي المعاني. وله مصنّفات عديدة، وله
النظمُ والنّثر المليح.
وهو زاهدٌ متورّع، كثيرُ العبادة، فقير، مجوّد، متعفّف، نزِهُ النّفس،
قليل المخالطة، حافظ لأوقاته، طيّب الأخلاق، متودّد. ما رَأَيْت فِي
فنّه مثله.
أنشد لنفسه:
مَن كان يرغب فِي النّجاة فما له ... غير اتّباع المصطَفَى فيما أتى
ذاك السبيلُ المستقيمُ وغيرُهُ ... سُبُلَ الضّلالة والغواية والرّوى
[4]
فاتبِعْ كتابَ الله والسُّنَنَ الّتي ... صحَّت فذاك إذا اتّبعت هُوَ
الهُدى [5]
وَدَع السوالَ بِكَم [6] وكيفَ فإنَّهُ ... باب يجرّ [7] ذوي البصيرة
للعمى [8]
__________
[1] في سير أعلام النبلاء 23/ 313 «كمال الدين» .
[2] انظر: المستفاد من ذيل تاريخ بغداد للدمياطي 17- 19.
[3] في معجم الأدباء 18/ 210 «خرج من بلاد المغرب سنة سبع وستمائة» .
[4] في الأصل: «والردا» . وفي معجم الأدباء: «سبل الغواية والضلالة» .
[5] في الأصل: «الهدا» .
[6] في المستفاد، والمقفّى: «بكم» .
[7] في عيون التواريخ 20/ 118 «من باب بحر» .
[8] في الأصل: «للعما» .
(48/213)
الدينُ ما قال الرَّسُول وصَحْبُهُ ...
والتابعونَ ومن مناهجهم قفا [1]
وقال عُمَر بن الحاجب: سَأَلت الحافظ ابن عبد الواحد عن المُرْسِي
فقال: فقيهٌ، مناظِر نحويّ، من أهل السّنّة، صحِبَنَا فِي الرّحلة، وما
رأينا منه إلّا خيرا.
وقال أَبُو شامة [2] : كان متقنا، محقّق البحْث، كثير الحجّ، مقتصِدًا
فِي أموره، كثيرا للكتب مُعْتنيًا بالتّفتيش عَنْهَا محصّلا لها. وكان
قد أعطِيَ قبولا فِي البلاد.
وقال الشّريف: تُوُفي فِي منتصف ربيع الأوّل بعريش مصر فيما بينه وبين
الزعْقَة وهو متوجّه إلى دمشق، ودُفِن ليومه بتلّ الزّعقة.
وكان من أعيان العلماء وأئمّة الفُضَلاء، ذا معارف متعدّدة، بارعا فِي
عِلم العربيّة وتفسير القرآن، وله مصنّفات مفيدة، ونظم حَسَن. وهو مع
ذلك متزهّد، تارِك للرّئاسة، حَسَن الطّريقة، قليل المخالطة للنّاس.
تأخّر من أصحابه أيّوب الكحّال ويوسف الخَتَني. وترك كُتُبًا عظيمة.
قرأت بخطّ العلاء الكِنْدي إنّ كُتُب المُرْسِي كانت مُودَعَة بدمشق،
فرسم السُّلطان بَبْيعها، فكانوا فِي كلّ ثلاثاء يحملون منها جملة إلى
دار السّعادة لأجل البادرّائيّ، ويحضر العُلماء، فاشترى البادرّائيّ
منها جُملة كثيرة، وبيعت فِي نحو من سنة.
وكان فيها نفائس، وأحرزت كُتُبُه ثمنا عظيما، وصنّف تفسيرا كبيرا لم
يُتمه، والله أعلم [3] .
__________
[1] الأبيات في: معجم الأدباء 18/ 212، والمستفاد 18، والمقفّى الكبير
6/ 123.
[2] في ذيل الروضتين 195، 196.
[3] وقال ياقوت الحموي: أبو عبد الله المرسي السلمي، شرف الدين،
الأديب، النحويّ، المفسّر المحدّث الفقيه، أحد أدباء عصرنا، أخذ من
النحو والشعر بأوفر نصيب، وضرب فيه بالسهم المصيب، وخرّج التخاريج،
وتكلّم على «المفصّل» للزمخشري، وأخذ عليه عدّة مواضع بلغني أنها سبعون
موضعا أقام على خطئها البرهان، واستدلّ على سقمها ببيان. وله عدّة
تصانيف. خرج من بلاد المغرب سنة سبع وستمائة، ودخل مصر وسار إلى الحجاز
مع قافلة الحجّاج إلى بغداد، وأقام بها يسمع ويقرأ الفقه والخلاف
والأصلين بالنظاميّة، ورحل إلى خراسان، ووصل إلى مرو الشاهجان، وسمع
بنيسابور وهراة ومرو، ولقي المشايخ وعاد
(48/214)
218- مُحَمَّد بن عَبْد الرَّحْمَن [1] بن
إِبْرَاهِيم.
أَبُو عَبْد الله التّجيبيّ البَلَنْسِيّ، المحدّث.
وُلِد سنة ثمان وسبعين وخمسمائة.
وسمع الكثير، وعُني بهذا الشّأن. وجمع لنفسه «فهرسة» ذكر فيها جماعة من
شيوخه منهم: أبو بكر بن أبي حمزة [2] ، وابن نوح الغافِقي، وابن زُلال،
والحصّار، وأبو بَكْر عتيق قاضي بَلَنْسِيَة.
ولزِم أَبَا الخطّاب بن واجب فأكثَرَ عَنْهُ. وهو ثقة مَرْضِي.
تُوُفي فِي ذي القعدة بسبتة.
219- مُحَمَّد بن عَبْد السّلام [3] بن أَبِي المعالي بن أَبِي الخير
بن ذاكر بن أحمد بن الحسن بن شَهْرَيار.
أَبُو عَبْد الله الكازرُوني، ثمّ الْمَكِّيّ.
سمع من: يحيى بن ياقوت البغداديّ، وزاهر بن رستم.
وحدّث بحلب.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وأبو نصر مُحَمَّد بن مُحَمَّد الشّيرازيّ.
ومات بمكّة فِي الثّامن والعشرين من ذي الحجّة عن بضع وثمانين سنة [4]
، رحمه الله.
__________
[ () ] إلى بغداد، وأقام بحلب، ودمشق، ورأيته بالموصل، ثم حج ورجع إلى
دمشق، ثم عاد إلى المدينة فأقام على الإقراء، ثم انتقل إلى مصر وأنا
بها سنة أربع وعشرين وستمائة، ولزم النسك والعبادة والانقطاع. أخبرني
أن مولده بمرسية سنة سبعين وخمسمائة ... وكان نبيلا يحلّ بعض مشكلات
إقليدس ... وكان له كتب في البلاد التي يتنقّل فيها بحيث لا يستصحب
كتبا في سفره اكتفاء بما له من الكتب في البلد الّذي يسافر إليه. (معجم
الأدباء) .
[1] انظر عن (محمد بن عبد الرحمن) في: ذيل التقييد للفاسي 1/ 151 رقم
249، وغاية النهاية 2/ 160 رقم 3100، وقد تقدّم في: «محمد بن إبراهيم
بن جوبر» برقم (214) .
[2] تقدّم في الترجمة رقم (214) أنه ورد في غاية النهاية 2/ 160 «أبو
بكر محمد بن أحمد بن أبي جمرة» بالجيم والراء.
[3] انظر عن (محمد بن عبد السلام) في: العقد الثمين للفاسي 2/ 121،
وذيل التقييد، له 1/ 159 رقم 271.
[4] مولده نحو سنة 590 هـ. قال الفاسي: نقلت مولده ووفاته ونسبته من
«وفيات» الشريف أبي القاسم الحسيني.
(48/215)
220- مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن
إِسْمَاعِيل بْن سلامة بن عليّ بن صَدَقَة.
الحرّانيّ، ثمّ الدّمشقيّ، التّاجر.
تُوُفي فِي ربيع الأوّل.
وقد روى بالإجازة عَنْ: أبي الفَرَج ابن الجوزيّ.
221- مُحَمَّد بْن عُمَر [1] بْن مُحَمَّدِ بْن عَبْد اللَّه.
عماد الدّين السّهرورديّ، ثمّ البغداديّ، الصّوفيّ.
ولد سنة سبع وثمانين وخمسمائة.
وسمع من: أبي الفرج بن الجوزيّ، وعبد الوهّاب ابن سكينة.
وسمع بدمشق من: بهاء الدّين القاسم ابن الحافظ.
روى عنه: الدّمياطيّ، وحفيده أبو القاسم عبد المحمود بن عبد الرحمن بن
محمد السّهرورديّ، وغيرهما.
وكان يلقّب بأبي جعفر بن الشّيخ شهاب الدّين.
توفّي في عاشر جمادى الآخرة. وثنا عَنْهُ إِسْحَاق بن النّحّاس. وكان
كبير القدر.
222- مُحَمَّد بن عُمَر [2] بن مُحَمَّد بن جَعْفَر.
أَبُو عَبْد الله الهَمَدانيّ، المقرئ، الحنبليّ.
حدّث عن: أَبِي الفُتُوح البكْريّ.
وكان رجلا صالحا، زاهدا، عالما.
كتب عَنْهُ: الدّمياطيّ، وغيره.
وحكى عَنْهُ الحافظ أَبُو عَبْد الله.
ومات فِي خامس جُمادى الآخرة.
223- مُحَمَّد بن عِياض [3] بن محمد بن عياض بن موسى.
__________
[1] انظر عن (محمد بن عمر) في: ذيل مرآة الزمان 1/ 79، وعقد الجمان (1)
164.
[2] انظر عن (محمد بن عمر) في: صلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني 2/
ورقة 112.
[3] انظر عن (محمد بن عياض) في: الوافي بالوفيات 4/ 294، والعسجد
المسبوك 2/ 629، وبغية الوعاة 87.
(48/216)
القاضي أَبُو عَبْد الله اليَحْصبي،
السّبتيّ.
روى عن: أيّوب بن عَبْد الله الفِهْري، وجماعة.
وأجاز له أَبُو جَعْفَر الصّيدلانيّ، وخَلَف.
وكان كبير القدْر، من قضاة العدل. وُلِد سنة ثمانين وخمسمائة، وهو ...
[1] صاحب التّصانيف.
224- مُحَمَّد بن الإِمَام أَبِي القاسم [2] بن فِيرُّه [3] بن خَلَف.
أَبُو عَبْد الله الرّعينيّ، الشّاطبيّ، ثمّ الْمَصْرِيّ، المعدّل.
وُلِد بمصر فِي سنة ستّ أو سبْعٍ وسبعين وخمسمائة.
وسمع من أَبِيهِ «حرز الأماني فِي القراءات» ، ومن: البُوصِيري،
والأرتاحيّ، وفاطمة بِنْت سعد الخير، وغيرهما.
روى عَنْهُ: الفخر التّوزريّ، ويوسف الخَتَني، والعماد مُحَمَّد بن
الجرائديّ بقوله.
وبالإجازة أَبُو المعالي بن البالِسي.
وتُوُفي فِي شوّال.
225- مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم [4] بن الخضِر.
مهذّب الدّين، أَبُو نصر بن البرهان المنجّم الحلبيّ، الحاسب، الشّاعر،
الآمليّ الأصل.
وُلِد بحلب سنة ثمان وثمانين وخمسمائة [5] .
__________
[1] بياض في الأصل.
[2] انظر عن (محمد بن أبي القاسم) في: ذيل مرآة الزمان 1/ 79، 80،
والعسجد المسبوك 2/ 629، 630، وغاية النهاية 2/ 230/ رقم 3371، والنجوم
الزاهرة 7/ 58، والوافي بالوفيات 4/ 340 رقم 1900، والمقفّى الكبير 6/
536، 537 رقم 3053.
[3] فيرّه: بكسر الفاء وسكون الياء المثنّاة من تحتها وضمّ الراء
المشدّدة، ثم هاء.
[4] انظر عن (محمد بن إبراهيم) في: ذيل مرآة الزمان 1/ 79، وعيون
التواريخ 20/ 210، 211، وإعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء 4/ 414، 415
رقم 228، والأعلام 7/ 256، 257، ومعجم المؤلفين 11/ 177. وسيعاد في
وفيات سنة 656 هـ. برقم (316) .
[5] في عيون التواريخ 20/ 210 مولده بحلب سنة ثمانين وخمسمائة.
(48/217)
وتوفّي بصرخد.
له ديوان شعر [1] ، و «مقدّمة فِي الحساب» .
226- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد [2] بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن
سُلَيْمَان.
أَبُو بَكْر الزُّهْرِيّ، البَلَنْسِيّ، ويُعرف بابن محرز.
سمع من: أَبِيهِ، ومن: خالَيْه أَبِي بَكْر وأبي عامر ابني الإِمَام
أَبِي الْحَسَن بن هُذَيْل، وأبي مُحَمَّد بن عُبَيْد الله الحجريّ،
وأبي العطاء وهب بن نذير، وجماعة.
وأجاز له: أَبُو بَكْر بن خيرة، وأبو القاسم عَبْد الرَّحْمَن بن جبيس،
وأبو الْحَسَن بن الفُرات، وأبو القاسم هبة الله البُوصِيري، وأبو
الفضل مُحَمَّد بن يوسف الغَزْنَوي.
ذكره أَبُو عَبْد الله الأبار فقال: كان أحد رجال الكمال عِلمًا
وإدراكا وفصاحة، مع الحِفْظ للفِقْه والتّفنّن فِي العلوم وحَفْظ
اللّغات. وله شِعْر رائق بديع.
سمعت منه كثيرا، وتُوُفي ببجاية فِي ثامن عشر شوّال. ووُلِد فِي سنة
تسعٍ وستّين وخمسمائة.
قلت: روى عَنْهُ ابن الزّبير أيضا، وابن الغمّاز.
227- مُحَمَّد بن محمود بن مُحَمَّد بن حَسَن.
الإِمَام أَبُو المؤيّد الخُوارزْمي، الحنفيّ، الخطيب.
__________
[1] ومن شعره:
من لي بأهيف قال حين عتبته ... في قطع كل قضيب بان رائق
تحكي معاطفه الرشاق إذا انثنى ... ريّان بين جداول وحدائق
سرقت غصون البان لين معاطفي ... فقطعتها والقطع حدّ السارق
ومنه:
ومهفهف ماء الحياة ... رضابه العذب الخصر
أو ما ترى ظلمات ... صدغيه وشاربه الخضر
وله غيره.
[2] انظر عن (محمد بن محمد بن أحمد) في: تكملة الصلة لابن الأبّار.
(48/218)
ولد سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة. وتفقّه على
نجم الدّين طاهر بن مُحَمَّد الحفصيّ، وغيره.
وسمع بخُوارزْم من الشَّيْخ نجم الدّين الكبري.
وولي قضاء خُوارزم وخَطابتها بعد أخذ التّتار لها. ثمّ تركها وقدِم
بغداد وسمع بها، ثمّ حجّ وجاور، ورجع على مصر، وقدِم دمشقَ، ثمّ عاد
إلى بغداد ودرّس بها. وحدّث بدمشق.
ومات ببغداد فِي ذي القعدة.
228- مُحَمَّد بن مُسْلِم بن سُلَيْمَان بن هلال.
أَبُو عَبْد الله الرّقّيّ.
وُلِد سنة سبعين وخمسمائة بالرّقّة.
ورحل فسمع من: هبة الله بن الْحَسَن بن السّبط، وأبي حامد عَبْد الله
بن مُسْلِم بن جوالق، وجماعة.
وبدمشق من: حنبل المكبّر، وأبي مُحَمَّد عَبْد الوهّاب بن هبة الله
الجلاليّ، وبهَمَدَان من: مُحَمَّد بن محمد بن أبي بكر الكرابيسيّ.
وحدّث بالرّقّة.
وتُوُفي فِي هذا العام. وكان شيخا فاضلا.
229- مُحَمَّد بن يحيى [1] .
أَبُو الفضل المَوْصلي، الطّبيب، المعروف بابن السّيحيّ [2] .
سمع من: عمّه أَبِي منصور مُسْلِم [3] بن عليّ.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ وقال: مات فِي ربيع الآخر.
__________
[1] انظر عن (محمد بن يحيى) في: توضيح المشتبه 5/ 40.
[2] السّيحي: بكسر السين المهملة المشدّدة وسكون الياء آخر الحروف،
وكسر الحاء المهملة.
[3] في تكملة الإكمال لابن نقطة 3/ 304 رقم 3255 قيّده محقّقه: «مسلم»
بسكون السين وكسر اللام المخفّفة. أما ابن ناصر الدين الدمشقيّ فقيّده
بفتح السين واللام المشدّدة معا. (توضيح المشتبه 5/ 40) إلّا أنه لم
يذكره في باب: (مسلم ومسلّم) .
(48/219)
230- ماجد بن سُلَيْمَان بن عُمَر.
القاضي أَبُو العلاء الْقُرَشِيّ، الفِهْري، الْمَكِّيّ، قاضي مكّة.
حدّث عن: يونس الهاشميّ.
وعاش إحدى وتسعين سنة.
231- منصور بن عَبَّاس.
الصّاحب الإِمَام عميد الدّين الحنبليّ.
ببغداد. رتّب «جامع المسانيد» على الأبواب [1] .
وتُوُفي يوم الأحد سلْخ ذي القعدة.
- حرف الهاء-
232- هبة اللَّه بْن صاعد [2] .
الوزير شَرَفُ الدّين، القاضي الأسعد الفائزيّ.
خدم الملك الفائز إِبْرَاهِيم بن الملك العادل. وكان نصرانيّا فأسلم.
وكان رئيسا كريما، خبيرا، متصرّفا.
ثمّ خدم الملك الكامل، ثمّ ابنَه الملك الصّالح. ووَزَرَ للملك
المُعِزّ التّركمانيّ، وتمكّن منه إلى أن ولّاه أمورَ الجيش. وقد
كاتَبَه الملك المُعِزّ مرّة:
المملوك أيْبَك. وهذا لم يفعله ملك بمملوكه. ثمّ بعده وَزَرَ لولده
الملك المنصور أيّاما. ثمّ قبض عليه سيفُ الدّين قُطُز وصادره.
قال قُطْبُ الدّين فِي «تاريخه» [3] : قال القاضي برهان الدّين
السَّنْجاريّ:
دخلتُ عليه الحبْس فسألني أنْ أتحدّث فِي إطلاقه، على أنْ يحمل فِي كلّ
يومٍ ألف دينار. فقلت له: كيف تقدر على هذا؟ قال: أقدر عليه إلى تمام
السّنة.
__________
[1] ولم يذكره كحّالة في: معجم المؤلّفين.
[2] انظر عن (هبة الله بن صاعد) في: ذيل مرآة الزمان 1/ 80- 83، وإنسان
العيون لابن أبي عذيبة، ورقة 394، والمختار من تاريخ ابن الجزري 243،
والبداية والنهاية 13/ 199، وعيون التواريخ 20/ 127، 128، ودرّة
الأسلاك 1/ ورقة 14، والسلوك ج 1 ق 2/ 107» والنجوم الزاهرة 7/ 58،
وعقد الجمان (1) 163.
[3] ذيل مرآة الزمان 1/ 80.
(48/220)
وإلى سنة يفرج الله. فلم يلتفت مماليك
المُعِزّ إلى ذلك وبادروا بهلاكه وخُنِق.
وقيل: بل أطعموه بطّيخا كثيرا، وربطوا إحليله حتى هلك بالحصر.
وقد زوّج ابنته بالصّاحب فخر الدّين بن حِنّا فأولدها الصّاحب تاج
الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد وأخاه زين الدّين أَحْمَد.
وله من الولد: بهاء الدّين بن القاضي الأسعد، كان فِيهِ زُهْد ودين،
فاحتاج وطلب أن يخدم فِي بعض الفروع.
وللبهاء زهير الكاتب فِيهِ قبل أن يُسِلم:
لعن الله صاعدا ... وأباه فصاعدا
وبنيه فنازلا ... واحدا ثمّ واحدا [1]
- حرف الياء-
233- يحيى بْن أسعد بْن يحيى بن عساكر.
أَبُو منصور الإسكندرانيّ، نجم الدّين الشرُوطي، الموقّع.
حدّث عن: الحافظ: أَبِي الْحَسَن بن المفضّل، وجعفر بن رزيك.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وقال: كان موقّع الحُكْم.
تُوُفي فِي صَفَر بالإسكندريّة.
234- يحيى بن سليمان [2] بن هادي.
السّبتيّ الرّجل الصّالح، نزيل القرافة.
كان صاحب زاوية، وله أتباع ومريدون. وحصل له قَبُول تامّ من الخاصّة
والعامّة. وشهر بالصّلاح والدّين.
وقيل: إنّه كان لا يأكل الخبز، وهذا يدلّ على قِلة الإخلاص، نسأل الله
السّلامة فِي الدّين.
تُوُفي في نصف شوّال.
__________
[1] ديوان البهاء زهير 89، البداية والنهاية 13/ 199، عيون التواريخ
20/ 128
[2] انظر عن (يحيى بن سليمان) في: ذيل مرآة الزمان 1/ 83، 84.
(48/221)
235-[ ... ] [1] بن الحسين بن محمد بن
الْجَباب.
السّعديّ، موفّق الدّين، أَبُو الحَجاج الْمَصْرِيّ.
روى عن: البُوصِيريّ، والأَرْتَاحي.
وقد حدّث من بيته جماعة.
تُوُفي فِي ثاني عشر ذي القعدة.
236- يوسف بن أَبِي بَكْر [2] .
جمال الدّين الْجَزَري السّفّار، عمّ صاحبنا شمس الدّين مُحَمَّد
المؤرّخ.
ذكر فِي «تاريخه» [3] أنه تُوُفي ببغداد، وأنّه أعتق فِي عُمره نحوا من
ثلاثين نَسَمة، وأنّه أوصى بُثُلث مالهِ صَدَقة، وخلفَ أربعة آلاف
دينار وكسْر، وولدين وبنْتًا.
وفيها وُلِد:
قاضي القضاة نجم الدّين أَحْمَد بن مُحَمَّد بن صَصْرَى، وشمس الدّين
مُحَمَّد بن أَبِي بَكْر بن طرخان الصّالحيّ، والزّاهد أَبُو عَبْد
اللَّه مُحَمَّد بْن علي بْن مُحَمَّد بن قطرال الأندلُسي بمرّاكش،
والشّرف صالح بن مُحَمَّد بن عربشاه المقرئ، والشّمس مُحَمَّد بْن
أَبِي بَكْر بْن أَبِي طَالِب، إمام الربوة، بخلف، والشّيخ مُحَمَّد بن
أَبِي الزّهر بن سالم الغسُولي، وعبد الصّمد بن العفيف عثمان بن عَبْد
الصّمد الذَهَبِي، وأحمد بن عَبْد الله بن الرّضى المقدسيّ كحيل،
والفخر إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن عَبْد ربّه الْمَصْرِيّ، الخيّاط،
وعليّ بن منصور بن مُحَمَّد اليَمَني الصّوفيّ ثمّ الْمَصْرِيّ،
والكمال مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عليّ بن القسطلاني، والشّيخ مُحَمَّد
بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن سُرَاقة الأَنْصَارِيّ،
رويا عن ابن البرهان، وعزيز الدّين حسين بن عليّ بن محمد بن
__________
[1] في الأصل بياض.
[2] انظر عن (يوسف بن أبي بكر) في: المختار من تاريخ ابن الجزري 242.
[3] أي كتاب «حوادث الزمان وأنبائه ووفيات الأكابر والأعيان من أبنائه»
.
(48/222)
العماد الكاتب فِي أواخرها، ونصير الدّين
عَبْد الله بن مُحَمَّد بن سَعِيد، فِي نصف شوّال، ومحمد بن عُمَر بن
عَبْد الله ابن خطيب بيت الأبار بها، والبهاء يوسف بن أَحْمَد العجميّ،
والصّدر عليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الأبزاريّ، يروي عن النّجيب.
والفخر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن النّطّاع، بمصر، سمع
النّجيب، والمعظّم عيسى بن دَاوُد بن شيركوه، والشّهاب أَحْمَد بن
عَبْد الرَّحْمَن العِز الواني، سمع ابن عَبْد الدائمَ.
(48/223)
سنة ست وخمسين
وخمسمائة
- حرف الألف-
237- أَحْمَد بن إِبْرَاهِيم [1] بن عيسى المجير.
الْقُرَشِيّ، الدّمشقيّ، الكتبيّ، والد المحدّث مُحَمَّد بن المُجير.
تُوُفي فيها.
238- أَحْمَد بن أسعد [2] بن حلوان.
الطّبيب نُجم الدّين، المعروف بابن التّفّاخ [3] .
قرأ على صَدَقَة السّامرّيّ. ومَهَرَ فِي الطّبّ، وصنّف فِيهِ مصنّفات.
وخدم صاحبَ آمِد الملكَ المسعود، وصاحب صهْيون. وأقام ببَعْلَبَكَّ
مدّة.
تُوُفي بدمشق فِي عَشْر السّبعين. وقد مرّ سنة اثنتين.
239- أَحْمَد بن عُمَر [4] بن إِبْرَاهِيم بن عمر.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن إبراهيم) في: ذيل الروضتين 199 وهو اكتفى بالقول:
«والمجير الكتبي» .
[2] انظر عن (أحمد بن أسعد) في: ذيل مرآة الزمان 1/ 92- 95، وعيون
التواريخ 20/ 153، 154، وعيون الأنباء في طبقات الأطباء ج 2/ 265، 266،
وغيره. وقد تقدّم برقم (48) .
[3] في الأصل: «ابن النطاح» ، والتصويب من ذيل المرآة، والعيون. وقد
تقدّم في ترجمته برقم (48) «ابن المنفاخ» .
[4] انظر عن (أحمد بن عمر) في: ذيل مرآة الزمان 1/ 95، 96، والذيل
والتكملة لكتابي الموصول والصلة لابن عبد الملك المراكشي ج 1 ق 1/ 348
رقم 448، والديباج المذهب 68، والعبر 5/ 226، 227 ودول الإسلام 2/ 160،
والإشارة إلى وفيات 354، وسير أعلام النبلاء 23/ 323، وتذكرة الحفاظ 4/
1438، ومرآة الجنان 4/ 138، 139، وتاريخ
(48/224)
الإِمَام أَبُو الْعَبَّاس الأَنْصَارِيّ،
القُرْطُبيّ، المالكيّ، الفقيه، المحدّث، المدرّس، الشّاهد، نزيل
الإسكندريّة.
وُلِد بقرطبة سنة ثمان وسبعين وخمسمائة.
وسمع بها من عليّ بن مُحَمَّد بن جَعْفَر اليَحْصَبي، ولا أعرفه،
وبتلمسان من: مُحَمَّد بن عَبْد الرَّحْمَن التّجيبيّ، وبسبتة من:
القاضي أَبِي مُحَمَّد بن حَوْط الله.
وقدِم ديارَ مصر، وحدّث بها. واختصر الصّحيحين، ثمّ شرح «مختصر مسلم»
بكتاب سمّاه «المفهم» أتى فيه بأشياء مفيدة.
وكان بارعا في الفقه والعربيّة، عارفا بالحديث.
توفّي بالإسكندريّة في رابع عشر ذي القعدة.
ويعرف في بلاده بابن المزيّن.
حمل عنه: القاضي جمال الدّين المالكيّ، وجماعة.
وقال الدّمياطيّ: أخذت عنه، وأجاز لي مصنّفاته. وله كتاب «كشف القناع
عن الوجه والسّماع» [1] أجاد فيه وأحسن.
وقد سمع أكثر «الموطّأ» في سنة ستّمائة من عبدُ الحقّ بْن مُحَمَّد بْن
عَبْد الحقّ الخزرجيّ.
أنبا أَبِي: أنبا ابن الطّلاع بسَنَده: قرأت بخطّ أَبِي حَيان أنّه
أَحْمَد بن إِبْرَاهِيم بن عُمَر بن أَحْمَد نزيل الإسكندريّة، يُعرف
بابن المزيّن، صنعة لأبيه، وُلِد بقرطبة بعد الثّمانين.
سمع من: عَبْد الحقّ، وأبي جَعْفَر بن يحيى، وأبي عَبْد الله
التّجيبيّ، وأخذ نفسه بعِلم الكلام، وأنّ الجوهر الفَرد لا يقبل
الانقسام، وتغلغل فِي تلك
__________
[ () ] ابن الوردي 2/ 201 وذيل التقييد للفاسي 1/ 361 رقم 698، والوافي
بالوفيات 7/ 264 رقم 3230، والبداية والنهاية 13/ 213، والدليل الشافي
1/ 66 رقم 227، وشذرات الذهب 5/ 273، 274، والعسجد المسبوك 2/ 643،
والديباج المذهب 1/ 240 رقم 126، والمقفّى الكبير 1/ 545 رقم 532، ونفح
الطيب 3/ 371، وعقد الجمان (1) 190، والمنهل الصافي 1/ 44 رقم 229،
وكشف الظنون 554، 557، 493، وفهرس التيمورية 2/ 157، ومعجم المؤلفين 2/
27.
[1] في المقفّى الكبير 1/ 545 «كشف القناع في تحريم السماع» .
(48/225)
الشّعاب. ثمّ نزع إلى عِلم الحديث
وفَقِهَهُ على تعصّب. ولم يكن فِي الحديث بذاك البارع. وله اقتدار على
توجيه المعاني بالاحتمال. وهي طريقة زلّ فيها كثير من العلماء.
وذكر هذا القدر أيضا ابن مَسدي فِي «مُعجَمه» .
240- أَحْمَد بن مُحَمَّد بن أَبِي الوفاء [1] بن أَبِي الخطّاب بن
مُحَمَّد بن الهزبر.
الأديب الكبير، شَرَفُ الدّين، أَبُو الطّيب ابن الحَلاوي [2]
الرّبعيّ، الشّاعر، المَوْصِليّ، الجنديّ.
ولد سنة ثلاث وستّمائة، وقال الشّعر الفائق. ومدح الخلفاء والملوك.
وكان فِي خدمة بدر الدّين صاحب الموصل.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وغيره.
وكان من مُلاح الموصل، وفيه لطف وظرف وخسن عِشرة وخفّة روح.
وله فِي الملك النّاصر دَاوُد قصيدة بديعة، منها:
أحيا بموعده قتيلَ وعيده ... رشا يشوب وصاله بصدوده
قمرٌ يفوق على الغزالة وجهه ... وعلى الغزال بمقلتيه وجيدة [3]
وله القصيدة الطّنانّة الّتي رواها الدّمياطيّ فِي «معجمه» عنه، وهي:
__________
[1] انظر عن (أحمد بن محمد بن أبي الوفاء) في: التذكرة الفخرية للإربلي
136 و 147 و 149 و 154، 160، 170، 210، وعقود الجمان في شعراء هذا
الزمان لابن الشعار الموصلي (مخطوطة أسعد أفندي 2323) ج 1/ ورقة 194 أ،
وذيل مرآة الزمان 1/ 96- 104، ووفيات الأعيان 2/ 337 و 6/ 264 والعبر
5/ 227، وسير أعلام النبلاء 23/ 310، 311 رقم 218، وفوات الوفيات 1/
143- 148 رقم 54، وفيه: «أَحْمَد بن مُحَمَّد بن أَبِي الوفاء بن
الخطاب بن الهزبر» ، وعيون التواريخ 20/ 154- 159، والوافي بالوفيات 8/
102- 108 رقم 3524 وفيه أيضا: «أَحْمَد بن مُحَمَّد بن أَبِي الوفاء بن
الخطاب محمد» والنجوم الزاهرة 7/ 60، وشذرات الذهب 5/ 274، والسلوك ج 1
ق 2/ 413، والدليل الشافي 1/ 84 رقم 295، والمنهل الصافي 2/ 167- 172
رقم 297.
[2] الحلاوي: بضم الحاء المهملة- نسبة إلى بلدة حلاوة- (معجم البلدان
2/ 303) .
[3] البيتان في ذيل مرآة الزمان، والأول في المنهل الصافي 2/ 171 ومعه
بيتان غير البيت الثاني المذكور أعلاه.
(48/226)
حكاهُ من الغُصْن الرطِيب ورِيقُه ... وما
الخمرُ إلّا وجْنَتَاهُ ورِيقُهُ
هِلالٌ ولكنْ أفقَ قلبي محلهُ ... غزالٌ ولكنْ سفْحُ عيني عقيقُهُ
أقرّ لهُ من كلّ حُسْنٍ جليلُهُ ... ووافَقَهُ من كلّ معنى دقيقة
بديع أتتني راح قلبي أسيرَهُ ... على أنّ دمعيَ فِي الغرام طليقُهُ
على سالِفَيْه للعِذار جديدة [1] ... وفي شَفَتَيْه للسلافِ عَتيقُهُ
يهددُ منه الطرْفُ مَن ليس خصْمَهُ ... ويُسكرُ منه الريقُ من لا
يذوقُهُ [2]
على مثله يَستحسنُ الصّبّ هَتْكه ... وفي حبّه يجفو الصديقَ صديقُهُ
من التُركِ لا يصيبه وجدٌ إلى الحمى ... ولا ذِكْرُ باناتِ الغُوَيْر
تشوقُهُ [3]
له مَبْسمٌ يُنسي المُدامَ بريقِهِ ... ويخجل نوّار الأقاصي بريقُهُ
تداويتُ من حَر الغرام ببَرْدِهِ ... فأضرم من ذاك الرحيق حريقُهُ [4]
حكى وجهُهُ بدر السّماء فلو بدا ... مع البدر قال النّاس: هذا شقيقُهُ
وأشبه زهر الرّوض حُسْنًا وقد بدا ... على عارضَيه آسُه وشقيقُهُ
وأشبهت من الخصْر سُقْمًا فقد غدا ... يحمّلني الخصر ما لا أطيقه [5]
فِي أبياتٍ أخَر تركتُها.
سار مع لؤلؤ فمات بتبريز فِي جُمادى الأولى كهلا.
وهو القائل:
جاء غلامي فشكا ... أمر كميتي وبكى [6]
وقال لي لا شكّ ... بِرذونك قد تشبّكا [7]
__________
[1] في ذيل المرآة: «جريرة» ، والمثبت يتفق مع المصادر.
[2] في فوات الوفيات 1/ 143 «يذيقه» .
[3] هذا البيت غير موجود في ذيل مرآة الزمان.
[4] في ذيل المرآة: «فأضرم في ذاك الحريق رحيقه» ، وفي فوات الوفيات 1/
144 «فأضرم من حرّ الحريق رحيقه» .
[5] ذيل المرآة، سير أعلام النبلاء، وفي عيون التواريخ 20/ 158 البيت
الأول فقط. وكلّها في فوات الوفيات مع زيادة، وعقود الجمان، والوافي
بالوفيات، والمنهل الصافي، والنجوم الزاهرة.
[6] في الأصل: «وبكا» .
[7] في الأصل: «تشكّا» .
(48/227)
قد سُقته اليوم فما ... مشى ولا تحرّكا
قلت: تخادعني فدع [1] ... حديثك المعلّكا
لو انّه مسيّر ... لما غدا مشبّكا
فمذ رأى حلاوة أ ... لفاظ منّي ضحكا [2]
241- أَحْمَد بن مدرك [3] بن سَعِيد بن مدرك بن عليّ بن مُحَمَّد.
القاضي أَبُو المعالي التّنوخيّ، المعرّيّ، قاضي المعرّة.
أخو سَعِيد وابن عمُ مظفّر، وُلِد سنة أربع وسبعين وخمسمائة بالمعرّة،
وقدم دمشقَ فسمع من: الخشوعيّ، والخطيب أَبِي القاسم الدّولعيّ،
وغيرهما.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، والبدر بن التّوزيّ، والعفيف إِسْحَاق،
وجماعة.
وجدّه محمد هو أَبُو المجد أخو الشَّيْخ أَبِي العلاء بن سُلَيْمَان
المعرّيّ.
مات بالمعرّة فِي ربيع الأوّل، وهو من بيت قضاءٍ وتقدّم.
242- أَحْمَد بن مودود بن أَبِي القاسم.
أَبُو الْعَبَّاس الخِلاطي، ثمّ المكّيّ، الصّوفيّ.
يروي عن: يحيى بن ياقوت.
وعنه: الدّمياطيّ.
تُوُفي بالقاهرة فِي ذي القعدة.
243- إِبْرَاهِيم بن أَبِي بكر [4] إسماعيل بن عليّ الزّعبيّ.
__________
[1] في ذيل المرآة: «ولا تخادعني ودع» ، ومثله في: فوات الوفيات.
[2] ذيل مرآة الزمان 1/ 103، 104.
وقد زاد في فوات الوفيات 1/ 145 بعد البيت الثالث الأبيات التالية:
فقلت من غيظي له ... مجاوبا لمّا حكى
تريد أن تخدعني ... وأنت أصل المشتكى
ابن الحلاويّ أنا ... خلّ الرياء والبكا
[3] انظر عن (أحمد بن مدرك) في: بغية الطلب لابن العديم (المصوّر) 3/
114، 115 رقم 248.
[4] انظر عن (إبراهيم بن أبي بكر) في: العبر 5/ 227.
(48/228)
أَبُو إِسْحَاق البغداديّ، المراتبيّ،
الحمّاميّ.
سمع من ابن شاتيل كتاب «الشكر» لابن أبي الدنيا، وغير ذلك.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وقطب الدّين ابن القسطلّانيّ، وعفيف الدّين
مزروع، ومحمد بن مُحَمَّد الكنجيّ.
وتفرّد فِي وقته.
مات فِي المحرّم أيّام الحصار. وقد أجاز عامّا.
244- إِبْرَاهِيم الزّغبيّ [1] الأسود.
من أعيان الفقراء بدمشق.
مات فِي جُمادى الأولى، ودُفِن بالقبّة إلى جانب الشَّيْخ رسلان.
245- إِبْرَاهِيم بن هبة الله.
أَبُو إِسْحَاق بن بالجيش المَوْصِليّ.
روى عن: ابن طَبَرْزَد، وغيره.
وعنه: الدّمياطيّ، وإسحاق الأسديّ.
قُتِل بحلب.
246- إِبْرَاهِيم بن يحيى [2] بن أَبِي المجد.
الإِمَام أَبُو إِسْحَاق الأميوطيّ [3] ، الشّافعيّ.
وُلِد فِي حدود السّبعين وخمسمائة [4] . وتفقّه على جماعةٍ. وولّي
القضاء بالأعمال، ودرّس بالجامع الظّاهريّ مدّة، وأفتى.
__________
[1] انظر عن (إبراهيم الزغبي) في: ذيل الروضتين 200.
[2] انظر عن (إبراهيم بن يحيى) في: ذيل مرآة الزمان 1/ 92، ونهاية
الأرب 29/ 467، وطبقات الشافعية الكبرى 5/ 50، والوافي بالوفيات 6/ 167
رقم 2617، والمقفّى الكبير 1/ 334، 335 رقم 390، والمنهل الصافي 1/
173، وطبقات الشافعية للمطري، ورقة 208 أو 215 ب، 216 أ.
[3] الأميوطي: نسبة إلى أميوط من أعمال القاهرة بالغربية. (المنهل
الصافي) ، وتصحّفت في بعض المصادر إلى «الأسيوطي» .
[4] في المقفّى الكبير 1/ 334: ولد في صفر سنة أربع وثمانين وخمسمائة.
(48/229)
وكان من كِبار الأئمّة مع ما فِيهِ من
الدّين والتّواضع، والإيثار مع الإقتار، والإفضال مع الإقلال [1] .
وكان لطيف الشّمائل، مطبوعا، له شعر رائق [2] .
كتب عنه الشّريف عزّ الدّين وقال: تُوُفي- رحمه الله- فِي سابع ذي
القعدة.
247- إِسْحَاق بن عَبْد المحسن بن صَدَقَة.
أَبُو أيّوب الْبَصْرِيّ، الحنبليّ، التّاجر، راوي «جزء ابن بُجيد» عن
المؤيّد الطّوسيّ، سمعه سنة خمس عشرة.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، والعماد ابن البالِسي، وابن الظّاهريّ، ومحمد
بن إِبْرَاهِيم ابن القوّاس، ويحيى بن يحيى بن بكران الجزريّ حُضُورًا.
وحدّث فِي سنة خمسٍ. وكأنّه مات فِي سنة ستّ.
248- أسعد بن إِبْرَاهِيم [3] بن حَسَن.
الأجَل مجدُ الدّين [4] النّشّابيّ، الكاتب، الإربليّ.
ولد بإربل سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة. وكان فِي صِباه نشّابيا.
وتنقّل فِي الجزيرة والشّام، ثمّ ولّي كتابة الإنشاء لصاحب إربل [5]
قبل العشرين
__________
[1] عبارة النويري في: نهاية الأرب 29/ 467.
[2] ومن شعره:
ليس الحذار لما تحاذره يقي ... فعلام تحذر في الأمور وتتّقي؟
نفذ القضاء بكلّ ما هو كائن ... فاحطط رحال أسى وفرط تقلّق
واسكن إلى الأقدار غير معارض ... مستسلما في حالتيك توفّق
هوّن عليك فمن وقى فيما مضى ... فهو الّذي يكفيك فيما قد بقي
(المقفّى الكبير) .
[3] انظر عن (أسعد بن إبراهيم) في: ذيل مرآة الزمان 1/ 111- 123،
وتلخيص مجمع الآداب (طبعة الهند) 5/ 102، وتاريخ إربل 1/ 242 في ترجمة
«عبد الرحمن بن هبة الله بن علي المسيري» رقم 139، والحوادث الجامعة
154، 155 والمختار من تاريخ ابن الجزري 250، وعيون التواريخ 20/ 159-
163، وفوات الوفيات 1/ 165- 167 رقم 64، وعقود الجمان في شعراء أهل
الزمان لابن الشعار 1/ ورقة 521، وعقود الجمان للزركشي 67، والوافي
بالوفيات 9/ 35 رقم 3942، والدليل الشافي 1/ 118 رقم 411، والمنهل
الصافي 2/ 368، 369 رقم 413.
[4] في تاريخ إربل 1/ 242 «أبو المجد» .
[5] لم يفرد ابن المستوفي ترجمة له في تاريخ إربل، بل ذكر له بيتين من
شعره:
(48/230)
وستّمائة، ونفّده رسولا إلى الخليفة. ثمّ
كان فِي صُحْبته لمّا وفد إلى الخليفة الإِمَام المستنصر باللَّه فِي
سنة ثمانٍ وعشرين، وحضر مع مخدومه بين يدي المستنصر فأنشد مجدُ الدّين
فِي الحال:
جلالةُ هيبةِ هذا المقام ... تحيرُ عالِمَ عِلم الكلامْ
كأنّ المناجي به قائما ... يناجي النَّبِيّ عليه السّلام [1]
ثمّ فِي سنة تسع وعشرين غضب عليه صاحب إربل وحَبَسه. ثمّ خدم بعد موت
صاحب إربل ببغداد.
ومن شعره:
ولمّا رأى بالتّرك هتكي ورام أنْ ... يكتم منه بهجة لم تكتم
تشبّه بالأعراب عند التثامه ... بعارضه يا طِيب لثْم الملثّم
شكا خصره من ردفه فتراضيا ... بفصلهما بند القباء المكرم [2]
ورد جيوش العاشقين لأنّه ... أتاهم بخطّ العارض المتحكم [3]
اختفى مجدُ الدّين النّشّابيّ أيّام التّتار ببغداد، وسلم [4] . ثمّ
مات فِي أثناء السّنة.
249- إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد [5] بن يوسف.
برهان الدّين أَبُو إِبْرَاهِيم الأَنْصَارِيّ، الأندلسيّ، الأبّديّ.
سمع بدمشق من: عُمَر بن طبرزد، وبمكّة من جماعة.
__________
[ () ]
غدا ابن المسيريّ الملقّب صاحبا ... بجهل يعيد العرض منه جذاذا
فلا صاحب علما ولا صاحب حجا ... ولا صاحب فضلا فصاحب ماذا؟
[1] البيتان في: ذيل مرآة الزمان 1/ 111، والمختار من تاريخ ابن الجزري
250، وفوات الوفيات، وعقود الجمان، وغيره.
[2] في ذيل مرآة الزمان 1/ 114 «المكتم» وفي عيون التواريخ 20/ 161
«بند القناة المكتم» .
[3] الأبيات في ذيل المرآة 1/ 113، 114، وعقود الجمان 1/ 521، والمختار
من تاريخ ابن الجزري 250، وعيون التواريخ 20/ 161.
[4] له شعر في: الحوادث الجامعة 154، 155.
[5] انظر عن (إسماعيل بن محمد) في: ذيل مرآة الزمان 1/ 123، والوافي
بالوفيات 9/ 211، 212 رقم 4116، ونفح الطيب 2/ 15، 16.
(48/231)
وأمّ بالصّخرة مدّة. وكان فاضلا صالحا،
شاعرا.
وأبّدة، بالباء المشدّدة، بليدة بالأندلس.
تُوُفي فِي الثّالث والعشرين من المحرّم بالقدس.
250- إياس [1] .
أَبُو الجود، وأَبُو الفتح، مولى التّاج الكنديّ، مشرف الجامع الأمويّ،
والمتكلّم فِي بسطه وحصره وزيته. وكان حنفيّا [2] .
حدّث عن: مُعتقه الكنديّ.
وكان مولده بأنطاكيّة فِي حدود الثّمانين وخمسمائة.
روى عنه: الدمياطي، وزين الدين الفارقي، وأبو عليّ بن الخلّال.
تُوُفي رحمه اللَّه فِي جُمادى الأولى.
- حرف الباء-
251- بكُتوت العزيزيّ [3] .
الأمير الكبير، سيف الدّين، أستاذ دار السُّلطان الملك النّاصر.
كان ذا حُرْمة وافرة، ورتبة عالية، ومهابة شديدة ويدٍ مبسوطة، وبيده
الإقطاعات الضّخمة. وله الأموال الجمّة. وكان شجاعا جيّد السّياسة.
تُوُفي مجرّدا بالنّواحي القِبلية، ودخل غلمانه وأعلامه مُنَكسة
والسّروج مقلّبة. ويقال إنّ ابن وداعة سمّه في بطّيخة.
ومنذ تُوُفي وقع الخلل وتغيّرت أحوال الملك النّاصر يوسف.
- حرف الحاء-
252- حاصر بن محمد بن حاصر.
__________
[1] انظر عن (إياس) في: الوافي بالوفيات 9/ 468 رقم 4428.
[2] ولم يذكره ابن أبي الوفاء القرشي في الجواهر المضيّة في طبقات
الحنفية، وهو من شرطه.
[3] انظر عن (بكتوت العزيزي) في: ذيل مرآة الزمان 1/ 123، 124، والوافي
بالوفيات 10/ 200، والدليل الشافي 1/ 195، والنجوم الزاهرة 7/ 61،
والمنهل الصافي 3/ 410 رقم 685.
(48/232)
أَبُو العلاء البَلَنْسِيّ، الحكيم،
المحدّث.
سمع بِبَلَنْسيَة من: الحافظ أَبِي الربيع بن سالم الكلاعيّ، وبتونس من
جماعة، وبالإسكندريّة وديار مصر من أصحاب السّلفيّ.
ومن: ابن المقر.
وحدّث. ومات في هذه السّنة.
253- الْحَسَن بن أَبِي الْعَبَّاس أَحْمَد بن أَبِي طاهر الْحَسَن بن
عَبْد الله بن الْحُسَيْن.
شرف الدّين، أَبُو طاهر التّميميّ، المعرّيّ، ثمّ الدّمشقيّ، الطّبيب.
سمع من: أَبِي سَعْد عَبْد الواحد بن عليّ بن مُحَمَّد بن حمّويه، وأبي
طاهر الخشوعيّ.
روى عنه: الدّمياطيّ، والعفيف إسحاق، والشّمس ابن الزّرّاد، ومحمد بن
المحبّ، وغيرهم وحدّث بدمشق ومصر.
ومات فِي ثامن عشر ربيع الآخر وله ثمانون سنة.
ودفن بقاسيون. يروي «مشيخة» وجيه.
254- الْحَسَن بن كُر [1] .
الأمير الكبير فتحُ الدّين البغداديّ.
من أكبر الزّعماء. كان موصوفا بالشّجاعة والكرم وأصالة الرّأي.
قيل إنّه ما أكل شيئا إلّا وتصدّق بِمِثْلِهِ. وكان يحبّ الفقراء.
استشهد فِي ملتقى هولاكو. نقله الظّهير الكازرونيّ.
__________
[1] انظر عن (الحسن بن كرّ) في: مختصر التاريخ لابن الكازروني 271،
والحوادث الجامعة 156، وسير أعلام النبلاء 23/ 323 دون ترجمة، وعيون
التواريخ 21/ 161، 162، وذيل مرآة الزمان 1/ 115 وفيه: «عدة الملك فتح
الدين ذكرى» ، والوافي بالوفيات 12/ 308 رقم 184. والدليل الشافي 1/
268، والمنهل الصافي 5/ 119، 120 رقم 923 (فيه وفاته سنة 658 هـ) .
(48/233)
255- الْحَسَن بْن مُحَمَّد [1] بْن أَبِي
الفتوح مُحَمَّد بْن أَبِي سَعْد مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عمروك بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ بن القاسم بن علقمة بن
النّصر بْن مُعَاذ بْن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ
مُحَمَّدِ بْنِ الصّديق أَبِي بَكْر رضي الله عنه.
الشّريف الحافظ، صدر الدّين أَبُو عليّ الْقُرَشِيّ، التّيميّ،
البكريّ، النَّيْسابوري، ثمّ الدّمشقيّ، الصّوفيّ.
وُلِد بدمشق فِي سنة أربع وسبعين وخمسمائة.
وسمع بمكّة من: جَدّه، ومن: أَبِي حفص عُمَر بن عَبْد المجيد
الميانشيّ، وبدمشق من: ابن طَبَرْزَد، وحنبل، وجماعة، وبنيسابور من:
المؤيّد الطّوسيّ، وزينب، والقاسم بن الصّفّار، وبهَرَاة من: أَبِي
روح، وجماعة، وبمرو من: أَبِي المظفّر بن السّمعانيّ، وبأصبهان من:
أَبِي الفتوح مُحَمَّد بن محمد بن الجنيد، ومحمد بن أبي طَالِب بن
شهريار، وعين الشّمس الثّقفيّة، وحفصة بِنْت حَمكا، ومحمد بن أَبِي
طاهر بن غانم، وداود بن مُعَمَّر، وجماعة.
وبهمدان من: أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَحْمَد الرّوذراوريّ.
وببغداد من: عَبْد العزيز بن الأخضر، ومن: الْحُسَيْن بن شنيف، وأحمد
بن الْحَسَن العاقوليّ، وجماعة.
__________
[1] انظر عن (الحسن بن محمد) في: صلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني 2/
ورقة 44، وذيل مرآة الزمان 1/ 124، 125، والمعين في طبقات المحدّثين
208 رقم 2184، والإعلام بوفيات الأعلام 274، وسير أعلام النبلاء 23/
326- 328 رقم 226، ودول الإسلام 2/ 160، والإشارة إلى وفيات الأعيان
354، والعبر 5/ 227، 228، وتذكرة الحفاظ 4/ 1444، وميزان الاعتدال 1/
522 رقم 1947، والمغني في الضعفاء 1/ 166 رقم 1472، ومرآة الجنان 4/
139، والوافي بالوفيات 12/ 251، 252 رقم 228، وعيون التواريخ 20/ 67،
وذيل التقييد 1/ 510، 511 رقم 998، والدليل الشافي 1/ 269، والنجوم
الزاهرة 7/ 69، ولسان الميزان (طبعة دار إحياء التراث العربيّ بإشراف
محمد عبد الرحمن المرعشلي) 2/ 471، 472 رقم 2605، وحسن المحاضرة 1/ 149
رقم 74، وطبقات الحفاظ 506 رقم 1113 (1/ 356 رقم 74) ، وشذرات الذهب 5/
274، ومعجم طبقات الحفاظ والمفسّرين 77 رقم 1113، والدليل الشافي 1/
269، والمنهل الصافي 5/ 132، 133 رقم 928، وهدية العارفين 1/ 282،
وديوان الإسلام 1/ 289، 290 رقم 448، ومعجم المؤلّفين 3/ 289.
(48/234)
وبإربل من: عَبْد اللّطيف بن أَبِي النّجيب
السَّهْرُوَرْدِيّ، وبالموصل من:
مُحَمَّد بن عَبْد الرَّحْمَن الواسطيّ.
وبحلب من: الإفتخار عَبْد المطّلب، وبالقدس من: أَبِي الْحَسَن عليّ بن
مُحَمَّد المَعَافِري.
وبالقاهرة من: أَبِي القاسم عَبْد الرَّحْمَن مولى ابن باقا، وطائفة من
أصحاب ابن رفاعة، والسّلفيّ.
وعني بهذا الشّأن أتمّ عناية، وكتب العالي والنّازل، وخرّج وصنّف.
وشرع فِي جمع تاريخ ذيلا «لتاريخ دمشق» ، وحصّل منه أشياء حسنة، وعدم
بعد موته.
وروى الكتب الكبار «كالأنواع» لابن حبّان، و «الصّحيح» لأبي عوانة،
«والصحيح» لمسلم، وخرّج «الأربعين البلديّة» .
وسمع من: الشَّيْخ تقيُّ الدِّين ابن الصّلاح بخُراسان أحاديث عن أَبِي
روح، وحمل عَنْهُمْ خلق كثير منهم: الدّمياطيّ، والقطب القسطلّانيّ،
والمحبّ عَبْد الله بن أَحْمَد، وأخوه مُحَمَّد بن أَحْمَد، والشّرف
عَبْد الله بن الشَّيْخ، والضّياء مُحَمَّد بن الكمال أَحْمَد، والشّمس
مُحَمَّد بن الزّرّاد وهو راويته، والتّاج أَحْمَد بن مزيز، وأبو عَبْد
الله مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بن الدّقّاق، والجمال عليّ بن
الشّاطبيّ، والعماد ابن البالِسي، وأخوه عَبْد الله، والزّين أَبُو
بَكْر بن يوسف المقرئ، والبدر مُحَمَّد بن التّوزيّ، وعبد العزيز بن
يعقوب الدّمياطيّ، وأبو الفتح الْقُرَشِيّ.
وولّي مشيخة الشّيوخ بدمشق وحسبتها. ونفق سوقه فِي دولة المعظّم.
كان جدّهم عمروك بن مُحَمَّد من أهل مدينة طيبة فدخل نيسابور وسكنها.
وأصاب الفالج أَبَا عليّ قبل موته بسنتين. وانتقل فِي أواخر عمره إلى
مصر فتوفّي بها فِي حادي عشر ذي الحجّة.
وليس هُوَ بالقويّ. ضعّفه عُمَر بن الحاجب فقال: كان إماما، عالِمًا،
لسنا، فصيحا، مليح الشّكل، أحد الرّحّالين فِي الحديث، إلّا أنّه كان
كثير البهت، كثير الدّعاوى، عنده مداعبة ومجون.
(48/235)
داخلَ الأمراء وولي الحسبة، ثمّ ولّاه
المعظّم مشيخة الشّيوخ، وقُرِئ منشورة بالسّميساطيّة، ودام على ذلك
مدّة. ولم يكن محمودا بعدد مظالم.
وكان عنده نداوة لسان، سَأَلت الحافظَ ابنَ عَبْد الواحد عَنْهُ فقال:
بَلَغني أنّه كان يقرأ على الشّيوخ، فإذا أتى إلى كلمة مشْكِلة تركها
ولم يبيّنها.
وسألتُ البِرزالي عَنْهُ فقال: كان كثير التّخليط.
256- الْحُسَيْن بن إِبْرَاهِيم [1] بن الحسين بن يوسف.
الإِمَام شَرَفُ الدّين، أَبُو عَبْد الله الهَذباني [2] ، الإربِلي،
الشافعي، اللغَوي.
ولد سنة ثمان وستّين وخمسمائة بإربل. وقدِم الشّام.
فسمع من: الخُشُوعي، وعبد اللّطيف بن أَبِي سعد، وحنبل، وابن
طَبَرْزَد، ومحمد بن الزّنف، والكِنْديّ، وطائفة.
ورحل وهو كهل، فسمع ببغداد من: أَبِي عليّ بن الْجَوَاليقيّ، والفتح بن
عَبْد السّلام، وعبد السّلام الدّاهريّ.
وقد عُني عناية وافرة بالأدب، وحفظ «ديوان المتنبّي» و «الخطب
النّباتيّة» و «مقامات الحريريّ» . وكان يعرف هذه الكُتُب ويحلّ مشكلها
ويقرئها.
وتخرّج به جماعة من الفُضَلاء. وكان ديّنا، ثقة، جليلا [3] .
__________
[1] انظر عن (الحسين بن إبراهيم) في: ذيل الروضتين 201، وصلة التكملة
لوفيات النقلة للحسيني 2/ ورقة 41، وذيل مرآة الزمان 1/ 125، 126،
والعبر 5/ 228، والمعين في طبقات المحدّثين 208 رقم 2185، والإعلام
بوفيات الأعلام 274، وسير أعلام النبلاء 23/ 354، 355 رقم 254،
والإشارة إلى وفيات الأعيان 354، والوافي بالوفيات 12/ 318 رقم 296،
وعيون التواريخ 20/ 168، وبغية الوعاة 1/ 528 رقم 1096، وشذرات الذهب
5/ 274، وذيل التقييد للفاسي 1/ 513 رقم 1001، وتذكرة الحفّاظ 4/ 1438،
وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 75، والنجوم الزاهرة 7/ 68، والدليل
الشافي 1/ 272، ومرآة الجنان 4/ 139، والعسجد المسبوك 2/ 644، والمنهل
الصافي 5/ 146، 147 رقم 938 وفيه وفاته سنة 653 هـ.
وهو لم يذكر في «تاريخ إربل» لابن المستوفي.
[2] في مرآة الجنان 4/ 139 «الهمدانيّ» ، وفي شذرات الذهب: «الهدناني»
.
[3] وقال ابن شاكر الكتبي: «وكان من الفضلاء المشهورين، وأهل الأدب
المذكورين، عارفا بما
(48/236)
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، والخطيب شرف
الدّين، والمخرّميّ، ومحمد بن الزّرّاد، وعبد الرحيم بن قاسم المؤدّب،
وأبو الْحُسَيْن اليونينيّ، وأخوه قُطْبُ الدّين، وأبو عليّ بن
الخلّال، وجماعة.
وتُوُفي فِي ثاني ذي القعدة بدمشق.
257- الْحُسَيْن بن مُحَمَّد [1] بن الْحُسَيْن بن علوان.
المولى الكبير، عزّ الدّين، أخو شيخ الشّيوخ صدر الدّين ابن النّيّار.
كان وكيل أولاد المستعصم باللَّه، وكان يدري الْجَبْر والمقابلة.
قال لنا الظّهير الكازرُوني فِي «تاريخه» [2] : لمّا شاهد القتل فدى
نفسَه بعشرة آلاف دينار فأطلِق، وأوى إلى مدرسة مجد الدّين. ثمّ
أدركَتْهُ المَنِية فِي ربيع الأوّل، يعني بعد شهرٍ، رحمه الله تعالى.
258- حمزة بن عليّ [3] بن حمزة بن عليّ بن حمزة بن أَحْمَد بن أَبِي
الحَجاج.
أَبُو يعلى العَدَوي، الدّمشقيّ، المعدّل.
حدّث عن: الخشوعيّ.
روى عنه: الدّمياطيّ، والأبيورديّ.
توفّي في صفر بدمشق [4] .
__________
[ () ] يرويه، حسن الأخلاق، لطيف الشمائل، كثير المحاضرة والحكايات
والنوادر والأشعار.
(عيون التواريخ) .
[1] انظر عن (الحسين بن محمد) في: الحوادث الجامعة 162، والعسجد
المسبوك 2/ 642 وفيه: «أبو المكارم الحسين بن أحمد بن الحسين بن
النيار» ، والوافي بالوفيات 13/ 45 رقم 45.
[2] لم نقف على قوله في: مختصر التاريخ.
[3] انظر عن (حمزة بن طالب) في: ذيل الروضتين 199 وفيه: «علاء الدين
حمزة بن الحجّاج» .
[4] وقال أبو شامة: «أحد الشهود المعدّلين بدمشق من أهل البيوتات، وكان
فقيها ديّنا، بقي عندنا بالمدرسة العادلية مدّة بعد مقامه بحلب، ثم صار
من الشهود المرتبين بباب الجامع.»
(48/237)
- حرف الدال-
259- دَاوُد بن عُمَر [1] بن يوسف بن يَحْيَى بن عُمَر بن كامل.
الخطيب، عماد الدّين، أبو المعالي، وأبو سُلَيْمَان الزّبيديّ،
المقدِسي، ثمّ الدّمشقيّ، الشّافعيّ، خطيب بيت الأبّار، وابن خطيبها،
وبها وُلِد في سنة ستّ وثمانين وخمسمائة.
وسمع من: الخشوعي، وعبد الخالق بن فيروز الجوهريّ، وعمر بن طَبَرْزَد،
وحنبل، والقاسم بن عساكر، وجماعة.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وزين الدّين الفارقيّ، والعماد ابن البالِسي،
والشّمس نقيب المالكيّ، والخطيب شَرَف الدّين، والفخر بن عساكر، وولده
الشّرف مُحَمَّد بن دَاوُد، وطائفة من أهل القرية.
وكان ديّنا، مهذّبا، فصيحا، مليح الخطابة، لا يكاد أن يسمع موعظته أحدٌ
إلّا وبكى. خطب بدمشق ودرّس بالزّاوية الغزاليّة فِي سنة ثمانٍ وثلاثين
بعد الشَّيْخ عزّ الدّين ابن عَبْد السّلام لمّا انفصل عن دمشق. ثمّ
عُزِل العماد بعد ستّ سِنين ورجع إلى الخطابة فِي القرية.
تُوُفي فِي حادي عشر شعبان، ودفن ببيت الأبار، وحضره خلق من أهل
المدينة، رحمه الله تعالى.
260- داود [2] .
__________
[1] انظر عن (داود بن عمر) في: صلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني 2/
ورقة 39، وذيل مرآة الزمان 1/ 126، وذيل الروضتين 200 والعبر 5/ 229،
وسير أعلام النبلاء 23/ 301، 302 رقم 208، وعيون التواريخ 20/ 168،
وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 142، 143 وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة
174 ب، والوافي بالوفيات 13/ 479، 480 رقم 583، والبداية والنهاية 13/
213، والعسجد المسبوك 2/ 645، وشذرات الذهب 5/ 275، وطبقات الشافعية
لابن قاضي شهبة 2/ 436 رقم 407، وعقد الجمان (1) 191، والدليل الشافي
1/ 295، والمنهل الصافي 5/ 292، 293 رقم 1017، والدارس 1/ 420.
[2] انظر عن (داود الملك الناصر) في: ذيل الروضتين 200، وذيل مرآة
الزمان 1/ 126- 184، ووفيات الأعيان 3/ 496، والمختصر في أخبار البشر
3/ 195، 196، والدرّة الزكية 36، 37، والعبر 5/ 229، 230، وسير أعلام
النبلاء 23/ 376- 381 رقم 270، ودول الإسلام 2/ 160 والإعلام بوفيات
الأعلام 274، والإشارة إلى وفيات الأعيان 354، وتاريخ
(48/238)
السُّلطان الملك النّاصر صلاح الدّين،
أَبُو المفاخر، وأبو المظفّر بن السُّلطان الملك المعظّم شرف الدّين
عيسى بن العادل مُحَمَّد بن أيّوب بن شادي بن مروان.
وُلِد بدمشق فِي جُمادى الآخرة في سنة ستّ وستّمائة [1] .
وسمع ببغداد من: أَبِي الْحَسَن القَطيعيّ، وغيره.
وبالكَرَك من: ابن اللّتّيّ.
وأجاز له: المؤيّد الطّوسيّ، وأبو رَوْح عَبْد العِز.
وكان حنفيّ المذهب، عالِمًا، فاضلا، مُناظِرًا، ذكيّا، له اليد البيضاء
فِي الشّعر والأدب، لأنّه حصّل طَرَفًا جيّدا من العلوم فِي دولة
أَبِيهِ.
وولي السّلطنة فِي سنة أربع وعشرين بعد والده، وأحبّه أهل دمشق. ثمّ
سار عمّه الملك الكامل من الدّيار المصريّة لأخذ المُلك منه، فاستنجد
بعمّه الأشرف فجاء لنُصرته ونزل بالدهشة، ثمّ تغيّر عليه ومال إلى أخيه
الكامل، وأوهم النّاصر أنّه يُصْلح قضيته، فسار إلى الكامل، واتّفقا
على النّاصر وحاصراه، كما ذكرنا فِي الحوادث، أربعة أشهر، وأخذا منه
دمشق، وسار إلى الكَرَك، وكانت لوالده، وأعطيَ معها الصّلت ونابلس
وعجلون وأعمال القدس.
__________
[ () ] ابن الوردي 2/ 198، ومرآة الجنان 4/ 139، وعيون التواريخ 20/
168- 176، وفوات الوفيات 1/ 419- 428 رقم 149، والبداية والنهاية 113،
198 (في وفيات سنة 655 هـ) .
و214، (في وفيات سنة 656 هـ) . ومآثر الإنافة 2/ 96، والعسجد المسبوك
2/ 643، وإنسان العيون، ورقة 345، والذهب المسبوك للمقريزي 81، والسلوك
ج 1 ق 2/ 412، وعقد الجمان (1) 198، 199، والنجوم الزاهرة 7/ 61، 62،
وشفاء القلوب 346- 358 رقم 75، وتاريخ ابن سباط 1/ 377، وشذرات الذهب
5/ 275، وترويح القلوب 59 رقم 93، وتاريخ الأزمنة 238، وديوان ابن
مطروح 84، والدليل الشافي 1/ 296، والمنهل الصافي 5/ 294- 300 رقم
1018، وصبح الأعشى 4/ 175، والجواهر المضيّة 2/ 605، والدارس 1/ 581،
والوافي بالوفيات 33/ 480- 492 رقم 584، والأنس الجليل 1/ 405- 408 و
2/ 5، 6، 9، 10، وقضاة دمشق 66، وثمرات الأوراق لابن حجّة 24، 25،
والغيث المسجم 4/ 134، 135، وكشف الظنون 1/ 816، وكشف الظنون 1/ 816،
وهدية العارفين 1/ 360، والأعلام 2/ 334، ومعجم المؤلفين 4/ 121.
[1] في وفيات الأعيان 3/ 496 رقم 141 «ولد يوم السبت سابع عشر جمادى
الأولى سنة ثلاث وستمائة» .
(48/239)
وعقد نكاحه على بِنْت عمّه الكامل سنة تسعٍ
وعشرين. ثمّ تغيّر عليه الكامل تغيّرا زائدا، ففارق ابنته قبل الدّخول.
ثمّ إنّ النّاصر بعد الثّلاثين قصد الإِمَام المستنصر باللَّه وقدّم له
تُحَفًا ونفائس، وسار إليه على البرّيّة، والتمس الحضورَ بين يديه كما
فعل بصاحب إربِل، فامتنعوا عليه، فنَظَمَ هذه القصيدة:
وبان [1] ألمّت بالكثيب ذوائبه ... وجنح الدّجى و [خف] [2] تجول
غياهِبُهْ
تُقَهقهُ فِي تلك الرُّبُوع رُعُودُهُ ... وتبكي على تلك الطُّلُول
سحائبُهْ
أرِقْتُ له [3] لمّا توالت بروقه ... وحلّت عزاليه، وأسبل سالبُهْ [4]
إلى أن بدا من أشقر الصُّبْح قادم ... يُراعُ له من أُدْهم اللَّيل
هاربُهْ
وأصبح ثغر الأقحوانة ضاحكا ... تدغدغه ريح الصّبا وتُلاعبُهْ [5]
وهي قصيدة طنّانة طويلة يقول فيها:
ألا يا أمير المؤمنين، ومن غَدَتْ ... على كاهل الْجَوْزاء تَعْلُو
مراتبُهْ
أيَحْسُنُ فِي شَرْع المعالي ودينِها ... وأنت الَّذِي تُعْزَى إليه
مذاهبُهْ
بأنّي أخوض الدّوّ والدّوّ مقْفر ... سباريته مُغْبَرَّةٌ وسباسِبُهْ
وقد رصد الأعداء لي كلَّ مرصدٍ ... وكُلُّهم نحوي تَدُبّ عقاربُهْ
وآتيك والعضْبُ المُهَنَّد مُصْلَتٌ ... طريرٌ شبَاهُ، قانياتٌ
ذوائبُهْ
وأنزِلُ آمالي ببابك راجيا ... [فواضل جاهٍ] [6] يبهرُ النَّجْم
ثاقبُهْ
فتقبلُ منّي عَبْدَ رِق فيغتدي ... له الدّهر عبدا طائعا لا يغالبُهْ
وتُنعم فِي حقّي بما أنت أهلُهُ ... وتُعْلي محلّي فالسُّها لا
يقاربُهْ
وتُلبسني من نسج ظِلّك حلّة [7] ... يُشرّفُ قدرَ النَّيرَيْن جلائبُهْ
[8]
__________
[1] في الفوائد الجلية 206 «ودان» .
[2] في الأصل بياض، والمستدرك من: الفوائد.
[3] في ذيل مرآة الزمان: «أرقت به» .
[4] في الفوائد 207 «ساكبه» .
[5] في الفوائد 207: «تداعبه» .
[6] في الأصل بياض، والمستدرك من: الفوائد 210.
[7] في الفوائد 211 «ملبسا» .
[8] في الفوائد 211 «جلاببه» .
(48/240)
وتُركبني نُعمَى أياديك مركبا ... على
الفَلَكِ الأعلى تسير مراكبُهْ
وتسمحُ لي بالمال، والجاه بغْيتي ... وما الجاهُ إلّا بعضُ ما أنتَ
واهبُهْ
ويأتيك غيري من بلادٍ قريبة ... له الأمنُ فيها صاحبٌ لا يجانبُهْ
فيلقى دُنُوًّا منك لم ألق مثلهُ ... ويحظى ولا أحظى بما أَنَا طالبُهْ
وينظر من لألاءِ قُدْسك نظرة ... فيرجع والنّورُ الإماميُّ صاحبُهْ
ولو كان يعلوني بنفسٍ ورُتبةٍ ... وصدقِ وَلاءٍ لستُ فِيهِ أصاقبُهْ
لكُنْتُ أُسَلّي النَّفْسَ عمّا ترومُهُ ... وكنتُ أذودُ العَيْن عمّا
تراقبُهْ
ولكنّه مثلي ولو قلت إنّني ... أزيدُ عليه لم يعِبْ ذاك عائبُهْ
وما أَنَا ممّن يملأ المالُ عينَهُ ... ولا بِسِوى التّقريب تُقضَى
مآربُهْ
ولا بالّذي يرضى [1] دون نظيرهِ ... ولو انجلت بالنَّيران [2] مراكبُهْ
وبي ظمأ ورؤياك منهل ريه ... ولا غرو أن تصفو لي مشاربُهْ
ومن عجبٍ أنّي لدى البحر واقفٌ ... وأشكو الظَّمأ، والجم [3] جمّ
عجائبُهْ
وغيرُ مَلُوم مَن يؤمُّك قاصدا ... إذا عظمَتْ أغراضُه ومذاهبُه [4]
فوقعت هذه القصيدة من المستنصر بموقع، وأدخله عليه ليلا، وتكلّم معه
فِي أشياء من العلوم والآداب، ثمّ خرج سرّا. وقصد المستنصر بذلك رعاية
الملك الكامل.
ثمّ حضر النّاصر بالمدرسة المستنصريّة، وبحث واعترض واستدلّ، والخليفة
فِي رَوْشَن [5] بحيث يسمع، وقام يومئذٍ الوجيه القيروانيّ فمدح
الخليفة بقصيدة جاء منها:
__________
[1] في الفوائد 212 «يرضيه» .
[2] في الفوائد 212 «ولو أنعلت بالنّيرات» .
[3] في الفوائد 212 «والبحر» .
[4] في الفوائد 212 «ومطالبه» .
والقصيدة في: الفوائد الجليّة 206- 212، وإنسان العيون لابن أبي عذيبة
(مخطوط) ورقة 346، وذيل مرآة الزمان 1/ 133، والمختصر في أخبار البشر
3/ 157، وتاريخ ابن الوردي 2/ 239، وفوات الوفيات 1/ 420، والوافي
بالوفيات 8/ 43، والغيث المسجم 2/ 78، وثمرات الأوراق 24، وشفاء القلوب
348، وعقد الجمان (1) .
[5] الرّوشن: النافذة.
(48/241)
لو كنت فِي يوم السّقيفة حاضرا ... كنت
المقدَّم والإمامَ الأورعا
قال النّاصر: أخطأت، قد كان حاضرا الْعَبَّاس جدُّ أمير المؤمنين، ولم
يكن المقدّم إلّا أَبُو بَكْر، رضي الله عنه.
فخرج الأمر بنفْي الوجيه، فذهب إلى مصر، ووُلّي بها تدريس مدرسة ابن
سُكَّر.
ثمّ إنّ الخليفة خلع على النّاصر فألبسه الخِلْعة بالكَرَك، وركب
بالأعلام الخليفَتِية وزِيد فِي ألقابه: «المولى المهاجر» .
ثمّ وقع بين الكامل والأشرف، وطلب كلّ منهما من النّاصر أن يكون معه،
فرجح جانب الكامل، وجاءه من الكامل في الرّسليّة القاضي الأشرف ابن
القاضي الفاضل. ثمّ سار النّاصر إلى الكامل، فبالغ الكامل فِي تعظيمه
وأعطاه الأموال والتّحف.
ثمّ اتّفق موتُ الملك الأشرف وموت الكامل، وكان النّاصر بدمشق بدار
أُسامة، فتشوّف إلى السّلطنة، ولم يكن حينئذٍ أمْيَزَ منه، ولو بذل
المال لحلفوا له. ثمّ سلطنوا الملك الجوادَ، فخرج النّاصر عن البلد إلى
القابون، ثمّ سار إلى عجلون وندِم، فجمع وحشد ونزل على السّواحل
فاستولى عليها. فخرج الجواد بالعساكر، فوقع المصافّ بين نابلس وجينين،
فانكسر النّاصر واحتوى الجواد على خزائنه وأمواله، وكان ثقل النّاصر
على سبعمائة جَمَلٍ، فافتقر ولجأ إلى الكرك، ونزل الجواد على نابلس،
وأخذ ما فيها للنّاصر.
وقد طوّل شيخُنا قُطْبُ الدّين ترجمة النّاصر وجوّدها [1] ، وهذا
مختارٌ منها.
ولمّا مَلَك الصّالح نجمُ الدّين أيّوب دمشقَ وسار لقصد الدّيار
المصريّة جاء عمّه الصّالح إِسْمَاعِيل وهجم على دمشق فتملكها. فتسحّب
جيش نجم الدّين عَنْهُ، وبقي بنابلس فِي عسكرٍ قليل، فنفّذ النّاصر من
الكَرَك عسكرا قبضوا على نجم الدّين وأطلعوه إلى الكَرَك، فبقي
معتَقَلًا عنده فِي كرامة.
وكان الكامل قد سلّم القدس إلى الفرنج، فعمّروا في غربيّه قلعة عند موت
__________
[1] في ذيل مرآة الزمان 1/ 126 وما بعدها.
(48/242)
الكامل واضطراب الأمور واختلاف الملوك،
فنزل النّاصر من الكَرَك وحاصرها، ونصب عليها المجانيق فأخذها بالأمان
وهدمها، وتملّك القدس، وطرد من به من الفرنج، فعمل جمال الدّين ابن
مطروح:
المسجد الأقصى له عادةٌ ... سارت فصارت مَثَلًا سائرا
إذا غدا بالكُفْر مُسْتَوطنًا ... أن يبعث الله له ناصرا
فناصرٌ طهَّرَهُ أوّلا ... وناصرٌ طهَّره آخِرا [1]
ثمّ إنّه كلّم الصّالح نجم الدّين وقال له: إن أخرجتك وملّكتك الدّيار
المصريّة، ما تفعل معي؟ قال: أَنَا غلامك وفي أسْرك، قل ما شئت. فاشترط
عليه أن يعطيه دمشق ويعينه على أخذها وأن يمكّنه من الأموال، وذكر
شروطا يتعذَّر الوفاء بها. ثمّ أَخْرَجَهُ وسار معه وقد كاتَبَه أمراءُ
أَبِيهِ الكامل من مصر، وكرهوا سلطنة أخيه العادل. فلمّا تملّك الدّيار
المصريّة وقع التّسويف من الصّالح والمغالطة، فغضب الناصر ورجع، وقد
وقعت الوحشة بينهما. وزعم الصّالح أنّه إنّما حلف له مُكْرَهًا وقال:
كنت فِي قبضته.
وحكى ابن واصل [2] عن صاحب حماه المنصور أنّ الملك الصّالح لمّا استقرّ
بمصر قال لبعض أصحابه: امض إلى النّاصر وخوّفه منّي بالقبض عليه لعلّه
يرحل عنّا. فجاء ذلك وأوهمه، فسارَعَ الخروجَ إلى الكَرَك.
ثمّ إنّ الصّالح أساء العِشرة فِي حقّ النّاصر وبعث عسكرا فاستولوا على
بلاد النّاصر، ولم يزل كلّ وقت يُضايقه ويأخذ أطراف بلاده حتّى لم يبق
له إلّا الكَرَك.
ثمّ فِي سنة أربعٍ وأربعين نازَلَه فخر الدّين ابن الشَّيْخ. وحاصره
أيّاما ورحل.
وأمّا النّاصر فقلّ ما عنده من المال والذّخائر، واشتدّ عليه الأمر،
فعمل هذه الأبيات يعاتب فيها ابنَ عمّه الملكَ الصّالح:
عمّي أبوك، ووالدي عمّ، به ... يعلو انتسابك كلّ ملك أصيد
__________
[1] الأبيات في ديوان ابن مطروح- تحقيق جودت أمين علي- (رسالة ماجستير
من كلية دار العلوم بجامعة القاهرة) 1976- ص 84، والفوائد الجليّة 76.
[2] في الجزء المفقود من «مفرّج الكروب» .
(48/243)
دع سيف مقولي البليغ يذب [1] عن ...
أعراضكم بفِرِنْدِهِ المتوقدِ
فهو الَّذِي قد صاغ تاجَ فَخَارِكم ... بمفصّل من لؤلؤ وزبرجدِ
لولا مقالُ الهجر منك لما بدا ... مني افتخار بالقريض المُنْشَدِ [2]
ثمّ أخذ- رحمه الله- يفتخر ويذكر جوده وجلالته، ويعرّض باعتقاله
للصّالح وإخراجه.
وفي سنة ستّ وأربعين قدِم العلامةُ شمسُ الدّين الخُسْروشاهي على الملك
الصّالح نجم الدّين أيّوب وهو بدمشق رسولا من النّاصر، ومعه وُلِد
النّاصر الأمجد حَسَن، ومضمون الرّسالة: إن تتسلّم الكَرَك وتعوّضني
عَنْهَا الشّوبك وخبزا بمصر. فأجابه ثمّ رحل إلى مصر مريضا. ثمّ انثنى
عزْمُ النّاصر عن ذلك لمّا بلغه مَرَضُ الصّالح وخروج الفرنج.
ثمّ دخلت سنة سبُعٍ، وضاقت يدُ النّاصر عليه كُلَف السّلطنة، فاستناب
ابنه المعظّم عيسى بالكرك، وأخذ ما يعزّ عليه من الجواهر، ومضى إلى حلب
مستجيرا بصاحبها كما فعل عمّه الصّالح إِسْمَاعِيل، فأكرمه. وسار من
حلب إلى بغداد، فأودع ما معه من الجواهر عند الخليفة، وكانت قيمتها
أكثر من مائة ألف دينار، ولم يصل بعد ذلك إليها.
وأمّا والداه الظّاهر والأمجد، فإنّهما تألّما لكونه استناب عليهما
المعظّم، وهو ابن جارية، وهما ابنا بِنْت الملك الأمجد بن الملك
العادل، فأمّهما بِنْت عمّه وبنت عمّ الصّالح، وكانت محسنة إلى الصّالح
لمّا كان معتقلا بالكرك غاية الإحسان، وكان ولداها يأنسان به
ويلازمانه، فاتّفقا مع أمّهما على القبض على الملك المعظّم فقبضا عليه،
واستوليا على الكَرَك، ثمّ سار الأمجد إلى المنصورة فأكرمه الصّالح
وبالغ، فكلّمه فِي الكَرَك، وتوثّق منه لنفسه وإخوته، وأن يعطيه خُبزًا
بمصر، فأجابه، وسيّر إلى الكَرَك الطّواشيّ بدر الدّين الصّوابيّ نائبا
له. فجاء إلى السُّلطان أولاد النّاصر وبيته فأقطعهم إقطاعات جليلة،
وفرح بالكرك غاية الفرح مع ما هُوَ فِيهِ من المرض المخوف، وزيّنت مصر
لذلك.
__________
[1] في الفوائد الجليّة 265 «يذود» .
[2] الأبيات من قصيدة طويلة في: الفوائد الجليّة 263- 268، ومفرّج
الكروب 5/ 363، وذيل مرآة الزمان 1/ 161، والنجوم الزاهرة 6/ 326،
وشفاء القلوب 352.
(48/244)
وبلغ النّاصر داودَ ذلك وهو بحلب، فعظُم
ذلك عليه. ثمّ لم يلبث الصّالح أنْ مات، وتملّك بعده ابنه توران شاه
قليلا، وقُتِل، فعمد الطّواشيّ فأخرج الملكَ المغيثَ عمر بن الملك
العادل بن السُّلطان الملك الكامل من حبْس الكَرَك، وملّكه الكَرَك
والشّوبك.
وجاء صاحب حلب فتملّك دمشق، ثمّ مرض بها مرضا شديدا، ومعه الصّالح
إِسْمَاعِيل والنّاصر دَاوُد. فقيل إنّ دَاوُد سعى فِي تلك الأيّام فِي
السّلطنة. فلمّا عُوفي السُّلطان بَلَغَه ذلك، فقبض عليه وحبسه بحمص،
ثمّ أخرج عَنْهُ بعد مدةٍ بشفاعة الخليفة، فتوجّه إلى العراق فلم
يؤذَنْ له فِي دخول بغداد، فطلب وديعته فلم يحصل له. ثمّ ردّ إلى دمشق.
ثمّ سار إلى بغداد فِي سنة ثلاثٍ وخمسين بسبب الوديعة ولَججَ، وكتب معه
النّاصر صاحب الشّام كتابا إلى الخليفة يشفع فِيهِ فِي ردّ وديعته،
ويخبر برضاه عَنْهُ، فسافَرَ ونزل بمشهد الْحُسَيْن بكربلاء وسيّر إلى
الخليفة قصيدة يمدحه ويتلطّفه، فلم ينفع ذلك.
وهذه القصيدة:
مقامُكَ أعلى [1] فِي النّفوس [2] وأعظَمُ ... وحلمُكَ أرجَى فِي
النُّفُوس وأكرمُ
فلا عجبٌ إن غُصَّ بالشّعر [3] شاعرٌ ... وفوّه مصطكّ اللهاتين
مُعْجِمُ
إليكَ أميرَ المؤمنين تَوَجُّهي ... بوجهِ رجاءِ عنده منكَ أنعُمُ
إلى ماجدٍ يرجوه كلّ مُمَجدٍ ... عظيم ولا يرجوه [4] إلّا معظمُ
ركبتُ إليه ظَهْرَ يهماء [5] قفرةٍ ... بها تُسرِجُ الإعداءُ خيلا
وتلجم
وأشجارها يَنعٌ، وأحجارُها لمى [6] ... وأعشابُها نبْلٌ، وأمواهُها دمُ
رميتُ فَيَافيها بكلّ نجيبةٍ ... بنسبتها يعلُو الجذِيلُ وشدقم
تجاذبنا فضل الأزمّة بعد ما ... براهنّ موصول من السّير مبرم
__________
[1] في الأصل: «أعلا» .
[2] في الفوائد الجليّة 230 «في الصدور» .
[3] في الفوائد الجليّة 230 «غصّ بالقول» .
[4] في الفوائد الجليّة 230 «فلا يغشاه» .
[5] في الأصل: «سماء» .
[6] في الفوائد: «ظبى» .
(48/245)
تسَاقَيْنَ من خمر الدّلال [1] مُدامة ...
فلا هُنَّ أيقاظ، ولا هُنَّ نُوَّمُ
بطش الحصى [2] فِي جَمْرة القيظ بعد ما ... غدا يتبعُ الجبارَ كلب
ومِرْزَمُ
يلوح سناريب الفَلاة مُسَطرًا [3] ... بأخفافها منه فصيحٌ وأعجمُ
تخالُ ابيضاض القاعِ تحتَ احمرارها ... قراطيسَ أوراق [4] علاهنَّ
عَنْدَمُ
فلمّا توسّطْن السماوةَ واغْتَدَتْ ... تلفتُ نحو الدارِ شَوْقًا
وتُرزمُ
وأصبحَ أصحابي نَشَاوى من السُّرَى ... تدورُ عليهم كرمه وهو مفحمُ [5]
تنكَّرَ للخرّيت بالبِيد عُرْفُهُ ... فلا عَلَم يَعْلُو ولا النّجم
ينْجُمُ
فظلّ لإفْراط الأسَى متندّما ... وإنْ كان لا يُجْدي الأسى والتّندّم
بسيوف الرّغام ظلّله لهدايةٍ ... ومن بالرُّغامِ يهتدي فهو يُرْغَمُ
يُنَاجي فِجاجَ الدّوّ، والدّوّ صامتٌ ... فلا يسمعُ النّجوى، ولا
يتكلّم
على حين قال الظّبيُ، والظّلّ قالصٌ ... وإذ مدت الغبراء [6] ، فهي
جهَّنمُ
ووسّع ميدانُ المنايا لخيلِهِ ... وضاقَ مَجَالُ الريقِ والتحمَ الفمُ
فوحشُ الرّزايا بالرّزيّة حُضَّرٌ ... وطيرُ المنايا بالمَنِيَّةِ
حُوَّمُ
فلمّا تبدّت كربلاء وتبيّنت ... قِبابٌ بها السّبط الشّهيد المكرّم
ولذتُ به متشفّعا متحرّما ... كما يفعل المستشفعُ المتحرّم
وأصبح لي دون البريّة شافعا ... إلى مَن به مُعوجٌ أمري مُقَوّمُ
أنخْت رِكابي حين أيقنت أنّني ... بباب أميرِ المؤمنين مُخَيّمُ
بحيث الأماني للأمان قسيمةٌ ... وحيثُ العطايا بالعواطفِ تَقسَّمُ
عليك أمير المؤمنين تهجّمي ... بنفسٍ على الجوزاء لا تتهجّم
تلوم أن تغشى الملوك لحاجةٍ ... ولكنّها بي عنكَ لا تتلوَّمُ
فصْن ماءَ وجهي عن سواك فإنّه ... مصون فصوناه [7] الحياء والتكرّم
__________
[1] في الفوائد 231 «خمر الكلال» .
[2] في الفوائد 231 «يطسن الحصا» .
[3] في الفوائد 231 «فلوح سباريت الفلاة مسطّر» .
[4] في الفوائد 232 «ورّاق» .
[5] في الفوائد 232 «يدور عليهم كوبه وهو مفعم» .
[6] في الفوائد الجليّة 232 «وأوقدت المعزاء» .
[7] في الأصل: «يصوناه» ، والمثبت عن: الفوائد 234.
(48/246)
ألست بعبد حزتني عن وراثةٍ ... له عندكم
عهدٌ تقادَم مُحكمُ
ومثليَ يُحبى للفُتُوق ورتقها ... إذا هزّ خطّيّ، وجرّد مخذم
فلا زلت للآمال [1] تبقى مُسلمًا ... وتغتابك الأملاك [2] وهي تُسلمُ
[3]
وحجّ رحمه الله وأتى المدينة وقام بين يدي الحجرة الشريفة منشدا قصيدة
بديعة يقول فيها:
إليك امتطينا اليعملات [4] رواسما [5] ... يجبن الفلا ما بين رضْوَى
[6] ويذْبُلِ [7]
إلى خير من أطْرَتْهُ بالمدح ألسُنٌ ... فصدَقها نصّ الكتاب المنزّل
إليك [8]- رسول الله- قمت مُجمجمًا ... وقد كلّ عن نقل البلاغةِ مِقولي
وأدهشني نورٌ تألقَ مشرقا ... يلوحُ على سامي ضريحكَ من علٍ [9]
ثَنَتني عن مدحي لمجدك هيبة ... يراع لها قلبي ويرعد مفصلي
وعلمي بأنّ الله أعطاك مِدحة ... مفصّلها فِي مجملات المفصّل [10]
ثمّ أحضر شيخ الحرم والخدّام، ووقف بين الضّريح مستمسكا بسَجَف الحجرة
الشّريفة، وقال: اشهدوا أنّ هذا مقامي من رسول الله صلى الله عليه وآله
وَسَلَّمَ قد دخلتُ عليه مستشفعا به إلى ابن عمّه أمير المؤمنين فِي
ردّ وديعتي. فأعظم النّاس هذا وبكوا، وكُتِب بصورة ما جرى إلى الخليفة.
ولمّا كان الرّكب فِي الطّريق خرج عليهم أَحْمَد بن حجّي بن بُريد من
آل مرّيّ يريد نهب الرّكب، فوقع القتال وكادوا يظفرون بأمير الحاجّ،
فجاء النّاصر يشقّ الصّفوف، وكلّم أَحْمَد بن حجّيّ، وكان أبوه حجّيّ
صاحبا للنّاصر وله
__________
[1] في الفوائد 234 «بالأملاك» .
[2] في الفوائد 234 «لتبنى بك الأملاك» .
[3] الأبيات من قصيدة في: الفوائد الجليّة 230- 234، وذيل مرآة الزمان
1/ 168.
[4] اليعملات: جمع يعملة، وهي الناقة السريعة.
[5] الرواسم: مفردها رسوم. وهي الناقة التي تؤثّر في الأرض من شدّة
الوطء.
[6] رضوى: جيل بالمدينة. (معجم البلدان 3/ 51) .
[7] يذبل: جبل مشهور الذكر بنجد. (معجم البلدان 5/ 433) .
[8] في الفوائد الجليّة 198 «لديك» .
[9] في الأصل: «علي» .
[10] الأبيات مع غيرها في: الفوائد الجليّة 198، 199، وذيل مرآة الزمان
1/ 173، والوافي بالوفيات 8/ 46، وفوات الوفيات 1/ 425، وإنسان العيون،
ورقة 355.
(48/247)
عليه أيادٍ، فانقاد له. ثمّ جاء النّاصر
ونزل بالحلّة، وقُرَّرَ له راتبٌ يسير، ولم يحصل له مقصود. فجاء إلى
قرقيسيا ومنها إلى تِيه بني إسرائيل، وانضمّ إليه عربان، وذلك فِي
أوائل سنة ستّ هذه، أو قُبَيْل ذلك، فخاف المغيث منه فراسله وأظهر له
المَوَدّة، وخدعه المغيث إلى أن قبض عليه وعلى من معه من أولاده، وحبسه
بطور هارون، فبقي به ثلاث ليالٍ. واتّفق أنّ المستعصم باللَّه دهمه
أمرُ التّتار فنفّذ إلى صاحب الشّام يستمدُّه، ويطلب منه جيشا يكون
عليهم النّاصر دَاوُد، فبعث صاحب الشّام الملك النّاصر يطلب النّاصر من
المغيث، فأخرجه المغيث، فقدم دمشقَ ونزل بقرية البويضا بقرب البلد،
وأخذ يتجهّز للمسير، فلم ينشب أن جاءت الأخبار بما جرى على بغداد، فلا
قوّة إلّا باللَّه.
وعرض طاعونٌ بالشّام عقيب ما تمّ على العراق، فطُعِن النّاصر فِي جبنه.
قال ابن واصل: وكثُر الطّاعون بالشّام مع بُعْد مسافة بغداد.
وحكى جالينوس أنّه وقعت ملحمة فِي بلاد اليونان فوقع الوباء بسببها فِي
بلاد النّوبة مع بُعْد المسافة.
قال ابن واصل: حكى لي عَبْد الله بن فضل أحد ألزام النّاصر دَاوُد قال:
اشتدّ الوباء فتسخّطنا، فقال لنا النّاصر: لا تفعلوا، فإنّه لمّا وقع
بعمَواس زمن عُمَر رضي الله عَنْهُ قال بعض النّاس: هذا رجز. فذكر
الخبر بطوله، وأنّ مُعاذًا قال: اللَّهمّ أدْخِل على آل مُعاذ منه أوفى
نصيب. فمات مُعاذ وابنُه.
ثمّ ابتهل النّاصر وقال: اللَّهمّ اجعلنا منهم وارزُقنا ما رزقتهم. ثمّ
أصبح من الغد أو بعده مطعونا.
قال عَبْد الله: وكنت غائبا فجئت إليه وهو يشكو ألما مثل طعن السّيف
فِي جنْبه الأيسر.
قال ابن واصل: وحكى لي ولدهُ المظفّر غازي أنّ أَبَاهُ سكن جنبه الأيسر
فنام، ثمّ أنتبه فقال: رَأَيْت جنْبي الأيسر يقول للأيمن: أَنَا صبرت
لنوبتي، واللّيلة نوبتك، فاصبِر كما صَبَرْت. فلمّا كان عشيّة شكا
ألَمًا تحت جنْبه الأيمن، وأخذ يتزايد، فبينا أَنَا عنده بين الصّلاتين
وقد سقطت قواه، إذ أخذته سِنَةٌ فانتبه وفرائصُه ترعد، فقال لي: رأيت
النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم والخضِر عليه السّلام، فدخلا إليّ،
وجلسا عندي، ثمّ انصرفا.
(48/248)
فلمّا كان فِي آخر النّهار قال: ما بقي فِي
رجاء، فتهيّأ فِي تجهيزي.
فبكيتُ وبكى [1] الحاضرون، فقال: لا تكن إلّا رجلا. لا تعمل عمل
النّساء.
وأوصاني بأهله وأولاده، ثمّ قمت فِي اللّيلة فِي حاجةٍ، فحدّثني بعضُ
فمن تركتُه عنده من أهله أنّه أفاق مرعوبا فقال: باللَّه تقدّموا إليّ
فإنّي أجد وحشة.
فسُئل: ممّ ذلك؟ فقال: أرى صفّا عن يميني فيهم أَبُو بَكْر وسعد
وصُوَرهُم جميلة، وثيابهم، بيض، وصفّا عن يساري صُوَرهم قبيحة فيهم
أبدانٌ بلا رءوس وهؤلاء يطلبوني، وهؤلاء يطلبوني، وأنا أريد أروح إلى
أهل اليمين.
وكلّما قال لي أهل الشّمال مقالتهم قلت: والله ما أجيء إليكم، خلّوني.
ثمّ أغفى إغفاءة، ثمّ استيقظ فقال: الحمد للَّه خلصت منهم.
قلت: وذكر أَنَّهُ رَأَى النّبيّ صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ قد جاء
وجلس عنده. وقال لابنه شهاب الدّين غازي: تهيّأ فِي تجهيزي ولا تغيّر
هيئتك.
وتُوُفي ليلة الثّامن والعشرين من جُمادى الأولى. وركب السُّلطان إلى
البويضا، وأظهر التّأسّف والحزن عليه، وقال: هذا كبيرنا وشيخنا.
ثمّ حُمِل إلى تُربة والده بسفح قاسيون. وكانت أمّه خوارزميّة عاشت
بعده مدّة.
وكان جوادا ممدّحا. ولم يزل فِي نكد وتعب لأنّه كان ضعيف الرّأي فيما
يتعلّق بالمملكة. وكان مُعْتنيًا بتحصيل الكُتُب النّفيسة، وتفرّقت بعد
موته.
وقد وفد عليه راجح الحلّيّ الشّاعر وامتدحه، فوصل إليه منه ما يزيد على
أربعين ألف درهم، وأعطاه على قصيدةٍ واحدةٍ ألفَ دينار. وأقام عنده
الخسروشاهيّ، فوصله بأموالٍ جمّة.
قال أَبُو شامة [2] : تملّك النّاصر دمشق بعد أَبِيهِ نحوا من سنة، ثمّ
اقتصر له على الكَرَك وأعماله. ثمّ سلب ذلك كلّه كما سلبه الإسكندري بن
فيلبّس، وصار متنقّلا فِي البلاد، موكّلا عليه، وتارة فِي البراري إلى
أن مات موكّلا عليه بالبويضا قبليّ دمشق، وكانت لعمّه مجير الدّين ابن
العادل.
__________
[1] في الأصل: «وبكا» .
[2] في ذيل الروضتين 200.
(48/249)
صُلي عليه عند باب النّصر، ودفن عند
أَبِيهِ بدَيْر مرّان.
قلت: وقد روى عَنْهُ الدّمياطيّ حديثا وقصيدة، وقال: أنا العلّامة
الفاضل الملك النّاصر.
وقال ابن واصل: عمره نحو ثلاثٍ وخمسين سنة، وكان قد استولى عليه الشّيب
استيلاء كثيرا، رحمه الله.
- حرف الراء-
261- رُكْن الدّين ابن الدُّوَيْدار [1] الكبير.
من كبار الدّولة المستعصميّة، واسمه عَبْد الله بن الطّبرسيّ [2] .
كان شابّا مليحا، شجاعا، كريما. استشهد فِي مُلتقى جيش هولاكو فِي
المحرّم.
- حرف الزاي-
262- زُهير بن مُحَمَّد [3] بن عليّ بن يحيى بن الحسن بن جعفر.
__________
[1] انظر عن (ركن الدين ابن الدويدار) في: الحوادث الجامعة 158، ودول
الإسلام 2/ 161، ومآثر الإنافة 2/ 90، 91.
[2] في الأصل: «الطبرس» ، والتصحيح من: الحوادث الجامعة 150، و 158.
[3] انظر عن (زهير بن محمد) في: ذيل الروضتين 201 (وفيات 657 هـ) ،
وذيل مرآة الزمان 1/ 184- 197، والحوادث الجامعة 132 في وفيات سنة 651
هـ، والمختصر في أخبار البشر 3/ 197، ووفيات الأعيان 2/ 332- 338، رقم
247، ونهاية الأرب 29/ 29/ 466، والتذكرة الفخرية للإربلي 16، 75، 203،
205، 208، 210، 337، 362، والوافي بالوفيات 14/ 231- 243 رقم 320، وسير
أعلام النبلاء 13/ 355، 356 رقم 255، والعبر 5/ 230، ودول الإسلام 2/
160، وتذكرة الحفاظ 4/ 1438، والمختار من تاريخ ابن الجزري 251- 253،
والإشارة إلى وفيات الأعيان 354، والإعلام بوفيات الأعلام 274، وتاريخ
ابن الوردي 2/ 199، 200، ومرآة الجنان 4/ 138، وإنسان العيون، ورقة
373، ودرّة الأسلاك 1/ ورقة 18، 19 والبداية والنهاية 13/ 211، 212،
وعيون التواريخ 20/ 179- 188، والعسجد المسبوك 644، والسلوك ج 1 ق 2/
413، وعقد الجمان 11/ 186- 188، والنجوم الزاهرة 7/ 62، 63، وحسن
المحاضرة 1/ 567 رقم 30، وتاريخ ابن سباط 1/ 378، والكنى والألقاب 2/
98، وشذرات الذهب 5/ 276، 277، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 300، 301، ودرة
الأسلاك 1/ ورقة 18، وعقد الجمان (1) 186- 188، والدليل الشافي 1/ 309،
والمنهل الصافي 5/ 369- 377 رقم 1057، والدارس
(48/250)
الأديب البارع، الصّاحب، بهاء الدّين،
أَبُو الفضل، وأبو العلاء الأَزْدِيّ، المهلّبيّ، الْمَكِّيّ، ثمّ
القوصيّ، الْمَصْرِيّ، الشّاعر، الكاتب.
وُلِد سنة إحدى وثمانين وخمسمائة بمكّة.
وسمع من: عليّ بن أَبِي الكرم البنّاء، وغيره.
وله ديوان مشهور. تقدّم عند الملك الصّالح نجم الدّين وكتب له الإنشاء.
ذكره قُطْبُ الدّين [1] فقال: وُلِد بوادي نخلة بالقُرب من مكّة،
ورُبّي بالصّعيد، وأحكم الأدب. وكان كريما فاضلا، حَسَن الأخلاق، جميل
الأوصاف. خدم الصّالح، وسافر معه إلى الشّرق، فلمّا مَلَك الصّالح
ديارَ مصر بلّغه أرفع المراتب، ونفّذه رسولا إلى الملك النّاصر صاحب
حلب يطلب منه أن يسلّم إليه عمّه الصّالح إِسْمَاعِيل، فقال: كيف
أسيّره إليه وقد استجار بي وهو خال أَبِي ليقتله؟.
فرجع البهاء زُهير بذلك، فعظُم على الصّالح نجم الدّين، وسكت على حنق.
ولمّا كان مريضا على المنصورة تغيّر على البهاء زُهير وأبعده، لأنّه
كان كثير التّخيّل والغضب والمعاقبة على الوهْم، ولا يقبل عثرة،
والسّيّئة عنده لا تغفَر.
واتّصل البهاءُ بعده بخدمة النّاصر بالشّام، وله فِيه مدائح، ثمّ رجع
إلى القاهرة ولزِم بيته يبيع كُتُبه وموجودة.
ثمّ انكشف حاله بالكلّيّة، ومرض أيّام الوباء ومات. وكان ذا مروءة
وعصبيّة ومَكارم.
قلت: روى عَنْهُ: الشّهاب القُوصي عدّة قصائد، والدّمياطيّ، وغيرهما.
وقد استعمل المعاني بشِعْره. وهذه الأبيات له:
أغصْنَ النّقا لولا القوامُ المهفهف ... لما كان يهواك المعنّى المعنّف
__________
[ () ] 2/ 133، وهدية العارفين 1/ 375، وديوان الإسلام 1/ 223 رقم 340،
والأعلام 3/ 52، ومعجم المؤلفين 4/ 187.
[1] في ذيل الروضتين 201.
(48/251)
ويا ظبي لولا أنّه فيك محاسِنًا ...
[حَكَيْن] [1] الَّذِي أهوى لما كنتَ تُوصَفُ [2]
وله:
يا من لعبت به شمول ... ما أحسن هذه الشّمائل [3]
وهي أبيات سائرة.
ومن شعره:
كيفَ خَلاصي من هَوّى ... مازَجَ روحي فاختَلَطْ
وتائه أقبض فِي ... حُبّي له وما انبَسَطْ
يا بدرُ إنْ رُمْتَ به ... تشبّها رُمْت الشطط [4]
ودَعْهُ يا غصنَ النَّقا ... ما أنتَ من ذاك النَّمَطْ
للَّه أيّ قلم ... ذاك الصّدغ خَطْ
ويا لهُ من عَجَبٍ ... فِي خدّه كيف نَقَطْ
يمرُّ بي مُلتفِتًا ... فهل رأيت الظّبي قطّ
ما فيه من عيب سوى ... فُتُور عينيه فقَطْ
يا قَمَرَ السّعد الَّذِي ... نجمي لديه [5] قد هَبَطْ
يا مانعي [6] حلو الرَّضا [7] ... وما نحي [8] مُرَّ السّخط
حاشاك أنْ ترضى بأن ... أموت في الحبّ غلط [9]
__________
[1] في الأصل بياض، والمستدرك من المصادر.
[2] البيتان مع زيادة في: ذيل مرآة الزمان 1/ 192، والمنهل الصافي 5/
372، والوافي بالوفيات، والنجوم الزاهرة، والديوان.
[3] في ذيل مرآة الزمان 1/ 195.
[4] في الأصل: «رمت شطط» ، والتصحيح من: الديوان 190، وذيل مرآة الزمان
1/ 191، والوافي بالوفيات 14/ 243.
[5] في الأصل: «لديه نجمي لديه» .
[6] في الوافي: «يا مانعا» .
[7] في الأصل: «الرضاب» .
[8] في الوافي: «وباذلا مرّ» .
[9] ديوان البهاء بن زهير 190، ذيل مرآة الزمان 1/ 191، 192، وفيات
الأعيان 2/ 335، الوافي بالوفيات 14/ 243.
(48/252)
ومن شعره:
رُوَيْدك قد أفنيتَ يا بَيْنُ أدمعي ... وحَسْبُك قد أحرقتَ يا شوقُ
[1] أضْلُعي
إلى كم أقاسي فرقة بعد فرقةٍ [2] ... وحتّى متى يا بين أنت مَعِي مَعِي
لقد ظلمتني واستطالت يدُ النّوى ... وقد طمعت فِي جانبي كلّ مطمع
ويا راحلا لم أدرٍ كيف رحيلُهُ ... لما راعني من خطْبه المتسرعِ
يُلاطفُني بالقولِ عند وداعهِ ... ليذهب عنّي لوعتي وتفجّعني
ولمّا قضى [3] التوديعُ فينا قضاءهُ ... رجعتُ ولكنْ لا تَسَلْ كيف
مرجعي
جزى الله ذاك الوجه خير جزائه [4] ... وحيّته عنّي الشّمس فِيهِ كلّ
مَطْلع
لحي الله قلبي هكذا هُوَ لم يزلْ ... يحنُّ ويَصْبُو ولا يفيق ولا يعي
[5]
وله:
قل التفات فلا تركن إلى أحدٍ ... فأسعد النّاس من لا يعرف النّاسا
لم ألقَ لي صاحبا فِي الله صِحبْتُهُ ... وقد رأيت وقد جرّبت أجناسا
وله:
تعالَوا بنا نطْوي الحديثَ الَّذِي جرى ... فلا سمع الواشي بذاك ولا
دَرَى
ولا تذكروا الذَّنْب الَّذِي كان فِي الهوى [6] ... على أنّه ما كان
ذنبا [7] فيُذْكرا
لقد طال شرحُ القالِ والقيلِ بيننا ... وما طال ذلك الشّرح إلّا ليقصرا
من اليوم تاريخ المودّة بيننا ... عفا الله عن ذاك العتاب الَّذِي جرى
فكم ليلة بتْنا وكم بات بيننا ... من الأنس ما يُنسى بهِ طيبُ الكَرَى
أحاديث أحلى فِي النّفوس من المُنَى ... وألطف من مرّ النّسيم إذا سرى
[8]
__________
[1] في الوافي 14/ 233 «يا وجد» .
[2] في الوافي: «لوعة بعد لوعة» .
[3] في الأصل: «قضا» .
[4] في الوافي: «رعى الله ذاك الوجه حيث توجّهوا» ، ومثله في المنهل
الصافي 5/ 74.
[5] الأبيات بزيادة ونقص في الوافي 14/ 233، والمنهل 5/ 274، وهي في
الديوان 103.
[6] في الوافي بالوفيات 14/ 232، «الّذي كان بيننا» ، وكذا في الديوان.
[7] في الديوان، والوافي: «ما كان ذنب» .
[8] الديوان 66.
(48/253)
وقال البهاء زهير: ذهبت فِي الرّسليّة عن
الصّالح إلى الموصل، فجاء إليّ شرف الدّين أَحْمَد بن الحُلاوي ومدحني
بقصيدةٍ، وأجاد فيها منها:
تُجيزُها وتجيز لمادحيك [1] بها ... فقُلْ لنا: أزُهَير أنتَ أمْ
هَرِمُ [2]
عنى زُهير بن أَبِي سلمى وممدوحه هَرِم بن سِنان المزنيّ تُوُفي البهاء
زهير- رحمه الله- فِي خامس ذي القعدة بالقاهرة. وكان أسودَ صافيا [3] .
- حرف السين-
263- سعد [4] ، ويقال مُحَمَّد، بن عَبْد الوهّاب بن عَبْد الكافي بن
شَرَف الإِسْلَام عَبْد الوَهَّاب ابن الشَيخ أَبِي الفَرَج عَبْد
الواحد ابن الحنبليّ.
أَبُو المعالي الأَنْصَارِيّ، الشّيرازيّ الأصل، الدّمشقيّ، الحنبليّ،
الواعظ، الأطروش.
وُلِد فِي صَفَر سنة ثمان وسبعين وخمسمائة بدمشق.
وسمع من: يحيى الثّقفيّ.
__________
[1] في وفيات الأعيان: «المادحين» وكذا في الوافي بالوفيات 14/ 242.
[2] وفيات الأعيان 2/ 337، الوافي بالوفيات 14/ 242.
ومن شعره:
ومدام من رضاب ... بحباب من ثنايا
كان ما كان ومنه ... بعد في النفس بقايا
(بدائع الزهور ج 1 ق 1/ 300، 301) .
[3] وقال ابن خلّكان: كنت مقيما بالقاهرة حين قدم زهير لخدمة الملك
الصالح ملك الديار المصرية، وأودّ لو اجتمعت به لما كنت أسمعه عنه،
فلما وصل اجتمعت به ورأيته فوق ما سمعت عنه من مكارم الأخلاق وكثرة
الرياضة ودماثة السجايا، وكان متمكّنا من صاحبه كبير القدر عنده، لا
يطلع على سرّه الخفيّ غيره، ومع هذا كله فإنه كان لا يتوسّط عنده إلا
بالخير، ونفع خلقا كثيرا بحسن وساطته وجميل سفارته. وأنشدني كثيرا من
شعره. (وفيات الأعيان 2/ 332، 333) .
[4] انظر عن (سعد) في: صلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني 2/ 130، وصلة
الصلة لابن الزبير 5/ 11، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة لابن
عبد الملك المراكشي 8/ 322، والمنهج لأحمد 388، وذيل طبقات الحنابلة 2/
267، ومختصره 76، والدرّ المنضّد 1/ 401، 402 رقم 1092.
(48/254)
وأجاز له أَبُو الْعَبَّاس التّرك، والحافظ
أَبُو مُوسَى المدينيّ، وجماعة.
وخرّج له: جمال الدّين ابن الصّابونيّ جزءا عنهم.
روى عَنْهُ القدماء، ولا أعلم أحدا روى لي عَنْهُ. وكان عالي الإسناد،
لكنّه يُعْرِب. وتوفّي ببلبس فِي ثاني عشر ذي الحجّة، ويكنّى أيضا
أَبَا اليمن [1] .
264- سُلَيْمَان بن عَبْد المجيد [2] بن أَبِي الْحَسَن بن أَبِي غالب
عَبْد الله بن الحسن بن عبد الرحمن.
الأديب البارع، عونُ الدّين ابن العجميّ، الحلبيّ، الكاتب.
ولد سنة ستّ وستّمائة.
وسمع من: الإفتخار الهاشميّ، وجماعة.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وفتحُ الدّين ابن القيسرانيّ، ومجد الدّين
العقيليّ الحاكم.
__________
[1] وقال ابن عبد الملك المراكشي: لقيته كثيرا وسمعت وعظه، وكان لا
يكاد يفقه ما يقول لإفراط عجمة كانت في لسانه، لا يفهمه إلا من ألفه،
وكان أصمّ لا يكاد يسمع شيئا، فقيها حنبلي المذهب، أية من آيات الله في
كثرة الحفظ وحضور الذكر وحشد الأقوال فيما يجري بمجلسه الوعظي أو يحاضر
به في غيره، سريع الإنشاء، ناظما، نائرا، مع الإحسان في الطريقتين.
جيّد الخط والكتب على كبرته.
ورد مراكش سنة اثنتين وخمسين وستمائة، وكان وقتئذ ابن ثمانين عاما ولم
يكن في رأسه ولحيته من الشيب إلا شعرات تدرك بالعدّ، وأخبرني أنه عرض-
وهو ابن عشرين عاما- على أبي الفرج ابن الجوزي كتابه «المنتخب» عن ظهر
قلب ببغداد. وفصل عن مراكش ذلك العام عائدا إلى المشرق، واجتاز بسبتة،
وكان قد دخلها أول ذلك العام، وأجاز منها البحر إلى الأندلس مطوّفا على
البلاد، يعقد فيها مجالس الوعظ» . (الذيل والتكملة) .
وقال ابن الزبير: نبيل المنزع في وعظه، وذكر له كتابا في الوعظ سمّاه
«مصباح الواعظ» ذكر فيه من وعظ من الصدر الأول، وما ينبغي للواعظ
ويلزمه إلى ما يلائم هذا، مختصرا جدّا.
وقفت على السّفير بجملته باستعارته منه. (صلة الصلة) .
[2] انظر عن (سليمان بن عبد المجيد) في: ذيل الروضتين 199، وذيل مرآة
الزمان 1/ 240- 243، والمختار من تاريخ ابن الجزري 249، وعيون التواريخ
20/ 176، 177، والسلوك ج ق 2/ 413، والوافي بالوفيات 15/ 399 رقم 549،
وفوات الوفيات 2/ 66 رقم 175، والدليل الشافي 1/ 318 رقم 1086، والمنهل
الصافي 6/ 36، 37 رقم 1089، وإعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء 4/ 415
رقم 229.
(48/255)
وكان كاتبا مترسّلا، وشاعرا محسِنًا، ولي
الأوقاف بحلب، ثمّ تقدّم عند الملك النّاصر، وحظي عنده، وصار من
خواصّه. وولّي بدمشق نَظَر الجيش.
وكان مستأهلا للوزارة، كامل الرئاسة، لطيف الشّمائل.
ومن شِعره:
يا سائقا يقطعُ البَيْداء معتسفا ... بضامرٍ [1] لم يكن فِي السّير
بالواني [2]
إنْ جُزْتَ بالشّام شِمْ تلك البُرُوق ولا ... تعدلْ، بلغتَ المُنَى،
عن ديرِ مُرّانٍ [3]
واقصد عوالي قَصور فِيهِ تلْق بها [4] ... ما تشتهي النَّفْسُ من حُورٍ
ووِلْدانِ
من كلّ بيضاءَ هَيْفَاءَ القوام إذا ... ماسَتْ فوا خَجلة الخطى البانِ
[5]
وكلّ أسمرٍ قد دان الجمالُ لَهُ ... وكمّلَ الحُسْنُ فِيهِ فَرْطَ
إحسانِ
ورُبَّ صُدْغ بدا فِي الخدّ [6] مُرسله ... فِي فترة فَتَنَتْ من سحر
[7] أجفان
يا ليت وجنته وردي وريقته [8] ... وَردي ومِن صُدغه آسي وريحاني [9]
مات فِي نصف ربيع الأول بدمشق، وشيّعه السُّلطان والأعيان.
وكان فِيهِ سوء سيرة.
265- سيفُ الدّين ابن صَبْرة [10] .
والي دمشق. مات في جمادى الأولى [11] .
__________
[1] في ذيل المرآة: «بظامر» .
[2] في ذيل المرآة، وعيون التواريخ: «في سيرة واني» .
[3] دير مرّان: بالقرب من دمشق على تلّ مشرف على مزارع الزعفران. (معجم
البلدان) .
[4] في ذيل المرآة: «واقصد علالي قلاليه تلاق بها» . وفي عيون
التواريخ: «واقصد أعالي قلاليه فإنّ بها» .
[5] في ذيل المرآة: «فواخجلة المرّان والبان» ، وفي عيون التواريخ:
«فواخجل المرّان والبان» .
[6] في عيون التواريخ: «في خد» .
[7] في ذيل المرآة: «من حسن» ، والمثبت يتفق مع عيون التواريخ.
[8] في ذيل المرآة، وعيون التواريخ: «فليت ريقته وردي ووجنته» .
[9] في الأصل: «وريحان» .
والأبيات مع زيادة في ذيل المرآة 1/ 241، 242، وعيون التواريخ 20/ 176،
177.
[10] انظر عن (سيف الدين ابن صبرة) في: ذيل الروضتين 200، وعقد الجمان
(1) 195.
[11] وقال أبو شامة: إنه حين مات جاءته حيّة فنهشت أفخاذه ويقال: إنها
التفّت في أكفانه وأعيى
(48/256)
- حرف العين-
266- عَبَّاس بن أَبِي سالم [1] بن عَبْد الملك.
الفقيه، أَبُو الفضل الدّمشقيّ الحنفيّ.
سمع من: حنبل، والإفتخار الهاشميّ.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وغيره.
ومات فِي جمادى الأولى بدمشق.
ويروي عَنْهُ: علاء الدّين عليّ بن الشّاطبيّ، ورفيقه عليّ العزّيّ عاش
ثمانين سنة [2] .
267- عَبْد الله بن الرِّضَى [3] عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن
عَبْد الجبّار.
أَبُو مُحَمَّد المقدسيّ، الحنبليّ، والد شيخنا، وزينب.
روى عن: دَاوُد بن ملاعب، وغيره.
ومات كهلا فِي ربيع الأوّل.
268- عَبْد الله ابن قاضي القُضاة زين الدّين عليَّ بْن يوسُف بْن
عَبْد اللَّه بْن بندار.
كمال الدّين، أَبُو بَكْر الدّمشقيّ، ثمّ الْمَصْرِيّ، الشّافعيّ.
وُلِد سنة سبْعٍ وتسعين بالقاهرة.
وروى شيئا يسيرا.
وهو أخو المعين أَحْمَد، والشّرف يوسف.
تُوُفي فِي ثالث عشر شوّال.
__________
[ () ] الناس دفعها. قال: وقيل لي: إنه كان نصيريّا رافضيّا خبيثا،
مدمن خمر. قبّحه الله.
[1] انظر عن (عباس بن أبي سالم) في: ذيل الروضتين 200، والدليل الشافي
1/ 380 رقم 1301، والمنهل الصافي 7/ 55، 56 رقم 1304 وفيه: «العباس بن
سالم» .
[2] ومولده سنة 578، سمع الحديث وحدّث، وقرأ واشتغل، وتفقّه على مشايخ
عصره،..
ورحل وكتب وحصّل، وكان من أعيان فقهاء الحنفية، ديّنا، ورعا، متعبّدا،
ملازما لطلب العلم.
[3] انظر عن (عبد الله بن الرضى) في: صلة التكملة لوفيات النقلة
للحسيني 2/ ورقة 119.
(48/257)
269- عَبْد الله المستعصم باللَّه [1] .
أَبُو أَحْمَد، أمير المؤمنين، الشّهيد، ابن المستنصر باللَّه أَبِي
جَعْفَر منصور بن الظّاهر بأمر الله أَبِي نصر مُحَمَّد بن النّاصر
لدين الله أَحْمَد الهاشميّ العبّاسيّ، البغداديّ، رحمه الله تعالى.
آخر الخلفاء العراقيين. وكان ملكهم من سنة اثنتين وثلاثين ومائة إلى
هذا الوقت.
وُلِد أبو أحمد سنة تسع وستّمائة، وبويع بالخلافة فِي العشرين مِنْ
جمادى الأولى سنة أربعين، والأصحّ أَنَّهُ بويع بعد موت والده في عاش
شهر جمادى الآخرة.
وكان مليح الخطّ، قرأ القرآن عَلَى الشَّيْخ عليّ ابن النّيّار
الشّافعيّ،
__________
[1] انظر عن (عبد الله المستعصم باللَّه) في: مذكرات جوانفيل 255،
وتاريخ الزمان 307- 309، وتاريخ مختصر الدول 269- 272، وأخبار
الأيوبيين 166، 167، والمختصر في أخبار البشر 3/ 193، 194، وجامع
التواريخ ج 2 ق 2/ 292- 294، والحوادث الجامعة 157، وذيل مرآة الزمان
1/ 85- 89، ومختصر التاريخ لابن الكازروني 273، ونزهة المالك والمملوك
(مخطوط) ورقة 103، والدرّة الزكية 34- 36، وذيل الروضتين 198، 199،
والفخري 334- 336، ودول الإسلام 2/ 160، والعبر 5/ 225، 226، والمختار
من تاريخ ابن الجزري 244، 245، والإعلام بوفيات الأعلام 274، والإشارة
إلى وفيات الأعيان 354، وسير أعلام النبلاء 23/ 174- 184 رقم 109،
وخلاصة الذهب المسبوك 289- 291، وتاريخ ابن الوردي 2/ 197، ومرآة
الجنان 4/ 138، والدرّة الزكية 36، والبداية والنهاية 13/ 204، وفوات
الوفيات 2/ 230- 235 رقم 237، والعسجد المسبوك 2/ 630، وتاريخ ابن
خلدون 3/ 527، وعيون التواريخ 20/ 129- 135، ودرّة الأسلاك (مخطوط) 1/
ورقة 15، 16، ومآثر الإنافة 2/ 90- 92، ونهاية الأرب 27/ 380- 383،
وتاريخ الخميس 2/ 420، 4211، والعقد الثمين 5/ 290 رقم 1644، والسلوك ج
1 ق 2/ 409، 410، وعقد الجمان (1) 167- 176، والجوهر الثمين 1/ 220-
223، والتحفة الملوكية 41، وتاريخ ابن سباط 1/ 373- 376، وتاريخ
الأزمنة 237، 238، وتحقيق النصرة للمراغي 70، والنجوم الزاهرة 7/ 48-
53، وشذرات الذهب 5/ 270، 271، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 297، و 301،
وتاريخ الخلفاء 471، وأخبار الدول (طبعة بيروت) 2/ 195- 197، ودول
الإسلام الشريفة البهيّة وذكر ما ظهر لي من حكم الله الخفيّة في جلب
طائفة الأتراك إلى الديار المصرية، للمقدسي (من علماء القرن التاسع
الهجريّ) ، مخطوط بدار الكتب المصرية، رقم 1033 تاريخ، ورقة 22، 23،
والدليل الشافي 1/ 392 رقم 1348، والمنهل الصافي 7/ 126- 129 رقم 1351،
والوافي بالوفيات 17/ 641- 643 رقم 539.، ومنتخب الزمان في تاريخ
الخلفاء والأعيان، لابن الحريري (كتبه سنة 926 هـ.) مخطوطة سوهاج بمصر،
رقم 86 تاريخ، ورقة 345، 346.
(48/258)
وعملت دعوة عظيمة وقت ختمه، وخُلِع عَلَى
الشَّيْخ، وأعطي مِن الذّهب العين ستّة آلاف دينار.
ويوم خلافته بلغت الخِلَع ثلاثة عشر ألف خلعة وسبعمائة وخمسين خلعة.
وأجاز له على يد ابن النجّار: المؤيّد الطّوسيّ، وأبو رَوْح الهَرَوي،
وجماعة.
سَمِعَ منه شيخه الَّذِي لقّنه القرآن أبو الحَسَن عليّ بْن النّيّار،
وحدَّث عَنْهُ.
وروى عَنْهُ الإجازة فِي خلافته: محيي الدّين يوسف ابن الْجَوْزِي،
ونجم الدّين عَبْد الله البادرّائيّ.
وروى عَنْهُ بمَرَاغَة: ولدهُ الأميرُ مبارك.
وكان كريما حليما، سُلَيْم الباطن، حَسَن الدّيانة.
قَالَ الشَّيْخ قُطْب الدّين [1] : كَانَ متديّنا متمسكا بالسّنّة
كأبيه وجدّه، ولكنّه لم يكن عَلَى ما كَانَ عليه أبوه وجدّه النّاصر
مِن التّيقّظ والحَزْم وعلوّ الهمّة.
فإنّ المستنصر باللَّه كَانَ ذا هِمةٍ عالية، وشجاعةٍ وافرة، ونفسٍ
أبيّة، وعنده إقدام عظيم. استخدم مِن الجيوش ما يزيد عَلَى مائة ألف.
وكان لَهُ أخ يُعرف بالخَفَاجي يزيد عَلَيْهِ فِي الشّهامة والشّجاعة،
وكان يَقُولُ: إنْ ملّكني الله لأعبُرَنَّ بالجيوش نهر جَيْحُون وانتزع
البلاد مِن التّتار واستأصلهم.
فلما تُوُفي المستنصر لم يرَ الدويْدار والشّرابيّ والكبار تقليدَ
الخَفَاجي الأمر، وخافوا منه، وآثروا المستعصم لما يعلمون من لينه
وانقياده وضعف رأيه، ليكون الأمر إليهم. فأقاموا المستعصم، ثُمَّ
رَكِنَ إلى وزيره ابن العلقميّ، فأهلك الحرُث والنّسل، وحسّن لَهُ جمْع
الأموال، والاقتصار عَلَى بعض العساكر، وقطع الأكثر. فوافقه عَلَى
ذَلِكَ. وكان فيه شحُّ، وقلّة معرفة، وعدم تدبير، وحبُّ للمال، وإهمال
للأمور. وكان يتّكل عَلَى غيره، ويُقدم عَلَى ما لَا يليق وعلى ما
يُستقبحُ. ولو لم يكن إلّا ما فعله مَعَ النّاصر دَاوُد فِي أمر
الوديعة.
__________
[1] في ذيل مرآة الزمان 1/ 85.
(48/259)
قلت: وكان يلعب بالحَمَام، ويُهمل أمر
الإسلام، وابنُ العَلْقَمي يلعب بِهِ كيف أراد، ولا يُطْلِعه عَلَى
الأخبار. وإذا جاءته نصيحةٌ فِي السّرّ أطلع عليها ابن العَلْقَمِي
ليقضي الله أمرا كان مفعولا.
فحكى جمال الدّين سليمان بْن عَبْد الله بْن رطلين قَالَ: جاء هولاوو
[1] فِي نحو مائتي ألف نفْس، ثُمَّ طلب الخليفة، فطلع ومعه القضاة
والمدرّسون والأعيان في نحو سبعمائة نفس، فلمّا وصلوا إلى الحربيّة جاء
الأمر بحضور الخليفة ومعه سبعة عشر نفسا، فاتّفق أنّ أَبِي كَانَ
أحدهم، فحدّثني أنّهم ساقوا مَعَ الخليفة، وأنزلوا مِنْ بقي عَنْ
خيلهم، وضربوا رقابهم. ووقع السّيف فِي بغداد، فعمل القتْلُ أربعين
يوما. وأنزلوا الخليفة فِي خيمةٍ صغيرة، والسّبعة عشر فِي خيمة.
قَالَ أبي: فكان الخليفة يجيء إلى عندنا كلّ ليلةٍ ويقول: ادعوا لي.
وقال: فاتّفق أَنَّهُ نزل على خيمته طائر، فطلبه هولاوو وقال: أيش عملُ
هذا الطّائر؟ وأيش قَالَ لك؟.
ثُمَّ جرت لَهُ محاورات معه ومع ابن الخليفة أبي بَكْر. ثُمَّ أمر بهما
فأُخرِجا، ورفسوهما حتّى ماتا، وأطلقوا السّبعة عشر، وأعطوهم نشّابة،
فقُتِل منهم رجلان وطلب الباقون بيوتهم فوجدوها بلاقع. فأتوا المدرسة
المُغِيثية، وقد كنتُ ظهرتُ فبقيتُ أسأل عَنْ أَبِي، فدُللت عَلَيْهِ،
فأتيتُه وهو ورفاقه، فسلّمت عليهم، فلم يعرفني أحدٌ منهم، وقالوا: ما
تريد؟ قلت: أريد فخْرَ الدّين ابن رطلين. وقد عرفتُه، فالتفت إليّ
وقال: ما تريد منه؟ قلت: أَنَا ولده. فنظر إليّ وتحقّقني، فلمّا
عَرَفني بكى، وكان معي قليل سِمْسِم فتركته بينهم. وأقمنا هناك إلى
صَفَر، إلى أن رُفع السّيف، فأتينا دارَ فخر الدّين أحمد ابن
الدّامَغَانيّ صاحب الدّيوان، وقد أراد ابن العَلْقمي أن يضرّه، فقال
لهولاكو: هذا يعرف أموال الخليفة وذخائره وأمواله، وهذا كَانَ
يتولّاها.
فقال: إذا كَانَ الخليفة اختاره لنفسه فأنا أَوْلَى أن أولّيه. وكتب
لَهُ الفَرَمان، وقال للوزير: لا تفعل شيئا إلّا بموافقته.
__________
[1] يرد هكذا، ويرد: هولاكو.
(48/260)
ثُمَّ إنّ ابن العَلْقَمِيّ عمل عَلَى أن
لَا يخطب بالجوامع، ولا يصلّي الجماعة، وأن يبني مدرسة عَلَى مذهب
الشّيعة ولم يحصل أملُه، وفُتحت الجوامع، وأقيمت الجماعات.
وحدّثني أَبِي فخر الدّين قَالَ: كَانَ قد مشى حال الخليفة بأن يكون
للتّتار نصف دخل البلاد، وَمَا بقي شيء أن يتمّ ذَلِكَ، وإنّما الوزير
ابن العَلْقَمِيّ قَالَ:
ما هذا مصلحة، والمصلحة قتله، وإلّا ما يتمّ ملك العراق.
قلت: تُوُفّي الخليفة فِي أواخر المحرَّم أوْ فِي صَفَر، وَمَا أظنّه
دفن، فإنّا للَّه وإنّا إِليْهِ راجعون. وكان الأمر أعظم مِنْ أن يوجد
مؤرّخٌ لموته، أوْ مُوارٍ لجسده. وراح تحت السّيف أممٌ لَا يحصيهم إلّا
الله، فيقال إنّهم أكثر مِنْ ألف ألف، واستَغْنَتِ التّتار إلى الأبد،
وسبوا مِن النّساء والولدان ما ضاق بِهِ الفضاء. وقد بيّنّا ذَلِكَ فِي
الحوادث.
وقتلوا الخليفة خَنْقًا، وقيل: غمّوه فِي بساطٍ حتّى مات. والأشهر
أَنَّهُ رُفِس حتّى خرجتْ روحه.
وحكى جمال الدّين ابن رطِلين، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: أخذوا
الخليفة ليقتلوه، وكان معه خادم يقال لَهُ قُرُنْفُل، فألقى عَلَيْهِ
نفسه يَقِيه مِن القتل، فقتلوا الخادم، وعادوا إلى رفْس الخليفة حتّى
مات. وكانوا يسمّونه: الأَبْلَه.
وحدّثني شيخنا ابن الدّباهيّ قَالَ: لمّا بقي بين التّتار وبين بغداد
يومان [1] أعلِم الخليفة حينئذٍ فقال: عَدْلان يروحان يُبْصران إنْ
كَانَ هذا الخبر صحيح.
ثُمَّ طلب والدي، فحضر إلى بين يديه وطلب منه الرأيَ: وقال: كيف نعمل؟
فصاح والدي وقال: فات الأمر كنتم صبرتم زاده.
وفي «تاريخ» الظّهير الكازرونيّ [2] أنّ المستعصم دخل بغداد بعد أن خرج
إلى هولاكو، فأخرج لهم الأموال، ثُمَّ خرج فِي رابع عشر صفر. قيل: جعل
في غرارة ورُفِس إلى أن مات. ثُمَّ دفن وعُفِي أَثرُه. وقد بلغ ستّا
وأربعين سنة وأربعة أشهر.
__________
[1] في الأصل: «يومين» .
[2] مختصر التاريخ 273، 274.
(48/261)
وقُتِل ابناه أحمد وعبد الرَّحْمَن، وبقي
ابنه الصّغير مبارك [1] ، وأخَواته فاطمة [2] ، وخديجة [3] ، ومريم [4]
فِي أسر التّتار.
ورأيت فِي «تاريخ ابن الكازرونيّ» أنّ الخليفة بقي أربعة أيّام عند
التّتار [5] ، ثُمَّ دخل بغداد ومعه أمراء مِن المُغْل والنّصير
الطّوسيّ، فأخرج إليهم مِن الأموال والجواهر والزّركش والثّياب
والذّخائر جملة عظيمة، ورجع ليومه، وقُتِل فِي غِرارة، وقُتِل ابنُهُ
أحمد وعُمُرُه خمسٌ وعشرون سنة [6] ، وعُمر أخيه عَبْد الرَّحْمَن ثلاث
وعشرون [7] ولكلّ منهما أولاد أسِروا، وقُتِل عددٌ مِنْ أعمام الخليفة
وأقاربه [8] .
270- عَبْد الباري بْن عَبْد الرَّحْمَن [9] .
أبُو محمد الصعِيدي المقرئ، المجوّد.
قرأ بالرّوايات عَلَى: أبي القاسم بْن عيسى، وغيره.
وصنّف فِي القراءات، وتصدّر بالمدرسة الحافظيَّة بالإسكندرية، وأخذ
عَنْهُ الطلبة.
__________
[1] يلقّب: أبو المناقب، مولده سنة 640 هـ. ولم يقتل، بل أسره المغول
وبقي تحت حكمهم إلّا أنه كان محترما عندهم، وتزوّج وأولد، ثم توفي ببلد
مراغة سنة 677 هـ. (مختصر التاريخ 274) .
[2] توفيت ببلاد العجم في أسر المغول ولم يتعرّض لها بسوء. (مختصر
التاريخ 276) .
[3] أسرت وحملت إلى بلاد العجم، ثمّ تزوّجت بالإمام أبي المحامد يحيى
بن إبراهيم بن محمد بن أبي بكر المنيعي الخالديّ، وعاد بها إلى بغداد
في سنة 672 إلى أن توفيت سنة 676 هـ. (مختصر التاريخ 276، 277) .
[4] كانت باقية في أسر المغول محترمة مكرّمة حتى أول سنة 681 هـ. كما
ورّخ ابن الكازروني في تاريخه 277.
[5] الموجود في المطبوع من مختصر التاريخ 272، 273 أن الخليفة أخرج إلى
التتار يوم الأحد ثالث صفر بعد أن وثقوه بالأيمان، وفي ثامن صفر وقع
السيف ببغداد. فلما كان رابع عشر صفر جعل في غرارة ورفس إلى أن مات.
[6] ومولده سنة 631 هـ.
[7] ومولده سنة 633 هـ.
[8] انظر مختصر التاريخ 274، والحوادث الجامعة 157.
[9] انظر عن (عبد الباري بن عبد الرحمن) في: غاية النهاية 1/ 356 رقم
1526، والوافي بالوفيات 18/ 11 رقم 9، وكشف الظنون 1773، ومعجم
المؤلّفين 5/ 67.
(48/262)
وكان مُقرئًا، صالحا.
تُوُفّي فِي خامس ذي الحجّة.
وقد روى لنا عَنْهُ ولده أبُو بَكْر عَنْ سبط السلَفيّ.
271- عَبْد الحقّ بْن مكّيّ [1] بْن صالح بْن عليّ بْن سلطان.
المحدّث علم الدّين، أبو محمد الْقُرَشِيّ، الْمَصْرِيّ، الشّافعيّ،
المعروف بابن الرّصّاص. وُلِد سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة.
وسمع الكثير من: أبي عبد الله محمد بن البنّاء الصُّوفيّ، وعبد
الرَّحْمَن بْن عَبْد الله، وابن المفضّل الحافظ، وعبد الله العثمانيّ،
ومن بعدهم.
وكتب بخطّه. وعني بالحديث وحصّل الأصول، وحدَّث باليسير.
272- عَبْد الرَّحْمَن بْن رَزِين [2] بْن عَبْد الله بْن نصر.
الإمام سيفُ الدّين، أبو الفرج الغسّانيّ، الحورانيّ الحَنْبليّ، نزيل
بغداد.
أخذ المُذْهب عَنْ: محيي ابن الجوزيّ. واختصر «الهداية» لأبي الخطّاب
وحرّره. قتل في كائنة بغداد في صفر.
273- عبد الرحمن بن عبد المنعم [3] بم نغمة بن سلطان بن سرور بن رافع.
الفقيه، الإمام، جمال الدّين، أبو الفرج النّابلسيّ الحنبليّ. والد
شيخنا شهاب الدّين العابر، وفخر الدّين عليّ.
ولد سنة أربع وتسعين وخمسمائة. وسمع بالقدس مِنْ: أبي عَبْد الله محمد
بن البنّاء، وبنابلس مِن البهاء. وبدمشق مِنْ: الكِنْديّ، والموفّق.
__________
[1] انظر عن (عبد الحق بن مكي) في: الوافي بالوفيات 18/ 60 رقم 56.
[2] انظر عن (عبد الرحمن بن رزين) في: المنهج الأحمد 387، وذيل طبقات
الحنابلة 2/ 246، ومختصره 76، والمقصد الأرشد، رقم 574، والدرّ المنضّد
1/ 399 رقم 186، وكشف الظنون 1989، ومعجم المؤلّفين 5/ 138.
[3] انظر عن (عبد الرحمن بن عبد المنعم) في: عقود الجمان في شعراء أهل
الزمان لابن الشعار 3/ 214، والمنهج الأحمد 388، وذيل طبقات الحنابلة
2/ 266، ومختصره 76، والمقصد الأرشد، رقم 587، والدرّ المنضّد 1/ 400
رقم 1090، والوافي بالوفيات 18/ 178 رقم 224، وشذرات الذهب 5/ 278.
(48/263)
وحضر ابن طَبَرْزَد.
روى لنا عَنْهُ: أحمد بْن ياقوت الكِنْديّ.
وكان فقيها ديّنا، لَهُ شِعر حَسَن.
وتُوُفّي فِي ذي القِعْدة.
274- عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي بَكْر بْن محمد بْن إبراهيم بْن إسماعيل
بْن منصور.
الشَّيْخ زين الدّين، أبو الفرج السّعديّ، المقدسيّ، النّابلسيّ،
الحَنْبليّ.
وُلِد سنة ثمانٍ وتسعين ظنّا. وحدَّث عَنْهُ: ابن طَبَرْزَد، وأبي
اليُمْن الكِنْديّ.
روى عَنْهُ: ابن الخبّاز، والدّمياطيّ، وجماعة.
ومات فِي ثالث جمادى الأولى.
سمعنا مِنْ بناته.
275- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُهَنا بْن سُلَيْم بْن مخلوف.
أبو القاسم القرشيّ، الإسكندرانيّ، المالكيّ، المؤدّب.
سَمِعَ: عَبْد الرَّحْمَن بْن موقا، وأبا الفتوح البكريّ. وسليم بفتح
أوّله.
تُوُفّي فِي ذي القِعْدة.
276- عَبْد الرَّحْمَن الصّاحب [1] محيي الدّين يوسف بْن الإمام أبي
الفَرَج عَبْد الرَّحْمَن بْن عليّ.
الصدْرُ، جمال الدّين، أبُو الفرج ابن الجوزيّ، محتسب بغداد.
ولد سنة ستّ وستمائة، وسمع مِنْ عَبْد العزيز بْن منينا. وترسّل عن
الخليفة إلى مصر. ووعظ وحدّث.
__________
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن الصاحب) في: الحوادث الجامعة 228، وعقود
الجمان في شعراء هذا الزمان لابن الشعار 3/ ورقة 212، ومرآة الجنان 4/
147، والوافي بالوفيات 18/ 310 رقم 361، وشذرات الذهب 5/ 287، والدرّ
المنضّد 1/ 397 رقم 1082، والبداية والنهاية 13/ 203 دون ترجمة، وتلخيص
مجمع الآداب ج 4 ق 4/ 800.
(48/264)
قتل مَعَ والده فِي صَفَر. وكان مِنْ
كُبِراء بغداد وأعيانها [1] .
277- عَبْد الرحيم بْن الخَضِر بْن المُسَلم.
أبو محمد الدّمشقيّ العطّار.
حدَّث عَنْ: حنبل المكبّر.
وتُوُفّي فِي جمادى الأولى.
كتب عَنْهُ: الجمال بْن الصّابونيّ، والقُدَماء.
278- عَبْد الرّحيم بن نصر [2] بن يوسف.
الإمام، الزّاهد، المحدّث، صدُر الدّين أبو محمد البَعْلَبَكّيّ
الشّافعيّ، قاضي بَعْلَبَكّ.
قَالَ الشَّيْخ قطب الدّين [3] : كَانَ فقيها عالِمًا، زاهدا، جوادا،
كثير البِرّ، مقتصدا فِي مَلْبسه، ولم يَقْتَن دابّة.
وكان رحمه الله يقوم اللَّيْلَ، ويُكثِر الصّوم، ويحمل العجين إلى
الفُرن ويشتري حاجته، وله حُرْمة وافِرة. وكان يخلع عَلَيْهِ بطيلسان
دون مَن تقدّمه مِنْ قضاة بَعْلَبَكّ. وكان ورِعًا مُتَحَرّيًا، شديد
التّقوى، سريع الدّمعة. لَهُ يد فِي النّظم والنّثر.
__________
[1] وقال ابن الشعار: من البيت المشهور بالعلم والدين والتصنيف في كل
فنّ من الفقه والتفسير والحديث والوعظ والتاريخ وأيام الناس. وأبو
الفرج هذا ربّي في حجر والده، فتأدّب بآدابه.
وتخلّق بأخلاقه، وتحلّى بحليته، واتّصف بصفحته، وحذا حذوه، وسلك طريقته
الواضحة، واقتدى بأفعاله الصالحة، ونابه في الحسبة ثم استقلالا، وخلفه
في التدريس بالمدرسة المستنصرية فقام مقامه وسدّ مسدّه، وكان أذن له في
الوعظ في الأيام الظاهرية وعمره إذ ذاك ثمان عشرة سنة، وكان يجلس كل
أسبوع يوما يحضره الخلق الكثير ... خرّج له الرشيد العطار جزءا، وحدّث.
ترسّل به الخليفة إلى الملوك. له أخبار كثيرة، ومحاسن وفوائد. له شعر
في المستنصر باللَّه.
[2] انظر عن (عبد الرحيم بن نصر) في: ذيل مرآة الزمان 1/ 244- 248
وفيه: «عبد الرحمن» وانظر 1/ 18، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 277،
278، وطبقات الشافعية الكبرى 5/ 73، 74، وذيل طبقات الحنابلة 2/ 319،
وشذرات الذهب 5/ 404، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي
ق 2 ج 2/ 203 رقم 530، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 175 ب، والوافي
بالوفيات 18/ 397 رقم 407.
[3] في ذيل مرآة الزمان 1/ 244.
(48/265)
تفقّه بدمشق على الشّيخ تقيّ الدّين ابن
الصّلاح.
وسمع مِنْ: التّاج الكِنْديّ، والشّيخ الموفّق، وجماعة.
ومات فِي تاسع ذي القِعْدة.
وقال الصّاحب أبو القاسم بْن العديم فِي «تاريخه» [1] : عَبْد الرّحيم
بْن نصر بْن يوسف بْن مبارك أبو محمد الخالديّ البَعْلَبَكّيّ قاضي
بَعْلَبَكّ، رَجُل ورع، فقيه. صحِب الشَّيْخ عَبْد الله اليونينيّ،
وتخرّج بِهِ، وتفقّه. وسمع مِنْ شيخنا ابن رواحة، وعن غيره.
وحَدَّثَنَا بحديثٍ واحد بمنزله ببعلبكّ: أَنَا ابن رواحة، أَنَا
السلَفيّ، فذكر ابن العديم لَهُ حديثا.
وقال الْفَقِيهُ عَبْد المُلْك المعرّيّ: ما رَأَيْت قاضيا مكاشفا إلّا
القاضي صدر الدّين وذكر حكاية.
وقال خطيب زملكا: تُوُفّي صدر الدّين وهو فِي السّجدة الثّانية مِن
الرّكعة الثّالثة مِن الظّهر. سجدها وكان يصلّي بالمدرسة إماما،
فانتظره مَنْ خلفه أن يرفع رأسه، ثُمَّ رفعوا رءوسهم وحرّكوه فوجدوه قد
مات.
هكذا ذكره ابن العديم.
وقد رثاه القاضي شرف الدّين ابن المقدسيّ بقوله:
لفقدك صدر الدّين أضحت صدورنا ... تضيق، وجاز الوجْدُ غايةَ قدرِهِ
ومن كَانَ ذا قَلْبٍ عَلَى الدّين مُنْطَوٍ ... تفتتَ أشجانا [2] عَلَى
فقْد صدرِهِ
279- عَبْد الرَّحيم بْن أبي القاسم بْن يوسف بْن موقا.
الدّمشقيّ، الحنفيّ.
حدَّث عَنْ أبي اليُمْن الكِنْديّ.
وتُوُفّي فِي المحرَّم.
280- عَبْد الرّشيد بْن محمد [3] بْن أبي بكر.
__________
[1] لم نجده فيما وصلنا من بغية الطلب.
[2] في طبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 278، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي
5/ 73، 74 «أكبادا» . والبيتان أيضا في الوافي بالوفيات 18/ 397.
[3] انظر عن (عبد الرشيد بن محمد) في: ذيل مرآة الزمان 1/ 248.
(48/266)
الشّيخ المعمّر، رشيد الدّين النّهاونديّ،
الصّوفيّ، ويسمّى مسعودا.
روى عَنْ ثابت بْن تاوان شِعرًا.
وتُوُفّي فِي رمضان عَنْ مائةٍ وأربع عشرة سنة فيما ذُكر.
281- عَبْد العزيز بْن عَبْد الوهّاب [1] بْن بيان بْن سالم بْن
الخَضِر.
الأستاذ، أبو الفَضْلِ الكفرطابيّ، ثُمَّ الدّمشقيّ، القوّاس،
الرّاميّ.
وُلِد ليلة عيد الفطر سنة سبع وسبعين وخمسمائة.
وسمع مِنْ: يحيى الثَّقَفيّ عدّة أجزاء.
وطال عُمُرُه وكاد أن ينفرد.
روى عَنْهُ: أبو عليّ بن الخلّال، والنّجم ابن الخبّاز، وأحمد بْن
عُبادة الأنصاريّ، والشّيخ عليّ الغزّاويّ، ومحمد بْن الزّرّاد، وأبو
الحسين عليّ الكِنْديّ، وأبو الفداء ابن عساكر، والخطيب شرف الدّين
الفَزَاري، وجماعة سواهم.
مات فِي الحادي والعشرين مِنْ شوّال، ودُفِن، رحمه الله، بقاسيون.
282- عَبْد العزيز بْن مُحَمَّد [2] بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن
صُدَيْق.
أبو العِز الحرّانيّ، المؤدّب، وهو بكنيته أشهر. ومن ثُمَّ سُميَ أيضا
ثابتا.
سَمِعَ مِنْ: أبي ياسر عَبْد الوهّاب بْن أبي حبّة.
روى عَنْهُ: شمس الدّين عَبْد الرَّحْمَن مَعَ جلالته وتقدّمه،
والدّمياطيّ، والتّقيّ أحمد ابن العِز إبراهيم، والقاضي تقيّ الدّين
سليمان، وابن أخيه حمزة، والشّرف محمد ابن رقيّة، والنّجم إسماعيل ابن
الخبّاز، والشّمس محمد بْن الزّراد، والنّجم محمود بْن النّميريّ
الكفربطنانيّ، ومحمد بْن الزّين إبراهيم بن القوّاس.
__________
[1] انظر عن (عبد العزيز بن عبد الوهاب) في: صلة التكملة لوفيات النقلة
للحسيني ج 2/ ورقة 40، وسير أعلام النبلاء 23/ 324 رقم 223، والإعلام
بوفيات الأعلام 274، والإشارة إلى وفيات الأعيان 353، والعبر 5/ 231،
وتذكرة الحفاظ 4/ 1438، وذيل التقييد للفاسي 2/ 131 رقم 1292، وشذرات
الذهب 5/ 277.
[2] انظر عن (عبد العزيز بن محمد) في: صلة التكملة لوفيات النقلة
للحسيني 2/ ورقة 121، والعبر 5/ 231، والإشارة إلى وفيات الأعيان 353.
(48/267)
وتُوُفّي فِي حادي عشر جُمَادَى الأولى.
ودفن بقاسيون. ومولده وسماعه بحرّان.
283- عَبْد العزيز بْن محمد.
الشَّيْخ المحدّث، تقيّ الدّين القحيطيّ، المقرئ، البغداديّ.
سَمِعَ مِنْ: ابن [ ... ] [1] ، والكاشْغَري، وابن الحر، وعجيبة، وعدد
كثير. وكتب وعلّق فِي السُّنَّة. وكان مِنْ فُضلاء بغداد.
قُتِل ببغداد سنة ستٌّ.
سَمِعَ منه: عليّ بْن البندنيجيّ شيخنا فِي «مسند ابن راهويه» .
284- عَبْد العظيم بْن عَبْد القويّ [2] بْن عَبْد اللَّه بْن سلامة بن
سعد بن سعيد.
__________
[1] بياض في الأصل.
[2] انظر عن (عبد العظيم بن عبد القويّ) في: ذيل الروضتين 201،
والمختصر في أخبار البشر 3/ 197، ووفيات الأعيان (انظر فهرس الأعلام)
8/ 222، وذيل مرآة الزمان/ 1/ 248- 253، وسير أعلام النبلاء 23/ 319-
322 رقم 222، والمعين في طبقات المحدّثين 208 رقم 2186، ودول الإسلام
2/ 160، والإعلام بوفيات الأعلام 274، والإشارة إلى وفيات الأعيان 354،
وتذكرة الحفاظ 4/ 220، 221، ومرآة الجنان 4/ 139، 140، وفوات الوفيات
2/ 366، 367 رقم 291، والبداية والنهاية 13/ 212، وطبقات الشافعية لابن
كثير، ورقة 176 أ، ب، ودرّة الأسلاك 1/ ورقة 17، والوافي بالوفيات 19/
14- 16 رقم 2، وطبقات الشافعية الكبرى 5/ 108- 118، وذيل التقييد
للفاسي 2/ 134، 135 رقم 1297، والدليل الشافي 1/ 419، وطبقات الشافعية
لابن قاضي شهبة 2/ 442- 444 رقم 413، والسلوك ج 1 ق 2/ 412، والنجوم
الزاهرة 7/ 63، وحسن المحاضرة 1/ 201، وكشف الظنون 128، 400، 490، 558،
589، 1004، 1172، 1735، 1737، 2020، وشذرات الذهب 5/ 277، 278، وهدية
العارفين 1/ 586، وإيضاح المكنون 1/ 280، 614 و 2/ 373، وفهرس الفهارس
للكتاني 2/ 4، وفهرس المخطوطات المصوّرة للطفي عبد البديع 2/ 97، وفهرس
المخطوطات المصوّرة لسيد 2/ 4، ومعجم المؤلفين 5/ 264، والأعلام 4/ 30،
وديوان الإسلام 4/ 199، 200 رقم 1930، وطبقات الشافعية للإسنويّ، رقم
846، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي ق 2 ج 2/ 219،
220 رقم 556، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 300، والمغرب في حلى المغرب 364،
ونهاية الأرب 29/ 466، 467، وطبقات الحفاظ 504، وتاريخ ابن الوردي 2/
200، وطبقات الشافعية لابن هداية الله 225، وعقد الجمان (1) 188، 189،
وتاريخ الخلفاء 477، وانظر مقدّمة كتاب «التكملة لوفيات النقلة»
للدكتور بشار عوّاد معروف، وديوان
(48/268)
الحافظ الإمام، زكيّ الدّين، أبُو محمد
المنذريّ، الشّاميّ، ثمّ الْمَصْرِيّ، الشّافعيّ.
وُلِد فِي غرّة شَعْبان سنة إحدى وثمانين وخمسمائة بمصر.
وقرأ القرآن عَلَى حامد بْن أحمد الأرتاحيّ.
وتفقه عَلَى أبي القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد الْقُرَشِيّ.
وتأدّب عَلَى: أَبِي الحُسَيْن يحيى النَّحْويّ.
وسمع مِنْ: أبي عَبْد الله الأرتاحيّ، وعبد المُجيب بْن زُهير،
وإبراهيم بْن التّبّيت، ومحمد بْن سَعِيد المأمونيّ، وأبي الجود غياث
بن فارس، والحافظ بن المفضّل وبه تخرّج وهو شيخه.
وبمكّة مِنْ: يونس الهاشميّ، وأبي عبد الله بن البنّاء.
وبطيبة مِنْ: جعفر بْن محمد بْن آموسان، ويحيى بْن عقيل بْن رفاعة.
وبدمشق مِنْ: عُمَر بْن طَبَرْزَد، ومحمد بْن وعوف بْن الزّنف، والخضِر
بْن كامل، وأبي اليمن الكِنْديّ، وعبد الجليل بْن مندويه، وخلق.
وسمع بحرّان، والرّها، والإسكندريّة وأماكن [1] .
وخرّج لنفسه «معجما» كبيرا مفيدًا، سمعناه.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، والشّريف عزَّ الدّين، وأبو الحُسَيْن بْن
اليونينيّ، والشّيخ محمد القزّاز، والفخر إسماعيل بْن عساكر، وعَلَمُ
الدّين سنجر الدّواداريّ، وقاضي القضاة تقيّ الدّين ابن دقيق العيد،
وإسحاق بن الوزيريّ،
__________
[ () ] الإسلام 4/ 199، 200 رقم 1930، وكشف الظنون 128 وغيرها، وإيضاح
المكنون 1/ 280 وغيرها، وهدية العارفين 1/ 586.
[1] وهو لقي بدمشق: أبا الحسين غالب ابن الفقيه عبد الخالق بن أسد بن
ثابت الطرابلسي الأصل المتوفى 608 وسمع منه. (التكملة لوفيات النقلة 3/
389، الجواهر المضية 2/ 191) وأخذ إجازة من أَبِي عَبْد اللَّه
مُحَمَّد بْن عَليّ بْن محمد بن علي الدمشقيّ المعروف بابن البعلبكي
المتوفى 598 (التكملة لوفيات النقلة 2/ 344) ، وقد كتب له بها من دمشق
في شهر رمضان سنة 597 هـ. وسمع من نبأ بن أبي المكارم بن هجّام
الأطرابلسي المتوفى 643 هـ.
(الجواهر المضية 2/ 191) . وسمع أبا طالب أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن
الحُسَيْن بْن عبد المجيد بن صمدون الصوري الأصل المتوفى 619 هـ.
(التكملة لوفيات النقلة 3/ 78، تاريخ الإسلام (611- 620 هـ.) رقم 593،
موسوعة علماء المسلمين ق 2 ج 2/ 220.)
(48/269)
والأمين عَبْد القادر الصّيفيّ، والعماد
محمد بْن الجرائديّ، والشّهاب أحمد بْن الدّفوفيّ، ويوسف الختنيّ،
وطائفة سواهم.
ودرّس بالجامع الظّافريّ بالقاهرة مدّة، ثُمَّ وُلّي مشيخة الدّار
الكامليّة، وانقطع بها نحوا مِنْ عشرين سنة، مُكِبًّا عَلَى التّصنيف
والتّخريج والإفادة والرّواية.
ذكره الشّريف عزَّ الدّين فقال: كَانَ عديمَ النّظير فِي معرفة علم
الحديث عَلَى اختلاف فنونه، عالما بصحيحه وسقيمه، ومعلوله وطرقه،
متبحّرا فِي معرفة أحكامه ومعانيه ومُشكِله، قيّما بمعرفة غريبه
وإعرابه واختلاف ألفاظه، إماما، حُجة، ثبتا ورعا مُتَحَريًا فيما
يقوله، متثبّتا فيما يرويه. قرأت عَلَيْهِ قطعة حَسَنة مِنْ حديثه،
وانتفعت به انتفاعا كثيرا.
قلت: وقد قرأ القراءات فِي شبيبته، وأتقن الفِقْه والعربيّة، ولم يكن
فِي زمانه أحدٌ أحفظ منه. وأوّل سماعه فِي سنة إحدى وتسعين، ولو استمرّ
يسمع لأدرك إسنادا عاليا. ولكنّه فَتَر نحوا مِنْ عشر سنين.
سَمِعَ مِن الحافظ عَبْد الغنيّ ولم يُظفر بسماعه منه. وأجاز لَهُ.
وسمع شيئا مِنْ أبي الحُسَيْن بْن نجا الأنصاريّ. وله رحلة إلى
الإسكندريّة أكثر فيها عَنْ أصحاب السلَفيّ.
وكان صالحا زاهدا، متنسّكا.
قَالَ شيخنا الدّمياطيّ: وهو شيخي ومُخْرِجِي. أتيته مبتدِئًا وفارقتُه
مُعيدًا لَهُ فِي الحديث.
وقال: تُوُفّي فِي رابع ذي القِعْدة، وشيّعه خلْق كثير. ورثاه غيرُ
واحدٍ بقصائد حسنة، رحمه الله تَعَالَى.
285- عَبْد المنعم بْن محمود بْن مُفَرج.
أبو محمد الكنانيّ، الْمَصْرِيّ، المجبّر.
حدَّث عَنْ: أبي نزار ربيعة اليمنيّ.
روى عَنْهُ: عزَّ الدّين، وغيره.
ومات فِي ذي القِعْدة، والمجبّر هو الجراعيّ.
(48/270)
286- عَبْد المحسن بْن زين.
الكنانيّ، الْمَصْرِيّ.
مرّ فِي سنة ثمانٍ وأربعين.
287- عَبْد المحسن بْن مرتفع بْن حسن.
أبو محمد الخثعميّ، الْمَصْرِيّ، الشّافعيّ، السَّرَّاج.
شيخ صالح، مَعْمَر، طاعن فِي السّنّ. وُلِد بجزيرة مصر سنة اثنتين
وستين وخمسمائة.
وسمع مِن: أَبِي القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد السّيبيّ، وأبي
الفَضْلِ الغَزْنَوِيّ، وابن نجا الواعظ.
روى عنه: عمر بن الحاجب، والقدماء، ومجد الدّين ابن الحلوانيّة،
والشّريف عزّ الدّين، وطائفة.
ولم يتّفق لي السَّماع عَلَى أصحابه. وسمعنا بإجازته مِنْ أبي المعالي
بْن البالسيّ.
وهو آخر مَن حدَّث عَن السّيبيّ.
تُوُفّي فِي تاسع عشر شَعْبان.
وممّن روى عَنْهُ: النّجم محمد بْن أبي بكر المؤدّب، شيخ مصريّ لقيه
الواني، وشيخُنا عَبْد الرّحيم المِنْشاوي.
288- عَبْد المحسن بْن مصطفى بْن أَبِي الفتوح.
أبو محمد الأنصاريّ، الْمَصْرِيّ، المؤدّب.
قرأ القراءات، وسمع مِنْ: مُكْرِم بْن أبي الصَّقْر، وغيره.
وروى شيئا من شِعْره. وكان صالحا، ساكنا، عفيفا.
تُوُفّي فِي جُمَادَى الأولى، وهو فِي آخر الكهولة.
289- عثمان بْن عليّ [1] بْن عَبْد الواحد بْن الحسين.
__________
[1] انظر عن (عثمان بن علي) في: صلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني 2/
ورقة 36، والعبر 5/ 232، وسير أعلام النبلاء 23/ 347، 348 رقم 245،
والإعلام بوفيات الأعلام 274،
(48/271)
أبُو عَمْرو الْقُرَشِيّ، الأَسَديّ،
الدّمشقيّ، النّاسخ. أخو المحدّث مفضّل، ويُعرف بابن خطيب القرافة.
وُلِد سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة، وأجاز لَهُ السلَفيّ. وروى بها
الكثير.
حدَّث عَنْهُ: الحافظ أبو عَبْد الله البرزاليّ مَعَ تقدّمه،
والدّمياطيّ، والعماد بْن البالِسي، وناصر الدّين بْن المهتار
الشّروطيّ، والمعين خطّاب، والقاضي أحمد بن عبد الغنيّ الذّهبيّ،
والضّياء ابن الحَمَوِيّ، والجمال عَلَى بْن الشّاطبيّ، والشمس محمد
بْن أيّوب النّقيب، وآخرون.
وتُوُفّي فِي ثالث ربيع الآخر، ودُفن بمقبرة باب الصّغير. وكان ينسخ
بالأجرة.
290- عثمان بْن عُمَر بْن مسعود.
تاجُ الدّين الأسداباذيّ، ثُمَّ الدّمشقيّ، المعروف بابن الفراش.
حدّث عن: عَبْد اللّطيف بْن أبي سَعْد، وابن طَبَرْزَد.
وكتب عَنْهُ الدّمياطيّ، وجماعة.
ومات فِي ذي الحجّة، وله سبْعٌ وسبعون سنة وأشْهُر.
291- عربيّة بِنْت محمد بْن أبي بَكْر بْن عَبْد الواسع الهَرَوي.
أمّ الخير الصّالحيّة.
روت عَنْ: عُمَر بْن طَبَرْزَد.
روى عَنْهَا: ابن الخبّاز، وابن الزّرّاد.
وماتت فِي رمضان.
292- عليّ بْن الحَسَن [1] بْن زُهرة بْن الحسن بن عليّ بن محمد.
__________
[ () ] والإشارة إلى وفيات الأعيان 353، والنجوم الزاهرة 7/ 68، وشذرات
الذهب 5/ 278، وذيل التقييد للفاسي 2/ 170 رقم 1371 وفيه: «عثمان بن
علي بن عبد العزيز بن عبد الواحد» .
[1] انظر عن (علي بن الحسن) في: الحوادث الجامعة 328، والعسجد المسبوك
2/ 638، وعقد الجمان (1) 196، 197.
(48/272)
الشّريف، أبو الحسن العلويّ، الحسنيّ،
الإسحاقيّ، الحلَبي النّقيب.
وُلِد سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة بحلب.
وسمع مَعَ أبيه مِنَ: الإفتخار الهاشميّ.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وغيره.
ومات فِي صَفَر.
وهو مِنْ بيت تشيّع. وكان أَبُوهُ كاتبا، مُنشِئًا، إخباريا، علّامة،
وُلّي أيضا نقابة الأشراف، وترسّل عَنْ صاحب حلب إلى بغداد وغيرها،
ومات سنة عشرين.
293- عليّ بْن عَبْد الله [1] بْن عَبْد الجبّار بْن تميم بْن هُرْمُز
بْن حاتم بن قُصي بْن يوسف.
أبُو الحَسَن الشّاذليّ، المغربيّ، الزّاهد، نزيل الإسكندريّة، وشيخ
الطّائفة الشّاذليّة. وقد انتسب فِي بعض مؤلّفاته فِي التّصوُّف إلى
عليّ بْن أبي طَالِب، فقال بعد يوسف المذكور: ابن يوشع بْن ورد بْن
بطّال بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عِيسَى [2] بْن مُحَمَّد بْن
الحَسَن بْن عليّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. وهذا نسب مجهولٌ لَا يصحّ ولا
يثْبُت، وكان الأوْلَى بِهِ تَرْكُه وترك كثير ممّا قاله فِي تواليفه
في
__________
[1] انظر عن (علي بن عبد الله) في: الوفيات لابن قنفذ 323 رقم 656،
والعبر 5/ 232، 233، والإعلام بوفيات الأعلام 274، والإشارة إلى وفيات
الأعيان 354، ودول الإسلام 2/ 160، وتذكرة الحفاظ 4/ 1438، وسير أعلام
النبلاء 23/ 323، ونكت الهميان 293، وتاريخ ابن الوردي 2/ 200، 201،
والوافي بالوفيات 21/ 214- 217 رقم 139، ومرآة الجنان 4/ 140- 147،
وعيون التواريخ 20/ 201، 202، وشذرات الذهب 5/ 278، وبدائع الزهور ج 1
ق 1/ 300، والأعلام 5/ 120، وعقد الجمان (1) 192، 193، والسلوك ج 1 ق
2/ 414، وتاريخ الخلفاء 477، وطبقات الأولياء لابن الملقّن 458 رقم
143، وحسن المحاضرة 1/ 520 رقم 41، والطبقات الكبرى (المسمّى لواقح
الأنوار) للشعراني 2/ 4- 10، وكشف الظنون 1/ 404، 661، 662، وإيضاح
المكنون 1/ 559 و 2/ 97، 264، وهدية العارفين 1/ 709، وشجرة النور
الزكية 186 رقم 620، وجامع كرامات الأولياء 2/ 175- 177، وخطط علي
مبارك 14/ 57، 58، والأعلام 4/ 305، ومعجم المؤلفين 7/ 137.
[2] جاء في هامش الأصل: ث. في نسخة بعد عيسى: ابن إدريس بن عمر بن
إدريس بن عبد الله بن المعروف بالمثنى وهو الحسن بن الحسن بن علي.
(48/273)
الحقيقة، وهو رَجُل كبير القدر، كثير
الكلام عَلَى المقام. لَهُ شِعر ونثر فيه متشابهات وعبارات، يتكلّف
لَهُ فِي الاعتذار عَنْهَا.
ورأيت شيخَنا عمادَ الدّين قد فَتَرَ عَنْهُ فِي الآخر، وبقي واقفا فِي
هذه العبارات، حائرا فِي الرجل، لأنّه كَانَ قد تصوّف عَلَى طريقته،
وصحب الشَّيْخ نجم الدّين الأصبهانيّ نزيل الحَرَم، ونجم الدّين صحب
الشَّيْخ أبا العبّاس المُرْسي صاحب الشّاذليّ.
وكان الشّاذليّ ضريرا، وللخلق فيه اعتقاد كبير.
وشاذلة: قرية إفريقية قِدم منها، فسكن الإسكندريّة مدّة، وسار إلى
الحجّ فحجّ مرّات، وكانت وفاته بصحراء عيذاب وهو قاصد الحج، فدُفِن
هناك فِي أوائل ذي القِعْدة. وكان القباريّ يتكلّم فيه، رحمهما الله.
294- عليّ بْن عَبْد الوَهَّاب [1] بْن عَتِيق بْن هِبَة الله بْن أبي
البركات الميمون بْن عتيق بْن هبة الله بْن محمد بْن يحيى بْن عتيق بْن
عَبْد الرَّحْمَن بْن عيسى بْن وردله.
الْقُرَشِيّ، العامريّ، مولاهم الْمَصْرِيّ، الكُتُبي، السّمسار.
وُلِد سنة اثنتين وستّين. وسمعه أبوه الكثير مِنْ أصحاب ابن رفاعة،
وغيره. وأجاز لَهُ ابن طَبَرْزَد.
وكتب عَنْهُ الشريف عزَّ الدّين، وغيره.
وهو أخو عائشة وخديجة. توفّي رحمه الله في ذي القعدة.
295- عليّ بن عمر [2] بن قزل بن جلدك.
__________
[1] انظر عن (علي بن عبد الوهاب) في: سير أعلام النبلاء 3/ 323.
[2] انظر عن (علي بن عمر) في: ذيل الروضتين 198 (في وفيات 655 هـ.) ،
والمختصر في أخبار البشر 3/ 197، والإعلام بوفيات الأعلام 274، ودول
الإسلام 2/ 161، والإشارة إلى وفيات الأعيان 352، والعبر 5/ 233،
والوافي بالوفيات 21/ 353- 365 رقم 233، والبداية والنهاية 13/ 197 (في
وفيات سنة 655 هـ.) ، وعيون التواريخ 20/ 120- 127 (في وفيات سنة 655
هـ.) ، وفوات الوفيات 3/ 51- 56 رقم 345، وعقود الجمان للزركشي 217،
والبدر السافر 20، والنجوم الزاهرة 7/ 64، وشذرات الذهب 5/ 270، وبدائع
الزهور ج 1 ق 1/ 300 وفيه: «علي بن يحيى» وهو غلط، وعقد الجمان (1)
161،
(48/274)
التّركمانيّ، البارُوقي، الأمير سيف الدّين
المُشَد، الشّاعر، صاحب الدّيوان المشهور.
وُلِد بمصر فِي سنة اثنتين وستّمائة، واشتغل فِي صِباه، وقال الشعْر
الرّائق، وولي شدّ الدّواوين مدّة. وكان ظريفا، طيّب العِشرة، تامّ
المروءة، وهو ابن أخي الأمير فخر الدّين عثمان أستاذ دار السُّلطان
المُلْك الكامل، ونسيب الأمير جمال الدّين بْن يغمور.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، والفخر إسماعيل بْن عساكر.
تُوُفّي فِي تاسع المحرَّم بدمشق.
قَالَ الدّمياطيّ: أنْشَدَنا سيف الدّين المُشد لنفسه:
أيا مَن حَسْنُه الأقصى ... ولكنْ قلبُه الصخْرَهُ
أما ترى المُشتاقَ ... يقضي بالمُنَى عُمَرَهُ
إذا ما زمزم الحادي ... رمى فِي قلبه جمرَه
وظبي مِنْ بني الأتراك ... فِي أخلاقه نفرَه
بدا فِي الدّرع مثل الرُّمْح ... فِي الأعطاف والسّمره
فيا للَّه مِنْ بدرٍ ... يروق الطّرف فِي البشره
أنشدني الفخر إسماعيل: أنْشَدَنا الأمير سيف الدّين المشدّ بالسّاحل
لنفسه:
لعبتُ بالشّطرنج مَعَ أهْيَفٍ ... رَشَاقةُ الأغصان مِنْ قَدهِ
أحُلُّ عقدَ البَنْد مِنْ خصْره ... وألثُمُ الشّامات فِي خدهِ [1]
وله:
ورُبَّ ساقٍ كالبدرِ طلْعتُهُ ... يحمل شمسا أفدِيه مِنْ ساق
__________
[ () ] 162 (في وفيات سنة 655 هـ.) و 197 (في وفيات سنة 656 هـ.) ،
وحسن المحاضرة 1/ 327، وإيضاح المكنون 1/ 491، وهدية العارفين 1/ 710،
ومعجم المؤلفين 7/ 159، وتاريخ آداب اللغة العربية 2/ 18، والأعلام 4/
315.
[1] البيتان في فوات الوفيات 3/ 53 وفيه: «من خدّه» ، ومثله في الوافي
بالوفيات 21/ 357، والنجوم الزاهرة 7/ 65.
(48/275)
شمرَ عَن ساقه غلائلَه ... فقلتُ: قصّر
واكففْ عَن السّاقي [1]
لمّا رآني قد فُتِنتُ بِهِ ... مِنْ فَرط وجدٍ وعِظَمِ أشواقِ [2]
غنّي وكأسُ المُدام فِي يدهِ ... قامت حروبُ الهَوى عَلَى ساقِ [3]
وله:
وكأنّما الفانوسِ فِي غَسَق الدجَى ... صبّ بَرَاهُ سقْمه وسُهادُه
حنّت أضالِعُه، ورَق أديمُه ... وجَرَت مدامعُه، وذاب فؤادهُ
وله:
وفت دموعي، وخانني جِلْدي ... ما كَانَ هذا الحساب فِي خَلَدي
للَّه أيدي النّوى وَمَا صَنَعَتْ ... أجْرَتْ دموعي وأحرقَتْ كبِدي
يا مَن هُوَ النّور غاب عَنْ بَصَري ... ومن هو الرّوح فارقت جسدي
حتّى متى ذا الجفاء بلا سبب ... أما لهذا الدّلال من أمد؟ [4]
296- عليّ بن القاسم [5] بن مسعود.
أبو الحسن الحلبيّ الذّهبيّ الشّاعر.
توفّي في جمادى الآخرة وله ثلاثون سنة.
كتبوا عنه من شعره.
297- عليّ بن محمد [6] بن الحسين.
__________
[1] كذا بالأصل، ولعلها «الباقي» .
[2] في الوافي بالوفيات: «من عظم وجدي وكثر أشواقي» .
[3] البيتان الأخيران في الوافي بالوفيات 21/ 360.
[4] ومن شعره:
أذّن القمريّ فيها ... عند تهويم النجوم
فأنثنى الغصن يصلّي ... بتحيّات النسيم
وقد رآه بعضهم بعد موته فسأله عن حاله فأنشده:
نقلت إلى رمس القبور وضيقها ... وخوفي ذنوبي أنها بي تعثر
فصادفت رحمانا رءوفا وأنعما ... حباني بها سقيا لما كنت أحذر
ومن كان حسن الظن في حال موته ... جميلا بعفو الله فالعفو أجدر
(البداية والنهاية) وله شعر في فوات الوفيات، وعيون التواريخ، وغيره.
[5] انظر عن (علي بن القاسم) في: الوافي بالوفيات 21/ 389 رقم 265.
[6] انظر عن (علي بن محمد) في: الفخري في الآداب السلطانية 269، 270،
والحوادث
(48/276)
شيخ الشّيوخ، أبو الحسن بن النّيّار
البغداديّ، المقرئ، صدر الدّين.
وهو الّذي لقّن المستعصم باللَّه القرآن فنال في خلافته الحشمة والجاه
والحرمة الزّائدة.
حدّث عن: ابن طبرزد، وعن المستعصم باللَّه.
روى عنه: الدّمياطيّ، وغيره.
ذبح بدار الخلافة في صفر في جملة الخلق. وكان بارع الخطّ، كثير
المحاسن، كبير القدر. ندب للوزارة فأباها. ولمّا سحبه التّتريّ للقتل
ناوله شيئا وقال: هذا ثمن قميصي فلا تهتكني. فوفى له.
ثمّ عرفت جثّته وحملت بعد إلى تربته، رحمه الله.
298- عليّ بْن المظفَّر [1] بْن القاسم بْن محمد بْن إسماعيل.
المحدّث، شمس الدّين أبو الحَسَن الرَّبَعيّ النّشبيّ [2] الدّمشقيّ،
الشّافعيّ، العدل. وُلِد سنة خمسٍ وستّين وخمسمائة. وطلب الحديث عَلَى
كَبِر. فسمع الكثير مِنْ: الخُشُوعيّ، والقاسم بن عساكر، وحنبل، وابن
طَبَرْزَد، وطائفة.
وقرأ بنفسه الكثير. وكان فصيحا طيّب الصّوت، حَسَن الإعراب، وكان
يؤدّب، ثُمَّ صار شاهدا.
وسمع أخاه نصر الله وأولاده.
روى عنه: الدّمياطيّ، وأبو العبّاس أحمد ابن الحلوانيّة، ومحمد بن داود
__________
[ () ] الجامعة 328 و 283، 284، وسير أعلام النبلاء 23/ 323، والبداية
والنهاية 13/ 213، وعيون التواريخ 20/ 202 وفيه: «عليّ بن الحسين بن
النيار» ، والعسجد المسبوك 2/ 637، وتاريخ علماء المستنصرية 1/ 79- 84
للاستاذ ناجي معروف، وعقد الجمان (1) 191، 192، والوافي بالوفيات 1/
429، 430 رقم 305.
[1] انظر عن (عليّ بن المظفّر) في: ذيل الروضتين 199 وفيه: «علي بن
النشبي» ، والعبر 5/ 233، والإشارة إلى وفيات الأعيان 353، وسير أعلام
النبلاء 13/ 326، والبداية والنهاية 13/ 217 وفيه «عليّ بن الشبي» ،
وتوضيح المشتبه 1/ 500 و 5/ 26، والمشتبه في الرجال 1/ 74، 348.
[2] النشبي: بنون مضمومة في أوله، ثم شين معجمة ساكنة، ثم موحّدة
مكسورة. (توضيح المشتبه 1/ 500) .
(48/277)
الأياديّ، وأبو عليّ بْن الخلّال، وأبو
العبّاس أحمد بْن إبراهيم الخطيب، وآخرون.
تُوُفّي فِي سلخ ربيع الأوّل وقد جاوز التّسعين.
وقال الدّمياطيّ فِي «معجمه» : هُوَ عليّ بْن المظفَّر الذّبيانيّ
النّشبيّ، نُشْبَة بْن غيظ بْن مُرّة بْن عوف بْن سَعْد بْن ذِبْيان
الدّمشقيّ، الشّروطيّ.
وكان نائب الحِسْبة.
299- عليّ بْن هبة الله بن جعفر بْن حسن.
الشَّيْخ الزّاهد، نبيه الدّين، أبُو الحَسَن بْن السّمسار،
الْمَصْرِيّ، الشّافعيّ.
وُلِد سنة ثمانين وخمسمائة.
وسمع منه: إسماعيل بْن ياسين، وهبة الله البوصيريّ.
وكان فقيها صالحا، لَهُ ميعاد يقرأ فيه بالجامع العتيق.
300- عليّ بْن أبي بَكْر بْن محمد بْن جعفر بْن البلاهيّ.
أبو الحَسَن الدّمشقيّ.
سَمِعَ: عُمَر بْن طَبَرْزَد، والكنديّ، وجماعة.
وحدَّث.
وتُوُفّي فِي ربيع الآخر.
301- عليّ الخبّاز [1] .
الزّاهد. شيخ صالح، كبير القدر، مشهور. لَهُ زاوية ومريدون وأحوال
وكرامات. وكان شيخنا الدّباهيّ يعظّمه ويصِفُه.
استشهد فِي كائنة بغداد فِي صَفَر.
وهو عليّ بْن سلمان بْن أبي العزّ، أبو الحَسَن البغداديّ.
صحِبَ الشَّيْخ عليّ بن إدريس البعقوبيّ وسمع منه.
__________
[1] انظر عن (عليّ الخبّاز) في: دول الإسلام 2/ 161، والعبر 5/ 233،
ومرآة الجنان 4/ 147، والبداية والنهاية 13/ 213، وعقد الجمان (1) 192،
والوافي بالوفيات 22/ 357 رقم 249، وشذرات الذهب 5/ 280.
(48/278)
يروي عَنْهُ: شيخنا عَبْد المؤمن الحافظ
فِي «معجمه» حديثا.
302- عُمَر بْن أَبِي نصر [1] بْن أَبِي الفتح بْن أَبِي نصر بْن محمد.
أبو حفص الْجَزَريّ، التّاجر، السّفّار، المعروف بابن موّة [2] .
كَانَ ديّنا صالحا صدوقا. روى «جزء ابن فيل» عَنِ: البوصيريّ بدمشق،
وبها تُوُفّي فِي الخامس والعشرين مِن ذي الحجّة. وله بضعٌ وسبعون سنة.
فإنّ مولده بجزيرة ابن عُمَر فِي سنة ثلاثٍ وثمانين.
وسمع وهو صبيّ، مع والده فيما أرى.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، والعماد بْن البالِسي، والشّيخ محمد بْن
تمّام، والمجبي إمام المشهد، وآخرون.
وكان نحّاسا أيضا.
- حرفا الفاء-
303- فتح الدّين [3] .
ابن العدل السلَمي، محتسب بغداد.
قَالَ الدّمياطيّ: تُوُفّي يوم موت شيخنا سَعْد الدّين محمد بْن
العربيّ، يعني فِي جمادى الآخرة.
وفي تعاليق الفخر إسماعيل شيخنا أَنَّهُ دفن بتُربة أَبِيهِ بالجبل.
قَالَ: وكان ديّنا، حَسَن السّمت [4] .
- حرف القاف-
304- القاسم بْن هِبة الله [5] بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن
الْحُسَيْن بْن أبي الحديد.
__________
[1] انظر عن (عمر بن أبي نصر) في: العبر 5/ 234.
[2] في العبر: «ابن عوّة» .
[3] انظر عن (فتح الدين) في: ذيل الروضتين 200.
[4] وقال أبو شامة: «وكان خيّرا وقورا متواضعا، رحمه الله. وتولّى
مكانه الحسبة الحسبة أخوه ناصر الدين» .
[5] انظر عن (القاسم بن هبة الله) في: الزركشي 63، وعقود الجمان في
شعراء هذا الزمان لابن
(48/279)
الأديب البليغ، موفّق الدّين، أبُو المعالي
المدائنيّ، الكاتب الشّاعر، الأصوليّ، الأَشْعريّ، المتكلّم. ويُسَمى
أيضا أحمد.
كتب الإنشاء بالدّيوان المستعصميّ مدّة.
وروى عَنْهُ: عَبْد الله بْن أبي المجد بالإجازة.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وغيره.
وله شِعر جيّد.
تُوُفّي فِي هذه السَّنَة بعد كائنة بغداد بقليل ببغداد فِي رجب [1] .
وعاش بعد الوزير ابن العَلْقَمِيّ يسيرا.
وله:
يا ساكني دير ميخائيل لِي [2] قمر ... لكنه بشَرٌ فِي زِي [3] تمثالِ
قريب دارٍ بعيدٍ فِي مطالبه ... غريبُ حُسْنٍ وألحانٍ وأقوال
__________
[ () ] الشعار الموصلي (مخطوطة أسعد أفندي 2323) ج 5/ ورقة 301 أ،
ووفيات الأعيان 5/ 392، وصلة التكملة لوفيات النقلة الحسيني 2/ ورقة
44، والحوادث الجامعة 162، وذيل مرآة الزمان 1/ 104، 105، والعبر 5/
234، وسير أعلام النبلاء 23/ 274، 275 رقم 185، والمختار من تاريخ ابن
الجزري 248، 249، وتذكرة الحفّاظ 4/ 1438، وعيون التواريخ 20/ 163-
167، وفوات الوفيات 1/ 154، 155 رقم 58 وفيه: «أحمد بن هبة الله» ،
والوافي بالوفيات 8/ 225، 226 رقم 3661، و 24/ 170، 171 رقم 171،
والعسجد المسبوك 2/ 641، والبداية والنهاية 13/ 199، وشذرات الذهب 5/
280، 281، وذكره ابن المستوفي عرضا في تاريخ إربل 1/ 234 (ترجمة عمر
الدنيسريّ) ، وطبقات الشافعية للمطري، ورقة 206 ب، 207 أ.، والمنهل
الصافي 2/ 253 رقم 332، والدليل الشافي 1/ 94 رقم 330.
[1] في الحوادث الجامعة 162 توفي في جمادى الآخرة. ورثاه أخوه عز الدين
عبد الحميد بقوله:
أبا المعالي هل سمعت تأوّهي ... فلقد عهدتك في الحياة سميعا
عيني بكتك ولو تطيق جوانحي ... وجوارحي أجرت عليك نجيعا
أنفا غضبت على الزمان فلم تطع ... حبلا لأسباب الوفاء قطوعا
ووفيت للمولى الوزير فلم تعش ... من بعده شهرا ولا أسبوعا
وبقيت بعد كما فلو كان الردى ... بيدي لفارقنا الحياة جميعا
[2] في الأصل: «بي» .
[3] في المصادر: «في شكل» .
(48/280)
سكِرْتُ مِنْ صوته عند السّماع لَهُ [1]
... ما لست أسكر مِنْ صهباء جربالِ
ما رُمتُ إمساكَ نفسي عند رؤيته ... إلّا تغيّرت مِنْ حالٍ إلى حالٍ
لو اشتريتُ بعُمري ساعة سَلَفَتْ ... مِنْ عيشتي معه ما كَانَ بالغالِ
[2]
- حرف الميم-
305- مجاهد الدّين الدُّوَيدار [3] .
المُلْك، مُقَدَّم جيوش العراق.
كَانَ بطلا شجاعا موصوفا بالرّأي والإقدام. كَانَ يَقُولُ: لو مكّنني
أمير المؤمنين المستعصم لقهرت هولاكو.
قُتِل وقت غلبة العدوّ على بغداد صبرا.
وكان مغري بالكيميا، لَهُ دار فِي داره فيها عدّة رجال يعملون هذه
الصّناعة، ولا تصحّ. فقرأت بخطّ كاتبه ابن وداعة قَالَ: حدَّثني
الصّاحب مُجير الدّين بْن النّحّاس قَالَ: ذهبت فِي الرّسليّة إلى
المستعصم، فدخلت دار المُلْك مجاهد الدّين، وشاهدت دار الكيميا. فقال
لي: بينما أَنَا راكبٌ لقِيني صوفيّ فقال: يا ملك خُذ هذا المثقال
وألقه عَلَى مائة مثقال فضّة، وألق المائة عَلَى عشرة آلاف تصير
ذَهَبًا خالصا.
ففعلتُ ذَلِكَ، فكان كما قَالَ. ثُمَّ إنّي لقيتهُ بعدُ فقلت: علّمني
هذه الصّناعة. فقال: ما أعرفها، لكنه أعطاني رجلٌ صالحٌ خمسَة مثاقيل
أعطيتُك مِثقالًا، ولملك الهند مثقالا، ولشخصين مثقالين، وبقي معي
مثقال أعيش بِهِ.
ثُمَّ حدَّثني مجاهد الدّين قَالَ: عندي مِنْ يدّعي هذا العلم، وكنت
أخليت لَهُ دارا عَلَى الشّطّ، وكان مُغْري بصيد السّمك، فأحضرت
إِليْهِ مِنْ ذَلِكَ الذّهب، وحكيت لَهُ الصّورة، فقال: هذا الَّذِي قد
أعجبك؟! وكان فِي يده شبكة يصطاد بها، فأخذ منها بلّاعة فولاذ، ووضع
طرفها فِي نار، ثمّ أخرجها،
__________
[1] في عيون التواريخ 20/ 164 «من صوته لما أشار به» .
[2] في الأصل: «بالغالي» . والأبيات في ذيل المرآة، والمختار، وعيون
التواريخ.
[3] انظر عن (مجاهد الدين الدويدار) في: الحوادث الجامعة 187، وعيون
التواريخ 20/ 134، والبداية والنهاية 13/ 203.
(48/281)
وأخرج مِنْ فمه شيئا، وذرّه عَلَى النّصف
المحمّى، فصار ذهبا خالصا، وبقي النّصف الآخر فولاذا [1] .
ثُمَّ أراني مجاهد الدّين تِلْكَ البلّاعة، إلّا أنّ النّصف الفولاذ قد
خالَطَهُ الذهَب شيئا يسيرا.
أَنْبَأَنَا الظّهير الكازرونيّ قَالَ: فقتل صبرا الخليفة. وسمّى جماعة
منهم مجاهد الدّين أيبك الدّويدار الصّغير زوج بِنْت بدر الدّين صاحب
المَوْصِل.
وقُتِل ابنا الخليفة وأعمامه عليّ وحَسَن وسليمان ويوسف وحبيب أولاد
الطّاهر وابنا عمّهم حسين ويحيى ابنا عليّ النّاصر، وأمير الحاجّ فَلَك
محمد بْن الدّويدار الكبير، والملك سليمان شاه ابن ترجم وله ثمانون
سنة، وحُمِل رأسُه ورأسُ أمير الحاجّ والدّويدار فنُصِبوا بالموصل.
306- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن خَالِد بْن مُحَمَّد بْن نصر بْن صغير.
المولى مَعِين الدّين أبو بَكْر ابن القيسرانيّ، الْقُرَشِيّ،
المخزوميّ، الحلبيّ، الكاتب والد شيخنا الصّاحب فتح الدّين عَبْد الله.
روى عَنْ: أبي محمد بْن علوان الأَسَديّ، وغيره.
أَنَا عَنْهُ: أبو محمد الدّمياطيّ، وذكر أنّه سمع منه بعينتاب [2] ،
وورّخ وفاته فِي هذه السَّنَة.
وفيها تُوُفّي ابن عمّه عزَّ الدّين بدمشق، رحمهما الله تَعَالَى.
307- محمد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد [3] بْن أَحْمَد بْن الحسين.
__________
[1] في الأصل: «فولاذ» .
[2] كذا، وهي: عين تاب، بلدة قرب حلب.
[3] انظر عن (محمد بن أحمد بن محمد شعلة) في: الإعلام بوفيات الأعلام
274، وسير أعلام النبلاء 23/ 360 رقم 259، ودول الإسلام 2/ 161، والعبر
5/ 234، ومعرفة القراء الكبار 2/ 671، 672 رقم 639، والوافي بالوفيات
2/ 122 رقم 469، ومرآة الجنان 4/ 147، وتاريخ ابن الوردي 2/ 201، وذيل
طبقات الحنابلة 2/ 256، رقم 364، ومختصره 74، وغاية النهاية 2/ 80، 81،
رقم 2780، ونهاية الغاية، ورقة 221، وطبقات النحاة واللغويّين لابن
قاضي شهبة (مخطوط) 1/ ورقة 55، وشذرات الذهب 5/ 281، والمنهج
(48/282)
الإمام أبو عُبَيْد الله المَوْصِليّ،
المقرئ، الحَنْبليّ، الملقّب بشُعْلة [1] .
ناظمُ: «الشّمعة فِي القراءات السّبعة» [2] .
كَانَ شابّا فاضلا، ومقرِئًا محقّقا، يتوقد ذكاء.
قرأ القراءات عَلَى: أَبِي الْحَسَن عليّ بْن عَبْد العزيز الإربليّ.
وصنّف فِي القراءات والفقه والتّاريخ، ونظمه فِي غاية الجودة ونهاية
الاختصار. وعاش ثلاثا وثلاثين سنة، ومات بالموصل.
وكان مَعَ ما آتاه الله مِن الحِفظ والذّكاء وكثْرة العِلمِ صالحا،
متواضعا، خيّرا، متعفّفا، جميل السّيرة، بارعا فِي العربيّة، بصيرا
بعلَل القراءات.
سَمِعَ شيخنا أبو بَكْر المقصانيّ بحثه، وكان يصفه لي ويبالغ فِي
الثّناء عَلَيْهِ، وقال لي: تُوُفّي فِي صَفَر.
وحدّثني أَنَّهُ دخل إِليْهِ مَعَ شيخه الَّذِي لقّنه القرآن.
وحدّثني قَالَ: سَمِعْتُ شيخنا أبا الحُسَيْن بْن عَبْد العزيز
الإربليّ، وهو شيخ شُعْلة، قَالَ: كَانَ نائما بجنبي فاستيقظ فقال لي:
رَأَيْت النَّبِي صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ السّاعة، وطلبت منه
العِلْمَ، فأطعمني ثمرات.
قَالَ الإربليّ: فُتِح عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ الوقت.
308- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن هِبة اللَّه [3] بْن مُحَمَّد بْن هبة
اللَّه بْن أَحْمَد بْن يحيى.
__________
[ () ] الأحمد 384، والمقصد الأرشد، رقم 879، والدرّ المنضّد 1/ 395،
396 رقم 1079، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 302، وتاريخ الخلفاء 477، وكشف
الظنون 647 وغيرها، وهدية العارفين 2/ 136، وديوان الإسلام 3/ 143، 144
رقم 1242، والأعلام 5/ 321، ومعجم المؤلفين 8/ 315.
[1] في تاريخ الخلفاء 477 «شعبة» وهو غلط.
[2] وهو «شرح الشاطبيّة» ، ونظم «عقود ابن جنّي» في العربية سمّاه
«العنقود» ، ونظم اختلاف عدد الآي برموز الجمّل، وله «نظم العبارات من
الخرقي» ، وله كتاب «الناسخ والمنسوخ في القرآن» ، وكتاب «فضائل
الأئمّة الأربعة» (الدرّ المنضّد) .
[3] انظر عن (محمد بن أحمد بن هبة الله) في: المقفّى الكبير 5/ 288 رقم
1864، والسلوك ج 1 ق 2/ 413، وعقد الجمان (1) 196، وإعلام النبلاء
بتاريخ حلب الشهباء 4/ 416 رقم 232.
(48/283)
الصّدر الجليل، محيي الدّين، أبو عَبْد
الله ابن العديم العُقَيْليّ، الحلبيّ، الحنفيّ.
وُلِد سنة تسعين وخمسمائة.
وسمع مِنْ: أَبِيهِ، وعمّه أبي غانم، وعمر بْن طَبرزد، والافتخار
الهاشميّ، وثابت بْن مُشَرف، وأبي اليمن الكندي، وأبي القاسم بن
الحرستاني، وجماعة.
وكان رئيسا محتشما مِنْ وجوه الحلبيّين، مِنْ بيت القضاء والجلالة.
وهو أخو الصّاحب كمال الدّين، ووالد قاضي حماة عزَّ الدّين عَبْد
العزيز وأخيه عَبْد المحسن.
قَالَ الدّمياطيّ: قرأت عَلَيْهِ جميع «الغيلانيات» ، وتُوُفّي بحلب
فِي ثاني عشر جُمَادَى الآخرة.
309- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي منصور.
أبو عَبْد الله الزَّنْجانيّ الأصل، الدّمشقيّ، الصُّوفيّ.
وُلِد بدمشق سنة أربع وتسعين.
وحدَّث عَنْ: حنبل، وابن طَبَرْزَد.
وروى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وغيره.
وتُوُفّي فِي ثامن ربيع الآخر.
310- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم [1] بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد.
أبو عَبْد الله بْن الشِرش، ويقال الجرج، الأنصاريّ، التّلمسانيّ،
المالكيّ، نزيل الإسكندريّة.
شيخ صالح، عالِم، فقيه، قديم السَّماع، كبير السّنّ. ولد سنة أربع
وستّين وخمسمائة.
وسمع بسَبْتة مِنْ أَبِي مُحَمَّد بْن عُبَيْد الله الحجريّ الحافظ
كتاب «الموطّأ»
__________
[1] انظر عن (محمد بن إبراهيم) في: العبر 5/ 234، والوافي بالوفيات 1/
357 رقم 246، وعيون التواريخ 20/ 202، وشذرات الذهب 5/ 283، والمقفى
الكبير 5/ 101 رقم 1645.
(48/284)
سنة تسع وسبعين وخمسمائة. وحجّ بعد
السّتّمائة.
وسمع مِنْ: زاهر بْن رستم، وأحمد بْن الحافظ أبي العلاء، ويونس بْن
يحيى الهاشميّ، ومحمد بن عبد الله الإشكيذبانيّ، وعليّ بْن الحَسَن
الزَّنْجانيّ، ومحمد بْن علوان التّكريتيّ، وغيرهم.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، ومعين الدّين عليّ بْن أبي العبّاس، وغيرهما.
وبالإجازة: أبو المعالي بْن البالِسي.
قَالَ لنا الدّمياطيّ: كَانَ ثقة عُدلًا، مُتَحريًا، ذا أصول. مولده
بتلمسان، ومات فِي ثالث عشر ذي القِعْدة.
311- محمد بْن إسماعيل [1] بْن أحمد بْن أبي الفتح.
الْفَقِيهُ أبو عَبْد الله المقدسيّ، النّابلسيّ، خطيب مَرَدا.
ولد بمردا [2] سنة ستّ وستّين وخمسمائة تقريبا. وكان أسنّ مِن الشَّيْخ
الضّياء.
قِدم دمشق للاشتغال فِي صِباه، فتفقّه عَلَى مذهب أحمد، وحفظ القرآن.
وسمع مِنْ: يحيى الثَّقَفيّ، وابن صَدَقة الحرّانيّ، وأحمد بْن حمزة
بْن الموازينيّ، وجماعة.
ورحل إلى مصر فسمع مِنْ: البوصيري، وإسماعيل بن ياسين، وعلي بن حمزة
الكاتب، وفاطمة بِنْت سَعْد الخير.
وطال عُمُرُه واشتهر اسمُه. كتب عَنْهُ القدماء.
وقال ابن الحاجب: سَأَلت الحافظ الضّياء عَنْهُ فقال: ديّن، خيّر، ثقة،
__________
[1] انظر عن (محمد بن إسماعيل) في: صلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني
2/ ورقة 44، والعبر 5/ 235، والمعين في طبقات المحدّثين 208 رقم 2188،
والإعلام بوفيات الأعلام 274، وسير أعلام النبلاء 23/ 325، 326 رقم
224، والإشارة إلى وفيات الأعيان 354، وذيل طبقات الحنابلة 2/ 267 رقم
375، ومختصره 76، والوافي بالوفيات 2/ 219 رقم 613، وشذرات الذهب 5/
283، والمنهج الأحمد 388، والمقصد الأرشد، رقم 903، والدرّ المنضّد 1/
400 رقم 1091، وتذكرة الحفّاظ 4/ 1438، وذيل التقييد للفاسي 1/ 97 رقم
112، والبداية والنهاية 13/ 213، 214، وعقد الجمان (1) 193، والسلوك ج
1 ق 2/ 414.
[2] مردا: بالتحريك. قرية قرب نابلس. (معجم البلدان) .
(48/285)
كثير المروءة، تفقَّه عَلَى شيخنا الموفّق.
وقال الدّمياطيّ: كَانَ صالحا، صحيح السَّماع.
قلت: وخطب بمَرَدا مدّة طويلة. وقدم دمشقَ سنة ثلاثٍ وخمسين فروى
بالبلد والجبل. وحدَّث بكْتُبٍ كبار ك «صحيح مُسْلِم» «والسّيرة» لابن
إسحاق، «والمسند» لأبي يَعْلَى، والأجزاء الّتي لم يحدّث بها أحدٌ بعده
بدمشق.
روى لنا عَنْهُ: ابن ابن أخته محمد بْن أحمد بْن منصور الوكيل، وأبو
إِسْحَاق إبراهيم بْن محمد بْن سَنِي الدّولة، وأبو بَكْر بْن يوسف
المقرئ، وعبد الله ومحمد ابنا الشَّيْخ شمس الدّين، وتقيّ الدّين
سليمان بْن حمزة، وأخوه محمد، وعمّه الجمال عُبَيْد الله بْن أحمد،
والشّمس محمد بن التاج، وابن عمه محمد بن عبد الله، وأبو بَكْر بْن
أحمد بْن أبي الطّاهر، وأحمد بْن عليّ عمّي، وأبو العبّاس أحمد بْن
جبارة، ومحمد بْن عليّ البابْشَرْقي، ويعقوب بْن أحمد الحنفيّ، وأحمد
بْن الفخر البَعْلَبَكّيّ، وأحمد بْن جَوْشَن النمِري، وأبو العبّاس
أحمد ابن الحلبيّة، وأبو العبّاس أحمد بْن إبراهيم الفَزَاري، وإبراهيم
بْن حاتم الزّاهد، ومحمد بْن عليّ الشّروطيّ، وخلق سواهم.
ومن الأحياء فِي وقتنا نحوا مِنْ ستّين نفسا مِنْ أصحابه.
ثُمَّ رجع إلى مَرَدا فِي العام المذكور وبقي بها حيّا إلى هذا الوقت.
وتُوُفّي فِي أوائل ذي الحجّة وقد كمّل التّسعين.
312- محمد بْن حسن [1] بْن محمد بْن يوسف.
__________
[1] انظر عن (محمد بن حسن) في: ذيل الروضتين 199، والعبر 5/ 235، ودول
الإسلام 2/ 121، 122، وتذكرة الحفّاظ 4/ 1438، ومعرفة القراء الكبار 2/
668، 669 رقم 636، وسير أعلام النبلاء 23/ 361 رقم 260، والمعين في
طبقات المحدّثين 209 رقم 2189، والإشارة إلى وفيات الأعيان 354، وتاريخ
ابن الوردي 2/ 201، والوافي بالوفيات 2/ 354 رقم 820، ومرآة الجنان 4/
147، والجواهر المضيّة 2/ 45، 46 رقم 143، وغاية النهاية 2/ 122، 123
رقم 2942، ونهاية الغاية، ورقة 230، والنجوم الزاهرة 7/ 69، وشذرات
الذهب 5/ 283، 284، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 302، والبداية والنهاية 13/
217، والمقفّى الكبير 5/ 565، 566 رقم 2097، وعقد الجمان (1) 194، 195،
وتاريخ الخلفاء 477، وكشف الظنون 647، وهدية العارفين 2/ 126، والأعلام
6/ 86، وديوان
(48/286)
أبو عَبْد الله الفاسيّ، المغربيّ، المقرئ،
العلّامة جمال الدّين، نزيل حلب.
وُلِد بفاس بعد الثّمانين وخمسمائة، وقدم ديارَ مصر، فقرأ بها القراءات
عَلَى: أبي موسى عيسى بْن يوسف بْن إسماعيل المقدِسي، وأبي القاسم
عَبْد الواحد بْن سَعِيد الشّافعيّ. وعرض عليهما «الشّاطبيّة» عَنْ
أحدهما، عَنْ أبي القاسم الشّاطبيّ.
وعرض «الرّائيّة في رسم المُصْحَف» عَلَى الجمال عليّ بْن أبي بَكْر
الشّاطبيّ بروايته عَن المصنّف.
وقدم الشّام فاستوطن حلب، وروى بها القراءات، والعربيّة، والحديث.
وروى أيضا عَنْ: أَبِي القاسم عيسى بْن عَبْد العزيز بْن عيسى، وعبد
العزيز بْن زيدان النَّحْويّ، ومحمد بْن أحمد بْن خلوص المراديّ، وأبي
ذرّ بْن أبي ركب الخشنيّ، والقاضي بهاء الدّين يوسف بْن شدّاد، وقرأ
عَلَيْهِ أكثر «صحيح مُسْلِم» من حِفْظه.
وتفقّه بحلب عَلَى مذهب أبي حنيفة. وكان بصيرا بالقراءات ووجوهها
وعِلَلها، حاذقا بالعربيّة، عارفا باللّغة، مليح الخطّ إلى الغاية
عَلَى طريقة المغاربة، كثير الفضائل، مُوَطأ الأكناف، وافر الدّيانة،
ثقة فيما ينقله. تصدّر للإقراء بحلب، وأخذ عَنْهُ خلْق، منهم: بدر
الدّين محمد بْن أيّوب التّادفيّ، وبهاءُ الدِّين مُحَمَّد بْن إبراهيم
بْن النَّحْاس النَّحْويّ، وجمال الدّين أحمد بْن الظّاهريّ، والشّيخ
يحيى المنبجيّ، والنّاصح أبو بَكْر بْن يوسف الحرّانيّ، والشّريف أبو
محمد الحُسَيْن بْن قَتَادَة الْمَدَنِيّ، وعبد الله بْن إبراهيم بْن
رفيعا الْجَزَري.
وكان يتكلّم فِي الأصول عَلَى طريقة الأشْعري. وقد شرح «حرز الأماني»
شرحا فِي غاية الجودة، أبان فيه عَنْ تضلّع مِن العلوم وتبحّر فِي
القراءات وإسناده فِي القراءات نازل كما ترى، فلهذا لم أنشط للأخذ عن
أصحابه.
__________
[ () ] الإسلام 3/ 420 رقم 1618، ومعجم المؤلفين 9/ 220، وإعلام
النبلاء بتاريخ حلب الشهباء 4/ 415 رقم 230.
(48/287)
سَمِعْتُ أبا عَبْد الله محمد بْن أيّوب
المقرئ يَقُولُ: سَمِعْتُ شيخنا أبا عَبْد الله الفاسيّ يقول: مررت
ببلد مِنْ أعمال الدّيار المصريّة وبها طائفة يمتحنون الشّخص، فكلّ
مِنْ لم يقُل إنّ الله تكلّم بحرفٍ وصوت آذوه وضربوه. فأتاني جماعة
وقالوا: يا فقيه أيش تَقُولُ فِي الحرف والصّوت؟
فألهِمت أن قلت: كلّم الله مَوسى بحرفٍ وصوتٍ عَلَى طور سَيناء.
قَالَ: فأكرموني تِلْكَ اللّيلة وأحضروا قصَب السّكّر ونحوه. وبكّرت.
بالغدوّ خوفا أن يشعروا بي فِي جعل موسى الفاعلَ.
قلت: الَّذِي أعتقده ما صحّ بِهِ النّصّ، وهو أنّ الله كلّم موسى
تكليما، وسمع موسى كلامَ الله حقيقة بأذنه، وَمَا عدا هذا لَا أخوض
فيه، ولا أكفّر مِنْ خاض فيه مِن الطّرفين.
قَالَ أبُو شامة [1] : فِي ربيع الآخر جاءنا الخبر مِنْ حلب بموت
الشَّيْخ أبي عَبْد الله الفاسيّ، وكان عالِمًا فاضلا، شرح قصيدة
الشّاطبيّ شرحا حَسَنًا [2] .
313- مُحَمَّد بْن عَبْد الصّمد [3] بْن عَبْد اللَّه بْن حَيدَرة.
فتحُ الدّين السُّلَميّ، الزّبدانيّ، المعروف بابن العدل.
وُلّي حسبة دمشق مدّة، إلى أن توفّي.
وكان مَهِيبًا، جليلا، مشكورا، فيه عفّة.
تُوُفّي فِي أوّل جمادى الآخرة.
وقد روى لنا ولده يحيى عَن ابن الزّبيديّ العدل، وهو لَقَبُ جَدّه نجيب
الدّين عَبْد الله الَّذِي عمل المدرسة بالزّبدانيّ. كَانَ ذا مكانةٍ
عند السُّلطان صلاح الدّين.
314- محمد بْن عَبْد العزيز [4] بْن عبد الرحيم بن رستم.
__________
[1] في ذيل الروضتين 199.
[2] وسمّى الشرح: «اللآلي الفريدة في شرح القصيدة» .
[3] انظر عن (محمد بن عبد الصمد) في: البداية والنهاية 13/ 213، وعيون
التواريخ 20/ 202، 203، وشذرات الذهب 5/ 284، وعقد الجمان (1) 190،
والمنهل الصافي 3/ 257 رقم 1284.
[4] انظر عن (محمد بن عبد العزيز) في: ذيل الروضتين 199، والمختار من
تاريخ ابن الجزري
(48/288)
الأديب العالِم، نور الدين الإسعرديّ [1]
الشّاعر.
وُلِد سنة تسع عشرة وستمائة، وقال الشعْر الرّائق. وكان من كبار شُعراء
المُلْك النّاصر يوسف، وله بِهِ اختصاص. وديوانه مشهور [2] .
وكان شابّا خليعا، أجلسه نجم الدّين ابن سَنِي الدّولة تحت السّاعات
[3] .
واتفق أَنَّهُ حضر عند المُلْك النّاصر فاصطفاه لمنادمته لمّا رَأَى
مِنْ ظُرفه ولطف عِشرته. وخلع عَلَيْهِ قباء وعمامة بطرف ذَهَب، فأتى
بها مِن الغد وجلس تحت السّاعات، وعمل ما رواه لنا عَنْهُ شيخنا شمس
الدّين محمد بْن عَبْد العزيز الدّمياطيّ:
ولقد بُليتُ بشادنٍ إن [4] ألمْتُهُ ... فِي قُبْح ما يأتيه لَيْسَ
بسامع
مُتبذلًا [5] فِي خِسَّةٍ وجَهَالةٍ ... ومجاعةٍ كشُهُود باب الجامعِ
[6]
وله:
سَأَلت الوزير: أتهوى النّساء ... أم المرد جاءوا [7] عَلَى مُهجتك
فقال وأبدى انخلاعا: معي ... كذا وكذا. قلت: مِنْ زوجتك [8]
تُوُفّي- سامحه الله- فِي سادس عشر ربيع الأوّل بدمشق، وله سبع وثلاثون
سنة.
__________
[ () ] 253، ونكت الهميان 255- 257، والبداية والنهاية 13/ 212 وفيه:
«أبو بكر بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز» وهو وهم، وعيون
التواريخ 20/ 189- 193 وفيه: «نور الدين مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن
عَبْد الْعَزِيز بْن رستم» ، والسلوك ج 1 ق 2/ 414، وشذرات الذهب 5/
284، والعسجد المسبوك 2/ 643، وعقد الجمان (1) 189 وفيه: «أبو بكر محمد
بن محمد بن عبد العزيز ... » .
وسيعاد مختصرا برقم (320) .
[1] وقع في البداية والنهاية 13/ 212 «الأشعري» ، وهو تصحيف.
[2] سمّاه «الزرجون في الخلاعة والجنون» وذكر فيه أشياء كثيرة من النظم
والنثر والخلاعة.
[3] باب الساعات باب الزيادة، وهو الباب القبلي للجامع الأموي بدمشق.
(الدارس 1/ 114) .
[4] في عيون التواريخ 20/ 190، وفوات الوفيات 2/ 330 «لو» .
[5] في عيون التواريخ 20/ 190، وفوات الوفيات: «متبذّل» .
[6] البيتان في: المختار من تاريخ ابن الجزري، وعيون التواريخ، وفوات
الوفيات.
[7] في المختار من تاريخ ابن الجزري: «صاروا» .
[8] وله شعر غيره في المصادر.
(48/289)
315- مُحَمَّد بْنِ مُحَمَّدِ [1] بْنِ
عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.
الوزير الكبير، الخنزير، المُدْبِر، المُبير، مؤيّد الدّين ابن
العَلْقَمِيّ، البغداديّ، الشّيعيّ، الرّافضيّ، وزير الخليفة الإمام
المستعصم باللَّه.
وُلّي وزارة العراق أربعة عشر سنة، فأظهر الرّفض قليلا.
ذكره بهاء الدّين ابن الفَخْر عيسى الموقّع يوما فقال: كَانَ وزيرا
كافيا، قادرا عَلَى النّظم، خبيرا بتدبير المُلْك، ولم يزل ناصحا
لمخدومه حتّى وقع بينه وبين حاشية الخليفة وخَوَاصه مُنَازعة فيما
يتعلّق بالأموال والاستبداد بالأمر دونه وقَوِيَت المنافسةُ بينه وبين
الدّويدار الكبير، وضعُف جانبهُ حتّى قَالَ عَنْ نفسه:
وزير رضي مِنْ بأسه وانتقامه ... بطيّ رقاع حشّوُها النَّظْمُ والنّثر
كما تسجع الورقاء وهي جماعة [2] ... وليس لها نهي يُطاع ولا أمرُ
فلمّا فعل ما فعل كَانَ كثيرا ما يَقُولُ: وجرى القضاء بضدّ ما
أملْتُهُ.
وقلت: وكان فِي قلبه غِل عَلَى الإسلام وأهله، فأخذ يكاتب التّتار،
ويتّخذ عندهم يدا ليتمكّن مِنْ أغراضه الملعونة. وهو الَّذِي جرّأ
هولاكو وقوّى عزمه عَلَى المجيء، وقرّر معه لنفسه أمورا انعكست
عَلَيْهِ، وندم حيث لَا ينفع النّدم، وبقي يركب كديشا، فرأته امرأتُه
فصاحت بِهِ: يا ابن العَلْقَمِيّ أهكذا كنتَ تركب فِي أيّام أمير
المؤمنين؟
وولي الوزارة للتّتار عَلَى بغداد مشاركا لغيره، ثُمَّ مرض ولم تطُلْ
مدّته، ومات غمّا وغبنا، فوا غبناه كونه مات موتا حتْف أنفه، وَمَا ذاك
إلّا ليدّخر له النّكال في الآخرة [3] .
__________
[1] انظر عن (محمد بن محمد ابن العلقميّ) في: العبر 5/ 235، 236،
والحوادث الجامعة 162، ودول الإسلام 2/ 161، وتاريخ ابن الوردي 2/ 201،
ومرآة الجنان 4/ 147، وعيون التواريخ 20/ 133 و 136 و 193، 194،
والفخري في الآداب السلطانية 236، 237، والبداية والنهاية 13/ 212، 213
وفيه: «مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ» ، ومآثر الإنافة
2/ 90- 92، وتاريخ الخميس 2/ 421، 442، وشذرات الذهب 5/ 237، والعسجد
المسبوك 2/ 640، 641، وجامع التواريخ ج 2 ق 1/ 262- 264، وعقد الجمان
(1) 202، 203، ومختصر التاريخ لابن الكازروني 247، 252، 267، 272، 278،
وخلاصة الذهب المسبوك 283، 289.
[2] في عيون التواريخ 20/ 194 «وهي حمامة» .
[3] وقد هجاه بعض الشعراء فقال فيه:
(48/290)
وكان الَّذِي حمله عَلَى مكاتبة العدوّ
عداوة الدّوَيْدار الصّغير وأبي بَكْر ابن الخليفة، وَمَا اعتمداه مِنْ
نهْب الكَرْخ، وأذِية الرّوافض، وفيهم أقارب الوزير وأصدقاؤه وجماعة
علويّين.
فكتب إلى نائب إربل تاج الدّين محمد بْن صَلايا العَلَويّ الرّسالة
الّتي يَقُولُ فيها: كتب بها الخادم مِن النّيل إلى سامي مجدك الأثيل.
ويقول فيها:
نُهِب الكَرْخُ المكرّم والعْترة العلويّة. وحسن التّمثّل بقول
الشّاعر:
أمورٌ يضحكُ السفهاءُ منها ... ويبكي مِنْ عواقبها اللّبيب
فلهم أسوةٌ بالحسين حيث نُهِب حُرَمُه وأريق دمُه ولم يعثر فمه:
أمرتهم أمري بمنعرج اللوَى ... فلم يستبينوا النّصح إلّا ضحى الغد
وقد عزموا- لَا أتمّ الله عزمهم، ولا أنفذ أمرهم- عَلَى نهب الحِلة
والنّيل، بل سوّلت لهم أنفسُهم أمرا، فصبرٌ جميل. وإنّ الخادم قد أسلف
الإنذار، وعَجل لهمُ الأعذار.
أرى تحت الرمادِ ومِيضَ نارٍ ... ويوشك أنْ يكون لها ضِرامُ
وَإِنْ لَمْ يَطُفْهَا عُقَلاءُ قَوْمٍ ... يَكُونُ وَقُودُهَا جُثَثٌ
وهامُ
فقلتُ مِنَ التَّعَجُّبِ: لَيْتَ شِعْرِي ... أَأَيْقَاظٌ أُمَيَّةُ
أَمْ نِيامُ
فكان جوابي بعد خطابي: لَا بدّ مِن الشّنيعة ومن قُتِل جميع الشّيعة،
ومن إحراق كتابي «الوسيلة» و «الذّريعة» ، فكن لما نقول سميعا، وإلّا
جرّ عناك الحِمام تجريعا، فكلامك كلام، وجوابك سَلَّام، ولتتركنّ فِي
بغداد أحمل مِن المشط عند الأصلع، والخاتم عند الأقطع، ولتنبذنّ نبذ
الفلاسفة بحظورات الشّرائع، وتلقى لقاء أهل القرى أسرار الطّبائع، فلا
فعلن يلبي كما قَالَ المتنبّي:
قومٌ إذا أحدّوا الأقلام مِنْ غضبٍ ... ثُمَّ استمدّوا بها ماءَ
المنِيات
نالوا بها مِنْ أعاديهم وإنْ بعُدُوا ... ما لَا يُنال بحدّ
المَشْرَفِيات
__________
[ () ]
يا فرقة الإسلام نوحوا واندبوا ... أسفا على ما حلّ بالمستعصم
دست الوزارة كان قبل زمانه ... لابن الفرات فصار لابن العلقميّ
(البداية والنهاية 13/ 213) .
(48/291)
ولآتينّهم بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها
27: 37 ولأخرجنّهم مِنْها أَذِلَّةً وَهُمْ صاغِرُونَ 27: 37 [1] .
ووديعة مِنْ سرّ آلِ محمدٍ ... أودعتُها إذ كنتُ مِنْ أمَنَائها
فإذا رأيتُ الكوكبين تقاربا ... فِي الْجَدْي عند صباحها ومسائها
فهناك يؤخذ ثأرُ آلِ محمدٍ ... لطلابها بالتّرك مِنْ أعدائها
فكُن لهذا الأمر بالمرصاد، وترقّب أوّل النّحل وأخرَ صاد، والخير يكون
إن شاء الله.
ومات بعد ابن العلقميّ بقليل ولدُه أبو الفَضْلِ محمد بْن محمد. وكان
أبُو الفَضْلِ كاتبا منشئا بليغا، معظّما فِي دولة أَبِيهِ.
تُوُفّي عزَّ الدّين فِي ذي الحجّة عَنْ ستٌّ وستّين سنة.
وقال الكازرونيّ: بل مات فِي أوّل جمادى الآخرة، ومات قبله فِي ربيع
الأوّل أخوه الصّاحب عَلَمُ الدّين أحمد بْن العَلْقَمِيّ، والصّدر تاج
الدّين عليّ بْن الدّواميّ الحاجب.
316- محمد بْن محمد بْن إبراهيم [2] بْن الخضِر.
الشّيخ مُهذب الدّين، أبو نصر الطَّبَريّ، الآمُلي، ثُمَّ الحلبيّ،
الشّاعر، الحاسب.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ مِنْ شِعْره، وقَالَ: مات بصَرْخَد فِي
المحرَّم.
تقدّمت ترجمته فِي سنة 55 [3] .
317- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد [4] بْن عَبْد المجيد.
الأجلّ نظامُ الدّين، ابن المولى الحلبيّ، البغداديّ الأصل.
وُلِد سنة خمسٍ وتسعين وخمسمائة.
__________
[1] اقتباس من سورة النمل، الآية 37، والآية: «ارْجِعْ إِلَيْهِمْ
فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا
وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أذلّة وهم صاغرون.»
[2] انظر عن (محمد بن محمد بن إبراهيم) في: ذيل مرآة الزمان 1/ 79،
وعيون التواريخ 20/ 210، 211.
[3] برقم (225) .
[4] انظر عن (محمد بن محمد بن محمد) في: عيون التواريخ 20/ 203،
والسلوك ج 1 ق 2/ 413، وإعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء 4/ 416، 417
رقم 233.
(48/292)
وتُوُفّي بدمشق فِي خامس جمادى الآخرة،
ودُفِن بقاسيون.
وكان صاحب ديوان الإنشاء الَّذِي للملك النّاصر، والمقدّم عَلَى جماعة
الكتّاب.
وكان فاضلا رئيسا محتشما، مليح الخطّ والتّرسّل، سافر إلى مصر رسولا
مِنْ مخدومه.
روى عَنْهُ الدّمياطيّ مِنْ شِعْره.
318- محمد ابن الشَّيْخ محيي الدّين محمد بْن عليّ بْن العربيّ [1] .
الأديب البارع، سَعْد الدّين.
وُلِد بملطية سنة ثمان عشرة وستّمائة فِي رمضان.
وكان شاعرا محسِنًا، لَهُ ديوان.
وتُوُفّي بدمشق فِي جمادى الآخرة، وقبروه عند أَبِيهِ، وله ثمان
وثلاثون سنة.
ومن شِعْره:
أدمشق طال إلى رُباكِ تَشوقي ... وحننت منك إلى المقرّ [2] المونق
وإذا ذكرتك أيّ قلب لم يطر ... طربا، وأيّ جوانح لم تخفق؟
أعلمت أنّ القلب ظلّ مقيّدا ... شغفا بذيّاك الجمال المطلق
واها لمنظرك البهيج وروضك ... العبق الأريج وعرفك المستنشق
حكت الشّحارير الّتي بغصونها ... خطباء في درج المنابر ترتقي
حكت الشّحارير الّتي بغصونها ... خطباء فِي دَرَج المنابر ترتقي
حدَّث- فديتك- عَنْ مشيّد قصورها ... لَا عَنْ سديرٍ دارسٍ وخورنق
وإذا رَأَيْت مشبّها بلدا بها ... فارفق فخصمك فِي جنونٍ مطلق [3]
__________
[1] انظر عن (محمد بن العربيّ) في: ذيل الروضتين 200، وفوات الوفيات 2/
325- 329، وعيون التواريخ 20/ 194- 201، والبداية والنهاية 13/ 217،
ونفح الطيب 2/ 269، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 302، وشذرات الذهب 5/ 283،
والوافي بالوفيات 1/ 186 رقم 115، والمقفى الكبير 7/ 121 رقم 3210،
والأعلام 7/ 257، والسلوك ج 1 ق 2/ 413، وتاريخ الخلفاء 477 وفيه «سعد
الدّين بن العربيّ الشاعر» وهو غلط.
[2] في عيون التواريخ 20/ 195 «وحننت دوما للمقر» .
[3] الأبيات مع غيرها في: عيون التواريخ 20/ 195، 196 دون البيت
الأخير.
(48/293)
ومن شِعْره:
عفا الله عَنْ عينيك كم سفكت دما ... وكم فوّقت نحو الجوانح أسهما
أكلّ حبيبٍ حاز رِق محبّه ... حرام عَلَيْهِ أن يرقّ ويرحما
هنيئا لطرفٍ بات فيك مُسَهدًا ... وطوبى لقلب ظلّ فيك متيّما
حمى ثغره عنّي بصارم لحظه ... فلو رمت تقبيلا لذاك اللّمالما
وقد درس سَعْد الدّين وسمع الحديث، ومات قبل الكهولة رحمه الله [1] .
319- محمد بْن محمد بْن حسين.
مُخلِص الدّين، أبو البركات الحُسيني، الدّمشقيّ.
سَمِعَ مِنَ: الخُشُوعيّ.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وقال: تُوُفّي فِي ربيع الأوّل.
320- محمد بْن محمد بْن رستم [2] .
النّور، الإسعرديّ، الشّاعر المشهور.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ مِنْ نظمه، وقال: تُوُفّي شابا.
__________
[1] وقال أبو شامة: «وكان من الفضلاء العقلاء» . كتب إليّ من نظمه
يستعير مني «الروضتين» الّذي صنّفته:
بك ملّة الإسلام عاد شبابها ... يا من بفتياه استبان صوابها
هذي ثمار «الروضتين» زكاتها ... وجبت عليك غداة ثم نصابها
فامنن عليّ بها لعليّ أجتلي ... ثمرات علم واحتاك سحابها
وأنا الكفيل بحفظها وبحفظها ... ويكون أسرع من نداك إيابها
وأجل قدرك أن أرى متحيرا ... طلبا لها وتكون أنت شهابها
(ذيل الروضتين) .
ومن شعره:
لمّا تبدّى عارضاه في نمط ... قيل: ظلام بضياء اختلط
وقيل: نمل فوق عاج قد سقط ... وقال قوم: إنها اللام فقط
وقال:
سهري مع المحبوب أصبح مرسلا ... وأراه متّصلا بفيض مدامعي
قال الحبيب بأنّ ريقي نافع ... فاسمع رواية مالك عن نافع
(المقفى الكبير 7/ 122) .
[2] هو محمد بن عبد العزيز الّذي تقدّمت ترجمته برقم (314) .
(48/294)
وسمّاه غيره محمد بْن عَبْد العزيز كما
مرّ.
321- محمد بْن محمد بْن خَالِد [1] بْن محمد بْن نصر بْن القيسرانيّ.
الصّدر الكبير الوزير، عزَّ الدّين الحلبيّ، الكاتب.
وُلِد سنة إحدى وتسعين وخمسمائة بحلب.
وسمع مِنَ: ابن طَبَرْزَد.
وكتب عَنْهُ: الدّمياطيّ، وغيّره.
وكان رئيسا مبجّلا لَهُ حرمة وافرة وتقدّم عند المُلْك النّاصر بْن
العزيز وتوزّر لَهُ، وفي بيته جماعتهُ فضلاء وأكابر.
تُوُفّي فِي رمضان بدمشق.
322- محمد بْن محمد بْن الشَّيْخ عَبْد الوهّاب بْن سكينة.
الإمام شرف الدّين شيخ رباط جَدّه شيخ الشّيوخ.
قاتل حتّى قُتِل فِي صَفَر، رحمه الله تَعَالَى.
323- محمد بْن مظفّر بْن مختار.
الجذاميّ، أبو عَبْد القس وجيه الدّين الإسكندرانيّ، المعدّل، المعروف
بابن المنيّر.
سَمِعَ مِنْ: أبي القاسم بْن الحرستانيّ.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ وقال: تُوُفّي- رحمه الله تَعَالَى- فِي شوّال.
324- مُحَمَّد بْن مَنْصُور [2] بْن أبي القَاسِم بْن مختار.
القاضي الجليل، وجيهُ الدّين أبو المعالي ابن المنيّر الجذاميّ،
الجرديّ، الإسكندرانيّ المعدّل.
وُلِد سنة ثمانٍ وسبعين وخمسمائة.
وسمع ببغداد مِنْ: أبي الفتح أحمد بْن عليّ الغزنويّ.
__________
[1] انظر عن (محمد بن محمد بن خالد) في: عيون التواريخ 20/ 179،
والسلوك ج 1 ق 2/ 413.
[2] انظر عن (محمد بن منصور) في: المقفّى الكبير 7/ 296 رقم 3367.
(48/295)
وبدمشق مِنْ: أبي القاسم عَبْد الصّمد بْن
الحَرَسْتاني، وابن ملاعب.
وأجاز لَهُ الخليفة النّاصر.
كتب عَنْهُ الطّلبة، ومات فِي شوّال بالثّغر. وهو والد زين الدّين
وناصر الدّين [1] .
325- محمد بْن نصر [2] بنُ عَبْد الرّزّاق بْن الشَّيْخ عَبْد القادر.
الإمام محيي الدّين، مدرّس مدرسة جدّهم.
وكان صالحا ورعا. ناب فِي القضاء عَنْ والده يوما واحدا وعَزَل نفسه.
وعاش أشهرا بعد أخذ بغداد.
326- محمد بْن نصر بْن يحيى [3] .
الصّاحب تاج الدّين، أبُو المكارم بْن صلايا، نائب إربل الهاشميّ،
العَلَويّ، الشّيعيّ.
كَانَ نائب الخليفة بإربل، وكان مِنْ رجال العالم عقلا ورأيا وحزما
وصرامة.
وكان سمحا، جوادا، ماجدا. بَلَغَنَا أنّ صدقاته وهباته كانت تبلغ فِي
السَّنَة ثلاثين ألف دينار.
وكان بينه وبين صاحب المَوْصِل لؤلؤ منافسة، فلمّا استولى هولاوو على
العراق أحضرهما عنده، فيقال إنّ لؤلؤ قَالَ لهولاوو: وهذا شريف علويّ،
ونفسه تحدّثه بالخلافة، ولو قام لتبعه النّاس واستفحل أمره. فقتله
هولاكو فِي شهر ربيع الأوّل، أوْ فِي ربيع الآخر، بقرب تبريز، وله أربع
وستّون سنة على الأصحّ.
__________
[1] وقال المقريزي: وكان وافر العقل، ظاهر النبل، فيه سيادة ورئاسة.
[2] انظر عن (محمد بن نصر) في: المنهج الأحمد 387، وذيل طبقات الحنابلة
2/ 265، ومختصره 76، والدرّ المنضّد 1/ 399، 400 رقم 1089.
[3] انظر عن (محمد بن نصر بن علي) في: الحوادث الجامعة 137، وذيل مرآة
الزمان 1/ 91، والمختار من تاريخ ابن الجزري 247، وطبقات الشافعية
الكبرى 5/ 109- 112، والعبر 5/ 236، وعيون التواريخ 20/ 203، 204 وفيه:
«محمد بن نصر بن علي» ، والنجوم الزاهرة 7/ 16، وشذرات الذهب 5/ 284.
(48/296)
وكان ذا فضيلةٍ تامّة، وأدبٍ وشعر. وكان
يشدّد العقوبة عَلَى شارب الخمر بأن يقلع أضراسه.
ولقد داري التّتار حتّى انقادوا لَهُ، وكان مِنْ دخل منهم إلى حدود
إربل بدّدوا ما معهم مِن الخمور رعاية لَهُ.
327- محمد بْن هارون بْن محمد بْن هارون بْن عليّ بْن حُمَيْد.
الْفَقِيهُ الصّالح، موفّق الدّين، أبو عبد الله الثّعلبيّ، الشّيعيّ،
الدّمشقيّ، الشّافعيّ.
وُلِد بقرية أرزونا سنة تسعٍ وثمانين وخمسمائة.
وسمع الكثير بنفسه، وأسمع أولاده. وهو أخو المحدّث عَبْد الرَّحْمَن،
ووالد الشَّيْخ عليّ القاري نزيل القاهرة.
سَمِعَ: الخُشُوعيّ، والقاسم بْن عليّ العلي، وحنبلا المكبّر، وجماعة.
روى عَنْهُ: ابنه أبُو الحَسَن، وأبو العبّاس بْن الظّاهريّ، وأخوه
إبراهيم، والتّقيّ عُبَيْد، ومحمد بْن محمد الكنجيّ، وتاج الدّين عَبْد
الرَّحْمَن الشّافعيّ، وأخوه شرف الدّين الخطيب، وجماعة.
وكان مِنْ أهل العِلْم والصّلاح.
تُوُفّي فِي ثالث عشر رمضان بدمشق.
328- محمد بْن أبي عَبْد الله بْن جبريل بْن عزاز.
المحدّث المفيد، رشيدُ الدّين الأنصاريّ، الْمَصْرِيّ، الشّافعيّ،
المؤدّب.
ولد سنة تسع وثمانين وخمسمائة.
وسمع الكثير مِنْ: عَبْد العزيز بْن باقا، ومكرم، ومحمد بْن عماد،
وطائفة.
وكتب الكثير، وصحب الحافظ عَبْد العظيم مدّة. ورافق ولده فِي السَّماع.
وعُني بالحديث. ومات فِي ذي القِعْدة.
329- محمود بْن أَحْمَد [1] بْن محمود بْن بختيار.
__________
[1] انظر عن (محمود بن أحمد) في: صلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني 2/
ورقة 35، والحوادث الجامعة 163، والإشارة إلى وفيات الأعيان 353، وسير
أعلام النبلاء 23/ 245،
(48/297)
الْفَقِيهُ الإمام، أبو الثّناء [1]
الزَّنْجانيّ، الشّافعيّ.
وُلِد سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة.
وسمع عُبَيْد الله بْن محمد السّاوي، ودرّس وأفتى.
واستشهد ببغداد بسيف التّتار الكُفار. وكان مِنْ بحور العِلْم، لَهُ
تصانيف.
وقد وُلّي قضاء القضاة بعد أبي صالح الجيلي مدة، وعزل.
وهو والد قاضي العراق عزَّ الدّين أحمد بْن محمود.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وقال: وُلِد بزنجان، ودرّس بالمستنصريّة.
330- المرجّى بْن الحَسَن [2] بْن عليّ بن هبة الله بن غزال بن شُقُيْر
[3] .
الشَّيْخ، المقرئ، المُعَمَّر، عفيف الدّين، أبو الفَضْلِ الواسطيّ،
البزّاز، التّاجر السّفّار.
وُلِد يوم عرفة بواسط سنة إحدى وستّين وخمسمائة.
وسَمِعَ مِنْ: أَبِي طالبٍ مُحَمَّد بْن عَلِيّ الكتّانيّ، وهو آخر
مِنْ روى عَنْهُ.
ومن: ابن نغوبا.
وقرأ القرآن بالرّوايات عَلَى أبي بكر بن الباقلّانيّ. وتفقّه
للشّافعيّ على
__________
[ () ] 246، رقم 241، وطبقات الشافعية الكبرى 8/ 368 رقم 1265، وطبقات
الشافعية للإسنويّ 2/ 15 رقم 587، والنجوم الزاهرة 7/ 68، وطبقات
الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 457 رقم 426، والأعلام 8/ 37، ومعجم
المؤلّفين 12/ 148، ومعجم طبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 176 ب.، وعقد
الجمان (1) 197.
[1] في طبقات الشافعية الكبرى كنيته: «أبو المناقب» .
[2] انظر عن (المرجّى بن الحسن) في: تاريخ إربل 2/ 399- 404 رقم 302،
وتكملة إكمال الإكمال 204، وتلخيص مجمع الآداب 4/ 531 رقم 775، والعبر
5/ 236، ومعرفة القراء الكبار 2/ 656، 657 رقم 625، والمعين في طبقات
المحدّثين 209 رقم 2190، وتذكرة الحفاظ 4/ 1441، وسير أعلام النبلاء
23/ 329، 330 رقم 228، ونكت الهميان 212، 213، وغاية النهاية 2/ 293
رقم 3586، ونهاية الغاية، ورقة 156، وحسن المحاضرة 1/ 501، 502، وشذرات
الذهب 5/ 285، وعلماء بغداد للفاسي 232، وذيل التقييد له 2/ 278 رقم
1620، والدليل الشافي 2/ 732.
[3] في معرفة القراء الكبار 2/ 656، وسير أعلام النبلاء 23/ 329
«شقيرا» . وفي تلخيص مجمع الآداب، وغاية النهاية: «شقيرة» . والمثبت
يتفق مع بقية المصادر.
(48/298)
يحيى بْن الرّبيع الْفَقِيهُ.
وحدَّث وأقرأ، وسافر فِي التّجارة [1] . وكان صحيح الرّواية مقبولا.
روى عنه: أبو محمد الدمياطي، وأبو علي بن الخلّال، وأبو المحاسن بْن
الخِرَقي، ومحمد بْن يوسف الذّهبيّ، والإمام عزَّ الدّين الفاروثيّ،
وأبو المعالي بْن البالِسي، ومحمد ابن خطيب بيت الأبّار، ومحمد بْن
المهتار، وآخرون.
ولا أعلم مَتَى مات، لكنّ عزَّ الدّين الفاروثيّ ذكر أَنَّهُ عاش إلى
هذه السَّنَة أوْ نحوها.
331- مظفّر بْن عليّ بْن رافع.
أبُو المنصور الزُّهْرِيّ، الإسكندرانيّ، الكاتب.
قِدم دمشق، وسمع مِنْ: الكِنْديّ، وابن الحَرَسْتاني.
وحدَّث.
روى عَنْهُ جماعة كالدّمياطيّ.
ومات فِي المحرَّم.
332- مكّيّ بْن عَبْد العزيز بْن عَبْد الوهّاب بْن إِسْمَاعِيل بْن
مكّيّ.
الإمام، المفتي، المصنّف، أبُو الحرم، ابن الإمام أبي الفَضْلِ بْن
الْفَقِيهُ أبي محمد بْن العلّامة أبي الطّاهر بْن عوف الزُّهْرِيّ،
الإسكندرانيّ، المالكيّ، العدل.
لَهُ حلقة إشغال وإفادة.
توفّي يوم النّحر بالإسكندريّة.
__________
[1] وقال ابن المستوفي: تاجر يحفظ الكتاب العزيز، له ثروة. ورد إربل
مرّات. اجتمعت به في ثاني المحرّم من سنة أربع وعشرين وستمائة ... وكنت
وجدت في ثبته في نسبه، مرّة يقدّم فيها «غزال» على «شقيرة» ومرّة يقدّم
«شقيرة» على «غزال» ، فسألته عن ذلك، فقال: هو شقيرة بن غزال. أنشدنا
من لفظه وحفظه:
ونار لو نفخت بها أضاءت ... ولكن أنت تنفخ في رماد
لقد أسمعت لو ناديت حيّا ... ولكن لا حياة لمن تنادي
(48/299)
333- منصور بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ.
أبو عليّ الأنصاريّ، الإسكندرانيّ، المعروف بابن النّحّاسّ.
ولد سنة ستّ وثمانين وخمسمائة.
وسمع مِنْ: عَبْد الرَّحْمَن بْن موقا، ومنصور بْن خميس اللَّخْميّ.
ومات فِي رجب.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ.
- حرف النون-
334- نبهان بْن محمود [1] بْن عثمان بْن نبهان.
صدر الدّين الإربليّ، التّاجر السّفّار، ابن أخي التّاجر الكبير أصيل
الدّين عَبَّاس.
صدر، رئيس، عالم لَهُ شِعْر. وكان مولده سنة ثمان وثمانين وخمسمائة.
وقتل ببغداد [2] .
وتُوُفّي عمّه الأصيلُ بدمشق سنة تسعٍ وثلاثين.
335- نصر الله بْن أبي العزّ [3] مظفّر بْن أبي طَالِب عقيل بْن حمزة.
__________
[1] انظر عن (نبهان بن محمود) في: المختار من تاريخ ابن الجزري 247،
248، وعيون التواريخ 20/ 161، 162، وفيه: «صدر الدين ابن نبهان» ، و
20/ 204، 205.
[2] وكان صدر الدين نبهان صديق عارض الجيش ببغداد فعزل، ثم صار صدر
الدين صورة وزير للأمير شجاع الدين العزّي، فتوفي العزّي، فاتصل الصدر
بعدّة الملك فتح الدين بن كر، فخرج فتح الدين من بغداد مغاضبا، فعمل
مجد الدين النشابي في ذلك مواليا:
رجل ابن نبهان الأعيرج شؤمها معلوم ... ما زار قطّ أحدا إلّا لقي
المحتوم
قلع ملك وعزل عارض بهذا الشؤم ... وعاد جرّر رغيمه معبر أخت البوم
(عيون التواريخ 20/ 161، 162) .
ومن شعر نبهان وقد قلع سنّه:
سنّي الّذي كان إذا راعني ... خطب قصارى الأمر في قرعه
عاندني فيه زماني وقد ... آل بي الدهر إلى قلعه
وهكذا سيمته إن صفا ... كدر والتكدير من طبعه
وله شعر غيره.
[3] انظر عن (نصر الله بن أبي العز) في: ذيل الروضتين 201، والمعين في
طبقات المحدّثين
(48/300)
نجيب الدّين، أبو الفتح الشَّيْبانيّ،
الدّمشقيّ، الصّفّار، المعروف بابن الشّقيشقة [1] المحدّث، الشّاهد.
ولد سنة نيّف وثمانين وخمسمائة.
وسمع بعد السّتّمائة الكثير، وعني بالحديث وحصّل الأصول.
وسمع مِنْ حنبل «المسند» ، ومن: ابن طَبَرْزَد، والخضِر بْن كامل،
ومحمد بْن الزّنف، والتّاج الكِنْديّ، وابن مندويه، وخلق بعدهم.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، والقاضي تقيّ الدّين الحَنْبليّ، والنّجم بْن
الخبّاز، والشّمس بْن الزّرّاد، وابن البالِسي، والنّجم محمود
النّميريّ، وعلاء الدين الكِنْديّ، وآخرون.
وحدَّث فِي آخر عُمُره بالمُسْنَد، وكان أديبا، فاضلا، ظريفا، مليح
البِزة، مقبولا عند القُضاة. وكان يَعرف شيوخ دمشق ومرويّاتهم، ويسمع
العالي والنّازل، وخطّه وحشٌ معروف. ولم يكن بالعدْل فِي دينه.
قَالَ أبُو شامة [2] : لم يمكن بحال أن يؤخذ عَنْهُ. كَانَ مشتهرا
بالكذَب ورقّة الدّين، مقدوحا فِي شهادته.
وكان قاضي القُضاة نجم الدّين ابن سنيّ الدّولة مُراعيًا لذوي الجاهات،
فاستشهده لذلك، وميّزه بأن جعله عاقدا للأنكحة تحت السّاعات، فعجِب
النّاس، فأنكروا ما فعل.
قَالَ: وأنشدني البهاء بْن الحافظ لنفسه فيه:
__________
[ () ] 209 رقم 2191، والعبر 5/ 236، 237، والإعلام بوفيات الأعلام
274، والإشارة إلى وفيات الأعيان 353، وتذكرة الحفاظ 4/ 1439، والبداية
والنهاية 13/ 217، 218، وفوات الوفيات 4/ 185 رقم 543، وعيون التواريخ
20/ 205، 206، والزركشي 335، وعقود الجمان لابن الشعار 9/ 85، وذيل
التقييد للفاسي 2/ 295، 296 رقم 1663، وشذرات الذهب 5/ 285، وعقد
الجمان (1) 193، 194، والدارس 1/ 80، 81، وميزان الاعتدال 4/ 254 رقم
9054، ولسان الميزان (طبعة بيروت) 7/ 192 رقم 8876.
[1] في البداية والنهاية 13/ 217 «ابن شعيشعة» وهو تصحيف. وذكره في
وفيات سنة 657 هـ.
[2] في ذيل الروضتين 201.
(48/301)
جلس الشّقيشقة [1] الشّقي ليشهدا [2] ...
بأبيكما [3] ماذا عدا ممّا [4] بدا
هَلْ زلزل الزلزالُ؟ أم [قد] [5] أخرج الدّجّال ... ، أم عُدِم الرّجال
ذوو [6] الهُدى
عجبا لمحلول العقيدة جاهلٍ ... بالشّرع قد أذنوا لَهُ أن يعقدا [7]
ورأيت وراقا فِي مثال هذا بخطّ عَبْد الرحيم بْن مَسْلَمة فيها كذبه
وتركه للصّلوات تُوُفّي فِي عشيّة السّادس مِنْ جمادى الآخرة، وقد جاوز
السّبعين. ووقف قاعتَه الّتي بدرب البانياسيّ دارَ حديث. والآن فيها
شيخنا المزّيّ.
336- مَعِين الدّين هبة الله بْن حشيش.
كاتب الدّرج. وزر بمصر للمعظّم توران شاه بْن الصّالح، وكان استصحبه
معه مِنْ حصن كيفا، وهو عَلَى دين النّصرانيّة، ثُمَّ أسلم لمّا استعاد
المسلمون دمياط. ثُمَّ قِدم دمشق، وخدم موقّعا فِي الدّولة النّاصريّة.
كَانَ رئيسا نبيلا، حَسَن السّيرة.
مات فِي رجب سنة ستٌّ وخمسين.
وهو جدّ المولى القاضي مَعِين الدّين أبقاه الله.
- حرف الياء-
337- يحيى بْن عَبْد العزيز [8] بْن عَبْد السّلام.
الخطيبُ، بدر الدّين، أبو الفَضْلِ ابن شيخ الإسلام عزَّ الدّين أبي
محمد السّلميّ، الدّمشقيّ.
__________
[1] في البداية والنهاية: «الشعيشعة» .
[2] في الأصل: «ليشهد» .
[3] في البداية والنهاية: «تبّا لكم» .
[4] في البداية والنهاية: «فيما» .
[5] إضافة على الأصل. وفي رواية: «أم هل» ، وفي البداية والنهاية: «أم
قد خرج» .
[6] في عيون التواريخ: «أم عدموا الرجال أولي» .
[7] في البداية والنهاية: «أن يقعدا» .
والأبيات في: ذيل الروضتين 201، والبداية والنهاية 13/ 217، وعيون
التواريخ 20/ 206، وفوات الوفيات 4/ 185، وعقود الجمان 9/ 85، وعقد
الجمان (1) 194.
[8] انظر عن (يحيى بن عبد العزيز) في: ذيل الروضتين 199، وعيون
التواريخ 20/ 206.
(48/302)
ولد بعد السّتّمائة.
وسمع وهو كبير مِنَ: ابن اللّتّيّ.
وطلب الحديث بنفسه، وكان لَهُ فهمٌ ومعرفةٌ جيّدة، وتعاليق مفيدة.
وكتب عَنْهُ بعض الطّلبة.
وكان خطيب العُقَيبة.
تُوُفّي فِي ليلة ثاني عشر ربيع الأوّل فِي حياة والده. وهو والد
الخطيب ناصر الدّين.
338- يحيى بْن أبي غانم [1] مُحَمَّد بْن هِبَة اللَّه بْن مُحَمَّد
بْن أبي الفَضْلِ هبة الله بْن أحمد.
الصدْرُ تاج الدّين، أبو الفتح بْن أبي جرادة العُقَيْليّ، الحلبيّ،
الحنفيّ المعروف بابن العديم.
وُلِد سنة ثمانين وخمسمائة.
وسمع مِنْ: أَبِيهِ، وعمّه أبي الحَسَن أحمد، والإفتخار عَبْد اللّطيف،
وأبي محمد بْن الأستاذ.
وبالحجاز مِنْ: يحيى بْن عقيل بْن شريف.
وبدمشق: مِنْ أَبِي اليُمْن الكِنْديّ.
وأجاز لَهُ يحيى الثّقفيّ، وغيره.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، والكمال إسحاق الأسَدي.
تُوُفّي فِي منتصف صَفَر ببلده، ودُفِن بالمقام.
339- يحيى بْن يوسف [2] بْن يحيى بْن منصور بْن المُعَمَّر بن عبد
السّلام.
__________
[1] انظر عن (يحيى بن أبي غانم) في: السلوك ج 1 ق 2/ 412، وعقد الجمان
(1) 195، 196، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 297، وإعلام النبلاء بتاريخ حلب
الشهباء 4/ 416 رقم 231.
[2] انظر عن (يحيى بن يوسف) في: ذيل مرآة الزمان 1/ 257، وحوادث الزمان
وأنبائه ووفيات الأكابر والأعيان من أبنائه، المعروف بتاريخ ابن الجزري
(مخطوطة مكتبة كوبريلي باستانبول) - ذكر الأناشيد في آخر وفيات سنة 735
هـ، ورقة 391 حسب ترقيم المخطوط. وصفحة
(48/303)
الشَّيْخ العلّامة، الزّاهد، جمال الدّين،
أبو زكريّا الصّرصريّ، ثُمَّ البغداديّ، الحَنْبليّ، الضّرير،
اللُّغَويّ، الأديب، الشّاعر، صاحب المدائح النّبويّة السّائرة في
الآفاق [1] .
ولد سنة ثمان وثمانين وخمسمائة.
وصحب الشَّيْخ عليّ بْن إدريس صاحب الشَّيْخ عَبْد القادر. وسمع مِنْ
جماعة.
وروى الحديث.
حكى لنا عَنْهُ شيخنا ابن الدّباهيّ [2] ، وكان خال أمّه.
بَلَغَنَا أَنَّهُ دَخَلَتْ عَلَيْهِ التّتار، وكان ضريرا، فطعن
بعُكازه بطْنَ واحدٍ منهم قتله ثُمَّ قُتِل شهيدا.
ومن شِعْره هذه القصيدة العديمة النّظير الّتي جمع كلّ بيتٍ منها حروف
المُعْجَم:
أبت غير شج الدّمع مُقْلة ذي حَزَن ... كَسَتْه الضّنى الأوطان فِي
مشخص الظعنٍ
بثَثْتُ خليلا ذا حمى صادقا رضى ... شجى لظنّي سطوا فزاغ بِهِ عين
تثبت وخُذْ فِي المصطفَى نظْمَ قارِضٍ ... غزير الحجى يسمعك مدهشة
الأذن
__________
[ () ] 467 حسب ترقيمنا وتحقيقنا، ونظم «زوائد الكافي علي الخرقي» ،
ونظم في العربية، وفي فنون شتى، ومدح الإمام أحمد وأصحابه، والإعلام
بوفيات الأعلام 274، ودول الإسلام 2/ 161، والعبر 5/ 237، والإشارة إلى
وفيات الأعيان 352، 353، وذيل طبقات الحنابلة 2/ 262، 263 رقم 369
ومختصره 75، والمنهج الأحمد 368، وفوات الوفيات 4/ 298، والمقصد
الأرشد، رقم 1240، والدرّ المنضدّ 1/ 398، 399 رقم 1085، ومختصر طبقات
الحنابلة 58، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 298 و 302، والبداية والنهاية 13/
211، ومرآة الجنان 4/ 147، وفوات الوفيات 4/ 298- 319 رقم 575، وعيون
التواريخ 20/ 143- 154، ونكت الهميان 308، والنجوم الزاهرة 7/ 66، 67،
وشذرات الذهب 5/ 285، وهدية العارفين 2/ 523، وعقد الجمان (1) 185،
186، ودرّة الأسلاك 1/ ورقة 19، والسلوك ج 1 ق 2/ 413، وتاريخ الخلفاء
477، وكشف الظنون 340، وإيضاح المكنون 2/ 231، وهدية العارفين 2/ 523،
وفهرست الخديوية 4/ 248، ومعجم المؤلفين 13/ 236، 237.
[1] يقال إن مدائحه في النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم تبلغ عشرين
مجلّدا. وقد نظم في الفقه «مختصر الخرقي» ، بقصيدة طويلة لاميّة.
[2] الدباهي: نسبة إلى قرية من نواحي بغداد.
(48/304)
ثوت جميع الحُسْنَى بغرّ خِلاله ... صفا
مِنْ قَذَى سطو ذكا مُدْحضي الظّنّ
جَزَى المصطفى ذو العرشِ خيرا فقد مَحَى ... ضلالا كثيفَ البَغْي
مُسْتَبهظ الوهنِ
حوى المجد ثبت خصّ بالشرَف الَّذِي ... علا زادَ قُدْسًا طاهرا كاظم
الضغَنِ
خبتْ نار طغوى حرب ذي الغيث إذ مضى ... سحابُ ظلامِ الشّرك بالصّدق
كالعِهْنِ
دَجَتْ ظُلمُه الأوثانِ أعْشَتْ بزَيْغها ... فأطلق مِنْ حصر الخِنا
الضّنك ذا سحنِ
ذوى غُصْنُ خطّ الشركِ فِي بعثِ أحمد ... الرَّسُول الرّضى الأحظى
اجتباه فقل زِدْنيِ
رضى غير قط ذو حجى زاد قُربه ... فأخلص مُطيعًا لَا تشكّ فتستثني
زكا رُشده فاختصر بالسّعد ثمره ... حلا طاب ذوقا ظلّ غضّا لمن يجني
سطا بجنود الإثم والزّيغ فاتِكًا ... وظلّ مهيض الخلق بالشّرع ذا حصنِ
شفى زَيغ سوُء مخبث الصّدر معضلا ... بحجّة ذكر قاطع اللّفظ مفتنِ
صفوح غزيرُ العقل ثبت خَلا أَذَى ... لظى سوء خطب شائك داؤه مضني
صفا ظلّ ثاو عذ بقَصدك تُربة ... غدَا تجشّم الأخطار فِي السّهل والحزن
طوى شقّه المعراج إذ جاز بسطه ... لفت لاقطا يرضي غدا مخلصا يثني
ظِباهُ سَطَتْ بالشّرك فاحتاج غصبه ... وأخزى ذوي الإثم الوضيع فقل
قدني
عَفَتْ سوقَ حزبِ الشّرك بعثة مصطفى ... رضى خاتم جلا وحي الظّلم ذي
الغبنِ
غزا لخصم ذا التّخبيث والإفك بالظّبا ... واقصدْ سُوسَ الجهل بالضّرب
والطعنِ
فخشا وذُري الإسلام بالحقّ مخلصا ... وجثت طغاة العضة بالكظم والزبنِ
قضى بامتثال سنّة الشّرع موجرا ... لاكوه ذو حفظ غدا أخمص البطن
كثير سجايا الفَضل لَا وضم عنده ... لنطقٍ مغيظ بت خزيان ذي سجنِ
لقد كَانَ ثبتا فِي اضطرام لَظَى الوَغَى ... شجاعا بسهم الحزم يخصم
بالأذنِ
مقف، شكورٌ، ثابت الجدّ ضابط، ... خلا عَنْ غميز ذو صفا ظاهر الحسنِ
نُجَيْد، قَتُوم، ذو اصطفاء باهر غدا ... عظيم خلا عَنْ شامتٍ ضاحك
السّنّ
وكم حاز فضلا ثابتا شامخ الذّرى ... جسيما، عظيم القدر مِنْ طبعه
المُغْني
هيا خاتم الأمجادِ صِلْ حِفْظ ذي ثنا ... فقا فيك شِعرًا سائغا ضابط
الوزنِ
لأنت إذا خطب وحادثُ ضِيقةٍ ... وكاشف أسر الظّلم مَعَ صورة الحزن
يثبك وقتا حاجر الرّضخ شاخصا ... فذد عَنْهُ طغوى ظالم الإنس والجنّ
فيا سيّد السّادات يا مَن بفضلِهِ ... لَيَشْهَدُ بيتُ اللهِ ذو الحجر
والركنِ
(48/305)
يظلّ فؤادي عند ذكرك خافقا ... ويَهْمي إذا
اشتقتك الدّمع مِنْ جَفْني
فسَل لي ربّ العرش نحوك عودة ... أجدّد عهدا لَا يخيب بِهِ ظنّي
فيا سائلا كن قائلا هذه الّتي ... بمدحته أضحت معظّمة الشّأن
ومن سرّه أنّي لعشر نظمت ما ... يقصر عَنْهُ فِي السفِين ذَوُو الوَهنِ
تضمّ حروفَ الخطّ جمعا بيوتُها ... وأسألُ عُذْرًا إن بدَتْ كلفة منّي
[1]
340- يوسف بْن عَبْد الرَّحْمَن [2] بْن علي بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن
عُبَيْد الله.
الصّاحب العلّامة محيي الدّين، أبو المحاسن بْن الإمام جمال الدّين أبي
الفَرَج ابن الجوزيّ، البكْري، البغداديّ، الحنبليّ، أستاذ دار
المستعصم باللَّه.
__________
[1] وله شعر غيره في المصادر.
[2] انظر عن (يوسف بن عبد الرحمن) في: صلة التكملة لوفيات النقلة،
للحسيني، ورقة 118 ب، والحوادث الجامعة 328، وعقود الجمان في شعراء أهل
الزمان لأبي الشعار، ج 10/ ورقة 229 ب، وفيه «عبيد الله بن حمّادي»
ومرآة الزمان (مخطوطة) فيض الله أفندي رقم 1524- ج 9/ ورقة 6 أو 24 ب و
36 أو 45 ب 48 أو 58 أو 87 ب، ووفيات الأعيان 30/ 142 و 6/ 247، 248
نهاية الأرب (مخطوط) ، 27/ ورقة 150 أ، ومستفاد الرحلة والاغتراب 38-
43، وتلخيص مجمع الآداب 435، وذيل مرآة الزمان 1/ 332- 340، والمختصر
في أخبار البشر 3/ 197، والإعلام بوفيات الأعلام 274، والعبر 5/ 277،
وسير أعلام النبلاء 23/ 372- 374 رقم 266، والمعين في طبقات المحدّثين
208 رقم 2181، وتذكرة الحفاظ 4/ 1444، ودول الإسلام 2/ 161، وتاريخ ابن
الوردي 2/ 200، ومرآة الجنان 4/ 147، 148، وذيل طبقات الحنابلة 2/ 258-
261 رقم 365، والعسجد المسبوك 2/ 635، والبداية والنهاية 13/ 203 و
211، وعيون التواريخ 20/ 207- 210، وفوات الوفيات 1/ 86، 87، و 2/ 286،
و 4/ 171، 351، 353، والسلوك ج 1 ق 2/ 412، 413، والنجوم الزاهرة 7/
68، وتاريخ ابن سباط 1/ 379، والدارس 2/ 29، وشذرات الذهب 5/ 286، 287،
ومختصر طبقات الحنابلة لابن شطيّ 57، والمنهج الأحمد 385، ومختصر الذيل
على طبقات الحنابلة 75، والمقصد الأرشد، رقم 1268، والدرّ المنضّد 1/
396، 397 رقم 1081، وعقد الجمان (1) 184، ودرّة الأسلاك 1/ ورقة 17،
وكشف الظنون 213، وهدية العارفين 2/ 555، ومعجم المؤلفين 13/ 307، 308،
وخطط دمشق لمحمد كردعلي 233، 234، وتاريخ ابن الفرات (مخطوط) 5/ ورقة
172 أ، وتاريخ الأدب العربيّ 920، وتاريخ علماء المستنصرية 421، وشفاء
القلوب 175، 176، وطبقات المفسّرين للداوديّ 2/ 380- 382 رقم 699،
وانظر كتابه: «الإيضاح لقوانين الإصلاح في الجدل والمناظرة» . تحقيق
محمد بن محمد السيد الدغيم، طبعة مكتبة مدبولي، القاهرة 1995.
(48/306)
ولد في ذي القعدة سنة ثمانين وخمسمائة.
وتفقّه، وسمع الكثير مِنْ أَبِيهِ، ويحيى بْن بَوْش، وذاكر بْن كامل،
وأبي منصور عَبْد الله بْن عَبْد السّلام، وعبد المنعم بْن كُلَيْب،
والمبارك بْن المعطوش، وعليّ بْن محمد بْن يعيش.
وقرأ القرآن مَعَ أَبِيهِ بواسط عَلَى أبي بَكْر بْن الباقِلاني صاحب
أبي العِزّ القلانِسي.
روى عَنْهُ: أبو محمد الدّمياطيّ، والرّشيد محمد بْن أبي القاسم،
وجماعة.
وتفقّه عَلَيْهِ جماعة مِن البغداديّين وغيرهم.
وكان إماما كبيرا وصدرا معظّما، عارفا بالمذهب، كثير المحفوظ، حَسَن
المشاركة فِي العلوم، مليح الوعظ، حلو العبارة، ذا سمتٍ ووقارٍ وجلالةٍ
وحُرمةٍ وافرة.
درّس وأفتى وصنّف، وروسل بِهِ إلى الأطراف، ورأى مِن العزّ والاحترام
والإكرام شيئا كثيرا مِن الملوك والأكابر.
وكان محمودَ السّيرة، مُحببًا إلى الرّعيّة. وُلّي الأستاذ داريّة بضع
عشرة سنة.
قَالَ الدّمياطيّ: قرأت عَلَيْهِ كتاب «ألوفا فِي فضائل المصطفى» لأبيه
وغيره مِن الأجزاء. وأنشدني لنفسه، وأجازني بجائزةٍ جليلة مِن الذّهب.
قَالَ شمس الدّين ابن الفخر الحَنْبليّ: أمّا رئاسته وعقلُه فينقل
بالتّواتر، حتّى أنّ المُلْك الكامل مَعَ عَظَمَة سلطانه قَالَ: كلّ
واحد يعوز زيادةَ عقلٍ سوى محيي الدين ابن الجوزيّ فإنّه يعوز نقص عقل.
وذلك لشدّة مسكته وتصميمه وقوّة نفسه. يحكى عنه في ذلك عجائب منها أنّه
مرّ فِي سويقة باب البريد والنّاس بين يديه، وهو راكب البغلة، فسقط
حانوت، فضجّ النّاس وصاحوا.
وسقطت خشبة فأصابت كفل البغلة، فلم يلتفت ولا يغيّر مِنْ هيئته.
حكى لي شيخنا مجدُ الدّين الرّوذراوريّ أَنَّهُ كَانَ يُناظر ولا يحرّك
لَهُ جارحة.
وقد أنشأ بدمشق مدرسة كبيرة. وقدم رسولا مرّات.
قلت: ضُرِبت عُنُقه بمخيّم ملك التّتار هُوَ وأولادهُ تاج الدّين
(48/307)
عَبْد الكريم، وجمال الدّين المحتسب، وشرف
الدّين عَبْد الله فِي صَفَر.
341- يوسف الكرديّ [1] .
الزّاهد.
ذكره أبو شامة [2] فقال: تُوُفّي فِي صَفَر، وكان شيخا صالحا جليلا،
أكثر مقامه بمسجد الرّبوة. وكان دائم الذَّكْر والصّلاة. وقد ألبسه
الله الهيبة والوقار.
- الكنى-
342- أبو العزّ بن صديق.
سمّيناه عبد العزيز، وقد مرّ [3] .
وأنبأني الظّهير الكازروُني فِي «تاريخه» قَالَ: ذكر مِنْ قُتِل صبرا،
فسمّى الخليفة وطائفة ذكرتهم.
343- ثُمَّ قَالَ: وفُلَك الدّين [4] محمد بْن قيران الظّاهريّ، أحد
الأمراء.
344- وشحنة بغداد الأمير قطب الدّين سَنْجَر [5] البكليّ [6] الَّذِي
حجّ بالنّاس مرّات.
345- وشحنة بغداد عزَّ الدّين ألب قرا [7] الظّاهريّ.
346- والأمير بَلَبَان المستنصريّ.
347- وأيدغُمُش الشّرْقيّ ناظر الحلة، وكان شاعرا.
__________
[1] انظر عن (يوسف الكردي) في: ذيل الروضتين 199، وعيون التواريخ 200/
178.
[2] في ذيل الروضتين 199.
[3] برقم 282.
[4] انظر عن (فلك الدين) في: مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 419، وعيون التواريخ
20/ 134 و 135، والحوادث الجامعة 158.
[5] انظر عن (سنجر) في: تلخيص مجمع الآداب ج 4 ق 4/ 643، وعيون
التواريخ 20/ 135.
[6] في الحوادث الجامعة 158 «البكلي» .
[7] الحوادث الجامعة 158 وفيه: «عزّ الدين أبقرا» .
(48/308)
348- وعماد الدّين طغرل النّاصريّ [1] ،
شحنة بغداد زمن المستنصر.
349- والأمير محمد بْن أَبِي فراس.
350- وكمال الدّين عليّ بْن عسكر عارض الجيش.
351- والسّيّد شرف الدّين المراغيّ.
352- وابنه صدر الدّين محمد.
353- ونقيب الطّالبيّين عَلَى [2] ابن النّسّابة.
354- وشرف الدّين عَبْد الله بْن النيار [3] ابن أخي صدر الدّين
المذكور.
355- ومهذّب الدّين عليّ بْن عسكر اليعقوبيّ.
356- والشّيخ عبد الوهّاب بن سكينة المعدّل.
357- وشيخ رباط الخلاطيّة العدل يحيى بْن سَعْد التّبريزيّ.
358- والقاضي برهان الدّين التّبريزيّ.
359- والقاضي برهان الدّين فضلي.
360- والمدرّس صدر الدّين أبُو معشر الشّافعيّ.
361- وخطيب جامع الخليفة عَبْد الله بْن العبّاس الرّشيديّ.
362- والمجوّد الكاتب شمس الدّين عليّ بْن يوسف الكتبيّ، خازن كُتُب
المستنصريّة.
363- والنّقيب الطّاهر عليّ بْن حَسَن [4] .
364- والحاجب محمد بن البوقيّ.
365- وعمر بن الخلّال.
__________
[1] مختصر التاريخ لابن الكازروني 271.
[2] الحوادث الجامعة 158.
[3] في الأصل: «المنيار» ، والتصحيح من: الحوادث الجامعة 158.
[4] الحوادث الجامعة 158.
(48/309)
366- ونقيب مشهد الكاظم تقيّ الدّين
المُوسَوي.
367- وشرف الدّين محمد بْن طاوس [1] العَلَويّ.
368- وجمال الدّين ابن [ ... ] [2] الفرضيّ النّاسخ.
369- والجمال القَزْوينيّ مشرف وقف المستنصريّة.
370- والموفّق عَبْد القاهر [3] ابن الفوطيّ شيخ الأدب.
371- والقاضي تقيّ الدّين عليّ بْن النّعمانيّ كاتب الجيش.
372- ونجم الدّين عليّ بْن الزُّبَيْديّ.
373- وتقيّ الدّين عَبْد الرَّحْمَن بْن الطّبّال [4] وكيل الخدمة.
كلّ هَؤلَاءِ راحوا تحت السّيف.
وفيها وُلِد:
زكيّ الدّين زكري بْن يوسف التّملي المُرْجئ، الْفَقِيهُ الشّافعيّ،
ببيت ناعمَ مِن البُرج.
وتاج الدّين أحمد بْن محمد بْن القاضي شمس الدّين أبي نصر بْن
الشّيرازيّ، والقاضي شهاب الدّين أحمد بْن الشّرف حَسَن بْن عَبْد الله
بْن الحافظ، فِي صَفَر، وعزّ الدّين عَبْد الرَّحْمَن بْن الشَّيْخ
العزّ إبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي عُمَر، وعزّ الدّين يوسف
بْن حَسَن الزّرنديّ، بزَرَند، ولؤلؤ بْن سُنْقُر، مولى بني تيميّة،
وشمس الدّين محمد بْن أحمد بْن إبراهيم بْن القمّاح الْقُرَشِيّ
الْمَصْرِيّ، يروي عن الرّضى بْن البرهان، وبدر الدّين محمد بن زكريّا
بن يحيى السّويداويّ المصريّ، يروي عَن الرّضى أيضا، ومحمد بن أبي
__________
[1] الحوادث الجامعة 158، عيون التواريخ 20/ 135.
[2] بياض في الأصل.
[3] انظر عن (الموفّق عبد القاهر) في: المنهج الأحمد 387، وذيل طبقات
الحنابلة 2/ 264، ومختصره 76، والمقصد الأرشد، رقم 675، والدرّ المنضّد
1/ 399 رقم 1088.
[4] انظر عن (ابن الطبّال) في: عيون التواريخ 20/ 135، والحوادث
الجامعة 158.
(48/310)
الحرم بْن نبهان البيزبانيّ الصّالحيّ،
وأبو بَكْر بْنُ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أبي
بكر بن عبد الواسع الهروي العجميّ الكاتب، والبدر مُحَمَّد بْن أَحْمَد
بْن مُحَمَّد بْن النّجيب، سبط إمام الكلّاسة المحدّث، ومحمود بْن
العفيف محمد بْن عليّ البابشرقيّ، وعليّ بْن عَبْد المؤمن بْن عَبْد،
والحاجّ عَبْد الحميد بْن منصور الصّائغ، وصفيّ الدِّين مُحَمَّد بْن
مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن العتّال الحنفيّ، والبدر محمد بْن عَبْد
المؤمن بْن حَسَن النصِيبي التّاجر، وشيخ المستنصريّة المُحِب عَلَى
بْن الشَّيْخ عَبْد الصّمد بْن أَبِي الجيش.
(48/311)
سنة سبع وخمسين
وستمائة
- حرف الألف-
374- أحمد بْن عُثْمَان [1] بْن هبة اللَّه بْن أَحْمَد بْن عقيل.
فتحُ الدّين، أبو الفتح المعروف بابن أبي الحوافر القَيْسيّ، الدّمشقيّ
الأصل، الْمَصْرِيّ، الطّبيب العدل.
وُلِد سنة ستّمائة، وسمع مِنْ أَبِيهِ. وبرع فِي الطّبّ. وصار رئيس
الأطبّاء بالدّيار المصريّة. وقد أكثر السَّماع فِي الكهولة، وعُني
بالحديث.
وكان صدرا رئيسا، متميّزا، بصيرا بالعلاج.
تُوُفّي فِي رابع عشر رمضان بالقاهرة [2] .
375- أحمد بْن محمد بْن حَسَن بْن عليّ بْن تامتّيت [3] .
المحدّث الصّالح، المُعَمَّر، أبو العبّاس اللّوائتيّ، الفاسيّ [4]
المغربيّ نزيل القاهرة.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن عثمان) في: نهاية الأرب 29/ 470، وعقد الجمان (1)
225، وعيون الأنباء 2/ 119، والوافي بالوفيات 7/ 178.
[2] وولي رياسة الأطبّاء بعده ابن أخيه الصدر شهاب الدّين أحمد بن محيي
الدّين رشيد بن جمال الدّين عثمان بن أبي الحوافر. (نهاية الأرب) .
[3] انظر عن (أحمد بن محمد ... بن تامتّيت) في: العبر 5/ 238، 239،
وسير أعلام النبلاء 23/ 332، دون ترجمة، والوافي بالوفيات 7/ 384 رقم
3377، وتحفة الأحباب للسخاوي 177، ومرآة الجنان 4/ 148، وعقد الجمان
(1) 113، 114 (في وفيات سنة 653 هـ) .
و225 (في وفيات 657 هـ) ، وشذرات الذهب 5/ 288.
[4] في تحفة الأحباب: «العابسي» ، وهو تصحيف.
(48/312)
كَانَ شيخا مبارَكًا، فاضلا، عالما. جاور
بالقرافة مدة. وحدَّث عَن الزّاهد أبي الحُسَيْن يحيى بن محمد
الأنصاريّ، المعروف بان الصّائغ.
وحدَّث عَنْ: أبي الوقت بالإجازة العامّة.
قَالَ الشّريف عزَّ الدّين. مولده فيما بَلَغَنَا في المحرّم سنة ثمان
وأربعين وخمسمائة.
قلت: إن صحّ هذا فكان يمكنه السماعُ من أبي الوقت أيضا، فإنّه أدرك
مِنْ حياة أبي الوقت ستٌّ سِنين.
قَالَ: وكان أحد المشايخ المشهورين بالعلم والزّهد والصّلاح، المقصودين
للزّيارة والتّبرّك بدعائه. وله تصانيف عدّة.
قلت: روى عَنْهُ الأمير عَلَم الدّين الدّواداريّ، عَنْ أبي الوقت.
وتُوُفّي فِي رابع المحرَّم.
376- أحمد بْن محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن.
المُعَمَّر، أبو القاسم البَلَوي، القُرْطُبيّ.
آخر مِنْ روى بالإجازة عَنْ أبي عَبْد الله بْن زرقون، وخَلَف بْن
بَشْكُوال، وأبي العبّاس بْن مضاء.
مولده سنة 575، وبمرّاكش مات فِي سنة سبْعٍ وخمسين هذه.
377- أَحْمَد بْن مُحَمَّد [1] بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بن قاسم.
__________
[ () ] وقد ورد في الذيل على الروضتين 189 «أبو العباس بن ثابت المقرئ»
.
[1] انظر عن (أحمد بن محمد الإشبيلي) في: صلة التكملة لوفيات النقلة
للحسيني 2/ ورقة 46، والعبر 5/ 239، وسير أعلام النبلاء 23/ 331 رقم
230، والمعين في طبقات المحدّثين 209 رقم 2192، والإعلام بوفيات
الأعلام 275، والإشارة إلى وفيات الأعيان 354، والذيل والتكملة لكتابي
الموصول والصلة للمراكشي ج 1 ق 1/ 369- 371 رقم 514، وعنوان الدراية
للغبريني- تحقيق عادل نويهض 202 وفيه: «علي بن أحمد» . والوفيات لابن
قنفذ 323 رقم 657، وغاية النهاية 1/ 102، وشذرات الذهب 5/ 289، وذيل
التقييد للفاسي 1/ 370 رقم 718، والدليل الشافي 1/ 79 رقم 276، والمنهل
الصافي 2/ 126، 127 رقم 278، وتاج التراجم في طبقات الحنفية 8 رقم 14.
(48/313)
المحدّث، المُعَمَّر، المُسْنِد،
المُغْرِب، أبُو الحُسَيْن [1] بْن السَّرَّاج الأنصاريّ، الإشبيليّ.
قَالَ الشّريف عزَّ الدّين: وُلِد فِي الثّامن والعشرين مِنْ رجب سنة
ستّين وخمسمائة.
وسمع مِنْ: خاله أبي بَكْر محمد بْن خير، والحافظ خَلَف بْن بَشْكُوال،
وعبد الحقّ بْن بونه، والحافظ أبي عَبْد الله محمد بْن سَعيد بْن
زرقون، وحدَّث عَنْهُمْ.
وعن: أبي بَكْر بْن الجدّ، وأبي محمد بْن عُبَيْد الله، وأبي القاسم
الشّرّاط، وأبي زيد السّهيليّ.
وحدَّث بالكثير مدّة، وتفرّد عَنْ جماعة من شيوخه بأشياء لم تكن عند
غيره. وكانت الرّحلة إِليْهِ بالمغرب.
وأخذ عَنْهُ جماعة مِن الحُفّاظ والنّبلاء، مِنْ آخرهم أبو الحُسَيْن
يحيى بْن الحاجّ المَعَافِريّ روى عَنْهُ «الرّوض الأنف» سماعا بتونس
سنة ثمان عشرة وسبعمائة.
قَالَ: أخبرنا المؤلّف سماعا لجميعه بإشبيليّة. نقلته من بنت الوادي
اآشي. وكان ثقة صحيح السَّماع.
توفّي فِي سابع صَفَر بِبجَاية.
ونقلت مِنْ أسماء شيوخ ابن السَّرَّاج قَالَ: لقيت ابن بَشْكُوال
بقرطبة ولزِمتُه. فذكر أَنَّهُ سَمِعَ منه عدّة دواوين، منها «تفسير
القرآن» للنّسائيّ، بسماعه مِن ابن عَتاب، بسماعه مِنْ حاتم بْن محمد،
عَن القابِسي، عن حمزة الكنانيّ، عنه، و «خصائص علي» بهذا الإسناد،
وكتاب «الصّلة» ، وأشياء.
وسمع من السّهيليّ «الروض الأنف» [2] .
__________
[1] في الوفيات لابن قنفذ: أبو الحسن» .
[2] وقال ابن عبد الملك المراكشي: «وكان سريّا فاضلا من بيت خير ودين
ونباهة، راوية مسندا، ثقة فيما يحدّث به، صحيح السماع، صدوقا، عمّر
طويلا وأسنّ حتى كان آخر الرواة بالسماع عن أكثر الأكابر من شيوخه
المسمّين، ممتّعا بحواسّه، صحيح الجسم إلى منتهى عمره، وكان يبصر أدقّ
الخطوط من غير تكلّف مع فرط الكبرة» .
(48/314)
378- أحمد بْن أبي عليّ [1] بْن أبي غالب.
الشَّيْخ مجدُ الدّين أبو العبّاس الإربليّ، النَّحْويّ، الحَنْبليّ
[2] ، العدل، نزيل دمشق.
حدَّث عَنْ: محمد بْن هبة الله بْن المُكَرم.
وبدمشق تُوُفّي فِي نصف صَفَر.
وكان يشهد تحت السّاعات، ويَؤم بالمسجد الَّذِي تجاه المسماريّة وإليه
نظر السّبع المجاهديّ.
وكان إماما فِي الفِقْه والعربيّة، بصيرا بحلّ «المفصّل» .
وعنه أخذ النَّحْو شيخُنا شَرَفُ الدّين الفَزَاري.
379- إبراهيم العلّامة ضياء الدّين محاسن [3] بن عبد الملك بن علي بن
نجا.
أبو طاهر التّنُوخيّ، الحمويّ، ثُمَّ الدّمشقيّ، الحَنْبليّ، الكاتب
نجم الدّين.
تُوُفّي بتلّ باشر، مِنْ أعمال حلب.
وسمّعه أبوه مِنْ: ابن طَبَرْزَد حضورا، ومن: الكِنْديّ.
وله شِعْر وأدب.
روى عَنْهُ لنا: ابن الزّرّاد، وغيره.
ومات فِي المحرّم.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن أبي علي) في: ذيل الروضتين 202، والمنهج الأحمد
388، وذيل طبقات الحنابلة 2/ 267، ومختصره 76، وسير أعلام النبلاء 23/
332 دون ترجمة، والمقصد الأرشد، رقم 145، والدرّ المنضّد 1/ 402 رقم
1094 وفيه: «أحمد بن علي» ، ومثله في: بغية الوعاة 1/ 344 رقم 654.
ولم يذكره ابن المستوفي في «تاريخ إربل» .
[2] زاد أبو شامة 202 «المعروف بالمحلّى» .
[3] انظر عن (إبراهيم بن محاسن) فيه: المنهج الأحمد 388، وذيل طبقات
الحنابلة 2/ 267، ومختصره 76، والمقصد الأرشد، رقم 239، والدرّ المنضّد
1/ 402 رقم 1093.
(48/315)
380- أسعد بْن عثمان [1] ابن القاضي وجيه
الدّين أسعد بْن المُنَجَّا [2] بْن بركات بْن المؤمَّل.
الرّئيس صدْرُ الدّين، أبو الفتح التّنُوخيّ، الدّمشقيّ، الحنبليّ،
المعدّل.
ولد سنة ثمان وتسعين وخمسمائة.
وسمع مِنْ: عُمر بْن طَبَرْزَد، وحنبل.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وابن الخبّاز، وآحاد الطّلبة.
وكان رئيسا محتشما، متموّلا. وقف داره مدرسة عَلَى الحنابلة، ووقف
عليها، واندفن بها فِي تاسع عشر رمضان.
وهو أخو شيخَينا زين الدّين ووجيه الدّين.
- حرف السين-
381- سليمان بْن عبّاد بْن خَفَاجة.
أبو أحمد الْجَزَري، الصّحراويّ، الحَنْبليّ، البستانيّ، النّسّاج،
الصّالحيّ.
سَمِعَ مِنْ: حنبل، وغيره.
روى عَنْهُ: النّجم بْن الخبّاز، والشّمس بْن الزّرّاد، وغيرهما.
مات في شعبان.
__________
[1] انظر عن (أسعد بن عثمان) في: ذيل الروضتين 203، وصلة التكملة
لوفيات النقلة للحسيني 2/ ورقة 49، وسير أعلام النبلاء 23/ 375 رقم
268، والعبر 5/ 239، والإشارة إلى وفيات الأعيان 354، 355، والإعلام
بوفيات الأعلام 275، والوافي بالوفيات 9/ 43 رقم 3947، وعيون التواريخ
20/ 216، 217 وفيه: «أسعد بن المنجا بن بركات» ، وذيل طبقات الحنابلة
2/ 268 رقم 379 ومختصره 76، والبداية والنهاية 13/ 216، والنجوم
الزاهرة 7/ 71، وشذرات الذهب 5/ 288، والمنهج الأحمد 388، والمقصد
الأرشد، رقم 285، والدرّ المنضّد 1/ 402، 403 رقم 1095، والسلوك ج 1 ق
2/ 421، وعقد الجمان (1) 225، 226، ودرّة الأسلاك 1/ ورقة 21، والمنهل
الصافي 2/ 369 رقم 414، والدليل الشافي 1/ 119 رقم 414.
[2] في البداية والنهاية 13/ 216 «أسعد بن المنجاة» .
(48/316)
- حرف الصاد-
382- صالح بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن موسى.
أبو التّقى [1] الزّناتيّ، المغربيّ، المؤدّب.
سَمِعَ منه: عليّ بن البنّاء.
وعاش سبعين سنة.
وتُوُفّي فِي ثامن ربيع الأوّل بالقاهرة.
- حرف العين-
383- عَبَّاس بْن الفَضْلِ بن عَقِيل بن عُثمان بن عبد القاهر.
الشّريف، أبو المفاخر الهاشميّ، العبّاسيّ، الدّمشقيّ.
سَمِعَ مِنَ: القاسم بْن عساكر.
وهو أخو أبي طَالِب محمد، وابن عمّ هاشم بْن عَبْد القادر.
وقد ذُكِر.
384- عَبْد الله بْن لبّ [2] بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن
خِيَرَة.
أبو محمد الشّاطبيّ، المالكيّ.
حدَّث بمكّة عَنْ: أبي الْخَطَّاب أحمد بْن واجب.
وتُوُفّي بالقاهرة فِي صَفَر، وله ثلاث [3] وسبعون سنة. وكان مقرئا
مجوّدا، فقيها، عالما.
روى عنه: الدّمياطيّ، وأبو محمد الدّلاصيّ.
385- عبد الله بن يوسف [4] بن محمد بن عبد الله.
شمس الدّين، أبو محمد بن اللّمط الجذاميّ.
__________
[1] في الأصل: «أبو التقا» .
[2] انظر عن (عبد الله لبّ) في: غاية النهاية 1/ 445 رقم 1854.
[3] في الأصل: «وله ثلاثون» ، وهو سهو.
[4] انظر عن (عبد الله بن يوسف) في: العبر 5/ 239.
(48/317)
رافق ابن دحية في الرّحلة. وسمع بأصبهان
من: أبي جعفر الصّيدلانيّ.
وببغداد من: عبد الوهّاب بن سكينة.
وبالموصل من: أحمد ابن الخطيب الطّوسيّ.
وكان مولده في سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة. روى عنه: المجد بن
الحلوانية، والدّمياطيّ، وعلم الدّين الدّواداريّ، وجماعة.
وتوفّي في ربيع الآخر بالمنشيّة بظاهر القاهرة.
386- عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الواحد بْن عَبْد الرحمن بن أبي
المكارم عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بْن هلال.
الأجلّ، فخرُ الدّين، أبو عليّ الأزْديّ، الدّمشقيّ، المعدّل.
سَمِعَ: حنبل بْن عَبْد الله، وعمر بْن طَبَرْزَد.
يروي عَنْهُ: بهاء الدّين إبراهيم بْن المقدسيّ، وناصر الدّين محمد بْن
المهتار، وغيرهما.
وتُوُفّي فِي ثالث عشر شوّال، وقد جاوز السّتّين.
387- عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد المؤمن بْن أبي الفتح بْن وثّاب.
أبو محمد القُدْسي، الصُّوريّ [1] ، الحَنْبليّ، النّجّار، شهاب
الدّين.
حدَّث عَنْ: عمر بن طبرزد، وحنبل.
روى عنه: عمر بن طبرزد، وحنبل.
روى عنه: الدمياطي، وابن الخبّاز، وابن الزّرّاد، وجماعة.
ووجِد مقتولا بالهامة مِنْ وادي بَرَدا فِي ثاني رجب.
وعاش ثلاثا وستّين سنة. وهو أبو شيخنا التّقيّ [2] .
388- عَبْد الرَّحْيم بْن إسماعيل بْن أبي محمد.
أبو الحُسَيْن ابن أمين الدّولة الأنصاريّ، المصريّ، السّمّار.
__________
[1] الصّوري: نسبة إلى صور قرية من عمل بيت المقدس، وليست هي المدينة
المعروفة على ساحل الشام. (انظر: معجم شيوخ الذهبي 1/ 46/ رقم 46) .
[2] هو تقيّ الدّين أحمد بن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد المؤمن بْن أبي
الفتح البانياسي الصوري الصالحي المتوفى سنة 701 هـ. (معجم الشيوخ 1/
46 رقم 46) .
(48/318)
سَمِعَ بالمدينة النّبويّة مِنْ جعفر بْن
آموسان.
وحدَّث بالقاهرة.
وتُوُفّي فِي ربيع الأوّل.
روى عَنْهُ: عَبْد القادر الصّعبيّ.
389- عَبْد السّلام بْن الحُسَيْن بْن عَبْد السّلام بْن عتيق بْن محمد
بْن محمد.
أبو محمّد السفاقُسي، ثُمَّ الإسكندرانيّ، العدل.
سَمِعَ مِنْ: جَدّه لأمّه أبي الحَسَن مكّيّ بْن إسماعيل بْن عوف
وحدَّث عَنْهُ. وعن: عُمَر بْن عَبْد المجيد المَيَانِشيّ.
وتفرّد بالرّواية عَن المَيَانِشيّ. وهو مِنْ بيت العِلم والرّواية.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ وقال: سَمِعَ منه كتاب «العِلْم فِي شرح
مُسْلِم» للمازريّ كلّه بمكّة مِن المَيَانِشيّ.
ووُلِد سنة سبْعٍ وستّين وخمسمائة، وتُوُفّي فِي العشرين مِنْ شَعْبان
عَنْ تسعين سنة.
وللميانشيّ إجازةٌ مِن المازريّ.
390- عَبْد العزيز بْن عَبْد الجبّار بْن يوسف.
الدّمشقيّ، القلانسيّ.
سَمِعَ مِنْ: حنبل، والحافظ عَبْد الغنيّ، وغيرهما.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وابن الخبّاز، وجماعة.
مات فِي شهر رمضان.
391- عَبْد العزيز بْن عَبْد الجبّار بْن هبة الله بْن عساكر بْن
سلطان.
الشَّيْخ المُعَمَّر، أبو محمد القسطلانيّ، ثُمَّ الْمَصْرِيّ.
وُلِد فِي صَفَر سنة ثمانٍ وخمسين. وذكر أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ أبي طاهر
السلَفيّ.
وقد حدَّث عَنْ: أبي يعقوب يوسف بْن الطّفيل.
وتُوُفّي فِي ذي القِعْدة وعُمُرُه مائة سنة إلّا ثلاثة أشهر.
(48/319)
392- عثمان بْن يوسف [1] .
الدّمشقيّ، الجمّال، الرّسّام.
تُوُفّي فِي شوّال بدمشق.
393- عليّ بْن الحَسَن [2] بْن محمد بْن إسماعيل بْن أبي العزّ.
نجمُ الدّين أبو الحَسَن العراقيّ، النّيليّ، القيلويّ.
وُلِد سنة تسعٍ وسبعين [3] ببغداد.
وسمع مِنْ: ابن طَبَرْزَد، والكنديّ.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وعلاء الدّين عليّ بْن الشّاطبيّ، وطائفة
سواهما.
تُوُفّي فِي جُمَادَى الآخرة.
394- عليّ بْن مجلّى.
الصّاحب سراج الدّين.
صدّر للأعمال الواسطيّة. وقد وُلّي زمن الخليفة صدر ديوان العَرْض.
قاتلته المغول عَلَى أمرٍ وضُرِبت عنقه فِي رجب.
وكان أديبا، مترسّلا، كريما.
395- عليّ بْن يوسف بْن موهوب بْن يحيى.
الْجَزَري، ثُمَّ الصّالحيّ، الحَنْبليّ.
وُلِد سنة ثمانٍ وثمانين وخمسمائة.
وسمع مِنْ: عُمر بْن طَبَرْزَد، وحنبل بْن عَبْد الله.
وأجاز لَهُ أبو الفَرَج ابن الْجَوْزي، وجماعة.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وابن الخبّاز، ومحمّد بْن الزّرّاد، وآخرون.
ومات فِي الثّالث والعشرين من ربيع الأوّل.
__________
[1] انظر عن عثمان بن يوسف) في: ذيل الروضتين 203.
[2] انظر عن (علي بن الحسن) في: ذيل الروضتين 202.
[3] في ذيل الروضتين: وجدت بخط الحافظ اليغموري: سألت النجم أبا القاسم
عليّ بن القيلويّ عن مولده، فقال: يوم السبت ثاني المحرّم سنة تسع
وتسعين وخمسمائة بالمأمونية من أعمال بغداد.
(48/320)
- حرف الفاء-
396- فاطمة بِنْت أبي منصور يونس بْن محمد بْن محمد الفارقيّ.
أمّ جمال الدّين محمد بْن الصّابونيّ.
روت بالإجازة عَنْ يحيى الثَّقَفيّ.
كتب عَنْهَا [1] : ولدها، والدّمياطيّ، وجماعة.
وتوفيت بمصر فِي سادس ربيع الأول وقد قاربت الثّمانين.
397- الفخر بْن الرّبيع [2] .
البنْدَهي، الخْرَاساني، الْفَقِيهُ.
قَالَ الإمام أبُو شامة [3] : وتُوُفّي شخص زنْديق ينظر فِي علوم
الأوائل ويسكن المدارس. أفسد عقائد جماعةٍ مِن الشّباب، وكان يتجاهر
باستنقاص الأنبياء عليهم السّلام، لَا رحمه الله، ويُعرف بالفخر ابن
البديع. وكان أَبُوهُ يزعم أَنَّهُ مِنْ تلاميذ الفَخْر الرّازيّ.
مات فِي حياة والده.
- حرف الكاف-
398- كيقباذ بْن كَيخسرو [4] .
السّلجوقيّ، السُّلطان علاء الدّين صاحب الرّوم.
قَالَ الظّهير الكازرُوني: فيها تُوُفّي، يعني سنة سبْعٍ.
__________
[1] في الأصل: «عنه» وهو سهو.
[2] انظر عن (الفخر بن الربيع) في: ذيل الروضتين 202 وفيه: «الفخر بن
البديع» ، وعقد الجمان (1) 227، 228 وفيه «ابن الفخر بن البديع» .
[3] في ذيل الروضتين 202.
[4] تقدّمت ترجمته في وفيات سنة 634 هـ. وذكره صاحب الحوادث الجامعة
164 في وفيات هذه السنة، وهو في وفيات الأعيان 5/ 83 و 332، والوافي
بالوفيات 24/ 383.
وعقد الجمان (1) 144، 151.
(48/321)
- حرف اللام-
399- لؤلؤ [1] .
السُّلطان المُلْك الرّحيم، بدرُ الدّين، صاحب المَوْصِل، أبو الفضائل
الأرمنيّ الأتابكيّ، النّوريّ، مولى المُلْك نور الدّين أرسلان شاه ابن
السُّلطان عزَّ الدّين مسعود.
كَانَ القائم بتدبير دولة أستاذه وأعطاه الإمريّة، فلمّا تُوُفّي نور
الدّين قام بتدبير ولده السُّلْطَان المُلْك القاهر عزَّ الدِّين
مَسْعُود بْن نور الدّين، فلمّا تُوُفّي فِي سنة خمس عشرة أقام بدر
الدّين أخوين صبيّين وَلَدي القاهر، وهما ابنا بِنْت مظفّر الدّين صاحب
إربل، واحدا بعد واحد. ثُمَّ استبدّ بملك المَوْصِل أربعين سنة.
والأصحّ أَنَّهُ تسلطن فِي أواخر رمضان سنة ثلاثين وستّمائة.
وكان حازما شجاعا، مدبّرا، ذا حزم ورأي، وَفِيهِ كَرَم وسؤدُد وتجمّل،
وله هيبة وسطْوه وسياسة. كَانَ يَغْرم عَلَى القصّاد أموالا وافرة،
ويحترز ويداري الخليفة مِنْ وجهِ، والتّتار مِنْ وجه، وملوك الأطراف
مِنْ وجه، فلم ينخرم مُلْكُه، ولم تطْرُقْه آفةٌ. وكان مَعَ ظُلمه
وجوره محبّبا إلى رعيّته لأنّه كَانَ يعاملهم بالرّغبة والرّهبة.
__________
[1] انظر عن (لؤلؤ الأرمني) في: تاريخ الظاهر بيبرس 47، 113، 115، 116،
214، 332، وذيل الروضتين 203، ووفيات الأعيان 1/ 181 و 184 و 194 و 409
و 5/ 92 و 308 و 391 و 7/ 326 و 335 و 338، والدر المطلوب 8/ 44،
وحوادث الزمان وأنبائه ووفيات الأكابر والأعيان من أبنائه، المعروف
بتاريخ ابن الجزري (مخطوطة كوبريلي) ، ورقة 395 حسب ترقيم المخطوط،
وورقة 471 حسب ترقيمنا وتحقيقنا، في ذكر الأناشيد، آخر وفيات سنة 735
هـ.، وتاريخ ابن سباط (بتحقيقنا) انظر فهرس الأعلام 2/ 1032، وأخبار
الدول للقرماني 2/ 268، والدرّة الزكية 44، والمختصر في أخبار البشر 3/
198، والإشارة إلى وفيات الأعيان 355، وسير أعلام النبلاء 23/ 356- 358
رقم 256، ودول الإسلام 2/ 161، 162، والعبر 5/ 240، ومرآة الجنان 4/
148، وتاريخ ابن الوردي 2/ 210، والوافي بالوفيات 24/ 407، 408 رقم
479، والبداية والنهاية 114/ 213، وعيون التواريخ 20/ 216، والنجوم
الزاهرة 7/ 70، وشذرات الذهب 5/ 289، والتحفة الملوكية 42، وتاريخ إربل
1/ 117 و 443، 444، وتاريخ الزمان 315، وتاريخ مختصر الدول 279،
والوافي بالوفيات 9/ 43، وتالي وفيات الأعيان 3، والمنهل الصافي 1/ 11،
وعقد الجمان (1) 199- 201، ودرّة الأسلاك 1/ ورقة 21، وجامع التواريخ،
مجلّد 2 ج 1/ 327 وما بعدها.
(48/322)
ذكره الشَّيْخ قُطْبُ الدّين فقال: كَانَ
ملكا جليل القدْر، عالي الهمّة، عظيم السّطوة والسّياسة، قاهرا
لأمرائه. قُتِل وشنق وقطع ما لَا نهاية لَهُ حتّى هذّب البلاد. ومع هذا
فكان محبوبا إلى رعيّته، يحلفون بحياته، ويتغالون فيه، ويلقّبونه قضيب
الذهَب. وكان كثير البحث عَنْ أخبار رعيّته.
تُوُفّي فِي عَشْر التّسعين [1] وفي وجهه النّضارة، وقامتُه حَسَنَة،
يخيّل إلى مِنْ يراه أَنَّهُ كهل.
قلت: ولمّا رَأَى أنّ جاره مظفّر الدّين صاحب إربل يتغالى فِي أمر
المولد النّبويّ ويغرم عَلَيْهِ فِي العام أموالا عظيمة، ويُظْهر
الفَرَح والزّينة، عمد هُوَ إلى يوم فِي السَّنَة، وهو عيد الشّعانين
الَّذِي للنّصارى، لعنهم الله، فعمل فيه مِن اللهو والخمور والمغاني ما
يضاهي المولدَ المكرّم، فكان يمدّ سِماطًا طويلا إلى الغاية بظاهر
البلد، ويجمع مغاني البلاد، ويكون السّماط خَوَنْجًا وباطيةَ خمرٍ
عَلَى هذا التّرتيب، ويحضره خلائق، وينثر عَلَى النّاس الذّهب مِن
القلعة، يسفي الذّهب بالصّينيّة الذَّهَب، ويرميه عليهم، وهم يقتتلون
ويتخاطفون الدّنانير الخفيفة، ثُمَّ يعمد إلى الصّينيّة فِي الآخر
فيقصّ لَهُ بالكازن مِنْ أقطارها إلى المركز، وتخلّى معلّقة بحيث
أَنَّهُ إذا تجاذبوها طلع فِي يد كلّ واحدٍ منها قطعة. فحدّثونا
أَنَّهُ كَانَ بالموصل رجلٌ يقال لَهُ عثمان القصّاب، كَانَ طِوالا
ضَخْمًا، شديد الأيد والبطش، بحيث أَنَّهُ جاء مُرَّة إلى مخاضةٍ ومعه
خمس شِياه ليدخل البلد ويقصبها، فأخذ تحت ذا الإبط رأسين، وتحت الإبط
الآخر رأسين، وفي فمه رأسا، وخاض الماء بهم [2] إلى النّاحية الأخرى.
فإذا رمى بدر الدّين الصّينيّة إلى النّاس تضاربوا عليها ساعة، ثُمَّ
لَا تكاد تطلع إلّا مَعَ عثمان القصّاب.
ومَقَتَهُ أهلُ العِلْم والدّين عَلَى تعظيمه أعياد الكُفْر، وعلى
أمورٍ أخرى، فقال فيه شاعرهم:
يعظّم أعيادَ النّصارى تَلَهِيًا ... ويزعُمُ أنّ الله عيسى بن مريم
__________
[1] في عيون التواريخ 20/ 216 «وعمره مقدار ثمانين سنة» .
[2] كذا، والصواب: «بها» .
(48/323)
إذا نبّهته نخوة أريحيّة ... إلى المجد
قَالَتْ أرمنيّة: غم
وذكروا لنا أَنَّهُ سار إلى خدمة هولاوو، وقدّم لَهُ تُحَفًا سِنية،
منها درةٌ يتيمة، والتمس أن يضعها هُوَ فِي أذُن المُلْك هولاوو،
فانكفأ [1] عَلَى رُكْبته فمعك أذُنه، وأدخلها فِي الخُرْم. فلمّا خرج
فاق عَلَى نفسه وقال: هذا مَعَك أذُني، أوْ قِيلَ ذَلِكَ لهولاوو، فغضب
وطلبه، فإذا هُوَ قد ساق فِي الحال. والله أعلم بصحّة هذا، فإنّي
أستبعده. ولكنّه ذهب إلى هولاوو، ودخل فِي طاعته، وأعانه عَلَى مُراده،
فأقرّه عَلَى بلده، وقرّر عَلَيْهِ ذَهَبًا كثيرا فِي السَّنَة.
فلمّا مات انخرم النّظام، ونازلت التّتار المَوْصِل، وعصى أهلها،
فحوصرت عشرة أشهُر، ثُمَّ أخِذت، ولا حول ولا قوّة إلّا باللَّه.
تُوُفّي صاحب المَوْصِل يوم الجمعة ثالث شَعْبان، وقد كمّل الثّمانين
[2] .
- حرف الميم-
400- محمد بْن القاضي الأشرف [3] أَحْمَد بْن القاضي الفاضل أبي عليّ
عَبْد الرّحيم بْن عليّ.
القاضي الرّئيس، عزَّ الدّين، أبو عَبْد الله اللَّخْمي، البَيْسانيّ
الأصل، الْمَصْرِيّ.
سَمِعَ بإفادة أَبِيهِ، وبنفسه الكثير. وخرّج عَلَى الشّيوخ، وكتب
الكثير، وصار له أنسه جيّدة بالفنّ.
__________
[1] في الأصل: «فاتكفيء» .
[2] مدحه أبو محمد عبد العزيز بن منصور علي بن حامد الموصلي المعروف
بابن الغتمي، بقصيدة، أوّلها:
الحمد للَّه زال الخوف والحذر ... وأقبلت نحوك الآمال تبتدر
يا أصوب الناس آراء وأرهفهم ... عزما وأوسعهم عفوا إذا قدروا
وأنشد يذكر موضعا بناه:
كذا ما هدت ركبا سرى أنجم زهر ... تناط بك العلياء والنّهي والأمر
وتبلغ ما أدناه أسمى من السّهى ... وتخدم مسعاك السعادة والنصر
(تاريخ إربل 1/ 444) .
[3] انظر عن (محمد ابن القاضي الأشرف) في: ذيل الروضتين 203، والوافي
بالوفيات 2/ 210، وعيون التواريخ 20/ 217، ونهاية الأرب 27/ ورقة 233،
وعقد الجمان (1) 225.
(48/324)
سَمِعَ مِنْ: أبي القاسم بْن صَصْرَى،
والبهاء المقدسيّ، وأبي محمد بْن البنّ، فَمَنْ بعدهم.
وتُوُفّي بدمشق فِي عاشر شوّال، رحمه اللَّه تَعَالَى.
401- مُحَمَّد بْن عليّ بْن موسى [1] .
الإمام المقرئ، شمس الدّين، أبو الفتح الأنصاريّ، الدّمشقيّ، شيخ
الإقراء بتُربة أمّ الصّالح.
قرأ القراءات عَلَى الشَّيْخ عَلَم الدّين السّخاويّ، وكان مِنْ جِلّة
أصحابه، فولي التّربة والإقراء بها بعد السّخاويّ، مَعَ وجود الإمام
شهاب الدّين أبي شامة. فَبَلَغَنَا أَنَّهُ وقع نزاعٌ فِي أيّ الرّجلين
أولى بالمكان، لأنّ شرطه أن يكون أقرأ مَن فِي البلد، فتكلّموا فيمن
يحكم بينهم، فأُرشِدوا إلى عَلَم الدّين القاسم بن أحمد الأندلسيّ،
فسأل كلّ واحدٍ مِن الرّجلين مسألة مِن الفنّ وأجابه، فقالوا لَهُ: من
رأيت يصلح؟ فقال عَنْ أبي شامة: هذا إمام. وقال عَنْ شمس الدّين أبي
الفتح: هذا رَجُل يعرف القراءات كما ينبغي. فوقعت العناية بأبي الفتح
وأعطيها. فقرأ عَلَيْهِ جماعةٌ منهم: شيخنا برهان الدّين الإسكندريّ،
وشيخنا شَرَفُ الدّين الفَزَاري.
وكان من أهل دار الحديث الأشرفيّة.
سَمِعَ بها من: ابن الزُّبَيْديّ، وغيره.
وقد وُلّي التّربة قبله فخر الدّين ابن المالكيّ أيّاما ومات.
قَالَ أبو شامة [2] : وفي صَفَر تُوُفّي الشّمس أبو الفتح الَّذِي
كَانَ يُقِرئ بالتّربة الصّالحيّة بعد الفخر ابن المالكيّ.
ثُمَّ قَالَ: وكان إمامًا فِي القراءات، رحمه الله [3] .
__________
[1] انظر عن (محمد بن علي بن موسى) في: ذيل الروضتين 202، ومعرفة
القراء الكبار 2/ 669، 670 رقم 637، والإشارة إلى وفيات الأعيان 355،
والوافي بالوفيات 4/ 184، وغاية النهاية 2/ 211، ونهاية الغاية، ورقة
252.
[2] في ذيل الروضتين 202.
[3] وقال: مولده سنة خمس عشرة وستمائة تقريبا. (ذيل الروضتين) .
(48/325)
402- محمد بن المفضّل بن الحسن بن عبد
الصّمد بن محمد بن مرهوب.
الشّيخ جمال الدّين، أبو محمد الحمويّ، الحنفيّ، الشُّرْوطيّ المعروف
بابن الإمام.
وُلد بحماة سنة تسعٍ وستّين وخمسمائة.
وروي بالإجازة عن السِّلَفيّ في سنة ثمانٍ وأربعين بدمشق، فسمع منه:
أبو المعالي بن البالِسيّ، وجماعة.
وله ديوان خُطَبٍ وشِعْرٍ وأدب [1] .
توفّي في هذه السّنة بحماة.
403- محمد ابن وزير العراق [2] المؤيّد بن العَلْقميّ.
الرّئيس عزّ الدّين.
قال الظّهير الكازروُنيّ [3] : مات في ذي الحجّة سنة سبْعٍ. وقد عمل
الوزارة للتّتار، وعاش أربعين سنة.
ولّاه هولاكو بعد أبيه الوزارة، فأقبل على قاعدة الوزراء في فاخر
الملبوس، وعلى فرسه كنبوش حرير، وفي عُنقه شَدَّة، فأُخبر بهادر
الشِّحْنة، فقام من الدّيوان فعاينها، فبال وهو واقف على الدّكّة على
الكنبوش، وغضب وطرد الفَرَس، فانظُر إلى وزير العراق في هذه الدّولة
الفانية. وقِسْ على ذلك.
404- محمد بن مكّيّ [4] بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن عَبْد اللَّه.
أبو عبد الله القُرَشيّ، الدّمشقيّ، العدل، الأديب المعروف بابن
الدّجاجيّة. ويلقّب بالبهاء ابن الحافظ.
__________
[1] لم يذكره كحّالة في معجم المؤلّفين، مع أنه شرطه.
[2] انظر عن (محمد ابن وزير العراق) في: الحوادث الجامعة 164.
[3] قول الكازروني ليس في المطبوع من: مختصر التاريخ.
[4] انظر عن (محمد بن مكّي) في: الروضتين 201، وذيل مرآة الزمان 1/
344- 348، والمختار من تاريخ ابن الجزري 253، 254، وفوات الوفيات 4/
40- 42 رقم 497، وعيون التواريخ 20/ 217- 220، والزركشي 308، والوافي
بالوفيات 5/ 58، 59، والسلوك ج 1 ق 2/ 421، والنجوم الزاهرة 7/ 71،
وشذرات الذهب 5/ 289.
(48/326)
ولد سنة إحدى وتسعين وخمسمائة. وهو الّذي
هجا النّجيب الصّفار لمّا جلس يشهد، وكان يُجِيد النَّظْمَ، فمِنْ
شِعْره:
إلى سَلَم الجرعاء أهدَى سلامَه ... فماذا على مَنْ قد لحاه ولامَهُ
تجلّد حتّى لم يدعْ مُعْظَمُ الْجَوَى ... لرائيه إلّا جلْده وعظامهُ
[1]
وكان والده قد درّس ببصرى ونظم «المهذّب» .
تُوفّي البهاء في ثاني المحرَّم [2] ، وكان شاهدا.
روى عنه: الدّمياطيّ شيئا من شِعْره، رحمه الله.
المجد الإِربليّ، النَّحويّ.
قد تقدّم في أحمد [3] .
405- مظَّفر بن أبي بكر [4] مُحَمَّد بن إلياس بن عَبْد الرَّحْمَن بن
علي بن أحمد.
الرّئيس نجم الدّين، أبو غالب ابن الشِّيرَجيّ، الأنصاريّ، الدّمشقيّ،
الشّافعيّ، العدل. وُليّ تدريس العصرونيّة ووكالة بيت المال. وكان يرجع
إلى دِينٍ وأمانة وعلم.
ولد سنة سبع وثمانين وخمسمائة.
وسمع من: الخشوعي، وعبد اللطيف بن أبي سعد، والقاسم بن الحافظ، وحنبل،
وابن طَبَرْزَد.
روى عنه: الدّمياطيّ، وزَيْن الدّين الفارقِيّ، وابن الخبّاز،
والزّرّاد، ومُحيي الدّين يحيى إمام المشهد، وآخرون.
تُوُفّي آخر يوم من السّنة. وقد ولّي أيضا حسبة دمشق، ونظر الجامع
__________
[1] البيتان في: ذيل مرآة الزمان، والمختار من تاريخ ابن الجزري،
والوافي بالوفيات، وفوات الوفيات، وعيون التواريخ.
[2] في ذيل الروضتين 201 توفي في رابع المحرّم، وكان شيخا فاضلا،
شاعرا.
[3] برقم (378) .
[4] انظر عن (مظفّر بن أبي بكر) في: ذيل الروضتين 203، وذيل مرآة
الزمان 1/ 344، والعبر 5/ 240، وعيون التواريخ 20/ 220، 221، وشذرات
الذهب 5/ 289، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 176 ب، 177 أ، والسلوك
ج 1 ق 2/ 421.
(48/327)
كابنه عزَّ الدّين عيسى، وابن ابنه شَرَف
الدّين أحمد.
406- المعين العادليّ [1] .
المؤذّن. أذّن للسّلطان صلاح الدّين فَمنْ بعده.
وطال عُمُرُه.
قَالَ أبُو شامة: جاوز المائة، وزَمِن قبل موته بسِنين.
407- منهال بْن محمد بْن منصور بْن خليفة بْن منهال.
شَرَفُ الدّين، أبو الغيث العسقلانيّ الأصل، الْمَصْرِيّ، المعدّل.
كتب الحُكْم لغير واحدٍ من قضاة مصر.
وسمع بإفادة أَبِيهِ من: عبد الله بن محمد بن مجلى، وعبد الله بْن
عَبْد الجبّار العثمانيّ، وطائفة.
وأجاز لَهُ أبو اليمن الكِنْديّ.
وكان مولده في سنة أربع وستّمائة.
وكان بصيرا بالشّروط.
مات فِي ذي الحجّة.
- حرف الياء-
408- يحيى بْن عَبْد الوهّاب بْن محمد بْن عطيّة.
الْفَقِيهُ تاجُ الدّين، أبُو الحُسَيْن التّنُوخيّ، الإسكندرانيّ،
المعدّل الأصوليّ.
تُوُفّي فِي جمادى الآخرة بالثّغر. وكان يعرف الأصول.
وسمع الكثير من أَبِي القاسم الصّفراويّ، وأبي الفَضْلِ الهمذانيّ.
ولم يحدّث.
409- يوسف القمّينيّ [2] .
__________
[1] انظر عن (المعين العادلي) في: ذيل الروضتين 201، 202، وعقد الجمان
(1) 228.
[2] انظر عن (يوسف القمّيني) في: ذيل الروضتين 202، 203، وذيل مرآة
الزمان 1/ 348،
(48/328)
شيخ مشهور بدمشق. للنّاس فيه حُسن اعتقاد.
وكان يأوي إلى القمامين والمزابل الّتي مأوى الشّياطين، ويلبس ثيابا
تكنس الأرض، وتتنجّس ببَوْله، ويمشي حافيا، ويترنّح فِي مِشْيَته. وله
أكمامٌ، طوال، ورأسه مكشوف.
وكان طويل السّكوت، ذا مَهابةٍ ووَله مّا.
ويحكى عَنْهُ عجائب وكشوفات. وكان يأوي إلى قمّين حمّام نور الدّين.
ولمّا تُوُفّي شيعه خلْق لَا يُحصون من العامّة.
وقد بصّرنا الله وله الحمد وعرّفنا هذا النّموذج، وأنّ لهم شياطين تطمع
فيهم لنقص عقولهم، وتجري منهم مجرى الدّم، وتتكلّم على ألسنتهم
بالمغيّبات، فيضلّ النّاس، ويتألّونهم، ويعتقدون أنّهم أولياء الله، ف
إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ. 2: 156 فقد عمّ البلاء
فِي الخلق بهذا الضّرب، ولكن الله يثيب النّاس عَلَى حُسن قصدهم، وإن
جِهلوا وأخطأوا، ويغفر لهم بلا شكّ إذا كَانَ قصدهم ابتغاء وجهه
الكريم.
وهذا زماننا فيه واحد اسمه إبراهيم بظاهر باب شرقيّ، لَهُ كشوفات
كالشّمس، وما أكثرها. أمام أربع سِنين فِي دكّان برّ الْبَابُ، ثُمَّ
تحوّل إلى قمين حمّام الفواخير، وهو زُطي، سفيه، نجِس، قد أحرقته
السّوداء، وله شيطان ينطق عَلَى لسانه، فما أجهل من يعتقد فِي هذا
وشبهه أَنَّهُ وُلّي الله، والله يَقُولُ فِي أوليائه إنهم الَّذِينَ
آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ 10: 63 [1] .
وقد كَانَ فِي الجاهليّة خلْقٌ من الكُهان يخبرون بالمغيّبات،
والرّهبان لهم كشف وإخبار بالمغيّبات، والسّاحر يخبر بالمغيّبات. وفي
زماننا نساءٌ ورجال بهم مَس من الجنّ يخبرون بالمغيّبات عَلَى عدد
الأنفاس.
وقد صنَّف شيخنا ابن تَيْمية غير مِسألة فِي أنّ أحوال هَؤلَاءِ
وأشباههم شيطانيّة، ومن هذه الأحوال الشّيطانية الّتي تضلّ العامّة
أكلُ الحيّات، ودخول النَّارَ، والمشي فِي الهواء، ممّن يتعانى
المعاصي، ويخلّ بالواجبات. فنسأل الله
__________
[ () ] والعبر 5/ 240، وسير أعلام النبلاء 23/ 302، 303 رقم 210،
والبداية والنهاية 13/ 216، 217 وفيه: «الاقميني» ، وعيون التواريخ 20/
221، وشذرات الذهب 5/ 289، 290، وعقد الجمان (1) 226، 227.
[1] سورة يونس، الآية 63.
(48/329)
العون عَلَى اتّباع صراط المستقيم، وأن
يَكْتُبَ الْإِيمَانَ فِي قُلُوبِنَا، وَأَنْ يُؤَيِّدَنَا بِرُوحٍ
منه، ولا حول ولا قوّة إلا باللَّه.
وقد يجيء الجاهل فيقول: اسكُت لَا تتكلّم فِي أولياء الله. ولم يشعر
أَنَّهُ هُوَ الَّذِي تكلّم فِي أولياء الله وأهانهم، إذ أدخل فيهم
هَؤلَاءِ الأوباش المجانين أولياء الشّياطين، قَالَ الله تعالى:
وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ
6: 121 [1] ثمّ قال: وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ
6: 121 [2] وَمَا اتّبع النّاس الأسود العَنْسي [3] ومسيلمة الكذّاب
[4] إلّا لإخبارهما بالمغيّبات، ولا عُبِدت الأوثان إلّا لذلك، ولا
ارتبط خلق بالمنجّمين [5] إلا لشيء من ذَلِكَ، مَعَ أنّ تسعة أعشار ما
يحكى من كذِب النّاقلين. وبعض الفضلاء تراه يخضع للمولّهين والفقراء
النّصّابين لما يرى منهم. وَمَا يأتي بِهِ هَؤلَاءِ يأتي بمثله
الرّهبان، فلهم كشوفات وعجائب، ومع هذا فهم ضلّال من عَبَدة الصّلبان،
فأين يُذْهب بك؟! ثبّتنا الله بالقول الثّابت فِي الحياة الدّنيا وفي
الآخرة، وإيّاك.
- الكنى-
410- أبو بَكْر بْن المُلْك الأشرف [6] أبي الفتح محمد بْن السُّلطان
الكبير صلاح الدين يوسف.
وُلِد بمصر فِي سنة سبعٍ وتسعين، ونشأ بحلب، وسمع بها من: عُمَر بْن
طَبَرْزَد، وحنبل.
ودخل بغداد فِي أيّام المستنصريّة، وسمع بها من أصحاب أبي بَكْر بن
الزاغوني، وأبي الوقت السجزي.
__________
[1] سورة الأنعام، الآية 121.
[2] سورة الأنعام، الآية 121.
[3] انظر عن الأسود العنسيّ الجزء الخاص بعهد الخلفاء الراشدين من هذا
الكتاب بتحقيقنا- (خبر الردّة) - ص 27 وما بعدها.
[4] انظر خبر مسيلمة في الجزء المذكور أيضا- ص 38.
[5] في الأصل: «بالنجمت» .
[6] انظر عن (أبي بكر بن الأشرف) في: ذيل مرآة الزمان 1/ 345، ومرآة
الجنان 4/ 228، وشفاء القلوب 345 رقم 72، وترويح القلوب 96، وإعلام
النبلاء بتاريخ حلب الشهباء 4/ 417 رقم 235.
(48/330)
وكان أميرا جليلا، لَهُ حُرمة وافرة.
تُوُفّي بحلب فِي ذي الحجّة، وله ستّون سنة.
وفيها وُلِد:
شيخنا العارف عماد الدّين أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن الواسطيّ ابن شيخ
الحراميّة، بواسط فِي ذي الحجّة، وخطيب النّيرب تقيّ الدّين صالح بْن
مجد الدّين بْن سحنون، والشّرف عليّ بْن قاضي القضاة شمس الدين أحمد
بْن خلّكان، والعلاء عليّ بْن المهذّب التّنُوخيّ الشّروطيّ، وشيخُنا
مجدُ الدّين أبو بَكْر بْن محمد القاسم التّونسيّ المقرئ بتونس، أوْ
سنة ستٌّ.
ومحمد بْن أحمد بْن محمد بْن محمود المرداويّ بالنّيرب، والبدر أحمد
بْن ناصر الدّين ابن المقدسيّ ابن نوح، والتّقيّ محمد بْن إبراهيم بْن
دَاوُد بْن ظافر الفاضليّ، ورقيّة بِنْت موسى بْن إبراهيم الشّقراويّ،
وعليّ بْن أبي الحَرَم السّنبوسكيّ، كلاهما تقريبا.
والشّرف يعقوب بْن إسحاق الكفتيّ جابي الأمينيّة، ومحيي الدّين يحيى
بْن محمد بْن عليّ بْن القباقبيّ، وأحمد بْن عليّ الكلوتانيّ، مصريّ
يروي عَن النّجيب، وزين الدّين أحمد بن قاضي القضاة تقي الدين محمد بن
رزين، سَمِعَ من ابن عِلان. وأبو العبّاس أحمد بْن شيخنا عَبْد الرحيم
بْن عَبْد المحسن الحنبليّ، سمع من النّجيب وكذا اللّذان بعده.
وعبد المحسن بن أحمد بن الجمال محمد بن الصّابونيّ، وعليّ بن إسحاق بن
السّلطان بدر الدّين صاحب المَوْصِل.
وتاج الدّين محمد بْن عَبْد الرّزّاق بْن عَبْد الكريم العسقلانيّ،
يروي عَنْهُ الرّشيد العطّار، وأحمد بْن محمد بْن عليّ بْن ملاعب
القبّانيّ، وإبراهيم بْن أبي بَكْر بْن أحمد الكهفيّ، وسعد الدين محمد
بْن محمد بْن محمد بْن سُنْقُر العادليّ، سَمِعَ النّجيب.
وصاحب حماة المُلْك المظفَّر محمود بْن المنصور.
(48/331)
سنة ثمان وخمسين
وستمائة
- حرف الألف-
411- أَحْمَد بْن مُحَمَّد [1] بْن يوسف بْن الخَضِر.
أبو الطَّيّب الحلبيّ، الحنفيّ، الْفَقِيهُ.
روى عَنْ: عُمَر بْن طَبَرْزَد.
ودرّس واشتغل [2] .
تُوُفّي بحلب بعد أخذها بالسّيف وقتل أكثر أهلها بأيّام.
412- أحمد بْن يحيى [3] بْن هبة الله بن الحسن بْن يَحْيَى بْن
مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن صدقة بن الخيّاط.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن محمد بن يوسف) في: الدليل الشافي 1/ 80 رقم 279،
والمنهل الصافي 2/ 129 رقم 281، وإعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء 4/
417، 418 و 236 و 422 رقم 246.
[2] وقال ابن تغري بردي: مولده بحلب سنة ثمان وثمانين وخمسمائة، كان
إماما فقيها بارعا أصوليا.
[3] انظر عن (أحمد بن يحيى) في: ذيل الروضتين 206، وذيل مرآة الزمان 1/
385، و 2/ 10، وسير أعلام النبلاء 23/ 341، والإعلام بوفيات الأعلام
275، والعبر 5/ 244، والإشارة إلى وفيات الأعيان 355، ودول الإسلام 2/
164، ومرآة الجنان 4/ 149، وطبقات الشافعية الكبرى 5/ 18، وطبقات
الشافعية الوسطى للسبكي، ورقة 51 ب، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة
174 أ، والبداية والنهاية 13/ 221 و 224، والوافي بالوفيات 8/ 250، رقم
3688، وعيون التواريخ 20/ 233، 234، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/
432 رقم 402، وشذرات الذهب 5/ 291، وقضاة دمشق 70، والسلوك ج 1 ق 2/
441، وعقد الجمان (1) 273، 274، والمنهل الصافي 2/ 257، 259 رقم 336،
والدليل الشافي 1/ 95 رقم 334، والدارس 1/ 119، 120، والنجوم الزاهرة
7/ 92، وبغية الطلب 3/ 241
(48/332)
قاضي القُضاة، صدر الدّين، أبو العبّاس،
ابن قاضي القضاة شمس الدّين أبي البركات التّغلبيّ، الدّمشقيّ،
الشّافعيّ، ابن سنيّ الدّولة.
وُلِد سنة تسع وثمانين أو تسعين وخمسمائة.
وسمع من: الخُشُوعيّ، وعبد اللّطيف ابن أبي سَعْد، وابن طَبَرْزَد،
وحنبل، وستّ الكتبة، والكنديّ، وأبي المعالي محمد بْن عليّ
الْقُرَشِيّ، والقاسم بْن عساكر، والخطيب عَبْد المُلْك الدّولعيّ،
وجماعة.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وابن الخبّاز، والقاضي تقيّ الدّين سليمان،
وشرف الدّين الفَزَاري الخطيب، ومحيي الدّين يحيى إمام المشهد، ومحمد
بْن الزّين القوّاس، وعلاء الدّين الكِنْديّ، والشّمس محمد بْن
الزّرّاد، ومحمد بْن المُحِب عَبْد الله، وآخرون.
وتفقّه وبرع فِي المُذْهب عَلَى أَبِيهِ، وعلى الإمام فخر الدّين ابن
عساكر، وقرأ الخلاف عَلَى الصّدر البغداديّ. ولم يُرَ أحدٌ نشأ فِي
صيانته وديانته واشتغاله.
ناب في القضاة عن أبيه في سنة ستة وعشرين. وأوّل ما درّس فِي سنة خمس
عشرة وستمائة، وأفتى بعد ذَلِكَ.
وكان سَنِي الدّولة الحَسَن بْن يحيى من كُتاب الإنشاء لصاحب دمشق قبل
نور الدّين لَهُ ثروةٌ وحشمة، وقف عَلَى ذرّيته أوقافا فِي سنة ثمانٍ
وعشرين وخمسمائة، وهو ابن أخي أحمد بْن محمد بْن الخيّاط الشّاعر
المشهور.
وكان صدر الدّين مشكوَر السّيرة فِي القضاء، ليّن الجانب، حَسَن
المداراة والاحتمال، وُلّي وكالة بيت المال، ثُمَّ ناب فِي القضاء،
ثُمَّ استقلّ بِهِ مدّة. ودرّس مدّة بالإقباليّة [1] والجاروخيّة [2] .
ولمّا أخذ هولاوو الشّام هذه
__________
[ () ] بالهامش، وتالي وفيات الأعيان للصقاعي 143، 144، وموسوعة علماء
المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي ق 2/ ح 1/ 383 رقم 250.
[1] انظر عن (المدرسة الإقبالية (الشافعية) في: الدارس 1/ 118 رقم 31
وقد أنشأها جمال الدولة إقبال عتيق ستّ الشام، ويقال إقبال خادم نور
الدين زنكي، وقيل هو إقبال الشرابي. وانظر:
منادمة الأطلال لبدران 81.
[2] انظر عن المدرسة الجاروخية (الشافعية) في: الدارس 1/ 169 رقم 38
وقد بناها جاروخ
(48/333)
السُّنَّة سافر ابن سَنِي الدّولة ومحيي
الدّين ابن الزّكيّ إلى حلب، فكان ابن الزّكيّ أفرَه منه وأحْذَق
بالدّخول عَلَى التّتار، فولّوه قضاء القضاة، ورجع ابن سَنِي الدّولة
بخفّي حُنَيْن، فلمّا وصل إلى حماة مرض وركب فِي محفّة إلى بَعْلَبَكّ،
فبقي فِي بَعْلَبَكّ يومين، ومات بها فِي عاشر جمادى الآخرة، وله ثمان
وستّون سنة. وغسّله الزّكيّ ابن المعرّيّ بحضور الشَّيْخ الْفَقِيهُ.
قَالَ الدّمياطيّ: خرّجت لَهُ «مُعْجَمًا» فأجازني بملبوسٍ نفيس ثُمَّ
بملبوسٍ حَسَن لمّا عدلت. وكان يتعاهدني بالصّلة ويُحسن إليّ.
قَالَ الشَّيْخ قُطْبُ الدّين [1] : وكان المُلْك النّاصر يوسف يحبّه
ويثني عَلَيْهِ.
413- إبراهيم بْن خليل [2] بْن عَبْد الله.
نجيب الدّين الدّمشقيّ، الأدميّ، أبو إسحاق، أخو الشَّيْخ شمس الدّين
يوسف بْن خليل.
وُلِد يوم عيد الفِطْر سنة خمسٍ وسبعين.
وسمع من: عَبْد الرَّحْمَن بْن عليّ الخرقيّ، وإسماعيل الجنزويّ، ويحيى
الثَّقَفيّ، ومنصور الطَّبَريّ، ويوسف بْن معالي الكتّانيّ، وعبد
اللّطيف بْن أبي سَعْد، وعمر بْن يوسف الحمويّ، وأبي طَالِب محمد بْن
الحُسَيْن بْن عَبْدان، وأبي المحاسن محمد بن كامل التّنوخيّ،
والخشوعيّ، وجماعة.
وحدَّث بدمشق وحلب. وطال عُمُرُه، واشتهر اسمُه. وكان لَهُ أجزاء ومنها
يحدّث، حصّلها لَهُ أخوه. وكان سماعه صحيحا. وكان يعمل المداسات.
__________
[ () ] التركماني الملقّب بسيف الدين.
وانظر عن: منادمة الأطلال لبدران 93.
[1] في ذيل مرآة الزمان 1/ 385.
[2] انظر عن (إبراهيم بن خليل) في: تذكرة الحفاظ 4/ 1441، وسير أعلام
النبلاء 23/ 340، والإعلام بوفيات الأعلام 275، والعبر 5/ 244،
والإشارة إلى وفيات الأعيان 355، والمعين في طبقات المحدّثين 209 رقم
2193، والوافي بالوفيات 5/ 345، وذيل التقييد 1/ 424، 425 رقم 832،
وعيون التواريخ 20/ 231، والمنهل الصافي 1/ 47، والدليل الشافي 1/ 11،
وشذرات الذهب 5/ 244، وإعلام النبلاء بتاريخ الشهباء 4/ 419 رقم 238.
(48/334)
حمل عَنْهُ خلْق كثير وحفّاظ.
وحدَّث عَنْهُ الشَّيْخ تاج الدّين عَبْد الرَّحْمَن، وأخوه شَرَف
الدّين، وتاج الدّين صالح الْجَعْبَري، وبدر الدّين محمد بْن الجوهريّ
الحلبيّ، والشّيخ نصر المنبجيّ، والعماد بْن البالسيّ، وصفيّة بِنْت
الحلوانيّة، ومحمد بْن أحمد البجديّ، وأبو الفداء ابن الخباز، وزينب
خالة ابن المحبّ، والجمال على بن الشاطبي، والشمس محمد بن الفخر عليّ
بْن الْبُخَارِيّ، والتّقيّ أحمد بْن العزّ إبراهيم، وآخرون.
قَالَ لنا الدّمياطيّ: بعثته إلى حلب لينوب عنّي فِي التّسميع فِي
وظيفتي، فعُدم فِي وقعة التّتار فِي صَفَر.
- إبراهيم بْن سهَّل.
شاعر الأندلس. يأتي.
414- إبراهيم بْن هبة الله بْن سَعِيد بْن باطيس.
أبو إسحاق المَوْصِليّ.
سَمِعَ: ابن طَبَرْزَد.
وروى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وإسحاق الأَسَديّ، وغيرهما.
يلقّب شمس الدّين. استشهد فِي أخذ حلب.
415- إِبْرَاهِيم بْن يوسف [1] بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الواحد بْن
موسى بْن أحمد.
الوزير، مؤيّد الدّين، أبُو إسحاق الشَّيْبانيّ، المقدسيّ، ثُمَّ
الْمَصْرِيّ، المعروف بابن القفطيّ، أخو الصّاحب جمال الدّين عليّ بْن
يوسف المؤرّخ.
وُلِد ببيت المقدس سنة أربعٍ وتسعين وخمسمائة.
وسمع بحلب فِي سنة نيفٍ وعشرة من: الافتخار عَبْد المطّلب الهاشميّ.
ووَزَرَ بحلب بعد أخيه الأكرم مدّة.
__________
[1] انظر عن (إبراهيم بن يوسف) في: ذيل مرآة الزمان 1/ 426، وعيون
التواريخ 20/ 232، والسلوك ج 1 ق 2/ 441، والمنهل الصافي 1/ 173،
وإعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء 4/ 418 رقم 237.
(48/335)
روي عَنْهُ: الدّمياطيّ.
وهلك بحلب بعد أخذها بيسير فِي أحد الربيعَيْن.
416- إبراهيم بْن أبي بَكْر [1] بْن أبي زَكْري.
الأمير الكبير مُجير الدّين.
قُتِل شهيدا بنابلس لمّا دخلها التّتار بالسّيف، فشهر سيفه وقتل جماعة
وقتل فِي سبيل الله فِي ربيع الآخر [2] .
وكان محتشما، كبير القَدْر. خدم الملكَ الصّالح نجم الدّين أيّوب
بالشّرق وقدِم معه، ثُمَّ بعده اتّصل بخدمة المُلْك النّاصر يوسف. وحجّ
بالنّاس من دمشق سنة ثلاثٍ وخمسين. وكان متَوَليًا نابلس ونواحيها.
وكان عنده فضيلةٌ وأدبٌ ومكارم [3] . وهو من بيتٍ كبير من الأكراد،
رحمه الله.
417- إِسْحَاقَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عَبْد الرَّحْمَن بْن الحَسَن.
أبو المكارم ابن العجميّ، الحلبيّ.
حدَّث عَنِ: الافتخار الهاشميّ.
وسمع من جَدّه أبي حامد عَبْد الله، ومن: القاضي ابن شدّاد.
ومات بحلب في رمضان.
__________
[1] انظر عن (إبراهيم بن أبي بكر) في: ذيل الروضتين 204، والإشارة إلى
وفيات الأعيان 356، وذيل مرآة الزمان 1/ 387 و 2/ 8 وفيه: «ابن أبي
زكري» ، وعيون التواريخ 20/ 232، والوافي بالوفيات 5/ 339 رقم 2408،
والمقفّى الكبير 1/ 119، 120 رقم 81.
والنجوم الزاهرة 6/ 321 وفيه «ابن أبي ذكري» ، و 7/ 46 و 93، والمنهل
الصافي 1/ 15.
[2] وقال أبو شامة: بلغني أنه قتل من التاتار قبل أن يقتل جماعة بسيفه،
وما زال يضرب به حتى خطف النصل من يده، فصار يقاتلهم بنفسه يضرب
بالدّبوس ويتّقي به الضرب ويرفس برجله من يصل إليه من الفرسان حتى قتل
سبعة عشر أو تسعة عشر ثم قتل، رحمه الله. وكان التاتار يتعجّبون منه،
وأتوا بنصل سيفه إلى دمشق، ووقف عليه أمراؤهم.
[3] ومن نظمه:
قضى البارق النجدي في حالة اللمح ... بفيض دموعي إذ تراءى على السفح
ذبحت الكرى ما بين جفني وناظري ... فمحمرّ دمعي الآن من ذلك الذبح
ومنه أيضا:
جعل العتاب على الصدور سبيلا ... لما رأى سقمي عليه دليلا
وطلب أورده حديث مدامعي ... عن شرح جفني مسندا منقولا
(48/336)
418- إسماعيل بْن هاشم.
أبو نصر الحلبيّ، الخطيب.
عُدِم فِي الواقعة الحلبيّة هُوَ وأمم لَا يُحصيهم إلّا الله.
وقد سَمِعَ ببغداد من: عَبْد الوهّاب ابن سُكَيْنَة، ويحيى بْن الرّبيع
الْفَقِيهُ.
أخذ عَنْهُ جماعة.
419- إيل غازي [1] .
السُّلطان المُلْك السّعيد، نجم الدّين، أبو الفتح، صاحب ماردين وابن
صاحبها أرتق بن إيل غازى بْن ألبي بْن تمرتاش بْن إيلغازي بْن أُرْتُق
الأرتقيّ.
مات فِي آخر السَّنَة فِي الحصار والوباء بقلعة ماردين.
وكان حازما بطلا، عالي الهمّة، جوادا، مُمَدحًا. ملك مدّة ديار بَكْر.
وقيل: مات فِي صَفَر [2] من سنة تسع، فاللَّه أعلم.
- حرف التاء-
420- تمّام بْن أبي بَكْر [3] بْن أبي طَالِب بْن أبي الزّمام بْن أبي
غالب.
أبو طَالِب بْن السّروريّ، الدّمشقيّ.
وُلِد سنة سبْعٍ وسبعين.
وسمع من: يحيى بْن محمود الثَّقَفيّ.
وكان جنديّا. وُلّي عدّة ولايات بالشّام.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، والزّاهد محمد بن تمّام الخيّاط، ومحمد بن
__________
[1] انظر عن (إيل غازي) في: الأعلاق الخطيرة ج 3 قا/ انظر فهرس
الأعلام- ص 598، والدرة الزكية 65، وذيل مرآة الزمان 1/ 378، و 2/ 14،
والعبر 5/ 249، والإشارة إلى وفيات الأعيان 356، ومرآة الجنان 4/ 149،
والبداية والنهاية 13/ 224، 225، وعيون التواريخ 20/ 234، والوافي
بالوفيات 10/ 27 رقم 4470، والدرّة الزكية 65، والسلوك ج 1 ق 2/ 441،
وعقد الجمان (1) 276، ودرّة الأسلاك 1/ ورقة 26، والمنهل الصافي 3/ 288
رقم 613، والنجوم الزاهرة 7/ 90، والدليل الشافي 1/ 171، وتاريخ الملك
الظاهر بيبرس 65، 112 و 280، 281.
[2] في الأصل: «سفر» .
[3] انظر عن (تمّام بن أبي بكر) في: العبر 5/ 244، وسير أعلام النبلاء
23/ 340.
(48/337)
المُحِب، والنّجم بْن الخبّاز.
تُوُفّي فِي رجب.
421- توران شاه [1] .
المُلْك المعظّم أبو المفاخر ابن السُّلطان المُلْك الناصر صلاح
الدِّين يوسُف بْن أيّوب. آخر من بقي من إخوته.
وُلِد سنة سبْعٍ وسبعين وخمسمائة.
وسمع بدمشق من: يحيى الثَّقَفيّ، وابن صَدَقة الحرّانيّ.
وأجاز لَهُ عَبْد اللَّه بْن برّيّ النَّحْويّ، وغيره.
وانتقى لَهُ الدّمياطيّ «جزءا» . وحدَّث بحلب ودمشق.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وسنقر القضائيّ، وغيرهما.
وفي قَيد الحياة من الرّواة عَنْهُ: أحمد وعبد العظيم ابنا محمد بْن
عَبْد الرَّحْمَن بْن العجميّ، والتّاج محمد بْن أحمد بْن محمد بْن
النصِيبي، بحلب، والقاضي أحمد بْن عَبْد الله الْقُرَشِيّ شُقُيْر،
وغيرهم.
وكان كبير البيت الأيّوبيّ. وكان السّلطان المُلْك النّاصر، وهو ابن
أخيه، يحترمه ويُجله، ويثق بِهِ، ويتأدّب معه. فكان يتصرّف فِي الخزائن
والأموال والغلمان.
وقد حضر غير مَصاف، وكان ذا شجاعة وعقل وغور. وكان مُقَدَّم الجيش
الحلبيّ من زمانٍ طويل.
وهو كَانَ المقدّم لمّا التَقَوا هُمْ والخوارزميّة سنة ثمانٍ وثلاثين
بقرب الفرات، فأسر يومئذ وهو مثخن بالجراح، وانهزم عسكره هزيمة قبيحة،
وقتل
__________
[1] انظر عن (توران شاه) في: ذيل مرآة الزمان 1/ 429، ودول الإسلام 2/
164، والعبر 5/ 245، وسير أعلام النبلاء 23/ 340 و 358، 359 رقم 257،
والإشارة إلى وفيات الأعيان 355، ومرآة الجنان 4/ 149، والوافي
بالوفيات 10/ 443، 444 رقم 4934، وعيون التواريخ 20/ 234، والسلوك ج 1
ق 1/ 441، والنجوم الزاهرة 7/ 90، وشفاء القلوب 268، 269، رقم 23،
وشذرات الذهب 5/ 292، وترويح القلوب 100، وعقد الجمان (1) 277، والمنهل
الصافي 4/ 180، 182، رقم 803، والدليل الشافي 1/ 230 رقم 801، والأعلاق
الخطيرة ج 3 ق 2/ فهرس الأعلام 608، وإعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء
4/ 420، 421 رقم 241.
(48/338)
منهم خلْق. وقتل فِي هذه الكائنة الصّالح
ولد الملك الأفضل عليّ بْن يوسف، وأغارت الخُوارزمية عَلَى بلاد حلب،
وفعلوا كلّ قبيح، فلا حول ولا قوّة إلّا باللَّه. ولمّا استولى
التّتار، خَذَلَهم الله، عَلَى حلب وبذلوا فيها السّيف اعتصم بقلعتها
وحماها، ثُمَّ سلّمها بالأمان، وأدركه الأجَل عَلَى إثر ذَلِكَ.
ولم يكن عدلا، وربّما تعاطى المحرَّم، فإنّ الدّمياطيّ يَقُولُ:
أَخْبَرَنَا فِي حال الاستقامة.
تُوُفّي- سامحه الله- فِي السّابع والعشرين من ربيع الأوّل بحلب،
ودُفِن بدهليز داره وله ثمانون سنة.
- حرف الجيم-
422- جعفر بْن أبي عليّ [1] حَسَن بْن أبي الفتوح بن عليّ بن حسين بن
دوّاس.
أبو الفَضْلِ الكتاميّ، الْمَصْرِيّ، الكاتب المعروف بابن سنان
الدّولة.
ولد سنة أربع وسبعين وخمسمائة بمصر.
وسمع منه: البوصيريّ، وغيره.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وجماعة، وأبو حامد بْن الصّابونيّ وقال: فِي
أجداده حاير بالياء.
تُوُفّي فِي نصف شَعْبان.
423- جعفر بْن حمّود [2] بْن المحسّن بْن عليّ.
أبو الفَضْلِ التّنُوخيّ، الحلبيّ.
استُشْهِد فِي أخذ حلب. وهو أخو الأمين عَبْد المحسن.
يروي عَنْهُ: الكِنْديّ، وابن الحَرَسْتاني.
وَمَا علِمته حدّث.
__________
[1] انظر عن (جعفر بن أبي علي) في: تكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني
77، والوافي بالوفيات 11/ 101 رقم 165.
[2] انظر عن (جعفر بن حمّود) في: الوافي بالوفيات 11/ 104 رقم 171.
(48/339)
- حرف الحاء-
424- حبيبة بِنْت أحمد بْن نصر.
الحَرَانية، نزيلة حلب.
أجاز لها أبو العبّاس أحمد بْن أبي منصور البرك، والحافظ أبو موسى
المَدِينيّ.
وحدّثت. لَا أعلم أحدا روى لنا عَنْهَا.
توفّيت فِي رمضان بحلب.
425- حَسَن [1] .
المُلْك السّعيد ابن المُلْك العزيز عثمان بْن السُّلطان المُلْك
العادل، صاحب الصّبيبة وبانياس.
تُوُفّي أبوه ستة ثلاثين، فقام بعده ابنه المُلْك الظّاهر، ثُمَّ مات
سنة إحدى وثلاثين، فتملّك بعده ابنه حَسَن هذا، فبقي إلى أن انتزع منه
المُلْك المعظّم.
وهرب إلى غزّة وأخذ ما فيها، وقصد قلعة الصّبيبة فتسلّمها. فلمّا تملّك
المُلْك النّاصر الشّام أخذ المُلْك السّعيد واعتقله بقلعة البيرة.
فلمّا دخل هولاوو الشّام وأخذت التّتار البِيرة، أخرجوه من الحبس،
وأحضر عند المُلْك بقيوده، فأطلقه وخلع عَلَيْهِ بسراقوج، وصار من
جملتهم، ومال إليهم بالكلّيّة. وكان يقع فِي المُلْك النّاصر عندهم،
وعرض عَلَى هلاكه، فسلموا إِليْهِ الصّبيبة وبانياس.
وبقي فِي خدمة نائب دمشق كَتبُغانُوِين لَا يفارقه. ثُمَّ حضر مَصَاف
عين جالوت، وقاتل مَعَ التّتار قتالا. وكان بطلا شجاعا، فلمّا انكسروا،
وللَّه الحمد، حضر إلى بين يدي السُّلطان قُطُز فقال: هذا ما يجيء منه
خير. وأمر
__________
[1] انظر عن (حسن الملك السعيد) في: ذيل الروضتين 207، 208، ودول
الإسلام 2/ 164، وذيل مرآة الزمان 1/ 366، والإشارة إلى وفيات الأعيان
356، والعبر 5/ 245، 246، والدرّة الزكية 51، ومرآة الجنان 4/ 149،
والبداية والنهاية 13/ 225 وفيه: «حسن بن عبد العزيز» وهو وهم، والوافي
بالوفيات 12/ 100، 101 رقم 87، وشذرات الذهب 5/ 292، وعيون التواريخ
20/ 235، 236، والسلوك ج 1 ق 2/ 441، وعقد الجمان (1) 277، والنجوم
الزاهرة 7/ 92، والمنهل الصافي 5/ 90- 92 رقم 906، والدليل الشافي 1/
264، وشفاء القلوب 360، 361 رقم 79، وترويح القلوب 71.
(48/340)
بِهِ فضُرِبت عُنقه، ولم يقل عثرته.
426- الحَسَن بْن أحمد [1] بْن هبة الله بْن أمين الدّولة.
الفقيه، أبو محمد الحلبيّ، الحنفيّ، المحدّث. أحد الطّلبة المشهورين
بحلب.
سَمِعَ من: ابن روزبه، ومُكرم، وابن شدّاد، وابن خليل، وابن رواحة.
ورحل فسمع ببغداد من: أبي إسحاق الكاشْغَريّ، وأبي بَكْر بْن الخازن،
وطائفة.
وحدَّث بمصر والشّام [2] .
وعُدِم فِي الوقعة بحلب، رحمه الله. وله شِعْر جيّد [3] .
427- الحَسَن بْن عليّ بْن طاهر.
الكرجيّ، الصُّوفيّ.
حدَّث عَنْ: حنبل، وابن طَبَرْزَد.
ومات فِي ذي القِعْدة بالقرافة.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وغيره.
428- الحُسَيْن بْن الحافظ أبي القاسم [4] عليّ بْن الْقَاسِم ابن
الحَافِظ الكبير أَبِي الْقَاسِم بن عساكر.
__________
[1] انظر عن (الحسن بن أحمد) في: ذيل مرآة الزمان 1/ 433، 434،
والجواهر المضيّة 1/ 189، وفيه: «الملقب مجد الدين، عرف بابن أمين
الدولة» ، والدليل الشافي 1/ 259، والمنهل الصافي 5/ 62، 63 رقم 886،
وإعلام النبلاء 4/ 422، 423 رقم 247.
[2] وقال قطب الدين اليونيني: قرأ بنفسه، وأعاد بالحلاوية في زمن. صاحب
كمال الدين ابن العديم، وشرح الفرائض السراجية في مجلّد لطيف.
وقال فيه الفقيه الفرضيّ: المحدّث الشهيد، وأنشد عنه شعرا.
[3] ومن شعره:
كأنّ البدر حين يلوح طورا ... وطورا يختفي تحت السحاب
فتاة كلّما سفرت لخلّ ... توارت خوف واش بالحجاب
[4] انظر عن (الحسين بن أبي القاسم) في: ذيل الروضتين 209، وعيون
التواريخ 20/ 236، وعقد الجمان (1) 275.
(48/341)
عمادُ الدّين، أبو حامد الدّمشقيّ، الملقّب
بالحافظ.
ولد سنة عشر وستمائة. وأجاز لَهُ المؤيِّد الطُّوسيّ، وأبو رَوْح، وخلق
عَلَى يد والده.
وسمّعه أبوه من جماعةٍ حضورا، وتُوُفّي بنابلس وهو متوجّه إلى مصر في
شعبان عَنْ ستٌّ وأربعين سنة.
وقيل: مات فِي رمضان، وحُمِل فدفن بسفح قاسيون.
- حرف الخاء-
429- خليل بْن إسماعيل بْن إبراهيم.
الماردِيني، المقرئ.
سَمِعَ من: أبي القاسم بْن الحَرَسْتاني.
وحدَّث.
ومات فِي جمادى الآخرة.
- حرف الراء-
430- رسلان شاه [1] .
الأمير أسد الدّين ابن المُلْك الزّاهر مُجير الدّين دَاوُد بْن
السُّلطان صلاح الدّين يوسف بْن أيّوب.
كَانَ شجاعا شهما، حَسَن الشكل، كريما. وكان أبوه أشبهَ النّاس بأبيه،
وشقيق المُلْك الظّاهر غازي، وسلطان البِيرة. فتوفّي بها فِي سنة
اثنتين وثلاثين، وتملّك البِيرة بعده الملكُ العزيزُ صاحب حلب، وأقام
نساؤه وأولاده بحلب عند ابن عمّهم.
وقُتِل أسدُ الدّين هذا ببواشير حلب فِي أوّل دخول التّتار.
__________
[1] انظر عن (رسلان شاه) في: ذيل مرآة الزمان 1/ 429، والوافي بالوفيات
11/ 343 رقم 3774، والدليل الشافي 1/ 104 رقم 260، والمنهل الصافي 2/
299 رقم 362 وفيه «ارسلان» ، وشفاء القلوب 345 رقم 70 وفيه «ارسلان» .
(48/342)
431- رشيد بْن محمد بْن عَبْد المُلْك.
أبو محمد الهَمَذَانيّ، الصُّوفيّ، السَّرَّاج.
شيخ مَعْمَر من صوفيّة دمشق.
حدَّث عَنْهُ المحدّث إبراهيم بْن عثمان بْن درباس المارانيّ، لقِيَه
بإربل.
- حرف الزاي-
432- زينب بِنْت أبي الجورنديّ بْن عَبْد الغنيّ بْن عليّ.
أمّ الكِرام الأنصاريّة، المصريّة.
سَمِعْتُ من: أبيها، ومن: البوصيريّ، والأرتاحيّ.
وتوفّيت فِي جُمَادَى الآخرة.
أخذ عَنْهَا المصريّون، ولم يحدّثنا أحد عَنْهَا. ولعلّ فِي مصر من
يروي عَنْهَا.
- حرف الطاء-
433- طُغريل بْن عَبْد الله.
أبو محمد التُّرْكيّ، المُحسني، الطّواشيّ.
سَمِعَ من: حنبل، وابن طَبَرْزَد، وستّ الكَتَبَة بِنْت الطّرّاح مَعَ
مولاه المُلْك المحسن.
روي عَنْهُ: الدّمياطيّ، وإسحاق الأَسَديّ.
ومات بحارم بعد الوقعة بأيّام فِي ربيع الأوّل.
وعنه أيضا: البدر بْن التّوزيّ، والتّاج الْجَعْبَريّ.
- حرف العين-
434- عَبَّاس بْن مُحَمَّد [1] بْن أحمد.
الماكسينيّ، شمسُ الدّين الدّمشقيّ.
روى عنه: حنبل.
__________
[1] انظر عن (عباس بن محمد) في: ذيل الروضتين 208، وذيل مرآة الزمان 1/
362 وفيه:
«محمد بن عباس الماكسيني» .
(48/343)
وعنه روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وناصر الدّين
محمد بْن المهتار، وغيرهما.
ظهر منه قيام مَعَ التّتار بدمشق. فلمّا انكسروا قتله المسلمون.
ولأبيه رواية عَن الحافظ أبي القاسم بْن عساكر.
435- عَبَّاس، ويقال أبو العباس، ويسمّى الخَضِر، بْن أبي طَالِب [1]
نصر بْن محمد بْن نصر.
أبو الفَضْلِ، شهاب الدّين الحَمَويّ، ثُمَّ الدّمشقيّ، الكاتب.
سَمِعَ من: الخُشُوعيّ.
وتُوُفّي فِي ربيع الآخر بدمشق وله إحدى وسبعون سنة.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، ومحمد ابن خطيب بيت الأبَّار.
436- عبدُ الله بْن أَحْمَد بْن أبي بَكْر [2] مُحَمَّد بْن إبراهيم
بْن عَبْد الرَّحْمَن.
المحدّث المفيد، مُحِب الدّين، أبو محمد السّعديّ، المقدِسي،
الصّالحيّ، الحَنْبليّ.
روى عَنْهُ: الشَّيْخ موفّق الدّين بْن قدامة، وأبي مُحَمَّد بْن
البُنّ، وأبي القاسم بْن صَصْرَى، وابن الزُّبَيْديّ، وطائفة.
ورحل سنة تسعٍ وثلاثين فسمع الكثير من: ابن القبيطيّ، وأبي إسحاق
الكاشغريّ، وعليّ بْن الفخار، وابن الخازن، وطائفة كبيرة.
وعُنِي بالحديث أتمّ عناية، وكتب العالي والنّازل، وحصّل الأصول.
وبقي فِي الرحلة مدّة سنين، ثُمَّ قدِم دمشق وتأهّل، وجاءه ابنان، فقرأ
لهما
__________
[1] انظر عن (عباس بن أبي طالب) في: سير أعلام النبلاء 23/ 340، 341
وفيه: «أبو العباس الخضر» .
[2] انظر عن (عبد الله بن أحمد بن أبي بكر) في: عقود الجمان في شعراء
هذا الزمان لابن الشعار الموصلي (مخطوطة أسعد أفندي 2323) ج 3/ ورقة
129 ب، وصلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني 2/ ورقة 55، والإشارة إلى
وفيات الأعيان 356، وسير أعلام النبلاء 23/ 340 و 375، 376 رقم 269،
والعبر 5/ 246، والمعين في طبقات المحدّثين 209 رقم 2194، وذيل طبقات
الحنابلة 2/ 268، 269 رقم 380، وشذرات الذهب 5/ 292، والمنهج الأحمد
388، والمقصد الأرشد، رقم 496، والدرّ المنضّد 1/ 403 رقم 1096» .
(48/344)
الكثير حضورا وسماعا، والصّغير منهما هُوَ
الزّاهد العابد أبُو العبّاس أحمد والد رفيقنا وشيخنا المحبّ، محدّث
الصّالحية فِي وقته ومُفيدها.
روى عن المذكور: الدّمياطيّ، والنّجم إسماعيل بْن الخبّاز، والنّجم
محمود بْن النّميريّ، وولده محمد بْن المحبّ، وآخرون.
تُوُفّي فِي الثَّانِي والعشرين من جمادى الآخرة، وله من العُمر أربعون
سنة.
437- عَبْد اللَّه بْن بركات [1] بْن إِبْرَاهِيم بْن طاهر بْن بركات.
أبو محمد ابن الخُشُوعيّ، الدّمشقيّ، الرّفّاء.
ولد سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة.
وسمع من: أَبِيهِ، ويحيى الثَّقَفيّ، والقاسم بْن عساكر، وعبد الرّزّاق
بْن نصر النّجّار، وإسماعيل الخَبْزَويّ، وجماعة.
وأجاز لَهُ: أبو طاهر السلَفيّ، وأبو موسى المدينيّ، وأحمد بْن ينال
التُّرْكَ، وآخرون.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وابن الخبّاز، وأبو المعالي بن البالسيّ، وأبو
الفداء بْن عساكر، وأبو الحَسَن الكِنْديّ، وأبو عَبْد الله بْن
الزّرّاد، وأبو عَبْد الله بْن التّوّزيّ، وحفيده عليّ بْن محمد بْن
الخُشُوعيّ، ومحمد بْن المُحِب، ومحمد بْن المهتار، وآخرون.
وهو من بيت الحديث والرّواية.
توفّي في الثّامن والعشرين من صفر بدمشق.
438- عبد الله بن عمر بن عوض.
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن بركات) في: صلة التكملة لوفيات النقلة
للحسيني 2/ 52، والعبر 5/ 246، وسير أعلام النبلاء 23/ 343 رقم 239،
وتذكرة الحفّاظ 4/ 1441، والمعين في طبقات المحدّثين 209 رقم 2195،
والإشارة إلى وفيات الأعيان 355، والإعلام بوفيات الأعلام 275، وعيون
التواريخ 20/ 237 وفيه: «عبد الرحمن بركات» وهو غلط وقد تكرّر اسمه
مرتين، واختلط اسمه في المرة الأولى بترجمة ليست له، وهي ترجمة «عبد
العزيز» الآتية برقم (441» ، والنجوم الزاهرة 7/ 91، وشذرات الذهب 5/
292، وذيل التقييد للفاسي 2/ 31 رقم 1107، والدليل الشافي 1/ 384 رقم
1317، والمنهل الصافي 7/ 82 رقم 1320، والوافي بالوفيات 17/ 83 رقم 69.
(48/345)
المقدسيّ، والد شيخُينا القاضي عزَّ الدّين
وعُمر وشرف الدّين ابن رقيّة.
حدَّث عَنِ: الشَّيْخ الموفّق.
وعنه: ابن الخبّاز، وغيره.
تُوُفّي فِي المحرَّم بقاسيون كهلا.
439- عَبْد الحميد بْن عَبْد الهادي [1] بْن يوسف بْن مُحَمَّد بْن
قُدَامة بْن مِقْدام بْن نصر.
عماد الدّين المقدِسي، الجمّاعيليّ، ثُمَّ الصّالحيّ، المقرئ
الحَنْبليّ، المؤدّب.
وُلِد بجمّاعيل فِي سنة ثلاثٍ وسبعين ظنّا، وقدم دمشق صبيّا.
فسمع من: يحيى الثّقفيّ، وأحمد بن الموازينيّ، وهبة الرَّحْمَن بْن
عليّ الخِرَقي، وإسماعيل الجنزويّ، ويوسف بْن معالي الكِنَاني، وبركات
الخُشُوعيّ، وجماعة.
وروى الكثير، وطال عُمُرُه. وكان شيخا حَسَنًا، فاضلا، صحيح السَّماع،
لَهُ مكتب بالقصّاعين. وهو والد شيخنا العِز.
روى عَنْهُ: الحافظ أبو عَبْد الله البرزاليّ، ومات قبله باثنتين
وعشرين سنة، والمجد ابن الحلوانيّة، والدّمياطيّ، والشّيخ الكنجيّ،
والشّيخ تاج الدّين عَبْد الرَّحْمَن، وأخوه، وتاج الدّين صالح، وابن
التّوّزيّ، وابن الخبّاز، وأبو عَبْد الله بْن زباطر، وأبو محمد عَبْد
الله بْن الشّرف حَسَن، وأبو عَبْد الله بْن التّاج، وأبو عَبْد الله
بْن المُحِبّ، وأبو عَبْد الله بْن الصّلاح، وأبو عَبْد الله بن
المهتار، وآخرون.
__________
[1] انظر عن (عبد الحميد بن عبد الهادي) في: ذيل الروضتين 204، وفيه:
«عبد المجيد بن عبد الهادي» وهو تصحيف، وصلة التكملة لوفيات النقلة
للحسيني، ج 2/ ورقة 53، والإعلام بوفيات الأعلام 275، وسير أعلام
النبلاء 23/ 339، 340 رقم 236، والمعين في طبقات المحدّثين 209 رقم
2196، والوافي بالوفيات 18/ 83 رقم 83، والعبر 5/ 246، 247، وشذرات
الذهب 5/ 293.
(48/346)
تُوُفّي فِي ربيع الأوَّل [1] .
440- عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الرّحيم [2] بْن أَبِي طَالِب عَبْد
الرَّحْمَن بْن الحَسَن بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن طاهر بْن محمد بْن
محمد بْن الحُسَيْن بْن عليّ.
الكرابيسيّ، الْفَقِيهُ العالم، أبو طَالِب ابن العجميّ، الحلبيّ،
الشّافعيّ.
كَانَ رئيسا محتشما، ومُفتيًا محترما.
سَمِعَ من: يحيى بْن محمود الثَّقَفيّ، وعمر بن طبرزد، وجماعة.
روى عنه: الدمياطي، والكمال إسحاق الأَسَديّ، ومحمد بْن محمد الكنجيّ،
والبدر محمد بْن التّوّزيّ، وحفيداه أحمد وعبد الرّحيم ابنا محمد بْن
عَبْد الرَّحْمَن، وآخرون.
عذّبه التّتار وضربوه عَلَى المال، وصبّوا عَلَيْهِ ماء باردا، فتشنّج
ومات إلى رحمة الله فِي الرّابع والعشرين من صَفَر بعد الوقعة بنحو من
عشرة أيّام، وله تسع وثمانون سنة. وقد كتب عَنْهُ ابن الحاجب،
والقدماء.
441- عَبْد العزيز ابن القاضي الأسعد [بْن عَبْد] [3] القوي [4] ابن
القاضي الجليس عَبْد العزيز بْن الحُسَيْن ابن الجبّاب [5] .
القاضي محيي الدّين، أبو المعالي التّميميّ، السّعديّ، الْمَصْرِيّ.
وُلِد سنة خمسٍ وتسعين وخمسمائة.
__________
[1] وقال أبو شامة: «علّم جماعة كثيرة كتاب الله العزيز وابتلي بمرض
مزمن في آخر عمره، وكان له رواية للحديث عن الثقفي وغيره، وقد أجاز
أولادي رواية ما يجوز له عنه روايته، وهم: محمد رحمه الله، وأحمد،
وإسماعيل، وفاطمة، وجبرهم الله» .
[2] انظر عن (عبد الرحمن بن عبد الرحيم) في: صلة التكملة لوفيات النقلة
للحسيني- ج 2/ ورقة 52، والعبر 5/ 247، وسير أعلام النبلاء 23/ 340،
348، و 349 رقم 247، والبداية والنهاية 13/ 225، والوافي بالوفيات 18/
157 رقم 199، ودرّة الأسلاك 1/ ورقة 25، وعقد الجمان (1) 274، وشذرات
الذهب 5/ 293، وإعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء 4/ 424- 430 رقم 250.
[3] إضافة على الأصل.
[4] انظر عن (عبد العزيز بن عبد القويّ) في: عيون التواريخ 20/ 237 وقد
اختلطت تسميته بترجمة أخرى، فجاء على هذا النحو: «عبد الرحمن بن بركات
بْن إِبْرَاهِيم بْن طاهر بْن بركات بْن عَبْد القوي ابن القاضي الجليس
عَبْد العزيز بْن الحُسَيْن بْن عَبْد اللَّه السعودي» .
[5] في عيون التواريخ: «ابن الحباب» بالحاء المهملة.
(48/347)
وسمع من: أبيه، وجماعة.
ونسخ بخطّه، وحصّل جملة من الكتب. وحدّث ومات بمنية بني خصيب في ذي
القعدة.
442- عبد المحسن بن عبد العزيز [1] بن علي بن عبد العزيز.
أبو محمد بن الصّيرفيّ، المخزوميّ، الوكيل.
ولد سنة تسع وسبعين وخمسمائة بمصر.
وسمع من: البوصيريّ، وإسماعيل بن ياسين، وقاسم بن إبراهيم المقدسيّ،
والأرتاحيّ، وفاطمة بنت سعد الخير.
وأجاز له: خليل الرّارانيّ، وأبو المكارم بن اللّبان، وجماعة.
وروى عنه: الدّمياطيّ، والمصريّون.
ومات في الثّاني والعشرين من جمادى الأوّل. وهو أخو عبد الرحمن ومحمد.
443- عبد الواحد بْن أبي بَكْر [2] بْن سُلَيْمَان بْن علي.
أبو مُحَمَّد الحمويّ، الدِّمَشْقِيُّ، الشّاهد. أخو أحمد بن أبي بكر.
ولد في سنة خمس وثمانين.
وسمع من: مُحَمَّد بن الخصيب، وحنبل، وابن طبرزد.
روى عنه: الدّمياطيّ، وابن الحلوانيّة، وغيرهما.
توفّي في جمادى الآخرة. وقد حدّث بدمشق ومصر. وأبوه من شيوخ الدّمياطيّ
أيضا.
444- عبيد الله بن شبل [3] بن جميل بن محفوظ.
الإمام نجم الدّين، أبو فراس التّغلبيّ، الهيتيّ، الزّاهد. ويعرف بابن
__________
[1] انظر عن (عبد المحسن بن عبد العزيز) في: ذيل التقييد للفاسي 2/ 152
رقم 1329.
[2] انظر عن (عبد الواحد بن أبي بكر) في: ذيل الروضتين 206 وفيه: «شرف
الدين عبد الواحد بن الحسام الواعظ المعروف بابن الحموي» .
[3] انظر عن (عبيد الله بن شبل) في: تلخيص مجمع الآداب لابن الفوطي،
ولم يذكره كحّالة في «معجم المؤلّفين» مع أنّه من شرطه.
(48/348)
الجبّيّ. من قرية جبّة من سقي الفرات.
سمع من: خليل الجوسقيّ.
وصنّف كتاب «فضائل القرآن» ، وكتاب «الشّفاء من الداء» ، وكتاب «شمائل
النّبيّ الكريم» .
وقد ولي أعمالا جليلة، وانقطع بعد أخذ بغداد في رباط له. ثمّ مات في
آخر السّنة.
قال ابن الفوطيّ: أجاز لي في سنة خمسين وستّمائة. وابنه شيخ رباط
العميد شهاب الدّين عبد الرحمن، مات سنة 671.
445- عثمان بْن مُحَمَّدِ [1] بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ
هبة اللَّه بْن عَلِيّ بْن المطهّر بن أبي عصرون.
الصّدر الرّئيس، شرف الدّين، أبو عمرو ابن القاضي أبي حامد ابن قاضي
القضاة أبي سعد التّميميّ، الدِّمَشْقِيُّ، الشّافعيّ، أخو محيي الدّين
عمر.
ولد بدمشق سنة إحدى وثمانين وخمسمائة، ولم نر له شيئا من الرّواية عن
جدّه.
وقد دخل الإسكندريّة في صغره، وسمع من: عبد الرحمن بن موقا، وعبد
العزيز بن عيسى اللّخميّ.
وسمع بمصر من: أبي الفضل الغزنويّ.
روى عنه: النّجم بن الخبّاز، وآحاد الطّلبة.
ولم يكن سماعه كثيرا.
وقد حدّث عنه الزّين أحمد بن عبد الدّائم وهو أكبر منه.
وكان رئيسا، نبيلا، جوادا، مفضّلا. أنفق أموالا عظيمة إلى أن بقي
فقيرا.
قال الشّيخ قطب الدّين [2] : حَدَّثَني الجمال نصر الله، وكان في
خدمته،
__________
[1] انظر عن (عثمان بن محمد) في: ذيل مرآة الزمان 1/ 387- 389 وعيون
التواريخ 20/ 237، 238، والمختار من تاريخ ابن الجزري 259، والوافي
بالوفيات 19/ 506، 507 رقم 514، والدارس 1/ 406.
[2] في ذيل مرآة الزمان 1/ 387.
(48/349)
أنّ أباه أبا حامد قد خَلف لَهُ من الأموال
والقماش والخيل والخَدَم والأملاك شيئا كثيرا، من ذَلِكَ سطل بلّور
بقدّ المدّ وأكبر، بطوق ذَهَب، وهو مَلان جواهر نفيسة، فأذهَب الجميع.
قَالَ: كَانَ المذكور قد اجتمع ولده الْجُنَيْد بمصر فِي هذه السَّنَة
بالملك المظفَّر، وأراه كتابا فيه أنّ بمصر دفائن، وأنّها لَا تحصل
إلّا بخراب أماكن كثيرة. فأصغى إِليْهِ السُّلطان. وكان بعض من خاف
خراب ملكه اغتاله، فعُدِم، أوْ قُتِل فِي أواخر صَفَر.
وذكر الشّريف عزَّ الدّين أَنَّهُ تُوُفّي بدمشق، فاللَّه أعلم.
446- عثمان بْن يوسف [1] بْن حَيدَرَة.
الطَّيّب، التّاجر، جمال الدّين، ابن الطَّيّب العلّامة رضيّ الدّين،
الرحبيّ، ثُمَّ الدّمشقيّ.
برع فِي عِلْم الطّبّ عَلَى والده، وخدم فِي المارستان النّوريّ زمانا.
وكان يسافر فِي التّجارة إلى مصر، فتوجّه فِي الْجَفَل إلى مصر ومات
هناك فِي ربيع الآخر [2] .
447- عليّ بْن إبراهيم [3] بْن خشنام بْن أحمد.
الْفَقِيهُ، أبو الحسن الحميديّ، الكرديّ، الحلبيّ، الحنفيّ. وكان من
كبار الحنفيّة.
روي عن: دَاوُد بْن مَعْمَر. سَمِعَ منه بأصبهان.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، والبدر محمد بْن التّوّزيّ، وغيرهما.
وعُدِم بحلب فِي دخول التّتار فِي صَفَر.
__________
[1] انظر عن (عثمان بن يوسف) في: ذيل الروضتين 207 وفيه: «الحكيم جمال
الدين بن الرحبيّ الطبيب ابن الطبيب» ، و «الوافي بالوفيات 19/ 519 رقم
532.
[2] وقال أبو شامة: وكان خيّرا ديّنا فاضلا في المعالجة الطبيّة،
مصلّيا، جيّد العقيدة.
[3] انظر عن (علي بن إبراهيم) في: إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء 4/
421، 422 رقم 245.
(48/350)
448- عليّ بْن فايد بْن ماجد.
الخزْرَجي. الشَّيْخ الصّالح الزّاهد.
سَمِعَ من: مسمار بْن العُوَيْس، وإبراهيم بْن البرنيّ.
وحدَّث. وعُدِم شهيدا بحلب.
449- عليّ بْن يوسف [1] بْن شَيبان.
جلال الدّين النَّميْريّ، الماردينيّ، المعروف بابن الصَّفّار،
الشّاعر.
تُوُفّي فِي ربيع الآخر عَنْ ثلاثٍ وستّين سنة [2] .
450- عُمَر بْن عَبْد المنعم [3] ابن أمين الدّولة.
الْفَقِيهُ، أبو حفص الحلبيّ، الحنفيّ.
حدَّث عَنْ: الافتخار الهاشميّ، وغيره.
وراح إلى رحمة [4] الله فِي كائنة حلب.
451- عيسى بْن موسى بْن أبي بَكْر بْن خضر بْن إبراهيم أخي شيخ
__________
[1] انظر عن (علي بن يوسف) في: عقد الجمان للزركشي 235 ب، وذيل مرآة
الزمان 1/ 413- 426 وعيون التواريخ 20/ 238- 240، وفوات الوفيات 3/
119- 123 رقم 370، وعقود الجمان لابن الشعار 5/ 259، والنجوم الزاهرة
7/ 252، والسلوك ج 1 ق 2/ 442، والوافي بالوفيات 22/ 347- 351 رقم 244.
[2] مولده في سنة 575 هـ. وخدم بكتابة الإنشاء الملك المنصور ناصر
الدين أرتق صاحب ماردين، وتولّي كتابة أشراف دنيسر ثماني عشرة سنة، كان
شاعرا مجيدا، وله فضل وأدب، وصنّف كتابا يحتوي على آداب كثيرة وسمّاه
كتاب «أنس الملوك» ، وله شعر رائق، فمنه في غلام مليح غرق في الماء:
يا أيّها الرشأ المكحول ناظره ... إنّي أعيذك من نار بأحشائي
إنّ انغماسك في التيار حقّق أنّ ... الشمس تغرب في عين من الماء
ومنه:
ويوم قرّ برد أنفاسه ... يمزّق الأوجه من قرصها
يوم تودّ الشمس من برده ... لو جرّت النار إلى قرصها
وله شعر غيره.
[3] انظر عن (عمر بن عبد المنعم) في: عقد الجمان (1) 275، وشذرات الذهب
5/ 442، وإعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء 4/ 421 رقم 243.
[4] في الأصل: رحمت، بالتاء المفتوحة.
(48/351)
الإسلام عليّ ابن أحمد بْن يوسف بْن جعفر
بْن عَرَفَة بْن مأمون بْن المؤمَّل بْن قاسم بْن الوليد بْن عُتْبة
ابن أبي سُفيان.
الأمير الأجلّ، شهابُ الدّين الْقُرَشِيّ، الأُمَويّ، الكرديّ،
الهكّاريّ، ويُعرف بابن شيخ الإسلام.
كَانَ فقيها، زاهدا، شجاعا، فارسا. درّس مدّة بدمشق بالمدرسة
الجاروخيّة. وتُوُفّي بمصر فِي ثامن وعشرين جمادى الأولى، رحمه الله.
- حرف الفاء-
452- فاطمة.
السّتّ النّبويّة ابْنَة الشّهيد المستعصم باللَّه.
ماتت غريبة أسيرة ببخارى فِي دار الشَّيْخ شَرَفُ الدّين الباخرزيّ،
استنقذها من العدوّ. وشيّعها الخلق. وبُنيت عليها قبّة بكلاباذ.
453- فاطمة بِنْت المحدّث أبي الفَضْلِ نعمة بْن سالم بْن نعمة ابن
الحزّام.
أمّ الخير.
سَمِعْتُ من: البوصيريّ، وإسماعيل بْن ياسين، وبنت سَعْد الخير.
روى عَنْهَا: الحافظان زكيّ الدّين عَبْد العظيم مَعَ تقدمهِ، وشيخُنا
الدّمياطيّ، والمصريّون.
وتوفّيت فِي السّابع والعشرين من ذي الحجّة.
- حرف القاف-
454- قطز [1] بن عبد الله.
__________
[1] انظر عن (قطز بن عبد الله) في: ذيل الروضتين 210، وذيل مرآة الزمان
2/ 28- 36، و 1/ 371، والحوادث الجامعة 45، والمختصر في أخبار البشر 3/
207، والدرّة الزكية 61، 62، والروض الزاهر 68، وحسن المناقب السريّة
لشافع بن علي (مخطوطة باريس 1707) ورقة 9 و 136، ونهاية الأرب 29/ 477،
478، وتاريخ مختصر الدول 282، وتاريخ الزمان 319، وتالي وفيات الأعيان
50 و 129، والعبر 5/ 247، وسير أعلام النبلاء 23/ 200، 200 رقم 119،
والإعلام بوفيات الأعلام 275، والإشارة إلى وفيات الأعيان 356،
(48/352)
السُّلطان الشّهيد المُلْك المظفَّر، سيف
الدّين المُعِزّيّ.
كَانَ أكبر مماليك المُعِزّ أَيْبَك التّركمانيّ. وكان بطلا شجاعا،
مِقدامًا، حازما، حَسَن التّدبير، يرجع إلى دين وإسلام وخير. وله اليد
البيضاء فِي جهاد التّتار، فعوّض الله شبابه بالجنّة.
حكى شمس الدّين ابن الْجَزَريّ فِي «تاريخه» [1] ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
كَانَ قُطُز فِي رِق ابن الزّعيم بدمشق فِي القصّاعين، فضربه أستاذُه
فبكى، ولم يأكل شيئا يومَه. ثُمَّ ركب أستاذه للخدمة، وأمر الفرّاش أن
يترضّاه ويُطعمه.
قَالَ: فحدّثني الحاجّ عليّ الفرّاش قَالَ: جئتُه فقلت: ما هذا البكاء
من لطْشة؟ فقال: إنّما بكائي من لعنته أبي وجدّي، وهم خيرٌ منه.
فقلت: مَن أبوك واحد كافر. فقال: والله ما أَنَا إلّا مُسْلِم ابن
مُسْلِم، أَنَا محمود بْن مودود ابن أخت خُوارزم شاه من أولاد الملوك.
فسكتّ وترضيتهِ وتنقّلت بِهِ الأحوال إلى أن تملّك. ولمّا تملّك الشّام
أحسن إلى الحاجّ عليّ الفرّاش، وأعطاه خمسمائة دينار، وعمل لَهُ راتبا.
قلت: وكان مدبّر دولة أستاذه المُلْك المنصور عليّ بْن المُعِزّ، فلمّا
دهم العدوّ الشّام رَأَى أنّ الوقت يحتاج إلى سلطانٍ مَهِيب كامل
الرّجوليّة، فعزل الصّبيّ من المُلْك وتسلطن، وتمّ لَهُ ذَلِكَ فِي
أواخر سبْعٍ وخمسين. ثُمَّ لم يَبْلَعْ ريقه، ولا تهنّى بالسّلطنة حتّى
امتلأت الشّامات المباركة بالتّتار، فتجهّز للجهاد، وشرع فِي أهبة
الغزو، والتفّ عَلَيْهِ عسكر الشّام وبايعوه، فسار بالجيوش فِي أوائل
رمضان لقصد الشّام، ونصر الإسلام، فعمل المَصَاف مَعَ التّتار وعليهم
كتبغا عَلَى عين جالوت، فنصره الله تَعَالَى، وقتل مقدّم التّتار.
__________
[ () ] ودول الإسلام 2/ 163، ومرآة الجنان 4/ 149، وفوات الوفيات 3/
201- 203 رقم 398، وطبقات الشافعية الكبرى 8/ 277، والبداية والنهاية
13/ 225- 227، وتحقيق النصرة للمراغي 71، وعيون التواريخ 20/ 229 و
241- 243 والنجوم الزاهرة 7/ 72- 79، وحسن المحاضرة 2/ 38، 39، وشذرات
الذهب 5/ 293، وتحفة الأحباب 410، 411، والتحفة الملوكية 45، وآثار
الأول في ترتيب الدول للعباس 268، والجوهر الثمين 2/ 59- 65، وأخبار
الدول وآثار الأول للقرماني 2/ 268- 271، وتاريخ الأزمنة 244، والمختار
من تاريخ ابن الجزري 257، 258، والوافي بالوفيات 24/ 251- 253 رقم 266.
[1] في المختار من تاريخ ابن الجزري 257.
(48/353)
قَالَ الشَّيْخ قُطْبُ الدّين [1] : حكي
عَنْهُ أَنَّهُ قُتِل جوادُه يومئذ، ولم يصادف أحدا من الوشاقيّة، فبقي
راجلا، فرآه بعض الأمراء الشّجعان، فترجّل وقدّم لَهُ حصانه، فامتنع
وقال: ما كنت لأمنع المسلمين الانتفاع بك فِي هذا الوقت. ثُمَّ تلاحقت
الوشاقيّة إِليْهِ.
حدَّثني أبي أحمد أنّ المُلْك قُطُز لمّا رأى انكشافا فِي مَيسرته رمى
الخوذة عَنْ رأسه وحمل وقال: وا دين محمد. فكان النّصر.
قَالَ: وكان شابّا أشقر، كبير اللّحية.
قلت: ثُمَّ جهّز الأمير رُكن الدّين بَيْبَرسْ، أعني المُلْك الظّاهر،
فِي أقفية التّتار، ووعده بنيابة حلب، فساق وراءهم إلى أن طردوهم عَن
الشّام.
ثُمَّ إنّه انثنى عزْمُه عَلَى إعطائه حلب، وولّاها لعلاء الدّين ابن
صاحب المَوْصِل، فتأثّر ركن الدّين من ذَلِكَ.
ودخل المُلْك المظفَّر دمشق، فأحسن إلى الرّعيّة، وأحبّوه حبّا زائدا،
ثُمَّ استناب عَلَى البلد عَلَمَ الدّين سَنْجَر الحلبيّ، ورجع بعد شهر
إلى مصر، فقُتِل بين الغرابيّ والصّالحيّة فِي آخر الرّمل، ودُفِن
بالقُصَير.
وقال ابن الْجَزَريّ فِي «تاريخه» [2] : حدَّثني أبي قَالَ: حدَّثني
أبو [3] بَكْر بْن الدّريهم الإسعرديّ والزّكيّ إبراهيم الحَنْبليّ
أستاذ الفارس أقطايا قَالَ:
كُنَّا عند سيف الدّين قُطُز لمّا تسلطن أستاذه المُعِزّ، وقد حضر عنده
منجّم مغربيّ، فصرف أكثر غلمانه، فأردنا القيام، فأمَرَنَا بالقُعود،
ثُمَّ أمر المنجّم فضرب الرّمل.
ثُمَّ قَالَ: اضرب لمن يملك بعد أستاذي، ومن يكسر التّتار. فضرب، وبقي
زمانا يحسب وقال: يا خَوَنْد يطلع معي خمسُ حروف بلا نُقَط ابن خمس
حروف بلا نقط.
فقال: لِمَ لَا تَقُولُ محمود بْن ممدود. فقال: يا خَوَنْد لَا يقع غير
هذا الاسم.
__________
[1] في ذيل مرآة الزمان 1/ 28- 36.
[2] في المختار من تاريخ ابن الجزري 256.
[3] في الأصل: «أبي» .
(48/354)
فقال: أَنَا هُوَ، وأنا أكسرهم وآخذ بثأر
خالي خوارزم شاه. فتعجّبنا من كلامه وقلنا: إن شاء الله يكون هذا يا
خَوَنْد. فقال: اكتموا هذا. وأعطى المنجّم ثلاثمائة درهم [1] .
قلت: تولّى قتله رُكن الدّين البُنْدُقْداريّ المذكور الَّذِي قُتِل
المُلْك المعظّم بالمنصورة، وأعانه جماعة أمراء. وبقي مُلْقَى، فدفنه
بعضُ غلمانه، وصار قبره يُقصد للزّيارة، ويُترحم عَلَيْهِ، ويُسَب من
قَتَله، فلمّا كثُر ذَلِكَ بعث السُّلطان من ينبشه، ونقله إلى مكانٍ
لَا يُعرف، وعفّى أثرَه.
قُتِل فِي سادس عشر ذي القِعْدة.
- حرف الكاف-
455- كُتْبُغا [2] .
المغوليّ، النّوين [3] .
نقل- إلى لعنة الله- يوم وقعة عين جالوت.
قَالَ قُطْبُ الدّين [4] : قتله الأمير جمال الدّين آقوش الشّمسيّ ولم
يعرفه.
وكان عظيما عند التّتار يعتمدون عَلَيْهِ لرأيه وشجاعته وصرامته وعقله.
وكان من الأبطال المذكورين، لَهُ خبرة بالحصارات والحروب وافتتاح
الحصون. وكان هولاوو لَا يخالفه ويتيمّن برأيه. وله فِي الحروب
والحصارات عجائب. وكان شيخا مُسِنًّا يميل إلى النّصرانيّة. قاتل
يومئذٍ إلى أن قتل، وأسر
__________
[1] والخبر في: ذيل الزمان 1/ 369.
[2] انظر عن (كتبغا) في: ذيل مرآة الزمان 1/ 361، والتحفة الملوكية 44،
وتاريخ الزمان 317، وتاريخ مختصر الدول 280، 281، والمختصر في أخبار
البشر 3/ 205، والعبر 5/ 247، 248، ودول الإسلام 2/ 164، والإشارة إلى
وفيات الأعيان 356، وتاريخ ابن الوردي 2/ 207، وعيون التواريخ 20/ 243،
والبداية والنهاية 13/ 226، 227، وعقد الجمان (1) 280- 282، والجوهر
الثمين 2/ 63، والنجوم الزاهرة 7/ 90، والوافي بالوفيات 24/ 318 رقم
334.
[3] نوين: بضم النون، وكسر الواو، وسكون الياء آخر الحروف، وفي آخره
نون. ومعناه أمير عشرة آلاف، وكل اسم من أسماء ملوكهم في آخره نوين
معناه رأس عشرة آلاف. ويسمّى أيضا رأس تومان. (عقد الجمان (1) 282) .
[4] في ذيل مرآة الزمان 1/ 361.
(48/355)
ولدُه، فأحضر بين يدي المُلْك المظفَّر،
فسألوه عَنْ أَبِيهِ فقال: أبي ما يهرب، فأبصرُوه فِي القتلى. فأحضروا
عدّة رءوس، فلمّا رآه بكى، وقال للملك المظفَّر: يا خَوَنْد نم طيّبا،
ما بقي لك عدوّ تخاف منه، كَانَ هذا سَعْد التّتر، وبه يهزمون، وبه
يفتحون الحصون.
- حرف الميم-
456- محمد بْن أبي الحَسَن [1] أحمد بْن عَبْد الله بْن عيسى بْن أبي
الرجال أحمد بْن عليّ.
الشَّيْخ الْفَقِيهُ، أبو عَبْد الله اليونينيّ [2] ، شيخ الإسلام
الحَنْبليّ، الحافظ.
ذكره ولده الشَّيْخ قُطْبُ الدّين فِي «تاريخه» فرفع نَسَبَه إلى عَلي
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فقال: ابن أَبِي الرجال أحمد بْن عَلِيّ بْن
مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن
__________
[1] انظر عن (محمد بن أبي الحسن اليونيني) في: ذيل مرآة الزمان، 1/
429، 430، 2/ 59، ومشيخة قاضي القضاة ابن جماعة 1/ 344، والوفيات
للسلامي 1/ 238، والإشارة إلى وفيات الأعيان 356، والإعلام بوفيات
الأعلام 275، والعبر 5/ 248، والمعين في طبقات المحدّثين 209 رقم 2197،
وتذكرة الحفّاظ 4/ 1450، ودول الإسلام 2/ 164، وتاريخ الإسلام (611-
620) في ترجمة «عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن قدامة»
المتوفى سنة 620 هـ.) رقم 678، وصفة الغرباء من المؤمنين، للآجرّي،
بقراءة تقيّ الدين اليونيني، تحقيق بدر بن عبد الله بن البدر- طبعة دار
الخلفاء للكتاب الإسلامي بالكويت 1987- ص 78، وذيل الروضتين 207، وسير
الأولياء في القرن السابع الهجريّ، لصفيّ الدّين الحسين بن علي بن
ظافر- تحقيق مأمون محمود ياسين وعفّت وصال حمزة- طبعة دار القلم، بيروت
(لا تاريخ) ص 127، 128، وحوادث الزمان المعروف بتاريخ ابن الجزري
(مخطوطة محمد كربرللي) ، رقم 569 (بتحقيقنا) ، ومرآة الجنان 4/ 150،
والمعين في طبقات المحدّثين 209 رقم 2197، وذيل طبقات الحنابلة 2/ 269-
273، والبداية والنهاية 13/ 227- 229، وأعيان العصر 1/ ورقة 20 وج 6 ق
2/ ورقة 206، ودرّة الحجال لابن حجلة التلمساني 1/ 272، والوافي
بالوفيات 2/ 121، والسلوك ج 1 ق 2/ 441، والنجوم الزاهرة 7/ 92، وشذرات
الذهب 5/ 452، والدرر الكامنة 2/ 195، 278، 302 و 3/ 63، 260، 265، 365
و 4/ 18، 154 و 5/ 111، 198، والمنهل الصافي (مخطوط) 3/ ورقة 104،
وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي ق 2 ج 3/ 224- 229 رقم
939، ومختصر الذيل على طبقات الحنابلة 76، والمنهج الأحمد 388، والمقصد
الأرشد، رقم 880، والدرّ المنضّد 1/ 403 رقم 1097، وعيون التواريخ 20/
210 في وفيات سنة 656 هـ.، وعقد الجمان (1) 275، 276.
[2] في مرآة الجنان 4/ 150 «الجويني» وهو غلط.
(48/356)
أحمد بن محمد بن الحسين بن إسحاق بن جعفر
بن الصادق بْن محمد الباقر بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ
بْنِ أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه.
وحدَّث شيخنا الإمام الثّقة أبو الحُسَيْن أنّ والده الشَّيْخ
الْفَقِيهُ ذكر لَهُ قبل أن يموت بقليل أنّنا من ذرّيّة الحُسَيْن بْن
عليّ، وساق لَهُ هذا النّسب.
ولد في رجب سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة بيونين، ولبس الخِرقَة من
الشَّيْخ عَبْد اللَّه البطائحيّ صاحب الشَّيْخ عَبْد القادر، ولزِم
الشَّيْخ عَبْد الله اليونينيّ، وكان يشفق عَلَيْهِ ويربّيه، فإنّه
ربّي يتيما، وتعلّم الخطّ المنسوب، واشتغل بدمشق عَلَى الشَّيْخ
الموفّق المُذْهب، وعلى الحافظ عَبْد الغنيّ فِي الحديث، وسمع منهما.
ومن: أبي طاهر الخُشُوعيّ، وحنبل الرّصافيّ، وأبي اليمن الكِنْديّ،
وأبي التّمّام القلانسيّ، وجماعة.
وروى الكثير بدمشق وبَعْلَبَكّ. وكان والده مرخّما بعلبكّ، وبدمشق،
ثُمَّ سافر وترك محمّدا عند أمّه بدمشق بناحية الكشك، وكان فِي جِوارهم
أولاد أمير، فتردّد معهم محمد إلى الجامع، فتلقّن أحزابا، ثُمَّ طلع
الصّبيان إلى بستانٍ، فأسلَمَتْه أمُه نشابيا، فصار لَهُ فِي الشّهر
خمسة دراهم، فكان يرتفق بها.
ثُمَّ ذهب يوما إلى المقرئ يسلّم عليه، فقال له: لم لَا تلازم القرآن
يا ولدي، فإنّك يجيء منك شيء؟ فاعتذر بأنّه فِي دكّان، فقال: كم يُعطيك
المعلّم؟ قَالَ:
خمسة دراهم فِي الشّهر. فأخرج لَهُ خمسة دنانير وقال: أَنَا أعطيك كلّ
شهر هكذا. فاجتمع بأمّه وكلمَها. فلازَمه فختم عَلَيْهِ القرآن فِي
مدةٍ يسيرة، ثُمَّ طلب لَهُ الشَّيْخ عَبْد الله اليُونيني مجوّدا،
وقال لَهُ: إن كتب هُوَ مثلَك أعطيك ثلاثمائة. فتعلّم الخطّ وبرع فيه،
وشارطه المجوّد عَلَى نسخ كتاب قصص بثلاثمائة، فكتب من أوّله ورقة،
وأعطاه لمحمد فَنَسَخَه بخطّه، ثُمَّ قَالَ: يا بُنَيَّ قد برئت ذمّة
الشّيخ من الثّلاثمائة.
ثُمَّ لازم الحفظ حتّى حفظ «الجمع بين الصّحيحين» . وكان ربّما يجوع.
وقد سَمِعَ مُرَّة من الكِنْديّ ... [1] فكتب الطّبقة، فنظر فيها
الكِنْديّ فأعجبه خطّه، فقال: هذا خطّك وهذا حظّك.
__________
[1] بياض في الأصل.
(48/357)
روى عَنْهُ: أولاده أبو الحُسَيْن وأبو
الخير وآمنة وأمة الرّحيم، وأبو عَبْد الله بْن أبي الفتح، وموسى بْن
عَبْد العزيز، وإبراهيم بْن أحمد بْن حاتم، وأبو الحَسَن بْن حَسَن،
ومحمد وإبراهيم ابنا بركات ابن القُرَيْشَة [1] ، ومحمد بْن المُحِبّ،
والمجبي إمام المشهد، وعليّ بْن الشّاطبيّ، ومحمد بْن الزّرّاد، وعبد
الرحيم بْن الحبّال، وعليّ بْن المظفَّر الكاتب، وطائفة سواهم فِي
الأحياء.
وكان يكرّر عَلَى «الجمع بين الصّحيحين» للحُمَيْديّ.
ذكره عُمَر بْن الحاجب الحافظ فِي «مُعْجَمه» فِي سنة بضْع وعشرين
وستمائة، فأطنب فِي نعته وأسهب، وأرغب فِي وصفه وأغرب، فقال: اشتغل
بالفقه والحديث إلى أن صار إماما حافظا، وصار مقدّم الطّائفة، لم نر
فِي زمانه مثْلَ نفسه فِي كماله وبراعته. جمع بين عِلمَيِ الشّريعة
والحقيقة. وكان حُمَيْد المساعي والآثار، حَسَن الخلق والخلق، نفّاعا
للخلق، مطّرحا للتّكلف. من جملة محفوظاته «الجمع بين الصّحيحين»
للحُمَيْديّ. وحدّثني أَنَّهُ حفظ «صحيح مُسْلِم» جميعه، وكرّر
عَلَيْهِ فِي أربعة أشهر. وكان يكرّر عَلَى أكثر «مُسْنَد أحمد» من
حفظه، وأنّه كَانَ يحفظ فِي الجلسة الواحدة ما يزيد عَلَى سبعين حديثا.
وقال قُطْبُ الدّين [2] : كَانَ، رحمه الله، يصلّي بالشّيخ عَبْد الله،
وحفظ «الجمع بين الصّحيحين» وأكثر «المسند» ، وحفظ «صحيح مُسْلِم» فِي
أربعة أشهر، وحفظ سَوْرَة الأنعام فِي يوم، وحفظ من «المقامات» ثلاثة
إلى نصف نهار الظّهر. وتزوّج ستٌّ زوجات، وخلّف خمسة أولاد: عليّا
وخديجة وآمنة وأمّهم تركمانيّة، وموسى- يعني نفسه- وأمة الرّحيم،
وأمّهما زينُ العرب بِنْت نصر الله أخي قاضي القُضاة شمس الدِّين يحيى
بْن سَنِي الدّولة.
ثُمَّ قَالَ: والنّسب الَّذِي ذكرناه رواه عَنْهُ ولده أبو الحُسَيْن
عليّ. قَالَ:
أظهره لي قبل وفاته لأعلم أنّ الصَدَقَة تحرم علينا.
وكان الملك الأشرف موسى يحترمه ويعظّمه ويعتقد فيه، وكذلك أخوه الملك
الصّالح.
__________
[1] ترد في المصادر: «القريشة» ، والقرشية.
[2] في ذيل مرآة الزمان.
(48/358)
قَالَ: ولمّا قِدم المُلْك الكامل إلى دمشق
طلب من أخيه الأشرف أن يُحِضر لَهُ الشَّيْخ ليراه، فأحضره من
بَعْلَبَكّ. فلمّا رآه عظم فِي عينه، وأرسل إِليْهِ مالا فلم يقبله.
ولمّا مَلَكَ الصّالح نجمُ الدّين البلادَ قَالُوا لَهُ عَنْهُ إنّه
يميل إلى عمّه الصّالح إسماعيل، فبقي فِي نفسه منه، فلمّا اجتمع بِهِ
بالغ فِي إكرامه، ولم يشتغل عَنْهُ بغيره، فلمّا فارقه بالَغَ فِي
الثّناء عَلَيْهِ، فقيل لَهُ: إلّا أَنَّهُ يحبّ عمّك الصّالح. فقال:
حاشى ذاك الوجه المليح.
وقدِم فِي أواخر عُمُرُه دمشقَ سنة خمسٍ وخمسين، فخرج المُلْك النّاصر
إلى زيارته بزاوية الْقُرَشِيّ، وتأدّب معه، وعظّمه، واستعرض حوائجه.
وكان يكره الاجتماع بالملوك ولا يؤثره، ولا يقبل إلّا هدية من مأكول
ونحوه.
قلت: وقد خدمه مدّة شيخُنا عليّ بْن أحمد بْن عَبْد الدّائم، فقال:
كَانَ للشّيخ الْفَقِيهُ أوراد، لو جاء ملك من الملوك ما أخّرها عَنْ
وقتها. وكنت أخدمه، فورد الشَّيْخ عثمان شيخُ ديْر ناعِس، فجلس ينتظر
الشَّيْخ، فقال:
أشتهي أن يكشف الشَّيْخ الْفَقِيهُ عَنْ صدره فأعانقه، ويُعطيني ثوبه.
فلمّا جاء الشَّيْخ وأكلوا، قَالَ: قُم يا شيخ عثمان. فكشف عَنْ صدره
وعانقه، وأعطاه ثوبه، وقال: كلّما تقطّع ثوبٌ أعطيتُك غيره.
وكان ما يرى إظهار الكرامات، وكان يَقُولُ: كما أوجب الله عَلَى
الأنبياء عليهم السّلام إظهار المعجزات، أوجب عَلَى الأولياء إخفاء
الكرامات.
قَالَ: وذكروا مُرَّة عنده الكرامات فقال: والكم أيش الكرامات. كنت عند
الشَّيْخ عَبْد الله وأنا صغير، وكان عنده بَغَادِدَة يعملون مجاهدات،
فكنت أرى من يخرج من باب دمشق، وأرى الدُّنيا أمامي مثل الوردة فكنت
أقول للشّيخ: يا سيّدي يجيء إلى عندك من دمشق أناس ومعهم كذا وكذا،
وأناس من حمص ومن مصر، فإذا جاء ما أقول يقولون: يا سيّدي، نَحْنُ نعمل
مجاهدات وَمَا نرى، وهذا يرى. فيقول: هذا ما هُوَ بالمجاهدات، هذا
موهبة من الله.
(48/359)
وقال خطيب زَمْلَكا ابن العزّ عُمَر:
حدَّثني العارف إسرائيل بْن إبراهيم قَالَ: طلب الشَّيْخ الْفَقِيهُ من
الشَّيْخ عثمان شيخ دير ناعِس قضيّة، قَالَ: فقضيت الحاجة، فقال
الشَّيْخ الْفَقِيهُ: أحسنْتَ يا شيخ عثمان. فقال بعض الفُقراء: يا
سيّدي أنت ما عندك أحدٌ مثل الْفَقِيهُ لِمَ لَا قام هُوَ فِي هذا
بنفسه؟
فقال: الخليفة إذا أراد شغلا يأمر بعض مَن عنده يقوم فيه.
وحدّثني إسرائيل أنّ الوزير أمين الدولة دعا الشَّيْخ الْفَقِيهُ
والشّيخ عثمان والفقراء، وكنت فيهم، فلمّا قِدم الشَّيْخ الْفَقِيهُ
قام ابن البغيلة النّقيب وتلقّى الشَّيْخ وتكلّم، فلمّا شرعوا فِي
الأكْل شمّر الشَّيْخ الْفَقِيهُ سواعده وأكل، ولم يأكل الشَّيْخ
عثمان، فقال أمين الدّولة: يا سيّدي، لِمَ لَا تأكل؟ فقال الفقيه:
خلّيه فقد حصَلَتْ لَهُ البركة.
فلمّا خرجوا قِيلَ للشّيخ عثمان: أنت تحبّ الشَّيْخ محمد وَمَا تشتهي
تفارقه، وأكل وأنت لم تأكل. فقال: نظرت إلى الطّعام فوجدته نارا،
ورأيته إذا مدّ يده إلى اللّقمة وأخذها تصير نورا، وأنا هذا الحال ما
أقدر عَلَيْهِ.
وأخبرني الإمام فخر الدّين عَبْد الرَّحْمَن بْن يوسف البَعْلَبَكِّيّ
قَالَ: أخبرني الشَّيْخ عثمان قَالَ: كَانَ فِي خاطري ثلاث مسائل أريد
أن أسأل عَنْهَا الشَّيْخ الْفَقِيهُ. قَالَ: فأجابني عَنْهَا قبل أن
أسأله.
وأخبرني شيخنا شمس الدّين حسين بْن دَاوُد قَالَ: كَانَ الشَّيْخ
الْفَقِيهُ حَسَن المحاورة، ما كنت أشتهي أن أفارقه من فصاحته.
وأخبرني إبراهيم بْن الشَّيْخ عثمان بدير ناعس: أخبرني أَبِي فقال:
قُطْبُ الشَّيْخ الْفَقِيهُ ثمان عشرة سنة.
أخبرني الشَّيْخ تقيّ الدّين إبراهيم بْن الواسطيّ خال: رَأَيْت للشّيخ
الْفَقِيهُ روايا تدلُ عَلَى أَنَّهُ أعطي، ولاية، أوْ كما قَالَ.
وسمعت قاضي القُضاة أبا المفاخر- يعني ابن الصّائغ- يَقُولُ: سَأَلَ
المُلْك الأشرف الشَّيْخ الْفَقِيهُ فقال: يا سيّدي أشتهي أبصِر شيئا
من كراماتك.
فقال الشَّيْخ: أيش يكون هذا.
فلمّا أراد الشَّيْخ الخروج بادر الأشرف إلى مداسه وقدّمه، فقال لَهُ
(48/360)
الشَّيْخ: هذا الَّذِي كنتَ تطلُبُه قد
رأيتَه. أنت المُلْك الأشرف ابن المُلْك العادل، وأنا ابن واحدٍ من
يُونين تقدَّم مداسي. فأطرق الأشرف.
قلت: وحدّثني الشَّيْخ أبو الحُسَيْن شيخنا أنّ أَبَاهُ توضّأ بقلعة
دمشق عَلَى البركة، فلمّا فرغ نفض لَهُ السُّلطان المُلْك الأشرف بعض
عمامته، وقدّمها لَهُ تَنَشَّفَ بها.
وقال ابن الحاجب: وكان، رحمه الله، مليح الشَّيْبة، حَسَن الشَّكْلِ
والصّورة، زاهدا وقورا، ظريف الشّمائل، مليح الحرمات، حُمَيْد المساعي،
بَشُوش الوجه، لَهُ الصّيت المشهور والإفضال عَلَى المنتابين. وكان من
المقبولين المعظّمين عند الملوك.
قلت: هذا كلّه قاله ابن الحاجب والشّيخ الْفَقِيهُ كهل. وعاش بعد
ذَلِكَ ثلاثين سنة فِي ازدياد. وكان الشَّيْخ بهيّا، نورانيّا،
عَلَيْهِ جلالة وهيبة، لَا يشبع الشّخص من النّظر إِليْهِ، فرحمة [1]
الله عليه.
توفّي في تاسع عشر رمضان بعلبكّ، ودفن عند شيخه عبد الله اليُونيني [2]
.
457- محمد بْن أحمد بْن أَبِي بَكْر بْن عاصم بْن عثمان بْن عيسى.
الْفَقِيهُ، أبُو عَبْد الله العَدَويّ، الحلبيّ، الشّافعيّ.
ممّن راح تحت السّيف بحلب.
روى عَنْ: عُمَر بْن طَبَرْزَد.
ثنا عَنْهُ: إسحاق بْن النّحّاس.
458- محمد بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن التابلان.
المنبجيّ.
__________
[1] في الأصل: «فرحمت» .
[2] وقال أبو شامة: «وكان شيخا ضخما، واسع الوجه، كبير اللحية، يلبس
على رأسه قبع فرو أسود، صوفه إلى الخارج بلا عمامة. ونفق على جماعة من
الملوك والأمراء وحصّل منهم دنيا واسعة ورفاهية عيش. وهو الّذي صنف
أوراقا فيما يتعلّق بإسراء النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ليلة
المعراج وأخطأ فيه أنواعا من الخطأ الفاحش، فصنّفت أنا في الرّد عليه
كتابا سمّيته «الواضح الجليّ في الردّ على الحنبلي» . (ذيل الروضتين
207) .
(48/361)
روى بالإجازة عَنْ: أبي الفَرَج ابن
الجوزيّ.
ثنا عَنْهُ: التّاج صالح القاضي.
459- محمد بْن حامد بْن أبي العميد بْن أميري.
الْفَقِيهُ، أبو الفَضْلِ القَزْوينيّ، الشّافعيّ.
سَمِعَ بأصبهان من محمد بْن محمد بْن الْجُنَيْد الصُّوفيّ.
وحدَّث بمدينة حلب، وبها عُدِم فِي الوقعة.
ولَقبُهُ: عماد الدين.
روى عَنْهُ: الشَّيْخ محمد بْن أبي الفَضْلِ الْجَعْبَريّ الخطيب.
460- محمد بْن خليل [1] بْن عَبْد الوهّاب بْن بدر.
الحورانيّ ثُمَّ الدّمشقيّ. هُوَ الشَّيْخ محمد الأكّال.
كَانَ أصله من جَبَل بني هلال، ومولده بقصر حجَّاجُ سنة ستّمائة.
ذكره قُطْبُ الدّين فِي «تاريخه» [2] فقال: كَانَ رجلا صالحا، كثير
الإيثار، وحكاياته مشهورة فِي أخْذه الأجرة عَلَى الأكْل. ولم يسبقه
إلى ذَلِكَ أحد، ولا اقتفى أثره من بعده أحد. ولا شكّ أَنَّهُ كَانَ
لَهُ حالٌ ينفعل لَهُ بها النّاس.
وكان جميع ما يُفتح عَلَيْهِ عَلَى كثرته يصرفه فِي القربات والأرامل
والمحبّسين.
وكان بعض الناسُ ينكر عَلَى من يعامله هذه المعاملة، وينسبه إلى
التّهوّر فِي فِعله، فإذا اتّفق اجتماعه بِهِ انفعل لَهُ انفعالا
كلّيّا، ولا يستطيع الامتناع من إعطائه كلّ ما يروم.
وكان حَسَن الشّكل، مليح العبارة، حلو المحادثة. لَهُ قبول تامّ من
سائر النّاس. وكان كثير المحبّة فِي الشَّيْخ الْفَقِيهُ، وله تردّد
إِليْهِ، ويأكل عنده بلا أجرة.
__________
[1] انظر عن (محمد بن خليل) في: ذيل الروضتين 207، والبداية والنهاية
13/ 229، وذيل مرآة الزمان 1/ 389- 392، والعبر 5/ 248، والوافي
بالوفيات 3/ 49، وعيون التواريخ 20/ 245، وفوات الوفيات 3/ 351، 352
رقم 449، وشذرات الذهب 5/ 294.
[2] ذيل الروضتين 207.
(48/362)
تُوُفّي إلى رحمة الله فِي خامس رمضان.
قلت: كَانَ يطلب الأجرة عَلَى مقدار قيمة الأكل ومقدار المعطي.
وبَلَغَنَا أَنَّهُ قَالَ: ما غلبني إلّا واحدٌ دقّ عَلَى الْبَابُ
فوجده مفتوحا ومعه رأس غنم، فأدَخل الرّأس وردّ الْبَابُ وسكّره،
وبقيتُ أصيح، وقد هرب ولم أعرفه، وراح عليّ أجرة أخذي الرّأس الغنم [1]
.
461- محمد بْن زكريّا بْن رحمة بْن أبي الغيث.
العفيف، أبُو بَكْر الدّمشقيّ، الخيّاط.
وُلِد سنة ثمانين وخمسمائة. وأجاز لَهُ الخُشُوعيّ، والبهاء ابن عساكر،
وجماعة.
وخرّجوا لَهُ «مشيخة» بالإجازة.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وابن الخبّاز، والبرهان رئيس المؤذّنين، ومحيي
الدّين إمام المشهد، وآخرون.
وتُوُفّي فِي سابع عشر ذي الحجّة. وقيل: بل تُوُفّي سنة تسعٍ.
462- محمد بْنِ عَبْدُ اللَّهِ [2] بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَحْمَد بن أبي بكر.
__________
[1] وقال أبو شامة: «وأبوه شيخ مشهور بالقراءات، قرأت عليه في صغري
الجزء الأول من سورة البقرة. وكان إمام مقصورة الحنفية التي خلف مقصورة
الخضر رحمهما الله» .
[2] انظر عن (محمد بن عبد الله) في: اختصار القدح المعلّى لابن سعيد
192- 195 رقم 58، والمغرب في حلى المغرب، له 2/ 309، وصلة التكملة
لوفيات النقلة للحسيني 2/ ورقة 50، والذيل والتكملة للكتابي الموصولى
والصلة للمراكشي 6/ 253- 275 رقم 709، وعنوان الدراية للغبريني 309-
313 رقم 95، والوفيات لابن قنفذ 324، 325 رقم 658، وأزهار الرياض 3/
204، والمعين في طبقات المحدّثين 210 رقم 2198، والإعلام بوفيات
الأعلام 275، والإشارة إلى وفيات الأعيان 356، وسير أعلام النبلاء 23/
336- 339 رقم 234، وتذكرة الحفّاظ 4/ 1452، والعبر 5/ 249، ومرآة
الجنان 4/ 150، والوافي بالوفيات 3/ 355- 358 رقم 1436، وفوات الوفيات
3/ 404- 407 رقم 471، وعيون التواريخ 20/ 245، وتاريخ ابن خلدون 6/
283- 285، وتاريخ الدولتين 20- 27، والنجوم الزاهرة 7/ 92، ونفح الطيب
2/ 589- 594 رقم 218، وشذرات الذهب 5/ 275، وتاريخ الفكر الأندلسي 277-
280، وتاريخ الأدب العربيّ، لكليمان أوار 204، وتاريخ آداب اللغة
العربية 3/ 84، والأعلام 7/ 110، وذكره ابن إياس في وفيات سنة 657 هـ.
بدائع الزهور ج 1 ق 1/ 302، وتاريخ الخلفاء 477، وكشف الظنون 49،
وإيضاح المكنون 1/ 21،
(48/363)
الحافظ العلّامة، أبُو عَبْد الله
القضاعيّ، البلنسيّ، الكاتب، الأديب، المعروف بالأبّار وبابن الأبّار.
وُلِد سنة خمس وتسعين وخمسمائة.
وسمع من: أبيه الشَّيْخ أبي محمد الأبّار، وأبي عَبْد الله محمد بْن
أيّوب بْن نوح الغافقيّ، وأبي الْخَطَّاب أحمد بْن واجب، وأبي سليمان
دَاوُد بْن سليمان بْن حوط الله، وأبي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَبْد
العزيز بْن سعادة، وأبي عليّ الحُسَيْن بْن يوسف بْن زلال، وأبي
الرّبيع سليمان بْن موسى بْن مسالم الكلاعيّ الحافظ وبه تخرّج.
وعنِي بالحديث، وتجوّل بالأندلس، وكتب العالي والنّازل. وكان بصيرا
بالرّجال، عارفا بالتّاريخ إماما فِي العربيّة، فقيها، مُقرِئًا،
إخباريا، فصيحا، مفوّها، لَهُ يدٌ فِي البلاغة والإنشاء، والنّظم،
والنّثر. كامل الرئاسة، ذا جلالة وأبّهة وتجمّل وافر. وله مصنّفات
كثيرة فِي الحديث، والتّاريخ، والآداب.
كمّل «الصّلة» البَشْكُوالية [1] بكتابِ فِي ثلاثة أسفار، اختصرتُه فِي
مجلّد.
ومن رَأَى كلام الرّجل علِم محلّه من الحديث والبلاغة.
وكان لَهُ إجازةٌ من أبي بكر محمد بن أحمد بن جمرة، روى عَنْهُ بها.
وقتل مظلوما بتونُس عَلَى يد صاحبها فِي العشرين من المحرَّم، فإنّه
تخيّل منه الخروجَ، وشقّ العصا، ولم يكن ذَلِكَ من شِيمته، رحمه الله.
وبَلَغني أيضا أنّ بعض أعدائه ذكر عند صاحب تونس أَنَّهُ ألّف تاريخا،
وأنّه تكلّم فيه فِي جماعة. وقيل هذا فُضُولي يتكلّم فِي الكِبار.
فطُلِبَ وأحسّ بالهلاك، فقال لغلامه: خُذ البَغْلة وامضِ بها حيث شئتَ،
فهي لك. فلمّا دخل قتلوه، فنعوذ باللَّه من شرّ التّاريخ، ومن شرّ كلّ
ذي شرّ.
ورأيت لَهُ جزءا سمّاه «دُرَر السّمط فِي خبر السّبط عَلَيْهِ السّلام»
ينال فيه من بني أميّة، ويصف عليّا عَلَيْهِ السّلام بالوحي، وهذا
تشيّع ظاهر، لكنّه إنشاء بديع، ونثر بليغ.
__________
[ () ] 435 و 2/ 505، وآداب اللغة العربية 3/ 77، وديوان الإسلام 1/
175، 176 رقم 260، والأعلام 6/ 233 ومعجم المؤلفين 10/ 204.
[1] كذا. وهي نسبة إلى ابن بشكوال.
(48/364)
463- محمد بْن عَبْد الكريم بْن عُمَر.
الزّاهد، الكبير، أبو عَبْد الله الأندلسيّ، الجوشيّ، الشّهير بالعطار.
حجّ من الأندلس مرّتين، فسمع فِي الثّانية من يونس الهاشميّ «صحيح
الْبُخَارِيّ» ، ومن أبي الفتوح الحُصْري «السُّنَن» ، ومن أصحاب
الكروخيّ «جامع أبي عيسى ت» [1] .
وروى الكثير. أكثَرَ عَنْهُ أبو جعفر بْن الزُّبَيْر، وقال: مات فِي
المحرَّم، وعاش بضعا وتسعين سنة.
قلت: مات سنة ثمانٍ وخمسين.
464- محمد بْن عَبْد الهادي [2] بْن يوسف بْن مُحَمَّد بْن قُدامة.
المسند شمس الدّين، أبو عَبْد الله المقدسيّ، أخو العماد.
سمع من: محمد بن حمزة بن أبي الصَّقْر، ويحيى الثَّقَفيّ، وعبد
الرّزّاق بْن نصر النّجّار، وابن صدقة الحرّانيّ، وغيرهم.
وكان شيخا معمّرا، ديّنا، حافظا لكتاب الله، قليل الخلطة بالنّاس،
صالحا متعفّفا.
أثنى عَلَيْهِ الحافظ الضّياء، وغيره.
وقال الشّريف عزَّ الدّين: استشهد بساوية من عمل نابلس، وكان إمامها،
عَلَى يد التّتار فِي جُمَادَى الأولى، وقد نيفٌ عَلَى المائة.
قَالَ الذّهبيّ: ما أحسبه جاوز التّسعين.
وقد روى عَنْهُ: ابن الحلوانيّة، والدّمياطيّ، والقاضي تقيّ الدّين،
وشرف الدّين، عَبْد الله بْن الحافظ، ومحمد بْن أحمد البجّديّ الزّاهد،
ومحمد بْن أحمد أخو المُحِبّ، ومحمد بن الصّلاح، ومحمد بن الزّرّاد،
وآخرون.
__________
[1] هكذا، ويعني: الترمذي.
[2] انظر عن (محمد بن عبد الهادي) في: صلة التكملة لوفيات النقلة
للحسيني 2/ ورقة 54، والإشارة إلى وفيات الأعيان 355، والإعلام بوفيات
الأعلام 275، والعبر 5/ 249، وسير أعلام النبلاء 23/ 342، 343 رقم 238،
والوافي بالوفيات 4/ 61 رقم 1509، وشذرات الذهب 5/ 295، وتذكرة الحفّاظ
4/ 1441، وذيل التقييد للفاسي 1/ 169 رقم 298، والدليل الشافي 2/ 650.
(48/365)
وحدَّث «بصحيح مُسْلِم» بالجبل فِي سنة
اثنتين وخمسين عَن ابن صَدَقة.
465- محمد بْن عَبْد الواحد [1] بْن عَبْد الجليل بْن عليّ.
القاضي الْفَقِيهُ، زكيّ الدّين أبو بَكْر المخزوميّ، اللّبنيّ،
الشّافعيّ.
أعاد بدمشق بالمدرسة النّاصريّة أوّل ما فتحت، ودرّس بمدرسته الفتحيّة.
وولّي قضاء بانياس وقضاء بصرى. ثُمَّ وُلّي قضاء بَعْلَبَكّ بعد قاضيها
صدر الدّين عَبْد الرّحيم.
وكان محمودا فِي أحكامه، لَهُ فضائل ومُشاركات جيّدة.
ذكر أَنَّهُ من ذُرّية خَالِد بْن الْوَلِيد رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. وقد
عاش ولده مَعِين الدّين إلى سنة نيّف عشرة وسبعمائة.
توفّي زكيّ الدّين بعلبكّ فِي ذي القعدة وهو فِي عَشْر السبعين، وله
شِعْر حَسَن.
466- محمد بْن غازي [2] بْن محمد بْن أيّوب بْن شادي.
السُّلطان المُلْك الكامل، ناصر الدّين، أبو المعالي بْن المُلْك
المظفَّر بْن العادل صاحب ميّافارقين.
تملّك البلدَ بعد وفاة أبيه سنة خمس وأربعين وستمائة.
ذكره الشَّيْخ قُطْبُ الدّين [3] فقال: كَانَ ملكا جليلا ديّنا، خيّرا،
عالِمًا، عادلا، مَهيبًا، شجاعا مُحسِنًا إلى رعيّته، كثير التّعبّد
والخشوع. لم يكن فِي بيته من يضاهيه فِي الدّين وحُسْن الطّريقة.
استشهد بأيدي التّتار بعد أخذ ميّافارقين منه، وقطع رأسُه، وطيف بِهِ
فِي
__________
[1] انظر عن (محمد بن عبد الواحد) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 73- 75.
[2] انظر عن (محمد بن غازي) في: ذيل الروضتين 205، وذيل مرآة الزمان 1/
430- 432 و 2/ 75، والمختصر في أخبار البشر 3/ 203، وسير أعلام النبلاء
23/ 201، 202 رقم 120، والإشارة إلى وفيات الأعيان 356، ودول الإسلام
2/ 164، والعبر 5/ 249، 250، وتاريخ ابن الوردي 2/ 293، والوافي
بالوفيات 4/ 306، 307 رقم 1849، ومرآة الجنان 4/ 150، والسلوك ج 1 ق 2/
441، والنجوم الزاهرة 7/ 91، وشفاء القلوب 387، 388 رقم 88، وشذرات
الذهب 5/ 295.
[3] في ذيل الروضتين 205.
(48/366)
البلاد بالمغاني والطّبول. ثُمَّ عُلْق
بسور باب الفراديس. فلمّا انكسروا دفنه المسلمون بمسجد الرّأس الَّذِي
داخل باب الفراديس.
وكان رحمه الله أوّلا يداري التّتار، فلمّا خَبِرَهم انقبض منهم، ولمّا
رآهم عَلَى قصده قِدم دمشق مستنجدا بالملك النّاصر، فأكرمه غاية
الإكرام، وقدّم لَهُ تقادم جليلة، ووعده بالنّجدة، فرجع إلى
ميّافارقين، ولم يمكن النّاصر أن ينجده.
ثُمَّ إنّ هولاوو سيّر ابنه أشموط لمحاصرته، فنازله نحوا من عشرين
شهرا، وصابَرَ الكاملُ القتالَ حتّى فني أكثر أهل البلاد، وعمّهم
القتلُ والوباء والغلاء المُفْرِط والعدم.
قلت: حدّثني شيخنا تاج الدّين محمود بْن عَبْد الكريم الفارقيّ، قَالَ:
سار المُلْك الكامل بْن غازي إلى قلاع بنواحي آمد فافتتحها، ثُمَّ سيّر
إليها أولاده وأهله، وكان أَبِي فِي خدمته، فرحل بنا إلى حصن من تِلْكَ
الحصون، فعبر علينا التّتار فاستنزلوا أولاد الكامل بالأمان، ومرّوا
بهم علينا، وعُمري يومئذٍ سبْعُ سنين. ثُمَّ إنّهم حاصروا ميّافارقين،
فبقوا نحو ثمانية أشهُر.
فنزل عليهم الثّلج والبرد حتى هلك بعضهم. وكان المُلْك الكامل يخرج
إليهم ويحاربهم وينكي فيهم، فهابوه. ثُمَّ إنّهم بنَوا عليهم مدينة
بإزاء البلد بسورٍ وأبرجة.
وأمّا أهل ميّافارقين فنفدت أقواتُهم وجاعوا، حتّى كَانَ الرّجل يموت
فِي البيت فيأكلون لحمه. ثُمَّ وقع فيهم مَوَتان، وفتر التّتر عن
قتالهم وصابروهم.
وفني أكثر أهل البلد. وفي آخر الأمر خرج بعض الغلمان إلى التّتار،
فأخبروهم بجِلية الأمر، فما صدّقوه وقالوا: هذه خديعة. ثُمَّ تقرّبوا
إلى السّور [1] فبقوا عنده أسبوعا لَا يجسرون عَلَى الهجوم، فدلّى
إليهم مملوك الكامل حبْلًا، فطلعوا إلى السّور، فبقوا أسبوعا لَا
يجسرون عَلَى النّزول إلى البلد. وكان قد بقي فيها نحو سبعين نفسا بعد
ألوفٍ من النّاس.
ثُمَّ دخلت التّتار عَلَى الكامل دارَه وأمّنوه، وعذّبوا أربعين رجلا
عَلَى
__________
[1] هكذا. وهو يرد في المصادر بالصاد والسين.
(48/367)
المال كانوا قد اشتروا أمتعةُ كثيرة
وذخائرَ ونفائس من الغلاء، فاستفوهم ثُمَّ قتلوهم. وقدموا بالكامل
عَلَى هولاكو، وهو بالرّها، وهو قاصدٌ حلب، فإذا هُوَ يشرب، فناول
الكاملَ كأسا من الخمر، فامتنع وقال: هذا حرام. فقال هولاكو لامرأته:
ناوليه أنتِ. والتّتار أمرُ نسائهم فوق أمرهم، فناولَتْه فأبى، وسبّ
هولاكو وبصق فِي وجهه. وكان قبل ذَلِكَ قد سار إلى التّتار، ورأى القان
الكبير، وعندهم فِي اصطلاحهم أنّ من رأى وجه القان لَا يموت. فلمّا
واجه هولاكو بهذا الفِعل استشاط غضبا وقتله.
وكان الكامل، رحمه الله، شديد البأس، قويّ النَّفْس، آلت بِهِ الحال
إلى ما آلت ولم ينقهر للتّتار، بحيث أنّهم أتوا بأولاده وحريمه إلى تحت
السّور، وكلّموه فِي أن ينزل بالأمان فقال: ما لكم عندي إلّا السيفَ.
467- مُحَمَّد بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ
عَبْدِ الصّمد بْن أحمد.
أبو المعالي ابن الطَّرَسُوسيّ، الحلبيّ، الشّافعيّ.
وُلِد سنة تسعٍ وثمانين وخمسمائة.
وحدَّث عَنْهُ: عُمَر بْن طَبَرْزَد.
واستُشْهِد بحلب.
468- محمد بْن يحيى بْن مُحَمَّد بْن هبة اللَّه بْن مُحَمَّد.
الْفَقِيهُ، أبو المفاخر بْن أبي الفتح بْن أبي غانم ابن أبي جرادة،
العُقَيْليّ الحلبيّ، الحنفيّ ابن العديم.
روى عَنْ: ثابت بْن مُشرف.
وأجاز لَهُ: التّاج الكِنْديّ، وجماعة.
كتب عَنْهُ الدّمياطيّ بنصِيبين. واستشهد بحلب كهْلًا [1] .
469- محمد بْن يوسف [2] بْن محمد.
__________
[1] وذكر قطب الدين اليونيني من شهداء بني العديم في واقعة حلب: عبد
الواحد بْن عَبْد الصّمد بْن عَبْد اللَّه بْن أبي جرادة بن العديم
الحلبي، وكان فقيها محدّثا، أديبا، ينعت بالبدر المعروف بابن الغنائم.
[2] انظر عن (محمد بن يوسف) في: ذيل الروضتين 208، وذيل مرآة الزمان
361، 362.
(48/368)
الفَخْرُ الكنجيّ، نزيل دمشق.
عُنِي بالحديث، وسمع الكثير، ورحل وحصّل. ثُمَّ إنّه بدا منه فضول فِي
أيّام التّتار بدمشق.
قَالَ الإمام أبو شامة: قُتِل بجامع دمشق يوم التّاسع والعشرين من
رمضان. وكان فقيها محدّثا، لكنّه كَانَ كثير الكلام، يميل إلى
الرَّفْض. جمع كُتُبًا فِي التّشيّع وداخل التّتار، فانتدب لَهُ من
تأذّى منه فبقر بطْنَه بالجامع.
قُتِل كما قُتِل غيره من أعوان التّتار مثل الشّمس محمد بْن عَبَّاس
الماكسِيني [1] ، وابن البغيل [2] الَّذِي كَانَ يسخّر الدّوابّ.
470- مُحَمَّد بْن أبي القَاسِم [3] بْن مُحَمَّد بْن أبي بَكْر بْن
عُمَر.
الضّياء، أبو عَبْد الله القَزْوينيّ الأصل، الحلبيّ المولد،
الصُّوفيّ.
وُلِد سنة اثنتين وسبعين.
وسمع من: يحيى الثَّقَفيّ.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، والقاضي عزَّ الدّين العديميّ، وأخوه عَبْد
المحسن، والعماد ابن البالِسي، وأخوه عَبْد الله، والكامل إسحاق
الأَسَديّ، وحفيده عَبْد الله بْن إبراهيم بْن محمد الصُّوفيّ نزيل
القاهرة، وغيرهم، وتاج الدّين الْجَعْبَريّ.
وحدَّث بدمشق وحلب.
تُوُفّي بحلب فِي أوائل ربيع الآخر بعد رحيل التّتار، خذلهم الله.
471- مبارك بْن يحيى [4] بْن مبارك بن مقبل.
__________
[1] ذيل مرآة الزمان 1/ 362، وقد تقدّم باسم «عباس بن محمد بن أحمد
الماكسيني الدمشقيّ» برقم (434) .
[2] ذيل مرآة الزمان 1/ 362.
[3] انظر عن (محمد بن أبي إسحاق) في: صلة التكملة لوفيات النقلة
للحسيني 2/ ورقة 53، والعبر 5/ 250، وسير أعلام النبلاء 23/ 349، 350
رقم 248، وشذرات الذهب 5/ 295، وإعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء 4/
419 رقم 239.
[4] انظر عن (مبارك بن يحيى) في: ذيل مرآة الزمان 1/ 385، و 2/ 36، 37،
وعيون التواريخ 20/ 244، والسلوك ج 1 ق 2/ 444.
(48/369)
الأديب، مخلص الدّين، أبو الخير الحمصيّ.
انجفل من حمص ولجأ إلى جَبَل لبنان، فتوفّي بقريةٍ هناك.
قَالَ الشَّيْخ قُطْبُ الدّين [1] : كَانَ فاضلا، عارفا بالأدب
والنّسب، سَنِي المُذْهب.
قد اختصر كتاب «الجمهرة» لابن الكلبيّ فِي الأنساب، وله شِعْر حَسَن
[2] .
تُوُفّي فِي المُعْتَرَك [3] .
472- مختار بْن محمود [4] بْن محمد.
الزّاهديّ، الغزمينيّ، وغزمينة من قَصَبات خُوارزْم.
الشَّيْخ العلّامة نجم الدّين، أبو الرجاء. لَهُ التّصانيف المشهورة
المقبولة، منها: «شرح القدوريّ» و «الجامع في الحيض» ، و «الفرائض» ، و
«زاد الأئمّة» و «المجتنى فِي الأصول والصّفوة فِي الأصول» .
قرأ بالرّوايات عَلَى العلّامة رشيد الدّين يوسف بْن محمد القيدي.
وتفقّه عَلَى علاء الدّين سديد بْن محمد الخيّاطيّ المحتسب، وفخر
الأئمّة صاحب «البحر المحيط» .
__________
[1] في ذيل المرآة 1/ 385.
[2] ومن شعره:
بدا لي وقد خطّ العذار بوجهه ... حبيب له منّي عليّ رقيب
كمثل هلال العيد لاح وقد دنا ... من الأفق مرماه وحان مغيب
وله أيضا:
تمثّلت حين لقيت الحبيب ... على غضب منه لم ينقض
وقبّل كفّي ولم يبتسم ... وقبّلته وهو كالمعرض
ومن يك في سخطه محسنا ... فكيف يكون إذا ما رضي؟
[3] لم يذكره كحّالة في معجم المؤلّفين، مع أنه من شرطه.
[4] انظر عن (مختار بن محمود) في: تاج التراجم لابن قطلوبغا 54، ومفتاح
السعادة لطاش كبرى 2/ 140، 141، والجواهر المضيّة 2/ 1166، 167، وكشف
الظنون 577، 678، 866، 893، 895، 897، 945، 1080، 1247، 1278، 1357،
1446، 1592، 1631، 1921، وهدية العارفين 2/ 432، والفوائد البهية 213،
ومعجم المؤلفين 12/ 211.
(48/370)
وأخذ الأدب عن شرف الأفاضل الجغمينيّ. وقرأ
الكلام عَلَى سِراج الدّين يوسف بْن أبي بَكْر السّكّاكيّ الخُوارزْمي.
وسمع الحديث من شيخ الشّيوخ أبي الجناب أحمد بْن عُمَر الخبوقيّ،
وبرهان الأئمّة محمد بْن عَبْد الكريم الرّكنيّ، وأحمد بْن مؤيّد
الْمَكيّ الخُوارزْميين.
تفقَّه عَلَيْهِ وسمع منه خلْق كثير.
ونا عَنْهُ: محمد بْن أبي القاسم المَعَريّ.
تُوُفّي بجُرجانية خوارزم سنة ثمان وخمسين وستّمائة.
زُرْتُ قبره.
قَالَ لي ذَلِكَ الفَرَضي فِي كتابه.
- حرف الياء-
473- يحيى بْن أحمد [1] بْن عَبْد الرَّحْمَن.
القاضي العادل، أبُو زكريّا الغَرناطي ابن المرابط، من سَرَوات أهل
الأندلس.
قَالَ ابن الزُّبَيْر: لقيته بمالقة، وكان خاتمة القُضاة العدول
بالأندلس، له عقل وفضل ودين، وحظّ من الكتابة والنّظم.
أخذ عَنْ: أبي بَكْر بْن أبي جمرة، وأبي عَبْد الله بْن نوح، وأبي جعفر
بْن حكم، وطائفة.
وأجاز لَهُ ابن موقا من الإسكندريّة، وأبو أحمد ابن سُكَيْنَة من
بغداد.
وُلِد سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة. ومات فِي شهر المحرَّم سنة ثمانٍ.
474- يوسف بْن أحمد [2] بْن يوسف بْن عَبْد الواحد.
أبو الفَضْلِ الأنصاريّ، الحلبيّ، الحنفيّ، الْفَقِيهُ.
كَانَ إماما فاضلا متميّزا. من المشهورين بحلب.
سَمِعَ من: ابن اللّتّيّ، والقاضي بهاء الدّين يوسف بن رافع بن شدّاد،
وطائفة.
__________
[1] انظر عن (يحيى بن أحمد) في: صلة الصلة لابن الزبير.
[2] انظر عن (يوسف بن أحمد) في: إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء 4/
423 رقم 248.
(48/371)
وببغداد من: ابن بهروز، وأبي طَالِب بْن
القُبيطي.
وبدمشق من: مُكْرَم، وجماعة.
وحدَّث. وراح فِي الوقعة.
الكنى
475- أبو بَكْر بْن قوام [1] بْن عليّ بْن قوام بْن منصور بْن مُعلَّى.
البالِسي الزّاهد، أحد مشايخ الشّام، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وجدّ شيخنا
أبي عَبْد الله بْن قوام.
كَانَ شيخا زاهدا عابدا، قانتا للَّه، عارفا باللَّه، عديم النّظير،
كثير المحاسن. وافر النّصيب من العِلم والعمل. صاحب أحوال وكرامات. وقد
جمع حفيده شيخنا أبو عَبْد الله محمد بْن عُمَر مناقبه فِي جُزءٍ ضخْم،
وصحِبَه، وحفظ عَنْهُ. وذكر فِي مناقبه أَنَّهُ وُلِد بمشهد صفّين فِي
سنة أربعٍ وثمانين وخمسمائة، ونشأ ببالِس.
وقال: كَانَ إماما عالما عامِلًا، لَهُ كرامات وأحوال. وكان حَسَن
الأخلاق، لطيف الصّفات، وافر الأدب والعقل، دائم البِشر، كثير
التّواضع، شديد الحياء، متمسّكا بالآداب الشّرعية، كثير المتابعة
للسّنّة مَعَ دوام المجاهدة، ولُزُوم المراقبة.
تخرّج بصُحبته غيرُ واحدٍ من العلماء والمشايخ، وقُصِد بالزّيارة،
وتلمذ لَهُ خلْق كثير.
قلت: هذه صفات الأولياء والأبدال.
ثُمَّ قَالَ: ذِكْرُ بدايته: قَالَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: كانت الأحوال
تطرقني، فكنت أخبر بها شيخي، فَينْهاني عَن الكلام فيها. وكان عنده
سَوْطٌ، يَقُولُ: مَتَى تكلمتَ فِي شيءٍ من هذا ضربتك بهذا السّوط،
ويأمرني بالعقل، ويقول: لا
__________
[1] انظر عن (أبي بكر بن قوام) في: ذيل مرآة الزمان 1/ 392- 411،
والعبر 5/ 250، 251، ومرآة الجنان 4/ 150، وطبقات الشافعية الكبرى 8/
401- 408، والسلوك ج 1 ق 2/ 442، وطبقات الأولياء لابن الملقّن 486،
487 رقم 168.
(48/372)
تلتفت إلى شيء من هذه الأحوال. إلى أن
قَالَ لي ليلة إنّه سيحدث لك فِي هذه اللّيلة أمرٌ عجيب، فلا تجزع.
فذهبتُ إلى أمّي، وكانت ضريرة، فسمعتُ صوتا من فوقي، فرفعتُ رأسي، فإذا
نور كأنّه سلسلة متداخل بعضُهُ فِي بعض، فالتفّ عَلَى ظهري حتّى أحسست
ببرده فِي ظهري. فرجعت إلى الشَّيْخ فأخبرته، فحمد الله وقبّلني بين
عينيّ وقال: الآن تمّت عليك النّعمة يا بنيّ.
أتعلم ما هذه السّلسلة؟ قلت: لَا. فقال: هذه سنّة رَسُول اللهِ صلى
الله عليه وآله وَسَلَّمَ.
وأذِن لي فِي الكلام حينئذٍ.
قَالَ: وسمعت غير واحدٍ ممّن صحِبه يَقُولُ: لو لم يؤذن لي فِي الكلام
ما تكلّمت.
قَالَ: وسَمِعْتُهُ يوما يَقُولُ، وأنا ابن ستٌّ سنين وهو يَقُولُ
لزوجته: ولدك قد أخذه قطّاع الطّريق فِي هذه السّاعة، وهم يريدون قتله
وقتل رفاقه. فراعها ذلك، فسمعته يقول لها: لا بأس عليك، فإنّي قد
حجبتهم عن أذاه وأذى رفاقه، غير أنّ مالهم يذهب، وغدا إن شاء الله يصل
هُوَ ورفاقه. فلمّا كَانَ من الغد وصلوا، وكنت فيمن تلقاهم، وذلك فِي
سنة ستّ وخمسين وستّمائة.
قَالَ: وحدّثني الشَّيْخ شمس الدّين الخابوريّ قَالَ: وقع فِي نفسي أن
أسأل الشَّيْخ- وكان الخابوريّ من مُريدي الشَّيْخ أبي بَكْر- عَن
الرّوح، فلمّا دخلتُ عَلَيْهِ قَالَ لي من غير أن أسأله: يا أحمد ما
تقرأ القرآن؟ قلت: بلى يا سيّدي. قَالَ: اقرأ يا بني وَيَسْئَلُونَكَ
عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ من
الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا 17: 85 [1] . يا بُني شيء لم يتكلّم فيه
رَسُول الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ كيف يجوز لنا أن نتكلّم فيه.
وحدّثني الشَّيْخ إبراهيم بْن الشَّيْخ أبي طَالِب البطائحيّ قَالَ:
كَانَ الشَّيْخ يقف عَلَى حلب ونحن معه ويقول: والله إنّي لأعرف أهل
اليمين من أهل الشّمال منها، ولو شئتم لسمّيتهم، ولكن لم نؤمر بذلك،
ولا يكشف سرّ الحقّ فِي الخلق.
وحدّثني الشَّيْخ الإمام شمس الدّين الخابوريّ قَالَ: سَأَلت الشَّيْخ
عَنْ
__________
[1] سورة الإسراء، الآية 85.
(48/373)
قوله تَعَالَى: إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ
مِنْ دُونِ الله حَصَبُ جَهَنَّمَ 21: 98 [1] ، وقد عُبدِ عَزَيْر
وعيسى؟ فقال: تفسيرُها إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِنَّا الحُسنَى
أُولَئِكَ عَنهَا مُبعَدُون 21: 101 [2] .
فقلت: يا سيّدي أنت لَا تعرف تكتب ولا تقرأ، فمن أَيْنَ لك هذا؟ قَالَ:
يا أحمد، وعِزة المعبودِ لقد سَمِعْتُ الجواب فيها كما سَمِعْتُ سؤالك.
وحدّثني شمس الدّين الخابوريّ خطيب حلب، قَالَ: كُنَّا نمرّ مَعَ
الشَّيْخ، فلا يمرّ عَلَى حجر ولا شيء إلّا سَلْم عَلَيْهِ. فكان فِي
نفسي أن أسأل الشَّيْخ عَنْ خطاب هذه الأشياء لَهُ، هَلْ يخلق الله لها
فِي الوقت لسانا تخاطبه بِهِ، أوْ يقيم الله إلى جانبها مَن يُخاطبه
عَنْهَا، ففاتني ولم أسأله عَنْ ذلك.
وحدّثني الإمام الصّاحب محيي الدّين ابن النّحّاس قال: كان الشَّيْخ
يتردّد إلى قرية تُرَيذم، وكان لها مسجدٌ [3] صغير لَا يَسَع أهلَها،
فخطر لي أن أبني مسجدا أكبر منه شماليّ القرية. فقال لي الشَّيْخ ونحن
جلوس فِي المسجد:
يا محمد يا محمد، لِمَ لَا تبني مسجدا يكون أكبر من هذا؟ فقلت: قد خطر
لي هذا. فقال: لَا تَبنه حتّى توقفني عَلَى المكان. قلت: نعم. فلمّا
أردت أن أبني جئت إِليْهِ، فقام معي، وجئنا إلى المكان الَّذِي خطر لي
فقلت: هنا. فردّ كمّه عَلَى أنفه وجعل يَقُولُ: أفّ أفّ، لَا ينبغي أن
يبنى هنا مسجد فإنّ هذا المكان مسخوط عَلَى أهله، مخسوف بهم. فتركته
ولم أبنه.
فلمّا كَانَ بعد مدةٍ احتجنا إلى استعمال لِبْن من ذَلِكَ المكان،
فلمّا كشفناه وجدناه نواويس مقلّبة عَلَى وجوهها.
حدَّثني الشَّيْخ الصّالح محمد بْن ناصر المشهديّ قَالَ: كنت عند
الشَّيْخ وقد صلّى صلاة العصر، وصلّى معه خلْقٌ، فقال لَهُ رَجُل: يا
سيّدي ما علامة الرّجل المتمكّن؟ فقال: علامة الرّجل المتمكّن أن يُشير
إلى هذه السّارية فتشتعل نورا.
قَالَ: فنظر النّاس إلى السّارية، فإذا هِيَ تشتعل نورا، أوْ كما
قَالَ.
__________
[1] سورة الأنبياء، الآية 98.
[2] سورة الأنبياء، الآية 101.
[3] في الأصل: «مسجدا» .
(48/374)
سَمِعْتُ الأمير الكبير المعروف بالأخضريّ،
وكان قد أسَن، يحكي لوالدي قَالَ: كنت مَعَ المُلْك الكامل لمّا توجّه
إلى الشّرق، فلمّا نزلنا بالِس قصدنا زيارة الشَّيْخ مَعَ الأمير فخر
الدّين عثمان، وكنّا جماعة من الأمراء، فبينما نحن عنده إذ دخل جُندي
فقال: يا سيّدي، كَانَ لي بغل وعليه خمسةٌ آلاف درهم، فذهب منّي، وقد
دُلِلتُ عليك.
فقال لَهُ الشَّيْخ: اجلس، وعِزة المعبود قد حُصِرت عَلَى آخِذه الأرض،
حتّى ما بقي لَهُ مسلك إلّا هذا المكان، وهو الآن يدخل، فإذا دخل وجلس
أشرتُ إليك.
فلمّا سمعنا كلام الشَّيْخ قُلْنَا لَا نقوم حتّى يدخل هذا الرّجل.
فبينما نَحْنُ جلوس إذ دخل رَجُل، فأشار الشَّيْخ إِليْهِ، فقام
الْجُنْديّ، وقمنا معه، فوجدنا البغل والمال بالباب. فلمّا حضرنا عند
السُّلطان أخبرناه بما رأينا، فقال: أحبّ أن أزوره. فقال فخر الدّين:
البلد لَا يحمل دخول مولانا السُّلطان. فسيّر إِليْهِ فخر الدّين فقال:
إنّ السُّلطان يحبّ أن يزورك، وإنّ البلد لَا يحمل دخوله، فهل يرى
سيّدي أن يخرج إليه؟
فقال: يا فخر الدّين، إذا رحتَ أنتَ إلى صاحب الرّوم يطيب للملك
الكامل؟ فقال: لَا. قَالَ: فكذلك أَنَا إذا رحتُ إلى عند المُلْك
الكامل لَا يطيب لأستاذي. ولم يخرج إِليْهِ.
قَالَ الشَّيْخ أبو عَبْد الله: وبعث إِليْهِ المُلْك الكامل عَلَى يد
فخر الدّين عثمان خمسة عشر ألف درهم، فلم يقبلها، وقال: لَا حاجة لنا
بها، أنفقها فِي جُند المسلمين.
وسمعت والدي يَقُولُ: لمّا كَانَ فِي سنة ثمانٍ وخمسين، وكان الشَّيْخ
فِي حلب، وقد حصل فيها ما حصل من فتنة التّتار، وكان نازلا فِي المدرسة
الأسديّة، فقال لي: يا بنيّ اذهب إلى بيتنا، فلعلّك تجد ما نأكل. فذهبت
إلى الدّار، فوجدت الشَّيْخ عيسى الرّصافيّ- وكان من أصحابه- مقتولا
فِي الدّار، وعليه دَلَقُ الشَّيْخ، وقد حُرِق، ولم يحترق الدّلق ولم
تمسّه النَّارَ، فأخذتُه وخرجتُ، فوجدني بعضُ بني جَهْبَل، فأخبرته
بخبر الدّلق، فحلف عليّ بالطّلاق، وأخذه منّي.
(48/375)
قَالَ: وحدّثني الشَّيْخ شمس الدّين
الباهِلي قَالَ: حدَّثني فَلَك الدّين ابن الخريميّ قَالَ: كنت بالشّام
فِي سنة أخْذ بغداد، فضاق صدري، فسافرت وزُرت ببالِسَ الشيخَ أبا بَكْر
فقال لي: أهلك سلِموا، إلّا أخاك مات. وأهلك فِي مكان كذا وكذا،
والنّاظر عليهم رَجُل صفته كذا، وقبالة الدّرب الَّذِي هُمْ فيه دار
فيها شجرة.
فلمّا قدِمتُ بغداد وجدت الأمر كما أخبرني.
قلت: ثُمَّ ساق لَهُ كرامات كثيرة من هذا النّمط، إلى أن قَالَ: ذِكْرُ
ما كَانَ عَلَيْهِ من العمل الدّائم: كَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كثير
العمل، دائم المجاهدة ويأمر أصحابه بذلك، ويُلْزِمُهم بقيام اللَّيْلِ،
وتلاوة القرآن والذّكر، دأبه ذَلِكَ لَا يفتر عنه. وفي كلّ ليلة جمعة
يجعل لكلّ إنسانٍ منهم وظيفة من الجمعة إلى الجمعة. وكان يحثّهم عَلَى
الاكتساب وأكْل الحلال، ويقول: أصل العبادة أكل الحلال، والعمل للَّه
فِي سنّته.
وكان شديد الإنكار عَلَى أهل البِدَع، لَا تأخذه فِي الله لومة لائم.
رجع بِهِ خلْقٌ كثير فِي بلدنا من الرّافضة وصحِبُوه.
وأخبرني الشَّيْخ إبراهيم بْن أبي طَالِب قَالَ: أتيت الشَّيْخ وهو
يعمل فِي النَّهر الَّذِي استخرجه لأهل بالِس، ووجدت عنده خلقا كثيرا
يعملون معه، فقال: يا إبراهيم، أنت لَا تُطيق العمل معنا، ولا أحبّ أن
تقعد بلا عمل، فاذهب إلى الزّاوية، وصلّ ما قدّر لك، فهو خير من قعودك
عندنا بلا عمل، فإنّي لَا أحبّ أن أرى الفقير بطّالا.
وكان يحثّ أصحابه عَلَى التّمسّك بالسّنّة ويقول: ما أفلح من أفلح إلّا
بالمتابعة، فإنّ الله يَقُولُ: إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ الله
فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ الله 3: 31 [1] ، وقال: وَما آتاكُمُ
الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا 59: 7 [2] .
وكان لَا يمرّ عَلَى أحدٍ إلّا بادأه بالسّلام حتّى عَلَى الصّبيان وهم
يلعبون، ويداعبهم، ويتنازل إليهم ويحدّثهم، وكنتُ أكون فيهم. وقد جاءته
امرأة يوما
__________
[1] سورة آل عمران، الآية 31.
[2] سورة الحشر، الآية 7.
(48/376)
فقالت: عندي دابةٌ قد ماتت، وَمَا لي من
يجرّها عنّي. فقال: امضِ وحصّلي [1] لي حبلا حتّى أبعث من يجرّها.
فمضَتَ وفَعَلتْ، فجاء بنفسه وربط الحبل فِي الدّابّة، وجرّها إلى باب
البلد، فجرّوها عَنْهُ.
وكان متواضعا لَا يركب فَرَسًا ولا بغلة، بل لمّا كبُر كَانَ يركب
حمارا، ويمنع من أن يوطأ عَقِبه. وكان دأبه جبْرَ قلوبِ الضعَفاء من
النّاس. وكان فِي الزّاوية شيخ كبير بِهِ قطار البَوْل، فكان يبدّد
الصّاغرة من تحته.
وكان لَا يمكّن أحدا من تقبيل يده، ويقول: مَن مكّن أحدا من تقبيل يده
نقص من حاله شيء.
وكان لَا يقبل إلّا ممّن يعرف أَنَّهُ طيّب الكسب.
وحدّثني الإمام شمس الدّين الدّباهيّ قَالَ: حدَّثني الشَّيْخ عَبْد
الله كشلة قَالَ: قدِمتُ عَلَى الشَّيْخ أبي بَكْر بمنزله ببالِس،
فلمّا رَأَيْته هِبْتُه، وعلمت أَنَّهُ وُلّي الله، ورأيته يحضر
السَّماع بالدّفّ، وكنت أنكِره، غير أني كُنت أحضر السَّماع بغير
الدّفّ، وقلت فِي نفسي: إن حضرت مَعَ هذا الوليّ وحصل منّي إنكار
عَلَيْهِ حصل لي أذى. وخشيت من قلبه، فغبت ولم أحضر.
تُوُفّي الشَّيْخ فِي سلخ رجب سنة ثمانٍ وخمسين بقرية عَلَم ودُفِن
بها.
فأخبرني والدي أنّ أَبَاهُ أوصى أن يُدفن فِي تابوت وقال: يا بُنَيّ
أَنَا لَا بد أن أنقل إلى الأرض المقدّسة. فنقل بعد اثنتي عشر سنة،
وسرت معه إلى دمشق، وشهدتُ دفنه، وذلك فِي تاسع المحرَّم سنة سبعين.
ورأيت فِي سَفَري معه عجائب، منها أَنَا كُنَّا لَا نستطيع غالب اللّيل
أن نجلس عنده لكثرة تراكم الجنّ عَلَيْهِ وزيارتهم لَهُ [2] .
قلت: وقبره ظاهر يُزار بزاوية ابن ابنه الشَّيْخ القُدوة العارف شيخنا
أبي عَبْد الله محمد بْن عُمَر، نفع الله ببركته.
476- أبو عليّ بْن محمد [3] بْن الأمير أبي عليّ بن باساك.
__________
[1] في الأصل: «وحصل» .
[2] ذيل مرآة الزمان 1/ 393 وما بعدها.
[3] انظر عن (أبي علي بن محمد) في: ذيل مرآة الزمان 1/ 384، 385،
والعبر 5/ 251،
(48/377)
الأمير الكبير، حُسام الدّين الهذَبَاني،
المعروف بابن أبي عليّ.
كَانَ رئيسا مدبّرا، خبيرا، قويّ النَّفْس.
قَالَ قُطْبُ الدّين [1] : طلبه المُلْك النّاصر يوما فقال: وددت الموت
الساعَة، فإنّ ناصر الدّين القيمريّ عَنْ يساره، وابن يغمور عَنْ
يمينه، والموت أهون من القعود تحت أحدهما.
وأمّا نصر الدّين القَيْمُريّ فإنّه سَمِح لَهُ بالقعود فوقه، وفهِم
ذَلِكَ فتلك وجهه ودخل، فأكرموه كرامة عظيمة، وجلس إلى جانب السُّلطان.
وكان له اختصاص بالملك الصّالح نجم الدّين أيّوب، فلمّا تملّك الصّالح
إسماعيل حبسه وضيّق عَلَيْهِ. ثُمَّ أَخْرَجَهُ عَنْهُ، وتوجّه إلى
مصر. وقد ناب فِي السّلطنة بدمشق لنجم الدّين أيّوب عقيب الخوارزميّة،
وجاء فحاصر بَعْلَبَكّ سنة أربع وأربعين، وبها أولاد الصّالح إسماعيل،
فسلّموها بالأمان. ثُمَّ ناب فِي السّلطنة بمصر.
وتُوُفّي أبوه عنده، فبنى عَلَى قبره قُبة.
وكان عَلَى نيابة السّلطنة عند موت الصّالح نجم الدّين، فجهّز القُصاد
إلى حصن كيفا إلى المُلْك المعظّم ليُسرع.
ثُمَّ حجّ الأمير حسام الدّين سنة تسعٍ وأربعين، وأصابه فِي أواخر عمره
صَرَعٌ وتزايد بِهِ وكثُر، فكان سبب موته.
وكان مولده بحلب سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة، وأصله من إربل. وله شِعْر
جيّد وأدَب.
477- أبُو الكرم بْن عَبْد المنعم [2] بْن قاسم بْن أَحْمَد بْن حَمْد
بْن حامد بْن مفرّج بْن غياث.
__________
[ () ] والإشارة إلى وفيات الأعيان 356 وفيه: «محمد بن أبي علي» ،
وشذرات الذهب 5/ 296، وإعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء 4/ 423، 424
رقم 249.
[1] في ذيل مرآة الزمان.
[2] انظر عن (أبي الكرم بن عبد المنعم لاحق) في: صلة التكملة لوفيات
النقلة للحسيني 2/ ورقة 55، والإعلام بوفيات الأعلام 275، والإشارة إلى
وفيات الأعيان 355، وسير أعلام النبلاء 23/ 350 رقم 249، والعبر 5/
251، وحسن المحاضرة 1/ 379 رقم 78، وشذرات الذهب 5/ 296، وذيل التقييد
للفاسي 2/ 300 رقم 1671.
(48/378)
الأنصاريّ، الأرتاحيّ الأصل، الْمَصْرِيّ،
الحريريّ، اللّبّان، الحَنْبليّ، واسمه: لا حق. وُلِد فِي حدود سنة
ثلاثٍ وسبعين. وسمع من عمّ جَدّه أَبِي عَبْد الله الأرتاحيّ. وتفرّد
بالإجازة من المبارك بْن عليّ بْن الطّبّاخ، فروى بها كتاب «دلائل
النّبوّة» للبيهقيّ، وغير ذَلِكَ.
وكان شيخا متعفّفا، صالحا.
أجاز لَهُ أيضا: أبُو الفَضْلِ الغَزْنَويّ، وابن نجا الواعظ، وغير
واحد.
روى عَنْهُ: الحفاظ أبُو محمد المنذريّ، وأبو الحُسَيْن الْقُرَشِيّ،
وأبو محمد التّونيّ وعَلَم الدّين الدّواداريّ، ويوسف بْن عُمَر
الختنيّ، والمصريّون.
وتُوُفّي ليلة السّادس عشر من جمادى الآخرة.
478- أبو المعالي بْن عَبْد الله بْن عليّ.
المازريّ، الضّرير.
حدَّث عَنْهُ: المطهّر بْن أبي بَكْر البَيْهَقيّ.
ومات فِي ربيع الأوّل بالإسكندريّة.
وفيها وُلِد:
علاء الدّين عليّ بْن يحيى الشّافعيّ بْن نحلة بدمشق.
والنجمُ عُمَر بْن بَلَبَان الجوزيّ.
والصّفيّ عَبْد المؤمن بْن الخطيب عَبْد الحقّ البغداديّ، والفتح محمد
بْن أحمد بْن هاشم التفْلِيسيّ، ثُمَّ الْمَصْرِيّ، وأمين الدّولة
محفوظ بْن عليّ بْن المَوْصِليّ.
وعبد الرَّحْمَن ابن شيخنا التّقيّ بن مؤمن، وأحمد ابن الشَّيْخ محمد
البجديّ.
وعليّ بْن التّقيّ يحيى الذّهبيّ الفقير، ومحمد ابن شيخنا أبي بَكْر
بْن أحمد بْن عَبْد الدّائم.
ومحمد بْن الْفَقِيهُ أحمد المرداويّ، وأحمد بْن إبراهيم بْن يحيى
الكنانيّ، الْمَصْرِيّ، الحَنْبليّ. يروي عَن المعين بْن زين الدّين،
وعبد الله بْن إبراهيم بن
(48/379)
درع الْمَصْرِيّ، الشّافعيّ يروي عَن
النّجيب، والمؤرّخ شمس الدِّين مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن أبي بَكْر
الْجَزَريّ، ثُمَّ الدّمشقيّ العدل، وعيسى بْن عَبْد الكريم بْن مكتوم،
فِي نصف شَعْبان، وشرف الدّين حسين بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن
مُحَمَّد بْن العماد الكاتب، وعبد الغالب بْن محمد الماكسينيّ.
وأحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن الواني الفرّاء، وأبو بَكْر بْن عُمَر بْن
أبي بَكْر الشّقراويّ.
وعليّ بْن عَبْد العزيز بْن هواريّ الحنفيّ، ويوسف بْن ندي الزّرعيّ،
ثمّ الدّمشقيّ.
والتَّقيّ سليمان بن عبد الرحيم بن أبي عَبَّاس العطّار، والشّرف أبو
بَكْر بْن أحمد بْن محمد بْن النّجيب الخِلاطي، وأحمد بْن رضوان بْن
الزّهّار.
وخالي الحاجّ عليّ بْن سَنْجَر الذّهبيّ، وخطيب بَعْلَبَكّ محيي الدّين
محمد بْن عَبْد الرّحيم السُّلَميّ.
(48/380)
سنة تسع وخمسين
وستمائة
- حرف الألف-
479- أحمد بْن حامد [1] بْن أَحْمَد بْن حَمْدُ [2] بْن حامد بْن
مُفَرج.
أبو العبّاس الأنصاريّ، الأرتاحيّ، ثُمَّ الْمَصْرِيّ، المقرئ،
الحَنْبليّ.
ولد سنة أربع وسبعين وخمسمائة [3] ، وقرأ القراءات عَلَى والده. وسمع
من: جَدّه لأمّه أبي عَبْد الله الأرتاحيّ، والبوصيريّ، وإسماعيل بْن
ياسين، وابن نجا، والحافظ عَبْد الغنيّ، وغيرهم.
وأجاز التّاج المسعوديّ، وجماعة.
ولازَمَ الحافظَ عبدَ الغنيّ وكتب من تصانيفه.
وتصدّر وأقرأ القرآن. وكان صالحا متعفّفا، من بيت الرّواية والدّين.
حمل عَنْهُ المصريّون. وحدَّث عَنْهُ: الدّمياطيّ، وابن الحلوانيّة،
وعَلَم الدّين الدُّويْداري، والشّيخ شَعْبان، وآخرون.
توفّي في رابع عشر رجب.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن حامد) في: صلة التكملة لوفيات النقلة للحسني 2/
ورقة 60، والعبر 5/ 253، وسير أعلام النبلاء 23/ 351 رقم 250، وتذكرة
الحفاظ 4/ 451، وذيل طبقات الحنابلة 2/ 273، 274 رقم 384، ومختصره 95،
والمنهج الأحمد 390، والمقصد الأرشد، رقم 39، والدرّ المنضّد 1/ 404
رقم 1099، والوافي بالوفيات 6/ 300 رقم 2801، والمنهل الصافي 1/ 244
رقم 136، وحسن المحاضرة 1/ 379 رقم 79، وشذرات الذهب 5/ 297.
[2] في شذرات الذهب 5/ 297 «أحمد بن حاتم بن أحمد بن أحمد الأنصاري» .
[3] كانت ولادته في 19 من شهر ذي القعدة. وجاء في المنهل الصافي 1/ 244
أنه ولد سنة أربع وخمسين وخمسمائة.
(48/381)
وتأخّر من أصحابه يوسف بْن عُمَر، وأبو
بَكْر محمد بْن عَبْد الغنيّ بْن محمد الصّعبيّ.
480- أحمد بْن سليمان [1] بْن أحمد بْن سليمان.
قاضي الإسكندريّة، شَرَفُ الدّين، أبو العبّاس ابن المرجانيّ [2] ،
المقرئ، المالكيّ.
سَمِعَ من: عليّ بن البنّاء الْمَكيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن عتيق بْن
باقا، وقرأ القراءات عَلَى [3] .
وتفقّه ودرّس وأفتى وناب فِي القضاء ثُمَّ استقلّ بِهِ، وكان من أعيان
فُضَلاء الثّغر.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وقال: تُوُفّي فِي السّادس والعشرين من ذي
القِعْدة. وشعبان، وطائفة [4] .
481- أحمد بْن كتائب [5] بْن مهديّ بْن عليّ.
أبو العبّاس المقدسيّ، البانياسيّ، الحَنْبليّ.
حدث عن: حنبل، وابن طبرزد.
روى عنه: الدّمياطيّ، وابن الخبّاز، والشّمس ابن الزّرّاد، ومحمد بن
المحبّ، وآخرون.
ومات في عاشر ذي القعدة.
482- إبراهيم بن سهل [6] .
__________
[1] انظر عن (أحمد بن سليمان) في: الوافي بالوفيات 6/ 404 رقم 2920،
وغاية النهاية 1/ 58 رقم 49، والمنهل الصافي 1/ 293 رقم 163.
[2] في الوافي: «ابن المرجان» .
[3] في الأصل بياض. وكتب الناسخ فوق كلمة «على» : كذا. وفي غاية
النهاية 1/ 58 وروى الحروف سماعا عن الصفراوي، وإجازة عن جعفر
الهمدانيّ، وأبي اليمن الكندي.
[4] وألّف «مفردات القراء» .
[5] لم تذكره المصادر الخاصة بطبقات الحنابلة.
[6] انظر عن (إبراهيم بن سهل) في: العبر 5/ 253، وذيل مرآة الزمان 1/
476، والاستقصاء في تاريخ المغرب الأقصى 1/ 203، وفوات الوفيات 1/ 20-
30 رقم 5، والوافي بالوفيات 6/ 5- 11 رقم 2440، ونفح الطيب 2/ 351،
والمنهل الصافي 1/ 51- 56 رقم 30،
(48/382)
اليهوديّ، الإشبيليّ، الشّاعر المشهور.
دوّن شِعْره فِي مجلّد فيما قِيلَ [1] ، ويُقال إنّه أسلم. وله قصيدة
مدح بها النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، وكان حامل
لواء الشعْر بالمغرب فِي عصره [2] .
فمن شِعْره:
مضى الوصْلُ إلّا مُنْيةٌ تبعثُ الأسَى ... أُدارِي بها هَمي إذا
الليلُ عَسْعَسا
أتاني حديثُ الوصْل زَوْرا عَلَى النّوى ... أعِدْ ذَلِكَ النوْرَ
اللذيذَ المؤنسا
ويَا أيّها الشوقُ الَّذِي جاء زائرا ... أصَبْتَ الأماني خُذْ قلوبا
وأنفُسا
كساني موسى من سِقامٍ جُفُونهِ ... رداء، وسقاني من الحبّ كؤوسا
توفّي غريقا في هذا العام، أو في سنة 58 [3] .
__________
[ () ] وشذرات الذهب 5/ 297، وذيل تاريخ الأدب العربيّ 1/ 483،
والزركشي 1/ 12.
[1] نشر ديوانه الدكتور إحسان عباس، وصدر عن دار صادر بيروت 1967.
[2] قال ابن الأبّار: كان من الأدباء الأذكياء الشعراء، مات غريقا مع
ابن خلاص والي سبتة سنة تسع وأربعين وستمائة، وكان سنّه نحو الأربعين
أو ما فوقها، وكان قد أسلم وقرأ القرآن، وكتب لابن خلاص بسبتة فكان من
أمره ما كان.
وكان يهوى يهوديّا اسمه موسى فتركه، وهوي شابا اسمه محمد، فقيل له في
ذلك فقال:
تركت هوى موسى لحبّ محمد ... ولولا هدى الرحمن ما كنت أهتدي
وما عن قلى منّي تركت وإنما ... شريعة موسى عطّلت بمحمد
وقال الشّيخ أثير الدين: أخبرنا قاضي الجماعة قال: نظم الهيثم (بن أحمد
بن أبي غالب بن الهيثم الإشبيلي) قصيدة يمدح بها المتوكّل على الله
محمد بن يوسف بن هود ملك الأندلس، وكانت أعلامه سوداء لأنه كان بايع
الخليفة ببغداد، فوقف إبراهيم بن سهل على قصيدة الهيثم وهو ينشدها لبعض
أصحابه، وكان إبراهيم إذ ذاك صغيرا، فقال إبراهيم للهيثم: رد بين البيت
الفلاني والبيت الفلاني:
أعلامه السود إعلاما بسؤدده ... كأنّهنّ بخد الملك خيلان
فقال له الهيثم: هذا البيت ترويه أم نظمته؟ قال: بل نظمته الساعة، فقال
الهيثم: إن عاش هذا ليكونن أشعر أهل الأندلس.
والقصيدة التي مدح بها النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم مطلعها:
وركب دعتهم نحو طيبة نيّة ... فما وجدت إلّا مطيعا وسامعا
يسابق وخد العيس ماء شئونهم ... فيقفون بالسوق المدى والمدامعا
إذا انعطفوا أو رجّعوا الذكر خلتهم ... غصونا لدانا أو حماما سواجعا
تضيء من التقوى حنايا صدورهم ... وقد لبسوا الليل البهيم مدارعا
[3] وقد تقدّم عن ابن الأبّار أنه مات سنة 649 هـ.
(48/383)
483- إبراهيم بْن طرخان [1] بْن حسين بْن
مغيث.
أبو إِسْحَاق الأُمَويّ، السّخاويّ، الإسكندرانيّ، الحريريّ.
سَمِعَ من: عَبْد الرَّحْمَن بْن موقا [2] ، وحمّاد الحرّانيّ.
روى عَنْهُ آحاد الطّلبة [3] .
484- إبراهيم بْن عَبْد اللَّه [4] بْن هبة اللَّه بْن أحمد بْن عليّ
بْن مرزوق.
الصّاحب صفيّ الدّين العسقلانيّ، التّاجر، الكاتب.
ولد سنة سبع وسبعين وخمسمائة.
وسمع من: عَبْد الله بْن مُجَلي.
وأجاز لَهُ جماعة: وحدَّث. وكان محتشما، كثيرَ الأموال، وافِرَ
الحُرْمة.
وُلّي الوزارة فِي بعض الدّول، وكان فيه [5] عقْلٌ ودين، ويركب الحمار
ويتواضع.
__________
[1] انظر عن (إبراهيم بن طرخان) في: المقفّى الكبير للمقريزي 1/ 185
رقم 178.
[2] في المقفّى: «موقّى» .
[3] في المقفى: «وحدّث عن زينب بنت أبي عوف. روى عنه منصور بن سليم.
وتوفي في الحادي والعشرين من شهر ربيع الأول سنة تسع وخمسين وستمائة
بالثغر» .
[4] انظر عن (إبراهيم بن عبد الله) في: ذيل الروضتين 214، وفيه:
«إبراهيم بن مرزوق» ، ونهاية الأرب 30/ 50، وسير أعلام النبلاء 23/ 344
دون ترجمة، وفيه: «صفيّ الدين إبراهيم بن مرزوق العسقلاني» ، وذيل مرآة
الزمان 2/ 126، والوافي بالوفيات 6/ 39 رقم 2473، وشذرات الذهب 5/ 297،
والعبر 5/ 253، والمقفّى الكبير 1/ 241، 242 رقم 275، وعقد الجمان (1)
326، وعيون التواريخ 20/ 256، 257.
[5] وقال النويري: وكان قد وزر للملك الأشرف ابن الملك العادل بدمشق
مدة، ثم عزل بجمال الدين بن جرير، وكان تاجرا مشهورا بالثروة وكثرة
الأموال، وكان ابتداء أمره كما حكي عنه أنه حكاه عن نفسه قال: أرسلني
والدي إلى القاهرة من مصر لأبتاع له قمحا، وكان له طاحون بمصر، فتوجّهت
إلى دار بعض الأمراء فاشتريت ألف إردبّ بخمسة آلاف درهم، وتسلّمتها،
وبتّ في تلك الليلة بالقاهرة، وأصبحت فتحسّن سعرها فبعتها بسبعة آلاف،
فأوفيت الثمن، وأخذت ما بقي، وصرفت به مائة وثلاثين دينارا، وأتيت
والدي فسألني عن القمح، فقلت: بعته، فقال: ولم لا أتيت به؟ فقلت له:
إنك لم ترسل معي الثمن، حتى ولم تعطني دابّة أركبها، وعندك عشرين دابة،
ما هان عليك أن أركب منها دابة. وكنت قد مشيت من مصر إلى القاهرة فحقدت
ذلك عليه. قال: ثمّ اتّجرت في ذلك المال الّذي ربحته من ثمن القمح
فبارك الله لي فيه حتى جمعت منه ستمائة ألف دينار عينا، غير ما اشتريت
من العقار والأثاث والخدم والدوابّ والمسفّر وغيره.
(48/384)
تُوُفّي بمصر فِي ذي القِعْدة.
485- إسحاق ابن العلّامة موفّق الدّين يعيش [1] بْن عليّ بْن يعيش.
أبو إبراهيم الحلبيّ، والكاتب.
ولد سنة إحدى وستّمائة.
وتُوُفّي بالقاهرة فِي ربيع الآخر.
486- إسماعيل [2] .
المُلْك الصّالح نور الدّين بْن المجاهد أسد الدّين شير كوه بْن محمد
بْن شِيركُوه بْن شادي بْن مروان، ابن صاحب حمص.
نشأ بحمص وانتقل عَنْهَا، وخدم مَعَ المُلْك النّاصر يوسف.
وكان عاقلا حازما، فلمّا أخذ هولاكو بلاد الشّام داخل التّتار، وأخذ
فَرَمانا، ولم يدخل الدّيار المصريّة، وحسّن للملك النّاصر التّوجّه
إلى هولاكو، وتوجّه فِي صُحبته، فلمّا قدِموا عَلَى هولاكو أحسن إليهم
وأكرمهم، فلمّا بلغه كسرة كتبغا عَلَى عَين جالوت غضب وقتلهم فِي أوائل
السَّنَة كلّهم.
487- إسماعيل بْن عُمَر [3] بْن قرناص.
مُخلِص الدّين الحَمَويّ [4] ، من بيتٍ مشهور.
وُلِد سنة اثنتين وستّمائة، وكان فقيها نحويّا، كثير الفضائل.
درّس وأقرأ بجامع حماة، وله شعر جيّد [5] .
__________
[1] انظر عن (إسحاق بن يعيش) في: الوافي بالوفيات 8/ 430 رقم 3908.
[2] انظر عن (إسماعيل بن شير كوه) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 126،
والإشارة إلى وفيات الأعيان 357، والوافي بالوفيات 9/ 120، 121 رقم
4035، والنجوم الزاهرة 7/ 201، والمنهل الصافي 2/ 394، 395 رقم 432،
والسلوك ج 1 ق 2/ 466، والدليل الشافي 1/ 124 رقم 431.
[3] انظر عن (إسماعيل بن عمر) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 127، والوافي
بالوفيات 9/ 182 رقم 4088، والمنهل الصافي 2/ 413، 414، رقم 443،
وشذرات الذهب 5/ 297، والسلوك ج 1 ق 2/ 466، والنجوم الزاهرة 7/ 202،
والدليل الشافي 1/ 127 رقم 442، وعيون التواريخ 20/ 263، وبغية الوعاة
1/ 452 رقم 924.
[4] وكنيته: «أبو العرب» .
[5] ومنه:
أما والله لو شقت قلوب ... ليعلم ما بها من فرط حبّي
(48/385)
تُوُفّي بحماة فِي جُمَادَى الآخرة. قاله
اليُونيني فِي «تاريخه» [1] .
- حرف الحاء-
488- الحَسَن بْن عَبْد اللَّه [2] بْن الحافظ عَبْد الغنيّ.
الإمام شَرَفُ الدّين، أبو محمد بْن الجمال أبي موسى، المقدسيّ،
الحنبليّ.
ولد سنة خمس وستّمائة.
وسمع الكثير من: أبي اليمن الكِنْديّ، وابن الحَرَسْتاني، وابن ملاعب،
وموسى بْن عَبْد القادر، وابن راجح، والشيخ الموفّق.
وتفقّه عَلَى الشَّيْخ الموفّق، وعلى غيره من بعده. وأتقن المُذْهب،
وأفتى ودرّس، ورحل فِي الحديث، ودرّس بالجوزيّة.
كتب عَنْهُ: الأبِيَوَرْدِيّ، والدّمياطيّ، والحفّاظ.
روى عَنْهُ: ابن الخبّاز، وابن الزّرّاد، والقاضي تقيّ الدّين سليمان،
وجماعة.
وقد وُلّي القضاء ولدُه شهاب الدّين، وناب عَنْهُ أخوه شَرَفُ الدّين
عَبْد الله بْن حَسَن.
تُوُفّي فِي ثامن محرّم.
- حرف السين-
489- سيدهم بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن سيدهم.
أبُو الموالي ابن الخشّاب الإسكندرانيّ، التّاجر.
__________
[ () ]
لأرضاك الّذي لك في فؤادي ... وأرضاني رضاك بشقّ قلبي
[1] ذيل مرآة الزمان 2/ 127.
[2] انظر عن (الحسن بن عبد الله) في: ذيل الروضتين 211، وسير أعلام
النبلاء 23/ 344 دون ترجمة، وتذكرة الحفّاظ 4/ 1451، والعبر 5/ 253،
254، وشذرات الذهب 5/ 298، وذيل طبقات الحنابلة 2/ 273 رقم 383، ودرّة
الأسلاك 1/ حوادث 659 هـ.، والوافي بالوفيات 12/ 93، والدليل الشافي 1/
263، والمنهل الصافي 5/ 88، 89 رقم 904، والدارس 2/ 32، ومختصر الذيل
على طبقات الحنابلة 77، والمنهج الأحمد 390، والمقصد الأرشد، رقم 338،
والدرّ المنضّد 1/ 403، 404 رقم 1098.
(48/386)
حدّث عن: أبي الفتوح محمد بْن محمد
البكريّ.
وتُوُفّي فِي المحرَّم عَنْ سبْعٍ وسبعين سنة.
490- سَعِيد بْن المطهّر [1] .
الإمام القدوة، المحدّث، سيف الدّين، أبو المعالي الباخَرزي [2] . شيخ
زاهد، عارف، كبير القدر. إمام فِي السُّنَّة والتّصوّف. عُنِي بالحديث
وسمعه، وكتب الأجزاء ورحل فيه.
وصحِب الشَّيْخ نجم الدّين الكبري وسمع منه.
ومن: أبي رشيد محمد بْن أبي بَكْر الغزّال ببخارى، ومن: عليّ بْن محمد
المَوْصِليّ، وجماعة ببغداد.
وخرّج لنفسه «أربعين حديثا» رواها لنا عَنْهُ مولاه نافع الهنديّ.
وحدّثني أبو الحَسَن الخشنيّ أَنَّهُ تُوُفّي فِي هذا العام.
وكان شيخ ما وراء النَّهر. وله جلالة عجيبة، وعلى يده أسلم سلطان
التّتار بَرَكة.
وله ترجمة طُولَى فِي «سِيَر النّبلاء» [3] .
- حرف الطاء-
491- الطّاهر بن محمد [4] بن عليّ.
__________
[1] انظر عن (سعيد بن المطهّر) في: العبر 5/ 254، وسير أعلام النبلاء
23/ 363- 370 رقم 262، وتذكرة الحفّاظ 4/ 1451، ومرآة الجنان 4/ 151
وفيه: «سعيد بن المظفّر» ، والوافي بالوفيات 15/ 262، رقم 369، ونفحات
الأنس للجامي 494، وشذرات الذهب 5/ 298.
[2] الباخرزيّ: بالموحّدة وفتح الخاء المعجمة وسكون الراء ثم زاي، نسبة
إلى باخرز من نواحي نيسابور.
[3] سير أعلام النبلاء 23/ 363- 370، ومعظمها منقول عن كتاب «تلخيص
مجمع الآداب» لابن الفوطي، في القسم الضائع منه.
[4] انظر عن (الطاهر بن محمد) في: ذيل مرآة الزمان 1/ 475، 476، وتالي
وفيات الأعيان للصقاعي 138، 139، والمختار من تاريخ ابن الجزري 260،
وعيون التواريخ 20/ 265 وفيه: «الظاهر» بالظاء المعجمة.
وهو: محيي الدين بن أبي الطاهر محمد الجزري.
(48/387)
العلّامة الرّئيس، محيي الدّين، أبو محمد
الْجَزَريّ.
كَانَ رئيسا كبير القدر، يكاتب الدّيوان العزيز، وله ديوان شِعْر [1] .
- حرف العين-
492- عَبْد اللَّه بْن أَبِي بَكْر بْن دَاوُد.
المالكيّ، المعروف بابن الرّمّاح.
حدَّث عَنْ: الفخر الفارسيّ، الصُّوفيّ.
وكان إمام رباط الزّاهد ابن حباسة.
تُوُفّي بالقاهرة.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ.
493- عَبْد الله بْن عَبْد المؤمن [2] بْن أبي الفتح بْن وثّاب.
أبو محمد البانياسيّ، الصّالحيّ.
حضر عَلَى ابن طَبَرْزَد، وسمع من الكِنْديّ.
وهو أخو عَبْد الرَّحْمَن، ومحمد.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وابن الخبّاز، وابن الزّرّاد، وجماعة.
__________
[1] ومن شعره:
أفسدتم نظري عليّ فلم أر ... منذ غبتم حسنا إلى أن تقدموا
فدعوا غرامي لي يمكن أن ترى ... عين الرضى والسخط أحسن منكم
وله:
وحياة من أضحت لديّ حياته ... أشهى إليّ من اتصال حياتي
ما سافرت لحظات عيني بعدكم ... إلّا على جيش من العبرات
وله:
يا هذه إن رحت في خلق ... فما في ذاك عار
هذي المدام هي الحياة ... قميصها خوف وقار
وله أيضا:
كأنما الكأس على ثغرها ... قد وسطت بالأنمل الخمس
ياقوتة صفراء قد صيّرت ... واسطة للبدر والشمس
[2] انظر عن (عبد الله بن عبد المؤمن) في: صلة التكملة لكتاب وفيات
النقلة للحسيني، ورقة 132 وفيه: «عبد الرحمن بن عبد المؤمن» .
(48/388)
وَتُوُفِّي فِي رابع عشر ذي الحجّة.
494- عَبْد الرَّحْمَن بْن عثمان [1] بْن عَبْد الواحد بْن عَبْد
الرَّحمن بْن سلطان.
الْقُرَشِيّ، الدّمشقيّ، زين القضاة.
ذُبح بالجبل فِي هذه السَّنَة.
495- عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد [2] بْن عَبْد القاهر بْن مرهوب.
الخطيب الصّالح، الدّيّن، أبو البركات الحَمَويّ، الشّافعيّ.
حدَّث عَنْ عمّه أبي اليُسْر، وكان من وجوه الحمويّين وصُلَحائهم
وأعيانهم.
بنى مدرسة بحماة ووقف عليها الأوقاف، ودُفِن بها فِي الثَّانِي
والعشرين [3] من ربيع الأوّل.
وكان خطيب الجامع الأعلى بحماة. وعاش تسعا وسبعين سنة.
496- عثمان بْن أَبِي الحَرَم [4] مكّيّ بْن عُثْمَان بْن إسماعيل بْن
إبراهيم بْن شبيب.
الإمام الواعظ، جمال الدّين أبو عَمْرو السّعديّ، الشّارعيّ [5] ،
الشّافعيّ، المذكّر.
__________
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن عثمان) في: ذيل الروضتين 212 وفيه: «زين
القضاة عبد الرحمن ابن سلطان الجبل» .
[2] انظر عن (عبد الرحمن بن محمد) في: ذيل الروضتين 212 وفيه: «الخطيب
زين الدين» ، وذيل مرآة الزمان 2/ 129، وعقد الجمان (1) 326.
[3] في ذيل الروضتين: «ثاني شهر ربيع الأول» .
[4] انظر عن (عثمان بن أبي الحرم) في: تكملة إكمال الإكمال لابن
الصابوني 226، 227، وصلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني 2/ ورقة 59،
والعبر 5/ 254، وسير أعلام النبلاء 23/ 351، 352 رقم 251، والإشارة إلى
وفيات الأعيان 357، وتذكرة الحفّاظ 4/ 1452، والوافي بالوفيات 19/ 513
رقم 525، وعقد الجمان (1) 321، والنجوم الزاهرة 7/ 202، وشذرات الذهب
5/ 298.
[5] الشارعيّ: براء مكسورة بعد الألف، ثم عين مهملة مكسورة أيضا. نسبة
إلى الشارع محلّة بظاهر القاهرة. وقال الحسن بن محمد البكري: شارع
القاهرة خارج باب زويلة. (توضيح المشتبه 5/ 268) .
(48/389)
ولد سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة.
وسمع الكثير من: أَبِيهِ، وقاسم بْن إبراهيم المقدسيّ، وإسماعيل بْن
ياسين، والبوصيريّ، والأرتاحيّ، وفاطمة، وابن نجا الواعظ، والعماد
الكاتب، وأبي يعقوب بْن الطّفيل، والحافظ عَبْد الغنيّ، وعبد الله بْن
خَلَف المسكيّ، وعثمان بْن أبي بَكْر بْن جَلْدَك، وخلف بْن عَبْد الله
الدّانقيّ، وخلق سواهم.
وعني بالحديث والعِلْم والاشتغال.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وابن الظّاهريّ، وأخوه إبراهيم، والشّيخ
شَعْبان الإربليّ، والأمين الصّعبيّ، ويوسف الختنيّ، ونافلته الموفّق
أحمد بْن أحمد بْن محمد، والمصريّون.
وقد رحل إلى الشّام وسمع بها من: عُمَر بْن طَبَرْزَد.
وحدَّث بالكثير.
قَالَ الحافظ عزَّ الدّين الحُسَيْني: سَمِعْتُ منه، وكان شيخا فاضلا،
مشهورا بالدّين والصّلاح. وكان يجلس للوعظ. وكان حَسَن الإيراد كثير
المحفوظ، لَهُ اليد الطّولى فِي معرفة المواقيت وعمل السّاعات.
حدَّث هُوَ وأبوه وجدّه وإخوته.
وتُوُفّي فِي الخامس والعشرين من ربيع الآخر، رحمه الله تَعَالَى.
497- عثمان بن منكورس [1] بن خمر تكين [2] .
الأمير مظفّر الدّين، صاحب صهيون.
كَانَ خُمَرْتكِين عتيق الأمير مجاهد الدّين صاحب صرخد، وتملّك مظفّر
__________
[1] انظر عن (عثمان بن منكورس) في: نهاية الأرب 30/ 50، 51، وسير أعلام
النبلاء 23/ 344، والإشارة إلى وفيات الأعيان 357، والعبر 5/ 254،
وتالي وفيات الأعيان للصقاعي 95، وذيل مرآة الزمان 2/ 129، وتلخيص مجمع
الآداب في معجم الألقاب 5/ 529 رقم 1225، والوافي بالوفيات 19/ 514 رقم
27، وفيه: «منكوبرس» ، وهو تصحيف، وعيون التواريخ 20/ 263، والدليل
الشافي 2/ 441 رقم 1525، والدارس 1/ 341، وشذرات الذهب 5/ 298 وفيه
أثبت محقّقه «منكروس» وقال: إن التصحيح من: تاريخ الإسلام (1) بالحاشية
رقم 2: والصحيح هو المثبت أعلاه.
[2] في نهاية الأرب 30/ 50 «خماردكين» .
(48/390)
الدّين صهيون بعد والده سنة ستٌّ وعشرين.
وكان حازما يَقِظًا سائسا مهيبا، طالت أيّامه وعمّر تسعين سنة وأكثر.
مات فِي ربيع الأوّل، ودُفِن بقلعة صهيون [1] . وولي بعده ابنه سيف
الدّين محمد.
498- عليّ بْن عَبْد الرّزّاق [2] بْن الحُسَيْن بْن محمد بْن عُبَيْد
الله بْن نصر الله بْن حجّاج.
الشَّيْخ علاء الدّين، أبو الفضائل العامريّ، المقدسيّ، ثُمَّ
الْمَصْرِيّ، المعروف بابن القطّان.
وُلِد سنة إحدى وثمانين تقريبا.
وسمع من: البوصيريّ، والعماد الكاتب، ومحمد بْن عَبْد الله بْن
اللَّيْثي.
وولّي نظر الأوقاف بمصر وعدّة ولايات.
وهو من بيت حشمة وتقدّم.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ.
وتُوُفّي، رحمه الله، فِي مستهلّ المحرَّم.
499- عماد الدّين [3] .
أبو الفَضْلِ القَزْوينيّ، الوزير الكبير، صاحب الدّيوان ببغداد.
وُلّي لهولاكو العراق بعد ابن العَلْقَمِيّ، وكان ظالما فقتل بسيف
المغل ولي بعده علاء الدّين صاحب الدّيوان.
__________
[1] وقال النويري: وخلّف الأمير مظفّر الدّين من الأموال ما لا يحصى
كثرة. حكى الشيخ شمس الدين ابن الجزري في تاريخه قال: حكى لي الصاحب
مجد الدين إسماعيل بن كسيرات الموصلي قال: كان مظفّر الدين صاحب صهيون
يجلس في كل يوم في باب القلعة ويأخذ قطعا من الشمع ويختم عليها بخاتمه،
فمن كان له دعوى على خصمه أو محاكمه جاء إليه وأحضر معه شيئا من
المأكول فيضعه في الدركاه بين يدي الأمير مظفّر الدّين، ويأخذ قطعة من
ذلك الشمع المختوم ويتوجّه إلى خصمه ويقول: هذا ختم السلطان، فيأخذ
الخصم معه شيئا أيضا ويحضر إلى بين يديه فيحكم بينهما بنفسه. قال:
فسألته عن مقدار ما يحضره الواحد منهم. قال: يأتي كل واحد بحسبه من
الرأس الغنم إلى خمس بيضات.
[2] انظر عن (علي بن عبد الرزاق) في: الوافي بالوفيات 21/ 235 رقم 161.
[3] انظر عن (عماد الدين القزويني) في: الحوادث الجامعة 168 (فيه قتله
سنة 660 هـ) .
(48/391)
- حرف الغين-
500- غازي [1] .
المُلْك الظّاهر بْن السُّلطان المُلْك العزيز محمد بْن السُّلطان
المُلْك الظّاهر غازي بْن صلاح الدّين، الأيّوبيّ، الصّلاحيّ سيف
الدّين. شقيق المُلْك النّاصر. وأمهما تركيّة.
كَانَ مليح الصّورة، شجاعا، كريم، الأخلاق. وكان أخوه يحبّه محبّة
زائدة.
وقد أراد جماعة من العزيزيّة القبضَ عَلَى النّاصر وتمليك هذا، فشعر
بهم، ووقعت الوحشَةُ. وفارق غازي هذا أخاه فِي أوائل سنة ثمانٍ وخمسين
عند زوال دولته، فتوجّه بحريمه نحو الصلْت، وكانت لَهُ، ثُمَّ قصد
غزّة، فاجتمع عَلَى طاعته البحريّة وجماعة وسلطنوه. ودهمت التّتار
البلادَ فتقهقر المُلْك النّاصر إلى غزّة، وجاء ما أشغلهم، فتوجّها معا
إلى قطية ثُمَّ رجعا.
وقد خَلَف غازي ولدا اسمه زبالة، كَانَ بديع الحَسَن، وأمّه جارية
وهَبَها النّاصر لأخيه، اسمها وجه القمر، اتّصلت بعده بالأمير جمال
الدّين آيدغديّ العزيزيّ، ثُمَّ بعده بالبيسريّ.
ومات زبالة بالقاهرة. وقُتِل غازي مَعَ أخيه صَبْرًا.
- حرف الميم-
501- مُحَمَّد بْن أَحْمَد [2] بْن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
يَحْيَى بْنِ سيّد الناس.
__________
[1] انظر عن (الملك غازي) في: دول الإسلام 2/ 125، وسير أعلام النبلاء
23/ 259، 360 رقم 258، والعبر 5/ 255، والإشارة إلى وفيات الأعيان 357،
ومرآة الجنان 4/ 151، والنجوم الزاهرة 7/ 206، وشفاء القلوب 421 رقم
108، وشذرات الذهب 5/ 298.
[2] انظر عن (محمد بن أحمد) في: عنوان الدراية 291- 295، وذيل مرآة
الزمان 2/ 131، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة ج 5 ق 2/ 653،
والوفيات لابن قنفذ 326 رقم 659، والإعلام بوفيات الأعلام 276، والعبر
5/ 255، والإشارة إلى وفيات الأعيان 357، وتذكرة الحفّاظ 4/ 1450، 1451
رقم 1151، والمعين في طبقات المحدّثين 210 رقم 2200 وفيه: «أبو بكر
أحمد بن أحمد بن عبد الله» ، ومرآة الجنان 4/ 151، والوافي
(48/392)
الحافظ، الخطيب، أبو بَكْر اليعمريّ،
الأندلسيّ، الإشبيليّ.
ولد في صفر سنة سبع وتسعين وخمسمائة، وسمع الحديث، وعُنِي بهذا الشّأن
وأكثَر منه. وحصّل الأصُول والكُتُب النّفيسة. وحدَّث وصنّف وجمع.
ذكره عزَّ الدّين الشّريف فِي «الوفيات» فقال: كَانَ أحد الحُفاظ
المحدّثين المشهورين، وفُضَلائهم المذكورين، وبه خُتِم هذا الشّأن
بالمغرب. وُلّي منه إجازة كتبها إليّ من تونس، وبها تُوُفّي فِي
الرّابع والعشرين من رجب.
وتُوُفّي أَبُوهُ سنة ثمان عشرة.
وهو جدّ صاحبنا الحافظ الأوحد فتح الدّين محمد بْن محمد، أحسن الله
إِليْهِ.
رَأَيْت لَهُ كتاب «جواز بيع أمّهات الأولاد» ، دلّني على سعة علمه،
وسيلان ذهنه، وبراعة حفظه، وأعلى ما عنده سماع البخاريّ، من أبي محمد
الزّهريّ صاحب شُرَيْح.
وتلا لنافع على أبي نصر بْن عظيمة، عَنْ شُرَيْح.
وسمع من: أبي الصَّبرِ أيوب الفهري.
وأجاز لَهُ القاضي أبو حفص عُمَر الَّذِي يروي عَن القاضي عَبْد الله
بْن عليّ سبط ابن عَبْد البَرّ.
وأجاز لَهُ من المشرق: ثابت بْن مشرّف، والقاضي أبو القاسم بْن
الحَرَسْتاني، وهذه الطّبقة.
ذكر ذَلِكَ ابن الزُّبَيْر فِي «برنامجه» . وكان خطيب تونُس.
502- محمد بْن الأنجب [1] بْن أَبِي عَبْد الله بْن عَبْد الرَّحْمَن.
__________
[ () ] بالوفيات 2/ 121، 122 رقم 468، وذيل التقييد للفاسي 1/ 48 رقم
28، وعقد الجمان (1) 326، والنجوم الزاهرة 7/ 205، وشذرات الذهب 5/
298، 299، ودرّة الأسلاك 1/ ورقة 29، وطبقات الحفاظ 508، ومعجم طبقات
الحفاظ والمفسّرين 149 رقم 1117.
[1] انظر عن (محمد بن الأنجب) في: صلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني
2/ ورقة 59، وذيل مرآة الزمان 1/ 471، 472 وقد اختلطت ترجمته بترجمة
«مُحَمَّد بْن عَبْد الملك بْن عيسى بْن درباس المازني» ، الآتية برقم
507، والعبر 5/ 255، وسير أعلام النبلاء 23/ 343، 344 رقم 240،
والإشارة إلى وفيات الأعيان 357، والإعلام بوفيات الأعلام 276، وتذكرة
الحفّاظ 4/ 1452، والوافي بالوفيات 2/ 231 رقم 628، والنجوم الزاهرة 7/
205،
(48/393)
الشَّيْخ صائنُ الدّين، أبو الحَسَن
البغداديّ، الصُّوفيّ، المعروف بالنّعّال.
وُلِد ببغداد فِي سلخ شَعْبان سنة خمس وسبعين وخمسمائة.
وسَمِعَ من: جَدّه لأمّه هِبَة الله بْن رمضان بن سيبا، وظاعن بن محمد
الزّبيريّ.
وأجاز لَهُ وفاء ابن البَهي [1] ، ومحمد بْن جعفر بْن عقيل [2] ، وعبد
المنعم بْن عَبْد الله الفراويّ [3] ، ومحمود بْن نصر الشّعّار [4] ،
وأبو المحاسن محمد بْن عَبْد المُلْك الهمَدانيّ [5] ، وعبيد الله بْن
شاتيل [6] ، وأبو السّعادات القزّاز [7] ، وطائفة.
وخرّج لَهُ رشيد الدّين أبو بَكْر محمد بْن الحافظ عَبْد العظيم
«مشيخة» .
وكان مشهورا بالصّلاح والخير، من أعيان الصُّوفيّة.
روى عَنْهُ: العلّامة تقيّ الدّين محمد بْن عليّ الحاكم، وأبو محمد
الدّمياطيّ، وأبو الفتح محمد بْن عَبْد الرّحيم الْقُرَشِيّ، والشّيخ
شَعْبان الإربليّ، والمصريّون.
وكان أعلى [8] من بقي إسنادا بالدّيار المصريّة.
تُوُفّي، رحمه الله، فِي رابع عشر رجب.
__________
[ () ] وشذرات الذهب 5/ 299.
وانظر مقدّمة: مشيخة النّعال البغدادي، تخريج الحافظ رشيد الدين محمد
بن عبد العظيم المنذري، بتحقيق الدكتور ناجي معروف، والدكتور بشار
عوّاد معروف، طبعة المجمع العملي العراقي 1395 هـ. / 1975 م.
[1] هو وفاء بن أسعد بن النفيس البهيّ التّركي البغدادي الخبّاز أبو
الفضل. انظر مشيخة النعال، ص 59، وقد ورد في الأصل: «رقا» .
[2] مشيخة النعال 63.
[3] مشيخة النعال 107.
[4] مشيخة النعال 65.
[5] في مشيخة النعال 61 «الهمذاني» بالذال المعجمة.
[6] هو عُبَيْد اللَّه بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بن نجا بن
محمد بن عليّ بن شاتيل البغدادي الدبّاس (مشيخة النعال 73) .
[7] هو نصر الله بْن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ
الواحد بن منازل الشيبانيّ البغدادي القزّاز البيّع (مشيخة النعال 80)
.
[8] في الأصل: «أعلا» .
(48/394)
503- محمد بْن صالح [1] بْن محمد بْن حمزة
بْن محارب [2] .
الصّدر، تاجُ الدّين، أبو عَبْد الله المجلّي [3] .
سَمِعَ من: عَبْد الرَّحْمَن مولى ابن باقا.
وأجاز لَهُ: أبو اليمن الكِنْديّ، وابن طَبَرْزَد، وجماعة.
وحدَّث. وله شِعْر وفضائل. وُلّي نظر الإسكندريّة مدّة [4] .
ومات فِي خامس صَفَر.
وكان شافعيّا، عالما، مفتيا، فيه دين وخير [5] .
504- مُحَمَّدِ بْن عَبْد اللَّهِ [6] بْن إِبْرَاهِيم بْن عيسى بْن
مغنين [7] .
ضياء الدّين، أبو عبد الله المتّيجيّ [8] ، الإسكندرانيّ، المالكيّ،
العدل.
__________
[1] انظر عن (محمد بن صالح) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 132، والوافي
بالوفيات 3/ 156، 157 رقم 1113، وعقد الجمان (1) 325، وعيون التواريخ
20/ 264، 265.
[2] في الوافي: «محمد بْن صالح بْن مُحَمَّد بْن حمزة بْن مُحَمَّد بْن
علي» ، وفي عقد الجمان:
«محمد بن أبي البقاء صالح بن محارب» .
[3] في الوافي: «التنوخي» ، ومثله في عقد الجمان، وفيه «المحلى» بالحاء
المهملة.
[4] وقال الصفدي: وولي نظر الإسكندريّة وجميع أمورها من الأحباس
والمساجد والجوامع والمدارس، وحدّث بالثغر وكان ذا سيرة مرضيّة، وولد
بالمحلّة من الديار المصريّة سنة ثمان وسبعين وخمس مائة.
[5] ومن شعره:
سلام على ذاك المقرّ فإنّه ... مقرّ نعيمي وهو روحي وراحتي
فإن تسمح الأيام منّي بنظرة ... إليه فقد أوتيت سؤلي ومنيتي
ومنه:
أقول لمن يلوم على انقطاعي ... وإيثاري ملازمة الزوايا
أأطمع أن تجدّد لي حياة ... وقد جاوزت معترك المنايا
ومنه:
أصبحت من أسعد البرايا ... في نعمة الله بالقناعة
مع بلغة من كفان عيش ... وخدمة العلم كلّ ساعة
طلّقت دنياكم ثلاثا ... بلا رجوع ولا شناعة
وأرتجي من ثواب ربّي ... حشري مع صاحب الشّفاعه
[6] انظر عن (محمد بن عبد الله) في: العبر 5/ 255، 256، وتذكرة الحفاظ
4/ 1453، والوافي بالوفيات 3/ 358 رقم 1437، وشذرات الذهب 5/ 299.
[7] مغنين: بفتح الميم. وسكون الغين المعجمة. ونون ثم ياء ونون أخرى.
وقد تصحّف في الوافي إلى: «معنين» بالعين المهملة.
[8] المتّيجي: بفتح الميم وكسر التاء المشدّدة وجيم، نسبة إلى متّيجة
من ناحية بجاية. (المشتبه
(48/395)
ولد سنة ثمان وثمانين وخمسمائة.
وسمع من: عَبْد الرَّحْمَن بْن موقا، وخلق بعده.
وكتب بخطّه كثيرا، وعني بالحديث ومعرفته. كتب عَنْهُ غيرُ واحد.
وحدَّث عَنْهُ: الدّمياطيّ، وغيره.
وثنا عَنْهُ الشَّيْخ شَعْبان.
ومات فِي جمادى الآخرة، وكان صالحا ديّنا خيّرا [1] .
ومرّ أَبُوهُ فِي سنة 27.
505- محمد بْن عَبْد الله [2] بْن موسى.
الشَّيْخ شَرَفُ الدّين الحورانيّ [3] ، المتّانيّ [4] .
قال قطب الدّين: توفّي في هذه السَّنَة بحماه عَنْ نحوٍ من سبعين سنة.
وكان فاضلا متفنّنا، لَهُ رياضات وخلوات.
506- محمد بْن عَبْد الدّائم [5] بْن محمد بْن عليّ أبو المكارم
القضاعيّ، الْمَصْرِيّ، المعروف بابن حمدان.
__________
[2] / 615، التوضيح 8/ 277) .
[1] ومن شعره فيما يكتب به على الإجازات:
أجزت لهم أعلى المهيمن قدرهم ... وحلّاهم ذكرا جميلا معطّرا
راوية ما أرويه شرقا ومغربا ... وما قلته نظما ونثرا محبّرا
على شرط أهل العلم والصيغة التي ... يكون بها معنى الإجازة مظهرا
وهذا جوابي ثمّ واسمي محمد ... عفا الله عنه ما مضى وتأخّرا
أقول وعبد الله اسم لوالدي ... وإبراهيم جدّي قد نصصت مخبّرا
ويعرف بالمتّيّ نسبة بلدة ... وسطّرت خطّي بالعريض معبّرا
قال الصفدي معلّقا: طوّل وجاء شعر غثّ ركيك.
[2] انظر عن (محمد بن عبد الله) في: ذيل الروضتين 213، وذيل مرآة
الزمان، والوافي بالوفيات 3/ 358، 359 رقم 1438.
[3] في ذيل الروضتين: «الجوبراني» .
[4] المتّاني: بضم الميم وتشديد التاء المثنّاة من فوق. نسبة إلى
متّان: قرية من قرى حوران.
ولم ترد هذه النسبة في مصادر المتشابه من الأنساب.
[5] انظر عن (محمد بن عبد الدائم) في: الطالع السعيد للأدفوي 527 رقم
430، والمقفّى الكبير 6/ 16 رقم 2390.
(48/396)
ولد سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة [1] بقُوص.
وقدِم مصر فسمع من:
البوصيريّ، والأرتاحيّ.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، والشّريف عزَّ الدّين.
وتُوُفّي فِي نصف رمضان.
507- مُحَمَّد بْن قاضي القُضاة صَدْر الدين عَبْد المَلِك [2] بْن
عيسى بْن درباس بْن فيْر بن جهم بْن عَبْدُوس.
القاضي العالم، كمال الدّين، أبو حامد بْن درباس المارانيّ [3] ،
الْمَصْرِيّ، الشّافعيّ، العدل، الضرير.
وُلِد فِي ربيع الأوّل سنة ستٌّ وسبعين وخمسمائة.
وسمع: أَبَاهُ، والبوصيريّ، والقاسم بْن عساكر، والأرتاحيّ، وأبا الجود
المقرئ، وجماعة.
وأجاز لَهُ أبو طاهر السلَفيّ.
روى عَنْهُ، الشّريف عزَّ الدّين. ومجد الدّين ابن الحلوانيّة، وعَلَم
الدّين الدّواداريّ، والشيخ شَعْبان، وإبراهيم بْن الظّاهريّ،
والمصريّون.
وقد درّس بالمدرسة السيفيّة مدّة، وأفتى وأشغل، وقال الشعْر، وجالس
الملوك. وكان من سروات الشّيوخ.
في خامس شوّال توفّي بالقاهرة.
__________
[1] في المقفّى الكبير: ولد سنة ثلاث عشرة وستمائة. والمثبت أعلاه يتفق
مع: الطالع السعيد.
[2] انظر عن (محمد بن عبد الملك) في: عقود الجمان في شعراء هذا الزمان
لابن الشعار الموصلي (مخطوطة أسعد أفندي 2328) ج 7/ ورقة 195 ب، وصلة
التكملة لوفيات النقلة للحسيني 2/ ورقة 61، وذيل مرآة الزمان 1/ 472،
ونهاية الأرب 30/ 51، والعبر 5/ 256، وسير أعلام النبلاء 23/ 352، 353
رقم 252، والإشارة إلى وفيات الأعيان 357، وتذكرة الحفاظ 4/ 1452،
والوافي بالوفيات 4/ 43 رقم 1499، والنجوم الزاهرة 7/ 205، وشذرات
الذهب 5/ 299.
[3] قال محقّق نهاية الأرب 30/ 51 إن النسبة وردت في (شذرات الذهب)
«المارداني» فصححها عنه، وقد أخطأ في ذلك، إذ الموجود في الشذرات
«الماراني» كما هو أعلاه. فيصحح.
ولم ترد هذه النسبة في مصادر المتشابه من الأنساب، وهي مما يستدرك
عليها.
(48/397)
508- محمد بن عليّ بن سعيد [1] .
أبو سعيد، ابن العديم العقيليّ، الحلبيّ، الكاتب، شرف الدّين.
له شعر وفضل [2] .
روى عنه: الدّمياطيّ وقال: استشهد بالعراق مَعَ الخليفة المستنصر [3] .
509- محمد بْن أبي المكارم محمد بْن الحُسَيْن بْن محمد بْن عليّ بْن
عُمَر بْن عَبْد الله بْن حسين بْن يحيى بْن الحُسَيْن بْن أحمد بْن
يحيى بْن الْحُسَيْنُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ
عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِب.
الشّريف، مُخْلصُ الدّين، أبو البَرَكات الحُسَيْني، الزيديّ،
الدّمشقيّ، المعروف بابن المبلغ.
سَمِعَ من: الخُشُوعيّ.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وابن الحلوانيّة، وغيرهما.
وسمعنا بإجازته من أبي المعالي ابن البالِسي.
تُوُفّي فِي الرّابع والعشرين من ربيع الأوّل. ورّخه الشّريف.
وفي «معجم» الدمياطيّ: سنة ستٌّ وخمسين تُوُفّي، فيكشف ويحرّر.
ثُمَّ وجدت الإمام أبا شامة قَالَ [4] : فِي ربيع الأوّل من سنة تسع
تُوُفّي المخلص بْن أبي الحَسَن الحُسَيْني التّاجر بقيسارية الفَرْش.
وكان شيخا كبيرا عدلا.
__________
[1] انظر عن (محمد بن علي بن سعيد) في: المقفّى الكبير 6/ 273 رقم 2751
وقد سرد نسبه مطولا.
[2] ومن شعره:
تحلّ يا ذا النهى بالفضل والأدب ... وارفض لما قد حوى الجهال من نشب
فالعلم يبقى، ويفنى المال أجمعه ... فسد بفضلك، لا بالمال والنسب
وقوله:
مسرف في الذنوب طول حياتي ... فاعف عني يا ربّ عند وفاتي
وتجاوز عني بأسمائك الحسنى ... ، فإنّي عار من الحسنات
[3] مولده بحمص سنة خمسين وخمسمائة، وقدم القاهرة وأقام بها، وخرج مع
الخليفة الأسود فاستشهد بيد التتار قريبا من بغداد، قبيل سنة ستين
وستمائة.
[4] في ذيل الروضتين 212.
(48/398)
فلعلّ ما فِي «معجم الدّمياطيّ» وهم من
الناسخ.
510- محمد بْن أبي الحُسَين يحيى [1] بْن عَبْد الله بْن عليّ.
أبو عَبْد الله الأنصاريّ، الوراق، الشرُوطي.
سَمِعَ من: ابن المفضل [2] الحافظ.
وحدَّث.
ومات فِي ربيع الأوّل [3] . وكان أَبُوهُ من كبار النّحويين [4] بمصر.
511- مَعَالي بْن يعيش بْن معالي بْن كاسو.
أبو الفَضْلِ الحرّانيّ.
سَمِعَ بنيسابور من: زينب الشّعرية.
وحدَّث بحران، ولم يحدّثنا أحد عَنْهُ فيُسأل أصحابُنا إن كان ابن
الظّاهري سمع منه.
عُدِم بحران فِي شَعْبان. قاله الشريف.
512- مفضّل بْن أبي الفتح [5] نصر اللَّه بْن مُحَمَّد بْن المسلَّم
بْن المعلى بْن أبي سُرَاقة.
عمادُ الدّين، أبو بَكْر الهمَدانيّ، الدّمشقيّ.
ولد سنة ثمان وثمانين وخمسمائة.
وسمع من: عُمَر بْن طَبَرْزَد، وحنبل.
وحدَّث بدمشق ومصر. وكان متجندا فِي زيّه.
سَمِعَ منه بهاء الدّين إبراهيم بْن المقدسيّ، وغيره.
ومات بمصر في ربيع الأوّل.
__________
[1] انظر عن (محمد بن يحيى) في: المقفّى الكبير 7/ 433 رقم 3527.
[2] هو أبو الحسن علي بن المفضل المقدسي.
[3] في ثاني عشرين منه.
[4] سمّاه السيوطي في بغية الوعاة (2/ 336 رقم 2125) : «يحيى بن عبد
الله بن يحيى أبو الحَسَن الأنصاري الشافعيّ المصري النحويّ» ، مات في
سادس عشري ذي الحجّة سنة ثلاث وثلاثين وستمائة. وقال ابن مكتوم: كان من
أعيان أهل العربية وأكابرهم.
[5] انظر عن (مفضل بن أبي الفتح) في: عقد الجمان (1) 321.
(48/399)
ويسمى محمدا.
513- مكّي بْن عَبْد الرّزّاق [1] بْن يحيى بْن عُمَر بْن كامل.
زكي الدّين، أبو الحَرَم الزُّبَيْديّ، المقدسيّ، ثُمَّ الدّمشقيّ.
وُلِد سنة ثمان وسبعين وخمسمائة بعقرباء.
وسمع من: الخشوعي، وعبد الخالق بن فيروز.
وأجاز لَهُ: عَبْد الرّزّاق النّجّار، وغيره.
وكان متجنّدا أيضا، وهو أخو يحيى وسالم، وقد تقدّما.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، والجمال ابن الصّابونيّ، وعبد الرّحيم بْن
مَسْلَمَة، والعماد بْن البالِسي، وأخوه عَبْد الله.
ومات فِي سلخ شوّال وابنه يحيى حيّ. روى لنا عن اليلدانيّ، وعن
أَبِيهِ.
- حرف الياء-
514- يحيى بْن عَبْد اللَّه بْن أبي الحُصْن.
القاضي، المحدّث البارع، أبو زكريا التجيبيّ، الأندلُسي.
حجّ وسمع «صحيح خ» من يونُس الهاشميّ بمكّة.
وسمع من: الحافظ عليّ بْن المفضل، وطائفة.
وكان ذكيّا فِطنًا، لَهُ اعتناء تام بالرّجال والطرق. روى الكثير
بالأندلس.
وأكثر عَنْهُ أبُو جعفر بْن الزُّبَيْر، وأرّخ موته فِي سنة ثمانٍ
وخمسين.
ورحلته فِي سنة 658.
515- يوسف [2] .
السُّلطان المُلْك النّاصر صلاح الدّين ابن السّلطان الملك العزيز محمد
بن
__________
[1] انظر عن (مكي بن عبد الرزاق) في: الإعلام بوفيات الأعلام 276،
والعبر 5/ 256، وتذكرة الحفّاظ 4/ 1452، وسير أعلام النبلاء 23/ 344،
وشذرات الذهب 5/ 299.
[2] انظر عن (يوسف) في: ذيل الروضتين 212، وذيل مرآة الزمان 1/ 461-
469 و 2/ 134، ووفيات الأعيان 3/ 253 و 4/ 10 و 5/ 85 و 6/ 259،
والمختصر في أخبار البشر 3/
(48/400)
محمد بْن الظّاهر غازي بْن السُّلطان
المُلْك الناصر صلاح الدين يوسف بْن الأمير نجم الدّين أيّوب.
الأيّوبيّ صاحب حلب ثُمَّ صاحب الشّام.
وُلِد بقلعة حلب فِي رمضان سنة سبْعٍ وعشرين، وسلطنوه عند موت أَبِيهِ
سنة أربع وثلاثين، وقام بتدبير دولته الأمير شمس الدّين لؤلؤ الأمِيني،
وعزّ الدّين ابن مُجلي، والوزير الأكرم جمال الدّين القفْطي، والطواشي
جمال الدولة إقبال الخاتونيّ. والأمر كله راجعٌ إلى جدته ضيفة خاتون
الصّاحبة بِنْت المُلْك العادل.
ثُمَّ توجه قاضي القُضاة زَين الدّين عَبْد الله ابن الأستاذ إلى
الدّيار المصرية ومعه عدّة المُلْك العزيز، وكان قد مات شابا ابن أربع
وعشرين سنة. فلما رآها السُّلطان المُلْك الكامل أظهر الحُزنَ لموته،
وحلف للملك النّاصر لمكان الصّاحبة أخته. فلما توفيت الصّاحبة سنة
أربعين اشتدّ النّاصر وأمر ونهى. فلما كانت سنة ستٌّ وأربعين سار من
جهته نائبة شمسُ الدّين لؤلؤ وحاصر حمص، وطلب النجدة من الصالح نجم
الدّين، فلم ينجده، وغضب وجرت أمور، ثُمَّ استقرّت حمص بيد الملك
النّاصر.
وفي ربيع الاخرة سنة ثمان وأربعين قدِم إلى دمشق وأخذها من غير كلفة
لاشتغال غلمان الصّالح بأنفسهم.
ثُمَّ فِي أثناء السَّنَة قصد الديارَ المصريّة ليتملّكها فما تمّ
لَهُ.
وفي سنة اثنتين وخمسين دخل عَلَى بِنْت السُّلطان علاء الدّين صاحب
الرّوم، فولدت لَهُ علاء الدّين فِي سنة ثلاثٍ. وأمّ هذه هِيَ أمّ
جدّته الصّاحبة.
وكان سمْحًا، جوادا، حليما، حَسَن الأخلاق، محببا إلى الرّعية، فيه
__________
[ () ] 211، 212، ودول الإسلام 2/ 125، والعبر 5/ 256، 257، وسير أعلام
النبلاء 23/ 204- 207 رقم 123، والإشارة إلى وفيات الأعيان 357، وتذكرة
الحفّاظ 4/ 1452، ومرآة الجنان 4/ 151، 152، ومآثر الإنافة 2/ 83، 95-
98، 107، 108، وعيون التواريخ 20/ 257- 263، والنجوم الزاهرة 7/ 203،
وتاريخ ابن الوردي 2/ 212، وفوات الوفيات 4/ 361- 366 رقم 595، والسلوك
ج 1 ق 2/ 466، وشفاء القلوب 408- 421 رقم 107، والدارس 1/ 115، 459،
وأمراء دمشق في الإسلام 102، والقلائد الجوهرية في تاريخ الصالحية 88،
وشذرات الذهب 5/ 299، 300.
(48/401)
عدل فِي الجملة، ومحبة للفضيلة والأدب.
وكان سوق الشعْر نافقا فِي أيّامه، وكان يذبح في مطبخه كل يوم أربعمائة
رأس، سوى الدّجاج والطّيور والأجدية [1] .
وكان الغلمان يبيعون [2] منِ سماطه أشياء كثيرة مفتَخَرَة عند باب
القلعة بأرخص ثمن.
حكى علاءُ الدّين ابن نصر الله أنّ المُلْك النّاصر جاء إلى داره بغتة
قال:
فمددت له فِي الوقت سِماطًا بالدجاج المحشيّ بالسكر والفُسْتُق وغيره،
فتعجّب وقال: كيف تهيّأ لك هذا؟ فقلت: هُوَ من نعمتك، اشتريتُه من عند
باب القلعة.
وكانت نفقة مطابخه وَمَا يتعلّق بها فِي كل يومٍ أكثر من عشرين ألف
درهم.
وكان يحاضر الفُضَلاء والأُدباء، وعلى ذهنه كثير من الشعْر والأدب، وله
نوادر وأجوبة ونَظْم. وله حُسْنُ ظَن فِي الصّالحين، بنى بدمشق مدرسة
وبالجبل رباطا وتُربة، وبنى الخان عند المدرسة الزّنجيليّة.
وقال ابو شامة [3] : وفي منتصف صَفَر ورد الخبر إلى دمشق باستيلاء
التتار عَلَى حلب بالسيف، فهرب صاحبها من دمشق بأمرائه الموافقين لَهُ
عَلَى سوء تدبيره. وزال مُلْكه عَن البلاد، ودخلت رسُل التّتار بعده
بيوم إلى دمشق، وقُرئ فَرَمَان المَلِك بأمان دمشق وَمَا حولها. ووصل
النّاصر إلى غزة، ثُمَّ إلى قطية، فتفرق عَنْهُ عسكره، فتوجّه فِي
خواصّه إلى وادي موسى، ثُمَّ جاء إلى بركة زيزا، فكبسه كتبغا، فهرب،
ثُمَّ أتى التتار بالأمان، فكان معهم فِي ذُل وهوان. وكان قد هرب إلى
البراري، فساقوا خلفه، فأخذوه وقد بلغت عنده الشربة الماء نحو مائة
دينار. فأتوا بِهِ إلى مُقَدَّم التتار كتبغا وهو يحاصر عجلون، فوعده
وكَذَبَه، وسقاه خمرا صِرْفًا، فسكِر، وطلبوا منه تسليم قلعة عجلون،
فجاء إلى نائبها، وأمره بتسليمها، ففعل، ودخلها التتار، فنهبوا جميع
__________
[1] الاجدية: جمع جدي، وهو صغير الخروف.
[2] في الأصل: «يبيعوا» .
[3] في ذيل الروضتين 212.
(48/402)
ما فيها: ثُمَّ ساروا بالناصر وأخيه إلى
هولاكو.
قَالَ قُطْبُ الدّين [1] : فأكرمه وأحسن إِليْهِ، فلمّا بلغه كسْرُ
عسكره بعين جالوت غضب، وأمر بقتله، فاعتذر إِليْهِ، فأمسك عَنْ قتله،
لكن أعرض عَنْهُ.
فلما بلغه كسرةُ بيدره على حمص استشار غضبا، وقتله ومن معه، سوى ولدِه
المُلْك العزيز.
وقيل: إن قُتِل النّاصر كَانَ عَقِيب عين جالوت فِي الخامس والعشرين من
شوّال سنة ثمانٍ. وعاش إحدى وثلاثين سنة وأشهرا. فيُقال: قتِل بالصيف،
وقيل إنّه خُص بعذاب دون أصحابه.
قلت: وكان مليح الشكل، أحول، وله شِعْر. يروي شيخُنا الدّمياطيّ عَنْ
عليّ بْن أبي الفَرَج النَّحْويّ قَالَ: أنْشَدَنا السُّلطان المُلْك
النّاصر يوسف لنفسه:
البدرُ يَجْنَحُ للغُروب، ومُهجَتي ... أسفا لأجل غروبه تتقطّع [2]
والشرْب قد خاط النعاسُ جُفُونَهم ... والصُّبْح من جِلْبابه يتطلّع
[3]
وقد اشتهر عَنْهُ أنّه لمّا مرّ بِهِ التّتار عَلَى حلب وهي خاوية
عَلَى عروشها، قد هدت أسوارها، وهدمت قلعتها، وأحرقت دولها الفاخرة،
وبادَ أهلُها، وأصبحت عبرة للناظرين. أنهلت مقلته بالعبرة وقال:
يعزّ علينا أن نرى رَبْعَكْم يبلى وكانت بِهِ آيات حُسْنكم تتلى [4]
وقد أورد لَهُ ابن واصل [5] عدّة قصائد، ووصفه بالذّكاء والفضيلة
والكَرَم، إلى أن قال: وفي سابع جمادى الأولى عُقِد عزاؤه بدمشق
بالجامع لمّا ورد الخبر بمقتله.
قَالَ: وصورته عَلَى ما ثبت بالتواتر أن هولاكو لما بَلَغَه مقتل
كتبغا، ثُمَّ كسرةُ أصحابه بحمص، أخذ النّاصر وأخاه وقال للترجمان:
قلَّ لَهُ أنت زعمت
__________
[1] في ذيل مرآة الزمان 1/ 464، 465.
[2] في عيون التواريخ 20/ 261 ورد الشطر الثاني:
«لفراق مشبهه أسى تتقطع»
[3] البيتان في عيون التواريخ، والنجوم الزاهرة 7/ 204.
[4] في الأصل: «تتلا» .
[5] في القسم المفقود من «مفرج الكروب» .
(48/403)
أنّ البلاد ما فيها أحدٌ، وأن مَن فيها في
طاعتك حتى غررْتَ بي وقتلتُ المنُغُل.
فقال النّاصر: أما إنهم فِي طاعتي لو كنتُ فِي الشام ما ضرب أحد فِي
وجه غلمانك بسيف. ومَن يكون ببلاد توريز كيف يحكم عَلَى من فِي الشام؟
فرماه هولاكو بالنشاب فأصابه فقال: الصّنيعة يا خَوَنْد. فقال أخوه
المُلْك الظاهر: اسكُتْ، تَقُولُ لهذا الكلب هذا القول وقد حضرت. فرماه
هولاكو بفردةٍ ثانية قتله. ثُمَّ أخرج المُلْك الظاهر وبقيةُ أصحابهم
فضُربتْ أعناقُهم.
- الكنى-
516- أبو بَكْر بْن عُمَر بْن حَسَن بْن خواجا إمام.
شهابُ الدّين الفارسيّ، ثُمَّ الدمشقيّ. أخو ضياء الدّين.
سَمِعَ من: عُمَر بْن طَبَرْزَد، وغيره.
ومن الطلبة من سماه: شاكر الله.
وقال أبو شامة [1] : كَانَ صالحا سُلَيْم الصدر، بِهِ نوع اختلال. وكان
أحد فقهاء الشامية.
قلت: روى عَنْهُ ابن الخبّاز وآحاد الطلبة.
وتُوُفّي فِي خامس رمضان.
وفيها وُلِد: خطيب بَعْلَبَكّ، أوْ فِي سنة ثمانٍ، محيي الدين محمد بْن
عَبْد الرحيم السُّلَميّ، وأبو نُعَيْم أحمد بْن التقيّ عبيد
الاسعرديّ، ثمّ المصريّ، الحداد، يروي عَن النّجيب، ومحمد بْن شَعْبان
الخِلاطي، سَمِعَ النجيب، ومحمد بْن كشتغديّ الصَّيْرفيّ، سَمِعَ
النجيب، والنور نصر الله بْن أبي بَكْر الدّمشقيّ ابن خال ركن الدّين
ابن أفتكين، وعلاء الدّين عليّ بن مجد الدّين ابن المهتار، ومحمد بْن
الشَّيْخ عُمَر السّلاويّ اليُونيني، والتقيّ عَبْد الله بْن عَبْد
الرَّحْمَن بْن خطيب مَردَا، وزينب بِنْت الشَّيْخ شمس الدّين ابن أبي
عُمَر، وعبد الرَّحْمَن بْن محمد بْن العماد عبد الرحيم.
__________
[1] لم أجد لصاحب الترجمة ذكرا في المطبوع من ذيل الروضتين.
(48/404)
سنة ستين وستمائة
- حرف الألف-
517- أحمد بْن الحُسَيْن بْن الحَسَن بْن إبراهيم بْن نبهان.
الأجلّ، أبو العباس الداريّ، التّميميّ، الخليليّ، ابن الأجلّ أمين
الدّين أبي عليّ.
ولد سنة ثمان وثمانين وخمسمائة.
وسمع ببغداد من: الحافظ عَبْد العزيز بْن الأخضر، وعاتكة بِنْت الحافظ
أبي العلاء.
كتب عَنْهُ الشّريف عزَّ الدّين، والمصريّون.
ومات فِي تاسع ربيع الآخر. وهو جدّ الوزير فخر الدّين عُمَر بْن عَبْد
العزيز ابن الخليليّ.
518- أحمد بْن الحُسَيْن بْن محمد بْن الدّامَغَانيّ.
الصّاحب الكبير فخُر الدّين.
كَانَ من عُظماء الدّولة ببغداد كأجداده القُضاة.
مات فِي المحرَّم بالأرد [1] ، والله يسامحه ويرحمه.
عاش خمسا وستين سنة.
519- أحمد بْن عَبْد المحسن [2] بْن مُحَمَّد بن منصور بن خلف.
__________
[1] هكذا في الأصل. ولم أتبين صحتها.
[2] انظر عن (أحمد بن عبد المحسن) في: العبر 5/ 258، وشذرات الذهب 5/
300، 301.
(48/405)
أبُو العباس الأنصاريّ، الأوسيّ،
الحَمَويّ. عم شيخ الشيوخ عَبْد العزيز.
وُلِد سنة إحدى وتسعين وخمسمائة، وسمع ببغداد فِي صِغَره بإفادة
أَبِيهِ من: عَبْد اللَّه بْن أَبِي المجد الحَرْبِيّ.
روى عَنْهُ: أبو محمد الدّمياطيّ، وابن مزيز، وآخرون.
وأجاز لجماعة. ولا أكاد أعرفه.
وتُوُفّي بالرمل بالقصير وهو قاصد إلى مصر، ودُفِن هناك فِي حادي عشر
ذي القِعْدة.
520- أحمد بْن الظاهر [1] بأمر الله أبي نصر محمد بن النّاصر لدين الله
أحمد بْن المستضيء باللَّه.
الهاشميّ، العبّاسيّ، البغداديّ، الأسود. وهو المستنصر باللَّه أمير
المؤمنين، أبُو القاسم.
وُلّي الخلافة بعد قتْل ابن أخيه المستعصم باللَّه بْن المستنصر
باللَّه منصور بثلاث سنين، خلا الوقت فيها من خليفة.
قَالَ الإمام أبو شامة [2] : فِي رجب قرئ بالعادليّة كتاب السُّلطان
إلى قاضي القضاة نجم الدّين ابن سَنِي الدّولة بأنّه قِدم عليهم مصر
أبو القاسم أحمد بْن الظّاهر بْن النّاصر، وهو أخو المستنصر باللَّه.
وأنّه جمع لَهُ النّاس من الأمراء والعُلماء والتّجّار، وأثبت نَسَبَه
عند قاضي القضاة فِي ذلك المجلس،
__________
[1] انظر عن (أحمد بن الظاهر) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 163، وذيل
الروضتين 213، والعبر 5/ 258، 259، والإشارة إلى وفيات الأعيان 358،
وسير أعلام النبلاء 23/ 168، والوافي بالوفيات 7/ 384- 386 رقم 3378،
والروض الزاهر 99، وتاريخ ابن خلدون 5/ 382، والسلوك ج 1 ق 2/ 448- 451
و 476، والمقفّى الكبير 1/ 694- 700 رقم 653، وتاريخ ابن سباط
(بتحقيقنا) 1/ 401، 402، ومرآة الجنان 4/ 151، 152، 153، والبداية
والنهاية 13/ 231- 233 و 235، وعقد الجمان (1) 294- 298 و 328، والدرّة
الزكية 72، والمنهل الصافي 2/ 72- 78 رقم 251، والدليل الشافي 1/ 71
رقم 249، والنجوم الزاهرة 7/ 206، ومآثر الإنافة 2/ 103، 111- 117،
223، 241، وعيون التواريخ 20/ 268، والأعلام 1/ 211.
[2] في ذيل الروضتين 213.
(48/406)
فلمّا ثبت بايعه النّاس. وبدأ بالبيعة
السُّلطان الملك الظّاهر، ثُمَّ الكبار عَلَى مَرَاتبه، ونقش باسمه
عَلَى السّكّة، وخطب لَهُ ولقّب بلَقب أخيه، وفرح النّاس.
وقال الشَّيْخ قُطْبُ الدّين [1] : كَانَ المستنصر أبو القاسم محبوسا
ببغداد، فلمّا أخذت التّتار بغداد أطلق، فصار إلى عرب العراق، واختلط
بهم. فلمّا تسلطن المُلْك الظّاهر وَفَدَ عليه فِي رجب ومعه عشرةٌ من
بني مهارش، فركب السُّلطان للقائه ومعه القُضاة والدّولة، فشقّ
القاهرة. ثُمَّ أثبت نسبه عَلَى الحاكم، وبويع للخلافة. وركب يوم
الجمعة من البُرج الَّذِي كَانَ بالقلعة، وعليه السّواد إلى جامع
القلعة، فصعِد المنبرَ، وخطب خُطْبة ذكر فيها شَرَفُ بني العبّاس، ودعا
فيها للسّلطان وللمسلمين، ثُمَّ صلّى بالنّاس.
قَالَ: وفي شَعْبان رُسِم بعمل خِلْعة خليفتيّة للسّلطان، وبكتابة
تقليدٍ لَهُ.
ثُمَّ نُصِبت خَيْمة بظاهر القاهرة، وركب المستنصر باللَّه والسُّلطان
يوم الإثنين رابع شَعْبان إلى الخيمة، وحضر القُضاة والأمراء والوزير،
فألبس الخليفةُ السُّلطان الخِلْعة بيده، وطوّقه، ونُصِب منبر فصعِد
عَلَيْهِ فخر الدّين لُقمان فقرأ التّقليد، وهو من إنشاء ابن لُقمان.
ثُمَّ ركب السُّلطان بالخِلعة، ودخل من باب النّصر، وزيّنت القاهرة،
وحمَل الصّاحب التقليدَ عَلَى رأسه راكبا، والأمراء مُشَاة. وهذا هُوَ
الثّامن والثّلاثون من خلفاء بني العبّاس. وكانت بَيْعته بقلعة الجبل،
فِي ثالث عشر رجب.
قَالَ: وأوّل من بايعه قاضي القُضاة تاج الدّين، ثُمَّ السُّلطان،
ثُمَّ الشَّيْخ عزَّ الدّين بْن عَبْد السّلام.
وكان شديد السّمرة، جسيما، عالي الهِمّة، شجاعا. وَمَا بويع أحدٌ
بالخلافة بعد ابن أخيه إلّا هُوَ، والمقتفي ابن المستظهر، بويع بعد
الرّاشد بْن المسترشد بْن المستظهر.
وقد وُلّي الأمر ثلاثة إخوة: الرّاضي، والمتّقي، والمطيع بنو المقتدر،
وولي قبلهم: المكتفي، والمقتدر، والقاهر بنو المعتضد، وولي من قبلهم:
المنتصر، والمعتزّ، والمعتمد بنو المتوكّل، ووليها: الأمين والمأمون
والمعتصم بنو الرّشيد.
__________
[1] في ذيل مرآة الزمان 2/ 163.
(48/407)
وولي من بني أُمَيَّة الإخوة الأربعة:
الوليد، وسليمان، ويزيد، وهشام بنو عَبْد المُلْك بْن مروان.
قال: ورتّب له السّلطان أتابكا، وأستاذدار، وشرابيّا، وخزندار، وحاجبا،
وكاتبا. وعيّن لَهُ خزانة وجملة مماليك، ومائة فَرَس، وثلاثين بغلا،
وعشرة قطارات جمال، إلى أمثال ذَلِكَ.
قرأت بخطّ العلاء الكنديّ: نا قاضي القُضاة جمال الدّين محمد بن سليمان
المالكيّ قَالَ: حدَّثني شيخنا عزَّ الدّين بْن عَبْد السّلام قَالَ:
لمّا أخذْنا فِي بيعة المستنصر قلت للملك الظّاهر: بايعه. قَالَ: ما
أحسن، ولكن بايعه أنت أوّلا وأنا بعدك. فلمّا فرغنا البيعة حضرنا عند
السُّلطان من الغد، فمدح الخليفة وقال: من جملة بركته أنّني دخلت أمس
الدّار فقصدت مسجدا فيها للصّلاة، فرأيت فيه مصطبة فاخرة، فقلت
للغلمان: اضربوا هذه. فلمّا هدموها انفتح تحتها سَرَبٌ، فنزلوا، فإذا
فيه صناديق كثيرة مملوءة ذَهَب وفضّة [1] من ذخائر المُلْك الكامل.
ثُمَّ إنّ الخليفة عزم عَلَى التّوجّه إلى العراق.
قلت: وحسّن لَهُ السُّلطان ذَلِكَ وأعانه.
قَالَ قُطْبُ الدّين [2] : فأقطع إقطاعات هناك لمن قصده أوْ وفد
عَلَيْهِ.
وسار من مصر هُوَ والسُّلطان فِي تاسع عشر رمضان فدخلوا دمشق فِي سابع
ذي القِعْدة. ثُمَّ جهّز السُّلطان الخليفة وأولاد صاحب الموصل، وغرم
عَلَيْهِ وعليهم من الذَّهَب فوق الألف ألف دينار، فسار الخليفة ومعه
ملوك الشّرق، صاحب المَوْصِل، وصاحب سنجار والجزيرة من دمشق في الحادي
والعشرين من ذي القعدة.
وذكر ابن عبد الظّاهر في «السّيرة الظّاهرية» [3] : قَالَ لي مولانا
السُّلطان: إنّ الَّذِي أنفقه عَلَى الخليفة والملوك المَوَاصِلة ألف
ألف دينار وستّين ألف دينار عينا.
قَالَ أبو شامة [4] : نزل الخليفة بالتّربة النّاصريّة بقاسيون، ودخل
يوم
__________
[1] كذا في الأصل والصواب: مملوءة ذهبا وفضّة.
[2] في ذيل مرآة الزمان 2/ 163.
[3] في القسم الضائع من تاريخ الملك الظاهر.
[4] في ذيل الروضتين 213.
(48/408)
الجمعة إلى جامع دمشق إلى المقصورة، وجاء
إليها بعده السُّلطان المُلْك الظّاهر ثُمَّ خرجا ومشيا إلى جهة مركوب
الخليفة بباب البريد. ثُمَّ رجع السُّلطان إلى باب الزّيادة.
قَالَ قُطْبُ الدّين [1] : سافر الخليفة وصاحب المَوْصِل إلى الرّحبة،
ففارق صاحب المَوْصِل وأخوه الخليفة. ثُمَّ نزل الخليفة بمن معه مشهدَ
عَلَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، ولمّا وصلوا إلى عانَةَ وجدوا بها الحاكم
بأمر الله أحمد، ومعه نحو سبعمائة نفس فاستمالهم الخليفة المستنصر،
وأنزل الحاكم معه فِي دهليزه، وتسلّم الخليفة عانَة. وحمل إِليْهِ
واليها وناظرُها الإقامةَ فأقطعها، ثُمَّ وصل إلى الحديثة ففتحها
أهلُها لَهُ. فلمّا اتّصل ذَلِكَ بمقدم المُغْل بالعراق وبشِحْنة بغداد
خرج المقدّم بخمسة آلاف وقصد الأنبار فدخلها، وقتل جميع من فيها، ثُمَّ
لحِقَه الشّحنة، ووصل الخليفة إلى هيت، فأغلق أهلها الأبواب، فحصرها
ثُمَّ دخلها فِي التّاسع والعشرين من ذي الحجّة، ونهب من بها من أهل
الذّمّة، ثُمَّ نزل الدّور، وبعث طليعة، فوصلت إلى الأنبار فِي الثّالث
من المحرَّم سنة ستّين، فعبرت التّتار ليلا فِي المخائض والمراكب،
فلمّا أسفر الصّبح التقى عسكر الخليفة والتّتار فانكسر أوّلا الشّحنة،
ووقع مُعظَم أصحابه فِي الفُرات. ثُمَّ خرج كمين للتّتار، فهرَب
التّركمان والعرب، وأحاط الكمين بعسكر الخليفة، فصَدَقُوا الحملةَ،
فأخرج لهم التّتار، فنجا جماعةٌ من المسلمين، منهم الحاكم ونحو خمسين
نفسا، وقُتِل جماعة.
وأمّا الخليفة فالظّاهر أنّه قتل، وقيل سلم وأضمرته البلاد.
وعن بعضهم أنّ الخليفة قُتِل يومئذٍ ثلاثة ثُمَّ قُتِل.
521- أحمد بْن يوسف بْن أحمد بْن فرتون.
المحدّث، أبو العبّاس السُّلَميّ، الفاسي، محدّث المغرب.
روى عَنْ: أبي ذرّ الخشنيّ، وأبي القاسم بْن الملجوم.
وأجاز لَهُ أبُو الحَجاج بْن الشَّيْخ، وغيره.
وكان من أشدّ الطّلبة عناية بالرّواية، ولم يكن له كبير علم سواها.
ألّف
__________
[1] في ذيل مرآة الزمان 2/ 163.
(48/409)
كتابا ذيّل بِهِ صلة ابن بَشْكُوال، فلم
يجوّده.
أكثر عَنْهُ أبُو جعفر بْن الزُّبَيْر وقال: مات بسبتة فِي شَعْبان،
وكان فقيرا متعفّفا خيّرا.
قَالَ ابن الزُّبَيْر: تأمّلت تذييله عَلَى «الصّلة» فوجدتُه كثير
الأوهام والخَلَل، فاستَخَرْتُ الله فِي استئناف ذَلِكَ العمل، ووصلت
«الصّلة» ، بكتابٍ.
522- إبراهيم بْن يحيى بْن إبراهيم بْن عليّ بْن جعفر بْن عُبَيْد الله
بْن حَسَن بْن المحدّث المسند عُبَيْد الله بْن عَبْد الرَّحْمَن.
الزُّهْرِيّ، البغداديّ الأصل، النّابلسيّ.
حدَّث بدمشق ومصر عَنْ: محمد بْن عَبْد الله البنّاء.
تُوُفّي بنابلس فِي رجب، ولقبه: عفيفُ الدّين أبو الطّاهر.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وغيره.
523- إسماعيل بْن لؤلؤ [1] .
هُوَ المُلْك الصّالح، رُكْن الدّين، ابن صاحب المَوْصِل.
قِدم الدّيار المصريّة فِي السَّنَة الماضية، وردّ. ثُمَّ وقع فِي
مخالب التّتار، فقُتل فِي هذه السَّنَة فِي ذي القِعْدة.
وكان عادلا، ليّن الجانب، يحرّر أمره وكيف عاد إلى المَوْصِل فوقع فِي
حصارها وأسره التّتار.
نعم، قصد الظّاهر ليمدّه بجيش فأمدّه، ورجع ودخل المَوْصِل، فأقبلت
التّتار، فالتقاهم عند نصيبين فهزمهم، وقتل النّوين أيلكا، فتنمّر
هولاكو، وجهّز ستواغو [2] فنازَل المَوْصِل كما فِي الحوادث.
__________
[1] انظر عن (إسماعيل بن لؤلؤ) في: تالي وفيات الأعيان للصقاعي 3- 5
رقم 2، وذيل مرآة الزمان 1/ 492، والإشارة إلى وفيات الأعيان 358،
والوافي بالوفيات 9/ 193- 195 رقم 4099، والنجوم الزاهرة 7/ 207،
والمنهل الصافي 2/ 417 رقم 446، وأعيان الشيعة 12/ 167، والبداية
والنهاية 13/ 234، والسلوك ج 1 ق 2/ 460 و 475، وعقد الجمان (1) 314،
315، والدرّة الزكية 81، والدليل الشافي 1/ 127 رقم 445.
[2] تقدّم في حوادث سنة 660 هـ. «سنداغو» ، وفي الحوادث الجامعة 166 و
167 مثله. أما في ذيل مرآة الزمان 1/ 494، والدرّة الزكية 88، 89،
وتالي وفيات الأعيان 4: «صندغون» .
(48/410)
524- الأصبهانيّ [1] .
أحد أمراء دمشق.
تُوُفّي مخمورا فِي ذي القِعْدة بدمشق.
- حرف الباء-
525- البدر [2] .
المَرَاغي، الخلافيّ، المعروف بالطّويل.
قَالَ أبو شامة: كَانَ قليل الدّين، تاركا للصّلاة [3] .
توفّي في جمادى الآخرة.
526- بَلَبَان [4] .
الأمير الكبير، سيفُ الدّين الزّردكاش، منه أمراء دمشق الأعيان.
وكان ديّنا مشكورا [5] .
تُوُفّي فِي ذي الحجة.
- حرف الحاء-
527- الْحَسَن بْن مُحَمَّد [6] بْن أحمد بن نجا.
__________
[1] انظر عن (الأصبهاني) في: ذيل الروضتين 220.
[2] انظر عن (البدر) في: ذيل الروضتين 217، والبداية والنهاية 13/ 237،
وعقد الجمان (1) 343.
[3] وزاد أبو شامة: «مغتبطا بما كان فيه من معرفة الجدل والخلاف على
اصطلاح المتأخّرين» .
[4] انظر عن (بلبان) في: ذيل الروضتين 220، والوافي بالوفيات 10/ 281
رقم 4784، وذيل مرآة الزمان 165، وعقد الجمان (1) 344، والنجوم الزاهرة
7/ 207، والمنهل الصافي 3/ 418 رقم 694، والدليل الشافي 1/ 197.
[5] وقال الصفدي: وكان الأمير علاء الدين طيبرس الوزير نائب السلطنة
بالشام إذا غاب عن دمشق في بعض المهمات استنابه، عنه في دار العدل
ونيابة السلطنة.
[6] انظر عن (الحسن بن محمد) في: ذيل الروضتين 216، وفيه: «العز الضرير
الإربلي» ، وذيل مرآة الزمان 1/ 501- 504، و 2/ 165- 169، والعبر 5/
259، 260، وسير أعلام النبلاء 23/ 353، 354 رقم 253، والإشارة إلى
وفيات الأعيان 358، والوافي بالوفيات 12/ 247- 251 رقم 226، وفوات
الوفيات 1/ 362- 365 رقم 131، وعيون التواريخ 20/ 268- 272، والبداية
والنهاية 13/ 235، ونكت الهميان 142- 144، وعقد الجمان (1) 338،
(48/411)
الإربليّ، الرّافضيّ، المتكلّم، الفيلسوف،
العِزّ، الضّرير.
كَانَ بارعا فِي العربيّة والأدب، رأسا فِي علوم الأوائل. كَانَ بدمشق
منقطعا فِي منزله يُقرئ المسلمين وأهل الكتاب والفلاسفة. وله حرُمة
وافرة وهيبة.
وكان يهين الرُّؤساء وأولادهم بالقول، إلّا أَنَّهُ كَانَ مجرما، تاركا
للصّلاة، فاسد العقيدة، يبدو منه ما يُشعِر بانحلاله.
قَالَ شيخنا قُطْبُ الدّين [1] فيه مثل هذا، وقال: كَانَ قذِرًا، رَزِي
الشّكل، قبيح المنظر، لَا يتوقّى النّجاسات. ابتُلى مَعَ العَمَى
بقُرُوح وطُلُوعات. وكان ذكيّا، جيّد الذّهن، حَسَن المحاضرة، جيّد
النّظم [2] وكان يصرّح بتفضيل عَلِيّ عَلَى أبي بَكْر رضي الله عنهما.
ولمّا قِدم القاضي شمس الدّين ابن خلّكان ذهب إِليْهِ، فلم يحتفل بِهِ،
فأهمله القاضي وتركه.
قَالَ: وله قصيدةٌ فِي العزّ ابن معقِل الحمصيّ يمدحه. وله هجو خبيث.
وذكر عزّ الدّين ابن أبي الهيجا قَالَ: لازَمْتُ العزّ الضّرير يوم
موته فقال:
هذه البنية قد تحلّلت، وَمَا بقي يُرجَى بقاؤها، واشتهي رُز [3]
بلَبَن. فعمل لَهُ وأكل منه، فلمّا أحسّ بشروع خروج الرّوح قَالَ: خرجت
الرّوح من رجلي، ثُمَّ قَالَ: وصَلَتْ إلى صَدْري. فلمّا أراد الله
المفارقة بالكلّية تلا هذه الآية:
__________
[ () ] والنجوم الزاهرة 7/ 207، 208، وبغية الوعاة 1/ 518، 519 رقم
1074، وشذرات الذهب 5/ 301 وفيه اسمه: «الحسين» وهو خطأ، والمنهل
الصافي 5/ 123- 125 رقم 926، والدليل الشافي 1/ 268.
[1] لم يرد في المطبوع من تاريخ إربل.
[2] ومن نظمه في السلوان:
ذهبت بشاشة ما عهدت من الجوى ... وتغيّرت أحواله وتنكرا
وسلوت حتى لو سرى منه نحوكم ... طيف لما حياه طيفي في الكرى
وله:
توهم واشينا قليل مزاره ... فهم ليسعى بيننا بالتباعد
فعانقته حتى اتّحدنا تعانقا ... فلما أتانا ما رأى غير واحد
[3] الصواب: «وأشتهي رزّا» .
(48/412)
أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ
اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ 67: 14 [1] . ثُمَّ قَالَ: صدق الله وكَذَبَ
ابنُ سينا.
ثُمَّ مات فِي ربيع الآخر، ودُفِن بسفح قاسيون.
وولد بنصيبين سنة ستّ وثمانين وخمسمائة.
قلت: روى عَنْهُ من شِعْره وأدبه: الدّمياطيّ، وابن أبي الهَيْجا، وشمس
الدّين محمد بْن عَبْد القويّ الحَنْبليّ، وغيرهم.
وحكى ابن عَبْد القويّ أَنَّهُ سمعه يَقُولُ: أَنَا عَلَى عقيدة علماء
الحنابلة.
528- الحُسَيْن بْن أبي حامد عَبْد الله بْن أبي طَالِب عَبْد
الرَّحْمَن بْن الحَسَن بْن العَجَميّ.
أبو عَبْد الله الحلبيّ.
ولد سنة أربع وستّمائة، وسمع من الافتخار الهاشميّ، وغيره.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، والأبيورديّ، وآحاد الطلبة.
ومات كهلا.
تُوُفّي فِي ذي الحجّة.
- حرف الخاء-
529- الخَضِر بْن أبي بَكْر [2] بْن أحمد.
القاضي كمال الدّين الكرديّ، قاضي المقس [3] .
قَالَ قُطْبُ الدّين [4] : كَانَ محتَرمَا عند المُلْك المُعِزّ، فعلق
بِهِ حُب الرّئاسة، فصنع خاتما وجعل تحت فَصه وُرَيْقَة فيها أسماء
جماعة عندهم، فيما
__________
[1] سورة الملك، الآية 14.
[2] انظر عن (الخضر بن أبي بكر) في: ذيل الروضتين 217، 218 وذيل مرآة
الزمان 2/ 170- 172، والوافي بالوفيات 13/ 331، 332 رقم 411، وعيون
التواريخ 20/ 272، 273، والمنهل الصافي 5/ 216، 217 رقم 989، والدليل
الشافي 1/ 287 رقم 986، والمقفّى الكبير 3/ 791- 793 رقم 1395، وعقد
الجمان (1) 335، 336.
[3] في ذيل الروضتين: «قاضي المقيس» . والمقس: بين يدي القاهرة على
النيل وفيه حصن ومدينة قبل بناء الفسطاط فتحها عمرو بن العاص سنة 20
هـ.
[4] في ذيل مرآة الزمان.
(48/413)
زعم، ودائع للوزير الفائزيّ، وأظهر أن
الخاتم للفائزيّ، وأنّ تِلْكَ الوريقة تذكِرة. ثُمَّ أظهر بذلك التقرب
إلى السُّلطان، ودخل فِي أذِية النّاس. وجرت لَهُ خُطُوبٌ بمصر ثُمَّ
وَضَح أمرُه، فصُفِع وحُبِس [1] .
وكان فِي الحبْس شخص يدعي أَنَّهُ من أولاد الخلفاء وكانت الأمراء
والأجناد الشَّهْرَزُورية أرادت مُبايعته بغزّة، فلم يتم ذَلِكَ، فلما
جمعه الحبْس تكلم معه فِي تمام أمره، فمات العبّاس فِي الحبْس وله
وُلِد، فخرج الكمال الكُردي، فأخذ فِي السعي لولده وتحدث مَعَ جماعةٍ
من الأعيان، وكتب مناشِير وتواقيع بأمور، واتّخذ بُنُودًا، فبلغ ذَلِكَ
السُّلطان، وألّب عَلَيْهِ الوزير وغيرهُ، فشُنِق، وعُلقت البنود
والتواقيع فِي حلقة.
وشُنِق بمصر فِي جُمادى الآخرة [2] .
- حرف العين-
530- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن الحُسَيْن بْن
عَبْد المجيد بْن أحمد بْن الحَسَن بْن حديد.
أبو الفضل ابن أبي طَالِب الكنانيّ، الإسكندرانيّ.
وُلِد سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة.
وسمع من: عبد الرحمن بن موقا، وعبد الرحمن عتيق ابن باقا.
وقد حدَّث من بيته جماعة.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وشعبان الإربليّ.
وهو أخو الحُسَيْن.
توفّي في رمضان بالإسكندريّة.
__________
[1] فقال فيه بعض شعراء عصره:
ما وفق الكمال في أفعاله ... كلا ولا سدد في أقواله
يقول من أبصره يصكّ ... تأديبا على ما كان من محاله
قد كان مكتوبا على جبينه ... فقلت: لا، بل كان في قذاله
[2] في المقفى الكبير 3/ 793 شنق في سنة 659 هـ.
(48/414)
531- عَبْد اللَّه بْن عَبْد الملك [1] بْن
عُثْمَان بْن عَبْد اللَّه بن سعد.
الجمال، أبو أحمد المقدسيّ، الصّالحي، الحَنْبليّ.
سَمِعَ من: محمود بْن عَبْد المنعم القلانسيّ، وعمر بْن طَبَرْزَد،
وعبد المجيب بْن زُهير، وجماعة.
روى عَنْهُ: ابن الحُلْوانية، والدّمياطيّ، وابن الخبّاز، وابن
الزّرّاد، وآخرون.
ومات فِي جُمَادَى الأولى.
قَالَ أبُو شامة: يُعرف بعَفْلَق.
532- عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الباقي [2] بْن الخَضِر.
تاج الدّين ابن النّجّار، الحنفيّ [3] .
فقيه بارع، مدرس. وكان يشهد تحت السّاعات [4] .
مات فِي جُمَادَى الأولى.
533- عَبْد الرَّحْمَن بْن عبد الواحد [5] بن إسماعيل بن سلامة بْن
صَدَقة.
الرّئيس شَرَفُ الدّين الحرانيّ، ثُمَّ الدّمشقيّ، المعدّل، التّاجر.
كَانَ ذا دِين وتجمل ومعروف.
ولد سنة ثمان وتسعين وخمسمائة بدمشق.
وسمع من: حنبل، وغيره.
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن عبد الملك) في: ذيل الروضتين 217.
[2] انظر عن (عبد الرحمن بن عبد الباقي) في: ذيل الروضتين 217.
[3] لم يذكره ابن أبي ألوفا القرشي في: الجواهر المضيّة في طبقات
الحنفية.
[4] وقال أبو شامة: وكان أحد شهود باب الجامع، ومدرّسا في بعض مناصب
الحنفية رحمه الله.
وهو الّذي كان عقد نكاحا على مذهبه بإذن الصدر بن سنيّ الدولة الحاكم
الشافعيّ، ثم أذن الصدر لنائبه الكمال التفليسي في نقضه فنقضه وجرى في
ذلك إنكار عظيم على الناقض والآذن، وصنف في ذلك تصنيفا، فانتصر التفليس
لما حكم به بجمع جزء فنقضه عليه بتصنيف آخر. صليت عليه إماما ظاهر باب
الفراديس، واتفق حينئذ عبور نائب السلطنة بدمشق وأعمالها والحاج علاء
الدين طيبرس الوزيري فترجّل وصلّي معنا عليه.
[5] انظر عن (عبد الرحمن بن عبد الواحد) في: ذيل الروضتين 218 وفيه:
«عبد الرحمن بن صدقة» .
(48/415)
روى عَنْهُ: النّجم إسماعيل بْن الخبّاز
وغيره.
ومات فِي رجب [1] .
534- عَبْد العزيز بْن عَبْد السلام [2] بْن أبي القاسم بْن الحَسَن
شيخ الإسلام، وبقيةُ الأئمّة الأعلام، أبو محمد السُّلَميّ، الدّمشقيّ،
الشافعيّ.
وُلِد سنة سبْعٍ أوْ ثمانٍ وسبعين وخمسمائة.
وحضر: أبا الحُسَيْن أحمد بْن حمزة بْن الموازينيّ، والخُشُوعيّ.
وسمع: عَبْد اللّطيف بْن إسماعيل الصّوفيّ، والقاسم بن عليّ بن
__________
[1] وقال أبو شامة: وفي ثامن رجب توفي الشرف عبد الرحمن بن صدقة وكان
من أترابي ورفقائي في تلقّن القرآن العظيم عند العفيف الضرير محمود شيخ
القاضي الخويي. وفي المدرسة الأمينية أيام الجمال المصري.
[2] انظر عن (عبد العزيز بن عبد السلام) في: ذيل الروضتين 216، ونهاية
الأرب 30/ 66- 77، وذيل مرآة الزمان 1/ 505، 506، وتالي كتاب وفيات
الأعيان للصقاعي 95، رقم 142 والمختصر في أخبار البشر 3/ 215، والدرّة
الزكية 93، والوفيات لابن قنفذ 327، 660، والإعلام بوفيات الأعلام 276،
والعبر 5/ 260، والإشارة إلى وفيات الأعيان 358، والمعين في طبقات
المحدّثين 210 رقم 2201، ودول الإسلام 2/ 166، وتاريخ ابن الوردي 2/
215، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 197- 199، وطبقات الشافعية الكبرى
للسبكي 5/ 80- 107 (8/ 209- 255) ، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة
175 ب، 176 أ، والبداية والنهاية 13/ 235، 236، ومرآة الجنان 4/ 153-
158، وطبقات الشافعية للمطري، ورقة 196 ب، وفوات الوفيات 2/ 350- 352،
وذيل التقييد للفاسي 2/ 128 رقم 1287، والوافي بالوفيات 18/ 520- 522،
وتاريخ علماء بغداد لابن رافع السلامي 104، 107، والسلوك ج 1 ق 2/ 476،
وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 440- 442 رقم 412، والدليل الشافي
1/ 416، والمنهل الصافي 7/ 286- 289 رقم 143 والنجوم الزاهرة 7/ 208،
وحسن المحاضرة 1/ 314، 316، وتاريخ الخلفاء، 483، وطبقات المفسّرين
للداوديّ 1/ 308- 323، وطبقات الشافعية لابن هداية الله 222، 223،
ومفتاح السعادة لطاش كبرى 2/ 212، وشذرات الذهب 5/ 301، 302، وبدائع
الزهور ج 1 ق 1/ 317، 318، والأعلام 4/ 124، وتاريخ ابن سباط 1/ 406،
وعقد الجمان (1) 338، 339، وكشف الظنون 92، 116، 220، 260، 399، 439،
453، 883، 1027، 1081، 1143، 1158، 1219، 1359، 1360، 1590، 1780،
1817، 1855، 1985، وإيضاح المكنون 1/ 84، 167، 631، وهدية العارفين 1/
580، وديوان الإسلام 3/ 289، 290 رقم 1443، وفهرس المخطوطات المصورة
249، 287، ومعجم المؤلفين 5/ 249، ودرّة الأسلاك 1/ ورقة 29، وعيون
التواريخ 20/ 274.
(48/416)
عساكر، وعمر بْن طَبَرْزَد، وحنْبل المكبر.
وأبا القاسم عَبْد الصمد بْن الحَرَسْتاني، وغيره.
وخرّج لَهُ شيخنا الدّمياطيّ أربعين حديثا عوالي.
روى عنه: شيوخنا العلّامة أبو الفتح ابن دقيق العيد، وأبو محمد
الدّمياطيّ، وأبو الحُسَيْن اليُونيني، وأبو العبّاس أحمد بْن فرح،
والقاضي جمال الدّين محمد المالكيّ، وأبو موسى الدُّويْداري، وأبو
عَبْد الله بْن بهرام الشّافعيّ، والمصريون.
وتفقه عَلَى الإمام فخر الدّين بْن عساكر، وقرأ الأصول والعربية. ودرّس
وأفتى وصنف، وبرع فِي المُذْهب، وبلغ رتبة الاجتهاد. وقصده الطلبة من
البلاد.
وانتهت إِليْهِ معرفة المُذْهب ودقائقه، وتخرج بِهِ أئمّة.
وله التّصانيف المفيدة، والفتاوي السديدة. وكان إماما، ناسكا، ورِعًا،
عابدا، أمّارا بالمعروف، نهاء عَن المنكر، لَا يخاف فِي الله لومة
لائم.
ذكره الشريف عزَّ الدّين، فقال: حدَّث، ودرس، وأفتى، وصنف.
وتولى الحُكم بمصر مدة والخطابة بجامعها العتيق. وكان علم عصره فِي
العِلْم، جامعا لفُنُون متعددة، عارِفًا بالأصول والفروع والعربية،
مُضافًا إلى ما جُبل عليه من ترك التكلّف، مَعَ الصلابة فِي الدين [1]
.
وشُهرتُه تُغني عَن الأطناب فِي وصفه.
قلت: وولي خطابة دمشق بعد الدّولعيّ. فلمّا تسلطن الصالح إسماعيل وأعطى
الفِرَنْجَ الشقيف وصَفَدَ نال منه ابنُ عَبْد السلام عَلَى المِنْبَر،
وترك الدّعاء لَهُ، فعزله الصالح وحبسه، ثُمَّ أطلقه، فنزح إلى مصر،
فلما قدِمها تلقّاه الصالح نجمُ الدّين أيّوب وبالغ في احترامه إلى
الغاية.
واتفق موتُ قاضي القضاة شرف الدّين ابن عين الدّولة، فولي قاضي
__________
[1] وكان ينظم الشعر، ومن شعره قوله في إمام:
وبارد النيّة عنينها ... يكرر الرعدة والهزة
مكبر سبعين في وقفة ... كأنّما صلى على حمزة
(بدائع الزهور ج 1 ق 1/ 318) .
(48/417)
القُضاة بدر الدّين السنجاريّ، وولي قضاء
مصر نفسها والوجه القِبلي للشيخ عزَّ الدّين، مَعَ خطابة جامع مصر.
ثُمَّ إنّ بعض غلمان وزير الصالح المولى مُعِين الدّين ابن الشَّيْخ
بنى [1] بنيانا عَلَى سطح مسجد مصر، وجعل فيه طَبْلَ خاناه مُعِين
الدّين، فأنكر الشَّيْخ عزَّ الدّين ذَلِكَ، ومضى بجماعته وهدم البناء.
وعَلَم أنّ السُّلطان والوزير يغضب من ذَلِكَ، فأشهد عَلَيْهِ بإسقاط
عدالة الوزير، وعزل نفسه عَن القضاء، فعظُم ذَلِكَ عَلَى السُّلطان.
وقيل لَهُ: أعزله عَن الخطابة وإلّا شنع عَلَى المِنْبر كما فعل بدمشق.
فعزله فأقام فِي بيته يشغل النّاس.
وكانت عند الأمير حسام الدّين بْن أَبِي عليّ شهادة تتعلّق بالسُّلطان
فجاء لأدائها عنده، فنفذ يَقُولُ للسلطان: هذا ما أقبلُ شهادته. فتأخرت
القضية، ثُمَّ أثْبِتَت عَلَى بدر الدّين السنجاريّ.
وله من هذا الجنس أفعالٌ محمودة.
وقد رحل إلى بغداد سنة سبع وتسعين وخمسمائة، وأقام بها أشهرا.
وذكر عَبْد المُلْك بْن عساكر فِي جزء، ومن خطّه نقلتُ، أنّ الشَّيْخ
عزَّ الدّين لما وُلّي خطابة دمشق فرح بِهِ المسلمون، إذ لم يصعد هذا
المنبر من مدةٍ مديدةٍ مثله فِي عِلْمه وفقهه. كَانَ لَا يخاف فِي الله
لومة لائم لقوّة نفسه وشدّة تقواه، فأمات من البِدَع ما أمكنه، وغير ما
ابتدعه الخُطباء وهو لبس الطيلسان للخطبة والضرب بالسّيف ثلاث مرّات.
فإذا قعد لم يؤذن إلا إنسان واحد.
وترك الثناء ولزِم الدّعاء.
وكانوا يقيمون للمغرب عند فراغ الأذان، فأمرهم أن يلبثوا حتى يفرغ
الأذان فِي سائر المساجد.
وكانوا دُبُر الصَّلَاةُ يقولون: «إنّ الله وملائكته» فأمرهم أن
يقولوا: «لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ» .
للحديث.
وقد أرسل، لما مرض، إِليْهِ السُّلطان الملكُ الظاهر يَقُولُ لَهُ:
عين.
__________
[1] في الأصل: بنا.
(48/418)
مناصِبَك لمن تريد من أولادك. فقال: ما
فيهم مَن يَصْلُح. وهذه المدرسة الصالحية تصلُح للقاضي تاج الدين،
ففوضت إِليْهِ بعده.
قَالَ الشَّيْخ قُطْبُ الدّين [1] : كَانَ رحمه الله، مَعَ شدّته، فيه
حُسْن محاضرة بالنوادر والأشعار، وكان يحضر السَّماع ويرقص ويتواجد.
مات رحمه الله فِي عاشر جُمَادَى الأولى سنة ستين، وشهد جنازته المُلْك
الظاهر والخلائق.
وقال أبو شامة [2] : شيعه الخاصّ والعام، ونزل السُّلطان، وعُمِل عزاؤه
فِي الخامس والعشرين من الشهر بجامع العقيبة، رحمه الله.
535- عَبْد العزيز بْن عطاء الله بْن عمّار بْن محمد.
الهاشميّ، الإسكندراني. كَانَ أمارا بالمعروف، نهاء عَن المُنْكَر. وله
فِي ذَلِكَ محن، رحمه الله.
536- عَبْد العزيز ابن الشَّيْخ الواعظ المؤرّخ، شمس الدّين يوسف [3]
بْن زُغْلي [4] بْن الجوزي.
الْفَقِيهُ عزَّ الدّين الحنفيّ.
درّس بعد أَبِيهِ ووعظ. وكانت فيه أهلية فِي الجملة.
مات فِي شوال.
537- عَبْد الوهّاب بْن زين الأُمناء [5] أَبِي البركات الحَسَن بْن
مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن هِبَة اللَّه.
__________
[1] في ذيل مرآة الزمان 1/ 505.
[2] في ذيل الروضتين 216.
[3] انظر عن (عبد العزيز بن يوسف) في: ذيل الروضتين 219، والجواهر
المضية 2/ 441 رقم 837، والدارس 1/ 552، وذيل مرآة الزمان 1/ 513،
والطبقات السنية، رقم 1274، والوافي بالوفيات 18/ 567 رقم 568، والنجوم
الزاهرة 7/ 208، والمنهل الصافي 2/ 333، وعقد الجمان (1) 344، وشذرات
الذهب 5/ 302.
[4] زغلي: أصلها قزوغلي أو قزأغلي: بكسر القاف وسكون الزاي ثم همزة
مضمومة وغين معجمة ساكنة ولام مكسورة وياء. وأحيانا تحذف الألف والواو،
فتكتب: قزغلي، بكسر القاف وضم الزاي وسكون الغين المعجمة. واللفظ تركي
بمعنى «السبط» أي ابن البنت.
[5] انظر عن (عبد الوهاب بن زين الأمناء) في: ذيل الروضتين 216، وذيل
مرآة الزمان 1/ 513، و 2/ 176، ومشيخة ابن جماعة 1/ 375- 377 رقم 42،
والعبر 5/ 260، 261، ومرآة الجنان 4/ 153، وعيون التواريخ 20/ 274،
والوافي بالوفيات 19/ 297 رقم 278،
(48/419)
تاج الدّين، أبو الحسن بن عساكر الدّمشقيّ،
الشّافعي، والد الشيخ أمين الدّين عبد الصمد.
ولد سنة إحدى وتسعين وخمسمائة.
وسمع الكثير من: الخُشُوعيّ، والقاسم بْن الحافظ، وعبد اللطيف بْن أبي
سَعْد، وجعفر بْن محمد العباسيّ الحافظ، وأبي جعفر القُرْطُبيّ، وابن
ياسين، والدولعيّ، وحنبل، وابن طَبَرْزَد، ومحمد بْن سيدهم، والكنديّ،
وطائفة.
وولي مشيخة دار الحديث النورية بعد والده، وحضره لما جلس الأكابرُ
والحفاظ.
روى عَنْهُ: العلامة تاجُ الدّين، وأخوه الخطيب شَرَفُ الدّين،
والعلامة تقيّ الدّين ابن دقيق العيد، والحافظ أبو محمد التونيّ، وابن
الزّراد، ومحمد بْن المُحِبّ، ومحمد ابن خطيب بيت الأبار، وجماعة.
وحدَّث بمصر، ورحل منها للحجّ ولزَيارة ولده، فحجّ وجاوَرَ قليلا.
وكان دينا، صالحا، فاضلا، من بيت الحديث والعِلم.
تُوُفّي بمكة فِي حادي عشر جُمَادَى الأولى.
538- عُبَيْد بْن هارون بْن عُبَيْد الله.
أبو محمد العوفيّ، ثُمَّ الصّالحيّ، الحَنْبليّ، المقرئ، الرّجل
الصالح.
سَمِعَ من: أبي القاسم بْن الحَرَسْتاني، وهبة الله بْن طاوس، وحمزة بن
أبي لقمة، والشّيخ الموفق وجماعة.
حدث عَنْهُ: ابن الخباز والعماد بْن البالِسي، والشمس بْن الزراد،
وآخرون.
ومات فِي السادس والعشرين من رمضان.
539- عثمان بْن إبراهيم بْن خَالِد بْن محمد بْن سَلْم.
أبو عَمْرو النابلسيّ الأصل، المصريّ، الكاتب.
__________
[ () ] والعقد الثمين 5/ 532- 534 رقم 1910، وذيل التقييد 2/ 158 رقم
1346، والدارس 1/ 105، 106، وشذرات الذهب 5/ 302، وعقد الجمان (1) 344.
(48/420)
ولد سنة ثمان وثمانين وخمسمائة.
وسمع بدمشق من: حنبل، وغيره.
وتقلّب فِي الخِدَم الدّيوانية.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، ولقبه بعلاء الدّين.
تُوُفّي فِي جُمَادَى الأولى.
540- عليُّ بْن مُحَمَّد [1] بْن إبراهيم بْن محمد بْن إبراهيم بْن
إسماعيل بْن العبّاس بْن الحَسَن بْن العبّاس بْن الحَسَن بْن
الحُصَيْن بْن علي بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن إِسْمَاعِيل بْن جَعْفَر
الصادق بْن مُحَمَّد الباقر.
الشريف، السّيّد، بهاء الدّين، أبو الحسن العلويّ، الحسينيّ،
الدّمشقيّ، النقيب، المعروف بابن أبي الْجِنّ.
وُلِد في شعبان سنة تسع وسبعين وخمسمائة.
وسمع حضورا من: ابن صَدَقة الحرانيّ، ويحيى الثَّقَفيّ، وأبي الفوارس
بْن شافع.
روى عَنْهُ: ابن الحُلْوانية، والدّمياطيّ، وابن الخبّاز، وأبو الحَسَن
الكِنْديّ، وأبو الحَسَن بْن الشاطبيّ، وعبد الرَّحْيم بْن مَسْلَمة
الجنائزيّ، وطائفة.
وكان رئيسا نبيلا، سريا سنّيا.
تُوُفّي فِي الثَّانِي والعشرين من رجب، ودُفِن بتربته التي بالدّيماس
بدمشق.
541- عُمَر بْن أحمد [2] بْن أبي الفَضْلِ هبة الله بن أبي غانم محمد
بن
__________
[1] انظر عن (علي بن محمد) في: ذيل الروضتين 218، والعبر 5/ 261،
والإشارة إلى وفيات الأعيان 358، والإعلام بوفيات الأعلام 276، والوافي
بالوفيات 21/ 422 رقم 298، وشذرات الذهب 5/ 303.
[2] انظر عن (عمر بن أحمد) في: ذيل الروضتين 217، وعقود الجمان في
شعراء أهل هذا الزمان لابن الشعار 5/ 203، ومعجم الأدباء 16/ 5- 57 رقم
1، وتالي كتاب وفيات الأعيان للصقاعي 95، 96، رقم 143، وحوادث الزمان
وأنبائه ووفيات الأكابر والأعيان من أبنائه، المعروف بتاريخ ابن الجزري
(مخطوطة كوبريلي) ورقة 395 حسب ترقيم المخطوطة،
(48/421)
هبة الله ابن قاضي حلب أبي الحَسَن أحمد
بْن يحيى بْن زهير بْن هارون بْن موسى بْن عيسى بْن عَبْد الله محمد
بْن أبي جرادة عامر بْن ربيعة بْن خُوَيْلد بْن عَوْف بْن عامر بْن
عقيل.
الصاحب، العلامة، رئيسُ الشام، كمال الدّين، أبو الحَسَن القَيْسي،
الهوازنيّ، العُقَيْليّ، الحلبيّ، المعروف بابن العديم، ولد القاضي
العالِم أبي الحَسَن ابن القاضي أبي الفَضْلِ خطيب حلب.
وُلِد سنة ثمانٍ [1] ، أوْ ثلاث، وثمانين وخمسمائة.
وسمع من: أَبِيهِ، ومن: عمّه أبي غانم محمد، وعمر بْن طَبَرْزَد
والإفتخار الهاشميّ، وأبي اليمن الكِنْديّ، وأبي القاسم الحَرَسْتاني،
وهبة الله بن طاوس، والشمس أحمد بن عد الله العطّار، وأبي عَبْد الله
بْن البناء، وثابت بْن مشرف، وأبي منصور ابن عساكر الْفَقِيهُ، وبهرام
الأتابكيّ، والبهاء عَبْد الرَّحْمَن، وأحمد بْن أبي اليُسْر، وأبي
محمد بْن البنّ، وابن صَصْرَى، وابن راجح، والشّيخ العماد إبراهيم بْن
عَبْد الواحد، والشّيخ فخر الدّين ابن تيمية، وعبد العزيز بْن هلاكه،
ومحمد بْن عُمَر العثمانيّ، وأبي عَلَى الاوقيّ، وأبي محمد بْن علوان،
وخلق كثير بحلب، ودمشق، والقدس، والحجاز والعراق.
__________
[ () ] وورقة 471، حسب ترقيمنا وتحقيقنا. في ذكر الاناشيد، آخر وفيات
سنة 735 هـ. وذيل مرآة الزمان 1/ 510 و 2/ 177، والمختصر في أخبار
البشر 3/ 215، 216، وفيه: «كمال الدين عمر بن عبد العزيز» ، ونهاية
الأرب 30/ 77، ودول الإسلام 2/ 166، والمعين في طبقات المحدّثين 210
رقم 2202، والإعلام بوفيات الأعلام 276، والعبر 5/ 261، والإشارة إلى
وفيات الأعيان 358- 279، وتاريخ ابن الوردي 2/ 215، ومرآة الجنان 4/
158، 159، والوافي بالوفيات 21/ 421- 426 رقم 303، وعيون التواريخ 20/
275، وفوات الوفيات 2/ 200 وفيه وفاته سنة 666 هـ، والبداية والنهاية
13/ 236، والجواهر المضية 1/ 386، وعقود الجمان للزركشي، ورقة 237 ب،
والسلوك ج 1 ق 2/ 476، والنجوم الزاهرة 7/ 208، وحسن المحاضرة 1/ 466،
وشذرات الذهب 5/ 303، وتاريخ ابن سباط 1/ 406، وعقد الجمان (1) 339-
342، وتاج التراجم لابن قطلوبغا 48 رقم 143، وكشف الظنون 30، 249، 291،
337، 729، 757، 952، 1090، 1416، وهدية العارفين 1/ 787، وفهرس
المخطوطات المصورة 2/ 20، 79، وأعيان الشيعة 42/ 222، وفهرس مخطوطات
الموصل 121، وديوان الإسلام 3/ 330، 331 رقم 1505، والأعلام 5/ 40،
ومعجم المؤلفين 7/ 275، وإعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء 4/ 444- 472
رقم 251، ودرة الأسلاك 1/ ورقة 30.
[1] بها ورّخه النويري 30/ 77 في العشر الأول من ذي الحجّة.
(48/422)
وأجاز لَهُ أبُو رَوْح الهَروي، والمؤيد
الطوسيّ، وطائفة.
وكان عديم النّظير. فضلا ونبلا وذكاء وزكاء ورأيا ودهاء ومنظرا ورِداء
وجلالة وبهاء.
وكان محدثا حافظا، ومؤرّخا وصادقا، وفقيها مفتيا، ومُنشِئًا بليغا،
وكاتبا مجودا، درّس وأفتى وصنف وترسل عَن الملوك [1] .
وكان رأسا فِي كتابة الخط المنسوب، وبه عرض الصاحبُ فتُحُ الدّين عَبْد
الله بْن محمد بْن القيسرانيّ حيث يَقُولُ، وقد سمعتُه منه:
بوجه معذّبي آياتُ حُسْنٍ ... فقُلْ ما شئتَ فيه ولا تحاشي
ونسخة حُسْنِه قُرِئتْ فمنحت ... وها خط الكمالِ عَلَى الحواشي.
ذكره شيخُنا الدّمياطيّ فأطنب فِي وصفه، وقال: وُلّي قضاءَ حلب خمسة من
آبائه مُتتالية، وله الخطّ البديع والخطّ الرّفيع والتّصانيف الرائقة.
منها «تاريخ حلب» [2] ، أدركَتْه المَنِية قبل إكمال تبييضه. وكان
بارّا بي، حفِيًا محسنا إلي،
__________
[1] وكان شاعرا أيضا، وكان قدم إلى مصر لما جفل الناس من التتر ثم عاد
بعد خراب حلب إليها، فلما نظر ما فعله التتر من خراب حلب وقتل أهلها
بعد تلك العمارة قال في ذلك قصيدة طويلة فيها:
هو الدهر ما تبنيه كفاك يهدم ... وإن رمت إنصافا لديه فتظلم
أباد ملوك الفرس جمعا وقيصرا ... وأصمت لدى فرسانها منه أسهم
وأفنى بني أيوب مع كثرة جمعهم ... وما منهم إلّا مليك معظم
وملك بين العبّاس زال ولم يدع ... لهم أثرا من بعدهم وهم هم
وأعتابهم أضحت تداس وعهدها ... تبأس بأفواه الملوك وتلثم
وعن حلب ما شئت قل من عجائب ... أحلّ بها يا صاح إن كنت تعلم
ومنها:
فيا لك من يوم شديد لغامه ... وقد أصبحت فيه المساجد تهدم
وقد درست تلك المدارس وارتمت ... مصاحفها فوق الثرى وهي ضخم
وهي طويلة وآخرها:
ولكنما الله في ذا مشيئة ... فيفعل فينا ما يشاء ويحكم
(المختصر في أخبار البشر) .
[2] له كتابان عن حلب، أحدهما: «زبدة الحلب من تاريخ حلب» حققه الدكتور
سامي الدهان، ونشره المعهد الفرنسي بدمشق، والآخر: «بغية الطلب في
تاريخ حلب» وطبع مؤخّرا بتحقيق الدكتور سهيل زكار، بدمشق. وفيه نقص.
(48/423)
وفيّا يؤثرني عَلَى الأقران. وصَحِبتُه بضع
عشر عاما مقاما وسفرا وانتقالا.
ورافقتُه كرتين من بغداد إلى دمشق. وأخذت عَنْهُ فِي البلاد من عِلمه
ونظْمه، وأخذ عني بِسُر مَن رَأَى. وكان غزير العِلم، خطير القدْر
والأصل.
وقد عدّلني تعديلا ما عدّله أحدٌ من أمثالي. وذلك أنّ قاضي دمشق
التمسني منه ليعدّلني، فامتنع لسبب جرى من القاضي، فطفِق الرَّسُول
يتضرّع إِليْهِ ويسأله حتّى أذِن، فغدوت معه فأخرج لي القاضي ملبوسا
فاخرا من ملابسه، فلبِسْتُه وأشهدني عَلَيْهِ وعدّلني، ورجعت راكبا
عَلَى بغلته إلى منزلي، قدّس الله روحه.
وقال الشّريف عزَّ الدّين: كَانَ كمال الدّين ابن العديم جامعا لفنونٍ
من العِلْم، معظما عند الخاصّة والعامّة. وله الوجاهة التامّة عند
الملوك. وجمع تاريخا كبيرا لحلب أحسن فيه ما شاء. ومات وبعضُه مُسودة
لم يبيّضه، ولو كمّل تبييضه لكان أكثر من أربعين مجلدا. سمعتُ منه
واستفدْتُ بِهِ.
قلت: من نظر فِي «تاريخه» علِم جلالة الرّجل وسَعَة اطّلاعه.
وكان قد ناب في السّلطنة، وعلم عَن المُلْك النّاصر فِي غيبته عَنْ
دمشق.
وذكر فِي «تاريخه» أَنَّهُ دخل مَعَ والده عَلَى المُلْك الظّاهر غازي،
وأنّه هُوَ الَّذِي حَسَن لَهُ جمْع «تاريخ لحلب» .
روى عَنْهُ: ابنه الصاحب مجد الدّين عَبْد الرَّحْمَن، والدّمياطيّ،
والبدر محمد بْن أيّوب التّادفيّ، وعَلَم الدّين الدُّويْداري، وأبو
الفَضْلِ إسحاق الأَسَديّ، وجماعة.
وتُوُفّي إلى رحمة الله فِي العشرين من جُمَادَى الأولى بالقاهرة،
بظاهرها، ودُفِن بسفح المقطم.
542- عُمَر بن علي [1] بن المظفر بن القاسم.
أبو العبّاس النشبيّ [2] ، الربعيّ، الدّمشقيّ، الصّائغ.
__________
[1] ورد ذكر أبيه «علي بن المظفّر» في: المشتبه 1/ 74 و 348، وتوضيح
المشتبه 1/ 500 و 5/ 26. وستأتي ترجمة عمه «نصر الله» برقم (558) .
[2] النشبي: بضم النون وسكون الشين المعجمة وباء موحدة مكسورة. من
نشبة: بطن من قيس.
(48/424)
تُوُفّي قبل عمه نصر الله بأشهُر. وُلِد
سنة إحدى وستّمائة.
وسمع من: الكِنْديّ، وابن الحَرَسْتاني، وحضر: عُمَر بْن طَبَرْزَد،
وستّ الكَتَبَة.
روى عَنْهُ: ابن الخبّاز.
وتُوُفّي بمصر فِي العام.
543- عيسى بْن سليمان [1] بْن رمضان بْن أبي الكرم بْن إبراهيم بْن
عَبْد الخالق.
الرّئيس، ضياءُ الدّين، أبو الروح الثعلبيّ [2] ، بثاء مثلثَة،
الْمَصْرِيّ، القَرافي، الشّافعيّ.
عاش تسعين سَنَةً، وهُوَ آخِرُ من حدَّث عَنْ أبي المعالي منجب
المرشديّ.
روى عَنْهُ «صحيح الْبُخَارِيّ» عَنْ مولاه أبي صادق مرشد المَدِينيّ،
وسماعه منه فِي سنة ثمانٍ وسبعين، وولد فِي أوّل يوم من سنة إحدى
وسبعين وخمسمائة.
كتب عَنْهُ: المصريون كالتّقيّ الإسعردي، والعِزّ الشّريف، وعبد القادر
الصعبيّ، وأبي محمد الدّمياطيّ.
وروى لنا عَنْهُ الشَّيْخ شَعْبان، وغيره.
مات فِي رابع عشر رمضان. وهو والد شيخنا المُعَمَّر بهاء الدّين عليّ
بْن القيم الكاتب.
- حرف الميم-
544- مُحَمَّد بْن أَحْمَد [3] بْن مُحَمَّد بن إبراهيم بْن الحُسَيْن
بْن سُرَاقة.
المحدث، المفيد، العالِم، شَرَفُ الدين، أبو القاسم الأنصاريّ،
الشّاطبيّ، ابن أخي محيي الدّين.
__________
[1] انظر عن (عيسى بن سليمان) في: العبر 5/ 261- 262، والإشارة إلى
وفيات الأعيان 358، وشذرات الذهب 5/ 303.
[2] في العبر، والشذرات: «التغلبي» بالتاء المثناة والغين المعجمة، وهو
تصحيف.
[3] انظر عن (محمد بن أحمد) في: المقفّى الكبير 5/ 249 رقم 1811.
(48/425)
طلب وكتب وعُنِي بالحديث. وسمع بالمغرب،
ومصر.
وكان فاضلا متيقظا، ذكيّا، حريصا، لازما للأَثر.
كتب عَنْ سِبْط السلَفيّ، ومَن بعده.
تُوُفّي فِي ربيع الأوّل. وقد روى شيئا يسيرا.
545- محمد بْن إبراهيم [1] .
الْفَقِيهُ شَمسُ الدّين الكُردي، الشّافعيّ.
والد البدْر يوسف سِبْط ابن أبي اليُسْر.
كَانَ من فُضلاء الشّافعيّة.
درس بالكلاسة. وكان يَصْحَبُ الأميرَ حُسام الدّين ابن أَبِي عليّ.
ورّخه أبو شامة. وابنه فمن عُدُول القاهرة.
546- محمد بْن الحَسَن [2] بْن عُمَر.
القاضي أبو عَبْد الله بْن المجلي [3] ، الأديب.
عاش ثمانين سنة، وله شِعْر فائق. أنشدت لَهُ أبياتا جيّدة.
وتُوُفّي بالمغرب.
أخذ عَنْهُ أبو إسحاق الغافقي، وغيره.
547- محمد بْن دَاوُد [4] بْن ياقوت الصّارميّ [5] .
ناصرُ الدّين، أبُو عَبْد الله. المحدّث أحد الطلبة.
سمع الكثير، وعني بالحديث، ونسخ الاجزاء، وخطه مليح صحيح.
مات كهلا.
__________
[1] انظر عن (محمد بن إبراهيم) في: ذيل الروضتين 218 وفيه «الشمس
الكردي الأعرج» .
[2] انظر عن (محمد بن الحسن) في: الوافي بالوفيات 2/ 355 رقم 821.
[3] في الوافي: «المحلّى» .
[4] انظر عن (محمد بن داود) في: ذيل الروضتين 217، والوافي بالوفيات 3/
63 رقم 957، والبداية والنهاية 13/ 237، وعقد الجمان (1) 343، وذيل
مرآة الزمان 2/ 179.
[5] تصحّفت هذه النسبة إلى: «الصارحي» بالحاء بدل الميم.
(48/426)
وقد سَمِعَ من: كريمة، والسّخاويّ وهذه
الطّبقة.
وما أعلمه حدّث. توفّي في جمادى الآخرة. وكان رجلا جيّدا [1] ، رحمه
الله.
548- محمد بْن سليمان [2] بْن أبي الفَضْلِ بْن أبي الفُتُوح بْن يوسف
بْن يونس.
الشمُس السّديد، أبو عَبْد الله الأنصاريّ، الصَّقَلّيّ، ثُمَّ
الدّمشقيّ، الدّلّال فِي الاملاك.
شيخ مَعْمَر عالي الإسناد، محمود الطريقة، صحيح الرّواية.
سَمِعَ من: ابن صَدَقة الحرّانيّ، وحنبل الرّصافيّ، والخُشُوعيّ،
وإسماعيل الجنزويّ [3] .
وسمع بواسط من: أبي الفتح المندائي، وببغداد من: ابن الأخضر. وقرأ
القرآن بمصر عَلَى أبي الْجُود غياث بْن فارس.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وابن الخبّاز، وابن الزّرّاد، وأبو الحَسَن
عليّ بْن المظفَّر الأديب، والبهاء إبراهيم بْن المقدسيّ، ومحمد بْن
المُحِبّ، وآخرون.
وُلِد فِي ليلة عيد الفطر سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة.
وتُوُفّي فِي الخامس والعشرين من صَفَر.
وقد كتب عَنْهُ ابن الحاجب وأساء الثناء عَلَيْهِ، لكنّه عاش بعد
ذَلِكَ دهرا وانصلح حالُه.
549- محمد بْن عَبْد الله بْن علي.
الْفَقِيهُ، أبو عَبْد الله الأزْديّ، القُرْطُبيّ. شيخ أهل الحديث
بسبتة.
__________
[1] وقال أبو شامة: كان رجلا صالحا، فاضلا، عالما، مفيدا لطلبة الحديث
باذلا كتبه وخطة للمشتغلين سمع كثيرا وكتب مجلدات وأجزاء كثيرة وطبقات
السماع التي بخطّه من أحسن الطباق وأنورها وأصحها.
[2] انظر عن (محمد بن سليمان) في:
العبر 5/ 262، والوافي بالوفيات 3/ 127 رقم 1069، وشذرات الذهب 5/ 303،
304.
[3] الجنزوي: نسبة إلى جنزة. (المشتبه 1/ 278) .
(48/427)
وُلِد فِي سنة ثمانٍ أوْ تسعٍ وستين
وخمسمائة. ونشأ بسبتة فسمع كثيرا من: المُعَمَّر أبي محمد بْن
الحجاريّ، وأبي زكريا الهَوْزَنيّ، والمحدّث أبي عَبْد الله محمد بْن
حَسَن بْن غازي الجابريّ، مِن وُلِد جَابِر بْن عَبْد الله.
وسمع من الجابريّ تواليف كثيرة لِعياض.
وأجاز لَهُ الخُشُوعيّ وجماعة من المشارقة.
وكان صالحا خيرا، تُوُفّي فِي أواخر رمضان.
وروى عَنْهُ: أبو جعفر بْن الزُّبَيْر، وأبو إسحاق الغافقيّ، وخلق.
550- محمد بْن عَبْد الحقّ [1] بْن خَلَف بْن عَبْد الحقّ.
الجمال أبو عَبْد الله الدمشقيّ، الصّالحيّ، الحَنْبليّ، المحتسب
بالصّالحيّة.
وُلِد سنة تسع وثمانين وخمسمائة.
وسمع من: الخُشُوعيّ، وعمر بْن طَبَرْزَد، وجماعة.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وابن الخبّاز، والقاضي تقيّ الدّين سليمان
والعماد بْن البالِسي، والشّمس بْن الزّرّاد، ومحمد بْن المُحِبّ،
ومحمد بْن الصلاح.
تُوُفِّي فِي السّادس والعشرين من جُمَادَى الآخرة. وكان يشهد
بالصّالحيّة وفيه ظرف [2] .
551- محمد بن عُبَيْد الله [3] بْن عليّ.
زينُ الدّين السميريّ، الأصبهانيّ، الصُّوفيّ.
سَمِعَ بمكة من أبي الفُتُوح نصر بن الحصريّ.
وحدّث بمكّة ومصر [4] .
__________
[1] انظر عن (محمد بن عبد الحق) في: الوافي بالوفيات 3/ 218 رقم 1208،
وذيل الروضتين 217 وفيه «جمال الدين محمد عبد الحق بن خلف» .
[2] وقال الصفدي: حسن الأخلاق، يؤرّخ الوقائع والمتجددات والوفيات.
تولّي حسبة جبل الصالحية وتوفي به.
[3] انظر عن (محمد بن عبيد الله) في: المقفّى الكبير 6/ 168 رقم 2637.
[4] في المقفّى: «حدّث بمكة ومصر عن أبي الفتوح نصر بن أبي الفتوح
الحصري بمسند الإمام
(48/428)
ومات ببلد الفيوم فِي أول رمضان.
552- محمد بْن عثمان بْن محمد بْن العلّامة أبي سَعِيد بْن أبي عصرون.
الدّمشقيّ، الملقّب بالْجُنَيْد. عاش ثمانيا وخمسين سنة.
وحدَّث عَنْ أبي الحَسَن بْن روزبه.
وأجاز لَهُ طائفة.
روى عَنْهُ: ابن الخبّاز.
وقد تقدَّم لَهُ ذِكر فِي ترجمة أَبِيهِ [1] .
553- محمد بْن عسكر [2] بْن زيد بن محمد.
الطّبيب، نفيس الدّين، أبو بكر الدّمشقيّ، المعروف بابن الإسكاف.
طبيب فاضل معروف.
سمع من: أبي أحمد عبد الوهاب ابن سكينة.
وحدّث بدمشق ومصر.
روى عنه: الدّمياطيّ، ومجد الدّين ابن الحلوانيّة، وجماعة.
توفّي النّفيس الطّبيب بالقاهرة في الخامس والعشرين من صفر.
ولم يذكره ابن أبي أصيبعة.
وقد سمع من علاء الدّين الكِندي جزءا، والشّيخ شَعْبان.
554- محمد بْن علي بْن الحُسين.
أبو عَبْد اللَّه الطَّبَريّ، الْمَكيّ، المعروف بابن النّجّار.
حدَّث عَنْ: محمد بْن علوان بْن مهاجر.
وهو والد شيخنا يحيى، وأخيه الْفَقِيهُ عَبْد الرَّحْمَن.
مات بمكة في ثاني رجب، رحمه الله.
__________
[ () ] الشافعيّ، عن أبي زرعة طاهر بن محمد المقدسي» .
[1] تقدّمت ترجمته في وفيات سنة 658 هـ. برقم 445.
[2] انظر عن (محمد بن عسكر) في: الوافي بالوفيات 4/ 95 رقم 1574 وقال
الصفدي: ولم يذكره ابن أبي أصيبعة، وهو في: المقفّى الكبير 6/ 230 رقم
2697.
(48/429)
555- محمد بْن أبي نصر [1] فتوح بْن خلّوف
بْن يَخْلَف بْن مصال.
الشَّيْخ المُعَمَّر، المُسْنِدُ، أبو بَكْر الهَمَذَانيّ [2] ،
الإسكندرانيّ. عُرِف بابن عَرَق الموت.
سَمِعَ من: التّاج محمد بْن عَبْد الرحمن المسعوديّ [3] ، وعبد
الرَّحْمَن بْن موقا [4] ، وأجاز لَهُ: أبو الضياء بدر الخذاداذيّ،
والعلّامة أبو سَعْد بْن أبي عصرون، وأبو المجد البانياسيّ، ومحمد بْن
أبي الصَّقْر، والقطب مسعود بْن محمد النَّيْسابوريّ، وأبو الحُسَيْن
ابن الموازينيّ، وعبد المجيد بْن دُليل، وابن كُليْب، وطائفة.
وخرج لَهُ المحدّث أبو المظفَّر منصور بْن سَلِيم «مشيخة» .
ومات فِي جمادى الأولى. وكان من أبناء التسعين.
وقد تفرّد بالرّواية عَنْ غير واحدٍ.
سَمِعَ منه شيخنا أبُو العبّاس ابن الظّاهريّ.
وثنا عَنْهُ الشَّيْخ شَعْبان.
556- محمد بْن محمود [5] بْن أبي زيد.
الحكيم الطّبيب أبو عَبْد الله الرّازيّ، الرصاصي.
شيخ فاضل، تُوُفّي فِي شوّال بالقاهرة، وله أربع وثمانون سنة [6] .
لم يذكره ابن أبي أصيبعة.
__________
[1] انظر عن (محمد بن أبي نصر) في: العبر 5/ 262، والوافي بالوفيات 4/
314، 315 رقم 1859، وشذرات الذهب 5/ 304، والمقفّى الكبير 6/ 503، 504
رقم 3005.
[2] في شذرات الذهب: «الهمدانيّ» بالدال المهملة، ومثله في العبر 5/
62، والمقفّى الكبير.
[3] في المقفّى الكبير 6/ 504 «الإسعردي» ، والمثبت يتفق مع: الوافي
بالوفيات، وشذرات الذهب.
[4] في المقفى الكبير 6/ 305 «موقى» .
[5] انظر عن (محمد بن محمود) في: الوافي بالوفيات 5/ 11 رقم 1965،
والمقفّى الكبير 7/ 138، 139 رقم 3233.
[6] ولد في سنة ست وسبعين وخمسمائة، وحدّث بفوائد. كتب عنه الأبيوردي،
وتوفي بالقاهرة ليلة الإثنين رابع عشر شوال.
(48/430)
557- مهدي.
الصّاحب عمادُ الدّين ابن الوزير نصر الله بْن ناصر بْن مهديّ
العَلَوي، الحَسَني.
مات وله خمسٌ وستّون سنة. وكان شيعيّا.
ما بالحلّة فِي رمضان ودُفِن بمشهد عليّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
- حرف النون-
558- نصر الله بْن مظفر بْن القاسم بْن محمد.
أبو الفتح النشبيّ [1] ، الدّمشقيّ، الصائغ. أخو المحدّث عليّ [2] .
سمعه أخوه من الخُشُوعيّ، وغيره.
وحدَّث. وعاش خمسا وسبعين سنة.
روى عَنْهُ: ابن الحلوانية، وابن الخبّاز، وإسحاق الأَسَديّ، وابن
الزراد، ومحمد بْن المُحِبّ، وجماعة كثيرة.
وحدَّث بدمشق وحلب ومصر.
تُوُفّي بدمشق.
559- نصير بْن نَبا [3] بْن سليمان.
أبُو محمد الْمَصْرِيّ، الزّفتاويّ [4] ، الدفوفيّ [5] ، والد شيخنا
الشّهاب أحمد وعليّ.
وُلِد فِي حدود سنة ثمانين وخمسمائة بمنية زفتا.
وسمع من: أبي الحَسَن عليّ ابن السّاعاتيّ شيئا من «ديوانه» .
__________
[1] تقدم التعريف بهذه النسبة في الترجمة رقم (542) .
[2] انظر عن (علي) في: المشتبه في الرجال 1/ 74 و 348، وتوضيح المشتبه
1/ 500 و 5/ 26 وقد تقدّمت ترجمة ابنه: «عمر» برقم (542) .
[3] انظر عن (نصير بن نبا) في: المشتبه في الرجال 1/ 287، وتوضيح
المشتبه 2/ 99 و 4/ 37 في ترجمة ابنه «أحمد» .
[4] الزفتاوي: نسبة إلى زفتة بمصر.
[5] الدفوفي: بفاءين وضمّ أوله.
(48/431)
كتب عَنْهُ: الشّريف عزَّ الدّين، وابنه
الشّهاب بْن الدفوفيّ، وغيرهما وتُوُفّي فِي ربيع الأوّل بالقاهرة.
- حرف الياء-
560- يحيى بْن عبدُ المُلْك بْن عَبْد الملك بْن يوسُف بْن مُحَمَّد
بْن قُدامَة.
الشَّيْخ شهاب الدّين، أبو زكريّا المقدسيّ، الحَنْبليّ أخو عَبْد
الرّحيم، وهو الأصغر.
ولد سنة إحدى وستّمائة ظنّا.
وسمع من: التّاج الكِنْديّ. وحضر عَلَى ابن طَبَرْزَد.
كتب عَنْهُ: الدّمياطيّ، وابن الخبّاز، وهو من أسباط الشَّيْخ أبي
عُمَر.
مات فِي تاسع صَفَر.
561- يوسف بْن الحكيم موفق الدّين عَبْد اللّطيف بْن يوسف.
شَرَفُ الدّين، أبُو الفَضْلِ، البغداديّ الأصل، الْمَصْرِيّ الوفاة.
سَمِعَ: أَبَاهُ، وابن اللّتّيّ، وجماعة.
وحدَّث بالقاهرة. وكان متوسّط الفضيلة، من أولاد الشّيوخ.
مات فِي خامس ذي القِعْدة بالقاهرة كهلا.
562- يوسف بْن المظفَّر بْن عليّ بْن رافع.
أبُو الحَّجاج الزُّهْرِيّ، الإسكندرانيّ، المقرئ العدل.
وُلِد سنة ثمانٍ وثمانين وخمسمائة.
وسمع من: عَبْد الله بْن عَبْد الجبّار العثماني، وعبد الرَّحْمَن
المقرئ، وابن عماد. ولأبيه ذِكّر ورواية.
563- يوسف بْن يوسف [1] بْن سلامة بن عبد الله.
__________
[1] انظر عن (يوسف بن يوسف) في: ذيل مرآة الزمان 1/ 513- 524 و 2/ 181،
والعبر 5/ 262، وعيون التواريخ 20/ 279- 286، وشذرات الذهب 5/ 304
وفيه: «محيي الدين محمد بن يوسف بن يوسف بن يوسف بن سلامة» . وهو خطأ،
والبداية والنهاية 13/ 236،
(48/432)
الصدر، محيي الدين [1] ابن زبلاق [2] ،
الهاشميّ، العبّاسيّ، المَوْصِليّ [3] ، الكاتب، الشّاعر.
عرف بابن زبلاق. عاش سبْعًا وخمسين سنة.
وكان شاعرا محسِنًا مشهورا، سائر القول [4] . قتلته التّتار حين أخذوا
المَوْصِل فِي شَعْبان.
روى عَنْهُ الدّمياطيّ، وغيره.
- الكنى-
564- أبو بَكْر بْن علي [5] بْن مكارم بْن فتيان.
الشَّيْخ نجم الدّين ابن الإمام الخطيب أبي الحَسَن الأنصاريّ،
الدّمشقيّ، ثمّ المصريّ.
ولد سنة تسع وسبعين وخمسمائة.
وسمع من: البوصيريّ، والأرتاحيّ، وفاطمة بِنْت سَعْد الخير، وزوجها ابن
نجا الواعظ.
وسمع بدمشق من: دَاوُد بْن ملاعب، وغيره.
روى عَنْهُ: الدمياطي، والشريف عز الدين، وعلم الدين الدواداري،
__________
[ () ] والسلوك ج 1 ق 2/ 476، ودرّة الأسلاك 1/ ورقة 31، وفوات الوفيات
3/ 384 رقم 598، وعقد الجمان (1) 342، 343.
[1] كنيته: أبو المعز، ويقال: أبو المحاسن.
[2] في شذرات الذهب: «زيلاق» بالياء المثنّاة.
[3] تصحّفت في البداية والنهاية إلى: «الحوصلي» .
[4] ومن شعره:
بعثت لنا من سحر مقلتك الوسنا ... سهادا يذود الجفن أن يألف الجفنا
وأبرزت وجها أخجل البدر طالبا ... ومست بقدّ علم الهيف الغصنا
وأبصر جسمي حسن خصرك ناحلا ... فحاكاه لكن زاد في دقة المعنى
ومنه:
إني لأقضي نهاري بعدكم أسفا ... وطول ليلي في حزن وتعذيب
جفن قريح وقلب حشوه حرق ... فمن رأى يوسفا في حزن يعقوب؟
وله غيره.
[5] انظر عن (أبي بكر بن علي) في: العبر 5/ 262.
(48/433)
والشّيخ شَعْبان، ويوسف الخَتَني،
والمصريّون.
ومات فِي ثامن المحرَّم. لقبُه: القُبة.
565- أبو العزّ بْن مشرّف [1] بْن بيان.
عزَّ الدين، التّاجر الدّمشقيّ، الملقب بالجردان [2] . والد شيخنا
الشّهاب.
محمد [3] .
مات فِي ذي الحجة.
وفيها وُلِد: شيخنا برهان الدّين أبو إسحاق إبراهيم بْن الشَّيْخ تاج
الدّين عَبْد الرَّحْمَن شيخ الشّافعيّة.
وخطيب حمص علاء الدّين بْن عَبْد الله بْن مكتوم، والبدر حَسَن بْن
عَبْد الرَّحْمَن المراكشيّ، وناصر الدّين محمد بْن أيّوب بْن مكارم
الشّاهد، والشرف عَبْد الحميد بْن محمد بْن الشّيرازيّ، والفخر محمود
بْن عليّ بْن سيما والكمال أحمد بْن محمد بْن حياة الرَّقيّ، وزينب
بِنْت المحدّث إسماعيل بْن الخبّاز، والشّهاب أحمد بن منصور بن
الجوهريّ، الحلبي، ثُمَّ الْمَصْرِيّ، وقطب الدّين إبراهيم بْن المُلْك
المجاهد إسحاق ابن صاحب المَوْصِليّ، والحسن بْن عَبْد الرّزّاق
العسقلانيّ، ثمّ المصريّ. سَمِعَ الثلاثة من النجيب.
ومحمد بْن بكتوت العرويّ، سَمِعَ من ابن علّاق. ومحمد بْن عثمان
المُدْلِجي، سَمِعَ ابن عزون.
وفي سنة ستين ولد علاء الدّين عليّ بن إسماعيل بن أبي العلاء بن
__________
[1] انظر عن (أبي العز بن مشرّف) في: ذيل الروضتين 221 وفيه: «العز
التاجر المعروف بابن مشرف» .
[2] في ذيل الروضتين: «الجرذان» بالذال المعجمة.
[3] لم يذكره المؤلّف- رحمه الله- في معجم شيوخه، ولا في المعجم المختص
بالمحدّثين.
وهو في: أعيان العصر للصفدي (مصوّر) ج 6 ق 1/ 78، 79، ودرّة الحجال في
أسماء الرجال لابن الفرضيّ 2/ 298، وشذرات الذهب 6/ 16، وكتابنا: آثار
طرابلس الإسلامية- طبعة دار الإيمان، طرابلس 1414 هـ-. / 1994 م. - ص
108، 109 وفيه مصادر أخرى.
(48/434)
راشد بن محسن الوتّار، وفخر الدين مُحَمَّد
بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عثمان بن عمر القرشيّ ابن المعلّم
الشّافعيّ في شوّال.
وعليّ بن العزّ عمر في رجب منها.
وعبد الرَّحْمَن بْن عَبْد العزيز بْن مُحَمَّد بْن عَبْد القادر بْن
الصّائغ في جمادى الآخرة، ومحمد بن نجيب بن محمد الخلاطيّ، وأحمد بن
زكري بن أبي عليّ الرسعنيّ في ربيع الأوّل بالقاهرة.
وسليمان بن عبد الرحيم الصّالحيّ العطّار، وحسن بن عبد الرحمن
المراكشيّ.
ووديعة الله بن عليّ بن سيما، ومحمد بن عمر بن أبي القاسم السلاويّ
بالزّاوية، وعبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن محمود المرداويّ بالنيرب.
وفيها ولد نفيس الدّين سلامة بن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الأحد بْن
شُقَير الحرّانيّ التّاجر، في رجب بحرّان، وسيأتي في سنة إحدى، في
شعبان، وكلاهما بخطّ علم الدّين.
هذا آخر الطبقة السادسة والستين من تاريخ الإسلام للحافظ شمس الدين
الذهبي رحمة الله تعالى
(48/435)
(بعون الله وتوفيقه، أنجز العبد الفقير إلى
الله تعالى، طالب العلم وخادمه «أبو غازي عمر عبد السلام تدمري»
الأستاذ، الدكتور في الجامعة اللبنانية، بكلية الآداب والعلوم
الإنسانية، قسم التاريخ، الفرع الثالث، طرابلس، الطرابلسي مولدا
وموطنا، الحنفي مذهبا، هذه الطبقة من «تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير
والأعلام» المؤرّخ الإسلام الحافظ الثقة شمسُ الدين مُحَمَّدُ بْنُ
أَحْمَد بْن عثمان بن قايماز المعروف بالذهبي، المتوفى بدمشق سنة 748
هـ-. رحمه الله تعالى، وضبط نصها وحققها، وعلّق عليها، وأحال إلى
مصادرها، ووثّق مادّتها، وصنع فهارسها، وكان الإنجاز بعد عشاء يوم
الثلاثاء غرّة شهر ذي الحجة سنة 1417 هـ-. الموافق للتاسع من نيسان
(أبريل) 1997 م. وذلك بمنزله بساحة السلطان الأشرف خليل بن قلاوون
(النجمة سابقا) بثغر طرابلس الشام المحروسة، حماها الله وجعلها دار
أمان وسلام وسائر بلاد المسلمين. وجعل الله تعالى هذا العمل خالصا
لوجهه، وليكتب في صحائف أعمال محققه المقر بعبوديّته للواحد الأحد،
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين. والحمد للَّه رب
العالمين) .
(48/436)
|