تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، ط التوفيقية

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين:
ما بعد الخلفاء الراشدون حتى سنة 41هـ:
"الطبقة الأولى":
"من العشرة المبشرين بالجنة":
6- "ع" أبو عبيدة بن الجراح "ت 18هـ" عامر بْن عبد الله بْن الجراح بْن هلال بْن أُهيب بْن ضبة بْن الحارث بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعَدِّ بْنِ عدنان، القرشي الفهري المكي.
أحد السابقين الأولين: ومن عزم الصديق على توليته الخلافة، وأشار به يوم السقيفة، لكمال أهليته عند أبي بكر. يجتمع في النسب هو والنبي -صلى الله عليه وسلم- في فهر. شهد لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْجَنَّةِ، وسماه أمين الأمة، ومناقبه شهيرة جمة.
روى أحاديث معدودة، وغزا غزوات مشهودة.
حدث عنه العرباض بن سارية، وجابر بن عبد الله، وأبو أمامة الباهلي، وسمرة بن جندب، وأسلم مولى عمر، وعبد الرحمن بن غنم، وآخرون.
له في صحيح مسلم حديث واحد، وله في جامع أبي عيسى حديث، وفي "مسند بقي" له خمسة عشر حديثا.
الرواية عنه:
أخبرنا أبو المعالي محمد بن عبد السلام التميمي، قراءة عليه في سنة أربع وتسعين وستمائة، أنبأنا أبو روح عبد المعز بن محمد البزار، أنبأنا تميم بن أبي سعيد أبو القاسم المعري، في رجب سنة تسع وعشرين وخمسمائة، بهراة1، أنبأنا أبو سعد محمد بن عبد الرحمن، أنبأنا أبو عمرو بن حمدان، أخبرنا أبو يعلى أحمد بن علي، حدثنا عبد الله بن معاوية القرشي، حدثنا حماد بن سلمة، عن
__________
1 هراة: من مدن خراسان.

(3/180)


خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، عن عبد الله بن سراقة، عن أبي عبيدة بن الجراح: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو يقول: "إنه لم يكن نبي بعد نوح إلا وقد أنذر قومه الدجال، وإني أنذركموه" فوصفه لَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: "لعله سيدركه بعض من رآني أو سمع كلامي".
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كيف قلوبنا يومئذ؟ أمثلها اليوم؟ قال: "أو خير"1. أخرجه الترمذي عن عبد الله الجمحي فوافقناه بعلو.
وقال: وفي الباب عن عبد الله بن بسر وغيره. وهذا حديث حسن غريب من حديث أبي عبيدة -رضي الله عنه.
قال ابن سعد في الطبقات: أخبرنا محمد بن عمر، حدثني نور بْنُ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ مالك بْن يُخَامر أنه وصف أبا عبيدة فقال: كان رجلا نحيفًا، معروق الوجه، خفيف اللحية، طوالًا، أجْنى، أثرم الثنيتين2.
وأخبرنا محمد بن عمر، حدثنا محمد بن صالح، عن يزيد بن رومان قال: انطلق ابن مظعون، وعبيدة بن الحارث، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عبد الأسد، وأبو عبيدة بن الجراح حتى أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فعرض عليهم الإسلام، وأنبأهم بشرائعه، فأسلموا في ساعة واحدة، وذلك قبل دُخُولِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دار الأرقم3.
وقد شهد أبو عبيدة بدرا، فقتل يومئذ أباه، وأبلى يوم أحد بلاء حسنا، ونزع يومئذ الحلقتين اللتين دخلتا من المِغْفَر في وَجِنَةِ رَسُولُ اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ ضربة أصابته، فانقلعت ثنيتاه، فحسن ثغره بذهابهما، حتى قيل: ما رئي هتم قط أحسن من هتم أبي عبيدة.
__________
1 ضعيف: أخرجه أبو داود "4756" في كتاب السنة، باب: في الدجال، والترمذي "2241" في كتاب الفتن، باب: ما جاء في الدجال، وابن حبان "1/ 6778" وقال الحافظ ابن كثير في "البداية" "8/ 95": في إسناده غرابة: وقال الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" "389": ضعيف.
2 إسناده ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 220-221".
3 إسناده ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 218".

(3/181)


وقال أبو بكر الصديق وقت وَفَاةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بسقيفة بني ساعدة: قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين: عمر، وأبا عبيدة.
قال الزبير بن بكار: قد انقرض نسل أبي عبيدة، وولد إخوته جميعا، وكان ممن هاجر إلى أرض الحبشة، قاله ابن اسحاق، والواقدي.
قلت: إن كان هاجر إليها، فإنه لم يطل بها الليث.
وكان أبو عبيدة معدودا فيمن جمع القرآن العظيم.
قال موسى بن عقبة في "مغازيه" غزوة عمرو بن العاص هي غزوة ذات السلاسل من مشارف الشام، فخاف عمرو من جانبه ذلك، فاستمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فانتدب أبا بكر وعمر في سراة من المهاجرين، فأمر نبي الله عليهم أبا عبيدة، فلما قدموا على عمرو بن العاص قال: أنا أميركم، فقال المهاجرون: بل أنت أمير أصحابك، وأميرنا أبو عبيدة. فقال عمرو: إنما أنتم مدد أمددت بكم. فلما رأى ذلك أبو عبيدة بن الجراح، وكان رجلا حسن الخلق، لين الشيمة، متبعا لأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعهده، فسلم الإمارة لعمرو.
وثبت من وجوه عَنْ أَنَسٍ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- قال: "إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا، وَأَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أبو عبيدة بن الجراح" 1.
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد الفقيه وغيره، إجازة، قالوا: أخبرنا حنبل بن عبد الله، أنبأنا هبة الله بن محمد، أنبأنا أبو علي بن المذهب، أخبرنا أبو بكر القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، حدثنا أبو المغيرة، حدثنا صفوان، عن شريح بن عبيد، وراشد بن سعد، وغيرهما قالوا: لما بلغ عمر بن الخطاب سرغ، حدث أن بالشام وباء شديدا، فقال: إِنْ أَدْرَكَنِي أَجَلِي، وَأَبُو عُبَيْدَةَ حَيٌّ، اسْتَخْلَفْتُهُ، فإني سألني الله عز وجل: لِمَ استخلفته على أمة محمد؟ قلت: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا، وَأَمِينُ هَذِهِ الأمة أبو عبيدة بن الجراح". قال: فأنكر القوم ذلك وقالوا: ما بال علياء قريش؟ يعنون بني فهر،
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "3744" في كتاب فضائل الصحابة، باب: مناقب أبي عبيدة بن الجراح، ومسلم "2419" في كتاب فضائل الصحابة، باب: فضائل أبي عبيدة بن الجراح.

(3/182)


ثم قال: وإن أدركني أجلي، وقد توفي أبو عبيدة، أستخلف معاذ بن جبل، فإن سألني ربي قلت: إني سمعت نبيك يقول: "إنه يحشر يوم القيامة بين يدي العلماء برتوة" 1.
وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنِ الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ عمرو بن العاص قال: قيل: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قال: "عائشة". قيل: من الرجال؟ قال: "أبو بكر"، قيل: ثم من؟ قال: "ثم أبو عبيدة بن الجراح" 2.
كذا يرويه حماد، وخالفه جماعة، فرووه عن الجريري، عن عبد الله قال: سألت عائشة: أي أصحابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ أحب إليه؟ قالت: أَبُو بكر، ثُمَّ عُمَر، ثُمَّ أَبُو عبيدة بن الجراح3.
أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن المعدل، أنبأنا عبد الله بن أحمد الفقيه، أنبأنا محمد بن عبد الباقي، أنبأنا أبو الفضل بن خيرون، أنبأنا أحمد بن محمد بن غالب، بقراءته على أبي العباس بن حمدان، حدثكم محمد بن أيوب، أنبأنا أبو الوليد، أنبأنا شعبة، عن أبي إسحاق، سمعت صلة بن "زفر"، عن حذيفة، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "إني أبعث إليكم رجلا أمينا" فاستشرف لها أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فبعث أبا عبيدة بن الجراح4. اتفقا عليه من حديث شعبة.
واتفقا من حديث خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لكل أُمَّةٍ أَمِينٌ، وَأَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بن الجراح" 5.
أخبرنا أحمد بن محمد المعلم، أنبأنا أبو القاسم بن رواحة، أنبأنا أبو طاهر الحافظ، أنبأنا أحمد بن على الصوفي، وأبو غالب الباقلاني، وجماعة، قالوا:
__________
1 أخرجه أحمد "1/ 18".
2 انظر الآتي.
3 صحيح: أخرجه الترمذي "3781" في كتاب المناقب، باب: مناقب أبي عبيدة عامر بن الجراح، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي".
4 صحيح: أخرجه البخاري "3745" في كتاب فضائل الصحابة، باب: مناقب أبي عبيدة بن الجراح، ومسلم "2420" في كتاب فضائل الصحابة، باب: فضائل أبي عبيدة بن الجراح.
5 صحيح: وقد تقدم.

(3/183)


أنبانا أبو القاسم بن بشران، أنبأنا أبو محمد الفاكهي بمكة، حدثنا أبو يحيى بن أبي ميسرة، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى الواسطى، أنبأنا يحيى بن أبي زكريا، حدثنا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ أبي الزبير، عن جَابِرٍ قَالَ: كُنْتُ فِي الْجَيْشِ الَّذِينَ مَعَ خالد، الذين أمد بهم أبا عبيدة، وهو محاصر دمشق، فلما قدمنا عليهم، قال لخالد: تقدم فصل، فأنت أحق بالإمامة؛ لأنك جئت تمدني. فقال خالد: ما كنت لأتقدم رجلا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "لكل أُمَّةٍ أَمِينٌ، وَأَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بن الجراح"1.
أبو بكر بن أبي شيبة: أنبأنا عبد الرحيم بن سليمان، عن زكريا بن أبي زائدة، عن أبي إسحاق، عن صلة، عن حذيفة قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أسقفا نجران: العاقب والسيد، فقالا: أبعث معنا أمينا حق أمين فقال: "لأبعثن معكم رجلا أمينا حق أمين" فاستشرف لها الناس، فقال: "قم يا أبا عبيدة" فأرسله معهم2.
قال: وحدثنا وكيع، عن سفيان، عن أبي إسحاق نحوه.
الترقفي3 في "جزئه": حدثنا أبو المغيرة، حدثنا صفوان بن عمرو، حدثنا أبو حسبة مسلم بن أكيس مولى ابن كريز، عن أبي عبيدة قال: ذكر لي من دخل عليه فوجده يبكي، فقال: ما يبكيك يا أبا عبيدة؟ قال: يبكيني أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذكر يوما ما، يفتح الله على المسلمين، حتى ذكر الشام فقال: "إن نسأ الله في أجلك فحسبك من الخدم ثلاثة: خادم يخدمك، وخادم يسافر معك، وخادم يخدم أهلك ويرد عليهم وحسبك من الدواب ثلاثة: دابة لرحلك، ودابة لثقلك، ودابة لغلامك"، ثم هذا أنذا أنظر إلى بيتي قد امتلأ رقيقا، وإلى مربطي قد امتلأ خيلا، فكيف أَلْقَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعدها؟ وقد أوصانا: "أن أحبكم إلي، وأقربكم مني، من لقيني على مثل الحال التي فارقتكم عليها" 4.
حديث غريب رواه أيضا أحمد في "مسنده" عن أبي المغيرة.
__________
1 إسناده ضعيف: أبو الزبير مدلس، وقد عنعنه، والمرفوع منه صحيح كما تقدم.
2 صحيح: وقد تقدم.
3 هو عبّاس بْن عَبْد الله بْن أبي عِيسَى، تأتي ترجمته "2225".
4 أخرجه أحمد "1/ 195-196".

(3/184)


وكيع بن الجراح، حدثنا مبارك بن فضالة عن الْحَسَنُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ما منكم من أحد إلا لو شئت لأخذت عليه بعض خلقه، إلا أبا عبيدة"1. هذا مرسل.
وكان أبو عبيدة موصوفا بحسن الخلق، وبالحلم الزائد والتواضع.
قال محمد بن سعد: حدثنا أحمد بن عبد الله، حدثنا ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، قَالَ عمر لجلسائه، تمنوا، فتمنوا، فقال عمر: لكني أتمني بيتا ممتلئا رجالا مثل أبي عبيدة بن الجراح.
وقال ابن أبي شيبة: قال ابن علية: عن يونس، عن الْحَسَنُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ما من أصحابي أحد إلا لو شئت أخذت عليه، إلا أبا عبيدة"2.
وسفيان الثوري: عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة قال: قال ابن مسعود: أخلائي مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثلاثة: أبو بكر، وعمر، وأبو عبيدة3.
خالفه غيره، ففي "الجعديات": أنبأنا زهير، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله فذكره.
قال خليفة بن خياط: وقد كان أبو بكر ولي أبا عبيدة بيت المال.
قلت: يعني أموال المسلمين، فلم يكن بعد عمل بيت مال، فأول من اتخذه عمر.
قال خليفة: ثم وجهه أبو بكر إلى الشام سنة ثلاث عشرة أميرا، وفيها استخلف عمر، فعزل خالد بن الوليد، وولى أبا عبيدة.
قال أبو القاسم بن يزيد: حدثنا سفيان، عن زياد بن فياض، عن تميم بن سلمة، أن عمر لقي أبا عبيدة، فصافحه، وقبل يده، وتنحيا يبكيان.
وقال ابن المبارك في "الجهاد" له: عَنْ هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ،
__________
1 مرسل إسناده ضعيف: أخرجه الحاكم في "مستدركه" "5157" ومبارك بن فضالة مدلس، وقد عنعنه.
2 مرسل.
3 إسناده ضعيف: أبو عبيدة هو ابن عبد الله بن مسعود، لم يسمع من أبيه، وأما تدليس أبي إسحاق فرواية الثوري عنه مآمونة التدليس.

(3/185)


عن أبيه قال: بلغ عمر أن أبا عبيدة حصر بالشام، ونال منه العدو، فكتب إليه عمر: أما بعد، فإنه ما نزل بعبد مؤمن شدة، إلا جعل الله بعدها فرجا، وإنه لا يغلب عسر يسرين {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا} الآية1.
قال: فكتب إليه أبو عبيدة: أما بعد، فإن الله يقول: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ} إلى قوله: {مَتَاعُ الْغُرُور} 2، قال: فخرج عمر بكتابه، فقرأه على المنبر فقال: يا أهل المدينة! إنما يعرض بكم أبو عبيدة أو بي، ارغبوا في الجهاد3.
ابن أبي فديك، عن هشام بن سعد، عن زيد، عن أبيه قال: بلغني أن معاذا سمع رجلا يقول: لو كان خالد بن الوليد، ما كان بالناس دوك، وذلك في حصر أبي عبيدة، فقال معاذ: فإلى أبي عبيدة تضطر المعجزة لا أبا لك! والله إنه لخير من بقي على الأرض4.
رواه البخاري في "تاريخه" وابن سعد.
"وفي الزهد" لابن المبارك: حدثنا معمر، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قدم عمر الشام، فتلقاه الأمراء والعظماء، فَقَالَ: أين أخي أَبُو عبيدة؟ قالوا: يأتيك الآن، قال: فجاء على ناقةٍ مخطومةٍ بحبْل، فسلم عليه، ثُمَّ قَالَ للناس: انصرفوا عنا. فسار معه حتى أتى منزله، فنزل عليه، فلم ير في بيته إلا سيفه وتُرْسَه ورحْلَه، فَقَالَ له عُمَر: لو اتخذت متاعًا، أو قَالَ شيئا، فقال: يا أمير المؤمنين! إنّ هذا سيبلِّغُنا الْمَقِيلَ5.
ابن وهب: حدثني عَبْد اللَّه بْن عُمَر، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عمر: أن عمر حين قدم الشام، قال لأبي عبيدة: اذهب بنا إلى منزلك، قال: وما تصنع عندي؟ ما تريد إلا أن تُعصِّر عينيك علي: قال: فدخل، فلم ير شيئا، قال: أين متاعك؟ لا أرى إلا لبدا وصحفة وشنا، وأنت أمير، أعندك طعام؟ فقام أبو عبيدة إلى
__________
1 سورة آل عمران: 200.
2 سورة الحديد: 20.
3 إسناده منقطع: بين زيد بن أسلم وعمر بن الخطاب.
4 إسناده ضعيف.
5 إسناده ضعيف: بين عروة وعمر.

(3/186)


جونة، فأخذ منها كسيرات، فبكى عمر، فقال أبو عبيدة: قد قلت لك: إنك ستعصر عينيك عليَّ يا أمير المؤمنين، يكفيك ما يبلغك المقبل. قال عمر: غيرتنا الدنيا كلنا غيرك يا أبا عبيدة1.
أخرجه أبو داود في سنته من طريق ابن الأعرابي.
وهذا والله هو الزهد الخالص، لا زهد من كان فقيرا معدما.
معن بن عيسى، عن مالك: أن عمر أرسل إلى أبي عبيدة بأربعة آلاف، أو بأربعمائة دينار، وقال للرسول: انظر ما يصنع بها، قال: فقسمها أبو عبيدة، ثم أرسل إلى معاذ بمثلها، قال: فقسمها، إلا شيئا قالت له امرأته نحتاج إليه، فلما أخبر الرسول عمر، قال: الحمد لله الذي جعل في الإسلام من يصنع هذا2.
الفسوي: حدثنا أبو اليمان، عن جرير بن عثمان، عن أبي الحسن عمران ابن نمران، أن أبا عبيدة كان يسير في العسكر فيقول: ألا رُبَّ مبيض لثيابه، مدنس لدينه! ألا رب مكرم لنفسه وهو لها مهين! بادروا السيئات القديمات بالحسنات الحديثات.
وقال ثابت البناني: قال أبو عبيدة: يا أيها الناس! إني امرؤ من قريش، وما منكم من أحمر ولا أسود يفضلني بتقوى، إلا وددت أني في مسلاخه3.
معمر: عن قتادة، قال أبو عبيدة بن الجراح: وددت أني كنت كبشا، فيذبحني أهلي، فيأكلون لحمي، ويحسون مرقي4.
وقال عمران بن حصين: وددت أني رماد تسفيني الريح.
شعبة: عن قيس بن مسلم عن طارق: أن عمر كتب إلى أبي عبيدة في الطاعون: إنه قد عرضت لي حاجة، ولا غنى بي عنك فيها، فعجل إلي. فلما قرأ الكتاب، قال: عرفت حاجة أمير المؤمنين، إنه يريد أن يستبقى من ليس بباق، فكتب: إني قد عرفت حاجتك، فحللني من عزيمتك، فإني في جند من أجناد
__________
1 إسناده ضعيف: عبد الله بن عمر هو العمروي، ضعيف في "التقريب" "3489".
2 إسناده منقطع: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 220".
3 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 219، 220".
4 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 220".

(3/187)


المسلمين، لا أرغب بنفسي عنهم، فلما قرأ عمر الكتاب، بكي، فقيل له: مات أبو عبيدة؟ قال: لا. وكأن قد.
قال: فتوفي أبو عبيدة، وانكشف الطاعون.
قال أبو الموجه محمد بن عمرو المروزي: زعموا أن أبا عبيدة كان في ستةٍ وثلاثين ألفًا من الجُنْد، فلم يبق منهم إلا ستة آلاف رجل.
أخبرنا محمد بن عبد السلام، عن أبي روح، أنبأنا أبو سعد، أنبأنا ابن حمدان، أنبأنا أبو يعلى، حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء، حدثنا مهدي بن ميمون، حدثنا واصل مولى أبي عيينة، عن "ابن" أبي سيف المخزومي، عن الوليد بن عبد الرحمن، شامي فقيه، عن عياض بن عطيف، قال: دخلت على أبي عبيدة بن الجراح في مرضه، وامرأته تحيفه جالسة عند رأسه، وهو مقبل بوجهه على الجدار، فقلت: كيف بات أبو عبيدة؟ قالت: بات بأجر، فقال: إني والله ما بت بأجر! فكأن القوم ساءهم، فقال: ألا تسألوني عما قلت؟ قالوا: إنا لم يعجبنا ما قلت، فكيف نسألك؟ قال: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "من أنفق نفقة فاضلة في سبيل الله، فبسبعمائة، ومن أنفق على عياله، أو عاد مريضا، أو ماز أذى فالحسنة بعشر أمثالها، والصوم جنة ما لم يخرقها، ومن ابتلاه الله ببلاء في جسده فهو له حطة" 1.
أنبأنا جماعة قالوا: أنبأنا ابن طبرزد، أنبأنا ابن الحصين، أنبأنا ابن غيلان، أنبأنا أبو بكر الشافعي، أنبأنا عبد الله بن أحمد، حدثنا محمد بن أبان الواسطي، حدثني جرير بن حازم، حدثني بشار بن أبي سيف، حدثني الوليد بن عبد الرحمن، عن عياض بن عطيف، قال: مرض أبو عبيدة، فدخلنا عليه نعوده، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "الصيام جنة ما لم يخرقها"2.
وقد استعمل النبي -صلى الله عليه وسلم- أبا عبيدة غير مرة، منها المرة التي جاع فيها عسكره، وكانوا ثلاثمائة، فألقى لهم البحر الحوت الذي يقال له العنبر، فقال
__________
1 أخرجه أحمد "1/ 196".
2 ضعيف: أخرجه النسائي "4/ 167" في كتاب الصيام، باب: فضل الصيام، وأحمد "1/ 196" كما تقدم، وقال الألباني في "ضعيف سنن النسائي": ضعيف.

(3/188)


أبو عبيدة: ميتة، ثم قال: لا، نحن رسل رسول الله، وفي سبيل الله، فكلوا، وذكر الحديث1، وهو في "الصحيحين".
ولما تفرغ الصديق من حرب أهل الردة، وحرب مسيلمة الكذاب، جهز أمراء الأجناد لفتح الشام، فبعث أبا عبيدة، ويزيد بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص، وشرحبيل بن حسنة، فتمت وقعة أجنادين بقرب الرملة، ونصر الله المؤمنين، فجاءت البشرى، والصديق في مرض الموت، ثم كانت وقعة فحل، ووقعة مرج الصفر وكان قد سير أبو بكر خالدا لغزو العراق، ثم بعث إليه لينجد من بالشام.
فقطع المفاوز على برية السماوة، فأمر الصديق على الأمراء كلهم، وحاصروا دمشق، وتوفي أبو بكر، فبادر عمر بعزل خالد، واستعمل على الكل أبا عبيدة، فجاءه التقليد، فكتمه مدة، وكل هذا من دينه ولينه وحلمه، فكان فتح دمشق على يده، فعند ذلك أظهر التقليد، ليعقد الصلح للروم، ففتحوا له باب الجابية صلحًا، وإذا بخالد قد افتتح البلد عنوة من الباب الشرقي، فأمضى لهم أبو عبيدة الصلح.
فعن المغيرة، أن أبا عبيدة صالحهم على أنصاف كنائسهم ومنازلهم، ثم كان أبو عبيدة رأس الإسلام يوم وقعة اليرموك، التي استأصل الله فيها جيوش الروم، وقتل منهم خلق عظيم.
روى ابن المبارك في "الزهد" له، قال: أنبأنا عبد الحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشب، قال: حدثني عبد الرحمن بن غنم، عن حديث الحارث بن عميرة قال: أخذ بيدي معاذ بن جبل، فأرسله إلى أبي عبيدة، فسأله كيف هو! وقد طعنا، فأراه أبو عبيدة طعنة، خرجت في كفه، فتكاثر شأنها في نفس الحارث، وفرق منها حين رآها، فأقسم أبو عبيدة بالله، ما يحب أن له مكانها حمر العمر2.
وعن الأسود، عن عروة، إن وجع عمواس كان مُعافًى منه أبو عبيدة.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "4360" في كتاب المغازي، باب: غزوة سيف البحر، ومسلم "1935" في كتاب الصيد، باب: إباحة ميتات البحر، من حديث جابر -رضي الله عنه.
2 في إسناده نظر: شهر بن حوشب ضعيف الحفظ، وقال أحمد: لا بأس برواية عبد الحميد بن بهرام عنه.

(3/189)


وأهله، فَقَالَ: اللَّهُمَّ نصيبك في آل أبي عبيدة! قال: فخرجت بأبي عبيدة في خنصره بثرة، فجعل ينظر إليها، فقيل له: إنها ليست بشيء. فقال: أرجو أن يبارك الله فيها، فإنه إذا بارك في القليل كان كثيرا.
الوليد بن مسلم: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْر بْن أَبِي مريم، عَنْ صالح بن أبي المخارق قال: انطلق أبو عبيدة من الجابية إلى بيت المقدس للصلاة، فاستخلف على الناس معاذ بن جبل.
قال الوليد: فحدثني من سمع عروة بن رويم قال: فأدركه أجله بحل فتوفي بها بقرب بيسان.
طاعون عمواس منسوب إلى قرية عمواس، وهي بين الرملة وبين بيت المقدس، وأما الأصمعي فقال: هو من قولهم زمن الطاعون: عم وآسي.
قال أبو حفص الفلاس: توفي أبو عبيدة في سنة ثمان عشرة، وله ثمانٌ وخمسون سنة، وكان يخضب بالحناء، والكتم، وكان له عقيصتان. وقال كذلك في وفاته جماعة، وانفرد ابن عائذ، عن أبي مسهر، أنه قرأ في كتاب يزيد بن عبيدة، أن أبا عبيدة توفي سنة سبع عشرة.
7- "ع" طلحة بن عبيد "ت 36هـ" الله بن عثمان بن عَمْرو بن كَعْب بْنِ سَعْدِ بْن تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ ابن كنانة القرشي التيمي المكي، أبو محمد.
أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، له عدة أحاديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وله في "مسند بقي بن مخلد" بالمكرر ثمانية وثلاثون حديثا.
له حديثان متفق عليهما، وانفرد له البخاري بحديثين، ومسلم بثلاثة أحاديث.
حدث عنه: بنوه: يحيى، وموسى، وعيسى، والسائب بن يزيد، ومالك بن أوس بن الحدثان، وأبو عثمان النهدي، وقيس بن أبي حازم، ومالك بن أبي عامر الأصبحي، والأحنف بن قيس التميمي، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وآخرون.

(3/190)


قال أبو عبد الله بن منده: كان رجلا آدم، كثير الشعر، ليس بالجعد القطط ولا بالسَّبط، حَسَنَ الوجْه، إذا مشى أسرع، ولا يغير شعره.
وقال إبراهيم بن المنذر الحزامي، عن عبد العزيز بن عمران، حدّثني إسحاق بن يحيى، حدّثني موسى بن طلحة قَالَ: كان أبي أبيض يضرب إلى الحمرة، مربوعا، إلى القصر هو أقرب، رَحْب الصَّدْر، بعيد مَا بين المِنْكَبين، ضخم القدمين، إذا التفت التفت جميعا1.
قلت: كان ممن سبق إلى الإسلام وأوذي في الله، ثم هاجر، فاتفق أنه غاب عن وقعة بدر في تجارة له بالشام وتألم لغيبته، فضرب لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بسهمه وأجره.
قال أبو القاسم ابن عساكر الحافظ في ترجمته: كان مع عمر لما قدم الجابية، وجعله على المهاجرين، وقال غيره: كانت يده شلاء مما وقى بها رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ أحد2.
الصَّلْتُ بْنُ دِينَارٍ: عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى شَهِيدٍ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْهِ، فَلْيَنْظُرْ إِلَى طَلْحَةَ بن عبيد الله" 3.
أخبرنيه الأبرقوهي، أنبأنا ابن أبي الجود، أنبأنا ابن الطلابة، أنبأنا عبد العزيز الأنماطي، أنبأنا أبو طاهر المخلص، أخبرنا البغوي، أخبرنا داود بن رشيد، حدثنا مكي، حدثنا الصلت.
وفي جامع أبي عيسى بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ يَوْمَ أُحُدٍ: "أوْجَبَ طَلْحَةُ" 4.
__________
1 إسناده ضعيف جدا: عبد العزيز بن عمران ضعيف جدا.
2 صحيح: أخرجه البخاري "4063"، في كتاب المغازي، باب: قوله تعالى: {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا} عن قيس بن أبي حازم.
3 صحيح: أخرجه الترمذي "3760" في كتاب المناقب، باب: مناقب طلحة بن عبيد الله، وابن ماجه "125" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبو نعيم في "الحلية" "3391" وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي".
4 صحيح: أخرجه الترمذي "1698" في كتاب الجهاد، باب: ما جاء في الدرع، وفي "الشمائل" له "109"، وأحمد "1/ 165"، وأبو يعلى "670"، والحاكم "5602"، والبيهقي في "سننه" "6/ 370" وابن حبان "6979" وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي".

(3/191)


قال ابن أبي خالد عن قيس قال: رأيت يد طلحة التي وَقَى بِهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ أُحُدٍ شلاء1. أخرجه البخاري.
وأخرج النسائي من حديث يحيى بن أيوب وآخر، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عن جابر قال: لما كان يوم أحد، وولى الناس، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي ناحية اثني عشر رجلا، منهم طلحة، فأدركهم المشركون، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ للقوم"؟ قال طلحة: أنا، قال: "كما أنت". فقال رجل: أنا. قال: "أنت"، فقاتل حتى قتل، ثم "التفت" فإذا المشركون، فقال: "من لهم"؟ قال طلحة: أنا. قال: "كما أنت"، فقال رجل من الأنصار: أنا، قال: "أنت". فقاتل حتى قتل، فلم يزل كذلك حتى بقي مع نبي الله طلحة، فقال: "من للقوم"؟ قال طلحة: أنا، فقاتل طلحة، قتال الأحد عشر، حتى قطعت أصابعه، فقال: حسن، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لو قلت: باسم الله لرفعتك الملائكة، والناس ينظرون" ثم رد الله المشركين2. رواته ثقات.
أخبرنا أبو المعالي بن أبي عصرون الشافعي، أنبأنا عبد المعز بن محمد، في كتابه، أنبأنا تميم بن أبي سعيد، أنبأنا محمد بن عبد الرحمن، أنبأنا محمد بن أحمد، أنبأنا أحمد بن علي التميمي، حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي، وعبد الأعلى، قالا: حدثنا المعتمر، سمعت أبي، حدثنا أبو عُثْمَانَ قَالَ: لَمْ يَبْقَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي تلك الأيام التي كان يقاتل بها رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غير طلحة وسعد عن حديثهما3 أخرجه الشيخان عن المقدمي.
__________
1 صحيح: وقد تقدم.
2 أخرجه النسائي "6/ 29-30" في كتاب الجهاد، باب: ما يقول من يطعنه العدو، والبيهقي في "الدلائل" "3/ 236" وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "7/ 417": إسناده جيد. وقال الألباني في "ضعيف سنن النسائي": حسن من قوله "فقطعت أصابعه ... "، وما قبله يحتمل التحسين، وهو على شرط مسلم. ا. هـ.
قلت: أبو الزبير مدلس، وقد عنعنه، واحتج به مسلم مع عنعنته.
3 صحيح: أخرجه البخاري "3722، 3723" في كتاب فضائل الصحابة، باب: ذكر طلحة بن عبيد الله، ومسلم "2414" في كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل طلحة والزبير -رضي الله عنهما.

(3/192)


وبه إلى التميمي: حدثنا أبو كريب، حدثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى، عن موسى وعيسى ابني طلحة، عن أبيهما إنّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالوا لأعرابي جاء يسأله عمن قضى نحبه: من هو، وكانوا لا يجترئون على مسألته -صلى الله عليه وسلم- يوقرونه ويهابونه، فسأله الأعرابي، فأعرض عنه، ثم سأله، فأعرض عنه، ثم إني طلعت من باب المسجد -على ثياب خضر- فلما رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أين السائل عمن قضى نحبه"؟ قال الأعرابي: أنا. ثم قال: "هذا ممن قضى نحبه" 1.
وأخرجه الطيالسي في مسنده من حديث معاوية، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "طلحة ممن قضى نحبه" 2.
وفي "صحيح مُسْلِمٍ" مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ عَلَى حِرَاءٍ هُوَ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ، فَتَحَرَّكَتِ الصَّخْرَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: "اهْدَأْ! فَمَا عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ صِدِّيقٌ أَوْ شهيد" 3.
سويد بن سعيد: حدثنا صالح بن موسى، عن معاوية بن إسحاق، عن عائشة بنت طلحة، عَنْ عَائِشَةُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من سره أن ينظر إلى رجل يمشي على الأرض قد قضى نحبه، فلينظر إلى طلحة"4.
قال الترمذي: حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا أبو عبد الرحمن نضر بن منصور، حدثنا عقبة بن علقمة اليشكري، سمعت عليًّا يوم الجمل يقول: سمعت من في رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ جَارَايَ فِي الْجَنَّةِ"5.
__________
1 صحيح: أخرجه الترمذي "3763" في كتاب المناقب، باب: مناقب طلحة بن عبيد الله، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي".
2 صحيح: أخرجه الترمذي "3761" في المصدر السابق، وابن ماجه "127" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي".
3 صحيح: أخرجه مسلم "2417" في كتاب فضائل الصحابة، باب: فضائل طلحة والزبير -رضي الله عنهما- والترمذي "3716" في كتاب المناقب، باب: مناقب عثمان بن عفان.
4 إسناده ضعيف: صالح بن موسى وسويد بن سعيد كلاهما ضعيف، وقد تقدم بلفظ "من سره أن ينظر إلى شهيد يمشي على الأرض....".
5 ضعيف: أخرجه الترمذي "3762" في كتاب المناقب، باب: مناقب طلحة بن عبيد الله، وقال الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" "782": ضعيف.

(3/193)


وهكذا رواه ابن زيدان البجلي، وأبو بكر الجارودي، عن الأشج، وشذ أبو يعلى الموصلي، فقال عن نصر، عن أبيه، عن عقبة.
دحيم: حدثنا محمد بن طلحة، عن موسى بن محمد، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ قَالَ: ابْتَاعَ طَلْحَةُ بِئْرًا بِنَاحِيَةِ الْجَبَلِ، وَنَحَرَ جَزُورًا، فَأَطْعَمَ النَّاسَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنْتَ طلحة الفياض" 1.
سليمان بن أيوب بن عيسى بن موسى بن طلحة: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، عَنْ مُوسَى بْنِ طلحة، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ، سماه النبي صلى الله عليه وسلم- طلحة الخبر. وفي غزوة ذي العشيرة، طلحة الفياض. ويوم خيبر، طلحة الجود2.
إسناد لين.
قال مجالد، عن الشعبي، عن قبيصة بن جابر قال: صَحِبْتُ طَلْحَةَ، فَمَا رَأَيْتُ أَعْطَى لِجَزِيلِ مَالٍ من غير مسألة منه3.
أبو إسماعيل الترمذي: حدثنا سُلَيْمَانُ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ عِيسَى بن موسى، حدثني أبي، عن جدي، عن موسى، عن أبيه، أنه أَتَاهُ مَالٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ سَبْعُمِائَةِ أَلْفٍ، فَبَاتَ لَيْلَتَهُ يَتَمَلْمَلُ. فَقَالَتْ لَهُ زَوْجَتُهُ. مَا لَكَ؟ قال: تفكرت منذ الليلة، فَقُلْتُ: مَا ظَنُّ رُجلٍ بِرَبِّهِ يَبِيتُ وَهَذَا المال في بيته؟ قالت: فأين أنت من بعض أخلائك فإذا أصبحت، فادع بجفان وقصاع فقسمه. فقال لها: رحمك الله، إنك موفقة بنت موفق، وهي أم كلثوم بنت الصديق، فلما أصبح، دعا بجفان، فَقَسَّمَهَا بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، فَبَعَثَ إِلَى عَلِيٍّ منها بجفنة، فقالت له زوجته: أبا محمد! أما كان لنا في هذا المال من نصيب؟ قال: فأين كنت منذ اليوم؟ فشأنك بما بقي. قالت: فكانت صرة فيها نحو ألف درهم4.
أخبرنا المسلم بن علان، وجماعة، كتابة، قالوا: أنبأنا عمر بن محمد،
__________
1 أخرجه الطبراني في "الكبير" "6224"، والحاكم "4/ 5604".
2 إسناده ضعيف: أخرجه الحاكم "5605"، وسليمان بن أيوب ضعيف كما في "الميزان" "3428" وقد ذكر فيه هذا الحديث من مناكيره.
3 إسناده ضعيف: مجالد ضعيف كما تقدم، والأثر أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 117".
4 إسناده ضعيف: سليمان بن أيوب ضعيف كما تقدم.

(3/194)


أنبأنا هبة الله بن الحصين، أنبأنا بن غيلان، أنبأنا أبو بكر الشافعي، حدثنا إبراهيم الحربي، حدثنا عبد الله بن عمر، حدثنا محمد بن يعلي، حدثنا الْحَسَنُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ قال: جاء أعرابي إلى طلحة يسأله، فتقرب إليه برحم فقال: إن هذه لَرَحِمٌ مَا سَأَلَنِي بِهَا أَحَدٌ قَبْلَكَ، إِنَّ لِي أَرْضًا قَدْ أَعْطَانِي بِهَا عُثْمَانُ ثَلاثَمِائَةِ ألف، فاقبضها، وإن شئت بعتُها عن عثمان، ودفعت إليك الثمن، فقال: الثمن. فأعطاه1.
الكديمي: حدثنا الأصمعي، حدثنا ابن عمران قاضي المدينة، أن طلحة فدى عشرة من أسارى بدر بماله، وسئل مرة برحم، فقال: قد بعت لي حائطا بسبعمائة ألف، وأنا فيه بالخيار، فإن شئت، خذه، وإن شئت، ثمنه. إسناده منقطع مع ضعف الكديمي2.
قال ابن سعد: أنبأنا سعيد بن منصور، حدثنا صالح بن موسى، عن معاوية ابن إسحاق، عن عائشة وأم إسحاق بنتي طلحة قالتا: جُرِحَ أبونا يوم أُحُد أربعًا وعشرين جراحة، وقع منها في رأسه شجعه مربعة، وقطع نساه -يعني العرق- وشلت أصبعه، وكان سائر الجراح في جسده، وغلبه الغشي، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- مكسورة رباعيته، مشجوج في وجهه، قد علاه الغشي، وطلحة محتمله، يرجع به القهقري، وكلما أدركه أحد من المشركين، قاتل دونه، حتى أسنده إلى الشعب.
ابن عيينة، عن طلحة بن يحيى، حدثتني جدتي سعدي بنت عوف المرية قالت: دخلت على طلحة يوما وهو خاثر فقلت: ما لك؟ لعل رابك من أهلك شيء؟ قال: لا والله، ونعم حليلة المسلم أنت، ولكن مال عندي قد غمني: فقلت: ما يغمك؟ عليك بقومك، قال: يا غلام! ادع لي قومي. فقسمه فيهم، فسألت الخازن: كم أعطى؟ قال: أربعمائة ألف.
هشام وعوف: عن الحسن البصري أن طلحة بن عبيد الله باع أرضا له بسبعمائة ألف. فبات أرقا من مخافة ذلك المال، حتى أصبح ففرقه.
محمد بن سعد: حدثنا محمد بن عمر، حدثنا موسى بن محمد بن إبراهيم
__________
1 إسناده ضعيف: علي بن زيد ضعيف الحفظ.
2 هو متروك كما في "الميزان" "8353".

(3/195)


التيمي، عن أبيه قال: كان طلحة يغل بالعراق أربعمائة ألف، ويغل بالسراة عشرة آلاف دينار أو "أقل أو" أكثر، و"بالأعراض له غلات" وكان لا يدع أحدا من بني تيم عائلا إلا كفاه، وقضى دينه، ولقد كان يرسل إلى عائشة "إذا جاءت غلته" كل سنة بعشرة آلاف، ولقد قضى عن فلان التيمي ثلاثين ألفا1.
قال الزبير بن بكار: حدثني عثمان بن عبد الرحمن أن طلحة بن عبيد الله قضى عن عبيد الله بن معمر، وعبد الله بن عامر بن كريز ثمانين ألف درهم.
قال الحميدي: حدثنا ابن عيينة، حدثنا عمرو بن دينار، أخبرني مولى لطلحة قال: كانت غلة طلحة كل يوم ألف واف2.
قال الواقدي: حدثنا إسحاق بن يحيى، عن موسى بن طلحة أنّ معاوية سأله: كم ترك أَبُو محمد من العين، قال: ترك ألفي ألف درهم ومائتي ألف درهم، ومن الذهب مائتي ألف دينار، فقال معاوية، عاش حميدا سخيا شريفا، وقتل فقيدا3 -رحمه الله4.
وأنشد الرياشي لرجل من قريش:
أيا سائلي عن خيار العباد ... صادفت ذا العلم والخبره
خيار العباد جميعا قريش ... وخير قريش ذوو الهجره
وخير ذوي الهجرة السابقون ... ثمانية وحدهم نصره
علي وعثمان ثم الزبير ... وطلحة واثنان من زهره
وبران قد جاورا أحمدا ... وجاور قبرهما قبره
فمن كان بعدهم فاخرا ... فلا يذكرن بعدهم فخره
يحين بن معين: حدثنا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مصعب، أخبرني موسى بن عقبة، سمعت علقمة بن وقاص الليثي قال: لما خرج طلحة والزبير وعائشة للطلب بدم عثمان، عرجوا عن منصرفهم بذات عرق، فاستصغروا عروة
__________
1 إسناده ضعيف جدا، أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 118".
2 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 117" عن ابن عيينة.
3 في المصدر الآتي "فقيرا".
4 إسناده ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 118".

(3/196)


بن الزبير، وأبا بكر بن عبد الرحمن فردوهما، قال: ورأيت طلحة، وأحب المجالس إليه أخلاها، وهو ضارب بلحيته على زوره، فقلت: يا أبا محمد! إني أراك وأحب المجالس إليك أخلاها، إن كنت تكره هذا الأمر، فدعه، فقال: يا علقمة! لا تلمني، كنا أمس يدا واحدة على من سوانا، فأصبحنا اليوم جَبَلَيْن من حديد، يزحف أحدنا إلى صاحبه، ولكنه كان مني شيء في أمر عثمان، مما لا أرى كفارته إلا سفك دمي، وطلب دمه.
قلت: الذي كان منه في حق عثمان تمغفل وتأليب، فعله باجتهاد، ثم تغير عندما شاهد مصرع عثمان، فندم على ترك نصرته -رضي الله عنهما، وكان طلحة أول من بايع عليًّا، أرهقه قتله عثمان، وأحضروه حتى بايع.
قال البخاري: حدثنا موسى بن أعين، حدثنا أبو عوانة، عن حصين في حديث عمرو بن جاوان، قال: التقى القوم يوم الجمل، فقام كعب بن سور معه المصحف، فنشره بين الفريقين، وناشدهم الله والإسلام في دمائهم، فما زال حتّى قتل. وكان طلحة من أول قتيل. وذهب الزبير ليلحق ببنيه، فقتل.
يحيى القطان: عن عوف، حدثني أبو رجاء قال: رأيت طلحة على دابته وهو يقول: أيها الناس أنصتوا، فجعلوا يركبونه ولا ينصتون، فقال: أف! فراش النار، وذباب طمع.
قال ابن سعد: أخبرني من سمع إسماعيل بن أبي خالد، عن حكيم بن جابر قال: قال طلحة: إنا داهنا في أمر عثمان، فلا نجد اليوم أمثل من أن نبذل دماءنا فيه، اللَّهُمَّ خذ لعثمان منّي اليوم حتّى ترضى1.
وكيع: حدثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ قَالَ: رأيت مَروان بن الحكم حين رمى طلحة يومئذٍ بسهمٍ، فوقع في رُكبته، فما زال ينسح حتى مات.
رواه جماعة عنه، ولفظ عبد الحميد بن صالح عنه: هذا أعان على عثمان ولا أطلب بثأري بعد اليوم.
قلت: قاتل طلحة في الوزر، بمنزلة قاتل علي.
__________
1 إسناده ضعيف: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 118-119".

(3/197)


قال خليفة بن خياط: حدثنا من سمع جويرية بن أسماء، عن يحيى بن سعيد، عن عمه، أن مروان رمى طلحة بسهم، فقتله، ثم التفت إلى أبان فقال: قد كفيناك بعض قتلة أبيك.
هشيم: عن مُجالد، عن الشَّعْبيَّ قَالَ: رأى عليّ طلحة في واد ملقى، فنزل، فمسح التراب عن وجهه، وقال: عزيز على أبا محمد بأن أراك مجدلا في الأودية تحت نجوم السماء، إلى الله أشكو عُجَري وبُجَري. قَالَ الأصمعيّ: معناه: سرائري وأحزاني التي تموج في جَوْفي1.
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ: عَنْ لَيْثٍ، عَنْ طلحة بن مُصَرِّف إنّ عليًّا انتهى إلى طلحة وقد مات، فنزل عن دابته وأجلسه، ومسح الغُبار عن وجهه ولحيته، وهو يترحم عليه، وقال: ليتني متُّ قبل هذا اليوم بعشرين سنة. مرسل2.
وروى زيد بن أبي أنيسة، عن محمد بن عبد الله من الأنصار، عن أبيه أَنَّ عَلِيًّا قَالَ: بَشِّرُوا قَاتِلَ طَلْحَةَ بِالنَّارِ.
أخبرنا ابن أبي عصرون، عن أبي روح، أنبأنا تميم، حدثنا أبو سعد، أنبأنا ابن حمدان، أنبأنا أبو يعلى، حدثنا عمرو الناقد، حدثنا الخضر بن محمد الحراني، حدثنا محمد بن سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم التميمي. عن مالك بن أبي عامر، قال: جاء رجل إلى طلحة فقال: أرأيتك هذا اليماني هو أعلم بحديث رسول الله منكم -يعني أبا هريرة- نسمع منه أشياء لا نسمعها منكم قال: أما إن قد سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ما لم نسمع، فلا أشك، وسأخبرك: إنا كنا أهل بيوت، وكنا إنما نأتي رسول الله غدوة وعشية، وكان مسكينا لا مال له، إنما هو على باب رسول الله، فلا أشك أنه قد سمع ما لم نسمع، وهل تجد أَحَدًا فِيهِ خَيْرٌ يَقُولُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا لَمْ يَقُلْ؟ 3.
وروى مجالد، عن الشعبي، عن جابر أنه سمع عمر يقول لطلحة: ما لي أراك شعثت واغبررت مذ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ لعله أن ما بك إمارة ابن عمك، يعني أبا بكر، قال: معاذ الله، إني سمعته يقول: "إني لأعلم كلمة لا
__________
1 إسناده ضعيف: من أجل مجالد.
2 قلت: وليث ضعيف الحفظ.
3 إسناده ضعيف: أخرجه الترمذي "3863" في كتاب المناقب، باب: مناقب أبي هريرة -رضي الله عنه- وقال الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" "803": ضعيف الإسناد.

(3/198)


يقولها رجل يحضره الموت، إلا وجد روحه لها روحا حين تخرج من جسده، وكانت له نورا يوم القيامة" فلم أسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عنها، ولم يخبرني بها فذاك الذي دخلني. قال عمر: فأنا أعلمها. قال: فلله الحمد، فما هي؟ قال: الكلمة التي قالها لعمه، قال: صدقت1.
أَبُو مُعَاوِيَةَ وَغَيْرُهُ: حَدَّثَنَا أَبُو مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ، عن أبي حبيبة، مولى لطلحة، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَلِيٍّ مَعَ عِمْرَانَ بْنِ طلحة بعد وقعة الجمل، فرحب به وأدناه، ثم قال: إني لأرجو أن يجعلني الله وَأَبَاكَ مِمَّنْ قَالَ فِيهِمْ: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} 2. فقال رجلان جالسان، أحدهما الحارث الأعور: الله أعدل من ذلك أن يقبلهم ويكونوا إخواننا في الجنة، قال: قُومَا أَبْعَدَ أَرْضٍ وَأَسْحَقَهَا. فَمَنْ هُوَ إِذَا لم أكن أنا وطلحة! يا ابن أَخِي: إِذَا كَانَتْ لَكَ حَاجَةٌ، فَأْتِنَا.
وعن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لقد رأيتني يوم أحد، وما قُربي أحد غير جبريل عن يميني، وطلحة عن يساري"3، فقيل في ذلك:
وطلحة يوم الشعب آسى محمدا ... لدى ساعة ضاقت عليه وسدت
وقاه بكفيه الرماح فقطعت ... أصابعه تحت الرماح فشلت
وكان إمام الناس بعد محمد ... أقر رحا الإسلام حتى استقرت
وعن طلحة قال: عقرت يوم أحد في جميع جسدي حتى في ذكري.
قال ابن سعد: حدثنا بن عمر، حدثني إسحاق بن يحيى، عن جدته سُعدى، بنت عوف، قالت: قتل طلحة وفي يد خازنه ألف ألف دِرْهِم ومائتا ألف دِرْهم، وَقُوِّمَتْ أصولُه وعقاره ثلاثين ألف ألف درهم4.
__________
1 صحيح بنحوه: أخرجه ابن ماجه "3795" في كتاب الأدب، باب: فضل لا إله إلا الله، وأحمد، "1/ 161" وقال الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" "3062": صحيح.
2 سورة الحجر: 47.
3 إسناده ضعيف جدا: يأتي في ترجمة أبي دجانة "44".
4 إسناده ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 118".

(3/199)


أعجب ما مر بي قول ابن الجوزي في كلام له على حديث قال: وقد خلف طلحة ثلاثمائة حمل من الذهب.
وروى سعيد بن عامر الضبعي، عن المثني بن سعيد قال: أتى رجل عائشة بنت طلحة فقال: رأيت طلحة في المنام، فقال: قل لعائشة تحولني من هذا المكان! فإن النز قد آذاني. فركبت في حشمها، فضربوا عليه بناء واستثاروه. قال: فلم يتغير منه إلا شعيرات في إحدى شقي لحيته، أو قال رأسه، وكان بينهما بضع وثلاثون سنة وحكى المسعودي أن عائشة بنته هي التي رأت المنام.
وكان قتله في سنة ست وثلاثين في جمادى الآخرة، وقيل في رجب، وهو ابن اثنتين وستين سنة أو نحوها، وقبره بظاهر البصرة.
قال يحيى بن بكير، وخليفة بن خياط، وأبو نصر الكلاباذي: إن الذي قتل طلحة، مروان بن الحكم.
ولطلحة أولاد نجباء، أفضلهم محمد السجاد. كان شابا، خيرا، عابدا، قانتا لله.
وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- قتل يوم الجمل أيضا، فحزن عليه علي، وقال: صرعه بره بأبيه.
8- "ع" الزبير بن العوام "ت 36هـ" بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصيّ بْنُ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لؤي بن غالب.
حواريّ رسول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- وابن عمته صفية بنت عبد المطلب، وأحدُ العشرة المشهود لهم بالجنّة، وأحد السّتّة أهل الشورى، وأول من سل سيفه في سبيل الله، أبو عبد الله -رضي الله عنه- أسلم وهو حدث، له ست عشرة سنة.
وروى الليث، عن أبي الأسود، عن عروة قال: أسلم الزبير، "وهو" ابن ثمان سِنِينَ، وَنَفَحَتْ نَفْحَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ أَنَّ رَسُولَ الله أُخِذَ بِأَعْلَى مَكَّةَ، فَخَرَجَ الزُّبَيْرُ وَهُوَ غُلامٌ، ابن اثنتي عشرة سنة، بيده السَّيْفُ، فَمَنْ رَآهُ عَجِبَ، وَقَالَ:

(3/200)


الغلام معه السيف، حَتَّى أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "مَا لك يا زبير"؟ فأخبره وقال: أتيت أضرب بسيفي من أخذك1.
وقد ورد أن الزبير كان رجلا طويلا، إذا كرب خطت رجلاه الأرض، وكان خفيف اللحية والعارضين.
روى أحاديث يسيرة.
حدث عنه بنوه: عبد الله، ومصعب، وعروة، وجعفر، ومالك بن أوس بن الحدثان، والأحنف بن قيس، وعبد الله بن عامر بن كريز، ومسلم بن جندب، وأبو حكيم مولاه، وآخرون.
اتفقا له على حديثين، وانفرد له البخاري بأربعة أحاديث، ومسلم بحديث.
أخبرنا المسلم بن محمد وجماعة، إذنا، قالوا: أنبأنا حنبل، أنبأنا ابن الحصين، حدثنا ابن المذهب، أنبأنا أبو بكر القطيعي حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي "ح" وأنبأنا محمد بن عبد السلام، أنبأنا عبد المعز بن محمد، أنبأنا تميم، أنبأنا أبو سعد الطبيب، أنبأنا أبو عمرو الحيري، أنبأنا أبو يعلى، حدثنا زهير، قالا: حدثنا عبد الرحمن، حدثنا شعبة، عن جامع بن شداد عن عامر -ولفظ أبي يعلى: سَمِعْتُ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عن أبيه- قال: قلت لأبي: ما لك لا تحدث عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كما يحدث عنه فلان، وفلان؟ قال: ما فارقته منذ أسلمت، ولكن سمعت منه كلمة، سمعته يَقُولُ: "مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النار" 2، لم يقل أبو يعلى متعمدا.
أخبرنا أبو سعيد سنقر بن عبد الله الحلبي، أنبأنا عبد اللطيف بن يوسف، أنبأنا عبد الحق اليوسفي، أنبأنا علي بن محمد، أنبأنا علي بن أحمد المقرئ، حدثنا عبد الباقي بن قانع، حدثنا أحمد بن علي بن مسلم، حدثنا أبو الوليد "ح" وحدثنا بشر، حدثنا عمرو بن حكام، قالا: حدثنا شعبة، عن جامع بن شداد، عن عامر بن عبد الله، عن أبيه، قال: قلت لأبي: ما لك لا تحدث عن
__________
1 مرسل: أخرجه الحاكم "5551" من طريق ابن لهيعة عن أبي الأسود به.
2 صحيح: أخرجه البخاري "107" في كتاب العلم، باب: إثم من كذب على النبي -صلى الله عليه وسلم.

(3/201)


رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَمَا يحدث ابن مسعود؟ قال: أما إني لم أفارقه منذ أسلمت، ولكن سمعته يقول: "من كذب علي عامدا متعمدا، فليتبوأ مقعده من النار" 1.
رواه خالد بن عبد الله الطحان، عَنْ بَيَانِ بْنِ بِشْرٍ، عَنْ وَبَرَةَ، عَنْ عامر بن عبد الله نحوه. أخرج طريق شعبة البخاري، وأبو داود، والنسائي، والقزويني.
قال إسحاق بن يحيى: عن موسى بن طلحة قال: كان علي، والزبير، وطلحة، وسعد، عذار عام واحد، يعني ولدوا في سنة.
وقال المدائني: كان طلحة، والزبير، وعلي، أترابا.
وقال يتيم عروة: هاجر الزبير وهو ابن ثمان عشرة سنة، وكان عمه يعلقه ويدخن عليه وهو يقول: لا أرجع إلى الكفر أبدا.
وقال عروة: جاء الزبير بسيفه، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا لك"؟ قال: أخبرت أنك أخذت، قال: "فكنت صانعا ماذا"؟ قال: كنت أضرب به من أخذك. فدعا له ولسيفه2.
وروى هشام عن أبيه عروة، أن الزبير كان طويلا تخط رجلاه الأرض إذا ركب الدابة، أشعر، وكانت أمه صفية تضربه ضربا شديدا وهو يتيم، فقيل لها: قتلته، أهلكته، قالت:
إنما أضربه لكي يدب ... ويجر الجيش ذا الجلب
قال: وكسر يد غلام ذات يوم، فجيء بالغلام إلى صفية، فقيل لها ذلك، فقالت:
كيف وجدت وبرا
...
أأقطا أم تمرا
أم مشمعلا صقرا
قال ابن إسحاق: وأسلم على ما بلغني على يد أبي بكر: الزبير، عثمان، وطلحة، وعبد الرحمن، وسعد.
__________
1 صحيح: انظر التخريج السابق.
2 مرسل: وقد تقدم.

(3/202)


وعن عمر بن مصعب بن الزبير قال: قاتل الزبير مع نبي الله، وله سبع عشرة.
أسد بن موسى، حدثنا جامع أبو سلمة، عن إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ الْبَهِيِّ قَالَ: كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فارسان: الزبير على فرس على الميمنة، والمقداد بن الأسود على فرس على الميسرة1.
وقال هشام بن عروة، عن أبيه، قال: كانت عَلَى الزُّبَيْرِ يَوْمَ بَدْرٍ عِمَامَةٌ صَفْرَاءُ، فَنَزَلَ جبريل على سيماء الزبير2.
الزبير بن بكار: عن عقبة بن مكرم، حدثنا مصعب بن سلام، عن سعد بن طريف، عن أبي جعفر الباقر، قال: كانت على الزبير يوم بدر عمامة صفراء، فنزلت الملائكة كذلك3.
وفيه يقول عامر بْن صالح بْن عَبْد الله بْن الزُّبَيْر:
جَدِّي ابنُ عَمِّهِ أحمدٍ ووزِيرُه ... عند البَلاء وفارِسُ الشَّقْراءِ
وغداة بدْرٍ كان أوّلَ فارسٍ ... شهِدَ الْوَغَى في الّلأمَةِ الصَّفْراء
نَزَلَتْ بسِيماه الْمَلَائِكُ نُصْرَةً ... بالحوض يوم تألب الأعداء
وهو ممن هاجر إلى الحبشة فيما نقله موسى بن عقبة، وابن إسحاق ولم يطول الإقامة بها.
أبو معاوية، عن هشام "بن عروة" عن أبيه، قالت عائشة: يابن أختي! كان أبواك -تَعْنِي الزُّبَيْرَ وَأَبَا بَكْرٍ- مِنَ {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ} 4.
لَمَّا انْصَرَفَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ أُحُدٍ، وَأَصَابَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابَهُ مَا أَصَابَهُمْ، خَافَ أَنْ يَرْجِعُوا، فَقَالَ: مَنْ يَنْتَدِبُ لِهَؤُلَاءِ في آثارهم، حتى يعلموا أن
__________
1 مرسل.
2 مرسل.
3 مرسل.
4 سورة آل عمران: 172.

(3/203)


بنا قوة، فانتدب أبو بكر والزبير في سبعين، فخرجوا في آثار المشركين، فسمعوا بهم، فانصرفوا1، قال تعالى: {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} الآية2 "أي" لم يلقوا عدوا.
وقال البخاري، ومسلم. "عَنْ" جَابِرٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم الخندق: مَنْ يَأْتِينَا بِخَبَرِ بَنِي قُرَيْظَةَ؟ فَقَالَ الزُّبَيْرُ: أَنَا، فَذَهَبَ عَلَى فَرَسٍ، فَجَاءَ بِخَبَرِهِمْ، ثُمَّ قال الثانية، فقال الزبير: أنا، فذهب، ثم الثالثة، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم: "لكل نبي حواري، وحواري الزبير" 3. رواه جماعة عن ابن المنكدر عنه.
وروى جماعة، عن هشام عن أبيه، عن ابن الزبير قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "إن لكل نبي حواريا، وإن حواري الزبير" 4.
أبو معاوية: عن هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الزبير ابن عمتي، وحواري من أمتي"5.
يونس بن بكير: عن هشام عن أبيه عن الزبير قال: أخذ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِيَدِي فقال: "لكل نبي حواري وحواري الزبير وابن عمتي" 6.
وبإسنادي في المسند إلى أحمد بن حنبل، حدثنا معاوية بن عمرو، حدثنا زائدة، عن عاصم، عن زر قال: اسْتَأْذَنَ ابْنُ جُرْمُوزٍ عَلَى عَلِيّ وَأَنَا عِنْدَهُ، فقال علي: بَشِّرْ قَاتِلَ ابْن صَفيَّةَ بِالنَّارِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "لِكُلِّ نبي حواري وحواري الزبير" 7. تابعه شيبان، وحماد بن سلمة.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "4077" في كتاب المغازي، باب: قوله تعالى: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} ، ومسلم "2418" في كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل طلحة والزبير -رضي الله عنهما- وابن ماجه "124" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والبيهقي في "الدلائل" "3/ 312، 313".
2 سورة آل عمران: 174.
3 صحيح: أخرجه البخاري "3719" في كتاب فضائل الصحابة، باب: مناقب الزبير بن العوام، ومسلم "2415" في المصدر السابق، والترمذي "3766" في كتاب المناقب، باب: مناقب الزبير بن العوام، وابن ماجه "122" في المصدر السابق.
4 انظر السابق.
5 أخرجه بنحوه ابن سعد في "الطبقات "2/ 56" عن عروة مرسلا.
6 انظر ما تقدم.
7 أخرجه أحمد "1/ 103".

(3/204)


وروي جرير الضبي، عن مغيرة، عن أم موسى قالت: استأذن قاتل الزبير، فذكره.
وروى يزيد بن أبي حبيب، عن مرثد اليزني أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "وحواري من الرجال الزبير، ومن النساء عائشة"1.
ابن أبي عروبة: عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أنه سمع رجلا يقول: يا ابن حواري رسول الله! فقال ابن عمر: إن كنت من آل الزبير، وإلا فلا.
رواه ثقتان عنه، والحواري: الناصر.
وَقَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: الْحَوَارِيُّ: الْخَالِصُ مِنْ كُلِّ شيء. وقال الكلبي: الحواري: الخليل.
هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ: عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جَمَعَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أبويه2.
أخبرنا ابن أبي عصرون، أنبأنا أبو روح، أنبانا تميم المقرئ، أنبأنا أبو سعد الأديب، أنبأنا أبو عمرو الحيري، أنبأنا أبو يعلى الموصلي، حدثنا حوثرة بن أشرس، حدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عن أبيه، أن ابن الزبير قال له: يا أبة! قد رأيتك تحمل على فرسك الأشقر يوم الخندق، قال: يا بني، رأيتني؟ قال: نعم، قال: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يومئذ ليجمع لأبيك أبويه، يقول: "ارم فداك أبي وأمي" 3.
أحمد في "مسنده": حدثنا أبو أسامة، حدثنا هشام، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير قال: لما كان يوم الخندق، كنت أنا وعمر بن أبي سلمة في
__________
1 ضعيف: عزاه الألباني في "ضعيف الجامع" "2745" للزبير بن بكار وابن عساكر وقال: ضعيف.
2 صحيح: أخرجه البخاري "3720" في كتاب فضائل الصحابة، باب: مناقب الزبير بن العوام، ومسلم "2416" في كتاب فضائل الصحابة، باب: فضائل طلحة والزبير -رضي الله عنهما- والترمذي "3764" في كتاب المناقب، باب: مناقب الزبير بن العوام، وابن ماجه "123" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأحمد "1/ 164، 166".
3 أخرجه أحمد "1/ 164" وأصله عند البخاري "3720" في المصدر السابق.

(3/205)


الأطم الذي فيه نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- أطم حسان، فكان عمر يرفعني وأرفعه، فإذا رفعني، عرفت أبي حين يمر إلى بني قريظة، فيقاتلهم.
الرياشي: حدثنا الأصمعي، حدثنا ابن أبي الزناد قال: ضرب الزُّبَيْر يوم الخَنْدَق عثمانَ بنَ عبد الله بن المغيرة بالسيف على مغفره، فقطعه إلى القُرْبُوس، فقالوا: مَا أجْوَدَ سيفك! فغضب الزبير، يريد أن العمل ليده لا للسيف.
أبو خيثمة: حدثنا محمد بن الحسن المديني، حدثني أم عزوة بنت جعفر، عن أختها عائشة، عن أبيها عن جدها الزبير أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أعطاه يوم فتح مكة لواء سعد بن عبادة، فدخل الزبير مكة بلواءين.
وعن أسماء قالت: عندي للزبير ساعدان من ديباج، كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أعطاهما إياه، فقاتل فيهما1.
رواه أحمد في "مسنده" من طريق ابن لهيعة.
علي بن حرب: حدثنا ابن وهب، عن ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عن أبيه، أعطى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الزُّبَيْرُ يلمق حرير محشو بالقز، يقاتل فيه.
وروى يحيى بن يحيى الغساني، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ الزبير: ما تخلفت عن غزوة غزاها المسلمون إلا أن أقبل فألقى ناسا يعقبون.
وعن الثوري قالا: هؤلاء الثلاثة نجدة الصحابة: حمزة، وعلي، والزبير.
حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، أخبرني من رأي الزبير وفي صدره أمثال العيون من الطعن والرمي.
معمر، عن هشام عن عروة قال: كان في الزُّبَيْر ثلاث ضربات بالسيف: إحداهُنَّ في عاتقه، إنْ كنت لأدْخِلُ أصابعي فيها، ضُرِبَ ثِنْتَيْنِ يوم بدْر، وواحدة يوم اليَرْمُوك2.
__________
1 أخرجه أحمد "6/ 352".
2 أخرجه البخاري "3721" في المصدر السابق، وفيه أن الضربتين في وقعة اليرموك وأما في يوم بدر فضربة واحدة، ويأتي لفظه.

(3/206)


قال عروة: قال عبد الملك بن مروان، حين قتل ابن الزبير: يا عروة! هل تعرف سيف الزبير؟ قلت: نعم، قال: فما فيه؟ قلت: فلة فلها يوم بدر، فاستله فرآها فيه، فقال:
بهن فلول من قراع الكتائب
ثم أغمده ورده عليَّ، فأقمناه بيننا بثلاثة آلاف، فأخذه بعضنا، ولوددت أني كنت أخذته.
يحيى بن سعيد الأنصاري: عَنْ سُهَيْلٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ عَلَى حراء، فتحرك. فقال: "اسْكُنْ حِرَاءُ! فَمَا عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ، أَوْ صِدِّيقٌ، أَوْ شهيد"، وكان عليه أبو بكر، وعمر، وعثمان، وطلحة، والزبير1.
الحديث رواه معاوية بن عبد الرحمن بن جبير، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعا، وذكر فيهم عليًّا.
وقد مر في تراجم الراشدين أن العشرة في الجنة، ومر في ترجمة طلحة عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "طلحة والزبير جاراي في الجنة"2.
أبو جعفر الرازي: عن حصين، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: إنهم يقولون: استخلف علينا، فإن حدث بي حدث، فالأمر في هؤلاء الستة الذين فارقهم رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ عنهم راض، ثم سماهم.
أحمد في "مسنده": حدثنا زكريا بن عدي، حدثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْهَرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن مروان، ولا إخاله متهما علينا، قال: أصاب عثمان رعاف سنة الرعاف، حتى تخلف عن الحج وأوصى، فدخل عليه رجل من قريش، فقال: استخلف، قال: وقالوه؟ قال: نعم. قال: من هو؟ فسكت، قال: ثم دخل عليه رجل آخر، فقال له مثل ذلك، ورد عليه نحو ذلك. قال: فقال عثمان: قالوا الزبير؟ قال: نعم. قال: أما والذي نفسي بيده، إن كان لخيرهم ما علمت، وأحبهم إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ3.
__________
1 صحيح: وقد تقدم.
2 ضعيف: وقد تقدم.
3 صحيح: أخرجه أحمد "1/ 64" والبخاري "3717" في كتاب فضائل الصحابة، باب: مناقب الزبير بن العوام.

(3/207)


رواه أبو مروان الغساني، عن هشام نحوه.
وقال هشام، عن أبيه، قال عمر: لو عهِدْت أو تركتُ ترِكَةً، كان أحبّهم إليّ الزُّبَيْر، إنّه رُكْنٌ من أركان الدين.
ابن عيينة: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه قال: أوصى إلى الزبير سبعة من الصحابة، منهم عثمان، وابن مسعود، وعبد الرحمن، فكان يُنْفِقُ على الوَرَثة من ماله، ويحفظ أموالهم.
ابن وهب: حدثنا عمرو بن الحارث، حدثني هشام بن عروة، عن أبيه، أن الزبير خرج غازيا نحو مصر، فكتب إليه أمير مصر: إن الأرض قد وقع بها الطاعون، فلا تدخلها، فقال: إنما خرجت للطعن والطاعون، فدخلها، فلقي طعنة في جبهته فأفرق.
عوف: عن أبي رجاء العطاردي، قال: شهدت الزبير يوما، وأتاه رجل، فقال: ما شأنكم أصحاب رسول الله؟ أراكم أخف الناس صلاة! قال: نبادر الوسواس.
الأوزاعي: حدثني نهيك بن مريم، حدثنا مغيث بن سمي، قال: كان للزبير بن العوام ألف مملوك يؤدون إليه الخراج، فلا يدخل بيته من خراجهم شيئا.
رواه سعيد بن عبد العزيز نحوه، وزاد: بل يتصدق بها كلها.
وقال الزبير بن بكار: حدثني أبو غزية محمد بن موسى، حدثنا عبد الله بن مصعب، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ المنذر، عن جدتها أسماء بنت أبي بكر قالت: مر الزبير بمجلس مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وحسان ينشدهم من شعره، وهم غير نشاط لما يسمعون منه فجلس معهم الزبير ثم قال: ما لي أركم غير أذنين لما تسمعون من شعر ابن الفريعة. فلقد كان يعرض به رَسُول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيحسن استماعه، ويجزل عليه ثوابه، ولا يشتغل عنه، فقال حسان يمدح الزبير:
أقام على عهد النّبيّ وهدْيهِ ... حَوَارِيُّهُ والقولُ بالفعل يعدل
أقام على مِنْهاجِه وطريِقهِ ... يُوَالِي وَلِيَّ الْحَقِّ والحقُّ أعْدَلُ
هو الفارسُ المشهورُ والبطل الَّذِي ... يصولُ إذا مَا كان يَوْمٌ مُحَجَّلُ

(3/208)


إذا كَشَفَتْ عن ساقِها الحربُ حَشَّها ... بأبيضَ سباق إلى الموت يرقل
وإن امرءا كانت صفية أمه ... ومن أسد في بيتها لمؤثل
له من رسول الله قربى قريبة ... ومن نصرة الإسلام مجد مؤثل
فكم كُربةٍ ذبَّ الزُّبَيْر بسيْفِه ... عن الْمُصْطَفَى والله يعطي فيجزل
ثناؤك خيرٌ من فِعالِ معاشِرٍ ... وَفِعْلُكَ يابنَ الهاشمية أفضل1
قال جويرية بن أسماء: باع الزبير دارا لها بستمائة ألف، فقيل له: يا أبا عبد الله! غبنت! قال: كلا، هي في سبيل الله.
الليث: عن هشام بن عروة، أن الزبير لما قتل عمر، محا نفسه من الديوان، وأن ابنه عبد الله لما قتل عثمان، محا نفسه من الديوان.
أحمد في "المسند" حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم: حدثنا شداد بن سعيد، حدثنا غيلان بن جرير، عن مطرف: قلت للزبير: ما جاء بكم؟ ضيعتم الخليفة حتى قتل، ثم جئتم تطلبون بدمه؟ قال: إنا قرأنا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- وأبي بكر، وعمر، وعثمان: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} 2، لم تكن نحسب أن أهلها، حتى وقعت منا حيث وقعت3.
مبارك بن فضالة، عن الحسن، أن رجلا أتى الزبير وهو بالبصرة فقال: ألا أقتل عليًّا؟ قال: كيف تقتله ومعه الجنود؟ قال: ألحق به، فأكون معك، ثم أفتك به، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "الإيمان قيد الفتك، لا يفتك مؤمن"4.
هذا في المسند، وفي "الجعديات".
الدولابي في "الذرية الطاهرة": حدثنا الدقيقي، حدثنا يزيد، سمعت شريكا، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، حَدَّثَنِي مَنْ رَأَى الزبير يقتفي آثار الخيل قعصا بالرمح، فناداه علي: يا أبا عبد الله! فأقبل عليه، حتى التقت أعناق دوابهما،
__________
1 إسناده ضعيف: أخرجه الحاكم "5599/ 5" وعبد الله بن مصعب ضعيف.
2 سورة الأنفال: 25.
3 أخرجه أحمد "1/ 165".
4 إسناده ضعيف: أخرجه أحمد "1/ 166" والحسن مبارك كلاهما مدلس، ولم يصرح أحد منهما بالسماع، والمرفوع منه صحيح أخرجه أبو داود "2769" في كتاب الجهاد، باب: في العدو يؤتى على غرة، وصححه الألباني في "صحيح الجامع".

(3/209)


فَقَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، أَتَذْكُرُ يَوْمَ كُنْتُ أُنَاجِيكَ، فَأَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: تُنَاجِيهِ! فَوَاللَّهِ لَيُقَاتِلَنَّكَ وَهُوَ لَكَ ظَالِمٌ؟ قَالَ: فَلَمْ يَعْدُ أَنْ سَمِعَ الْحَدِيثَ، فَضَرَبَ وجه دابته، وذهب1.
قال أبو شهاب الحناط وغيره: عن هلاك بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ للزبير يوم الجمل: يابن صفية! هذه عائشة تملك الملك طلحة، فأنت علام تقاتل قريبك عليا؟
زاد فيه غير أبي شهاب: فرجع الزبير، فلقيه ابن جرموز فقتله.
قتيبة: حدثنا الليث عن ابن أَبِي فَرْوَةَ أَخِي إِسْحَاقَ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: حاربني خمسة: أَطْوَعُ النَّاسِ فِي النَّاسِ: عَائِشَةُ، وَأَشْجَعُ النَّاسِ: الزبير، وأمكر الناس: طلحة لم يدركه مكر قط، وأعطى الناس: يعلى بن منية، وأعبد الناس: محمد بن طلحة، كان محمودا حتى استزله أبوه، وكان يعلى يعطي الرجل الواحد ثلاثين دينارا والسلاح والفرس على أن يحاربني.
قال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الرقاشي: عن جده، عن أبي جرو المازِنّي، قَالَ: شهِدْت عليًّا والزُّبَيْر حتى توافقا، فقال عليّ: يا زُبير! أنْشُدُك الله، أسَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: إنك تقاتلني وأنت لي ظالم؟ قَالَ: نعم، ولم أَذْكُرُه إلّا في موقفي هذا، ثم انصرف.
رواه أبو يعلى في "مسنده" وقد روى نحوه من وجوه سقنا كثيرا منها في كتاب "فتح المطالب".
قال يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: انصرف الزُّبَيْر يوم الجمل عن علي، فلقيه ابن عبد الملك، فقال: وجبنا جبنا! قال: قد علم النّاس أنّي لست بجبانٍ، ولكن ذكَّرني عليّ شَيْئًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فحلفت أن لَا أقاتله، ثمّ قَالَ:
تَرْكُ الأمورِ التي أخشي عواقِبَها ... في الله أحْسَنُ في الدُّنيا وفي الدين2
__________
1 أخرجه الحاكم "5573، 5574".
2 إسناده ضعيف: من أجل يزيد بن أبي ضعيف، ضعيف كما تقدم.

(3/210)


وقيل: إنه أنشد:
ولقد علمت لو أن علمي نافعي ... أن الحياة من الممات قريب
فلم ينشب أن قتله ابن جرموز.
وروى حُصَيْن بن عبد الرحمن، عن عَمْرو بن جاوان قال: قتل طلحة وانهزموا، فأتى الزبير سفوان فلقيه النعر المجاشعي، فقال: يا حواري رسول الله! أين تذهب؟ تعال، فأنت في ذمّتي، فسار معه، وجاء رجلٌ إلى الأحنف فقال: إن الزبير بسفوان، فما تأمر إن كان جاء فحمل بين المُسْلِمين، حتّى إذا ضرب بعضُهم حواجِبَ بعضٍ بالسيف، أراد أن يلحق ببنيه؟ قَالَ: فسمعها عمير بن جرموز، وفضالة بن حابس، ورجل يقال له نفيع، فانطلقوا حتى لقوه مقبلا مع النعر، وهم في طلبه، فأتاه عمير من خلفه، وطعنه طعنةً ضعيفة، فحمل عليه الزُّبَيْر، فلمّا استلْحمه وظنّ أنّه قاتله، قَالَ: يا فضّالة! يا نفيع! قال: فحملوا على الزبير حتى قتلوه.
عبيد الله بن موسى: حدثنا فُضَيْل بن مرزوق، حدّثني شقيق بن عقبة عن قُرَّةَ بن الحارث، عن جون بن قَتَادة قَالَ: كنت مع الزُّبَيْر يوم الجمل، وكانوا يسلمون عليه بالإمرة، إلى أن قال: فطعنه ابن جرموز ثانيا، فأثبته، فوقع، ودفن بوادي السباع، وجلس علي -رضي الله عنه- يبكي عليه هو وأصحابه.
قرة بن حبيب: حدثنا الفضل بن أبي الحكم، عن أبي نضرة قال: جيء برأس الزبير إلى علي، فقال علي: تبوأ يا أعرابي مقعدك من النار، حَدَّثَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ قاتل الزبير في النار1.
شعبة، عن منصور بن عبد الرحمن، سمعت الشعبي يقول: أدركت خمسمائة أو أكثر من الصحابة يقولون: عليّ، وعثمان، وطلحة، والزُّبَيْر في الجنة.
قلت: لأنهم من العشرة المشهود لهم بالجنة، ومن البدريين، ومن أهل بيعة الرضوان، ومن السابقين الأولين الذين أخبر تعالى أنه رضي عنهم ورضوا عنه،
__________
1 ذكره في "مختصر تاريخ دمشق" "9/ 25".

(3/211)


ولأن الأربعة قتلوا، ورزقوا الشهادة، فنحن محبون لهم، باغضون للأربعة الذين قتلوا الأربعة.
أبو أسامة، حدثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الزُّبَيْرِ قال: لقيت يوم بدر عبيدة بن سعيد بن العاص، وهو مدجج لا يرى إلا عيناه، وكان يكنى أبا ذات الكرش، فحملت عليه بالعنزة، فطعنته في عينه، فمات، فأخبرت1 أن الزبير قال: لقد وضعت رجلي عليه، ثم تمطيت، فكان الجهد أن نزعتها، يعني الحربة، فلقد انثنى طرفها.
قال عروة: فسأله إياها رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَعْطَاهُ إياها، فلما قبض، أخذها، ثم طلبها أبو بكر، فأعطاه إياها، فلما قبض أبو بكر، سألها عمر، فأعطاه إياها، فلما قبض أخذها، ثم طلبها عثمان منه، فأعطاه إياها، فلما قبض، وقعت عند آل علي، فطلبها عبد الله بن الزبير، فكانت عنده حتى قتل2. غريب، تفرد به البخاري.
ابن المبارك: أنبأنا هشام، عن أبيه إنّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالوا للزبير: ألا تشد فنشد معك؟ قال: إني إن شددت، كذبتم، فقالوا: لا نفعل.
فحمل عليهم حتى شق صفوفهم، فجاوزهم وما معه أحد، ثم رجع مقبلا، فأخذوا بلجامه فضربوه ضربتين، ضربة على عاتقه بينهما ضربة ضربها يوم بدر.
قال عروة: فكنت أدخل أصابعي في تلك الضربات ألعب وأنا صغير، قال: وكان معه عبد الله بن الزبير وهو ابن عشر سنين، فحمله على فرس، ووكل به رجلا3.
قلت: هذه الوقعة هي يوم اليمامة إن شاء الله4، فإن عبد الله كان إذا ذاك ابن عشر سنين.
أبو بكر بن عياش: حدثنا سليمان، عن الحسن قال: لما ظفر علي بالجمل،
__________
1 قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "7/ 366": لم أقف على تعيين المخبر بذلك.
2 أخرجه البخاري "3998" في كتاب المغازي، باب: رقم "12".
3 صحيح: أخرجه البخاري "3975" في كتاب المغازي، باب: قتل أبي جهل، ولفظه "قالوا للزبير يوم اليرموك ... ".
4 تقدم أن ذلك كان يوم اليرموك.

(3/212)


دخل الدار والناس معه، فقال علي: إني لأعلم قائد فتنة دخل الجنة، وأتباعه إلى النار! فقال الأحنف: من هو؟ قال: الزبير1.
في إسناده إرسال، وفي لفظه نكارة، فمعاذ الله أن نشهد على أتباع الزبير، أو جند معاوية أو علي بأنهم في النار، بل نفوض أمرهم إلى الله، ونستغفر لهم. بلى: الخوارج كلاب النار، وشر قتلى تحت أديم السماء؛ لأنهم مرقوا من الإسلام، ثم لا ندري مصيرهم إلى ماذا، ولا نحكم عليهم بخلود النار، بل نقف.
ولبعضهم:
إنّ الرَّزِيةَ مَن تَضَمَّنَ قبرَه ... وادي السِّباع لِكُلِّ جَنْبٍ مَصْرَعُ
لمّا أتى خبرُ الزُّبَيْر تواضعت ... سور المدينة والجبال الجشع
قال البخاري وغيره: قتل في رجب سنة ست وثلاثين.
وادي السِّباع: على سبعة فَرَاسخ من البصْرة.
قال الواقدي وابن نمير: قتل وله أربع وستون سنة. وقال غيرهما: قيل وله بضع وخمسون سنة، وهو أشبه.
قال القحذمي: كانت تحته أسماء بنت أبي بكر، وعاتكة أخت سعيد بن زيد، وأم خالد بنت خالد بن سعيد، وأم مصعب الكلبية.
قال ابن المديني: سمعت سفيان يقول: جاء ابن جُرْمُوز إلى مُصْعَب بن الزُّبَيْرِ -يعني لما ولي إمرة العراق لأخيه الخليفة عبد الله بن الزبير- فقال: أقدني بالزبير، فكتب في ذلك يشاور ابن الزبير، فجاءه الخبر: أنا أقتل ابن جرموز بالزبير؟ ولا بشسع نعله.
قلت: أكل المغتر يديه ندما على قتله، واستغفر، لا كقاتل طلحة، وقاتل عثمان، وقاتل علي.
الزبير: حدثني علي بن صالح، عن عامر بن صالح، عن مسالم بن
__________
1 إسناده ضعيف: منقطع بين الحسن وعلي -رضي الله عنه.

(3/213)


عبد الله بن عروة، عن أبيه، أن عمير بن جرموز أتي، حتى وضع يده في يد مصعب، فسجنه، وكتب إلى أخيه في أمره، فكتب إليه أن بئس ما صنعت، أظننت أني قاتل أعرابيا بالزبير؟ خل سبيله، فخلاه فلحق بقصر بالسواد عليه "أزج"، ثمّ أمر إنسانًا أن يطرحه عليه، فطرحه عليه، فقتله، وكان قد كرِه الحياة لما كان يهول عليه ويرى في منامه.
قال ابن قتيبة: حدثنا محمد بن عتبة، حدثنا أبو أسامة، عن هشام، عن أبيه أن الزبير ترك من العروض بخمسين ألف ألف دِرْهم، ومن العين خمسين ألف ألف درهم، كذا هذه الرواية. وقال ابن عيينة: عن هشام، عن أبيه قَالَ: اقتُسِم مالُ الزُّبَيْر على أربعين ألف ألف.
أبو أسامة: أخبرني هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ الزبير قال: لما وقف الزبير يوم الجمل، دعاني، فقمت إلى جنبه، فقال: يا بني! إنه لا يقتل اليوم إلا ظالم أو مظلوم، وإني لا أراني إلا سأقتل اليوم مظلوما، وإن من أكبر همي لديني، أفترى ديننا يبقى من مالنا شيئا؟ يا بني! بع ما لنا، فاقض ديني، فأوصى بالثلث وثلث الثلث إلى عبد الله، فإن فضل من مآلنا بعد قضاء الدين شيء، فثلث لولدك.
قال هشام: وكان بعض ولد عبد الله قد وازى بعض بني الزبير وخبيب وعباد، وله يومئذ تسع بنات، قال عبد الله: فجعل يوصيني بدينه، ويقول: يا بني! إن عجزت عن شيء منه، فاستعن بمولاي، قال: فوالله ما دريت ما عنى حتى قلت: يا أبة! من مولاك؟ قال: الله عز وجل! قال: فوالله ما وقعت في كربة من دينه إلا قلت: يا مولى الزبير اقض عنه، فيقضيه.
قال: وقتل الزبير، ولم يدع دينارا ولا درهما، إلا أرضين بالغابة، ودارا بالمدينة، ودارا بالبصرة ودارا بالكوفة، ودارا بمصر، قال: وإنما كان الذي عليه أن الرجل يجيء بالمال، فيستودعه، فيقول الزبير: لا ولكن هو سلف، إني أخشى عليه الضيعة: وما ولي إمارة قط، ولا جباية، ولا خراجا، ولا شيئا، إلا أن يكون في غزو مع النبي -صلى الله عليه وسلم- أو مع أبي بكر، وعمر، وعثمان، فحسبت دينه، فوجدته ألفي ألفي ومائتي ألف، فلقي حكيم بن حزام الأسدي عبد الله فقال: يا

(3/214)


ابن أخي! كم على أخي من الدين؟ فكتمه، وقال: مائة ألف، فقال حكيم: ما أرى أموالكم تتسع لهذه! فقال عبد الله: أفرأيت إن كانت ألفي ألفي ومائتي ألف! قال: ما أراكم تطيقون هذا، فإن عجزتم عن شيء، فاستعينوا بي، وكان الزبير قد اشتى الغابة بسبعين ومائة ألف، فباعها عبد الله بألف ألف وستمائة ألف، وقال: من كان له على الزبير دين، فليأتنا بالغابة. فأتاه عبد الله بن جعفر، وكان له على الزبير أربعمائة ألف، فقال لابن الزبير: إن شئت، تركتها لكم قال: لا، قال: فاقطعوا لي قطعة، قال: لك من ههنا إلى ههنا، قال: فباعه بقضاء دينه، قال: وبقي منها أربعة أسهم ونصف، فقال المنذر بن الزبير، قد أخذت سهما بمائة ألف، وقال عمرو بن عثمان: قد أخذت سهما بمائة ألف، وقال ابن ربيعة، قد أخذت سهما بمائة ألف، فقال معاوية، كم بقي؟ قال: سهم ونصف، قال: قد أخذته بمائة وخمسين ألفا، قال: وباع ابن جعفر نصيبه من معاوية بستمائة ألف، فلما فرغ ابن الزبير من قضاء دينه، قال بنو الزبير، اقسم بيننا ميراثنا، قال: لا والله! حتى أنادي بالموسم أربع سنين: ألا من كان له على الزبير دين فليأتنا فلنقضه، فجعل كل سنة ينادي بالموسم، فلما مضت أربع سنين قسم بينهم. فكان للزبير، أربع نسوة. قال: فرفع الثلث، فأصاب كل امرأة ألف ألف ومائة ألف، فجمع ماله خمسون ألفا ألفا ومائتا ألف1.
للزبير في "مسند بقي بن مخلد" ثمانية وثلاثون حديثا، منها في "الصحيحين" حديثان وانفرد البخاري بسبعة أحاديث.
قال هشام: عن أبيه، قال: بلغ حصة عاتكة بنت زيد بْن عمرو بْن نُفَيْلٍ زوجة الزبير من ميراثه ثمانين ألف درهم.
وقالت ترثيه:
غدر ابن جرموز بفارس بهمة ... يوم اللقاء وكان غير معرد
يا عمرو لو نبهته لوجدته ... لا طائشا رعش البنان ولا اليد
ثكلتك أمك إن ظفرت بمثله ... فيما مضى مما تروح وتغتدي
كم غمرة قد خاضها لم يثنه ... عنها طرادك يا ابن فقع الفدفد
والله ربك إن قتلت لمسلما ... حلت عليك عقوبة المتعمد
__________
1 صحيح: أخرجه بطوله البخاري "3129" في كتاب فرض الخمس، باب: بركة الغازي في ماله حيا وميتا، وابن سعد في "الطبقات" "2/ 58-59".

(3/215)


9- "ع" عبد الرحمن بن عوف "ت 32هـ" بن عبد عوف بن عبد بْنِ الْحَارِثِ بْنِ زُهْرَةَ بْنُ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لؤي، أبو محمد.
أحد العشرة، وأحد الستة أهل الشورى، وأحد السابقين البدريين، القرشي الزهري، وهو أحد الثمانية الذين بادروا إلى الإسلام، له عدة أحاديث.
روى عنه ابن عباس، وابن عمر، وأنس بن مالك، وبنوه: إبراهيم، وحميد، وأبو سلمة، وعمرو، ومصعب بنو عبد الرحمن، ومالك بن أوس، وطائفة سواهم. له في "الصحيحين" حديثان. وانفرد له البخاري بخمسة أحاديث. ومجموع ما له في "مسند بقي" خمسة وستون حديثا.
وكان اسمه في الجاهلية عبد عمرو، وقيل عبد الكعبة، فسمّاه النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عبد الرحمن1.
وحدث عنه أيضا من الصحابة: جبير بن مطعم، وجابر بن عبد الله، والمسور بن مخرمة، وعبد الله بن عامر بن ربيعة.
وقدم الجابية مع عمرو، فكان على الميمنة، وكان في نوبة سرغ على الميسرة.
أخبرنا محمد بن حازم بن حامد، ومحمد بن علي بن فضل، قالا: أنبأنا أبو القاسم بن صصري، أنبأنا أبو القاسم بن البن الأسدي "ح" وأنبأنا محمد بن على السلمي، وأحمد بن عبد الرحمن الصوري، قالا: أنبأنا أبو القاسم الحسين بن هبة الله التغلبي، أنبأنا أبو القاسم بن البن، ونصر بن أحمد السوسي، قالا: أنبأنا علي بن محمد بن علي الفقيه، أنبأنا أَبُو منصور محمد، وأبو عبد الله أَحْمَد، أنبأنا الحسين بن سهل بن الصباح، ببلد، في ربيع الآخر سنة سبع وعشرين وأربعمائة، قالا: حدثنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن أحمد الإمام، حدثنا علي بن حرب الطائي، حدثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، سمع بجالة يقول: كنت كاتبا لجزء بن معاوية، عم الأحنف بن قيس، فأتانا كتاب عمر قبل موته بسنة، أن اقتلوا كل ساحر وساحرة، وفرقوا بين كل ذي محرم من المجوس، وانهوهم عن الزمزمة2. فقتلنا ثلاث سواحر، وجعلنا نفرق بين الرجل
__________
1 ذكره ابن سعد في "الطبقات" "2/ 66" ويأتي تخريجه.
2 الزمزمة: الصوت المبهم من الخيشوم. لا يتحرك فيه لسان ولا شفة.

(3/216)


وحريمته في كتاب الله. وصنع لهم طعاما كثيرا، ودعا المجوس، وعرض السيف على فخذه، وألقي وقر1 بغل أو بغلين من ورق، وأكلوا بغير زمزمة. ولم يكن عمر أخذ الجزية من المجوس، حتى شهد عبد الرحمن بْن عَوْفُ أَنَّ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أخذها من مجوس هجر2.
هذا حديث غريب مخرج في صحيح البخاري، وسنن أبي داود، والنسائي، والترمذي من طريق سفيان، فوقع لنا بدلا. ورواه حجاج بن أرطاة عن عمرو مختصرا، وروى منه أخذ الجزية من المجوس أبو داود، عن الثقة، عن يحيى بن حسان، عن هشيم، عن داود بن أبي هند، عن قشير بن عمرو، عن بجالة بن عبدة، عن ابن عباس، عن ابن عوف.
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد العلوي، أنبأنا محمد بن أحمد القطيعي، أنبأنا محمد بن عبيد الله المجلد "ح" وأنبأنا أحمد بن إسحاق الزاهد، أنبأنا أبو نصر عمر بن محمد التيمي، أنبأنا هبة الله بن أحمد الشبلي، قالا: أنبأنا محمد بن محمد الهاشمي، أنبأنا أبو طاهر المخلص، حدثنا عبد الله البغوي حدثنا أبو نصر التمار، حدثنا القاسم بن فضل الحداني عن النضر بن شيبان قال: قلت لأبي سلمة: حدثني بشيء سمعته من أبيك يحدث به عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: حدثني أبي في شهر رمضان قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "فرض "الله" عليكم شهر رمضان، وسننت لكم قيامة، فمن صامه وقامه إيمانا واحتسابا، خرج من الذنوب كيوم ولدته أمه"3.
هذا حديث حسن غريب. أخرجه النسائي، عن أبي راهويه، عن النضر بن
__________
1 وقر: حمل.
2 صحيح: أخرجه البخاري "3156، 3157" في كتاب الجزية والموادعة، باب: رقم "11"، وأبو داود "3043" في كتاب الخراج، باب: في أخذ الجزية من المجوس، والترمذي "1592، 1593" في كتاب السير، باب: ما جاء في أخذ الجزية من المجوس.
3 ضعيف دون الشطر الثاني منه: أخرجه النسائي "4/ 158" في كتاب الصيام، باب: ذكر اختلاف يحيى بن أبي كثير والنصر بن شيبان فيه، وابن ماجه "1328" في كتاب الصيام باب: ما جاء في قيام شهر رمضان، وقال الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" ضعيف والشطر الثاني منه صحيح.

(3/217)


شميل. وابن ماجه، عن يحيى بن حكيم، عن أبي داود الطيالسي، جميعا عن الحداني.
قال النسائي: الصواب حديث الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
أخبرنا محمد بن عبد السلام العصروي، أنبأنا عبد المعز بن محمد الهروي، أنبأنا تميم الجرجاني، أنبأنا محمد بن عبد الرحمن النيسابوري، أنبأنا محمد بن أحمد الحيري، أنبأنا أحمد بن على الموصلي، حدثنا أبو خيثمة، حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، حدثني مكحول، عن كريب، عن ابن عباس قال: جلسنا مع عمر، فقال: هل سَمِعْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شيئا أمر به المرء المسلم إذا سها في صلاته، كيف يصنع؟ فقلت: لا والله، أو ما سمعت أنت يا أمير المؤمين من رسول الله في ذلك شيئا؟ فقال: لا والله. فبينا نحن في ذلك أتى عبد الرحمن بن عوف فقال: فيم أنتما؟ فقال عمر: سألته، فأخبره.
فقال له عبد الرحمن: لكني قد سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يأمر في ذلك. فقال له عمر: فأنت عندنا عدل، فماذا سمعت؟ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إذا سها أحدكم في صلاته حتى لا يدري أزاد أم نقص، فإن كان شك في الواحدة والثنتين، فليجعلها واحدة، وإذا شك في الثنتين أو الثلاث، فليجعلها ثنتين، وإذا شك في الثلاث والأربع، فليجعلها ثلاثا حتى يكون الوهم في الزيادة، ثم يسجد سجدتين، وهو جالس، قبل أن يسلم، ثم يسلم" 1.
هذا حديث حسن، صححه الترمذي، ورواه عن بندار، عن محمد بن خالد بن عثمة، عن إبراهيم بن سعد، فطريقنا أعلى بدرجة. ورواه الحافظ ابن عساكر في صدر ترجمة ابن عوف وفيه: فقال: فحدثنا، فأنت عندنا العدل والرضا.
فأصحاب رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَإِنَّ كانوا عدولا فبعضهم أعدل من بعض وأثبت. فهنا عمر قنع بخبر عبد الرحمن، وفي قصة الاستئذان يقول: ائت بمن
__________
1 صحيح: أخرجه الترمذي "398" في كتاب الصلاة، باب: ما جاء في الرجل يصلي فيشك في الزيادة والنقصان، وابن ماجه "1209" في كتاب الإقامة، باب: ما جاء فيمن شك في صلاته فرجع إلى اليقين، وأحمد "1/ 190" وقال الألباني في "صحيح الجامع" "630": صحيح.

(3/218)


يشهد معك1، وعلي بن أبي طالب يقول: كان إذا حدثني رجل عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- استحلفته، وحدثني أبو بكر، وصدق أبو بكر2، فلم يحتج على أن يستحلف الصديق، والله أعلم.
قال المدائني: ولد عبد الرحمن بعد عام الفيل بعشر سنين3.
وقال الزبير: ولد الحارث بن زهرة عبدا، وعبد الله، وأمهما قيلة. ومن ولد عبد عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد.
وكذا نسبه ابن إسحاق، وابن سعد، وأسقط البخاري والفسوي "عبدا" من نسبه، وقاله قبلهما عروة، والزهري.
وقال الهيثم الشاشي وأبو نصر الكلاباذي وغيرهما: عبد عَوْف بْن عبد الحارث بْن زُهْرَةَ. وأم عبد الرحمن هي: الشفاء بنت عوف بن عبد الحارث بن زهرة. قاله جماعة. وقال أبو أحمد الحاكم: أمه صفية بنت عبد مناف بن زهرة بن كلاب، ويقال: الشفاء بنت عوف.
إبراهيم بن سعيد: حدثني أبي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قال: كان اسمي عبد عمرو، فلما أسلمت، سمّاني رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَبْدَ الرحمن4.
إبراهيم بن المنذر: حدثنا عبد العزيز بن أبي ثابت، عن سعيد بن زياد، عن حسن بن عمر، عن سهلة بنت عاصم قالت: كان عبد الرحمن بن عوف أبيض.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "6245" في كتاب الاستئذان، باب: التسليم والاستئذان ثلاثا، ومسلم "2153/ 34" في كتاب الآداب، باب: الاستئذان.
2 صحيح: أخرجه أبو داود "1521" في كتاب الصلاة، باب: في الاستغفار، والترمذي "3017" في كتاب التفسير، باب: ومن سورة آل عمران، وابن ماجه "1395" في كتاب الإقامة، باب: ما جاء أن الصلاة كفارة، وقال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" "1/ 407": هو حديث حسن. وكذلك قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "11/ 101" وقال الألباني في "صحيح الجامع" "5738": صحيح.
3 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 66" عن يعقوب الأخنسي بإسناد ضعيف جدا.
4 أخرجه الحاكم "5332".

(3/219)


أعين، أهدب الأشفار، أفتى، طويل النابين الأعليين، وربما أدمى نابه شفته، له جمة أسفل من أذنيه، أعنق، ضخم الكتفين.
وروى زياد البكائي عن ابن إسحاق قال: كان ساقط الثنيتين، أهتم، أعسر، أعرج. كان أُصيب يوم أُحُدٍ فَهَتِم، وجُرِح عشرين جراحةً، بعضها في رجله، فعرج.
الواقدي: حدثنا عبدَ الله بْن جَعْفَر، عَنْ يعقوب بن عتبة قال: وكان عبد الرحمن رجلا طوالا، حسن الوجه، رقيق البشرة، فيه جنأ، أبيض، مشربا حمرة، لا يغير شيبه.
وقال ابن إسحاق: حدثنا صَالِحُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيهِ قال: كنا نسير مع عثمان في طريق مكة، إذ رأى عبد الرحمن بن عوف، فَقَالَ عثمان: مَا يستطيع أحدٌ أن يعتدَّ على هذا الشيخ فضلًا في الهجرتين جميعًا.
وروى نحوه العقدي عن عبد الله بن جعفر، عن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عن أبيه، عن المسور بن مخرمة، أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد، وجماعة، قالوا: أنبأنا عبد الله بن عمر، أنبأنا أبو الوقت، أنبأنا أبو الحسن الداودي، أنبأنا أبو محمد عبد الله بن عمر، أنبأنا أبو الوقت، أنبأنا أبو الحسن الداودي، أنبأنا أبو محمد بن حمويه، أنبأنا إبراهيم بن خزيم، حدثنا عبد بن حميد، حدثنا يحيى بن إسحاق، حدثنا عمارة بن زاذان، عن ثابت، عن أنس أن عبد الرحمن بن عوف لما هاجر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- آخى بينه وبين عثمان، كذا هذا، فقال: إن لي حائطين، فاختر أيهما شئت. قال: بل دلني على السوق، إلى أن قال: فكثر ماله، حتى قدمت له سبعمائة راحلة تحمل البر والدقيق والطعام، فلما دخلت سمع لأهل المدينة رجة، فبلغ عائشة، فَقَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "عبد الرحمن لَا يدخل الجنة إلَّا حَبْوًا".
فلمّا بلغه قال: يا أمه! إني أُشْهِدُكِ أَنَّها بأحمالها وأحلاسها1 في سبيل الله2.
__________
1 الأحلاس: جمع حلس، وهو كل ما يوضع على ظهر البعير.
2 أخرجه أحمد "6/ 115".

(3/220)


أخرجه أحمد في "مسند" عن عبد الصمد بن حسان، عن عمارة، وقال: حديث منكر.
قلت: وفي لفظ أحمد: فَقَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "قد رأيت عبد الرحمن لا يدخل الجنة إلا حبوا"، فقال: إن استطعت لأدخلنها قائما. فجعلها بأقتابها وأحمالها في سبيل الله1.
أخبرنا جماعة، كتابة، عن أبي الفرج بن الجوزي، وأجاز لنا ابن علان وغيره، أنبأنا الكندي، قالا: أنبأنا أبو منصور القزاز، أنبأنا أبو بكر الخطيب أنبأنا ابن المذهب، أنبأنا القطيعي حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، حدثنا هذيل بن ميمون، عن مطرح بن يزيد، عن عبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "دخلت الجنة فسمعت خشفة، فقلت: ما هذا؟ " قيل: بلال.
إلى أن قال: "فاستبطأت عبد الرحمن بن عوف، ثم جاء بعد الإياس. فقلت: عبد الرحمن؟ " فقال: بأبي وأمي يا رسول الله! ما خلصت إليك حتى ظننت أني لا أنظر إليك أبدا. قال: "وما ذاك" قال: من كثرة مالي أحاسب، وأمحص2.
إسناده واه. وأما الذي قبله فتفرد به عمارة، وفيه لين.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ، وَقَالَ ابْنُ معين: صالح.
وقال ابن عدي: عندي لا بأس به. قلت: لم يحتج به النسائي.
وبكل حال فلو تأخر عبد الرحمن عن رفاقه للحساب، ودخل الجنة حبوا على سبيل الاستعارة، وضرب المثل، فإن منزلته في الجنة ليست بدون منزلة علي والزبير، رضي الله عن الكل.
ومن مناقبه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- شهد له بالجنة، وأنه من أهل بدر الذين قيل
__________
1 هو لفظ أحمد السابق.
2 إسناده ضعيف: أخرجه أحمد "5/ 259" وعلي بن يزيد ضعيف كما في "الميزان" "5966".

(3/221)


لهم "اعملوا ما شئتم" 1 ومن أهل هذه الآية: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} 2 وقد صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وراءه3.
أحمد في "المسند": حدثنا إسماعيل، حدثنا أيوب، عن محمد، عن عمرو بن وهب الثقفي قال: كنا مع المغيرة بن شعبة، فسئل: هل أم النبي -صلى الله عليه وسلم- أحد من هذه الأمة غير أبي بكر؟ فقال: نعم. فذكر إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَوَضَّأَ، ومسح على خفيه وعمامته، وأنه صلى خلف عبد الرحمن بن عوف، وأنا معه، ركعة من الصبح، وقضينا الركعة التي سبقنا4.
ولحميد الطويل نحوه عن بكر بن عبد الله، عن حمزة بن المغيرة، عن أبيه إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ: عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- انتهى إلى عبد الرحمن بن عوف وهو يصلي بالناس، فأراد عبد الرحمن أن يتأخر، فأومأ إليه: أن مكانك، فصلى وصلى رسول الله بصلاة عبد الرحمن5.
وروى الإمام أحمد في "المسند" عن الهيثم بن خارجة، عن رشدين، عن عبد الله بن الوليد، سمع أبا سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه بنحوه.
هشام: عن قتادة، عن الحسن، عن المغيرة بن شعبة، بمثل هذا. ورواه زرارة بن أوفى، عن المغيرة أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلى خلف عبد الرحمن بن
__________
1 ورد في قصة حاطب بن أبي بلتعة المشهورة، وذلك فيما أخرجه البخاري "3007" في كتاب الجهاد، باب: الجاسوس، ومسلم "2494" في كتاب فضائل الصحابة، باب: فضائل أهل بدر، وأبو داود "2650" في كتاب الجهاد، باب: في حكم الجاسوس إذا كان مسلما، والترمذي "3316" في كتاب الجهاد، باب: في حكم الجاسوس إذا كان مسلما، والترمذي "3316" في كتاب التفسير، باب: ومن سورة الممتحنة، والنسائي في "الكبرى" "11585" وأحمد "1/ 79-80/ 105" وابن جرير في "تفسيره" "28/ 38" وأبو يعلى "394-398" والبيهقي في "سننه" "9/ 146" وفي "الدلائل" "5/ 17"، وابن حبان "6499" من حديث عَلِيِّ بْن أَبِي طَالِب -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه.
2 سورة الفتح: الآية 18.
3 صحيح: يأتي.
4 صحيح: أخرجه أحمد "4/ 244" ومسلم "274/ 81" في كتاب الطهارة، باب: المسح على الناصية والعمامة، وأبو داود "150" في كتاب الطهارة، باب: المسح على الخفين، والترمذي "100" في كتاب الطهارة، باب: ما جاء في المسح على الجوربين والعمامة، والنسائي "1/ 76" في كتاب الطهارة، باب: المسح على العمامة مع الناصية.
5 انظر السابق.

(3/222)


عوف1، وجاء عن خليد بن دعلج، عن الحسن، عن المغيرة، والحسن مدلس لم يسمع من المغيرة.
عيسى بن يونس: عن عثمان بن عطاء، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَ عَبْدَ الرحمن بن عوف في سرية وعقد له اللواء بيده2.
عثمان ضعيف3، لكن روى نحوه أبو ضمرة، عن نافع بن عبد الله، عن فروة بْنُ قَيْسٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عن ابن عمر.
معمر: عن قتادة {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِين} 4 قال: تصدق عبد الرحمن بن عوف بشرط ماله أربعة آلاف دينار. فقال أناس من المنافقين: إن عبد الرحمن لعظيم الرياء.
وقال ابن المبارك: أنبأنا معمر، عن الزهري قال: تصدق ابن عوف عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- بشرط ماله أربعة آلاف، ثم تصدق بأربعين ألف دينار، وحمل على خمسمائة فرس في سبيل الله، ثم حمل على خمسمائة راحلة في سبيل الله. وكان عامة ماله من التجارة5. أخرجه في "الزهد" له.
سليمان ابن بنت شرحبيل: أنبأنا خَالِد بْن يَزِيد بْن أَبِي مالك، عَنْ أبيه، عن عطاء بن أبي رباح، عن إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "يابن عوف! إنك من الأغنياء، ولن تدخل الجنة إلا زحفا، فأقرض الله تعالى، يطلق لك قدميك". قال: فما أقرض يا رسول الله؟ فأرسل إليه: "أتاني جبريل فقال: مُرْهُ فليضف الضيف، وليُعط في النائبة، وليُطعم المسكين" 6.
__________
1 صحيح: انظر التخريج السابق.
2 إسناده ضعيف: انظر التعليق الآتي.
3 هو عثمان بْن عطاء بْن أَبِي مسلم الخُراسانيّ، ضعفه مسلم وابن معين والدارقطني، والجوزجاني وابن خزيمة، وقال دحيم: لا بأس به، وقال الحافظ ابن حجر: ضعيف وهو الراجح: والله أعلم.
4 سورة التوبة: 79.
5 مرسل.
6 أخرجه الحاكم "5358".

(3/223)


خالد بن الحارث وغيره، قالا: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أبيه قَالَ: رأيت الجنة، وأني دخلتُها حبْوًا، ورأيت أنه لا يدخلها إلا الفقراء.
قلت: إسناده حسن، فهو وغيره منام، والمنام له تأويل. وقد انتفع ابن عوف -رضي الله عنه- بما رأى، وبما بلغه، حتى تصدق بأموال عظيمة، أطلقت له ولله الحمد قدميه، وصار من ورثة الفردوس، فلا ضير.
أنبأنا ابن أبي عمر، أنبأنا حنبل، أنبأنا ابن الحصين، حدثنا ابن المذهب حدثنا أبو بكر، حدثنا عبد اللهن حدثني أبي، حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا الأعمش، عن شقيق قال: دخل عبد الرحمن على أم سلمة، فقال: يا أم المؤمنين! إني أخشى أن أكون قد هلكت، إني من أكثر قريش مالا، بعت أرضا لي بأربعين ألف دينار. قالت: يا بني! أنفق، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إن من أصحابي من لن يراني بعد أن أفارقه"، فأتيت عمر فأخبرته. فأتاها، فقال: بالله! أنا منهم؟ قالت: اللهم لا، ولن أبرئ أحدا بعدك1.
رواه أيضا أحمد، عن أبي معاوية، عن الأعمش فقال: عن شقيق، عن أم سلمة.
زائدة: عن عاصم، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كان بين خالد وعبد الرحمن بن عوف شَيْءٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دعوا لي أصحابي أو أصيحابي، فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهبا لم يدرك مد أحدهم ولا نصيفه" 2.
وأما الأعمش فرواه عن أبي صالح، عن أبي سعيد الخدري3، وفي الباب حديث زهير بن معاوية عن حميد، عن أنس.
أبو إسماعيل المؤدب: عن إسماعيل بن أبي خالد، "عن الشعبي" عن ابن
__________
1 أخرجه أحمد "6/ 290".
2 صحيح: أخرجه مسلم "2540"، وابن ماجه "161" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والطبراني في "الأوسط" "687". وفي الباب عن أبي سعيد الخدري، أخرجه البخاري "3673" في كتاب فضائل الصحابة، باب: فضل أبي بكر الصديق، ومسلم "2541" في كتاب فضائل الصحابة، باب: تحريم سب الصحابة، والترمذي "3887" في كتاب المناقب، باب: في من سب أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم.
3 انظر التخريج السابق.

(3/224)


أبي أوفى قال: شكا عبد الرحمن بن عوف خالدًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "يا خالد! لَا تُؤْذِ رجلًا من أهل بدْر، فلو أنفقْتَ مثل أُحُدٍ ذهبا، لم تدرك عمله".
قال: يقعون في فأرد عليهم. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تؤذوا خالدا، فإنه سيف من سيوف الله، صبه الله على الكفار" 1.
لم يروه عن المؤدب سوى الربيع بن ثعلب. وقد روى نحوه جرير بن حازم، عن الحسن مرسلا.
شعبة: أنبأنا حصين، سمعت هلال بن يساف يحدث عن عبد الله بن ظالم المازني، عن سعيد بْنِ زَيْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان على حراء ومعه أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وسعد، وعبد الرحمن بن عوف فقال: "أثبت حراء! فإنما عليك نبي أو صديق أو شهيد"2.
وذكر سعيد أنه كان معهم. وكذا رواه جرير، وهشيم، وأبو الأحوض، والأبار، عن حصين.
وأخرجه أرباب السنن الأربعة من طريق شعبة وجماعة كذلك، ورواه ابن إدريس ووكيع، عن سفيان، عن منصور عن هلال بن يساف.
قال أبو داود: ورواه الأشجعي عن سفيان، عن منصور، فقال: عن هلال، عن ابن حبان، عن عبد الله بن ظالم، عن سعيد، تابعه قاسم الجرمي عن سفيان، وصححه الترمذي. وجاء عن سفيان، عن منصور وحصين، عن هلال عن سعيد نفسه.
أبو قلابة الرقاشي: حدثنا عمر بن أيوب، حدثنا محمد بن معن الغفاري،
__________
1 أخرجه الخطيب في "تاريخه" "12/ 149-150" وأخرجه الطبراني في "الكبير" "3801" مختصرا.
2 صحيح: أخرجه أبو داود "4648" في كتاب السنة، باب: في الخلفاء، والترمذي "3778" في كتاب المناقب، باب: مناقب سعيد بن زيد، وابن ماجه "134" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبو نعيم في "الحلية" "5928" وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي".

(3/225)


حدثنا مجمع بن يعقوب، عن أبيه، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مجمع أن عمر قال لأم كلثوم بنت عقبة، امرأة عبد الرحمن بن عوف: أقال لَكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "انكحي سيد المسلمين عبد الرحمن بن عوف؟ " قالت: نعم1.
علي بن المديني: حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح أن عمر سأل أم كلثوم بنحوه. ويروى عن حصين، عن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُمِّهِ أم كلثوم نحوه.
معمر: عن الزهري: حدثني عبيد الله بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أعطى رهطا فيهم عبد الرحمن بن عوف، فلم يعطه، فخرج يبكي. فلقيه عمر فقال: ما يبكيك؟ فذكر له، وقال: أخشى أن يكون منعه موجدة وجدها علي.
فأبلغ عمر رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "لكني وكلته إلى إيمانه"2.
قريش بن أنس: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "خِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِي"، فأوصى لهن عبد الرحمن بحديقة، قومت بأربعمائة ألف3.
قال عبد الله بن جعفر الزهري: حدثنا أُمُّ بَكْرٍ بِنْتَ الْمِسْوَرِ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بَاعَ أَرْضًا لَهُ مِنْ عُثْمَانَ بِأَرْبَعِينَ أَلْفِ دينار، فقسمه فِي فُقَرَاءِ بَنِي زُهْرَةَ، وَفِي الْمُهَاجِرِينَ، وَأُمَّهَاتِ المؤمنين.
قال المسور: فأتيت عائشة بنصيبها، فقالت: من أرسل بهذا؟ قلت: عبد الرحمن. قَالَتْ: أَمَا إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "لا يحنو عليكن بعدي إلا الصابرون". سَقَى اللَّهُ ابْنَ عَوْفٍ مِنْ سَلْسَبِيلِ الْجَنَّةِ4.
__________
1 إسناده ضعيف: أبو قلابة الرقاشي هو عَبْد الملك بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه، قال الحافظ ابن حجر في "التقريب" "4210": صدوق يخطئ تغير حفظه لما سكن بغداد.
2 مرسل.
3 في إسناده نظر: قريش بن أنس ثقة، ولكنه اختلط قبل موته بست سنين كما في "الميزان" "6892". والحديث أخرجه الترمذي "3771" في كتاب المناقب، باب: مناقب عبد الرحمن بن عوف، دون ذكر المرفوع منه، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي".
4 حسن: أخرجه الترمذي "3370" في المصدر السابق، وزاد "وقد كان وصل أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- بمال بيعت بأربعين ألفا، وقال الألباني في "صحيح الجامع" "2002" حسن. وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" "312" من حديث المسور.

(3/226)


أخرجه أحمد في "مسنده".
علي بن ثابت الجزري، عن الوازع، عن أبي سلمة، عن عائشة، قالت: جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نساءه في مرضه فقال: "سيحفظني فيكن الصابرون الصادقون"1.
ومن أفضل أعمال عبد الرحمن عزله نفسه من الأمر وقت الشورى، واختياره للأُمة من أشار به أهل الحل والعقد، فنهض في ذلك أتم نهوض على جمع الأمة على عثمان، ولو كان محابيا فيها لأخذها لنفسه، أو لولاها ابن عمه وأقرب الجماعة إليه سعد بن أبي وقاص.
ويروى عن عبد الله بن نيار الأسلمي، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عوف ممّن يُفْتي فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأبي بكر، وعمر بما سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ يزيد بن هارون: حدثنا أبو الْمُعَلَّى الْجَزَرِيُّ، عَنْ مَيْمُونَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنِ ابن عمر، أن عبد الرحمن قال لأهل الشُّورَى: هَلْ لَكُمْ أَنْ أَخْتَارَ لَكُمْ وَأَنْفَصِلُ منها؟ قال علي: نعم. أَنَا أَوَّلُ مَنْ رَضِيَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إنك أمين في أهل السماء، أمين في أهل الأرض"2.
أخرجه الشاشي، في "مسنده" وأبو المعلى ضعيف.
ذكر مجالد، عن الشعبي أن عبد الرحمن بن عوف حج بالمسلمين في سنة ثلاث عشرة3.
جويرية بن أسماء: عن مالك، عن الزهري، عن سعيد أن سعد بن أبي وقاص أرسل إلى عبد الرحمن رجلا وهو قائم يخاطب: أن ارفع رأسك إلى أمر
__________
1 إسناده ضعيف جدا: الوازع هو ابن نافع، متروك، كما في "الميزان" "9320".
2 إسناده ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "2/ 71" وأبو المعلى الجزري هو فرات بن السائب، متروك كما في "الميزان" "6689".
3 مرسل إسناده ضعيف.

(3/227)


الناس. أي إلى نفسك. فقال عبد الرحمن: ثكلتك أمك! إنه لن يلي هذا الأمر أحد بعد عمر إلا لامه الناس.
تابعه أبو أويس عبد الله، عن الزهري.
ابن سعد: أنبأنا عبد العزيز الأويسي، حدثنا عبد الله بن جعفر، عن أم بكر، عن أبيها المسور قال: لما ولي عبد الرحمن بن عوف "الشوري" كان أحب الناس إليَّ أنه يليه، فإن ترك، فسعد. فلحقني عمرو بن العاص فقال: ما ظن خالك عبد الرحمن بالله، إن أولى هذا الأمر أحدا، وهو يعلم أنه خير منه؟ فأتيت عبد الرحمن فذكرت ذلك له.
فقال: والله لأن تؤخذ مدية، فتوضع في حلقي ثم ينفذ بها "إلى الجانب الآخر"، أحب إليَّ من ذلك.
ابن وهب: حدثنا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أبي عبيد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أزهر، عن أبيه، عن جده أَنَّ عُثْمَانَ اشْتَكَى رُعَافًا، فَدَعَا حُمْرَانَ، فَقَالَ: اكْتُبْ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَهْدَ مِنْ بَعْدِي، فَكَتَبَ له، وانطلق حمران إلى عبد الرحمن، فقال: البشرى! قال: وما ذاك؟ قال: إن عثمان قد كَتَبَ لَكَ الْعَهْدَ مِنْ بَعْدِهِ. فَقَامَ بَيْنَ القبر والمنبر، فدعا فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ مِنْ تَوْلِيَةِ عُثْمَانَ إياي هذا الأمر، فأمتنى قبله. فلم يمكث إلا ستة أشهر حتى قبضه الله.
يعقوب بن محمد الزهري: حدثنا إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ رجل، عن طلحة بن عبد الله بن عوف قال: كان أهل المدينة عيالا على عبد الرحمن بن عوف: ثلث يقرضهم ماله، وثلث يقضي دينهم، ويصل ثلثا1.
مبارك بن فضالة: عن عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: كان بين طلحة وابن عوف تباعد. فمرض طلحة، فجاء عبد الرحمن يعوده، فقال طلحة: أنت والله يا أخي خير مني. قال: لا تفعل يا أخي، قال: بلى والله؛ لأنك لو مرضت ما عدتك2.
ضمرة بن ربيعة، عن سعد بْن الحسن قَالَ: كان عبد الرحمن بْن عوف لَا يُعرف من بين عبيده.
__________
1 إسناده ضعيف: للجهالة فيه.
2 إسناده ضعيف: علي بن زيد ضعيف الحفظ، ومبارك يدلس، وقد عنعنه.

(3/228)


شعيب بن أبي حمزة: عن الزهري، حدثني إبراهيم بن عبد الرحمن، قال: غشي على عبد الرحمن بن عوف في وجعه حتى ظنوا أنه قد فاضت نفسه، حتى قاموا من عنده، وجللوه. فأفاق يكبر، فكبر أهل البيت، ثم قال لهم: غشي على آنفا؟ قالوا: نعم. قال: صدقتم! انطلق بي في غشيتي رجلان أجد فيهما شدة وفظاظة، فقالا: انطلق نحاكمك إلى العزيز الأمين، فانطلقا بي حتى لقيا رجلا، قال: أين تذهبان بهذا؟ قالا: نحاكمه إلى العزيز الأمين. فقال: ارجعا، فإنه من الذين كتب الله لهم السعادة والمغفرة وهم في بطون أمهاتهم، وإنه سيمتع به بنوه إلى ما شاء الله، نعاش بعد ذلك شهرا.
رواه الزبيدي وجماعة عن الزهري، ورواه سعيد بن إبراهيم عن أبيه.
ابن لهيعة: عن أبي الأسود، عن عروة أن عبد الرحمن بن عوف أوصى بخمسين ألف دينار في سبيل الله، فكان الرجل يعطى منها ألف دينار1.
وعن الزهري أن عبد الرحمن أوصى للبدريين، فوجدوا مائة، فأعطى كل واحد منهم أربعمائة دينار، فكان منهم عثمان، فأخذها.
وبإسناد آخر، عن الزهري: أن عبد الرحمن أوصى بألف فرس في سبيل الله.
قال إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ: عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ: سمع عليا يقول يوم مات عبد الرحمن بن عوف: اذهب يابن عوف! فقد أدركت صفوها وسبقت زنقها.
الرنق: الكدر.
قال سعد بن إبراهيم، عن أبيه قال: رأيت سعدا في جنازة عبد الرحمن بن عوف، وهو بين يدي السرير، وهو يقول: واجبلاه!
رواه جماعة عن سعد.
معمر: عن ثابت، عن أنس قال: رأيت عبد الرحمن بن عوف، قسم لكل امرأة من نسائه بعد موته مائة ألف.
وروى هشام عن ابن سيرين قال: اقتسمن ثمنهن ثلاثمائة ألف وعشرين ألفا.
__________
1 إسناده ضعيف: ابن لهيعة ضعيف.

(3/229)


وروى نحوه ليث بن أبي سليم، عن مجاهد.
وقد استوفى صاحب تاريخ دمشق أخبار عبد الرحمن في أربعة كراريس.
ولما هاجر إلى المدينة كان فقيرا لا شيء له، فآخى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَهُ وبين سعد بن الربيع أحد النقباء، فعرض عليه أن يشاطره نعمته، وأن يطلق له أحسن زوجتيه، فقال له: بارَكَ الله لك في أهلك ومالك، ولكن دلني على السوق. فذهب. فباع واشترى، وربح ثم لم ينشب أن صار معه دراهم، فتزوج امرأة على زنة نواة من ذهب، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقد رأى عليه أثرا من صفرة: "أولم ولو بشاة" 1، ثم آل أمره في التجارة إلى ما آل.
أرخ المدائني، والهيثم بن عدي، وجماعة وفاته في سنة اثنتين وثلاثين وقال المدائني: ودفن بالبقيع، وقال يعقوب بن المغيرة: عاش خمسا وسبعين سنة.
قال أبو عمر بن عبد البر: كان مجدودا في التجارة. خلف ألف بعير، وثلاثة آلاف شاة، ومائة فرس، وكان يزرع بالجرف على عشرين ناضجا.
قلت: هذا هو الغني الشاكر، وأويس فقير صابر، وأبو ذر أو أبو عبيدة زاهد عفيف.
حسين الجعفي: عن جعفر بن برقان قال: بلغني أن عبد الرحمن بن عوف أعتق ثلاثين ألف بيت.
10- "ع" سعد بن أبي وقاص "ت 55هـ" واسم أبي وقاص: مالك بن أهيب بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ بْنِ كِلَابٍ بْن مُرَّة بْن كعب بْن لؤي.
الأمير أبو إسحاق القرشي الزهري المكي. أحد العشرة، وأحد السابقين الأولين، وأحد من شهد بدرا والحديبية، وأحد الستة أهل الشورى.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "2049" في كتاب البيوع، باب: ما جاء في قول الله عز وجل: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ} الآية، ومسلم "1427" في كتاب النكاح، باب: الصداق، والترمذي "1940" في كتاب البر والصلة، باب: مواساة الأخ، وابن ماجه "1907" في كتاب النكاح، باب: الوليمة، وأحمد "3/ 271، 274، 278" من حديث أنس.

(3/230)


روى جملة صالحة من الحديث، وله في "الصحيحين" خمسة عشر حديثا، وانفرد له البخاري بخمسة أحاديث، ومسلم بثمانية عشر حديثا.
حدث عنه: ابن عمر، وعائشة، وابن عباس، والسائب بن يزيد، وبنوه: عامر، وعمر، ومحمد، ومصعب، وإبراهيم، وعائشة، وقيس بن أبي حازم، وسعيد بن المسيب، وأبو عثمان النهدي، وعمرو بن ميمون، والأحنف بن قيس، وعلقمة بن قيس، وإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، ومجاهد، وشريح بن عبيد الحمصي، وأيمن المكي، وبشر بن سعيد، وأبو عبد الرحمن السلمي، وأبو صالح ذكوان، وعروة بن الزبير، وخلق سواهم.
أخبرنا محمد بن عبد السلام بن المطهر التميمي، أنبأنا عبد المعز بن محمد، في كتابه، أنبأنا تميم بن أبي سعيد، أنبأنا محمد بن عبد الرحمن، أنبأنا أبو عمرو ابن حمدان، أنبأنا أبو يعلى الموصلي، حدثنا علي بن الجعد، أنبأنا شعبة، عن أبي عون: سمعت جابر بن سمرة قال: قال عمر لسعد: قد شكوك في كل شيء حتى في الصلاة.
قال: أما أنا، فإني أمد في الأوليين وأحذف في الأخريين، وما آلو ما اقتديت به من صَلاةُ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: ذاك الظن بك، أو كذاك الظن بك1.
أبو عون الثقفي. هو محمد بن عبيد الله، متفق عليه.
وبه، إلى أبي يعلى: حدثنا زهير، حدثنا إسماعيل بن عمر، حدثنا يونس بن أبي إسحاق، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سعد، حدثني والدي، عن أبيه قال: مررت بعثمان في المسجد، فسلمت عليه، فملأ عينيه "مني" ثم لم يرد علي السلام: فأتيت عمر، فقلت: يا أمير المؤمنين! هل حدث في الإسلام شيء؟ قال: "لا" وما ذاك؟ قلت: "لا إلا" إني مررت بعثمان آنفا، فسلمت، "عليه فملأ عينيه
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "755" في كتاب الأذان، باب: وجوب القراءة للإمام، ومسلم "453" في كتاب الصلاة، باب: القراءة في الظهر والعصر، وأبو داود "803" في كتاب الصلاة، باب: تخفيف الأخريين، والنسائي "2/ 174" في كتاب الافتتاح، باب: الركود في الركعتين الأوليين.

(3/231)


مني" فلم يرد عليَّ. فأرسل عمر إلى عثمان، فأتاه، فقال: ما يمنعك أن تكون رددت على أخيك السلام؟ قال: ما فعلت: قلت: بلى، حتى حلف وحلفت، ثم إنه ذكر فقال: بلى، فأستغفر الله وأتوب إليه، إنك مررت بي آنفا، وأنا أحدث نفسي بكلمة سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا والله ما ذكرتها قط إلا يغشى بصري وقلبي غشاوة. فقال سعد: فأنا أنبئك بها. أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذكر لنا أول دعوة، ثم جاءه أعرابي فشغله، ثم قام رسول الله، فاتبعته، فلما أشفقت أن يسبقني إلى منزله، ضربت بقدمي الأرض، فالتفتَ إلي، فالتفت، فقال: "أبو إسحاق"؟ قلت: نعم يا رسول الله. قال: "فَمَهْ" قلت: لا والله، إلا أنك ذكرت لنا أول دعوة ثم جاء هذا الأعرابي، فقال: "نعم، دعوة ذي النون: {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} 1. فإنها لم يَدْعُ بها مسلم ربه في شيء قط إلا استجاب له" 2.
أخرجه الترمذي من طريق الفريابي، عن يونس.
ابن وهْب: حَدَّثَنِي أسامة بْن زيد اللَّيْثي، حدثني ابن شهاب أن عبد الرحمن بن المسور قال: خرجت مع أبي، وسعد، وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث عام أذرح. فوقع الوجع بالشام، فأقمنا بسرغ خمسين ليلة، ودخل علينا رمضان، فصام المسور وعبد الرحمن، وأفطر سعد وأبي أن يصوم، فقلت له: يا أبا إسحاق! أَنْتَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وشهدت بدرا. وأنت تفطر وهما صائمان؟ قال: أنا أفقه منهما.
ابن جريج: حدثني زكريا بن عمرو أن سعد بن أبي وقاص وفد على معاوية، فأقام عنده شهرا يقصر الصلاة، وجاء شهر رمضان. فأفطره منقطع.
شعبة وغيره: عن حبيب بن أبي ثابت سمعت عبد الرحمن بن المسور قال: كنا في قرية من قرى الشام يقال لها: عمان، ويصلى سعد ركعتين، فسألناه، فقال: إنا نحن أعلم.
__________
1 سورة الأنبياء: 87.
2 أخرجه أحمد "1/ 170"، وأخرجه الترمذي "3516" في كتاب الدعوات، باب: "81" مختصرا على المرفوع، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي".

(3/232)


ابن عيينة: عن عمرو قال: شهد سعد وابن عمر الحكمين.
ابن عيينة عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيب، عن سعد: قلت: يا رسول الله من أنا؟ قال: "سعد بن مالك بن وهيب بن عبد مناف بن زهرة، من قال غير هذا، فعليه لعنة الله"1.
قال ابن سعد: وأمه حمة بِنْت سفيان بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْد شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مناف.
قال ابن منده: أسلم سعد ابن سبع عشرة سنة. وكان قصيرا، دحداحا، شثن الأصابع، غليظا، ذا هامة. توفي بالعقيق في قصره، على سبعة أميال من المدينة. وحمل إليها سنة خمس وخمسين.
الواقدي: عن بكير بن مسمار عن عائشة بنت سعد قالت: كان أبي رجلا قصيرًا، دحداحًا غليظًا، ذا هامة، شثن الأصابع، أشعر، يخضب بالسواد.
وعن إسماعيل بن محمد بن سعد، قال: كان سعد جعد الشعر، أشعر الجسد، آدم، أفطس، طويلا.
يعقوب بن محمد الزهري: أنبأنا إسحاق بن جعفر، وعبد العزيز بن عمران، عن عبد الله بن جعفر بن المسور، عن إسماعيل بن محمد بن سعد، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عمير بن أبي وقاص عن بدر، استصغره، فبكى عمير، فأجازه، فعقدت عليه حمالة سيفه، ولقد شهدت بدرا وما في وجهي شعرة واحدة أمسحها بيدي2.
جماعة: عن هاشم بن هاشم، عن سعيد بن المسيب، سمعت سعدا يقول: ما أسلم أحد في اليوم الذي أسلمت، ولقد مكثت سبع ليال وإني لثلث الإسلام3.
__________
1 إسناده ضعيف: أخرجه الخطيب البغدادي في "تاريخه" "1/ 144" وعلي بن زيد ضعيف الحفظ.
2 إسناده ضعيف: يعقوب بن محمد الزهري ضعيف الحفظ كما في "الميزان" "9826"، وعبد العزيز بن عمران متروك، ولكنه توبع.
3 صحيح: أخرجه البخاري "3726" في كتاب فضائل الصحابة، باب: مناقب سعد بن أبي وقاص، وابن ماجه "132" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

(3/233)


وقال يوسف بن الماجشون: سمعت عائشة بنت سعد تقول: مكث أبي يوما إلى الليل وإنه لثلث الإسلام.
إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ: عَنْ قَيْسٍ قَالَ: قال سعد بن مالك: مَا جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- أبويه لأحد قبلي. ولقد رأيته وإنه ليقل لي: "يا سعد ارم فداك أبي وأمي" 1.
وإني لأول المسلمين رمى المشركين بسهم. ولقد رأيتني مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَابِعَ سَبْعَةٍ مَا لَنَا طَعَامٌ إِلَّا وَرَقَ السَّمُرِ، حَتَّى إِنَّ أَحَدَنَا لَيَضَعُ كما تَضَعُ الشَّاةُ، ثُمَّ أَصْبَحَتْ بَنُو أَسَدٍ تُعَزِّرُنِي عَلَى الْإِسْلَامِ، لَقَدْ خِبْتُ إِذَنْ وَضَلَّ سَعْيِي2.
متفق عليه، رواه جماعة عن إسماعيل.
وروى المسعودي عن القاسم بْن عَبْد الرَّحْمَن: أوّل من رمى بسهم في سبيل الله، سعد، وإنه من أخوال النبي -صلى الله عليه وسلم3.
حاتم بن إسماعيل: عن بُكَيْرُ بْنُ مِسْمَارٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَمَعَ لَهُ أَبَوَيْهِ. قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَدْ أَحْرَقَ الْمُسْلِمِينَ. فَقَالَ رسول الله: "ارم فداك أبي وأمي" فَنَزَعْتُ بِسَهْمٍ لَيْسَ فِيهِ نَصْلٌ، فَأَصَبْتُ جَبْهَتَهُ، فوقع وانكشفت عَوْرَتُهُ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى بدت نواجذه4.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "4055" في كتاب المغازي، باب: قوله تعالى: {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا} ، ومسلم "2414" في كتاب فضائل الصحابة، باب: فضل سعد بن أبي وقاص، والترمذي "3775" في كتاب المناقب، باب: مناقب سعد بن أبي وقاص، وابن ماجه "130" في المصدر السابق.
2 صحيح: أخرجه البخاري "3728" في كتاب فضائل الصحابة، باب: مناقب سعد بن أبي وقاص، ومسلم "2966" في أول كتاب الزهد، والترمذي "2372"، 2373" في كتاب الزهد، باب: معيشة أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- وفي "الشمائل" له "374" وأبو نعيم في "الحلية" "31".
3 صحيح: ورد مفرقا، وأما شطره الأول فقد ورد ضمن الحديث السابق وأما شطره الثاني فقد أخرج الترمذي "3773" في المصدر السابق، عن جابر قال: أقبل سعد فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَذَا خالي فليرني امرؤ خاله"، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي".
4 صحيح: تقدم تخريجه.

(3/234)


عبد الله بن مصعب، حدثنا موسى بن عقبة، عن ابن شهاب قَالَ: قَتَلَ سَعْدٌ يَوْمَ أُحُدٍ بِسَهْمٍ رُمِيَ به، فقتل، فرد عليهم فرموا به، فأخذه سعد، فرمى به الثانية، فقتل، فرد عليهم، فرمى به الثالثة، فقتل، فعجب الناس مما فعل، إسناده منقطع.
ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنِ بعض آل سعد، عن سعد أنه رمى يوم أحد، قال: فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يناولني النبل ويقول: "ارم فداك أبي وأمي" حتى إنه ليناولني السهم ما له من نصل، فأرمى به1.
قال ابن المسيب: كان جيد الرمي، سمعته يقول: جَمَعَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أبويه يوم أحد2.
أخرجه البخاري. وقد ساقه الحافظ ابن عساكر من بضعة عشر وجها. وساق حديث ابن أبي خالد عن قيس من سبعة عشر طريقا بألفاظها، وبمثل هذا كبر تاريخه. وساق حديث عبد الله بن شداد عن علي: ما سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جمع أبويه لأحد غير سعد3، من ستة عشر وجها. رواه مسعر وشعبة وسفيان، عن سعد بن إبراهيم، عنه.
ابن عيينة: عن يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: قال علي: ما سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يجمع أَبويه لأحد غير سعد4. تفرد به ابن عيينة، وقد رواه شعبة وزائدة، وغيرهما عن يحيى بن سعيد، عن سعد، وهو أصح.
ابن زنجويه: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن أيوب، عن عائشة بنت سعد، سمعتها تقول: أنا ابنة المهاجر الذي فداه رسول الله يوم أحد بالأبوين.
الأعمش: عن إبراهيم، قال عبد الله بن مسعود: لقد رأيت سعدا يقاتل يوم
__________
1 إسناده ضعيف: وقد تقدم بنحوه.
2 صحيح: وقد تقدم.
3 صحيح: أخرجه الترمذي "3776" في المصدر السابق، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي".
4 صحيح: انظر السابق.

(3/235)


بدر قتال الفارس في الرجال1. رواه بعضهم عن الأعمش فقال: عن إبراهيم، عن علقمة.
يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ: عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرحمن الوقاصي، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سرية، فِيهَا سعد بن أبي وقاص إلى جانب من الحجاز يُدعى رابغ، وَهُوَ من جانب الجُحْفَة، فانكفأ المشركون على المسلمين، فحماهم سعد يومئذ بسهامه، فكان هذا أول قتال في الإسلام، فقال سعد:
ألا هل أتى رَسُول اللَّهِ أني ... حَمَيْتُ صَحابتي بصدور نَبْلِي
فما يَعْتَدُّ رامٍ في عدُوٍ ... بسهمٍ يا رسول الله قبلي2
وفي البخاري: لمروان بن معاوية: أخبرني هاشم بن هاشم، سمعت سعيد بن المسيب، سمعت سَعْدًا يَقُولُ: نَثَلَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كِنَانَتَهُ يَوْمَ أُحُدٍ وَقَالَ: "ارم! فداك أبي وأمي" 3.
أنبأنا به أحمد بن سلامة، عن ابن كليب، أنبأنا ابن بيان، أنبأنا ابن مخلد، أخبرنا إسماعيل الصفار، حدثنا الصفار بن عرفة، حدثنا مروان فذكره.
القعنبي، وخالد بن مخالد قالا: حدثنا سليمان بْن بلال، عَنْ يحيى بْن سعيد، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عائشة قالت: أرق رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَقَالَ: "ليت رجلا صالحا من أصحابي يحرسني الليلة".
قالت: فسمعنا صوت السلاح، فقال رسول الله: "من هذا"؟ قال سعد بن أبي وقاص: أنا يا رسول الله جئت أحرسك، فنام رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى سمعت غطيطه4.
أبو بكر الحنفي عبد الكبير: حدثنا بُكَيْرُ بْنُ مِسْمَارٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ أن أباه سعدا، كان في غنم له، فجاء ابنه عمر، فلما رآه قال: أعوذ بالله من شر هذا
__________
1 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 75".
2 مرسل.
3 صحيح: وقد تقدم.
4 صحيح: أخرجه البخاري "2885" في كتاب الجهاد، باب: الحراسة في الغزو، ومسلم "2410" في كتاب فضائل الصحابة، باب: في فضل سعد بن أبي وقاص، والترمذي "3777" في كتاب المناقب، باب: مناقب سعد بن أبي وقاص.

(3/236)


الراكب، فلما انتهى إليه، قال: يا أبة أرضيت أن تكون أعرابيا في غنمك، والناس يتنازعون في الملك بالمدينة، فضرب صدر عمر، وقال: اسكت، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إن الله عز وجل يحب العبد التقي الغني الخفي" 1.
روح، والأنصاري، واللفظ له: أنبأنا ابن عون، عن محمد بن محمد بن الأسود، عن عامر بن سعد قال: قال سعد: لقد رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ضحك يوم الخندق، حتى بدت نواجذه. كان رجل معه ترس، وكان سعد راميا، فجعل يقول كذا يحوي بالترس، ويغطي جبهته، فنزع له سعد بسهم، فلما رفع رأسه، رماه فلم يخط هذه منه يعني جبهته فانقلب، وأشال برجله، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ فعله، حتى بدت نواجذه2.
يحيى القطان وجماعة: عن صدقة بن المثنى، حدثني جدي رياح بن الحارث، أن المغيرة كان في المسجد الأكبر، وعنده أهل الكوفة، "عن يمينه وعن يساره" فجاءه رجل "يدعى سعيد بن زيد، فحياه المغيرة وأجلسه عند رجليه على السرير، فجاء رجل من أهل الكوفة" فاستقبل المغيرة، فسب، وسب، فقال سعيد بن زيد: من يسب هذا يا مغيرة؟ قال: يسب علي بن أبي طالب، قال: يا مغير بن شعيب، يا مغير بن شعيب! ألا تسمع أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يسبون عندك، ولا تنكر ولا تغير؟ فأنا أشهد عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بما سمعت أذناني، ووعاه قلبي من رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فإني لم أكن أروى عنه كذبا، إنه قال: "أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعلي في الجنة وعثمان في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وعبد الرحمن في الجنة، وسعد بن مالك في الجنة"، وتاسع المؤمنين في الجنة، ولو شئت أن اسميه لسميته، فضج أهل المسجد يناشدونه: يا صاحب رسول الله! من التاسع؟ قال: ناشدتموني بالله والله عظيم، أنا هو، والعاشر رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاللَّهُ لمشهد شهده رجل مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أفضل من عمل أحدكم، ولو عُمِّر ما عُمِّر نوح3.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "2965" في أول كتاب الزهد، وأحمد "1/ 168، 177".
2 أخرجه أحمد "1/ 186".
3 صحيح: أخرجه أبو داود "4650" في كتاب السنة، باب: في الخفاء، وابن ماجه "133" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود".

(3/237)


أخرجه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه، من طريق صدقة.
شعبة، عن الحر: سمعت رجلًا يقال "له" "عبد" الرحمن بن الأخنس، قال: خطب المغيرة بن شعبة فنال من علي، فقام سعيد بن زيد فقال: ما تريد إلى هذا. أشهد عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لقال: "عشرة في الجنة: رسول الله في الجنة، وأبو بكر في الجنة" 1 الحديث.
الحر هو ابن الصياح.
عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ: عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عبيد الله، حدثنا الحر، بنحوه.
ابن أبي بديك: حدثنا موسى بن يعقوب. عن عمر بن سعيد بن سريج، أن عبد الرحمن بن حميد حدثه، عن أبيه حميد بن عبد الرحمن، حدثني سعيد بن زيد في نفر، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "عشرة في الجنة: أبو بكر في الجنة، وسمَّى فيهم أبا عبيدة" 2.
ابن عيينة: عن سعير بن الخمس، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ابن عمر: قال رسول الله: "عشرة من قريش في الجنة، أبو بكر، ثم سمى العشرة"3.
أخبرنا ابن أبي عمر وجماعة، إذنا، قالوا: أنبأنا حنبل، أنبأنا هبة الله، أنبأنا ابن المذهب، حدثنا أحمد بن جعفر، حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة، عن حصين، عن هلال بن يساف، عن عبد الله بن ظالم قال: خطب المغيرة فنال من علي. فخرج سعيد بن زيد فقال: ألا تعجب من هذا يسب عليًّا، أشهد عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنا كنا على حراء أو أُحُدٍ، فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اثبت حراء أو أحد! فإنما عليك نبي أو صديق أو شهيد" فسمى النبي، وأبا بكر، وعمر، وعثمان وعليا،، وطلحة، والزبير، وسعدا، وعبد الرحمن. وسمى سعيد نفسه، رضوان الله عليهم4. وله طرق.
__________
1 صحيح: أخرجه أبو داود "4649" في المصدر السابق، وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود".
2 صحيح: وقد تقدم.
3 في إسناده ضعف: حبيب بن أبي ثابت يدلس كما في "التقريب" "1084" وقد عنعنه، وهو صحيح بما تقدم.
4 صحيح: وقد تقدم.

(3/238)


ومنها: عاصم بن علي: حدثنا محمد بن طلحة، عن أبيه، عن هلال بن يساف، عن سعيد نفسه، وقال: "اسكن حراء".
أخبرنا ابن أبي الخير، أنبأنا عبد الغني الحافظ، في كتابه إلينا، أنبأنا المبارك بن المبارك السمسار، أنبأنا النعالي، أنبأنا أبو القاسم بن المنذر، أنبأنا إسماعيل الصفار، حدثنا الدقيقي، حدثنا يونس بن محمد، حدثنا الليث، عن يزيد بن الهادي، عن أبي بكر بن حزم قال: جاءت أروى بنت أويس إلى محمد بن عمرو بن حزم فقالت: إن سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ قد بنى ضفيرة في حقي، فأته، فكلمه، فوالله لئن لم يفعل، لأصيحن به فِي مسجد رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأته، فكلمه، فوالله لئن لم يفعل، لأصيحن به فِي مسجد رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ لها: لا تؤذي صاحب رسول الله! ما كان ليظلمك، ما كان ليأخذ لك حقا، فخرجت، فجاءت عمارة بن عمرو وعبد الله بن سلمة، فقالت لهما: ائتيا سعيد بن زيد، فإنه قد ظلمني، وبنى ضفيرة في حقي، فوالله لئن لم ينزع، لأصيحن به فِي مسجد رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فخرجا حتى أتياه في أرضه بالعقيق، فقال لهما: ما أتى بكما؟ قالا: جاء بنا أروى، زعمت أنك بنيت ضفيرة في حقها، وحلفت بالله لئن لم تنزع لتصيحن بك فِي مسجد رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأحببنا أن نأتيك، ونذكرك بذلك، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "من أخذ شبرا من الأرض بغير حق، طوقه يوم القيامة من سبع أرضين" لتأتين، فلتأخذ ما كان لها من حق، اللهم إن كانت علي، فلا تمتها حتى تعمي بصرها، وتجعل منيتها فيها. ارجعوا فأخبروها بذلك، فجاءت، فهدمت الضفيرة، وبنت بيتا، فلم تمكث إلا قليلا حتى عميت، وكانت تقوم من الليل، ومعها جارية تقودها، فقامت ليلة، ولم توقظ الجارية فسقطت في البئر، فماتت1.
هذا يؤخر إلى ترجمة سعيد بن زيد.
أحمد في "مسنده": حدثنا سليمان بن داود الهاشمي، حدثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عن سعد قال: رأيت رجلين عن يمين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويساره يوم أحد، عليهما ثياب بيض، يقاتلان عنه كأشد القتال، ما رأيتهما قبل ولا بعد2.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "3198" في كتاب بدء الخلق، باب: ما جاء في سبع أرضين، ومسلم "1610" في كتاب المساقاة، باب: تحريم الظلم.
2 صحيح: أخرجه البخاري "4045" في كتاب المغازي، باب: قوله تعالى {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا} ، ومسلم "2306" في كتاب الفضائل، باب: في قتال جبريل وميكائيل، وأحمد "1/ 177"، وأبو نعيم في "الحلية" "3701"، والبيهقي في "الدلائل" "3/ 254".

(3/239)


الثوري: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ ابن مسعود قال: اشتركت أنا، وسعد، وعمار، يَوْم بدر فيما أصبنا من الغنيمة، فجاء سعد بأسيرين، ولم أجئ أنا وعمار بشيء1.
شريك: عن أبي إسحاق قال: أشد الصحابة أربعة: عمر، وعلي، والزبير، وسعد.
أبو يعلى في "مسنده" حدثنا محمد بن المثني، حدثنا عبد الله بن قيس الرقاشي، حدثنا أيوب، عن نافع، عن ابن عمر قَالَ: كنا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "يدخل عليكم من هذا الباب رجل من أهل الجنة" فطلع سعد بن أبي وقاص2.
رشدين بن سعد: عن الحجاج بن شداد، عن أبي صالح الغفاري، عن عبد الله بن عمرو أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أول من يدخل من هذا الباب رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ" فَدَخَلَ سَعْدُ بْنُ أبي وقاص3.
ابن وهب: أخبرني حيوة، أخبرنا عقيل، عن ابن شهاب، حدثني من لا أتهم، عن أنس قال: بينا نحن جلوس عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة" فطلع سعد4.
الثوري، عن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن سعد {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ} 5. قال: نزلت في ستة أنا وابن مسعود منهم6.
__________
1 ضعيف: أخرجه أبو داود "3388" في كتاب البيوع، باب: في الشركة على غير رأس مال، والنسائي "7/ 319" في كتاب البيوع، باب: الشركة بغير مال، وابن ماجه "2288" في كتاب التجارات، باب: الشركة والمضاربة، وقال الألباني في "ضعيف سنن أبي داود" "735": ضعيف.
2 إسناده ضعيف: عبد الله بن قيس الرقاشي فيه ضعف كما في "الميزان" "4518" وانظر الآتي.
3 إسناده ضعيف: رشدين بن سعد ضعيف كما في "التقريب" "1942".
4 إسناده ضعيف: للجهالة فيه.
5 سورة الأنعام، الآية "52".
6 صحيح: أخرجه مسلم "2413" في كتاب فضائل الصحابة، باب: فضل سعد بن أبي وقاص، وابن ماجه "4128" في كتاب الزهد، باب: مجالسة الفقراء، وأبو نعيم في "الحلية" "1215".

(3/240)


مسلمة بن علقمة: حدثنا داود بن أبي هند، عن أبي عثمان أن سعدا قال: نزلت هذه الآية في {وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا} 1. قال: كنت برا بأمي، فلما أسلمت، قالت: يا سعد! ما هذا الدين الذي قد أحدثت؟ لتدعن دينك هذا، أو لا آكل، ولا أشرب، حتى أموت، فتعير بي، فيقال: يا قاتل أمه، قلت: لا تفعلي يا أمه، إني لا أدع ديني هذا لشيء، فمكثت يوما لا تأكل ولا تشرب وليلة، وأصبحت وقد جهدت، فلما رأيت ذلك، قلت: يا أمه! تعلمين والله لو كان لك مائة نفس، فخرجت نفسا نفسا، ما تركت ديني. إن شئت فكلي أو لا تأكلي فلما رأت ذلك، أكلت2.
رواه أبو يعلى في "مسنده".
مجالد: عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا أقبل سعد بن مالك فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَذَا خالي، فليرني امرؤ خاله" 3.
قلت: لأن أم النبي -صلى الله عليه وسلم- زهرية، وهي آمنة بنت وهب بن عبد مناف، ابنة عم أبي وقاص.
يحيى القطان: عن الجعد بن أوس، حدثتني عائشة بنت سعد قالت: قال سعد: اشتكيت بمكة، فدخل عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يعودني، فمسح وجهي وصدري وبطني، وقال: "اللهم اشف سعدا" فما زلت يخيل إلي أني أجد برد يده -صلى الله عليه وسلم- على كبدي حتى الساعة4.
أخرجه البخاري والنسائي.
أحمد في "مسنده": حدثنا أبو المغيرة، حدثنا معان بن رفاعة، حدثني علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة قال: جلسنا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فذكرنا، ورققنا.
__________
1 سورة العنكبوت، الآية "8".
2 صحيح: أخرجه مسلم "1748" في المصدر السابق، والترمذي "3200" في كتاب التفسير باب: ومن سورة العنكبوت.
3 صحيح: وقد تقدم.
4 صحيح: أخرجه البخاري "5659" في كتاب المرضى، باب: وضع اليد على المريض، وأخرج أصله النسائي "6/ 241، 244" في كتاب الوصايا، باب: الوصية بالثلث.

(3/241)


فبكى سعد بن أبي وقاص، فأكثر البكاء. فقال: يا ليتني مت! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا سعد أتتمنى الموت عندي"؟ فردد ذلك ثلاث مرات، ثم قال: "يا سعد! إن كنت خلقت للجنة، فما طال عمرك أو حسن من عملك، فهو خير لك"1.
محمد بن الوليد البسري، حدثنا يحيى بن سعيد، عن إسماعيل، عن قيس أخبرني سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: $"اللَّهُمَّ اسْتَجِبْ لِسَعْدٍ إِذَا دَعَاكَ"2.
رواه جعفر بن عون، عن إسماعيل، عن قيس أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَهُ.
عبد الرحمن بن مغراء: عن سعيد بن المرزبان، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ يَوْمَ أحد: "اللهم استجب لسعد" ثلاث مرات3.
ابن وهب: حدثني أبو صخر: عن يزيد بن قسيط، عن إسحاق بن سعد بن أبي وقاص، حدثني أبي: أن عبد الله بن جحش قال يوم أحد: ألا تأتي ندعو الله تعالى، فخلوا في ناحية، فدعا سعد، فقال: يا رب! إذا لقينا العدو غدا، فلقني رجلا شديدا بأسه، شديدا حرده، أقاتله، ويقاتلني، ثم ارزقني الظفر عليه، حتى أقتله وآخذ سلبه.
فأمن عبد الله، ثم قال: الله ارزقني غدا رجلا شديدا بأسه، شديدا حرده، فأقاتله، ويقاتلني، ثم يأخذني، فيجدع أنفي وأذني، فإذا لقيتك غدا قلت لي: يا عبد الله! فيم جدع أنفك وأذناك؟ فأقول: فيك وفي رسولك، فتقول: صدقت.
قال سعد: كانت دعوته خيرا من دعوتي، فلقد رأيته آخر النهار، وإن أنفه وأذنه لمعلق في خيط.
أبو عوانة وجماعة: حدثنا عَبْد الْمَلِكِ بْنِ عُمَير، عَن جَابِرِ بْنِ سمرة قال:
__________
1 إسناده ضعيف: أخرجه أحمد "5/ 266-267" وعلي بن يزيد هو الألهاني، ضعيف الحفظ.
2 صحيح: أخرجه الترمذي "3772" في كتاب المناقب، باب: مناقب سعد بن أبي وقاص، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي".
3 إسناده ضعيف: سعيد بن المرزبان ضعيف كما في "الميزان" "3271".

(3/242)


شكا أهل الكوفة سعدا إلى عمر، فقالوا: إنه لا يحسن أن يصلي. فقال سعد: أما أنا، فإني كنت أصلي بهم صلاة رسول الله، صلاتي في العشي لا أحرم منها، أركُد في الأوليين وأحذَف في الأخريين، فقال عمر: ذاك الظن بك يا أبا إسحاق. فبعث رجالا يسألون عنه بالكوفة، فكانوا لَا يأتون مسجدًا من مساجد الْكُوفَة، إلا قالوا خيرا، حتى أتوا مسجدا لبني عبْس، فَقَالَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو سعدة: أما إذ نشدتمونا باللَّه، فإِنَّهُ كَانَ لَا يَعدل في القضية، ولا يقسم بالسوية، ولا يسير بالسرية، فَقَالَ سعد: اللَّهم إن كَانَ كاذبًا، فأعْمِ بصره، وأطل عُمره، وعرضه للفِتَن. قَالَ عَبْد الملك: فأنا رأيته بعدُ يتعرض للإماء في السكك. فإذا سئل كيف أنت؟ يقول: كبير فقير مفتون، أصابتني دعوة سعد1. متفق عليه.
محمد بن جحادة: حدثنا الزبير بن عدي، عن مصعب بن سعد أن سعدا خطبهم بالكوفة فقال: يَا أَهْل الْكُوفَة! أي أمير كنت لكم؟ فقام رجل فقال: اللهم إن كنت مَا علمتك لَا تعدل في الرعية، وَلَا تقسم بالسوية، وَلَا تغزو في السرية، فَقَالَ سعد: اللَّهم إن كَانَ كاذبًا، فاعْمٍ بصره، وعجل فَقْره، وأطِل عُمُرَه، وعرضه للفتن.
قال: فما مات حتى عمي، فكان يلتمس الجدرات، وافتقر حتى سأل، وأدرك فتنة المختار فقتل بها.
عمرو بن مرزوق: حدثنا شُعْبة، عَن سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ سَعِيدِ بن المسيب قال: خرجت جارية لسعد عليها قميص جديد، فكشفتها الرِّيحُ، فَشَدَّ عُمَرُ عَلَيْهَا بِالدَّرَّةِ، وَجَاءَ سَعْدٌ ليمنعه، فتناوله بالدرة، فذهب سعد يدعو عَلَى عُمَرَ، فَنَاوَلَهُ الدَّرَّةَ وَقَالَ: اقْتَصْ، فَعَفَا عن عمر.
أسد بن موسى: حدثنا يحيى بن زكريا، حدثنا إسماعيل عن قيس قال: كان لابن مسعود على سعد مال: فقال له ابن مسعود: أد المال! قال: ويحك مالي، ولك؟ مال: أد المال الذي قبلك. فقال سعد: والله إني لأراك لاق مني شرا، هل أنت إلا ابن مسعود وعبد بني هذيل. قال: أجل والله! وإنك لابن
__________
1 صحيح: وقد تقدم.

(3/243)


حمنة: فقال لهما هاشم بن عتبة: إنكما صاحبا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينظر إليكما الناس. فطرح سعد عودا كان في يده، ثم رفع يده، فقال: اللهم رب السماوات! فقال له عبد الله: قل قولا ولا تلعن، فسكت، ثم قال سعد: أما والله لولا اتقاء الله، لدعوت عليك دعوة لا تخطئك.
رواه ابن المديني، عن سفيان، عن إسماعيل وكان قد أقرضه شيئا من بيت المال.
ومن مناقب سعد أن فتح العراق كان على يدي سعد، وهو كان مقدم الجيوش يوم وقعة القادسية، ونصر الله دينه، ونزل سعد بالمدائن، ثم كان أمير الناس يوم جلولاء فكان النصر على يده، واستأصل الله الأكاسرة.
فروى زِيَادٌ الْبَكَّائِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عن قبيصة بن جابر قال: فقال ابن عم لنا رجل منا يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ:
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ نصره ... وسعد بباب الْقَادِسِيَّةِ مُعْصمٌ
فَأُبْنَا وَقَدْ آمَتْ نِسَاءٌ كَثِيرَةٌ ... ونسوة سعد ليس فيهن أيم
فلما بلغ سعدا قال: اللهم اقطع عني لسانه ويده. فجاءت نشابة أصابت فَاهُ، فَخَرَسَ، ثُمَّ قُطِعَتْ يَدُهُ فِي الْقِتَالِ. وَكَانَ فِي جَسَدِ سَعْدٍ قُرُوحٌ، فَأَخْبَرَ النَّاسَ بعذره عن شهود القتال.
وروى نحوه سيف بن عمر، عن عبد الملك.
هشيم: عن أبي مسلم، عن مصعب بن سعد، إن رجلًا نال من عليّ، فنهاه سعد، فلم ينته، فدعا عَلَيْهِ. فما برح حَتَّى جاء بعير ناد1 فخبطه حتى مات.
ولهذه الواقعة طرق جمة رواها ابن أبي الدنيا في "مجابي الدعوة" وروى نحوها الزبير بن بكار، عن إبراهيم بن حمزة، عن أبي أسامة، عن ابن عون، عن محمد بن محمد الزهري، عن عامر بن سعد. وحدث بها أبو كريب، عن أبي أسامة. ورواه ابن حميد، عن ابن المبارك، عن ابن عون، عن محمد بن محمد بن الأسود.
__________
1 ناد: شارد.

(3/244)


وقرأتها على عمر بن القواس، عن الكندي، أنبأنا أبو بكر القاضي، أنبأنا أبو إسحاق البرمكي، حضورا، أنبأنا ابن ماسي، أنبأنا أبو مسلم، حدثنا الأنصاري، حدثنا ابن عون، وحدث بها ابن علية، عن محمد بن محمد.
ورواها ابن جدعان: عن ابن المسيب أن رجلا كان يقع في علي وطلحة والزبير، فجعل سعد ينهاه ويقول: لا تقع في إخواني، فأبى، فقام سعد: وصلى ركعتين ودعا، فجاء بختي يشق الناس، فأخذه بالبلاط، فوضعه بين كركرته والبلاط حتى سحقه، فأنا رأيت الناس يتبعون سعدا يقولون: هنيئا لك يا أبا إسحاق! استجيبت دعوتك1.
قلت: في هذا كرامة مشتركة بين الداعي والذين نيل منهم.
جرير الضبي: عن مغيرة، عَن أمه قالت: زرنا آل سعد، فرأينا جارية كان طولها شبرا. قلت: من هَذِهِ؟ قالْوَا: مَا تعرفينها؟ هَذِهِ بنت سعد، غمست يدها في طهوره، فقال: قطع الله قرنك، فما شبت بعد.
وروى عبد الرزاق: عن أبيه، عن مينا مولى عبد الرحمن بن عوف، أن امرأة كانت تطلع على سعد، فينهاها، فلم تنته، فاطلعت يوما وهو يتوضأ، فقال: شاه وجهك، فعاد وجهها في قفاها.
ميا: متروك2.
حاتم بن إسماعيل: حدثنا يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ "أَبِي" لَبِيبَةَ، عن جده قال: دعا سعد بن أبي وقاص فقال: يا رب! بني صغار فأخر عني الموت حتى يبلغوا، فأخر عنه الموت عشرين سنة3.
قال خليفة بن خياط: وفي سنة خمس عشرة وقعة القادسية، وعلى المسلمين سعد، وفي سنة إحدى وعشرين شكا أهل الكوفة سعدا أميرهم إلى عمر، فعزله.
__________
1 إسناده ضعيف: ابن جدعان هو علي بن زيد، ضعيف الحفظ.
2 هو مينا بن أبي مينا، كذبه أبو حاتم، وقال ابن معين والنسائي. ليس بثقة. وقال الدارقطني: متروك. "الميزان" "8981".
3 إسناده ضعيف: يحيى بن عبد الرحمن ضعفه ابن معين كما في "الميزان" "9571".

(3/245)


وقال الليث بن سعد: كان فتح جلولاء سنة تسع عشرة، افتتحها سعد بن أبي وقاص.
قلت: قتل المجوس يوم جلولاء قتلا ذريعا، فيقال: بلغت الغنيمة ثلاثين ألف ألف درهم.
وعن أبي وائل قال: سميت جلولاء فتح الفتوح.
قال الزهري: لما استخلف عثمان، عزل عن الكوفة المغيرة، وأمر عليها سعدا.
وروى حصين، عن عمرو بن ميمون، عن عمر أنه لما أصيب، جعل الأمر شورى في الستة وقال، من استخلفوه فهو الخليفة بعدي، وإن أصابت سعدا، وإلا فليستعن به الخليفة بعدي، فإنني لم أنزعه، يعني عن الكوفة، من ضعف ولا خيانة.
ابن علية: حدثنا أيوب، عن محمد قال: نُبئت أن سعدًا قَالَ: مَا أزعم أني بقميصي هذا أحق مني بالخلافة، جاهدت وأنا أعرف بالجهاد، ولا أبخع نفسي إن كان رجلا خيرا مني، لا أقاتل حتى يأتوني بسيف له عينان ولسان، فيقول: هذا مؤمن وهذا كافر1 وتابعه معمر، عن أيوب.
أخبرنا أبو الغنائم القيسي، وجماعة، كتابة، قالوا: أنبأنا حنبل، أنبأنا هبة الله، أنبأنا ابن المذهب، أنبأنا القطيعي، حدثنا عبد الله، حدثني أبي، حدثنا عبد الملك بن عمرو، حدثنا كثير بن زيد، عن المطلب، عن عمر بن سعد، عن أبيه أنه جاءه ابنه عامر فقال: أي بني! أفي الفتنة تأمرني أن أكون رأسا؟ لا والله، حتى أعطى سيفا، إن ضربت به مسلما، نبا عنه، وإن ضربت كافرا، قتله، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إن الله يحب الغني الخفي التقي" 2.
الزبير: حدثنا مُحَمَّد بْن الضَّحّاك الحِزَامِيّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قام عليٌّ على مِنبْرَ الكوفة، فقال حين اختلف الحَكَمان: لقد كنت نَهَيْتُكم عن هَذِهِ الحكومة، فعصيتموني. فقام إليه فتى آدم، فقال: إنك والله ما نهيتنا، بل أمرتنا وذمرتنا3،
__________
1 إسناده ضعيف: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 76" وفي إسناده جهالة.
2 صحيح: وقد تقدم.
3 ذمر: حض وشجع.

(3/246)


فَلَمَّا كان منها مَا تكرهُ، برَّأْتَ نَفْسَكَ، ونحلتنا ذنبك. فقال علي -رضي الله عنه: مَا أنت وهذا الكلام قبَّحَكَ الله! واللهِ لقد كَانَتِ الجماعة، فكنت فيها خاملًا، فَلَمَّا ظهرت الفتنة، نجمت فيها نجوم قرن الماعز: ثم التفت إلى الناس فَقَالَ: للَّهِ منزل نزله سعد بن مالك، وعبد الله بن عمر، والله لئن كان ذنبا، إِنَّهُ لصغير مغفور، ولئن كَانَ حسنًا، إِنَّهُ لعظيم مشكور.
أبو نعيم: حدثنا أبو أحمد الحاكم، حدثنا ابن خزيمة، حدثنا عمران بن موسى، حدثنا عبد الوارث، حدثنا محمد بن جحاد، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي حازم، عن حسين بن خارجة الأشجعي قال: لما قُتل عثمان، أشكلت علي الفتنة، فقلت: اللهم أرني من الحق أمرا أتمسك به، فرأيت في النوم الدنيا والآخرة بينهما حائط، فهبطت الحائط، فإذا بنفر، فقالوا: نحن الملائكة، قلت: فأين الشهداء؟ قالوا: اصعد الدرجات، فصعدت درجة ثم أخرى، فإذا محمد وإبراهيم -صلى الله عليهما- وإذا محمد يقول لإبراهيم: استغفر لأمتي، قال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، إنهم اهرقوا دماءهم، وقتلوا إمامهم، ألا فعلوا كما فعل خليلي سعد؟ قال: قلت: لقد رأيت رؤيا، فأتيت سعدا، فقصصتها عليه، فما أكثر فرحا، وقال: قد خاب من لم يكن إبراهيم -عليه السلام- خليله، قلت: مع أي الطائفتين أنت؟ قال: ما أنا مع واحد منهما، قلت: فما تأمرني؟ قال: هل لك من غنم؟ قلت: لا، قال: فاشتر غنما، فكن فيها حتى تنجلي.
أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن، أنبأنا أبو محمد بن قدامة، أنبانا هبة الله بن الحسن، أنبأنا عبد الله بن علي الدقاق، أخبرنا علي بن محمد، أنبأنا محمد بن عمرو، حدثنا سعدان بن نصر، حدثنا سفيان، عن الزهري، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ مرضت عام الفتح، مرضا أشفيت منه، فَأَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يعودني، فقلت: يا رسول الله! إن لي مالا كثيرا، وليس يرثني إلا ابنة، أفأوصي بما لي كله؟ قال: "لا"، قال: فالشطر، قال: "لا"، قلت: فالثلث، قال: "والثلث كثير، إنك أن تترك ورثتك أغنياء خير من أن تتركهم عالة يتكففون الناس، لعلك تؤخر على جميع أصحابك، وإنك لن تتفق نفقة تريد بها وجه الله، إلا أجرت فيها، حتى اللقمة ترفعها إلى في امرأتك"، قلت: يا رسول الله إني أرهب أن أموت بأرض هاجرت منها، قال: "لعلك أن تبقى حتى ينتفع بك أقوام

(3/247)


ويضر بك آخرون، اللهم امض لأصحابي هجرتهم، ولا تردهم على أعقابهم، لكن البائس سعد بن خولة" يرثي له أنه مات بمكة1.
متفق عليه من طرق عن الزهري.
وعن علي بن زيد: عن الحسن قال: لما كان الهيج في الناس، جعل رجل يسأل عن أفاضل الصحابة، فكان لا يسأل أحدا إلا دله على سعد بن مالك2.
وروى عمر بن الحكم: عن عوانه أنه قال: دَخَلَ سعد عَلَى مُعَاوِيَة، فلم يسَلم عَلَيْهِ بالإمرة، فَقَالَ مُعَاوِيَة: لَوْ شئت أن تقول غيرها لقلت، قَالَ: فنحن المؤمنون وَلَمْ نؤمرك، فإنك مُعجَب بما أنت فِيهِ، واللَّه مَا يسُرني أني عَلَى الّذي أنت عَلَيْهِ وإني هرقت محجمة دم.
قلت: اعتزل سعد الفتنة، فلا حضر الجمل ولا صفين ولا التحكيم ولقد كان أهلا للإمامة، كبير الشأن -رضي الله عنه.
روى نعيم بن حماد، حدثنا ابن إدريس، عن هشام، عن ابن سيرين أن سعد بن أبي وقاص طاف عَلَى تسع جوارٍ في ليلة، ثُمَّ استيقظت العاشرة لما أيقظها، فنام هو، فاستحيت أن توقظه3.
حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ مُصْعَبِ بن سعد أنه قال: كان رأسي أَبِي فِي حِجْرِي، وَهُوَ يَقْضِي. فَبَكَيْتُ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيَّ، فَقَالَ: أَيْ بُني مَا يُبْكِيكَ؟ قلت: لمكانك وما أرى بك. قال: لا تَبْكِ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُعَذِّبُنِي أَبَدًا. وإني من أهل الجنة4.
قلت: صدق والله، فهنيئا له.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "1295" في كتاب الجنائز، باب: رثاء النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سعدَ بن خولة، ومسلم "1628" في كتاب الوصية، الوصية بالثلث، وأبو داود "2864" في كتاب الوصايا، باب: ما جاء في ما لا يجوز للموصي بماله، والترمذي "2123" في كتاب الوصايا، باب: الوصية بالثلث، والنسائي "6/ 241، 242" في كتاب الوصايا، باب: الوصية بالثلث، وابن ماجه "2708" في كتاب الوصايا، باب: الوصية بالثلث، وأبو نعيم في "الحلية" 297".
2 إسناده ضعيف.
3 إسناده ضعيف: نعيم بن حماد ضعيف.
4 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 78".

(3/248)


الليث: عن عقيل، عن الزهري أن سعد بن أبي وقاص لما احتضر، دعا بخلق جبة صوف، فقال: كفنوني فيها، فإني لقيت المشركين فيها يوم بدر، وإنما خبأتها لهذا اليوم.
ابن سعد: أنبأنا محمد بن عمر، حدثنا فروة بن زبيد عن عائشة بنت سعد قالت: أرسل أبي إلى مروان بزكاته خمسة آلاف، وترك يوم مات مائتي ألف وخمسين ألفا1.
قَالَ الزبير بن بكار: كَانَ سعد قَدِ اعتزل في آخر عمره، في قصر بناه بطرف حمراء الأسد.
وعن أم سلمة أنها قالت: لما مات سعد، وجيء بسريره، فأدخل عليها، جعلت تبكي وتقول: بقية أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
النعمان بن راشد: عن الزهري، عن عامر بن مسعد قال: كان سعد آخر المهاجرين وفاة.
قال المدائني، وأبو عبيدة، وجماعة: توفي سنة خمس وخمسين.
وروى نوح بن يزيد عن إبراهيم بن سعد أن سعدا مات وهو ابن اثنتين وثمانين سنة، في سنة ست وخمسين، وقيل: سنة سبع.
وقال أبو نعيم الملائي: سنة ثمان وخمسين. وتبعه بن المحرز. والأول هو الصحيح.
وقع له في "مسند بقي بن مخلد" مائتان وسبعون حديثا. فمن ذاك في الصحيح ثمانية وثلاثون حديثا.
11- "ع" سعيد بن زيد "ت 50هـ" بن عمرو بن نفيل بْن عبد العُزَّى بْن رياح بْن قُرط بْن رزَاح بْن عديّ بْن كعْب بن لؤي بن غالب، أبو الأعور القرشي العدوي.
أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، ومن السابقين الأولين البدريين، ومن الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه.
__________
1 إسناده ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 79" ومحمد بن عمر هو الواقدي، متروك.

(3/249)


شهِدَ الْمَشَاهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وشهد حصار دمشق وفتحها، فولاه عليها أبو عبيدة بن الجراح، فهو أول من عمل نيابة دمشق من هذه الأمة.
وله أحاديث يسيرة، فله حديثان في الصحيحين. وانفرد البخاري له بحديث.
رَوَى عَنْهُ ابن عمر، وأَبُو الطُّفَيْلِ، وعمرو بن حريث، وزر بن حبيش، وأبو عثمان النهدي، وعروة بن الزبير، وعبد الله بن ظالم، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وطائفة.
قرأت على أحمد بن عبد الحميد، أخبركم الإمام أبو محمد بن قدامة سنة ثمان عشرة وستمائة، أخبرتنا شهدة بنت أحمد الكاتبة، بقراءتي، أنبأنا طراد بن محمد الزينبي، أنبأنا ابن رزقويه، أنبأنا أبو جعفر محمد بن يحيى الطائي، سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَن عَبْد الملك بْن عمير، عَن عَمْرو بن حريث، عن سعيد بن زيد بْن عَمْرو، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "الكمأة من المن الذي أنزل الله على بني إسرائيل، وماؤها شفاء للعين" 1.
أخرجه البخاري من طريق ابن عيينة فوقع لنا بدلا عاليا.
قرأت على علي بن عيسى التغلبي، أخبركم محمد بن إبراهيم الصوفي سنة عشرين وستمائة، أنبأنا أبو طاهر السلفي، أنبأنا أبو عبد الله الثقفي، أنبأنا أحمد بن الحسن، أنبأنا حاجب بن أحمد، حدثنا عبد الرحيم، هو ابن منيب، حدثنا سفيان عن الزهري، عن طلحة عن سعيد بن زيد يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ ظلم من الأرض شبرا طوقه من سبع أرضين: ومن قتل دون ماله فهو شهيد" 2.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "4478" في كتاب التفسير، باب: قوله تعالى {وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ} الآية، ومسلم "2049" في كتاب الأشربة، باب: فضل الكمأة، والترمذي "2074" في كتاب الطب، باب: الكمأة والعجوة، وابن ماجه "3454" في كتاب الطب، باب: الكمأة والعجوة.
2 صحيح: أخرجه أبو داود "4772" في كتاب السنة، باب: في قتال اللصوص، والترمذي "1423" في كتاب الديات، باب: فيمن قتل دون ماله فهو شهيد، والنسائي "7/ 115، 116" 6 في كتاب تحريم الدم، باب: من قتل دون ماله، وابن ماجه "2580" في كتاب الحدود، باب: من قتل دون ماله فهو شهيد، وقال الألباني في "صحيح الجامع" "6445": صحيح.

(3/250)


هذا حديث صالح الإسناد، لكنه فيه انقطاع؛ لأن طلحة بن عبد الله بن عوف لم يسمعه من سعيد. رواه مالك، ويونس، وشهيب وجماعة، عن الزهري فأدخلوا بين طلحة وسعيد: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَهْلٍ الأَنْصَارِيُّ. أخرجه البخاري عن أبي اليمان، عن شعيب، عن الزهري.
كان والده زيد بن عمرو ممن فر إلى الله من عبادة الأصنام، وساح في أرض الشام يتطلب الدين القيم، فرأى النصارى واليهود، فكره دينهم، وقال: اللهم إني على دين إبراهيم ولكن لم يظفر بشريعة إبراهيم -عليه السلام- كما ينبغي، ولا أرى من يوقفه عليها، وهو من أهل النجاة، فقد شهد له النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنه "يبعث أمة وحدة" 1 وهو ابن عم الإمام عمر بن الخطاب، رأي النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يعش حتى بعث، فنقل يونس بن بكير، وهو من أوعية العلم بالسير، عن محمد بن إسحاق قال: قد كان في نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ: زَيْدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ نفيل، وورقة بن نوفل، وعثمان بن الحارث بن أسد، وعبيد بن جحش، وأميمة ابنة عبد المطلب حَضَرُوا قُرَيْشًا عِنْدَ وَثَنٍ لَهُمْ، كَانُوا يَذْبَحُونَ عِنْدَهُ لِعِيدٍ مِنْ أَعْيَادِهِمْ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا، خَلَا أولئك النفر بعضهم إلى بعض، وقالوا: تصادقوا وتكاتموا، فَقَالَ قَائِلُهُمْ: تَعْلَمُنَّ وَاللَّهِ مَا قَوْمُكُمْ عَلَى شيء، لقد أخطئوا دين إبراهيم وخالفوه، فما وَثَنٌ يُعْبَدُ لَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ، فَابْتَغُوا لأنفسكم، قال: فَخَرَجُوا يَطْلُبُونَ وَيَسِيرُونَ فِي الأَرْضِ، يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ كتاب من اليهود والنصارى والملل كلها يتطلبون الحنيفية، فأما ورقة فتنصر، واستحكم في النصرانية، وحصل الكتب، وعلم علما كثيرا ولم يكن فيهم أعدل شأنا من زيد، اعتزل الأوثان والملل إلا دين إبراهيم يوحد الله تعالى ولا يأكل من ذبائح قومه، وكان الخطاب عمه قد آذاه، فنزح عنه إلى أعلى مكة، فنزل حراء، فوكل به الخطاب شبابا سفهاء لا يدعونه يدخل مكة، فكان لا يدخلها إلا سرا. وكان الخطاب أخاه أيضا من أمه، فكان يلومه على فراق دينه. فسار زيد إلى الشام والجزيرة والموصل يسأل عن الدين.
أخبرنا يوسف بن أحمد بن أبي بكر الحجار، أنبأنا موسى بن عبد القادر، أنبأنا سعيد بن أحمد البنا، "ح" وأنبأنا أحمد بن المؤيد، أنبأنا الحسن بن إسحاق،
__________
1 أخرجه أحمد "1/ 189-190" وفي إسناده المسعودي اختلط، وله شاهد مرسل عند ابن سعد "في الطبقات" "2/ 204".

(3/251)


أخبرنا محمد بن عبيد الله بن الزاغوني، وقرأت عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْعِمِ، فِي سَنَةِ ثلاث وتسعين، عن أبي اليمن الكندي، إجازة في سنة ثمان وستمائة، أنبأنا أبو الفضل مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن المهتدي بالله، قالوا: أنبأنا محمد بن محمد الزينبي، أنبأنا محمد بن عمر الوراق، حدثنا عبد الله بن سليمان، حدثنا عيسى بن حماد، أنبأنا الليث بن سعد، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: لَقَدْ رَأَيْتُ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ قَائِمًا مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ يَقُولُ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ! والله ما فيكم أَحَدٌ عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ غَيْرِي، وَكَانَ يُحْيِي المؤودة، يَقُولُ لِلرَّجُلِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَ ابْنَتَهُ: مه! لا تقتلها. أنا أكفيك مؤنتها، فَيَأْخُذَهَا، فَإِذَا تَرَعْرَعَتْ، قَالَ لِأَبِيهَا: إِنْ شَئْتَ، دفعتها إليك، وإن شئت، كفيتك مؤنتها1.
هذا حديث صحيح غريب، تفرد به الليث، وإنما يرويه عن هشام كتابة.
وقد علقه البخاري في "صحيحه" فقال: وقال الليث: كتب إلى هشام، فذكره.
وقد سمعه ابن إسحاق من هشام.
وعندي بالإسناد المذكور إلى الليث، عن هشام نسخة، فمن أنكر ما فيها: عن أبيه عروة أنه قال: مر ورقة بن نوفل على بلال وهو يعذب، يلصق ظهره بالرمضاء وهو يَقُولُ: أحد أحد، فَقَالَ ورقة: أحد أحد يا بلال، صبرا يا بلال، لِمَ تعذبونه؟ فوالذي نفسي بيده لئن قتلتموه لأتخذنه حنانا. يقول: لأتمسحن به.
هذا مرسل. ورقة لو أدرك هذا، لعد من الصحابة، وإنما مات الرجل في فترة الوحي بعد النبوة وقبل الرسالة كما في الصحيح.
يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ: عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي هشام، عن أبيه، عن أسماء أن ورقة كان يقول: اللهم إني لو أعلم أحب الوجوه إليك، عبدتك به، ولكني لا أعلم، ثم يسجد على راحته2.
__________
1 صحيح علقه البخاري "3828" في كتاب مناقب الأنصار، حديث زيد بن عمرو بن نفيل، وقد وصله النسائي في "الكبرى" "8187" وقال الألباني في تحقيقه "فقه السيرة" "ص97": حديث صحيح.
2 إسناده حسن.

(3/252)


يونس بن بكير، وعدة: عن الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ نُفَيْلِ بْنِ هِشَامِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: مر زيد بن عمرو عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وزيد بن حارثة، فدعواه إلى سفرة لهما، فقال: يابن أخي، إني لا آكل مما ذبح على النصب، فما رئي رَسُول اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعد ذلك اليوم يأكل مما ذبح على النصب. المسعودي ليس بحجة1.
أخرجه الإمام أحمد في "مسنده" عن يزيد، عن المسعودي، ثم زاد في آخره: قال سعيد: فقلت يا رسول الله! إن أبي كان كما قد رأيت وبلغك "ولو أدركك لآمن بك واتبعك" فاستغفر له. قال: "نعم، فأستغفر له، فإنه يبعث أمة وحدة"2.
وقد رواه إبراهيم الحربي قال: حدثنا إبراهيم بن محمد، حدثنا أبو قطن، عن المسعودي، عن نفيل، عن أبيه، عن جده قال: مر زيد برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبابن حارثة وهما يأكلان في سفره فدعواه، فقال: إني لَا آكُلُ مِمَّا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ. قَالَ: وما رئي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- آكلا مما ذُبح على النصب3.
فهذا اللفظ مليح يفسر ما قبله. وما زال المصطفى محفوظا محروسا قبل الوحي وبعده ولو احتمل جواز ذلك، فبالضرورة ندري أنه كان يأكل من ذبائح قريش قبل الوحي، وكان ذلك على الإباحة، وإنما توصف ذبائحهم على التحريم بعد نزول الآية، كما أن الخمرة كانت على الإباحة، إلى أن نزل تحريمها بالمدينة بعد يوم أحد، والذي لا ريب فيه، أنه كان معصوما قبل الوحي وبعده وقبل التشريع من الزنى قطعا، ومن الخيانة، والعذر، والكذب، والسكر، والسجود لوثن، والاستقسام بالأزلام، ومن الرذائل، والسفه، وبذاء اللسان، وكشف العورة، فلم يكن يطوف عريانا، ولا كان يقف يوم عرفة مع قومه بمزدلفة، بل كان يقف بعرفة. وبكل حال لو بدا منه شيء من ذلك، لما كان عليه تبعة لأنه كان لا يعرف، ولكن رتبة الكمال تأبى وقوع ذلك منه -صلى الله عليه وسلم تسليما.
__________
1 وذلك لأنه اختلط.
2 إسناده ضعيف: أخرجه أحمد "1/ 189-190".
3 إسناده ضعيف: المسعودي اختلط كما تقدم.

(3/253)


أَبُو مُعَاوِيَةَ: عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةُ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دَخَلْتُ الْجَنَّةَ، فَرَأَيْتُ لِزَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نفيل دوحتين" 1.
غريب. رواه الباغندي عن الأشج، عنه.
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامٍ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أسماء قالت: رأيت زيد بن عمرو شَيْخًا كَبِيرًا مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ وَهُوَ يقول: ويحكم يا معشر قريش! إياكم والزنى، فإنه يورث الفقر.
أبو الحسن المدائني: عن إسماعيل بن مجالد عن أبيه، عن الشعبي، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ قال: قال زيد بن عمرو: شاممت النصرانية واليهودية، فكرهتهما، فكنت بالشام، فأتيت راهبا، فقصصت عليه أمري، فقال: أراك تريد دين إبراهيم -عليه السلام- يا أخا أهل مكة! إنك لتطلب دينا ما يوجد اليوم، فالحق ببلدك، فإن الله يبعث من قومك من يأتي بدين إبراهيم بالحنيفية، وهو أكرم الخلق على الله2.
وبإسناد ضعيف: عن حجير بن أبي إهاب قال: رأيت زيد بن عمرو يراقب الشمس، فإذا زالت، استقبل الكعبة، فصلى ركعة، وسجد سجدتين.
وأنشد الضحاك بن عثمان الحزامي لزيد:
"و" أسلمت وجهي لمن أسلمت ... له المزن تحمل عذبا زلالا3
إذا سقيت بلدة من بلاد ... سيقت إليها فسحت سجالا4
وأسلمت وجهي لمن أسلمت ... له الأرض تحمل صخرا ثقالا
دحاها فلما استوت شدها ... سواء وأرسى عليها الجبالا
وروى هشام بن عروة فيما نقله عنه ابن أبي الزناد، أنه بلغه أن زيد بن عمرو كان بالشام. فلما بلغه خبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اقبل يريده، فقتله أهل ميفعة بالشام5.
__________
1 حسن بلفظ "درجتين": أخرجه ابن عساكر من الطريق المذكور كما في "الصحيحين" "1406" بلفظ "درجتين"، وقال الألباني: هذا سند حسن.
2 إسناده ضعيف: مجالد ضعيف كما تقدم.
3 المزن: السحاب. والزلال: الماء العذب الصافي البارد.
4 سحت: سالت.
5 إسناده ضعيف.

(3/254)


وروى الواقدي أنه مات فدفن بأصل حراء، وقال ابن إسحاق: قتل ببلاد لخم.
عبد العزيز بن المختار: أنبأنا موسى بن عقبة، أخبرني سالم، سمع ابن عمر يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه لقي زيد بن عمرو أسفل بلدح1 قبل الوحي.
فقدم إلى زيد سُفْرَةً فِيهَا لَحْمٌ، فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ، وَقَالَ: لا آكل مما تذبحون على أنصابكم، أَنَا لَا آكُلُ إِلَّا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ الله عليه2.
أخرجه البخاري وزاد في آخره: وكان يعيب على قريش وَيَقُولُ: الشَّاةُ خَلَقَهَا اللَّهُ، وَأَنْزَلَ لَهَا مِنَ السماء، وَأَنْبَتَ لَهَا مِنَ الْأَرْضِ، ثُمَّ تَذْبَحُونَهَا عَلَى غير اسم الله؟
أبو أسامة وغيره قالا: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَيَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عن زيد بن حارثة قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو مردفي إلى نصب من الأنصاب، فذبحنا له ضمير له راجع إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شاة، ووضعناها في التنور، حتى إذا نضجت، جعلناها في سفرتنا، ثم أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يسير، وهو مردفي، في أيام الحر. حتى إذا كنا بأعلى الوادي، أتى زيد بن عمرو، فحيى أحدهما الآخر، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا لِي أَرَى قَوْمَكَ قَدْ شَنِفُوا لَكَ" أي: أبغضوك؟ قال: أما والله إن ذلك مني لغير نائرة3 كانت مني إليهم، ولكني أراهم على ضلالة، فخرجت أبغي الدين، حتى قدمت على أحبار أيلة، فوجدتهم يعبدون الله ويشركون به، فدللت على شيخ بالجزيرة، فقدمت عليه، فأخبرته، فقال: إن كل من رأيت في ذلالة، إنك لتسأل عن دين هو دين الله وملائكته، وقد خرج في أرضك نبي، أو هو خارج، ارجع إليه، وابتعه. فرجعت، فلم أحسن شيئا، فأناخ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- البعير، ثم قدمنا إليه السفرة، فقال: "ما هذه"؟ قلنا: شاة ذبحناها للنصب كذا.
__________
1 بلدح: واد قبل مكة من جهة المغرب.
2 صحيح: أخرجه البخاري "3826" في كتاب مناقب الأنصار، باب: حديث زيد بن عمرو بن نفيل.
3 نائرة: عدواة.

(3/255)


قال: فقال: "إني لا آكل مما ذبح لغير الله"، ثم تفرقا، ومات زيد قبل المبعث، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يأتي أمة وحده" 1.
رواه إبراهيم الحربي في "الغريب" عن شيخين له، عن أبي أسامة، ثم قال: في ذبحها على النصب وجهان: إما أن زيدا فعله عن غير أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا أنه كان معه، فنسب ذلك إليه؛ لأن زيدا لم يكن معه من العصمة والتوفيق ما أعطاه الله لنبيه، وكيف يجوز ذلك وهو -عليه السلام- قد منع زيدا أن يمس صنما، وما مسه هو قبل نبوته، فكيف يرضى أن يذبح للصنم؟ هذا محال.
الثاني: أن يكون ذبح لله واتفق ذلك عند صنم كانوا يذبحون عنده.
قلت: هذا حسن، فإنما الأعمال بالنية، زيد، أخذ بالظاهر، وكان الباطن لله، وربما النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الإفصاح خوف الشر، فإنا مع علمنا بكراهيته للأوثان، نعلم أيضا أنه ما كان قبل النبوة مجاهرا بذمها بين قريش، ولا معلنا بمقتها قبل المبعث، والظاهر أن زيدا -رحمه الله- توفي قبل المبعث، فقد نقل ابن إسحاق أن ورقة بن نوفل رثاه بأبيات، وهي:
رشدت وأنعمت ابن عمرو وإنما ... تجنبت تنورا من النار حاميا
بدينك ربا ليس أب كمثله ... وتركك أوثان الطواغي كما هيا
وإدراكك الدين الذي قد طلبته ... ولم تك عن توحيد ربك ساهيا
فأصبحت في دار كريم مقامها ... تعلل فيها بالكرامة لاهيا
وقد يكرك الإنسان رحمة ربه ... ولو كان تحت الأرض سبعين واديا
نعم، وعد عروة سعيد بن زيد في البدريين فقال: قدم من الشام بعد بدر، فكلم رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَضَرَبَ لَهُ بسهمه وآجره، وكذلك قال موسى بن عقبة وابن إسحاق.
وامرأته هي ابنة عمه فاطمة، أخت عمر بن الخطاب.
أسلم سعيد قَبْلَ دُخُولِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَارَ الْأَرْقَمِ.
وأخرج البخاري من ثلاثة أوجه، عن إسماعيل، عن قيس بن أبي حازم
__________
1 أخرجه أبو يعلى "7212".

(3/256)


قال: قال سعيد بن زيد لقد رأيتني وإن عمر لموثقي على الإسلام وأخته، ولو أن أحدا انقض بما صنعتم بعثمان لكان حقيقا1. وقد ذكرنا في إسلام عمر فضلا في المعنى.
وذكر ابن سعد في "طبقاته" عن الواقدي، عن رجاله قالوا: لم تحين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصول عير قريش من الشام، بعث طلحة وسعيد بن زيد قبل خروجه من المدينة بعشر، يتحسسان خبر العير فبلغا الحوراء، فلم يزالا مقيمين هناك، حتى مرت بهم العير، فتساحلت، فبلغ نبي الله الخبر قبل مجيئهما، فندب أصحابه، وخرج يطلب العير، فتساحلت وساروا الليل والنهار، ورجع طلحة وسعيد ليخبرا، فوصلا المدينة يوم الوقعة، فخرجا يؤمانه، وضرب لهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بسهمهما وأجورهما. وشهد سعيد أحدا والخندق والحديبية، والمشاهد2.
وقد تقدمت عدة أحاديث في أنه من أهل الجنة، وأنه من الشهداء.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: سَأَلْتُ أَبِي عَن الشهادة لأبي بكر وعمر أنهما في الجنة، قال: نعم، اذهب إلى حديث سعيد بن زيد.
هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ إِنَّ أَرْوَى بنت أويس ادعت أن سعيد بن زيد أخذ شيئا من أرضها، فخاصمته إلى مروان، فقال سعيد: أنا كنت آخذ من أرضها شيئا يعد الذي سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "مَنْ أخذ شيئا من الأرض طوقه إلى سبع أرضين" قال مَرْوَانُ: لَا أَسْأَلُكَ بَيِّنَةً بَعْدَ هَذَا، فَقَالَ سَعِيدٌ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَتْ كَاذِبَةً، فَاعْمِ بَصَرَهَا، واقتلها في أرضها، فما ماتت حتى عميت، وَبَيْنَا هِيَ تَمْشِي في أَرْضِهَا، إِذْ وَقَعَتْ في حفرة فماتت3.
أخرجه مسلم. وروى عبد العزيز بن أبي حازم، عن العلاء بن عبد الرحمن نحوه، عن أبيه وروى الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عمر، نحوه.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "3862" في كتاب مناقب الأنصار، باب: إسلام سعيد بن زيد - رضي الله عنه.
2 إسناده ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 205" والواقدي متروك كما تقدم.
3 صحيح: وقد تقدم.

(3/257)


وقال ابن أبي حازم في حديثه: سألت أروى سعيدا أن يدعو لها، وقالت: قد ظلمتك. فقال: لا أرد على الله شيئا أعطانيه.
قلت: لم يكن سعيد متأخرا عن رتبة أهل الشورى في السابقة والجلالة، وإنما تركه عمر -رضي الله عنه- لئلا يبقى له فيه شائبة حظ؛ لأنه ختنه وابن عمه، ولو ذكره في أهل الشورى لقال الرافضي: حابى ابن عمه. فأخرج منها ولده وعصبته فكذلك فليكن العمل لله.
خالد الطحان: عن عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ. عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ قال: كتب معاوية إلى مروان، وإلى المدينة، ليبايع لابنه يزيد، فقال رجل من جند الشَّام: مَا يحبسك؟ قَالَ: حَتَّى يجيء سَعِيد بن زيد فيبايع، فأَنَّهُ سيد أَهْل البلد، وإذا بايع، بايع الناس، قال: أفلا أذهب فآتيك به؟ وذكر الحديث1.
أُنبئنا وأُخبرنا عن حنبل سماعا، أنبأنا ابن الحصين، أنبأنا ابن المذهب، أنبأنا القطيعي، حدثنا عبد الله، حدثني أبي، حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن حصين ومنصور، عن هلال بن يساف، عن سعيد بن زيد. وقال ابن حصين: عن ابن ظالم، عن سعيد بن زيد. أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "اسْكُنْ حِرَاءُ فَمَا عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ صِدِّيقٌ أَوْ شهيد"، وعليه النبي، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ، وسعد، وعبد الرحمن، وسعيد بن زيد2.
ابن سعد: أنبأنا أبو ضمرة، عن يحيى بن سعيد، أخبرني نافع، عن ابن عمر أنه استصرخ على سعيد بن زيد يوم الجمعة بعدما ارتفع النهار، فأتاه ابن عمر بالعقيق، وترك الجمعة3. أخرجه البخاري.
وقال إسماعيل بن أمية: عن نافع قال: مات سعيد بن زيد وكان يذرب4.
فقالت أم سعيد لعبد الله بن عمر: أتحنطه بالمسك؟ فقال: وأي طيب أطيب من المسك! فناولته مسكا.
__________
1 عطاء بن السائب اختلط.
2 صحيح: وقد تقدم.
3 صحيح: أخرجه البخاري "3990" في كتاب المغازي، باب: رقم "10"، وابن سعد في "الطبقات" "2/ 205-206".
4 الذرب: داء يعرض للمعدة فلا تهضم الطعام، ويفسد فيها، ولا تمسكه.

(3/258)


سليمان بن بلال: حدثنا الجعيد بن عبد الرحمن، عن عائشة بنت سعد قالت: مات سَعِيد بن زيد بالعقيق، فغسَله سعد بن أبي وقاص، وكفنه، وخرج معه.
وقال غير واحد، عن مالك قال: مات سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ، وَسَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ بالعقيق. قال الواقدي: توفي سعيد بن زيد سَنَة إحدى وخمسين، وَهُوَ ابن بضع وسبعين سنة، وقبر بالمدينة: نزل في قبره سعد، وابن عمر، وكذا قال أبو عبيد، ويحيى بن بكير، وشهاب. قال الواقدي: كان سعيد رجلا، آدم، طويلا، أشعر.
وقد شذ الهيثم بن عدي فقال: مات بالكوفة. وقال عبيد الله بن سعد الزهري: مات سنة اثنتين وخمسين -رضي الله عنه.
فهذا ما تيسر من سيرة العشرة. وهم أفضل قريش، وأفضل السابقين المهاجرين، وأفضل البدريين، وأفضل أصحاب الشجرة، وسادة هذه الأمة في الدنيا والآخرة. فأبعد الله الرافضة، ما أغواهم وأشد هواهم، كيف اعترفوا بفضل واحد منهم وبخسوا التسعة حقهم، وافتروا عليهم بأنهم كتموا النص في علي أنه الخليفة. فوالله ما جرى من ذلك شيء، وأنهم زورا الأمر عنه بزعمهم، وخالفوا نبيهم، وبادروا إلى بيعة رجل من بني تيم يتجر ويتكسب، لا لرغبة في أمواله ولا لرهبة من عشيرته ورجاله، ويحك! أيفعل هذا من له مسكة عقل؟ ولو جاز هذا على واحد لما جاز على جماعة، ولو جاز وقوعه من جماعة، لاستحال وقوعه، والحالة هذه، من ألوف من سادة المهاجرين والأنصار، وفرسان الأمة، وأبطال الإسلام، لكن لا حيلة في برء الرفض فإنه داء مزمن، والهدى نور من الله يقذفه الله في قلب من يشاء، فلا قوة إلا بالله.
حديث مشترك، وهو منكر جدا. رواه الطبراني في "المعجم الكبير" حدثنا الحسين بن إسحاق التستري، وقال أبو عمرو بن حمدان: حدثنا الحسن بن سفيان، في مسنده، قالا: حدثنا نصر بن علي، حدثنا عبد المؤمن بن عباد العبدي، حدثنا يزيد بن معن، حدثني عبد الله بن شرحبيل، عن رجل من قريش، عن زيد بن أبي أوفى -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مسجد المدينة، فجعل يقول: "أين فلان، أين فلان"؟ فلم يزل يتفقدهم ويبعث إليهم حتى اجتمعوا،

(3/259)


فقال: "إن محدثكم بحديث فاحفظوه، وعوه: إن الله اصطفى من خلقه خلقا يدخلهم الجنة، وإني مصطف منكم ومؤاخ بينكم كما آخى الله بين الملائكة. قم يا أبا بكر"! فقام، فقال: "إن لك عندي يدا، إن الله يجزيك بها، فلو كنت متخذا خليلا لاتخذتك، فأنت مني بمنزلة قميصي من جسدي، ادن يا عمر"! فدنا، فقال: "قد كنت شديد الشعب علينا، فدعوت الله أن يعز بك الدين أو بأبي جهل، ففعل الله بك ذلك، وأنت معي في الجنة ثالث ثلاثة"، ثم آخى بينه وبين أبي بكر، ثم دعا عثمان، فلم يزل يدنيه حتى ألصق ركبته بركبته، ثم نظر إلى السماء، فسبح ثلاثا، ثم قال: "إن لك شأنا في أهل السماء، أنت ممن يرد على الحوض، وأوداجه تشخب، فأقول: من فعل بك هذا؟ فتقول: فلان"، ثم دعا عبد الرحمن بن عوف فقال: "ادن يا أمين الله، والأمين في السماء، يسلطك الله على مالك بالحق، أما إن لك عندي دعوة قد أخرتها"، قال: خر لي يا رسول الله! قال: "حملتني أمانى أكثر الله مالك"، وآخى بينه وبين عثمان، ثم دعا طلحة والزبير، فدنوا منه، فقال: "أنتما حواري كحواري عيسى"، وآخى بينهما، ثم دعا سعدا وعمارا.
فقال: "يا عمار! تقتلك الفئة الباغية"، ثم آخى بينهما، ثم دعا أبا الدرداء وسلمان، فقال: "يا سلمان! أنت منا أهل البيت، وقد آتاك الله العلم الأول والعلم الآخر، يا أبا الدرداء! إن تنقدهم ينقدوك، وإن تتركهم يتركوك، وإن تهرب منهم يدركوك، فأقرضهم عرضك ليوم فقرك"، ثم آخى بينهما، ثم نظر إلى ابن عمر، فقال: "الحمد لله الذي يهدي من الضلالة"، فقال علي: يا رسول الله! ذهب روحي، وانقطع ظهري حين تركتني، فقال: "ما أخرتك إلا لنفسي، وأنت عندي بمنزلة هارون من موسى، ووارثي"، قال: ما أرث منك؟ قال: "كتاب الله وسنة نبيه، وأنت معي في قصري في الجنة مع فاطمة". وتلا: {إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} 1.
زيد لا يعرف إلا في هذا الحديث الموضوع. وقد رواه محمد بن جرير الطبري، عن حسين الدراع، عن عبد المؤمن. فأسقط منه عن رجل.
وقال محمد بن الجهم السمري: حدثنا عبد الرحيم بن واقد، حدثنا شعيب
__________
1 سورة الحجر: الآية "47"، والحديث إسناده ضعيف، للجهالة فيه، وعبد المؤمن بن عباد ضعيف كما في "الميزان" "5275".

(3/260)


بن يونس، حدثنا موسى بن صهيب، عن يحيى بن زكريا، عن عبد الله بن شرحبيل. عن رجل، عن زيد.
ورواه مطين مختصرا، حدثنا ثابت بن يعقوب، حدثنا ثابت بن حماد النصري، عن موسى بن صهيب، عن عبادة بن نسي، عن عبد الله بن أبي أوفى.
وقال الحسن بن علي الحلواني: حدثنا شبابة بن سوار، حدثنا أبو عبد الله الباهلي يقال اسمه جعفر بن مرزوق، عن غياث بن شقير، عن عبد الرحمن بن سابط، عن سعيد بن عامر الجمحي، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذات يوم "يا أبا بكر! تعال، ويا عمر! تعال"1. ذكر حديث المؤاخاة، إلا أنه خالف في أسماء الإخوان، وزاد ونقص منهم تفرد به شابة ولا يصح.
والمحفوظ أنه آخى بين المهاجرين والأنصار، ليحصل بذلك مؤازرة ومعاونة لهؤلاء بهؤلاء.
لسعيد بن زيد ثمانية وأربعون حديثا، اتفقا له على حديثين، وانفرد البخاري بثالث.
السابقون الأولون هم:
خديجة بنت خويلد.
وعلي بن أبي طالب.
وأبو بكر الصديق.
وزيد بن حارثة النبوي، ثم عثمان، والزبير.
وسعد بن أبي وقاص.
وطلحة بن عبيد الله.
وعبد الرحمن بن عوف، ثم أبو عبيد بن الجراح.
وأبو سلمة بن عبد الأسد.
وَالأَرْقَمُ بْنُ أَبِي الأَرْقَمِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الله بن عمر، المخزوميان.
__________
1 لم أجده.

(3/261)


وعثمان بن مظعون الجمحي.
وعبيدة بن الحارث بن المطلب الْمُطَّلِبِيُّ.
وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ العدوي، وأسماء بنت الصديق.
وخباب بن الأرت الخزاعي، حَلِيفُ بَنِي زُهْرَةَ.
وَعُمَيْرُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، أخو سعد.
وعبد الله بن مسعود الهذلي، من حلفاء بني زهرة.
ومسعود بن ربيعة القارئ من البدريين.
وَسُلَيْطُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ الْعَامِرِيُّ.
وَعَيَّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيُّ. وامرأته أسماء بنت سلامة التميمية.
وَخُنَيْسُ بْنُ حُذَافَةَ السَّهْمِيُّ.
وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ العنزي، حليف آل الخطاب.
وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشِ بْنِ رِئَابٍ الْأَسَدِيُّ، حليف بني أمية.
وجعفر بن أبي طالب الهاشمي. وَامْرَأَتُهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ.
وَحَاطِبُ بْنُ الْحَارِثِ الجمجي. وامرأته فاطمة بنت المجلل العامرية. وأخوه خطاب. وامرأته فكيهة بنت يسار، وأخوهما: معمر بن الحارث.
والسائب ولد عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ.
وَالْمُطَّلِبُ بْنُ أَزْهَرَ بْنِ عبد عوف الزهري، وامرأته رملة بنت أبي عوف السهمية.
والنحام نعيم بن عبد الله العدوي.
وعامر بن فهيرة، مولى الصديق.
وَخَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ، وامرأته أميمة بنت خلف الخزاعية.
وحاطب بن عمرو العامري.

(3/262)


وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة العبشمي.
وواقد بن عبد الله بن عبد مناف التميمي اليربوعي، حَلِيفُ بَنِي عَدِيٍّ.
وَخَالِدُ، وَعَامِرُ، وَعَاقِلُ، وَإِيَاسُ، بنو البكير بن عبد ياليل الليثي، حلفاء بني عدي.
وعمار بن ياسر بن عامر العنسي بنون، حليف بني مخزوم.
وصهيب بن سنان بن مالك النمري، الرومي المنشأ، وولاؤه لعبد الله بن جدعان.
وأبو ذر جندب بن جنادة الغفاري.
وأبو نجيح عمرو بن عنبسة السلمي البجلي، لكنهما رجعا إلى بلادهما.
فهؤلاء الخمسون من السابقين الأولين: وبعدهم أسلم: أسد الله حمزة بن عبد المطلب، والفاروق عمر بن الخطاب، عز الدين -رضي الله عنهم أجمعين.
12- مصعب بن عمير بْن هاشم بْن عَبْد مَنَاف بْن عبد الدارين بن قصي بن كلاب "ت 3هـ".
السيد الشهيد السابق البدري القرشي العبدري
قال البراء بن عازب: أول من قدم علينا من المهاجرين مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، فَقُلْنَا لَهُ: مَا فَعَلَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: هو مكانه، وأصحابه على أثري. ثم أتانا بعده عمرو بن أم مكتوم أخو بني فهر الأعمى. وذكر الحديث1.
الْأَعْمَشُ: عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ خَبَّابٍ قَالَ: هَاجَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ونحن نبتغي وجه الله، فوقع أجرنا على الله، فمنا من مضي لسبيله لما يأكل من أجره شيئا، مِنْهُمْ: مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، ولم يترك إلا نمرة، كنا إذا غطينا رأسه بدت رجلاه، وإذا غطينا رجليه بدا رَأْسُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "3924، 3925" في كتاب مناقب الأنصار، باب: مقدم النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه المدينة.

(3/263)


ما بعد الخلفاء الراشدون حتى سنة 41هـ
...

(3/3)


فهرس الجزء الثالث من تاريخ الإسلام:
الصفحة الموضوع
3 سيرة أبو بكر الصديق.
15 خلافة أبي بكر سنة إحدى عشرة.
20 قصة الأسود العنسي.
23 جيش أسامة بن زيد.
25 شأن فاطمة مع الصديق -رضي الله عنها.
29 خبر الردة.
33 مقتل مالك بن نويرة.

(3/721)


الصفحة الموضوع
34 قتال مسيلمة الكذاب.
36 وقعة اليمامة ومقتل الكذاب مسيلمة.
37 وقعة جواثا.
40 توجيه المسلمين قبل فلسطين والشام.
41 وقعة مرج الصفر.
42 وقعة فحل.
43 سيرة عمر بن الخطاب.
57 ذكر نسائه وأولاده.
59 عزل خالد بن الوليد عن إمرة الشام.
65 فتح دمشق.
67 نجدة سعد بن أبي وقاص بالعراق.
68 وقعة الجسر.
69 فتح حمص وبعلبك.
69 فتح البصرة.
70 فتح الأردن ويوم اليرموك.
72 وقعة القادسية.

(3/722)


الصفحة الموضوع
74 فتح الأهواز والمدائن.
76 وقعة جلولاء.
77 فتح بيت المقدس وفتح إيلياء.
78 كتابة التاريخ.
79 استسقاء عمر للناس.
80 طاعون عمواس.
80 غزوة قيسارية.
81 فتح مصر.
81 غزوة تستر.
82 تقسيم عمر -رضي الله عنه- لخيبر وإجلاء اليهود عنها.
82 فتح الإسكندرية.
83 وقعة نهاوند.
87 خبر السد.
88 بعث عمر -رضي الله عنه- لسارية الدائلي إلى فسا.
91 سيرة عثمان بن عفان.
101 بيعة عثمان.

(3/723)


الصفحة الموضوع
104 انتقاض أهل الإسكندرية وغزو عمرو لهم.
105 غزو قبرس.
106 عزل عمرو عن مصر.
109 فتح إصطخر وانتقاض أذربيجان وغزوها.
111 فتح أرض أهل فارس.
112 بعث ابن عامر إلى مرو وفتحها.
112 فتح نيسابور صلحا.
114 غزوة ذي خشب.
132 مقتل عثمان -رضي الله عنه.
136 سيرة علي بن أبي طالب.
157 وقعة الجمل.
162 وقعة صفين.
168 التحكيم.
174 سير الخوارج لحرب علي -رضي الله عنه- وقعة النهروان.
178 هزيمة الخوارج بحروراء.
179 تعاهد الخوارج على قتل علي ومعاوية وعمرو بن العاص.

(3/724)


الصفحة الموضوع
179 مقتل علي -رضي الله عنه.
180 6- "ع" أبو عبيدة بن الجراح عامر بن عبد الله.
190 7- "ع" طلحة بن عبيد الله بن عثمان.
200 8- "ع" الزبير بن العوام خويلد.
216 9- "ع" عبد الرحمن بن عوف.
230 10- "ع" سعد بن أبي وقاص.
249 11- "ع" سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ.
261 السابقون الأولون هم.
263 12- "ت" مصعب بن عمير بن هاشم.
268 13- "ت، س، ق" أبو سلمة بن عبد الأسد.
269 14- عثمان بن مظعن بن حبيب بن وهب.
274 15- "خت، م، د، ت، ق" قدامة بن مظعون أبو عمرو الجمحي.
274 16- عبد الله بن مظعون الجمحي.
275 17- السائب بن عثمان بن مظعون الجمحي.
275 18- أبو حذيفة السيد الكبير الشهيد.
276 "18م ت، س، ق" أبي هاشم بن عتبة.

(3/725)


الصفحة الموضوع
276 19- سالم مولى أبي حذيفة.
279 شهداء بدر.
280 من قتل من المشركين.
281 20- حمزة بن عبد المطلب بن هاشم.
288 21- عاقل بن البكير.
288 22- خالد بن البكير أو ابن أبي البكير.
289 23- إياس بن أبي البكير.
289 24- عامر بن أبي البكير.
289 25- مسطح بن أثاثة بن عباد المطلب.
289 26- "خ، ت، س" أبو عبس بن جبر بن عمرو.
290 27- ابن التيهان، أبو الهيثم، مالك.
291 28- أبو جندل، العاص بن سهيل.
292 29- عبد الله بن سهيل.
293 30- سهيل بن عمرو أبوهما يكنى أبا يزيد.
293 31- البراء بن مالك بن النضر بن ضمضم.
295 32- نوفل ابن عمّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الْحَارِثَ.

(3/726)


الصفحة الموضوع
295 33- الحارث بن نوفل.
296 34- "ع" عبد الله بن الحارث بن نوفل.
297 35- "خ، م، د، س" عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ.
297 36- سعيد بن الحارث بن عبد المطلب.
297 37- أبو سفيان بن الحارث هو ابن عمِّ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- المغيرة بن الحارث.
299 38- جعفر بن أبي سفيان.
299 39- "س" جعفر بن أبي طالب، أبو عبد الله،.
307 40- "س، ق" عقيل بن أبي طالب الهاشمي.
308 41- "س، ق" زيد بن حارثة بن شراحيل.
314 42- "خ، خد، س، ق" عبد الله بن رواحة بن ثعلبة.
320 فصل شهداء يوم الرجيع.
321 شهداء بئر المعونة.
321 43- كلثوم بن الهدم بن امرئ القيس.
322 44- أبو دجانة الأنصاري سماك بن خرشة بن لَوْذَانَ بْنِ عَبْدِ وَدِّ بْنِ زَيْدٍ السَّاعِدِيُّ.
323 45- خبيب بن عدي بن عامر بن مجدعة.

(3/727)


الصفحة الموضوع
324 46- معاذ بن عمرو بن الجموح بن كعب.
326 47- معوذ بن عمرو بن الجموح الأنصاري.
326 48- خلاد بن عمرو.
326 49- عمرو بن الجموح بن زيد بن حرام.
328 50- عبيدة بن الحارث بن المطلب.
329 أعيان البدريين.
329 51- "ت، س" ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب.
330 52- عبد الله بن الحارث بن عبد المطلب.
331 53- "خ" خالد بن سعيد بن أبو العاص ابن أمية.
331 54- أبان بن سعيد أبو الوليد الأموي.
332 55- عمرو بن سعيد الأموي.
332 56- "ع" العلاء بن عبد الله الحضرمي.
334 57- سعد بن خيثمة بن الحارث بن مالك.
335 58- البراء بن معرور بن صخر بن خنساء.
336 59- بشر بن البراء من أشراف قومه.
337 60- "ع" سعد بْن عُبادة بن دُليم بْن حارثة.

(3/728)


الصفحة الموضوع
342 61- "خ" سعد بن مُعاذ بن النُّعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل.
355 62- "خت، م، د" زيد بن الخطاب بن نفيل.
356 شهداء اليمامة.
356 63- أسعد بن زرارة بن عدس، بن عبيد.
359 64- "م، ت، س، ق" عتبة بن غزوان بن جابر بن وهيب.
360 65- عكاشة بن محصن السعيد الشهيد.
361 66- "خ، د، س" ثابت بن قيس بن شماس.
366 شهداء أجنادين واليرموك.
366 67- طليحة بن خويلد بن نوفل الأسدي.
366 68- سعد بن الربيع بن عمرو.
368 69- مَعْنُ بْنُ عَدِيِّ بْنِ الْجَدِّ بْنِ الْعَجْلَانِ.
369 70- عبد الله بن عبد الله بن أبي بن مالك.
370 71- "ت" عكرمة بن أبي جهل.
371 72- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامِ بْنِ ثعلبة.
373 73- "ق" يزيد بن أبي سفيان بن حرب.

(3/729)


الصفحة الموضوع
374 74- أَبُو العاص بْن الربيع بْن عَبْد العُزَّى.
376 75- زينب.
377 76- أمامة بنت أبي العاص.
377 77- أبو زيد.
377 78- عباد بن بشر بن وقش بن زُغبة.
379 79- "ع" أسيد بن الحضير بن سماك بن عتيك.
381 80- الطفيل بن عمرو الدوسي.
383 81- "ع" بلال بن رباح مولى أبي بكر الصديق.
392 82- ابن أم مكتوم: عبد الله بن قيس.
395 83- "خ، م، د، س، ق" خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله.
407 84- صفوان بن بيضاء.
407 85- سهيل بن بيضاء الفهري.
407 86- "ع" المقداد بن عمرو.
409 87- "ع" أبي بن كعب بن قيس بن عبيد.
417 88- "ع" النعمان بن مقرن.
419 89- "ع" عمار بن ياسر بن عامر بن مالك.

(3/730)


الصفحة الموضوع
433 90- أصحمة ملك الحبشة.
444 91- "ع" معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس.
456 92- "ع" عبد الله بن مسعود بن غافل.
481 93- عتبة بن مسعود الهذلي.
481 94- "ع" خبيب بن يساف بن عنبة.
482 95- "د" عويم بن ساعدة بن عائش.
483 96- "ع" سلمان الفارسي.
522 97- "ع" عُبادة بن الصامت بن قيس.
525 98- "س" عبد الله بن حُذافة بن قيس بن عدي.
528 99- "ع" أبو رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
529 100- "ع" صُهيب بن سنان النمري من النمر بن قاسط.
535 101- "ع" أبو طلحة الأنصاري.
540 102- "ع" أبو بُردة بن نيار بن عمرو.
540 103- "س، ق" جبر بن عتيك بن قيس بن هيشة.
541 104- "ع" الأشعث بن قيس بن معدي كرب.
544 105- حاطب بن أبي بلتعة عمرو.

(3/731)


الصفحة الموضوع
546 106- "ع" أبو ذر جندب بن جنادة الغفاري.
568 107- العباس عمّ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
585 جنازة العباس.
585 108- "ت، س" عمير بن سعد الأنصاري.
586 109- "خ، م، د، ت، س" أبو سفيان صخر بن حرب.
587 110- الحكم بن أبي العاص بن أمية.
588 111- كسرى آخر الأكاسرة مطلقا يزدجرد.
588 112- خديجة أم المؤمنين.
593 113- فاطمة بنت أسد بن هاشم.
594 114- "ع" فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم.
604 115- "ع" عائشة أم المؤمنين.
646 116- "ع" أم سلمة أم المؤمنين.
652 117- "ع" زينب أم المؤمنين بنت جحش.
657 118- زينب أم المؤمنين بنت خزيمة.
657 119- "ع" أم حبيبة أم المؤمنين.
660 120- "ق" أم أيمن الحبشية مولاة رسول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَليْه وَسَلَّمَ.

(3/732)


الصفحة الموضوع
662 121- "ع" حفصة أم المؤمنين الستر الرفيع، بنت أمير المؤمنين عمر.
665 122- "ع" صفية أم المؤمنين بنت حُيي.
669 123- "ع" ميمونة أم المؤمنين بنت الحارث.
674 124- زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
677 125- رُقَيَّةَ بِنْتِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
678 126- أمّ كلثوم بِنْت رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
679 زوجات النبي -صلى الله عليه وسلم.
679 127- العالية.
679 128- أسماء.
680 129- "خ، م، ت، س، ق" أم شريك امرأة أنصارية، النجارية.
680 130- سناء بنت أسماء بنت الصلت.
680 131- الكلابية.
681 132- الكندية.
683 133- قُتيلة.
683 134- "د" خولة بنت حكيم بن أمية بن حارثة.
683 135- "ع" جُويرية بنت الحارث بن أبي ضرار.

(3/733)


الصفحة الموضوع
685 136- "خ، د، س" سودة بنت زمعة بن قيس القرشية.
688 137- صفية بنت عبد المطلب، الهاشمية.
690 138- أروى، عَمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
690 139- عاتكة، عَمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
690 140- البيضاء، عَمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
690 141- برة، عَمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
691 142- أميمة، عَمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
691 143- "د، س، ق" ضباعة، بنت عَمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
692 14- درة بِنْتُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
692 145- "خ، م، د، ت، س" أُمُّ كُلْثُومَ بِنْت عُقبة بْن أَبِي مُعيط.
693 146- "ع" أم عُمارة نسيبة بنت كعب.
696 147- "ع" أسماء بنت عُميس بن معبد.
698 148- "ع" أسماء بنت أبي بكر عبد الله.
704 149- "ع" أسماء بنت يزيد بن السكن.
705 150- "س" بريرة مولاة أم المؤمنين.
709 151- "خ، م، د، ت، س" أم سليم الغميصاء.

(3/734)


الصفحة الموضوع
714 152- "ع" أم هانئ بنت عم النبي -صلى الله عليه وسلم.
716 153- "ع" أم الفضل بنت الحارث بن حزن.
717 154- "خ، م، د، س، ق" أم حرام بنت ملحان.
718 155- "ع" عطية الأنصارية.
718 156- "ع" فاطمة بنت قيس الفهرية.
721 فهرس الجزء الثالث.

(3/735)