تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، ت تدمري

 [المجلد التاسع والأربعون (سنة 661- 670) ]
[الطبقة السابعة والستون]
بسم اللَّه الرَّحْمَن الرحيم
ذكْر الحوادث الكائنة في هذه السنين العشر سنة إحدى وستين وستمائة
[تدريس أبي شامة]
في المحرَّم قال أبو شامة [1] : درّست بالرُّكْنيّة الملاصقة للفَلَكيّة.
[سفر الحاكم بأمر الله إلى مصر]
قال: وفي صفر دخل دمشق الخليفة الحاكم بأمر الله الّذي بايعه بُرْلُو [2] بحلب، ثمّ سافر إلى مصر.
[تجريص ابن مؤمن الحنبلي]
وفي رجب جرى على الشّمس محمد بن مؤمن الحنبليّ أمرٌ بتعصُّب جماعةٍ عليه، وحُمِل إلى والي دمشق وهَمَّ بتجريصه.
[بيعة الحاكم بأمر الله بالخلافة]
قال قُطْبُ الدّين [3] : في يوم الخميس ثامن المحرَّم جلس السُّلطان مجلسا عاما، وحضر الحاكم بأمر الله راكبا إلى الإيوان الكبير بقلعة الجبل، وجلس مع
__________
[1] ليس في ذيل الروضتين هذا القول لأبي شامة.
[2] هكذا في الأصل. وهو: «البرلي» كما في المختار من تاريخ ابن الجزري 261، وهو الأمير شمس الدين آقوش. (تاريخ الملك الظاهر 38، 39) .
[3] في ذيل مرآة الزمان.

(49/5)


السّلطان، بسطوا له إلى جانبه، وذلك بعد ثُبُوت نَسَبه، فأقبل عليه السّلطان وبايعه بإمرة المؤمنين. ثمّ أقبل هو على السّلطان الملك الظّاهر وقلّده الأمور.
ثمّ أخذ النّاس يُبايعون الخليفة على طبقاتهم، فلمّا كان من الغد خطب يوم الجمعة خطبة ذكر فيها الجهاد والإمامة وتعرَّض إلى ما جرى من هتك حَرَم الخلافة، ثمّ قال: وهذا السّلطان الملك الظّاهر قد قام بنصر الإمامة عند قلّة الأنصار، وشرَّد جيوش الكُفْر بعد أن جاسوا خلال الدّيار، فبادِروا إلى شُكْر هذه النّعمة ولا يَرُوعَنّكم ما جرى، فالحرب سِجال.
وأوّل الخطبة: «الحمد للَّه الّذي أقام لآل العبّاس رُكنًا وظهيرا» [1] . قال:
ثمّ كتب بدعوته إلى الآفاق. ثمّ خَطَبَ الحاكم جمعة أخرى بعد مدّة. وهو التّاسع والثّلاثون من خُلفاء بني العبّاس. وبقي في الخلافة أربعين سنة وأشْهُرًا [2] .
[غارة صاحب سيس على بعض البلاد]
قال: وفي صفر جمع صاحب سيس تكفُور جَمْعًا وأغار على الفُوعَة، وسرمين، وَمَعَرَة مِصْرين، وأسر من الفوعة ثلاثمائة وثمانين نفسا، فساق وراءه جماعةٌ كانوا مجرَّدين بسرمين فهزموه، وتخلّص بعض الأسرى.
[شفاعة أمّ المغيث بابنها صاحب الكرك]
وفي ربيع الآخر خرج الملك الظاهر من القاهرة، فلمّا قدِم غزّة نزلت إليه
__________
[1] انظر نصّ الخطبة في زبدة الفكرة ج 9/ ورقة 57 أ- 58 أ.
[2] انظر خبر بيعة الخليفة في: الروض الزاهر 141- 148، والتحفة الملوكية 51، وزبدة الفكرة في تاريخ الهجرة للدواداري، ومخطوطة المتحف البريطاني، رقم 8157، ج 9/ ورقة 56 ب، 57 أ، ونهاية الأرب 30/ 79، والدرّة الزكية 94، 95، والعبر 5/ 263، ودول الإسلام 2/ 167، ومرآة الجنان 4/ 159، والبداية والنهاية 13/ 237، 238، وعيون التواريخ 20/ 287، وتاريخ الخميس 2/ 423، والسلوك ج 1 ق 2/ 477- 479، وعقد الجمان (1) 346- 353، ومآثر الإنافة 2/ 112- 114 و 118، والنجوم الزاهرة 7/ 211، وتاريخ الخلفاء 479، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 320.

(49/6)


أُمُّ المغيث صاحب الكَرَك تشفع في ولدها فأكرمها، ثمّ رحل إلى الطُّور. وغلت الأسعار، ولحِق الجيشَ مشقةٌ عظيمة، والرُّسُل تتردّد إلى صاحب الكَرَك تطلبه، وهو يسوِّف خوفا من القبض عليه. ثمّ إنّه نزل، فلمّا وصل تلقّاه السّلطان وأكرمه، ومنعه من التَّرجُّل له. ثمّ أرسل تحت الحوطة إلى قلعة مصر، وكان آخر العهد به [1] .
[تأمير العزيز عثمان على الكَرَك]
ثمّ توجّه السّلطان إلى الكَرَك، وكَاتَبَ مَن فيه بتسليمه، فوقع الاتّفاق على أن يؤمَّر الملك العزيز عثمان بن المغيث، فأعطاه خُبْزَ مَائةِ فارسٍ بمصر. ثمّ دخل السّلطان إلى الكَرَك في جُمَادى الآخرة. ثمّ سار إلى مصر [2] .
[إمساك ثلاثة أمراء]
وفي رجب أمسِك ثلاثة أمراء لكونهم حطّوا على السّلطان في إعدامه الملك المغيث، وهم الأمير شمس الدّين أقوش البُرليّ، والأمير سيف الدّين بلَبَان الرّشيديّ، والأمير عزّ الدّين أيبك الدّمياطيّ [3] .
__________
[1] انظر خبر المغيث في: الروض الزاهر 148- 151، وتالي وفيات الأعيان للصقاعي 98، رقم 146، والمختصر في أخبار البشر 3/ 216، ونزهة المالك والمملوك للعباسي (مخطوطة المتحف البريطاني، رقم 23662) ورقة 104، والتحفة الملوكية 51، وزبدة الفكرة ج 9/ ورقة 58 ب، ونهاية الأرب 30/ 79، والدرّة الزكية 95، 96، والعبر 5/ 263، وتاريخ ابن الوردي 2/ 216، ومرآة الجنان 4/ 159، والبداية والنهاية 13/ 238، وعيون التواريخ 20/ 288، 289، وتاريخ ابن خلدون 5/ 384، ومآثر الإنافة 2/ 96، 108، والسلوك ج 1 ق 2/ 482، 483، وعقد الجمان (1) 355، والنجوم الزاهرة 7/ 119، و 12، وشفاء القلوب 433- 435، وتاريخ ابن سباط (بتحقيقنا) 1/ 407، 408، وترويح القلوب 56 رقم 85، وشذرات الذهب 5/ 305.
[2] انظر خبر الكرك في: الروض الزاهر 164، وزبدة الفكرة ج 9/ ورقة 59 أوب، (في المتن والهامش) ، والدرّة الزكية 96، والمختصر في أخبار البشر 3/ 217، ودول الإسلام 2/ 167، والسلوك ج 1 ق 2/ 492، وعقد الجمان (1) 357، 358.
[3] انظر خبر إمساك الأمراء في: الروض الزاهر 166- 170، والمختصر في أخبار البشر 3/ 218، والدرّة الزكية 96، ونهاية الأرب 30/ 84، والسلوك ج 1 ق 2/ 493، وتاريخ

(49/7)


[إظهار ملك التتار ميله للإسلام]
وفي رجب جاءتْ رُسُل بَرَكة ملك التّتار يُخبرون أنّه مُحبٌّ للإسلام [1] ، ويشكون من ابن عمّه هولاكو، فأرسل إليه الملك الظّاهر هديّة وصوَّب رأيه.
[استئمان طائفة من التتار]
وفيه وصلت طائفة من التتار مستأمنين مسلمين. ثمّ وصلت طائفة كبيرة مقدَّمُهم الأمير كرمون، فتلقّاهم السُّلْطان وأنعم عليهم [2] .
[أستاذ داريّة ابن يغمور]
وفي شعبان وليّ الأستاذ داريّة جمال الدّين ابن يغمور.
[عزل قاضي الإسكندرية وتعيين آخر]
وفي شوّال سافر السّلطان إلى الإسكندريّة فأقام بها نحوا من شهر، ثمّ عزل ناصر الدّين ابن المنير من قضائها بالبُرهان إبراهيم بن محمد البوشي [3] .
__________
[ () ] ابن سباط 1/ 409، ودول الإسلام 2/ 167، وعيون التواريخ 20/ 290، وذيل مرآة الزمان 2/ 194، وعقد الجمان (1) 358، 359.
[1] انظر خبر إسلام ملك التتار في: التحفة الملوكية 52 (في حوادث سنة 662 هـ) ، وزبدة الفكرة ج 9/ ورقة 59 ب، 60 أ، ونهاية الأرب 30/ 87، 88، والدرّة الزكية 97، ودول الإسلام 2/ 167، والبداية والنهاية 13 238، والسلوك ج 1 ق 2/ 495، وعقد الجمان (1) 360- 363.
[2] خبر استئمان التتار في: الروض الزاهر 170، 171، والتحفة الملوكية 51، وزبدة الفكرة ج 9/ ورقة 61 أوب، ونهاية الأرب 30/ 89 وفيه «كرومون آغا» ، والعبر 5/ 263، 264، ومرآة الجنان 4/ 159، والسلوك ج 1 ق 2/ 497 و 501، وعقد الجمان (1) 364، 365، وتاريخ الخلفاء 480.
[3] انظر عن السفر إلى الإسكندرية في: الروض الزاهر 174، 175، وزبدة الفكرة ج 9/ ورقة 60 ب، 61 أ، والبداية والنهاية 13، 239، وعيون التواريخ 20/ 290 وفيه: «اليوشي» بالياء المثنّاة من تحتها، والسلوك ج 1 ق 2/ 500، وعقد الجمان (1) 363.

(49/8)


[الوقعة بين هولاكو وبركة]
وجَرَت وقعةٌ هائلة بين هولاكو وبركة، وكانت الدّائرة على هولاكو، وقُتِل خلْقٌ من أصحابه، وغرق آخرون، ونجا هو بنفسه [1] .
[القصاص من شاب وامرأته]
وقال أبو شامة [2] : في صَفَر سُمِّر شابٌّ، وخُنِقت امرأتُه فعُلِّقت في جَوْلَقٍ تحته. كانت تتحيَّل على النّساء وتؤدّيهم [3] إلى الأفراح متلبّسات، فتأتي بالمرأة إلى بيتها فيخنقها زوجها، ويأخذ ما عليها، ويرميها في بئر. فعل ذلك بجماعةٍ من النّساء، فبقي مسمّرا يومين ثمّ خنق، وذلك بدمشق [4] .
__________
[1] خبر الوقعة في: العبر 5/ 264، والبداية والنهاية 13/ 239، وعيون التواريخ 20/ 290، وذيل مرآة الزمان 2/ 196.
[2] في ذيل الروضتين 221، 222.
[3] تؤدّيهم: ترسلهم.
[4] والخبر في: عقد الجمان (1) 366.

(49/9)


سنة اثنتين وستين وستّمائة
[مشيخة الحديث لأبي شامة]
في شهر جُمَادى الأولى وُلّي الإمام شهاب الدّين أبو شامة مشيخة دار الحديث الأشرفيّة بعد ابن الحَرَستانيّ [1] .
[تدريس الشافعية والحنفية بالظاهرية]
وفي أوّلها فرغت المدرسة الظّاهريّة [2] بين القصرين، فدرَّس بها للشافعيّة الإمامُ تقيّ الدين ابن رزين، وللحنفيّة الصّاحب مجد الدّين ابن العديم.
ووُلّي مشيخة الحديث الحافظ شَرف الدّين الدّمياطيّ.
ووُلّي مشيخة الإقراء الشّيخ كمال الدّين المُجَليّ [3] .
[نيابة حمص]
وفيها بعث السّلطان نائبا له على حمص عقيب موتِ صاحبها الملك الأشرف [4] .
__________
[1] ذيل الروضتين 229، 230، والبداية والنهاية 13/ 242 وفيه «في جمادى الآخرة» .
[2] انظر عن المدرسة الظاهرية في: الروض الزاهر 184، و 291، (سنة 666 هـ) ، وزبدة الفكرة ج 9/ ورقة 62 أوب، ونهاية الأرب 30/ 93، 94، والدرّة الزكية 103، والبداية والنهاية 13/ 242، وذيل مرآة الزمان 2/ 229، وعيون التواريخ 20/ 292، وعقد الجمان (1) 382، والنجوم الزاهرة 7/ 213، وتاريخ الخلفاء 480.
[3] هكذا في الأصل: «المجلّى» بالجيم، وفي نهاية الأرب 30/ 94 «المحلى» بالحاء المهملة، ومثله في عيون التواريخ 20/ 293.
[4] خبر نيابة حمص في: عيون التواريخ 20/ 293 والمتسلّم هو الأمير بدر الدين بيليك العلائي.

(49/10)


[الزلزلة بمصر]
وفي ربيع الآخر زُلْزلت مصرُ زلزلة عظيمة [1] .
[عزل نائب حلب]
وعُزِل الشّهابيّ [2] عن نيابة حلب بالأمير نور الدّين عليّ بن مجلّى [3] .
[الغلاء بمصر]
وفيها كان الغلاء بمصر، وبلغ الإرْدَبُّ مائة وخمسة دراهم [4] .
[الطفل المزدوج]
وفيها أحضر بمصر إلى السّلطان طفلٌ ميِّتٌ وله رأسان، وأربعة أعيُنٌ، وأربعة أيدي، وأربعة أرجل [5] .
[خبر الخناقة بمصر]
وفيها كان خبر الخنّاقة بمصر. قال شمس الدّين الْجَزريّ في «تاريخه» [6] :
فيها ظهرت قتلى في خليج مصر، وفُقِد جماعة. ودام ذلك أشهُرًا حتّى عُرِف أنّ صبية مليحة اسمُها غازيّة كانت تتبرّج بالزّينة، وتطمع من يراها، ومعها
__________
[1] خبر الزلزلة في: ذيل مرآة الزمان 1/ 535، وعيون التاريخ 20/ 293، والسلوك ج 1 ق 2/ 508، وتاريخ الخلفاء 480، وكشف الصلصلة عن وصف الزلزلة 200.
[2] هو علاء الدين أيدكين بن عبد الله الصالحي الشهابي.
[3] خبر نيابة حلب في: عيون التواريخ 20/ 293، والنجوم الزاهرة 7/ 613.
[4] انظر عن الغلاء في: الروض الزاهر 188- 190، والتحفة الملوكية 52، وزبدة الفكرة ج 9/ ورقة 63 أوب، ونهاية الأرب 30/ 96، وعيون التواريخ 20/ 294، 295، وعقد الجمان (1) 375، 376، والنجوم الزاهرة 76/ 213، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 319 (سنة 661 هـ) .
[5] خبر الطفل في: عيون التواريخ 20/ 295، والسلوك ج 1 ق 2/ 517، والنجوم الزاهرة.
7/ 214.
[6] في المختار من تاريخ ابن الجزري 262.

(49/11)


عجوز، فَتُشَاكِلُ الرّجُلَ وتقول: هذه ما يُمكنها ما تريد منها إلّا في منزلها. فإذا انطلق معها، واستقرّ في دارها، خرج إليه رجلان جَلَدان فيقتلانه، ويأخذان ما عليه.
وكانوا يتنقّلون من موضع إلى موضع، إلى أن سكنوا على الخليج.
وجاءت العجوز مرّة إلى ماشطة مشهورة لها حليّ تخرج به العرائس، فقالت لها: عندي بنتٌ، ونريد أن تُصْلحي من شأنها. فجاءت بالحُليّ تحمله الجارية.
ورجعت الجارية من الباب فدمّسوا الماشطة، ولمّا أبطأ خبرُها على جاريتها مضت إلى الوالي فأخبرته، فركب إلى الدّار وهجمها، فوجد غازيّة والعجوز، فأخذهما وتهدّدهما، فأقرَّتا، فحبسهما فجاء إلى الحبْس أحدُ الرّجُلين، فشعر به الأعوان، فأُخِذ وقُرِّر وضُرِب، فاعترف ودلّ على رفيقه، وكان لهما رفيقٌ آخر له قمّين للطُّوب، كان يُلْقي فيه من يقتلانه في اللّيل فيحترق. وأظهروا أيضا من الدّار حفيرة مملوءة بالقتلى، فأُنهي أمرُهُم إلى السّلطان فسُمِّروا خمستهم. وبعد يومين شفع أميرٌ في الصبيّة فأُنزِلت وماتت بعد أيّام [1] .
[العثور على فلوس قديمة بجهة قوص]
قال: وفيها اتّفق أنّ ليلة الإثنين كانت ليلة ثاني عشر ربيع الأوّل، وفيها أحضرت إلى قلعة مصر فلوسٌ كثيرة من جهة قُوص وُجِدت مطمورة، كان على الفِلْس صورةُ ملك، وفي يده ميزان، وفي يده الأخرى سيفٌ. وعلى الوجه الآخر رأس بآذان كبار، وحوله أسطُر. فحضر جماعةٌ من الرُّهبان فيهم حكيم يونانيّ روميّ لا يعرف العربيّة فقرأ الأسْطُر، فكان تاريخ الفِلْس من ألفين وثلاثمائة سنة، وفيه مكتوب، أنا غياث المُلْك، ميزان العدل والكَرَم في يميني لمن أطاع، والسيف في شمالي لمن عصى. وفي الوجه الآخر: أنا غياث الملك أُذُني مفتوحة للمظلوم، وعيني انظر بها مصالح ملكي [2] .
__________
[1] خبر الخنّاقة باختصار في: زبدة الفكرة ج 9/ ورقة 67 ب، وهو بتوسّع في: نهاية الأرب 30/ 103، 104، والمختار من تاريخ ابن الجزري 262، وذيل مرآة الزمان 1/ 552، 553، والدرّة الزكية 103، 104، وعيون التواريخ 20/ 293، والسلوك ج 1 ق 2/ 521، وعقد الجمان (1) 285، 386.
[2] الخبر كما هنا في: نهاية الأرب 30/ 100، والمختار من تاريخ ابن الجزري 262، 263،

(49/12)


[دخول الطُّوسي بغداد]
وفيها قدِم بغدادَ النّصيرُ الطُّوسيّ للنظر في الوقوف وجمْع الكُتُب، وانحدر إلى واسط، وجمع شيئا كثيرا لأجل الرّصَد [1] .
[قتل الباجسرائي ببغداد]
وقتلوا ببغداد النجم أحمد بن عِمران الباجسرائيّ [2] ، وأخذ مرارته جلال الدّين ابن الملك مجاهد الدّين الدُّوَيْدار. وكان ناظرا على السَّواد، جيّد التّصرُّف، وعظُم في دولة هولاكو، ولقَّبه بالملك، فعادى علاءَ الدّين فعقره. ثمّ إنّ ابن الدُّوَيْدار. [شرع في بيع] [3] ما له من الغنم والجواميس وغير ذلك، وافترض أموالا واستعار خيولا، وأظهر أنّه يتصيّد ويزور المشهد وأخذ أمّه، ثمّ تسحّب إلى الشّام، فانقطع عنه ضعفا الْجُنْد ورجعوا، فقتلهم الشِّحْنة قرابوقا [4] ، وقتل كلّ من ظفر به من آحاد الأجناد.
[عزْل قرابوقا]
وفيها عُزِل قرابوقا عن بغداد لكونه رافَعَ الصّلاح علاء الدين بالكذِب، وولّى توكال شِحْنة [5] .
[التجاء ابن صاحب الروم إلى القسطنطينية]
وسار عزّ الدّين كيكاوس ابن صاحب الرُّوم إلى قُسطنطينيّة، إلى صاحبها الأشْكُريّ، لكونه وقع بينه وبين أخيه رُكْن الدّين قلج أرسلان في أمر سلطنة
__________
[ () ] وذيل مرآة الزمان 1/ 557، وعيون التواريخ 20/ 295.
[1] انظر خبر الطوسي في: الحوادث الجامعة 169، والبداية والنهاية 13/ 242، وعقد الجمان (1) 387.
[2] في الحوادث الجامعة 169 «الباجصري» .
[3] في الأصل بياض، ما بين الحاصرتين استدركته من: الحوادث الجامعة 169.
[4] في الحوادث الجامعة 169 «قرابوغا» .
[5] الخبر في الحوادث الجامعة 169، 170.

(49/13)


الرّوم، فاستظهر عليه الرّكن فو [صل] [1] في حاشيته إلى قسطنطينيّة، فأحسن إليه الأشكريّ وإلى أمرائه، وداموا في عافية، فعزموا على قتل الأشكُريّ وإنْ حاصروا قسطنطينيّة معهم، فأعماهم وسجن عزّ الدّين. ثمّ طلبه بركة وذهب إليه [2] .
__________
[1] في الأصل بياض.
[2] انظر عن محاولة قتل الأشكري في: زبدة الفكرة ج 9/ ورقة 67 ب، 68 أ، والمختصر في أخبار البشر 3/ 218، وتاريخ ابن الوردي 2/ 217، والسلوك ج 1 ق 2/ 522، وعقد الجمان (1) 387، 388.

(49/14)


سنة ثلاث وستين وستمائة
[انتصار ابن الأحمر على ملك النصارى بالأندلس]
قال أبو شامة [1] رحمه الله: فيها جاء إلى القاهرة كتابٌ يتضمّن نصر المسلمين على النّصارى في بَرّ الأندلس. وسُلطان المسلمين أبو عبد الله بن الأحمر.
وكان الفُنْش [2] ملك النّصارى قد طلب من ابن الأحمر السّاحل من مالقة [3] إلى المَرِيّة، فاجتمع المسلمون والتقوهم، فكسروهم مرارا، وأُخِذ الفُنْش [4] أسيرا.
ثمّ اجتمع العدوّ المخذول في جمْع كبير، ونازلوا غَرْناطة.
فانتصر عليهم المسلمون، وقتلوا منهم مقتلة عظيمة، وجُمِع من رءوسهم نحو خمسةٍ [5] وأربعين ألف رأس، فعملوها كَوْمًا، وأذّن المسلمون فوقه، وأسروا منهم عشرة آلاف أسير. وكان ذلك في رمضان سنة اثنتين. وانهزم الفنش إلى إشبيليّة، وهي له، وكان قد دفن أباه بها بالجامع، فأخرجه من قبره خوفا من استيلاء المسلمين، وحمله إلى طليطلة.
__________
[1] في ذيل الروضتين 234.
[2] في ذيل الروضتين «الفنس» بالسين المهملة.
[3] في ذيل الروضتين: «مارقة» بالراء.
[4] في ذيل الروضتين: «وأخذ أخو الفنس» .
[5] في ذيل الروضتين: في الأصل: «خمس» .

(49/15)


قال [1] : ورجع إلى المسلمين اثنان وثلاثون بلدا، من جملتها إشبيلية ومُرْسِية [2] . كذا قال، والله ينصر المسلمين حيث كانوا.
[معاقبة المتآمرين على الدولة]
قال قُطْبُ الدّين [3] : وفي أوّلها بلغ السّلطان أنّ جماعة أمراء وأجناد اجتمعوا في دار ططماج [4] ، فتكلّموا في الدّولة، وزاد في الكلام ثلاثةُ أنفُس.
فسمَّر أحدهم، وكحَّل الآخر، وقُطِعت رِجلا الثّالث، فانحسمت مادّة الاجتماعات [5] .
[قطْع أيدي نُقباء بالقاهرة]
قال: وفي ربيع الآخر قُطِعت أيدي ثلاثةٍ وأربعين نفسا من نُقباء والي القاهرة، ومن الخَفَر والمقدَّمين، فمات بعضُهم. وسبب ذلك ظهور شلوح ومناشر بالقاهرة وضواحيها [6] .
[منازلة التتر البيرة]
وفيها نازلت التّتر البيرة، فَسَاق المحمّديّ، وسُمّ الموت [7] للكشف.
وأغار عيسى بن مُهَنّا على أطراف بلادهم فرحلوا عن البيرة [8] .
__________
[1] القائل أبو شامة.
[2] في ذيل الرضتين 235 «إشبيلية وقرطبة، ومرسية، والرقة، وشريش، وجمع عساكر المسلمين على شاطبة وبلنسية» . والخبر أيضا في: نهاية الأرب 30/ 108، 109 (سنة 662 هـ) ، والعبر 5/ 272، ودول الإسلام 2/ 168، ومرآة الجنان 4/ 161، والبداية والنهاية 13/ 245، وعقد الجمان (1) 409، 410، وتاريخ الخلفاء 480.
[3] في ذيل مرآة الزمان.
[4] الططماج: نوع من المأكولات.
[5] خبر المتآمرين في: نهاية الأرب 30/ 111، والدرّة الزكية 106، وعيون التواريخ 20/ 318.
[6] خبر النقباء في: نهاية الأرب 30/ 112، والسلوك ج 1 ق 2/ 540، والدرّة الزكية 106، وعقد الجمان (1) 407.
[7] سمّ الموت هو: الأمير عزّ الدين يوغان، كما في زبدة الفكرة.
[8] ذيل الروضتين 233، زبدة الفكرة ج 9، ورقة 69 أ، الدرّة الزكية 107، والعبر 5/ 272،

(49/16)


[فتح قيسارية وأرسوف]
قال: وفي ربيع الآخر توجّه السّلطان بالعساكر إلى قيساريّة فحاصرها، وافتتحها عَنْوةً في ثامن جُمَادى الأولى، وامتنعت القلعة عشرة أيّام وأُخِذت، وهرب من فيها إلى عكّا، فخرَّبها السّلطان، وأقطع قُراها.
ثمّ سار فنازل أرسُوف، ونصب عليها المجانيق إلى أن تداعى بُرْجٌ تجاه الأمير بليك الخَزْنَدَار، فهجم البلد بأصحابه على غَفْلةٍ، ووقع القتْل والأسر، وذلك في ثاني عشر رجب. ثمّ هُدِمت، وعاد السّلطان، وزُيّنت القاهرة [1] .
[اتهام النّصارى بحريق الباطنية]
وفيها أُحِرق بحارة الباطنيّة [2] بالقاهرة حريقٌ كبير، ذهب فيه ثلاثةٌ وستّون دارا. ثمّ كثُر بعد ذلك الحريق بالقاهرة، واحترق رَبْع العادل وغير ذلك، فكانت توجد لفائف مشاق فيها النّار والكِبريت على الأسطحة. وعظُم ذلك على النّاس، واتّهموا بذلك النّصارى، وقدِم السّلطان فَهَمَّ باستئصال النّصارى واليهود، وأمر بجمع الأحطاب والحلفاء في حفِيرةٍ ليُحرقوا فيها. ثمّ كُتِّفُوا ليُرموا في الحَفِيرة، فشفع فيهم الأمراء، وأمروهم أن يشتروا أنفسهم، فقرّروا عليهم خمسمائة ألف دينار يقومون منها في العام بخمسين ألف دينار.
وضَمِنهم الحبيس، وكان كاتبا ثمّ ترهَّب، وأقام بجبل حُلوان. فيقال إنّه وُجِد
__________
[ () ] ودول الإسلام 2/ 168، البداية والنهاية 13/ 244، وعيون التواريخ 20/ 318، وذيل مرآة الزمان 2/ 318، والسلوك ج 1 ق 2/ 523، 524.
[1] انظر خبر قيسارية وأرسوف في: ذيل الروضتين 233 و 235، والروض الزاهر 230- 243، والدرّة الزكية 107، والمختصر في أخبار البشر 4/ 2، والتحفة الملوكية 53- 54، وزبدة الفكرة ج 9/ 69 أ- 70 أ، ونزهة المالك والمملوك، ورقة 104، ونهاية الأرب 30/ 113، 114، ودول الإسلام 2/ 168، والعبر 5/ 272، وتاريخ ابن الوردي 2/ 217، ومرآة الجنان 4/ 161، والبداية والنهاية 13/ 244، 245، وعيون التواريخ 20/ 319، وتاريخ ابن خلدون 5/ 382، والسلوك ج 1 ق 2/ 525، وعقد الجمان (1) 396، وتاريخ ابن سباط 1/ 410، والإعلام والتبيين 62 (في سنة 662 هـ) .
[2] يقال: الباطنية، والباطلية، كما في: عيون التواريخ 20/ 319.

(49/17)


في مغارةٍ من الجبل دفينا للحاكم العُبَيْديّ، فلمّا ظفر بالمال واسَى به الفقراءَ والصّعاليك من كلّ مِلّةٍ، فاتّصل خبرُه بالسّلطان، فطلبه وطلب منه المال، فقال: لا يشمل إلى أن أعطيك من يدي إلى يدك. ولكن يَصل إليك من جهة من تصادره ولا يقدر على تطلّبه منه، فلا تعْجَل عليّ. فلمّا جَرَت هذه الواقعة للنّصارى ضَمِنهم [1] .
وقد ذكرنا وفاتَه في سنة ستٍّ وستّين، وكانت قد وصلت الفتاوى بقتْله خوفا من الفتنة على ضُعفاء الإيمان من المسلمين، من علماء الإسكندريّة.
فقيل إنّ مبلغ ما وصل إلى بيت المال من طريقه في مدّة سنتين ستّمائة ألف دينار. وقد ضُبط ذلك بقلم الصّيارفة الّذين كان يجعل عندهم المال، ويكتب إليهم أوراقه. وذلك خارجا عمّا كان يُعْطيه بيده سرّا.
وكان لا يأكل من هذا المال ولا يلبس، بل إنّ النّصارى يتصدّقون عليه بما يأكل ويلبس. ولم يظهر له بعد موته ولا دينارٌ واحد. وكان يقول: من لم يكن معه شيء أدّيتُ عنه في المصادرة. فكان يدخل الحبْس ويُطلق من عليه دَيْنٌ، ومن وجده ذا هيئةٍ رثَّةٍ واساه، ومن شكى إليه ضرورة أزاحها عنه.
وقد سافر إلى الإسكندريّة، وأدّى جُملةً عن أهل الذّمّة، وكذا سافر إلى الصّعيد، وأدّى المقرَّر على أهل الذّمة. وكان عجيب الحال، لعنه الله. ومن لُطْف الله أنّه غير مسلم، وإلّا لو كان مسلما لتألّهه النّاس، وادّعوا فيه النُّبُوّة أو القُطْبيّة. نسأل الله العافية.
[الشروع في حفر بحر أشموم]
وفي شوّال شرع السّلطان في حفر بحر أشموم، وفرّقه على الأمراء،
__________
[1] انظر خبر الحريق في: تاريخ الدولة التركية لمؤرّخ مجهول، ورقة 10 أوب، ونهاية الأرب 30/ 114، والسلوك ج 1 ق 2/ 535، والبداية والنهاية 13/ 245، وعيون التواريخ 20/ 319، 320، وعقد الجمان. (1) 410، وتاريخ الخلفاء 480، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 324، 325.

(49/18)


وعمل معهم بنفسه [1] ، فلمّا فرغ ركب في الحرّاقة، وأخذ معه زاد أيّامٍ يسيرة، وسار ليسُدّ فَمَ جسْر على بُحَيرة تنّيس انفتح منه مكان، وخرج الماء فغرَّق الطّريق بين الورّادة والعريش. فأقام هناك يومين، وحصل له وَعَكٌ، فعاد إلى مصر.
[الكوكب المذَنَّب]
وفيه طلع من الشّرق كوكب الذَّنب، وهو كوكبٌ له ذُؤابة، فبقي نحو أربعين يوما [2] .
[شنْقُ قاضي البيرة]
وفيها شُنِق قاضي البيرَة لأنّه كاتب صاحبَ سِيس ليبيعه قلعة البيرَة، فهتكه الله وأهلكه.
[موت هولاكو]
وفي أولاها وصل رسولُ صاحبِ سِيس يُبشِّرُ السّلطان بموت هولاكو [3] ثمّ ورد الخبر بأنّ التّتار ملّكوا أَبْغَا بن هولاكو، وأنّ بركة قصده فكسره، فعزم
__________
[1] نهاية الأرب 30/ 116، عيون التواريخ 20/ 320، السلوك ج 1 ق 2/ 537، تاريخ الخلفاء 480 وفيه: «أشمون» بالنون: وبدائع الزهور ج 1 ق/ 318 (سنة 661 هـ) .
[2] خبر الكوكب في السلوك ج 1 ق 2/ 516 (سنة 662 هـ) .
[3] انظر خبر موت هولاكو في: تاريخ مختصر الدول 284 (سنة 664 هـ) ، وتاريخ الزمان 324، والتحفة الملوكية 55، والحوادث الجامعة 170، والمختصر في أخبار البشر 4/ 302، ونهاية الأرب 27/ 393- 395، وجامع التواريخ لرشيد الدين الهمدانيّ، المجلّد 2، الجزء 1/ 223، ودول الإسلام 2/ 169 (سنة 664 هـ) ، والدرّة الزكية 114، والعبر 5/ 278، 279، وتاريخ ابن الوردي 2/ 218، وذيل مرآة الزمان 2/ 257- 259، والبداية والنهاية الخميس 2، 423، 424، والسلوك ج 1 ق 2/ 541، وعقد الجمان (1) 413- 416، ونظام التواريخ للبيضاوي (ناصر الدين عبد الله بن عمر (توفي 685 هـ/ 1287 م) تصحيح بهمن ميرزا كريمي- شركة مطبعة فرهومند وإقبال علمي 1313 هـ- ص 94 وفيه وفاته في سنة 660 هـ، وتاريخ ابن سباط 1/ 411، والتاريخ الغياثي 42، 43، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 319، وتاريخ الأزمنة 49، وتاريخ الخلفاء 480.

(49/19)


الملك الظّاهر على التّوجّه إلى العراق ليغتنم الفرصة، فلم يتمكّن لتفرُّق العساكر في الإقطاعات [1] .
[سلطنة الظاهر ولده الملك السعيد]
وفي شوّال سَلْطَن السّلطان ولَدَه الملَك السّعيد [2] وركّبه بأُبَّهة المُلْك في قلعة الجبل، وحمل الغاشية بنفسه بين يدي ولده من باب السّر إلى السّلسلة، ثمّ عاد. وكان صبيّا ابن أربع أو خمس سنين. ثمّ ركب الملك السّعيد، وسيّر، ودخل من باب النّصر، وخرج من باب زَوِيلة، وسائر الأمراء مُشاة، والأمير عزّ الدّين الحِليّ راكبٌ إلى جانبه، والوزير بهاء الدّين، وقاضي القُضاة تاج الدّين راكبان أمامه، والبيْسريّ حامل الْجَتْر على رأسه، وعليهم الخِلَع.
[ختان الملك السعيد]
ثمّ بعد عشرين يوما خُتِن الملك السّعيد، وخُتِن معه جماعة من أولاد الأمراء [3] .
__________
[1] الخبر في: عيون التواريخ 20/ 320، 321.
[2] انظر خبر سلطنة الملك السعيد في: الروض الزاهر 203- 213 (سنة 662 هـ) ، والتحفة الملوكية 52 (في حوادث سنة 662 هـ) ، ومثله في زبدة الفكرة ج 9/ ورقة 64 ب- 66 ب، وتاريخ الدولة التركية لمؤرّخ مجهول (مخطوطة كمبرج، رقم (
Q 9 147 ورقة 10 أ (في حوادث سنة 662 هـ) ، ونهاية الأرب 30/ 100، 101 (سنة 662 هـ) ، والدرّة الزكية 115، والعبر 5/ 272، ودول الإسلام 2/ 168، ومرآة الجنان 4/ 161، والبداية والنهاية 13/ 245، وعيون التواريخ 20/ 321، والسلوك ج 1 ق 2/ 516 (سنة 662 هـ) ، وعقد الجمان (1) 377- 382 (سنة 662 هـ) . ومآثر الإنافة 2/ 120، وتاريخ الخلفاء 480.
[3] خبر الختان في: الروض الزاهر 214 (سنة 662 هـ) ، وزبدة الفكرة ج 9/ ورقة 66 ب، 67 أ (في حوادث سنة 662 هـ) ، تاريخ الدولة التركية، ورقة 10 أ (حوادث سنة 662 هـ) وفيه أن أولاد الناس الذين ختنوا مع الملك السعيد بلغوا ألفا وستمائة وخمسة وأربعين من أولاد الفقهاء والعوام، غير أولاد الأمراء والمقدّمين والجند، وأمر لكل واحد منهم بكسوة على قدره، ومائة درهم، ورأس غنم. ونهاية الأرب 30/ 103، والعبر 5/ 272، ودول الإسلام 2/ 168، والبداية والنهاية 13/ 245، وعيون التواريخ 20/ 321، والسلوك ج 1 ق 2، 516 (سنة 662 هـ) ، ومآثر الإنافة 2/ 120 (سنة 662 هـ) ، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 322 (سنة 662 هـ) .

(49/20)


[استحداث القضاة الأربعة بالديار المصرية]
وفيها جُدِّد بالدّيار المصريّة القُضاة الأربعة [1] ، من كلّ مذهب قاضٍ، وسبب ذلك توقُّف القاضي تاج الدّين ابن بنت الأعزّ عن تنفيذ كثير من الأحكام، وكثُر توقُّفه، فكثُرت الشّكاوى منه، وتعطّلت الأمور. فوقع الكلام في ذي الحجّة بين يدي السّلطان، وكان الأمير جمال الدّين أَيْدغّديّ العزيزيّ يكره القاضي تاجَ الدّين، فقال له: نترك لك مذهب الشّافعيّ، ويُولَّى معك من كلّ مذهبٍ قاض. فمال السّلطان إلى هذا. وكان لأيْدغديّ العزيزيّ محلٌّ عظيمٌ عند السّلطان، فولي قضاء الحنفيّة الصّدر سليمان، وقضاء المالكيّة شَرف الدّين عمر السُّبْكيّ، وقضاء الحنبليّة شمس الدّين محمد بن العماد. واستنابوا النُّواب. وأبقى على الشّافعيّ النّظر في أموال الأيتام، وأمور بيت المال. ثمّ فُعِل ذلك بدمشق [2] .
[خروف على صورة فيل]
وفيها أُحضِر بين يدي السّلطان خَرُوفٌ وُلِد على صورة الفيلِ، له خُرْطُومٌ وأنْياب [3] .
[الاهتمام بعمارة مسجد الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم]
وفيها وقع الاهتمام بعمارة مسجد الرّسول صلّى الله عليه وآله وسلّم، فوجّه إليه الصّنّاع
__________
[1] انظر خبر استحداث القضاة في: ذيل مرآة الزمان 2/ 323، ونهاية الأرب 30/ 117، والعبر 5/ 272، 273، ودول الإسلام 2/ 168، وتاريخ ابن الوردي 2/ 217، والبداية والنهاية 13/ 245، والسلوك ج 1 ق 2/ 539، وعقد الجمان (1) 407، 408، والنجوم الزاهرة 7/ 121، وتاريخ ابن سباط 1/ 412، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 321، ومرآة الجنان 4/ 161، وعيون التواريخ 20/ 322 و 334، وشذرات الذهب 5/ 312، وتاريخ الخلفاء 480 وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 321 (سنة 661 هـ) .
[2] وقال أبو شامة إنه وصل إلى دمشق ثلاثة تقاليد للقضاة شمس الدين محمد بن عطاء الحنفي، والزين عبد السلام بن الزواوي المالكي، وشمس الدين عبد الرحمن بن الشيخ أبي عمر الحنبلي، وجعل كل واحد منهم قاضي القضاة من المذاهب الأربعة ولكل منهم نائب، وهذا شيء ما أظنّه جرى في زمان سابق، فلما وصلت العهود الثلاثة لم يقبل المالكي فوافق الحنبلي واعتذر بالعجز، وقبل الحنفي فإنه كان نائبا للشافعية، فاستمر على الحكم.. (ذيل الروضتين 235، 236) .
[3] خبر الخروف في: نهاية الأرب 30/ 115 وعيون التواريخ 20/ 322.

(49/21)


والأخشاب والآلات والمال، فبقيت الصُّنّاع فيه أربع سِنين [1] .
[إقامة الخليفة ببرج القلعة]
وفي رمضان حجبَ الملك الظّاهر الخليفة، وجعله في بُرْج بقلعة مصر، لكون أصحابه كانوا يخرجون إلى البلد، ويتكلَّمون في أمر الدّولة [2] .
[مصادرة أمير الموصل]
وفيها ولي أمورَ الموصل رضيّ الدّين الباني، فعذّب الّذي كان قبله زكيّ الدّين الإربليّ وصادره.
[هرب الجاثليق إلى هولاكو]
وفيها قبض ببغداد مرمكيخا [3] الجاثليق على نصرانيّ قد أسلم وسجنه بداره الّتي كانت للدُّوَيْدار الكبير، وعزم على تغريقه. فهاجت العامّة، وحاصروا البيت، وأحرقوا باب داره، وقتلوا أصحابه. ثمّ ركب الشِّحْنة، وقتل طائفة، وسكنت الفتنة. وذهب الكلب إلى هولاكو، وبنى بيعة بقلعة أرسن [4] .
[وصول فيلين إلى بغداد]
ووصل شخصٌ إلى بغداد بفيلين، ثمّ سار ليقدّما للملك [5] .
__________
[1] خبر عمارة مسجد الرسول في: نهاية الأرب 30/ 115، 116، والسلوك ج 1 ق 2/ 502، والعبر 5/ 273، وتاريخ ابن الوردي 2/ 218، ومرآة الجنان 4/ 161، وعيون التواريخ 20/ 323، وذيل مرآة الزمان 2/ 325، وشذرات الذهب 5/ 312.
[2] خبر حجب الخليفة في: العبر 5/ 273، وتاريخ ابن الوردي 2/ 217، 218، ومرآة الجنان 4/ 162، وتاريخ الخلفاء 480.
[3] هكذا في الأصل، بالكاف. وفي الحوادث الجامعة: «مرمليخا» باللام.
[4] الخبر في الحوادث الجامعة 170 وليس فيه اسم القلعة.
[5] خبر الفيلين في: الحوادث الجامعة 171 في حوادث سنة 664 هـ.

(49/22)


سنة أربع وستين وستمائة
فيها ظهر للنّاس موت الطّاغية هولاكو.
[تسمير مقدّمين من عربان الشرقية]
وفيها سُمِّر على الْجِمال أحدٌ وعشرون نفسا من مُقدَّمي العُربان بالشّرقيّة من ديار مصر، وسُيّروا مُسَمَّرين إلى بلادهم فماتوا.
[زيارة السلطان الخليل والقدس]
وفي أوّل شعبان برز السّلطان من مصر لقصد صفَد، فنزل عين جالوت بعد أن زار الخليل عليه السّلام، وجلس على سِماطه وأكل العَدْس حتّى شبِع، وفرَّق مالا جليلا في أهل بلد الخليل وفي الفقراء. وتوجَّه إلى القُدس الشَّريف، وبَلَغه أنّ العادةَ جاريةٌ بأن يؤخذ من اليهود والنّصارى حقوقٌ على زيارة مغارة الخليل عليه السّلام، فأنكر ذلك، وكتب به توقيعا قاطعا، واستمرّ منعهم وإلى الآن، فاحمد للَّه [1] .
[غارات قلاوون وآيدغدي على الإفرنج]
وجهّز الأمير سيف الدّين قلاوون الألْفيّ، والأمير جمال الدّين أيْدغْديّ العزيزيّ للإغارة على بلاد السّاحل، فأغاروا على بلاد عكّا، وصور، وطرابُلُس، وحصن الأكراد، فغنموا وسبوا ما لا ينحصر [2] .
__________
[1] خبر الزيارة في: السلوك ج 1 ق 2/ 544.
[2] انظر خبر الغارات في: الروض الزاهر 251، 252، وذيل مرآة الزمان 2/ 337، والمختصر

(49/23)


[فتح صفد]
ثمّ نزل السّلطان على صفد [1] في ثامن رمضان ونُصِبت المجانيق وآلات الحصار ووقع الجدّ والحصار والقتال، ونصبت السّلام على القلعة وسلّطت النّصوب على الأساس واشتدّ المراس، وصبر الفريقان على الباس. والسّلطان مباشرٌ ذلك بنفسه، فذلّ أهل الحصن، وطلبوا الأمان والإيمان، فأَجْلَسَ السّلطانُ في دَسْت المملكة الأمير سيف الدّين كرمون، وكان يشبه الملك الظّاهر، فنزلت رُسُلهم فاستحلفوه، فحلف لهم وهم لا يشكّون أنّه السّلطان.
وكان في قلب الملك الظّاهر منهم لِما فعلوه بالمسلمين.
فلمّا كان في يوم الجمعة ثامن عشر شوّال طلعت أعلام السّلطان على صفد، وأنزل من بها من الدّيويّة وغيرهم. وكان قد وقع الشّرط على أنّهم لا يأخذون شيئا من أموالهم، فاطّلع عليهم أنّهم أخذوا شيئا كثيرا، فأمر السّلطان
__________
[ () ] في أخبار البشر 4/ 3، والتحفة الملوكية 56، ودول الإسلام 2/ 169، والعبر 5/ 275، وتاريخ ابن الوردي 2/ 218، ومرآة الجنان 4/ 162، والدرّة الزكية 116، وعيون التواريخ 20/ 325، وتاريخ ابن خلدون 5/ 386، والسلوك ج 1 ق 2/ 545، وعقد الجمان (1) 421، والنجوم الزاهرة 7/ 138، وتاريخ ابن سباط 1/ 412، 413، وشذرات الذهب 5/ 314، وتاريخ الأزمنة 249، وتاريخ طرابلس السياسي والحضاريّ (تأليفنا) ج 1/ 555، 556.
[1] انظر عن (فتح صفد) في: الروض الزاهر 254- 263، وحسن المناقب السريّة المنتزعة من السيرة الظاهرية لشافع بن علي بن عباس (توفي 730 هـ) ، والتحفة الملوكية 57، ونزهة المالك والملوك، ورقة 104، وتاريخ الدولة التركية، لمجهول، ورقة 10 ب، والمختصر في أخبار البشر 4/ 3، ونهاية الأرب 30/ 130، والدرّة التركية 117، 118، وذيل مرآة الزمان 2/ 327- 337، ودول الإسلام 2/ 169، والعبر 5/ 275، وتاريخ ابن الوردي 2/ 218، والبداية والنهاية 13/ 246، 247، ومرآة الجنان 4/ 162، وتاريخ ابن خلدون 5/ 386، والسلوك ج 1 ق 2/ 545- 548، وعقد الجمان (1) 421، 423، والنجوم الزاهرة 7/ 138، 139، وتاريخ ابن سباط 1/ 413، وتاريخ الأزمنة 249، وشذرات الذهب 5/ 314، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 325، وتاريخ الحروب الصليبية لرنسيمان 3/ 550، والظاهر بيبرس للدكتور سعيد عاشور 65، ومملكة صفد في عهد المماليك لطه ثلجي الطراونة 48- 51، والإعلام والتبيين 62.

(49/24)


بضرب أعناقهم عَلَى تلٍّ هناك، وكانوا نحو مائتين أقيالا أبطالا فيهم أولاد ملوك [1] .
ثمّ حصّنها وعمّرها وشَحَنَها بالرّجال والأسلحة والعساكر، واستناب عليها علاء الدّين الكُبَكيّ.
قال سعْد الدّين في «تاريخه» : الّذي قيل إنّه قُتِل من العسكر نحو ألف نفْس عليها، ومن الغُزاة والرّعيّة كثيرٌ، والجرحى قليلة، وقاسوا عليها شدّة.
وحكى العَلَم سَنْجَر الحَمَويّ أنّه قُتِل على صفد قريب ثمانمائة فارس ممّن نعرف، منهم أمراء وخاصّكيّة.
[الغارة على سِيس]
ووصلت رُسُل صاحب سِيس فلم يلتفت عليهم السّلطان، وجهّز لها عسكرا فأغاروا وسبوا، وأسروا خلْقًا، منهم ابن صاحب سِيس وابن أخته.
وكان مقدَّم العسكر صاحب حماة، وشمس الدّين الفارقانيّ [2] .
[انتقام السلطان من أهل قاره]
وخرج السّلطان لتَلَقّيهم، فمرّ بقارَه [3] ، في ذي الحجّة فأمر بنهْبها واستباحتها، وأسر منها أكثر من ألف نفْس، ووسّط الرُّهْبان وصُيِّرت كنيستها
__________
[1] التحفة الملوكية 57.
[2] انظر خبر سيس في: تاريخ مختصر الدول 285، وتاريخ الزمان 324، 325، والروض الزاهر 269- 272، والمختصر في أخبار البشر 4/ 3، 4، والتحفة الملوكية 58، ونزهة المالك والمملوك، ورقة 63 ب، والدرّة الزكية 118، وتاريخ ابن الوردي 2/ 218، والبداية والنهاية 13/ 247، وعيون التواريخ 20/ 337- 339، وتاريخ ابن خلدون 5/ 386، والسلوك ج 1 ق 2/ 551، 552، وعقد الجمان (1) 422، 424، والنجوم الزاهرة 7/ 140، وتاريخ ابن سباط 1/ 414، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 325، وتاريخ الأزمنة 249، وتاريخ الدولة التركية، لمجهول، ورقة 10 ب. وفي الحوادث الجامعة 171 أن الظاهر بيبرس سار بنفسه إلى بلاد الأرمن.
[3] يقال: قاره، وقارا. انظر عنها في (معجم البلدان 4/ 295) .

(49/25)


جامعا، وأنزلها التُّركمانَ وغيرَهم ومَن أسلم منهم، وذلك لأنّهم كانوا يسرقون المسلمين ويبيعونهم ببلاد الفرنج بالسّاحل.
ثمّ رجع السّلطان والأسْرى والغنائم الّتي من سِيس وقارَه بين يديه [1] .
وسارَ إلى الكَرَك في أوّل سنة خمسٍ [2] .
[محاولة اغتيال الأمير الحلّي نائب السلطان]
وكان قد استناب على الدّيار المصريّة الأمير عزّ الدّين الحِلّيّ، فجلس في ذي الحجّة بدار العدل، فجاء إنسانٌ ومعه قَصَّةٌ، وتقدَّم بها إلى الحلّي، ثمّ وثب بسِكّين معه فجرحه، فقام إليه وإلى القاهرة الصّارم المسعوديّ ليدفعه عنه، فضربه بتلك السّكّين فقتله. وقام الحلّي جرى والوزير وقاضي القُضاة تاج الدّين [3] ، وقَتَلت الْجُنْداريّة ذلك الرّجل، ولم يتحقّق له خبر.
[عمل جسر على نهر الشريعة]
وفيها أمر السّلطان بعمل جسْر على الشّريعة بقُرب دامية، فلمّا تكامل بنيانه اضطرب بعض أركانه ثمّ أُصْلِح [4] .
__________
[1] انظر خبر قاره في: ذيل مرآة الزمان 2/ 344، والتحفة الملوكية 58، والمختصر في أخبار البشر 4/ 4، ودول الإسلام 2/ 169، والعبر 5/ 275، 276، وتاريخ ابن الوردي 2/ 218، ومرآة الجنان 4/ 162 وفيه «داره» وهو وهم، والدرّة الزكية 119، وعيون التواريخ 20/ 338، والسلوك ج 1 ق 2/ 553، وعقد الجمان (1) 424، 425، والنجوم الزاهرة 7/ 140، وتاريخ ابن سباط 9/ 414، 415، وتاريخ الأزمنة 249، وشذرات الذهب 5/ 314.
[2] التحفة الملوكية 59.
[3] العبارة غامضة، وفي نهاية الأرب 30/ 129، والخبر في: الروض الزاهر 249.
[4] انظر عن (جسر الشريعة) في: الروض الزاهر 246، ونهاية الأرب 30/ 127، والبداية والنهاية 13/ 247، وذيل مرآة الزمان 2/ 346، وعيون التواريخ 20/ 340، وعقد الجمان (1) 427، 428،

(49/26)


[إخراج سبيل إلى مكة]
وفيها أخرج السّلطان من مصر سبيلا إلى مكّة [1] .
[إقامة البرواناه عند الملك أبغا]
وفيها توجّه صاحب الرّوم رُكْن الدين كَيْقُباذ والبرواناه بهديّةٍ وتُحَفٍ، وهنَّوا أَبْغَا بالمُلْك، ثمّ عاد رُكْن الدّين وتخلَّف مُعين الدّين البرواناه، فتكلّم مع أبغا وقال: هؤلاء بنو سلجوق أصحاب الرّوم ما يؤمَنوا، وربّما لرُكْن الدّين باطنٌ مع صاحب مصر. فقال أبغا: قد ولّيْتُك نيابةَ الرُّوم، فإنْ تحقّقت أحدا يُخالف طاعتي فَاقْتُله.
ثمّ إنّ البرواناه افتتح قلعة لأبْغا، فعظُم بذلك عنده، وتخوّف منه رُكن الدّين كَيْقُباذ [2] .
[فتح يافا]
وفيها افتتح السّلطان يافا [3] .
__________
[1] الروض الزاهر 247.
[2] خبر البرواناه في: عيون التواريخ 20/ 339، 340.
[3] سيأتي أن فتح يافا في سنة 666 هـ. وجاء في تاريخ الدولة التركية لمؤرّخ مجهول، ورقة 10 ب فتحت في سنة 665 هـ. وكذا في: الإعلام والتبيين 62.

(49/27)


سنة خمس وستّين وستمائة
[كسْر فَخْذ السلطان]
في أوّلها توجّه السّلطان جريدة إلى الكَرَك، وتصيَّد بنواحي زيزَى، فتقنطر به الفَرَسُ فانكسرت فخِذُه، فأقام يداويها حتّى تصْلُح بعض الشيء. وسار في محفَّةٍ إلى غَزَّة. وحصل له عَرَجٌ منها [1] .
[سفر صاحب حماة إلى مصر]
وفيها سافر صاحب حماة الملك المنصور إلى مصر، فاحتفل به السّلطان وأكرمه [2] .
[سفر صاحب حماة إلى الإسكندرية]
ثمّ سافر إلى الإسكندريّة متفرِّجًا [3] ، فرسم السّلطان لمتولّيها أن يحمل إليه كلّ يوم مائة دينار برسم النَّفَقَة، وأن ينسج له في دار الطّراز ما يقترحه [4] .
__________
[1] خبر وقوع السلطان في: التحفة الملوكية 59 (في حوادث سنة 664 هـ.) ، والمقتفي للبرزالي (مخطوطة توبكابي باسطنبول) ج 1/ ورقة 2 ب، ونهاية الأرب 30/ 133، والدرّة الزكية 121، والعبر 5/ 279، وذيل مرآة الزمان 2/ 360، والسلوك ج 1 ق 2/ 555.
[2] خبر صاحب حماة في: الروض الزاهر 274، والتحفة الملوكية 60، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 3 ب، ونهاية الأرب 30/ 134، والمختصر في أخبار البشر 4/ 4، والسلوك ج 1 ق 2/ 556.
[3] التحفة الملوكية 60.
[4] الخبر في: الروض الزاهر 274، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 3 ب، ونهاية الأرب 30/ 134، والمختصر في أخبار البشر 4/ 4، وتاريخ ابن الوردي 2/ 218، 219، والسلوك ج 1

(49/28)


[عمارة الجامع بالحسينيّة]
وفيها أمر السّلطان بعمل الجامع بالحُسينيّة، وتمّت عمارتُه في شوّال سنة سبعٍ وستّين، وجاء في غاية الحُسن.
وبُني في ميدان قراقوش، وأُحْكِر ما بقي من الميدان، وقُرِّر لمصالح الجامع. ورُتِّب به خطيبٌ حَنَفيّ [1] .
[سفر السلطان إلى الشام]
وفي جُمَادى الآخرة توجّه السّلطان إلى الشّام وصُحْبته صاحب حماة، فنزل على صفد، واهتمّ بعمارتها وتحسينها وتحصينها، ثمّ قدم دمشق. ثمّ سار إلى الكَرَك [2] .
[ولاية قضاة وناظر أحباس بمصر]
وفي شعبان ولي قضاء القضاة بالقاهرة والوجه الشّرقيّ الإمام تقيّ الدّين ابن رَزِين الحَمَويّ، وولي قضاء مصر والوجه القبليّ محيي الدّين عبد الله بن القاضي شَرَف الدّين ابن عين الدّولة. وولي نظر الأحباس الشّيخ تاج الدّين عليّ بن القسطلانيّ [3] .
__________
[ () ] ق 2/ 556، وعقد الجمان (2) 7.
[1] انظر خبر الجامع في: التحفة الملوكية 59 (في حوادث سنة 664 هـ) ، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 4 أ، ونهاية الأرب 30/ 133، 134، والدرّة الزكية 123، والبداية والنهاية 13/ 249، وعيون التواريخ 348، وذيل مرآة الزمان 2/ 361، وعقد الجمان (1) 407 (سنة 663 هـ) ، وتاريخ الخلفاء 480، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 331 (سنة 668 هـ) .
[2] انظر عن (سفر السلطان) في: الروض الزاهر 272 و 280، والمختصر في أخبار البشر 4/ 4، والتحفة الملوكية 60، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 4 أ، ونهاية الأرب 30/ 133، وتاريخ ابن الوردي 2/ 219، والبداية والنهاية 13/ 248، وتاريخ ابن سباط 1/ 415، وعيون التواريخ 20/ 348، 349.
[3] انظر عن (القضاة) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 362، وعيون التواريخ 20/ 349، والسلوك ج 1 ق 2/ 562.

(49/29)


[ولايات تدريس ونظر بالمدارس]
وولي تدريس الشّافعيّة بالصّالحيّة صدر الدّين ابن القاضي تاج الدّين، وفُوّض نَظَر الخانقاه السّعيديّة إلى قاضي الحنابلة، وولي نظر مدرسة الشّافعيّ بهاء الدّين عليّ بن عيسى بن رمضان نيابة عن الصّاحب فخر الدّين ابن خير. وهذه المناصب كلّها كانت بيد القاضي تاج الدّين [1] .
[سفر الأمير الحلّي إلى الحجّ]
وفيها توجّه الأمير عزّ الدّين الحلّي إلى الحجّ، وناب في السّلطنة بدر الدّين بيليك الظّاهر بن الخَزْنَدَار [2] .
[تسمير ابن صاحب مَيّافارقين وغيره]
ودخل السّلطان مصر في ذي الحجّة، فأمر بتسمير جماعة، منهم الملك الأشرف ابن صاحب ميّافارقين شهاب الدّين غازي، والأمير أقوش [3] القفجاقيّ الصّالحيّ الّذي ادَّعى النُّبُوّة من نحو ثلاثة أشهر.
ومنهم النّاصح ضامن بلاد واحات، وكان بإرخميم [4] ، فأنهي إلى السّلطان ما هو فيه من الأمر المُطاع، وأنه يُخاف من خروجه بأرضه، وأُنهِيَ إليه أنّه اتّفق مع رجلٍ نصرانيّ ومع الملك الأشرف وهم بخزانة البُنُود محبوسين، على أن ينقبوا خزانة البُنُود ويخرجوا إلى واحات، فَيُسلْطَن فيها الملك الأشرف ابن غازي، ويكون النّاصح وزيرَه، والنّصرانيّ كاتِبَه، فسُمِّروا [5] .
__________
[1] انظر عن (ولايات التدريس) في: ذيل مرآة الزمان 20/ 340.
[2] انظر عن (الحلّي) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 362، وعيون التواريخ 20/ 349.
[3] وقع في المختار من تاريخ ابن الجزري 267 «أموش» وهو خطأ.
[4] وقع في المختار من تاريخ ابن الجزري: «الناصح ضياء من بلاد راحات وكان يحميهم» .
[5] انظر خبر التسمير في: نهاية الأرب 30/ 147، 148، والمختار من تاريخ ابن الجزري 265، 266، وذيل مرآة الزمان 2/ 363، وعيون التواريخ 20/ 349، 350.

(49/30)


[ظهور الماء ببيت المقدس]
وفيها ورد كتاب قاضي القدس إلى السّلطان يخبر بظهور الماء ببيت المقدس.
وسبب ذلك أنّ الماء انتزح من بئر السّقاية وبقي الوحْل، وعظُمت مَشَقَّة النّاس لأجل الوضوء، وأنّ القاضي حضر بنفسه إلى البئر، ثمّ نزل فأخبر أنّه شاهد قناة مسدودة بالرّدم من عهد بُخْتَ نَصَّر الّذي هدم بيت المقدس.
قال: فدخلتُ الصّخرة وأنا مهمومٌ بسبب إعواز الماء، فاجتمعت بالأمير علاء الدّين الرّكْنيّ الأعمى، فجرى الحديث، واتّفق الرّأي على إحضار بنّائين من غزَّة، وكشف القناة السُّليمانيّة [1] ، فحضروا فكشفوا الرّدم أوّلا فأوّلا إلى أن وصلوا إلى الجبل الّذي تحت الصّخرة المباركة، فوجدوا بابا مُقَنْطَرًا، ففتحوا رَدْمَه وإذا هم بالماء، ففار على جماعة بقوّة كاد أن يغرّقهم، فهربوا وصعدوا في الجبال، وذلك في ذي الحجّة من السّنة [2] .
نقل هذا الكتاب محيي الدّين ابن عبد الظّاهر في «سيرة الملك الظّاهر» [3] ، ثمّ قال: وجدتُ في كتاب «دير يامين» [4] من تواريخ النّصارى أنّ ملك المَوْصِل لمّا قصد أوراشلم- يعني بيت المقدس- في جيوشه اتّفق حزقيال هو وجماعتُه على دفْن المياه الّتي ببيت المقدس، فدفنوا جميعَ الينابيع الّتي بها، وعَفّوا أثَرَها لئلّا يتقوّى عليهم ملك المَوْصِل سنحاريب بتلك المياه [5] .
__________
[1] منسوبة إلى النبيّ سليمان عليه السلام.
[2] نهاية الأرب 30/ 149، 150، الروض الزاهر 288 (في حوادث سنة 666 هـ) ، المختار من تاريخ ابن الجزري 267.
[3] الروض الزاهر 288.
[4] في المطبوع من الروض: «يامين» .
[5] المختار من تاريخ ابن الجزري 267، وفي الروض الزاهر 289 «سحاريب» .

(49/31)


قال ابن عبد الظّاهر: وقرأت في نُبُوة زكريّا أنّه يخرج ماء عذبٌ فيه حياةٌ من أوراشلم، نصفه إلى البحر الشّرقيّ، ونصفه إلى البحر الغربيّ، ويكون ذلك عند اعتدال الصّيف والشّتاء.
قال: فوقْت ظهور الماء نزلت الشّمس برجَ الميزان، وهو برج الاعتدال، في يوم نزولها بعينه.
ثمّ وصل كتاب الأمير علاء الدّين الرُّكْنيّ يذكر أنّه دخل الصُّنّاع فوجدوا سُدًّا معمولا بالشّيد والحجر، فنقب فيه الحجّارون مدّة واحد وعشرين [1] يوما، فوجدوا سقفا بالشّيد والكتّان مُقَلْفَطًا، فنقب فيه طول مائة وعشرين ذراعا، فخرج الماء، فلمّا قوي خروجُه بحيث أنّه ملأ القناةَ تركوه [2] .
[انتصار أباقا على بُراق]
وفيها عَبَر جيحون براق ابن جغْتاي بن القان قبلاي، فسار لحربه أباقا، فكان المصافُّ بناحية هَرَاة، فانتصر أباقا، وغَنِم جُنْدُه أشياء كثيرة، وغرق خلْقٌ من جُنْد بُراق [3] .
[عمارة صاحب الديوان ببغداد]
وفيها أنشأ صاحب الدّيوان ببغداد قصرا كبيرا، وبستانا عظيما زرع فيه حتّى الفُسّتُق. وأنشأ رِباطًا [4] . وجهّز وفدا من بغداد غرِم عليه أموالا، فحجّوا وسلموا [5] .
__________
[1] في الأصل: «وعشرون» . وفي الروض الزاهر 289 «مقدار عشرين يوما» .
[2] نهاية الأرب 30/ 150، الروض الزاهر 289 (سنة 666 هـ) .
[3] خبر أباقا وبراق في: الحوادث الجامعة 172.
[4] الخبر حتى هنا في الحوادث الجامعة 172.
[5] ورد هذا الخبر في الحوادث الجامعة 172، 173 في حوادث سنة 666 هـ.

(49/32)


[قتل ابن الخشكريّ الشاعر]
وأمر بقتل ابن الخشكريّ الشّاعر لكونه فضَّل شِعره على القرآن. وقد كان مدح الصّاحب بقصيدةٍ فأنشده، فأذّن المؤذّن، فأنصت الصّلاح، فقال ابن الخشكريّ: يا مولانا اسمع الجديد ودَع العتيق. فقتله في سنة ستّ وستين [1] .
__________
[1] الحوادث الجامعة 173 (حوادث سنة 666 هـ) ، البداية والنهاية 13/ 253 (سنة 666 هـ) .

(49/33)


سنة ستٍّ وستّين وستّمائة
[ضرب ابن الفقّاعي حتى الموت]
في صَفَر عُقِد مجلسٌ بين يدي السّلطان للضّياء بن الفُقّاعيّ، وجرى فيه ما اقتضى ضربُه والحَوْطةُ عليه، وأُخِذ خطّه بجملةٍ عظيمة. ثمّ لم يزل يُضْرب إلى أن مات.
قال قُطْبُ الدّين [1] : أُحصيت السّياط الّتي ضُرِبها فكانت سبعة عشر ألفا ونيِّف [2] .
[هديّة صاحب اليمن إلى السلطان]
وفيها وصل رسولُ صاحب اليمن الملك المظفّر شمس الدّين يوسف بن عمر بتقادُم، فيها: فِيل، وحمار وحْش، وخيول، ومِسْك، وعنْبر، وصينيّ، وأشياء، وطلب معاضدة السّلطان له وأنّه يخطب له في بلاده، فبعث إليه الأمير فخر الدين أياز المقرئ ومعه خلعة وسنجق وتقليد بالسّلطنة [3] .
__________
[1] في ذيل مرآة الزمان 2/ 374.
[2] وانظر خبر ضرب ابن الفقاعي في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 8 أ، والبداية والنهاية 13/ 253، وذيل مرآة الزمان 2/ 374، وعيون التواريخ 20/ 359، وعقد الجمان (2) 33.
[3] انظر خبر الهدية في: الروض الزاهر 290، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 9 أ، والبداية والنهاية 13/ 253، وذيل مرآة الزمان 2/ 374، وعيون التواريخ 20/ 359، والسلوك ج 1 ق 2/ 563، 564.

(49/34)


[فتح يافا]
وفي جُمَادى الآخرة خرج السّلطان إلى الشّام واستناب بيليك الخَزْنَدَار.
فأتته رُسُل صاحب يافا فاعتقلهم، وأمر العسكر بلبْس السّلاح ليلا، وسار فصبّح يافا، فهربوا إلى القلعة، وملك المدينة بلا كلْفة، وطلب أهل القلعة الأمان، فأمَّنَهم وعوَّضهم عمّا نهب لهم أربعين ألف درهم، وركبوا في البحر إلى عكّا. ثمّ هُدِمت يافا وقلعتها [1] .
[حصار الشَّقِيف]
ثمّ سار طالبا الشَّقِيف فنازلها، وظفر بكتابٍ من عكّا إلى الشَّقِيف استفاد منه أشياءَ كَتَبَها إليهم كانت سبب الخُلْف بينهم. واشتدّ الحصار والزَّحْف والمجانيق، فطلبوا الأمان، فتسلَّم السّلطان الحصنَ، وكان فيه نحو خمسمائة رجل. فساروا إلى صور. وكان الحصار عشرة أيّام [2] .
[غارة السلطان على طرابلس]
ثمّ سار السّلطان جريدة فأغار على طرابُلُس [3] ، وخرَّب قُراها، وقطّع
__________
[1] انظر عن (فتح يافا) في: الروض الزاهر 292، 293، والتحفة الملوكية 61، 62، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 9 أوب، ونزهة المالك والمملوك، ورقة 63 أ، وتاريخ الدولة التركية، لمؤرّخ مجهول، ورقة 10 ب (سنة 665 هـ) ، والإعلام والتبيين 62، والدرّة الزكية 124، 125، والمختصر في أخبار البشر 4/ 4، والعبر 5/ 283، ودول الإسلام 2/ 170، وتاريخ ابن الوردي 2/ 219، والبداية والنهاية 13/ 251، وذيل مرآة الزمان 2/ 374، وعيون التواريخ 20/ 359، 360، وعقد الجمان (2) 19، 20، وتاريخ ابن سباط 1/ 416.
[2] انظر خبر الشقيف في: الروض الزاهر 295- 297، والتحفة الملوكية 62، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 9 ب، ونزهة المالك والمملوك، ورقة 63 أ، وتاريخ الدولة التركية، ورقة 10 ب.
(سنة 665 هـ) ، والإعلام والتبيين 62، 63، والدرّة الزكية 125، 126، والعبر 5/ 283، ودول الإسلام 2/ 170، والبداية والنهاية 13/ 251، وذيل مرآة الزمان 2/ 374، 375، وعيون التواريخ 20/ 360، وعقد الجمان (2) 20، 21، وتاريخ ابن سباط 1/ 416- 423.
[3] انظر خبر الغارة على طرابلس في: الروض الزاهر 299- 305، وذيل مرآة الزمان 2/ 382،

(49/35)


أشجارها، وغوَّر أنهارها، ورحل، فنزل على حصْن الأكراد بالمَرْج الّذي تحت الحصْن، فنزل إليه رسولٌ بإقامةٍ وضيافة، فردّها وطلب منهم دِيَة رجلٍ من أجناده قتلوه مائة ألف دينار، ثمّ رحل إلى حمص وحماة، ثمّ إلى فامية [1] .
[فتح أنطاكية]
ثمّ رحل ليلا، وأمر العسكر بلبْس العدّة فنزل على أنطاكية في أوّل رمضان، فخرجوا إليه يطلبون الأمان، وشرطوا أشياء لم يُجَبْهم إليها، وزحف عليها فافتتحها في رابع رمضان [2] ، وصمَّد غنائمها، ثمّ قسّمها على الجيش بحسب مراتبهم، وحصروا من قُتِل فيها من النّصارى، فكانوا فوق الأربعين ألفا.
وأما ابن عبد الظّاهر فقال: ما رفع السّيف عَن رَجُل بمدينة أنطاكية قطّ حتّى لو حلف الحالف ما سلم منها أحد لصدق.
ثُمَّ قَالَ: وكان بها على ما يقال مائة ألف وثمانية آلاف من الذّكور،
__________
[ () ] والتحفة الملوكية 62، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 9 ب، والدرّة الزكية 126، والمختصر في أخبار البشر 4/ 4، 5، ونهاية الأرب 28/ ورقة 93، ودول الإسلام 2/ 170، والعبر 5/ 283، والبداية والنهاية 13/ 251، وعيون التواريخ 20/ 360، وتاريخ ابن خلدون 5/ 387، وصبح الأعشى 8/ 299، والسلوك ج 1 ق 2/ 566، وعقد الجمان (2) 21، والنجوم الزاهرة 7/ 142، وتاريخ ابن سباط 1/ 424، وتاريخ الأزمنة 251، وتاريخ الطائفة المارونية 1/ 112، وشذرات الذهب 5/ 322، وتاريخ طرابلس (تأليفنا) 1/ 556، 557، والإعلام والتبيين 63.
[1] يقال: فامية، كما هنا، وأفامية، كما في المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 9 ب.
[2] انظر عن (فتح أنطاكية) في: الروض الزاهر 307، والتحفة الملوكية 62- 64، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 10 أ، وتاريخ الدولة التركية، ورقة 10 ب (سنة 665 هـ) ، والإعلام والتبيين 63، والدرّة الزكية 126، 127، والحوادث الجامعة 171 (حوادث 664 هـ) ، والمختصر في أخبار البشر 4/ 4، 5، والعبر 5/ 283، ومرآة الجنان 4/ 165، والبداية والنهاية 13/ 251، 252، وذيل مرآة الزمان 2/ 383، وعيون التواريخ 20/ 360، والسلوك ج 1 ق 2/ 567، 568، وعقد الجمان (2) 21- 29، وتاريخ ابن سباط 1/ 424، 425.

(49/36)


وذلك حسبما عَدَّه نائب التّتار الّذي ورد إليها شِحْنة، واستخرج على الرّأس دينارا. هذا سوى من دخل إليها عند هجوم العساكر من الفلّاحين.
وأمّا قلعتها فلجئوا إليها وتحاشروا بها، فكانوا ثمانية آلاف رجل [1] ، غير الحريم والأولاد، فمات بها عالمٌ كثير في زحمة الباب.
وأمّا الوزير والوالي وغيرهما فلمّا شاهدوا الحال هربوا في اللّيل في الجبال رَجّالةً، فأصبح النّاس فطلبوا الأمان من القتل وأن يؤسروا. ثمّ خرجوا في أحسن زِيٍّ وزينةٍ كأنّهم الزَّهْر، وصاحوا بين يدي السّلطان وسجدوا، وقالوا بصوت واحد: العفْو، ارحمْنا يرحَمَك الله. فرقَّ قلبُه ورحمهم، ورفع عنهم القتل.
قلت: هذه مجازفة متناقضة.
وكان بها طائفة من الأسرى فخلّصهم الله. وكانت أنطاكية للبَرّنس صاحب طرابُلُس، وهي مدينة عظيمة، مسافةُ سُورها اثنا عشر ميلا، وعددُ أبراجها مائةٌ وستّةٌ وثلاثون بِرجًا، وشُرُفاتها أربعٌ وعشرون ألفا، وفي داخلها جبلٌ وأشجارٌ ووحوش، وماء تجري، وفواكه مختلفة. وكان لها في يد النّصارى أكثر من مائةٍ وسبعين سنة أو نحوها.
[تسلُّم بغراس]
ثمّ إنّه تسلَّم بغراس بالأمان، وكان قد هرب أكثر أهلها [2] .
__________
[1] التحفة الملوكية 63.
[2] انظر عن (بغراس) في: الروض الزاهر 325، 326، والتحفة الملوكية 64، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 10 أ، والإعلام والتبيين 63، والدرّة الزكية 127 و 138، والمختصر في أخبار البشر 4/ 5، والعبر 5/ 283، وتاريخ ابن الوردي 2/ 219، وذيل مرآة الزمان 2/ 384، وعيون التواريخ 20/ 361، وعقد الجمان (2) 29.

(49/37)


[تسلّم در كوش]
وتسلّم در كوش، وصالح أهلَ القُصَير على مناصفته ومناصفة القلاع المجاورة له [1] .
[دخول السلطان دمشق]
ودخل دمشق في السّابع والعشرين من رمضان، وكان يوما مشهودا [2] .
[صعْقة غوطة دمشق]
وفيها كانت الصَّعْقة الكبرى الكائنة على غوطة دمشق في ثالث نيسان أحرقت الشّجر والثّمر والزَّرْع والكَرْم، وهلك للنّاس ما لا يُوصف.
وكان السّلطان قد احتاط على الغوطة، وأراد أن يتملّكها، وتعترّ النّاس بالظُّلم والمصادرة، وضجُّوا واستغاثوا باللَّه، فلمّا شدّدوا على المسلمين وألزموهم بوزن ضمانِ بساتينهم حتّى تطرّقوا إلى الأوقاف، أحرق الله الجميع.
وجاء الفلّاحون والضّمان بالتّمر والورق والكَرم، وهو أسود محروق، ورفعوا الأمر إلى نوّاب السّلطنة فلم يلتفتوا عليهم وأهانوهم، وأُلزِموا بضمان أملاكهم، والله المستعان.
قال قُطْب الدّين [3] : احتاط السّلطان على البساتين وعلى القُرى، وهو نازلٌ على الشَّقِيف. وكان قد تحدَّث في ذلك مع العلماء، فقال له القاضي شمس الدّين ابن عطاء الحنفيّ: هذا لا يجوز لأحدٍ أن يتحدَّث فيه. وقام مُغْضبًا. وتوقّف الحال، وكما وقعت الحَوْطَةُ على البساتين صُعِقَت بحيث عُدِمت الثّمار بالكُلّيّة، وظنّ النّاس أنّه يرِقّ لهم، فلمّا أراد التّوجّه إلى مصر
__________
[1] انظر عن (دركوش) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 10 أ، والدرّة الزكية 127.
[2] المقتفي للبرزالي 1 ورقة 10 أ، الدرّة الزكية 127، ذيل مرآة الزمان 2/ 384، عيون التواريخ 20/ 361، عقد الجمان (2) 30.
[3] في ذيل مرآة الزمان 2/ 385، 386.

(49/38)


عقد بدار العدل مجلسا، وأحضر العلماء، وأخرج فتاوى الحنفيّة بأنّه يستحقّها بحُكم أنّ عمر رضي الله عنه فتح دمشق عَنْوةً، ثمّ قال: من كان معه كتاب عِتْق أمضيناه، وإلّا فنحن فتحنا البلاد بسيوفنا. ثمّ قرّر عليهم ألف ألفِ درهم عن الغُوطة، فسألوه أن يقسّطها عليهم، فأبى، وتمادى الحال إلى أنْ خرج متوجّها إلى مصر في ذي القعدة. فلمّا وصل إلى اللّجون عاوده الأتابك وفخر الدّين ابن خير وزير الصُّحْبة، فاستقرّ الحال أن يعجّلوا منها أربعمائة ألفِ دِرهم، ويُعاد إليهم ما قبضه الدّيوان من المُغَلّ، ويسقّط ما بقي كلّ سنة مائتي ألف درهم، وكُتِب بذلك توقيع.
قلت: جاء على كلّ مُدْي بضعة عشر درهما، وباع النّاس أملاكهم بالهوان، وعجزوا، فإنّ بعض الأمداء لا يغلّ في السّنة ستّة دراهم [1] .
[أعجوبة دعاء الركابيّ]
أعجوبة اللَّهمّ أعْلَمُ بصحّتها قد خلّدها ابن عبد الظّاهر في «السّيرة الظّاهريّة» فقال: بُعِثْتُ رسولا إلى عكّا في الصُّلح، فبالغوا في إكرامنا ونزلنا دارا على بابها أعلام وصُلْبان وجرص كبير كالكنائس، فحرّكوا الأجراس، ومعنا رِكابيّ اسمه رَيّان، فنادى: يالله يالله كسِّر هذه الأعلام واقْطع هذه الأجراس، وملِّك السّلطان الملكَ الظّاهرَ عكّا، فما استتمّ حديثَه إلّا والجرص قد انقطع، والأعلام قد وقعت، وتكسَّرت الرّماح.
[إطلاق سنقر الأشقر من الأسر]
قال قُطْب الدّين [2] : وبعث صاحب سِيس يستفكّ ولَدَه من الأسر، فطُلِب منه من جملة الفِداء أن يسعى في خلاص الأمير شمس الدّين سُنْقُر الأشقر
__________
[1] وانظر خبر الصعقة باختصار في: العبر 5/ 283، ومرآة الجنان 4/ 165، والبداية والنهاية 13/ 255 (سنة 667 هـ) . وذيل مرآة الزمان، 385، 386، وعيون التواريخ 20/ 362، 363 وفيه شعر عن الصعقة، و 382.
[2] في ذيل مرآة الزمان 2/ 384.

(49/39)


من التّتار، فبعث صاحبُ سِيس إليهم متوسِّلًا بطاعته، وبذل أموالا فلم يُجِيبوه. فلمّا استولى السّلطان على أنطاكية بعث إليه صاحب سِيس يبذل القِلاع الّتي كان أخذها من التّتار عند استيلائهم على حلب، وهي دَرْبساك [1] ، وبهَسْنا [2] ، ورعْبان [3] ، فأبى عليه إلّا أنْ يحضر سُنْقُر الأشقر، فسار صاحب سِيس إلى التّتار، واستغاث بهم على الملك الظّاهر، واستصحب معه أحد البحريّة عَلَم الدّين سلطان، فكان يجتمع بسُنْقُر الأشقر سرّا وعليه زِيّ الأرمَن، والأشقر يخاف أن يكون دسيسة عليه فلا يُصغي إلى قوله فيقول: ما أعرف صاحب مصر، ولا أخرج عن هؤلاء القوم. فلم يزل عَلَم الدّين يذكر له أماراتٍ وعلامات عرف منها صحّة قصده، فأذعن للهرب. فلمّا خرج صاحب سِيس لبس سُنْقُر الأشقر زِيَّهم، واختفى معهم، فلمّا وصل به صاحب سِيس من مصر، فأُحضِر إليه وهو على أنطاكية، ثمّ سيّره مع جماعة إلى سِيس، فوقفوا على النّهر به بالقُرب من حدّ دَرْبساك، ووصل سُنْقُر الأشقر مع جماعةٍ من سِيس، فوقفوا على جانب النّهر، ثمّ أطلق كلٌّ من الفريقين أسيرهم [4] ، وتسلَّم نوّاب السّلطان درْبساك ورعبان، وبقيت بهَسْنا [5] ، سأل صاحب سِيس من سُنْقُر الأشقر أن يشفع له عند السّلطان في إبقائها له على سبيل الإقطاع، فوعده بذلك، ولمّا وصل الخبر خرج السّلطان من دمشق لتلقّيه، فلمّا رآه ترجّل،
__________
[1] وقع في عيون التواريخ 20/ 361 «دريساك» بالياء المثنّاة من تحتها، وهو غلط. والمثبت هو الصواب. وهي بفتح الدال وسكون الراء المهملتين وفتح الباء الموحدة والسين المهملة ثم ألف وكاف. وهي ذات قلعة مرتفعة يمر فيها النهر الأسود وهي عن بغراس في الشمال بميلة إلى الشرق وبينهما نحو عشرة أميال. (تقويم البلدان 360 و 361) (معجم البلدان) .
[2] بهسنا: قلعة حصينة بقرب مرعش وسميساط.
[3] رعبان: مدينة بالثغور بين حلب وسميساط قرب الفرات في العواصم. (معجم البلدان) .
[4] الخبر باختصار في التحفة الملوكية 64، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 10 ب، ونهاية الأرب 30/ 153، 154، والمختصر في أخبار البشر 4/ 5، وتاريخ ابن الوردي 2/ 219، والسلوك ج 1 ق 2/ 569، 570، وعقد الجمان (2) 31، والروض الزاهر 330.
[5] في الأصل: «بهنسا» وهو تصحيف.

(49/40)


واعتنقا طويلا، وسارا حتّى نزلا في المُخيّم. فلمّا أصبحا خرجا منه جميعا.
وشفع في بهَسْنا، فامتنع السّلطان فقال: «إنّي قد رهنتُ لساني معه، وأحسن إليَّ بما لا أقدر على مكافأته» . فقبِل شفاعته، وأجاب طلْبته [1] .
وكان هولاكو قد أخذ سُنْقُر الأشقر من حبْس الملك النّاصر يوسف لمّا افتتح حلب. وعمل ( ... ) [2] حاكم المَوْصِل بالنّصرانيّ الفلّاح مسعود، ومعه أشموط شحنة.
__________
[1] عيون التواريخ 20/ 361، 362.
[2] في الأصل بياض.

(49/41)


سنة سبع وستين وستمائة
[تحليف الأمراء للملك السعيد]
في صَفَر حلّف السّلطان الأمراء، للملك السّعيد، وقُرِئ تقليده [1] .
[توجُّه السلطان إلى الشام]
وفي جُمَادى الآخرة توجّه السّلطان والأمراء إلى الشّام جرائدَ، وناب ابنه عنه، وعلّم على التّواقيع، وكاتَبَه نوّابُ البلاد [2] .
[وصول رُسُل صاحب سِيس]
وفيها وصلت رُسُل أبْغا ومعهم جماعة من جهة صاحب سِيس، وأحضرهم السّلطان فأدّوا الرّسالة، مضمُونها طَلَب الصُّلح بقوّة نفْس، وإنّا خرجنا فملكنا جميع العَالَم، وأنت لو صعدْتَ إلى السّماء ما تخلَّصت منّا، وأنت مملوك أُبعت في سِيواس، فكيف تشاقّ ملك الأرض؟
__________
[1] انظر خبر تحليف الأمراء في: ذيل مرآة الزمان 2/ 406، والروض الزاهر 338، ونهاية الأرب 30/ 157، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 12 ب، والبداية والنهاية 13/ 254، وعيون التواريخ 20/ 377، والسلوك ج 1 ق 2/ 573، وعقد الجمان (2) 39، والنجوم الزاهرة 7/ 44، وتاريخ ابن سباط 1/ 437، 438، وتاريخ الدولة التركية، ورقة 10 ب.
[2] انظر خبر سفر السلطان في: ذيل مرآة الزمان 2/ 407، والدرّة الزكية 139، 140، والتحفة الملوكية 65، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 13 أ، والبداية والنهاية 13/ 254، وعيون التواريخ 20/ 377، والسلوك ج 1 ق 2/ 574، وعقد الجمان (2) 43، والنجوم الزاهرة 7/ 144، 145، وتاريخ ابن سباط 1/ 426، 427، ونهاية الأرب 30/ 160، والعبر 5/ 285، ودول الإسلام 2/ 171، وتاريخ ابن الوردي 2/ 219.

(49/42)


فأجاب: إنّي في طلب جميع ما استوليتم عليه من العراق والجزيرة والرّوم.
ثمّ جهّزهم [1] .
[الخلعة على صاحب صهيون]
وفيها وصل إليه صاحب صَهْيُون الأمير سيف الدّين محمد بن مظفّر الدّين عثمان بن منكورس، وقدَّم مفاتح صَهْيُون فخلع عليه، وأبقاها بيده [2] .
[كشف السلطان على حال ولده سرّا]
وفي أواخر رجب خرج السّلطان فنزل على الخرْبة، ثمّ ركب منها على البريد سرّا إلى القاهرة، بعْد أن عرَّف الفارقانيّ أنّه يغيب، وقرّر مع الفارقانيّ أنْ يحضر الأطبّاء كلّ يومٍ، ويستوصف منهم للسّلطان، يوهم أنّه مريض، فيعمل ما يصِفُونَه، ويدخل به إلى الدِّهليز.
ودخل السّلطان مصر في اليوم الرّابع، وأقام بها أربعة أيّام ثمّ ردّ على البريد إلى المخيم الشّريف، فكانت الغيبة أحد عشر يوما. وكان غرَضُه كشْف حال ولده، وكيف دَسْتُه [3] .
[تسلُّم السلطان قلعتي بلاطُنُس وبكسراييل]
وفي رمضان تسلَّم نوّاب السلطان قلعة بلاطُنُس وقلعة بكسراييل [4] من
__________
[1] انظر خبر الرسل في: ذيل مرآة الزمان 2/ 407، والدرّة الزكية 139، 140، والتحفة الملوكية 65، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 13 أ، والبداية والنهاية 13/ 254، وعيون التواريخ 20/ 377، 378، والسلوك ج 1 ق 2/ 574، وعقد الجمان (2) 43، والنجوم الزاهرة 7/ 144، 145، وتاريخ ابن سباط 1/ 426، 427، ونهاية الأرب 30/ 161.
[2] انظر خبر صهيون في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 13 ب.
[3] انظر خبر كشف السلطان على ولده في: الروض الزاهر 342، 343، والتحفة الملوكية 65، 66، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 13 ب، والمختصر في أخبار البشر 4/ 5، والعبر 5/ 285، 286، ومرآة الجنان 4/ 166، والبداية والنهاية 13/ 254، وعيون التواريخ 20/ 378، والسلوك ج 1 ق 2/ 574- 578، وعقد الجمان (2) 44- 47.
[4] يرد في المصادر: بكسرائيل وبنكسرائيل، وهو حصن الخوابي من بلاد الإسماعيلية. (انظر:

(49/43)


عزّ الدّين أحمد بن مظفَّر الدّين عثمان بن منكورس الصَّهْيُونيّ، وعُوِّض عنهما قرية من عمل شَيْزَر [1] .
[الغارة على أعمال صور]
وتوجَّه السّلطان إلى صفد، فأقام بها يومين، وأغار على أعمال صور [2] ، وعيّد بالجابية، ثمّ انتقل إلى الفوّار، ثمّ سار إلى الكَرَك، ومنها إلى الحجّ [3] فحجّ معه الأمير بدر الدّين بيليك الخَزْنَدَار، والقاضي صدر الدين سليمان، وفخر الدّين بن لقمان، وتاج الدّين ابن الأثير ونحو ثلاثمائة مملوك، وجماعة من أعيان الحلْقة. فقدِم المدينة في أواخر ذي القعدة.
وكان جمّاز قد طرد ابن أخيه مالكا عن المدينة، واستقلّ بإمرتها، فهرب من السّلطان، فقال السّلطان: لو كان جمّاز يستحقّ القتلَ ما قتلتُه لأنّه في حَرَم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. ثمّ تصدَّق بصَدَقَاتٍ، وحجّ، فتلقّاه أبو نميّ وعمّه إدريس فخلع عليهما، ووقف بعَرَفَة يوم الجمعة [4] ، ثمّ أفاض. وغسّل الكعبة بماء
__________
[ () ] تاريخ الأنطاكي- بتحقيقنا- ص 420) .
[1] انظر خبر بلاطنس في: الروض الزاهر 348، والتحفة الملوكية 66، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 14 ب، والمختصر في أخبار البشر 4/ 5، وتاريخ ابن الوردي 2/ 219، وعيون التواريخ 20/ 378، 379، وذيل مرآة الزمان 2/ 408، والسلوك ج 1 ق 2/ 579، وعقد الجمان (2) 49.
[2] خبر الغارة على صور في: التحفة الملوكية 66، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 14 ب، وذيل مرآة الزمان 2/ 408، وعيون التواريخ 20/ 379، والسلوك ج 1 ق 2/ 579، والروض الزاهر 347.
[3] انظر عن (حجّ السلطان) في: الروض الزاهر 354- 358، وذيل مرآة الزمان 2/ 409، والتحفة الملوكية 66، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 14 ب، والدرّة الزكية 142، ونهاية الأرب 30/ 166، 167، والمختصر في أخبار البشر 4/ 5، والبداية والنهاية 13/ 254، وعيون التواريخ 20/ 379، 380، والسلوك ج 1 ق 2/ 580، 581، وعقد الجمان (2) 46، 47، والنجوم الزاهرة 7/ 146، 147، وتاريخ ابن خلدون 5/ 389، وتاريخ ابن سباط 1/ 428، وتاريخ ابن الوردي 2/ 219، وشفاء الغرام للفاسي (بتحقيقنا) 2/ 382، 383.
[4] نزهة المالك والمملوك، ورقة 63 أ، تاريخ الدولة التركية، ورقة 10 ب و 11 أ، ذيل مرآة الزمان 2/ 409، عيون التواريخ 20/ 379.

(49/44)


الورد [1] ، وطيَّبها بيده، وأقام إلى ثالث عشر ذي الحجّة، وزار المدينة، ووصل الكَرَك يوم التّاسع والعشرين من الشهر، فصلّى بها يوم الجمعة، ثمّ ساق منه على البريد، فوصل دمشق بكرة الأحد يوم ثاني المحرَّم، من سنة ثمانٍ [2] ، فخرج النَّجيبيّ فصادفه في سوق الخيل، فنزل وقبّل الأرض.
[مسير السلطان إلى حلب وحماه ودمشق]
ثمّ ساق إلى حلب فدخلها في سادس المحرَّم، فأقام بها أربعة أيّام، ثم ردّ إلى حماة، ثمّ إلى دمشق [3] .
[دخول السلطان القاهرة]
ثمّ إنّه دخل القاهرة يوم ثالث صفر. وصادف وصول الرَّكْب المصريّ [4] .
[الحوطة على بلاد حلب]
وفيها تقدَّم السّلطان بالحوطة على بلاد حلب وأملاكها، وأن لا يُفْرَج عن شيءٍ منها إلّا بكتاب عتق [5] .
__________
[1] تاريخ الدولة التركية، لمؤرّخ مجهول ورقة 10 ب.
[2] التحفة الملوكية 66، 67، والخبر كما هنا في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 14 ب، 15 أ، المختصر في أخبار البشر 4/ 5، والسلوك ج 1 ق 2/ 580- 582 و 588، وعقد الجمان (2) 47، 48.
[3] التحفة الملوكية 67، وقيل في كثرة تنقّله بين البلاد:
بينا تراه في الحجاز إذا به ... في الشام للحجّ الشريف يقدّس
وتراه في حلب يدبّر أمرها ... وتراه في مصر يذبّ ويحرس
وتراه في حجّ عليه عباءة ... وتراه في غزو عليه الأطلس
وانظر الخبر في: المقتفي 1/ ورقة 15 ب. (في حوادث سنة 667 هـ) ، والمختصر في أخبار البشر 4/ 5، والبداية والنهاية 13/ 255، وعيون التواريخ 20/ 380، وعقد الجمان (2) 48.
[4] خبر دخول السلطان في: تاريخ ابن الوردي 2/ 219، وعيون التواريخ 20/ 380.
[5] خبر الحوطة في: ذيل مرآة الزمان 2/ 410، وعيون التواريخ 20/ 380.

(49/45)


[هبوب ريح عظيمة بمصر]
وفي ذي الحجة هبّت ريح عظيمة بمصر غرّقت في النّيل نحو مائتي مركب، وهلك كثير من الناس [1] .
[المطر بقليوب]
وأمطرت قليوب مطرا غزيرا [2] .
[عصيان تاكودر على الملك أبْغا]
وفيها عصى تاكودر [3] على الملك أبغْا وحاربه، فانتصر أبْغا، ثمّ إنّ بُرَق ابن عمّ تاكودُر [2] انتصر له، وقصد يَشير أخا أبْغا فكسره [4] .
[حريق سوق الصالحية]
وفي رجب احترق سوق جبل الصّالحيّة، وراح أكثر ما فيه من قماشٍ ومتاعٍ، وكان حريقا كبيرا.
قال بعض الفُضَلاء: ما رأيت في عُمري حريقا أكبر منه. احترق السّوق من أوّله إلى آخره من الجهتين، واحترق فيه دُكّانان للعِطْر لم يكن في دمشق أحسن منهما ولا أكبر من الصّيني والمُطعَّم بالفضّة وغير ذلك. وهلك لتاجرٍ شيءٌ بخمسة عشر ألف درهم.
__________
[1] خبر الريح بمصر في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 15 ب، والبداية والنهاية 13/ 255، وعيون التواريخ 20/ 382، وعقد الجمان (2) 51.
[2] خبر المطر في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 15 ب، وزاد: «وكان بالشام من هذه الريح صقعة أحرقت الأشجار» ، والبداية والنهاية 13/ 255، وعيون التواريخ 20/ 382.
[3] هكذا في الأصل بالتاء المثنّاة، وضمّ الدال المهملة. وفي الدرّة الزكية: «ناكورا» بالنون وفتح الدال المهملة، وفي عقد الجمان (2) 34 «تكدار بن موجي بن جغطاي» . و (2) 50.
[4] الدرّة الزكية 140.

(49/46)


[رفْع القِباب للسلطان]
وفي رجب أُزيلت القِباب الّتي عُمِلت، وكانت قد اعتنوا بها لأجل مجيء السّلطان. وكانت مُحْكَمَةً، ضخمةَ الأخشاب، كلّ واحدةٍ طبقات. وكان عملها بالدّبادب والمغاني واللهو، وبقيت دون شهر مجَرَّدَة. فلمّا همُّوا بزينتها جاء الأمر بإبطالها، فأصبح النّاس وقد أُزيلت ليلا كأنْ لم تكن، فهرجوا ومرجوا، ثمّ عُمِلت له القِباب عند مجيئه من فتْح أنطاكية.
[إشتاء أباق ببغداد]
وفيها شتا أباق ببغداد.

(49/47)


سنة ثمان وستين وستمائة
[خروج السلطان للصَّيْد]
دخل السّلطان القاهرة في صَفَر، ثمّ بعد أيّام توجّه إلى الإسكندريّة، ومعه ولده الملك السّعيد، فتصيّد وعاد إلى مصر، وخلع على الأمراء، وفرَّق فيهم الخيل والمال [1] .
[أسر أحد قادة الفرنج عند عكا]
وتوجَّه إلى الشّام في الحادي والعشرين في ربيع الأوّل في طائفةٍ يسيرة من الأمراء، وقاسوا مَشَقَّةً من البرد. بلغه أنّ ابن أخت زيتون الملك خرج من عكّا في عسكرٍ، بقصد عسكر صفد، فسار السّلطان واجتمع بعسكر صفد بمكانٍ عيَّنَه، ثمّ سار إلى عكّا فصادف ابن أخت زيتون [2] قد خرج فكسره، وأسَرَه في جماعةٍ من أصحابه، وقتل من عسكره مقتلة [3] .
__________
[1] انظر خبر الصيد في: الروض الزاهر 360، 361، والتحفة الملوكية 68، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 16 أ، ونهاية الأرب 30/ 170، والدرّة الزكية 142، البداية والنهاية 13/ 256، وذيل مرآة الزمان 2/ 392، وعيون التواريخ 20/ 392، والسلوك ج 1 ق 2/ 584.
[2] في التحفة الملوكية 68 «ابن أخت الفرنسيس» وأنه قتل. والمثبت يتّفق مع ما في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 16 أمن أنه أسر، وكذلك مع الدرّة الزكية 143، والروض الزاهر 363، وعقد الجمان (2) 58، وتاريخ ابن سباط 1/ 428.
[3] خبر عكا في: الروض الزاهر 363، والتحفة الملوكية 68، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 16 أ، والدرّة الزكية 142، 143، والبداية والنهاية 13/ 256، وعيون التواريخ 20/ 392، والسلوك ج 1 ق 2/ 584، وعقد الجمان (2) 58.

(49/48)


[غارة السلطان على المرقب]
ثمّ أغار على المَرقب فصادف أمطارا وثلوجا، فرجع إلى حمص، وأقام بها نحْوًا من عشرين يوما [1] .
[دخول السّلطان مصر]
ثمّ سار إلى تحت حصن الأكراد [2] ، وأقام يسير كلّ يوم نحوها، ويعود من غير قتال، فبلغه أنّ مراكب الفرنج وصلت إلى ميناء الإسكندريّة، وأخذت مركبين للمسلمين، فرحل لوقته وساق فدخل القاهرة في ثاني عشر شعبان [3] .
[نيابة حصون الإسماعيلية]
وفيها قدِم صارم الدّين مبارك بن الرِّضى مقدَّم الإسماعيليّة بهديّةٍ إلى السلطان، وشفع فيه صاحب حماة، فكتب له السّلطان بالنّيابة على حصون الإسماعيليّة، على أنْ تكون مِصْياف وبلدها خاصّا للملك الظّاهر. وبعث السّلطان معه نائبا من جهته على مِصْياف، وهو عزّ الدّين العديميّ. فلمّا وصلوا امتنع أهل مِصْياف، وقالوا لا نسلّمها للصّارم فإنّه كاتَبَ الفرنج، ونحن نسلّمها للعديميّ، وقالوا له: تعال إلينا من الباب الشّرقيّ. فلمّا فتحوا له هجم معه الصّارم، وبذل السّيف، وقتل منهم خلْقًا، وتسلَّم هو والعديميّ القلعة [4] .
__________
[1] انظر عن المرقب في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 16 ب، والدرّة الزكية 143، وعيون التواريخ 20/ 392، والسلوك ج 1 ق 2/ 586، وتاريخ ابن سباط 1/ 428.
[2] التحفة الملوكية 68، الدرّة الزكية 143، السلوك ج 1 ق 2/ 286، الروض الزاهر 364.
[3] الخبر في المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 16 ب، وعيون التواريخ 20/ 392، 393، والسلوك ج 1 ق 2/ 586، والروض الزاهر 364.
[4] انظر عن (نيابة الإسماعيلية) في: الروض الزاهر 362- 370، وتاريخ الملك الظاهر 33، والتحفة الملوكية 68، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 17 ب (باختصار) ، وذيل مرآة الزمان 2/ 431، والمختصر في أخبار البشر 4/ 6، ونهاية الأرب 30/ 171، ودول الإسلام 2/ 171، والعبر 5/ 287، وتاريخ ابن الوردي 2/ 219، ومرآة الجنان 4/ 167، والدرّة

(49/49)


ثمّ غلب الصّارم على البلد، وأزال عنه يد العديميّ.
[ولاية ابن الشعراني على قلاع الإسماعيلية]
واتّفق مجيء نجم الدّين حسن بن الشعرانيّ [1] إلى السّلطان، ومعه تقدمة سنِيّه، فقدّمها عند حصن الأكراد، فكتب له السّلطان بالقلاع وهي: الكهف، والخوابي، والعليقة، والرّصافة، والقَدْمُوس، والمَيْنَقَة، ونصف جبل السُّمّاق، وقرَّر عليه أن يحمل في كلّ سنة مائة وعشرين ألف درهم [2] .
[عصيان الصارم وحبْسه]
ثمّ أخرج الصّارم من مصياف نائب السّلطان وعصى، فسار إليه صاحب حماة فنزل الصّارم وذلّ، ثمّ عاد إليها العديميّ، وحُمِل الصّارم إلى مصر فحبس بها [3] .
[إبطال الخمور بدمشق]
وفيها أُبْطِلت الخمور [4] وأُرِيقت بدمشق، وشدّد في ذلك الشّيخ خضر الكُرديّ شيخ السّلطان، وسعى في إعدامها بالكلّيّة، وكبس دور النّصارى
__________
[ () ] الزكية 143، وتاريخ ابن خلدون 5/ 390، والبداية والنهاية 13/ 256، وعيون التواريخ 20/ 392، ومآثر الإنافة 2/ 121 (سنة 667 هـ) ، وعقد الجمان (2) 58، 59، وتاريخ ابن سباط 1/ 428، وصبح الأعشى 4/ 146، والنجوم الزاهرة 7/ 187.
[1] يرد في المصادر: «الشعراني» ، و «المشعراني» . انظر: تاريخ الملك الظاهر لا بن شدّاد 37، والإعلام والتبيين 63، 64، وذيل مرآة الزمان 2/ 473، وعيون التواريخ 20/ 422 (سنة 670 هـ) .
[2] خبر قلاع الإسماعيلية في: الدرّة الزكية 144، والإعلام والتبيين 63، 64، والعبر 5/ 287، والسلوك ج 1 ق 2/ 586، 587، وعقد الجمان (2) 59، والروض الزاهر 365- 370.
[3] خبر عصيان الصارم في: الدرّة الزكية 144.
[4] خبر إبطال الخمور باختصار شديد في: نزهة المالك والمملوك، ورقة 63 أ (سنة 667 هـ) ، وتاريخ الدولة التركية، ورقة 11 أ، والعبر 5/ 288، ودول الإسلام 2/ 171، ومرآة الجنان 4/ 167.

(49/50)


واليهود، وكتبوا على أنفسهم بعد القسامة أنّه لم يبق عندهم منها شيء.
[انتشار الجراد]
وفيها جاء جرادٌ عظيم إلى الغاية بالشّام وإلى الدّيار المصريّة وإلى الحجاز.
[وزارة الصُّحْبة]
وفيها وُلّي الصّاحب تاج الدّين بن فخر الدين ابن خير وزارة الصُّحْبة على ما كان عليه والده.
[عمل جسرين على النيل]
وفي ذي الحجّة أمر السّلطان بعمل جسرَين بسلاسل ومراكب على النّيل إلى الجيزة لمّا بلغه حركة الفرنج ليجوز الجيش عليهما إلى الإسكندريّة إن دهمها عدوّ [1] .
[نزول الفرنج على تونس]
ثمّ تواترت الأخبار بنزول الفرنج على تونس [2] .
[كسرة عسكر بُرق]
وفيها سار أبْغا لينصر أخاه على بُرَق بعد أن جمع الجيوش، وسار بهم نحو شهرين، والتقوا على النّهر الأسود، فكُسر عسكر بُرَق كسرة عظيمة، وساقوا خلفهم ولزّوهم إلى الجسر فازدحموا، وتساقطوا في البحر، وردّ أبْغا إلى أرضه.
ووقع في عسكره الوباء فمات منهم خلق [3] .
__________
[1] البداية والنهاية 13/ 257.
[2] خبر تونس في: البداية والنهاية 13/ 258 (سنة 669 هـ) .
[3] خبر كسرة برق في: زبدة الفكرة ج 9/ ورقة 77 أ (في حوادث سنة 670 هـ) ، والدرّة الزكية 148- 150.

(49/51)


سنة تسع وستين وستمائة
[هدْم سور عسقلان]
في صفر توجّه السّلطان من مصر في بعض العسكر إلى عسقلان، فهدم بقيّة سُورها المُهْمَل من الأيّام الصّلاحيّة [1] .
[كسر عسكر أبغا]
وورد عليه الخبر بأنّ عسكر ابن أخي بركة كسر عسكر أبْغا.
[غدر أهل عكا بأسرى المسلمين]
ثمّ بلغه أنّ أهل عكّا ضربوا رقاب جماعةٍ من الأسارى، فأخذ أعيان من عنده مِن الأسرى فغرَّقهم في النيل، وكانوا مائة [2] .
[القبض على صاحب الكَرَك]
وفيها قبض السّلطان على الملك العزيز صاحب الكرك الملقّب بالمغيث.
__________
[1] انظر خبر سور عسقلان في: السلوك ج 1 ق 2/ 590، وتاريخ ابن سباط 1/ 431، والتحفة الملوكية 68 (في حوادث سنة 668 هـ) ، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 20 أ، وفيه أنه وجد فيما هدم كوزان فيهما نحو ألفي دينار، ونهاية الأرب 30/ 173، والدرّة الزكية 151، والبداية والنهاية 13/ 258، وذيل مرآة الزمان 2/ 443، وعيون التواريخ 20/ 399، والسلوك ج 1 ق 2/ 590.
[2] خبر الأسرى في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 20 ب، والدرّة الزكية 151، والبداية والنهاية 13/ 258، وذيل مرآة الزمان 2/ 443، وعيون التواريخ 20/ 399، وعقد الجمان (2) 80.

(49/52)


وكان من كبار الأمراء بالقاهرة، فقبض عليه وعلى جماعةٍ عزموا على سَلْطَنَته [1] .
[الحرب بين أمير مكة وعمّه]
وفي جُمَادى الأولى ورد الخبر أنّ أبا نميّ محمد بن سعْد بن عليّ بن قَتَادة أمير مكّة تواقع هو وعمّه إدريس، فاستظهر إدريس عليه وتفرَّد بإمرة مكّة.
وذهب أبو نميّ إلى يَنْبُع، فاستنجد بصاحبها، وجمع وقصد مكّة، فالتقيا، فحمل أبو نميّ على عمّه فطعنه رماه، ونزل فذبحه، واستبدّ بإمرة مكّة [2] .
[فتح حصن الأكراد]
وفي جُمَادى الآخرة خرج السّلطان بالجيش لقصْد حصن الأكراد، فبدأ بالإغارة على اللاذقيّة، والمَرْقَب، ومَرَقْيَة، وتلك النَّواحي، وافتتح في ذلك صافيتا، والمجدل، ثمّ نزل عَلَى حصْن الأكراد في تاسع عشر رجب، ونُصِبت المجانيق والسّتائر. وللحصن ثلاثة أسوار فأُخِذت الباشورة بعد يومين، وأُخِذت الباشورة الثّانية في سابع شعبان. وفُتِحت الثّالثة الملاصقة للقلعة في نصف شعبان، وكان المحاصِر لها الملك السّعيد، وبيليك الخَزْنَدَار، وبَيْسَريّ الصّالحيّ، ودخلوا البلد بالسّيف، فأسروا مَن فيه من الجبليّة والفلّاحين، ثمّ أطلقهم السّلطان، وتسلَّم القلعة في الخامس والعشرين من شعبان بالأمان، وترحّل أهلها إلى طرابُلُس. ثمّ رتّب الأفرم لعمارة الحصن، وصيّرت الكنيسة جامعا [3] .
__________
[1] خبر صاحب الكرك في: نهاية الأرب 30/ 173، 174، والسلوك ج 1 ق 2/ 595، والدرّة الزكية 151، والبداية والنهاية 13/ 260، وذيل مرآة الزمان 2/ 443، وعيون التواريخ 20/ 399.
[2] خبر الحرب في مكة في: التحفة الملوكية 69 (في حوادث سنة 668 هـ) ، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 21 أ، وذيل مرآة الزمان 2/ 444، وعيون التواريخ 20/ 399، 400، وعقد الجمان (2) 164 سنة 668 هـ) .
[3] انظر عن (فتح حصن الأكراد) في: الروض الزاهر 375- 376، وذيل مرآة الزمان 2/ 444، والتحفة الملوكية 70، وزبدة الفكرة ج 9/ ورقة 72 أوالمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 21 ب و 22 أب، والدرّة الزكية 151- 154 و 161، 162 ونزهة المالك والمملوك، ورقة

(49/53)


[مهادنة صاحب أنطرسوس]
وطلب صاحب أنطرسوس [1] المهادنة، وبعث بمفاتيحها إلى السّلطان، فصالحه على نصف ما يُتَحَصَّل منها، وجعل عندهم نائبا [2] .
[مصالحة صاحب المرقب]
وجاءت رُسُل صاحب المَرْقَب، فصالحهم على النِّصف أيضا.
وقُرِّرت الهُدنةُ عشر سِنين، وعشرة أشهر، وعشرة أيّام [3] .
[فتح حصن عكار]
ثمّ نزل السّلطان على حصن ابن عكّار، ونُصِبت المجانيق، ثمّ تسلَّمها بالأمان. وهي قلعة في واد بين جبال [4] .
__________
[ () ] 63 أ، ونهاية الأرب 30/ 76 أ، والمختصر في أخبار البشر 4/ 6، ودول الإسلام 2/ 172، والعبر 5/ 290، وتاريخ ابن الوردي 2/ 220، والبداية والنهاية 12/ 259، وعيون التواريخ 20/ 400، ومرآة الجنان 4/ 70 أ، وتاريخ ابن خلدون 5/ 390، والسلوك ج 1 ق 2/ 590، 591 و 593، وعقد الجمان (2) 59 و 70، والنجوم الزاهرة 7/ 150 و 153، وتاريخ ابن سباط 1/ 430، والإعلام والتبيين 64.
[1] ترد: أنطرسوس وأنطرطوس، وهي مدينة طرطوس المعروفة على ساحل الشام شماليّ طرابلس.
[2] خبر أنطرسوس في: الروض الزاهر 378، 379، والتحفة الملوكية 70، وزبدة الفكرة ج 9/ ورقة 72 ب، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 22 ب، والدرّة الزكية 154، والبداية والنهاية 13/ 259، وذيل مرآة الزمان 2/ 444، وعيون التواريخ 20/ 400، والسلوك ج 1 ق 2/ 591، 592.
[3] خبر المرقب في: التحفة الملوكية 70، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 23 أ، والدرّة الزكية 154، 155، والبداية والنهاية 13/ 259، وذيل مرآة الزمان 2/ 444، وعيون التواريخ 20/ 400، والسلوك ج 1 ق 2/ 591، 592.
[4] انظر عن (فتح حصن عكار) في: الروض الزاهر 379- 382، وذيل مرآة الزمان 2/ 448، ونزهة المالك والمملوك، ورقة 63 أ، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 23 أ، والتحفة الملوكية 71، 72، وزبدة الفكرة ج 9/ ورقة 72 ب، 73 أ، والدرّة الزكية 155- 58، ونهاية الأرب 30/ 176 وفيه «حصن عكا» ، والعبر 5/ 290، ومرآة الجنان 4/ 170 وفيه «حصن عكا» ، والبداية والنهاية 13/ 259 وفيه «حصن عكا» ، وعيون التواريخ 20/ 401، وتاريخ ابن

(49/54)


[مهادنة صاحب طرابُلُس]
ثمّ خيَّم في رابع شوّال على طرابلس، فسيَّر إليه صاحبُها يسأل عن سبب قصْده فقال: لأرعى زرْعَكم وأُخرِّب بلادكم، ثمّ أعود لحصاركم. فبعث إليه يستعطفه، ثمّ هادنه عشر سِنين [1] .
[السَّيل بدمشق]
وفي شوّال جاء دمشقَ سَيْلٌ عظيم مهُول هدم البيوت. وأخذ النُّزّال من الحجّاج الرّوميين بين النهرين وجِمالهم، وغرق جماعة. وذهب للنّاس شيءٌ كثير.
وكان ذلك بالنّهار والشّمس طالعة، والشمس قد شرع، فغُلِّقت أبوابُ المدينة، وطغَى الماء وارتفع حتّى بلغ أحد عشر ذراعا، وارتفع عند باب الفَرَج ثمانية أذرُع، وكادت دمشق أن تغرق. وسدّت الزّيادة الأنهار بطين أصفر، ودخل الماء إلى البلد، وخرَّب خَان ابن المقدّم، وطلع الماء فوق أسطحة كثيرة عند جسر باب تُوما [2] ، حتّى بلغني أنّه وُجِد فوق سطحٍ سَمَكَةٌ ميّتة، واصطادوا السّمك
__________
[ () ] خلدون 5/ 390 وفيه «حصن عكا» ، ومآثر الإنافة 2/ 121، والسلوك ج 1 ق 2/ 592، وعقد الجمان 2/ 76، 77، والنجوم الزاهرة 7/ 151، 152، وتاريخ ابن سباط 1/ 431، وتاريخ الأزمنة 252، وشذرات الذهب 5/ 328 وفيه «حصن عكا» ، وتاريخ طرابلس 1/ 562- 564، والإعلام والتبيين 64، ودول الإسلام 2/ 72، وفيه «حصن عكا» ، وتاريخ ابن الوردي 2/ 220.
وذكر ابن شدّاد أنه «كان به قوم من الفرنج سفهاء لا يفترون عن قول القبيح» . (الأعلاق الخطيرة ج 2 ق 2/ 118) .
[1] انظر خبر المهادنة في: الروض الزاهر 383، 384، وذيل مرآة الزمان 2/ 448 والتحفة الملوكية 72، وزبدة الفكرة ج 9/ ورقة 73 أ، والدرّة الزكية 158، 159، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 23 ب، ودول الإسلام 2/ 172، والعبر 5/ 290، ومرآة الجنان 4/ 170، والبداية والنهاية 13/ 259، وعيون التواريخ 20/ 209، 402، وتاريخ ابن خلدون 5/ 390، والسلوك ج 1 ق 2/ 593، وعقد الجمان (2) 77، والنجوم الزاهرة 7/ 152، وتاريخ ابن سباط 1/ 431، وتاريخ الأزمنة 252، وشذرات الذهب 5/ 328، وتاريخ طرابلس 1/ 564- 566، وتاريخ الدولة التركية، ورقة 11 أ، والإعلام والتبيين 64.
[2] انظر خبر السيل في: الروض الزاهر 384، 385، وتالي وفيات الأعيان 70، والدرّة الزكية 160، والتحفة الملوكية 72، وزبدة الفكرة ج 9/ ورقة 73 أ، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة

(49/55)


من وراء العادليّة عند دار ابن يغمور. وتحدَّثت العَوَامّ أنّ الّذين هلكوا بالزّيادة والرّدْم فوق الألفين ووُجِد في بساتين مرتفعة سمكٌ في النّقع إذا رأى الشّخصُ ارتفاعَ تلك الأماكن زاد تعجُّبُه.
وحدَّثني رجلٌ أنّ أهل الوادي الشّرقي وجدوا جملا ميتا فوق أصل سَفَرْجَل، وضجّ الخلْق بالبكاء والاستغاثة باللَّه. وكان يوما مشهودا وأشرفَ النّاس على التَّلف. ثمّ لَطَفَ اللهُ ورحم النّاس، وتَنَاقَصَ الماء، ولو ثبت ساعة أخرى أو ارتفع ذراعا آخر لغرِقت نصف دمشق [1] .
ولبعضهم:
لقد أظهر الجبّار بعضَ اقتدارِه ... فأرسل بحرا طاميا من بحارِه
وأرعدها حتّى توافق مياهُها ... مُطَنَّبةً محفوفة بازدجَارِه
وأهلك فيه خَلْقَه وعبيدَه ... فأضحوا وهم غَرَقَى بأقصى قرارِه
فكَمْ مِن شبابٍ مع نساءٍ وصِبْيَةٍ ... وكم من دوابّ قد صليْن بنارِه
فسُبْحان من أبدَى عجائبَ صُنْعِه ... وأزعج كلَّ الخلّقِ عند ابتدارِه
وعاد بلُطْفٍ منه عفْوًا ومِنَّةً ... فنسأله الزُّلْفَى غدا في جوارِه [2]
[إخراج اليهود من كنيسة لهم بدمشق]
وفي شوّال قبل يوم الزِّيادة الموصوفة جاء الشّيخ خضر شيخ السّلطان إلى
__________
[ () ] 23 ب، وذيل مرآة الزمان 2/ 451، ونهاية الأرب 30/ 176، 177، ودول الإسلام 2/ 172، والعبر 5/ 290، 291، وعقد الجمان (2) 80، 81، وتاريخ ابن سباط 1/ 432، وتاريخ الأزمنة 252، وشذرات الذهب 5/ 328، ومرآة الجنان 4/ 170، والبداية والنهاية 13/ 259، وعيون التواريخ 20/ 402، والسلوك ج 1 ق 2/ 596،
[1] وحكي أن فقيرا يعرف بالخبر حضر إلى دار نائب السلطنة بدمشق قبل هذه الحادثة وقال:
عرّفوا الأمير أنّي أريد أن أعدو إلى بعلبكّ. فقال له الأمير: «رح، اجر» ، وضحكوا منه، فتوجّه، وعاد وهو ينذر الناس بالسيل، فضحكوا منه ولم يعبأوا بكلامه، فما أحسّوا إلّا والسيل قد هجم (نهاية الأرب 30/ 177) .
[2] وفي ذيل مرآة الزمان 2/ 451، 452، شعر آخر بمناسبة السيل. وعيون التواريخ 20/ 402، 403.

(49/56)


كنيسة اليهود، ومعه أمراء وأعيان والوالي، وأخرجوا اليهود منها يوم سَبْتهم وآذوهم، وقرأ القرآن بها غيرُ واحدٍ، ثمّ غنّى المغنّون، ورقص النّاس بحضرة الشّيخ خضر، وكان يوما عجيبا. ونُهِب كلُّ ما فيها، وعمل الشّيخ ثاني يوم بسيسة عظيمة بالسّمن والعسل، وازدحم الخلْق حتّى دِيسَت بالرِّجْلَين، وفضلت ورُمِيت في نهر قلوط. واتّخذ الشّيخ خضر الكنيسة زاوية له. وكان صاحب كشْفٍ وأحوالٍ شيطانيّة. وجرى ما لا ينبغي وسيأتي ذِكر خضِر في سنة ستٍّ وسبعين [1] .
[دخول السلطان دمشق]
وجاء السّلطان بالجيش في نصف شوّال بعد الزّيادة بيومين إلى دمشق، ولَطَفَ اللهُ بهم إذ تأخّروا عن الزّيادة، وإلّا كانت غرّقتْ نصفَ الجيش وأكثر، فعزل السّلطان ابن خَلِّكان من القضاء بابن الصّائغ [2] .
[فتح القُرَين وهدمها]
ثمّ سار بعد عشرة أيّام، فنزل على القُرَين، ونصب عليها المجانيق.
وصدق أهلها في القتال، ودام الحصار جمعتين، ثمّ أُخِذت بالأمان وهُدِمت.
وكانت من أمنع الحصون [3] .
__________
[1] انظر خبر اليهود في: نهاية الأرب 30/ 176، والبداية والنهاية 13/ 260، وعقد الجمان (2) 78.
[2] انظر عن (قاضي دمشق) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 23 ب، ونهاية الأرب 30/ 178، والبداية والنهاية 13/ 259، 260، وذيل مرآة الزمان 2/ 452، وعيون التواريخ 20/ 403، والسلوك ج 1 ق 2/ 596، وعقد الجمان (2) 78.
[3] انظر عن (فتح القرين) في: الروض الزاهر 385، وذيل مرآة الزمان 2/ 444، ونزهة المالك والمملوك، ورقة 63 أ، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 24 أ، والتحفة الملوكية 72، وزبدة الفكرة ج 9/ ورقة 73 ب، والدرّة الزكية 151- 154 و 161، 162، والمختصر في أخبار البشر 4/ 6، ودول الإسلام 2/ 172، والعبر 5/ 290، وتاريخ ابن الوردي 2/ 220، ومرآة الجنان 4/ 170، والبداية والنهاية 13/ 259، وعيون التواريخ 20/ 400، وتاريخ ابن خلدون 5/ 390، والسلوك ج 1 ق 2/ 590، 591، وعقد الجمان 21/ 79، والنجوم الزاهرة 7/ 150 و 153، وتاريخ ابن سباط 1/ 430.

(49/57)


[القبض على جماعة أمراء بمصر]
ثمّ سار السّلطان بالجيش حتّى أشرف على عكّا، ورجع ودخل مصر في ثالث عشر ذي الحجّة. ونابه في هذه السّفرة فوق ثمانمائة ألف دينار [1] . فلمّا دخل قبض على هؤلاء الأمراء الكبار: الحلبيّ، والمحمّديّ، وأيْدُغْديّ الحاجبيّ، والمساح، وبَيْدغان، وطوطج، لأنّه بلغه عنهم أنّهم همّوا بالفتْك به [2] .
[السَّيل بمكة المكرّمة]
ومن عجيب الاتّفاق أنّ مكّة جاء بها زيادةٌ وسَيْلٌ عَرَمْرم، بحيث أنّ الماء بلغ إلى فوق الحجر الأسود [3] .
[نقصان المياه وإبطال الطواحين]
ومن العجائب أنّ مياه دمشق والعاصي والفُرات قلّت ونقصت نقصا مجحِفًا، حتّى هلك شيءٌ كثير من الأشجار، وبَطَلَت الطّواحين، وعُمِلت طواحين بمدارات. وكانت الفواكه في هذه السّنة قليلة.
[تعيينات في مدارس دمشق]
وممّا جرى في هذه السّنة وقبلها وبعدها تولّي القاضي نجم الدّين ابن سَنِيّ الدّولة تدريس الأمينيّة، والقاضي عزّ الدّين ابن الصّائغ تدريس العادليّة، وأخوه
__________
[ () ] و «القرين» : حصن من حصون الأرمن، وكان لطائفة يقال لهم الاسبتار، وهو من أمنع الحصون على صفد. (نهاية الأرب 28/ 103) وقال البرزالي: «وكان بناؤه من الحجر الصلد، وبين كل حجرين عمود حديد ملزوم بالرصاص، فأقاموا في هدمه اثني عشر يوما» (المقتفي 1/ ورقة 24 أ) .
[1] المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 24 ب، وعيون التواريخ 20/ 403.
[2] خبر القبض على الأمراء في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 24 ب. وفيه أنهم كانوا اتفقوا على قبضه بالشقيف، ونهاية الأرب 30/ 180، والسلوك ج 1 ق 2/ 595، والدرّة الزكية 163، وتاريخ ابن الوردي 2/ 220، والبداية والنهاية 13/ 260، وعيون التواريخ 20/ 404.
[3] لم يذكر الفاسي قاضي مكة هذا الخبر في كتابه (شفاء الغرام) .

(49/58)


عماد الدّين تدريس العَذْراويّة، ورشيد الدّين الفارقيّ: النّاصريّة، والبُرهان المَرَاغيّ: الرُّكْنيّة، والعزّ بن عبد الحقّ: الأَسَديّة، وتاج الدّين عبد الرحمن:
المُجَاهديّة، وأخوه سيف الدّين: الصّارميّة، والبهاء بن النّحّاس: القليجيّة، وابن عمّه مُجير الدين: الرَّيْحانيّة، والوجيه ابن منجا: المسماريّة، والتّقيّ التّركمانيّ: المعظّميّة، والشّمس ابن الكمال: الضّيائيّة، والعزّ عمر الأربِليّ:
الجاروخيّة، وشَرف الدّين ابن المقدسيّ: العادليّة الصّغيرة.
[غرق سفن المسلمين عند قبرس]
وجهّز السّلطان وهو منازل حصن الأكراد سبعة عشر شينيّا في البحر، عليها الرّيِّس ناصر الدّين ريّس مصر، والهواريّ ريّس الإسكندريّة، وعلويّ ريّس دِمياط، والجمال بن حَسُّون مقدَّم على الجميع، لكونه بَلَغَه أنّ صاحب قبرس قدِم عكّا، فاغتنم السّلطان الفُرصةَ وبعث هؤلاء إلى قبرس، فوصلوها ليلا، فهاجت عليهم ريحٌ طردتهم عن المَرْسى، وألقت بعض الشّواني على بعض، فتحطّمت وتكسّر منها أحَدَ عَشَرَ شينيّا، وأُسِر من فيها من المقاتِلَة والبحّارة، وكانوا نحوا من ألف وثمانمائة. وسلِم ناصر الدّين وابن حسّون في الشّواني السّالمة [1] .
[أمر السلطان بإراقة الخمور]
قال الشّيخ قُطْب الدّين [2] : وفي ذي الحجّة أمر السّلطان بإراقة الخمور في
__________
[1] انظر خبر غرق السفن في: الروض الزاهر 386، 389، وذيل مرآة الزمان 2/ 453، والدرّة الزكية 162، والمختصر في أخبار البشر 4/ 6، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 22 ب، وزبدة الفكرة ج 9/ ورقة 73 ب- 74 ب، ونهاية الأرب 30/ 178، 179، وتاريخ ابن الوردي 2/ 220، والبداية والنهاية 13/ 259، وعيون التواريخ 20/ 404، والسلوك ج 1 ق 2/ 593، 594، وعقد الجمان (2) 72- 76، والنجوم الزاهرة 7/ 154، وتاريخ ابن سباط 1/ 430، وتاريخ الأزمنة 252.
[2] في ذيل مرآة الزمان.

(49/59)


بلاده، والوعيد على من يعصرها بالقتل. فأُرِيق ما لا يُحْصَر. وكان ضمانُ ذلك في ديار مصر خاصّة ألف دينار في كلّ يوم [1] .
[منازلة الفرنج تونس]
قال: وفيها نزلت الفرنج على تُونس انتصارا لأهل جَنَوَة بسبب ما أُخِذ من أموالهم، فنازلها الفرنسيس في أربعمائة ألف منها ستّة وعشرون ألف فارس، وفيهم جماعة ملوك. ومجموع عدّة مراكبهم أربعمائة مركب. وقاتلتهم البربر والعربان والعوامّ فقُتِل وَلَد الفرنسيس.
وقيل إنّ الفرنسيس مات ولم يبق عندهم ملكٌ يحكمهم. وطلبت الفرنج الصُّلح، فوقع الصّلح على ردّ مال أهل جنوة [2] .
__________
[1] انظر خبر الخمور في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 25 أ، ونهاية الأرب 30/ 180، 181، والسلوك ج 1 ق 2/ 595 و 597، والبداية والنهاية 13/ 260.
[2] خبر تونس في: التحفة الملوكية 69، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 20 ب، باختصار.

(49/60)


سنة سبعين وستمائة
[وقوع الخزندار في البحر]
في المحرَّم ركب السّلطان من الصّناعة في الشّواني ومعه نائب السَّلْطنة بيليك الخَزْنَدَار، فلمّا صار في الشّيني مال فوقع الخزندار في البحر، فنزل خلفه من أطلعه بشعره، وقد كاد [1] .
[نيابة أيدمر بدمشق]
ثمّ خرج السّلطان إلى الكَرَك، وأخذ معه النّائب عزّ الدّين أَيْدَمُر [2] ، وقدِم به دمشقَ، فجعله نائبا عليها، وعزل النّجيبيّ [3] . ثمّ سار إلى حماة ورجع. ثمّ مضى إلى حلب [4] .
[الوقعة بين التُّرْكُمان والمُغْل بين حارم وأنطاكية]
وسببُه أنّ صَمْغَرا ومعين الدّين البرواناه [5] والتّتر لمّا عادوا من عند أبغا
__________
[1] خبر الخزندار في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 25 أوب. وفيه: «وقد كاد يغرق، فخلع عَلَيْهِ وأحسن إِلَيْهِ» ، والبداية والنهاية 13/ 261، وعقد الجمان (2) 89.
[2] في المختصر لأبي الفداء، وتاريخ ابن الوردي: «علاء الدين أيدكين الفخري الأستاذدار» .
[3] في زبدة الفكرة ج 9/ ورقة 86 أ «البحبى» ، وقد صحفت، وهو الأمير جمال الدين أقوش، وفي المختصر في أخبار البشر 4/ 7 «النجمي» ، وفي تاريخ ابن الوردي «التجيبي» .
[4] خبر نائب دمشق في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 25 ب، والعبر 5/ 292، ودول الإسلام 2/ 173، والمختصر في أخبار البشر 4/ 7، وتاريخ ابن الوردي 2/ 220، 221، والبداية والنهاية 13/ 261، وعيون التواريخ 20/ 417، والسلوك ج 1 ق 2/ 598، وعقد الجمان (2) 900.
[5] واسمه: «سليمان» . (ذيل مرآة الزمان 2/ 467) .

(49/61)


في السّنة الخالية جاءهم أمرٌ بقصْد الشّام فحشدوا، وجاء صَمْغَر في عشرة آلاف إلى البُلُسْتَين، ثمّ إلى مَرْعَش، وبَلَغَهم أنّ السّلطان بدمشق، فبعثوا من المغل ألفا وخمسمائة للإغارة وتجسُّس الأخبار، فوصلوا إلى عين تاب ثمّ إلى قسطون [1] ، ووقعوا على التُّركُمان هناك بين حارم وأنطاكية فاستأصلوهم، فأمر السّلطان بتجفيل البلاد حتّى أهل دمشق ليُطْمع التّتار فيتوغّلون في البلاد ويتمكّن منهم.
وطلب جيشَ مصر فقدموا ومقدَّمهم الأمير بدر الدين بَيْسَريّ، فوصلتهم الأخبار فأسرعوا الرّجْعة، وساق الفارقانيّ وراء التّتر فلم يُدركهم [2] .
[غارة الفرنج إلى قاقون]
وأغارت الفرنج من عثليث إلى قاقون، وأُخِذت التُّركُمان [3] .
[تسليم مفاتيح حرّان للسلطان]
وساق الأمير علاء الدّين بن طَيْبَرس الوزيريّ، وعيسى بن مُهَنّى [4] ، فخاضوا الفُرات إلى حرّان، فخرج إليهم مَن بها مِن التّتار، فطاردهم ابن مُهَنّى، فخرج عليهم طَيْبَرس، فلمّا رأوا الجيشَ نزلوا وقبّلوا الأرض، وألقوا سلاحهم، فأخذوهم وكانوا ستّين نفْسًا.
وسار طَيْبَرس فغلّقوا أبواب حَرّان سِوى بابٍ واحد، وخرج إليه الشّيخ محاسن وهو من أصحاب الشّيخ حيوة، وأتوه بمفاتح حَرّان وقالوا: البلد للسّلطان أيَّده الله. ثمّ عاد طَيْبَرس [5] .
__________
[1] قسطون: حصن كان بالروج من أعمال حلب، (معجم البلدان 4/ 348) .
[2] انظر خبر الوقعة في: التحفة الملوكية 73، وزبدة الفكرة ج 9/ ورقة 76 أوب، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 25 ب، و 26 أ، ونهاية الأرب 30/ 187، والدرّة الزكية 164، 165، وتاريخ ابن الوردي 2/ 221، والبداية والنهاية 13/ 261، وذيل مرآة الزمان 2/ 467، وعيون التواريخ 20/ 417، 418، والسلوك ج 1 ق 2/ 600، وعقد الجمان (2) 90، 91.
[3] خبر الغارة إلى قاقون في: زبدة الفكرة ج 9/ ورقة 76 ب، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 26 أ، ونهاية الأرب 30/ 188، 189، والبداية والنهاية 13/ 261، والسلوك ج 1 ق 2/ 600، 101.
[4] هكذا في الأصل، وهو: «مهنّا» كما في: التحفة الملوكية 73.
[5] خبر حرّان في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 26 أ، وتاريخ الدولة التركية، ورقة 11 أ، ونهاية

(49/62)


[طرْح امرأة أحد عشر ولدا]
قال شمس الدّين محمد بن الفخر، رحمه الله: من أعجب ما يؤرّخ أنّ امرأة امساحي [1] في جوار دار بني هلال بباب النّاطفيّين في جُمَادى الأولى في مدّة سبعة أيّام وضعت طُروحًا أحد عشر ولدا ذكورا وإناثا، بعضهم قد كملت خلقته، وبعضهم قد نبتن بعضها لأربعة أشهُرٍ ونصف. وهذا غريبٌ نادر، واشتهر ذلك في دمشق، واستثبته قاضي القُضاة عزّ الدّين وأرّخه [2] .
[اكتشاف نفق فيه حيوانات ملفوفة]
وفي جُمَادى الآخرة عبر السّلطان إلى بَرّ الجيزة، فأُخبِر أنّ ببُوصِير مغارةٌ فيها مطلب، فجمع لها خلقا وحفروا مدّا طويلا، فوجدوا كلابا ميّتة وقِطاطًا وطُيُورًا، والكلُّ ملفوفٌ في عصائب وخِرَق، فإذا حُلَّت اللّفائف ولاقى ذلك الحيوانَ الهواءُ صار هباء. وأقاموا ينقلون من ذلك شيئا كثيرا ولا يَنْفَذ فتركوه [3] .
[الحوطة على دار القاضي ابن العماد]
وفي شعبان احتيط على دار القاضي شمس الدين محمد بن العماد، وحُمِل ما فيه من الودائع إلى قلعة الجبل. وذلك لأنّ ابن العماد عزل نجم الدّين بن حمْدان عن نيابة الحُكم لأمرٍ، فحمل أخاه [4] التّقيَّ شبيبا الكحّال [5] التّعصُّبُ على أنْ كتب ورقة إلى السّلطان أنّ عند العماد ودائع كثيرة لتُجَّارٍ من حَرّان، وبغداد، والشّام، وقد مات أهلُها. فاستدعاه السّلطان وسأله عن الودائع،
__________
[ () ] الأرب 30/ 187، 188، والدرّة الزكية 166، 167، وذيل مرآة الزمان 2/ 468، وعيون التواريخ 20/ 418، 419، والسلوك ج 1 ق 2/ 602.
[1] هكذا رسمها في الأصل.
[2] الخبر باختصار في السلوك ج 1 ق 2/ 604، وعقد الجمان (2) 95.
[3] انظر خبر الحيوانات في: ذيل مرآة الزمان 2/ 469، ونهاية الأرب 30/ 189، وعيون التواريخ 20/ 419، وعقد الجمان (2) 89، والنجوم الزاهرة 7/ 157، وتاريخ ابن سباط 1/ 433.
[4] في الأصل: «أخوه» ، وهو غلط نحويّ.
[5] هو تقيّ الدين شبيب بن حمدان بن شبيب. توفي سنة 695 هـ.

(49/63)


فأنكر، فحلّفه، فحلف متأوّلا. فكُبِس بيتُه، فوُجِد فيه كثيرٌ ممّا قيل، لكنّ أصحابها أحياء، ومنهم من مات وله وارث، فأخذ من ذلك زكاته مدّة سنتين، وحنق عليه السّلطان وحبسه، فتسلَّط عليه شبيب، وادَّعى أنّه حَشَويّ [1] ، وأنّه يقدح في الدّولة، وكتب بذلك محضرا. وسافر السّلطان إلى الشّام. ثمّ عُقِد مجلسٌ بحضرة الأمير بدر الدين بيليك الخَزْنَدَار، فاستُدعي بالشُّهُود والّذين في المحضر، فرجع بعضهم في الشَّهادة وشهِد الباقون، فأخرِق بهم وجرّحهم، وتبيّن للخَزْنَدَار تحامُل شبيب فحبَسَه، واحتاط على موجودة، وأُعيد الشّيخ شمس الدّين إلى الحبس بالقلعة، فأقام بها سنتين إلى أنْ أُفْرِج عنه في نصف شعبان من سنة اثنتين وسبعين. ولولا عناية الخَزْنَدَار به ومحبّته له لكان شيئا آخر [2] .
[شنّ الغارات على بلاد عكا]
وأمّا السّلطان فسار إلى الشّام وشنّ الغارات على بلاد عكّا فراسلوه، وطلبوا الصُّلْح فصالحهم عشر سِنين، ثمّ دخل دمشق [3] .
[تخريب التتار سور حرّان]
وفي رمضان جاءت طائفة من التّتار، فأخربوا شُرُفات سُور حَرّان وبعض أسواقها، ونقلوا كثيرا من أخشابها واستاقوا معهم أهلَها وأخليت ودثرت بالكلّيّة [4] .
__________
[1] الحشويّ: لفظ تحقير أطلق على من اعتقد صحّة الأحاديث المسرفة في التجسيم من غير نقد.
(دائرة المعارف الإسلامية- مادّة الحشوية) .
[2] انظر خبر ابن العماد في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 28 أوب، وتاريخ الملك الظاهر لابن شدّاد 31، 32، ونهاية الأرب 30/ 190، 191، والبداية والنهاية 13/ 262، وذيل مرآة الزمان 2/ 470، وعيون التواريخ 20/ 419، 420، والسلوك ج 1 ق 2/ 603.
[3] انظر خبر عكا في: تاريخ الملك الظاهر 33، والروض الزاهر 398، وذيل مرآة الزمان 2/ 471، ونهاية الأرب 30/ 191، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 28 ب، والتحفة الملوكية 74، وزبدة الفكرة ج 9/ ورقة 76 ب، والبداية والنهاية 13/ 262، والنجوم الزاهرة 7/ 157، وتاريخ ابن سباط 1/ 433، والسلوك ج 1 ق 2/ 601، وعيون التواريخ 20/ 420.
[4] انظر خبر سور حرّان في: تاريخ الملك الظاهر 33، وذيل مرآة الزمان 2/ 471، ونهاية

(49/64)


[مواجهة رُسُل السلطان لأبْغا ملك المُغْل]
وفيها وصلت رُسُل صَمْغَر [1] والبَرَوَاناه فقالوا للسّلطان إنّ صَمْغَرًا يقول لك: منذ جاورك في البلاد لم يصِلْه من جهتك رسول، وقد رأى من المصلحة أنْ تبعث إلى أبْغا رسولا بما تُحبّ حتّى نُساعدك ونتوسّط. فأكرم السّلطان الرُّسُل، ثمْ بعث في الرّسْليّة الأمير فخر الدّين أياز [2] المقرّي، والأمير مبارز الدين الطُّوريّ إلى أبْغا، وبعث له جَوْشَنا، وبعث لصَمْغَر قوسا [3] ، فوصلا قُونية، فسار بهما البرواناه إلى أبْغا فقال: ما شأنكما؟ قالا: إنّ سلطاننا يقول لك إنْ أردت أن أكونَ مطاوِعًا لك فرُدّ ما في يدك من بلاد المسلمين. فغضب وأغلظ لهما وقال: ما يرضى رأسا برأس! وانفصلا من غير اتّفاق [4] .
وعندي في وقوع ذلك نَظَرٌ، لكنْ لعلّه سأله ردّ ما بيده من العراق والجزيرة، وإلّا فجميع ما بيده بلاد المسلمين.
[وصول رُسُل بركة إلى السلطان]
وفيها وصلت رسل بيت بركة من عند منكوتمر بن طُغان يطلبون من السّلطان الإعانة على استئصال شأفة أبغا [5] .
__________
[ () ] الأرب 30/ 188، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 29 ب، والدرّة الزكية 166، 167، ودول الإسلام 2/ 173، والعبر 5/ 292، وعيون التواريخ 20/ 420، وتاريخ ابن سباط 1/ 434.
[1] يلفظ: صمغر وصمغار، وورد في الدرّة الزكية 164 «صمغوا» ، وفي صبح الأعشى 5/ 361 «صمغان» .
[2] في التحفة الملوكية 74 «إياد» وهو تصحيف.
[3] التحفة الملوكية 74.
[4] خبر رسل السلطان في: زبدة الفكرة ج 9/ ورقة 76 ب (والورقة التي بعدها ناقصة من المخطوط) وتاريخ الملك الظاهر لابن شدّاد 34، 35، ونهاية الأرب 30/ 191، 192، وذيل مرآة الزمان 2/ 471، وعيون التواريخ 20/ 421، وعقد الجمان (2) 92، 93.
[5] انظر خبر رسل بركة في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 30 أوب، وتاريخ الملك الظاهر لابن شدّاد 35، والدرّة الزكية 167، وذيل مرآة الزمان 2/ 472، والنهج السديد لابن أبي

(49/65)


[كشف السلطان على حصن الأكراد وعكار]
وفي ذي الحجّة سار السّلطان إلى حصْن الأكراد وحصن عكّار فأشرف عليهما، ورجع إلى دمشق [1] .
[زواج الصاحب شرف الدين هارون]
وفيها تزوَّج الصّاحب شَرَفُ الدّين هارون بن الوزير شمس الدّين الجوينيّ ببغداد برابعة بنت أحمد بن أمير المؤمنين المستعصم، على صَدَاقٍ مَبلغُهُ مائة ألف دينار مصريّ، وعقده قاضي القُضاة سِراجُ الدّين محمد بن أبي فِراس في دار صاحب الدّيوان علاء الدّين، بإنشاء بهاءَ الدّين عليّ بن عيسى الإربليّ، وشرطت عليه والدةُ العروس بأنْ لا يشرب الخمر، فأجاب.
[الحريق ببغداد]
واحترق ببغداد ( ... ) [2] من النظاميّة كلّه، واحترق فيه خلق كانوا في الغرف.
آخر المجلد العشرين
__________
[ () ] الفضائل 40.
[1] التحفة الملوكية 73، زبدة الفكرة ج 9/ ورقة 77 أ، المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 30 ب، تاريخ الملك الظاهر لابن شدّاد 36، 37، الأعلاق الخطيرة ج 2 ق 2/ 113، والنهج السديد لابن أبي الفضائل (نشره بلوشه) 532، 533، المختصر في أخبار البشر 4/ 6، نهاية الأرب 30/ 192.
[2] بياض في الأصل.

(49/66)


بسم الله الرحمن الرحيم
[ومن توفّي فيها]
سنة إحدى وستين وستمائة
- حرف الألف-
1- أحمد بن محمد [1] بن إبراهيم بن رُزْمان بن عليّ بن بشارة.
الفقيه، فخر الدّين، أبو العبّاس الدّمشقيّ، الحنفيّ.
فقيهٌ، إمامٌ، مدرّس، عدْلٌ، متميّزٌ من أعيان الحنفيّة.
روى عن: الخُشُوعيّ نسخة وكيع وغيرها.
روى عنه: ابن الحُلْوانيّة، والدِّمياطيّ، وابن الخبّاز، وطائفة، ومحمد بن المُحِبّ.
تُوُفّي في أوائل شوّال [2] ، ودُفِن بسفح قاسيون.
2- أحمد بن عبد الله [3] .
الشّيخ الصّالح، أبو العبّاس المقدسيّ، الحنبليّ، تربية البدويّ [4] .
__________
[1] انظر عن (أحمد بن محمد) في: ذيل الروضتين 227 وفيه: «الفخر أحمد بن إبراهيم الحنفي، أحد مدرّسي الحنفية، من الشيوخ، وكان أحد الشهود تحت الساعات» ، وتذكرة الحفاظ 4/ 1453، والجواهر المضيّة 1/ 245، 246 رقم 176، والطبقات السنية، رقم 287.
[2] في ذيل الروضتين 227 توفي في خامس شوال.
[3] انظر عن (أحمد بن عبد الله) في: صلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني، ورقة 136.
[4] مهمل في الأصل.

(49/67)


سمع من شيخه عبد الله بن عبد الجبّار البدوي، وحنبل، وابن طَبْرَزَد.
وحدَّث بدمشق والقدس.
روى عنه: الدّمياطيّ، وابن الخبّاز، والشّيخ شعبان.
وحدَّث بدمشق.
وكان موته بقرية أبي ثور بظاهر القدس في نصف المحرَّم.
3- إبراهيم بْن مُحَمَّد [1] بْن إِبْرَاهيم بْن مُحَمَّد بْن خَلَف بن محمد بن سليمان بن سوار بن أحمد بن حزب الله بن عامر بن سعْد الخير بن عيّاش. وهو أبو عيشون بن محمود الدّاخل إلى الأندلس بن عنْبَسَة بن حارثة بن العبّاس بن مرداس.
السُّلَميّ، الإمام، المحدِّث، أبو إسحاق ابن الشّيخ عبد الله الأندلسيّ، البِلّفيقيّ، المعروف بابن الحاجّ، نزيل دمشق.
وُلِد بالمَرِيّة سنة ستّ عشرة وستمائة، وكان محدِّثًا، فاضلا، مُفيدًا، عارفا.
وبِلّفِيق: بباءٍ موحَّدةٍ ولام مشدَّدة، حصن عند المَرِيّة.
ذكره الشّريف عزّ الدّين فقال: سمعت منه وحصّل الأُصُول الحَسَنَة الكثيرة. وسمع بمصر من جماعة، وحجّ وعاد. ثمّ سافر إلى دمشق فتُوُفّي بها في المحرَّم.
قلت: هذا كتبته ولا أعرفه [2] .
__________
[1] انظر عن (إبراهيم بن محمد) في: الوافي بالوفيات 6/ 135 رقم 2573، والمقفّى الكبير للمقريزي 1/ 273، 274 رقم 318، وتبصير المنتبه 1/ 170.
[2] وقال المقريزي: وكان حسن الخط والتقييد، أديبا، نحويا، قارئا، متقنا، ذاكرا للتاريخ، وخطّه وافر من الفقه، ورعا فاضلا، ذا هدي صالح وسمت حسن، نشأ على طهارة وعفاف، جمع وخرّج وحدث بيسير.
كتب عنه منصور بن سليم فوائد، وله تقييد من روى عنه.

(49/68)


4- إلياس بن عيسى [1] .
الإربليّ. شيخٌ فقيرٌ مشهور بالدِّين والخير.
كان يجلس أكثر نهاره برِواق الحنابلة، ويجلس إليه أعيان ورؤساء لدِينه، وعلى ذِهنه عجائب ونوادر.
وكان ظريفا، مليح الشّكل [2] .
مات في شعبان.
5- أيّوب بن محمود [3] بن أبي القاسم عبد اللّطيف بن أبي المجد بن سما بن عامر.
السُّلَميّ. محتسب دمشق، تاج الدّين، أبو المجد.
تُوُفّي في سلْخ شعبان وله تسعٌ وستّون سنة.
حدَّث عن: عمر بن طَبْرَزَد.
- حرف الباء-
6- بدر الخُشَنيّ.
الشّهابي، الطُّوَاشيّ، أبو الضّياء.
تُوُفّي بالمدينة النَّبويّة.
وروى عن: عبد الوهّاب بن رواح.
كتب عنه الشّريف عزّ الدّين، وغيره.
7- بَهَادُر الخوارزمي [4] .
__________
[1] انظر عن (إلياس بن عيسى) في: ذيل الروضتين 227، وذيل مرآة الزمان 2/ 222، والوافي بالوفيات 9/ 374 رقم 4301 ولم يذكر في المطبوع من: تاريخ إربل.
[2] وقال قطب الدين اليونيني: وكان والدي- رحمه الله- يحبّه ويؤثر سماع حديثه فكان لا يكاد يفارقه، كان والدي بدمشق، وله على والدي رسم من النفقة يسيّره إليه في كل سنة.
[3] سيعاد في السنة التالية برقم (46) .
[4] انظر عن (بهادر الخوارزمي) في: كنز الدرر 83 (سنة 659 هـ) ، والبداية والنهاية

(49/69)


الأمير. أوّل من ولي العراق لهولاكو. وكان على ظُلْمه له مَيْلٌ إلى الإسلام، وعلَّم أولاده القرآن، وكان ربّما صلّى ويعرف بالعربيّ.
وفيه دهاءٌ ومَكْر. قتَلَتْهُ التّتار لأُمورٍ نقموها.
- حرف الحاء-
8- الحسن بن عليّ [1] بن منتصر بن زكريّا.
أبو عليّ الفاسيّ، ثمّ الإسكندرانيّ، الكُتُبيّ.
شيخ مُعمّر فاضل. وُلِد سنة أربع وسبعين.
وسمع سنة أربع وثمانين من: عبد المجيد بن دُلَيل الكِنْديّ.
وسمع من: عبد الرحمن بن موقا.
وتفرَّد بالرّواية عن ابن دُلَيل.
روى عنه: الدّمياطيّ، والشّيخ شعبان الإربِليّ، وجماعة.
مات في ثامن وعشرين ربيع الآخر بالإسكندريّة.
- حرف الزاي-
9- زكريّا بن عبد السّيّد بن ناهض.
أبو يحيى الأنصاريّ، المصريّ، النُّوَيْريّ، المالكيّ، المؤدّب.
روى عن: عليّ بن المفضّل الحافظ.
سمع منه: الشّريف، وجماعة.
ومات في رابع صفر.
__________
[13] / 239، والوافي بالوفيات 10/ 294، 295 رقم 4806، والدليل الشافي 1/ 199، والمنهل الصافي 3/ 427، 428 رقم 702.
[1] انظر عن (الحسن بن علي) في: العبر 5/ 264، وتذكرة الحفاظ 4/ 1453، وشذرات الذهب 5/ 305.

(49/70)


- حرف السين-
10- ستّ الدّار بِنْت مكي بْن عَلِيّ بْن كامل الحَرّانيّ.
أخت زينب.
سمعت من: داود بن ملاعب، وموسى بن عبد القادر.
وماتت في ربيع الأوّل.
11- سليمان بْن خليل [1] بْن إِبْرَاهِيم بْن يحيى بْن فارس.
الخطيب، الإمام، أبو الرّبيع الكتّانيّ، العسْقلانيّ الأصل، المكيّ.
الفقيه الشّافعيّ.
سمع من: زاهر بن رستم [2] ، ويحيى الفرّاش.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، والرِّضى الطَّبريّ، وجماعة.
وخطب مدّة بمكّة، وكان مشهورا بالعِلْم والدّين والعبادة.
وُلِد قبل موت جدّه لأمّه عمر الميانشيّ [3] قبل الثّمانين وخمسمائة.
وكُفَّ بَصره في آخر أيّامه.
ومات في رابع عشر المحرَّم بمكّة.
وحدَّث «بالنّسَائيّ» عن ابن الحصريّ [4] .
__________
[1] انظر عن (سليمان بن خليل) في: العبر 5/ 264، وتذكرة الحفاظ 4/ 1453، ومرآة الجنان 4/ 159، 160، والوافي بالوفيات 15/ 374 رقم 521، وذيل التقييد 1/ 8 رقم 1056، والعقد الثمين 4/ 603، وشذرات الذهب 5/ 305.
[2] سمع عليه «جامع الترمذي» .
[3] تصحّفت هذه النسبة في العبر إلى: «الميانسي» بالسين المهملة، وعنه نقل ابن العماد الحنبلي التصحيف في: شذرات الذهب.
[4] وقال القاضي الفاسي: وكان فقيها فاضلا خيّرا، تصدّى للتدريس والإفتاء بمكة، وألّف منسكا كبيرا مفيدا، رأيته بخطّه في مجلّدين، وولي خطابة المسجد الحرام سنين كثيرة، وأمّ بمقام إبراهيم عليه السلام، وخطب بمنى في أيام التشريق.

(49/71)


- حرف الشين-
- الشّهاب أجير البهاء الشُّرُوطيّ. هو محمد بن عبد الرّحيم. يأتي [1] .
- حرف الصاد-
12- صلاح بن جعفر بن ضرغام بن نزار.
أبو عمر العجلانيّ، الفيُّوميّ، المؤدّب.
تُوُفّي في جمادى الأولى بالقاهرة.
وقد سمع في الكهولة من: مكرَّم، وابن المقيّر.
وحدَّث. أخذ عنه الطَّلَبة.
- حرف العين-
13- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن رضوان بن عَبْدك.
أبو محمد العجميّ شيخ معمَّر حدَّث عن السِّلَفيّ بالإجازة العامّة. قاله الشّريف عزّ الدّين.
14- عبد الخالق بن جعفر بن محمد.
الإمام عزّ الدّين، أبو محمد البليناويّ [2] ، المصريّ، الشّافعيّ.
الفقيه.
سمع وحصّل وعُنِي بالحديث وأكثر.
وحدَّث عن ابن باقا، ومات في ذي الحجّة كهلا.
15- عَبْد الرّزّاق بْن رزق الله [3] بْن أَبِي بكر بن خلف.
__________
[1] برقم (31) .
[2] لم تذكر هذه النسبة في كتب الأنساب والمشتبه المتوافرة.
[3] انظر عن (عبد الرزاق بن رزق الله) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 219، 220، والمعين في

(49/72)


الإمام، الحافظ، المفسّر، عزّ الدين أبو محمد الرَّسْعنيّ [1] ، المحدِّث الحنبليّ.
وُلِد برأس عين سنة تسع [2] وثمانين وخمسمائة، وسمع «تاريخ بغداد» كلّه من أبي اليُمْن الكِنْديّ.
وسمع ببغداد من عبد العزيز بن حَنِينا، وطبقته، وبحلب من الإفتخار الهاشميّ [3] .
وقدِم بغداد مرّة رسولا، فقرأ عليه أبو حامد بن الصّابونيّ جزءا. فسمعه جماعة وله شِعرٌ رائق. وولي مشيخة دار الحديث بالمَوْصِل.
وسمع برأس عين من: أبي المجد القزوينيّ، وغير واحد.
وصنَّف تفسيرا حَسَنًا روى فيه بأسانيده [4] . وله كتاب «فضل الحسين» [5] ، وغير ذلك.
__________
[ () ] طبقات المحدّثين 210 رقم 2203، والإعلام بوفيات الأعلام 276، والعبر 5/ 264، وتذكرة الحفاظ 4/ 1452، 1453، ودول الإسلام 2/ 167 وفيه: «عز الدين بن عبد الرزاق» ، وذيل طبقات الحنابلة 2/ 274- 276 رقم 386 وفيه: «عبد الرزاق» ، وعيون التواريخ 20/ 290، 291، والبداية والنهاية 13/ 241، والوافي بالوفيات 18/ 409 رقم 420 وفيه: «عبد الرزاق» ، ودرّة الأسلاك 1/ ورقة 32، وغاية النهاية 1/ 384، والسلوك ج 1 ق 2/ 502 وفيه «عبد الرزاق» ، وعقد الجمان. (1) 367 وفيه «عبد الرزاق» ، والنجوم الزاهرة 7/ 211، وطبقات الحفاظ 505، وطبقات المفسرين للسيوطي 79، وطبقات المفسرين للداوديّ 1/ 293- 295، وشذرات الذهب 5/ 305، وكشف الظنون 452، 743، 913، 1715، ومعجم المؤلفين 5/ 217، 218، ومعجم طبقات الحفاظ والمفسرين 112 رقم 1181.
[1] الرّسعنيّ: نسبة إلى بلدة رأس عين شمالي حلب.
[2] في عيون التواريخ 20/ 290 مولده سنة «سبع» .
[3] هو عبد المطلب.
[4] سمّاه: «رموز الكنوز» ذيل طبقات الحنابلة 2/ 275.
[5] ألزمه بتصنيفه صاحب الموصل، فكتب فيه ما صحّ من القتل دون غيره. وكان لما قدم بغداد أنعم عليه المستنصر، وصنّف هذا التفسير ببلده، وأرسله إليه، وهو في ثمان مجلّدات، وقف المدرسة البشيرية ببغداد.
وله تصانيف غير تفسيره المشهور: في التفسير، والفقه، والعروض، وغير ذلك.

(49/73)


وكان إماما، محدِّثًا، فقيها، أديبا، شاعرا، ديِّنًا، صالحا، وافر الحُرْمة.
وله مكانه عند صاحب المَوْصل لؤلؤ لجلالته وفضله [1] .
وروى عنه الأبْرقُوهيّ في «مُعْجَمه» .
وروى عنه: الدِّمياطيّ، وغيره.
ومات في ثاني عشر ربيع الآخرة [2] .
وقرأت بخطّ سيف الدّين ابن المجد في ذكر عبد الرّزاق الرّسعنيّ قال:
حفظ «المقنع» ، وسمع بدمشق سنة خمسٍ وسنة ستٍّ. وسمع من: الكِنْديّ، والخَضِر بْن كامل، وابن الحرستانيّ، وابن الجلاجليّ [3] ، وابن قُدَامَة.
وببغداد من الدّاهريّ، وعُمر بن كرم [4] .
__________
[ () ] ومن شعره:
وكنت أظنّ في مصر بحارا ... إذا ما جئتها أجد الورودا
فما ألفيتها إلّا سرابا ... فحينئذ تيمّمت الصعيدا
[1] انظر: ذيل مرآة الزمان 2/ 219.
[2] وقال ابن الفوطي: في السابع والعشرين من ذي الحجة سنة ستين وستمائة.
[3] في الأصل: «الحلاجي» والتحرير من: تذكرة الحفاظ، والذيل على طبقات الحنابلة. وفي تذكرة الحفاظ 4/ 154 «الحلاجلي» بالحاء المهملة في أوله.
[4] وقال المؤلّف- رحمه الله-: أنشدني محمود بن أبي بكر الفقيه، ثنا علي بن عبد العزيز قال:
أنشدنا عزّ الدين عبد الرازق بن رزق الله لنفسه:
حفظت لفظا عظيم الوعظ يوقظ من ... ظمأ لظى وشواظ الحظ والوسن
من يكظم الغيظ يظفر بالظلال ومن ... يظعن على الظلم يظلل راكد السفن
لا تنظر الظن والفظ الغليظ ولا ... تظهره ظهر الظهور تحظ بالإحن
انظر تظاهر من لم ينتظر خليت ... عظامه ظفر الظلماء والمحن
فهذه أربع يا صاح قد حصرت ... ما في القرآن من الظاءات فامتحن
(تذكرة الحفاظ 4/ 1454، 1455) .
ومن شعره:
يا من يرينا كل وقت وجهه ... بشرا ويبدي لفّه معروفا
أصبحت في الدنيا سريا بعد ما ... أمسيت فيها بالتقى معروفا
وقال:
نعب الغراب فدلّنا بنعيبه ... وأنّ الحبيب دنا أوان مغيبة

(49/74)


16- عبد الرحمن بن سالم [1] بن يحيى بن خميس بن يحيى بن هبة الله.
الإمام، المفتي، جمال الدّين، أبو محمد الأنصاريّ، الأنباريّ [2] الأصل، البغداديّ، ثمّ الدّمشقيّ. الفقيه الحنبليّ.
سمع من: التاج الكندي، وابن الحرستاني، وابن ملاعب.
وبحَرّان من الحافظ عبد القادر.
وتفقّه على الشّيخ الموفّق.
ونسخ بخطّه كثيرا من كُتُب العِلم. وكان صحيح النَّقْل، جيّد الشِّعْر، ديِّنًا، صالحا.
كتب عنه عمر بن الحاجب، والقُدماء.
وروى عنه: ابن الخلّال، والدِّمياطيّ، والشّيخ تاج الدين عبد الرحمن وأخوه الخطيب شرف الدين، وابن الخباز، والبُرهان الذَّهبيّ، وآخرون.
ومات في سلْخ ربيع الآخر، ودُفِن بسفح قاسيون.
وكان يسكن بالجامع، بالمنارة الغربيّة.
قال أبو شامة [3] : كان يُصلّي الصُّبْح إماما بالمتأخّرين، فيُطيل إطالة مفرطة
__________
[ () ]
يا سائلي عن طيب عيشي بعدهم ... جدلي بعيش ثم سل عن طيبه
وقال:
ولو أنّ إنسانا يبلغ لوعتي ... وشوقي وأشجاني إلى ذَلِكَ الرشا
لاسكنتُهُ عيني ولم أرضها لَهُ ... ولولا لهيب القلب أسكنْته الحشا
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن سالم) في: ذيل الروضتين 226 وفيه: «الجمال الأنباري» الساكن بالجامع بالمنارة الغربية، وتذكرة الحفاظ 4/ 1453، والإعلام بوفيات الأعلام 276، والعبر 5/ 265، وذيل طبقات الحنابلة 2/ 276 رقم 387، ومختصره 78، والمنهج الأحمد 3/ 390، والمقصد الأرشد، رقم 575، والدرّ المنضّد 1/ 409 رقم 1101، والوافي بالوفيات 18/ 148، 149 رقم 182.
[2] في ذيل الروضتين «الأبناري» بتقديم الباء على النون، وهو تصحيف.
[3] في ذيل الروضتين 226.

(49/75)


خارجة عن المعتاد بكثير، إلى أن تكاد الشّمس تطْلُع، ولا يترك ذلك.
قلت: سمع البرهان، والكمال بن النّخّاس منه جميع كتاب «الأربعين» للرّهاويّ، بقراءة شرف الدّين.
17- عبد الرحمن بن محمد بن الحافظ الكبير عبد الغنيّ [1] بن عبد الواحد.
الإمام المحدِّث، عزّ الدين ابن العزّ.
أخو التّقي بن العِزّ، المقدسيّ، الحنبليّ. وُلِد سنة تسع وتسعين، أو سنة ستّمائة.
وسمع حضورا من: عمر بن طَبْرَزَد.
وحفظ القرآن على الشيخ العماد. وتفقه على الشيخ الموفَّق.
وسمع من التّاج الكِنْديّ، وابن الحَرَستانيّ، وابن ملاعب، وطبقتهم.
ورحل فسمع ببغداد من الفتح بن عبد السّلام [2] ، وعليّ بن بوزندار، وابن الجواليقيّ، وطبقتهم.
وسمع بحلب من: أبي محمد بن الأستاذ، وبمصر والإسكندرية من جماعة من أصحاب السِّلَفيّ.
__________
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن عبد الغني) في: صلة التكملة لوفيات النقلة، للحسيني، ورقة 139، وذيل مرآة الزمان 2/ 218، 219، والمنهج الأحمد 2/ 390، وذيل طبقات الحنابلة 2/ 276، 277 رقم 388، ومختصره 78، والعبر 5/ 265، والوافي بالوفيات 18/ 240 رقم 293، والدرّ النّضد 1/ 409 رقم 1102، وشذرات الذهب 6/ 306، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي (تأليفنا) ق 2 ج 2/ 184 رقم 508.
[2] في الأصل: «السلم»

(49/76)


وكتب الكثير، وحصّل، وكان حَسَن الفَهْم، له معرفة بالرّجال، مِن أفضل مَن بقي بالجبل.
بالَغ في الثّناء عليه تلميذه نجمُ الدّين ابن الخبّاز، وقال: كان ضابطا، متقِنًا ورِعًا، حافظا لأسماء الرّجال، مجتهدا على فعل الخير، مُفِيدًا للطَّلَبة، يمشي إلى الطّالب ويفيده ويعارض معه، انتفعتُ به جدّا، وأحسنَ إليَّ ونَصَحني في دِيني ودُنياي، وما رأت عيناي بعد شيخنا ضياء الدّين مثله وسمعتُ بقراءته في سنة تسعٍ وثلاثين على عبد الحقّ بن خَلَف، وغيره. وأسمع الحديث مدّة بدار الحديث الأشرفية الّتي بالجبل، وكان ورِعًا ديِّنًا، عاملا، قليل الرّغبة في الدنيا، كثير التّعفُّف [1] .
قلت: روى عنه: هو، والدِّمياطيّ، والقاضي تقيّ الدّين، وابن الزّرّاد، وآخرون ثمّ ظفرتُ بمولده في ربيع الآخر سنة اثنتين وستّمائة [2] .
ومات في النصف من ذي الحجّة، ولم يستكمل السِّتّين.
وفي كنْيته أقوال، وهي: أبو الفَرَج [3] ، وقيل: أبو محمد، وأبو القاسم.
18- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُرْهَف [4] بْن عَبْد اللَّه بن يحيى بن عبد المجيد
__________
[1] وقرأ ابن العز في مجلس الشيخة كريمة حفيدة ابن أبي ذرّ الصوري «مسند عبد الله بن عمر» ، فسمعه بقراءته: سليمان، وداود، ومحمد، وبنو حمزة بن أحمد، وإبراهيم، وعيسى ابنا عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الْجَبَّار، وابنه أخيهما فاطمة بنت عبد الله، وذلك في العشر الأخير من شهر رمضان سنة 637، كما كتب المسند المذكور بخطّه. (مسند عبد الله بن عمر 51 و 55) .
[2] هكذا في ذيل مرآة الزمان 2/ 218.
[3] ذيل مرآة الزمان 2/ 218.
[4] انظر عن (عبد الرحمن بن مرهف) في: صلة التكملة للحسيني 2/ ورقة 71، وتذكرة الحفاظ 4/ 1453، والإشارة إلى وفيات الأعيان 359، ومعرفة القراء الكبار 2/ 659 رقم 627، والإعلام بوفيات الأعلام 276، والعبر 5/ 265 وذيل التقييد للفاسي 2/ 102 رقم 1235، والوافي بالوفيات 18/ 266 رقم 323، والمقفى الكبير 4/ 100 رقم 1467، وغاية النهاية 1/ 379، 380/ رقم 1618، ونهاية الغاية، ورقة 93، وحسن المحاضرة 1/ 501، وشذرات الذهب 5/ 306، وتوضيح المشتبه 1/ 328.

(49/77)


الإمام البارع، تقيّ الدين، أبو القاسم المصريّ، الشّافعيّ، النّاشريّ [1] ، المقرئ.
ولد سنة ثمانين وخمسمائة، وقرأ القراءات على أبي الْجُود المقرئ [2] .
وسمع الحديث من عليّ بن المفضَّل الحافظ، وجماعة.
وانتصب للإقراء مدة بجامع مصر [3] ، واشتهر اسمه وبعُد صِيتُه.
ذكره الشّريف عزّ الدّين فقال: سمعت منه، وسألت عن مولده فقال:
بمصر سنة ثمانين.
وانتفع به جماعة كثيرة، وكان شخصا صالحا عارفا بالقراءات فاضلا فيها، وإليه انتهت رئاسة الإقراء بجامع مصر.
تُوُفّي ليلة السّابع والعشرين من شوّال [4] بمصر.
19- عبد الغني بن سليمان [5] بن بَنِين [6] بن خَلَف.
الشّيخ المُسْنِد أثيرُ الدّين، أبو القاسم، وأبو محمد المصريّ، الشّافعيّ، القبّانيّ، النّاسخ.
وُلِد بمصر سنة خمسٍ وسبعين. وسمع الكثير بإفادة والده أبي الربيع.
فسمع من: أبي القبائل عشير الجيليّ، وقاسم بن إبراهيم المقدسيّ،
__________
[1] في تذكرة الحفاظ 4/ 1453 «الفاشري» وهو تصحيف.
[2] هو غيّاث بن فارس.
[3] جامع عمرو بن العاص.
[4] في شذرات الذهب وفاته سنة 661 هـ.
[5] انظر عن (عبد الغني بن سليمان) في: الإشارة إلى وفيات الأعيان 358، والعبر 5/ 265، 266، والمعين في طبقات المحدّثين 210 رقم 2204، وتذكرة الحفاظ 4/ 1453، والإعلام بوفيات الأعلام 276، والمشتبه في الرجال 1/ 94 و 347، والوافي بالوفيات 19/ 35 رقم 27، وتوضيح المشتبه 1/ 606، وحسن المحاضرة 1/ 380، 381، وشذرات الذهب 5/ 306.
[6] بنين: بفتح الباء.

(49/78)


والقاسم بن عساكر، وهبة الله الوصيريّ، وإسماعيل بن ياسين، ومحمد بن عبد المولى، وابن نجا الواعظ، والأرتاحيّ، وغيرهم.
وأجاز لَهُ: عَبْد اللَّه بْن بَرّي النَّحْويّ، وأبو القاسم عبد الرحمن السّبيي [1] ، والتّاج محمد بن عبد الرحمن المسعوديّ.
وحدَّث بالشّيء مرّات، وتفرَّد في وقته. وهو آخر من روى عن عشير والسيبي، وابن بَرّي.
ذكره الشّريف فأثنى عليه وقال، كان شيخا صالحا ساكنا من أولاد المشايخ الفضلاء.
كان أبوه مشهورا بالأدب، صَحِب أبا محمد بن بَرّي وأخذ عنه.
وسمع وحدَّث وصنّف.
تُوُفّي أبو القاسم في ثالث ربيع الأول.
وقد سمع منه الحافظ عبد العظيم وذكره في «مُعْجمه» .
قلت: وروى عنه شيخنا الدّمياطيّ، والدّواداريّ، والشّيخ شعبان، وإبراهيم بن الظّاهريّ، والأمين الصَّعْبيّ، وجماعة، ويوسف الخَتَنيّ، والتّقيّ محمد ويحيى ولدا ضِياء الدّين ابن عبد الرّحيم.
20- عبد المنعم بن عبد الوهّاب [2] بن محمد بن رحمة [3] .
أبو محمد القُضاعيّ، الخَوْلانيّ، المصريّ، المؤذّن، ويُعرف بابن سمعون.
روى عن: عليّ بن نصر ابن البنّاء المكّيّ [4] .
وتُوُفّي في ربيع الأول عن أربعٍ وسبعين سنة.
__________
[1] السبيي: نسبة إلى سبية من ضياع الرملة بتقديم الباء الموحّدة.
[2] انظر عن (عبد المنعم بن عبد الوهاب) في:
ذيل التقييد للفاسي 2/ 155 رقم 1339
[3] في ذيل التقييد: «حمزة» .
[4] سمع عليه «جامع الترمذي» ورواه عنه سماعا فخر الدين عثمان التوزري، وسماعه عليه بجامع مصر في سنة اثنتين وخمسين وستمائة.

(49/79)


كتب عنه المصريّون.
21- عبد الوهّاب بن ضرغام بن سعيد.
أبو محمد المصريّ.
روى عن: المحدِّث أبي الفُتُوح نصر بن الحُصْرِيّ.
وعاش ستّا وثمانين سنة.
تُوُفّي في رجب.
22- عزيّة بنت محمد بن أحمد بن مفلح.
أمّ أحمد الصّالحيّة.
روت عن عمر بن طَبَرْزَد.
روى عنها: ابن الخبّاز، وابن الزّرّاد، وابنها الشّيخ محمد البجّديّ، وغيرهم.
وماتت في الثّامن والعشرين من ذي الحجّة.
23- عتيق بْن الْحُسَيْن [1] بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بن رَشيق.
أبو بكر التَّغْلبيّ، البيّاسيّ.
أخذ عن: أبيه، وأبي الخطّار بن واجب، وأبي بكر بن حسنون، وأبي محمد بن حَوْط الله وقرأ عليهم.
أخذ عنه ابن الزُّبَيْر بمُرْسِية وقال: مات في ذي الحجّة سنة إحدى وستّين [2] .
__________
[1] انظر عن (عتيق بن الحسين) في:
الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة لابن عبد الملك ج 5 ق 1/ 119، رقم 232، 120.
[2] وقال ابن عبد الملك: وكان مقرئا، محدّثا، فقيها، نحويا، أديبا، تاريخيا، آخذا بحظ وافر من علم الطب عارفا بعلم الكلام وأصول الفقه، فرضيّا، عدديّا، عاقدا للشروط، وصنف في الحديث وغيره. وكان آدم اللون. ولد لثمان بقين من جمادى الآخرة عام أحد وثمانين وخمسمائة.

(49/80)


24- عليّ بن إسماعيل [1] بن إبراهيم بن عبد الله بن طَلْحة.
أبو الحَسَن المقدِسيّ الأصل، الدّمشقيّ، الحنبليّ.
روى عن: أبي طاهر الخُشُوعيّ، وحَنْبَل المكبّر.
وكان إنسانا مباركا، خيِّرًا.
روى عنه: الدّمياطيّ، وابن الخبّاز، وابن الزّرّاد، ومحمد بن المحبّ، وأبو بكر القطّان، وآخرون.
ومات في أوائل رجب ودُفِن بالصّالحيّة.
25- عليّ بن شُجاع [2] بن سالم بن علي موسى بن حسّان بن طوق بن سَنَد بن عليّ بن الفضل بْن علي بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن علي بْن موسى بْن عِيسَى بْنُ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ بْن عَبْد اللَّه بن عبّاس.
الشّيخ، الإمام، كمال الدّين أبو الحسن بن أبي الفوارس الهاشميّ، العبّاسيّ، المقرئ، الشّافعيّ، الضّرير، مُسْند الآفاق في القراءات. فإنّه قرأ القراءات السّبعة مفردا لكل رُوَاة الأئمَّة، سوى رواية اللّيْث، عن الكِسائيّ، وجامعا لهم إلى سورة «الأحقاف» ، على حميّة الإمام أبي محمد بن فيرّه الشّاطبيّ.
__________
[1] انظر عن (علي بن إسماعيل) في:
العبر 5/ 266، وتذكرة الحفاظ 4/ 1454 وفيه: «علي بن إسماعيل بن طلحة» . وشذرات الذهب 5/ 306.
[2] انظر عن (عليّ بن شجاع) في: صلة التكملة للحسيني 2/ ورقة 71، وذيل مرآة الزمان 2/ 220، ودول الإسلام 2/ 167، والمعين في طبقات المحدّثين 210 رقم 2205، والإشارة إلى وفيات الأعيان 359، ومعرفة القراء الكبار 2/ 657- 659 رقم 626، والإعلام بوفيات الأعلام 276، والعبر 5/ 266، وتذكرة الحفّاظ 4/ 1454، ونكت الهميان 212، 213، والوافي بالوفيات 21/ 152، 153 رقم 100، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 151، وذيل التقييد 2/ 193، 194 رقم 1421، وغاية النهاية 1/ 544- 546، والوافي بالوفيات 21/ 152، 153 رقم 100، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 151، وذيل التقييد 2/ 193، 194 رقم 1421، وغاية النهاية 1/ 544- 546، ونهاية الغاية، ورقة 151، وحسن المحاضرة 1/ 501، 502، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 319، وشذرات الذهب 5/ 306، 307، وزبدة الفكرة 9/ ورقة 62 أ، ودرّة الأسلاك 1/ ورقة 32، وعقد الجمان (1) 368، 369، وديوان الإسلام 3/ 60 رقم 1741.

(49/81)


ومات الشّاطبيّ رحمه الله وللكمال الضّرير ثمانية عشر عاما. وتزوَّج من بعد موته بابنته.
ثمّ قرأ القراءات على أبي الْجُود بالطُّرُق السّبعة، ويعقوب، وغير ذلك.
وقرأ قبل وفاة الشّاطبيّ للسّبعة على أبي الحسن شجاع بن محمد بن سيّدهُم المُدلجِيّ صاحب ابن الحُطَيْئَة.
وتفقه على أبي القاسم عبد الرحمن بن الورّاق، وغيره.
وقرأ النَّحْو على أبي الحُسَين يحيى بن عبد الله النَّحْويّ.
وسمع الكثير ولا سيما في أثناء عُمُره من: الشّاطبيّ، وشجاع المُدْلجِيّ، وهبة الله بن عليّ البُوصيريّ [1] ، وأبي الفضل الغَزْنَويّ، وأبي عبد الله الأَرْتَاحيّ [2] ، والمطهر بن أبي بكر البَيْهَقيّ، وأبي نزار ربيعة بن الحسن، وعبد الرحمن مولى ابن باقا، ومحمد بن عبد المولى بن اللبنيّ، وأبي الحسين محمد بن أحمد بن جُبَيْر الكِنانيّ البَلَنْسيّ.
وقد سمع من ابن جُبَيْر «التَّيْسير» عن عليّ بن أبي العَيْشِ، عن ابن الدُّش [3] ، عن المصنِّف. وسمعه أيضا من الشّاطبيّ. وسمع «الشّاطبيّة» وصحّحها دروسا عليه.
وروى بالإجازة العامّة عن السِّلَفيّ كتاب «المستنير» ، بسماعه لمُعْظَمِه عن مُصَنِّفه ابن سوار، وإجازته لباقِيه.
وروى «التَّجْريد» لابن الفحّام تلاوة وسماعا عن سماع. وسمعه من القاضي أبي المحاسن يوسف بن شدّاد، بروايته سماعا عن يحيى بن سعدون القُرْطُبيّ، عن المصنّف.
__________
[1] سمع عليه: «صحيح البخاري» .
[2] سمع عليه: «صحيح البخاري» ، وسمع عليه: «فتوح مصر والمغرب» ، لأبي القاسم عبد الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الحكم.
[3] هكذا في الأصل. وفي معرفة القراء: «الدّوش» .

(49/82)


وروى «التّذكار» لابن شِيطا، عن أَبِي بَكْر عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بن باقا، قدِم عليهم قال: أنا عليّ بن أبي سعد الخبّاز، أنا أبو عليّ الحَسَن بن محمد الباقَرْحِيّ، أنا المصنِّف.
وله سماعاتُ كُتُبٍ كثيرة وفضائل. تصدَّر للإقراء بجامع مصر وبمسجد ابن موسى بالقاهرة، وقرأ عليه خلقٌ كثير، وطارَ ذِكره، فدخل إليه من النّواحي.
وتفرَّد في عصره، وإليه انتهت رئاسة الإقراء وعُلُوّ إسنادها.
وكان أحد الأئمّة المشاركين في فُنُون العِلْم، مع ما جُبِل عليه من حُسن الأخلاق والتواضع، ولِين الجانب، والتَّوَدُّد، والصَّبر على الطَّلَبة، والسّعْي التَّامّ في مصالحهم بكلّ ممكن.
قرأ عليه القراءات: الإمام أبو عبد الله محمد بن إسرائيل القصّاع، والشّيخ حسن بن عبد الله الرّاشديّ، وشمس الدّين محمد بن منصور الحاضريّ، والشّيخ نصر المَنْبِجيّ، والحافظ شرف الدّين الدّمياطيّ، وبرهان الدّين إبراهيم الوزيريّ، وطائفة سواهم.
وروى عنه: الشّيخ داود الحريريّ، والعماد محمد بن الجرائديّ، والشّيخ شعبان، والزَّين عبد الرّحيم البغداديّ، وعَلَم الدّين سَنْجَر الدّوادارّي، وإسحاق الوزيريّ، والشّرف محمد بن عبد الرّحيم بن مُسكَنْ، وخلْقٌ في الأحياء.
تُوُفّي في سابع ذي الحجّة. وكان مولده في سابع شعبان من سنة اثنتين وسبعين بالمعتمديّة، قرية من أعمال الجيزة.
26- عمر بن عبد الغنيّ بن فتيان.
الجديانيّ [1] ، المؤذّن.
__________
[1] الجدياني: بفتح الجيم- وكسرها ابن الجوزي وابن نقطة- وسكون الدال المهملة، وفتح المثنّاة تحت، وبعد الألف نون مكسورة 7 وحذفها ابن الجوزي، فجعل بدلها همزة، تليها ياء

(49/83)


سمع: ابن الرشيد، وابن اللّتّيّ.
ومات في ربيع الآخر. لم يُكْمِل الأربعين.
كتب عنه: ابن الخباز، وغيره.
- حرف القاف-
27- القاسم بن أحمد [1] بن الموفَّق بن جعفر.
الإمام العلّامة ذو الفنون، عَلَمُ الدّين، أبو محمد المُرسيّ، اللّورَقيّ [2] ، المقرئ، النَّحْويّ.
ومنهم من سمّاه: أبو القاسم محمد، والأوّل أصحّ.
وُلِد سنة خمسٍ وسبعين وخمسمائة.
وقرأ القراءات سنة ثمانٍ وتسعين وبعدها على: أبي جعفر أحمدُ بْن عليّ بْن يَحْيَى بْن عَون الله الحصّار، وأبي عبد الله محمد بن سعيد المُراديّ المُرسيّ، والقاضي أبي عبد الله محمد بن نوح الغَافِقيّ البَلَنْسيّ، عن قراءتهم على ابن هذيل.
__________
[ () ] النسب، وهو نسبة إلى قرية جديا من غوطة دمشق. والمعروف سكون الدال، وقيّده ابن السمعاني بفتحها، وقال: هذه النسبة إلى جديا، وظنّي أنها من قرى دمشق. (توضيح المشتبه 2/ 250) .
[1] انظر عن (القاسم بن أحمد) في: معجم الأدباء 6/ 152، وذيل الروضتين 226، 227، وصلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني 2/ ورقة 70، وذيل مرآة الزمان 2/ 221، والمعين في طبقات المحدّثين 211 رقم 2206، والإشارة إلى وفيات الأعيان 358، 359، ومعرفة القراء الكبار 2/ 660، 661 رقم 628، والإعلام بوفيات الأعلام 276، والعبر 5/ 266، 267، وتذكرة الحفاظ 4/ 1454، ودول الإسلام 2/ 167، ومرآة الجنان 4/ 160، والبداية والنهاية 13/ 241، وفيه: «علم الدين أبو القاسم بن أحمد» ، والوافي بالوفيات 24/ 12/ رقم 111، وعيون التواريخ 20/ 291، وغاية النهاية 2/ 15، 16 رقم 2583، ونهاية الغاية، ورقة 190، والسلوك ج 1 ق 2/ 503، وملء العيبة للفهري 2/ 212، 214، 215، 219، 225، 232- 240، 243، 249، 250، وعقد الجمان (1) 368، وزبدة الفكرة 9/ ورقة 61 ب ودرّة الأسلاك 1/ ورقة 32، وبغية الوعاة 2/ 250 رقم 1912، ونفح الطيب 2/ 256، وشذرات الذهب 5/ 307، وتاريخ الخلفاء 483.
[2] تصحّفت النسبة في السلوك ج 1 ق 2/ 503 «اللوري» ، وفي البداية والنهاية 13/ 241 «البورقي» . واللورقي: بفتح الراء المهملة، نسبة إلى لورقة بليدة من أعمال مرسية.

(49/84)


وقرأ بمصر القراءات على أبي الْجُود. وبدمشق على الكِنْديّ، وابن باسويه. وأحكم العربيّة وبرع فيها، واجتمع بالْجَزُولي وسأله عن مسألة من مقدّمته. وسمع ببغداد من أبي محمد بن الأخضر، وبحلب من الإفتخار الهاشميّ. وبدمشق من الكِنْديّ، وقرأ عليه «كتاب سِيبَوَيْه» بكماله.
واشتغل ببغداد أيضا على الشّيخ. أبي البقاء. وقرأ علم الكلام والأصلين والفلسفة. وكان خبيرا بهذه العلوم قائما عليها مقصودا بإقرائها.
ولي مشيخة التُّربة العادليّة الّتي شرْطها القراءات والنَّحْو، ودرّس بالعزيزيّة نيابة.
وصنَّف شرحا مختصرا «للشاطبيّة» ، وشرح «المفصّل» للزَّمَخْشَريّ في عدّة مجلّدات وما قصّر فيه. «وشرحا» للجَزُوليّة، وغير ذلك.
وكان مليح الشّكل، حَسَن البِزّة، إماما كبيرا، مَهِيبًا، متقنا. وقد عزم على الرّحلة إلى الفخر ابن الخطيب فبلغه موته.
وكان له حلقة إشغال. وهو كان الحكم بين أبي شامة والشّمس أبي الفتح في أيُّهما أوْلى بمشيخة التُّربة الصّالحيّة، والقصّة معروفة، فرجّح أبا الفتح بعض الشّيء. وقيل: لم يرجّحه بل قال: هذا رجلٌ يدري القراءات، وقال عن أبي شامة: هذا إمام.
فوقعت العناية بأبي الفتح.
وقد ذكره أبو شامة في «تاريخه» [1] وما أنصفه فقال: في سابع رجب تُوُفّي العلم أبو محمد القاسم بن أحمد بن أبي السّداد المغربيّ، النَّحْويّ، وكان معمّرا، مشتغلا بأنواع من العلوم على خلل في ذهنه [2] .
__________
[1] ذيل الروضتين 226، 27.
[2] وزاد أبو شامة: بعد أن ذكر اسمه: هكذا رأيت نسبة بخط مشايخه الذين قرأ عليهم بالمغرب، بن الحصار وغيره. وكان هو لا يكتب ابن أبي السداد، ويجعل مكانه الموفق. وكان أبا السداد كنيته الموفق.

(49/85)


قلت: قرأ عليه القراءات سِبْطه بهاء الدّين محمد بن البِرزاليّ، والشّيخ أبو عبد الله القصّاع، وبرهان الدّين الإسكندرانيّ، وشهاب الدّين حسين الكفريّ، وعلاء الدّين ابن عليّ الكِنْديّ لكنّه نسي- أعني الكِنْديّ-.
وحدَّث عنه: العماد بن البالسيّ وغيره.
28- قاسم بن بركات بن أبي القاسم.
أبو محمد بن القَيْسرانيّ، المصريّ، البزّاز، العدْل. ويُعرف بعز القُضاة.
روى عن أبي عبد الله بن عبدون البنّاء.
ومات بالقاهرة في تاسع صَفَر، وله تسعٌ وسبعون سنة.
- حرف الميم-
29- مُحَمَّد بن أَحْمَد بن عنتر [1] .
الصَّدر، شَرَفُ الدين الدمشقيّ.
ولي حسْبة دمشق في أيّام هولاوو، فطُلب لذلك إلى مصر وهُدِّد [2] .
تُوُفّي في صفر.
30- محمد بن القُدوة الإمام شيخ خُراسان سيف الدّين سعد بن المطهَّر الباخَرْزيّ.
الإمام جلال الدّين نزيل بُخَارى.
مات في جُمَادى الأول، ودُفِن بجنْب أبيه وله ستٌّ وثلاثون سنة.
31- محمد [3] بن عبد الرّحيم [4] .
__________
[1] انظر عن (محمد بن أحمد بن عنتر) في: ذيل الروضتين 226، وذيل مرآة الزمان 2/ 220، 221، والبداية والنهاية 13/ 241، وعقد الجمان (1) 317.
[2] وكان هو وأبوه من أولي الثروة بدمشق ومن المعدّلين فيها.
[3] كتب في الأصل فوق اسمه: «هو والد شيخنا المعمّر أبي بكر» .
[4] انظر عن (محمد بن عبد الرحيم) في: ذيل الروضتين 227 وفيه: «الشهاب ابن الضياء الكاتب للشروط بباب الجامع الشرقي، ويعرف بأجير البهاء لأنه كان يخرج في كتابة الشروط

(49/86)


الدّمشقيّ، الشّروطيّ، العدل، شهاب الدّين ابن الضّياء، المعروف بأجير البهاء، الشّريف.
كان بارعا في كتابة الشُّرُوط، انتهت إليه معرفة ذلك، ولم يكن يشهد على القضاء لاستغنائه بصناعته، وكان صاحب حظْوة [1] .
تُوُفّي عَشْر السّتّين في رجب بدمشق.
32- محمد بن نصر الله [2] بن المظفَّر بن أسعد بن حمزة بن راشد.
الصّدر، جمال الدّين، أَبُو الفضل التّميميّ، الدّمشقيّ، ابن القلانِسِي، ابن أخي مؤيّد الدّين.
وُلِد سنة ستٍّ وستّمائة، وحدَّث عن: الكِنْديّ، وابن الحَرَستانيّ، وغيرهما [3] .
33- مظفَّر بن عليّ [4] بن الحسن بن سنيّ الدّولة.
العدل، عماد الدين ابن بهاء الدين ابن عمر قاضي القُضاة صدر الدّين الدّمشقيّ، الشُّرُوطيّ.
تُوُفي فِي رجب.
- حرف الياء-
34- يَحْيَى بْن فضل الله [5] .
__________
[ () ] بالشريف بهاء الدين عبد القادر بن عقيل العباسي كاتب الحكم للزكيّ الطاهر وبعده إلى أن مات. وكان فريد وقته في ذلك، فبرع هذا الأجير حتى كان الفقيه عزّ الدين عبد السلام يفضله على كتّاب عصره فنفقت سوقه» ، وذيل مرآة الزمان 2/ 221، 222.
[1] وقال قطب الدين اليونيني: قيل إنه كان يكتب في اليوم الواحد ما يتحصّل له فيه من الأجرة فوق المائة درهم ولعلّ هذا كان يقع له في غالب الأوقات.
[2] انظر عن (محمد بن نصر الله) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 222، والمقفّى الكبير للمقريزي 7/ 334، 335 رقم 3424
[3] وقال اليونيني: وحدّث هو وغير واحد من أهل بيته وكان من العدول الرؤساء الأعيان ومن أولي الثروة والوجاهة بدمشق.
[4] انظر عن (مطفّر بن علي) في: ذيل الروضتين 227.
[5] انظر عن (يحيى بن فضل الله) في: ذيل الروضتين 228، 229.

(49/87)


الشّيخ شرف الدّين ابن السّيسيّ، إمام المدرسة الصّالحية النَّجْميّة بالقاهرة.
كان من أصحاب الشّيخ عَلَم الدين السَّخَاويّ، وهو أوّل من أَمَّ بالدَّار الأشْرفيّة، ثمّ سكن مصر [1] .
35- يحيى بن أبي حامد محمد ابن قاضي القُضاة أبي القاسم عبد الملك بن عيسى بن درباس.
المارانيّ، المصريّ، الشّافعيّ.
سمع من: عبد العزيز بن باقا.
ومات في المحرَّم.
36- يعقوب بن عبد الله [2] .
المقدسيّ، تربية البدويّ [3] ، أخو أحمد بن عبد الله.
روى عن شيخه عبد الله بن عبد الجبّار البَدويّ، وحنبل بن طَبَرْزَد.
ومات في رجب بالقاهرة. وكتب عنه الطَّلَبة.
- الكنى-
37- أبو بكر الدَّيْنَوَريّ [4] .
الرجل الصّالح، صلاح الدّين، صاحب الشّيخ عزيز الدين عمر الدّينوريّ، وهو الّذي بنى له الزّاوية بالصّالحيّة، وصار هو وجماعته يذكرون فيها عقِب الصُّبْح بأصواتٍ طيّبة، فلما مات الشّيخ رحمه الله بقي الصّلاح يقوم بعْدَه بهذه الوظيفة [5] .
__________
[1] وزاد أبو شامة: «وكان عنده تعصّب وكرم، وله قراءة حسنة» .
[2] انظر عن (يعقوب بن عبد الله) في: صلة التكملة لوفيات النقلة، للحسيني، ورقة 138.
[3] في الموضعين من الأصل: «الندوي» بالنون.
[4] انظر عن (أبي بكر الدينَوَريّ) في: ذيل الروضتين 228، والبداية والنهاية 13/ 241، وعقد الجمان 8/ 368.
[5] وقال أبو شامة: بثّ عنده ليلة في الزاوية المذكورة، رحمه الله. وكنت قد نظمت قبل ذلك أبياتا في هذا المعنى، وهي:

(49/88)


وعاش إلى هذا الوقت، ومات في ذي القعدة.
38- أبو الهيجاء بن عيسى [1] بن خُشْتَرين [2] .
الأمير الكبير مُجِير الدّين [3] بن الأمير الكبير حُسام الدّين الكُرديّ.
وكان أحد الشُّجعان له اليدُ البَيْضاء يوم عين جالوت. ثمّ رتّبه الملك المظفّر قُطُز مُشارِكًا للحلبيّ في نيابة دمشق في الرّأي والتّدبير.
وكان أبوه أكبر أمير عند الملك الظّاهر صاحب حلب [4] .
تُوُفّي مُجِير الدين في شعبان بدمشق.
39- ملك الفرنج الفرنسيس [5] .
__________
[ () ]
صان ربّي عن التبذّل علمي ... فله الحمد بكرة وأصيلا
لم يشن بالسؤال وجهي بل ... بارك فيما أعطى فكان جزيلا
وغنى النفس والقناعة كنزان ... فكانا لما ذكرت دليلا
كم رأينا من عالم عزّ بالعلم ... وأضحى بالحرص منه ذليلا
احفظ الله وابذل الفضل ... تغنم من غنى النفس عزّة وقبولا
وتعرّف إليه يعرقك في الشدّة ... فاتبع فيما يقول الرسولا
يفعل الله ما يشاء فلا تسخط ... وكن راضيا زمنا قليلا
كل ما قد قضاه خير لمن ... آمن فاصبر عليه صبرا جميلا
وعد الصابرين خيرا فأيقن ... أنه كان وعده مفعولا
[1] انظر عن (أبي الهيجاء بن عيسى) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 322، 223، ونهاية الأرب 30/ 90، والسلوك ج 1 ق 2/ 502، والبداية والنهاية 13/ 242، وعقد الجمان (1) 369، 370، وفيه: «مجير الدين بن خوشتر بن الكردي» ، ودرّة الأسلاك 1/ ورقة 32، والنجوم الزاهرة 7/ 272.
[2] تصحّف في البداية والنهاية 13/ 242 «حثير» .
[3] في نهاية الأرب 30/ 90 «فخر الدين» . والمثبت يتفق مع السلوك، والبداية والنهاية.
[4] انظر عنه في: ذيل مرآة الزمان 2/ 223، 224.
[5] هو ملك فرنسا «لويس التاسع» ، انظر عنه في: ذيل مرآة الزمان 2/ 199- 214، وكنز الدرر 101 وفيه «ريد افرنس واسمه تولين» ، والوافي بالوفيات 10/ 313 وفيه: «بوش» ، وفوات الوفيات 1/ 156، وصبح الأعشى 8/ 38، والسلوك ج 1 ق 2/ 333 (سنة 627 هـ) ، ودرّة الأسلاك 1/ حوادث سنة 661 هـ، والمنهل الصافي 3/ 439- 442 رقم

(49/89)


الّذي قصد دمياط نَوْبَة المنصورة.
كان مُتَّسع الممالك، كثير الجيوش والبلاد، عالي الهِمَّة، ذا رأي ودهاء وأموالٍ وحَشَم، أسره المسلمون يوم المنصورة فقُيِّد وحُبِس في دارٍ كان ينزلها فخرُ الدّين بن لُقْمان الكاتب، ورسّم عليه الطّواشيّ صبيح المعظَّميّ، ثمّ استفَكّ نفسَه بأموالٍ عظيمة. وفي ذلك يقول ابن مطروح:
وقل لهم إنْ أضمروا عَوْدةً ... لأخذ ثأرٍ أو لقصدٍ صحيح
دارُ ابن لُقْمان على حالها ... والقَيْدُ باقٍ والطُّواشيّ صبيح [1]
وكان هذا الملعون في همّته أن يستعيد القدس. وكان هلاكه بظاهر مدينة تونس، فإنّه قصدها وبها المستنصر باللَّه محمد بن يحيى بن عبد الواحد، وكاد أن يملكها، فأوقع الله الوباء في جيشه فهلك هو وجماعةٌ من ملوك الفرنج، ورجع الباقون خائبين.
وقيل إنّ أهل الأندلس تحيّلوا حتّى سمّوه، وأراح الله الإسلام منه.
ولقد كاد أن يستولي على إقليم مصر، فإنّه نَازَل دِمياط، فهرب منه العسكر الّذي تجاهها لحِفْظها، فلمّا رأى المقاتلة الذّين بها وأهلها هروب العسكر تبِعُوهم هاربين تحت اللّيل، بحيث أنّ دمياط أصبحت وما بها أحد، وتسلَّمتها الفرنج بلا ضربةٍ ولا طعنةٍ ولا امتناع لحظةٍ بذخائرها وعدّتها وخيرها، وكان ما قد ذكرناه من الحوادث، فبقيت في أيديهم نحوا من سنة ونصف.
والفرنسيس، ويدعى ريذ افرنس، ينازل بجموعه يحامي عنها، والمسلمون
__________
[ () ] 714 وفيه: «بواش» ، والدليل الشافي 1/ 202، والنجوم الزاهرة 7/ 211.
وانظر: القدّيس لويس حياته وحملاته على مصر والشام- تحقيق د. حسن حبشي- دار المعارف بمصر 1968.
[1] البيتان في ديوان ابن مطروح- طبعة إسطنبول- ص 181، وذيل مرآة الزمان 2/ 213، ودرّة الأسلاك، وفوات الوفيات، والوافي بالوفيات، وصبح الأعشى، والسلوك، والمنهل الصافي، وغيره.

(49/90)


ينازلوه مدَّةً طويلة، يستظهر عليهم ويستظهرون عليه، إلى أن كان الظَّفر للإسلام آخر شيء، وقتل خلائق من الفرنج لا يحصون، ووقع هو في أسر المسلمين. ثمّ استفكّ نفسه بدمياط وبجملة من الذّهب.
قال ابن واصل: دخل إليه حسام الدّين ابن أبي عليّ وهو مقيّد بالمنصورة فحاوره طويلا حتّى وقع الاتفاق على تسليم دمياط، ويطلق هو ومن معه من كبراء الفرنج.
فحكى لي حسان الدّين قال: كان فَطِنًا عاقلا قلت له: كيف خطر للملك مع ما أرى من عقله وفضله وصحّة ذِهنه أن يُقْدِم على خشب، ويركب في هذا البحر، ويأتي هذه البلاد المملوءة من عساكر الإسلام، ويعتقد أنّه يحصل له تملُّكها، وفيما فعل غاية الغَرر؟! فضحك ولم يُحِرْ جوابا.
وقلت: ذهب بعض فُقهائنا أنّ من ركب البحر مرّة بعد أخرى مغرّرا بنفسه أنّه لا تُقْبَل شهادته، لأنّه يستدلّ بذلك على ضعف عقله.
قال: فضحك وقال: لقد صدق هذا القائل وما قصّر.
ولمّا أفرج عن ريذ افرنس وأصحابه أقلعوا إلى عكّا، وأقام بالسّاحل مدة، وعمّر قَيْسَاريّة ثمّ رجع إلى بلاده، وأخذ يجمع ويحشد إلى هذا الزّمان، وأراد قصد بلاد الإسلام ثانيا، ثمّ فتر عن قصْد مصر، وقصد بلد إفريقية ( ... ) [1] إلى أنّه مَن مَلَك بلاد المغرب تمكّن من قصد مصر في البرّ والبحر، ويسهُل عليه تملُّكها، فنازل تونس إلى أن كاد يملكها، ولكن وقع الوباء في جيشه فهلك هو وجماعة من ملوكهم، كما ذكرنا.
__________
[1] بياض في الأصل.

(49/91)


وفيها وُلِد:
شيخنا تقيّ الدّين أحمد بن عَبْد الحليم بْن عَبْد السّلام بْن عَبْد الله بن أبي القاسم بن تَيْميَّة الفقيه بحَرّان يوم الإثنين عاشر ربيع الأوّل، ومجد الدّين محمد بن محمد سبط ابن الحُبُوبيّ في رجب، والنَّجم محمد بن إبراهيم بن عبد الغنيّ بن سليمان بن بَنِين المصريّ، يروي عن النَّجِيب، والزَّين عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن ابن القيراط، والنّفيس سلامة ابن أمين الدّين ابن شُقَيْر، في شعبان، والتَّقيّ سليمان بن عبد الرحيم بن أبي عبّاس الصّالحيّ العطّار، وعبد الرحمن محمد بن عبد الحميد المقدسيّ.

(49/92)


سنة اثنتين وستين وستمائة
- حرف الألف-
40- أَحْمَد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ [1] بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْد اللَّه بْن عُلْوان بن عَبْد اللَّه بن عَلْوان بن رافع.
قاضي حلب، كمال الدّين، أبو العبّاس، وأبو بكر، وُلِدَ الإمام قاضي القُضاة بحلب زين الدّين ابن المحدِّث، الإمام الزّاهد أبي محمد بْن الأستاذ الأسَديّ الحَلَبِيّ، الشافعيّ.
وُلِد سنة إحدى عشرة وستمائة.
وسمع حضورا من: الإفتخار الهاشميّ. وسمع من: ثابت بن مُشرَّف، وجدّه أبي محمد بن علْوان، وابن رُوزبة، وطائفة.
وحدَّث وأفتى ودرّس، وأقام بمصر بعد أخْذ حلب، ودرّس بالمدرسة المعزّيّة بمصر، وبالهكّارية بالقاهرة.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن عبد الله) في: ذيل الروضتين 232، وذيل مرآة الزمان 2/ 233- 234، والعبر 5/ 267، وطبقات الشافعية الوسطى، ورقة 28 أ، وطبقات الشافعية الكبرى 5/ 8، وعيون التواريخ 20/ 296، 297، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 459 رقم 428، والسلوك ج 1 ق 2/ 523، والنجوم الزاهرة 7/ 214، وحسن المحاضرة 1/ 233، وشذرات الذهب 5/ 308، ومعجم المؤلفين 1/ 195، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 144- 146، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 177 ب، 178 أ، والمقفى الكبير للمقريزي 1/ 513 رقم 497، والوافي بالوفيات 7/ 122 رقم 3086، وعقد الجمان (1) 392، ودرّة الأسلاك 1/ ورقة 34، وديوان الإسلام 1/ 200، 201 رقم 304، ومعجم المؤلّفين 1/ 295.

(49/93)


وكان صدرا مُعظَّمًا، وافر الحُرمَة، مجموع الفضائل، صاحب رئاسة ومكارم وأفضال وسُؤدُد وتواضُع.
ولي القضاء مدّة فحُمدت سيرتُه.
روى عنه: أبو محمد الدّمياطيّ، وكان يدعو له، لِمَا أوْلاه مِنَ الإحسان.
وسمع منه الطَّلَبة المصريّون.
وولي قضاء حلب [1] بعد موت والده. وكان ذا مكانة عظيمة عند الملك النّاصر وكلمته نافذة، فلمّا خرِبت حلب [2] أُصيب بأهله وماله، واللهُ يعظّم أجْرَه، وسَلِمت نفْسُه، فأتى مصر ودرس بها إلى أن ولي قضاء حلب، فأتاها في صدر هذا العام.
تُوُفّي ليلة نصف شوّال [3] .
41- أحمد بن عمران [4] .
__________
[1] في سنة 638 هـ. «وهو في عنفوان شبابه. فحمدت سرته وشكرت طريقته» .
[2] في سنة 658 هـ.
[3] وقال أبو شامة: وكان فاضلا وابن فاضل، وجدّه من الصالحين، وجمع كتابا في «شرح الوسيط» كان تعب فيه أبوه من قبل.
وقال قطب الدين اليونيني: وكان رئيسا جليلا، عظيم المقدار، جوادا سمحا ديّنا، تقيّا نقيّا، حسن الاعتقاد بالفقراء والصالحين، كثير المحبّة لهم والميل إليهم والبرّ لهم والإيمان بكراماتهم لا ينكر ما يحكى عنهم مما يخرق العادات. وكان أحد المشايخ الأجلّاء المشهورين بالفضل والدين وحسن الطريقة ولين الجانب وكثرة التواضع وجمال الشكل وحلاوة المنطق.
حضر إلى زيارة والدي رحمه الله ببعلبكّ فترجّل عن بغلته من أول الدرب، ولما دخل الدار قعد بين يدي والدي متأدّبا إلى الطرف الأقصى، ولم يستند إلى الحائط وسمع عليه شيئا من الحديث النبوي، وكان من حسنات الدولة الناصرية بل من محاسن الدهر. وهو من بيت معروف بالعلم والدين والحديث، وأبوه القاضي زين الدين أبو محمد عبد الله تولّى القضاء بحلب وأعمالها مدة وسمع من غير واحد وحدث، وكان من العلماء الفضلاء الصدور الرؤساء. وجدّه عبد الرحمن أحد المشايخ المعروفين بالزهد والدين. رحمهم الله تعالى. وبيتهم أحد البيوت المشهورة في حلب بالسّنّة والجماعة.
[4] انظر عن (أحمد بن عمران) في: الحوادث الجامعة 351، والوافي بالوفيات 7/ 271 رقم 3241.

(49/94)


الرّئيس نجمُ الدّين الباجَسرْائيّ، ناظر سواد العراق للمُغْل.
قتلوه في جُمَادى الآخرة، وكان نُصَيْرِيًّا ظاهر الفِسْق.
42- أحمد بن محمد بن صابر [1] بن محمد بن صابر بن منذر.
الحافظ المُتْقِن، ضياء الدّين، أبو جعفر [2] القَيّسيّ، الأندلُسيّ، المالقيّ.
وُلِد بمالقة سنة خمسٍ وعشرين وستّمائة.
وسمع الكثير ببلاد المغرب، وحجّ، وسمع بمصر.
وقدِم دمشق فسمع من أصحاب يحيى الثقفيّ، وكتب بخطّه الكثير. وكان سريع الكتابة والقراءة، شديد العناية بالطّلب، كثير الفوائد، ديِّنًا فاضلا، جيّد المشاركة في العلوم.
كتب عنه: الشّريف عزّ الدّين، وآحاد الطَّلَبَة.
ومات شابّا في ثامن شعبان بالقاهرة [3] .
43- إبراهيم بن مكّي [4] بن عمر بن نوح.
الرئيس الصّدر، ضياء الدّين، أبو إسحاق المخزوميّ، الدّمامينيّ، الكاتب.
تقلّب في الخدم الدّيوانيّة.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن محمد بن صابر) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 234، والمقفّى الكبير للمقريزي 1/ 236، 637 رقم 612، وتذكرة الحفاظ 4/ 1443، وزبدة الفكرة 9/ ورقة 68 ب، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة ق 2/ 437- 439 رقم 652.
[2] في ذيل مرآة الزمان: «أبو العباس» ، وفي الذيل والتكملة: أبو العباس وأبو جعفر.
[3] ومن شعره:
قالوا: لقيت كبار الناس، قلت لهم: ... لا ناقة لي في هذا ولا جمل
قوم إذا احتجبوا لم يأذنوا وإذا ... منّوا بإذن فلا بشر ولا أمل
وإن بدا البشر والتأميل في عدة ... فلا وفاء، وإن أوفوا به مطلوا
واستخلصت حشفا من سوء كيلتها ... وكان آخر عهدي بالذي بذلوا
وقوله:
ومن نكد الدنيا على الحرّ حاسد ... يكيد، وينوي جاهدا أن تناوئه
يرى أنه ما إن تعدّ ولا ترى ... مساوية حتى تعدّ مساوئه
فلا تعجبن ممّن عوى خلف ذي علا ... لكلّ عليّ في الأنام معاوية
[4] انظر عن (إبراهيم بن مكي) في: الطالع السعيد للأدفوي 67 رقم 24.

(49/95)


وحدَّث عَنْ: أَبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن البنّاء.
وُلِد بدمامين من الصَّعيد سنة أربعٍ وثمانين.
ومات ببُلْبَيس سنة اثنتين في ذي الحجّة.
44- إبراهيم بن محمود بن موسى بن أبي القاسم.
أبو إسحاق الكُرْدِيّ، الضّرير، الهذبانيّ.
وُلِد سنة أربع وسبعين تقديرا.
وسمع من: عبد الخالق بن فيروز الجوهريّ.
وحدَّث بالقاهرة ودمشق، وهو من شيوخ الدِّمياطيّ.
تُوُفّي ببعض قُرى القاهرة في الحادي والعشرين من رجب.
روى عنه: يوسف بن عمر الخَتَنيّ.
45- إسماعيل بن صارم [1] بن عليّ بن عزّ بن تميم.
أبو الطّاهر الكِنانيّ، العسقلانيّ، ثمّ المصريّ، الخيّاط.
روى عنه جماعة المصريّين، وكان عالي الإسناد.
حدّث عن: البُوصيريّ، وإسماعيل بن ياسين، وفاطمة بنت سعْد الخير.
روى عنه: الدّمياطيّ، وشعبان الإربليّ، وقطب الدّين ابن اليونينيّ، وعلم الدّين الدّواداريّ، والأمين عبد القادر الصّعبيّ، ومحمد بن محمد بن القوّاس، وطائفة سواهم.
وبلغني أنّه شَنَق نفْسَه.
تُوُفّي في تاسع جُمَادى الأولى.
46- أيّوب بن محمود [2] بن سما [3] .
__________
[1] انظر عن (إسماعيل بن صارم) في: العبر 5/ 267، وتذكرة الحفاظ 4/ 1443، والإشارة إلى وفيات الأعيان 359، والوافي بالوفيات 9/ 121 رقم 4036، والمنهل الصافي 2/ 395 رقم 433، وشذرات الذهب 5/ 308 وفيه: «إسماعيل بن سالم» وهو وهم.
[2] انظر عن (أيوب بن محمود) في: ذيل الروضتين 231.
[3] في ذيل الروضتين: «سيما» .

(49/96)


المحتسب، تاج الدّين الدّمشقيّ.
قد ذكرناه في السّنة الماضية [1] على ما ورّخه الدّمياطيّ، والشّريف.
وقال الإمام أبو شامة وغيره: تُوُفّي سنة اثنتين وستين في شعبان، فاللَّه أعلم [2] .
- حرف الباء-
47- بِهْرَام.
أبو الفضل، عتيق مؤيّد الدّين ابن عساكر.
روى عن: عمر بن طَبَرْزَد.
ومات في العشرين من صفر، ودُفِن بسفْح قاسيون. قاله الشّريف في «الوَفَيات» ، ولا أعرفه.
- حرف الحاء-
48- حُسين بن محمد بن أبي عَمْرو.
أبو العلاء الإسكندرانيّ، المالكيّ، الفقيه.
درّس وأفتى، وحدَّث عن: أبي الحسن بن المفضَّل.
ومات في رمضان بالثَّغْر.
- حرف الخاء-
49- خَضِر بن غزّيّ بن عامر.
أبو العبّاس الأنصاريّ، الشّارعيّ، المؤدّب.
وُلِد ببُلْبَيس سنة أربع وثمانين.
وسمع في كهولته من مكرَّم القُرشيّ.
كتب عنه الشّريف عزّ الدّين، وغيره.
__________
[1] برقم (5) .
[2] وقال ابو شامة: وكان أحد الشيوخ المعدّلين بدمشق، من أهل البيوتات بها، وأبوه كان محتسب دمشق مدّة. ودفن على والده بالجبل، وكان موته ببستانه عند طاحونة مقرى، رحمه الله.

(49/97)


ومات في ربيع الآخر.
- حرف السين-
50- السّديد.
شيخ الرّافضة بالحِلَّة وفقيهُهُم واسمه أبو عليّ بن خَشْرَم الحِليّ. مات في هذه السّنة وقد جاوز الثّمانين، ودفنوه بمشهد عليّ، رضي الله عنه.
51- سليمان بن أحمد بن يوسف.
أبو الرّبيع المُرَاكشيّ.
سمع بمكّة من: الشَّهْرُزُورِيّ. وحدَّث بالقاهرة.
ومات بالإسكندريّة في جُمَادى الآخرة.
52- سليمان بن المؤيَّد [1] بن عامر.
المقدِسيّ، العَقْربائيّ، الطّبيب، الزَّين الحافظيّ.
رئيس فاضل، حَسَن المشاركة في الأدب والعِلْم، زِنْدِيق.
خدم المَلك الحافظَ صاحبَ جَعْبَر بالطّبّ، وإليه يُنْسَب.
ثمّ خدم الملك النّاصر يوسف، وارتفعت منزلته، وأُعْطِيَ إمْرةً وطَبَلْ خاناه من التّتار.
حدَّثني الرّشيد الرّقيّ الأديب قال: كنت أقابل معه في «صحاح الجوهريّ» فلمّا أمّروه قلت، وأنشدته:
قيل لي: الحافظيّ قد أمّروه ... قلت: ما زال بالعلاءِ جديرا
وسليمان من خصائصه الملك ... فلا غرو أن يكون أميرا
__________
[1] انظر عن (سليمان بن المؤيّد) في: عيون الأنباء 2/ 189، وذيل مرآة الزمان 2/ 234- 239. ونهاية الأرب 30/ 109، 110، وكنز الدرر 104، 105، والعبر 5/ 267، 268، وعيون التواريخ 20/ 297- 300، والبداية والنهاية 13/ 244، والوافي بالوفيات 15/ 414، 415 رقم 558، وفوات الوفيات 2/ 77 رقم 180، وعقد الجمان (1) 393، وتالي وفيات الأعيان 78، 79 رقم 119، وشذرات الذهب 5/ 308، 309.

(49/98)


وقال قُطْب الدّين [1] : فيها قُتِل الزَّين الحافظيّ بين يدي هولاكو في أواخرها بعْد أنْ أحضره وقال: قد ثبت عندي خيانتُك وتلاعُبُك بالدُّوَل خدمتُ صاحبَ بَعْلَبَكّ طبيبا، وصاحبَ قلعة جَعْبَر الحافظ، والملكَ النّاصرَ، فخُنْتَ الجميع، ثمّ انتقلتَ إليَّ، فأحسنتُ إليك، فشَرَعْتَ تُكَاتِبُ صاحبَ مصر.
وعدَّدَ ذُنُوبَه ثمّ قتله وقتل أولاده وأقاربه، وكانوا نحوا من خمسين ضُرِبت أعناقُهم.
وكان من أسباب قتله كُتُبٌ سعى الملك الظّاهر في إرسالها إليه من مصر بحيث وقعت في يد هولاكو.
وأمّا خيانته في الأموال وأخْذه البرطيل وجناياته في الإسلام فكثيرة، يعني أيّام التّتار بدمشق.
قال: ولم تكن الإمارة لائقة به.
وللموفَّق أحمد بن أبي أُصَيْبعة فيه:
وما زال زَيْنُ الدين في كُلِّ منصبٍ ... له في سماء المجد أعلى المراتبِ
أميرٌ حَوَى في العِلْم كلَّ فضيلةٍ ... وفاقَ الوَرَى في رأيِهِ والتّجاربِ
إذا كان في الطِّبّ فصَدْرُ مجالسٍ ... وإنْ كان في حربٍ فقلبُ الكتائبِ
ففي السَّلْمِ كم أحْيى وليّا بطبِّه ... وفي الحربِ كم أفنى العِدَى بالقواضبِ
قال الموفَّق [2] : وما زال في خدمة الملك النّاصر، فلمّا جاءت التّتار بعثه رسولا إلى هولاوو فأحسن إليه، واستمالوه حتّى صار جهتهم ومازجهم، وتردَّد في المراسلة، وطمَّع التّتار في البلاد، وصار يهوِّل على النّاصر أمرهم ويُضخِّم مملكتهم، فلمّا ملكوا دمشق جعلوه بها أميرا، وكانوا يدعونه الملك زين الدّين.
__________
[1] في ذيل مرآة الزمان 2/ 234، 235.
[2] في عيون الأنباء 2/ 189.

(49/99)


ومات في عَشْر السّبعين.
وهو ممّن قرأ على الدّخوار.
فمن تحيُّل الملك الظّاهر عليه أنّه استدعى أخاه العماد الأشتر من دمشق ثمّ أنعم عليه، وقرَّر له في الشّهر خمسمائة دِرْهم، وأمره أن يكتب إلى أخيه كتابا يعرّفه فيه نيّة السّلطان له، وأنّه ما له عنده ذَنْب، وأنّه كارِهٌ لإقامته عند التّتار، ويلتمس أن يكون مِناصحًا له.
فلمّا وصلت إليه الكُتُب حملها إلى هولاكو وقال: إنّما قصد الظّاهر أن يغيّرك عليّ، فتأذَن لي أنْ أكاتب أمراءه لأكيده. فلم يرَ هولاكو ذلك، ثمّ تخيّل منه.
- حرف الصاد-
53- صالح بن أبي بكر [1] بن أبي الشّبل بن سلامة بن شبل.
القاضي، الإمام، أبو التُّقَى المقدِسيّ، ثمّ المصريّ، السَّمنُّوديّ، الشّافعيّ، قاضي حمص.
شيخٌ، عالمٌ، ديِّن خيِّر، موثر، مشكور، مُسِنّ، معمّر، حَسَن السّيرة.
وُلِد سنة سبعين وخمسمائة بمصر، وسمع ببغداد من: الحسين بن سعيد بن شنيف.
وبدمشق من: الكِنْديّ، وابن الحَرَستانيّ، وابن ملاعب.
وكتب عنه ابن الحاجب سنة اثنتين وعشرين. وبقي مدّة طويلة في قضاء حمص.
روى عنه: الدّمياطيّ، ومحمد بن محمد اللَّخْميّ، والمجد بن الحُلْوانيّة، والتّاج الْجَعْبَريّ الحاكم، وغيرهم.
ومات في صفر، وقيل في المحرَّم.
__________
[1] انظر عن (صالح بن أبي بكر) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 239، وزبدة الفكرة 9/ ورقة 67 ب، وعقد الجمان (1) 392، والوافي بالوفيات 16/ 251 رقم 274، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 43.

(49/100)


- حرف العين-
54- عبد العزيز بْن القاضي أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد [1] بْن عَبْد المحسن بن مُحَمَّد بن منصور بن خَلَف.
الإمام، العلّامة، شيخ الشّيوخ، شرف الدّين، أبو محمد الأنصاريّ، الأَوْسيّ، الدّمشقيّ، ثمّ الحمويّ، الشّافعيّ، الأديب، الصّاحب، ابن قاضي حماة، ويُعرف بابن الرّفّاء.
وُلِد سنة ستّ وثمانين وخمسمائة بدمشق، ورجل به والده وهو صبيّ، فسمّعه «جزْءَ ابن عرفة، من ابن كليب، و «المسند» كلَّه من عَبْد اللَّه بن أَبِي المجد الحَرْبِيّ.
وحدَّث بالْجُزء نحوا من ستّين مرّة بدمشق، وحماة، وبَعْلَبَكّ، ومصر، وروى المُسْنَد» غير مرّة.
__________
[1] انظر عن (عبد العزيز بن محمد) في: عقود الجمان لابن الشعار 4/ ورقة 11 أ، وذيل الروضتين 231، وذيل مرآة الزمان 2/ 239- 292، ومشيخة قاضي القضاة ابن جماعة 1/ 343- 351 رقم 37، ومعجم شيوخ الدمياطيّ 2/ ورقة 48 أ، ومنتخب المختار من ذيل تاريخ بغداد لابن رافع 112- 114، والمختصر في أخبار البشر 3/ 219، وتالي وفيات الأعيان 97، 98 رقم 145، وتذكرة الحفاظ 4/ 1443، ودول الإسلام 2/ 167، 168، والعبر 5/ 268، والإعلام بوفيات الأعلام 277، والمعين في طبقات المحدّثين 211 رقم 2207 والإشارة إلى وفيات الأعيان 359، 360، والسلوك ج 1 ق 2/ 523، وذيل التقييد 2/ 133 رقم 1294، والوافي بالوفيات 18/ 546- 556 رقم 551، والنجوم الزاهرة 7/ 214، والدليل الشافي 1/ 417، رقم 1437، والمنهل الصافي 7/ 293- 299 رقم 1443، وبغية الوعاة 2/ 102 وتاريخ ابن سباط 1/ 409، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 319، وشذرات الذهب 5/ 309، وطبقات الشافعية الكبرى 8/ 258، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 179 أ، ب، وكشف الظنون 283، وهدية العارفين 1/ 580، وديوان الإسلام 3/ 148 رقم 1249، والأعلام 4/ 25، ومعجم المؤلفين 5/ 259، وتاريخ حماة للصابوني 131، والأدب في بلاد الشام لعمر كمال موسى 323- 327، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي ق 2/ ج 2/ 217، 218 رقم 552، وعقود الجمان للزركشي 183.
وانظر: ديوان الشرف الأنصاري (مصوّرة مخطوطة ليدن) ، ونسخة مكتبة وليّ الدين المضمومة إلى مكتبة بيازيد الثاني رقم 2669، ومفرّج الكروب لابن واصل 4/ 273 (سنة 626 هـ) .

(49/101)


قرأه عليه الشّيخ شَرَفُ الدّين الفَزَاريّ غير مرّة.
وقرأ الكثير من كُتُب الأدب على أبي اليُمن الكِنْديّ، وسمع منه أيضا.
ومن: أبيه، وأبي الحسن عليّ بن محمد بن يعيش الأنباريّ، وأبي أحمد بن سُكَيْنَة، ويحيى بن الرّبيع الفقيه.
وتفقّه وبرع في العِلْم والأدب والشّعر. وكان من أذكياء بني آدم المعدودين، وله محفوظات كثيرة. وسكن بَعْلَبَكّ مدّة.
وسمع بها من البهاء عبد الرحمن، وحدَّث معه.
وسكن دمشق مدّة، ثمّ سكن حماة.
وكان صدرا محتشما، نبيلا، معظَّمًا، وافر الحُرْمَة، كبير القدر [1] .
روى عنه: الدّمياطيّ، وأبو الحسين بن اليُونينيّ، وأبو العبّاس بن الظّاهريّ، وقاضي القُضاة أبو عبد الله بن جماعة، وأبو عبد الله بن الفخر البَعْلَبَكّيّ [2] ، وأبو محمد عبد الخالق بن سعيد، وأبو محمد صالح بن تامر قاضيا بَعْلَبَكّ، وأبو العبّاس الفَزَاريّ خطيب دمشق، وأبو المظفّر موسى بن النُّويبيّ، وأبو الفضل الأسَديّ الصّفّار، وأبو الخير محمد بن المجد عبد الله، وأخوه
__________
[1] وقال أبو شامة: وكان شيخا فاضلا، حسن الصورة، والمحاضرة، وله نظم حسن في مدح النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وغيره.
وقال قطب الدين اليونيني: وكان أحد الفضلاء المعروفين، وذوي الأدب المشهورين، جامعا لفنون من العلوم ومعارف حسنة. ذات سمت ووقار، وجدّ، وحسن خلق، وإقبال على أهل العلم وطلبته، وتقدّم عند الملوك وترسّل عنهم غير مرة، وكانت له الوجاهة التامّة والمكانة المكينة، وله النظم الفائق واليد الطولى في الترسّل والأصالة في الرأي مع الدين المتين ومكارم الأخلاق ولين الجانب وحسن المحاضرة والمباسطة والإفضال على سائر من يعرفه والتكرّم على من يقصده. (ص 240) .
وقال ابن جماعة: أحد الأئمّة الفضلاء، ومن أعيان السادة النبلاء، جمع بين الفضل الغزير والديانة والرئاسة، وحسن الخلق وكرم النفس والتواضع، وكان حسن المحاضرة، مليح الهيئة، متضلّعا من فنون الأدب، له النظم الفائق، وكان شيخ الشيوخ، له الوجاهة والمنزلة الرفيعة والرتبة العليّة عند الملوك والخاصّ والعامّ، وترسّل إلى دار الخلافة وإلى ملوك الشام ومصر غير مرة.
[2] وهو أكبر من شيخه.

(49/102)


محمد، وأبو محمد إبراهيم بن داود المقرئ، وأبو العبّاس أحمد بن فرج اللَّخْميّ، وأبو الفتح نصر بن سليمان المَنْبِجِيّ، وأبو عبد الله ابن الزّرّاد، وأبو المظفّر يوسف ابن قاضي حرّان، وخلْق سواهم.
وقد قرأتُ له عدّة قصائد على تاج الدّين عبد الخالق. قرأها عليه. ومن شِعره:
شرحتُ لوجْدي من محبتكم صَدْرًا ... وصبّرني صحبي فلم أسْتَطِع صَبْرا
وقلتُ لعُذّالي: أَلَمْ تَعْرِفُوا الهَوَى ... لقد جئتم شيئا بعذْلِكُم نُكْرا
لَعَمْري لقد طاوعتُ رائدَ لَوْعَتي ... عليكم، وما طاوعتُ زيدا ولا عَمْرا
خليليَّ ها سقط اللَّوَى قد بدا لنا ... فلا تقطعاه بل قِفَا نَبْكِ من ذِكْرى
فيا يوسُف الحُسْنِ الّذي مُذْ علقته ... بسيْارة من فكرتي قلت: يا بُشْرى
بدا فاسْتَرقّ العالمينَ جمالُه ... فمن أجلِ هذا أجَلّ بالبخْس أن يُشْرى
لقد حَلَّ من سرّي بوادٍ مقدِّسٍ ... ليقبس من قلبي الكليمِ به جَمْرا
وأَذْكَرَ آيات الخليلِ عِذَارُهُ ... بجنّتِه الخضراء في ناره الحمرا
وأجَّج كَرْبي فترةٌ من لِحاظِه ... فأرسلت دمعا حرّم النّوم والصّبرا
فلا تعجبوا للسَّيفِ والسَّيل، واعجبوا ... لأجفانه الوَسْنَى ومقلتي العبرا [1]
__________
[1] وله أشعار كثيرة في ذيل مرآة الزمان. وله بيتان في: بدائع الزهور ج 1 ق 1/ 319.
هزم الهمّ عن ندامى راح ... حظيت من سماعهم باللحون
لم تكد في الكئوس تظهر لطفا ... فبدت من خدودهم في الصحون
وقال أبو الفداء: وكان مرة مع الملك الناصر يوسف صاحب الشام بعمان فعمل الشيخ شرف الدين:
أفدي حبيبا منذ واجهته ... عن وجه بدر التّمّ أغناني
في وجهه خالان لولاهما ... ما بتّ مفتونا بعمان
وأنشدهما للملك الناصر فأعجباه إلى الغاية وجعل يردّد إنشادهما وقال لكاتبه كمال الدين ابن العجمي: هكذا تكون الفضيلة. فقال ابن العجمي: إن التوراة لا تخدم هنا لأن عمان مجرورة في النظم فلا تخدمه في التوراة. فقال الملك الناصر للشيخ شرف الدين ما قاله. فقال شرف الدين: إن هذا جائز وهو أن يكون المثنّى في حالة الجرّ على صورة الرفع. واستشهد شرف الدين بقول الشاعر:

(49/103)


وتُوُفّي في ثامن رمضان.
55- عَبْد الكريم بْن عَبْد الصَّمَد [1] بْن مُحَمَّد بن أَبِي الفضل بن عليّ.
الإمام، القاضي، الخطيب، عماد الدّين، أبو الفضائل الأنصاريّ، الخَزْرجيّ، الدّمشقيّ، الشّافعيّ، ابن الحَرَستانيّ.
وُلِد في سابع عشر رجب سنة سبع وسبعين وخمسمائة بدمشق.
وسمع من أبيه قاضي القُضاة جمال الدين. ومن: الخُشُوعيّ، والبهاء بن عساكر، وحنْبل، وابن طَبَرْزَد، وغيرهم.
وتهاوَن أبوه وفوَّتَه السّماع من يحيى الثّقفيّ وطبقته، والسّماع رزْق.
وتفقّه على والده وبَرَع في المذهب، ودرّس وأفتى وناظَرَ، وولي قضاء القُضاة بعد والده من جهة السّلطان الملك العادل.
وقد ناب عن والده في القضاء ثمّ عُزِل، ودرّس بالغزاليّة مدّة، وولي الخطابة مدّة.
وكان من كبار الأئمّة وشيوخ العِلْم، مع التّواضع والدّيانة وحُسْن السَّمْت والتَّجمُّل. وولي مشيخة الأشرفيّة بعد ابن الصّلاح [2] .
__________
[ () ]
فأطرق إطراق الشجاع ولو رأى ... مساغا لناباه الشجاع لصمّما
واستشهد بغير ذلك فتحقق الملك الناصر فضيلته.
[1] انظر عن (عبد الكريم بن عبد الصمد) في: ذيل الروضتين 229، وذيل مرآة الزمان 2/ 295، 296 وفيه: «عبد الكريم بن جمال الدين بن عبد الصمد» ، وتالي وفيات الأعيان 96 رقم 144، وزبدة الفكرة 9/ ورقة 168 أ، ودول الإسلام 2/ 267 والعبر 5/ 268، 269، وتذكرة الحفاظ 4/ 1443، والمعين في طبقات المحدّثين 211 رقم 2208، والإشارة إلى وفيات الأعيان 359، وتاريخ ابن الوردي 2/ 217، والبداية والنهاية 13/ 243، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 446، 447، وعيون التواريخ 20/ 308، 309، وذيل التقييد 2/ 147 رقم 1320، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 468، 469 رقم 438، ودرة الأسلاك 1/ ورقة 33، والوافي بالوفيات 19/ 78، 79 رقم 76، والسلوك ج 1 ق 2/ 522، 523، وعقد الجمان (1) 389، والنجوم الزاهرة 7/ 217، وتاريخ ابن سباط 1/ 410، وشذرات الذهب 5/ 309، 310، والدارس في تاريخ المدارس 1/ 421، وقضاة دمشق للنعيمي 67.
[2] وقال أبو شامة: وكان من أهل بيت قضاء، وعلم، وصلاح، تولّى قاضي القضاة في الأيام

(49/104)


روى عنه: الدِّمياطيّ، وبرهان الدين الإسكندرانيّ، وابن الخبّاز، وابن الزّرّاد، وناصر الدين ابن المِهْتار، ومحمد بن المُحِبّ، ومُحيي الدين إمام المشهد، والكمال محمد بن نصر الله الكاتب ابن النحّاس، وآخرون.
ومات في التّاسع والعشرين من جُمَادى الأولى.
56- عبد الملك بن نصر [1] بن عبد الملك بن عتيق بن مكّيّ.
الشّيخ الإمام، شَرَفُ الدّين، أبو المجد القُرَشيّ، الفِهّريّ، المقرئ [2] ، النَّحْويّ.
وُلِد بالإسكندريّة سنة تسعٍ وسبعين وخمسمائة.
وسمع من: أبي الحسن الحافظ.
واشتغل بالأدب وبرع فيه.
وأقرأ مدّة. واشتهر باللُّغَة والنَّحْو، وانتفع النّاس به. وحدَّث.
كتب عنه الشّريف وقال: تُوُفّي في رابع عشر ربيع الأوّل بمصر.
57- عَبْد المنعم بْن أبي بَكْر بْن أَحْمَد.
القاضي، أبو الفضل الدّمشقيّ، الدّقّاق.
حدَّث عن: حنبل.
ومات في صفر. قاله الشّريف.
58- عبد الوهّاب بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الوهّاب بن مَهّدِيّ.
العدْل، أبو محمد الدَّمَراويّ.
__________
[ () ] الأشرفية، وناب في القضاء عن أبيه في الأيام العادلية، وعن شمس الدين أحمد بن الخليل الخوبي عام حجّه، ثم تولّى الخطابة بجامع دمشق، وتدريس الزاوية الغربية، ومشيخة دار الحديث الأشرفية، واستمرّ ذلك له من الأيام الصالحية النجمية وقبلها إلى أن توفي بدار الخطابة» .
[1] انظر عن (عبد الملك بن نصر) في: الوافي بالوفيات 19/ 213 رقم 193، وبغية الوعاة 2/ 115 رقم 1579.
[2] لم يذكره ابن الجزري في: غاية النهاية.

(49/105)


روى عن: حمّاد الحَرّانيّ.
ومات بالإسكندريّة في ثانى عشر جُمَادى الأولى. لا أعرفه. ثمّ وجدت أنّ الشّيخ شعبان روى لنا عنه.
59- عثمان [1] .
الفخر المصريّ، المعروف بعَيْن غَيْن [2] .
قال أبو شامة: جاءنا الخبر من مصر بوفاته.
قلت: وكان لنا صاحبٌ فقيهٌ حجَّ عام حَجَجْتُ، وكان كثير التّحصيل، واسمه الفخر عثمان المصريّ، لقّبه ابن الوكيل عين غين لصغير عينه الواحدة.
مات في حدود السّبعمائة.
60- عفيف الدّين ابن أبي الفوارس [3] .
شابٌ، فاضل، متميّز في الكتابة، حاذقٌ في الحساب، مطبوعٌ، ماهر.
ولي عمالة الجامع وعمالة الأيتام معا [4] فعَاجَلَتْه المَنِيّة، ودفنه أبوه المسكين بالتُّربة الّتي أنشأها لنفسه في حائط بستانه المجاور للشِّبْليَّة الخانكاه. ثمّ صار البستان والتُّربة إلى عزّ الدين بن السُّوَيديّ فدُفِن بالتُّربة أيضا.
تُوُفّي العفيف في رجب [5] ، وهو أخو نجم الدين عامل الصّدقات الآن.
__________
[1] انظر عن (عثمان) في: ذيل الروضتين 332 وفيه: «وجاءنا الخبر من مصر بموت العزّ السركسي رحمه الله، والفخر المصري في يوم واحد» . ثم ذكره ثانية بعد قليل: «وجاءنا الخبر من مصر بوفاة الفخر المصري عثمان المعروف بعين عين» ، والبداية والنهاية 13/ 244.
[2] هكذا في الأصل: «غين» بمعجمة. وفي ذيل الروضتين: «عين» مهملة، والمثبت يتفق مع البداية والنهاية.
[3] انظر عن (عفيف الدين ابن أبي الفوارس) في: ذيل الروضتين 230.
[4] في ذيل الروضتين: «تولّى عمالة الجامع، وعمالة مخزن الإمام (!) جمعا له لحذقه بهذه الصناعة كما قيل» .
وقوله: «مخزن الإمام» تصحيف، والصواب ما أثبتناه أعلاه.
[5] كانت وفاته في 12 رجب.

(49/106)


61- علي بْن مُحَمَّد [1] بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عليّ بن منصور بن مؤمّل.
المحدِّث، العالم، ضياء الدّين، أبو الحسن بن البالِسيّ، المعدّل، الخطيب.
وُلِد سنة خمسٍ وستّمائة بدمشق.
وأُسْمِع من: حمزة بْن أَبِي لُقْمة، وأبي مُحَمَّد بْن البنّ، وغيرها.
وأجاز له التّاج الكِنْديّ، وغيره.
وطلب الحديث، وسمع من: زين الأُمَناء، وأبي القاسم بن صَصْرى، وابن الزُّبَيْديّ، ومكَرَّم، وخلْق بعدهم.
وحجَّ سنة ثمانٍ وعشرين فسمع بمكّة من: أبي الْحَسَن القَطِيعيّ، وأبي علي الْحَسَن بْن الزُّبيديّ.
ونَسَخ بخطّه المنسوبَ الكثير، وعُنِي بالطَّلَب وحرِص وأسمع أولاده شيوخنا، وارتزق بالشّهادة وتميّز فيها.
روى لنا عنه: ولده أبو المعالي.
وروى عنه الدّمياطيّ في «معجمه» .
وذهب هو وابنه إلى مصر في شهادةٍ فأدْرَكَه أجَلُهُ في رابع صَفَر بالقاهرة [2] .
62- عمر [3] .
__________
[1] انظر عن (علي بن محمد) في: ذيل الروضتين 229، وذيل مرآة الزمان 2/ 296، 297، وتذكرة الحفاظ 4/ 1443، والعبر 5/ 269، والإعلام بوفيات الأعلام 277، والمعين في طبقات المحدثين 210 رقم 2209، والإشارة إلى وفيات الأعيان 359، والوافي بالوفيات 22/ 95، 96 رقم 43، وشذرات الذهب 5/ 310، والنجوم الزاهرة 7/ 217.
[2] وقال أبو شامة: «أحد كتّاب الحكم المعدّلين تحت الساعات، وكان له اشتغال باستماع الحديث وكتابته» .
[3] انظر عن (عمر الملك المغيث) في: الروض الزاهر 148- 151، وتالي وفيات الأعيان للصقاعي 98، 99 رقم 146، وذيل مرآة الزمان 2/ 297- 300، والمختصر في أخبار البشر 3/ 216، 217 (سنة 661 هـ) ، ونهاية الأرب 30/ 79، والعبر 5/ 269، والإشارة إلى وفيات الأعيان 360، وتاريخ ابن الوردي 2/ 216، والدرّة الزكية 95، 96، والبداية

(49/107)


الملك المغيث فتح الدّين ابن السّلطان الملك العادل سيف الدّين أبي بكر ابن السُّلطان الملك الكامل مُحَمَّد بن العادل.
تملَّك الكَرَك مدّة. قتل أبوه وهذا صغير، فأُنْزِل إلى عمَّة أبيه فنشأ عندها. ولمّا مات عمّه الملك الصّالح أيّوب أراد شيخ الشّيوخ ابن حمُّوَيْه أن يُسلطنه فلم يتمّ ذلك، ثمّ حُبِس بقلعة الجبل. ثم نقله ابن عمه الملك المعظَّم لمّا قدِم إلى الشَّوْبَك فاعتقل بها.
وكان الملك الصّالح نجم الدّين أيّوب لمّا أخذ الكَرَك من أولاد النّاصر داود استناب عليها وعلى الشَّوْبَك الطُّواشيّ بدر الدّين بدر الصّوابيّ، فلمّا بلغ الصّوابيّ قتْل المعظَّم بن الصّالح أخرج الملك المغيث من قلعة الشَّوْبَك وسلْطَنَه بالكَرَك والشَّوْبَك، وصار أتابكه.
وكان المغيث ملكا كريما، جوادا، شجاعا، محسن السّيرة في الرّعية، غير أنّه كان ما له حزْم ولا حُسْن تدبير. ضيَّع الأموال والذّخائر الّتي كانت بالكَرَك من ذخائر الملك الصّالح. فلمّا قَلّ ما عنده ألْجَأتْهُ الضّرورةُ إلى الخروج من الكَرَك، وذلك لأنّ الملك الظّاهر نزل على غزّة في ربيع الآخر سنة إحدى وستّين وهو على قصْد الكَرَك، فنزلت إليه والدة المغيث فأكرمها، وبقيت الرُّسُل تتردَّد إلى المغيث وهو يقدِّم رِجلًا ويؤخّر أخرى خوفا من القبض عليه. ثمّ إنّه خرج منها، فلمّا وصل إلى خدمة الملك الظّاهر تلقّاه، وأراد أن ينزل له فمنعه، وسايره إلى باب الدِّهْليز. ثمّ أُنزِل المغيث في خِرْكاه واحتيط عليه، وبعث به إلى قلعة مصر مع الفارقانيّ، فكان آخر العهد به.
قال قُطْب الدّين [1] : أمر الملك الظّاهر بخنْقه، وأعطى لمن خنقه ألف دينار. فأفشى الّذي خَنَقَه السِّرّ، فأُخِذ منه الذَّهب وقُتِل.
__________
[ () ] والنهاية 13/ 238، وعيون التواريخ 20/ 288، 289، ومرآة الجنان 4/ 159، والسلوك ج 1 ق 2/ 522، ومآثر الإنافة 2/ 96، 108، وتاريخ ابن خلدون 5/ 384، وعقد الجمان
[1] 355، و 370، والنجوم الزاهرة 7/ 119، 120، وشفاء القلوب 433- 435، وتاريخ ابن سباط 1/ 407، 408، وشذرات الذهب 5/ 310، وترويح القلوب 56 رقم 85.
(1) في ذيل مرآة الزمان 2/ 297.

(49/108)


وكان قتل المغيث في أوائل سنة اثنتين، وكان مولد أبيه في سنة خمس عشرة وستّمائة، وخُنِق أيضا في سنة خمس وأربعين أو سنة ستٍّ.
وعاش المغيث نحو ثلاثين سنة كأبيه.
وكان للمغيث ولدٌ صبيٌّ أعطاه السّلطان إمرةَ مائة فارس.
- حرف الفاء-
63- فاطمة بنت أبي الثّناء محمود بن عبد الله بن محمد ابن الملثَّم العادليّ.
أمّ شهاب.
سمعت من: البُوصيريّ، والأَرْتاحيّ، وعاشت اثنتين وثمانين سنة.
روى عنها: الدّمياطيّ، وغير واحد.
وماتت في رابع رجب.
- حرف القاف-
64- قُرَيش بن حجّاج.
أبو هاشم القُرَشيّ، المصريّ، المقرئ [1] ، الضّرير.
سمع: أبا المجد القزوينيّ، وابن باقا.
كتب عنه: الدّمياطيّ، والشّريف عزّ الدّين، والدّوَاداريّ، وغيرهم.
ومات في تاسع عشر شوّال عن ثلاثٍ وسبعين سنة.
- حرف الميم-
محمد بْن إبراهيم [2] بن علي بن إبراهيم بن معروف.
أبو عبد الله الأنصاريّ، الدّمشقيّ، البزّاز بجَيّرُون، المعروف بالبابشرقيّ [3] ، ولد سنة أربع وثمانين وخمسمائة.
__________
[1] لم يذكره ابن الجزري في «غاية النهاية» .
[2] انظر عن (محمد بن إبراهيم) في: الإشارة إلى وفيات الأعيان 359، والعبر 5/ 269، 270، وتذكرة الحفاظ 4/ 1443، وشذرات الذهب 5/ 310.
[3] البابشرقي: نسبة إلى محلة أمام باب الجامع الأموي الشرقي المسمّى باب جيرون.

(49/109)


وسمع من: الخُشُوعيّ، وأحمد بن حبوس الغَنَويّ، وعبد اللطيف بن أبي سعد، والعماد الكاتب، وحنبل المكبّر، وابن طَبَرْزَد، وجماعة.
روى عنه: الدّمياطيّ، وابن الخبّاز، ومحمد بن المُحِبّ، وأبو عبد الله بن الزّرّاد، وفاطمة بنت الرُّهاويّ، وغيرهم.
وقد كتب عنه ابن الحاجب وقال: لم يكن محمود السّيرة. كان يلي جباية الخراج.
تُوُفّي البابْشَرقيّ في الثّامن والعشرين من ربيع الأوّل.
66- محمد بن الحسين [1] بن إسحاق.
العلويّ، الحسينيّ [2] .
حدَّث عن ابن جُبَيْر الكِنانيّ.
وعنه: الدّمياطيّ وقال: قُتِل سنة اثنتين وستّين.
67- محمد بن حمدان [3] بن جرّاح.
الفقيه العالم، شَرَف الدين، أبو أحمد النُّمَيْريّ، الجزَريّ الحَرّانيّ، الشّافعيّ، الأديب، إمام مسجد تربة القضاة بكفربطنا.
شيخ فاضل من طَلَبَة ابن الصّلاح.
سمع من: ابن اللّتّي، وجماعة.
__________
[1] انظر عن (محمد بن الحسين) في: الطالع السعيد للأدفوي 515 رقم 410، والوافي بالوفيات 3/ 21 رقم 885، والمقفّى الكبير 5/ 575 رقم 2115.
[2] طوّل المقريزي في نسبه وقال: الحسني السرسنيّ، نسبة إلى سرسنا قرية من قرى المنوفية. تفقّه وسمع الحديث واستوطن الإسكندرية. توفي شهيدا مشنوقا في فتنة جرت له بالقاهرة في الدولة الظاهرية.
[3] انظر عن (محمد بن حمدان) في: ذيل الروضتين 231، وذيل مرآة الزمان 2/ 304، والمقفّى الكبير 5/ 607، 608 رقم 2168 وفيه اسمه: «محمد بن حمدان بن نصر بن جراح بن المنّ بن محمد بن أحمد بن ثمال بن وزر بن عطّاف بن بشر بن حمدان بن عبد الداعي بن حصين بن معاوية، شرف الدين، أبو عبد الله النميري، الجزري» .

(49/110)


وسكن كفربطنا وجاءته الأولاد، وكان يدخل ويحضر المدارس، ويقول الشِّعر [1] ، وينبسط ويقول: أنا زعيم بني نُمَيْر [2] .
روى عنه الدّمياطيّ مِن نظْمه، وقال: وُلِد بعد التّسعين وخمسمائة، ومات في رمضان.
وذكر أنّه كان خطيبا بكفربطنا، فسألت ولدَه النَّجْمَ محمود فقال: لم يخطبْ بها قطّ [3] .
68- محمد بن الإمام الفقيه عبد القادر بن أبي عبد الله.
البغداديّ الأصل، المصريّ أبو عبد الله.
روى عن: أبيه، والحافظ ابن المفضّل وعاش تسْعًا وسبعين سنة.
تُوُفّي فِي ربيع الآخر.
69- مُحَمَّد بْن عليّ [4] .
البكْريّ، المراكشيّ، والد الأجلّ أبي الحسن عليّ وأبي الفَرَج عبد الرحمن.
مات بدمشق فِي ذِي القِعْدَة.
70- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن عَبْد الوهاب [5] بْن مُحَمَّد بْن أبي الفَرَج.
__________
[1] وقال أبو شامة: وكان ينظم الشعر على طريقة المغرب (!) .
وقال المقريزي: وكان خفيف الروح يضحك من كلامه، وله شعر نازل.
[2] تصحفت في ذيل الروضتين إلى: «زعيم غير» .
[3] وقال أبو شامة: كان يكون عندنا بالمدرسة الأمينية ثم بالمدرسة الحسامية.
وقال قطب الدين اليونيني: كان فاضلا ينظم الشعر على طريقة العرب، ويلقب نفسه زعيم نمير، وكان شيخا لطيفا، رأيته غير مرة عند والدي- رحمه الله- بدمشق، وسمعته ينشد مقاطيع من شعره.
وقال المقريزي: ولد بأرض حرّان سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة، ودخل إلى العراق، وسكن البصرة، وسافر إلى البطائح، وقدم مصر وأكثر من الإقامة بكفر بطنا خارج دمشق.
[4] انظر عن (محمد بن علي البكري) في: ذيل الروضتين 232.
[5] انظر عن (محمد بن علي بن عبد الوهاب) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 304، والمقفى الكبير 6/ 319 رقم 2785، وزبدة الفكرة 9/ ورقة 68 أوفيه: «أبو الفرح محمد» ، وعقد الجمان

(49/111)


القاضي الإمام زين الدّين ابن القاضي موفَّق الدين الإسكندرانيّ، قاضي الإسكندريّة وخطيبها.
روى عن: عليّ بن البنّاء، والحافظ ابن المفضَّل.
روى عنه: الدّمياطيّ، وغيره.
وكان صدرا محتشما وافِر الجلالة ولأهله الآثار الجميلة والأوقاف والخير بالإسكندريّة [1] .
تُوُفّي في عاشر رجب.
71- محمد بن محمد بن إبراهيم [2] بن الحسين بن سراقة.
__________
[ () ] (1) 392.
[1] وقال اليونيني: وتولّى القضاء والخطابة ببلده مدّة، وكان أحد رؤسائها ومن ذوي بيوتها.
ولأهله بها الآثار الجميلة من الأوقاف على أبواب البر وغير ذلك، وكان زين الدين عالما فاضلا، سقط عليه بعض جدار داره فمات.
وقال المقريزي: كان ذا نفس عليّة، وصورة بهيّة، فاق أهل عصره رئاسة ونبلا، وسياسة وفضلا، وولي قضاء الإسكندرية خمس مرات ... ووجد له من الكتب ألفا مجلّد وسبعة عشر مجلّدا.
[2] انظر عن (محمد بن محمد بن إبراهيم) في: ذيل الروضتين 230 وفيه: «المحيي بن سراقة، مغربي» ، وذيل مرآة الزمان 2/ 304- 307، وتاريخ إربل لابن المستوفي 1/ 456- 458 رقم 332، وعقود الجمان لابن الشعار 7/ ورقة 78، وملء العيبة للفهري 2/ 65 و 211 و 229 و 241 و 248، وزبدة الفكرة 9/ ورقة 68 بن وفيه: «محمد بن محمد بن سراقة» ، وتذكرة الحفاظ 4/ 1443 وفيه: «محيي الدين (يحيى بن) محمد بن محمد» ، وهو غلط، والعبر 5/ 270، والإعلام بوفيات الأعلام 277، والإشارة إلى وفيات الأعيان 359، والمغرب في حلى المغرب 2/ 388، ومرآة الجنان 4/ 160، والوافي بالوفيات 1/ 208 رقم 134، وعيون التواريخ 20/ 313، 314، وفوات الوفيات 2/ 206، والبداية والنهاية 13/ 243 وفيه:
«محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن الحسين بن سراقة» ، وتاريخ علماء بغداد للفاسي 202، وذيل التقييد، له 1/ 216، 217 رقم 416، والمقفى الكبير للمقريزي 7/ 153، 154 رقم 3256 وفيه «محمد بن محمد بن محمد بن إبراهيم» ، والنجوم الزاهرة 7/ 216، والدليل الشافي 2/ 690، وحسن المحاضرة 1/ 215، ونفح الطيب 2/ 63 رقم 40، وشذرات الذهب 5/ 310، 311، والأعلام للزركلي 6/ 217 وفيه وفاته سنة 663 هـ، ومعجم المؤلّفين 11/ 176، وعقد الجمان (1) 389- 391 وفيه: «محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم» ، وكشف الظنون 45، وإيضاح المكنون 1/ 99، وهدية العارفين 2/ 127.

(49/112)


الإمام محيي الدّين، أبو بكر الأنصاريّ، الشّاطبيّ [1] .
ولد سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة.
وسمع من: أبي القاسم أحمد بن يزيد بن بقيّ [2] القاضي [3] .
ثمّ حجّ ورحل إلى العراق، فسمع من: عبد السّلام الدّهريّ، وعمر بن كرم، وأبي عليّ بْن الجواليقيّ، ومحمد بْن مُحَمَّد بْن أَبِي حرب النَّرْسيّ، وشَرف النّساء بنت الأبنوسيّ، وأبي المنجّا ابن اللتّي، وجماعة كثيرة.
وولي مشيخة دار الحديث البهائيّة بحلب، ثمّ دخل ديار مصر وولي مشيخة دار الحديث الكامليّة إلى حين وفاته.
روى عنه: الدمياطيّ، وعَلَم الدين الدّوَاداريّ، وشَرَفُ الدين محمد بن النَّشْو القُرَشيّ، وغيرهم.
وكان فاضلا متفنِّنًا، كثير المعارف، ذا تصوُّفٍ ولُطْفٍ، وكَرَم أخلاق، ولَين جانب، وله مصنَّفات في التّصوّف [4] .
__________
[1] الشاطبي: نسبة إلى شاطبة، مدينة في شرقيّ الأندلس وشرقيّ قرطبة 7 وهي مدينة كبيرة قديمة. (معجم البلدان 3/ 309) .
[2] تصحّف في ذيل التقييد 1/ 216 إلى: «تقي» بالتاء المثنّاة.
[3] روى عنه «الموطّأ» .
[4] وقال أبو شامة: «عالم، ديّن، متواضع، كريم، حسن المحاضرة. كان نزل بحب (؟) ثم عبر علينا بدمشق إلى مصر فتولّى دار الحديث بالكاملية بالقاهرة مع الزكيّ عبد العظيم زمانا، رحمهما الله، بعد ابن دحية» .
وقال اليونيني: وكان أحد الأئمّة المشهورين بغزارة الفضل وكثرة العلم والجلالة والنبل، وأحد المشايخ المعروفين، بمعرفة طريق القوم، وله في ذلك الكلام الحسن والإشارات اللطيفة، مع ما جبل عليه من كرم الأخلاق واطراح التكلّف ورقّة الطبع ولين الجانب.
وقال ابن الشعار: الشيخ محيي الدين من أبناء القضاة الفقهاء، حفظ الكتاب الكريم وتفقّه على مذهب مالك بن أنس رحمه الله عليه، ورحل إلى مدينة السلام في طلب الحديث فلقي بها جماعة من مشايخها ... وقدم مدينة إربل، وقرأ على أبي الخير بدل التبريزي في سنة ست وعشرين وستمائة، وكان محيي الدين رجلا فاضلا متنسّكا عاقلا ذا دين وعفاف وبشر ووقار جيّد المعرفة بمعاني الشعر، صالح الفكرة في حلّ التراجم.
وذكر له شعرا. وله شعر في: عقود الجمان، وتاريخ إربل، وفوات الوفيات، وغيره.
وقال ابن المستوفي: وأخذ في قراءة كتاب «البسيط» للواحدي، على أبي الخير بدل من أبي

(49/113)


توفّي في العشرين من شعبان بالقاهرة.
وقد روى عنه الفخر التوزريّ بمكّة «الموطّأ» بسماعه من ابن بَقِيّ.
72- محمد بن أبي بكر [1] بن سيف.
الفقيه شمس الدين التّنوخيّ، الموصليّ، ابن الوتّار. خطيب المِزّة.
تُوُفّي بالمِزّة في ذي الحجّة، وله نيِّفٌ، وثمانون سنة.
له شِعْرٌ حَسَنٌ [2] .
وكان مولده بالموصل سنة تسع وسبعين وخمسمائة.
73- محمد بن الأمير أبي العلاء [3] بن أبي بكر بن مبارك.
مجد الدين، أبو عبد الله النّجمي، المَوْصِليّ الأصل، المصريّ، المعروف بابن أخي المِهْتر.
وُلِد بالقاهرة سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة، وسمع وهو كهل من:
مُكرم، وعبد القادر بْن أبي عَبْد اللَّه البغداديّ.
وكان فاضلا رئيسا، من بيت تقدُّم. تولَّى عدَّة ولايات، وحدّث.
__________
[ () ] المعمّر. ورد إربل في شهر ربيع الأول سنة ست وعشرين وستمائة. أنشدني لنفسه.
[1] انظر عن (محمد بن أبي بكر) في: ذيل الروضتين 232، وذيل مرآة الزمان 2/ 310، والوافي بالوفيات 2/ 262، 263 رقم 680، وعيون التواريخ 20/ 315، 316، والبداية والنهاية 13/ 244 وفيه: «الشمس الوبّار الموصلي» ، وعقد الجمان (1) 394، وتالي وفيات الأعيان 139 رقم 222.
[2] وقال أبو شامة: وأنشدني لنفسه في الشيب وخضابه:
وكنت وإياها مذ اختط عارضي ... كزوجين في جسم وما نقضت عهدا
فلما أتاني الشيب يقطع بيننا ... توهّمته سيفا فأثبته غمدا
وقال الصقاعي: كان من الفضلاء، وفيه مسارعة في الأجوبة، وحصل بينه وبين صفي الدين بن مرزوق كلام بسبب جارية بعد عزله من الوزارة، وصار يعامله كعادته في أيام وزارته، فعمل الوتار:
ما أبصر الناس ولا يبصروا ... في عصرهم مثل ابن مرزوق
من جهله يحكم في عزله ... كهارب يضرب بالبوق
[3] انظر عن (محمد بن أبي العلاء) في: المقفى الكبير للمقريزي 6/ 463 رقم 2965.

(49/114)


والمِهْتر: بكسر الميم وتاء، مُستفاد مع المُهير بضمّ الميم وياء.
تُوُفّي في ثاني جُمَادى الآخرة بالقاهرة.
74- محمود بن محمد بن حسن.
أبو الثّناء البِسْطاميّ، الصّوفيّ.
وُلِد سنة ثمانٍ وسبعين بالقاهرة.
وسمع من: عبد اللّطيف بن إسماعيل الصُّوفيّ.
قال الدّمياطيّ: قرأت عليه قبل الاختلاط، وتوفي في ثاني عشر جُمَادى الأولى.
وكان مولده يوم موت الشّيخ رُوزْبهان.
75- موسى السّلطان الملك الأشرف [1] .
مُظفَّر الدّين ابن السّلطان الملك المنصور إبراهيم ابن الملك المجاهد شيرَكوه ابن الأمير ناصر الدين مُحَمَّد ابْن الملك أسد الدِّين شيركوه بْن شاذي.
الحمصيّ.
وُلِد سنة سبع وعشرين وستمائة. وتملّك حمص بعد موت أبيه سنة أربعٍ وأربعين، وَوَزَرَ له الصَّدْر مخلص الدين إبراهيم بن إسماعيل بن قرناص.
واعتضد بالملك الصّالح صاحب مصر، فعَظُم ذلك على صاحب حلب وأخذ منه حمص.
__________
[1] انظر عن (السلطان الملك الأشرف موسى) في: الروض الزاهر 186، وذيل الروضتين 229، وذيل مرآة الزمان 2/ 313- 314، ونهاية الأرب 30/ 91 (سنة 661 هـ، و 30/ 94 (سنة 662 هـ) ، والمختصر في أخبار البشر 3/ 218 (سنة 661 هـ) ، وتالي وفيات الأعيان للصقاعي 134، 135 رقم 213، والعبر 5/ 270، 271، ودول الإسلام 2/ 168، والإشارة إلى وفيات الأعيان 360، وتاريخ ابن الوردي 2/ 216، 217، والبداية والنهاية 13/ 243، وعيون التواريخ 20/ 293 و 296، ومرآة الجنان 4/ 160، والسلوك ج 1 ق 2/ 505 و 522، والدرّة الزكية 103، ودرّة الأسلاك ج 1 ورقة 32، وعقد الجمان (1) 372، (سنة 661 هـ) والنجوم الزاهرة 7/ 217، وشذرات الذهب 5/ 311، وتاريخ ابن سباط 1/ 409، وأخبار الدول 2/ 267.

(49/115)


وجرت له أمور، ثمّ سار مع صاحب الشّام الملك النّاصر لقصْد الدّيار المصرية، فأُسِر في وقعة العباسيّة سنة ثمانٍ وأربعين، وبقي محبوسا في قلعة الجبل إلى أن وقع الصُّلْح في سنة إحدى وخمسين، وأُطْلِق فيمن أطلق، وعاد إلى معاداة الملك النّاصر. وكان له مكاتبات إلى التّتار، وله قُصَّادٌ، لِما بقي بالرَّحْبة وتلك البلاد المتطرّفة. فلمّا ملك هولا وقصده فأقبل عليه وأكرمه، واستعان به في تسلُّم القلاع، ثمّ ولّاه نيابة الشّام، وأعاد إليه مدينة حمص. ولما مرّ به الملك النّاصر تحت حَوْطة التّتر نزل به، فلم يلتفت عليه ووبَّخه وعنَّفه. ثمّ إنّ الملك المظفَّر قُطُز بعث إليه يستميله ويلُومه على ميْله إلى العدوّ المخذول، ويَعِدُهُ بأمور، فأجاب. فلمّا طلبه النُّوين كَتْبُغَا لحضور المصافّ تمرّض واعتلّ بالمرض، وكان إذ ذاك بدمشق. فلمّا انكسرت التّتار هرب هو والزَّيْن الحافظيّ والتتار.
ثمّ انفصل عنهم الملك الأشرف من أرض قارا، وسار إلى تَدْمُر، وراسل السّلطانَ، فَوَفى لَه، فقدِم عليه دمشق، فأكرمه وأقرَّه على مملكة حمص، فتوجَّه إليها.
ثمّ غَسَل فعائله بالوقعة الكائنة على حمص سند تسع وخمسين، وثبت وكسر التّتار، فنبُل قدْرُهُ، ورأى له الملك الظّاهر وأعاد إليه تلَّ باشر، فلمّا قبض الظّاهر على المغيث عمر المذكور في هذه السّنة تخيّل الأشرف من الملك الظّاهر، وشرع في إظهار أمورٍ كامنة في نفسه. وعزم الملك الظاهر على الوثوب عليه، فقدّر الله مرضه ووفاته. ويُقال إنّه سُقِي.
ذكره قُطْبُ الدّين فقال [1] : كان ملكا حازما، كبير القدْر، يقِظًا، خبيرا، شجاعا، كبير النّفس، له غَوْر ودهاء، وكان وافر العقل، قليل البسْط والحديث، يُقيّد ألفاظه، ويلازم النّاموس حتّى في خلواته، ويحّذُو حُذو الصّالح نجم الدّين أيّوب. وخلّف أموالا عظيمة من الجواهر والذّهب والذّخائر، وتسلَّم الملك الظّاهر بلاده وحواصله. تُوُفّي في صفر بحمص وله خمسٌ وثلاثون سنة، ودُفِن بتربة جدّه الملك المجاهد.
__________
[1] في ذيل مرآة الزمان 2/ 314.

(49/116)


وقال أبو شامة [1] : كان شابّا عفيفا، (له صلاتٌ إلى مَن يقصده) [2] ، وكسر التّتار بحمص.
وقال ابن شدّاد: ملك الرَّحْبة، وحمص، وتدمُر، وزلوبية بعد أبيه، وخرج من دمشق مع النّاصر في نصف صفر، ففارقه من الصَّفَّين، وسار إلى تَدْمُر وسار إلى هولاكو، وهو على قلعة حلب، فتوسّط بينه وبين أهلها حتى سلَّموها في ربيع الأوّل، وبقي عنده يسفر بينه وبين مَن في القلاع، فلمّا ردّ هولاكو ولّاه على الشّام بأسره نيابة عنه، وردّ إليه بلاده.
- حرف النون-
76- نَصْر بن بروس [3] بن قُسطة.
أبو محمد الإفرنجيّ، القصّار [4] الزَّكَويّ.
سمع من: أبي اليُمْن الكِنْديّ.
روى عنه: الدّمياطيّ، وكنّاه أبا الفتح.
وكان تاجرا بقَيْسَاريّة الفَرْش بدمشق [5] .
ومات في جُمَادى الأولى.
77- نُصَيْر بن نبأ بن صالح.
بدرُ الدّين، أبو الفتح التّميميّ، المصريّ، الكُتُبيّ، المحدِّث.
عُنِي بالحديث والسَّماع وتحصيل الأُصُول. وسمع الكثير، ومات شابّا.
__________
[1] في ذيل الروضتين 229.
[2] ما بين القوسين ليس في ذيل الروضتين. والّذي فيه: «وكان شابا عفيفا عمّا يقع فيه غيره من الشراب» .
[3] انظر عن (نصر بن بروس) في: ذيل الروضتين 229 وفيه: «نصر بن بدوس» (بالدال بدل الواو) ، وذيل مرآة الزمان 2/ 314 وفيه: «نصر بن تروس» ، والبداية والنهاية 13/ 243.
وفيه: «نصر بن دس» ، وعيون التواريخ 20/ 316 وفيه: «نصر بن تروس» .
[4] في ذيل مرآة الزمان 2/ 314، وعيون التواريخ 20/ 316 «العضوي» .
[5] وقال أبو شامة: «وكان رجلا موسرا، ملازما للصلاة بالجامع، من أهل الخير» .

(49/117)


- حرف اللام ألف-
78- لاجين [1] .
الأمير، حسام الدّين، الجوكنْدار، العزيزيّ.
من كبار الأمراء بدمشق. كان فارسا شجاعا حازما، له في الحروب آثارٌ جميلة خصوصا في وقعة حمص الكائنة في سنة تسعٍ وخمسين.
وكان مُحِبًّا للفُقَراء وأخلاقهم، كثير البِرّ بهم، يجمعهم على السّماعات التي يُضْرب بها المثل.
قال قُطْبُ الدّين [2] : كان يَغْرَمُ على السّماع الواحد ثمانية آلاف [3] دِرهم.
تُوُفّي في المحرَّم، وخلَّف ترِكةً عظيمة، ودُفِن بجوار الشّيخ عبد الله البطائحيّ. وقد ناهَزَ الخمسين وقيل إنّه سُقِي، وإنّ مملوكا له وَاطَأَ عليه. طلبني ليلة فحضرتُ السّماع بدارِه بالعُقيبة، فرأيت من الشُّموع الكبار الكافوري والأتوار [4] الفضّة والمطعّمة ما يقصرُ عنه الوصف. ثمّ مدّ بعد المغرب سِماطًا نحو مائة زبديّة [5] عادليّة، في الزَّبديّة خروفٌ صحيح رضعيّ، وقريب ثلاثمائة زبديّة، في كلّ زبديّة ثلاثة طيور دجاج، وغير ذلك من الأطعمة.
قال: وبعد العشاء شرعوا في الرَّقْص، فرقص بين الفقراء سالكا من
__________
[1] انظر عن (لاجين) في: ذيل الروضتين 229، وذيل مرآة الزمان 2/ 300- 303، ونهاية الأرب 30/ 109، والمختار من تاريخ ابن الجزري 265، 266، ودرّة الأسلاك 1/ ورقة 33، والعبر 5/ 271، والإشارة إلى وفيات الأعيان 360، وعيون التواريخ 2/ 310- 313، والسلوك ج 1 ق 2/ 522، وعقد الجمان (1) 393، والنجوم الزاهرة 7/ 216، وشذرات الذهب 5/ 311.
[2] في ذيل مرآة الزمان 2/ 301.
[3] في الأصل: «ألف» .
[4] هكذا في الأصل. وفي ذيل مرآة الزمان، والمختار من تاريخ ابن الجزري: «الأنوار» .
[5] الزبدية: وجمعها زبادي وهي وعاء للشراب أو الطعام. (العصر المملوكي في مصر والشام 422) واقتصر معناها حاليا في مصر على وعاء اللبن، فيقال له: زبادي.

(49/118)


الأدب معهم ما لا مزيد عليه. فلمّا فرغت النَّوبة مدّ صحون الحلْواء والقطائف السُكَّريّة، فأكلوا بعضه، وأخذ عامّة ذلك الفقراء في خِرَقِهم.
ثمّ رقص هو وغلمانه والمشايخ، فلمّا فرغوا مدّ فواكه في غاية الكثرة والحُسن. وكان ذلك في آخر الشّتاء. وكان يدّخرها من كفربطنا وزبدين وغير ذلك، فإنّها كانت إقطاعه. ثمّ غنّوا ثالث نَوْبَة، ومدّ مكسّرات، فرفع الفقراء عامّة ذلك. وكان الماء بالثّلج والسُّكَّر والمِسك والمبَاخر بالنّدّ والعنبر طول اللّيل.
فلمّا كان وقت السَّحر أدخل الفقراء إلى حمّام ابن السَّرْهنك المجاور لداره، فدخل كثيرٌ من الجماعة، ولم أدخل أنا، فخدمهم بنفسه وغلمانه، وكسَا جماعة لمّا خرجوا ثيابا، وسقاهم السُّكَّر، ومدّ لهم طُطْماجًا [1] ، وخلع على المغاني عدّة أقْبِيَة فاخرة.
وكان هذا السّماع في آخر سنة تسع وخمسين، واللّحم [2] بسبعة دراهم، والغرارة بثلاثمائة درهم.
- حرف الياء-
79- يحيى بن بكران [3] .
الْجَزَريّ، زَيْن الدين الْجَزَريّ، التّاجر.
سكن دمشق، وصار من عُدُولها.
وولي ديوان الحَشْر، وغيره.
ومات في شعبان.
روى لنا ولده عن البكْريّ حضورا [4] .
__________
[1] الططماج: نوع من الأطعمة يشبه الثريد. (الموسوعة التيمورية لأحمد تيمور 53) .
[2] في ذيل المرآة، والمختار: «ورطل اللحم» .
[3] انظر عن (يحيى بن بكران) في: ذيل الروضتين 230.
[4] وقال أبو شامة: وكان طلق المحيّا: ظريف الحركات، ودودا وعمّه هو المعلّم الجزري، وكان

(49/119)


80- يحيى بْنُ عَلِيِّ [1] بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن عَلِيّ بن مفرَّج بن أبي الفتح.
الإمام، الحافظ، المحدِّث، رشيدُ الدين، أبو الحُسَين القُرَشيّ، الأُمَويّ، النّابلسيّ، ثمّ المصريّ، المالكيّ، العطّار.
وُلِد سنة أربع وثمانين وخمسمائة.
وسمع من: أبيه أبي الحسن، وعمّه أبي القاسم عبد الرحمن، وأبي القاسم البوصيريّ، وإسماعيل بن ياسين، وعليّ بن حمزة الكاتب، والأثير أبي الطّاهر ابن بُنان، وعبد اللّطيف بن أبي سعْد، ومحمد بن عبد المولى، ومحمد بن يوسف الغَزْنَويّ، والعماد الكاتب، وابن نجا الواعظ، وزوجته فاطمة، وحمّاد الحَرّانيّ، وعليّ بن خَلَف الكوميّ، ومحمد بن يوسف الآمُليّ، وابن المفضل الحافظ وعنه أخذ عِلْم الحديث.
وسمع بدمشق من: الكِنْديّ، وابن الحَرَستانيّ، وابن ملاعب، وبمكّة والمدينة من جماعة. وخرّج عنهم «معجما» .
__________
[ () ] شيخا يسكن برأس درب التمّارين في الصف الشامي من سوق العطارين الّذي يلي قنطرة الحبّالين. وكان يعلّق الرماح وغيرها من آلات الحرب بعرقة فوق رأس الدرب المذكور، وكان إذا قدمت العساكر مع السلطان في زمن العادل أبي بكر بن أيوب ومن بعده، أو قدمت الرسل من بغداد يتلقّاهم مع الناس فوق رأسه مصحف كريم في كيسه يحمله وهو راكب» .
[1] انظر عن (يحيى بن علي) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 314، 315، وذيل الروضتين 229، ومشيخة قاضي القضاة ابن جماعة 2/ 549- 554 رقم 71، ودول الإسلام 2/ 168، والعبر 5/ 271، والمعين في طبقات المحدّثين 211 رقم 2210، والإشارة إلى وفيات الأعيان 359، وتذكرة الحفاظ 4/ 1442، 1443، وتاريخ ابن الوردي 2/ 217، وعيون التواريخ 20/ 316، والبداية والنهاية 13/ 243، وذيل التقييد 2/ 304 رقم 1681، والنجوم الزاهرة 7/ 217، وطبقات الحفاظ 505، وشذرات الذهب 5/ 311، والدليل الشافي 2/ 778 رقم 2630، ومعجم طبقات الحفاظ والمفسّرين 188 رقم 1112، والبدر السافر للأدفوي 231، وفوات الوفيات 4/ 295، وحسن المحاضرة 1/ 356، وعقود الجمان للزركشي 345، ونيل الابتهاج (على هامش الديباج المذهب- طبعة القاهرة 1351 هـ) 354، 355، وكشف الظنون 374، 693، وهدية العارفين 2/ 523، 524، وفهرس الفهارس 1/ 286.

(49/120)


وروى الكثير وأفاد وانتخب. وكان ثقة، ثبْتًا، عارِفًا بفنّ الحديث، مليح الخطّ، حَسَن التَّخريج.
قال الشّريف عزّ الدّين: كان حافظا ثَبْتًا، وإليه انتهت رئاسة الحديث بالدّيار المصريّة. ووقف جملة كُتُبه. وسمعت منه وصحِبْتُه مدّة [1] .
قلت: وروى عنه الدّمياطيّ، وأبو الحُسين اليُونينيّ، وقاضي القُضاة أبو العبّاس بن صَصْرى، وأبو محمد شعبان الإربِليّ، وعبد الرّحيم السّاعاتيّ، وأبو المعالي بن البالسيّ، وعبد القادر الصَعْبيّ، وأبو بكر بن أبي الحسن بن الحصين، والتّاج أبو بكر بن عبد الرّزّاق العسقلانيّ، وأحمد بن محمد بن الإخوة، والكمال عبد الرحمن بن يعيش السّبْتيّ، وداود بن يحيى الفقير، ويوسف الكفيريّ الفرّاء، وأبو الفتح إبراهيم بن عليّ بن الخَيْميّ، وخلْق كثير.
ومات في ثاني جُمَادى الأولى بمصر، وقد ولي مشيخة الكامليّة ستّ سِنين [2] .
81- يوسف بن يعقوب [3] بن عثمان بن أبي طاهر بن الفضل.
__________
[1] وقال قطب الدين اليونيني: سمع من خلق كثيرا وحدّث بالكثير، وخرّج تخاريج مفيدة، وجمع جموعا حسنة، وكان إماما عالما فاضلا، حافظا، ثبتا، عارفا بالصناعة الحديثية، وإليه انتهت رئاسة الحديث بالديار المصرية بعد الحافظ زكيّ الدين المنذري- رحمه الله وكتب بخطه الكثير، وكان خطّه حسنا، ووقف جملة من كتبه على من ينتفع بها من المسلمين. وكنت قصدت رؤيته في منزله بمصر في شهر رمضان المعظم سنة تسع وخمسين وستمائة، فخرج إليّ وناولني كتابا من مرويّاته، وأجاز لي ما تجوز له روايته ويجوز لي روايته عنه.
[2] وقال ابن جماعة: أحد أئمّة هذا الشأن الذين أدركناهم، حافظ للحديث، عارف به، متقن لأسماء المحدّثين وكناهم ومقدار أعمارهم، حسن التخريج، جيّد التصنيف، من أهل الإتقان والضبط والثقة والعدالة والأمانة والديانة، حسن الطريقة، وجميل السيرة.
وقد ذكره في حداثة عمره الحافظ أبو بكر ابن نقطة البغدادي في بعض تصانيفه فقال: هو ثقة ثبت ضابط.
وذكره أبو الفتح ابن الحاجب الأميني في (معجم شيوخه) فقال: هو إمام عالم حافظ، حسن الأخلاق، مأمون الصحبة، كثير التحرّي في الرواية، حسن الضبط، مليح الخط، سريع القراءة مع صحة، كثير التحصيل، حلو العبارة. (2/ 549، 550) .
[3] انظر عن (يوسف بن يعقوب) في: ذيل الروضتين 232، وتذكرة الحفاظ 4/ 1443، وذيل التقييد للفاسي 2/ 332، 333 رقم 1739.

(49/121)


جمال الدّين، أبو المظفّر الإربِليّ، ثمّ الدّمشقيّ، الذّهبيّ.
ولد ظنّا سنة تسعين وخمسمائة. وسمع بإفادة عمه عزّ الدّين عبد العزيز من: ابن أبي طاهر الخُشُوعيّ، وحنبل، وابن طَبَرْزَد، والكِنْدي، وجماعة.
ولكن لم يظهر سماعُه من الخُشُوعيّ إلّا بعد موته.
وكان رجلا جيّدا خيِّرًا. وكان خيرا من ابنه أبي الفضل محمد بكثير.
روى عنه: الدِّمياطيّ، وزَيْن الدين الفارِقيّ، وأبو عليّ بن الخلّال، والبُرهان الذَّهبيّ، وابن الخباز، وعلاء الدّين الكِنْديّ، وأبو الفضل الإربِليّ ولده، ثنا عنه، عن عبد المجيب بن زُهير.
ومات في ثالث ذي الحجّة، ودُفِن بسفح قاسيون.
الكنى
82- أبو بكر بن مهلّب بن يوسف.
أبو يحيى المُراديّ، الألْشيّ [1] .
أخذ القراءات عن أبي جعفر بن عَوْن الله الحصّار تلاوة في سنة ستّمائة.
وروى عن جماعة. وولي قضاء بلده.
روى عنه النّاس.
ومات سنة اثنتين وستّين. قاله ابن الزُّبَيْر.
83- أبو القاسم بن منصور [2] .
__________
[ () ] ولم يذكر في: تاريخ إربل.
[1] الألشي: نسبة إلى ألش بالأندلس وهو إقليم من كور تدمير بينه وبين أريولة خمسة عشر ميلا.
(الروض المعطار 30) .
[2] انظر عن (أبي القاسم بن منصور) في: ذيل الروضتين 231، وذيل مرآة الزمان 2/ 315، 316، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 272، 273 رقم 265، وزبدة الفكرة 9/ ورقة 68 ب، والمشتبه في أسماء الرجال 1/ 414 و 431، ودول الإسلام 2/ 168، والعبر 5/ 271، والإعلام بوفيات الأعلام 277، وتذكرة الحفاظ 4/ 1443، والإشارة إلى وفيات الأعيان 359، وتاريخ ابن الوردي 2/ 217، ومرآة الجنان 4/ 160، والوافي بالوفيات 5/ 76 رقم 2070، والبداية والنهاية 13/ 243، 244، وعيون التواريخ

(49/122)


القبّاريّ [1] الزّاهد، وسمّاه الإمام أبو شامة [2] محمّدا.
كان شيخا صالحا، عابدا، قانتا، خائفا من الله، مُنْقَطِع القَرِين في الورع والإخلاص وكان مقيما ببُسْتَانٍ له بجبل الصَّيْقَل بظاهر الإسكندريّة، وبه مات، وبه دُفِن بوصيّةٍ منه [3] .
قال أبو شامة [4] : كان مشهورا بالورع والزُّهد، وكان في غَيْطٍ له هو فلّاحه يخدمه ويأكل من ثماره وزرعه، ويتورَّع في تحصيل بذره حتّى بلغني أنّه كان إذا رأى ثمرة ساقطة تحت أشجاره لم يأكلْها خوفا من أن يكون حَمَلها طائرٌ من بستان آخر.
وكنتُ اجتمعتُ به سنة ثمانٍ وعشرين مع جماعة، فصادفناه يستقي على حماره ويسقي غيطَه من الخليج، فقدَّم لنا ثمر غَيْطه.
وحدّثني القاضي شمس الدّين ابن خَلِّكان، عن المجد بن الخليليّ أنّ الأثاث المخلَّف عنه، كان له أو كان لغيره [5] ، قيمته نحو خمسين درهما، فبِيعَ بنحو عشرين ألف دِرهمٍ للبَرَكة [6] .
وَقَالَ الشَّرِيفُ: تُوُفِّيَ فِي سَادِسِ شَعْبَانَ. وَكَانَ أَحَدُ الْمَشَايِخِ الْمَشْهُورِينَ بِكَثْرَةِ الْوَرَعِ وَالتَّحَرِّي، وَالْمَعْرُوفِينَ بِالانْقِطَاعِ وَالتَّخَلِّي، وَتَرْكِ الاجْتِمَاعِ بِأَبْنَاءِ الدُّنْيَا، وَالإِقْبَالِ عَلَى مَا يَعْنِيهِ.
وَطَرِيقُهُ قَلَّ أَنْ يَقْدِرَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ زَمَانِهِ عليها، ولا نعلم أحدا في وقته
__________
[ () ] 20/ 316، 317، وتوضيح المشتبه 7/ 166 و 247، والسلوك ج 1 ق 2/ 523، وتاريخ الخلفاء 483، وشذرات الذهب 5/ 312، والقاموس المحيط للفيروزابادي (مادّة: قبر) .
[1] تصحفت هذه النسبة في شذرات الذهب 5/ 312 إلى: «القياري» ، بالياء المثنّاة من تحتها.
[2] في ذيل الروضتين 231.
[3] ذيل مرآة الزمان 2/ 316.
[4] في ذيل الروضتين 231.
[5] العبارة في ذيل الروضتين: «وأن الأثاث المخلف عنه لو كان لغيره» .
[6] وزاد في ذيل الروضتين: «حتى في الإبريق الّذي كان يتوضّأ فيه» .
وانظر: ذيل مرآة الزمان 2/ 316.

(49/123)


وَصَلَ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ خُشُونَةِ الْعَيْشِ وَالْجِدِّ وَالْعَمَلِ، وَتَرْكِ الاجْتِمَاعِ بِالنَّاسِ وَالتَّحَرُّزِ مِنَ الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ. كَانَ تَزُورُهُ الْمُلُوكُ فَمَنْ دُونَهُمْ، فَلَا يَكَادُ يَجْتَمِعُ بِأَحَدٍ مِنْهُمْ [1] .
قَالَ: وَبِالْجُمْلَةِ فَلَمْ يَتْرُكْ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، رَحِمَهُ اللَّهُ.
قلت: وبعض العلماء أَنْكَرَ غُلُوَّهُ فِي الْوَرَعِ وَقَالَ: هَذَا نَوْعٌ مِنَ الْوَسْوَاسِ فِي الطَّهَارَةِ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ يَقُولُ: «بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ» [2] . قُلْتُ: وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْوَسْوَسَةِ فِي الْوَرَعِ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ: «دَعْ مَا يُرِيبُكَ إِلَى مَا لا يُرِيبُكَ» [3] . وَلَوْلا ارْتِيَابُهُ لَمَا بَالَغَ فِي شَيْءٍ وَغَلَبَةُ الْحَالِ حَاكِمَةٌ عَلَى الْعِلْمِ مِنْ بَعْضِ الصَّالِحِينَ.
وأيضا فمن الذين قال إنّه كان يتورّع عن الحرام فقط. بل قد يتورَّع الإنسان عن الحرام والمشتبهة والمباح، ولا يُوجب ذلك على غيره، بل ولا على نفسه. وهذا الرّجل فكان كبير القدْر، له أجران على موافقة السّنّة، وأجر واحد
__________
[1] ذيل مرآة الزمان 2/ 315، 316.
[2] هذا جزء من حديث رواه أحمد في المسند 5/ 266، والطبراني في المعجم الكبير 8/ 257 رقم 7868، والهيثمي في مجمع الزوائد 5/ 279، عن أبي أمامة قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وسلم في سرية من سراياه فمرّ رجل بغار فيه شيء من ماء فجذبته نفسه أن يقيم في ذلك الغار فيقوت ما فيه من ماء، ويصيب مما حوله من البقل ويتخلّى من الدنيا، ثم قال: لو أني أتيت نبيّ الله صلى الله عليه وآله وسلم فذكرت ذلك له، فإن أذن لي فعلت وإلّا لم أفعل، فأتاه فقال: يا نبيّ الله إني مررت بغار فيه ما يقوتني من الماء والبقل فحدثني نفسي بأن أقيم وأتخلّى من الدنيا. فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إني لم أبعث باليهودية ولا النصرانية ولكني بعثت بالحنيفية السمحة، والّذي نفسي بيده لغداة أو روحة في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها، وكمقام أحدكم في الصفّ خير من صلاته ستين سنة» .
[3] أخرجه الطبراني في المعجم الكبير 22/ 147 رقم 399، والهيثمي في مجمع الزوائد رقم 2381 وقال: فيه طلحة بن زيد الرقي وهو مجمع على ضعفه. وأخرجه أبو يعلى (352/ 1) ، والهيثمي في مجمع الزوائد 10/ 294 بلفظ: «تدع ما يريبك إلى ما لا يريبك وإن أفتاك المفتون» وهو جزء من حديث حسن لأنّ متنه تضمن شواهد متفرّقة. وانظر: المعجم الكبير للطبراني 22/ 78، 79 رقم 193، وص 81 رقم 197، وفي الباب من رواية أبي الحوراء 3/ رقم 2708.

(49/124)


على ما خالف ذلك، لأنّه حريصٌ على ابتغاء مرضاة [1] الله، مجتهدٌ في خلاص نفسه. ولا يُكَلِّفُ الله نَفْساً إِلَّا وُسْعَها 2: 286 [2] ، والله لا يسأل العبد لِمَ لا أكلتَ كلّ مباحٍ، بل يسأله لِمَ أكلتَ الحرام، ويسأله لماذا حرَّمت على نفسك ما أبَحْتُ لك مع علمك بإباحتي له، لا مع جهلك بالإباحة. هذا مع التَّسليم بأنّ الورع بالعِلم أفضل وأرفع، وذلك حال الأنبياء صلوات الله عليهم، مع أنّ لهم فيه شرائع وطرائف كطريقة سليمان عليه السّلام في الملك والإكثار من مُبَاحات الدّنيا، وكطريقة عيسى عليه السّلام في السّياحة والإعراض عن الدّنيا بكلّ وجه، وكطريقة داود في أمورٍ، وطريقة إبراهيم الخليل في قِرَى الضَّيف، وأشرفُ طُرُقِهم وأفضلها طريقة نبينا صلى الله عليه وآله وسلم، فإنّها حنيفيّة إبراهيميّة سَمْحة، سهلة، بريئة من الغُلُوّ والتّعمُّق والتَّنَطُّع. اللَّهمّ استعملْنا بها، وأمِتْنا على محبّتها، واكْفِنا الوقيعةَ في عبادك الصالحين.
فمن مناقب القبّاريّ، رحمة الله عليه:
قال العلّامة ناصر الدّين أبو العبّاس أحمد بن المُنَيّر الإسكندرانيّ في «مناقب القبّاريّ» رحمة الله عليه، وهي نحوٌ من خمسة كراريس، قال: كان الشّيخ في مبدئه قد حُبِّبَ إليه سماع العِلم، وبُغِّض إليه تناول غير ميراثه من أبيه، فلا يذكر منذ عَقَلَ أمرَه أنه قَبِل من أحدٍ لُقْمةً ولا ثمرَة. حتّى كان له جارٌ في الكَرْم وقف به يوما وهو يبيع الرُّطَب، فعرض عليه رُطْبةً استحسَنَها وسأله أن يأكلها، فقال: لا. فألحّ عليه، وحلف عليه جارُه يمينا: لا آكُلُ لك شيئا.
فكان بعد يتأسّفُ ويتندَّم على يمينه.
قال: وكان يحضر مجالسَ العِلم على ثِقَل سمْعِه، فإذا انقضى الدّرس سأل من أترابه أن يعيدوا له بصوتٍ عالٍ كلامَ المدرّس.
قال: وكان قَلّ أنْ يدعو لأحدٍ، بل يطلب منه الدّعاء، فيقول للطّالب:
__________
[1] في الأصل، مرضات، بالتاء المفتوحة.
[2] سورة البقرة، الآية 286 آخر آية في السورة) .

(49/125)


ما تحتاج. ويقول لآخر: ما أشتهي لأحدٍ من الأُمّة إلّا خيرا. ويقول لآخر:
أودّ لو كان الناس كلّهم على الخير. ويقول لآخر: أُحبّ لكل أحدٍ ما أحبّه لنفسي.
قال ابن المُنَيّر: وقال لي مرّة: يطلب أحدهم منّي الدّعاء بلسانه، ويظهر لي من قرائن أحواله أنّ قلبه غافل وأنّ نفسه قاسية على نفسه، فكيف أرقّ أنا عليه، وكيف أدعو له بلا رقّة؟! قال: وحضر عندي بعض أصحاب الكامل، وهو في غاية البذخ، عليه الملبوس الفاخر، وعلى الباب المراكب الثّمينة، وبين يديه المماليك، وهو يتحدَّث مع رفيقه ويتضاحكان، ثمّ سألني الدّعاء، فأجريته على العادة، فناقشني وقال: ما النّاس إلّا يتحدَّثون بأنّك لا تدعو لأحدٍ معين، وينتقدون ذلك.
فقلت: ألست تعلم أنّ الدّعاء طلب العبد الضّعيف من الرّبّ الرحيم؟
قال: بلى.
فقلت: أيطلب منه برقّة أمْ بقسوة؟
قال: برِقّة.
فقلت: ما أجدها عليك، لأنّي ما وجدُتها منك، فبأيّ لسانٍ أدعو، وإن شئتم الدُّعاء باللّسان فهو البَيْدَق الفارغ بلا قلب.
وقال: أقمت زمانا أصافح تمسّكا بالحديث، ثمّ وجدت النّفس عند المصافحة تتصرَّف في الإنسان فرُبّ ودودٍ تبسِط الكَفَّ له بسرعةٍ، ورُبّ آخر تتكلّف له، فقلت العدل خير من المصافحة، فتركتها. وقد قال مالك. ليست من عمل النّاس، وربّما قال: الأمر فيها واسع.
وكان رحمه الله لا يأذن لأحدٍ من أرباب الدنيا والولايات في الدّخول عليه متى شاء.
قال لي: فتحت الباب فرأيت جُنْديًا فقلت: من أنتَ؟ قال: أنا الّذي

(49/126)


تولّيت الإسكندريّة. وكان ثاني يوم قدِم فقلت: ما حاجتك؟ قال: أن تأذن لي كلّما أردت أن أجيء ليكون حضوري بدستورٍ منك عامّ. فأجرى الله على لساني أن قلتُ له: لا آذَنُ لك لأنّكم عندي كالمرض لا آذَنُ له إذا استأذن، ولكنْ إذا جاء دخل بقضاء الله صبرت عليه.
وانفصل عن ولاية الثَّغْر هذا الأميرُ من خمسٍ وعشرين سنة، فو الله ما أتمّ الشّيخ لي الحكاية حتّى أقبل هذا الأمير بعينه فقلت: سبحان الله.
فقال الشّيخ: اسأله عن هذه الحكاية لعلّه يذكرها فسألته فقال: أذكرها وكنت أحكيها دائما في مصر والشّام.
وكان رحمه الله يقول: لو علمتُ أنّ الملوك والأمراء لا يأخذهم الغرور بإقبالي عليهم لأقبلت، ولكنّهم يظنُّون أنّهم لمجرّد الزّيارة ينتفعون، وأنّ الإقبال عليهم دليل الرّضى عن أفعالهم. ولو علمتُ قابلا للنَّصيحة لدَخَلتُ إليه أنصحه. لمّا جاء الملك الكامل وخطر له أن يخرج إلى عندي جاءت له مقدّمات من مماليك وحُجّاب، وصادفوني أسلق [1] الفُول لعشَائي، وكنتُ حينئذٍ لا أحبّ داخلا، فقلت لرجلٍ كان عندي: السّلامة والكرامة في أن يُحال بيني وبينه.
فلمّا جاء إلى بابي قيّضَ الله له بعض نُصحائه فقال له: المملكة عظيمة، وقد صَحِبَك العسكرُ بجملته، وأنت بين أمرين: إمّا أن يأذن لك، أو يحجبك.
وإذا إذِن لك صرّفك كالآحاد، ونصحَك بما لا تطيق فِعْله، فإنْ فعلت تغيَّرتْ عليك قواعد كثيرة، وإن تركتَ قامت الحُجّة. والمصلحة عندي الاقتصار على الوصول إلى الباب.
فبلغني أنّه قال: جار الله وقد حصلت النِّيَّة. فانصرف راجعا. فقلت للشيخ: إنّ النّاس يقولون إنّك حجبته. فقال: ما حجبه إلّا الله.
قال المؤلّف: عرضتُ على الشّيخ كثيرا من حكايات مشايخ الرّسالة إلى أن
__________
[1] في الأصل: «اصلق» بالصاد.

(49/127)


أتيت على أكثر ما في «رسالة القُشَيْريّ» فقال لي يوما: ما أحبّ أسمع شيئا خارجا عن الكتاب والسُّنَّة وكلام الفُقهاء.
وكان يمكّن الأطفال من دخول بُستانه، فإذا ميّز الطفْل حجبه، ويقول:
من ادّعى أنّه معصومٌ فقد ادّعى ما ليس له في الغيب.
وكان يقول: سبق إلى ذِهني في مبدإ العُمر اختيار بستان في الرّمل من متروك أبي انقطع فيه، لأجل أنّ ماء نبْعٌ، واستريح من شية ماء النّيل وإجرائه في الخليج بعمل. فمنعني من ذلك أنّ الحريم يكثّرْن هناك، ولا يستتر بعضهنّ، ولا يَسْلَم المقيمُ من النَّظرة. فلمّا كثُر الفساد صار النّاس يقصدونه في الرّبيع للنِّيرة والخُضرة، فما زالوا حتّى انتزح هذا الماء عنه بالكُلّيّة، وبقي صَفْصَفًا مُوحِشًا.
وكان أنشأ فيه تينا ورُمّانًا وزرْجونًا، كان النّاظر يقضي منه العجب، إلّا أنّه ما باع منه ثمرة، فكان يقدّد التين، ويتَّخِذ من الرُّمّان عسلا يستغني به عن العَسَل، ويتّخذ من العنب خلا وزبيبا، فعزم بعد على قطْع الكَرْم لئلّا ينتقل إلى من يبيعه للذّمّة عصيرا، فقيل له: قطْعُهُ إضاعةُ مالٍ مُتَيَقَّن لأجل مفْسدة موهومة. فتوقّف وفي نفسه حَسَكة. فاتّفق أنّ النيل تأخّر عنه فيبِس فقلعه.
وقال لي: وعوَّضني الله عن تلك الثّمار بالشّعير والفول.
ومن نوادره أنّه وجد في قمحٍ اشتراه من الفرنج حبّات تُشْبه الشّعير، نحو حَفْنة، فازْدَرَعها، وأقام يقتات منها مدّة عشرين سنة. وكان يُعجبه أنّها متميّزة في نباتها وفي سُنْبُلها. وكان إذا حصدها نقّاها سُنْبُلةً سُنْبُلة، فإنْ وجد غريبة تركها، وكذا كان شأنه فيما سقط من الثّمار لا يتناوله، لاحتمال أنّ الطّير نقلته [1] . وأمَّا النَّخْل الملاصِق لجيرانه فكان يبيحه لهم. وكذا لمّا بنى بينهما حائطا احتاط، وأخرج من أرضه قطعة لهم.
__________
[1] ذيل مرآة الزمان 2/ 316.

(49/128)


وقال: طبخت يوما فكان الهواء يسوق الدُّخان إلى جاري، فحوّلت القدْر في الحال، وأبعدتها عنهم.
وقطع نخلة فوقع سَعْفُها عَلَى حائط الجار فقال علِم الله أنّها لم تضرُّهم إلّا أنّها نفضت الغُبار على الجدار. فعدّ الشّيخ ذلك تصرُّفًا في مُلك الغير. وكان لجماعةٍ فيهم أطفال وغيب، وأوجب على نفسه لهم شيئا وأعطاهم.
وكان يقول: إنْ كان هذا واجبا فقد خلصت منه، وإن كان غير واجبٍ فهو صدقة مستورة باسم الحقّ.
وكذلك كان يقول في ترجيحه في الوزن وأخذه ناقصا.
قال المؤلف: حدَّثني ثقة قال: خرجت يوما إلى الشّيخ ومعي «الموطّأ» فقال لي: فيه حديث عائشة أنّ النّبيّ عليه السّلام كان يُدني إليها رأسه وترجله وهو معتكف، فهل كان ترجُّله بمُشْطٍ أو بغيره؟ فبدرت وقلت: ما يكون التَّرجيل إلا بالمُشْط.
فقال: ويكون بالأصابع أو بعُود، كما ورد في الحديث الآخر أنّ رجلا اطّلع على النبي صلّى الله عليه وآله وسلم وبيده مِدرى يحكّ بها رأسه. والمِدرى العُود المحدّدة بخِلال.
فكان الشّيخ لا يستعمل المُشْط، لأنّه ما وجده في الخبر صريحا. فقيل له:
أما هو مباح؟ قال: الإكثار من المُباح ذريعةٌ إلى الوقوع في المكروه.
وكان إذا ذبح دجاجة نتفها ويقول: السّمْط يُجمّد الدّم. وقد ( ... ) [1] أكل النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم سميطا.
وكان لا يكربل الدّقيق الشّعير للحديث الوارد في ذلك، بل كان ينفخه ويقول: بلغني عن الأطبّاء أنّه أحمد عاقبة.
__________
[1] في الأصل بياض.

(49/129)


وكان يُعجبه الطِّبّ إذا اقتضى خشونة أو تركا بالكُلّيّة. ويكره المِلْعقة.
وكان ينبسط ويقول: أكلت لونا غريبا. فأقول: ما هو؟ فيقول: صببت في القصعة ماء قُراحًا، وصبغت به الكسْرة. وكان لونا نظيفا.
وكان يقال له: أليس المِسْك طاهرا؟ فيقول: هو طاهر للطِّيب، فهل تجدون أن النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلم أكله! وقال: لو فتّشوا على الملح ما وجدوه يخلص، إمّا من تَقَدُّم المُلْك على الملّاحات، وإمّا من رسْم ضمان، وإمّا من تغالب بين الملّاحين، ولو لم يكن إلّا جمل الْجِمال.
وكان يكره استعمال الْجِمال، وهو ما يقتنيها إلّا العرب. وقد شاهدتم أحوالهم ونَهْبهم.
وُصِف لي ملح بالمصليات فسافرتُ إليه، وأخذت منه حاجتي طول عُمري.
وَقَالَ فِي تَرْكِهِ الثِّمَارَ تَحْتَ الشَّجَرِ: هَبْ أَنَّهَا مُبَاحَةٌ، أَنَا تَرَكْتُ هَذَا الْمُبَاحَ.
وَتَذَكَّرْ قَوْلَهُ عَلَيْهِ السَّلامُ: «دَعْ مَا يُرِيبُكَ إِلَى مَا لا يُرِيبُكَ» [1] . وَقَوْلَهُ: «الْحَلالُ بَيِّنٌ» [2] . وَقَوْلَهُ: «لَوْلا أَنِّي أَخْشَى أَنَّهَا مِنْ ثَمْرِ الصَّدَقَةِ لأَكَلْتُهَا» [3] . وَكَانَ قَدْ لَقِيَهَا عَلَى فِرَاشِهِ. أَفَلَيْسَ مِنَ النَّادِرِ الْمُسْتَبْعَدِ أَنْ تَكُونَ مِنْ ثَمَرِ الصَّدَقَةِ، فَإِنَّ ثَمَرَ الصَّدَقَةِ كَانَ لا يَدْخُلُ بَيْتَهُ.
وكان إذا سمع النّاس ينسبونه إلى الورع ينكر ذلك ويقول: إنّ الورع
__________
[1] تقدم تخريج هذا الحديث قبل قليل.
[2] أخرجه الطبراني في المعجم الكبير 10/ 404 رقم 10824، والهيثمي في مجمع الزوائد 10/ 294 عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وآله وسلم قال: «الحلال بيّن والحرام بيّن وبين ذلك شبهات فمن أوقع بهنّ فهو قمن أن يأثم، ومن اجتنبهنّ فهو أوفر لدينه، كمرتع إلى جنب حمى أوشك أن يقع فيه، ولكلّ ملك حمى، وحمى الله الحرام» .
[3] رواه أحمد في المسند 3/ 184.

(49/130)


الّذي يسيرون إليه أن يترك الإنسان الحلال المحض تقليلا. وأين الحلال؟ علِم الله أنّني ما وجدتُه قطّ. أيكون أكثر من أن أمدّ يدي فآخُذ من البحر جونا بلا آلة. فما نفسي بذلك طيّبة لأنّ القوّة الّتي بسطت بها يدي، إنّما نشأت من هذه الأقوات المشتبهات.
وكان يقول: إذا كان لا بد من اللّقاء فالتّواني من علامات الشّقاء.
فاعمل لدار البقاء، وليوم ينادى عليك: عبد أطاع، أو عبدٌ طغى.
وكان يقول: لا آكل شيئا بشهوة وإنّما آكُلُه ضرورة. ولو جاز لي لَتَرَكْتُه.
قال المؤلّف: والظّاهر أنّ الشّهوات كانت قد حملت عنه بالكليّة.
وكان يقول: هذا الشِّواء عندي كالجِيفة، وما أنا به جاهل، كنت آكله في الصِّبى، فسبحان مقلّب القلوب.
وربّما سأل خادمه: ماذا أكلتَ؟ فربّما قال: مَضِيرة. فيقول: يا بطن الْجِيفة، أَمَا تُبْصِر ما يقاسي أربابُ الكُرُوم من رُعاة الماعز.
وكان يقول: سمعت عن حُذَيْفَة رضي الله عنه أنّه قال: أدركتُ زمانا يقال لي فيه: عامِل مَن شئت. ثمّ أدركتُ زمانا يقال فيه: عامِل مَن شئت إلّا فلانا وفلانا، ثمّ أدركتُ زمانا يقال لي فيه: لا تُعامِل أحدا إلّا فلانا وفلانا، ثمّ أنا في زمانٍ ما أدري مَن أعامِل.
ثمّ يقول الشّيخ: إذا كان هذا حُذَيْفَة وزمانه، فكيف بزماننا؟
أمر السّلطان بأن يكون نصيب بيت المال من موجود الشّيخ صَدَقة عن الشّيخ، ونزل الوارث والموصَى له عن نصيبهما من الأثاث للَّه، فصار الكلُّ للَّه، فاجتمعوا لشرائه، فتزايدوا حتّى بيع منه شيءٌ يُساوي دِرهمًا بنحو الألف.
وما زال النّاس يتنافسون في آثار الصّالحين، وهذه تَرِكة ابن الزُّبَيْر ما ظنّوا أنّها تبلغ مائة ألف، فأبيعت وبورك فيها، فبلغ الدّرهم أكثر من خمسمائة.
وكان رحمه الله قد اختار زراعة الفُول الرُّوميّ، لأنّ زريعته من بلاد الفرنج، ولا تستطيع العصافير نقله، فأقام يقتات الفُول وحده أربعين سنة.

(49/131)


وقَلّ أن يكون صندوق عند أحدٍ من التّجار والمعتَبَرين إلّا وفيه من ذلك الفول.
لأنّه أخذ منه بعضهم عشر فولات. وكانت له إحدى عشرة شَدّة، فوضع في كل شدّة فولة وبقيت شَدّة لم يضع فيها، فاتّفقت له جائحة في الطّريق أصابت الشّدّة وحدها وحمى الله البَوَاقي. فلمّا أكثر النّاسُ الحكايةَ عنه تركه واقتات بالشّعير. وقد تجذّم في أكل الفُول وتفتت جسمه، وكان صديده يغلب الماء.
ويقي مدة. وقيل: ما عليه أضرّ من الفول فإنه يولد السوداء. فقال: إن الّذي جعله داء قادر على جعله دواء. ولم يزل يستعمله حتى عوفي. فكان يحكي ذلك، ويقلّب بدنه ويقول لي: هل ترى له أثرا أو شرّا؟ فلا أرى شيئا.
وكان لا يشرب من صهاريج السّبيل، وقال لي: هذه الأمور صدقات، والصّدقات أوساخ النّاس، واجتنابُها مأثور.
وقال لي: أقمت أربعة أيّام لا أجد ما أشتريه فطويتها، ولم أجد جوعا سوى تغيُّر يسير في الصّوت.
وكان لا يخرج بحماره إلّا مكمّما.
وقال لي: دخلت البلد زمن الصّبا فوقفت عند حدّاد والمِقْود بيدي، فلم أشعر إلّا ورجلٌ أراني طرف ردائه قد مضغه الحمار فقرض منه، فأعطيته قيمة ما أفْسَد فقال: تصدَّق بها عليّ. فقلت: لا. ومذهبنا أنّ المِدْيان إذا قال له ربُّ الدَّيْن لا أجده وأنا أُسْقِطُه عنك، فقال لا أجد شيئا أجبر ربّ الدَّيْن على القبض، وللمِدْيان حقّا في خلاص ذمّته بلا مِنّة.
وكان يقول مع ذلك: لا أحرّم غير الحرام، لكنْ لي أن أترك ما شئتُ تركه من المباحات عندهم والمشتبهات عندي، فنحن على وفاق.
قال المؤلّف: وكان في مبدإ أمره بمكّة وقد نهب العراقيّ في بعض السِنين، فامتنع حينئذٍ من معامل أهل مكّة مطلقا، وبقي يقتات الأرُزّ مسلوقا من الأرُزّ المجلوب، حتّى قرّحت أشداقه، وإلى أن أُقْعِد ومرض.

(49/132)


وكان إذا تصرّف له وكيله ناوشه الأسئلة وناقشه، وكان إذا سأل عن مسألة فذكر له فيها نصُّ مالك سأل عن دليله، إلى أن يُمْعِن في الكشف، فيقف على موضع حُجّته من الكتاب والسُّنّة. فإذا قيل له: مُسْتَنَده القياس، فكَّر، فربَّما استنبطه من النَّص.
لقد رأيته يدقِّق على الأذكياء، فإن لم يقدر رجع إلى الاحتياط بالتّرك أو بالتّشديد على النّفس. وإن كان لا يحتمل الاحتياط لتعارُض المحظور من الجانبين كشف عنه المذاهب وحججها، وفي الآخر يرجع إلى التّقليد بعد أن يستحضر الكُتُب الّتي فيها المسألة، ويشترط على من يحضرها أن لا تكون عارية ولا جُنبًا، وأن يكون الكتاب ملكا نظيفا للمُحضِر، فإذا وقف على المسألة أعطى المُحضِر بحسب الحال، إمّا فضّة وإمّا مأكولا وقال له: هذه مكافأة لا أجرة، لأنّ العِلْم لا يؤخذ عليه أُجرة.
وكان كثيرا ما يطلب مذهب أحمد ويقول: كان صاحب حديث.
ويذكر أنّه سمع «مُسْنَدَه» بمكّة، فيقال له: أفلا نسمعه منك؟ فيقول:
هذا ما تقلّدتُهُ ولا سمعتُه إلّا لنفسي خاصّة.
وكان عجِز عن الطّواف والتَّعبُّد، فجعل عِوَضَ ذلك الجلوسَ للسّماع.
قال: فجعلت مجلسي إلى جنْب القارئ لِثَقل سمعي، فسمعت منه جملة.
قال المؤلّف: كان عُجْبًا فيما يسمعه، ما أظنّه سمع شيئا فنسِيَه.
وكان يحفظ «الجمع بين الصّحيحين» من زمن الصِّبَى، استكتبه ودرسه، وكان يحفظه باختلاف الطُّرُق والألفاظ، وبالفاء والواو إلى مُنتهى العبادات، وكثيرا من أحاديث القَدَر.
وكان يأخذ ارتفاع الشّمس بالميزان. وكان قلّ أن يتكلّم إلّا متبسّما منشرحا. فإذا أقبل على مقدّمات الصّلاة كان كأنّه مُصاب بولد أو محتضر ويتوضّأ لكلّ فريضة.
وقال: كنت يوما في هذه الغرفة، فإذا ثُعبان عظيم مطوَّق، فأخذت آلة

(49/133)


لقتْله، وقلت له حتّى أنذرك ( ... ) [1] هذه الأولى. فثبت على حاله، فقلت:
انصرف وإلّا قتلتُك هذه الثّانية. فامتدّ، فرأيت هَوْلًا مَهُولًا، فقلت له: الثّالثة ما بقي سواها. فتحرّك واستدار وصفّر، وأخرج يدين على صورة الحِرْذَوْن، فقلت: ما أنت ثُعبانًا ولا حِرْذَونًا. وعرفت أنّه جانّ.
وقال: كنت أربط الحطب، فإذا بي قد أحسست ألما في عَقِبي، فظننتُها شَكَّة دخلت فيه، فلمّا أكملت ربْط الحَزْمة نظرتُ فإذا حَنَش قد التفّ على ساقي، وقد نهشني، ونشبت أنيابُه، فأُلْهِمتُ أنْ قبضتُ على حَنكه وخنقته، ففتح فاه وتخلَّص نابه، وانبعث الدّم.
قال: فطرحت الحَنَش ومسحت الدّم، وما زدْتُ على أن توضّأت وغسّلت مكان النَّهْشة، وأحسست بالسُّم إلى أن صعد إلى وسَطِي فوقف.
فلمّا كان بعد سنةٍ صار مكان اللّسْعة بثرة، فقرضتها بالمقراض، فخرج منها ماءٌ أصفر، فقدّرت أنّه السُّمّ دارَ في بدني، ثمّ عاد إلى موضعه، وكفى الله.
وكان في جبهته ثؤْلُول تزايَدَ حتّى صار سَلَعَةً، فكنت أراه وقت السُّجود يجتهد في تمكينه من التُّراب. ثمّ تفاقم أمره. وكان يُهاب أن يُكلَّم في مثل هذا.
فدخلت يوما فوجدت تلك السّلَعَة قد ذهبت بقدرة الله، ومكانها كأنْ لم يكن فيه شيء غير أثرٍ يسير جدا. فقلت له حينئذٍ: الحمد للَّه على العافية. فقال:
كانت تشوّش عليَّ في السُّجود، وما كان لها دواء إلّا تمكينها من التُّراب، فلم أشعر بها إلّا وقد انفقأت.
وقد تزوَّج بصبيَّة في شبيبته ولم يدخل بها. وطلّقها لمّا تجذّم.
وقد ضَعُف بَصره في الآخر، فأصبح يوما قلقا وقال: دعوتُ البارحة إن ابتَليتَني بشيءٍ فلا تبتليني بالعمى، وإنْ كان ولا بُدّ فَلا تُمهلني بعد بصري.
ودمعتْ عيناه عند الحكاية، فأحسستُ أنّه لا بدّ له من العمى. وعمي قبل
__________
[1] في الأصل بياض.

(49/134)


وفاته بخمسة عشر يوما. انفقأت عيناه إلى داخل، فكان ماؤهما يسيل من أنفه.
واحتاج في الآخر إلى زوجةٍ فباع الدّابة، واستعان بما يصرفه لعلَفها في حقّ الزّوجة. واتّفق أنّ أباها وجد الْجَرّة الّتي يشرب منها الشّيخ قد وصلتها الشّمس، فحوّلها إلى الظّلّ، وكانت طريقة الشّيخ تقتضي أنّ هذا القدْر يمنعه من الانتفاع لأنّه يرى بها منفعة لم يعاوض عليها. فلمّا استدعى الماء قالت له الزّوجة: ما هاهنا ماءٌ تشربه. فسألها عن القضيّة فأخبرته، فأعجبه نُصحها، وبات وأصبح صائما، وطوى حتّى جاء الّذي كان يستقي له.
سألته كم لك ما أوقدت عليك سِراجًا؟ فقال: نحوٌ من ستّين سنة، ما تركته عن عِلْمٍ بما ورد في الحديث، والبيوت ليس فيها مصابيح. ولكن بَلَغني بَعْدُ. وإنّني لمّا انقطعتُ عن النّاس اتّفق ليلة أنّ السّراج انطفأ لعارضٍ، فوجدت نفسي قد استوحَشَت لِفَقْدِه فقلت لها: ترين هذا شغلا معتبرا وأُنْسًا منقطعا، لا حاجة لي فيه. وكنت بمكّة شابّا وإلى جانبي جُنْديّ، فلمّا كان اللّيل سمعته يقدح وبيننا كُوة، فأغمضت عينيّ ليلتي كلَّها.
وكان يقول: الدنيا دارُ أسبابٍ، من زعم أنّ التّوكُّل إسقاط السّبب بالكلّية فهو غالط.
وقال: قال لي صُوفيّ: نحن ما نرى الأسباب، فقلت له: ما صدقت، لو صفع الأبعدَ إنسانٌ أكُنتَ لا تراه البتَّة ولا يؤثّر فعله فيكَ؟ فسَكت.
فقال: أمّا أنا فأرى الأسباب لكنّ ما أقف عندها.
خرج إلى الشّيخ وزير والسّاقية تدور بالدّولاب، فأراد أن يبسط المجلس فقال: يا سيّديّ أيْش ترى في بغلتي ندوّرها في السّاقية؟ فقال له: ولا أنت ما أرى أن أدوَّرك فيها. فانبسط الرجل، ثمّ قال الشّيخ على عادته: ارحلوا. فقال الوزير: لماذا تطردنا؟ قال: لأنّ القعود معكم ضَياع.
وخرج إليه أكابر فقال واحدٌ منهم: هذا طبيب السّلطان، يعني الكامل.
فقال الطّبيب: ما نحن أطبّاء بل نحن أعِلّاء، إنّما الأطبّاء الأولياء.

(49/135)


قال الشّيخ: وأشار إليَّ فلم أقِره فقلت: اعلم أنّ مثل المشار إليه بالولاية كمثل الطّبيب، كم علَّل من عليلٍ فما أفاد. أما داويتَ أحدا فمات ولم ينجع فيه الدّواء؟ فقال: كثير. فقلت: وكذا الجانب الآخر.
وكان يرى أنّ ترك التّسبُّب والاعتماد على الفُتُوح غلط، ويقول: انتقل من سببٍ نظيف إلى سبب وسخ. وذلك لأنّ الاحتراف سببٌ شرعيّ، والكدّية سببٌ مذموم، وليته يبسط يده خاصّة، ولكنّه يقول: أنا صالح فاعطوني. ترى ماذا يبيعهم إنْ باعهم عمله فبَيْع الدِّين بالدّنيا، كبيع الثّمرة قبل بُدُوّ صلاحها، لعلّه عند الخاتمة يُوجد مفلِسًا، فالحبْس أَوْلَى به. وصدق الشّيخ، قال بعض المشايخ: من قعد في خانقاه فقد سأل، ومن لبس مُرقَّعةً فقد سأل، ومن بسط سَجَّادةً فقد سأل.
وقال: هممت بمكّة بالتَّجَرُّد وبَيْع الأملاك وإنفاقها، ثمّ التّحوُّل إلى الشّام، والاقتناع بمُبَاحات الجبال، فسألت فصحَّ عندي أنّه ليس في الجبال ما يقيم البنْيَة دائما، فقلت: ما بيدي أنظف من الحاجة إلى النّاس. أردتُ أن أعيش فقيرا ذليلا، وأراد الله لي أنْ أعيش غنيّا عزيزا، فله الحمد. وعزمتُ على الإقامة بالبِرّ، ليس لأستريح من شُبهة ماء النّيل الجاري في الخليج. فإذا أكثر عَيْش أهلها السّمك، وهو بضمان. فقلت: مشبّهة ماء النّيل أخفّ. وكان يستحسن طريقة سَلْمان الفارسيّ، ويحصّل قوت كلّ سنة.
وكان النّبي صلّى الله عليه وآله وسلم ( ... ) [1] من خيبر قُوت عياله سنة.
وله في ورعه حكايات، ذكرها المؤلّف منها أنّ بعضهم رآه يحصد في بُستانه، ويترك أماكن، فسأل الشّيخ وألحَّ عليه فقال: إنّ ظلال نخيل الجار السّاعة ممتدّة، وأنا أتحرّى أن لا أستظلّ بظلّه. فإذا زال الظّلّ حصدتها.
وكان إذا انفلتت له دجاجةٌ، إلى الطّريق تركها بالكُلّيّة لأنّه يجوِّز أن تكون التقطت شيئا.
__________
[1] في الأصل بياض.

(49/136)


وكان يشترط على الفرنج فيما يشتريه منهم من الحيوان أنْ لا يكون قد شرب من ماء الثَّغْر، ويحلّفهم، وأن لا يكون مشتركا ولا غصْبًا. ومهما لاحت له شُبهة تركه.
وكانوا يتنافسون في معاملته ويغتبطون.
وقال: خرج رسولهم إليَّ مع الوالي، فأردتُ أن يعلم الحال فقلت للتُّرْجُمان: أَعْلِمه أنّني ما أعاملهم إلّا لأنّهم عندنا غير مخاطبين بالحلال والحرام، فهم كالبهائم، وأمّا المسلمون فإنّهم قاموا بالوظيفة العُظْمى، فخوطبوا بالحلال والحرام. فالمسلمون هُمُ النّاس. فأنا كمختار السّياحة بين الوحوش ومزاحمتها في أرزاقها. وما ذاك لفضل الوحوش على الإنس، بل لطلب السّلامة.
وكان يقول: لا ينالني من مصر إلّا الماء، وليته كان صافيا. يُشير إلى ما يُنفق في عمل الخليج.
وكان يقول: من ادَّعى أنّ المحسن والمسيء يستويان فقد ادَّعى عظيما.
وقال: لولا الطّباع لكان المحسن هو المسيء والمسيء هو المحسن.
وبعث إليه الملك العادل ألف دينار فشدّد في النُّفور والنَّكير.
وحجّ مرّة إلى دمشق على حمار ومنها إلى مكّة على جَمَل. وتزوَّد إلى دمشق خرج خرنوب، ونزل بظاهرها على حافّة النّهر.
قال: ونفد منّي الخرنوب فسألت فإذا كلّ ما بدمشق مضمّنا حتّى الملح، فدُلِلت على حوارنة يجلبون تينا يابسا، فجلب لي رجل خرجا من تين فكان زادي إلى المدينة، فاحتجت إلى الزّاد بها فاشتريت تمرا زوّدني إلى مكّة.
وكان يقول: أنا القبّاري ولي أكثر من ستّين سنة ما قدرت أن آكل قبّارة لأجل الشّركة.
وكان من الشُّجعان المعدودين. كان في أوائل شبابه قد لقي أربعة عشر نفسا من الشّلوح بمطرق كان معه فأجلاهم باللّيل حتّى بلغوا باب القنطرة.

(49/137)


وبلغني أنّه قال: إذا أخذت مطْرقًا لقيت ثلاثين لا أبالي بهم.
وبلغ من قوّته في صباه أنّه كان يروح المواهي مُتْرعةً بحيث لو اجتمع عليها أربعة لكاعوا في رفعها، فيرفعها بإحدى يديه إلى ظهر الدّابّة.
وحكى عن نفسه أنه كان يطلع النّخلة ثم يلقي البطاسيّة ويسبقها إلى الأرض.
وحدَّث أنّه كان بالجانب الغربيّ من أهل العرامة والذّعارة قُطَّاع طريق يسفكون الدِّماء، فتفاقم أمرهم وعجزت الولاة عنهم سِنين، فقدّر الله أنّهم امتدّوا إلى بُستانه، فأصبح فوجد آثارهم فقال: كأنّهم وقعوا عنديّ، وقعوا وربّ الكعبة. فأصبح، ففي ذلك اليوم بعينه أُمسِكوا وصُلِبُوا.
وقبل موته نشأتْ صفقة من جنْس هؤلاء فعاثوا نحو السّنة، فنزلوا قصرا قريبا من الباب، وقتلوا على باب الشّيخ رجلا، فقال الشّيخ: كأنّهم دبُّوا إلينا، يقعون إنْ شاء الله. فأُخِذُوا بعد قليل. وكانوا ثلاثة.
وكان له في الجمع بين الطّريقة والشّريعة عجائب. كان يقول لي: قوله:
كُلٌّ من عِنْدِ الله 4: 78 [1] ، هذه حقيقة. ثم ينتهي إلى قوله: مَا أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَما أَصابَكَ من سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ 4: 79 هذه شريعة ويقول: الحجَّة في الشريعة ولا حجّة لنا بالحقيقة.
ويقول: أكثر ما تؤتى المتصوّفة مِن ملاحظة الحقيقة مع الإعراض عن الشّريعة، وهذه ضلالة.
اتّفق أنّ بعض الملوك قدِم الإسكندريّة قبل أن يتسلطن، فخرج بعض الخربنْديَّة لأخذ حطب النّاس، فأخذوا من غَيْط الشّيخ جَمَلين جريدا، فجاء جاره فخوّفهم، فلم يفكّروا وراحوا. فجاء الأميران المحمّدي وشمسُ الدّين سُنْقُر، فذكر لهما الجار القصّة، فساقا على آثار الجمال، فهرب الخربنديّة،
__________
[1] سورة النساء، الآية 78.

(49/138)


واستاقا الْجَمَلين إلى الغَيْط، فدخل إليه جارُه وعرّفه القصّة فقال: أمّا أنا فما بقيت أنتفع بهذا، لأنّه شيءٌ، قد عُصِي اللهُ فيه، وقد صار لك فيه حقّ، ولهذين الأميرين ولأصحاب الأرض الّتي سلكها الغاصب. فأخذه المعرّف، وكافأ الشّيخ الأميرين بشيء.
وقال مرّة لرجل: أمّا أنا فما أعلّق قلبي منه لا بطعامٍ ولا بشراب، أأكون بهيمة هنا وبهيمة هناك همّه بطنه، إنّما أطلب منه الرِّضى وما عداه فُضْلة.
قال المؤلّف: لأنّ غاية نعيم المؤمنين أنْ يحلّ الله عليهم رِضْوانه، فلا يسخط عليهم أبدا، وهو أفخر العطايا.
وقال لي بعض الأكابر بعد وفاة الشّيخ رحمه الله: هل عاينتَ منه خارقا أو تكلَّم معك على خاطِر؟ فقلت: لا، إلّا شيئا خَفِيًّا مِن جنْس الفِراسة.
هذا على أنّني سمعت في حياته وبعد وفاته ممّن صَحِبه أنّه كان يحدِّثهم بما صنعوا في بيوتهم ممّا فيه نصيحة أو في ذِكِره فائدة.
قال لي ابن القفّاص الفقيه: تزوَّجت وأعرست، فأَرِقتُ ليلة ولم أدخل إلى فراشي، فانقبضت العروس لانقباضي، فلمّا خرجت إليه قال لي الشّيخ: ويْلَكَ أخطأت في المعاشرة، شوّشت اللّيلة على أهلك بانقباضك واستنادك إلى الخزانة.
وكان فكري يضيق بي فناولني الشّيخ عشرة دراهم وقال: خذ بهذه شيئا يصلُح لغداء العرائس.
وذكر ابن القفّاص عدّة كراماتٍ أوردها المؤلّف. وذكر حكاية في هذا المعنى عن الصّاحب بهاء الدين، عن الشّيخ خضِر الكُرديّ شيخ الملك الظّاهر، عن الشّيخ. ثمّ قال: ولمّا جاء الصّاحب بهاء الدّين إلى البلد عزم أنْ لا يدخلها حتّى يزور الشّيخ. وكنتُ معه، فلمّا وصلنا إلى قصر الشّيخ، نزل الصّاحب من بعيد، وقالوا للشّيخ، فقال: الفقيه معه؟ قالوا، نعم. فقال: وما تريد؟ قال: البركة. فسكت ونحن وقوف. فقلت للصّاحب: اجلِس. فقال: لا. وغلبت عليه الهيبة وتجلّد، وطال وقوفه، فقلت للصّاحب. اطلب منه شيئا خاصّا. فقال: الموعظة.

(49/139)


فقلت للشّيخ: هو يطلب الموعظة. فقال: هو يحفظ القرآن؟ قلت: نعم.
قال: اقرأ معه سورة اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ 96: 1 [1] . فقرأنا إلى قوله: أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرى 96: 14 [2] فقال: إذا علمت فإنّه يراك، اعرف كيف تكون والسّلام. فانصرف على ذلك.
وكان يقول لطالب الدّعاء والزّيارة: الّذي علِم نيّتك يكافئك عليها.
وحدَّثني من لا أتمارى فيه خيرا ونُبْلًا قال: وصلت مع أخي في حياة الملك الصّالح، فتحادثنا في الزّيارات، وعزمت على زيارة الشّيخ، وحملت أخي على ذلك، فعارضني من أصحابنا فلان وفلان بكلام فيه غضاضة في حقّ الشّيخ، فأنكرت عليهما وبكّرت إلى الشّيخ، واستغرقت في النَّظر إليه وهو عند السّاقية، ووقفت وإذا بحسّ البِغال في خلفي، فقلت في نفسي: هذا فلان وفلان، وهما على نيَّةٍ رديئة. وهذا رجلٌ مُكَاشَف.
فما أتممت الخاطر إلّا وغاب الشّيخ عن بصريّ، فهجمت الغَيْط ممّا غلب على الحال، وقلت: لعلّ تحت رِجْلَيه غار دخل فيه. فلم أجد شيئا إلّا البطاميّة، فظننت أنّه انطرح فيها، فتأمّلتها فلم أر شيئا. فخرجت إلى أولئك وخاصمتهما وحكيت لهما القصّة.
قال المؤلّف: وسِنُّ الشّيخ نيّفٌ وسبعون سنة. وكان بعضهم يظنّ أنّه في عَشْر المائة، وذلك لأنّه من صِغره كان يُسمّى بالشّيخ.
آخر ما اخترته من مناقب القبّاريّ، ويكون خمسة كراريس، ما ذكر فيها اسم الشّيخ ولا وفاته ولا حلْيته، فرحمه الله ورضي عنه آمين.
__________
[1] سورة العلق، أول السورة.
[2] سورة العلق، الآية 14.

(49/140)


وفيها وُلِد:
الشّيخ شهاب الدين محمد بن المجد عبد الله بدمشق، وأحمد ابن شيخنا عليّ بن محمد بن هارون الثّعلبيّ.
وفتح الدين محمد بن عثمان بن أحمد بن عثمان.
وأحمد بن عليّ بن أيوب بن علويّ العلّاميّ، وُلِدوا بمصر وسمعوا من النّجيب.
وكمال بن محمد بن كمال الصّالحيّ، سمع الكرْمانيّ، والزّين عبد الرحمن بن عليّ بن حُسين بن منّاع التّكْريتيّ، والمحدّث شمس الدين محمد بن عبد الرحمن بن سامة، والقاضي شمس الدين محمد بن أبي بكر بن النّقيب، والشَّرف عبد الله ابن الشّيخ العزّ الحنبليّ، والقاضي شمس الدّين محمد بن مسلّم، وكمال الدّين إبراهيم ابن الوجيه بن مُنَجّا، وأحمد بن القاضي تقيّ الدين سليمان، ورحمون المؤذْن.

(49/141)


سنة ثلاث وستين وستمائة
- حرف الألف-
84- إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُمَرَ [1] بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْحَسَن بْن عليّ، وعليّ هو القاضي الزّكي ابن القاضي المنتَجَب أبي المعالي مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن عَلِيّ بْن عَبْد العزيز.
المحدِّث، العالِم، مُعِين الدّين أبو إسحاق القُرَشيّ، الدّمشقيّ.
له سماع من: أبي صادق بن صبّاح، وأبي المُنَجّا بن اللّتّيّ.
وأكثر عن كريمة والمتأخّرين.
وعُنِي بالحديث، وكتب الكثير بخطّه المنسوب [2] ، ولم يزل يُسْمِع إلى أنْ مات.
وروى اليسير.
سمع منه المعين بن الْجُنَيْد جُزءين عن ابن اللّتّيّ.
وكان حَسَن الفهْم، قويّ المعرفة. عاش ستّين سنة إلّا أشهُرًا.
تُوُفّي في ثامن ربيع الأول فجأة، وهو سِبْط القاضي محيي الدّين محمد بن الزّكيّ.
__________
[1] انظر عن (إبراهيم بن عمر) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 326، وذيل الروضتين 233، وتذكرة الحفاظ 4/ 1448، والمعين في طبقات المحدّثين 211 رقم 2211، والإعلام بوفيات الأعلام 277، والإشارة إلى وفيات الأعيان 360، والعبر 5/ 273، ومرآة الجنان 4/ 162، وشذرات الذهب 5/ 312.
[2] وقال أبو شامة: وكان له سماعات كثيرة، وبخطّه توجد أكثر الطباق في زمانه وكان يكتبها كتابة حسنة صحيحة، وهو أحد المعدّلين بدمشق، من أكبر البيوت الدمشقيين.

(49/142)


85- إبراهيم بن محمد [1] بن أحمد بن هارون.
الحافظ، الحُجَّة، الواعظ، أبو إسحاق بن الكمّاد السَّبْتيّ.
يروي عن: أبي عبد الله التُّجيبيّ نزيل تلمسان، وأبي الحَجّاج ابنَ الشّيخ، وأبي ذرّ الخشنيّ [2] .
ومولده في حدود الثّمانين وخمسمائة.
وقد ذكرت موته في عام ستّين على ما حدَّثني به ابن عِمران السَّبْتيّ، ثمّ قرأتُ في «برنامج» أبي جعفر بن زُبَيْر قال: وأبو إسحاق أحفظ من لقِيتُه لَحَدِيثُ رسول الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ. ولقد ذَكَر لي شيخنا أبو الخطّاب بن خليل على جلالته وسِنّه أنّه لم يلْق أحفَظَ من ابن الكمّاد. كان في حِفْظ الحديث آية من الآيات.
قلت: يعني للمُتُون.
قال: ولمّا قدِم الأندَلُسَ أبو النّعيم الواعظ المعروف بابن راضية قافلا من المشرق، مُرتكبًا في وعْظه طرائق تلحينيّة يُركّبها على أبياتٍ أرقّ من النّسيم ويقرأ بين يديه قرّاء قد أحكم تدريبهم، فاستجابت لذلك العامّة، فلمّا فعل ذلك بإشبيليّة، وبها ابن الكمّاد إذ ذاك، أنكر ذلك كلّ الإنكار، وأبدأ في ذلك وأعاد، وحمله ذلك على أنْ جلس على المنبر للوعظ على سُنَن السّلَف. ففعله إلى أن مات، فحضرتُ مجالسه فسمعته يسرُدُ أحاديث، ويُتْبِعُها بفقهٍ وبيانٍ ما يعرض فيها، ويورد من الخلاف ما يلائم الحال.
وكانت معيشته من تفقُّدات الإخوان وهداياهم. وربّما نبّه في مجلسه إذا صمّت ضرورة. تُوُفّي في سنة ثلاثٍ وستّين، رحمه الله.
وقد تقدَّم في سنة ستّين أنّه كان من جملة محفوظاته «سُنَن أبي داود» .
__________
[1] انظر عن (إبراهيم بن محمد) في: ملء العيبة للفهري 2/ 131، 148، والمعين في طبقات المحدّثين 211 رقم 2212، والوافي بالوفيات 6/ 120 رقم 2553، وتذكرة الحفاظ 4/ 1459.
[2] هو مصعب بن محمد بن مسعود الخشنيّ الأندلسي النحويّ المعروف بابن أبي ركب. (المشتبه 1/ 217، توضيح المشتبه 3/ 114) .

(49/143)


86- إبراهيم بن يحيى [1] بن محمد بن موسى.
العلّامة، أبو إسحاق التُّجيبيّ، التّلْمِسانيّ، الفقيه المالكيّ، المعدّل.
كان فاضلا صالحا، ورِعًا، بارعا في العلوم. صنَّف في شرح الخِلاف كتابا نفيسا في عدّة مجلّدات، أحسن فيه ما شاء. ودرّس وأعاد وأفتى.
وحدَّث عَنْ: أَبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن البنّاء.
87- أبيك [2] .
أبو سعيد، وأبو محمد، عزُّ الدّين، عتيق القاضي جمال الدّين المصريّ.
حدَّث بالمدينة والجبل عن: الخُشُوعيّ.
وصار وكيلا عند القُضاة مدّة ووُلِد بقُبْرس سنة خمسٍ وثمانين تقريبا.
روى عنه: الدّمياطيّ، ومحمد بن المُحِبّ، وابن الزّرّاد، وابن الخبّاز، والبدر بن صبيح المؤذّن. وآخرون.
تُوُفّي في ثالث جُمَادى الآخرة.
- حرف الثاء-
88- التّاج الإسكندرانيّ [3] .
المعروف بالشّحرور.
تُوُفّي بدمشق. وهو أبو بكر عبد الله. يأتي [4] .
- حرف الحاء-
89- حمزة بن محمد [5] بن الحُسين بن حمزة.
__________
[1] انظر عن (إبراهيم بن يحيى) في: المنهل الصافي 1/ 173 رقم 89، والوافي بالوفيات 6/ 167 رقم 2718.
[2] انظر عن (أيبك) في: الذيل على الروضتين 233.
[3] انظر عن (التاج الإسكندراني) في: الذيل على الروضتين 237.
[4] سيعاد في وفيات السنة التالية 664 هـ. برقم (129) .
[5] انظر عن (حمزة بن محمد) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 326 وفيه: «حمزة بن محمد بن حمزة بن

(49/144)


القاضي أبو يَعْلَى البَهْرانيّ، الحَمَويّ، الشّافعيّ، محيي الدين قاضي حماة.
بها تولَّى القضاء سنة اثنتين وأربعين وستّمائة، فبقي عشر سِنين ثمّ عُزِل.
سمع من: أُمّه صفيَّة بنت عبد الوهّاب، وخالته كريمة.
روى عنه: الدّمياطيّ، وغيره.
- حرف الخاء-
90- خالد بن يوسف [1] بن سَعْد بن الحسن بن مفرّج بن بكّار.
الحافظ المفيد، زينُ الدّين، أبو البقاء خالد النّابلسيّ، ثمّ الدّمشقيّ.
وُلِد بنابُلس سنة خمسٍ وثمانين وخمسمائة، وقدِم دمشقَ فنشأ بها، وسمع من: بهاء الدّين القاسم بن عساكر، ومحمد بن الخصيب، وحنبل، وابن طَبَرْزَد، وطائفة.
ورحل فسمع ببغداد من الحُسَين بن شنيف [2] ، وأبي محمد بن الأخضر، وابن مَنِينا، وطبقتهم.
وكتب، وحصّل الأُصُول النّفيسة، ونظر في اللُّغة والعربيّة.
وكان إماما متقِنًا ذكيّا فطِنًا، ظريفا، حُلْو النّادرة، صاحب مزاح ونوادر.
__________
[ () ] الحسين بن حمزة» ، وعقد الجمان (1) 412.
[1] انظر عن (خالد بن يوسف) في: ذيل الروضتين 233، وذيل مرآة الزمان 2/ 326، وتاريخ إربل لابن المستوفي 1/ 327، 328 رقم 226، ومعجم شيوخ الدمياطيّ (مخطوطة بدار الكتب الوطنية بتونس) 1/ ورقة 193 أ، ومشيخة قاضي القضاة ابن جماعة 1/ 251- 254 رقم 22، ودول الإسلام 2/ 169، وتذكرة الحفاظ 4/ 1447، والمعين في طبقات المحدّثين 211 رقم 2214، والإشارة إلى وفيات الأعيان 360، والعبر 5/ 273، والإعلام بوفيات الأعلام 277، والوافي بالوفيات 13/ 283 رقم 343، وفوات الوفيات 1/ 403- 405، وعيون التواريخ 20/ 327، والبداية والنهاية 13/ 246، وتاريخ علماء بغداد لابن رافع 50، وعقد الجمان (1) 411، والنجوم الزاهرة 7/ 219، والمنهل الصافي 1/ 139 رقم 967، والدليل الشافي 1/ 283 رقم 975، وتاريخ الخلفاء 483، وطبقات الحفاظ 504، والدراس 1/ 106- 108، وشذرات الذهب 5/ 313، والتاج المكلّل للقنوجي 185 رقم 143.
[2] تصحّف في تذكرة الحفاظ إلى: «سنيف» .

(49/145)


وكان يعرف قطعة كبيرة من الغريب والأسماء والمختلِف والمؤتلِف وله صورة كبيرة، وله حكايات مُتدَاوَلة بين الفُضَلاء.
وكان الملك النّاصر يُحِبّه ويُكرمه.
روى عنه: الشّيخ محيي الدّين النّواويّ، والشيخ تاج الدين الفزاري، وأخوه الخطيب شرف الدّين، والشّيخ تقيّ الدّين ابن دقيق العيد، والشّيخ أبو العبّاس الملقّن، والبرهان، والكمال محمد بن النّحّاس، والشَّرف صالح بن عربْشاه، ومحيي الدّين إمام مشهد عليّ، وطائفة سواهم.
وتُوُفّي في سلْخ جمادى الأولى [1] .
ومن أخباره المشهورة أنّ بعض جيران التّربة العزّية اعتراض الزّين، رحمه الله، وكان شيخَ الحديث بها، فقال: أأنت تقول إنّ الإمام عليّ ما هو معصوم؟
فقال: ما أخفيك شيء، وكان رحمه الله يلهج بها كثيرا، أبو بكر الصّدّيق عندنا أفضل من عليّ، وما هو معصوما [2] .
وكان الزَّين خالد، رحمه الله، يَجْبَهُ النّاس بالحقّ وبالمزح ولا يهاب أحدا، وله في ذلك أخبار.
وكان ضعيف الكتابة جدّا مع إتقانها. وكان يعرج من رِجْله.
وولي أيضا مشيخة النّوريّة. وكان قصيرا، شديد السُّمرة، يلبس قصيرا.
حدَّث الشَّرف النَّاسخُ أنّه كان يحضر الملكَ النَّاصرَ بنَ العزيز، فقام شاعر وأنشد مِدْحةً في الناصر، فقام الزّين خالد فقلع سراويله وخلعه على الشّاعر،
__________
[1] وقال ابن جماعة: أحد المحدّثين المشهورين والحفّاظ المعروفين، كان خيّرا صالحا، حسن الأخلاق، ملازما لقراءة الحديث والنظر في الأسانيد، حافظا لكثير من اللغة والأسماء المشتبهة، والنّسب المختلفة، كثير المذاكرة بذلك والسؤال عنه والامتحان به للطلّاب، خبيرا بالكتب ومصنّفيها، عارفا بخطوط الفضلاء انقضى عمره في خدمة الحديث قراءة ومطالعة، وسماعا وإسماعا، ورحلة، وضبطا، وتحريرا، أكثر من المسموعات والشيوخ- (مشيخة قاضي القضاة 1/ 251) .
[2] كذا في الأصل.

(49/146)


فضحك السّلطان كثيرا وقال: يا زين الدّين، ما حَمَلَك على هذا؟ قال: ما وجدت مَغْرَمًا لا أحتاج إليه إلّا اللّباس. فتعجّب السّلطان ووَصَلَه [1] .
- حرف الضاد-
91- ضياء بن جبريل بن زُوين.
أبو بكر المصريّ، الأزياريّ، المنادي.
روى عن: الفخر الفارسيّ.
كتب عنه: الشّريف عز الدين، وغيره.
ومات في ذي القعدة.
__________
[1] وقال ابن المستوفي: ورد إربل في جمادى الآخرة من سنة تسع عشرة وستمائة، وسكن رباط الجنينة. سكن بغداد ونزلها، وأقام بها سنين يسمع الحديث ويقرأه بالمسجد الجامع- على ما ذكر لي- وله إجازات من شيوخ بغداد وغيرهم. سمع بإربل على الشيخ أبي المعالي صاعد بن علي الواعظ، وعلى راجية بنت عبد الله عتاقة أبي محمد عبد اللطيف بن أبي النجيب- رحمه الله- كان فيه سهولة أخلاق وممازحة ونفور في بعض الأوقات، وكان مولعا بشراء الكتب وبيعها، والمغالاة في خطوط الأئمة بها. وكان مغاليا في مذهب أهل السّنة.
سألته أن ينشدني شيئا من شعره، فأبى عليّ كل الإباء، وقال لححت إلخ، ثم اجتمعت به في منزلي، فكتب بخطه، وأنشدني لنفسه في عاشر جمادى الآخرة من سنة تسع عشرة وستمائة:
أبا حسن إني إليك وإن نأت ... ركابي إلى بغداد ما عشت تائق
ولو عنت الأقدار قبلي لعاشق ... لما عاقني عن حسن وجهك عائق
وأنشدني لنفسه:
يا ربّ بالمبعوث من هاشم ... وصهره والبضعة الطّهر
لا تجعل اليوم الّذي لا ترى ... عيناي تاج الدين من عمري
وأنشدني لشيخه وجيه الدين أبي بكر المبارك بن أبي السعادات المبارك بن سعيد النحويّ الضرير، قال: أنشدنا لنفسه:
لست أستقبح اقتضاءك الموعد ... وإن كنت سيّد الكرماء
فإله السماء قد ضمن الرز ... ق عليه ويقتضي بالدعاء
فقلت له: سمعت ذلك قديما ورأيته في غير موضع، وأظنه ليس له، فقال: كذا يقول كل من أنشدته إيّاهما، واللفظ لي. (تاريخ إربل) .

(49/147)


- حرف الظاء-
92- ظافر بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الْعَزِيز بْن عيسى بن عبد الواحد.
أبو المنصور اللَّخْميّ، الإسكندرانيّ.
روى بالإجازة عن أبي اليُمْن الكِنْديّ، والمؤيَّد الطُّوسيّ.
ومات فِي شوّال.
- حرف العين-
93- عَبْد اللَّه بْن يحيى [1] بن الشّيخ أبي المجد الفضل بن الحُسَين [2] .
العدْل، الفقيه، نظامُ الدّين، أبو محمد ابن البانياسيّ [3] .
وُلِد سنة تسعٍ وسبعين.
وسمع من: الخُشُوعيّ، وحنبل، والقاسم بن عساكر، وعبد اللّطيف ابن شيخ الشّيوخ، ومنصور الطَّبريّ، وجماعة.
ورحل فسمع ببغداد من: عَبْد الوهّاب ابن سُكَيْنَة، ويحيى بن الربيع الفقيه.
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن يحيى) في: ذيل الروضتين 232، وذيل مرآة الزمان 2/ 327، والعبر 5/ 274، وتذكرة الحفاظ 4/ 1448، ومعجم شيوخ الدمياطيّ، وفيه: «ابن الفضل بْن الْحُسَيْن بْن إِبْرَاهِيم بْن سُلَيْمَان بن أحمد بن سليمان أبو محمد بن أبي المفضّل بن أبي المجد ... » ، وشذرات الذهب 5/ 313، ومشيخة قاضي القضاة ابن جماعة 1/ 290- 292 رقم 28.
[2] هكذا في الأصل، والعبر، والتذكرة، والشذرات، وغيره، أما في معجم شيوخ الدمياطيّ ومشيخة قاضي القضاة ابن جماعة: «سليمان» .
[3] وقال ابن جماعة: وهو مشهور بابن البانياسي، وكذلك جميع أهل بيته، ولم يكونوا من بانياس، وإنّما أقطع جدّ لهم قرية ببانياس وكان أكثر مغلها الأرزّ، وكان يدّخره إلى وقت نفاقه وبيعه، فكان التجار في الأرزّ يقولون: عليكم بالبانياسي، فعرف بذلك ذكر هذه الفائدة في نسبه أبو الفتح عمر بن محمد بن الحاجب في معجمه. (1/ 290، 291) .

(49/148)


وهو من بيت الحديث والعدالة والرّئاسة. وعنده فضيلة تامّة، وفيه دِين وتعبُّد واطّراح للتَّكلُّف.
روى عنه: ابن الحلوانية، والدمياطي، وابن الخباز، ومحمد بن المُحِبّ، ومُحيي الدّين يحيى بن أحمد المَقْدِسيّ، وجمال الدّين عليّ بن الشّاطبيّ، وشمس الدين ابن الزّرّاد، وآخرون.
وتُوُفّي في سابع صفر ببستانه عند بركة الحِمْيَريّين. ومرض بالفالج مدّة.
94- عبد الله بن أبي طالب بن مُهَنّى.
الفقيه، المفتي، تاجُ الدّين، أبو بكر الإسكندرانيّ، ثمّ الدّمشقيّ.
صَحِبَ الإمامَ فَخْرَ الدين بن عساكر وتفقَّه عليه.
وسمع من: أبي الفضل سَعْد بن طاهر المَزْدَقانيّ، وحنبل المكبّر.
وبرع في مذهب الشّافعيّ، ودرّس وحدَّث.
وتُوُفّي في سابع ذي الحجّة بدمشق.
روى عنه: الشّيخ تاج الدين عبد الرحمن، وأخوه الخطيب شرف الدين، وغيرهما.
وكُنْيَته أشهر.
95- عبد الرحمن بن أحمد [1] بن ناصر بن طعّان.
سَراجُ الدّين، أبو عُمَر البُصرويّ [2] ، ثمّ الدّمشقيّ، الطّريفيّ، الصّفّار، الفاميّ.
أخو عبد الله. وُلِد سنة سبْعٍ وثمانين وخمسمائة تقريبا.
وسمع من: الخُشُوعيّ، وعبد اللّطيف الصُّوفيّ.
__________
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن أحمد) في: تكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 247 رقم 232، وتذكرة الحفاظ 4/ 1448، والمشتبه في الرجال 2/ 419، وتوضيح المشتبه 6/ 23.
[2] البصروي بضم الباء وسكون الصاد المهملة وفتح الراء. نسبة إلى بصرى بقرب دمشق.

(49/149)


روى عنه: أبو المعالي بن البالسيّ، والبدر محمد بن التّوّزيّ [1] ، والنّجم ابن الخبّاز، والشّمس ابن الزّرّاد، والبهاء المقدسيّ، وجماعة كثيرة.
ومات فجأة في أوّل ذي القعدة بدمشق.
96- عبد الرحمن بن عَبْد المنعم [2] بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرحيم بْن محمد بن الفَرَس.
الوزير، الحافظ، اللّغويّ، أبو يحيى ابن القاضي النَّحْويّ أبي محمد الخَزْرَجِيّ، الأَنْدَلُسيّ.
أحد الأعلام.
ذكره ابن الزُّبَيْر في «برنامجه» [3] فَقَالَ: أخذ عن أَبِيهِ فأكثر.
وعن: أبي الحَسَن بْن كَوْثر، وَعَبْد الحق بن بُونه، وأبي عبد الله الحَجْريّ، وابن رفاعة.
وانفرد بالرّواية عنهم.
وأجاز له من المشرق الأرتاحيّ، والبُوصِيريّ، وجماعة.
وكان ذاكرا لِمَا يقع في الإسناد من مُشْكِل الأسماء، ويدري كثيرا من مُشكل الحديث وغريبه.
صنَّف كتابا في «غريب القرآن» . وأسمع الحديث طول حياته.
وكانت فيه غفلة قصرت به عن فضائله وخطبته حتّى استحكمت به بأخرة. وله أملاك تقوم به.
مولده في سنة أربع وسبعين.
قلت: أظنّه مات بغرناطة.
__________
[1] التّوّزي: بفتح المثناة وتشديد الواو، نسبة إلى توّز موضع بفارس. (المشتبه 1/ 99) .
[2] انظر عن (عبد الرحمن بن عبد المنعم) في: صلة الصلة لابن الزبير 20، والوافي بالوفيات 18/ 177 رقم 223، وبغية الوعاة 2/ 83، وكشف الظنون 1208، ومعجم المؤلفين 5/ 153، وتوضيح المشتبه 7/ 73.
[3] في صلة الصلة 20.

(49/150)


وذكره أيضا في «صلة الصّلة» فأثنى عليه وقال: هو وأبوه وجدّ أبيه مذكورون في هذا الكتاب، وكلّهم مشاوَرٌ، جليل، وله أُصُولٌ وأُمّهات يُرْجَعُ إليها.
أخذ عنه: الأستاذ أبو عبد الله بن الطّراز، وجماعة.
لقد وقفت على إجازته لأبي عمر بن حَوْط الله في سنة سبْعٍ وتسعين. وما زال يروي حتّى هذا الوقت.
روى عنه: المحدِّث أبو عبد الله بن سعْد، وأبو عبد الله الطَّنْجاليّ، وأبو عبد الله الأبّار، وأبو العبّاس بن فرتون، وجمال الدّين ابن مُسْدي نزيل مكّة، وأبو إسحاق البلفيقيّ، والقاضي أبو عليّ بن أبي الأحوص.
لازمتُه وأكثرتُ عنه.
97- عبد الرحمن بن يوسف بن عبد الله.
أبو القاسم المَنْبِجيّ، المصريّ، الصُّوفيّ.
شيخ صالح. سمع من: أبي القاسم البُوصِيريّ.
كتب عنه: الشّريف عزّ الدين والطّلَبة.
ومات في سابع شعبان.
وروى عنه: الدّمياطيّ، والشّيخ شعبان، والدُّوَيْداريّ، وعبد المحسن الصّابونيّ، ويوسف بن عمر الخَتَنيّ.
- أخوه أبو عبد الله محمد بن يوسف: روى عن البُوصِيريّ، ومات سنة ثمانٍ وثلاثين وستّمائة.
98- عبد العزيز بن عبد الباقي بن مُنَجّا بن خَلَف بن مُنَجّا.
أبو محمد الإسكندرانيّ، المعروف بالورّاق.

(49/151)


شيخ صالح. روى بالإجازة عن: الخُشُوعيّ، والقاسم بن عساكر.
ومات في جُمَادى الأولى.
99- عثمان بن عبد الوهّاب [1] بن يوسف بن معالي.
العَدْل، الخليل، شَرَفُ الدّين أبو عَمْرو بن السّابق التّغْلبيّ، الدّمشقيّ.
كاتب الحُكْم بدمشق. كان مليح الخطّ، خيرا بالشُّرُوط يجلس تحت السّاعات، وله صَدَقَات ومعروف.
وحدَّث عن الكِنْديّ. وعاش ثمانين سنة.
100- عثمان بن مُحَمَّدِ [2] بْنِ عَبْدِ اللَّهِ.
أبو عَمْرو العَبْدَريُّ، الأندلُسيّ، المحدِّث.
مُكْثرٌ عن يونس بن العديم. وكان إمام مسجد بسَبْتة.
سمع في سنة أربع وتسعين كتاب «التّقصّي» من عليّ بن موسى بن النّفزات [3] . وبقي إلى هذا الوقت [4] .
101- عليْ بن أبي الربيع سليمان بن أحمد بن عليّ.
أبو الحسن السَّعْديّ، الشَّارِعيّ، الشّافعيّ، المعروف بابن المغربل.
حدَّث عن: قاسم بن إبراهيم المقدسيّ.
__________
[1] انظر عن (عثمان بن عبد الوهاب) في: الذيل على الروضتين 234، وذيل مرآة الزمان 2/ 327، وعيون التواريخ 20/ 327.
[2] انظر عن (عثمان بن محمد) في: الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة ج 5 ق 1/ 137، 138 رقم 278.
[3] في الذيل والتكملة 5 ق 1/ 137 «النقرات» .
[4] وقال ابن عبد الملك المراكشي: «وكان دينا صالحا فاضلا، عدلا فيما ينقله، ضابطا لما يحدّث به، ثقة فيما يأثره، صابرا على إسماع الحديث، مثابرا على إفادة ما كان عنده، حسن الخلق. أمّ طويلا بمسجد القفّال من سبته.
مولده عام خمسة وسبعين وخمسمائة. وتوفي بسبتة في العشر الأول من جمادى الأولى سنة ثلاث وستين وستمائة» .

(49/152)


روى عنه: الدّمياطيّ، والدُّوَاداريّ، وشعبان، وجماعة.
تُوُفّي في شوّال.
102- عليّ بْن مُحَمَّد [1] بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الكريم.
الرّئيس، جمالُ الدّين، ابن القُمّيّ، البغداديّ.
ابن أخي الوزير.
كان ذا سُؤدُد وفضل وجلالة.
شيّعه الخلْقُ ببغداد إلى تُربة عمّه، ويُعرف بابن أميران.
103- عليّ ابن خطيب نابلس [2] يحيى بن إبراهيم بن عليّ.
الخطيبُ ضياءُ الدّين، أبو الحسن الزُّهْريّ، الشّافعيّ.
كان فقيها، إماما، ديِّنًا، مَهِيبًا، بهيّا. ولي قضاء الكَرَك مدّة، وحدَّث عن: أبي عبد الله بن عبدون البنّاء، وغيره.
تُوُفّي يوم الأضحى بالقدس.
ورّخه أبو شامة. وهو من شيوخ الدّمياطيّ.
- حرف الفاء-
104- الفتح بن موسى [3] بن حمّاد بن عبد الله بن عليّ.
الفقيهُ نجمُ الدّين، أبو نصر الْجَزِيريّ الأصل، القَصْريّ المَربَى [4] ، الشّافعيّ، الأُصُوليّ. وقصر عبد الكريم بالمغرب [5] .
__________
[1] انظر عن (علي بن محمد) في: الحوادث الجامعة 171 وفيه: «أبو الحسن علي بن برز القمّي المعروف بأميران» .
[2] انظر عن (علي ابن خطيب نابلس) في: الذيل على الروضتين 237.
[3] انظر عن (الفتح بن موسى) في: الذيل على الروضتين 233، وذيل مرآة الزمان 2/ 327- 329، وطبقات الشافعية الكبرى 5/ 146، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 476 رقم 446، وبغية الوعاة 2/ 242 رقم 1893، وعيون التواريخ 20/ 328.
[4] في الأصل: «المربا» .
[5] وزاد أبو شامة: «الأكتع» .

(49/153)


وُلِد بالجزيرة الخضراء في رجب سنة ثمانٍ وثمانين وخمسمائة، ونشأ بقصر كُتَامة. واشتغل بالنَّحْو. وسمع «مقدِّمة» الجزوليّ عليه.
وقدِم دمشقَ سنة عشْر. وسمع من: الكِنْديّ. واشتغل بحماة في الكلام على السّيف الآمِديّ.
ودرّس برأس عين بمدرسة ابن المشطوب، ونَظَم «المفصَّل» للزَّمَخْشَريّ، ونَظَم كتاب «الإشارات» لابن سِينا، ونَظَم «السّيرة» لابن هشام على قافية رائيّة في اثنى عشر ألف بيت. وله عدّة مصنَّفات.
وكان من فُضَلاء زمانه. ثمّ دخل مصر ودرّس بالفائزيّة بأسيوط [1] .
ثمّ وليّ قضاء أسيوط [1] وبها تُوُفّي في رابع جُمَادى الأولى.
وله نَظْمٌ جيّدٌ [2] . روى عنه ابن خَلِّكان وعظَّمه.
105- فِراس بن عليّ [3] بن زيد بن معروف.
العدْل، نجيبُ الدّين، أبو العشائر الكِنانيّ، العسقلانيّ الأصل، الدّمشقيّ، التّاجر.
عاش ثمانين سنة، ومات ليلة الخامس والعشرين من شعبان.
وروى عن: الخُشُوعيّ، وعبد اللّطيف بن إسماعيل، والقاسم بن عساكر، والكِنْديّ.
وحدَّث بدمشق ومصر. وكان من أعيان العدول.
__________
[1] في الأصل، في الموضعين: «سيوط» .
[2] ومنه ما كتبه من حلب إلى بعض أصدقائه. برأس عين:
حلب مذ حللتها حلّ فيها ... عين رأسي والقلب في رأس عين
هي في القلب لا بل القلب فيها ... جمع الله بين قلبي وعيني
[3] انظر عن (فراس بن علي) في: الذيل على الروضتين 235، وذيل مرآة الزمان 2/ 329، والعبر 5/ 274، وتذكرة الحفاظ 4/ 1448، والإشارة إلى وفيات الأعيان 360، والعبر 5/ 274، والإعلام بوفيات الأعلام 277، وعيون التواريخ 20/ 326، وشذرات الذهب 5/ 313.

(49/154)


روى عنه: الدّمياطيّ، وأبو العبّاس بن فَرَج، والشّيخ تاج الدين، وأخوه، والدُّوَاداريّ، وابن الخبّاز، وابن الزّراد، ومحمد بن المُحِبّ، وآخرون.
- حرف الميم-
106- محمد بن أحمد بن كامل بن عمر.
عفيفُ الدّين المقدِسيّ، المؤدّب.
تُوُفّي كهلا.
وكان صالحا ديِّنًا.
روى عن ابن مُلاعب، والشّيخ الموفّق، وجماعة.
107- محمد بن حسين [1] بن عليّ ابن زوج الزّاهد القدوة الشّيخ عليّ القرشيّ.
والد عليّ وموسى وأحمد.
ولد سنة بضع وثمانين وخمسمائة. وجلس في المشيخة، وخدم الفقراء بالزّاوية القرشيّة بالجبل.
وكان رجلا مباركا.
مات في ربيع الأوّل، وسمّع أولاده من ابن اللّتّيّ.
108- محمد عليّ بن المسلم بن محمد بن الحسين بن إسماعيل.
الشّيخ أبو عبد الله بن مراجل الكِنْديّ، الحَمَويّ.
وُلِد سنة ثمانٍ وسبعين وخمسمائة بحماة.
وتُوُفّي بالقاهرة في صفر.
قال الشّريف: ثنا عند أحمد بن مسعود بن شدّاد الموصليّ.
__________
[1] انظر عن (محمد بن حسين) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 329، 330، والذيل على الروضتين 233 وفيه: «وفي الحادي والعشرين من شهر ربيع الأول توفي الشيخ محمد المعروف بابن امرأة الشيخ علي القزويني الزاهد الساكن بجبل قاسيون» .

(49/155)


109- محمد بن أبي البركات [1] عمر بْن مُحَمَّد بن عمر بن الحسن [2] ابن القسطلاني.
الفقيه، إمام الحطيم، أبو عبد الله التّوزريّ [3] المالكيّ، المكيّ.
وُلِد سنة ثمانٍ [4] وتسعين وخمسمائة بتوزر [5] .
وسمع بمكّة من: أبي الحسن عليّ بن البنّاء [6] ، وأبي حفص السُّهْرَوَرْديّ [7] .
وكان شيخا فاضلا، فقيها، أديبا. له شَعْر [8] .
روى عنه: الدّمياطيّ، وغيرُ واحد.
ويجتمع هو والشّيخ تاج الدّين ابن القسطلانيّ في جدّهم الأعلى الْحَسَن بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن ميمون القَيْسيّ.
110- محمد بن يوسف [9] بن موسى بن يوسف
__________
[1] انظر عن (محمد بن أبي البركات) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 329، والوافي بالوفيات 4/ 261، 262 رقم 1794، والعقد الثمين 2/ 230، وذيل التقييد 1/ 202 رقم 379، والمقفى الكبير 6/ 431 رقم 921.
[2] في ذيل التقييد، والمقفى: «الحسين» .
[3] في الوافي: «التوريزي» وهو تصحيف.
[4] وقيل: تسع. (المقفى) .
[5] توزر: قال المقريزي: «توزر قسطيلية» .
[6] سمع منه كتاب الترمذي. (المقفّى الكبير) .
[7] سمع منه كتاب «العوارف» . (ذيل التقييد) .
[8] وقال المقريزي: ولم يكن له في الحديث كبير عناية ولا كثير رواية. ومن شعره:
الناس خدّام من أثرى وإن أمروا ... وهم عدوّ لمن قد خانه القدر
ذنب المقلّ كطود لا تحرّكه ... ريح التنصّل مهما جاء يعتذر
وصاحب ... وإن عظمت ... منه الإساءة، مقبول ومغتفر
تبارك الله ما زال الورى خدما ... لذي اليسار وإن لم يحصل الوطر
[9] انظر عن (محمد بن يوسف) في: ملء العيبة للفهري 2/ 323، 340 وانظر فهرس الأعلام 536، وميزان الاعتدال 4/ 73 رقم 8346، والعبر 5/ 274، والمعين في طبقات المحدّثين 211 رقم 2215، وتذكرة الحفاظ 4/ 1448- 1450 رقم 1149، ومرآة الجنان 4/ 162، والوافي بالوفيات 5/ 254 رقم 2335، والعقد الثمين 4/ 403، وذيل التقييد 1/ 284، 285 رقم 565، وعيون التواريخ 20/ 326، 327، وغاية النهاية 2/ 288 رقم 3664،

(49/156)


بن مُسْدِي [1] . الحافظ أبو بكر الأندلسيّ، الغَرْناطيّ، الأزْديّ، المُهلّبيّ.
سمع الكثيرَ بالمغرب وديار مصر. وصنَّف، وانتقى على المشايخ، وظهرت فضائله.
وروى عن: أبي محمد عبد الرحمن بن الأستاذ الحلبيّ، ومحمد بن عماد الحرّانيّ.
وبلغني أنّه خرَّج «مُعْجَمًا» لنفسه.
روى عنه: عَلَمُ الدين الدّواداريّ، وغيره.
وجاور بمكّة، ومات في شوّال بها.
وقد ذكر أنّه لبس الخِرْقَة من جدّه موسى سنة اثنتين وستّمائة، ومن الأمين عبد اللّطيف بن النرسيّ، قدِم عليهم غَرْنَاطة ولبّسهم عن الشّيخ عبد القادر.
وسمع سنة ثمان عشرة وبعدها بالأندلس [2] .
ومن الفخر الفارسيّ بمصر. وقد تكلّم فيه فكان يدلّس الإجازة. وحكى أبو محمد الدّلاصيّ أنّه يغّضُّ من عائشة.
__________
[ () ] وعقد الجمان (1) 412، والمقفّى الكبير 7/ 516، 517 رقم 3618، ونفح الطيب 2/ 112 رقم 62، وتاريخ الخلفاء 483، وطبقات الحفاظ 508 رقم 1116، والدليل الشافي 2/ 715، ولسان الميزان 5/ 437 (6/ 644، 645 رقم 8292) ، والديباج المذهب 340، وكشف الظنون 58، وشذرات الذهب 5/ 313، وإيضاح المكنون 2/ 508، وهدية العارفين 2/ 128، وديوان الإسلام 4/ 273 رقم 2534، والأعلام 7/ 150، ومعجم المؤلفين 12/ 140، ومعجم طبقات الحفاظ والمفسّرين 171.
[1] هكذا جوّدها في الأصل بضمّ الميم. وقال المؤلّف الذهبي- رحمه الله- في تذكرة الحفاظ 4/ 1449 «ومسدي: بالفتح وياء ساكنة، ومنهم من يضمّه وينوّن» .
وقيّدها المقريزي: «مسد» وقال: بضم الميم وسكون السين المهملة، وكسر الدال وتنوينها.
(المقفّى الكبير 7/ 516) .
[2] وقال الرشيد العطّار في «معجمه» : سألته عن مولده فقال: سنة تسع وتسعين وخمسمائة وقال أبو حيّان: أخبرني أبو علي بن أبي الأحوص، أنّ بعض شيوخه من الأندلس عمل أربعين حديثا، فأخذها ابن مسدي فركّب لها أسانيد وادّعاها.
قال ابن حجر: ليس هذا بقادح في صدقه، وإنّما يعاب بأنه أوهم في أنه خرّجها وتعب في تخريجها، ولو كان ادّعى السماع منها لما لم يسمع، لكان كذّابا، وحاشاه من ذلك. (لسان الميزان) .

(49/157)


حكى لي العفيف بن العُمَريّ قال: سمعت التّقيّ العمر بن المحدِّث قال:
سألت عنه أبا عبد الله بن النُّعْمان المزاليّ فقال: ما نقمت عليه، غير أنّه يتكلّم في عائشة، رضي الله عنها.
حدَّثني العفيف أنّه يصاحب الزَّيْديّة ويُدَاخَلُهم، وقدَّموه لخطابة الحَرَم.
وأكثر كُتُبه بأمر الزَّيْديّة. وكان خطيبا، ربّما يُنشئ الخُطَبَ للحال ببلاغةٍ وفصاحة. وفضائله كثيرة.
وقال لي إنّه في ثلاث مجلّدات.
وله مصنَّفات كثيرة، منها مَنْسَك كبير في مجلّدٍ ضخْم ذكر فيه المذاهب وحججها وأدلّتها، يدلّ على تبحُّره في الحديث والعِلم.
ومن الرُّواة عنه: أمين الدّين عبد الصّمد، والعفيف ابن مزروع، والرِّضى محمد بن خليل الفقيه، و ( ... ) [1] رضيّ الدّين إمام المقام [2] .
قلت: تورّع الإمام في الرواية عنه. ورأيت له قصيدة طويلة تدلّ على تشيُّعٍ [3] ، ورأيت له «مناقب الصِّديق» في مجلَّد. وطالعتُ «معجمة» بخطّه، وفيه عجائب وتواريخ [4] .
__________
[1] بياض في الأصل.
[2] وأخذ عنه أبو محمد عبد الله بن يوسف بن موسى الخلاسي، وسمع عليه جميع المقدّمة من تأليفه المسمّاة بالمقدّمة المحسبة المحتسبة بتوصية ذوي الخرق المنتسبة، لقيه بمكة شرّفها الله.
وقرأ عليه الجزء الثالث من الفوائد المسلسلات الأسانيد من تخريجه، وأجاز له جميع ما يرويه عن جميع شيوخه. (ملء العيبة 2/ 323) .
[3] ومن شعره:
وشادن دينه التشيّع بالكرخ ... يضاهي الغصون بالميل
واصلني ثم صدّ عن سبب ... ثلثه حين صدّ لم يصل
تصيح ألحاظه إذا قتلت ... بسحرها العاشقين: يا لعلي
وله:
وفاتر مقلة أودت بنفس ... غدت والسقم لي ولها لباس
يسلّ اللحظ منه مشرفيّا ... لقتلي ثم يغمده النعاس
[4] وقال المؤلّف الذهبي- رحمه الله- في تذكرة الحفاظ 4/ 1449 «وعمل معجما في ثلاث مجلّدات كبار، رأيته وطالعته وعلّقت منه كراريس» .

(49/158)


111- محمد بن الحسن [1] بن الزُّبَيْر [2] .
العاصميّ، الخطيب، أبو عبد الله الأندلسيّ.
لازَمَ الحسين بن هشام القَلْعيّ زمانا. وقرأ عليه بما في «التّيسير» ، وسمعه منه. وهو من أصحابه.
أخذ عنه قراءته أبو جعفر بن الزُّبَيْر وورْخه.
112- مُحَمَّد بْن عليّ [3] بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن ظافر.
الإمام، أبو العلاء ابن المرابط المُراديّ.
حمل عن أبي جعفر بن عَوْن الله، وأبي جعفر بن حَكَم، وأبي بكر بن أبي حمزة. ولي القضاء وعقْد الوثائق وأُسِر في أخْذ أُوريُولَة ثمّ افتُكّ.
مات بمُرْسِيَة سنة 63. قاله ابن الزُّبَيْر.
113- ممدود بن عيسى بن إسماعيل بن محمد بن سعيد.
الأمير الكبير، الحاجب، عزُّ الدين الكُرْديّ، الزّرْزاريّ، الإربِليّ [4] .
وُلِد بأعمال إربِل، وروى بالإجازة عن: يحيى بن بَوْش، وابن كُلَيْب ومات بمصر في أوّل ربيع الأوّل عن ثمانين سنة.
__________
[ () ] وقال أيضا: «ثم أراني عفيف الدين له قصيدة نحوا من ست مائة بيت ينال فيها من معاوية وذويه، ورأيت بعض الجماعة يضعفونه في الحديث، «أنا قرأت له أوهاما قليلة في معجمه، وقد خرّج لابن الحميريّ فوهم، خرّج له من رابع المحامليات، عن شهدة، وهذا خطأ» .
وذكر له قصيدة.
وقال المقريزي: مصنّف كتاب «البشارة بثواب الحج والزيارة» ، وخرّج عن المشايخ، وصار معدودا من الحفّاظ. وله نظم كثير. وكان يميل إلى الاجتهاد، ويؤثر الحديث على الرأي، وولي التصدير بمدينة الفيّوم وأقام بها مدّة. وكان متقنا. كتب عنه الرشيد العطار، وقال فيه منصور بن سليمان: كان حافظا متقنا. وتكلّم فيه بعضهم. وقال أثير الدين أبو حيّان:
أخبرني شيخنا الناقد أبو علي بن أبي الأحوص أن بعض شيوخهم من أهل الأندلس عمل أربعين حديثا، فأخذها ابن مسد ووصل بها أسانيده وادّعاها. (المقفّى الكبير) .
[1] انظر عن (محمد بن الحسن) في: صلة الصلة لابن الزبير.
[2] وردت ترجمة هذا والّذي بعده في هامش الأصل المخطوط.
[3] انظر عن (محمد بن علي) في: صلة الصلة لابن الزبير.
[4] لم يرد ذكره في المطبوع من: تاريخ إربل، لابن المستوفي.

(49/159)


سمع منه: الدّمياطيّ، والشّريف عزّ الدين، والشّيخ شعبان، وعلم الدين الدّوَاداريّ، وجماعة.
وكنيته أبو المكارم. ... وكان من بقايا الدّولة.
114- موسى بن يغمور [1] بن جلدك.
الأمير الكبير، جمال الدّين الياروقيّ.
ولد بالصّعيد سنة تسع وتسعين وخمسمائة.
وتُوُفْي بقُرب الغُرابيّ [2] ، ونُقل إلى مصر فدُفِن بسَفْح المُقَطّم.
ذكره قُطْبُ الدين [3] فقال: كان من أعيان الأمراء، جليل المقدار، رئيسا، خبيرا، عالِمًا، حازما، جوادا، مُمدَّحًا، حَنَّكته التَّجارب. ونابَ في الدّيار المصريّة للملك الصّالح مُدّةً، ثمّ استنابه على دمشق. فلمّا تسلطن الملك المُعِزّ راسَلَه في موافقته فلم يُجِبْه. فلمّا قدِم الملك النّاصر وتملّك دمشقَ دخل في طاعته، فاعتمد النّاصر عليه في سائر أموره.
وكان هو أميرَ الدّولة ومُشِيرَها، ولم يكن له نظيرٌ إلّا الأمير ناصر الدين القَيْمُرِيّ. وكان مُحْسِنًا إذ ذاك إلى رُكْن الدين بَيْبَرس الملك الظّاهر. فلمّا تسلطن رُكن الدين أعرض عنه قليلا، ثمّ أقبل عليه ورعى له سالفَ خدمته، وجعله أستاذ داره بالدّيار المصريّة.
__________
[1] انظر عن (موسى بن يغمور) في: الذيل على الروضتين 234، وذيل مرآة الزمان 2/ 330- 332، ونهاية الأرب 30/ 126، والطالع السعيد للأدفوي 668، 669 رقم 530، والإشارة إلى وفيات الأعيان 360، والعبر 5/ 274، وعيون التواريخ 20/ 323- 325، ودرّة الأسلاك 1/ ورقة 35، والسلوك ج 1 ق 2/ 541، وعقد الجمان (1) 412، 413، وفيه: «موسى بن غمر» ، والنجوم الزاهرة 7/ 218، والقلائد الجوهرية 138، وشذرات الذهب 5/ 313.
[2] الغرابي: بين مصر وغزّة غربي بلدة قطيا، وهي حوض «أبو غرب» في رمال «دبّة الغرابيات» الواقعة جنوبي آثار مدينة الفرما، على بعد 11 كلم. منها، بأراضي قسم سينا الشمالي.
(الطالع السعيد، بالحاشية) .
[3] في ذيل المرآة 2/ 331.

(49/160)


وكان من رجال الدّهر عقلا وحزْمًا، ورأيا صائبا، وفَراسةً وحِشْمةً.
وكان إنعامه واصلا إلى الفُقراء والرؤساء.
تُوُفّي في شعبان في أوّله.
وقد سمع الحديث من: الفخر الفارسيّ، والحسن بن دينار، وابن المُقَيّر، وجماعة.
وحدَّث باليسير [1] .
فائدة عجيبة: كان ابن يغمور أستاذ الملك الظّاهر ركن الدّين.
قال ابن واصل: كان الأمير علاء الدين البُنْدُقْدَاريّ الصّالحيّ أيدكين من كِبار أمراء أستاذه الملك الصّالح، ثمّ قبض عليه وحبسه واستولى على غلمانه، وكان منهم ركن الدّين بيبرس، فصار من أعيان حاشية الملك الصّالح، وكان يقال له بَيْبَرس البُنْدُقْدَاريّ نسبة إلى علاء الدّين المذكور، ثمّ عاش علاء الدين وكان من جملة أمراء الملك الظّاهر إلى أنْ مات.
قال: وكان علاء الدين مملوكا قبل الملك الصّالح للأمير جمال الدّين ابن يغمور.
- حرف الهاء-
115- هبة اللَّه بْن عَبْد اللَّه [2] بن أبي البركات هبة الله بن زوين [3] بن أبي بكر بن حفاظ.
الشّيخ الصّالح، الفاضل، أبو البركات الأنصاريّ، الإسكندرانيّ.
__________
[1] وله شعر كثير، فمنه:
ما أحسن ما جاء به كتاب الحبّ ... يبدي حرقا كأنه عن قلبي
فازددت بما قرأت شوقا وظما ... لا يبرده إلّا نسيم القرب
وله أيضا:
الشوق إليك عزّ فيه الصبر ... يا مبتعدا مأواه عندي الصدر
شكرا للكتاب عادني الأنس به ... في وحشة بعد طال فيه الأمر
[2] انظر عن (هبة الله بن عبد الله) في: المشتبه في الرجال 328 و 339، وتوضيح المشتبه 4/ 248 و 319.
[3] زوين: بضم الزّاي وفتح الواو وسكون المثناة تحت، عليها نون.

(49/161)


سمع: عبد الرحمن بن موقا، وزينب بنت أبي الطّاهر بن عوف.
روى عنه: الدّمياطيّ، وابن الظّاهري، والشّيخ شعبان، وغيرهم.
مات في مستهل جُمَادى الآخرة.
116- هولاكو.
طاغية التّتار. هلك فيها [1] ، وقيل في سنة أربعٍ كما سيأتي.
- حرف الياء-
117- يوسف بن الحسن [2] بن عليّ.
قاضي القُضاة، بدرُ الدّين، أبو المحاسن السِّنْجاريّ، الشّافعيّ، الزرزاريّ [3] .
كان صدرا محتشما، وجوادا مُمَدَّحًا. تقدَّم بسنْجار وتلك البلاد في شُبُوبيّته عند الملك الأشرف. فلمّا تملّك دمشقَ ولّاه قضاء البقاع وبَعْلَبَكّ والزَّبَدانيّ.
وكان له نوّابٌ في بعضها. وكتبوا له في إسجالاته [4] : قاضي القُضاة.
قال قُطْبُ الدّين [5] : كان يسلك من الخيل والمماليك والتجمّل ما لا يسلكه الوزراء الكبار.
__________
[1] وفيها ورّخه صاحب الحوادث الجامعة ص 170، وبيبرس المنصوري في: التحفة الملوكية 55، وابن شاكر الكتبي في عيون التواريخ 20/ 325، وأبو الفداء في المختصر في أخبار البشر 4/ 2، 3، وابن الوردي في تاريخه 2/ 318.
[2] انظر عن (يوسف بن الحسن) في: ذيل الروضتين 234، وذيل مرآة الزمان 2/ 332- 336، والمختصر في أخبار البشر 4/ 3، ونهاية الأرب 30/ 124، 125، وتالي كتاب وفيات الأعيان 168 رقم 276، ودول الإسلام 2/ 169، والعبر 5/ 274، 275، وتذكرة الحفّاظ 4/ 1448، والإشارة إلى وفيات الأعيان 360، والإعلام بوفيات الأعلام 277، وتاريخ ابن الوردي 2/ 318، والبداية والنهاية 13/ 246، وعيون التواريخ 20/ 229، 230، ومرآة الجنان 4/ 162، ودرّة الأسلاك 1/ ورقة 36، والسلوك ج 1 ق 2/ 538، وعقد الجمان (1) 411، 412، والنجوم الزاهرة 7/ 219، وتاريخ ابن سباط 1/ 412، وشذرات الذهب 5/ 313، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي ق 2 ج 5/ 57 رقم 1353، وانظر: مفرّج الكروب 5/ 187، 188.
[3] تصحّفت نسبته في: مرآة الجنان 4/ 162 إلى: «الزرادي» .
[4] رسمها في الأصل: «ابتجالاته» . والتحرير من ذيل المرآة 2/ 332.
[5] في ذيل المرآة 2/ 332 بتصرّف.

(49/162)


ثمّ عاد إلى سِنْجار، فلمّا مات الملك الكامل وخرجت الخُوَارزْميّة عن طاعة ولده الصّالح، راح الصّالح إلى سنجار، فطمع فيه صاحب الموصل، ونازلة بسنجار، ولم يبق إلّا أن يسلّمها. وبدر الدّين قاض بها، فأرسله الصّالح تلك اللّيالي من السّور، فنزل وذهب إلى الخوارزميّة، وخاطر بنفسه وركب الأهوال، واجتمع بهم واستمالهم ومنّاهم، وساروا معه، ووافاهم الملك المغيث ولد الصّالح من حرّان، وأقبلوا إلى سنجار، فترحّل صاحب المَوْصِل عنها هاربا، واحتوت الخُوَارزْميّة على أثقاله وعظُمَتْ منزلةُ القاضي بدر الدّين عند الصّالح، فلمّا تملّك البلاد وفد إليه بدرُ الدّين ففرِح به وأكرمه.
وكان شَرَفُ الدّين ابن عين الدّولة قاضي الإقليم بكماله، فأفرد عنه مصر والوجه القِبْلِيّ، وفوَّضه إلى بدر الدّين. فلمّا مات ابن عين الدّولة ولّاه الصّالح قضاءَ القُضاة بالقاهرة والوجه البحريّ، وكان عنده في أعلى المراتب.
وكان الشّيخ الأمير فخر الدّين ابن الشّيخ يكره القاضي بدر الدّين، فكتب فيه مرّة إلى الصّالح يغُضُّ منه وينسبه إلى أخْذ الرُّشا من العُدُول وقُضاة البر.
فلمّا وقف على كتابه كتب إليه بخطّه على رأس كتابه: يأخي فخر الدّين للقاضي بدر الدين عليَّ حقوقٌ عظيمة لا أقوم بشُكرها، والّذي تولّاه قليلٌ في حقّه.
فلمّا وقف على ذلك لم يُعاوده.
وتولّى بدرُ الدّين أيضا تدريس الصّالحيّة، وباشر وزارة مصر مدّة.
ولم يزل يتنقّل في المناصب إلى أوائل دولة الظّاهر، فصرفه عن ذلك ولزِم بيته، وبقي الرؤساء يتردّدون إليه. وحرمته وافرة، ومحلّه كبير.
وكان كثير الصَّفْح عن الزّلّات، راعيا للحقوق، مَقْصدًا لمن يرِد عليه، سخيّا كريما. حجّ على البحر وصام بمكّة.
وقال أبو شامة [1] : وفي رجب تُوُفّي قاضي سِنْجار بدرُ الدّين الكرديّ الّذي تولّى قضاءَ مصر مِرارًا، وكانت له سيرةٌ معروفة من أخذ الرُّشا من قضاة
__________
[1] في الذيل على الروضتين 234.

(49/163)


الأطراف والشّهود والمتحاكمين. وحصل له ولأتباعه تشتُّتٌ في البلاد ومصادرات.
وقال غيره: وُلِد سنة ثمان وسبعين وخمسمائة بجبال إربِل [1] ، وسمع وحدَّث، ومات في رابع عشر رجب.
ومن نوّابه في قضاء القاهرة القاضي شمس الدّين ابن خَلِّكان الإربِليّ [2] .
وقال أبو الحسين عليّ بن عبد الرّحيم الحمويّ: ولمّا كنت مع جدّي الصّاحب شيخ الشّيوخ حضر إليه القاضي بدر الدين السّنجاريّ وسأل من جدّي أن يشرِّف منزله، فأتيناه وهو عند باب البحر بمصر، فرأينا منزله وفيه من حُسْن الآثار، وعُلُوّ همّة القاضي، وشَرَف نفسه، وكثرة مماليكه وآلاته وخُدّامه ما يعجز كثيرٌ من المُلوك عن مُضاهاته. فأقمنا عنده سبعة أيّامٍ، وقدّم تقادم وخلع على جماعة [3] .
__________
[1] وقال النويري في نهاية الأرب 30/ 124 ومولده بسواد إربل في رابع عشر شهر ربيع الأول.
[2] وقال الصقاعي: ولي القضاء بالديار المصرية مدة، وعزل بالقاضي تاج الدين بن بنت الأعز في سنة تسع وخمسين وستمائة وولي الوزارة في الدولة التركية بمصر أولها. وكان هذا بدر الدين من حسنات الزمان، وكان القاضي شمس الدين بن خلكان مستمر الولاية عنه وعن أخيه القاضي برهان الدين في الحكم. (تالي كتاب وفيات الأعيان) .
وقال النويري: وكان- رحمه الله- كريما كثير الاحتمال، كثير المروءة، حسن العشرة، يقبل الاعتذار، ولا يكافئ على السيئة بمثلها، بل يحس لمن ظهرت إساءته، ويبرّه بماله ويستميله بإحسانه، إلّا أنه شهر عنه في ولاية القضاء قبول هدايا النواب، حتى قيل إنه ربّما كان قرّر على كل منهم مالا يحمله في كل مدّة في مقابلة ولايته على قدر الولاية، وكذلك أيضا من يقصد إنشاء عدالته حتى كثر المعدّلون في أيامه، ووصل إلى العدالة من ليس من أهلها، ولما ولي قاضي القضاة تاج الدين أسقط كثيرا من عدوله، ولقد جاء بعد ذلك زماننا وأدركت بقايا عدوله فكانوا أميز العدول وأجلّ الناس، ومنهم من ولي قضاء القضاة. (نهاية الارب 30/ 125) .
[3] يقول خادم العلم وطالبه محقّق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» : إنّ في بعلبكّ قبّة ضريح تعرف بقبّة دورس المعلّقة، ويقال إنّ عيسى بن حسن الزرزاري هو الّذي بناها في سنة 641 هـ. فلعلّه أخا يوسف صاحب هذه الترجمة. وكانت ولايته قضاء بعلبكّ سنة 626 هـ.

(49/164)


الكنى
118- أبو العزّ بن صالح [1] بن وُهَيب.
عزّ الدين الحنفيّ، الفقيه.
مدرّس الشِّبْليّة [2] ابن أخي الإمام صدر الدّين بن سليمان القاضي الحنفيّ.
كان فقيها عارفا بمذهبه، ديِّنًا، مشكور السيرة.
تُوُفّي في جُمَادى الآخرة.
119- أبو القاسم العَوْفيّ [3] .
الحواريّ، الزّاهد.
شيخ تلك النّاحية. له أصحاب ومُرِيدون وزاوية بقرية حوّارى [4] ، من عمل السّواد.
تُوُفّي في ذي الحجّة.
وكان فيه تعبُّد وصلاح وحُسن عقيدة، وفيه سخاء وكرم وقرى للضّيف، والله يرحمه ويرضى عنه.
120- أبو القاسم بن أحمد بن القاضي عليّ بن عبد الله بن ميمون بن غانم بن عُصْفُور.
الهوّاريّ، البَلَنْسيّ.
قرأت بخطّ أبي حيّان أنّ هذا آخر من روى عن أبي محمد بن عبيد الله الحجري بالسّماع وبالإجازة.
__________
[1] انظر عن (أبي العز بن صالح) في: الذيل على الروضتين 234.
[2] انظر عن (المدرسة الشبلية البرّانية) في: الدارس 1/ 124 و 407 والجوّانية 1/ 413.
[3] انظر عن (أبي القاسم العوفيّ) في: الذيل على الروضتين 37، وذيل مرآة الزمان 2/ 336، والعبر 5/ 275، وذيل طبقات الحنابلة 2/ 277، ومختصره 78، والبداية والنهاية 13/ 246، والمنهج الأحمد 391، والمقصد الأرشد، رقم 1311، والدرّ المنضّد 1/ 410 رقم 1104، وعقد الجمان (1) 412، وشذرات الذهب 5/ 313.
[4] في ذيل المرآة 2/ 336 «حواراي» .

(49/165)


وأنّه تُوُفّي في التّاسع والعشرين من صفر سنة ثلاثٍ وستّين.
وفيها وُلِد:
الحافظ قُطْبُ الدّين عبد الكريم بن عبد النّور بن منير الحلبيّ [1] .
وزينُ الدّين عمر بن حبيب الدّمشقيّ.
وأبو بكر بن عليّ بن حسام الكلوتاتيّ يروي عن أحمد بن النّحّاس الإسكندرانيّ.
وزينُ الدّين عبد الرّحمن بن الحليم بن عبد السّلام بن تَيْميَّة.
والزَّينُ عبد الرحمن بن أحمد بن أبي راجح عبد الله بن راجح، في صفر.
ومعينُ الدّين حُسين بن العماد محمد بن عمر بن هلال الأزْديّ.
وعزّ الدّين محمد بن العزّ إبراهيم بن عبد السّلام بن أبي عمر، وعمر بن عبد الله بن الجمال أبي حمزة.
والضّياء أحمد ابن شيخنا برهان الدين الإسكندريّ، ويوسف ابن شيخنا الزّين إبراهيم بن القوّاس، في شوّال.
والشَّرفُ محمد بن الوجيه محمد بن المُنَجّا.
ومحمد بن أيّوب السّلاويّ.
والفخر عبد الرحمن بن عبد العزيز بن هلال.
ونفيسة أخت النّجم بن الخبّاز.
وعبد الرحمن بن ناصر الدّين ابن المقدسيّ.
__________
[1] جاء قرب الاسم في الأصل: «بل سنة 64» .

(49/166)


سنة أربع وستين وستمائة
- حرف الألف-
121- أحمد بن سالم [1] .
المصريّ، النَّحْويّ.
فقيهٌ زاهد، مجرَّد، ماهرٌ بالعربية، محقِّقٌ لها.
سكن دمشق، وتصدَّر للاشتغال بالنّاصريّة وبمقصورة الحنفيّة الشّرقيّة الّتي فيها الفقراء. وتزوَّج ببنت إمامها زَين الدّين إبراهيم بن السّديد الحنفيّ.
وكان مع دِينه متواضعا، حَسَن العِشْرَة.
تخرَّج به جماعة، ومات في شوّال.
وخلَّف ولدين في كَفَالة جدّهما. وتأسّف جدّهما عليه، وكان مُحِبًّا له، فقال البدر يوسف بن لؤلؤ الحنفيّ.
عزاءك زين الدين في الذّاهب الّذي ... بكَتْهُ بنو الآداب مَثْنَى ومُوحَّدا
وهم [2] فارقوا منه الخليلَ بنَ أحمد ... وأنت ففارقت الخليلَ وأحمدا
وقد رثاه نجم الدّين بن إسرائيل بقصيدة نيّفٍ وثمانين بيتا، رحمه الله.
وعاشت بنته أسماء إلى سنة ستّ وثلاثين وسبعمائة، وروت عن ابن عبد الدّائم.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن سالم) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 349، 350، والعبر 5/ 276، والإشارة إلى وفيات الأعيان 361، والإعلام بوفيات الأعلام 277، ومرآة الجنان 4/ 163، والمنهل الصافي 1/ 282 رقم 157، وشذرات الذهب 5/ 314، وبغية الوعاة 1/ 308 رقم 571.
[2] في ذيل المرآة 2/ 349 «همو» .

(49/167)


122- أحمد بن سلامة بن رَيْحان.
المَوْصِليّ، ثمّ الصّالحيّ.
روى عن: جَعْفَر الهمْدانيّ.
وهو والد الشّيخ محمد القصّاص، وزوج شيختنا زينب بنت شُكر.
123- أحمد بن عبد الله [1] بن شُعيب بن محمد بن عبد الله.
الإمامُ، جمال الدّين، أبو العبّاس التّميميّ [2] ، الصّقليّ، الأصل، الدّمشقيّ، المقرئ، الذّهبيّ، الكتبيّ.
ولد سنة تسعين وخمسمائة. وقرأ القراءات على السّخاويّ، ولزِمَه مدّة طويلة. وكان قارئ مجلسه.
وقد سمع من: أبي محمد القاسم بن عساكر، وأبي اليُمْن الكِنْديّ، وأبي الفُتُوح البكْريّ، وأبي الفضل الهَمَدَانيّ.
وكان إماما فاضلا فصيحا، أديبا، لُغَويًّا، شاعرا، حَسَن المشاركة.
سمع النّاس بقراءته كثيرا. وصَحِب أبا عَمْرو بن الصّلاح مدّة.
روى عنه الدّمياطيّ حديثا ممّا سمعه على القاسم سنة خمسٍ وتسعين وخمسمائة.
وروى عنه: القاضي تقيُّ الدّين الحنبليّ، ومحمد بن عبد العزيز الدّمياطيّ، وأبو الفداء ابن الخبّاز.
وكان يسكن بالعزيزيّة، وبها مات في جُمَادى الأولى ليلة خامسه.
وكان قد تزوَّج ببنت شيخه السَّخاويّ، وخلَّف كُتُبًا جيّدة وثروة.
ووقف دارَه على فُقهاء المالكيّة.
وقد أنكروا على ابن سَنِيّ الدّولة لمّا عدّله. وكان يميل إلى الصُّور، ويُرابي، ويخلُّ بالصّلاة، لا حول ولا قوّة إلا باللَّه العليّ العظيم.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن عبد الله) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 350، والعبر 5/ 276 وفيه «أحمد بن عبيد الله» ، والمعين في طبقات المحدّثين 212 رقم 2216، والإشارة إلى وفيات الأعيان 361، والإعلام بوفيات الأعلام 277، ومرآة الجنان 4/ 162، وشذرات الذهب 5/ 315.
[2] في مرآة الجنان: «اليمني» .

(49/168)


خلَّف دراهمَ وكُتُبًا ووثائق بنحو المائة ألف، وورثه بيتُ المال.
124- أحمد بن المبارك [1] بن نَوْفَل.
الإمام تقيُّ الدّين، أبو العبّاس النّصِيبيّ، الخُرْفيّ [2] ، وخُرْفة: بخاءٍ مُعْجَمَة ثمّ راء ساكنة [3] ، ثمّ فاء مفتوحة. اسم قريةٍ قريبة من نصيبين. أنبأني بذلك وبترجمته هذه أبو العلاء الفرضيّ، قال: كان إماما عالما. قدم الموصل بعد السّتمائة، وقرأ بها العربيّة على أبي حفص عمر بن أحمد السِفْنيّ [4] ، بالكسر، وسمع «الصّحاح» من محمد بن محمد بن سرايا، عن أبي الوقت.
وبرع في العِلم.
قرأ عليه الملك المظفّر إبراهيم، والملك الصّالح رُكن الدّين إسماعيل ابنا صاحب المَوْصِل.
وصنَّف كتابا في «الأحكام» [5] ، «وشرح الدُّرَيْديّة» ، وألّفَ كتابا في «العَرُوض» [6] وكتابا في «الخُطَب» . «وشرح الملحة» . وله «منظومة في الفرائض» ، و «منظومة في المسائل الملقّبات» [7] .
وسكن سِنْجار ودرّس بها مذهب الشّافعيّ [8] . ثمّ نقله سيفُ الدّين إسحاق ابن صاحب المَوْصِل إلى الجزيرة. وكان له القبول التّامّ.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن المبارك) في: المشتبه 1/ 227، وطبقات الشافعية الكبرى 5/ 13 (8/ 29) ، والوافي بالوفيات 7/ 302، 303 رقم 3290، وغاية النهاية 1/ 99 رقم 451، وتوضيح المشتبه 3/ 186، 187، وبغية الوعاة 1/ 355 و 390، وكشف الظنون 1808، 1817، وروضات الجنات 84، ومعجم المؤلفين 2/ 57.
[2] في الوفيات بالوفيات: «الخرقي» بالقاف.
[3] هكذا هنا بسكون الراء، وتابعه السبكي في الطبقات الكبرى، وابن الجزري في غاية النهاية، والسيوطي في بغية الوعاة. ولكنّه أي المؤلّف رحمه الله- ضبطه في المشتبه بفتح الراء.
[4] لم يذكر هذه النسبة في المشتبه.
[5] هو: «أحكام القرآن» . (توضيح المشتبه 3/ 186) .
[6] هو: «إيضاح العلل الخوافي في معرفة العروض والقوافي» .
[7] وله: «تذكرة الألوف في معاني الحروف» ، وخرّج لنفسه أربعين حديثا من الصحيحين، ومسند أحمد، وشرح معانيها. وله نظم ونثر. (توضيح المشتبه) .
[8] في المدرسة البشيرية، وهو أول من درّس بها.

(49/169)


ثمّ حجّ معه، وعاد إلى الجزيرة، وبقي بها إلى سنة اثنتين وستّين، ثمّ خرج إلى سِنْجار. ثمّ عاد إلى الجزيرة، وتُوُفّي في رجب سنة أربعٍ.
قلت: قرأ عليه القراءات أَبُو الْحَسَن عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن موسى الْجَزَريّ وأجاز له. وسمعنا بإجازته على تقيّ الدّين المِقَصَّاتيّ، وكان قد قرأ القراءات على ابن حَرَسْتَةِ البوازيجيّ تلميذ ابن سعْدون القُرْطُبيّ.
125- أحمد بن محمد بن خليل [1] .
أبو العبّاس الطُّوسيّ، ثمّ المصريّ.
أحد القُرّاء المتصدّرين بالجامع العتيق بمصر.
قرأ بالسّبع على أبي القاسم الصّفراويّ، وأبي الفضل الهَمْدانيّ.
سمع منه أبو عبد الله القَصّاع كتاب «تلخيص العبارات» لابن بلّيمة وقال: مات في شَعبان سنة أربعٍ وستّين [2] ، رحمه الله تعالى.
126- إبراهيم بن عمر [3] بن مُضِرَ [4] بن محمد بن فارس بن إبراهيم.
العَدْلُ، الرّئيس، المُسْنِد، رضيُّ الدّين ابن البُرهان المُضَريّ، البُرْزيّ [5] الواسطيّ، السّفّار.
وُلِد بواسط سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة. وسمع «صحيح مسلم» من
__________
[1] انظر عن (أحمد بن محمد بن خليل) في: غاية النهاية 1/ 114 رقم 525.
[2] في غاية النهاية: توفي بعد سنة أربع وستين.
[3] انظر عن (إبراهيم بن عمر) في: تكملة إكمال الإكمال 39 رقم 24، وذيل مرآة الزمان 2/ 348، 349، والعبر 5/ 276، ودول الإسلام 2/ 169، والمعين في طبقات المحدثين 212 رقم 2217، والإشارة إلى وفيات الأعيان 361، والإعلام بوفيات الأعلام 277، ومشيخة قاضي القضاعة ابن جماعة 1/ 126- 131 رقم 4، ومعجم شيوخ الدمياطيّ (ت 705 هـ) مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس رقم (12910) 1/ ورقة 139 ب، والمشتبه في الرجال 1/ 62، وعيون التواريخ 20/ 341، وذيل التقييد 1/ 436 رقم 854، وتوضيح المشتبه 1/ 90، 91، وتبصير المنتبه 1/ 138، والنجوم الزاهرة 7/ 221، وشذرات الذهب 5/ 315، وتاج العروس 4/ 7 مادّة (برز) ، والمقفّى الكبير 1/ 245، 246 رقم 282.
[4] في عيون التواريخ: «نصر» وهو تصحيف، وكذا في: المقفّى الكبير.
[5] البرزي: بالضم. نسبة إلى برزة من أعمال الغراف من معاملة واسط. (المشتبه) .

(49/170)


منصور الفُرَاويّ [1] ، وحدَّث به مِرارًا بدمشق، ومصر، واليمن.
وذكر أنّه سمع أيضا من: المؤيَّد الطُّوسيّ [2] ، وزينب الشِّعْريّة.
روى عنه خلق كثير منهم: الفقيه أحمد بن الشَّرف، وبدر الدّين محمد بن محمد بن القوّاس، والفقيه يحيى بن يحيى الزّواويّ، ومحمد بن المُحِبّ، والكمال محمد بن النّحّاس، والعماد أحمد بن اللهيب الأزْديّ، المصريّ، والأمين أحمد بن محمد بن تاج الدّين القسطلانيّ، وأخوه الكمال محمد، وإبراهيم بن عليّ بن الخيميّ، والبدر محمد بن زكريّا السُّويْداويّ، والمفتي محيي الدّين محمد بن عليّ التّنوخيّ، المَعَرّيّ، ثمّ المصريّ، والضّياء محمد بن محمد ابن الإخوة المصريّ.
وكان شيخا متميّزا، حَسَن الهيئة، من أكابر التّجار ومُتَمَوِّليهم. وكانت له صَدَقَات وبِرّ كثير، وفيه سكونٌ ودِين. وبُرْزا [3] قرية من عمل واسط.
تُوُفّي بالإسكندريّة في حادي عشر رجب [4] .
127- إبراهيم بن مصطفى بن شجاع بن فارس.
المصريّ، القصّار، نصيرُ الدّين.
روى عن، مُكْرَم، وغيره.
وعاش أربعا وستّين سنة.
__________
[1] الفراوي: بضم الفاء، وفتح الراء، بعدها الألف، وفي آخرها الواو. هذه النسبة إلى فراوة، وهي بليدة على الثغر مما يلي خوارزم.
[2] وحدّث عنه بكتاب «موطأ مالك» برواية أبي مصعب الزهري. (مشيخة قاضي القضاة 1/ 127) .
[3] برزا وبرزة: بضم الباء المنقوطة بواحدة، وسكون الراء، وبعدها الزاي، نسبة إلى خمس مواضع منها برزة من أعمال الغرّاف من معاملة واسط. (المشتبه، التوضيح، التبصير) وقال المقريزي: «برزى» . (المقفّى الكبير 1/ 245) .
[4] وقال قاضي القضاة ابن جماعة: «شيخ جليل ذو دين متين، ونسك ظاهر، كثير الخير، من أماثل الناس وسرواتهم، عدل، كبير القدر، مبارك، كثير الصدقة، انتسب له رجل من أشراف مكة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وسرد نسبه وهو يسمع فأعطاه ألف دينار، وقال: هذه هدية مني إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. (مشيخة قاضي القضاة 1/ 126) .

(49/171)


128- إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم [1] بْن يَحْيَى بْن علويّ [2] بن حُسَين.
الشّيخ، الفقيه، صفيُّ الدّين، أبو الفضل القُرَشيّ، المقدِسيّ، ثمّ الدّمشقيّ، الحنفيّ، المعروف بابن الدّرجي [3] .
وُلِد في شعبان سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة.
وسمع من: عبد الرحمن بن علي الخرقي، ومنصور بن أبي الحسن الطَّبريّ، وأسماء بنت الرّان، وجماعة.
وسمع بالمَوْصِل من: أبي الحسن عليّ بن هُبَل الطّبيب، وعبد المحسن ابن خطيب المَوْصِل.
وخرَّج له الحافظ زكيُّ الدّين البرزاليّ «مشيخة» وحدَّث بها مرّات.
روى عنه: تاج الدّين صالح القاضي، والبدر بن التّوّزيّ، والنّجم ابن الخبّاز، والشّمس ابن الزرّاد، وصَفِيّة بنت الحُلْوانيّة، ومحمد بن المُحِبّ، وجماعة.
تُوُفِّي في السّادس والعشرين من ربيع الْأَوَّل. وهو والد البُرهان بن الدّرجيّ.
129- أيْدغْدي [4] العزيزيّ.
الأمير الكبير، جمال الدّين.
__________
[1] انظر عن (إسماعيل بن إبراهيم) في: الذيل على الروضتين 238، والعبر 5/ 277، والإعلام بوفيات الأعلام 277، والإشارة إلى وفيات الأعيان 361، وذيل التقييد 1/ 464 رقم 898، وشذرات الذهب 5/ 315.
[2] في ذيل التقييد: «علوان» .
[3] في الذيل على الروضتين: «الزرعي» ، ولم تذكر النسبتان في كتب المشتبه.
[4] انظر عن (آيدغدي) في: الروض الزاهر 250، وذيل مرآة الزمان 2/ 350- 354، ونهاية الأرب 30/ 130، 131، والعبر 5/ 277، ودول الإسلام 2/ 169، والإشارة إلى وفيات الأعيان 361، ومرآة الجنان 4/ 162، 163، والبداية والنهاية 13/ 248، ودرّة الأسلاك 1/ ورقة 37، وعيون التواريخ 20/ 342، والوافي بالوفيات 9/ 484 رقم 4446، والسلوك ج 1 ق 2/ 554، والقلائد الجوهرية 1/ 154، وعقد الجمان (1) 432، والنجوم الزاهرة 7/ 221، والدليل الشافعيّ 1/ 166، والمنهل الصافي 3/ 159- 163 رقم 595، وشذرات الذهب 5/ 315.

(49/172)


كان كبير القدْر، شجاعا، مِقْدامًا، كريما، محتشما، كثير البِرّ والصَّدقات والمعروف. يُخرج في السّنة أكثَرَ من مائة ألفٍ في أنواع القُرُبات، ويُطْلِق، ويتطلّب معالي الأخلاق.
وكان مقتصدا في ملبسه، لا يتعدّى القِباء النّصافيّ. وكان كثير الأدب مع الفقراء، مُحْسِنًا إليهم إلى الغاية. حضر مرّة سماعا، فحصل للمغاني منه ومن حاشيته نحو ستّة آلاف درهم.
وقد حبسه الملك المُعزّ سنة ثلاثٍ وخمسين فبقي مدّة، وأشاع المُعِزّ موتَه لأنّ الرّسول نَجْم الدّين الباذرائيّ طلب منه إطلاق أيْدغْديّ فقال: فات الأمر فيه، وما بقي مولانا يراه إلّا في عَرَصَات القيامة.
ولم يكن كذلك، بل كان مُعْتَقَلًا مُكَرَّمًا مُنَعَّمًا في قاعةٍ من دُور السّلطنة.
قال ابن واصل [1] : بلغني أنّ المُعِزّ كان يدخل إليه ويلعب معه بالشّطرنج. فبقي حتّى أخرجه الملك المظفّر نَوْبة عين جالوت.
واجتمع به البُنْدُقْداريّ فأطْلعه على ما عزم عليه من الفَتْك بالمظفَّر، فنهاه ولم يوافقه فلمّا تملّك عظُم عنده ووثق بدينه، وكان عنده في أعلى المراتب، يرجع إلى رأيه ومشورته لا سيّما في الأمور الدّينيّة [2] .
وجهّزه في هذه السّنة إلى بلد سِيس فأغار وغنم وعاد في رمضان ثمّ توجّه إلى صفد.
وكان يبذل جَهْده، ويتعرّض للشّهادة، فجُرح، فبقي مدّة وأ لم الجراحة يتزايد، فحُمل إلى دمشق وتمرَّضَ إلى أن تُوُفّي ليلة عَرَفَة، ودُفِن بمقبرة الرّباط النّاصريّ.
__________
[1] في الجزء الضائع من «مفرّج الكروب» .
[2] وقال النويري: ومما يدلّ على ذلك ما تقدّم من إشارته بتولية الحكم لأربعة قضاة، فرجع السلطان إلى رأيه، وفعله لوقته. (نهاية الأرب 30/ 131) .

(49/173)


- حرف التاء-
130- التّاج الشّحرور [1] .
الشّافعيّ المدرّس.
مات بدمشق في ربيع الأوّل عن نحو تسعين سنة وكان شِرّيرًا.
- حرف الجيم-
131- جلدك [2] .
الرُّوميّ، الفائزيّ الأمير.
تُوُفّي في شوّال [3] بالقاهرة، وقد ولي عدّة ولايات.
وكان فاضلا، له شَعْرٌ جيد [4] وسيرةٌ مشكورة.
- حرف الحاء-
132- الحسن بْن سالم [5] بْن الْحَسَن بْن هبة اللَّه بن محفوظ بن صَصْرى.
الصَّدرُ الجليل، بهاءُ الدّين، أبو المواهب ابن العدل أمين الدّين أبي الغنائم ابن الإمام الحافظ أبي المواهب التَّغْلبيّ، الدّمشقيّ.
من بيت رئاسة وحشمة وحديث.
__________
[1] تقدّم في وفيات السنة السابقة برقم (88) .
[2] انظر عن (جلدك) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 354، وعقد الجمان (1) 431، 432، والوافي بالوفيات 1/ 175، 176 رقم 259.
[3] وقيل توفي سنة 665 هـ.
[4] ومن شعره في مليح زاره وفي يده كأس خمر:
ومعشوق يقول لعاشقه ... إذا جنّ الدّجى قرب المزار.
تمنّينا الدّجى شوقا إليه ... فوافانا وفي يده النهار
[5] انظر عن (الحسن بن سالم) في: الذيل على الروضتين 238، وذيل مرآة الزمان 2/ 354، والعبر 5/ 277، ومرآة الجنان 4/ 163، والوافي بالوفيات 12/ 25 رقم 18، ودرّة الأسلاك 1/ ورقة 37، وعيون التواريخ 20/ 340، وعقد الجمان (1) 430، وفيه: «الحسن بن عبد الوهاب بن أبي الغنائم سالم» ، والمنهل الصافي 4/ 75، 76 رقم 898، والدليل الشافي 1/ 262، وشذرات الذهب 5/ 316، والدارس 1/ 13.

(49/174)


كان شيخا نبيلا، مليح الشّكل، مَهِيبًا، ديِّنًا، عاقلا، لم يدخل في المناصب.
وُلِد سنة ثمان وتسعين وخمسمائة تخمينا [1] .
وسمع من: عمر بن طَبَرْزَد، ويحيى بن عبد الملك ابن الكيّا، وأبي اليُمْن الكِنْديّ، ومحمود بن هبة الله البغداديّ.
روى عنه: الدّمياطيّ، والشّيخ زين الدين الفارقيّ، وقاضي القُضاة نجمُ الدين أحمد بن صَصْرى، وأبو عليّ بن الخلّال، أبو المعالي بن البالسيّ، وأبو الفداء ابن الخبّاز، وآخرون.
ومات في رابع صفر قبل أخيه بأشهُر.
- حرف العين-
133- عبد الرحمن بن أبي الغنائم [2] سالم بن الحسن بن صَصْرى.
الصّدرُ، الرّئيس، شَرَفُ الدين، أبو محمد التّغْلبيّ، الدّمشقيّ.
وُلِد سنة خمسٍ وتسعين ظنّا [3] .
وسمع من: حَنْبل، وابن طَبَرْزَد، والكِنْديّ، ويحيى بن عبد الملك، ومحمود بن هبة الله، وجماعة.
وكان صدرا معظّما، نبيلا، ولي الوزارة والمناصب السّنيّة، وله برّ وصَدَقَة.
روى عنه: البدر بن الخلّال، والعماد بن البالسيّ، والنَّجم بن الخبّاز، وجماعة سواهم في الأحياء منهم: الإمام قاضي القُضاة نجم الدّين ابن أخيه عماد الدّين، وهو والد الصّاحب جمال الدّين إبراهيم.
__________
[1] جاء في هامش المخطوط آخر هذه الترجمة: «صح، مولده سنة أربع وتسعين تحقيقا» .
[2] انظر عن (عبد الرحمن بن أبي الغنائم) في: الذيل على الروضتين 236 (سنة 663 هـ) ، وذيل مرآة الزمان 2/ 355، والعبر 5/ 277، ومرآة الجنان 4/ 163، وعيون التواريخ 20/ 340، 341، والسلوك ج 1 ق 2/ 554، والوافي بالوفيات 18/ 148 رقم 181.
[3] جاء في هامش المخطوط: مولده تحقيقا سنة إحدى وتسعين وخمسمائة.

(49/175)


تُوُفّي إلى رحمة الله وعفْوه ومسامحته في حادي عشر شعبان. ودفن بترتبهم بسفح قاسيون.
134- عبد الرحمن بن معالي بن حمْد.
بهاءُ الدّين، أبو عيسى المقدِسيّ، النّابلسيّ، ثمّ الصّالحيّ، المُطعِم.
وُلِد سنة ثلاثٍ وثمانين وخمسمائة.
وسمع من: محمود بن عبد المنعم الكِنْديّ، وابن مُلاعِب.
وعنه: الدّمياطيّ. وابن الخبّاز، وولده عيسى المُطْعِم، وآخرون.
135- عبد العزيز بن ناصر بن إبراهيم ابن أبي الرّوس.
أبو محمد القُرَشيّ الزُّهْريّ، الإسكندرانيّ، السّمْسار.
وُلِد سنة أربعٍ وسبعين وخمسمائة.
وسمع من: أبي القاسم البُوصِيريّ، وعبد الرحمن بن موقا.
وحدَّث بمصر والإسكندريّة.
روى عنه: الشّيخ شعبان، وغيره.
ومات في ذي القعدة بالإسكندريّة.
136- عبد الكريم بن عطاء الله بن عبد الرحمن.
الفقيه العدْل، أبو محمد الإسكندرانيّ، المالكيّ، المفتي.
روى عن: جعفر الهَمذانيّ، وغيره.
تُوُفّي في رمضان.
137- عليّ بْن الْحُسَيْن [1] بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن زيد.
الشّريف النّقيب، أبو الحسن العلويّ، الحُسَينيّ، الأُرْمَوِيّ، ثمّ المصريّ.
صدرٌ محتشِم، سيّد، حسيب.
روى عن: شيخ الشّيوخ أبي الحسين عليّ بن عمر بن حمّويه.
__________
[1] انظر عن (علي بن الحسين) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 355، وعقد الجمان (1) 430، 431.

(49/176)


وتُوُفّي في الحادي والعشرين من صفر عن إحدى وستّين سنة.
138- عليّ بن موسى [1] بن جعفر بن طاوس.
العَلَويّ، الحَسَنيّ، النقيب، نقيب الطّالبيّين.
مات في ذي القعدة وله ستٌّ وسبعون سنة. ونُقِل ودُفِن بمشهد عليّ رضي الله عنه.
قال الكازرونيّ: لم يوجد بعده مثله، ولا رأينا أحدا على قاعدته في دِينه ونُسُكه وعبادته وخُلُقه.
ورثاه بعض الشُّعراء.
139- عليّ بن أبي الحسن.
النَّشَاوريّ، الصُّوفيّ، سديدُ الدّين.
توفّي في ذي الحجّة عن بعض وثمانين سنة بالقاهرة.
وحدَّث عن إبراهيم بن خَلَف السّنهوريّ.
- حرف الميم-
140- المبارك بن يحيى [2] بن المبارك.
الإمام، فخر الدين، أبو سعد ابن المخزّميّ، شيخ رباط الحريم.
كتب بيده عدّة رَبْعات.
شيّعه خلْقٌ كثير [3] .
141- محمد بن أبي الحُسين [4] عبد الله بن أبي الفخر محمد بن عبد الوارث.
__________
[1] انظر عن (علي بن موسى) في: الحوادث الجامعة 172 وفيه: «السيد النقيب الظاهر رضيّ الدين علي بن طاووس» .
[2] انظر عن (المبارك بن يحيى) في: الحوادث الجامعة 171.
[3] قال صاحب الحوادث الجامعة: خدم الخلفاء في عدّة خدمات آخرها صاحب ديوان العراق، ولما كفّت يده انقطع في داره إلى أن ملك السلطان بغداد، فلما تقرر حال الحكام بها، ولّاه صدرا بدجيل، فبقي على ذلك إلى أن مات ودفن بحضرة الإمام أحمد بن حنبل- رحمه الله-.
[4] انظر عن (محمد بن أبي الحسين) في: المقفّى الكبير للمقريزي 6/ 114 رقم 2555.

(49/177)


الشّيخ صدر الدّين ابن الأزرق الأنصاريّ، الأوْسيّ [1] ، المصريّ، الصّوفيّ، المغسّل.
وُلِد سنة اثنتي عشرة وستمائة.
وسمع من: مُكْرَم بْن أبي الصَّقْر.
وأكثر عن المتأخّرين، وكتب وفهِم وعُرِف بالحديث. وروى اليسير.
تُوُفّي في نصف جُمَادى الآخرة.
142- محمد بن عبدُ الجليل [2] بْن عَبْد الكريم بْن عُثْمَان.
المحدِّث العالِم، جمالُ الدين، أبو عبد الله المُوقانيّ، ثمّ المقدسيّ.
نزيل دمشق.
يروي عن: أبي القاسم الحَرَستانيّ، والشّيخ الموفَّق، وأبي عليّ الأوقيّ، والشّهاب فتيان الشّاغوريّ، وجعفر الهمدانيّ، وطائفة.
وعني بالحديث وكتب بخطّه الكثير من الحديث والآداب [3] .
__________
[1] في المقفّى: «الأولاسي» .
[2] انظر عن (محمد بن عبد الجليل) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 355، والعبر 5/ 278، وعيون التواريخ 20/ 341، 342، والسلوك ج 1 ق 2/ 554، وشرح لامية العجم 1/ 159، والوافي بالوفيات 3/ 216، 217 رقم 1216، وشذرات الذهب 5/ 316.
[3] وقال قطب الدين اليونيني: «كان يعاني مشتري الكتب النفيسة للانتفاع والمتجر، وكان عنده يقظة ومعرفة وأدب وفضيلة، وكان يشتري الأشياء المستحسنة من كل نوع ظريف» . وقال ابن شاكر الكتبي:
أهدى للأمير جمال الدين موسى بن يغمور- لما كان نائب السلطنة- بدمشق كتبا وموسى، وكتب مع هديته:
بعثت بكتب نحو مولى قد اغتدت ... كفايته يزهى بها الغور والنجد
وأهديت موسى نحو موسى فلا تخل ... بتشريكه في اللفظ قد أخطأ العبد
فهذا له حدّ ولا فضل عنده ... وهذا له فضل وليس له حدّ
ومن شعره:
لذيذ الكرى- مذ فارقوا- فارق الجفنا وواصل قلبي بعد بعدهم الحزنا
وما رحلوا حتى استباحوا نفوسنا ... كأنهم كانوا أحق بها منّا
ولولا الهوى العذري ما انقاد للهوى ... نفوس رأت في طاعة الحب أن تفنى

(49/178)


كتب عنه: الدّمياطيّ، وجماعة.
ومات فجأة في حادي عشر ذي القعدة وله أربع، وسبعون سنة. وله مجاميع مفيدة.
143- محمد بن مرتضى بن محمود.
المقدسيّ، ثمّ المصريّ. الرّجل الصّالح.
توفّي في عشر الثّمانين.
وقد روى عن مُكْرَم شيئا يسيرا.
144- محمد بن منصور [1] بن أبي الفضل أحمد بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عبد الله مُحَمَّد بْن مَنْصُور بْن مُحَمَّد بْن الفَضْلُ.
أبو عبد الله بن الحضرميّ، الصّقليّ الأصل، الإسكندرانيّ، المالكيّ.
حدَّث عن: عليّ بن البنّاء الخلّال.
وروى هو وأبوه وجدّه وجدّ أبيه وجدّ جدّه. ومات بالإسكندريّة في العشرين من جُمَادى الأولى [2] .
وكان من عُدُول الثَّغْر.
وساق الشّريف نَسَبه إلى العلاء بن الحضْرميّ، رضي الله عنه. وهو من شيوخ الدّمياطيّ [3] .
__________
[1] انظر عن (محمد بن منصور) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 356، 357، ودرّة الأسلاك 1/ ورقة 37، والمقفّى الكبير 7/ 297 رقم 3369، وعيون التواريخ 20/ 343، وعقد الجمان (1) 431.
[2] مولده سنة 620 هـ. (المقفى الكبير) .
[3] وقال ابن شاكر الكتبي: سمع الكثير وحدّث بالثغر، وكان ظريف الشكل، حسن المحاضرة، أنشد للشرف بن عبد الملك بن عتيق لنفسه في البحر:
يا قوم ما بال لجّ البحر في قلق ... كأنه من فراق الحبّ في فرق
تراه يخشى وقد وافيت ساحله ... من بحر دمعي أن يغشاه بالغرق
وأنشد للمذكور يصف شقائق النعمان:
له زهر شقيق حين رمت له ... وصفا تقاصر تعبيري وتحبيري
كأنه وجنات العيد قد نقطت ... بالمسك من تحت أطراف المواسير

(49/179)


145- معين الدّين [1] .
الأنصاريّ، المصريّ، المعروف بابن فار اللَّبَن. واسمه أبو الفضل عبد الله بن محمد بن عبد الوارث.
شيخٌ متميّز مُسِنّ. حدّثني شيخنا بدرُ الدّين التّادَفيّ أنّه قرأ عليه «الشّاطبيّة» في القراءات، وأخبره أنّه قرأها على ناظمها.
قلت: هو آخر من روى «الشّاطبيّة» ، ولا أتيقّن متى تُوُفّي، ولكن في ذهني أنّه بقي إلى سنة أربعٍ هذه.
وممّن روى عنه القصيد الشيخ حسن الرّاشديّ، وقاضي القُضاة ابن جماعة، وبدر الدّين ابن الجوهريّ.
روى القصيد في شعبان من السّنة.
- حرف النون-
146- النّاهض.
معالي بن أبي الزّهر ابن الخَيْسيّ [2] .
رجلٌ جليل له ثروة.
تُوُفّي بدمشق في جُمَادى الأولى.
- حرف الهاء-
147- هولاكو [3] بن تولى قان بن الملك جنكزخان.
__________
[1] انظر عن (معين الدين) في: العبر 5/ 278، ومعرفة القراء الكبار 2/ 661 رقم 629، وتوضيح المشتبه 7/ 354، 355.
[2] الخيسي: بسين مهملة. ذكره المؤلّف- رحمه الله- في المشتبه 1/ 217، وقال ابن ناصر الدين الدمشقيّ: الخيسي: في قول المصنّف- أي الذهبي- ما يشعر أن أوله مفتوح، وإنما هو بالكسر، نسبة إلى الخيس، كورة من الحوف الغربي من أرض مصر. (توضيح المشتبه 3/ 113) .
[3] انظر عن (هولاكو) في: الحوادث الجامعة 170، وذيل مرآة الزمان 2/ 357- 360، وتاريخ

(49/180)


ملك التّتار ومقدَّمهم.
ذكره الشّيْخ قُطْبُ الدّين فقال: كَانَ من أعظم ملوك التّتر. وكان شجاعا حازما مدبّرا، ذا همّةٍ عالية، وسطوة ومَهَابة ونهضة تامَّة، وخبرة بالحروب، ومحبّة في العلوم العقليّة من غير أن يتعقّل منها شيئا.
اجتمع له جماعةٌ من فُضَلاء العالم، وجمع حكماء مملكته، وأمرهم أن يرصدوا الكواكب. وكان يُطْلِق الكثيرَ من الأموال والبلاد. وهو على قاعدة المُغْل من عدم التَّقَيُّد بدِين، لكنَّ زوجته تنصَّرت.
وكان سعيدا في حروبه وحصاراته. طوى البلاد واستولى على الممالك في أيْسَر مدّة، ففتح بلاد خُراسان، وفارس، وأَذَرْبَيْجَان، وعراق العجم، وعراق العرب، والشّام، والجزيرة، والرُّوم، وديار بكر.
كذا قال الشّيخ قُطْبُ الدّين [1] ، والّذي افتتح خُراسان وعراق العجم غيرُه، وهو جنكزخان وأولاده، وهذا الطّاغية فافتتح العراق، والجزيرة، والشّام، وهزم الجيوش وأباد الملوك، وقتل الخليفة وأمراء العراق وصاحب الشّام، وصاحب ميّافارقين.
__________
[ () ] مختصر الدول 284، وتاريخ الزمان 324، والروضة البهية الزاهرة في خطط المعزية القاهرة، لابن عبد الظاهر 7، 8، والمختصر في أخبار البشر 4/ 2، 3، ونهاية الأرب 27/ 393- 395، وجامع التواريخ، مجلّد 2، الجزء 1/ 223، ودول الإسلام 2/ 169، والعبر 5/ 278، 279، والإشارة إلى وفيات الأعيان 361، وتاريخ ابن الوردي 2/ 218، والبداية والنهاية 13/ 248، وعيون التواريخ 20/ 320 و 325، 326، ومرآة الجنان 4/ 163، والدرّة الزكية 115، وتاريخ الخميس 2/ 423، 424، والسلوك ج 1 ق 2/ 541، وعقد الجمان (1) 413- 416، ونظام التواريخ للبيضاوي (ناصر الدين عبد الله بن عمر) (توفي 685 هـ. 1287 م) تصحيح بهمن ميرزا كريمي- شركة مطبعة فرهومند وإقبال علمي 1313 هـ. ص 94، وفيه وفاته في سنة 660 هـ، وتاريخ ابن سباط 1/ 411 وفيه وفاته سنة 663 هـ، والتاريخ الغياثي 42، 43، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 319، وتاريخ الأزمنة 249، وأخبار الدول 2/ 196، 197، 269، 472، 494، 497، وشذرات الذهب 5/ 316، 317، ودرّة الأسلاك 1/ ورقة 36، والتحفة الملوكية لبيبرس المنصوري 55 (سنة 663 هـ) ، ومآثر الإنافة 2/ 127.
[1] في ذيل المرآة 2/ 357.

(49/181)


قال لي الظّهير الكازرونيّ: حكى لي النَّجم أحمد بن البوّاب النّقّاش نزيل مَرَاغة قال: عزم هولاكو على زواج بنت ملك الكُرْج، قالت: حتّى تُسْلِم.
فقال: عرّفوني ما أقول. فعرضوا عليه الشّهادتين فأقرّ بهما وشهِد عليه بذلك الخواجا نصير الطُّوسيّ، وفخر الدّين المنجّم. فلمّا بلغها ذلك أجابت. فحضر القاضي فخر الدّين الخِلاطيّ، فتوكّل لها النّصير، وللسّلطان الفخر المنجّم، وعقدوا العقْد باسم تامار خاتون بنت الملك داود بن إيواني على ثلاثين ألف دينار.
قال ابن البوّاب: وأنا كتبت الكتاب في ثوبٍ أطلس أبيض، وعجبْت من إسلامه. قلت: إن صحّ هذا فلعلّه قالها بفمه لعدم تقيُّده بدِين، ولم يدخل الإسلام إلى قلبه، والله أعلم.
قال قُطْبُ الدّين: كان هلاكه بعلّة الصَّرع، فإنّه حصل له الصَّرع منذ قتل الملك الكامل صاحبَ مَيّافارقين، فكان يعتريه في اليوم المرّة والمرّتين. ولمّا عاد من كسرة برَكة له أقام يجمع العساكر، وعزم على العَوْد لقتال بركة، فزاد به الصَّرعُ، ومرض نحوا من شهرين وهلك، فأخفوا موته وصبّروه وجعلوه في تابوت، ثمّ أظهروا موته. وكان ابنه أبْغا غائبا فطلبوه ثمّ ملّكوه.
وهلك هولاوو وله ستّون سنة أو نحوها. وقد أباد أُممًا لا يحصيهم إلّا الله.
ومات في هذه السّنة. وقيل في سابع ربيع الآخر سنة ثلاثٍ وستّين ببلد مَرَاغة. ونُقِل إلى قلعة تلا، وبنوا عليه قُبّة. وخلَّف من الأولاد سبعة عشر ابنا سوى البنات، وهم: أبغا، وأشموط، وتمشين، وبكشي، وكان بكشي فاتكا جبّارا، وأجاي، ويَستَز، ومنكوتمر الّذي التقى هو والملك المنصور على حمص وانهزم جريحا، وباكودر، وأرغون، ونُغابي دمر، والملك أحمد.
قلت: وكان القاآن الكبير قد جعل أخاه هولاوو نائبا على خُراسان

(49/182)


وأَذَرْبَيْجَان فأخذ العراق والشّام وغير ذلك، واستقلّ بالأمر مع الانقياد للقاءان والطّاعة له، والبّرُدُ واصلةٌ إليه منه في الأوقات. وتفاصيل الأمور لم تبلغنا كما ينبغي.
وقد جمع صاحب الدّيوان كتابا في أخبارهم في مجلّدتين.
ووالد هولاوو هو تولى خان الّذي عمل معه السّلطان جلال الدّين مَصَافًا في سنة ثماني عشرة، فنصر جلال الدين وقتل في الوقعة تولى إلى لعنة الله.
وكان القاآن الأعظم في أيّام هولاوو أخاه موْنكوقا بن تولى بن جنكزخان، فلمّا هلك جلس على التّخْت بعده أخوهما قُبْلاي، فامتدّت دولته وطالت أيّامه، ومات سنة خمسٍ وتسعين بخان بالق أُمّ بلاد الخطا وكُرسيّ مملكة التّتار.
وكانت دولة قبلاي نحوا من أربعين سنة. في آخر أيّامه أسلم قازان على يد شيخنا بدر الدّين ابن حمُّوَيه الْجُوينيّ.
وقال الظّهير الكازرونيّ: عاش هولاكو نحو خمسين سنة. وكان عارفا بغوامض الأمور وتدبير المُلْك، فاق على مَن تقدَّمه. وكان يحبّ العلماء ويعظّمهم، ويُشْفق على رعيّته، ويأمر بالإحسان إليهم.
قلت: وهل يسع مؤرّخا في وسط بلاد سلطانٍ عادلٍ أو ظالمٍ أو كافر إلّا أن يُثني عليه ويكذب، فاللَّه المستعان، فلو أثنى على هولاكو بكلّ لسان لاعترف المثنى بأنّه مات على ملّة آبائه، وبأنّه سفك دم ألف ألف أو يزيدون، فإن كان الله تعالى مع هذا وفّقه للإسلام فيا سعادته، لكن حتّى يصحّ ذلك.
والله أعلم.
- حرف الياء-
148- يحيى بن شجاع بن ضرغام.
أبو زكريّا القرشيّ، المصريّ.
سمع الكثير من: الحافظ ابن المفضّل.

(49/183)


وحدّث، ومات في ذي القعدة.
149- يوسف بن صالح [1] بن صارم بن مخلوف.
نور الدّين الأنصاريّ، القوصيّ. شيخ صالح زاهد خيّر منقطع بالقرافة.
حدّث عن: الحافظ ابن المفضّل.
ومات في وسط ربيع الأوّل [2] .
الكنى
150- أبو بكر بن إبراهيم [3] بن مسعود بن أحمد.
الشّيخ المعمَّر، الصّالح، أبو بكر الشَّيْبانيّ، العراقيّ، الصُّوفيّ.
قال الشّريف عزّ الدّين: ذكر أنّه وُلِد سنة إحدى وخمسين وخمسمائة وكان شيخا صالحا، وصوفيّا حَسَنًا من أكابرهم المعروفين.
تُوُفّي في ذي القعدة، رحمه الله.
وفيها وُلِد:
قاضي القُضاة عَلَمُ الدّين محمد بن أبي بكر بن الإخنائيّ الشّافعيّ، والشّيخ عبد الرحمن ابن أمين الدّولة عبد القادر الصَّعْبيّ ومحمد النّاسخ ولد الشَّرف محمد بن إبراهيم الميدوميّ، سمعا من النّجيب وطبقته، وعزُّ الدّين عبد العزيز بن عَبْد اللّطيف بْن عبد العزيز ابْن الشَّيْخ مجد الدّين ابن تَيْميَّة، وصلاح الدّين محمد بن عبد الله ابن الشّيخ شمس الدين،
__________
[1] انظر عن (يوسف بن صالح) في: في: الطالع السعيد 721 رقم 572، وعقد الجمان (1) 431.
[2] مولده سنة 599 هـ.
[3] انظر عن (أبي بكر بن إبراهيم) في: عقد الجمان (1) 430.

(49/184)


والشّمس عمر بن شَرَف الدين عبد العزيز بن عبد الرحمن بن هلال، ونور الدين عبد الله بن ضياء الدين عبد الرحمن بن عبد الكافي بن عبد الملك الرَّبَعيّ، وعليّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الرحيم بن صَفْوان الكِنْديّ القوّاس، والقاضي تقيّ الدّين عبد الكريم بن القاضي محيي الدّين يحيى بن الزّكيّ، وعبد الرحيم بن تقيّ الدّين إسماعيل بن أبي اليُسْر، وشمس الدّين أحمد بن أمين الدّين محمد بن هلال، ومحمد بن يوسف بن أبي العزّ الحرّانيّ، والشّيخ قُطْبُ الدّين عبد الكريم بن عبد النّور بحلب في رجب.

(49/185)


سنة خمس وستين وستمائة
- حرف الألف-
151- أَحْمَد بْن جميل [1] بْن حمْد بْن أَحْمَد بن أبي عطّاف زَيْن الدّين.
أبو العبّاس المقدِسيّ الصَّحراويّ، المُطْعِم، الحنبلي.
روى عن: حَنْبل، وعمر بن طَبَرْزَد.
سمع منه: المعين عليّ بن وردان بمصر، والسّيف بن المجد وأثنى عليه ووثّقه.
وروى عنه: الدّمياطيّ، وابن الخبّاز، والقاضي تقيُّ الدّين سليمان، وأبو عبد الله بن الزّرّاد، وآخرون.
ومات في ثاني عشر جُمَادى الأولى، رحمه الله.
152- أحمد بن نعمة [2] بن أحمد بن جعفر بن الحسين بن حمّاد.
الإمام كمال الدين [3] ، أبو العبّاس المقدِسيّ، النّابلسيّ، الشّافعيّ، خطيب بيت المقدس.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن جميل) في: المقتفي للبرزالي/ ج 1/ ورقة 3 ب.
[2] انظر عن (أحمد بن نعمة) في: ذيل المرآة 2/ 436، 437، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 7 أ، وتالي كتاب وفيات الأعيان للصقاعي 10 رقم 13 في ترجمة ابنه «أحمد» ، والعبر 5/ 279، وتذكرة الحفاظ 4/ 1461، ومرآة الجنان 4/ 163، ومعجم شيوخ الدمياطيّ 1/ ورقة 129 ب، والوافي بالوفيات 8/ 217 رقم 3653، والبداية والنهاية 13/ 257، وشذرات الذهب 5/ 317، ومشيخة قاضي القضاة ابن جماعة 1/ 165- 187 رقم 11.
[3] سمّاه أبو شامة في الذيل على الروضتين 240 «الجمال محمد بن نعمة» وهو غلط.

(49/186)


ولد سنة تسع [1] وسبعين وخمسمائة، وقدِم دمشق شابّا فاشتغل بها.
وسمع من: بهاء الدّين القاسم بن عساكر، وحنبل، وعمر بن طَبَرْزَد، وغيرهم.
وروى عنه: ولداه العلّامة شَرَفُ الدّين والفقيه محيي الدّين إمامُ المشهد، وأبو محمد الدّمياطيّ، وابن الخبّاز، والدّوَاداريّ، وجماعة.
وحدَّث بدمشق والقاهرة.
وكان فقيها فاضلا، ديِّنًا، صالحا، كثير التّعبُّد، حَسَن القناعة، مُنْقَبِض النّفس عن أبناء الدّنيا وعن التّردُّد إليهم.
توفّي بدمشق في الثّالث والعشرين من ذي القعدة، ودفن بمقبرة باب كيسان [2] عن ستٍّ وثمانين سنة، رحمه الله [3] .
153- إبراهيم بن نجيب [4] بن بشارة بن محرز.
أبو إسحاق السَّعْديّ، المصريّ، الفاضليّ.
شيخٌ مُسِنّ مُعمَّر، من أولاد الشّيوخ. وُلِد في ربيع الأوّل سنة أربع وسبعين وخمسمائة بالقاهرة.
وسمع من أبي محمد القاسم بن عساكر لمّا قدم مصر.
وكان أبو يروي عن الشّريف الخطيب ويؤدّب أولادَ القاضي الفاضل، رحمه الله.
روى عن إبراهيم: شيخنا الدّمياطيّ، وعَلَمُ الدّين الدّوَاداريّ في «معجميهما» .
__________
[1] في مشيخة قاضي القضاة 1/ 165 «سنة سبع» .
[2] باب كيسان: هو الباب القبلي الشرقي لدمشق، ينسب إلى كيسان مولى معاوية. وحكى هشام بن محمد الكلبي أنه منسوب إلى كيسان مولى بشر بن عبادة بن حسّان ... وهو الآن مسدود. (ابن عساكر، تاريخ دمشق 2/ 185، تهذيبه 1/ 263) .
[3] وقال قاضي القضاة ابن جماعة: شيخ صالح كثير التلاوة للقرآن العظيم.. اشتغل بالفقه ...
وخطب مدّة طويلة بالبيت المقدّس، وحكم به، ودرّس، وكان بدمشق ينوب في الخطابة والإمامة بجامعها المعمور. (1/ 165) .
[4] انظر عن (إبراهيم بن نجيب) في: المقتفى للبرزالي 1/ ورقة 3 أ، والوافي بالوفيات 6/ 152، 153 رقم 2600 وقد بيّض في الأصل من الوافي لاسم أبيه «نجيب» .

(49/187)


ومات في نصف جُمَادى الأولى.
154- إسحاق بن خليل [1] بن فارس بن سعادة.
القاضي كمالُ الدين أبو محمد الشَّيْبَانيّ، الدّمشقيّ، الشّافعيّ، قاضي زُرَع [2] ، ويُعرف بالسَّقَطيّ.
وُلِد بدمشق سنة ثمانٍ وثمانين.
وسمع من أبي عبد الله بن البنّاء الصُّوفيّ. وحدَّث.
وهو والد محيي الدّين يحيى قاضي زُرَع، وأُخْتَيه عائشة وخديجة اللَّتين روتا لنا بالإجازة عن مُكَرّم والنّاصح بن الحنبليّ.
تُوُفّي بدمشق في العشرين من رجب، ودُفِن بجبل قاسيون.
ثنا عنه ولده.
155- إسماعيل بن محمد [3] بن أبي بكر بن خُسْرُو.
أبو محمد الكورانيّ [4] الزّاهد، القّدْوة.
كان أحد المشايخ المشهورين بالزُّهد والورع والإخلاص. وكان كثير التّحرّي والتفتيش عن أمر دِينه. صاحب معاملة وخشْية، يقصد بالزّيارة ويطلب من جهته الدّعاء، وقلّ أنْ يوجد في زمانه مثله، رضي الله عنه.
أدركه الأَجَل بغَزّة وهو قافلٌ من مصر إلى بيت المقدس في الثّاني والعشرين من رجب.
__________
[1] انظر عن (إسحاق بن خليل) في: الذيل على الروضتين 240، وذيل مرآة الزمان 2/ 364، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 4 ب، 5 أ.
[2] وقع في ذيل الروضتين: قاضي رزا.
[3] انظر عن (إسماعيل بن محمد) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 364، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 5 أ، وتذكرة الحفاظ 4/ 1461، ومرآة الجنان 4/ 163، والوافي بالوفيات 9/ 212 رقم 4117، والدليل الشاقي 1/ 129 رقم 452، والمنهل الصافي 2/ 427 رقم 453، وشذرات الذهب 5/ 317.
[4] الكوراني: نسبة إلى كوران قرية بأسفرايين.

(49/188)


156- أقوش القفجاقيّ [1] .
الصّالحيّ النّجميّ.
أُخْرِج من خزانة البُنُود فسمّروه هو وجماعةٌ في ذي الحجّة. وكان قد ادّعى النُّبوَّة في رمضان من السّنة. فلمّا رجع السّلطان من الشّام استحضره السّلطان وسمع كلامه، ورسم بتسميره. ومن الّذين سُمِّروا النّاصح ضياء من بلاد راحات.
157- أيّوب بن بدر [2] بن منصور بن بدران.
أبو الكَرَم الأنصاريّ، القاهريّ، ثمّ الدّمشقيّ، المعروف بالجرائديّ، أخو تقيّ الدّين يعقوب المقرئ.
قرأ أيّوب القراءات على السَّخاويّ، وغيره.
وسمع من: داود بن مُلاعِب، والشّيخ أبي الفُتُوح البكْريّ، وعبد الله بن عمر قاضي اليمن، وجماعة.
وكتب الأجزاء. وأكثر عن: الضّياء المقدِسيّ، والسّخاويّ، وهؤلاء وأجزاؤه موقوفة بدار الحديث الأشْرفيّة، وكتابته معروفة.
وقد حدَّث وأقرأ، ومات بدمشق في شعبان، وأضرّ بأخَرَة. وكان صوفيّا وإمامَ مسجدٍ. غُري بكتب ابن العربيّ، وكتب كثيرا منها، نسأل الله السّلامة.
- حرف الباء-
158- بركة [3] بن
__________
[1] انظر عن (آقوش القفجاقي) في: الوافي بالوفيات 9/ 322 رقم 4255.
[2] انظر عن (أيوب بن بدر) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 5 ب، والوافي بالوفيات 10/ 38، والدليل الشافي 1/ 178، والمنهل الصافي 3/ 225، 226 رقم 631.
[3] انظر عن (بركة) في: التحفة الملوكية 61، وذيل مرآة الزمان 2/ 364، 365، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 7 ب، والمختصر في أخبار البشر 4/ 4، ودول الإسلام 2/ 170، والعبر 5/ 280، والإشارة إلى وفيات الأعيان 362، وتاريخ ابن الوردي 2/ 219، والبداية والنهاية 13/ 249، وعيون التواريخ 20/ 350، ومآثر الإنافة 2/ 129، والوافي بالوفيات

(49/189)


توشي [1] بن جنكزخان.
المُغْليّ، ملك القَفْجاق وصحراء سوداق، وهي مملكة متّسعة مسيرة أربعة أشهر، وأكثرها براري ومُرُوج، وبينها وبين أَذَرْبَيْجَان باب الحديد في الدَّربَنْد المعروف. هو بابٌ عظيم مغلوقٌ بين المملكتين مُسَلَّم إلى أمير كبير.
وبركة هو ابن عمّ هولاكو. تُوُفّي في هذه السّنة.
وكان قد أسلم وكاتب الملك الظاهر وبعث رسوله في البحر فسار إلى أن وصل إلى الإسكندريّة وطلع منها.
تملّك بعده منكوتمر بن طُغان بن شرطق بن توش بن جنكزخان فجمع عساكر وبعثها مع مقدَّم لقصْد أبْغا، فجمع أبغا جيشه أيضا، وسار إلى أن نزل على نهر كور، وأحضر المراكب والسّلاسل، وعمل جسْرين على النّهر ثم عدّى إلى جهة منكوتمر، وسار حتّى نزل على النّهر الأبيض. فعدّى منكوتمر وساق إلى النّهر الأبيض، ونزل من جانبه الشّرقيّ، ونزل أبغا في الجانب الغربيّ.
ثمّ لبسوا السّلاح وتراسلوا، ثمّ بعد ثلاث ساعات حرّك أبغا كوساته وقطع النّهر، وحمل على منكوتمر فكسره، وساق وراءه والسّيف يعمل في عسكر منكوتمر. ثمّ تناخى عسكر منكوتمر ورجعوا عليهم فثبت أبغا في عسكره، ودام الحرب إلى العشاء الآخرة، ثمّ انهزم منكوتمر، واستظهر أبغا وغنِم جيشُه شيئا كثيرا، وعدّى على الْجُسُورة المنصوبة، ونزل على نهر كور. ثمّ جمع كُبَراء دولته وشاورهم في عمل سورٍ من خشب على هذا النّهر، فأشاروا بذلك، فقام وقاس النّهر من حدّ تفْليس، فكان جزء كلّ مقدَّم مائة وعشرين ذراعا. فشرعوا في عمله، ففرغ السُّور في سبعة أيّام. ثمّ ارتحل فنزل المقدَّم دُغان وشتّى هناك.
__________
[ () ] 10/ 117، 118 رقم 4574، ونهاية الأرب 27/ 361، والسلوك ج 1 ق 2/ 561، وشذرات الذهب 5/ 217، وعقد الجمان (2) 16، 17، والنجوم الزاهرة 7/ 222، وتاريخ الخميس 2/ 424، والمنهل الصافي 3/ 349، 350 رقم 660، والدليل الشافي 1/ 189.
[1] هكذا في الأصل، والوافي بالوفيات، وفي المصادر: «تولى» باللام.

(49/190)


قال قُطْبُ الدّين [1] : كان بركة يميل إلى المسلمين، وله عساكر عظيمة ومملكة تفوق مملكة هولاكو من بعض الوجوه. وكان يعظّم العلماء، ويعتقد في الصّالحين، ولهُم حُرمة عنده. من أعظم الأسباب لوقوع الحرب بينه وبين هولاكو كونه قتل الخليفة. وكان يميل إلى صاحب مصر ويعظّم رُسُلَه ويحترمهم وتوجّه إليه طائفةٌ، من أهل الحجاز فوصلهم وبالغ في احترامهم، وأسلم هو وكثيرٌ من جيشه. وكانت المساجد الّتي من الخِيَم تُحْمل معه، ولها أئمّة ومؤذْنون، وتُقام فيها الصّلوات الخمس.
قال: وكان شجاعا، جوادا، حازما، عادلا، حَسَن السّيرة، يكره الإكثار من سفْك الدّماء والإفراطَ في خراب البلاد. وعنده حلْم ورأفة وصفح.
تُوُفّي بأرضه في عَشْر السّتين من عُمُره.
قلت: تُوُفّي في ربيع الآخر. وقد سافر من سقسين سنة نيّفٍ وأربعين إلى بخارى لزيارة الشّيخ سيف الدّين الباخَرْزِيّ، فقام على باب الزّاوية إلى الصّباح، ثمّ دخل وقبّل رِجْل الشّيخ. وأسلم معه جماعة من أمرائه.
وهذا في ترجمة الباخَرْزِيّ، نقله ابن الفُوَطِيّ.
- حرف الجيم-
159- الْجُنَيْد بن عيسى [2] بن إبراهيم بن أبي بكر بن خَلِّكان.
العدْلُ، أبو القاسم الزّرزاريّ، الإربِليّ، الشّافعيّ.
سمع بإربِل من: عمر بن طَبَرْزَد، وحنبل المكبّر.
وحدَّث بالقاهرة. وكان مولده بإربل سنة ثلاث وتسعين [3] وخمسمائة.
وتُوُفّي بدمشق في الرّابع والعشرين من شوّال.
__________
[1] في ذيل المرآة 2/ 364.
[2] انظر عن (الجنيد بن عيسى) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 365، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 6 ب، وعيون التواريخ 20/ 350.
[3] في عيون التواريخ: ثلاث وسبعين.

(49/191)


كتب عنه: الدّمياطيّ، وابن الخبّاز، وجماعة [1] .
- حرف الحاء-
160- حسين بن عزيز [2] بن أبي الفوارس.
الأمير الكبير، ناصرُ الدّين، أبو المعالي القَيْمُريّ، صاحب المدرسة القَيْمُريّة الكبرى الّتي بسوق الخُريميّين.
كان من أعظم الأمراء وأجلّهم قدْرًا وأكبرهم محلّا. له الوجاهة التَّامَّة، والكلمة النّافذة، والإقطاعات الجليلة.
وكان بطلا شجاعا، كريما، عادلا، حازما، رئيسا، كثير البِرّ. وهو الّذي ملّك الملك النّاصر دمشق.
وكان أبوه شمس الدين من أجلّاء الأمراء.
تُوُفّي ناصر الدين في ربيع الأوّل بالسّاحل مُرَابَطًا قُبالة الفرنج.
- حرف الصاد-
161- صالح بن إبراهيم [3] بن أحمد بن نصر بن قريش.
__________
[1] وقال ابن شاكر الكتبي: تولّى عدّة جهات، وكان مشكور السيرة، عدلا، أمينا، طيّب الأخلاق.
[2] انظر عن (حسين بن عزيز) في: الروض الزاهر 267، والذيل على الروضتين 239، وذيل مرآة الزمان 2/ 366، 367، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 3 أ، وتالي كتاب وفيات الأعيان 64، 65 رقم 96، ونهاية الأرب 30/ 146، ودول الإسلام 2/ 170، والإشارة إلى وفيات الأعيان 362، والعبر 5/ 280، والبداية والنهاية 13/ 250، والوافي بالوفيات 12/ 422، 423 رقم 382، والسلوك ج 1 ق 2/ 562، وعقد الجمان (9) 15، 16، وشذرات الذهب 5/ 217، وعيون التواريخ 20/ 350، 351، والنجوم الزاهرة 7/ 222، والدليل الشافي 1/ 274، والدارس 1/ 331، والأعلاق الخطيرة 2/ 245، والمنهل الشافي 5/ 159، 160 رقم 947.
[3] انظر عن (صالح بن إبراهيم) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 3 ب، والذيل على الروضتين 240، والوافي بالوفيات 16/ 246 رقم 268، وغاية النهاية 1/ 332، وبغية الوعاة 2/ 268، والدليل الشافي 1/ 349 رقم 1200، والمنهل الصافي 6/ 323 رقم 1203.

(49/192)


الإمام النَّحْويّ الكبير، ضياءُ الدّين أبو العبّاس الإسْعِرديّ، ثمّ الفارقيّ، المقرئ.
وُلِد سنة خمس عشرة وستّمائة بمَيّافارقين.
وقرأ القراءات، وأتقن العربيّة، وسمع من: ابن الصّلاح، وجماعة.
وتصدّر للإقراء وتعليم النّحو، وانتفع به جماعة.
وكان ساكنا، خيِّرًا، فاضلا.
تُوُفّي بالقاهرة في العشرين من ربيع الآخر.
وكتب عنه آحاد المحدِّثين.
- حرف الطاء-
162- طاهر بن أبي الفضل [1] محمد بن أبي الفَرَج طاهر بن أبي عبد الله بن الخَضِر.
الحكيم، العالِم، أبو الفَرَج، الكحّال، الأنصاريّ، الصُّوريّ الأصل، الدّمشقيّ.
وُلِد سنة سبع وتسعين وخمسمائة.
وسمع من: عمر بن طَبَرْزَد، ومحمود بن عبد الله الجلاليّ، وأبي اليُمْن الكِنْديّ، وجماعة كثيرة.
روى عنه: الدّمياطيّ، وأبو محمد الفارقيّ، وأبو علي بن الخلال، والصدر الأرموي، والعماد بن البالسيّ، والشّرف صالح بن عربْشاه، والبهاء بن المقدِسيّ، وآخرون.
وكان حانوته باللّبّادين.
تُوُفّي في الثّاني والعشرين من ذي القعدة.
__________
[1] انظر عن (طاهر بن أبي الفضل) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 6 ب، 7 أ، والوافي بالوفيات 16/ 410 رقم 447، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي- المستدرك على القسم الثاني- ص 171 رقم 107، والدليل الشافي 1/ 359 رقم 1230، والمنهل الصافي 6/ 369 رقم 1232.

(49/193)


- حرف العين-
163- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن يوسف.
الحلبيّ، أبو محمد بن الأبيض.
سمع من: ثابت بن مشرّف.
روى عنه: الدّمياطيّ، وغيره.
164- عبد الرحمن بن إسماعيل [1] بن إبراهيم بن عثمان.
__________
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن إسماعيل) في: صلة التكملة للحسيني 2/ ورقة 88، وذيل مرآة الزمان 2/ 367، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 6 أ، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 211- 213 رقم 184، وتالي كتاب وفيات الأعيان للصقاعي 99 رقم 147، ومشيخة قاضي القضاة ابن جماعة 1/ 300- 304 رقم 30، ومعجم شيوخ الدمياطيّ 2/ ورقة 15 أ، ودول الإسلام 2/ 170، وتذكرة الحفاظ 4/ 1460، 1461 رقم 1157، ومعرفة القراء الكبار 2/ 673، 674 رقم 641، والمعين في طبقات المحدّثين 212 رقم 2218، والإشارة إلى وفيات الأعيان 361، والإعلام بوفيات الأعلام 278، والعبر 5/ 281، 281، ومرآة الجنان 4/ 164، وعيون التواريخ 20/ 352- 355، وفوات الوفيات 2/ 269- 271 رقم 261، وطبقات الشافعية الكبير 8/ 165- 168، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 118، 119، والبداية والنهاية 13/ 250، ودرّة الأسلاك 1/ ورقة 37، والوافي بالوفيات 18/ 113- 116 رقم 128، وذيل التقييد 2/ 80، 81 رقم 1189، وغاية النهاية 1/ 365 رقم 1558، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 464- 466 رقم 434، ونهاية الغاية، ورقة 87، 88، والسلوك ج 1 ق 2/ 562، وعقد الجمان (2) 13- 15، والنجوم الزاهرة 7/ 224، والدليل الشافي 1/ 398، وبغية الوعاة 2/ 77، 78 رقم 1480، وتاريخ الخلفاء 48، وطبقات الحفاظ 507، والدارس 1/ 23، وطبقات المفسرين للداوديّ 1/ 263، وشذرات الذهب 5/ 318، وروضات الجنات 429، والأعلام 4/ 70، وديوان الإسلام 3/ 150، 151، رقم 1251، وكشف الظنون 72 وغيرها، وإيضاح المكنون 1/ 93، وهدية العارفين 1/ 524، ومعجم المؤلفين 5/ 125، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 178 ب، 179 أ، وعلم التّاريخ عند المسلمين 524، 551، 610، 631، 673، 690، 719، 723، والتاريخ العربيّ والمؤرخون- شاكر مصطفى 2/ 266- 268، ومقدمة كتاب الروضتين 1/ 3- 12، وعقود الجمان للزركشي، ورقة 101، والإعلان بالتوبيخ 524، 551، 610، 631، 673، 690، 719، 723، والرسالة المستطرفة 132، ومعجم طبقات الحفّاظ والمفسّرين 108 رقم 1123، وتاريخ الأزمنة 250، والمنهل الصافي 7/ 164- 166 رقم 1376.

(49/194)


الإمام، العلّامةُ، ذو الفُنُون، شهابُ الدّين، أبو القاسم، المقدِسيّ الأصل، الدّمشقيّ، الشّافعيّ، الفقيه، المقرئ، النَّحْويّ، أبو شامة.
وُلِد في أحد الرّبيعين سنة تسع وتسعين وخمسمائة بدمشق، وقرأ القرآن وله دون العَشْر. وقرأ القراءات، وأكملها سنة ستّ عشرة على الشّيخ عَلَم الدّين.
وسمع «الصّحيح» من داود بن مُلاعِب، وأحمد بن عبد الله العطّار.
وسمع «مسند الشّافعيّ» و «الدّعاء» للمحامليّ، من الإمام الموفّق بن قُدَامة.
وسمع بالإسكندريّة: من أبي القاسم عيسى بن عبد العزيز بن عيسى، وغيره.
وحصل له سنة بِضْعٍ وثلاثين عنايةٌ بالحديث، وسمّع أولاده، وقرأ بنفسه وكتب الكثير من العلوم، وأتقن الفِقْه، ودرّس وأفتى، وبرع في فنّ العربيّة.
وصنَّف في القراءات شرحا نفيسا للشّاطبيّة، واختصر «تاريخ دمشق» مرّتين، الأولى في خمسة عشر مجلّدا كبارا [1] ، والثّانية في خمسة مجلّدات، وشرح «القصائد النّبويّة» للسّخاويّ في مجلّد.
وله كتاب «الرَّوْضَتَين في أخبار الدّولتين النُّورية والصّلاحيّة» [2] ، وكتاب «الذَّيْل» عليهما، وكتاب «شرح الحديث المقْتَفَى في مبعث المصطفى» ، وكتاب «ضوء السّاري إلى معرفة رؤية الباري» ، وكتاب «المحقّق مِن عِلم الأُصُول فيما يتعلّق بأفعال الرّسُول» ، وكتاب «البَسْمَلَة» الأكبر في مجلَّد، وكتاب «الباعث على إنكار البِدَع والحوادث» ، وكتاب «السِّواك» ، وكتاب «كشف مال بني عُبَيْد» ، وكتاب «الأصول من الأصول» ، و «مفردات القرّاء» ، و «مقدّمة نحو» .
__________
[1] قال ابن جماعة: أما الأكبر منها فلم يخلّ من الأصل فيه بمقصود. (1/ 301) .
[2] نشر بتحقيق الدكتور محمد حلمي محمد أحمد، طبعة مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة 1956.

(49/195)


ونظم «المفصّل» للزّمخشريّ، و «شيوخ البَيْهَقيّ» .
وله تصانيف كثيرة سوى ما ذكرت، وأكثرها لم يفرغْها [1] .
وذكر أنّه حصل له الشَّيْب وهو ابن خمسٍ وعشرين سنة، وولي مشيخة القراءة بالتُّربة الأشرفيّة، ومشيخة الحديث بالدّار الأشرفيّة.
وكان مع كثرة فضائله متواضعا مُطَّرِحًا للتّكلُّف، ربّما ركب الحمار بين الدّوائر.
أخذ عنه القراءات: الشّيخ شهاب الدّين حسين الكفْريّ، والشّيخ أحمد اللّبّان، وزين الدّين أبو بكر بن يوسف المِزّيّ، وجماعة.
وقرأ عليه «شرح الشّاطبيّة» : الشّيخ برهان الدّين الإسكندرانيّ، والخطيب شرف الدّين الفَزَاريّ.
وفي جُمَادى الآخرة من هذه السّنة جاءه اثنان جَبَليّة إلى بيته الّذي بآخر المعمور من حِكْر طواحين الأُشْنان، فدخلوا عليه في صورة صاحب فُتْيا فضرباه ضربا مُبْرَحًا كاد أن يتلف منه، وراحا ولم يدْرِ بهما أحدٌ، ولا أغاثَه أحدٌ.
قال رحمه الله: في سابع جُمَادى الآخرة جرت لي محنة بداري بطواحين الأُشْنان، فألهمَ الله تعالى الصَّبر ولَطَف.
وقيل لي: اجتَمِعْ بوُلاةِ الأمر. فقلت: أنا قد فوّضت أمري إلى الله وهو يكفينا.
وقلت في ذلك:
قلتُ لمن قال: [2] تشتكي ... مما قد جرى فهو عظيم جليل
__________
[1] وقال بن شاكر الكتبي: ووقف كتبه بخزانة العادلية الكبيرة، وشرط فيها شروطا ضيّق فيها فاحترقت بجملتها عند ما احترقت المدرسة العادلية في سنة تسع وتسعين وستمائة، ولم يبق فيها شيء إلّا ما تخطّفه الناس في تلك السنة. كان شرطه فيها ألّا تخرج من خزائنها، بل من أراد النفع بها ينتفع بها في حريم الخزانة، فذهبت جملة كافية. (عيون التواريخ) .
[2] في ذيل المرآة 2/ 368 «ألا» ، ومثله في: عيون التواريخ 20/ 354، والمثبت يتفق مع شذرات

(49/196)


يُقيّض الله تعالى لنا من يأخُذُ ... الحقّ ويشفي الغليلْ
إذا توكّلنا على الله كفى [1] ... وحَسْبُنَا الله ونِعْمَ الوكيلْ
تُوُفّي أبو شامة، رحمه الله، تاسع عشر رمضان، ودُفِن بباب الفراديس.
وكان فوق حاجبه الأيسر شامة كبيرة [2] .
165- عبد العزيز بن إبراهيم [3] بن عليّ بن عليّ بن أبي حرب بن مهاجر.
الأجلّ، تاج الدّين المَوْصِليّ، المعروف بابن الوالي. وأصلهم أجناد.
ووَزَرَ والده شَرَفُ الدّين لصاحب إربِل مظفّر الدّين. ناب هذا عنه.
وكان ذا مكارم وعفّة، وحُسْن سِيرة. وآخر ما ولي وزارة الشّام بعد الصّاحب عزّ الدّين ابن وداعة. وقدِم وباشر المنصب قليلا، ومات وقد نيّف على السّتّين [4] .
166- عبد الغفّار بن عبد الكريم [5] بن عبد الغفّار.
العلّامة الأوحد، نجم الدّين القزوينيّ، الشّافعيّ، صاحب «الحاوي الصّغير» .
__________
[ () ] الذهب.
[1] في ذيل المرآة 2/ 368 «إذا توكلنا عليه كفى» ، ومثله في عيون التواريخ، والوافي بالوفيات.
[2] ونقل ابن إياس في «بدائع الزهور ج 1 ق 1/ 333» أعجوبة نسبها إلى أبي شامة، وأنها جرت في سنة سبعين وستمائة! فكيف يصحّ ذلك وقد مات أبو شامة سنة 665 هـ.
[3] انظر عن (عبد العزيز بن إبراهيم) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 7 ب، وذيل مرآة الزمان 2/ 368، 369، وعيون التواريخ 20/ 355، وعقود الجمان في شعراء أهل هذا الزمان، لابن الشعار الموصلي.
[4] ومولده سنة 592 هـ. ومن شعره:
إذا أمّت الآمال كعبة رفدكم ... فلا عجب أن تنتحى بالرغائب
ومن عذبت منه الموارد أجمعت ... عليه رجال الوفد من كل جانب
[5] انظر عن (عبد الغفار بن عبد الكريم) في: طبقات الشافعية الكبرى 5/ 118، ومرآة الجنان 4/ 167، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 468 رقم 437، والأعلام 4/ 157، وكشف الظنون 625، 1543، وهدية العارفين 1/ 587، ومعجم المؤلفين 5/ 267، 278.

(49/197)


كان أحد الأئمّة الأعلام. ألّف «الحاوي» لولده جلال الدّين محمد.
وأجازت له عفيفة الفارقانيّة من أصبهان.
روى لنا الإمام صدر الدّين ابن حمُّوَيْه بإجازته له.
وحدَّثني الفقيه شهابُ الدّين الواسطيّ بوفاته في ثامن المحرَّم.
167- عبد القادر بن عبد الوهّاب [1] .
الخطيب أبو محمد البدريّ، الصُّوفيّ، الشّافعيّ.
وُلِد سنة سبْعٍ وستّمائة.
وروى عن: جعفر الهَمْدانيّ.
وولي الخطابة والإمامة بالجامع العتيق بمصر.
ومات، رحمه الله، في رمضان.
168- عبد المحسّن بن عليّ [2] بن أبي الفُتُوح نصر بن جبريل.
الشّيخ الصّالح، المُسْنِد، أبو محمد الأنصاريّ، الخَزْرَجيّ، المصريّ، الشّافعيّ، المعروف بابن الزّهر.
ولد سنة إحدى وثمانين وخمسمائة تخمينا بمصر.
وسمع من: أبي الفضل الغَزْنَويّ، وأبي عبد الله الأرتاحيّ، وأبي الحسن ابن نجا الأنصاريّ، وفاطمة بنت سعْد الخير.
روى عنه: الدّمياطيّ والمصريّون.
ومات في العشرين من رجب.
169- عبد المحسّن بن يونس [3] .
أبو محمد القُضَاعيّ، الخَوْلانيّ، المصريّ، المؤدّي، المعروف بابن سمعون.
شيخ صالح، معمّر، عاش تسعين سنة.
__________
[1] انظر عن (عبد القادر بن عبد الوهاب) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 5 ب.
[2] انظر عن (عبد المحسن بن علي) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 5 أ.
[3] انظر عن (عبد المحسن بن يونس) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 3 ب.

(49/198)


وحدث عن: أبي محمد عبد الله بن عبد الجبّار العثماني.
وتُوُفّي في جُمَادى الآخرة.
170- عبد الوهّاب بن خَلَف [1] بن بدر.
العلاميّ، قاضي القُضاة، تاجُ الدّين أبو محمد ابن بنت الأعزّ، الشّافعيّ.
وُلِد سنة أربع عشرة وستمائة، وقيل: سنة أربعٍ وستّمائة [2] .
وروى عن: جعفر الهَمْدانيّ، وغيره.
قال قُطْبُ الدّين [3] : كان إماما فاضلا، متبحّرا، ولي المناصب الجليلة كنظر الدّواوين والوزارة والقضاء. ودرّس بالصّالحيّة، ودرّس بمدرسة الشّافعيّ بالقرافة. وتقدَّم في الدّولة. وكانت له الحُرْمة الوافرة عند الملك الظّاهر.
وكان ذا ذهنٍ ثاقب وحَدْس صائب وجدّ وسَعْد وحزْم وعزْم، مع النّزاهة المفرطة، وحسن الطّويّة والصّلابة في الدّين، والتّثبّت في الأحكام، وتولية الأكفاء. لا يُراعي أحدا ولا يُداهنه. ولا يقبل شهادة مُريب.
وكان قويّ النّفس بحيث يترفّع على الصّاحب بهاء الدّين ولا يحفل بأمره.
فكان ذلك يعظُم على الصّاحب ويقصد نكايته فلا يقدر، فكان يوهم السّلطان
__________
[1] انظر عن (عبد الوهاب بن خلف) في: ذيل الروضتين 240، وذيل مرآة الزمان 2/ 369- 371، وفيه: «عبد الوهاب بن خلف بن محمود» ، والمقتفى للبرزالي 1/ ورقة 5 أ، وتالي كتاب وفيات الأعيان 124، 125 رقم 194، وتذكرة الحفاظ 4/ 1461، ونهاية الأرب 30/ 140- 145، ودول الإسلام 2/ 170، والعبر 5/ 281، والإشارة إلى وفيات الأعيان 361، والإعلام بوفيات الأعلام 278، ومرآة الجنان 4/ 164، والبداية والنهاية 13/ 249، 250، وعيون التواريخ 20، 351، 352، والسلوك ج 1 ق 2/ 561، وعقد الجمان (1) 12، 13، والنجوم الزاهرة 7/ 222، وتاريخ ابن سباط 1/ 416، وشذرات الذهب 5/ 319، وبدائع الزهور ج 1 ق 2/ 325، وطبقات الشافعية الكبرى 5/ 134 (8/ 318- 323) ، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 469، 470 رقم 439، وتاريخ الخلفاء 453، والوافي بالوفيات 19/ 300- 302 رقم 281، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 147- 150، والدليل الشافي 1/ 432 رقم 1492، وحسن المحاضرة 1/ 415.
[2] وقع في ذيل الروضتين: مولده في سنة أربع وستمائة.
[3] في ذيل المرآة.

(49/199)


أنّ للقاضي متاجر وأموالا، وأنّ بعض التّجّار ورد وقام بما عليه ثمّ وجد معه ألف دينار، فأُنكر عليه فقال: هي وديعة للقاضي. فسأل السّلطانُ القاضي فأنكر لئلّا يحصل غرض الوزير منه، ولم يصرّح بالإنكار بل قال: النّاس يقصدون التَّجوُّه بالنّاس وإن كانت فقد خرجت عنها لبيت المال. فأُخِذت، وهان ذلك على القاضي مع كَثْرة شُحّه لئلّا يبلغ الوزيرُ مقصودَه منه.
وكان الوزير بهاء الدّين يختار أنّ القاضي تاج الدّين [يأتي] إلى داره فتغيّر مزاجه وعادَه النّاسُ فعادَه القاضي، فلمّا دخل على الوزير وثب من الفراش ونزل له من الإيوان، فلمّا رآه كذلك قال: بلغني أنّك في مرضٍ شديد وأنت قائم. سلام عليكم. ثمّ ردّ ولم يزد على ذلك.
تُوُفّي في السّابع والعشرين من رجب، وكانت جنازته مشهودة.
وهو والد القاضي الكبير صدر الدّين عمر قاضي الدّيار المصريّة، ووالد قاضي القُضاة تقيّ الدّين عبد الرحمن الّذي وَزَرَ أيضا، ووالد القاضي العلّامة، علاء الدّين أحمد الّذي دخل اليمن والشّام.
171- عليّ بن الزّاهد أبي العبّاس [1] أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن ميمون.
الإمام المفتي، تاجُ الدّين ابن القسطلّاني، القيسيّ، المصريّ، المالكيّ، المعدّل [2] .
__________
[1] انظر عن (علي بن الزاهد أبي العباس) في: معجم شيوخ الدمياطيّ 1/ ورقة 91 أ، وذيل مرآة الزمان 2/ 371، 372 وفيه: «علي بن أحمد بن محمد بن الحسن» ، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 6 ب، ومشيخة قاضي القضاة ابن جماعة 1/ 417- 433 رقم 46، والعبر 5/ 281، وتذكرة الحفّاظ 4/ 1461، والإشارة إلى وفيات الأعيان 361، والإعلام بوفيات الأعلام 278، ومرآة الجنان 4/ 164، وعيون التواريخ 20/ 355، 356، وذيل التقييد 2/ 179 رقم 1387، والعقد الثمين 6/ 136، والدليل الشافي 1/ 447، والنجوم الزاهرة 7/ 223، وحسن المحاضرة 1/ 455، وشذرات الذهب 5/ 320، وشجرة النور الزكية 169.
[2] وقال اليافعي: هذا الملقّب بتاج الدين كما ترى وليس هو قطب الدين بن القسطلاني، وقد

(49/200)


سمع بمكّة من: يحيى بن ياقوت، وزاهر بن رستم، ويونس بن يحيى الهاشميّ، وأبي الفُتُوح نصر بن الحُصْريّ، وأبي عبد الله بن البنّاء.
وبمصر من: المطهَّر بن أبي بكر البَيْهَقيّ، وعليّ بن خَلَف الكَيْفيّ [1] ، وابن الفضل الحافظ، وجماعة.
ودرّس بالمدرسة المالكيّة المجاورة للجامع العتيق. وولي مشيخة دار الحديث الكامليّة بعد الرشيد العطّار. وكان من أعلام الأئمّة المشهورين بالفضيلة والدّين، وحُسن الأخلاق، والصّلاح، ولِين الجانب، ومحبَّة الحديث وأهله.
روى عنه: الدّمياطيّ، وقاضي القُضاة بدر الدّين ابن جماعة، وعَلَم الدّين الدّوَاداريّ، وعبد المحسن الصّابونيّ، وعبد الله بن عليّ الصّنْهاجيّ، وزُهْرة بنت الخَتَنيّ، والمصريّون.
وتُوُفّي إلى رحمة الله في سابع عشر شوّال، وله سبعٌ وسبعون سنة وأشهُر [2] . وهو أخو الشّيخ قُطْبُ الدّين [3] .
172- عليّ.
الصدر علاءُ الدّين عليّ بن جمال الدّين بن مُقْبل الدّمشقيّ.
تُوُفّي فيها.
__________
[ () ] يشتبه ذلك على من ليس عنده علم، فإنّهما مشتركان في أوصاف متعدّدة، وكلاهما ابن القسطلاني، وكلا أبويهما اسمه أحمد وأبو العباس كنيته، وكلاهما زاهد وعالم ومصري ومالكي، وكلا الوالدين عالم ومدرّس ومفتي وشيخ الحديث في الكاملية، ولكن قطب الدين متأخر يأتي في سنة ست وثمانين، فهو أجلّ الرجلين قدرا وأشهر هما ذكرا.
[1] توضيح المشتبه 7/ 354 وفي الأصل: «الكومي» .
[2] مولده سنة 588 هـ. (المقتفي 1/ ورقة 6 ب) .
[3] وقال ابن جماعة: كان شيخا جليلا فاضلا خيّرا، كثير الصلاح والتواضع، من أعيان المعدّلين الذين يباشرون أمر الأنكحة بالديار المصرية، وممّن يعتمد عليه ويشار إليه، وكان فقيها عالما بمذهب مالك رضي الله عنه يفتي فيه، ثم لونه ولي مشيخة دار الحديث الكاملية، ولم يزل بها شيخا إلى حين وفاته. (1/ 417) .

(49/201)


173- عليّ بن موسى [1] بن يوسف.
الإمام، المقري، الزّاهد، أبو الحسن السّعْديّ، المصريّ، الدّهّان.
وُلِد بالقاهرة سنة سبع وتسعين وخمسمائة.
وقرأ القراءات على أبي الفضل جعفر الهَمْدانيّ.
وقرأ على أبي القاسم الصَّفْراويّ جمعا إلى آخر الأعراف.
وسمع من جماعة. وتصدَّر للإقراء في المدرسة الفاضليّة، وقصده القرّاء.
وكان عارفا بالقراءات ووجوهها، محقِّقًا لها، ديِّنًا، صالحا، متعفّفا، قانعا، حَسَن الصُّحْبة، تامّ المروءة، ساعيا في حوائج أصحابه، صاحب قَبُول عند النّاس.
قرأ عليه القراءات: شيخنا الشّمس الحاضريّ، وأبو عبد الله محمد بن إسرائيل القصّاع، والبرهان أبو إسحاق الوزيريّ، وجماعة.
وتُوُفّي فجأة في الرّابع والعشرين من رجب. وشيّعه الخلْق.
وكان شيخنا الحاضريّ يصف دِينه ومروءته وتَوَاضعه وفضائله، رحمه الله تعالى.
174- عمر [2] .
الأمير، خليفة المغرب المُرتَضَى، أبو حفص ابن الأمير أبي إبراهيم بن يوسف القَيْسيّ، المؤمنيّ.
ولي الأمر بعد المعتضد باللَّه عليّ بن إدريس سنة ستّ وأربعين وستّمائة.
__________
[1] انظر عن (علي بن موسى) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 5 أ، ب، وصلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني 2/ ورقة 87، والعبر 5/ 281، ومعرفة القراء الكبار 2/ 612 رقم 640، والإعلام بوفيات الأعلام 278، ومرآة الجنان 4/ 165، وغاية النهاية 1/ 582 رقم 2361، ونهاية الغاية، ورقة 172، وحسن المحاضرة 1/ 502، وشذرات الذهب 5/ 320، والوافي بالوفيات 22/ 252، 253 رقم 183.
[2] انظر عن (عمر الأمير) في: العبر 5/ 282، ودول الإسلام 2/ 170، ومرآة الجنان 4/ 165، ومآثر الإنافة 2/ 101، 102، وشرح رقم الحلل 195، 206، 240، 241.

(49/202)


وامتدّت دولته. وكان ملكا مستَضْعفًا وادعا، فلمّا كان في المحرّم من هذه السّنة دخل ابن عمّه الواثق باللَّه إدريس بن أبي عبد الله يعقوب بْن يوسف بْن عَبْد المؤمن، الملقَّب بأبي دبوس، مدينة مَرّاكِش فهرب المرتضى إلى بلد آزمور، فظفر به عاملُه فخانه وأمسكه، وكتب إلى أبي دبوس، فكتب إليه يأمره بقتله، فقتله في ربيع الآخر. وأقام أبو دبّوس في الأمر بالمغرب ثلاث سِنين، وبهلاكه زالت دولة بني عبد المؤمن وقامت دولة بني مَرِين، والله أعلم.
- حرف الميم-
175- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه [1] بْن عبد العزيز.
أبو عبد الله الرُّعَيْنيّ، المالقيّ، العبد الصّالح.
سمع من: أبي محمّد القُرْطُبيّ الكُتُب الخمسة.
وأجاز له أبو جعفر بن عبد المجيد الخيّار، وأبو إسحاق بن عُبيديس.
قال ابن الزُّبَيْر: غَلَبَتْ عليه العبادة.
مات في آخر العام عن نحو الثّمانين.
176- محمّد بن عبد الله [2] بن عَلّيات بن فضالة بن هاشم.
أبو عبد الله القُرَشيّ، العثمانيّ، الأُمَويّ، المكّيّ.
عاش تسعين سنة.
وروى عن: أبي الفتوح بن الحُصْريّ.
ومات في صفر بمكّة. وهو خادم الشّيخ عبد الرحمن المغربيّ، ووالد الشّيخ محمد بن محمد الخادم.
177- محمد بن عمر [3] بن حسن بن عبد الله.
__________
[1] انظر عن (محمد بن عبد الله) في: صلة الصلة لابن الزبير.
[2] انظر عن (محمد بن عبد الله) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 2 ب، والعقد الثمين 2/ 71، وذيل التقييد 1/ 141، 142 رقم 229.
[3] انظر عن (محمد بن عمر) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 3 أ، والذيل على الروضتين 238، ومعجم شيوخ الدمياطيّ 1/ ورقة 55 ب، ومشيخة قاضي القضاة ابن جماعة 2/ 509، 510 رقم 62.

(49/203)


الشّيخ ضياءُ الدّين ابن خواجا إمام الفارسيّ، ثمّ الدّمشقيّ، ولد سنة تسع وثمانين وخمسمائة.
وسمع، محمد بن الخصيب، وحنبل، وابن طَبَرْزَد.
وعنه: الدّمياطيّ، والشّيخ عليّ المَوْصِليّ، وابن الخبّاز.
وكتب عنه من القُدماء: زكيُّ الدّين البِرْزاليّ، وغيره.
وكان رجلا صالحا منقطعا، يؤمّ بمسجد مثقال الْجَمْدار على نهر يزيد.
وهو والد شيخنا الشَّرف النّاسخ.
تُوُفّي في سادس ربيع الأوّل [1] .
178- محمَّد بن أبي الفضل [2] عمر بن أبي القاسم.
الشّريف أبو عبد الله ابن الدّاعي الرّشيديّ، الواسطيّ، الهاشميّ، المقرئ. شيخ القُرّاء ومُسْنِد الآفاق.
كان أحد من عُنِي بهذا الشّأن.
قرأ بالعشرة على: أبي بكر الباقِلّانيّ، وأبي جعفر المبارك بن المبارك بن أحمد بن زُريق الحدّاد، ومحمد بن محمد بن الكال الحلبيّ.
وعُمِّر دهرا، وجلس للإقراء ببغداد.
قرأ عليه القراءات: الموفَّق عبد الله بن مظفّر بن علّان البعقوبيّ، والشّيخ عليّ حريم الواسطيّ، والجمال المصريّ.
وسمع منه القراءات: الشّيخ عبد الصّمد بن أبي الْجَيْش، وغيره.
بقي إلى سنة خمسٍ وستّين وستّمائة بواسط، وأجاز فيها لابن خروف بخطِّ شديد الاضطراب.
__________
[1] وقال ابن جماعة: كان شخصا صالحا من الفقهاء الأخيار، منقطعا عن الناس، حسن السمت، ظاهر الخير. (2/ 509) .
[2] انظر عن (محمد بن أبي الفضل) في: المعين في طبقات المحدّثين 212 رقم 2219، والوافي بالوفيات 4/ 263 رقم 1798، وغاية النهاية 2/ 219.

(49/204)


وروى عنه إذْنًا البرهان الجعبريّ ببلد الخليل عليه السّلام.
179- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد [1] بْن أَبِي الفُتُوح مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عِمْروك.
الشّريف شَرَفُ الدّين، أبو الفضل القُرَشيّ، التّيميّ، البكريّ.
ولد سنة تسعين وخمسمائة [2] بالقاهرة.
وسمع من جدّه، ومن: حنبل، وابن طَبَرْزَد، وأبي اليُمن الكِنْديّ، وستّ الكَتَبة بنت الطّرّاح، وجماعة.
روى عنه: ابن الحُلْوانيّة، والدّمياطيّ، ومحمد بن محمد الكنْجيّ، وأبو عبد الله ابن الزّرّاد، وأبو الحسن بن الشّاطبيّ، وطائفة.
وقد روى من بيته جماعةٌ بالقاهرة. وفي رابع المحرَّم تُوُفّي.
180- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد [3] بْن أَبِي بَكْر.
أَبُو عبد الله الرّازيّ الأصل، المكّيّ، الصّوفيّ.
روى عن: عليّ بن البنّاء.
وتُوُفّي بقوص في رجب.
181- محمد بن مفرّج [4] بن وليد.
الأمير القائد المجاهد، أبو الشّوائل السّيّاريّ، الغرناطيّ.
__________
[1] انظر عن (محمد بن محمد) في: الذيل على الروضتين 238، وذيل مرآة الزمان 2/ 372، والمقتفي على الذيل على الروضتين للبرزالي، (مخطوطة طوب كابي) ج 1/ ورقة 2 أ، ب، والوافي بالوفيات 1/ 283 رقم 7186 والعقد الثمين 2/ 337، وذيل التقييد 1/ 261 رقم 511، والمقفّى الكبير 7/ 86، 87 رقم 3162، وسير أعلام النبلاء 23/ 329 رقم 227.
[2] جاء في (المقفى الكبير 7/ 87) : ولد في شعبان سنة خمس، وقيل ولد بمصر سنة تسع- وخمسمائة» ! وهذا غلط.
[3] انظر عن (محمد بن محمد) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 4 ب، والعقد الثمين 2/ 286، وذيل التقييد 1/ 220 رقم 423، والوافي بالوفيات 5/ 50 رقم 2035.
[4] انظر عن (محمد بن مفرّج) في: الإحاطة في أخبار غرناطة.

(49/205)


كان كثير الأموال وأكثرها من الغنائم. وله بِرٌّ ومعروف وصدقات وافرة جدّا. وأمّا جهاده فَقَلَّ مَن يصل إلى رُتْبته فيه. لم يكن فيه عضوٌ إلّا وفيه طعنة برُمح فيما أقبل من جسده. ولم يُولد له قطّ. وقد أوصى بثلث ماله للمساكين، وأعتق عبيده أجمعين. وأعطاهم لكلّ واحدٍ خمسين دينارا.
وقد بلغ تسعين سنة، رحمه الله.
مات في محرَّم سنة خمسٍ. قرأت هذا بخطِّ أبي الوليد بن الحاجّ يقول فيه:
تُوُفّي سيّدنا ورابّنا الشّيخ القائد المجاهد في سبيل الله الّذي أبلى [1] بلاء حَسَنًا مدى عُمُره في ذات الله أبو عبد الله، الشّهير بأبي الشّوائل.
قلت: كان رئيس غَرْنَاطة وعميدَها.
182- محمود بن أبي القاسم [2] إسفنديار بن بدران بن أيّان [3] .
الزّاهد، العالم، أبو محمّد الدَّشْتيّ، الإربِليّ.
سمع الكثير من: جعفر الهَمْدانيّ، وأبي الحسن بن المقيّر، وأبي القاسم ابن رواحة، والضّياء المقدِسيّ، وابن خليل، وابن يعيش، وطبقتهم.
وعني بالحديث، ونسخ الأجزاء، وخطّه رديء، معروف.
وكان قانعا متعفّفا، صَبُورًا على الفقر. يلبس قُبْع دلْك وفروة حمراء وثوب خام. وكان أمّارا بالمعروف نهّاء عن المُنكَر، داعية إلى السُّنّة مجانِبًا للبِدْعة، يبالغ في الرّدّ على نُفاة الصّفات الخبريّة. وينال منهم سَبًّا وتبديعا، وهم يرمونه بالتّجسيم. وكان بريئا من ذلك رحمه الله، لكنّه ناقص الفضيلة قاصِر
__________
[1] في الأصل «أبلا» .
[2] انظر عن (محمود بن أبي القاسم) في: المشتبه 1/ 4، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 4 ب، والإشارة إلى وفيات الأعيان 361، والنجوم الزاهرة 7/ 323، وتوضيح المشتبه 1/ 124، وتبصير المنتبه 1/ 4، وتاج العروس (مادة: دشت) .
[3] في الأصل: «أبان» ، ومثله في تاج العروس. والتصحيح من: المشتبه، والتوضيح، والتبصير. بياء آخر الحروف مشدّدة.

(49/206)


عن إفحام الخصوم. وقد دخل مرّة على السّلطان الملك النّاصر فأنكر عليه بعض هناته فَلَكَمَه السّلطان وأُخْرِج.
وله تعاليق وتواليف.
روى عنه: ابن أخيه شهاب الدّين أحمد، وغيره.
وتُوُفّي في الحادي والعشرين من رجب. وقد نيّف على السّتّين، ودُفِن بسَفْح المُقَطّم.
وممن روى عنه: الدّمياطيّ في «مُعْجَمه» .
ولمّا أهانه الملك النّاصر ندِم وبعث إليه يستعطفه فقال: وددت أنّني أدخل إليه وأخاطبه بما خاطبتُه ويعود يضربني.
وقد ضربه مرّة نائب السّلطنة لؤلؤ بحلب لأنّه قرأ مناقب الصّحابة، وقصد إسماعه ذلك يوم الجمعة. وكان لؤلؤ يتشيّع ولهذا ضربه.
وأنكر على البادرائيّ القيامَ عند الدّعاء للخليفة بدار السّعادة.
وكان كثير الصّوم، فإذا أفطر أفطر على أربعة عشرة لقمة أو نحوها.
ويأثر أنّ عمر رضي الله عنه كان يقتصر على ذلك.
وكان ينكر على الأمراء الكِبار ويُغْلِظ لهم في المحافل. ولا يقبل من أحدٍ شيئا، ويتقنّع باليسير، رحمه الله تعالى.
183- ملك شاه [1] .
القاضي شمس الدّين الحنفيّ، قاضي بَيْسان.
ولي نيابة الحُكم مدّة بدمشق، ودرّس بالمَعِينيّة.
وكان من كبار الحنفيّة.
تُوُفّي في صفر.
184- موهوب بن عمر [2] بن موهوب بن إبراهيم.
__________
[1] انظر عن (ملك شاه) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 372.
[2] انظر عن (موهوب بن عمر) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 4 ب، والذيل على الروضتين

(49/207)


القاضي الإمام، صدرُ الدّين، أبو منصور الْجَزَريّ، الشّافعيّ.
وُلِد سنة تسعين بالجزيرة. وتفقّه وبرع في المذهب والأُصُول والنَّحْو.
ودرّس وأفتى وتخرَّج به جماعة.
وكان من فُضَلاء زمانه. ولي القضاء بمصر وأعمالها دون القاهرة مدّة.
وتُوُفّي فجأة بمصر في تاسع رجب [1] .
- حرف النون-
- ناصر الدين القَيْمُريّ.
ملك الأمراء. اسمه الحسين. تقدَّم ذَكْرُه [2] .
185- نبا بن سعد الله [3] بن راهب بن مروان بن عبد الله.
الإمام، الفقيه، موفَّقُ الدين، أبو البَيَان البَهْرانيّ، الحَمَويّ، الشّافعيّ.
ولد بحماه سنة سبع وسبعين وخمسمائة، وسمع جزءا من الحافظ الشّابّ جعفر العبّاسيّ. وحدَّث بدمشق، ومصر. وأعاد بمصر بالشّافعيّ مدّة.
ويُسمّى محمدا أيضا [4] . وكان فقيها صالحا، أضَرَّ في آخر عُمُره وَزَمِنَ، ومات في تاسع جمادى الآخرة.
__________
[ () ] 240، ونهاية الأرب 138، 139، وطبقات الشافعية الكبرى 5/ 162، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 3/ 8 رقم 453، وشذرات الذهب 5/ 320، وعيون التواريخ 20/ 356، 357.
[1] وقال أبو شامة: وكان رفيقنا في الاجتماع عند الشيخ علم الدين السخاوي، والشيخ عز الدين عبد السلام، ثم ناب عنه بالقاهرة في الحكم بها.
وقال النويري: وكان كثير المال مرزوقا في التجارة، فاكتسب مالا جزيلا فمدّ صاحب الجزيرة عينه إلى أمواله وقصد أخذها، فبلغه ذلك، فأرسل أكثر أمواله إلى مصر والشام صحبة التجار ثم هرب واختفى، ووصل إلى الشام ثم إلى الديار المصرية ... ولما مات ترك ما يقارب ثلاثين ألف دينار. (نهاية الأرب) .
[2] برقم (160) .
[3] انظر عن (نبا بن سعد الله) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 4 أ.
[4] قاله البرزالي.

(49/208)


روى عنه: الدّوَاداريّ، وغيره. رحمه الله.
- حرف الياء-
186- يعقوب بن عبد الرحمن [1] بن الإمام الكبير أبي سعد بن أبي عَصْرُون.
الشّيخ سعْد الدين، أبو يوسف التميميّ، الشّافعيّ.
روى بالإجازة عن الإمام أبي الفَرَج بن الجوزيّ، ودرّس بالمدرسة القطبيّة الّتي بالقاهرة مدّة، وكان فقيها فاضلا، رئيسا، نبيلا. تُوُفّي بالمحلّة في الثّالث والعشرين من رمضان.
وولي أبوه قضاء حماة. وتأخّر أخوه محمود وحدَّث.
187- يعقوب بْن نصر اللَّه [2] بْن هبة اللَّه بْن الحسن بن يحيى.
الرّئيس تاجُ الدّين، المعروف بابن سَنِيّ الدّولة الدّمشقيّ.
حدَّث عن: حنبل بن عبد الله.
وتُوُفّي في ذي الحجّة عن سبعين سنة.
وكان خبيرا بالكتابة الدّيوانيّة. وُلّي نَظَرَ بَعْلَبَكّ وغيرَ ذلك.
188- يعقوب بن أبي بكر [3] بن محمد بن إبراهيم.
أبو أحمد الطّبريّ، المكّيّ.
روى عن: يونس بْن يحيى الهاشميِّ، وزاهر بْن رُسْتُم الأصبهانيّ، وغيرهما.
__________
[1] انظر عن (يعقوب بن عبد الرحمن) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 6 أ، ب، وطبقات الشافعية الكبرى 5/ 151، وعقد الجمان (2) 15، وحسن المحاضرة 1/ 234.
[2] انظر عن (يعقوب بن نصر الله) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 7 أ، وذيل مرآة الزمان 2/ 373.
[3] انظر عن (يعقوب بن أبي بكر) في: المقتفى للبرزالي 1/ ورقة 6 أ، والعقد الثمين 7/ 473، وذيل التقييد 2/ 312، 333 رقم 1700.

(49/209)


روى عنه: الدّمياطيّ، ورضيُّ الدّين الطّبريّ ابن أخيه [1] ، وقاضي مكّة نجم الدّين.
تُوُفّي في سلْخ شَعبان. فكانوا سبعة إخوة قدِم أبوهم وجَاوَرَ.
189- يوسف بن عُمَر [2] بن يوسف بن يَحْيَى بن عُمَر بن كامل.
العدْلُ، ضياءُ الدين، أبو الطّاهر الزُّبَيْديّ، المقدِسيّ، الأبّاريّ، الكاتب، ابن خطيب بيت الأبار.
وُلِد سنة إحدى وثمانين.
وسمع من: أبي الفضل إسماعيل الجنزويّ، وأبي طاهر الخُشُوعيّ، والقاسم بن عساكر، وحنبل، وابن طَبَرْزَد، وغيرهم.
روى عنه: الشّيخ زين الدّين الفارقيّ، والدّمياطيّ، وأبو عليّ ابن الخلّال، وجماعة في الأحياء.
وناب أبوه في خطابة دمشق في أيّام الملك العادل لمّا ذهب الدَّوْلعيّ في الرّسْليّة. وهو أخو الخطيب أبي المعالي داود، وأبي حامد عبد الله.
تُوُفّي يوم الجمعة يوم عيد النّحْر.
190- يوسف بن أبي السرّ [3] مكتوم بن أحمد بن محمد بن سُليم.
الشّيخ شمسُ الدّين، أبو الحجّاج القَيْسيّ، السُّوَيْديّ، الحَوْرانيّ، ثمّ الدّمشقيّ، المقرئ الحبّال، والد شيخنا المعمَّر صدر الدّين إسماعيل.
ولد سنة أربع وثمانين وخمسمائة.
__________
[1] في الأصل من غير تنقيط الياء المثنّاة من تحتها، والتحرير من المقتفي.
[2] انظر عن (يوسف بن عمر) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 7 أ، والعبر 5/ 282 وفيه:
«يوسف بن يحيى» ، وتذكرة الحفاظ 4/ 1462.
[3] انظر عن (يوسف بن أبي السّر) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 3 أ، والذيل على الروضتين 238، 239، والإشارة إلى وفيات الأعيان 361، وتذكرة الحفاظ 4/ 1462، والعبر 5/ 282، وذيل التقييد 2/ 332 رقم 1736، وشذرات الذهب 5/ 321.

(49/210)


وسمع من: الخُشُوعيّ، وعبد اللّطيف ابن شيخ الشّيوخ، والقاسم بن عساكر، وحنبل، وجماعة.
روى عنه الحافظ زكيُّ الدين البِرْزاليّ ومات قبله بتسعٍ وعشرين سنة.
وبقي حتّى سمع منه: شرف الدّين منيف القاضي، وشرف الدين ابن عرب شاه، وأخوه داود، ومحمد بن المُحِبّ، وهذه الطّبقة، وولده الصَّدر.
وتُوُفّي في حادي عشر ربيع الأوّل، رحمه الله.
وفيها وُلِد:
الشّيخ عَلَم الدّين القاسم ابن البِرْزاليّ، والشّيخ صدرُ الدّين محمد بن زَين الدّين عمر بن مكّيّ الشّافعيّ، وبهاء الدّين أبو بكر بن شمس الدّين محمد بن غانم، والقاضي عزّ الدّين محمد بن القاضي تقيّ الدّين سليمان، والتّقي أَحْمَد بْن أبي بَكْر بْن مُحَمَّد بْن طرخان، والشَّرَف عبد الله بن أحمد بن القِراط المقدِسيّ، وجمال الدّين داود بن إبراهيم بن العطّار، وعلاء الدين عليّ بن عثمان بن قاضي بالِس، ومحيي الدّين يحيى ابن القاضي الفخر عثمان الزَّرْعيّ، وخطيب المِزَّة شهابُ الدّين أحمد بن عبد الرحمن المَنْبِجيّ، ومحمد بن أحمد بن النّاصح عبد الرحمن بن محمد بن عيّاش الصّالحيّ، وشمسُ الدّين يوسف بن يحيى بن النّاصح بن الحنبليّ، وأبو نُعَيْم أحمد بْن التّقيّ عُبَيْد الإسعرديّ، وقاضي القُضاة شَرفُ الدّين محمد بن أبي بكر بن ظافر الهَمْدانيّ، المالكيّ،

(49/211)


والزّين محمد بن محمود بن عليّ بن مخلص القَزْوينيّ المؤذّن، والتّقيُّ عبد الرحمن بن أحمد ابن شيخنا إبراهيم ابن القوّاس، ومحيي الدّين يحيى بن الخَضِر العبّاسيّ، وعلاء الدّين عليّ بن عليّ بن إبراهيم بن الصّيرفيّ، ويوسف بن عبد القادر الخليليّ، وشمس الدّين محمد بن إبراهيم بن المهندس تقريبا بخطّه.

(49/212)


سنة ست وستين وستمائة
- حرف الألف-
191- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه [1] بْن أبي الغنائم المُسَلّم بْن حمّاد بْن محفوظ بْن ميسرة.
المحدّث، الرّئيس، مجدُ الدين، أبو العبّاس الأزديّ، الدّمشقيّ، الشّافعيّ، التّاجر، المعروف بابن الحُلْوانيّة.
وُلِد في نصف ربيع الأوّل سنة أربعٍ وستمائة.
وسمع من: أبي القاسم بن الحَرَستانيّ، والشّمس أحمد بن عبد الله العطّار، والشّيخ العماد إبراهيم بن عبد الواحد، والقاضي أبي الفضل إسماعيل بن إبراهيم الشّيبانيّ الحنفيّ ابن المَوْصِليّ، وسماعه منه في سنة عشر وستّمائة لكنّه نازلٌ- والمسلّم بن أحمد المارنيّ، وابن صَبّاح، وابن الزُّبَيْديّ، والشّيخ الموفَّق بن قُدَامة، وابن اللتّيّ، والنّاصح بن الحنبليّ، وخلْقٌ بدمشق وأبي عليّ أحمد بن المُعِزّ الحَرّانيّ، وأحمد بن يعقوب المارِستانيّ، وإبراهيم بن عثمان الكاشْغَريّ، وجماعة ببغداد، وعبد الرّحيم بن الطُّفَيّل، وعليّ بن مختار، والعَلَم بن الصّابونيّ، وجماعة بمصر.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن عبد الله) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 8 ب، والعبر 5/ 283، 284، والمعين في طبقات المحدّثين 212، رقم 2220، والإشارة إلى وفيات الأعيان 362، والإعلام بوفيات الأعلام 278، والعبر 5/ 283، والوافي بالوفيات 7/ 123 رقم 3057، والنجوم الزاهرة 7/ 226.

(49/213)


وعبد الحليم بن دخان الهَمْدانيّ، وظافر بْن شحْم، وعليّ بْن زيد التسَارَسِي، والوجيه محمد بن عليّ ابن تاجر عينه، وجماعة بالإسكندريّة.
وعُنِي بالحديث والسّماع، وكتب بخطّه الكثير، وحصّل الأصول، وصار له أنَسَة بالفنّ جيّدة. وخرَّج لنفسه مُعْجَمًا كبيرا ومُعْجَمًا صغيرا [1] .
روى عنه: الدّمياطيّ، والأَبِيَورْديّ، وابن الخبّاز، وزينب بنت ابن الخبّاز، وابنته صَفِيّة بنت الحُلْوانيّة والدة شمس الدّين محمد بن السّراج، وآخرون.
وكان عَدْلًا رئيسا، حَسَن البِزّة، كيّس المجالسة له دُكّان بالخواتيميّين.
تُوُفّي في حادي عشر ربيع الأوّل، ودُفِن بمقبرة باب الصّغير.
192- أَحْمَد بْن عَبْد الْعَزِيز [2] بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرّحيم بن العجميّ.
الصّدر، كمالُ الدّين، والد المولى الإمام بهاء الدّين.
كان رئيسا محتشما، جيّد الإنشاء، بارع الكتابة، حَسَن الدّيانة، ذا مروءة وحُسْن عِشْرة، وكَثْرة محاسن.
كتب الإنشاء في الأيّام النّاصريّة والأيّام الظّاهريّة.
وتُوُفّي في ذي الحجّة بظاهر مدينة صور، ونُقِل إلى دمشق فدُفن بمقبرة الصّوفيّة [3] .
__________
[1] وقال البرزالي: «وجمع شيوخه في سبعة أجزاء» .
[2] انظر عن (أحمد بن عبد العزيز) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 388، 389، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 11 أ، وعيون التواريخ 20/ 366- 370، والسلوك ج 1 ق 2/ 572، والوافي بالوفيات 7/ 68- 71 رقم 3010.
[3] وقال البرزالي: روى عنه الدمياطيّ من شعره.
وذكر ابن شاكر الكتبي شعرا كثيرا. وأورد الصفدي نصوصا نثرية وشعرا له.

(49/214)


193- أحمد بن عبد المحسن [1] بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن علي بْن حَسَن بْن عليّ بْن محمد بن جعفر بن إبراهيم بن إسماعيل بن جعفر بن محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن موسى الكاظم بن جعفر الصّادق.
الشّريف نورُ الدّين، أبو العبّاس العَلَويّ، الحُسَيْنيّ، المُوسَويّ، الواسطيّ، الغرّافّي، التّاجر، السّفّار.
ولد سنة بضع [2] وثمانين وخمسمائة.
وسمع بمَرْو من: أبي المظفَّر عبد الرّحيم بن السّمعاني.
وبالإسكندريّة من: محمد بن عمّار، وغيره.
وببغداد من: أبي الحسن بن القَطِيعيّ مع ولده شيخنا تاج الدّين.
والعزّاف من أعمال واسط.
روى عنه: ولداه أبو الحسن عليّ، وأبو إسحاق إبراهيم، والدِّمياطيّ، وجماعة.
تُوُفّي في خامس صفر بثغر الإسكندريّة [3] ، رحمه الله تعالى.
194- أحمد بن عبد النّاصر [4] بن عبد الله.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن عبد المحسن) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 8 أ، ب، والمقفّى الكبير 1/ 509 رقم 493، وعقد الجمان (2) 36، 37، والوافي بالوفيات 7/ 142 رقم 3072.
[2] في المقتفي 1/ ورقة 8 ب «سنة سبع أو ثمان وثمانين» ، وفي المقفّى الكبير: ولد قبل الثمانين وخمسمائة.
[3] وقال البرزالي 1/ ورقة 8 ب: «وكان شيخا فاضلا، كبير القدر، روى لنا عنه عماد الدين ابن البالسي» .
ومن شعره:
زمان علا فيه اللئيم ترفّعا ... وحطّ به أهل النهى والتجارب
تطاول نوكاه، إلينا وقوّضت ... معاقل كانت للكرام الأطايب
وكتب على كتاب «التنبيه» في الفقه شرحا جليلا استدلّ فيه بعدّة أحاديث وخرّجها، سمّاه:
«معتمد التنبيه على أحاديث مسائل التنبيه» . (المقفى الكبير) .
[4] انظر عن (أحمد بن عبد الناصر) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 8 ب.

(49/215)


أبو العبّاس اليمنيّ [1] .
روى عن: أبي الفُتُوح بن الحُصْريّ.
وسمع من أهل مصر.
مات في ربيع الأوّل [2] .
195- أحمد بن القاضي شمس الدين عمر بن أسعد بن المنجا.
الإمام، الفقيه، الصّالح، عمادُ الدّين التّنوخيّ، الحنبليّ، أخو شيختنا ستّ الوزراء.
ذكر وفاته شمس الدين ابن الفخر في جُمَادى الآخرة، وكانت جنازته حَفِلَةً كبيرة وعُمُرُهُ أربعون سنة إلّا شهران.
قلت: سمع مع أخته، وهي أكبر منه، «صحيح البخاريّ» . ولم يرْوِ.
وهو واقفُ حلقةِ العماد برواق الحنابلة.
196- إبراهيم بن عبد الله [3] بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن قُدَامة بْن مِقْدام بْن نصر.
الإمام، الزّاهد، القُدْوة، الخطيب، عزّ الدين، أبو إسحاق ابن الخطيب شَرَف الدين أبي محمد ابن الزّاهد الكبير الإمام القُدْوة أبي عمر المقدِسيّ، الجمّاعيليّ [4] الأصل، الدمشقيّ الصالحي الحنبلي.
__________
[1] هكذا في الأصل، وفي المقتفي: «التميمي» .
[2] وقال البرزالي: ومولده بمكة في النصف الأول من صفر سنة إحدى وتسعين وخمسمائة.
روى لنا عنه الدواداريّ في معجمه» .
[3] انظر عن (إبراهيم بن عبد الله) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 388، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 8 ب، والإشارة إلى وفيات الأعيان 362، والإعلام بوفيات الأعلام 278، والعبر 5/ 284، ومرآة الجنان 4/ 165، وذيل طبقات الحنابلة 2/ 277، ومختصره 78، وعيون التواريخ 20/ 366، والمنهج الأحمد 391، والمقصد الأرشد، رقم 218، والمنهل الصافي 1/ 64- 66، والنجوم الزاهرة 7/ 227، والدرّ المنضد 1/ 410 رقم 1105، وشذرات الذهب 5/ 322، والوافي بالوفيات 6/ 35، 36 رقم 2468.
[4] الجمّاعيلي: نسبة إلى جمّاعيل قرية في جبل نابلس من أرض فلسطين قريبة من بيت المقدس.

(49/216)


وُلِد في رمضان سنة ستٍّ وستّمائة.
وسمع من: عمّ أبِيهِ، الشّيْخ موفَّق الدّين، والشّيخ العماد، والشّيخ الشّهاب بن راجح، والقاضي أَبِي القاسم بْن الحَرَستانيّ، وداود بْن مُلاعب، وأبي عبد الله بن عبدون البنّاء، وأبي اليُمْن الكِنْديّ، وأبي القاسم أحمد بن عبد الله العطّار، وموسى بن الشّيخ عبد القادر، وأبي المحاسن بن أبي لقمة، وأبي الفتوح محمد بن الجلاجليّ، وأبي محمد بن البنّ، وأبي الفتح محمد بن عبد الغنيّ، وأبي المجد القَزْوينيّ، وطائفة وسواهم.
وسماعه من الكِنْديّ حضور.
روى عنه: الدّمياطيّ، والقاضي تقيُّ الدّين سليمان، وابن الخبّاز، وابن الزّرّاد، وجماعة.
وأجاز له عمر بن طَبَرْزَد، والمؤيّد الطُّوسيّ، وجماعة.
وكان فقيها، عارفا بالمذهب، صاحب عبادة وتهجُّد وإخلاصٍ، وابتهالٍ وأوراد ومراقبةٍ وخشْيةٍ. وله أحوالٌ وكراماتٌ ودَعَواتٌ مُجَاباتٌ.
قال ابن الخبّاز: كان إِذَا دَعَا كَانَ الْقَلْبُ يَشْهَدُ بِإِجَابَةِ دُعَائِهِ من كثرة ابتهاله وإخلاصه وتذلُّله وانكساره. وله أدعيةٌ تُحفظ عنه. وكان أمّارا بالمعروف نهّاء عند المنكر، يروح إلى الأماكن البعيدة ومعه جماعة فينكر ويبدّد الخمر ويكسر الأواني. رأيتُ ذلك منه غير مرّة.
قال: وكان ليس بالأبيض ولا بالآدم، معتدل القامة، واسع الجبهة، أشقر اللّحية، أشهل العينين بزُرْقة، مقرون الحاجبين، أقنى [1] العُرَنَين.
قال: وسمعت الشَّرَفَ أحمد بن أحمد بن عُبَيْد الله يقول: أنا من عُمري أعرف الشّيخ العِزّ ما له صَبْوة. وسمعت العزّ أحمد بن يونس يقول ما كان الشّيخ العِزّ إلّا سيّد وقته معدوم المثل.
__________
[1] في الأصل: «أقنا» .

(49/217)


وقال أبو بكر الدّقّاق: مَن يكون مثل الشّيخ العِزّ، كان إذا جاء إليه أقلّ الخلْق ضحك في وجهه وبشَّ به وتلطَّف به.
وقال سالم بن عليّ الْجَزَريّ: كان كثير التَّواضُع للصّغير والكبير، كثير الصَّدَقَة والمعروف. ما رأتْ عيني مثْلَه، ولا رأيت أحدا على صِفته.
قال ابن الخبّاز: كان رحمه الله يتألّف النّاس ويلطف بالغُرباء والمساكين ويُحسن إليهم، ويواسيهم ويودّهم، ويتفقّدهم، ويسألهم عن حالهم، ويأخذهم إلى بيته كلّ ليلةٍ وفي كلّ وقت، فيُطْعمهم ما أمكنه. وكان يذمّ نفسه ذمّا كثيرا ويُحقِّرُها ويقول: أيش يجي منّي؟ أيش أنا؟ وكان كثير التّواضع.
وحدَّثني الشّيخ الصّالح أحمد بن محمد بن أبي الفضل قال: كنتُ أعالج الشّيخَ العِزّ في مرضه الّذي قُبِض فيه، فكنت إذا جئتُه بشيءٍ أسقيه يقول: يا حيائي من الله، يا حيائي من الله.
قال: وحدَّثني الزّاهد أبو إسحاق إبراهيم ابن الأرمنيّ قال: رأيت في المنام قبل وفاة الشّيخ بأربع ليالٍ كأنّني في وادي الرَّبْوة، وشخصان جاءا إليَّ وقالا: إنّ الله قد إذِن لإبراهيم أن يدخلَ عليه. فأصبحت وبقيت مفكرا، فجاءني رجلٌ وقال: العِزّ مريض. فقلت: هذه الرّؤية له، وخفت عليه من يومئذٍ. ثمّ قال: وهذه عنايةٌ عظيمة في حقّه، رضي الله عنه، تدلُّ على أنّه من أولياء الله تعالى.
قال ابن الخبّاز: وجدتُ بخطِّ البدر عليّ بن أحمد بن عمر المقدسيّ، وقرأته عليه: كان الشّيخ عزّ الدّين كثير الخير والمعروف والإحسان والصَّدَقَة، وطيّب الكلمة، وحَسَن الملتقى، واللّطف بالنّاس. ويُؤثِرُ كثيرا ويُطْعِم القوم. لم يكن في جماعتنا أكثر منه صَدَقَةً. ويَزُور المنقطعين والأرامل ويلطف بهم. وكان مجتهدا في طلب العِلم وتحصيله، حريصا على دِينه مفتّشا عنه، كثير الأمر بالمعروف والنَّهي عن المُنكَر. وحجّ مرّتين، الأولى سنة اثنتين وعشرين مع والده، والثّانية سنة ثلاثٍ وخمسين، أحسن إلى النّاس في هذه المرّة إحسانا كثيرا بماله وروحه.

(49/218)


وكان كثير الزّيارة إلى القدس والخليل، وكان يلطُف بالنّساء والصِّغار والكبار ويفرّح الصّبيان في المواضع ويوجدهم راحة ويسلّم عليهم، ويُسلِّم على الصّغير والكبير.
ثمّ ذكر منامات عديدة حَسَنةً رآها غيرُ واحدٍ للشّيخ العِزّ. وذكر عن جماعةٍ ثناءهم عليه ووصفهم إيّاه بالسّخاء والكَرَم والمروءة والإحسان الكثير إلى الفقراء، وإيثارهم وقضاء حوائجهم والتّواضع لهم، وطلاقة الوجه والبشاشة والورع والخوف والعبادة والأخلاق الجميلة ونحو ذلك.
وتُوُفّي في تاسع عشر ربيع الأوّل عن ستّين سنة، رحمة الله تعالى.
وقد جمع ابن الخبّاز فضائله وسيرته في بِضعة عشر كرّاسا.
وله أولادٌ فُقهاء صُلحاء.
197- إبراهيم بن يحيى [1] بن أبي حفاظ مهدي.
الإمام، أبو إسحاق المكناسيّ، النّحويّ، أحد الفضلاء والرحّالين.
وُلِد سنة ستّمائة.
وسمع من: أبي الحسين محمد بن محمد بن زَرْقون، وطائفة بإشبيليّة، وارتحل إلى الشّام والعراق.
أخذ عنه الدّمياطيّ ببغداد. وخطّه مُعْرب مليح.
مات بالفيوم في سنة ستٍّ. وله شِعرٌ وفضائل.
198- إسحاق بن إبراهيم [2] بن أبي اليُسر شاكر بْنِ عَبْدِ الله بن بدر الدّين.
أخو الشّيخ تقيّ الدين.
وُلِد سنة إحدى عشرة، ومات في سادس صفر بدمشق.
__________
[1] انظر عن (إبراهيم بن يحيى) في: بغية الوعاة 1/ 435 رقم 881.
[2] انظر عن (إسحاق بن إبراهيم) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 8 أ.

(49/219)


199- إسحاق بْن عَبْد اللَّه [1] بْن عُمَر بْن عَبْد اللَّه.
أبو إبراهيم الدّمشقيّ، ابن قاضي اليمن.
ولد سنة بضع وثمانين وخمسمائة.
وحدَّث عن: عبد اللّطيف بن أبي سعد، وستّ الكَتَبة بنت الطّراح.
كتب عنه الأَبِيَورْديّ، والطَّلَبة.
ومات في شَعبان. وهو أخو إسماعيل الآتي.
200- إسماعيل بْن عَبْد اللَّه [2] بْن عُمَر بْن عَبْد اللَّه.
أبو الطّاهر [3] ، ويُعرف أبوه بقاضي اليمن.
حدَّث عن: عبد اللّطيف بن أبي سعْد الصّوفيّ [4] .
وحدَّث بالقاهرة ودمشق.
روى عنه: الدمياطي، وغيره.
ومات في ذي القعدة بجوبر [5] .
__________
[1] انظر عن (إسحاق بن عبد الله) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 10 أ.
[2] انظر عن (إسماعيل بن عبد الله) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 10 ب، 11 أ، والإشارة إلى وفيات الأعيان 362، والوافي بالوفيات 9/ 150 رقم 4055، وعقد الجمان (2) 36، والمنهل الصافي 3/ 227 رقم 633، والنجوم الزاهرة 7/ 226.
[3] في المقتفي: «أبو الفداء» ولقبه: شرف الدين.
[4] وكان سمع منه في سنة ست وتسعين وخمسمائة بالقاهرة ودمشق.
[5] مولده في شهر ربيع الأول سنة 586 هـ. وفي الوافي: سنة تسع وثمانين.
ومن شعره:
كنتم على البعد لي في قربكم أمل ... حتى إذا ما دنت من داركم داري
نأيتم فبعادي عنكم أبدا ... أرجى وأروح في قلبي وإضماري
ومنه:
كانوا بعيدا ولي في وصلهم طمع ... حتى دنوا فنأوا في القرب وانقطعوا
فالبعد أروح لي من قربهم فعسى ... بعد ليشغل قلبي ذلك الطمع
ومنه في أسود يشرب خمرا:
عاينت أسود يحتسي ... خمرا يسير بها المثل
فتأمّلوا وتعجّبوا ... للشمس يكرعها زحل

(49/220)


201- أيّوب بن عمر [1] بن عليّ بن مقلّد.
أبو الصَّبْر الحمّاميّ، الدّمشقيّ، المعروف بابن الفقّاعيّ.
روى «تاريخ داريّا» عن الخُشُوعيّ.
روى عنه: الدّمياطيّ، وابن الخباز، وتقي الدين أبو بكر المَوْصِليّ، والفخر عثمان الأهوازيّ، والشَّرف صالح بن عربْشاه، وجماعة.
تُوُفّي يوم عاشوراء.
- حرف الحاء-
202- الحبيس بولص [2] .
ويقال ميخائيل.
أحضره الملك الظّاهر وعذّبه حتّى مات في العذاب، وصار إلى العذاب، ورُميت جيفته تحت القلعة على باب القرافة.
وذكرنا في سنة ثلاثٍ وستّين في الحوادث من أخباره وإنفاقه للأموال فيقال إنّه ظفر بكنزٍ مدفون فوَاسى به الصّعاليك والمحاويج من أهل المِلَل، وأدّى عن المصَادرين جملة عظيمة. واشتهر أمره. فلمّا كان في هذه السّنة أحضره السّلطان وطلب منه المالَ والكنز، فأبى أن يعرّفه، وجعل يراوغه ويُغالطه، ولا يُفصح له بشيءٍ. فأدخله إلى عنده ولاطَفَه بكلّ ممكن، فلمّا أعياه حنق عليه وعذبه، فمات ولم يقرّ بشيء [3] .
__________
[1] انظر عن (أيّوب بن عمر) في: الوافي بالوفيات 10/ 53، وعقد الجمان (حوادث 666 هـ) ، والمنهل الصافي 3/ 227 رقم 633، والدليل الشافي 1/ 178، والنجوم الزاهرة 7/ 226.
[2] انظر عن (الحبيس بولص) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 389، 390، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 11 ب، وتالي كتاب وفيات الأعيان للصقاعي 58- 60 رقم 89، وفيه أن قتله في سنة 663 هـ، ومرآة الجنان 4/ 165، 166، وفيه تصحف اسمه إلى: «الحنش» ، وعيون التواريخ 20/ 370، والعبر 5/ 284، وشذرات الذهب 5/ 322.
[3] وقال الصقاعي: وكان مقدار ما حمل من جهته عن الناس إلى الخزانة ستمائة ألف دينار.
وكان يؤثر من يقصده من العالم من العشرة الدراهم إلى الألف درهم. ولا يمسك بيده درهما

(49/221)


203- الحسن بن الحسين [1] بن أبي البركات.
الشّيخ، الرّئيس، عِزّ الدّين، أبو محمد بن المُهَيْر البغداديّ الحنبليّ، التّاجر.
وُلِد سنة أربع وثمانين وخمسمائة.
وسمع «جزءا» من يحيى بن بَوْش تفرَّد به.
روى عنه: الدّمياطيّ، وابن الخبّاز، وشمس الدّين ابن أبي الفتح، والقاضي تقيّ الدين سليمان، والعماد بن الكِنانيّ، وأحمد بن المُحِبّ، وزينب بنت الخبّاز، وجماعة.
وتُوُفّي بدمشق في السّابع والعشرين من رجب.
وذكر الشّيخ شمس الدّين ابن الفخر أنّه كان ناظر المدرسة الجوزيّة [2] .
__________
[ () ] ولا دينارا ولا يأكل من هذا المال الّذي يفرّق منه ولا يلبس.
ومما حكى لي شمس الدين بن أخو (كذا) الصاحب جمال الدين بن مطروح قال: قصدت الحجاز في سنة ثلاث وستين وستمائة فأخذت والركب من العرب، وحضرت إلى مصر فقير (كذا) لا أملك شيء (كذا) وكان لي بكاتب الغتمي معرفة، ولمخدومه صورة في الدولة، فزرته لأعرّفه ما آل حالي إليه، وإذا بالحبيس بولص قد حضر راكب حمار (كذا) ، والخلق قد شحتوه، فدخل إلى ذلك البيت ونظر إليّ وأنا مفكّر، فسأل عني، فعرّفه صاحب المنزل بنسبي وخبري مع العرب. وكان إلى جانبي دواة وقطعة ورقة. فطلب الدواة مني بأدب وأخذ قطعة من تلك الورقة قدر نصف الكف، وكتب فيها شيء (كذا) لم أعرفه، وطواها وناولني إيّاها وقال: يا سيدنا إذا خرجت إلى برّا اقراها. وقام خرج بعد أن أكل مما أحضر له من مواكيل الرهبان. ففتحت الورقة وجدت مكتوب (كذا) فيها:
«اسم الله تعالى، الحقير بولص، ألف درهم» فسألت من يعرف أحواله فقال: أعطيها لمن اخترت من الصيارف وخذ ما فيها.
قال: فحضرت إلى الصراف وقعدت قبالة شخص لم يكن عنده أحد، ورميت الورقة ومنديلي، فقرأها وباسها، ووزن ألف درهم وحطّها في المنديل، فأخذتها كأنها ألف دينار.
[1] انظر عن (الحسن بن الحسين) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 9 ب، والإعلام بوفيات الأعلام 278.
[2] وقال البرزالي: أجاز لي هذا الشيخ في صفر من هذه السنة، وسألت القاضي تقيّ الدين الحنبلي عنه فقال: قدم من الغداء إلى دمشق من جهة واقف المدرسة الجوزيّة الصاحب محيي الدين، رحمه الله، لمحاسبة السيف الجواري على وقفها وعمارتها، فأقام بدمشق، وسافر

(49/222)


- حرف الخاء-
204- الخَضِر بن أسد [1] بن عبد الله بن سلامة.
أبو العبّاس الصّنْهاجيّ ابن السَّقَطيّ.
شيخ مصريّ يروي عنه: الحافظ ابن المفضّل.
تُوُفّي في رجب [2] .
- حرف العين-
205- عبد الله بْن أحمد [3] بْن ناصر بن طُغَان.
أبو بكر الدّمشقيّ، الطّريفيّ، النّحاس.
وُلِد سنة أربع وثمانين وخمسمائة.
وروى عن الخُشُوعيّ، وعبد اللّطيف الصّوفيّ، وجماعة.
وهو أخو عبد الرحمن.
روى عنه: الدِّمياطيّ، والبدر بن التّوزيّ، ومحمد بن محمد الكِنْجيّ، ومحمد بن المُحِبّ، وابن الخبّاز، والعماد بن البالسيّ، وآخرون.
والطّريفيّ نسبة إلى طريف، جَدّ لهم.
تُوُفّي في السّادس والعشرين من شوّال. ولَقَبُه زَيْنُ الدّين.
206- عبد الله بن عليّ [4] بن محمد.
الشّريف أبو جعفر الحُسَيْنيّ، الحجازيّ.
وُلِد بدمشق سنة خمس وستّمائة.
__________
[ () ] السيف إلى بغداد، فوقعت الفتنة فقتل هناك، واستوطن ابن المهير دمشق إلى أن مات وهو يتكلّم في أمر المدرسة ووقفها، روى لنا عنه الشيخ شمس الدين بن أبي الفتح وجماعة.
[1] انظر عن (الخضر بن أسد) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 9 ب.
[2] مولده في ثامن جمادى الأولى سنة ثمان وثمانين وخمسمائة.
[3] (عبد الله بن أحمد) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 10 ب، والمشتبه 1/ 419 والإشارة إلى وفيات الأعيان 362، والنجوم الزاهرة 7/ 227، وتوضيح المشتبه 6/ 23.
[4] انظر عن (عبد الله بن علي) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 9 ب.

(49/223)


وسمع من: أبي القاسم بن الحَرَستانيّ.
وكان صالحا، متعفّفا، قانعا [1] . تُوُفّي بدمشق في جُمَادى الآخرة.
207- عبد الله بن يَحْيَى [2] بْنُ عَبْدِ الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن بن ربيع.
أبو القاسم الأشْعريّ نَسَبًا، القُرْطُبيّ. قاضي الجماعة بغَرْنَاطة.
روى عن الخطيب أبي جعفر بن يحيى وتفرَّد بالرّواية عنه.
وعن: أبي الحسن عليّ الشّقُوريّ، وأبي القاسم بن بقيّ القاضي، وأبي الحسن بن خروف النّحويّ، وعدّه.
روى عنه: أبو جعفر بن الزبير وأثنى عليه.
وولي القضاء أيضا بشَريش ومالقة. وولي خطابة مالقة. وتصدَّر للإشغال. وانتفع فيه فُقهاء غَرْناطة.
قال أبو حيّان: كان رطب المناظرة، مسدَّد النَّظر، منصفا أديبا، نحْويًّا، فقيها، مشاركا في الأُصُول، وغيرها. وأجاز عامّا لأهل غَرْناطة وتُوُفّي بها في شوّال.
وقال ابن الزُّبَيْر: كان أشْعريّ النَّسَب والمذهب، مصمّما على مذهب الأشْعريّة [3] .
208- عبد الخالق بن عليّ [4] .
تاج الدين، الكاتب المعروف بأحمر عينه لحُمرة عينه.
كان كاتبا بارعا في صناعة الحساب. ولي عدّة جهات.
__________
[1] وقال البرزالي: وكان شريفا فاضلا، صالحا، حسن الطريقة، متزهّدا.
[2] انظر عن (عبد الله بن يحيى) في: تكملة الصلة لابن الأبّار 2/ 905، والوافي بالوفيات 17/ 670 رقم 567، وبغية الوعاة 2/ 66، 67 رقم 1453.
[3] وسيأتي أخوه «ربيع بن يحيى» في السنة التالية برقم (229) .
[4] انظر عن (عبد الخالق بن علي) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 390، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 10 ب.

(49/224)


وولي أبوه مهذَّبُ الدّين عليّ بن محمد الإسْعِرْديّ قضاءَ بَعْلَبَكّ قبل السّتمائة [1] فَحُمِدَتْ سيرتُه.
ومات التّاج هذا ببعْلَبَكّ في ذي القعدة، وهو في عَشْر الثّمانين.
209- عبد العزيز بن منصور [2] بن محمد بن محمد بن وداعة.
الصّاحب، عزُّ الدّين الحلبيّ.
ولي خطابة جَبَلَة [3] في أوائل أمره فيما يُقال. وولي للملك النّاصر شدَّ الدّواوين بدمشق. وكان يعتمد عليه. وكان يُظْهِر النُّسُك والدّين، ويقتصد في ملبسه وأموره. فلمّا تسلطن الملك الظّاهر ولّاه وزارة الشّام. فلما وليّ التُّجيبيّ نيابة الشّام حصل بينه وبين ابن وداعة وحشة، فإنّ التُّجيبيّ كان سُنّيًّا ولكن ابن وداعة شيعيا خبيثا فكان التّجيبيّ يسمعه ما يهينه ويؤله، فكتب ابن وداعة إلى السّلطان يطلب منه مشدّا تُركيًّا، وظنّ أنّه يكون بحكمه ويستريح من التُّجيبيّ، فرتّب السّلطان الأمير عزّ الدين كشتغدي الشّقيريّ، فوقع بينه وبينه، فكان الشُّقَيريّ يُهينه أيضا. ثمّ كاتب فيه الشُّقَيريّ، فجاء الأمر بمصادرته، فرُسِم عليه وصُودِر، وأُخِذ خطّه بجملةٍ كبيرة. ثمّ عَصَره الشُّقيريّ وضربه، وعلّقه في قاعة الشّدّ، وجرى عليه ما لا يوصف، وباع موجودة الّتي كان قد وقفها، وحمل ثمنها. ثمّ طُلِب إلى الدّيار المصريّة فمرض في الطّريق، ودخل القاهرة مُثْقَلًا فمات في آخر يوم من السّنة بالقاهرة وهو في عَشْر الثّمانين. وله مسجدٌ وتُربة بسَفْح قاسيون، ولم يُعقب. وله وقفٌ على البرّ.
__________
[1] وقال البرزالي: في أيام صلاح الدين.
[2] انظر عن (عبد العزيز بن منصور) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 390- 392، وتالي كتاب وفيات الأعيان 100، 101، رقم 149، ونهاية الأرب 30/ 155، 156، وعيون التواريخ 20/ 370- 372، والسلوك ج 1 ق 2/ 572، وشذرات الذهب 5/ 323، والوافي بالوفيات 18/ 562، 563 رقم 558، والمنهل الصافي 2/ 303- 305 رقم 447، والدليل الشافي 1/ 418 رقم 1441.
[3] وقع في عيون التواريخ: «بجملة من أعمال الساحل» ، والصواب «جبلة» كما هو مثبت أعلاه.

(49/225)


ذكر ذلك قُطْبُ الدين موسى [1] .
210- عبد العظيم بن عبد الله [2] بن أبي الحَجَّاج ابن الشّيخ البَلَويّ.
الخطيب، العلّامة، أبو محمد، شيخ مالقة.
أدرك جدَّه وسمع منه قليلا. وصنّف تصانيف. وله اختيارات لا يُقلِّد فيها أحدا.
وكان عاكفا على إقراء «المستصفى» و «الجواهر الثّمينة» .
لازمه أبو جعفر بن الزُّبَيْر سنتين يشتغل عليه، وأثنى عليه.
قال: وتُوُفّي في جُمَادى الآخرة سنة ستٍّ وستّين وستّمائة. وكان قد حفر قبرَه، وأعدّ كفنَه، وهيّأ دُرَيهماتٍ برسم مئونة الدَّفْن، رحمه الله.
211- عثمان بن عبد الرحمن [3] بن عتيق بْن الْحُسَيْن بْن عتيق بْن الْحُسَيْن بن عبد الله بن رشيق.
نظام الدّين، أبو عَمْرو الرَّبَعيّ، المصريّ، المالكيّ.
ولد سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة.
وسمع من: أبي القاسم البوصيري، وأبي عبد الله الأرتاحيّ.
وروى «صحيح البُخَاريّ» ، عنهما. وهو من بيت العِلم والدّين والرّواية.
روى عنه: الدّمياطيّ، وقاضي القُضاة ابن جماعة، والمصريّون.
وكان رجلا صالحا، خيِّرًا، وكان جدّه أبو الفضائل عتيق من كبار العلماء.
__________
[1] في ذيل المرآة.
[2] انظر عن (عبد العظيم بن عبد الله) في: صلة الصلة لابن الزبير 35، 36 رقم 50، والوافي بالوفيات 19/ 16 رقم 3.
[3] انظر عن (عثمان بن عبد الرحمن) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 9 أ، ومعجم شيوخ الدمياطيّ 2/ ورقة 80 أ، ومشيخة قاضي القضاة ابن جماعة 1/ 378- 383 رقم 43، وبرنامج الوادي آشي 42، 191، وذيل التقييد 2/ 168، 169 رقم 1368، وعقد الجمان (2) 37، وله ذكر في (الوفيات) لابن رافع 1/ 189، 202 و 2/ 9.

(49/226)


تُوُفّي النّظام رحمه الله تعالى في الحادي والعشرين من جُمَادى الأولى بالقاهرة.
212- عليُّ بن عدْلان [1] بن حمّاد.
الإمامُ، العلّامة، عفيفُ الدين، أبو الحسن الرَّبَعيّ، المَوْصِليّ، النَّحْويّ، المترجِم.
وُلِد سنة ثلاثٍ وثمانين أو قبلها بالمَوْصِل.
وسمع ببغداد. وأخذ الغريب عن أبي البقاء العُكْبَريّ، وغيره.
وسمع من: الحافظ عبد العزيز بن الأخضر، وعبد العزيز بن سينا، ويحيى بن ياقوت، وعلي بن محمد المَوْصِليّ، وبرغش عتيق ابن حمدي، وعبد الله بن عثمان بن قُدَيْرة، وأبي تُراب يحيى بن إبراهيم الكَرْخيّ، ولا لامعة بنت المبارك بن كامل، وجماعة.
وسمع منه: ابن الطّاهريّ، والأَبِيوَرْديّ، والدّمياطيّ، والشّريف عزّ الدين، والدّواداريّ، وطائفة كبيرة.
وأقرأ العربيّة زمانا.
وسمع منه أيضا: شعبان الإربِليّ، ويوسف الخَتَنيّ، وعبد الله بن عليّ الصّنْهاجيّ، وأختاه عائشة وخديجة.
وتصدّر بجامع الملك الصّالح مدّة، وانتفع به جماعةٌ من الفُضَلاء، وكان علامة في الأدب، من أذكياء بني آدم. وانفرد بالبراعة في حلّ المترجَم والألغاز.
وله في ذلك تواليف.
__________
[1] انظر عن (علي بن عدلان) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 392- 395، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 10 ب، والوافي بالوفيات 21/ 308- 314 رقم 204، وفوات الوفيات 3/ 43- 46 رقم 343، وعقود الجمان للزركشي 215، وعقود الجمان في شعراء أهل هذا الزمان لابن الشعار 5/ 7116، وعيون التواريخ 20/ 372- 374، والسلوك ج 1 ق 2/ 572، وعقد الجمان (2) 37، والنجوم الزاهرة 7/ 226، وتاريخ الخلفاء 483، وبغية الوعاة 2/ 179 رقم 1737، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 330، وإيضاح المكنون 2/ 112، وفهرس المخطوطات المصوّرة 1/ 379 وفيه «علي بن حماد بن عدلان» ، والأعلام 4/ 312، ومعجم المؤلفين 7/ 149.

(49/227)


تُوُفّي في تاسع شوّال بالقاهرة، رحمه الله تعالى.
213- عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن عَبْد الرحمن.
الإمام أبو الحسن الرُّعَينيّ، الإشبيليّ.
مشهور بنسبته.
روى عن: أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد الله القُرْطُبيّ، أخذ عنه السّبع.
وتلا للحرمين على أبي بكر بن عبد النّور، وأكثر عنه، وعن: يحيى بن أحمد ( ... ) [1] وهو أكبر شيخ له، وعتيق بن خَلَف. وعدّة.
كتب وقَيَّد وألَّف و ( ... ) [2] الليل، واعتنى بالرّواية والقراءات.
ومات بمَرّاكِش في سنة ستٍّ هذه عن أربعٍ و ... ين [3] سنة. وكان ممّن ختم به الكتابة.
وشيخه ابن عبد النّور مات سنة 614 من أصحاب أبي عبد الله ابن زرقون. وأمّا القُرْطُبيّ فلم أعرفه.
214- عمر بن إسحاق [4] بن هبة الله.
الأمير عِمادُ الدّين، الخلاطيّ.
ولد بخلاط سنة ثمان وتسعين وخمسمائة، وكان عالِمًا فاضلا، حازما خبيرا، حَسَن التّأنّي، لطيف الحركات، له حُرْمة وافرة عند الملوك.
وكان الملك الصّالح أبو الجيش لا يقدّم عليه أحدا ويُكرِمه ويُحبّه.
وله شِعْرٌ جيّد [5] .
__________
[1] بياض في الأصل.
[2] في الأصل بياض.
[3] في الأصل بياض.
[4] انظر عن (عمر بن إسحاق) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 395- 402، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 7 ب، وعيون التواريخ 20/ 374- 376، والسلوك ج 1 ق 2/ 572، وعقود الجمان لابن الشعار 5/ 421، والوافي بالوفيات 22/ 43 رقم 305.
[5] ومن شعره:

(49/228)


تُوُفّي بحماة في أول السّنة.
وكان أبوه أصوليّا، واعظا، أديبا، مصنّفا، وليّ فضاء خِلاط. تُوُفّي بإربِل سنة ستّ عشرة وستمائة.
215- عمر بن الحسين بن إبراهيم.
عزُّ الدّين، أبو حفص الإربِليّ [1] .
وُلِد سنة أربعٍ وستمائة.
وسمع من: أبي القاسم بن الحَرَستانيّ، وداود بن مُلاعِب.
روى عنه ابن الحبّال، وأرّخه في هذه السّنة.
- حرف الغين-
216- غازي بن يوسف [2] .
أبو المظفّر القرشيّ [3] ، مولاهم المصريّ.
__________
[ () ]
كلفت بوجه صاحب الحسن صاحبه ... تروى بماء الحسن فاخضرّ شاربه
حوى قصص العشّاق خط عذاره ... ولا غرو في الإيجاز فاللَّه كاتبه
وله مواليا:
لا تعجبن إذا ما فاتك المطلب ... وعوّد النفس أن تشقى وأن تتعب
إن دام ذا الفقر في الدنيا فلا تعجب ... مات الكرام وما منهم فتى أعقب
وله أيضا:
تجنّب الدنيا ولا تك واثقا ... إليها وإن مالت إليك بمجهود
فأطيب مأكول بها قيء نحلة ... وأفخر ملبوس بها كفن الدود
وقال أيضا:
سبت فؤاد المعنى ... لواحظ منك وسنى
تمرضنا حين ترنو ... وهي أمرض منّا
يا أكثر الناس حسنا ... أقلّهم أنت حسنا
ردّ الرقاد لعل ... الخيال يطرق وهنا
إلى متى ذا التجافي؟ ... جد بالتلاقي وصلنا
[1] لم يذكر في المطبوع من تاريخ إربل.
[2] انظر عن (غازي بن يوسف) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 9 أ.
[3] قال البرزالي: والقرشي نسبة إلى ولاء بني قريش.

(49/229)


روى «التّفسير» عن أبي الحسن بن المقيّر.
وسمع الكثير بنفسه. وعني بالحدث. وكان حسن الفهم، حافظا للمواليد والوفيات.
وتوفّي في ربيع الأوّل وقد قارب الخمسين [1] .
- حرف الكاف-
217- كيقباذ [2] .
السلطان ركن الدين، ولد السلطان غياث الدين كيخسرو ابن السلطان علاء الدين كيقباذ بن كَيْخُسْرُو بْن قَلِيج أرسلان بْن مَسْعُود بْن قليج رسلان بن سليمان بن قطلمش بن أتش بن سلجوق بن دقاق. صاحب الروم وابن ملوكها.
كان كريما، جوادا، شجاعا، لكنّه مقهورٌ، وتحت أوامر التّتار، وقتلوه في هذه السّنة. خَنَقَتْه المُغْل بوتر وله ثمانٍ وعشرون سنة. وذلك لأنّ البرواناه [3] عمل عليه وأوقع [ادّعاء] [4] أنّه يكاتب صاحبَ مصر. وكان كَيّقُبَاذ قد فوَّض جميع الأمور إلى البرواناه، واشتغل بِلَهْوِه ولَعِبِه، وتَرَك الحَزْم.
فاستفحل أمر البرواناه وعجز كَيْقُبَاذ عنه [حتى قتلوه] [5] وجعلوه في محفّة وساروا به إلى أن قدموا قونية به، فأظهروا أنه [وقع من على الفرس فمات] [6] .
__________
[1] وقال البرزالي: مولده سابع عشر صفر سنة سبع عشرة وستمائة بالقاهرة.
[2] انظر عن (كيقباذ) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 403- 406 وفيه اسمه: «قليج أرسلان» ، والعبر 5/ 285، دول الإسلام 2/ 170، والإشارة إلى وفيات الأعيان 362، والعبر 5/ 285، والوافي بالوفيات 24/ 383، 384 رقم 446، ومرآة الجنان 4/ 166، وعيون التواريخ 20/ 364، 365، وتاريخ الخميس 2/ 424، والسلوك ج 1 ق 2/ 571، والنجوم الزاهرة 7/ 226، وشذرات الذهب 5/ 323.
[3] البرواناه: هو معين الدولة سليمان، والبرواناه لفظ فارسي معناه الحاجب، ثم أطلق على الوزير الأكبر.
[4] في الأصل بياض، والإضافة يقتضيها السياق.
[5] في الأصل بياض. والمستدرك من ذيل المرآة 2/ 405 وفيه تفصيل لحادثة القتل.
[6] في الأصل بياض، والمستدرك من: ذيل المرآة 2/ 406.

(49/230)


ثمّ أجلسوا ولَدَه غياثَ الدين كيخسرو في المُلْك، وله عشْر سِنين. ثمّ توجّه ( ... ) [1] السّلطنة البرواناه إلى أبْغا ومعه فَرَس كَيْقُبَاذ وسلاحه وتقادم، فوجد عنده [صاحب [2]] سِيس، فتكلَّم كلٌّ منهما في الآخر بأنّه يكاتب المسلمين. ثمّ عاد البرواناه ومعه أجاي أخو أبغا.
- حرف الميم-
218- محمد بن إبراهيم بن شِبْل بن أبي بكر بن خَلِّكان.
القاضي بدرُ الدّين، أَبُو عَبْد اللَّه الإربِليّ [3] ، الشّافعيّ، قاضي تلّ باشِر.
وليها مدّة، وحدَّث عن بدل التّبريزيّ، وعن أخيه حسين بن إبراهيم.
روى عنه: الدّمياطيّ وورّخ موتَه.
219- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن العاص.
أبو بكر التُّجيبيّ، الإشبيليّ، المقرئ، قرأ «الكافي» على أبي العبّاس بن مِقدام. وتلا بالسَّبْع على: أبي الحُسَين بن عظيمة.
وعاش سبْعًا وثمانين سنة.
تلا عليه بالسَّبْع ختْمةً أبو جعفر بن الزُّبَيْر.
220- محمد بْن أَبِي القاسم [4] عَبْد الرَّحْمَن بْن علي بن محمد بن محمد بن القاسم بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهيم بْن مُحَمَّد بْن عليّ بن عُبَيد الله بْن عليّ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ ابن أبي طالب.
__________
[1] في الأصل بياض. ولعلّ المراد: «نائب» .
[2] في الأصل بياض.
[3] لم يذكر في المطبوع من تاريخ إربل.
[4] انظر عن (محمد بن أبي القاسم) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 403، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 8 أ، ومعجم شيوخ الدمياطيّ 1/ ورقة 34 أ، ومشيخة قاضي القضاة ابن جماعة 2/ 496- 502 رقم 59، والوافي بالوفيات 3/ 235 رقم 1245، والمقفّى الكبير 6/ 37، 38 رقم 2430.

(49/231)


الشّريف الحسيب، الإمام، أبو عبد الله الحُسَيْنيّ، الكوفيّ الأصل، المصريّ الدّار، المعروف والده بالحلبيّ.
ولد سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة، وقرأ القرآن على أبي الحسن الإسكندرانيّ. وبرع في الأُصُول والعربيّة، وسمع «السّيرة» من أبي الطّاهر مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن بُنَان الأنبَاريّ، عن أبيه، عن الحبّال.
وسَمِعَ من: أبي مُحَمَّد عبد الله بْن عبد الجبار. العثماني، وأبي الطّاهر إسماعيل بن عبد الرحمن الأنصاريّ، وحامد بن رُوزبة، وعبد القويّ بن أبي الحسن القَيْسرانيّ، والأمير مُرْهَف بن أُسامة بن مُنْقِذ.
وحدَّث وأقرأ النَّحْو مدّة. وكان جيّد المشاركة في العلوم، مؤثرا الانقطاع والعُزْلة حَسَن الدّيانة.
قال ابنه عزّ الدّين: كان ذا جِدٍّ وعمل مُؤثرًا للانفراد والتّخلّي. كان أبوه من الفُضَلاء المشهورين. له تصانيف حَسَنة. أقرأ الأُصُول والعربيّة مدّة. تُوُفّي أبو عبد الله في سادس صفر وله ثلاثٌ وتسعون سنة.
قلت: فاتَه السَّماع من عبد الله بن برّي، وطبقته على أنّه تفرّد بالرّواية عن الأثير بن بُنَان وغيره.
وكان رئيسا محتشما يصلُح للنّقابة.
روى عنه: الدّمياطيّ، والشّيخ شعبان، وعَلَم الدّين الدّواداريّ، والمصريّون، وعليّ بن قُرَيش، وعبيد الله بن عليّ الصّنْهاجيّ وشمس الدين محمد بن أحمد بن القمّاح.
وفيها وُلِد:
الإمام شَرفُ الدّين أبو محمد عبد الله بن عبد الحليم بن عبد السّلام بن تَيْمية بحَرّان يوم عاشوراء، وقطب الدين محمد بن عبد الوهاب بن مرتضى الأنصاريّ الزّينبيّ بمصر،

(49/232)


وبهاء الدّين عليّ بن عثمان بن أحمد بن عثمان بن أبي الحوافر، سمِعا من النّجيب.
وجلال الدّين محمد بن عبد الرحمن بن عمر القَزْوينيّ، خطيب دمشق، وشمس الدين محمد بن القاضي بهاء الدّين بن الزّكيّ مدرّس العزيزيّة، والمحدّث محمد بن أحمد بن أمين الأقشهريّ نزيل مكّة، والفقيه عبد المنعم بن أحمد بن سعْد بن البوريّ، بغداديّ.
ومحمد ابن شيخنا عليّ بن يحيى بن الشّاطبيّ، وعبد الرّحمن بن إبراهيم بن التّقيّ بن أبي اليُسْر، والتّقيّ محمد بن عبد الملك بن عساكر التَّغْلبيّ المؤذّن.
والمحدَّث شمس الدّين محمد بن محمد بن نِباتة، والشّيخ شمس الدّين محمد بن عبد الأحد بن يوسف بن الوزير بآمِد.
والقاضي شمسُ الدّين محمد بن عبد المجد عيسى البعلبكيّ، والقاضي محيي الدّين إسماعيل بن يحيى بن جَهْبَل الدّمشقيّ، وتقيُّ الدّين عمر بن عبد الله بن شُقَيْر الحرانيّ، والشّيخ أبو بكر بن قاسم الرَّحبيّ بدمشق في ربيع الأوّل، ويوسف بن هارون القاياتيّ، وأحمد بن المقرئ محمد بن إسماعيل السّلميّ القصّاع.

(49/233)


سنة سبع وستين وستمائة
- حرف الألف-
221- أحمد بْنِ عَبْدِ الواحد [1] بن مرّيّ بن عبد الواحد.
الشّيخ الزّاهد، تقيُّ الدين، أبو العبّاس المقدسيّ، الحورانيّ.
ولد سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة. وسمع بحلب من الافتخار عبد المطَّلِب الهاشمي.
وحدَّث. سمع منه: الدّمياطيّ، والشّريف عزّ الدّين، وعَلَم الدّين الدّواداريّ، ورضيُّ الدّين الطّبريّ، وهذه الطّبقة.
وكان فقيها شافعيّا، عارفا بالفرائض، جامعا بين العِلْم والعمل. صاحبَ عزْمٍ وجدّ وقوّة نفس، وتجرّدٍ وانقطاع وعبادةٍ وأوراد. وقد درّس وأفاد و [تولّى] [2] الإعادة بالمستنصريّة ببغداد. ثمّ تزهَّد وأقبل على شأنه.
توفّي في رجب بالمد [ينة النبو] [3] يّة. وقد جاور بمكّة أيضا.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن عبد الواحد) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 412، 413، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 14 أ، والإعلام بوفيات الأعلام 278، وتذكرة الحفاظ 4/ 1476، والوافي بالوفيات 7/ 160 رقم 1089، والعقد الثمين 3/ 83، وذيل التقييد 1/ 342 رقم 675، والمقفّى الكبير 1/ 503، 504 رقم 486، وعقد الجمان (2) 56، والمنهل الصافي 1/ 357، 358 رقم 197، والدليل الشافي 1/ 58.
[2] في الأصل بياض.
[3] في الأصل بياض.

(49/234)


وكان يحطّ على ابن سَبعين وينكِرُ طريقه، وابن سَبعين يسبُّه ويرميه بالتّجسيم ويَفْتري عليه [1] .
222- أحمد بن [محمد] [2] بن أحمد بن داود.
أرشدُ الدّين، أبو العبّاس الهواريّ.
وُلِد بدمشق سنة أربعٍ وستّمائة. وسمّعه أبوه حضورا من الكِنْديّ، وابن الحَرَسْتانيّ.
وسمع من: الشيخ الموفَّق.
وحدَّث.
كتب عنه الشّريف وقال: تُوُفّي بالقاهرة في خامس صَفَر.
223- إبراهيم بن عيسى [3] بن يوسف بن أبي بكر.
المحدّث الإمام، ضياءُ الدّين، أبو إسحاق المُراديّ، الأندلُسيّ.
سمع الكثير من أصحاب السِّلَفيّ وطبقتهم بعد الأربعين. وكتب الكثير بخطّه المتقَن المليح. وكان صالحا عالِمًا، ورِعًا، ديِّنًا. وكان إماما بالبادرائيّة.
وقف كُتُبَه وفوّض نظرها إلى الشّيخ علاء الدّين ابن الصّائغ. وروى اليسير.
مات في رابع ذي الحجّة [4] بالقاهرة، رحمه الله تعالى.
__________
[1] قال المقريزي: وقدم إلى مصر قبيل سنة ستين وستمائة، وحدّث بشيء من شعره، منه:
ريم تسير من العراق سريعا ... فلعلّها ترد الحجاز ربيعا
أضحت تحنّ إلى العقيق صبابة ... وتمدّ أعناقا لهنّ خضوعا
وردت على ماء العذيب فسرّها ... ذاك الورود فنقّطته دموعا
والله لولا حبّ من سكن الحمى ... ما كان قلبي للغرام مطيعا
[2] انظر عن (أحمد بن محمد) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 12 ب، والمستدرك منه.
[3] انظر عن (إبراهيم بن عيسى) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 412، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 15 أ، وطبقات الشافعية الكبرى 5/ 48، والمعين في طبقات المحدّثين 212 رقم 2221، والوافي بالوفيات 6/ 78 رقم 2515، والمنهل الصافي 1/ 117 رقم 61، والمقفى الكبير 1/ 249، وشذرات الذهب 5/ 326.
[4] ورّخه البرزالي، وهو في عشر السبعين.

(49/235)


وذكره الشّيخ محيي الدّين النّوويّ فأطنب فقال: كان بارعا في معرفة الحديث وعلومه وتحقيق ألفاظه، لا سيّما «الصّحيحين» . لم ترَ عيني في وقته مثلَه. وكان ذا عنايةٍ باللُّغة والعربيّة والفقه ومعارف الصّوفيّة، من كبار المسلكين [1] . صَحِبْتُه نحوا من عشر سِنين لم أرَ منه شيئا يُكْرَه. وكان من السّماحة بمحلّ عالٍ على قدْر وجْدِه. وأمّا الشّفقة على المسلمين ونُصْحهم فقلّ نظيرُه. تُوُفّي بمصر في أوائل سنة ثمانٍ.
قلت: بل ما تقدَّم هو الصّحيح في وفاته. وخطّه من أحسن كتابة المغاربة وأتقنها.
224- إبراهيم بن الشّيخ [2] .
أبو زهير المباحي.
كان يجمع المُبَاح من جبل لبنان ويتقوَّت به. وأُقْعِد في آخر عُمُرِه وشاخ وانحطّ. وقيل إنّه نيّف على المائة.
وكان صالحا عابدا سليم الصّدر إلى الغاية.
تُوُفّي بمغارته ببلد بعلبكّ في جُمَادى الأولى. وكان مقصودا بالزّيارة.
225- إسماعيل بن أبي محمد [3] عبد القويّ بن عَزُّون [4] بن داود بن عزّون ابن اللّيث.
__________
[1] وقال المقريزي: وذكر ابن الصلاح عنه معنى هذا تقريبا. (المقفّى الكبير) .
[2] انظر عن (إبراهيم بن الشيخ) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 412.
[3] انظر عن (إسماعيل بن أبي محمد) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 11 ب، 12 أ، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 255 رقم 246، ومعجم شيوخ الدمياطيّ 1/ ورقة 154 ب، ومشيخة قاضي القضاة ابن جماعة 1/ 226 و 235 رقم 18، والعبر 5/ 286، والإشارة إلى وفيات الأعيان 362، والمعين في طبقات المحدّثين 212 رقم 2222، وتذكرة الحفاظ 4/ 1476، والوافي بالوفيات 9/ 144 رقم 4047، وذيل التقييد 1/ 467، 468 رقم 908، وغاية النهاية 1/ 399، والنجوم الزاهرة 7/ 228، وعقد الجمان (2) 54، وحسن المحاضرة 1/ 381، وشذرات الذهب 5/ 324.
[4] ضبطه الصفدي في (الوافي بالوفيات 9/ 144) : غزّون: بالغين المعجمة والزاي المعجمة المشدّدة وبعد الواو نون، وكذا ابن عبد الملك المراكشي في الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة في ترجمة «أبي جعفر بن الزبير أحمد بن إبراهيم» .

(49/236)


زَيْنُ الدّين، أبو الطّاهر الأنصاريّ، الغَزّيّ، ثمّ المصريّ، الشّافعيّ.
ولد قبل التّسعين وخمسمائة. وسمع الكثير بإفادة أبيه من: هبة الله البوصيريّ، وإسماعيل بن ياسين، وعبد اللّطيف ابن أبي سعد، والعماد الكاتب، وأبي يعقوب بن الطُّفَيْل، وحمّاد الحَرّانيّ، والحافظ عبد الغنيّ، وعبد المُجيب بن زُهير، وفاطمة بنت سعد الخير، وجماعة.
وروى الكثير. وكان ديِّنًا صالحا ساكنا.
روى عنه: الدّمياطيّ، والشّيخ شعبان، والدّواداريّ، وقاضي القُضاة بدر الدين [1] ، والطُّواشيّ عنبر العزيزيّ، وفاطمة بنت محمد الدَّرْبَنْديّ، وصدرُ الدّين محمد بن علّاق، وآخرون.
تُوُفّي في ثاني عشر المحرَّم.
226- أيْدمُر [2] .
الأمير عزّ الدّين الحلّي، الصّالحيّ، النّجميّ.
تُوُفّي بقلعة دمشق ودُفِن بجنب مسجد ابن يغمور، وقد نيّف على السّتّين.
__________
[ () ] بينما ضبطه المنذري في (التكملة لوفيات النقلة 3/ 612) ، وابن الصابوني في (تكملة إكمال الإكمال 253) بالعين المهملة كما هو أعلاه.
وتحرّف في (غاية النهاية 1/ 399) إلى: «عزوز» بالزاي في آخره.
[1] وقال: وكان سهلا في التحديث، سمعت عليه قطعة من «معجم الطبراني» وغير ذلك، وكان آخر ما حدّث به «الأربعون» لابن الطفيل بقراءتي عليه في علو مسجده بكرة الإثنين سادس عشر ذي الحجة سنة ست وستين وستمائة. (المشيخة 1/ 227) .
[2] انظر عن (أيدمر) في: الروض الزاهر 350، 351، وذيل مرآة الزمان 2/ 413، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 14 أ، وتالي كتاب وفيات الأعيان 16 رقم 24، ونهاية الأرب 30/ 165، وعيون التواريخ 20/ 383، ودرة الأسلاك (حوادث 667 هـ) ، والدرّة الزكية 142، والبداية والنهاية 13/ 255، والوافي بالوفيات 10/ 5 رقم 4458، والمقفّى الكبير 2/ 352 رقم 878، وعقد الجمان (2) 56، والسلوك ج 1 ق 2/ 582، والنجوم الزاهرة 7/ 227، والدليل الشافي 1/ 167، والمنهل الصافي 3/ 170 رقم 600، ومختصر تنبيه الطالب، ورقة 45، والقلائد الجوهرية 1/ 308.

(49/237)


قال قُطْبُ الدّين [1] : كان من أكبر أمراء الدّولة الظّاهريّة وأعظمهم محلّا.
وكان ينوب في السَّلْطَنَة بمصر إذا غاب السّلطان لوُثُوقه به واعتماده عليه.
وكان قليل الخبرة، لكنّه قدّمته السّعادة. وكان كثير الأموال والمتاجر والخيول والأملاك.
توفّي في شعبان.
- حرف الباء-
227- بكتوب الصّغير.
الأمير بدر الدّين. من أمراء دمشق.
مات فِي ربيع الأوّل.
- حرف الحاء-
228- الْحَسَن بْن علي [2] بْن أبي نصر بن النّحّاس.
الصّدر الجليل، شهاب الدّين ابن عمرون [3] الحبليّ. وابن عمرون جدّه لأمّه.
تُوُفّي بالإسكندريّة في شعبان من السّنة، وله ثلاثٌ وثمانون سنة.
وكان تاجرا مشهورا، وافر الحُرْمة، ظاهر الحشْمة، ذا أموالٍ ومَتَاجر.
ولمّا استولى العدوّ على حلب أحموا دارَهُ وما جاورَها فآوى إلى دارِه خلْقٌ كثير وسلِموا بأموالهم. وقام للتّتار بما التزم لهم من ماله دون أولئك، فكانت له مكرُمة بذلك. وتمزّقت أمواله. ثمّ توجّه إلى مصر في أوائل الدّولة الظّاهريّة، وسكن بالثّغر المحروس إلى أن مات.
__________
[1] في ذيل المرآة 2/ 413.
[2] انظر عن (الحسن بن علي) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 413- 415، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 14 أ، ب، وعيون التواريخ 20/ 383، 384، والنجوم الزاهرة 7/ 228، وشذرات الذهب 5/ والوافي بالوفيات 12/ 175 رقم 154.
[3] تصحّف في النجوم إلى: «ابن عزون» ، وفي شذرات الذهب إلى «ابن عصرون» .

(49/238)


وله ذرّيّة عالجوا الكتابة والتّصَرّف.
- حرف الراء-
229- ربيع بن يَحْيَى [1] بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أحمد بن عبد الرحمن بن ربيع.
أبو الزَّهْر الأشْعريّ، القُرْطُبيّ. من بيتٍ كبير شهير بالأندلس.
روى عن: أبيه أبي عامر المُتَوَفّي سنة تسعٍ وثلاثين.
وعن: أبي الحسن الشَّقُّوريّ بقُرْطُبة.
وأكثر بمالقة عن: أبي الحسن عليّ بن محمد الشّاري.
وعن: أبي القاسم بن الطَّيلسان، وعبد اللّطيف بن عطيّة اللُّغَويّ. وولي قضاءَ بعض الأندلس.
تُوُفّي بحصن بيش.
وقد مرّ أخوه [2] في العام الماضي. ومات أخوه أبو الحسين محمد سنة 673.
- حرف السين-
230- سليمان بن داود [3] بن موسك.
الأجل، أسد الدّين ابن الأمير عِماد الدّين ابن الأمير الكبير عزّ الدّين الهذبانيّ.
وُلِد في حدود السّتمائة بالقدس.
__________
[1] انظر عن (ربيع بن يحيى) في: الوافي بالوفيات 14/ 85 رقم 101.
[2] عبد الله بن يحيى. انظر رقم (207) .
[3] انظر عن (سليمان بن داود) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 415- 418، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 13 أ، وتالي كتاب وفيات الأعيان 77 رقم 117، ونهاية الأرب 30/ 165، وعيون التواريخ 20/ 385- 388، وفوات الوفيات 2/ 65 رقم 174، والسلوك ج 1 ق 2/ 582، والوافي بالوفيات 15/ 388، 389 رقم 530، والدليل الشافي 1/ 317 رقم 1080، والمنهل الصافي 6/ 28- 30 رقم 1083.

(49/239)


وكان له يدٌ في النَّظْم [1] ، وعنده فضيلة.
ترك الخدم وتزهَّد، ولبس الخَشِن، وجالس العُلماء. وأذهب مُعْظَم نعمته واقتنع.
وكان أبوه أخصّ الأمراء بالملك الأشرف ابن العادل.
ومُوسَك كان من أمراء صلاح الدّين، رحمه الله.
تُوُفّي هذا في جُمَادى الأولى، ودُفِن بقاسيون.
- حرف الشين-
231- شَرَف الدّولة ابن العسْقلانيّ.
تُوُفّي بدمشق في ربيع الأوّل.
وكانت له جنازة مشهودة. وخلّف ثروة وأموالا، وطلع صداق زوجته ثمانين ألف درهم وخمسة آلاف دينار.
قرأت ذلك بخطِّ ابن الفخر وهو عليّ بن فراس بن عليّ بن زيد.
- حرف العين-
232- عبد الله بْن عَبْد المنعم [2] بْن خَلَف بْن عَبْد المنعم بن أبي يعلي.
زين الدّين، أبو محمد ابن الدّميريّ، الكاتب المصريّ.
__________
[1] ومن شعره:
ما الحبّ إلّا لوعة وغرام ... فحذار أن يثنيك عنه ملام
الحبّ للعشّاق نار حرّها ... برد على أكبادهم وسلام
تلتذّ فيه جفونهم بشهادها ... وجسومهم إذ شنّها الأسقام
ولهم مذاهب في الغرام وملّة ... أنا في شريعتها الغداة إمام
ولهم وللأحباب في لحظاتهم ... خوف الوشاة رسائل وكلام
لطفت إشارتهم ودقّت في الهوى ... معنى فحارت دونها الأفهام
وتحجّبت أنوارها عن غيرهم ... وجلت لهم أسرارها الأوهام
فإليك عن عذلي فإنّ مسامعي ... ما للملام بطرفها إلمام
أنا من يرى حبّ الحسن حياته ... فإلى م في حبّ الحياة ألام؟
[2] انظر عن (عبد الله بن عبد المنعم) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 13 ب.

(49/240)


يروي عن أصحاب النَّسَفيّ.
233- عبد الرحمن بن عَبْد اللَّه بْنِ سُلَيْمَان بن دَاوُد بن حَوْطِ الله.
المحدَّث، أبو عمر الأنصاريّ الأندلُسيّ، المالقيّ.
روى الكثير، وسمع من: أبي العبّاس بن مقدام.
وتتفرّد عن جماعة.
تُوُفّي في آخر سبْعٍ وستّين عن سبْعٍ وسبعين سنة، رحمه الله تعالى.
234- عَبْد الكريم بْن عَبْد اللَّه [1] بْن بدران.
أبو محمد الأنصاريّ، البَهْنَسيّ، الصّالح، الخيّر.
سمع من: مُكْرَم، وعبد الصّمد الغضاريّ.
وحدَّث.
تُوُفِّي في ربيع الآخر.
235- عَبْد المجيد بن أبي الفَرَج [2] بن محمد.
الشّيخ العلّامة، مجدُ الدّين، أبو محمد الرُّوذْرَاوريّ.
شيخ إمام، مشهور، بارع في اللُّغَة، كثير المحفوظ من أشعار العرب، فصيح العبارة، مليح الخطّ، جيّد المشاركة، مليح الشّكل والبِزّة.
نفَّذه الملك الظّاهر رسولا إلى الملك بَرَكَة فمرض في الطّريق فرجع. وكان له حلقة إشغال بالحائط الشّماليّ. وله شعر جيد [3] .
__________
[1] انظر عن (عبد الكريم بن عبد الله) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 12 ب.
[2] انظر عن (عبد المجيد بن أبي الفرج) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 418، 419، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 12 ب، وتالي كتاب وفيات الأعيان 102 رقم 151، والإشارة إلى وفيات الأعيان 363، والعبر 5/ 286، وعيون التواريخ 20/ 384، والسلوك ج 1 ق 2/ 582، والنجوم الزاهرة 7/ 228، وشذرات الذهب 5/ 324.
[3] ومن شعره:
أهوى العقود لأنهنّ تألفا ... يحكين درّ كلامك المنظوما
وأذم أرمد لا يعد لعينه ... كحلا تراب جنابك الملثوما
وأعد أمر المكرمات مشتّتا ... إن لم أجده بسعيه ملموما

(49/241)


تُوُفّي رحمه الله في صفر وهو في عَشْر السّبعين.
236- عبد المنعم بن كامل [1] .
قاضي القُضاة بالجانب الشّرقيّ، نظامُ الدّين البَنْدَنيجيّ.
شيّعه الخلْق، ودُفِن بدكّة الْجُنَيْد، وله ستٌّ وسبعون سنة.
وكان مُفْتيًا، علّامة، ورِعًا، تقيّا، شافعيّا، كبير الشّأن [2] .
ولّي القضاء بعد نجم الدّين البادرائيّ، ثمّ بعد أيّامٍ أُخِذت بغداد فأقرّه على القضاء هولاكو. وقد أعاد مدّة بالمستنصريّة. ثمّ ولي قضاء الجانب الغربيّ، واستمرّ مدّة. وقيل له: مَن يصلُح بعدَك؟ فقال: تقلَّدتُ حيّا فلا أتقلَّدُ ميّتا.
ثمّ أشار بسراج الدّين محمد بن أبي فِراس الهُنايسيّ [3] الشّافعيّ مدرّس البشيريّة، فولّي بعده قضاء العراق.
237- عبد الوهاب بن محمد [4] بن عطيّة بن المسلّم بن رجا.
الإمام، أبو محمد الإسكندرانيّ، المعدّل.
حدَّث عن: عبد الرحمن مولى ابن باقا.
وناب في القضاء ببلده. ومات في المحرَّم.
__________
[ () ]
وإذا أجلت الفكر في أخلاقه ... لم تلق إلّا روضة ونسيما
(تالي كتاب وفيات الأعيان) .
[1] انظر عن (عبد المنعم بن كامل) في: الحوادث الجامعة 174، 175.
[2] وقال صاحب الحوادث الجامعة: «اشتغل بالفقه في عنفوان شبابه بمدرسة دار الذهب ببغداد حتى برع، وأفتى، ثم رتّب معيدا بالمدرسة المستنصرية، ثم شهد عنده أقضى القضاة كمال الدين عبد الرحمن بن اللمغاني، ثم جعل في ديوان العرض على إطلاق معايش الجند، فلما تكمّلت له سنة أطلق له عنها المشاهرة فامتنع من أخذها وقال: لا يحلّ لي أن أجمع بين خدمة ووظيفة المستنصرية. فأنهي ذلك إلى الخليفة فاستحسنه وتقدّم أن يطلق له مشاهرة مع أرباب الرسوم.
[3] في الأصل: «الهناييسي» ، والتصحيح من الحوادث الجامعة، ومن ترجمته.
[4] انظر عن (عبد الوهاب بن محمد) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 12 أ، وعقد الجمان (2) 55.

(49/242)


238- عليّ بن أقسيس [1] بن أبي الفتح بن إبراهيم.
الصّدرُ، محيي الدّين البَعْلَبَكّيّ، ناظرُ الزّكاة بدمشق.
كان رئيسا عاقلا، أنيق الملبس والمأكل، ظريفَ المسكن، مليح الحركات، كثير الصّدَقَة والتّلاوة. له حكاياتٌ، في المكارم.
تُوُفّي في ربيع الآخر بدمشق، وقد جاوز السّتين.
وأظنّه روى عن: البهاء عبد الرحمن المقدِسيّ.
239- عليّ بن داود بن [2] عليّ بن أبي بكر.
فخرُ الدين، أبو الحسن الخِلاطيّ، الوكيل.
سمع من: عمر بن طبرزد، وأبي اليمن الكندي.
وحدث بدمشق والقاهرة. وقدِم من خِلاط بعد السّتّمائة.
وتُوُفّي إلى رحمة [3] الله بالقاهرة فِي المحرَّم.
240- عَلِيّ بْن عَبْد الواحد [4] بْن أبي الفضل بن حازم.
أبو الحسن الأنصاريّ، الدّمشقيّ، البزّاز.
ولد سنة تسع وثمانين وخمسمائة.
وروى عن: الخُشُوعيّ.
روى عنه: ابن الخبّاز، وأبو العبّاس بن فَرَج، وأبو الحسن عليّ بن مسعود، وعليّ بن مكتوم الخطيب، وصالح بن عربْشاه، وطبقتهم.
وتُوُفّي في رابع شعبان بدمشق.
__________
[1] انظر عن (علي بن أقسيس) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 419، 420 وفيه «أفسيس» بالفاء، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 12 ب، 13 أ، وتالي وفيات الأعيان 102 رقم 150، وعيون التواريخ 20/ 383 وفيه: «أقسيس» .
[2] انظر عن (علي بن داود) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 12 أ.
[3] في الأصل: «رحمت» .
[4] انظر عن (علي بن عبد الواحد) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 14 أ، وذيل التقييد 2/ 201 رقم 1434.

(49/243)


241- عليّ بن وهْب [1] بن مطيع بن أبي الطّاعة.
الإمام العلّامة، مجدُ الدّين، أبو الحسن، والد شيخ الإسلام قاضي القضاة أبي الفتح ابن دقيق العِيد القُشَيْريّ، البهْزيّ، بَهْزِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ، المَنْفَلُوطيّ المالكيّ، نزيل قوص.
ولد سنة إحدى وثمانين وخمسمائة. وتفقّه على أبي الحسن بن المفضّل الحافظ، وسمع منه ومن غيره.
ودرّس وأفتى، وصنَّف في المذهب، وانتفع به أهل الصّعيد.
وكان شيخ تلك الدّيار تفقّه عليه ولدُه وغيرُ واحد.
ذكره الشّريف عزّ الدّين، فقال: كان أحد العُلماء المشهورين والأئمّة المذكورين، جامعا لفنون من العِلم، معروفا بالصّلاح والدّين، معظَّمًا عند الخاصَّة والعامَّة، مُطَّرِحًا للتَّكَلُّف، كثير السَّعي في قضاء حوائج النّاس على سَمْت السَّلَف الصّالح [2] .
تُوُفّي في ثالث عشر المحرَّم بقُوص.
242- عليّ ابن شيخ الخطباء [3] رضيّ الدّين يوسف بن حيدرة.
__________
[1] انظر عن (علي بن وهب) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 420، 421، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 12 أ، ومعجم شيوخ الدمياطيّ 2/ ورقة 116 أ، ومشيخة قاضي القضاة ابن جماعة 1/ 434- 436 رقم 47، وتذكرة الحفاظ 4/ 1476، والعبر 5/ 286، والإشارة إلى وفيات الأعيان 362، والطالع السعيد 424 رقم 331، ومرآة الجنان 4/ 166، وعيون التواريخ 20/ 389، والوافي بالوفيات 22/ 298 رقم 221، وعقد الجمان (2) 55، والنجوم الزاهرة 7/ 228، والدليل الشافي 1/ 488 رقم 1694، وتاريخ الخلفاء 4831، وحسن المحاضرة 1/ 457، ونيل الابتهاج للتنبكتي 1/ 203، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 331، وشذرات الذهب 5/ 324، وشجرة النور الزكية 1/ 189. وديوان الإسلام 2/ 295 رقم 956.
وله ذكر في: ملء العيبة للفهري 2/ 324.
[2] وقال ابن جماعة: وكان رجلا مباركا حسن الخلق وسليم الصدر، مكرما للطلبة والفقهاء الواردين ينزلهم بمدرسته ويحمل إليهم ما يحتاجون إليه بنفسه. (1/ 434) .
[3] انظر عن (علي ابن شيخ الخطباء) في: عيون الأنباء في طبقات الأطباء 2/ 195، والوافي

(49/244)


الرَّحبيّ، ثمّ الدّمشقيّ، الحكيم شَرَفُ الدّين.
وُلِد سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة. وقرأ الطِّبّ على والده وبرع فيه وأتقنه، وصنَّف.
وأخذ أيضا عن الموفَّق عبد اللّطيف، وحرّر عليه كثيرا من العلوم، وقرأ العربيّة على السّخاويّ. ولمّا احتضر المهذَّب عبد الرّحيم الدّخوار جعله مدرّسَ مدرسته. وكان منْهمِكًا على عِلم النّجوم، زائغا عن الطّريق، مُعْثِرًا، نسأل الله السّلامة.
ومن جَهْله أنّه قال للمشتغلين: بعدَ قليلٍ أموتُ، وذلك عند قِران الكوكبين. ثمّ يقول: قولوا للنّاس هذا حتّى يعرفوا مقدار علمي في حياتي وعلمي بوقت موتي.
إلّا أنّه كان محقّقا للطّبّ، صنَّف فيه كتاب خلق الإنسان وهيئة أعضائه ومنفعتها أحسَنَ فيه ما شاء.
ومات في المحرَّم عن أربعٍ وثمانين سنة [1] .
- حرف الغين-
243- غازي بن حسن [2] .
التّركمانيّ، الرّجل الصّالح.
__________
[ () ] بالوفيات 22/ 351 رقم 245، والبداية والنهاية 13/ 255، والسلوك ج 1 ق 2/ 583، والدارس 1/ 130، وشذرات الذهب 5/ 327 وفيه وفاته سنة 668، وعقد الجمان 2/ 52، 53، وعيون التواريخ 20/ 389- 391، وكشف الظنون 723، وإيضاح المكنون 1/ 439، وهدية العارفين 1/ 711، ومعجم المؤلّفين 7/ 265.
[1] ومن شعره:
يساق بني الدنيا إلى الحتف عنوة ... ولا يشعر الباقي بحالة من يمضي
كأنهم الأنعام في جهل بعضها ... بما تمّ من سفك الدماء على البعض
[2] انظر عن (غازي بن حسن) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 421، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 15 أ.

(49/245)


قال الشّيخ قُطْبُ الدّين [1] : كان متعبّدا، صالحا، صوّاما، منعزلا عن النّاس. يدخل بَعْلَبَكّ أيّام الْجُمَع. وكان سليم الصّدر. تُوُفّي في الزّاوية الّتي له بدَوْرَس. وقيل إنّه جاوز مائة سنة، رحمه الله تعالى.
- حرف الكاف-
244- كمش التُّرْكيّة [2] .
جارية ابن الدّوْلَعيّ.
روت عن: زينب بنت إبراهيم القَيْسيّة [3] .
وماتت في شوّال.
- حرف الميم-
245- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم [4] بْن مُحَمَّد بن عليّ.
قِوام الدّين، أبو عبد الله الرّازيّ، الصُّوفيّ، المقرئ.
قرأ القرآن.
وسمع من: أبي القاسم عيسى بن عبد العزيز اللَّخْميّ.
وتُوُفّي في جُمَادى الآخرة عن اثنتين وسبعين سنة [5] .
246- محمد بن شُكران [6] بن أبي السّعادات بن معمَّر.
القُدْوة، بقيّةُ السَّلَف، شيخ العراق، أبو الفقراء.
مات في تاسع شعبان سنة سبْع، فدُفن برباطه بناحية الخالص، وبُني عليه قُبّة عالية.
__________
[1] في ذيل المرآة 2/ 421.
[2] انظر عن (كمش التركية) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 15 أ.
[3] روى عنها علاء الدين الكندي.
[4] انظر عن (محمد بن إبراهيم) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 13 ب.
[5] مولده سنة 595 هـ.
[6] انظر عن (محمد بن شكران) في: الحوادث الجامعة 175 وفيه: «محمد بن السكران» بالسين المهملة.

(49/246)


وكان زاهدا عابدا، قانعا باليسير، ممدود السِّماط للواردين، رفيع المحلّ، كثير التّواضع، فارغا عن نفسه. وله أتباعٌ كثيرون ومُحِبُّون.
وقيل: كان يجوع ولا يطلب شيئا من الفقراء، وهم ينسونه، وهو يصبر.
ولا مهم مرّة، فاعتذروا بكثرة الواردين.
قيل إنّ النّصير الطُّوسيّ زاره وقال: ما حدُّ الفقر؟ فقال: الّذي أعرفه أنّ زيق [1] الفقْر ضيّق ما يدخله رأس كبير. رحمه الله.
247- محمد بن صَدَقَة.
الشّيخ شمس الدّين الحرّانيّ، سِبْط الشّيخ حياة.
تُوُفّي في المحرَّم.
248- محمد بْن عَبْد العزيز [2] بْن أحمد بن عمر بن سالم بن محمد بن باقا.
شمس الدّين البغداديّ.
ولد سنة ستّ وتسعين.
وسمع من: أبي الفتوح محمد بن الجلاجليّ.
وحدَّث.
ومات في الثّاني والعشرين من شعبان، رحمه الله تعالى.
249- محمد بن الحافظ أبي الخطّاب [3] عمر بن عليّ بن محمد- ولقَبُهُ:
الْجُميل- بن فَرْح بن قُومَس بن مَزُلال بن ملال بن أحمد بن بدر بن دِحية بن خليفة.
أبو الطّاهر الكلبيّ.
ساق نسبه الشّريف عزّ الدّين، وفي النَّفس من صحّة ذلك. وقد تكلّم
__________
[1] في الحوادث الجامعة: «ربق» .
[2] انظر عن (محمد بن عبد العزيز) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 14 أ.
[3] انظر عن (محمد بن أبي الخطاب) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 421- 428، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 14 ب، والبداية والنهاية 13/ 255، وعقد الجمان (2) 52.

(49/247)


غيرُ واحدٍ من العُلماء في أبي الخطّاب وفي انتسابه إلى دِحْية، والله المستعان.
وُلِد محمد بالقاهرة سنة عشر، وسمع من أبيه. وتولّى مشيخة دار الحديث الكامليّة مُدَيْدةً.
وكان يحفظ جملة من كلام والده، ويورد إيرادا جيّدا.
تُوُفّي في رمضان.
250- محمد بن محمد [1] بن أبي بكر.
المحدَّث المفيدُ زينُ الدّين، أبو الفتح الأَبِيوَرْديّ، الكُوفَنيّ [2] ، الصّوفيّ، الشّافعيّ.
وُلِد سنة ستّمائة أو سنة إحدى. وقدِم دمشق.
وسمع سنة أربعين من: كريمة، والضّياء المقدِسيّ، والتّقيّ أحمد بن العِزّ، والمؤتمن بن قُميرة، والرّشيد بن مَسْلَمة، وأبي النُّعْمَان بشير بن حامد الفقيه، وجماعةٍ بدمشق ومصر من أصحاب السِّلَفيّ، وابن عساكر.
وسمع خلقا كثيرا من أصحاب البُوصِيريّ، والخُشُوعيّ. ثمّ نزل إلى أصحاب ابن طبرزد والكنديّ وابن ملاعب ثمّ نزل إلى أصحاب ابن عمّار الحَرّانيّ، وابن باقا، وزين الأُمَناء.
وكتب الكثير، وحصّل جملة صالحة، وحَرِص. وكلف بالحديث، وبالغ في الإكثار، وخرّج «المُعْجم» ، وروى اليسير، ولم يعمَّر، ولا أفاق من الطَّلب إلّا والمنيَّةُ قد نزلت به، رحمه الله.
__________
[1] انظر عن (محمد بن محمد) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 13 أ، والعبر 5/ 286، 287، وتذكرة الحفاظ 4/ 1475، والمعين في طبقات المحدّثين 212 رقم 2223، والإشارة إلى وفيات الأعيان 363، والإعلام بوفيات الأعلام 278، والوافي بالوفيات 1/ 200، 201 رقم 124، وعقد الجمان (2) 55، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 330، وشذرات الذهب 5/ 325.
[2] الكوفنيّ: بضم الكاف وسكون الواو وفتح الفاء وبعد النون ياء النسب، نسبة إلى كوفن بلدة قريبة من أبيورد.

(49/248)


وأيضا فلم يطلب الفنّ إلّا وهو ابن أربعين سنة. فاللَّه يعوّضه بالمغفرة.
ذكره الشّريف فقال: كان حريصا على التّحصيل، صابرا على كَلَف الاستفادة. حدَّث، وسمعتُ منه. وكان من أهل الدّين والصّلاح والخير والعفاف. وله فَهْمٌ ومعرفة، وفيه تَيقُّظ ونباهة وخرّج لنفسه «مُعْجَمًا» عن مشايخه الّذين سمع منهم. ووقفَ كُتُبَه وأجزاءه. وكان حَسَن الطّريقة مشغولا.
وكوفَن: بلدة قريبة من أبيوَرْد.
وتُوُفّي في حادي عشر جُمَادى الأولى [1] بالقاهرة.
قلت: وله شِعرٌ يسير.
روى عنه: أبو محمد الدّمياطيّ بيتين، وقال: تُوُفّي بخان سعيد السُّعداء.
251- محمد بن محمد [2] بن عليّ ابن العربيّ.
عمادُ الدّين، وَلَد الشّيخ محيي الدّين.
تُوُفّي في ربيع الأوّل بدمشق.
وقد حدَّث عن ابن الزُّبَيْديّ [3] .
252- محمد بن أبي الفُتُوح [4] نصر بن غازي بن هلال.
أبو الفضائل الأنصاريّ، المصريّ، المقرئ، المحدّث، الجريريّ [5] .
__________
[1] في شذرات الذهب وفاته سنة 666 هـ.
[2] انظر عن (محمد بن محمد) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 428، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 12 ب، وعيون التواريخ 20/ 391، والوافي 1/ 193 رقم 118، والمقفّى الكبير 7/ 122 رقم 3211.
[3] وقال ابن شاكر الكتبي: كان فاضلا سمع الحديث ... وقد نيّف على الخمسين من العمر، ولما كان بحلب كتب إليه أخوه سعد الدين:
ما للنوى رقّة ترثي لمكتئب ... حرّان في قلبه والدمع في حلب
قد أصبحت حلبا ذات العماد بكم ... وجلّق إرما هذا من العجب
[4] انظر عن (محمد بن أبي الفتوح) في: عقد الجمان (2) 54، والمقفّى الكبير 7/ 337، 338 رقم 3431.
[5] في المقفّى: «الحريري» بالحاء المهملة.

(49/249)


ولد [1] سنة ثمان وثمانين وخمسمائة.
وسمع من: القاضي زين الدّين عَلِيّ بْن يوسف الدّمشقيّ، وعبد العزيز ابن باقا.
وسمع بالثّغر من: أبي القاسم بن عيسى، وأبي الفضل جعفر الهَمْدانيّ.
وسمع كثيرا من أصحاب البُوصِيريّ.
وكان يُمكنه السّماع منه فما يسّر له.
توفّي في ثالث محرّم بالقاهرة. وقد روى اليسير [2] .
253- محمد بن وثّاب [3] .
القاضي تاجُ الدّين البَجَيْليّ [4] الحنفيّ.
درّس وأفتى ونابَ في القضاء بدمشق، وحُمِدت أحكامه.
ومات في ربيع الآخر وهو في عَشْر السّبعين.
254- المبارك بن يحيى [5] بن أبي الحسن.
الإمام، العلّامة، نصيرُ الدّين، أبو البركات ابن الطّبّاخ، المصريّ، الشّافعيّ.
تُوُفِّي في حادي عشر جُمَادَى الآخرة، وَلَهُ ثمانون سنة [6] .
وكان من كِبار أئمّة المذهب. درّس وأفتى واشتغل وصنَّف. وتخرّج به جماعة.
توفّي بالقاهرة.
__________
[1] بقرية باهي من كورة بوش بصعيد مصر الأدنى.
[2] وقال المقريزي: وكان ملازما لطلب العلم، حريصا على تحصيل ما يقدر عليه من الفوائد سمع كثيرا.
[3] انظر عن (محمد بن وثّاب) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 428، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 13 أ، والوافي بالوفيات 5/ 173 رقم 2309، وعقد الجمان (2) 52، والبداية والنهاية 13/ 255، والجواهر المضية 2/ 140.
[4] في الأصل: «التجيلي» ، والمثبت عن: البداية والنهاية.
[5] انظر عن (المبارك بن يحيى) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 13 أ، ب، وطبقات الشافعية الكبرى 5/ 154، والبداية والنهاية 13/ 256، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 477 رقم 477، وتذكرة الحفاظ 4/ 1476، والبداية والنهاية 13/ 256، وعقد الجمان (2) 53.
[6] مولده في الخامس والعشرين من ذي القعدة سنة سبع وثمانين وخمسمائة.

(49/250)


255- المظفَّر بن عبد الكريم [1] بن نجم بْن عَبْد الوهاب بْن الشَّيْخ أَبِي الفَرَج.
الفقيه، المدرّس، الإمام، تاجُ الدّين، أبو منصور بن الحنبليّ، الأنصاريّ، الخَزْرَجيّ، السَّعْديّ، الدّمشقيّ، مدرّس المدرسة الحنبليّة الّتي لجدّهم عبد الوهّاب.
ولد سنة تسع وثمانين وخمسمائة.
وسمع من: الخُشُوعيّ، وحنبل، وعمر بن طَبَرْزَد.
روى عنه: الدّمياطيّ، وابن الخبّاز، والشَّرف بن عرب شاه، والقاضي تاج الدّين الْجَعْبَريّ، وأبو العبّاس بن فرج.
تُوُفّي فجأة بدمشق ثالث صفر.
- حرف الياء-
256- يحيى بن نجيب [2] بن بشارة بن محرز.
أبو زكريّا السّعديّ، المصريّ.
وُلِد سنة خمس وثمانين وخمسمائة.
وروى عن: القاسم بن عساكر بالإجازة.
تُوُفّي في ذي القعدة.
257- يوسف بن الصّارم [3] عبد الله بن إبراهيم.
الفقيه، وجيهُ الدين، أبو الحجّاج الدّمشقيّ، الشّافعيّ، الصّوفيّ.
__________
[1] انظر عن (المظفّر بن عبد الكريم) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 428، 429، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 12 أ، والعبر 5/ 287، والإعلام بوفيات الأعلام 278، وذيل طبقات الحنابلة 2/ 278، ومختصره 78، والمنهج الأحمد 391، والمقصد الأرشد، رقم 1151، والدرّ المنضّد 1/ 410، 411 رقم 1106.
[2] انظر عن (يحيى بن نجيب) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 15 أ.
[3] انظر عن (يوسف بن الصارم) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 14 أ.

(49/251)


نزيل القاهرة. ويُعرف بالوجيزيّ نسبة إلى حِفْظ كتاب «الوجيز» .
ولد بدمشق سنة ثمانين وخمسمائة.
وسمع من: أبي الحسن بن المفضّل، وأبي المجد القزوينيّ، وجماعة.
وأجاز له منصور الفُرَاويّ. وحدَّث. وكان من فُضَلاء الشّافعيّة.
تُوُفّي في الثّامن والعشرين من رجب.
الكنى
258- أبو الفضل الشّاغوريّ [1] .
العابد. شيخٌ صالح عارف، معروف. كثير الرّؤية للنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم.
تُوُفّي إلى رحمة [2] الله في جُمَادى الأولى.
259- أبو محمد [3] .
وَلَدُ الشيخ القُدْوة سلطان بن محمود البَعْلَبَكّيّ.
كان صالحا عابدا قانعا، كثير الانقطاع.
تُوُفّي في رمضان ببَعْلَبَكّ في المعترك [4] .
وفيها وُلِد:
الشّيخُ كمالُ الدّين محمدُ بن عليّ بن عبد الواحد الأنصاريّ ابن الزّملكانيّ، شيخ الشّافعيّة.
وتقيّ الدين عثمان بن السّكاكينيّ.
وبدر الدّين يوسف بن القاضي دانيال، بالشّوبك،
__________
[1] انظر عن (الشاغوري) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 329.
[2] في الأصل: «رحمت» .
[3] انظر عن (أبي محمد) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 429، 430، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 14 ب، وعيون التواريخ 20/ 391.
[4] وقال البرزالي: ودفن بتربة الشيخ عبد الله اليونيني، وهو من أبناء الثمانين، وكان صالحا عاكفا على العبادة والاشتغال بالقرآن لا يتكلّم فيما لا يعنيه.

(49/252)


وجمال الدّين يحيى بن محمد بن الفُوَيْرة السُّلَميّ، والشّيخ المقرئ رافع بن هجرس الصُّمَيْديّ، ومحمد بن عمر بن الرّشيد البَعْليّ، والشّيخ شمس الدّين محمد بن أحمد بن عليّ الرّقيّ، في حدودها، والشّيخ علاء الدّين عليّ بن أيّوب المقدِسيّ، تقريبا، ومحمد بن إسماعيل بن الخبّاز، في شعبان.
والشَّرف عيسى بن عليّ المحدّث، في المحرَّم، وقاضي القُضاة برهان الدّين إبراهيم بن عليّ بن عبد الحقّ الحنفيّ.

(49/253)


سنة ثمان وستين وستمائة
- حرف الألف-
260- أَحْمَد بْنِ عَبْدِ الدّائم [1] بْن نعمة بْن أَحْمَد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أحمد بن بُكَيْر.
المُعَمّر، العالِم، مُسْنِدُ الوقت، زينُ الدّين، أبو العبّاس المقدِسيّ.
الفُنْدُقيّ، الحنبليّ، النَّاسخ.
وُلِد بفندق الشّيوخ من جبل نابلس سنة خمسٍ وسبعين، وأدرك الإجازة الّتي من السّلفيّ لمن أدرك حياتَه. وأدرك الإجازة الخاصّة من خطيب المَوْصِل أبي الفضل الطُّوسيّ، وأبي الفتح بن شاتيل، ونصر الله القزّاز، وخلق سواهم.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن عبد الدائم) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 436، 437، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 17 أ، ومعجم شيوخ الدمياطيّ 1/ ورقة 109 أ، وفهرست برنامج الوادي آشي 340، 341، ومشيخة قاضي القضاة ابن جماعة 1/ 145- 150 رقم 8، ودول الإسلام 2/ 171، والمعين في طبقات المحدّثين 212 رقم 2224، والعبر 5/ 288، والإعلام بوفيات الأعلام 279، والإشارة إلى وفيات الأعيان 363، وذيل طبقات الحنابلة 2/ 278، ومختصره 78، والوافي بالوفيات 7/ 34- 36 رقم 2967 ونكت الهميان 99، وتاريخ علماء بغداد لابن رافع السلامي 29، 30، وعقود الجمان للزركشي 29، والبداية والنهاية 13/ 257، وفوات الوفيات 1/ 85، وعيون التواريخ 20/ 393، 394، وذيل التقييد 1/ 326، 327 رقم 649، والمنهج الأحمد 391، والمقصد الأرشد، رقم 88، والسلوك ج 1 ق 2/ 589، وعقد الجمان (2) 65، 66، (وذكر ثانية) ص 68، والنجوم الزاهرة 7/ 230، والدرّ المنضّد 1/ 411 رقم 1108، وشذرات الذهب 5/ 320، وكشف الظنون 2/ 1216، وفهرس الفهارس 2/ 627، وديوان الإسلام 3/ 345 رقم 71527 والتاج المكلّل 249، والأعلام 1/ 145، ومعجم المؤلفين 1/ 263.

(49/254)


وسمع من: يحيى الثَّقَفيّ، وأبي الحسين أحمد بن المَوَازِينيّ، ومحمد بن عليّ بن صَدَقَة، وإسماعيل الْجَنْزَوِيّ [1] ، والمكرَّم بن هبة الله الصّوفيّ، وعبد الخالق بن فيروز، ويوسف بن معالي الكِنانيّ، وعبد الرحمن بن عليّ الخِرَقيّ، وبركات الخُشُوعيّ، ومحمد بن الخطيب، وعمر بن طَبَرْزَد، والحافظ عبد الغنيّ، وأسماء بنت الرّان، وطائفة سواهم.
ورحل إلى بغداد فسمع من: عبد المنعم بن كليب بقراءته، ومن: أبي طاهر المبارك بن المعطوش، وعبد الله بن أبي المجد، وعبد الخالق بن البندار، وعبد الوهّاب ابن سُكَيْنَة، وعليّ بن يعيش الأنباريّ، وعبد الله بن دَهْبَل، والمبارك بن إبراهيم السّيبيّ، وعبد الله ابن الطّويلة، وضياء بن الخُريف، وعمر بن عليّ الواعظ، وأبي الفتح المنْدائيّ، ومحمد بن أبي محمد بن الغزون، وطائفة.
وقرأ القرآن على الشّيخ العِماد، وتفقّه على الشّيخ الموفَّق. وكتب بخطّه المليح السّريع ما لا يوصف لنفسه وبالأجرة، حتّى كان يكتب في اليوم إذا تفرّغ تسعة كراريس أو أكثر، ويكتب الكرّاسين والثّلاثة مع اشتغاله بمصالحه.
وكتب «الخرقيّ» في يوم وليلة، ولازم النّسخ خمسين سنة أو أكثر. وكان تامّ القامة، مليح الشّكل، حسن الأخلاق، ساكنا، عاقلا، لطيفا، متواضعا، فاضلا، نبيها، يقظا. خرّج لنفسه مشيخة، وخرّج له ابن الظّاهريّ، وابن الخبّاز وغير واحد.
فذكر ابن الخبّاز أنّه سمع ابن عبد الدّائم يقول: كتبت بخطّي ألفي جزء [2] .
__________
[1] الجنزوي: بفتح الجيم وسكون النون وكسر الزاي، وهذه النسبة إلى مدينة جنزة، وهي من أذربيجان.. (اللباب 3/ 297) ويقال أيضا: «الجنزي» .
[2] في عيون التواريخ 20/ 393 «كتبت بإصبعيّ هاتين أكثر من ألفي مجلّد، وأضرّ في آخر عمره» .

(49/255)


وذكر أنّه كتب بخطّه «تاريخ دمشق» مرّتين.
قلت: الواحدة في وقف أبي المواهب بن صصريّ.
وكتب من التصانيف الكبار شيئا كثيرا.
وولي خطابة كفربطنا بضع عشرة سنة، ثمّ تحوّل عنها. وقد وُلِد له ابنه الشّيخ أبو بكر بها.
وأنشأ خُطَبًا عديدة. وحدَّث سِنين كثيرة، وقرأ بنفسه كثيرا. وكان على ذهنه أشياء مليحةٌ من الحديث والأخبار والشِّعر [1] .
روى عنه: الشيخ شمس الدين عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي عمر، والشّيخ محيي الدّين يحيى النّوويّ، والشّيخ تقيّ الدّين محمد بن دقيق العِيد، والدّمياطيّ، وابن الظّاهريّ، وابن جَعْوان، وابن تَيْميّة شيخنا، وأخوه أبو القاسم، والقاضيان تقيّ الدّين سليمان ونجم الدّين ابن صصريّ، وشهاب الدّين ابن فرج، وشمس الدّين ابن أبي الفتح، وشَرَفُ الدّين أبو الحُسَين اليُونينيّ، وشَرَفُ الدّين الفَزَاريّ الخطيب، وأخوه الشّيخ تاج الدّين، وولده الشّيخ برهان الدّين،
__________
[1] وقال ابن شاكر الكتبي: وله شعر لا بأس به، فمنه:
أن يذهب الله من عينيّ نورهما ... فإن قلبي بصير ما به ضرر
أرى بقلبي دنياتي وآخرتي ... والقلب يدرك ما لا يدرك البصر
والله إن لكم في القلب منزلة ... ما نالها قبلكم أنثى ولا ذكر
وصالكم لي حياة لا نفاد لها ... والهجر موت فلا عين ولا أثر
ومن شعره فيما يكتبه في الإجازة:
أجزت لهم عنّي رواية كلّ ما ... روايته لي مع ترقّ وإتقان
ولست مجيزا للرواة زيادة ... برئت إليهم من مزيد ونقصان
ومن شعره:
عجزت عن حمل قرطاس وعن قلم ... من بعد إلفي بالقرطاس والقلم
كتبت ألفا وألفا من مجلّدة ... فيها علوم الورى من غير ما ألم
ما العلم فخر امرئ إلّا لعامله ... إن لم يكن عمل فالعلم كالعدم
العلم زين وتشريف لصاحبه ... فاعمل به فهو للطلّاب كالعلم
ما زلت أطلبه دهري وأكتبه ... حتى ابتليت بضعف الجسم والهرم

(49/256)


والخطيب شمس الدّين إمام الكلّاسة، وشَرَفُ الدّين سيفُ قاضي القدس، والشّيخ عليّ المَوْصِليّ، وعلاء الدّين ابن العطّار، والقاضي شهاب الدّين أحمد بن الشَّرف حسن، والقاضي نجم الدّين أحمد الدّمشقيّ، وخلْقٌ كثير في الأحياء بمصر والشّام.
ورحل إليه غيرُ واحدٍ، وتفرّد بالكثير. وذهب بصرُه في أواخر عُمُرِه.
قال ابن الخبّاز: حدَّثني يومَ موته الشّيخُ حسنُ بنُ أبي عبد الله الأزْديّ الصّقليّ أنّ الشّيخ محمد بن عبد الله المغربيّ قال: رأيت البارحة كأنّ النّاس في الجامع، فإذا ضجّةٌ فسألت عنها، فقيل لي: مات هذه اللّيلة مالك بن أنس رحمه الله. فلمّا أصبحت جئت إلى الجامع وأنا مفكّر، فإذا إنسانٌ، ينادي: رحم الله من صلّى أو حضر جنازة زين الدّين ابن عبد الدّائم.
قلت: المعروف بالمنام هو محمد بن صالح الهشْكوريّ خطيب جامع جرّاح، والله أعلم.
وحدّثنا أبو بكر بن أحمد في سنة ثلاث وسبعمائة قال: رأيتُ أبي، رحمه الله، في اللّيلة الّتي دفنّاه فيها، فأقسمت عليه: أخبِرْني ما فعل الله بك؟ فقال:
غفر لي وأدخلني الجنَّة.
تُوُفّي، رحمه الله، لِتسعٍ خَلَون من رجب [1] .
وقد أخبرنا أحمد بن العادل قال: أنا ابن عبد الدّائم سنة سبْع عشرة وستّمائة، فذكر حديثا.
__________
[1] وقال قاضي القضاة ابن جماعة: شيخ جليل من أعيان المشايخ المسندين، والطلبة الرحّالين، قرأ الحديث بنفسه، وكتب التسميعات بخطّه، وكان يحدّث من لفظه، ولديه فضل، وعنده معرفة بالحديث والأدب، ونسخ ما لا يدخل تحت حصر من الكتب الكبار والصغار، وأجزاء الحديث، وكانت معيشته من ذلك، وكان خطه حسنا، وطريقته مستحلاة، وولي خطابة قرية كفربطنا من قرى دمشق مدة، وكذلك ولي مشيخة دار الحديث الأشرفية بسفح جبل قاسيون مدة، وانقطع في آخر عمره وضعف عن الحركة، وكان الطلبة يقصدونه، وكفّ بصره في سنة أربع وستين وستمائة، وحدّث بالكثير نحوا من خمسين سنة.

(49/257)


261- أحمد بن عمر [1] بن محمد بن كاكا.
أبو العبّاس الزَّنْجانيّ، ثمّ الدّمشقيّ.
حدَّث عن حنبل المكبّر.
وكتب عنه الطَّلَبَة.
ومات في المحرَّم [2] .
262- إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد بْنُ عليّ بن حسين.
تاج الدّين أبو البركات، إمام جامع قليوب الأنصاريّ، المصريّ، الشّافعيّ.
وُلِد سنة ستّمائة.
وسمع من: أبي الحسين محمد بن أحمد بن جُبَيْر البَلَنْسيّ، وغيره.
وحدَّث.
وتُوُفّي في شوّال بمصر.
263- إبراهيم بن محمد [3] بن صالح.
القَطِيعيّ، الدّقّاق.
سمع: أحمد بن صرما.
وحدَّث. أجاز للبرهان الجعبريّ.
وتوفّي يوم عاشوراء.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن عمر) في: المقتفي للبرزالي/ ورقة 15 ب وفيه: «أحمد بن عمر بن محمد بن أبي بكر» ، ولقبه: «شرف الدين» ، وذيل التقييد 1/ 363 رقم 702.
[2] وقال البرزالي: روى عن ابن الزبيدي، وسمع منه الدواداريّ وروى عنه في معجمه، وله إجازة الكندي، وابن الحرستانيّ، وأبي الفتوح البكري، وابن ملاعب، والشيخ أبي عمر بن قدامة، وجماعة كثيرة، وتاريخ إجازته في سنة ست وستمائة.
وقال قاضي مكة: سمع على الحسن بن المبارك الزبيدي «صحيح البخاري» ، وحدّث به بقراءة شرف الدين البارزي في سنة ست وستين وستمائة، مع سبعة وعشرين شيخا.
[3] انظر عن (إبراهيم بن محمد) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 15 ب.

(49/258)


264- إدريس بن أبي عبد الله [1] بن أبي حفص بن عبد المؤمن.
الملك أبو العلاء الواثق باللَّه، أبو دبّوس. صاحب المغرب القَيْسيّ المؤمنيّ، آخر ملوك بني عبد المؤمن.
تغلّب على الأمر، وتوثّب على ابن عمّه عمر، وقتله في سنة خمسٍ وستّين.
وكان شهما شجاعا مِقْدامًا. خرج عليه أبو يوسف يعقوب بن عبد الحقّ سيّد آل مَرين وصاحب تلمسان، فجرت بينهم حروب إلى أن قُتِل أبو دبوس في المحرَّم بظاهر مَرّاكِش في المَصَافّ. واستولى المَرِينيّ على مملكة المغرب، وانقضت دولةُ آل عبد المؤمن.
265- إسماعيل بن يحيى [2] بن أبي الوليد.
الإمام، أبو الوليد الأزْديّ، الغَرْنَاطيّ، العطّار، المقرئ.
تلا بالسَّبْع على الخطيب أبي بكر بن حسنون الحِمْيَريّ صاحب شُرَيْح وانفرد بالإجازة من أبي بكر بن عطيّة المُحَاربيّ. وأسمع في صِغَره.
وروى أيضا عن: الحافظ عبد الرّحيم بن الفَرَس، وأبي جعفر بن حكم.
وله فلاحة وعقار.
قرأ عليه بالسَّبْع: أبو جعفر بن الزُّبَيّر [3] .
وأضرّ بأخَرة وهرِم.
ورّخه ابن الزُّبَيْر، وعاش أربعا وثمانين سنة.
__________
[1] انظر عن (إدريس بن أبي عبد الله) في: البيان المغرب 3/ 441، وذيل مرآة الزمان 2/ 433، 434، وروض القرطاس (طبعة فاس) 190، والمقتفي للبرزالي 1/ 15 ب (باختصار شديد) ، والمختصر في أخبار البشر 4/ 6، ودول الإسلام 2/ 171، 172، والعبر 5/ 288، 286، والإشارة إلى وفيات الأعيان 363، والبداية والنهاية 13/ 256، ج 1 ق 2/ 588، وصبح الأعشى 5/ 96، وعقد الجمان (2) 62، وتاريخ ابن سباط 1/ 429، وشذرات الذهب 5/ 327، ومآثر الإنافة 2/ 253، وشرح رقم الحلل 207، والوافي بالوفيات 8/ 326 رقم 3748 وفيه «إدريس بن عبد الله» .
[2] انظر عن (إسماعيل بن علي) في: غاية النهاية 1/ 170 رقم 790.
[3] روى عنه كتاب «التبصرة» .

(49/259)


266- أيبك [1] .
الأميرُ عزّ الدّين الظّاهريّ، نائب حمص.
تُوُفّي بها في صفر. وكان غَشُومًا ظَلُومًا.
267- أيبك [2] .
الأمير عزّ الدّين الصّالحيّ، الزّرّاد، متولّي قلعة دمشق.
تُوُفّي في ذي القعدة.
وكان مَهِيبًا محتشما، حَسَن السّيرة.
268- أيّوب بن محمود [3] بن نصر الله.
صفِيُّ الدّين ابن البَعْلَبَكّيّ، الدّمشقيّ.
رحل وسمع من عبد السّلام الدّاهريّ، وابن روزبه، وأبي الحسن القَطِيعيّ، والأنْجب بن أبي السّعادات، وجماعة.
كتب عنه: ابن ابحبّاز، وابن نفيس، والطّلبة.
مات في صفر فِي ربيع الآخر [4] .
- حرف الحاء-
269- الْحَسَن بْن أبي البركات [5] عليّ بن عبد اللَّه بْن الحَسَن بْن الحُسين بْن أَبِي الفتح بن أبي السّنان.
__________
[1] انظر عن (أيبك الظاهري) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 437، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 16 أ، وعيون التواريخ 20/ 394، والوافي بالوفيات 9/ 476 رقم 4433، والنجوم الزاهرة 7/ 229، والدليل الشافي 1/ 162، والمنهل الصافي 3/ 133، 134 رقم 578.
[2] انظر عن (أيبك الزرّاد) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 437، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 18 ب، والوافي بالوفيات 9/ 476 رقم 4434، وعيون التواريخ 20/ 394، والنجوم الزاهرة 7/ 230، والدليل الشافي 1/ 163، والمنهل الصافي 3/ 136 رقم 582.
[3] انظر عن (أيوب بن محمود) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 438، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 16 ب، وذيل التقييد لقاضي مكة 1/ 482 رقم 942.
[4] وقال البرزالي: أجاز لي ما يرويه.
[5] انظر عن (الحسن بن أبي البركات) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 17 ب.

(49/260)


الشّيخ عِمادُ الدّين أبو محمد، ويُسمّى عبد الرّحيم أيضا، ويُعرف بابن الحدّوس المَوْصِليّ.
وُلِد سنة إحدى عشرة.
وسمع ببغداد من عبد السّلام بن سُكَيْنَة، وغيره.
وحدَّث. ومات بمصر.
- حرف الدال-
270- داود بن سليمان [1] بن عليّ بن سالم.
أبو سليمان بن الحَمَويّ، الدّمشقيّ، الشّافعيّ، العدل.
ولد سنة سبع وثمانين وخمسمائة.
وحدّث عن: حنبل.
وهو من بيت العدالة والرّواية.
تُوُفّي فجأة في سادس ذي الحجّة بدمشق [2] .
- حرف الراء-
271- رَيْحان الحَبَشيّ [3] .
مولى التّقيّ صالح بن الخَضِر، المقرئ.
روى عن: مُكَرَّم، وغيره.
ومات بالقاهرة في شعبان.
- حرف السين-
272- سعد الله بن أبي الفضل بن سعد الله بن أحمد بن سلطان.
أبو محمد التّنوخيّ، الدّمشقيّ، الشّافعيّ، البزّار.
__________
[1] انظر عن (داود بن سليمان) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 19 أ.
[2] وقال البرزالي: أجاز لي جميع ما يرويه.
[3] انظر عن (ريحان الحبشي) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 17 ب، وفيه: «ريحان بن عبد الله» .

(49/261)


ولد في أوّل سنة تسع وثمانين وخمسمائة.
وسمع من: عبد اللّطيف بن إسماعيل، وحنبل بن عبد الله.
روى عنه: الدّمياطيّ، وابن الخبّاز، وأبو عبد الله بن الزّرّاد، وجماعة.
ومات في رابع شوّال.
- حرف الصاد-
273- صالح بن الخضِر [1] بن حاتم.
تقيّ الدين، أبو البقاء ابن قمر الدّولة الأنصاريّ، المصريّ، المقرئ الشّافعيّ، الضّرير.
سمع الكثير، وحدَّث عن: مُكَرَّم بن أبي الصَّقْر.
ومات بقليوب في رمضان.
274- صالح بن الحُسَين [2] بن طلْحة بن الحُسَين بن محمد.
القاضي الجليل، الإمام، تقيّ الدّين، أبو البقاء الهاشميّ، الجعفريّ، الزَّيْنَبيّ.
وُلِد سنة إحدى وثمانين وخمسمائة.
وسمع من: عليّ بن البنّاء، وغيره.
وحدَّث. وكان رئيسا نبيلا، عارفا بالأدب. ولي قضاءَ قُوص مدّة.
وله خُطِبٌ ونَظْمٌ ونثْر وتصانيف. وأنحسَ نفسَه بولاية نَظَر قُوص، وفاعل ذلك منقوص.
حدّث عنه الدّمياطيّ.
__________
[1] انظر عن (صالح بن الخضر) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 18 أ.
[2] انظر عن (صالح بن الحسين) في: ذيل مرآة الزمان 1/ 438، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 18 ب، والوافي بالوفيات 16/ 256، 257 رقم 283، وعقد الجمان (2) 68.

(49/262)


- حرف العين-
275- عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن [1] بْن سلامة بن نصر بن مِقْدام بن نصر.
أبو محمد الحنبليّ، المقدسيّ، السّراج.
وُلِد سنة أربع وتسعين وخمسمائة.
وحدّث عن: حنبل.
وولي حسْبة قاسيون.
روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وابن الزراد، وجماعة.
مات في تاسع ذي الحجّة.
276- عبد الصّمد بن يوسف [2] بن منصور بن يوسف.
سديدُ الدّين أبو محمد السَّعْديّ، الشّاميّ، ثمّ المصريّ.
تُوُفّي عن إحدى وثمانين سنة بالقاهرة.
روى شيئا عن عليّ بن محمد بن رحّال.
277- عبد الرحمن بن الحافظ أبي محمد عَبْد الله بْن سُلَيْمَان بْن حَوْط الله.
الفقيه أبو عمر الأنصاريّ، الأنْديّ، الأندلُسيّ.
سمع «صحيح البخاريّ» من أبي العبّاس بن مِقْدام صاحب شُرَيح.
وأجاز له خلْقٌ بإفادة أبيه وعمّه.
وسمع من طائفة.
مات في المحرَّم، وقارب السّبعين.
278- عبد المغيث بن عبد الكريم [3] بن أبي الفضائل.
محيي الدّين، أبو الفَرَج الأنصاريّ، الدّلاصيّ، الصّعيديّ.
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن عبد الرحمن) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 18 ب.
[2] انظر عن (عبد الصمد بن يوسف) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 17 أ.
[3] انظر عن (عبد المغيث بن عبد الكريم) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 16 ب.

(49/263)


ولد سنة إحدى وستّمائة.
من الحافظ ابن المفضّل.
وتُوُفّي في الثّالث والعشرين من ربيع الأوّل.
279- عثمان عزّ الدّين بن الشّيخ الوجيه بن مُنَجّا.
أكبر أولاد أبيه، تُوُفّي شابّا طريّا إلى رحمة الله في جُمَادى الآخرة وشيّعه الأعيان.
ورّخه شمس الدّين ابن الفخر فقال: تُوُفّي صاحبي عزّ الدّين وعُمِل عزاؤه بالمسماريَّة.
280- عليّ بن الحَسَن [1] بن الفَرَج بن النُّعْمان بن محبوب.
تقيُّ الدّين. المعرّي الأصل، البَعْلَبَكّيّ.
الفقيه الشّافعيّ. كان فاضلا، حَسَن الأخلاق والعِشْرة.
تُوُفّي بدمشق في ربيع الآخر، رحمه الله تعالى، وقد ناهز السّتين.
281- عليّ بن أبي طالب [2] بن محمد.
الشّريف علاء الدّين الحَسَيْنيّ، المُوسَويّ، الدّمشقيّ.
وُلِد سنة ثمانٍ وتسعين.
وسمع من: أبي اليُمْن الكِنْديّ.
وكان عدْلًا حَسَن الشّكل.
تُوُفّي في ذي القعدة. وهو والد المُسْنِد موسى بن عليّ الشّاهد شيخنا.
وكان شيخا بالمُقَدَّميّة للإقراء.
282- عمر بن محمد [3] بن أبي سعد بن أحمد.
__________
[1] انظر عن (علي بن الحسن) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 438، 439، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 17 أ.
[2] انظر عن (علي بن أبي طالب) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 439، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 17 أ.
[3] انظر عن (عمر بن أحمد) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 17 ب، والعبر 5/ 289، ودول الإسلام 2/ 172، والمعين في طبقات المحدّثين 213 رقم 2225، والإشارة إلى وفيات

(49/264)


الواعظ، العالِم، بدرُ الدّين، أبو حفص الكرْمانيّ الأصل، النَّيْسابوريّ، التّاجر.
وُلِد بشاذياخ نَيْسابور في تاسع المحرّم سنة سبعين وخمسمائة. وكان يُمكنه أن يسمع من عبد المنعم بن الفراويّ، وطبقته، وإنّما سمع في الكهولة من القاسم بن عبد الله الصّفّار. سمع منه الشَّطْر الأوّل من «مُسْنَد أبي عَوَانة» ، وسمع منه ثلاثة مجالس المخلديّ، و «الأربعين» لعبد الخالق بن زاهر.
وحدَّث بدمشق ومصر. وعُمِّر دهرا طويلا.
قرأتُ بخطّ العلاء الكِنْديّ: حدَّثني الواعظ بدرُ الدّين النَّيْسابوريّ قال:
حفظت «مقامات الحريريّ» ، وكان أبي يُغلق عليَّ باب غُرفة كلّ ليلةٍ حتّى أكرّر على كلّ الكتاب.
ولا نعلم أحدا روى عن الصّفّار بالسّماع بعده.
روى عنه: الدّمياطيّ، وابن فرج، وإمام الحنابلة، وابن الخبّاز، وابن الزرّاد، ونبيه الحلبيّ، وعزّ الدّين محمد بن العِزّ، وعليّ بن محمد بن المهتار، وخلْق من هذه الطّبقة.
وقد روى عنه الشّيخ شمس الدّين عبد الرّحمن مع تقدُّمه.
وتُوُفّي بدمشق في ليلة الحادي والعشرين من شعبان، وقد قارب المائة.
وسماعه صحيح مع الشّيخ الضّياء.
- حرف الكاف-
283- كُرَيْمَةُ بنُ أبي المُنَى بن سعد بن الحسن.
النّجيب النّابلسيّ.
ولد سنة اثنتين وتسعين.
__________
[ () ] الأعيان 363، والإعلام بوفيات الأعلام 279، وذيل التقييد 2/ 256 رقم 1567، وشذرات الذهب 5/ 328.

(49/265)


وروى بالأرض المقدّسة وغيرها عن أبي جعفر الصَّيْدلانيّ بالإجازة.
سمع منه: ابن الخبّاز.
- حرف الميم-
284- محمد بن إبراهيم بن عيّاش.
أبو عبد الله السّلاويّ.
سمع: ابن البُنّ، وابن صَصْرى.
وعاش سبعين سنة.
روى عنه: شيخنا الدّمياطيّ.
285- محمد بن أحمد [1] بن عمر.
العلّامة جلالُ الدّين العِيديّ [2] ، البخاريّ، الحنفيّ. أحد شيوخ أبي العلاء الفَرَضيّ.
تفقّه على حسام الدّين محمد بن محمد الأخشيكتيّ، وحميد الدّين عليّ الرّامشيّ، وعلى حافظ الدّين. وحصَّل المذهب. وكان ذا معرفة تامّة بالفِقه والأصلين، ودرّس وأفتى.
وقال البخاريّ: أظنّه في رمضان سنة ثمانٍ بكلاباذ.
286- محمد بن أبي الفتح [3] الحسن الحافظ الكبير ثقة الدين أَبِي القاسم عَلِيّ بْن هبة اللَّه بْن عساكر.
شمسُ الدّين، أبو عبد الله الدّمشقيّ.
وُلِد سنة ثلاثٍ وتسعين، وسمع من عمّه القاسم فيما أحسب.
__________
[1] انظر عن (محمد بن أحمد) في: المشتبه في الرجال 1/ 435، وتوضيح المشتبه 6/ 114، 1115.
[2] العيدي: بالكسر مع إهمال الدال. نسبة إلى العيد. في آبائه من ولد في العيد فنسب إليه.
[3] انظر عن (محمد بن أبي الفتح) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 15 ب، 16 أ، وتالي كتاب وفيات الأعيان 139، 140 رقم 223، وعقد الجمان (2) 68.

(49/266)


وسمع من: حنبل، وابن طَبَرْزَد، ومحمد بن الزّنف، والكِنْديّ، وستّ الكَتَبة بنت الطّرّاح.
وحدَّث بدمشق وبمصر مدّة.
أكثر عنه الشَّريف عزّ الدّين والمصريّون. ومات بدمشق في سابع صفر.
روى عنه: الدّمياطيّ، وابن ابحبّاز، وجماعة.
287- محمد بن داود [1] بن أبي العبّاس خُمار [2] بن محمود بن غازي.
الشّيخُ شهابُ الدّين، أبو بكر الأنصاريّ، المصريّ، المقرئ.
وُلِد سنة ستّمائة. وقرأ القرآن بالروايات وأتقنها، وتصدَّر بجامع مصر لإقرائها.
وكان ديِّنًا، خيِّرًا، ساكنا، لا أعلم على مَن قرأ. وقد روى اليسير عن مُكَرَّم.
ومات في رابع شوّال، رحمه الله تعالى.
288- محمد بن عبد الحميد [3] بن عبد الهادي.
الشيخ شمس الدّين ابن العماد، أخو شيخنا العِزّ.
وُلِد سنة سبْعٍ وستمائة.
وسمع من: ابن مُلاعِب، والموفّق، وابن راجح، وموسى بن عبد القادر، وابن البُنّ، والعِزّ محمد بن الحافظ، وابن أبي لُقْمة، وجماعة.
وهو والد صاحبنا الفقيه عبد الحميد.
سمع منه: ابن الخبّاز، وابن نفيس، وابنه عبد الحميد. وكان فقيها إماما، زاهدا، قُدْوةً، قوّالا بالحقّ، كثير الخير.
تُوُفّي رحمه الله في رمضان.
__________
[1] انظر عن (محمد بن داود) في: المقتفي للبرزالي 1/ 18 أ، والمقفّى الكبير 5/ 642، 643 رقم 2234.
[2] خمار: بضم الخاء المعجمة وتخفيف الميم ثم ألف بعدها راء مهملة.
[3] انظر عن (محمد بن عبد الحميد) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 18 أ.

(49/267)


289- محمد الوزير [1] .
فخرُ الدّين، أبو عبد الله ابن الصّاحب الوزير بهاء الدين عليّ ابن القاضي السّديد محمد بن سَلِيم [2] المصريّ، الشّافعيّ، ابن حِنّا.
سمع من: أبي الحسن بن المُقَيِّر.
وحدَّث، ودرّس بمدرسة والدِه، وعمّر رِباطًا كبيرا بالقرافة، ووقفَ عليه ما يقوم بالفقراء.
وكان ديِّنًا فاضلا، مُحِبًّا لأهل الخير، مُؤثِرًا لهم.
تُوُفّي في شعبان. وهو أبو الصّاحب تاج الدّين محمد. شيّعه خلْقٌ كثير [3] .
وقد روى عنه الدّمياطيّ شيئا من نَظْمه.
290- محمد بن عمر بن أبي القاسم أحمد بن أحمد بن محمد.
الشّريفُ، شيخُ القُرّاء، أبو البدر العبّاسيّ، الرّشيديّ، الواسطيّ، المعروف بابن الدّاعي.
قرأ بالرّوايات علي: ابن الباقِلّانيّ، وابن الكمال، وأبي جعفر بن زُرَيق، وأبي طالب، وأبي طالب بن عبد السّميع.
وحدَّث عن ابن الْجَوْزيّ بكتاب «جامع المسانيد» وغير ذلك.
__________
[1] انظر عن (محمد الوزير) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 439، 440، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 18 أ، ونهاية الأرب 30/ 171، 172، والوافي بالوفيات 40/ 185 رقم 1725، وعيون التواريخ 20/ 395، والبداية والنهاية 13/ 258، والمقفّى الكبير 6/ 334- 336 رقم 2810، وعقد الجمان (2) 67، والدليل الشافي 656 رقم 2257.
[2] ضبطه المقريزي فقال: سليم، بفتح السين المهملة وكسر اللام، بن حنّا بحاء مهملة مكسورة بعدها نون مشدّدة مفتوحة. (المقفى الكبير 6/ 334) .
[3] وقال فيه شرف الدين البوصيري:
نم هنيئا محمد بن علي ... بجميل قدّمت بين يديكا
أنت أحسنت في الحياة إلينا ... أحسن الله في الممات إليكا
كنت عونا لنا على الدهر حتى ... حسدتنا أيدي المنون عليكا

(49/268)


وسمع «الغيلانيات» من المندائيّ. وحدَّث بجزء ابن عَرَفَة عن ابن كُلَيْب.
وأجاز له ذاكر بن كامل، وابن بَوْش، وابن كُلَيْب، وعدّة.
وتصدّر للإقراء، وحمل عنه جماعةٌ القراءات كالشّيخ عليّ خريم، وابن غزال، وابن المحروق.
وبالإجازة شيخنا البُرهانيّ الْجَعْبريّ.
وُلِد في المحرَّم سنة سبْعٍ وسبعين، وتُوُفّي في ثامن عشر جُمَادى الآخرة سنة ثمانٍ وستّين وستّمائة.
291- محسّن [1] .
الحبشيّ، الصّالحيّ، الطّواشيّ.
سمع الكثير من أصحاب السّلفيّ كابن رواج، وابن الحُمْيَريّ.
وحصّل الأُصول، وتقدَّم عند الملك الصّالح نجم الدّين أيّوب، وبعده ثمّ سافر إلى المدينة المنوَّرة فجاور وتقدَّم على الخدّام. ثمّ رجع إلى مصر.
تُوُفّي في العشرين من شعبان.
292- منصور بْن مُحَمَّد [2] بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن علي بن منصور.
أبو محمد القُرَشيّ، البالِسيّ، ثمّ الدّمشقيّ، الكاتب.
قال الشّريف عزّ الدين: وُلِد سنة ستّمائة. وسمع من الكِنْديّ.
وحضر حنبل بن عبد الله. ومات في مُسْتَهلّ ربيع الأوّل بالشّقيف.
روى عنه: الدّمياطيّ وابن الخبّاز، وغيرهما.
وكان أديبا شاعرا [3] .
__________
[1] انظر عن (محسن) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 439، وعقد الجمان (2) 68.
[2] انظر عن (منصور بن محمد) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 16 أ.
[3] وقال البرزالي: أجاز لي ما يرويه في ربيع الآخر سنة ست وستين وستمائة.

(49/269)


- حرف الياء-
293- يحيى بن تمّام [1] بن يحيى بن عبّاس بن أبي الفُتُوح بن تميم.
الشّيخ عماد الدّين، أبو زكريّا الحِمْيَريّ، الدّمشقيّ.
وُلِد سنة ستٍّ وستّمائة.
وسمع من: دَاوُد بن مُلاعِب، والشّيخ الموفّق.
وحدَّث بدمشق ومصر.
ومات في شعبان.
وكان رئيسا سَمْحًا جوادا.
294- يَحْيَى بْن مُحَمَّد [2] بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن عَلِيّ بْن عَبْد العزيز بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن عبد الرحمن بن الوليد بن القاسم بن الوليد.
قاضي القُضاة، أوحدُ الحكّام، محيي الدّين، أبو المفضّل ابن قاضي القضاة محيي الدِّين أَبِي المعالي ابن قاضي القضاة زكي الدين أبي الحسن ابن قاضي القضاة منتخب الدّين أبي المعالي ابن القاضي أبي الفضل، القُرَشيّ، الدّمشقيّ، الشّافعيّ.
وُلِد في الخامس والعشرين من شعبان سنة ستٍّ وتسعين وخمسمائة.
وسمع من: حنبل، وابن طَبَرْزَد، وأبي اليُمْن الكنديّ، وابن الحرستانيّ، وجماعة.
__________
[1] انظر عن (يحيى بن تمّام) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 17 ب، وذيل التقييد 2/ 302 رقم 1676.
[2] انظر عن (يحيى بن محمد) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 440، 441، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 17 أ، ب، ونهاية الأرب 30/ 171، والعبر 5/ 289، 290، ودول الإسلام 2/ 172، والإشارة إلى وفيات الأعيان 363، والإعلام بوفيات الأعلام 279، ومرآة الجنان 4/ 169، وعيون التواريخ 20/ 396، 397، وذيل التقييد 2/ 308، 309 رقم 1690، والبداية والنهاية 13/ 257، 258، والسلوك ج 1 ق 2/ 589، وعقد الجمان (2) 66، 67، والنجوم الزاهرة 7/ 230، وشذرات الذهب 5/ 327.

(49/270)


وتفقّه على: فخر الدّين ابن عساكر، وغيره.
وولي قضاء دمشق غير مرّة، ولم تطُل ولايته. وكان صدرا، رئيسا، محتشما، نبيلا، جليلا، مُعْرِقًا في القضاء.
وحدَّث بدمشق ومصر، وكتب عنه غيرُ واحد.
روى عنه الدّمياطيّ في «معجمه» ، وساقَ نسَبَه إلى عثمان رضي الله عنه، ولا أعلم لذلك صحّة. فإنّي رأيت الحافظ ابن عساكر قد ذكر جدّه لأمّه القاضي أبا المفضّل يحيى بن عليّ المذكور، وذكر ابنه المحتسب وغيرهما، ولم يتجاوز القاسم بن الوليد. وقال في جدّه المعروف بابن الصّائغ: القُرَشيّ قاضي دمشق.
ولم يَقُلْ لا الأُمويّ ولا العُثْمانيّ.
ثمّ إنّي رأيت كتاب وقف لبني الزّكيّ، وهو وقف من جدّهم عبد الرحمن بن الوليد بن القاسم بن الوليد القرشيّ. وقد وقفه في سنة نيّف وسبعين ومائتين، ولم يزد في نسبه ولا نسبته على هذا، ولا سمّى للوليد أبا، ولا ذكر أنّه أُمويّ، والّذي زعم أنّه عثمانيّ قال فيه: الوليد بن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبَانٍ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عفّان.
والله أعلم بحقيقة ذلك. فإنّ المعروف من ذلك أنّ المتقدّمين يحفظون أنسابهم ويرفعونها. فإذا طالت السّنُون والأحقاب على الأعقاب نُسِيَت وأهملت واجتزئ بالنّسبة إلى القبيلة، فقِيل القُرَشيّ والقَيْسيّ والهَمْدانيّ وأمّا بالعكس فلا، فإنّا لم نرَ هذا الواقف القديم الّذي كان بعد السّبعين ومائتين رفع في نسبه فوق ما ذكر في كتاب وقفِه. ولا رأينا أحدا من أولاده وهلُمَّ جرّا إلى زمان قاضي القُضاة زكيّ الدّين أبي الحسن يذكرون أنّهم أُمويون ولا عثمانيّون. وإنّما هو أمرٌ لم يُنْقل عن أهلِ هذا البيت الطّيب فينبغي أنْ يُصان عن الزّيادة والانتساب إلى غير جدّهم إلّا بيقينٍ ولو ثبت ذلك لكان فيه مفْخَرٌ وشرف.
روى عنه: ابن الخبّاز، وشرف الدّين ابن أبي الفتح، وشمس الدّين بن الزّرّاد، وجماعة.

(49/271)


وقال الشّيخ قُطْبُ الدّين [1] : كان له في الفقراء عقيدة. وصحب الشّيخ محيي الدّين ابن العربيّ وله فيه عقيدةٌ تُجَاوِزُ الوصفَ.
قال: وحُكِيَ لي عنه أنّه كان يُفضّل عليّا على عثمان رضي الله عنهما، كأنه كان يقتدي في ذلك بابن العربيّ [2] .
وله قصيدةٌ في مدْح عليٍّ، رضي الله عنه، منها:
أدينُ بما دان الوصيُّ ولا أرى ... سواهُ وإنْ كانت أُميَّةُ محتِدي
ولو شهدتْ صِفّين خيلي لأَعذرت ... وساء بني حَرْبٍ هنالك مَشْهدي
قلت: وقد سار إلى هولاكو فولّاه قضاء الشّام وغيرها، وخلع عليه خِلْعَةً سوداء مذهّبة خليفتيّة، وبَدَت منه أمور. والله يسامحه. وكان لَهِجًا بالنّجوم وأشياء لا أقولها.
بحيث أنّه دخل ببنت سناء المُلْك لأجل الطّالع وقت الظُّهر، ولم نسْمع بعُرْسٍ في هذه السّاعة، ثمّ بعد ليالٍ ماتت هذه العروس، فنقل التّاج ابن عساكر أنّها ماتت فجأة. سَقَوها دواء يُزيل العقْل ليَفْتَضّها الزّوج فقلقت، فيا شؤمه افتضاضا عليها.
وقد أمره السّلطان بالسّكنى بديار مصر.
وتُوُفّي بمصر في رابع عشر رجب سنة ثمانٍ، ودُفِن بسَفْح المُقَطّم عن أحد عشر ولدا، وهم: علاء الدّين أبو العبّاس أحمد، وقاضي القُضاة بهاء الدّين يوسف، وزكيّ الدّين حُسَين، وشَرَفُ الدّين إبراهيم، وعزّ الدّين عبد العزيز،
__________
[1] في ذيل المرآة 2/ 440.
[2] يقول خادم العلم وطالبه، محقّق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» : الواضح أن المؤلّف الذهبي- رحمه الله- ينقل قول قطب الدين اليونيني، وهو ليس قوله، ومع ذلك فقد علّق اليافعي على هذا القول ونسبه إلى «الذهبي» فقال: «وهذا من الذهبي العجب العجاب» ! وساق في تفضيل عليّ رضي الله عنه على عثمان رضي الله عنه كلاما كثيرا. انظر: مرآة الجنان.

(49/272)


وتقيّ الدّين عبد الكريم، وكمال الدّين عبد الرّحمن إمام محراب الصّحابة، وزينب شيختنا، وستّ الحُسْن، وعائشة وفاطمة. وأوَّلهم وفاة زكيُّ الدّين بعد أبيه بقليل.
295- يعقوب بن عبد الرّفيع [1] بن زيد بن مالك.
الصّاحبُ، زَين الدّين الأسَديّ، الزُّبَيْريّ، من ولد عبد الله بن الزُّبَيْر، رضي الله عنهما.
وُلِد سنة بضْعٍ [2] وثمانين وخمسمائة، ومات في ربيع الآخر.
ذكره قُطْبُ الدّين فقال: كان إماما فاضلا، ممدَّحًا، كثير الرّئاسة. وَزَرَ للملك المظفَّر قُطُز، ثمّ وزَرَ للملك الظّاهر في أوائل دولته، ثمّ عُزِل بابن حنّا فلزم بيته. وله نظم جيّد [3] .
__________
[1] انظر عن (يعقوب بن عبد الرفيع) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 441، 442، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 16 ب، ونهاية الأرب 30/ 172، والبداية والنهاية 13/ 257، وعيون التواريخ 20/ 397، 398، والسلوك ج 1 ق 2/ 589، وعقد الجمان (2) 65، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 331.
[2] في بدائع الزهور: سنة سبع وثمانين.
[3] منه:
لا مني والعذر مشتهر ... عاذل ما عنده خبر
في هوى من حسن صورته ... سجدت طوعا له الصور
رشأ ما قال واصفه ... إنه بالوصف ينحصر
رام غصن البان قامته ... فانثنى من ذاك يعتذر
واستعار الظبي مقلته ... واكتسى من نوره القمر
أسمر أخبار عاشقه ... بين أرباب الهوى سمر
وإمام في ملاحته ... واثق بالحسن مقتدر
أمروا قلبي بسلوته ... أنا عاص للذي أمروا
لو بقلبي مثله عشقوا ... وبعيني حسنه نظروا
لرأوا غيّا به رشدا ... ولكانوا في الهوى عذروا

(49/273)


وفيها وُلِد:
بدرُ الدّين محمد بن أحمد بن بصحان ابن السّراج الدّمشقيّ، المقرئ، وكمال الدّين عبد الرحمن بن القاضي محيي الدّين يحيى بن الزّكيّ القُرَشيّ في رجب، وعلاء الدّين عليّ بن إسماعيل بن المِقداد، وشمس الدّين عبد الأحد بن سعْد الله بن نجيح الشّافعيّ، ومحمد ابن شيخنا الزَّين أبي بكر، والفخر عثمان بن عمر الحَرَسْتانيّ المؤذّن، وصلاح الدّين يوسف بن محمد بن المُغَيْزِل، وفخر الدين عثمان بن محمد بن قاضي حماة ابن البارزيّ، ونجم الدين عليّ بن داود القحفازيّ، وقاضي القُضاة علاء الدّين القُونويّ، وقاضي الحنابلة تقيُ الدّين عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بكر الدّيرانيّ، والنّاصح النّقيب محمد بن عبد الرّحيم، والفخر عثمان بن محمد قاضي حماة نجم الدّين عبد الرّحيم ابن البارزيّ، وعليّ بن أحمد بن محمد بن النجيب الخلاطي، والشّيخ أحمد بن جملة في رجب، وإبراهيم بن محمد أخو المقريزيّ، وقاضي العراق قُطْبُ الدّين محمد بن عمر الفضليّ الشّافعيّ، المعروف باحوبن، والشّيخ صدر الدّين سليمان بن يحيى بن إسرائيل البُصْرويّ مدرّس الخاتونيّة، والقاضي فخر الدين محمد بن محمد بن مسكين المصريّ، في شوّال منها.

(49/274)


سنة تسع وستين وستمائة
- حرف الألف-
296- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه [1] بْن عزَّاز بن كامل.
العلّامةُ زَيْن الدّين، أبو العبّاس المصريّ، النَّحْويّ، المعروف بابن قُطْنَة.
كان من أئمّة العربيّة المتنصّبين لإقرائها بمصر.
تُوُفّي في ربيع الآخر، وقد نيّف على السّبعين.
انتفع به جماعة.
297- أحمد بن القاضي الأعزّ أبي الفوارس [2] مِقْدام بن أحمد بن شُكْر.
القاضي الأجلّ، كمال الدّين أبو السّعادات المصريّ، أحد كُبراء البلد.
له عقلٌ ودهاء ورأي، وفيه حشمة وسُؤدُد.
وعُيّن للوزارة. وله نَظْمٌ حَسَن.
تُوُفّي ليلة السّادس والعشرين من رمضان.
298- إبراهيم بن إسماعيل [3] بن إبراهيم بن عثمان بن عبّاس.
أبو إسحاق المقدِسيّ، المقرئ.
وُلِد سنة إحدى وتسعين.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن عبد الله) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 20 ب، والوافي بالوفيات 7/ 123 رقم 3058، وبغية الوعاة 1/ 137.
[2] انظر عن (أحمد بن أبي الفوارس) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 458، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 23 أ، ب، ونهاية الأرب 30/ 182، وعيون التواريخ 20/ 405، والسلوك ج 1 ق 2/ 596، والنجوم الزاهرة 7/ 231، والوافي بالوفيات 8/ 186 رقم 3614.
[3] انظر عن (إبراهيم بن إسماعيل) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 19 ب.

(49/275)


وسمع من: أبي الفضل محمد بن الحصيب، وداود بن مُلاعِب، وغيرهما.
وكتب عنه الطَّلَبَة، ومات بالصّنَمَين في أوّل رجب راجعا من الحجّ.
وهو أخو الشّيخ شهاب الدّين أبي شامة.
299- إبراهيم بن المسلم [1] بن هبة الله بن البارزيّ.
الحَمَويّ، القاضي شمس الدّين. أحد الأئمّة الفضلاء ببلده.
ولد سنة ثمانين وخمسمائة. وكان فيه دِين ووَرَع. قرأ على أبي اليُمْن الكِنْديّ. وصحِب الفخرَ ابنَ عساكر وتفقّه به، وأعادَ له. ودرّس بالرّواحيّة بدمشق، ثمّ درّس بحماة، وولي قضاءها إلى أن مات.
وقد درّس أيضا بالمَعَرَّة.
وكان محمود السّيرة في القضاء، وله شِعرٌ [2] ، وفضائل.
وُلّي قضاءَ حماة بضْع عشرة سنة.
تُوُفّي في شعبان [من هذه السنة] [3] .
روى عنه: حفيده قاضي القُضاة شَرَفُ الدّين هبةُ الله شيخنا، وقاضي القُضاة ابن جماعة، وثنا أنّه قرأ عليه «التّنبيه» دروسا، وأنّه حفظ ثلث «النهاية» لإمام الحَرَمين، وغير ذلك، وأنّه كان يصوم الدَّهر ويقوم اللّيل، رحمه الله تعالى [4] .
__________
[1] انظر عن (إبراهيم بن المسلّم) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 457، 458، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 22 ب، وفيه: «أبو الطاهر إبراهيم بن عبد الله بن المسلّم ... » ، ونهاية الأرب 30/ 181، والعبر 5/ 291، والإشارة إلى وفيات الأعيان 364، والمختصر في أخبار البشر 4/ 7، وتاريخ ابن الوردي 2/ 321، ومشيخة قاضي القضاة ابن جماعة 1/ 132- 135 رقم 5 وفيه «إِبْرَاهِيم بْن هبة اللَّه بْن المسلم بْن هبة الله بن حسّان ... » ، والوافي بالوفيات 6/ 146، 147 رقم 2590، ومرآة الجنان 4/ 170، وعيون التواريخ 20/ 404، 405، والسلوك ج 1 ق 2/ 597، وعقد الجمان (2) 86، والنجوم الزاهرة 7/ 231، والدليل الشافي 1/ 29 رقم 82، والمنهل الصافي 1/ 162، 163 رقم 82، والدارس 1/ 268، وشذرات الذهب 5/ 328.
[2] ومن شعره ينعت دمشق:
دمشق لها منظر رائق ... فكلّ إلى وصلها تائق
فأنّى يقاس بها بلدة ... أبى الله والجامع الفارق
[3] في الأصل بياض مقدار ثلاث كلمات، والمستدرك من عيون التواريخ.
وقد كتب في الأصل بعد البياض: «إبراهيم بن البريّ الواعظ» ، وهو مقحم.
[4] وقال قاضي القضاة ابن جماعة: «أحد الأئمّة المشهورين، والعلماء العاملين، والقضاة

(49/276)


300- إسحاق بن محمود [1] بن بلكُوَيْه [2] بن أبي الفيَّاض.
الشّيخ شمسُ الدّين، أبو إبراهيم البُرُوجِرْديّ [3] ، الصّوفي، المشرف [4] .
__________
[ () ] العادلين، كان رحمه الله درّس بدمشق بالمدرسة الرواحية، في سنة تسع وستمائة، وأعاد للشيخ الإمام أبي منصور عبد الرحمن بن عساكر، ودرّس بحماة في سنة ثلاث وأربعين وستمائة بالمدرسة الخطبيّة، ولم يزل مدرّسها إلى حين وفاته، ودرّس أيضا بالمعرّة مدّة، وأفتى مدّة طويلة، وولي قضاء حماة وأعمالها سنة إحدى وخمسين وستمائة، ولم يزل قاضيا إلى أن مات وكان مفنّنا يعرف التفسير، والحديث، والفقه، والأصولين، والنحو. يحفظ كثيرا من الرقائق، وكان يكرّر على نحو الثلث من كتاب «نهاية المطلب» في الفقه، وقيل إنه كرّر على الجميع. وكان رقيق القلب، سريع الدمعة، يصوم الدهر، ويقوم الليل، مع كبر السنّ، ولا يفرّط في شيء من أوقاته، قد وطف على نفسه أورادا من العبادة ليلا ونهارا، واختصر في آخر عمره من لباسه فكان يلبس على رأسه بطانة من الخادم أذرعا يسيرة، بذؤابة لطيفة، ولم يزل على ذلك إلى أن توفّي.. ولما توفّي كنت مع الجيش على حصن الأكراد، وكان قدومي في هذه المرة من الديار المصرية إلى حماة لرؤيته، وزيارة والدي رضي الله عنهما، فإنّي كنت قرأت عليه جميع كتاب «التنبيه» ، دروسا وانتفعت به وصحبته.» . (مشيخة قاضي القضاة 1/ 132، 133) .
[1] انظر عن (إسحاق بن محمود) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 19 أ، ب، وزبدة الفكرة 9/ ورقة 75 ب، ومشيخة قاضي القضاة ابن جماعة 1/ 188- 195 رقم 14، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 301 رقم 307، ومعجم شيوخ الدمياطيّ 1/ ورقة 140 أ، والوافي بالوفيات 8/ 424 رقم 3895، ومنتخب المختار من ذيل تاريخ بغداد لابن النجار، لابن رافع السلامي (ت 774 هـ) . انتخبه قاضي مكة المالكي الفاسي (ت 832 هـ) . نشره عباس العزاوي، مطبعة الأهالي، بغداد 1357 هـ. / 1938 م. - ص 39، وعقد الجمان (2) 85، وصلة الخلف بموصول السلف للروداني (نشر في مجلّة معهد المخطوطات العربية- المجلّد 29، ج 2/ 463) ، وتوضيح المشتبه 3/ 70، وتبصير المنتبه 4/ 1291، وفهرس الفهارس 2/ 643، 644.
والطريف، مع كل هذه المصادر لترجمة ابن بلكويه، قال محقّق الإعلام بوفيات الأعلام ص 279 في الحاشية رقم (5) : «لم نقف على ترجمته فيما بين أيدينا من المصادر» !
[2] في الوافي بالوفيات 8/ 424 «ملكويه» وهو غلط.
[3] البروجردي البروجردي: بضم الباء والراء بعدها الواو، وكسر الجيم، وسكون الراء، وفي آخرها الدال المهملة. هذه النسبة إلى بروجرد، وهي بلدة حسنة. من بلاد الجبل على ثمانية عشر فرسخا من همذان. (الأنساب 2/ 174، اللباب 1/ 143) .
أما ياقوت فضبطها: برجرد: بالفتح ثم بالضم، ثم السكون، وكسر الجيم، وكسر الراء، ودال. (معجم البلدان 1/ 404) وتابعه عبد المؤمن البغدادي في (مراصد الاطلاع 1/ 189) .
[4] المشرف: بالضم، والسكون، وكسر الراء، (تبصير المنتبه 4/ 1291) . وقال ابن ناصر الدين: عرف بالمشرف لأنه كان مشرفا على دويرة الصوفية بمصر المعروف بسعد السعداء.
(توضيح المشتبه 3/ 70) .

(49/277)


من أكابر مشايخ الصُّوفيّة وقُدَمائهم، وُلِد سنة سبع وسبعين وخمسمائة ببروجرد.
وسمع ببغداد من:. بي طاهر لاحق بن قَنْدَرة [1] ، وعمر بن طَبَرْزَد، وعبد الرّزاق ابن الشّيخ عبد القادر، وأبي تُراب يحيى بن إبراهيم الكَرْخيّ، وعبد الباقي بن عبد الجبّار الهَرَويّ.
وسمع بالقاهرة من: أبي الحسن بن المفضَّل الحافظ، ومحمد بن الحسن اللُّرّسْتانيّ، وجماعة.
وكان يكتب خطّا جيّدا، ونَسَخ الكثير، وصَحِب شيخ الشّيوخ أبا الحسن محمد بن حمُّوَيْه.
خرَّج له أبو بكر محمد بن عبد العظيم المُنْذِريّ «مشيخة» في جُزء.
روى عنه: الدّمياطيّ، والشّيخ شعبان، والأمير عَلَم الدّين الدّواداريّ، ومحمد بن عالي الدّمياطيّ، وأحمد بن عبد المحسن بن رفعة، والمصريّون.
ومات في خامس المحرّم بالقاهرة.
وقال جمال الدّين ابن الصّابونيّ [2] : سمعتُ منه، وهو ثقة نبيل، لديه فضل، ولي إشراف الخانكاه مدّة، رحمه الله تعالى.
301- إسرائيل بن أحمد [3] بن أبي الحسين بن عليّ بن غالب.
القُرَشيّ، العُرْضيّ، الدّمشقيّ، التّاجر، الطّبيب.
سمع من: الحافظ عبد العزيز بن الأخضر.
وحدَّث بدمشق، ومصر.
وتُوُفّي في سابع رمضان بدمشق.
روى عنه: الدّمياطيّ.
__________
[1] وهو: لاحق بن أبي الفضل بن علي الحريمي الخبّاز المعروف بابن قندرة. ولد سنة 512 وتوفي سنة 600 هـ.
[2] في تكملة إكمال الإكمال 301.
[3] انظر عن (إسرائيل بن أحمد) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 23 أ.

(49/278)


- حرف الحاء-
302- حَسَن بن أبي عبد الله [1] بن صَدَقَة بن أبي الفُتُوح.
الإمام، المقرئ، الزّاهد، أبو عليّ الأزْديّ، الصّقليّ.
وُلِد سنة تسعين وخمسمائة [2] . وقرأ القراءات على أبي الحسن السّخاويّ.
واستوطن دمشق.
وروى بالإجازة عَنْ: المؤيِّد الطُّوسيّ، وأبي رَوْح الهَرَويّ، وزينب الشَّعْريَّة، وكان من السّادة العُبَّاد، صاحبُ أورادٍ وإخلاصٍ ومشاركةٍ في العلوم.
وكان صديقا للشيخ زَيْن الدّين الزّواويّ. وسمع من جماعةٍ من أصحاب الحافظ ابن عساكر كأبي إسحاق ابن الخُشُوعيّ وأقرانه.
وأقرأ وأفاد.
روى عنه: ابن الخبّاز، وأبو الحسن ابن العطّار، وغيرهما.
وتُوُفّي إلى رضوان الله في ليلة الثّاني والعشرين من ربيع الآخر.
وذكره الشّيخ قُطْبُ الدّين [3] فقال: كان من السّادات في تعبُّده وزُهده وتَقَلُّله من الدّنيا، وافِر الحُرْمة، ساعيا في قضاء الحوائج والحقوق، له مهابة وقبول تامّ.
__________
[1] انظر عن (حسن بن أبي عبد الله) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 458، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 20 ب، 21 أ، وصلة التكملة للحسيني 2/ ورقة 101، ودول الإسلام 2/ 172، والإشارة إلى وفيات الأعيان 363، والإعلام بوفيات الأعلام 279، والعبر 5/ 291، ومعرفة القراء الكبار 2/ 675 رقم 642، ومرآة الجنان 4/ 171 وفيه «حسن بن عبد الله الأزدي» ، وعيون التواريخ 20/ 405، 406، وغاية النهاية 1/ 219 رقم 999، والنجوم الزاهرة 7/ 235، وشذرات الذهب 5/ 328، والوافي بالوفيات 12/ 92 رقم 77، والمقفّى الكبير 3/ 342، 343 رقم 1171.
[2] في المقتفي: سنة تسع وثمانين. وكتب على الحاشية: أو سنة تسعين.
[3] في ذيل المرآة 2/ 458.

(49/279)


303- حُسَين القاضي [1] زكيّ الدّين ابن قاضي القُضاة محيي الدّين، يحيى.
الزَّكَويّ.
كان فاضلا نبيلا، إماما، مُفّتيًا.
مات شابّا عن سبْعٍ وعشرين سنة في صفر. وله شِعْرٌ [2] .
- حرف السين-
304- ساعد بن سعد الله [3] بن ثلّاج.
أبو سعْد المحجيّ، الصّالحيّ.
حدَّث عن: ابن الزَّبيديّ، والفخر الإربِليّ.
ومات في ذي القعدة.
روى لنا عنه: أبو الحسن بن العطار.
305- سامة بن كوكب [4] .
السّواديّ، والد الشّهاب أحمد، وجدّ المحدّث شمس الدّين.
فقيرٌ متعفّف قنوع. من سُكّان جبل الصّالحيّة.
يروي عن: ابن اللّتّيّ.
كتب عنه: ابنه، وابن الخبّاز.
__________
[1] انظر عن (حسين القاضي) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 458، 459، وعيون التواريخ 20/ 406، والوافي بالوفيات 13/ 83 رقم 75.
[2] ومن شعره:
حيّا وأقبل يمشي مشية الثمل ... يستن في حسن برد ناعم خضل
في كفّه طاسة يهدي لمغرمه ... رشا ألذّ وأحلى من جني العسل
فقلت: هيهات لا خوف ولا جزع ... أنا الغريق فما خوفي من البلل
[3] انظر عن (ساعد بن سعد الله) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 24 أ.
[4] انظر عن (سامة بن كوكب) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 22 أ.

(49/280)


306- سَنْجَر الصَّيْرَفيّ [1] .
الأمير عَلَم الدّين.
من كبار الأمراء بمصر. ثمّ نُقِل إلى الشّام [2] .
تُوُفّي كَهْلًا في صَفَر ببَعْلَبَكّ، رحمه الله تعالى.
307- سَنْجَر الأمير [3] قُطْب الدّين.
المستنصريّ، البغداديّ، المعروف بالياغز [4] .
أحد مماليك المستنصر فلمّا أخذ هولاكو بغداد هرب إلى الشّام. وكان محتَرَمًا في الدّولة الظّاهريّة، وعنده نَبَاهةٌ، وفضل.
مات في صفر.
- حرف العين-
308- عائشة [5] بنت المحدِّث محمد بن جبريل بن عزّاز.
أم عبد الرّحمن الأنصاريّة، الشّارعيّة.
روت عن: مُكْرَم.
وماتت في سلْخ جُمَادى الأولى.
309- عبّاس الملك [6] الأمجد تقيّ الدّين.
__________
[1] انظر عن (سنجر الصيرفي) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 459، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 20 أ، ونهاية الأرب 30/ 182، والسلوك ج 1 ق 2/ 596، والوافي بالوفيات 15/ 474 رقم 640، والدليل الشافي 1/ 323 رقم 1103، والنجوم الزاهرة 7/ 231، والمنهل الصافي 6/ 67 رقم 1106.
[2] وقال البرزالي: أقطعه (السلطان) عدّة قرى ببلاد ببعلبكّ.
[3] انظر عن (سنجر الأمير) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 459، 460، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 20 أ، وعيون التواريخ 20/ 406، والوافي بالوفيات 15/ 475 رقم 641، والدليل الشافي 1/ 324 رقم 1104، والمنهل الصافي 6/ 67، 68 رقم 1107، والنجوم الزاهرة 7/ 232.
[4] في ذيل المرآة: «الباغز» .
[5] انظر عن (عائشة) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 21 ب.
[6] انظر عن (عباس الملك) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 460، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 21 ب،

(49/281)


ولَدُ السّلطان الملك العادل سيف الدّين أبي بكر بن أيّوب.
كان آخر إخوته وفاة. وكان جليل القدْر محترما عند الملوك لا سيّما عند الملك الظّاهر، لا يترفّع عليه أحدٌ في المجلس ولا في الموكب.
وكان دَمِث الأخلاق حَسَن العِشْرة حُلْو المجالسة، رئيسا سريّا.
توفّي في جمادى الآخرة، ودُفِن بالتُّربة الّتي له بقاسيون.
وقد حدَّث عن: التّاج الكِنْديّ، والبكْريّ.
روى عنه: الدّمياطيّ، وابن الخبّاز، وجماعة. رحمه الله تعالى.
310- عبد الله بن أحمد [1] بن عبد الواحد بن الحسين بن أبي المضاء.
شمس الدين أبو بكر البَعْلَبَكّيّ، محتسب بَعْلَبَكّ.
عاش ثمانين سنة أو أكثر، وأصابه خَلْطٌ وصَرَع، وكان يعتريه.
ومات رحمه الله في جُمَادَى الآخرة [2] .
311- عَبْد اللَّه بْن عبد الرحمن [3] بن عمر.
المفتي العلّامة، سراجُ الدّين الشّرمساحيّ، البصْريّ، الفقيه المالكيّ.
مدرّس المستنصريّة.
من كبار أئمّة المذهب، وكان زاهدا صالحا متصوّفا.
مات في جمادى الآخرة، وله سبعون سنة [4] .
__________
[ () ] ونهاية الأرب 30/ 181، 182، والوافي بالوفيات 16/ 660 رقم 712، وعيون التواريخ 20/ 406، 407، والبداية والنهاية 13/ 260، وعقد الجمان (2) 87، والنجوم الزاهرة 7/ 232، والمنهل الصافي 7/ 509، 60 رقم 1306، والدليل الشافي 3801 رقم 1303.
[1] انظر عن (عبد الله بن أحمد) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 460، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 21 ب.
[2] وقال البرزالي: وحج من سنة سبع وتسعين وخمسمائة، وكان من أعيان أهل بعلبكّ وصدورها، وولي فيها الحسية مدّة زمانية، وولي غيرها من المناصب، وله ثروة ووجاهة.
روى لنا عنه الشيخ شرف الدين اليونيني.
[3] انظر عن (عبد الله بن عبد الرحمن) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 21 ب، والحوادث الجامعة 177.
[4] قال البرزالي: ومولده سنة تسع وثمانين وخمسمائة.

(49/282)


وقد روى الحديث. سمع منه: ابن خَرُوف المَوْصِليّ، وغيره.
ودرّس بعده بالمستنصريّة أخوه عَلَمُ الدّين.
312- عبد الله بن عليّ [1] بن عبد الحفيظ.
الشّريف أبو محمد الحُسَيْنيّ، الكلثميّ، المصريّ.
ولد سنة لرر [2] وتسعين.
وحدّث عن: عليّ بن البنّاء المكّيّ.
تُوُفّي في ربيع الأوّل.
313- عبد الحقّ بن إبراهيم [3] بن محمد بن نصر بن محمد بن نصر بن محمد بن سبعين.
القُرَشيّ، المخزوميّ، الشّيخ قُطْبُ الدّين، أبو محمد المرسي، الرّقوطيّ، الصّوفيّ.
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن علي) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 20 أ.
[2] هكذا في الأصل، والمراد: سنة اثنتين، كما في المقتفي.
[3] انظر عن (عبد الحق بن إبراهيم) في: الإحاطة في أخبار غرناطة 4/ 31- 38، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 24 أ، وذيل مرآة الزمان 2/ 460، وزبدة الفكرة 9/ ورقة 75 ب، 76 أ، وملء العيبة للفهري 2/ 313، وعنوان الدراية 139، 140، ونهاية الأرب 30/ 182، 183، ودول الإسلام 2/ 172 د والإشارة إلى وفيات الأعيان 363، والإعلام بوفيات الأعلام 279، والعبر 5/ 291، 192، والبداية والنهاية 13/ 261، وفوات الوفيات 2/ 253 رقم 242، وعيون التواريخ 20/ 407، وتاريخ ابن الوردي 2/ 220، والوافي بالوفيات 18/ 60- 64 رقم 57، ومرآة الجنان 4/ 171، والعقد الثمين 5/ 326 رقم 1700، والسلوك ج 1 ق 2/ 597، وعقد الجمان 2/ 85، 86، والنجوم الزاهرة 7/ 232، وشذرات الذهب 5/ 329، ونفح الطيب 2/ 197- 207، ورسائل ابن سبعين، المقدّمة للدكتور عبد الرحمن بدوي- القاهرة 1965، ولسان الميزان 3/ 392 (4/ 111- 224 رقم 4956) وكشف الظنون 662، وإيضاح المكنون 1/ 30، وهدية العارفين 1/ 503، وديوان الإسلام 3/ 114 رقم 199، والإعلام 3/ 280، ومعجم المؤلفين 5/ 90، والمنهل الصافي 7/ 144- 147 رقم 1360، والنجوم الزاهرة 7/ 232، والدليل الشافي 1/ 394 رقم 1357، والعقد الثمين 5/ 326 رقم 1700، وشذرات الذهب 5/ 329.

(49/283)


كان صوفيّا على قاعدة زُهد الفلاسفة وتَصَوُّفهم. وله كلامٌ كثير في العِرفان على طريق الاتحاد والزَّنْدقة، نسأل الله السّلامة في الدين.
وقد ذكرنا محطّ هؤلاء الجنس في ترجمة «ابن الفارض» و «ابن العربيّ» ، وغيرهما. فيا حسرة على العباد كيف لا يغضبون للَّه تعالى، ولا يقومون في الذَّبّ عن معبودهم، تبارك اسمه، وتقدَّست ذاتُه، عن أن يمتزج بخَلْقه أو يحلّ فيهم، وتعالى الله عن أن يكون هو عين السّماوات والأرض وما بينهما. فإنّ هذا الكلام شرٌّ من مقالة من قال بقِدَم العالم، ومن عرفَ هؤلاء الباطنيّة عَذَرني، أو هو زِنْديقٌ مُبْطنٌ للاتّحاد ويذبّ عن الاتّحادية والحُلُوليّة، ومن لم يعرفهم فاللَّه يثيبه على حُسْن قصْده. وينبغي للمرء أن يكون غضَبُه لربّه إذا انتُهِكت حُرُماته أكثر من غضبه لفقير غير معصومٍ من الزّلل. فكيف بفقير يحتمل أن يكون في الباطن كافرا، مع أنَّا لا نشْهد على أعيان هؤلاء بإيمانٍ ولا كُفْرٍ لجواز توبتهم قبل الموت. وأمرهم مُشْكِل، وحسابهم على الله.
وأمّا مقالاتهم فلا رَيْبَ في أنّها شرٌّ من الشِّرْك، فيا أخي ويا حبيبي اعطِ القوسَ باريها، ودعني ومعرفتي بذلك، فإنّني أخاف الله أن يُعذّبني على سكوتي، كما أخاف أن يعذّبني على الكلام في أوليائه. وأنا لو قلت لرجلٍ مسلم: يا كافر، لقد بؤت بالكفر، فكيف لو قلته لرجلٍ صالح أو وليٍّ للَّه تعالى؟
ذكر شيخنا قاضي القُضاة تقيُّ الدِّين ابن دقيق العِيد قال: جلستُ مع ابن سبعين من ضَحْوَةٍ إلى قريب الظُّهر وهو يَسْرُد كلاما تُعْقل مفرداته ولا تُعْقل مُركبّاته.
قلت: واشتهر عنه أنّه قال: لقد تحجّر ابن آمنةٍ واسعا بقوله: لا نبيَّ بعدي.
وجاء من وجهٍ آخر عنه أنّه قال: لقد زربَ ابن آمنةٍ حيث قال: لا نبيَّ بعدي.

(49/284)


فإنْ كان ابن سبعين قال هذا فقد خرج به من الإسلام، مع أنّ هذا الكلام في الكُفْر دون قوله في ربّ العالمين أنّه حقيقة الموجودات، تعالى الله عن ذلك عُلُوًّا كبيرا.
وذكره الشّريف عزّ الدين فقال: له تصانيف عِدّة ومكانة مكينة عند جماعةٍ من النّاس. وأقام بمكّة سنين عديدة.
قلت: وحدَّثني فقيرٌ صالح أنّه صحب فقراء من السبعينيّة فكانوا يهوّنون له ترك الصّلاة وغير ذلك. اللَّهمّ احفظ علينا إيماننا واجعلنا هُداةً مهتدين.
وحصْن رقوطة من أعمال مُرّسِية.
وسمعت ان ابن سبعين فَصَدَ يديه وترك الدَّم يخرج حتّى تصفّى، ومات والله أعلم بصحّة ذلك.
وكان موته بمكّة في الثّامن والعشرين من شوّال، وله خمسٌ، وخمسون سنة، فإنّه وُلِد في سنة أربع عشرة.
اللَّهمّ يا ربّنا وربّ كلّ شيءٍ، إنْ كان هذا الشّخص وأضرابُه يعتقدون أنّك عين مخلوقاتك، وانّ ذاتك المقدّسة البائنة من الخلْق هي حقيقة ما أبدَعْتَ وأوجدتَ من العدم، فلا ترحمهم ولا ترضَ عنهم. وإنْ كانوا يؤمنون بأنّك ربّ العالمين وخالق كلّ شيء، وأنّ مخلوقاتك غيرك بكلّ حال وعلى أيّ تقدير، فاغفر لهم وارحمهم. فإنّ من كلامهم: ما ثَمَّ غير وما في الكون سوى الله.
وما أنتَ غير الكون بل أنت عينه تعاليتَ يا إلهنا عن ذلك، بل وما أنت عين الكون بل أنت غيرُه، ويفهم هذا كلّ مَن هو مُسّلمٌ.
ويقولون إنّ الله تعالى هو روح الأشياء، وإنّه في الموجودات سار كالحياة في الجسم.
ويقولون إنّ الموجودات مظاهر له، وإنّه يظهر فيها. كما قال رمضان

(49/285)


التّوزيّ، معثر عرف بالجوبان القوّاس:
مظاهر الح ( ... ... ... ) [1] فيها فلا يحدّ
ف ( ... [2] ) لا يكاد يخفى ... وظاهر لا يكاد يبدو
نشهده بين ذا وهذا ... بأعين منه تُسْتمدُّ
إنْ بَطَن العبدُ فهو ربٌّ ... أو ظَهَرَ الرَّبُّ فهو عبدُ
فعين كُنْ عين زُلْ ... وُجودًا قبضٌ وبَسْطٌ أخذ وردُّ
مراتب الكون ثابتاتٌ ... وهو إلى حكمها المَرَدُّ
وقال الشّيخ صفيُّ الدين الأُرْمَويّ الهنديّ: حججتُ في حدود سنة ستٍّ وستّين، وبحثت مع ابن سبعين في الفلسفة فقال لي: لا ينبغي لك الإقامة بمكّة. فقلت: كيف تقيم بها أنت؟ فقال: انحصرت القسمة في قعودي بها، فإنّ الملك الظّاهر يطلبني بسبب انتمائي إلى أشراف مكّة، واليمن صاحبها له فيَّ عقيدة، ولكنّ وزيره حَشَويّ يكرهني.
قال صفيّ الدين: وكان داوى صاحب مكّة فصارت له عنده مكانة بذلك ويُقال إنّه نُفي من المغرب بسبب كلمة كُفْرٍ صدرت منه، وهي أنّه قال: لقد تحجَّر ابن آمنةٍ في قوله: لا نبيَّ بعدي.
قلت: وإن فتحنا باب الاعتذار عن المقالات وسلكنا طريقة التّأويلات المستحيلات لم يبقَ في العالم كُفْرٌ ولا ضلال، وبَطَلَت كُتُبُ المِلَل والنِّحَل واختلاف الفِرَق. وقد ذكر الغزالي رحمه الله في كتاب «مشكاة الأنوار» فصلا في حال الحلّاج فأخذ يعتذر عما صدر منه مثل قوله: أنا الحقّ. وقول الآخر: ما في الْجُبّة إلّا الله. وهذه الإطلاقات الّتي ظاهرها كُفْر، وحَمَلها على محامل سائغة، وأوّلها وقال: هذا من فرط المحبّة وشدّة الوجد، وإنّ ذلك كقول القائل: أنا من أهوى ومن أهوى أنا.
__________
[1] في الأصل بياض.
[2] في الأصل بياض.

(49/286)


قلت: بتقدير صحّة العقيدة فلا كلام، وإنّما الكلام فيمن يقول: العالَم هو الله، كقوله في الفصوص إنّه عين ما ظهر وعين ما بطن، وهو المسمّى بأبي سعيد الخرّاز، وغير ذلك من أسماء المحدثات.
ومَن طَالَع كُتُبَ هؤلاء عَلِم عِلمًا ضروريا بأنّهم اتّحادية، مارقةٌ من الدّين، وأنّهم يقولون: الوجود الواجب القديم الخالق هو الممكن المخلوق ما ثَمّ غير ولا سوى. ولكن لمّا رأوا تعدُّد المخلوقات قالوا: مظاهر ومجالي. فإذا قيل لهم فإنْ كانت المظاهر أمرا وجوديّا تعدَّد الوجود، وإلّا لم يكن لها حينئذٍ حقيقة. وما كان هكذا تبين أنّ الموجود نوعان خالق ومخلوق.
قالوا: نحن ثبت عندنا بالكشف ما يناقض صريح العقل. ومن أراد أن يكون عارفا محقّقا فلا بُدّ أن يلتزم الجمع بين النّقيضين، وإنّ الجسم لواحد يكون في وقتٍ واحدٍ في موضعين.
314- عبد الحميد بن رضوان [1] بن عبد الله.
أبو محمد المصريّ، الشّافعيّ، الجراحيّ.
ولد في سنة ثمانين وخمسمائة في مُسْتَهَلّ صَفَر بالقاهرة.
وذكر أنّه قرأ القرآن على أبي الْجُود، وأنّه سمع على أبي القاسم البُوصِيريّ [2] . وقد روى عن ابن اللّتّيّ يسيرا.
وتُوُفّي في المحرَّم ودُفِن بقاسيون.
وكان أديبا فاضلا يُلقَّبُ مجد الدين.
روى عنه: ابن الخبّاز، وغيره [3] .
وقرأ عليه ابن فرح كتاب «شرح السُّنّة» ، بروايته عن القَزْوينيّ.
__________
[1] انظر عن (عبد الحميد بن رضوان) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 19 ب.
[2] وقال البرزالي: ولم يظهر سماعه منه.
[3] وقال البرزالي: أجاز لي جميع ما يرويه.

(49/287)


315- عبد الكريم بن ناصر [1] .
أبو الكَرَم الدعجانيّ، المصريّ، المؤذّن، المعروف بكُرَيْم.
وُلِد في حدود الثّمانين وخمسمائة.
وروى عن: أبي نزار ربيعة اليمنيّ.
وتُوُفّي في رجب.
حدَّثني الحافظ أبو العبّاس الحلبي قال: ذكر الطَّلَبَة لعبد الكريم فقالوا:
قد سمّاك الحافظ عبد العظيم كُرَيْم، وذلك لأجل الكاف فإنّها عزيزة فقال:
أيطيب له أنْ يسمّيه أحدٌ عظيم.
316- عبد الوهّاب بن القاضي أبي الفضل [2] أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز بْن الحسين.
زينُ القُضاة، أبو المكارم بن الْجَبَّاب السَّعْديّ، المصريّ، العدْل [3] .
وُلِد في أوّل سنة تسع وثمانين وخمسمائة.
وسمع من محمد بن أحمد بن جُبَيْر الكِنانيّ، وابن باقا.
وحدَّث.
تُوُفّي في جُمَادى الأولى.
317- عليّ بن مؤمن [4] بن محمد بن عليّ.
__________
[1] انظر عن (عبد الكريم بن ناصر) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 22 أ.
[2] انظر عن (عبد الوهاب بن أبي الفضل) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 461، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 21 أ، ب، ونهاية الأرب 30/ 183، وعيون التواريخ 20/ 407.
[3] وقال النويري: وهو من بيت الرئاسة والعدالة والفضل بالديار المصرية منذ سكنوها، وهم من ذرّية زيادة الله بن الأغلب آخر ملوك بني الأغلب بإفريقية.
[4] انظر عن (علي بن مؤمن) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 24 ب، والعبر 5/ 292، ودول الإسلام 2/ 172، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة ج 5 ق 1/ 413، 414 رقم 700، والصلة لابن الزبير 142، وعنوان الدراية للغبريني 317- 319 وفيه «علي بن موسى» ، والوفيات لابن قنفذ 331 رقم 669، وملء العيبة للفهري 2/ 144، 170، 213، وتاريخ ابن الوردي 2/ 220، والوافي بالوفيات 22/ 265- 267 رقم 188، وعقود الجمان للزركشي 233 ب، وفوات الوفيات 3/ 109، وبغية الوعاة 2/ 210، وتاريخ

(49/288)


المعروف بابن عُصْفور. العلّامة، أبو الحسن الحضْرميّ، الإشبيليّ، حامل لواء العربيّة بالأندلس.
حمل وأخذ عن الأستاذ أبي الحسن الدّبّاج، ثمّ عن الأستاذ أبي عليّ الشّلوبين. وتصدَّر للإشغال مدّة.
ذكر أبو عبد الله محمد بن حيّان الشّاطبيّ في «تاريخه» قال: لازم ابن عُصْفور أبا عليّ نحوا من عشرة أعوام إلى أن ختم عليه «كتاب» سِيبَوَيْه في نحو السّبعين طالبًا.
قال الإمام أبو حيّان: الّذي نعرفه أنّه ما أكمل عليه الكتاب أصلا.
وكان أصبر النّاس على المطالعة لا يملّ من ذلك. وله تواليف منها:
«المقرّب» ، (......) ن [1] ، وكتاب «الممتع» [2] ، و «المفتاح» ، و «الهلاليّ» ، و «الأزهار» ، و «إنارة الدّياجي» ، و «مختصر الغرّة» ، و «مختصر المحتسب» ، و «مفاخرة السّالف والعِذار» .
وممّا شرحه ولم يكمله: «شرح المقرّب» ، (.....) [3] ، «شرح الحماسة» ،
__________
[ () ] الخلفاء 483، وخزانة الأدب للبغدادي 3/ 338، 371، 380، 390، 394، 412، 418، وشذرات الذهب 5/ 330، وحاشية على شرح بانت سعاد 1/ 356، وكشف الظنون 1805، وفهرس دار الكتب المصرية 2/ 163، وفهرس المخطوطات المصوّرة 1/ 398، وتاريخ الأدب العربيّ 1/ 546، والأعلام 5/ 179، ومعجم المؤلفين 7/ 251، ومفتاح السعادة 1/ 118، وديوان الإسلام 3/ 349 رقم 1532 وانظر مقدّمة كتابه «المقرّب» بتحقيق د. أحمد عبد الستار الجواري، وعبد الله الجبوري- منشورات وزارة الأوقاف العراقية، بغداد 1391 هـ. / 1971 م، وكتاب «ابن عصفور والتصريف» للدكتور فخر الدين قباوة- طبعة حلب 1971.
[1] في الأصل بياض.
[2] في التصريف، قال فيه ابن الوردي: «وهو بديع في فنّه» . وقد لخصه أبو حيّان بكتاب سمّاه:
«المبدع الملخص من الممتع» . وصدر «الممتع» بتحقيق الدكتور فخر الدين قباوة في جزءين 1390 هـ. / 1970 م. المطبعة العربية حلب.
[3] في الأصل بياض.

(49/289)


«شرح المتنبّي» ، «سرِقات الشُّعراء» ، «شرح الجزوليّ» [1] ، «البديع» ، وغير ذلك [2] .
وكان (....) [3] بالنَّحْو لا يُشَقُّ غُباره ولا يُجارى. أقرأ بإشبيليّة وبهريش، ومالقة، ولورَقة، ومرسية.
وولد سنة سبع وتسعين وخمسمائة بإشبيليّة.
ومات بتونس في الرَّابع والعشرين من ذي القعدة [4] .
ولم يكن بذاك الورع في دِينه، تجاوز اللهُ عنّا وعنه، فممّا قاله ارتجالا:
لما تدنّسْتُ بالتّفريط في كِبَري ... وصِرتُ [5] مُغرًى بشُرب الرّاح واللَّعَسِ
رأيتُ أنَّ [6] خِضاب الشَّيْبِ أسْتر لي ... إنَّ البياض قليل الحمل للدَّنَسِ
ولابن عصفور من قصيدةٍ في فَرَس كميت:
هنيئا [7] بطرف إذا ما جرى ... ترى البرقَ يتعبُ في دائرهِ
مصغَّرُ لفظٍ، ولكنَّه ... يجلّ ويعظُمُ في قدرِهِ
قلت: كان بحرا في العربيّة [8] يُقرِئ الكُتُب الكِبار ولا يطالع عليها.
__________
[1] ويسمّى: «البديع شرح المقدّمة الجزولية» .
[2] وله «شرح الجمل» للزجّاجي، و «شرح الأشعار الستة، والضرائر الشعرية» .
[3] في الأصل بياض.
[4] رثاه القاضي ناصر الدين أحمد بن محمد المالكي المشهور بابن المنير قاضي الإسكندرية المتوفى سنة 683 هـ. بقوله:
أسند النحو إلينا الدّؤلي ... عن أمير المؤمنين البطل
بدأ النحو عليّ وكذا ... قل بحقّ ختم النحو علي
ووقع في الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة ج 5 ق 1/ 414 انه توفي سنة تسع وخمسين وستمائة. وهذا غلط.
[5] وفي رواية أخرى: «ورحت» .
[6] وفي رواية: «أيقنت أنّ» .
[7] وفي رواية: «ميسا» .
[8] امتدحه أبو عمرو عثمان بن سعد بن عبد الرحمن المعروف بابن تولو القرشي المتوفى سنة

(49/290)


وكان في خدمة أميرٍ. أقرأ بعدّة مدائن.
قال ابن الزُّبَيْر: لم يكن عنده ما يؤخذ عنه سوى ما ذكر- يعني العربيّة- ولا تأهّل بغير ذلك، رحمه الله وعفَى عنه.
قلت: ولا تعلُّق له بعِلم القراءات ولا الفقه ولا رواية الحديث. وكان يخدم الأمير أبا عبد الله محمد بن أبي زكريّا الهنْتانيّ صاحب تونس.
318- عمر بن حامد [1] بن عبد الرحمن بن المرجّى بن المؤمّل.
أبو حفص الأنصاريّ، القُوصيّ، ثمّ الدّمشقيّ، الشّافعيّ، العدْل.
سمع من: عمر بن طَبَرْزَد، وحنبل، وجماعة بإفادة أخيه شهاب الدين إسماعيل [2] .
روى عنه: الدّمياطيّ، وابن الخبّاز، وعَلَم الدين الدّواداريّ، وجماعة [3] .
وكان أحد الشُّهود.
وُلِد سنة خمس وتسعين وخمسمائة، ومات في ثالث عشر ربيع الآخر.
319- عمر بْن عَبْد اللَّه [4] بْن صالح بن عيسى.
__________
[ () ] 685 هـ. بقوله:
أبا حسن، قرّبت للناس ما نأى ... من النحو جدّا بالكتاب «المقرّب»
دللت على أسرار يفصح ما ... خصصت به من كل لفظ مهذّب
يمينا لقد أطلعته شمس حكمة ... أثرت بها ما بين شرق ومغرب
به علموا علم الكتاب حقيقة ... وكان مجازا علمهم بالمغيّب
فحيّاك من أحيى بك العلم بعد ما ... أميت بأقوام عن الفهم غيّب
[1] انظر عن (عمر بن حامد) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 20 ب، والطالع السعيد للأدفوي 440، والوافي بالوفيات 22/ 446، 447 رقم 322.
[2] وقال البرزالي: «وله إجازة عفيفة الفارقانية، وأسعد بن الروح، والمؤيّد بن الإخوة» .
[3] وقال البرزالي: أجاز لي جميع ما يرويه، وروى لنا عنه الدواداريّ.
[4] انظر عن (عمر بن عبد الله) في: تكملة إكمال الإكمال 233، وذيل مرآة الزمان 2/ 461، 462، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 24 ب، وزبدة الفكرة 9/ ورقة 76 أ، ونهاية الأرب 30/ 181، والمشتبه 1/ 389، وعيون التواريخ 20/ 407، 408، والوافي بالوفيات 23/ 502 رقم 353، والبداية والنهاية 13/ 260، والسلوك ج 1 ق 2/ 596، وعقد

(49/291)


الإمام، أبو حفص السُّبْكيّ، المالكيّ، قاضي القُضاة سيف الدين.
ولد سنة خمس وثمانين وخمسمائة.
وتَفَقّه على الإمام أبي الحسن المقدِسيّ الحافظ. وصحِبه مدّة، وسمع منه، ومن القاضي عبد الله بن محمد بن مجلي.
وولي الحسْبة مدّة بالقاهرة، ثمّ ولي القضاء حين جُعِلت أربعة قضاة.
ودرّس للمالكيّة بالصّالحيّة. وأشغل وأفتى وانتهت إليه معرفة المذهب مع الدّين والخير والأمانة.
روى عنه: الدّمياطيّ، وقاضي القُضاة، وبدر الدّين ابن جماعة، وعَلَم الدين الدّواداريّ، وغيرهم.
وسُبْك العَبيد بلدٌ من أعمال الدّيار المصريّة.
تُوُفّي بالقاهرة في الخامس والعشرين من ذي القعدة وله أربعٌ وثمانون سنة.
320- عمر بن عليّ [1] بن أبي بكر بن محمد بن بركة.
الإمام العلّامة، رضِيّ الدين، أبو الرّضا المصريّ، الحنفيّ، المعروف بابن المَوْصِليّ.
وُلِد بميَّافارقين سنة أربع عشرة وستّمائة. ودرّس وأفتى، وبرع في المذهب. وشارك في الشِّعر والأدب، وكتب الخطَّ المليح.
وكان ذا رئاسة وتجمُّل ونُبل.
تُوُفّي في ثامن عشر رمضان بالقاهرة.
320- عيسى بْن مُحَمَّد [2] بْن أبي القَاسِم بْن مُحَمَّد بن أحمد بن إبراهيم.
__________
[ () ] الجمان (2) 84، وتبصير المنتبه 804، وحسن المحاضرة 1/ 457، وتوضيح المشتبه 5/ 284.
[1] انظر عن (عمر بن علي) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 462، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 23 أ، وعقد الجمان (2) 86، 87.
[2] انظر عن (عيسى بن محمد) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 462، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 21 أ، وزبدة الفكرة 9/ ورقة 75 ب، ومشيخة قاضي القضاة ابن جماعة 2/ 453- 455 رقم 50،

(49/292)


الأمير شَرَفُ الدين، أبو محمد ابن الأمير أبي عبد الله الهكّاريّ، الكُرديّ.
سمع بالمقدس كتاب «الأحكام» لعبد الحق، مِن أَبِي الْحَسَن عليّ بْن محمد بْن جميل المَعَافِريّ الخطيب، عن المصنّف [1] . وأجاز له عمر بن طَبَرْزَد، وغيره.
روى عنه: شيخنا بُرهان الدين الإسكندرانيّ، وغيرُ واحدٍ سمعوا منه الأحكام.
وكان أحد الأبطال المشهورين بالشّجاعة والإقدام. وله مواقف مشهودة ووقائع مع الفرنج، هذا مع الدين والكَرَم والمُرُوءة والأوصاف الجميلة والرّئاسة والحشمة.
تُوُفّي في الثّامن والعشرين من ربيع الآخر.
وآخر من سمع منه الأحكام قاضي القُضاة ابن جماعة [2] . وكان مولده في سنة 593.
- حرف الميم-
322- مُحَمَّد بْن أسعد [3] بْن عبد الرحمن.
الشّيخ الزّاهد الصّالح أبو عبد الله الهَمْدانيّ، المجاوِر بمشهد عُرْوة.
كان كبير القدْر، صاحب أوراد وعبادة وزُهد وإقبال على الآخرة.
حدَّث بالبخاريّ عن ابن الزَّبيديّ.
قرأه عليه الخطيب شرف الدّين الفزاريّ.
__________
[ () ] وعقد الجمان (2) 87، والنجوم الزاهرة 7/ 233.
[1] في هامش الأصل: بسماع المعافريّ للأحكام لفظا من عبد الحقّ في المحرّم سنة 576.
[2] قال ابن جماعة: سمعت عليه كتاب «اختصار الأحكام الشرعية من حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأخباره، (2/ 453) .
[3] انظر عن (محمد بن أسعد) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 462، 463، والوافي بالوفيات 2/ 201، 202 رقم 577.

(49/293)


وسمع منه: قاضي القضاة نجم الدين ابن صَصْرى، وجماعة.
وتُوُفّي في صفر، وشيّعه خلْقٌ، كبير.
323- محمد بن إسماعيل [1] بن عثمان بن المظفَّر بْن هبة اللَّه بْن عَبْد اللَّهِ بْن الحسين.
الشّيخ مجدُ الدّين، أبو عبد الله بن عساكر، الدّمشقيّ، الشّافعيّ.
وُلِد في حدود سنة سبع وثمانين وخمسمائة.
وسمع من: الخشوعي، والقاسم بن عساكر، وعبد اللّطيف بن أبي سعد، وأبي جعفر القُرْطُبيّ، وحنبل، وابن طَبَرْزَد، والتّاج الكِنْديّ، وغيرهم.
وحدَّث بدمشق ومصر.
روى عنه: ابن الخبّاز، (وبرهان الدين) [2] الإسكندرانيّ، والشّيخ عبد الرحمن القرامزيّ، وعلاء الدّين ابن العطّار، وأحمد بن ( ... ) [3] المؤذّن، وجماعة.
وكان عدلا جليلا من بيت الرّواية والرّئاسة.
وجدّه عثمان [بن المظفَّر بن عبد الله] [4] .
وهو آخر من روى كتاب «التّجريد» لابن الفحّام عاليا.
تُوُفّي إلى رحمة [5] الله في ثامن ذي القعدة بدمشق.
324- محمد بن [تمّا] م [6] بن يحيى بن عبّاس.
__________
[1] انظر عن (محمد بن إسماعيل) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 24 أ، ب، وذيل مرآة الزمان 2/ 463، والعبر 5/ 292، والإشارة إلى وفيات الأعيان 364، والإعلام بوفيات الأعلام 279، والوافي بالوفيات 2/ 219 رقم 614، وذيل التقييد 1/ 101 رقم 120، والنجوم الزاهرة 7/ 235، والدليل الشافي 2/ 605.
[2] في الأصل بياض.
[3] في الأصل بياض.
[4] في الأصل بياض.
[5] في الأصل: «رحمت» .
[6] انظر عن (محمد بن تمّام) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 463 والمستدرك منه، ومن المقتفي للبرزالي

(49/294)


أبو بكر الحِمْيَريّ، الدّمشقيّ فخرُ الدين.
وُلِد سنة ثلاثٍ وستّمائة.
وسمع من: داود بن ملاعب، والشّيخ الموفّق.
وقد تقدَّم أخوه يحيى.
تُوُفّي محمد في رابع رجب. وكان عدْلًا رئيسا [1] .
روى عنه: الدّواداريّ، وقاضي القُضاة نجم الدّين، وابن العطّار.
325- محمد بن عبد المنعم [2] بن نصر الله بن جعفر بن أحمد بن حواري.
الشّيخ تاج الدّين، أبو المكارم التّنُوخيّ، المَعَرّيّ الأصل، الدّمشقيّ، الحنفيّ. ويُعرف بابن شُقَيْر. الأديب الشَّاعر.
وُلِد سنة ستٍّ وستّمائة.
وروى «الأربعين» الْتي لهبة الله القُشَيْريّ، عن أبي الفُتُوح البكريّ.
وروى عن: ابن الحَرَسْتانيّ، وغيره.
وهو أخو المحدِّث الأديب نصر الله.
سمع منهما الدّمياطيّ.
تُوُفّي تاجُ الدّين في صفر.
ذكره قُطْبُ الدّين [3] فقال: كان أديبا رئيسا، دمث الأخلاق. وهو من
__________
[ () ] 1/ 22 ب، والوافي بالوفيات 2/ 277، رقم 703، وذيل التقييد 1/ 112 رقم 150، والدليل الشافي 2/ 610، وعيون التواريخ 20/ 408، والمقفّى الكبير 5/ 471 رقم 1956.
[1] وقال البرزالي: وكان من صدور دمشق وأعيانها وعدولها، حسن الأخلاق، كريم النفس، وله وجاهة وحرمة، ويتردّد إلى بستانه بالمزّة الأكابر والفضلاء ويقوم بخدمتهم وإكرامهم، وعنده فضيلة وشعر ورحلة إلى القاهرة، وكتب بخطّه الحديث. روى لنا عنه الشيخ فخر الدين ابن عزّ القضاة. ولي منه إجازة.
[2] انظر عن (محمد بن عبد المنعم) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 20 أ، وذيل مرآة الزمان 2/ 464، 465، وعيون التواريخ 20/ 408- 416، وفوات الوفيات 3/ 411- 413، والجواهر المضيّة 2/ 85، والنجوم الزاهرة 7/ 233، وعقود الجمان للزركشي، ورقة 290، والسلوك ج 1 ق 2/ 597، والوافي بالوفيات 4/ 47- 50 رقم 1506.
[3] في ذيل المرآة 2/ 464.

(49/295)


شعراء الملك النّاصر يوسف، وله فيه مدائح جمَّة. وكان يحبُّه ويقدّمه على غيره من الشُّعراء الّذين في خدمته [1] .
فمن شِعره:
ما ضرَّ قاضي الهوى العُذْريّ حين وَلي ... لو كان في حكمه يقضي عليَّ ولي
وما عليه وقد صِرنا رعيّته ... لو أنّه مغمِدٌ عنّا ظُبا المُقَلِ
يا حاكم الحبّ لا تحكُمْ بسَفْكِ دمي ... إلّا بفتوى فتور الأعْين النُّجُلِ
ويا غريم الأسى الخصمُ الألدُّ هوى ... رِفقًا عليَّ فجسمي في هواك بَلي
أخذتَ قلبي رَهنًا يوم كاظمةٍ ... على بقايا دعا وللهوى قِبَلي
ورُمْتَ منّي كفيلا بالأسى عبثا [2] ... وأنت تعلم أنّي بالغرام ملي
وقد قضى حاكمُ التّبريح مجتهدا ... عليّ بالوجْدِ حتّى ينقضي أجلي
لذا قذفتُ شُهُود الدّمع فيك عسى ... أنّ الوصال بجُرْح الجفْن يثبتُ لي
لا تَسْطُوِنَّ بعسّالٍ القوام على ... ضعفْي فما آفتي إلّا من الأسَلِ
هدَّدتني بالقِلى حسْبي الْجِوى [3] وكفَى «أنا الغريق فما خوفي من البلل» [4] .
__________
[1] ذكر ابن شاكر الكتبي كثيرا من شعره.
[2] في الأصل: «عشى» .
[3] في عيون التواريخ 3/ 411 «الجنا» .
[4] ومن شعره:
وغزال سبا فؤادي منه ... ناظر راشد وقدّ رشيق
ريقه رائق السلافة والثغر ... حباب وخدّه الراووق
حلّ صدغيه ثم قال: أفرق ... بين هذين؟ قلت: فرق دقيق
وقال أيضا:
وا حيرة القمرين منه إذا بدا ... وإذا انثنى يا خجلة الأغصان
كتب الجمال ويا له من كاتب ... سطرين من خدّيه بالريحان
وقال أيضا دو بيت:
أقسمت برشق المقلة النّبالية ... قلبي وبلين القامة العسّالة
ما ألبسني حلّة سقم وضنى ... يا هند سوى جفونك القتّالة
وله شعر غيره.

(49/296)


326- محمود بن حيدر [1] .
شيخ زاهد صالح، صاحب تهجُّد وأوراد وأذكار. وهو ربيب الشّيخ الكبير عبد الله اليُونينيّ.
تُوُفّي ببَعْلَبَكّ في جُمَادى الأولى. وقد جاوز السّبعين.
327- مُرشِد [2] .
الطُّواشيّ الكبير شجاع الدين الحَبَشيّ، المظفّريّ، الحمويّ، عتيق المظفّر صاحب حماة.
كان أحد الأبطال الشّجعان، وكان الملك الظاهر يحبّه لذلك. وله مواقف مشهورة. وكان يتصرّف في مملكة حماة كتصرُّف ابن أستاذه. وله هيبةٌ وحُرْمة.
مات في عَشْر السْبعين بحماة [3] .
- حرف الهاء-
328- هيثوم بن قسطنطين [4] .
__________
[1] انظر عن (محمود بن حيدر) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 465 وفيه: «محمد» ، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 21 أ.
[2] انظر عن (مرشد) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 465، 466، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 25 أ، والمختصر في أخبار البشر 4/ 7، وتالي كتاب وفيات الأعيان 137 رقم 216، والبداية والنهاية 13/ 260، وعقد الجمان (2) 87، 88، ونهاية الأرب 30/ 183، وعيون التواريخ 20/ 416.
[3] قال الصقاعي: فأمّا برّه وصدقته، فإن في سنة تسع وخمسين وستمائة وسنة ستين كان الغلاء عام (كذا) بالشام وأعظمه من حماة وما بعدها إلى حلب إلى أن صار الخبز الرطل خمس الدراهم، ولم يوجد للصعاليك ميتة ليأكلوها. وكان كل يوم يتصدّق هذا الطواشي بمكوكين قمح خبز وهريسة. واجتمع بحماة لذلك من الصعاليك خلق عظيم ولم يسخو (كذا) أحد غيره بشيء. ويتفقد أرباب البيوت بالقمح والدراهم والملبوس.
[4] انظر عن (هيثوم بن قسطنطين) في: زبدة الفكرة، ورقة 75 ب، والمختصر في أخبار البشر 4/ 6، 7، وعقد الجمان 2/ 88، والتحفة الملوكية 72، ونهاية الأرب 30/ 173، وتاريخ ابن الوردي 2/ 220.

(49/297)


الكلب، الملك المجير، صاحب سِيس.
تُوُفّي في هذه السّنة، وتملَّك ولده.
- حرف الياء-
329- يحيى بن عبد الله.
فخرُ الدين البغداديّ.
وُلِد سنة ثلاثٍ وسبعين.
روى المقامات الحريريّة.
سمعها منه الشّيخ ظهير الدّين الكازرونيّ وقال: كان أديبا منقطعا له سماعات عالية.
مات فِي ربيع الأوّل.
قلت: روى عَنْهُ ابن الشّيخ عبد القادر الّذي انتخب عليه البِرزاليّ.
330- يحيى بن عبد العزيز [1] .
الشّيخ، نجمُ الدّين النّاسخ.
فاضل ورِع. ناصَحَ المسلمين وكاتَبهم فأُخِذ ببغداد وقرّر، فاعترف فقتلوه، رحمه الله تعالى.
__________
[1] انظر عن (يحيى بن عبد العزيز) في: الحوادث الجامعة 177.

(49/298)


صورة ما كتب بخطّ في آخر سنة 669 في وُرَيْقة مُلْحَقة:
فائدة
331- الملك الموحّد [1] عبد الله بن المعظّم توران شاه بن السّلطان الملك الصّالح نجم الدين أيّوب بْن الكامل بن العادل.
وُلِد بآمِد إذْ أبوه متولّيها، فقصد غياث الدّين صاحب الرّوم وعسكر حلب آمِد وحاصروها، ثمّ أخذوها من المعظّم، وأبقوا له حصْن كيفا، فتحوّل إليه، فلمّا مات أبوه بالدّيار المصريّة وطُلب المعظّم وقدِم وتملَّك مصرَ والشّام في سنة سبْعٍ وأربعين، خلَّف الملك الموحّد هذا بحصن كيفا فتملّكه.
قال ابن واصل في «تاريخه» ، وقد ألّفه في حدود السّبعين وستّمائة: الملك الموحّد باق إلى الآن مستولي على حصن كيفا تحت أوامر التّتار وله عدّة أولاد على ما بلغني.
قال: وكان عُمُره لمّا قَضَى والده إلى مصر عشر سنين.
سألتُ الشّيخ تاج الدّين الفارقيّ عند الموحّد هذا، فقال: رأيته، وكان شجاعا قصيرا، عاش إلى بعد الثّمانين وستّمائة وابنه إلى الآن باقٍ بيده الحصن من تحت أوامر التّتار.
قلت: لقّب ابنَه الملك الكامل. قتلته التّتار في حدود سنة سبعمائة، وأقاموا بعده ولده الملك الصّالح صورة بلا أمر، ورتبته كجنديّ كبير.
انتهت الفائدة
__________
[1] انظر عن (الملك الموحّد) في: الأعلاق الخطيرة ج 3 ق 1/ 237 ق 2/ 477 و 535.

(49/299)


وفيها وُلِد:
القاضي جمالُ الدِّين أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن نصر الله بن القلانِسيّ التّميميّ، والشّهاب أحمد بن صِفيّ الدّين بن أبي بكر السّلاميّ بالبصرة، وتاج الدّين عليّ بن مجد الدّين إسماعيل بن كُسَيْرات المخزوميّ الخالديّ، وجمال الدّين يوسف بن محمد بن حمّاد خطيب حماة، في جُمَادى الآخرة، وقاضي القُضاة عماد الدّين عليّ بن أحمد بن الطَّرَسُوسيّ الحلبيّ في رجب بمُنْية بني خصيب.

(49/300)


سنة سبعين وستمائة
- حرف الألف-
332- أحمد بن سعيد [1] بن أحمد بن بكر بن الحُسَيْن.
الشّيخُ القُدْوة الزّاهد، صفيُّ الدين، أبو العبّاس النَّيْسابوريّ الأصل اللهاوريّ، الصّوفيّ.
ولد بلهاور سنة إحدى وتسعين وخمسمائة. ولقيَ الكبار والزُّهّاد. وكان أحد المشهورين بالزُّهد والعبادة والانقطاع، وله كلام على طريق الصُّوفيّة مع ما كان عليه من لِين الجانب ولُطْف الأخلاق وحُسْن الملقى.
ذكره الشّريف عزّ الدّين وقال: تُوُفّي في حادي عشر رمضان.
وقد روى عن أبي القاسم سِبْط السِّلَفيّ.
333- أَحْمَد بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ [2] بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بن عبد الباقي.
الإمام أبو الفضل ابن الصّوّاف.
ولد سنة ثمان وثمانين وخمسمائة في ثاني رجب بالإسكندريّة.
وقرأ القراءات على أبي القاسم ابن الصّفراويّ.
وسمع من: محمد بن عماد، ومن والده.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن سعيد) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 29 أ، وذيل مرآة الزمان 2/ 474، وزبدة الفكرة 9/ ورقة 77 ب، وعيون التواريخ 20/ 422، وعقد الجمان (2) 97 وفيه:
«أحمد بن سعد» أ
[2] انظر عن (أحمد بن عبد العزيز) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 27 ب.

(49/301)


وحدَّث، وأسمع ولده يحيى شيخنا.
وكان معروفا بالعلم والدّين والصّلاح والورع، وكَرَم الخلائق، وحُسْن الطّرائق.
تُوُفّي في ثامن رجب بالإسكندريّة.
334- أحمد بن عليَّ [1] بْن يوسُف بْن عَبْد اللَّه بْن بُنْدَار.
المُسْنِد، العالِم، مُعين الدّين، أبو العبّاس ابن قاضي القُضاة زين الدّين أبي الحسن ابن العلّامة أبي المحاسن. الدّمشقيّ الأصل، المصريّ، الشّافعيّ.
ولد سنة ستّ وثمانين وخمسمائة.
وسمع من: أبيه، ومن: عمّه أبي حفص عمر، والبُوصِيريّ، وإسماعيل بن ياسين، وأبي الفضل الغَزْنَويّ، والعماد الكاتب، وغيرهم.
وروى الكثير مدّة.
روى عنه: الدمياطي، وقاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة، والشّيخ شعبان، وقاضي القُضاة سعد الدين الحنبليّ، والشّهاب أحمد الزُّبَيْريّ، والأمين عبد القادر الصَّعْبيّ، وأحمد بن إبراهيم الكِنانيّ الحنبليّ، وأحمد بن يوسف التّليّ، وعَلَم الدين الدّواداريّ، ومحمد بن عالي الدّمياطيّ، والجمال محمد بن محمد العثمانيّ المهْدويّ، وطائفة سواهم.
وكان آخر مَن روى «صحيح البخاريّ» عن هبة الله البُوصِيريّ.
تُوُفّي في ثامن عشر رجب بالقاهرة.
335- أحمد بن عمر.
الزّاهد، العابد، القُدوة. خطيب باجسرى، أبو العبّاس.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن علي) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 28 أ، والعبر 5/ 292، 293، والإشارة إلى وفيات الأعيان 364، والوافي بالوفيات 7/ 240 رقم 3196، وذيل التقييد 1/ 359، 360 رقم 695، والنجوم الزاهرة 7/ 237، والدليل الشافي 1/ 60، وشذرات الذهب 5/ 331.

(49/302)


مات بناحيته. أرّخه الكازرونيّ.
336- أحمد بن أبي السرّ [1] مكتوم بن أحمد بن محمد بن سُليم.
تاج الدّين أبو العبّاس القَيْسيّ، الدّمشقيّ، العدْل. عمّ شيخنا الصّدر إسماعيل.
سمع من: النّفيس أبي محمد بن البُنّ، وابن الزَّبيديّ، وجماعة.
وحدَّث.
ومات بمصر في شوّال.
- حرف الجيم-
337- جَوْشَنُ بنُ دَغْفَل [2] بن عالي.
أبو محمَّد، واسمه أيضا محمد، التّميميّ، المِزّيّ.
وُلِد سنة اثنتين وستّمائة.
وسمع من: ابن أبي لقمة.
روى لنا عَنْهُ: أبو الْحَسَن بْن العطار.
- حرف الحاء-
338- الحسن [3] .
الملك الأمجد أبو محمد ابن الملك النّاصر داود بن الملك المعظّم عيسى بن العادل.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن أبي السرّ) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 29 ب.
[2] انظر عن (جوشن بن دغفل) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 30 ب.
[3] انظر عن (الحسن) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 474- 478، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 26 ب، وعيون التواريخ 20/ 422- 424، والإشارة إلى وفيات الأعيان 364، والنجوم الزاهرة 7/ 236، وشفاء القلوب 424، وشذرات الذهب 5/ 331، وترويح القلوب 75، والوافي بالوفيات 12/ 6 رقم 4، والمقفّى الكبير 3/ 308 رقم 1150، والدليل الشافي 1/ 261، والمنهل الصافي 4/ 74، 75 رقم 897.

(49/303)


وُلِد سنة نيّف وعشرين [1] وستّمائة، واشتغل في الفقه والأدب، وشارك في العلوم، وأتقن الأدب، وتنقّلت به الأحوال، وتزهّد وصحب المشايخ.
وكان كثير المعروف عالي الهمّة، عنده شجاعة وإقدام وصبر وثبات.
وكان إخوته يتأدّبون معه ويقدّمونه، وكذلك أمراء الدولة.
وله شِعرٌ ويدٌ طُولَى في التَّرسُّل وخطّ منسوب. أنفق أكثر أمواله في الطّاعة. وكان مقتصدا في ملبسه ومركبه. وتزوَّج بابنة الملك العزيز عثمان بن الملك العادل، ثمّ تزوَّج بأخت السّلطان الملك النّاصر يوسف الحلبيّ فجاءه منها المولى صلاح الدين.
وكان عنده من الكُتُب النّفيسة شيءٌ كثير فوهب مُعْظَمَها.
وكان ذا مروءة تامّة، يقوم بنفسه وماله مع مَن يقصده.
وأُمُّه هي بنت الملك الأمجد حَسَن بن العادل.
وقد رثاه شهابُ الدّين محمود الكاتب، أبقاه الله، بقصيدةٍ أوّلها:
هو الرّبع ما أهوى وأضحت [2] ملاعبة ... مشرعة إلّا وقد بان صاحبه
عهدتُ به من آل أيّوب ماجدا ... كريم المُحَيّا زاكيات مناسبه
يزيد على وزن الجبال وَقَارُه ... وتكثُر ذرّات الرمال مناقبه [3]
تُوُفّي رحمه الله بدمشق في جمادى الأولى، وهو في عَشْر الخمسين.
وقد روى عن: ابن اللّتّيّ، وغيره.
339- الحسن بن عثمان [4] بن عليّ.
الإمام، القاضي، محتسِب الثّغر، رُكنُ الدّين أبو عليّ التّميميّ، القابسيّ، المالكيّ، المعدّل.
__________
[1] وقال البرزالي: مولده بقلعة الكرك في ثامن رجب سنة تسع وعشرين وستمائة.
[2] في عيون التواريخ 20/ 423 «ما أقوى وضاعت» .
[3] القصيدة بكاملها في: ذيل المرآة، وعيون التواريخ.
[4] انظر عن (الحسن بن عثمان) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 25 ب، وزبدة الفكرة 9/ ورقة 77 أ، وعقد الجمان (2) 96.

(49/304)


قدِم الثّغر شابّا، فسمع من: ابن موقا، وابن المفضَّل، وجماعة.
وتلا بالسَّبْع على منصور بن خميس الأندلسيّ.
تلا عليه عبد المجيد بن خلف الصّوّاف.
وروى عنه جماعة منهم ولده شيخنا يوسف.
مات في المحرَّم [1] .
340- الحُسين بْن علي [2] بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن علي بن محمد ابن الْجَوْزِيّ.
أبو المظفَّر بن أبي القاسم ابن الشّيخ الإمام أبي الفَرَج.
تُوُفّي في شعبان.
- حرف الخاء-
341- خليل بن عليّ [3] بن خليل.
كمال الدين، أبو الصّفا العجميّ الأصل، الدّمشقيّ.
وُلِد سنة ستٍّ وستّمائة.
وسمع: أبا المَنَجّا بن اللّتّيّ، وكريمة.
وسمع من المتأخّرين كثيرا بدمشق ومصر.
تُوُفّي بالقاهرة في المحرَّم.
- حرف السين-
342- سلّار بن الحسن [4] بن عمر بن سعيد.
__________
[1] وقال بيبرس الدواداريّ: توفي ... عن سنّ عالية قريبة المائة سنة، وكان معروفا بالفضل والخير والصلاح.
[2] انظر عن (الحسين بن علي) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 29 أ.
[3] انظر عن (خليل بن علي) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 25 أ.
[4] انظر عن (سلّار بن الحسن) في: تاريخ الملك الظاهر بيبرس 41، وذيل مرآة الزمان 2/ 479، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 27 أ، وزبدة الفكرة 9/ ورقة 77 أ، 3، والعبر 5/ 293، ودول الإسلام 2/ 173، والإعلام بوفيات الأعلام 179، والإشارة إلى وفيات الأعيان 364، ومرآة الجنان 4/ 171، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 56، وطبقات

(49/305)


الإمام، العلّامة، المفتي، كمال الدين، أبو الفضائل الإربِليّ، الشّافعيّ، صاحب الإمام تقيّ الدين أبي عَمْرو بن الصّلاح.
قال الشّريف عزّ الدين: تُوُفّي ليلة خامس جُمَادى الآخرة ودُفِن بمقبرة باب الصّغير.
قال: وكان عليه مدار الفتوى بالشّام في وقته، ولم يترك بعده في بلاد الشّام مثله [1] . افتى مدّة، وانتفع به جماعة.
قلت: وكان الشّيخ نجم الدّين الباذرائيّ قد جعله مُعِيدًا بمدرسته، فلم يَزَلْ على ذلك إلى أن مات لم يتزيّد منصبا آخر.
ومات في عَشْر السّبعين [2] .
وقد تفقّه عليه جماعة [3] . وقيل: إنّه نيّف على السّبعين، فاللَّه أعلم.
343- سُنْقُر [4] .
الأمير شمسُ الدين، أبو سعيد الأقرع.
أحد مماليك الملك المظفَّر غازي صاحب ميّافارقين ابن العادل.
__________
[ () ] الشافعية الوسطى، له ورقة 189 أ، وطبقات الشافعية للإسنويّ 659، وتهذيب الأسماء 1/ 18، والبداية والنهاية 13/ 262، وعيون التواريخ 20/ 424، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 463، 464 رقم 433، والسلوك ج 1 ق 2/ 654، وعقد الجمان (2) 96، والنجوم الزاهرة 7/ 237، وتاريخ الخلفاء 483، وديوان الإسلام 1/ 97 رقم 120، و 3/ 18 رقم 1122، وهدية العارفين 1/ 380، وشذرات الذهب 5/ 331.
[1] زبدة الفكرة 9/ ورقة 77 ب.
[2] ومولده في سنة 589 هـ.
[3] وقال ابن شداد: كان إماما مفتيا، اشتغل بالعجم والعراق والموصل، ووصل إلى حلب وانقطع إلى المدرسة التي أنشأها الشيخ شرف الدين أبو طالب ابن العجمي، فكان معيدا بالمدرسة. ثم لما جرت الكائنة بحلب رحل إلى دمشق وأقام بها إلى أن توفي بها بالمدرسة البادرائية.
[4] انظر عن (سنقر) في: تاريخ الملك الظاهر لابن شدّاد 40، وذيل مرآة الزمان 2/ 479، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 26 أ، ب، والوافي بالوفيات 15/ 490 رقم 654، والدليل الشافي 1/ 327 رقم 1119، والمنهل الصافي 6/ 87 رقم 1122.

(49/306)


كان من كبار الأمراء بالدّيار المصريّة فأمسكه الملك الظّاهر وحبسَه.
وتُوُفّي في ربيع الآخر.
- حرف العين-
344- عبد الرحمن بن سَلْمَان [1] بن سعيد [2] بن سلمان.
الإمام، الفقيه، جمال الدّين البُغَيداديّ، ثمّ الحَرّانيّ، الحنبليّ.
وُلِد بحَرّان سنة خمس وثمانين وخمسمائة.
وسمع من: حمّاد الحرّانيّ، وعمر بن طَبَرْزَد، وحنبل بن عبد الله، وعبد القادر الحافظ، وأبي اليمن الكندي، وأبي القاسم بن الحرستاني، والشّيخ الموفَّق، والفخر بن تَيْميّة، وغيرهم.
روى عنه: الدمياطي، والقاضي تقي الدين سليمان، وابن الخباز، وأبو الْحَسَن بْن العطّار، وابو عبد الله بن أبي الفتح، وأبو بكر بن عبد الحليم العسْقلانيّ المقرئ، والبُرهان الذَّهبيّ، وجماعة سواهم.
وكان إماما، صالحا، فقيها، عارفا بالمذهب، خبيرا بالفُتْيَا، حَسَن التّعليم، متواضعا.
تُوُفّي بالبيمارستان بدمشق في الرّابع والعشرين من شعبان.
345- عبد الرّحيم بن عبد الرّحيم [3] بن عبد الرّحيم بن عبد الرّحمن.
__________
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن سلمان) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 28 ب، 29 أ، والإشارة إلى وفيات الأعيان 364، والعبر 5/ 293، وفيه «عبد الرحمن بن سعيد» ، والإعلام بوفيات الأعلام 279، وذيل طبقات الحنابلة 2/ 281، وذيل التقييد 2/ 82 رقم 1193، والمنهج الأحمد 392، والدرّ المنضّد 1/ 411، 412 رقم 1109، والنجوم الزاهرة 7/ 237، وشذرات الذهب 5/ 332، والوافي بالوفيات 18/ 150 رقم 185 وفيه «عبد الرحمن بن سليمان» .
[2] في ذيل التقييد: «سعد» .
[3] انظر عن (عبد الرحيم بن عبد الرحيم) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 29 أ، وذيل مرآة الزمان 2/ 479، 480، وتاريخ الملك الظاهر 42- 44، ومعجم شيوخ الدمياطيّ 2/ ورقة 35 أ، ومشيخة قاضي القضاعة ابن جماعة 1/ 318- 320 رقم 33، وعيون التواريخ

(49/307)


القاضي عماد الدين أبو الحسين الحلبيّ، ابن العجميّ.
وُلِد سنة خمسٍ وستّمائة.
وسمع من: الإفتخار الهاشميّ، وثابت بن مشرّف.
وحدَّث ودرّس وأفتى، وولي القضاء ببلد الفيّوم مدّة.
وكان مشكورا في القضاء.
تُوُفّي في رابع رمضان بحلب.
روى عنه: الدّمياطيّ، وابن جماعة.
وناب في الحكم بدمشق [1] .
346- عبد الوهّاب بن محمد [2] بن إبراهيم بن سعد.
الشّيخ أبو محمد المقدسيّ، الصّحراويّ، القُنْبيطيّ، الحنبليّ.
وُلِد سنة إحدى وتسعين وخمسمائة.
وسمع من: الخُشُوعيّ، وعمر بن طَبَرْزَد، ومحمد بن الخصيب، وحنبل، وجماعة.
روى عنه: ابن الخبّاز، وأبو الحسن الموصليّ، وأبو الحسن ابن العطّار، وأبو الحسن الكِنْديّ، وأبو عبد الله بن أبي الفتح البَعْلَبَكّيّ، وأبو عبد الله بن الزّرّاد، ومحمد بن بدر النّسّاج، وطائفة سواهم.
__________
[ () ] 20/ 424، والنجوم الزاهرة 7/ 236 والوافي بالوفيات 18/ 328 رقم 385.
[1] وقال ابن شداد: وتولّى نيابة عن عمّه تدريس المدرسة الظاهرية خارج باب المقام، ثم انتقل إلى نظر الجامع بحلب، في سنة تسع وأربعين وكذلك البيمارستان. وما زال إلى سنة أربع وخمسين وفوّض إليه نظر الخزانة للصحبة بدمشق، وما زال بها ناظرا إلى أن خرج من دمشق ناجعا إلى الديار المصريّة في سنة ثمان وخمسين، وولي تدريس المدرسة الحسامية بالفيّوم من قبل قاضي القضاة تاج الدين عبد الوهاب بن خلف- رحمه الله- فأقام بها سنتين، ثم نجع إلى مكة- حرسها الله تعالى- وأقام بها ثم دخل اليمن وأقام به وسمع الحديث واشتغل.
وعاد إلى الديار المصرية في سنة أربع وستين، وولي قضاء الحسينية في القاهرة، ثم ولي تدريس المدرسة القطبية بالقاهرة. ثم خرج صحبة المولى الصاحب الوزير بهاء الدين أبي الحسن علي بن محمد بن حنّا في جمادى الآخرة، وفوّض إليه نظر الجامع والوقوفات بحلب، ووكالة بيت المال، فتوجّه إلى حلب، وأقام بها إلى أن توفي، كان رئيسا عاقلا فاضلا ديّنا، حسن العشرة، كثير المروءة والعصبية، يحبّ الخير وأهله، كثير المعروف، كثير المشي إلى الناس.
[2] انظر عن (عبد الوهاب بن محمد) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 29 ب، والعبر 5/ 293.

(49/308)


وكان من بقايا المُسْنِدين.
تُوُفّي في تاسع عشر رمضان عن ثمانين سنة، رحمه الله تعالى.
347- عليّ بن عبد الله [1] بن إبراهيم.
أبو الحسن الباهليّ، المالقيّ، الأديب، الشّاعر.
روى عن: محمد بن عبد الحقّ بن سليمان لقِيَه بتلمسان، وقرأ عليه برنامجه.
فيه خِفّة لا تُخِلّ بمروءته.
تُوُفّي بمالقة سنة سبعين. قاله ابن الزُّبَيْر.
348- عليّ بن عبد الخالق [2] بن عليّ.
عزُّ الدّين الأسْعَرْديّ، ناظرُ ديوان بَعْلَبَكّ.
تُوُفّي في ذي القعدة كَهْلًا [3] .
349- عليّ البكّاء [4] .
الشّيخ عليّ، رحمة الله عليه.
كان من كبار أولياء الله تعالى. أقام مدّة ببلد الخليل، وكان مقصودا بالزّيارة والتبرّك.
__________
[1] انظر عن (علي بن عبد الله) في: صلة الصلة لابن الزبير 142، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة ج 5 ق/ 220 رقم 451.
[2] انظر عن (علي بن عبد الخالق) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 30 أ، وذيل مرآة الزمان 2/ 480.
[3] وقال البرزالي: ودفن بالقرب من دير الياس ظاهر بعلبكّ وهو في عشر الستين، ولي نظر بعلبكّ ونظر الأسرى بدمشق ونظر حمص، وله خبرة بالكتابة والحساب، وكان حسن الدين، كثير المداراة.
ويقول خادم العلم «عمر تدمري» : وكان جدّه علي بن محمد قاضي بعلبكّ أيام صلاح الدين، ولازم هو الشيخ محمد اليونيني، وغيره، وتولى شهادة ديوان بعلبكّ، ثم مشارفته، ثم نظره.
[4] انظر عن (علي البكاء) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 27 ب، والبداية والنهاية 13/ 262، والوافي بالوفيات 22/ 357 رقم 250، والسلوك ج 1 ق 2/ 604، وعقد الجمان (2) 98، 99.

(49/309)


ورد خبر موته إلى دمشق في يوم عاشر رجب سنة سبعين.
ويُقال إنّه قارب مائة سنة. وقبره ظاهر يُزار.
350- عليّ بن عثمان [1] بن عليّ بن سليمان.
أمينُ الدين السّليمانيّ، الإربِليّ، الصّوفي، الشّاعر.
من أعيان شعراء الملك النّاصر [2] .
كان جُنْديًّا فتصوَّف وصار فقيرا.
تُوُفّي في جُمَادى الأولى [3] بالفَيُّوم، وهو في مُعْتَرَك المنايا.
351- عليّ بن عمر [4] بن نَبَا.
نور الدّولة اليُونينيّ.
تربية الشّيخ الفقيه أبي عبد الله اليُونينيّ.
ربّاه الشّيخ الفقيه وزوّجه ببناته الثّلاث واحدة بعد واحدة وأسمعه الحديث من: البهاء عبد الرحمن، والعِزّ بن رواحة.
__________
[1] انظر عن (علي بن عثمان) في: تاريخ الملك الظاهر 45، وذيل مرآة الزمان 2/ 480- 484، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 27 أ، وزبدة الفكرة 9/ ورقة 77 أ، وفيه: «أبو الحسن علي بن عثمان بن محمد الإربلي» وفوات الوفيات 3/ 39 رقم 342، وعقد الجمان (2) 96، وعيون التواريخ 20/ 425- 427، والسلوك ج 1 ق 2/ 604، والنجوم الزاهرة 7/ 336.
[2] ومن شعره:
بعد عصر الصبى ورسم التصابي ... أترجّى وصلا من الأحباب
يا لقومي كيف السبيل وقد حلّل ... برأسي البازيّ بعد الغراب
انكسرت إذا رأت بياض عذاري ... وصدّت من بعد طول اقتراب
دأبي الغانيات لولا التجنّي ... ما تدانى شيبي وولّى شبابي
ضحك الشيب فاستهلّ له الدمع ... ألا ربّ ضاحك لارتياب
[3] ومولده في سنة ثلاث وستمائة بإربل، وضبط وفاته ابن يونس الإربلي في القسم الأخير من جمادى الأولى. وقال ابن شدّاد: ومولده سنة اثنتين وستمائة في أحد الربيعين.
[4] انظر عن (علي بن عمر) في: ذيل مرآة الزمان 2/ 484- 487، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 27 ب، ولبنان من السقوط بيد الصليبيين حتى التحرير- د. عمر عبد السلام تدمري- طبعة دار الإيمان، طرابلس 1417 هـ. / 1997 م. ص 254.

(49/310)


وكان غزير المروءة شجاعا مِقْدامًا، له حكايات في الشّجاعة وفي قتْل الوحوش.
تُوُفّي في جُمَادى الآخرة، وقد نيّف على السّتّين.
352- عليّ بن محمد بن محمد [1] بن الفضل بن جعفر.
الشّريف، الصَّدر المعمَّر، زَيْنُ الدّين، أبو الحسن الهاشميّ، العبّاسيّ، الصّالحيّ، المصريّ، المالكيّ.
وُلِد في التّاسع عشر من ربيع الأوّل سنة إحدى وسبعين وخمسمائة.
وذكر أنّ السِّلَفيّ أجاز له إجازة خاصّة. وكان موصوفا بالخير والفضل والعفاف. فسُمع عليه بالإجازة المطلَقَة من السِّلَفيّ.
قال الشّريف عزّ الدين: تُوُفّي في الرَّابع والعشرين من رجب [2] .
353- عليّ [3] .
أبو الحسن المتّيويّ، المغربيّ، السَّبْتيّ، المالكيّ، الزّاهد.
أحد الأئمّة الأعلام.
كان يحفظ «المدوّنة» و «التّفريع» لابن الجلّاب، و «رسالة» ابن أبي زيد.
وألّف شرحا على «الرّسالة» ، ولم يتمّه، بل وصل إلى باب الحدود.
وكان مع براعته في الفقه عجبا في الزُّهد والورع ملازِمًا لبيته، ويخرج إلى الجمعة مُغَطّى الوجه لئلّا تقع عينه على مكروه. وكان لا يأكل إلّا ما سيق إليه من متّيويه من مواضع يعرف أصولها.
تُوُفّي في حدود عام سبعين. وقبره بظاهر سَبْتَة يزار ويتبرّك به.
__________
[1] انظر عن (علي بن محمد بن محمد) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 28 أ، وتاريخ الملك الظاهر 45، 46.
[2] وقال ابن شدّاد: اشتغل بالفقه على الفقيه جمال الدين ابن رشيق، وابن شاس، والفقيه عبد الوهاب البغدادي، واشتغل بالنحو على ابن الحاجب، وابن برّي. وله تصانيف، منها كتاب في اللغة جيّد مفيد، وسمع الحديث على جماعة من المشايخ.
[3] انظر عن (علي المتّيوي) في: الوافي بالوفيات 22/ 357، 358 رقم 251، ونيل الابتهاج للتنبكتي 203.

(49/311)


قال لي ابن عمران الحضرميّ: لم يكن في زمانه أحفظ منه لمذهب مالك.
أخذ النّاس عنه.
354- عمر بن أيّوب [1] بن عمر بن أرسلان بن جاولى.
المحدِّث، أبو حفص شهاب الدّين التُّركُمانيّ، الدّمرداشيّ، الدّمشقيّ، الحنفيّ، المعروف بابن طغريل السّيّاف.
وُلِد سنة خمسٍ وعشرين وستّمائة تقريبا بدمشق، وطلب بنفسه بمصر، وأكثر عن أصحاب البُوصِيريّ، وعُني بالحديث، وحصّل وفَهِم وجمع، وخرّج لنفسه مُعْجَمًا. كتب العالي والنّازل.
وكان ثقة صالحا، نبيها، مفيدا.
تُوُفّي بمصر في السّابع والعشرين من جُمَادى الأولى. ولا أعلمه حدَّث.
- حرف الميم-
355- محمد بن أبي الغنائم سالم [2] بن الحافظ أبي المواهب الْحَسَن بْن هِبَةُ اللَّه بْن محفوظ بْن الْحَسَن بْن صَصْرى.
القاضي، العدْل الكبير، عمادُ الدّين أبو عبد الله الرَّبعيّ، التّغلبيّ، البَلَديّ الأصل، الدّمشقيّ، الشّافعيّ.
وُلِد بعد السّتمائة [3] ، وسمع من أبيه، وأبي اليُمْن الكِنْديّ، وهبة الله بن طاوس، وابن أبي لقمة، وأبي المجد القزوينيّ، وجماعة.
__________
[1] انظر عن (عمر بن أيوب) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 26 ب، 27 أ، والجواهر المضية 2/ 638 رقم 1040، والطبقات السنية، رقم 1615، وهدية العارفين 1/ 787.
[2] انظر عن (محمد بن سالم) في: تاريخ الملك الظاهر 49، وذيل مرآة الزمان 2/ 486، 487، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 30 أ، والعبر 5/ 294، والإشارة إلى وفيات الأعيان 364، ومرآة الجنان 4/ 172، والوافي بالوفيات 3/ 84 رقم 1003، والسلوك ج 1 ق 2/ 604، والنجوم الزاهرة 7/ 237.
[3] في المقتفي: مولده في سنة ستمائة أو إحدى وستمائة تقريبا. وقال ابن شدّاد: ومولده قبل الستمائة. (تاريخ الملك الظاهر 49) .

(49/312)


روى عنه: ابنه قاضي القُضاة نجم الدّين أبو العبّاس، والشّيخ علاء الدّين ابن العطّار، والحافظ الكبير شَرَف الدّين الدّمياطيّ، والإمام زين الدّين الفارقيّ، وبدر الدّين ابن الخلّال، ونجم الدّين ابن الخبّاز، وجماعة بقَيد الحياة.
وكان صدرا رئيسا، وافِر الحُرْمة، ظاهر الحشْمة، كبير الثّروة والنّعمة.
ولي غير مرّةٍ في المناصب الدّينيّة فحُمِدت سيرته، وكان ينطوي على دِين وعبادة وحُسْن خُلُقٍ ومروءة.
وكان مُحبًّا للحديث ذا عناية به. رحل إلى مصر وسمع من أصحاب السِّلَفي. وكتب بخطّه وحصّل. وأعتني بولده وأسمعه الكثير.
وقد روى الحديث من بيته جماعة كثيرة ذكرناهم في هذا التّاريخ.
تُوُفّي في العشرين من ذي القعدة، ودُفِن بتُربتهم بسفح قاسيون.
356- محمد بن عليّ [1] بن أبي طالب بن سُوَيْد.
الرّئيس، وجيهُ الدين التكريتيّ، التّاجر.
كان نافذ الكلمة، وافر الحُرْمة كثير الأموال والتّجارات، واسع الجاه.
وكان من خواصّ الملك النّاصر [2] ، ويده مبسوطة في دولته.
ذكره قُطْبُ الدّين [3] فقال: لمّا توجّه إلى مصر في الْجَفل من التّتار غَرِم ألفَ ألف درهم. فلمّا تسلطن الملك الظّاهر قرّبه وأدناه وأوصى إليه وجعله ناظر أوقافه. وكان له من التّمكين ما لا مزيد عليه، ولم يبلغ أحدٌ من أمثاله من الحرمة ونفاذ الكلمة ما بلغ.
__________
[1] انظر عن (محمد بن علي) في: تاريخ الملك الظاهر 46- 49، وذيل مرآة الزمان 2/ 487- 490، والمقتفي للبرزالي 1/ ورقة 29 ب، 30 أ، وتالي كتاب وفيات الأعيان 148، 149 رقم 240 وفيه: «محمد بن عبد الله بن أبي طالب» ، ونهاية الأرب 30/ 193- 195، ودول الإسلام 2/ 173، والإشارة إلى وفيات الأعيان 364، والعبر 5/ 294، وعيون التواريخ 20/ 427، 428، والبداية والنهاية 13/ 462، وعقد الجمان (2) 97، والنجوم الزاهرة 7/ 338، وشذرات الذهب 5/ 333، والوافي بالوفيات 4/ 186 رقم 1727، والمقفّى الكبير 6/ 301، 302 رقم 2762.
[2] هو الملك الناصر يوسف صاحب حلب.
[3] في ذيل المرآة 2/ 488.

(49/313)


كانت مَتَاجره لا يَتَعرَّض لها مُتَعرِّض، وكتبه عند سائر الملوك، حتّى ملوك الفرنج، نافذة. وكلّ مَن يُنسَب إليه مَرْعِيّ الجانب [1] .
ولمّا مات ولده التّاج محمد في صفر سنة ستٍّ وخمسين مشى الملك النّاصر في جنازته ثمّ ركب إلى الجبل، وكانت جنازة مشهودة، وتأسّف أبوه وامتنع من سَكنى داره بالزّلّاقة، فأمر السّلطان بأن تُخْلى له دار السّعادة وفُرِشت ليسكنها.
ثمّ خرج إليه السّلطان، وحلف عليه فنزل البلد.
ومن إكرامه أنّ ولده نصير الدّين عبد الله حجّ مع والدته عام حجّ الملك الظّاهر، فحضر عنده يوم عَرَفَة مسلّما، فحيث وطِئ البساط قام له السّلطان وبالغ في إكرامه، وسأله عن حوائجه فقال: حاجة المملوك أن يكون مَعَنا أميرٌ يعيّنه السّلطان. فقال: مَن اخترت من الأمراء أرسلته في خدمتك. فطلب منه جمال الدّين ابن نهار. فقال له السّلطان: هذا المولى نصير الدين قد اختارك على جميع مَن معي فتروح معهم إلى الشّام وتخدمه مثل ما تخدمني. وهذا عظيم من مثل الملك الظّاهر.
وكان وجيه الدّين كثير المكاتبة للأمراء والوزراء، وفيه مكارم، وعنده بِرٌّ وصَدَقَة ودماثة أخلاق ورِقّة حاشية.
تُوُفّي بدمشق في ذي القعدة ودُفِن بتُربته بقاسيون، وكان من أبناء السّبعين.
قلت: وُلِد سنة تسعٍ وستّمائة [2] . وسمع من المؤتَمَن بن قُمَيْرة، ولم يروِ، بل روى عنه الدّمياطيّ من شعره.
__________
[1] وفيه يقول سيف الدين السامريّ في أرجوزة للملك الناصر:
وكيف من أشغاله التجارة ... وعينه في الربح والخسارة
يسمع مولانا له إشارة ... ما أهون الحرب على النظارة
(تالي كتاب وفيات الأعيان) .
[2] وقال ابن شدّاد: وكان مولده بتكريت في سنة إحدى عشرة وستمائة. (تاريخ الملك الظاهر 46) وبها ورّخه المقريزي في: المقفّى الكبير 6/ 301.

(49/314)


357- محمد بن عليّ [1] بن محمد.
الصّالح الزّاهد، أبو عبد الله ابن الطّبّاخ المَوْصِليّ، ثمّ المصريّ.
روى عن الشّيخ مُرَهف شيئا من شِعْره، وله زاوية بالقرافة الصُّغرى، ويُقصد بالزِّيارة والتّبرُّك لصلاحه ودينه.
عاش ثلاثا وسبعين سنة [2] .
وتُوُفّي في جَمادى الآخرة.
358- محمد بْن عليّ بن المظفَّر [3] بن القاسم.
أبو بكر النُشْبيّ [4] المؤذّن بجامع دمشق.
وُلِد في سلخ المحرّم سنة إحدى وتسعين وخمسمائة.
وسمع من: الخشوعيّ، وبهاء الدّين القاسم ابن عساكر، وستّ الكَتَبة بنت الطّرّاح، وعمر بن طَبَرْزَد، وحنبل، والكِنْديّ، وجماعة.
وروى الكثير، وتفرَّد بأجزاء. وكان يقرأ على الجنائز.
روى عنه: الدّمياطيّ، وأبو محمد الفارقيّ، وأبو عليّ بن الخلّال، وأبو الفداء ابن الخبّاز، وأبو الْحَسَن بْن العطّار، وأبو عبد الله بن الزّرّاد، ومجد الدين ابن الصّيْرَفيّ، وجماعة في الأحياء.
وتبطّأ بعض المحدّثين عن الأخذ عنه لكونه جنائزيّا. وقد سمع منه الشّهاب المقدميّ.
__________
[1] انظر عن (محمد بن علي) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 27 ب، وزبدة الفكرة 9/ ورقة 77 ب، وعقد الجمان (2) 96، 97.
[2] مولده سنة 597 هـ. بالقاهرة.
[3] انظر عن (محمد بن علي بن المظفّر) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 30 ب، والعبر 5/ 294، والمشتبه 1/ 754، 348 والإعلام بوفيات الأعلام 279، وذيل التقييد 1/ 190، 191 رقم 352، وشذرات الذهب 5/ 333، وتوضيح المشتبه 1/ 500 و 5/ 26.
[4] تصحّفت في شذرات الذهب إلى: «البشتي» وقال: نسبة إلى بشت قرية بنيسابور. وهذا غلط. والنشبي: بضم النون وسكون الشين المعجمة. من نشبة بطن من قيس.

(49/315)


وكانت وفاته سادس ذي الحجّة.
359- محمد بْن عُمَر [1] بْن محمد بْن عليّ.
زين الدّين، أبو عبد الله بن الزَّقْزوق الأنصاريّ، الفاسيّ الأصل، المصريّ، الصُّوفيّ الكُتُبيّ.
وُلِد سنة سبْعٍ [2] وثمانين وخمسمائة بمصر.
وسمع بدمشق من: حنبل الرّصافيّ، وأبي القاسم بن الحَرَسْتانيّ.
سمع منه المصريّون. وروى عنه: الدّمياطيّ، وغيره.
ومات بالقاهرة في نصف رجب [3] .
__________
[1] انظر عن (محمد بن عمر) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 28 أ، والوافي بالوفيات 4/ 262 رقم 1796، والمقفّى الكبير 6/ 428، 429 رقم 2919.
[2] في المقفّى الكبير 6/ 429 «سنة تسع» ، والمثبت يتفق مع: المقتفي، والوافي.
[3] قال الصفدي: ومن نظمه ما رواه الدمياطيّ في معجمه نقلته من خط الجزري المؤرّخ:
مرّ فقلنا من فنون به ... للَّه هذا من فتى نابه
فقال بعض القوم لما رنا ... للبعض: يا قوم فتنّا به
وقوله في مليح يرمي:
وساهم في فؤادي بدر تمّ ... فحاز فؤاد عاشقه بسهمه
وناضل من كنانته فأصمى ... بسهم جفونه من قبل سهمه
(الوافي بالوفيات) ومن شعره قوله:
أشكو إلى الله من دهري تقلّبه ... ومن صروف أحالت صبغة اللمم
فشبت منها وما إن شبت من هرم ... والشيب بالهمّ قبل الشيب بالهرم
وقوله:
شكا إليّ عذارا ظنّ أنّ به ... أودى الجمال وأنّ الحسن قد هلكا
فقلت: لا تخش منه، إنه فلك ... والبدر لا بدّ من أن يسكن الفلكا
وقوله:
وذي جمال شنّ غاراته ... بجيش حسن في لوا عارضيه
غارت عليه مقلتي أن ترى ... ديباجة الحسن على وجنتيه
فأرسلت أسودها حارسا ... إذ رأت الأبصار تهوي إليه
فقلت: يا أبصار عنه ارجعي ... هل خلت خالا في صفا صفحتيه
لا تحسبي خالا على خدّه ... بل هو إنساني رقيب عليه

(49/316)


360- محمد بن محمد [1] بن أحمد.
أبو بكر بن مُشلْيون الأنصاريّ، البَلَنْسيّ، المقرئ، المحدّث.
كان عالي الإسناد في القراءات. أخذها عن جعفر بن عون الله الحصّار، فكان آخر أصحابه.
واستوطن سَبْتَة وأقرأ بها إلى أن تحوّل في أواخر عُمُره إلى تُونس فتُوُفّي بها سنة سبعين أو بعدها بقليل.
قرأ عليه القراءات الشّيخ أبو إسحاق الغافقيّ المُتَوَفَّى سنة 716.
361- محمد بن ملكداد [2] .
الموقانيّ [3] نجمُ الدّين. معيد البادرائيّة.
362- محمد بن أبي فِراس [4] .
قاضي القُضاة سِراجُ الدّين الهُنايسيّ.
مات في رمضان، ودُفن عند معروف الكَرْخيّ.
سمع من: عليّ بن إدريس.
ودرّس بالبشيريّة. وكان ديِّنًا، متبحِّرًا، بصيرا بالمذهب الشّافعيّ [5] ، رحمه الله تعالى.
363- مُدَالة [6] بنت محمد بن إلياس بن عبد الرحمن ابن الشّيرجيّ.
__________
[ () ] (المقفّى الكبير) .
[1] انظر عن (محمد بن محمد) في: غاية النهاية 2/ 238 رقم 3399.
[2] انظر عن (محمد بن ملكداد) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 30 ب، وتاريخ الملك الظاهر 49 وفيه «محمد بن ملكراد» براء ثم دال.
[3] في تاريخ الملك الظاهر: «النوقاني» .
[4] انظر عن (محمد بن أبي فراس) في: الحوادث الجامعة 178، 179.
[5] وقال في الحوادث الجامعة: كان في مبدإ أمره فقيها، ثم ولي مدرّسا في المدرسة البشيرية، ثم نقل إلى القضاء، وخطب بجامع الخليفة وهو قاض، وولي القضاء بعده عز الدين أحمد الزنجاني نقلا من قضاء الجانب الغربي في ذي الحجة.
[6] انظر عن (مدالة) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 28 ب.

(49/317)


أمُّ محمد الدّمشقيّة.
خرّج لها جمال الدّين ابن الصّابونيّ أربعين حديثا بالإجازات من شيوخها.
أجاز لها: عبد اللّطيف بن أبي سعد، والخُشُوعي، والقاسم بن عساكر، والحافظ عبد الغنيّ.
روى عنها: ابن الخبّاز، وأبو الحسن بن العطّار، وغيرهما.
تُوُفِّيَت في ثاني شعبان عن ثمانين سنة.
364- مظفّر [1] ابن القاضي مجد الدّين عبد الرحمن بن رمضان بن إبراهيم.
الحكيم بدرُ الدّين الطّبيب، شيخ الطّبّ المعروف بابن قاضي بَعْلَبَكّ.
قرأت بخطّ الإمام شمس الدّين محمد بن الفخر أنّه تُوُفّي يوم الثّلاثاء ثاني وعشرين صفر سنة سبعين.
قال: وكان رئيس الأطبّاء شرقا وغربا، فيلسوف زمانه، لم نعلم في وقته مثله. انهدم بعده رُكنٌ من الحكمة. وله مصنفاتٌ عظيمة النّفع في الطّبّ. ووقع له من حُسْن العلاج في زماننا ما لم يقع إلّا للأكابر.
فمنه أنّ الملك المنصور صاحب حماة نزل به خوانيق أشرف منها على الموت، فأنفذ إلى دمشق يطلب البدر المذكور والموفَّق السّامريّ فذهبا إليه فكوياه في وسط رأسه بميل من ذَهَب، فبرأ، وأعطاهما شيئا عظيما. وكان ذلك بإشارة البدر.
__________
[1] انظر عن (مظفّر) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 25 ب، وعيون التواريخ 20/ 429، 430، وعيون الأنباء 2/ 259- 265، وكشف الظنون 1463، 1772، 1783، والأعلام 8/ 163، 164، ومعجم المؤلّفين 12/ 299، فهرس المخطوطات المصوّرة بمعهد المخطوطات العربية ج 3 (العلوم) القسم الثاني (الطب) وضعه إبراهيم شبوح، القاهرة 959- ص 108، 109، ومطالع البدور في منازل السرور، لعلاء الدين البهائي الغزولي، مصر 1299 هـ. ج 1/ 173، والقاموس الإسلامي 1/ 329، وتاريخ بعلبكّ 2/ 551- 554، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي ق 2 ج 4/ 256- 258 رقم 1273.

(49/318)


قال ابن أبي أُصيبَعة [1] : نشأ بدمشق، وقد جمع الله فيه من العِلم الغزير والذّكاء المُفْرِط والمروءة ما تعجز الألسُن عن وصفه.
قرأ الطّبّ على الدّخْوار، وأتقنه في أسرع وقت، وحفظ كثيرا من الكُتُب.
وكان ملازِمًا له. عرض عليه مقالته في الاستفراغ، وسافر معه إلى الشّرق.
وخدم بمارستان الرَّقّة. وصنَّف مقالة في مِزاج الرَّقّة. واشتغل بها على الزَّيْن الأعمى الفيلسوف.
ثمّ قدِم دمشق، فلمّا تسلطن الجواد بدمشق استخدمه، وحظي عنده وتمكّن. وولّاه رئاسة الأطبّاء والكحّالين والجرائحيّة، وكتب له منشورا في صفر سنة سبْعٍ وثلاثين.
وقد اشترى دُورًا إلى جانب مارستان نور الدّين، وغرِم عليها مبلغا، وكبّر بها قاعات المرضى، وبناها أحسن بناء. وشكروه على ذلك.
وخدم الملك الصّالح وغيره. ثمّ تجرّد لحفظ مذهب أبي حنيفة. وسكن بيتا في الفليجيّة. وحفظ القرآن ثمّ القراءات، وأخذها عن الإمام أبي شامة على كِبَر، وأتقنها.
وفيه عبادة ودِين.
وقد مدحه ابن أبي أُصَيّبَعة بقصائد في «تاريخه» .
وله كتاب «مُفرج النّفس» استوفى فيه الأدوية القلبيّة، وكتاب «المُلَح» في الطّبّ.
365- مظفَّر بن لؤلؤ [2] .
أبو غالب الدّمشقيّ، الضّرير ابن الشّربدار.
__________
[1] في عيون الأنباء 2/ 259.
[2] انظر عن (مظفّر بن لؤلؤ) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 26 ب، وفيه: «زين الدين أبو غالب المظفّر بن أبي الدرّ ياقوت بن عبد الله الشرابي النجمي» .

(49/319)


يروي عن: عمر بن طَبَرْزَد.
تُوُفّي في جُمَادى الأولى.
وقال ابن الخبّاز فيه: مظفَّر بن ياقوت زين الدّين الشّربدار العاديّ. روى عن ابن طَبَرْزَد. ووُلِد سنة ثلاثٍ وتسعين وخمسمائة [1] .
- حرف النون-
366- النّصير بن تمّام [2] بن معالي.
أبو الذِّكْر المقدسيّ، رئيس المؤذّنين بجامع دمشق.
ولد سنة سبع وثمانين وخمسمائة.
وسمع في كهولته من: ابن اللّتّيّ.
وحدَّث. وذكر أنّه سمع من الكِنْديّ.
وكان طيّب الصّوت، مليح الشّكل.
تُوُفّي في المحرَّم، ودُفن بمقبرة باب الفراديس [3] .
- حرف الياء-
367- يحيى بن عَبْد الرَّحِيم [4] بن المفرّج بن عَليّ بن المفرّج بن مسلمة.
__________
[1] وقال البرزالي: وضبط موته الإربلي في مستهلّ جمادى الأولى. ولي منه إجازة.
[2] انظر عن (النصير بن تمام) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 25 ب، وذيل مرآة الزمان 2// 490، وعيون التواريخ 20/ 428، 429.
[3] رثاه بعضهم بقوله:
يا دائم المعروف كن غافرا ... ذنوب ميت كان يحيى النفوس
من كان كفؤا لها فلا تلمها ... إن بكت عليه العروس
ورثاه مجد الدين ابن المهتار بقوله:
أو حشت بالتسبيح والتأذين ... أهل التهجّد يا نصير الدين
فبكوا لفقدك مثلما أبكيتهم ... بلذيذ إنشاء وطيب حنين
وقال نور الدين ابن مصعب:
ألا يا دائم المعروف روّى ... ثرى قبر ثوى فيه النفير
لقد بكت العروس عليه حزنا ... وكاد النسر من أسف يطير
[4] انظر عن (يحيى بن عبد الرحيم) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 26 ب.

(49/320)


المحدِّث أبو زكريّا.
سمع بدمشق من: أبي القاسم الحسين بن صَصْرى، وجماعة.
وبمصر من: عبد العزيز بن باقا، وعبد الصّمد الغِفاريّ، وجماعة.
وكتب الأجزاء، وأسمع ولَده عبد الرّحيم. ثمّ خدم بالكتابة.
وتُوُفّي بالغُور في تاسع جُمَادى الأولى. وكان مولده في سنة أربعٍ وستّمائة.
روى عنه: ابن الخبّاز، وزاد أنّه سمع من أبي المجد القزوينيّ، وزين الأُمَناء، وقال: لَقَبُه محيي الدّين.
ثنا عنه: عليُّ بن الموفّق.
368- يحيى بن محمد بن عبد الواحد [1] بن عبده.
الصّدرُ نجمُ الدّين ابن اللّبُوديّ، الدّمشقيّ، الطّبيب.
ترقّى بالطّبّ عند صاحب حمص، ووَزَرَ له، ثمّ [انتقل إلى خدمة] [2] الملك النّاصر فجعله ناظر الدّواوين. ثمّ ولي ذلك في الدّولة الظّاهريّة.
وكان محتشما، نبيلا، جليلا. اختصر «الإشارات» ، والمعالمين في الأصلين، واختصر «الكلّيّات» في الطّبّ.
وتُوُفّي في ذي الحجّة [3] ، ودُفِن بتُربته الّتي بقُرب بركة الحِمْيَريّين، وجعل تُربته دار طبٍّ وهندسةٍ، وقرَّر لها شيخا وقُرَّاء.
وكان والده شمسُ الدّين محمد بن اللّبُوديّ من كبار الأطبّاء. تُوُفّي سنة إحدى وعشرين وستّمائة، وعُمُر نجمِ الدّين يومئذٍ أربع عشرة سنة.
__________
[1] انظر عن (يحيى بن محمد بن عبد الواحد) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 30 ب، وعيون الأنباء في طبقات الأطباء 2/ 185، وتالي كتاب وفيات الأعيان 170 رقم 281، وتاريخ الملك الظاهر 49، 50، وعيون التواريخ 20/ 429، والبداية والنهاية 93/ 262، وعقد الجمان (2) 98 وفيه: «يحيى بن عبد الواحد» ، والدارس 2/ 135.
[2] في الأصل بياض، وما بين الحاصرتين استدركته من: تاريخ الملك الظاهر 50.
[3] ومولده سنة 607 هـ. (تاريخ الملك الظاهر) .

(49/321)


369- يعقوب ابن المعتمد [1] والي دمشق مبارز الدّين أبي إسحاق إبراهيم بن موسى.
العادلُ، الدّمشقيّ، الأمير شَرَفُ الدّين أبو يوسف الحنفيّ.
روى عن حنبل بدمشق، و ( ... ) [2] .
وسمع من: أبي القاسم أحمد بن عبد الله العطّار.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وابن الخبّاز، وابن العطّار، والدّويداريّ، وجماعة.
تُوُفّي في ثالث عشر رجب عن ثلاثٍ وثمانين سنة [3] .
370- يوسف بن عبد الله [4] بن عثمان.
الشّيخ التّقيّ المقدسيّ. عُرِف بالكينانيّ.
روى عن: ابن اللّتّيّ.
روى عنه: ابن الخبّاز، والشّيخ عليّ ابن العطّار.
ونزل بكفربطنا ولقّن بها وعلّم وأمَّ بمسجدٍ بها، ومات بها رحمه الله تعالى.
الكنى
371- أبو حُلَيقة [5] .
الطّبيب المصريّ المشهور بالرّشيد النّصرانيّ. واسمه أبو الوحش ابن الفارس أبي الخير ابن الطّبيب داود بن أبي المنا [6] .
__________
[1] انظر عن (يعقوب ابن المعتمد) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 27 ب، وذيل مرآة الزمان 2/ 490، وعقد الجمان (2) 99.
[2] في الأصل بياض.
[3] مولده سنة 587 هـ.
[4] انظر عن (يوسف بن عبد الله) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 30 ب، 31 أ.
[5] انظر عن (أبي حليقة) في: عيون الأنباء 2/ 123- 130، ومعجم المؤلّفين 4/ 161.
[6] كذا في الأصل.

(49/322)


كان أستاذ هذه الصّناعة في عصره، وفيه لُطْفٌ وتودُّد ورأفة بالمرضى.
اشتغل على عمّه المهذَّب أبي سعيد بدمشق، ثمّ اشتغل بمصر.
وقرأ أيضا على المهذّب الدّخْوار.
وُلِد بجَعْبَر سنة إحدى وتسعين وخمسمائة، ونشأ بالرُّها، وبعثه أبوه قبل السّتّمائة إلى دمشق فتعلَّم عند عمّه قليلا. ودخل القاهرة وسكنها، وخدم الملك الكامل.
وكان له إقطاع وافر. ثمّ خدم الصّالح نجم الدّين ابن الكامل وغيره.
وخدم الملك الظّاهر رُكن الدّين.
وطال عُمُرُه واشتهر ذِكره. وله نوادر في أعمال الطّبّ تميّز بها. وكان في شبيبته يُعرف بابن الفارس، فطلبه الكامل يوما وقال: اطلبوا لنا أبو حُلَيقة.
فغلب ذلك عليه.
قال ابن أبي أُصَيْبَعة [1] : وقد أحكم نبضَ الملك الكامل حتّى إنّه أخرج إليه من خلف السّتارة مع الآدُر المريضات، فرأى نبضَ الجميع، ووصف لهُنّ، فلمّا وصل إلى نَبض عَرَفَه فقال: هذا نبض مولانا السّلطان وهو صحيح بحمد الله. فتعجّب منه غاية العجب، وزاد تمكُّنُه عنده.
وقد عمل التّرياق الفاروق وتعب عليه، وسهر ليالي حتّى عمله، فحصل للسّلطان نزلة في أسنانه ففصد بسببها، وداواه الأسعد لاشتغال الرّشيد بعمل التّرياق، فلم ينجع، وزاد الألم، فطلب الرّشيد وتضرّر، فقال: تسوّك من التّرياق الّذي عمله المملوك في البرنيَّة الفضّة وترى العجب.
قال: وخرج إلى الباب فلم يشعر إلّا ورقة بخطّ السّلطان: يا حكيم استعملتُ ما قلتَ فزال جميع ما بي لوقته.
ثمّ بعث إليه خِلعًا وذهبا.
__________
[1] في عيون الأنباء.

(49/323)


وقد سقى من ترياقه مفلوجا عند السّور فقام بعد ساعتين. وسقَى منه مَن به حصاة ففتّتها، وأراق الماء لساعته.
وله أخبار كثيرة ذكرها ابن أبي أُصَيْبَعة، وقال: سُمّيَ بأبي حُلَيقة لحلقة فضّة كانت في أُذُنه عَمِلتْها أُمُّه من الصِّغر، وعاهدته أُمّه أن لا ينزعها، فبقيت لأنّها كان لا يعيش لها ولد وقيل لها: اعملي لمولودك حُلَيقة فضّة، فإذا وُلِد اعمليها في أُذُنه، فعملتها وعاش اتّفاقا.
ويُقال له شِعرٌ جيّد ومقالة في حِفْظ الصّحّة، ومقالة في أنّ الملاذّ الرّوحانيّة ألذّ من الجسمانيّة، وكتاب «الأدوية المفردة» سمّاه «المختار في ألف عقار» ، ومقالة في ضرورة الموت.
372- أبو القاسم بن سالم [1] .
الزَّمْلَكانيّ.
حدَّث عن ابن اللّتّيّ، وغيره.
ومات فِي جمادى الآخرة.
وفيها ولد:
فخر الدّين عثمان ابن شيخنا جمال الدّين أحمد بن الظّاهريّ، وشمس الدّين محمد بن الشّهاب أحمد بن محمد بن صالح العرضيّ، إمام مسجد الرّحبة، في صفر، وشهاب الدّين أحمد بن إبراهيم بن الجزريّ، وشمس الدّين محمد بن عبد الواحد المرّاكشيّ النّحويّ، وبدر الدّين محمد ابن شيخنا كمال الدّين أحمد بن العطّار في جمادى الأولى، والصّارم إبراهيم بن محمد الجنديّ ابن الغزال،
__________
[1] انظر عن (أبي القاسم بن سالم) في: المقتفي للبرزالي 1/ ورقة 27 أ.

(49/324)


وشمس الدّين محمد بن القاضي سالم بن أبي الهيجاء الأذرعيّ، والشيخ عليّ بن محمد الختنيّ، تقريبا، والتّقيّ عبد الملك بن أبي بكر بن مشرّف نزيل طرابلس.
والقاضي كمال الدّين أحمد بن العماد ابن الشّيرازيّ، والشّيخ شهاب الدّين أحمد بن يحيى بن جهبل في المحرّم، والشّيخ محمد بن أحمد البالسيّ، وعزيز الدّين إبراهيم ابن الخطيب جمال الدّين الدّينوريّ بكفربطنا، والله أعلم.
آخر الطبقة السابعة والستين من تاريخ الإسلام للحافظ شمس الدين الذهبي، ومن خطه نقلت وحسبنا الله ونعم الوكيل

(49/325)


(بعون الله وتوفيقه، أنجز العبد الفقير إلى الله تعالى، طالب العلم وخادمه «أبو غازي عمر عبد السلام تدمري» الأستاذ، الدكتور في الجامعة اللبنانية، بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، قسم التاريخ، الفرع الثالث، طرابلس، الطرابلسي مولدا وموطنا، الحنفي مذهبا، هذه الطبقة من «تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام» لمؤرّخ الإسلام الحافظ الثقة شمسُ الدين مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَد بْن عثمان بن قايماز المعروف بالذهبي، المتوفى بدمشق سنة 748 هـ. رحمه الله تعالى، وضبط نصّها وحقّقها، وعلّق عليها، وأحال إلى مصادرها، ووثّق مادّتها، وصنع فهارسها، وكان الإنجاز بعد عشاء يوم السبت غرّة شهر صفر سنة 1418 هـ. الموافق للسابع من حزيران (يونيه) 1997 م.
وذلك بمنزله بساحة السلطان الأشرف خليل بن قلاوون (النجمة سابقا) بثغر طرابلس الشام المحروسة، حماها الله وجعلها دار أمان وسلام وسائر بلاد المسلمين. وجعل الله تعالى هذه العمل خالصا لوجهه، وليكتب في صحائف أعمال محقّقه المقرّ بعبوديّته للواحد الأحد، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين. والحمد للَّه رب العالمين) .

(49/326)