تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، ط التوفيقية
المجلد الثالث عشر
الطبقة العشرون
أحداث سنة إحدى وتسعين ومائة
...
بسم الله الرحمن الرحيم
الطبقة العشرون:
أحداث سنة إحدى وتسعين ومائة:
من توفي في هذه السنة:
خَالِدُ بْنُ حَيَّانَ الرَّقِّيُّ الْخَرَّازُ، سَلَمَةُ بْنُ
الْفَضْلِ الأَبْرَشُ، بِالرَّيِّ، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ
الْمِصْرِيُّ الْفَقِيهُ، عِيسَى بْنُ يُونُسَ، فِي قَوْلِ خَلِيفَةَ،
وَابْنِ سَعْدٍ، الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى السِّينَانِيُّ الْمَرْوَزِيُّ،
مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْحَرَّانِيُّ الْفَقِيهُ، مُحَمَّدُ بْنُ
الْحَسَنِ الْمُهَلَّبِيُّ، بِالْمِصِّيصَةِ، مُطَرِّفُ بْنُ مَازِنٍ،
قَاضِي صَنْعَاءَ، مُعَمَّرُ بْنُ سُلَيْمَانَ النَّخَعِيُّ
الرَّقِّيُّ.
وَتُوُفِّيَ فِيهَا جَمَاعَةٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِمْ، وَسَيُذْكَرُونَ.
خُرُوجُ ثَرْوَانَ بْنِ سَيْفٍ بَحَوْلايَا:
وَفِيهَا خَرَجَ ثَرْوَانُ بْنُ سَيْفٍ بَحَوْلايَا، فَسَارَ إِلَيْهِ
طَوْقُ بْنُ مَالِكٍ؛ فَهَزَمَهُ طَوْقٌ وَقَتَلَ أَصْحَابَهُ،
وَهَرَبَ مَجْرُوحًا.
خُرُوجُ أَبِي النِّدَاءِ بِالشَّامِ:
وَفِيهَا خَرَجَ أَبُو النِّدَاءِ بِالشَّامِ، فَتَوَجَّهَ لِقِتَالِهِ
يَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ.
استغلاظ أمر رافع بن الليث عِيسَى مِنْ وَلَدِ عَلِيٍّ:
وَفِيهَا غَلُظَ أَمْرُ رَافِعِ بْنِ اللَّيْثِ بِسَمَرْقَنْدَ،
وَكَتَبَ إِلَيْهِ أَهْلُ نَسَفَ بِالطَّاعَةِ، وَأَنْ يُوَجِّهَ
إِلَيْهِمْ مَنْ يُعِينُهُمْ عَلَى قِتَالِ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى بْنِ
مَاهَانَ. فَوَجَّهَ صَاحِبَ الشَّاشِ فِي أَتْرَاكِهِ وَقَائِدًا مِنْ
قُوَّادِهِ، فَأَحْدَقُوا بِعِيسَى وَلَدِ عَلِيٍّ وَقَتَلُوهُ فِي ذِي
الْقِعْدَةِ.
وِلايَةُ حَمُّوَيْهِ بَرِيدَ خُرَاسَانَ:
وَفِيهَا وَلَّى الرَّشِيدُ حَمُّوَيْهِ الْخَادِمَ بَرِيدَ
خُرَاسَانَ.
(13/3)
غَزْوَةُ يَزِيدَ بْنِ مَخْلَدٍ الرُّومَ:
وَفِيهَا غَزَا بْنُ مَخْلَدٍ الرُّومَ فِي عَشَرَةِ آلافٍ، فَأَخَذَتِ
الرُّومُ عَلَيْهِ الْمَضِيقَ، فَقُتِلَ بِقُرْبِ طَرَسُوسَ، وَقُتِلَ
مَعَهُ سَبْعُونَ رَجُلا.
تَوْلِيَةُ هَرْثَمَةَ بْنِ أَعْيَنَ الصَّائِفَةَ:
فَوَلَّى الرَّشِيدُ غَزْوَ الصَّائِفَةِ هَرْثَمَةَ بْنَ أَعْيَنَ،
وَضَمَّ إِلَيْهِ ثَلاثِينَ أَلْفًا مِنْ جُنْدِ خُرَاسَانَ وَمَعَهُ
مَسْرُورٌ الْخَادِمُ إِلَيْهِ النَّفَقَاتُ وَجَمِيعُ الأَمْرِ خَلا
الرِّئَاسَةِ.
مُضِيُّ الرَّشِيدِ إِلَى دَرْبِ الْحَدَثِ:
وَمَضَى الرَّشِيدُ إِلَى دَرْبِ الْحَدَثِ فَرَتَّبَ الأُمُورَ، ثُمَّ
انْصَرَفَ بَعْدَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي رَمَضَانَ، فَنَزَلَ
الرَّقَّةَ، وَأَمَرَ بِهَدْمِ الْكَنَائِسِ فِي الثُّغُورِ.
عَزْلُ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى:
وَعَزَلَ عَلِيَّ بن عيسى بن مَاهَانَ عَنْ خُرَاسَانَ بَهَرْثَمَةَ
بْنِ أَعْيَنَ.
وَقَدْ ذَكَرْنَا سَبَبَ هَلاكِ وَلَدِهِ عِيسَى، فَلَمَّا قُتِلَ
وَلَدُهُ خَرَجَ عَنْ بَلْخَ فَأَتَى مَرْوَ خَوْفًا مِنْ رَافِعٍ أَنْ
يَأْتِيَ مَرْوَ فَيَمْلِكُهَا.
وَكَانَ ابْنُهُ دَفَنَ فِي بُسْتَانِ دَارِهِ أَمْوَالا، نَحْوَ
ثَلاثِينَ أَلْفَ أَلْفٍ، وَلَمْ يَدْرِ بِهَا عَلِيٌّ. فَأَعْلَمَتْ
جَارِيَةٌ لِعِيسَى بَعْضَ الْخَدَمِ، وَتَحَدَّثَ بِهِ النَّاسُ،
فَاجْتَمَعَ أَعْيَانُ الْبَلَدِ وَانْتَهَبُوا الْمَالَ هُمْ
وَالعَامَّةُ. فَعَلِمَ الرَّشِيدُ فَغَضِبَ، وَعَزَلَهُ وَأَخَذَ
أَمْوَالَهُ، فَبَلَغَتْ ثَمَانِينَ أَلْفَ أَلْفٍ.
وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى قَدْ عَتَا1 وَتَجَبَّرَ عَلَى
الْقُوَّادِ، وَكَانَتْ كُتُبٌ قَدْ وَرَدَتْ عَلَى الرَّشِيدِ أَنَّ
رَافِقًا لَمْ يَخْلَعْ، وَلا نَزَعَ السَّوَادَ، وَلا مَنْ شَايَعَهُ،
وَأَنَّ غَايَتَهُمْ عَزْلُ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى الَّذِي قَدْ
سَامَهُمُ2 الْمَكْرُوهَ.
حَجُّ هَذَا الْعَامِ:
وَحَجَّ بِالنَّاسِ أَمِيرُ مَكَّةَ الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ
مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ.
امْتِنَاعُ الصَّائِفَةِ:
وَلَمْ يكن للمسلمين بعد هذا السَّنَةِ صَائِفَةٌ إِلَى سَنَةِ خَمْسَ
عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ3.
__________
1 عتا: تكبر.
2 سامهم: أذاقهم.
3 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 350"، وتاريخ الطبري "8/ 341"، والكامل "6/
119-122"، والبداية "10/ 212-213".
(13/4)
أحداث سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ
وَمِائَةٍ:
تُوُفِّيَ فِيهَا: صَعْصَعَةُ بْنُ سَلامٍ خَطِيبُ قُرْطُبَةَ، عَبْدُ
اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ الأَوْدِيُّ، أَبُو مُحَمَّدٍ، عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْمِصْرِيُّ، عَرْعَرَةُ بْنُ
الْبَرْنَدِ الشَّامِيُّ الْبَصْرِيُّ، عَلِيُّ بْنُ ظَبْيَانَ
الْعَبْسِيُّ الْكُوفِيُّ، الْفَضْلُ بْنُ يَحْيَى الْبَرْمَكِيُّ،
تُوُفِّيَ مَسْجُونًا، يَحْيَى بْنُ كريب الرعيني المصري، يوسف ابن
الْقَاضِي أَبِي يُوسُفَ.
شُخُوصُ هَرْثَمَةَ إِلَى خُرَاسَانَ:
وَفِيهَا شَخَصَ هَرْثَمَةُ إِلَى خُرَاسَانَ، وَوَجَّهَ إِلَى عَلِيِّ
بْنِ عِيسَى فِي الظَّاهِرِ أَمْوَالا وَخُلَعًا وَسِلاحًا. فَلَمَّا
نَزَلَ نَيْسَابُورَ جَمَعَ وُجُوهَ أَصْحَابِهِ فَخَلا بِكُلٍّ
مِنْهُمْ وَأَخَذَ عَلَيْهِ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ أَنْ يَكْتُمَ
أَمْرَهُ، وَوَلَّى كُلَّ رَجُلٍ بَلَدًا وَدَفَعَ إِلَيْهِ عَهْدَهُ
وَجَهَّزَهُ سِرًّا إِلَى بَلَدِهِ. فَعَلَ هَذَا خَوْفًا مِنْ
ثَوْرَةِ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى.
ثُمَّ سَارَ، فَلَمَّا كَانَ عَلَى مَرْحَلَةٍ مِنْ مَرْوَ دَعَا
ثِقَاتِ أَصْحَابِهِ وَكَتَبَ أَسْمَاءَ وَلَدِ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى
وَأَهْلِ بَيْتِهِ، وَدَفَع إِلَى كُلِّ رَجُلٍ رُقْعَةً بِاسْمِ مَنْ
وَكَّلَهُ بِحِفْظِهِ إِذَا دَخَلَ مَرْوَ.
ثُمَّ وَجَّهَ إِلَى عَلِيٍّ: إِنْ أَحَبَّ الأَمِيرُ أَنْ يُوَجِّهَ
ثِقَاتِهِ لِقَبْضِ مَا مَعِي فَعَلَ، فَإِنَّهُ إِذَا تَقَدَّمَتِ
الأَمْوَالُ أَمَامَ دُخُولِي كَانَ أَقْوَى لِلأَمِيرِ وَأَفَتَّ فِي
عَضُدِ أَعْدَائِهِ. فَوَجَّهَ عَلِيٌّ جَمَاعَةً لِقَبْضِ الأموال؛
فقل هَرْثَمَةُ: اشْغِلُوهُمُ اللَّيْلَةَ. فَفَعَلُوا.
ثُمَّ سَارَ إِلَى مَرْوَ، فَلَمَّا صَارَ مِنْهَا عَلَى مِيلَيْنِ
تَلَقَّاهُ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى وَوَلَدُهُ وَقُوَّادُهُ؛ فَلَمَّا
وَقَعَتْ عَيْنُ هَرْثَمَةَ عَلَيْهِ ثَنَى رِجْلَهُ لِيَنْزِلَ،
فَصَاحَ عَلِيٌّ: وَاللَّهِ لَئِنْ نَزَلْتَ لأَنْزِلَنَّ.
(13/5)
فثبت ودنا، فاعتنقا، ثم سارا إِلَى
قَنْطَرَةٍ لا يَجُوزُهَا إِلا فَارِسٌ. فَحَبَسَ هَرْثَمَةُ لِجَامَ
الْفَرَسِ وَقَالَ لِعَلِيٍّ: سِرْ، فَقَالَ: لا وَاللَّهِ. فَقَالَ
هَرْثَمَةُ: لا وَاللَّهِ، أَنْتَ أَمِيرُنَا. ثُمَّ نَزَلَ بِمَنْزِلِ
عَلِيٍّ، وَأَكَلا مِنَ السِّمَاطِ. ثُمَّ دَفَعَ الْخَادِمُ كِتَابَ
الرَّشِيدِ إِلَى عَلِيٍّ، فَلَمَّا رَأَى أَوَّلَ حرف مِنْهُ سُقِطَ
مِنْ يَدِهِ. ثُمَّ أَمَرَ هَرْثَمَةُ بِتَقْيِيدِهِ وَتَقْيِيدِ
وَلَدِهِ وَعُمَّالِهِ. ثُمَّ صَارَ إِلَى الْجَامِعِ فَخَطَبَ
وَبَسَطَ مِنْ آمَالِ النَّاسِ، وَأَخْبَرَ أَنَّ الرَّشِيدَ وَلاهُ
ثُغُورَهُمْ بِمَا بَلَغَهُ مِنْ سُوءِ سِيرَةِ الْفَاسِقِ عَلِيِّ
بْنِ عِيسَى، وَإِنِّي مُنْصِفُكُمْ مِنْهُ.
فَأَظْهَرُوا السُّرُورَ وَضَجُّوا بِالدُّعَاءِ. ثُمَّ انْصَرَفَ
وَدَعَا بِعَلِيٍّ وَآلِهِ فَقَالَ: أَعْفُونِي مِنَ الإِقْدَامِ
بِالْمَكْرُوهِ عَلَيْكُمْ. وَنُودِيَ بِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ مِنْ
رَجُلٍ عِنْدَهُ لِعَلِيٍّ وَدِيعَةٌ فَأَخْفَاهَا. فَأَحْضَرَ
النَّاسُ شَيْئًا كَثِيرًا إِلا رَجُلٌ وَاحِدٌ. وَاسْتَصْفَى
هَرْثَمَةُ حَتَّى حُلِيِّ النِّسَاءِ وَالثِّيَابِ، وَبَالَغَ فِي
ذَلِكَ. ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَقَامَهُمْ لِمَظَالِمِ النَّاسِ
وَشَدَّدَ عَلَيْهِمْ. ثُمَّ حَمَلَ عَلِيًّا إِلَى الرَّشِيدِ.
تَوَجُّهُ الرَّشِيدِ لِحَرْبِ رَافِعٍ:
وَفِيهَا تَوَجَّهَ الرَّشِيدُ نَحْوَ خُرَاسَانَ لِحَرْبِ رَافِعٍ.
فَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الطَّبَرِيُّ أَنَّ أَبَاهُ
شَيَّعَ الرَّشِيدَ إِلَى النَّهْرَوَانِ، فَجَعَلَ يُحَادِثُهُ فِي
الطَّرِيقِ إِلَى أَنْ قَالَ: يَا صَبَّاحُ، لا أَحْسَبُكَ تَرَانِي
بَعْدَهَا. فَقُلْتُ: بَلْ يَرُدُّكَ اللَّهُ سَالِمًا. ثُمَّ قَالَ:
وَلا أَحْسَبُكَ تَدْرِي ما أجد. فقلت: لا والله. فقال: تعالى حَتَّى
أُرِيَكَ. وَانْحَرَفَ عَنِ الطَّرِيقِ، وَأَوْمَأَ إِلَى الْخَوَاصِّ
فَتَنَحَّوْا، ثُمَّ قَالَ: أَمَانَةَ اللَّهِ يَا صَبَّاحُ أَنْ
تَكْتُمَ عَلَيَّ. وَكَشَفَ عَنْ بَطْنِهِ، فَإِذَا عُصَابَةُ حَرِيرٍ
حَوْلَ بَطْنِهِ، فَقَالَ: هَذِهِ عِلَّةٌ أَكْتُمُهَا النَّاسَ
كُلَّهُمْ.
وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ وَلَدِي عَلَيَّ رَقِيبٌ، فَمَسْرُورٌ رَقِيبُ
الْمَأْمُونِ، وَجِبْرِيلُ بْنُ بَخْتَيْشُوعَ رَقِيبُ الأَمِينِ
وَنَسِيتُ الثَّالِثَ، مَا مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلا وَهُوَ يُحْصِي
أَنْفَاسِي وَيَعُدُّ أَيَّامِي وَيَسْتَطِيلُ دَهْرِي. فَإِنْ
أَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ ذَلِكَ فَالسَّاعَةَ أَدْعُو بِبِرْذَوْنَ،
فَيَجِيئُونَ بِهِ أعْجَفَ ليزيد في علتي. ثم دعا ببرذون، فجاؤوا بِهِ
كَمَا وَصَفَ، فَنَظَرَ إِلَيَّ ثُمَّ رَكِبَهُ وَانْصَرَفَ.
تَحَرُّكُ الْخُرَّمِيَّةِ:
وَفِيهَا تَحَرُّكُ الْخُرَّمِيَّةِ بِبِلادِ أَذْرَبَيْجَانَ، فَسَارَ
لِحَرْبِهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَالِكٍ فِي عَشَرَةِ آلافٍ،
فَأَسَرَ وَسَبَى.
(13/6)
قَتْلُ أَبِي النِّدَاءِ:
وَفِيهَا قَدِمَ يَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ عَلَى الرَّشِيدِ وَمَعَهُ أَبُو
النِّدَاءِ، فَقَتَلَهُ.
تَحَرُّكُ ثَرْوَانَ الْحَرُورِيِّ 1:
وَفِيهَا تَحَرُّكُ ثَرْوَانَ الْحَرُورِيِّ فَقَتَلَ عَامِلَ
الطَّفِّ.
حَبْسُ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى:
وَقُدِمَ بِعَلِيِّ بْنِ عِيسَى بَغْدَادَ، فَحُبِسَ فِي دَارِهِ.
وَقَتَلَ فِيهَا الرَّشِيدُ هَيْثَمًا الْيَمَانِيَّ، وَكَانَ قد خرج.
والله أعلم2.
__________
1 الحروري: نسبة إلى حرواء بالعراق، وهي منشأ الخوارج.
2 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 305"، تاريخ الطبري "8/ 341"، الكامل "6/
119-122"، البداية "10/ 212-213"، صحيح التوثيق "6/ 109".
(13/7)
أحداث سَنَةَ ثَلاثٍ وَتِسْعِينَ
وَمِائَةٍ:
تُوُفِّيَ فِيهَا: إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، أَبُو بِشْرٍ
الْبَصْرِيُّ، زِيَادُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ شَبَطُونُ، سَعِيدُ
بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمِصْرِيُّ الْفَقِيهُ، الْعَبَّاسُ بْنُ
الأَحْنَفِ الشَّاعِرُ الْمَشْهُورُ، الْعَبَّاسُ بْنُ الْحُسَيْنِ
الْعَلَوِيُّ الشَّاعِرُ، الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ بْنُ الرَّبِيعِ
الْحَاجِبُ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كُلَيْبٍ الْمُرَادِيُّ، بِمِصْرَ،
عَوْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَسْعُودِيُّ، مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ
الْبَصْرِيُّ، غُنْدَرٌ، مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ الْحَرَّانِيُّ،
مَرْوَانُ بْنُ مَعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ، نَزِيلُ دِمَشْقَ، أَبُو
بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ الْمُقْرِئُ، بِالْكُوفَةِ.
مُوَافَاةُ الرَّشِيدِ جُرْجَانَ:
وَفِيهَا وَافَى الرَّشِيدُ جُرْجَانَ، فَأَتَتْهُ بِهَا خَزَائِنُ
عَلِيِّ بْنِ عِيسَى عَلَى أَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةِ بَعِيرٍ، ثُمَّ
رَحَلَ مِنْهَا فِي صَفَرٍ وَهُوَ عَلِيلٌ3 إِلَى طُوسَ، فَلَمْ يَزَلْ
بِهَا إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ.
الْوَقْعَةُ بَيْنَ هَرْثَمَةَ وَأَصْحَابِ رَافِعِ بْنِ اللَّيْثِ:
وَفِيهَا كَانَتْ وَقْعَةٌ بَيْنَ هَرْثَمَةَ وَأَصْحَابِ رَافِعِ بْنِ
اللَّيْثِ، فانتصر هرثمة وأسر أخا
__________
1 الحروري: نسبة إلى حرواء بالعراق، وهي منشأ الخوارج.
2 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 305"، تاريخ الطبري "8/ 341"، الكامل "6/
119-122"، البداية "10/ 212-213"، صحيح التوثيق "6/ 109".
3 عليل: مريض.
(13/7)
رَافِعٍ، وَمَلَكَ بُخَارَى، وَقَدِمَ
بِأَخِي رَافِعٍ عَلَى الرَّشِيدِ، فَسَبَّهُ، وَدَعَا بِقَصَّابٍ1
وَقَالَ: فَصِّلْ أَعْضَاءَهُ، ففصله.
غلط بن جبريل بن بختيشوع وتطبيب الرَّشِيدِ:
وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ جِبْرِيلَ بْنَ بَخْتَيْشُوعَ غَلِطَ عَلَى
الرَّشِيدِ فِي عِلَّتِهِ فِي عِلاجٍ عَالَجَهُ بِهِ كَانَ سَبَبَ
مَنِيَّتِهِ، فَهَمَّ الرَّشِيدُ بِأَنْ يُفَصِّلَهُ كَمَا فَعَلَ
بِأَخِي رَافِعٍ، وَدَعَا بِهِ فَقَالَ: انْتَظِرْ إِلَى غَدٍ يَا
أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّكَ تُصْبِحُ فِي عَافِيَةٍ، فَمَاتَ
ذَلِكَ الْيَوْمَ.
وَقِيلَ إِنَّ الرَّشِيدَ رَأَى مَنَامًا أَنَّهُ يَؤُمُّ بِطُوسَ،
فَبَكَى وَقَالَ: احْفُرُوا لِي قَبْرًا. فحفروا له، ثُمَّ حُمِلَ فِي
قُبَّةٍ عَلَى جَمَلٍ وَسِيقَ به حتى نظر إلى القبر فقال: يا ابن آدَمَ
تَصِيرُ إِلَى هَذَا. وَأَمَرَ قَوْمًا فَنَزَلُوا فَخَتَمُوا فِيهِ
خَتْمَةً، وَهُوَ فِي مِحَفَّةٍ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ.
الرَّشِيدُ يَقْتَفِي أَخْلاقَ الْمَنْصُورِ:
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَكَانَ يَقْتَفِي أَخْلاقَ الْمَنْصُورِ،
وَيَطْلُبُ الْعَمَلَ بِهَا. إِلا فِي بَذْلِ الْمَالِ، فَإِنَّهُ لَمْ
يُرَ خَلِيفَةٌ قَبْلَهُ أَعْطَى مِنْهُ لِلْمَالِ. وَكَانَ يُحِبُّ
الشِّعْرَ، وَيَمِيلُ إِلَى أَهْلِ الأَدَبِ وَالْفِقْهِ، وَيَكْرَهُ
الْمِرَاءَ فِي الدِّينِ، وَيَقُولُ: هُوَ شَيْءٌ، لا نَتِيجَةَ لَهُ،
وَبِالْحَرِيِّ أَنْ لا يَكُونَ فِيهِ ثَوَابٌ. وَكَانَ يُحِبُّ
الْمَدِيحَ وَيَشْتَرِيهِ بأغلى ثمن.
إجازرة الرَّشِيدِ مَرْوَانَ بْنَ أَبِي حَفْصَةَ:
أَجَازَ مَرَّةً مَرْوَانَ بْنَ أَبِي حَفْصَةَ عَلَى قَصِيدَةٍ
خَمْسَةَ آلافِ دِينَارٍ، وَخُلْعَةً، وَعَشَرَةً مِنْ رَقِيقِ
الرُّومِ، وَفَرَسًا مِنْ مَرَاكِبِهِ.
صُحْبَةُ ابْنِ أَبِي مَرْيَمَ الْمِضْحَاكِ لِلرَّشِيدِ:
وَقِيلَ إِنَّهُ كَانَ مَعَ الرَّشِيدِ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ
الْمَدَنِيُّ، وَكَانَ مُضْحِكًا فَكِهًا إِخْبَارِيًّا، فَكَانَ
الرَّشِيدُ لا يَصْبِرُ عَنْهُ وَلا يمل منه لحسن نوادره ومجونه.
__________
1 قصاب: جزار.
(13/8)
مَوْعِظَةُ ابْنِ السَّمَّاكِ لِلرَّشِيدِ:
وَرُوِيَ أَنَّ ابْنَ السَّمَّاكِ دَخَلَ عَلَى الرَّشِيدِ يَوْمًا
فَاسْتَسْقَى، فَأُتِيَ بِكُوزٍ، فَلَمَّا أَخَذَهُ قَالَ: عَلَى
رِسْلِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَوْ مُنِعْتَ هَذِهِ
الشَّرْبَةَ بِكَمْ كُنْتَ تَشْتَرِيهَا؟ قَالَ: بِنِصْفِ مُلْكِي.
قَالَ: اشْرَبْ هَنَّاكَ اللَّهُ. فَلَمَّا شَرِبَهَا قَالَ:
أَسْأَلُكَ لَوْ مُنِعْتَ خُرُوجَهَا مِنْ بَدَنِكَ، بِمَاذَا كُنْتَ
تَشْتَرِي خُرُوجَهَا؟ قَالَ: بِجَمِيعِ مُلْكِي. فَقَالَ: إِنَّ
مُلْكًا قِيمَتُهُ شَرْبَةُ مَاءٍ لَجَدِيرٌ أَنْ لا يُنافَسَ فِيهِ.
قَالَ: فَبَكَى هَارُونُ.
وَقَدْ ذَكَرْتُ الرَّشِيدَ فِي الأَسْمَاءِ أَيْضًا.
الْبَيْعَةُ لِلأَمِينِ:
وَبُويِعَ لابْنِهِ الأَمِينِ مُحَمَّدٍ فِي الْعَسْكَرِ صَبِيحَةَ
اللَّيْلَةِ الَّتِي تُوُفِّيَ فِيهَا الرَّشِيدُ. وَكَانَ
الْمَأْمُونُ حِينَئِذٍ بِمَرْوَ، وَالأَمِينُ بِبَغْدَادَ. فَأَتَاهُ
الْخَبَرُ، فَصَلَّى بِالنَّاسِ الْجُمُعَةَ وَخَطَبَ، وَنَعَى
الرَّشِيدَ إِلَى النَّاسِ وَبَايَعَهُ النَّاسُ؛ وَأَمَرَ لِلْجُنْدِ
بِرِزْقِ سَنَتَيْنِ.
مَسِيرُ رَجَاءٍ الْخَادِمِ بِالْخَلْعِ إِلَى الأَمِينِ:
وَأَخَذَ رَجَاءٌ الْخَادِمُ الْبُرْدَ والقضيب والخاتم. وسار عَلَى
الْبَرِيدِ فِي اثْنَى عَشَرَ يَوْمًا مِنْ مرو حتى قدم بغداد فِي
نِصْفِ جُمَادَى الآخِرَةِ، فَدَفَعَ ذَلِكَ إِلَى الأَمِينِ.
وَبَلَغَ الْخَبَرُ الْمَأْمُونَ فَبَايَعَ لِأَخِيهِ ثُمَّ
لِنَفْسِهِ، وَأَعْطَى الْجُنْدَ عَطَاءَ سَنَةٍ، وَأَخَذَ يَتَأَلَّفُ
أُمَرَاءَهُ وَقُوَّادَهُ وَيُظْهِرُ الْعَدْلَ، فَأَحَبُّوا
الْمَأْمُونَ.
بِنَاءُ الأَمِينِ لِمَيْدَانِ الْكُرَةِ:
أَمَّا الأَمِينُ فَإِنَّهُ بَعْدَ بَيْعَتِهِ بِيَوْمٍ أَمَرَ
بِبِنَاءِ مَيْدَانٍ جِوَارَ قَصْرِ الْمَنْصُورِ لِلَعِبِ الْكُرَةِ.
ثُمَّ قَدِمَتْ أُمُّ جَعْفَرٍ زُبَيْدَةُ فِي شَعْبَانَ،
فَتَلَقَّاهَا ابْنُهَا الأَمِينُ.
قَدِمَتْ مِنَ الرَّقَّةِ وَمَعَهَا جَمِيعُ الْخَزَائِنِ.
الْمَأْمُونُ يُهْدِي الأَمِينَ التُّحَفَ:
وَأَقَامَ الْمَأْمُونُ عَلَى خُرَاسَانَ وَإِمْرَتِهَا، وَأَهْدَى
لِلأَمِينِ تُحَفًا وَنَفَائِسَ.
(13/9)
دُخُولُ هَرْثَمَةَ سَمَرْقَنْدَ:
وَفِيهَا دَخَلَ هَرْثَمَةُ حَائِطَ سَمَرْقَنْدَ، فَلَجَأَ رَافِعٌ
إِلَى الْمَدِينَةِ الدَّاخِلَةِ. وَرَاسَلَ رَافِعٌ التُّرْكَ
فَوَافَوْهُ، فَصَارَ هَرْثَمَةُ فِي الْوَسَطِ. ثُمَّ لَطَفَ اللَّهُ
بِهِ وَرَدَّ التُّرْكَ، فَضَعُفَ أَمْرُ رَافِعٍ.
مَقْتَلُ نِقْفُورَ مَلِكِ الرُّومِ:
وَفِيهَا قُتِلَ نِقْفُورُ مَلِكُ الرُّومِ فِي حَرْبِ بُرْجَانَ،
وَبَقِيَ فِي الْمَمْلَكَةِ تِسْعَ سِنِينَ، وَمَلَكَ بَعْدَهُ ابْنُهُ
إِسْتَبْرَاقُ شَهْرَيْنِ وَهَلَكَ، فَمَلَكَ مِيخَائِيلُ بْنُ جرجس
زوج أخته1.
__________
1 انظر: تاريخ الطبري "8/ 350-360"، البداية "10/ 218-222".
(13/10)
أحداث سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ
وَمِائَةٍ:
تُوُفِّيَ فِيهَا: حَفْصُ بْنُ عُثْمَانَ النَّخَعِيُّ، فِي آخِرِهَا،
الْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ، سَلْمُ بْنُ سَالِمٍ
الْبَلْخِيُّ الْعَابِدُ، ضَعِيفٌ، سُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ،
قَاضِي بَعْلَبَكَّ.
شَقِيقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَلْخِيُّ الزَّاهِدُ، عَبْدُ
الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ، عُبَيْدُ اللَّهِ
بْنُ الْمَهْدِيِّ مُحَمَّدُ بْنُ الْمَنْصُورِ، عُمَرُ بْنُ هَارُونَ
الْبَلْخِيُّ، أَبُو حَفْصٍ، مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ الْخَوْلانِيُّ
الأَبْرَشُ، مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبَانٍ الأُمَوِيُّ
الْكُوفِيُّ، مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ، بَصْرِيٌّ ثِقَةٌ، يَحْيَى
بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبَانٍ الأُمَوِيُّ، أَخُو مُحَمَّدٍ، الْقَاسِمُ
بْنُ يَزِيدَ الْجَرْمِيُّ.
ثَوْرَةُ أَهْلِ حِمْصَ بِعَامِلِهِمْ:
وَفِيهَا ثَارَ أَهْلُ حِمْصَ بِعَامِلِهِمْ إِسْحَاقَ بْنِ
سُلَيْمَانَ، فَخَرَجَ إِلَى سَلَمْيَةَ، فَوَلَّى عَلَيْهِمُ
الأَمِينَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعِيدٍ الْحَرَشِيَّ، فَحَبَسَ عِدَّةً
مِنْ وُجُوهِهِمْ وَقَتَلَ عِدَّةً، وَضَرَبَ النَّارَ فِي نَوَاحِي
حِمْصَ، فَسَأَلُوهُ الأَمَانَ فَأَمَّنَهُمْ. وَسَكَنُوا ثُمَّ
هَاجُوا فَقَتَلَ طَائِفَةً مِنْهُمْ.
عَزْلُ الأَمِينِ لِأَخِيهِ الْقَاسِمِ عَنِ الْوِلايَاتِ:
وَفِيهَا عَزَلَ الأَمِينُ أَخَاهُ الْقَاسِمَ عَنْ مَا كَانَ
الرَّشِيدُ وَلاهُ، وَذَلِكَ إِمْرَةُ الشَّامِ وَقِنَّسْرِينَ
وَالثُّغُورِ، وَوَلَّى مَكَانَهُ خُزَيْمَةَ بْنَ خَازِمٍ.
(13/10)
الأَمْرُ بِالدُّعَاءِ لِمُوسَى ابْنِ
الأَمِينِ:
وَفِيهَا أَمَرَ الأَمِينُ بِالدُّعَاءِ لابْنِهِ مُوسَى عَلَى
الْمَنَابِرِ بِالإِمْرَةِ، بَعْدَ ذِكْرِ الْمَأْمُونِ وَالْقَاسِمِ.
تَنَكُّرُ الأَمِينِ لِلْمَأْمُونِ:
وَتَنَكَّرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الأَمِينِ وَالْمَأْمُونِ لِصَاحِبِهِ،
وظهر الفساد بينهما.
الفضل بن الربيع والأمين عَلَى الْمَأْمُونِ:
وَقِيلَ إِنَّ الْفَضْلَ بْنَ الرَّبِيعِ عَلِمَ أَنَّ الْخِلافَةَ
إِذَا أَفْضَتْ إِلَى الْمَأْمُونِ لَمْ يُبْقِ عَلَيْهِ، فَأَعْدَى
الأَمِينُ بِهِ، وَحَثَّهُ عَلَى خَلْعِهِ، وَأَنْ يُوَلِّيَ الْعَهْدَ
لابْنِهِ مُوسَى. وَأَعَانَهُ عَلَى رَأْيِهِ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى بْنِ
مَاهَانَ، وَالسِّنْدِيُّ.
وَلَمَّا بَلَغَ الْمَأْمُونُ عَزْلُ أَخِيهِ الْقَاسِمِ عَنِ الشَّامِ
قَطَعَ الْبَرِيدِيَّةَ عَنِ الأَمِينِ، وَأَسْقَطَ اسْمَهُ مِنَ
الطَّرْزِ وَالضَّرْبِ.
الْتِحَاقُ رَافِعِ بْنِ اللَّيْثِ بِالْمَأْمُونِ:
وَكَانَ رَافِعُ بْنُ اللَّيْثِ بْنِ نَصْرِ بْنِ سَيَّارٍ لَمَّا
انْتَهَى إِلَيْهِ حُسْنُ سِيرَةِ الْمَأْمُونِ فِي عَمَلِهِ
وَإِحْسَانِهِ إِلَى الْجَيْشِ، بَعَثَ فِي طَلَبِ الْمَأْمُونِ
لِنَفْسِهِ، فَسَارَعَ إِلَى ذَلِكَ هَرْثَمَةُ، وَلَحِقَ رَافِعٌ
بِالْمَأْمُونِ فَأَكْرَمَهُ.
قُدُومُ هَرْثَمَةَ عَلَى الْمَأْمُونِ:
وَقَدِمَ هَرْثَمَةُ بِمَنْ مَعَهُ مِنَ الْجُيُوشِ مِنْ سَمَرْقَنْدَ
عَلَى الْمَأْمُونِ. وَكَانَ مَعَهُ طَاهِرُ بْنُ الْحُسَيْنِ،
فَتَلَقَّاهُ الْمَأْمُونُ وَوَلاهُ حَرَسَهُ.
إِرْسَالُ الأَمِينِ وُجُوهًا إِلَى الْمَأْمُونِ:
ثُمَّ إِنَّ الأَمِينَ أَرْسَلَ وُجُوهًا إِلَى الأَمِينِ يَطْلُبُ
مِنْهُ أَنْ يُقَدِّمَ مُوسَى عَلَى نَفْسِهِ، وَيَذْكُرَ أَنَّهُ قَدْ
سَمَّاهُ النَّاطِقَ بِالْحَقِّ، فَردَّ الْمَأْمُونُ ذَلِكَ
وَأَبَاهُ.
(13/11)
مُبَايَعَةُ الْعَبَّاسِ بْنِ مُوسَى
الْمَأْمُونَ سِرًّا:
وَكَانَ الرَّسُولُ إِلَيْهِ الْعَبَّاسُ بْنُ مُوسَى بْنِ عِيسَى بْنِ
مُوسَى، فَبَايَعَ الْمَأْمُونَ بِالْخِلافَةِ سِرًّا، ثُمَّ كَانَ
يَكْتُبُ إِلَيْهِ بِالأَخْبَارِ وَيُنَاصِحُهُ مِنَ الْعِرَاقِ.
إِسْقَاطُ اسْمِ الْمَأْمُونِ مِنْ وِلايَةِ الْعَهْدِ:
وَرَجَعَ وَأَخْبَرَ الأَمِينَ بِامْتِنَاعِ الْمَأْمُونِ. فَأَسْقَطَ
اسْمَهُ مِنْ وِلايَةِ الْعَهْدِ، وَطَلَبَ الْكِتَابَ الَّذِي
كَتَبَهُ الرَّشِيدُ وَجَعَلَهُ بِالْكَعْبَةِ لِعَبْدِ اللَّهِ
الْمَأْمُونِ عَلَى الأَمِينِ، فأحضره فمزقه وقويت الوحشة.
إرسال المأمون بِالْبَقَاءِ عَلَى عَهْدِهِ لِلأَمِينِ:
وَأَحْضَرَ الْمَأْمُونُ رُسُلَ الأَمِينِ إِلَيْهِ وَقَالَ: إِنَّ
أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ كَتَبَ إِلَيَّ فِي أَمْرٍ كَتَبْتُ إِلَيْهِ
جَوَابَهُ، فَأَبْلِغُوهُ بِالْكِتَابِ، وَاعْلَمُوا أَنِّي لا أَزَالُ
عَلَى طَاعَتِهِ حَتَّى يَضْطَرَّنِي بِتَرْكِ الْحَقِّ الْوَاجِبِ
إِلَى مُخَالَفَتِهِ. فَخَرَجُوا وَقَدْ رَأَوْا جِدًّا غَيْرَ مَشُوبٍ
بِهَزْلٍ.
نَصَائِحُ أُولِي الرَّأْيِ لِلأَمِينِ:
وَنَصَحَ الأَمِينَ أُولُو الرَّأْيِ فَلَمْ يَنْتَصِحْ، وَأَخَذَ
يَسْتَمِيلُ1 الْقُوَّادَ بِالْعَطَاءِ. وَقَالَ لَهُ خَازِمُ بْنُ
خُزَيْمَةَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَنْ يَنْصَحَكَ مَنْ
كَذَبَكَ، وَلَنْ يَغُشُّكَ مَنْ صَدَقَكَ. لا تُجَرِّئِ الْقُوَّادَ
عَلَى الْخَلْعِ فَيَخْلَعُوكَ، وَلا تَحْمِلْهُمْ عَلَى نَكْثِ
الْعَهْدِ فَيَنْكُثُوا بَيْعَتَكَ وَعَهْدَكَ، فَإِنَّ الْغَادِرَ
مَغْلُولٌ، وَالنَّاكِثَ مَخْذُولٌ.
بَيْعَةُ الأَمِينِ لابْنِهِ مُوسَى بِوِلايَةِ الْعَهْدِ:
وَفِي رَبِيعٍ الأَوَّلِ بَايَعَ الأَمِينُ بِوِلايَةِ الْعَهْدِ
لابْنِهِ مُوسَى، وَلَقَّبَهُ النَّاطِقَ بِالْحَقِّ، وَجَعَلَ
وَزِيرَهُ عَلِيَّ بْنَ عِيسَى بْنِ مَاهَانَ.
وُثُوبُ الرُّومِ عَلَى مَلِكِهِمْ:
وَفِيهَا وَثَبَ الرُّومُ عَلَى مِيخَائِيلَ صَاحِبِ الرُّومِ فَهَرَبَ
وَتَرَهَّبَ، وَكَانَ مُلْكُهُ سَنَتَيْنِ، فَمَلَّكُوا عليهم ليون
القائد2.
__________
1 يستميل: يستطيب.
2 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 308"، تاريخ الطبري "8/ 374"، الكامل "6/
227".
(13/12)
أحداث سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ
وَمِائَةٍ:
تُوُفِّيَ فِيهَا: إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ، وَاسِطِيٌّ،
بِشْرُ بْنُ السَّرِيِّ الْوَاعِظُ، بِمَكَّةَ، عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيُّ الْكُوفِيُّ، عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ
الْمَهْدِيِّ، فِيهَا فِي قَوْلٍ، غَنَّامُ بْنُ عَلِيٍّ الْكُوفِيُّ،
وَقِيلَ سَنَةَ أَرْبَعٍ، مُؤَرِّجُ بْنُ عَمْرٍو السَّدُوسِيُّ
النَّحْوِيُّ، مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ الضَّبِّيُّ الْكُوفِيُّ.
الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، فِي أَوَّلِهَا بِذِي الْمَرْوَةِ، يَحْيَى
بْنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ، بِمَكَّةَ، أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ
مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ.
بَعْضُ الشِّعْرِ الَّذِي قِيلَ فِي وِلايَةِ الْعَهْدِ لِمُوسَى:
وَفِيهَا قَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ فِيمَا جَرَى مِنْ وِلايَةِ
الْعَهْدِ لِمُوسَى وَهُوَ طِفْلٌ، وَذَلِكَ بِرَأْيِ الْفَضْلِ كَمَا
تَقَدَّمَ، وَرَأْيِ بَكْرِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ.
أَضَاعَ الْخِلافَةَ غِشُّ الْوَزِيرِ ... وَفِسْقُ الأَمِيرِ وَجَهْلُ
الْمُشِيرْ
فَفَضْلٌ وَزِيرٌ وَبَكْرٌ مُشِيرٌ ... يُرِيدَانِ مَا فِيهِ حَتْفُ
الأَمِيرْ
لِوَاطُ الْخَلِيفَةِ أُعْجُوبَةٌ ... وَأَعْجَبُ مِنْهُ خِلاقُ
الْوَزِيرْ
فَهَذَا يَدُوسُ وَهَذَا يُدَاسُ ... وَهَذَا لَعَمْرِي خِلافُ
الأُمُورْ
وَلَوْ يَسْتَعِينَانِ هَذَا بِذَاكَ ... لَكَانَا بِعُرْضَةِ آمْرٍ
سَتِيرْ
وأعجب بمن ذَا وَذَا أَنَّنَا ... نُبَايِعُ لِلطِّفْلِ فِينَا
الصَّغِيرْ
وَمَنْ لَمْ يُحْسِنْ غَسْلَ أَسْتِهِ ... وَمَنْ لَمْ يَخْلُ مِنْ
بَوْلِهِ حِجْرُ ظِيرْ
تَسْمِيَةُ الْمَأْمُونِ بِإِمَامِ الْمُؤْمِنِينَ:
وَلَمَّا تَيَقَّنَ الْمَأْمُونُ خَلْعَهُ تَسَمَّى بِإِمَامِ
الْمُؤْمِنِينَ، وَكُوتِبَ بِذَلِكَ.
(13/13)
عَقْدُ الأَمِينِ الْوِلايَاتِ لِعَلِيِّ
بْنِ عِيسَى:
وَفِي رَبِيعٍ الآخَرِ عَقَدَ الأَمِينُ لِعَلِيِّ بْنِ عِيسَى بْنِ
مَاهَانَ عَلَى بَلَدِ الْجِبَالِ: هَمْدَانَ، وَنَهَاوَنْدَ، وقم،
وأصبهان، وأقر له فِيمَا قِيلَ بِمِائَتَيْ أَلْفِ دِينَارٍ، وَأَعْطَى
لِجُنْدِهِ مَالا عَظِيمًا.
جَمْعُ الأَمِينِ أَهْلَ بَغْدَادَ لِقِرَاءَةِ الْعَهْدِ لابْنِهِ:
وَلَمَّا جَمَعَ الأَمِينُ الْمَلأَ لِقِرَاءَةِ الْعَهْدِ عَلَى
ابْنِهِ مُوسَى قَالَ:
يَا مَعْشَرَ خُرَاسَانَ، يَعْنِي الَّذِينَ بِبَغْدَادَ، إِنَّ
الأَمِيرَ مُوسَى قَدْ أَمَرَ لَكُمْ مِنْ صُلْبِ مَالِهِ بِثَلاثَةِ
آلافِ أَلْفِ دِرْهَمٍ.
شُخُوصُ 1 عَلِيِّ بْنِ عِيسَى لِلْقَبْضِ عَلَى الْمَأْمُونِ:
وَشَخَصَ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى فِي نِصْفِ جُمَادَى الآخِرَةِ مِنْ
بَغْدَادَ، وَأَخَذَ مَعَهُ قَيْدَ فِضَّةٍ لِيُقَيِّدَ بِهِ
الْمَأْمُونَ بِزَعْمِهِ. وَسَارَ مَعَهُ الأَمِينُ إِلَى
النَّهْرَوَانِ، فَعَرَضَ بِهَا الْجُنْدَ الَّذِينَ جَهَّزَهُمْ مَعَ
عَلِيٍّ.
اسْتِعْمَالُ ابْنِ حُمَيْدٍ عَلَى هَمْدَانَ:
وَسَارَ حَتَّى نَزَلَ هَمْدَانَ، فَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا عَبْدَ
اللَّهِ بْنَ حُمَيْدِ بْنِ قحطبة.
لقاء عَلِيِّ بْنِ عِيسَى بِجَيْشِ طَاهِرِ بْنِ الْحُسَيْنِ:
ثُمَّ شَخَصَ عَلِيٌّ مِنْهَا حَتَّى بَلَغَ الرَّيَّ وَهُوَ عَلَى
أُهْبَةِ الْحَرْبِ2 فَلَقِيَهُ طَاهِرُ بْنُ الْحُسَيْنِ وَهُوَ فِي
أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ آلافٍ، وَكَانَ قَدْ جَهَّزَهُ الْمَأْمُونُ،
فَأَشْرَفَ عَلَى جَيْشِ عَلِيٍّ وَهُمْ يَلْبَسُونَ السِّلاحَ،
وامتلأت بهم الصحراء بياضا وصفرة من السلاح المذهب. فَقَالَ طَاهِرُ
بْنُ الْحُسَيْنِ: هَذَا مَا لا قِبَلَ لَنَا بِهِ، وَلَكِنْ
نَجْعَلُهَا خَارِجِيَّةً، نَقْصِدُ الْقَلْبَ.
فَهَيَّأَ سبعمائة من الخوارزمية.
__________
1 شخوص: يقال: أشخص فلانًا إليه: والشخوص: الذهاب، المعجم الوجيز "ص8/
337".
2 أهبة الحرب: استعدادها.
(13/14)
رَفْعُ نُسْخَةِ الْبَيْعَةِ عَلَى
الرُّمْحِ:
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ هِشَامٍ الأَمِيرُ: فَقُلْنَا لِطَاهِرٍ:
نُذَكِّرُ عَلِيَّ بْنَ عِيسَى الْبَيْعَةَ الَّتِي كَانَتْ،
وَالْبَيْعَةَ الَّتِي أَخَذَهَا هُوَ لِلْمَأْمُونِ عَلَيْنَا
مَعْشَرَ أَهْلِ خُرَاسَانَ. قَالَ: نَعَمْ. فَعَلَّقْنَاهُمَا عَلَى
رُمْحَيْنِ، وَقُمْتُ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ، فَقُلْتُ: الأَمَانَ، ثُمَّ
قُلْتُ: يَا عَلِيُّ بْنَ عِيسَى أَلا تَتَّقِي اللَّهَ؟ أَلَيْسَ
هَذِهِ نُسْخَةَ الْبَيْعَةِ الَّتِي أَخَذْتَهَا أَنْتَ خَاصَّةً؟
اتَّقِ اللَّهَ، فَقَدْ بَلَغْتَ بَابَ قَبْرِكَ.
قَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: أَحْمَدُ بْنُ هِشَامٍ! وَكَانَ عَلِيٌّ
ضَرَبَهُ أَرْبَعَمِائَةِ سَوْطٍ. فَصَاحَ عَلِيٌّ: يَا أَهْلَ
خُرَاسَانَ، مَنْ جَاءَ بِهِ فَلَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ.
وَكَانَ مَعَنَا قَوْمُ بُخَارِيَّةَ، فَرَمَوْهُ وَزَنَّدَهُ
وَقَالُوا: نَقْتُلُكَ وَنَأْخُذُ مَالَكَ.
مَقْتَلُ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى:
وَخَرَجَ مِنْ عَسْكَرِ عَلِيٍّ الْعَبَّاسُ بْنُ اللَّيْثِ ورجل آخر،
فشد عليه طاهر فضربه قتله، وشد داوود سِيَاهٌ عَلَى عَلِيِّ بْنِ
عِيسَى فَصَرَعَهُ وَهُوَ لا يعرفه. فقال طاهر بن الناجي: أَعَلِيُّ
بْنُ عِيسَى أَنْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ! وَظَنَّ أَنَّهُ يُهَابُ فَلا
يَقْدِمُ عَلَيْهِ أَحَدٌ. فشَدَّ عَلَيْهِ وَذَبَحَهُ بِالسَّيْفِ،
ثُمَّ انْهَزَمَ جَيْشُهُ.
انْهِزَامُ الْبُخَارِيَّةِ:
قَالَ أَحْمَدُ: فَتَبِعْنَاهُمْ فَرْسَخَيْنِ، وَأَوْقَفُونَا
اثْنَتَيْ عشر مَرَّةً؛ كُلُّ ذَلِكَ نَهْزِمُهُمْ. فَلَحِقَنِي
طَاهِرُ بْنُ التَّاجِيِّ وَمَعَهُ رَأْسُ عَلِيٍّ، فَصَلَّيْتُ
رَكْعَتَيْنِ شُكْرًا. وَوَجَدْنَا فِي عَسْكَرِهِ سَبْعَمِائَةِ
كِيسٍ، فِي كُلِّ كِيسٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ. وَوَجَدْنَا عِدَّةَ بِغَالٍ
عَلَيْهَا له خَمْرٌ سَوَادِيٌّ. فَظَنَّتِ الْبُخَارِيَّةُ أَنَّهُ
مَالٌ، فَكَسَرُوا تِلْكَ الصَّنَادِيقَ فَرَأَوْهُ خَمْرًا،
فَضَحِكُوا وَقَالُوا: عَمِلْنَا الْعَمَلَ حَتَّى نَشْرَبَ.
التَّسْلِيمُ بِالْخِلافَةِ لِلْمَأْمُونِ:
وَأَعْتَقَ طَاهِرٌ مَنْ كَانَ بِحَضْرَتِهِ مِنْ غِلْمَانِهِ شُكْرًا.
فَلَمَّا وَصَلَ الْبَرِيدُ إِلَى الْمَأْمُونِ سَلَّمُوا عَلَيْهِ
بِالْخِلافَةِ، وَطِيفَ بِالرَّأْسِ فِي خُرَاسَانَ.
(13/15)
انْشِغَالُ الأَمِينِ بِصَيْدِ السَّمَكِ:
وَجَاءَ الْخَبَرُ بِقَتْلِهِ إِلَى الأَمِينِ وَهُوَ يَتَصَيَّدُ
السَّمَكَ، فَقَالَ لِلَّذِي أَخْبَرَهُ وَيْلَكَ دَعْنِي، فَإِنَّ
كَوْثَرًا قَدْ صَادَ سَمَكَتَيْنِ وَأَنَا مَا صِدْتُ شَيْئًا بَعْدُ.
شِعْرٌ فِي مَقْتَلِ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى:
وَقَالَ شاعر من أصحاب علي:
لَقِينَا اللَّيْثَ مُفْتَرِشًا يَدَيْهِ ... وَكُنَّا مَا
يُنَهْنِهُنَا اللِّقَاءُ
نَخُوضُ الْمَوْتَ وَالْغَمَرَاتِ قِدْمًا ... إِذَا مَا كَرَّ لَيْسَ
بِهِ خَفَاءُ
فَضَعْضَعَ رُكْنَنَا لَمَّا الْتَقَيْنَا ... وَرَاحَ الْمَوْتُ
وَانْكَشَفَ الْغِطَاءُ
وَأَوْدَى كَبْشَنَا وَالرَّأْسَ مِنَّا ... كَأَنَّ بِكَفِّهِ كَانَ
الْقَضَاءُ
تَوْجِيهُ الأَمِينِ لِلأَبْنَاوِيِّ:
ثُمَّ وَجَّهَ الأَمِينُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ جَبَلَةَ
الأَبْنَاوِيَّ وَأَمِيرَ الدِّينَوَرِ بِالْعُدَّةِ وَالْقُوَّةِ،
فَسَارَ حَتَّى نَزَلَ هَمْدَانَ.
قِلَّةُ تَدْبِيرِ الأَمِينِ مَعَ كَثْرَةِ الْجَيْشِ:
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَازِمٍ أَنَّهُ قَالَ: يُرِيدُ مُحَمَّدُ
إِزَالَةَ الْجِبَالِ وَفَلَّ الْعَسَاكِرِ بِالْفَضْلِ وَتَدْبِيرِهِ،
وَهَيْهَاتَ. وَهُوَ وَاللَّهِ كَمَا قِيلَ:
قَدْ ضَيَّعَ اللَّهُ ذَوْدًا أَنْتَ رَاعِيهَا
وَقِيلَ إِنَّ الْجَيْشَ الَّذِي كَانُوا مَعَ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى
أَرْبَعُونَ أَلْفًا فِي حَمِيَّةٍ لَمْ يُرَ مِثْلُهَا.
مَقْتَلُ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى بِسَهْمٍ:
وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُجَالِدٍ أَنَّ الْوَقْعَةَ اشْتَدَّ
فِيهَا الْقِتَالُ، وَأَنَّ عَلِيَّ بْنَ عِيسَى قُتِلَ بِسَهْمٍ
جَاءَهُ. وأن طاهرًا بعث بالأسرى والرؤوس إلى المأمون.
(13/16)
شَغَبُ الْجُنْدِ بِبَغْدَادَ عَلَى
الأَمِينِ:
وَذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْجَرْمِيُّ أَنَّ عَلِيًّا
لَمَّا قُتِلَ أَرْجَفَ النَّاسُ بِبَغْدَادَ إِرْجَافًا شَدِيدًا.
وَنَدِمَ مُحَمَّدٌ عَلَى خَلْعِهِ أَخَاهُ. وَطَمِعَ الأُمَرَاءُ
فِيهِ، وَشَغَّبُوا جُنْدَهُمْ بِطَلَبِ الأَرْزَاقِ مِنَ الأَمِينِ،
وَازْدَحَمُوا عَلَى الْجِسْرِ يَطْلُبُونَ الأَرْزَاقَ
وَالْجَوَائِزَ؛ فَرَكِبَ إِلَيْهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَازِمٍ فِي
طَائِفَةٍ مِنْ قُوَّادِ الأَعْرَابِ فَتَرَامَوْا بِالنِّشَابِ
وَاقْتَتَلُوا. فَسَمِعَ الأَمِينُ الضَّجَّةَ، وَأَرْسَلَ يَأْمُرُ
ابْنَ خَازِمٍ بِالانْصِرَافِ، وَأَنْزَلَهُمْ بِأَرْزَاقِ أَرْبَعَةِ
أَشْهُرٍ وَزَادَ فِي عَطَائِهِمْ، وَأَمَر لِلْقُوَّادِ
بِالْجَوَائِزِ.
اسْتِعْدَادُ الأَبْنَاوِيِّ لِمُحَارَبَةِ طَاهِرٍ:
وَجَهَّزَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الأَبْنَاوِيُّ فِي عِشْرِينَ أَلْفًا،
فَسَارَ إلى همدان وضبط طرقها، وحصن سورهان وَجَمَعَ فِيهَا
الأَقْوَاتَ، وَاسْتَعَدَّ لِمُحَارَبَةِ طَاهِرٍ.
حَبْسُ يَحْيَى بْنِ عَلِيٍّ لِلْمُنْكَسِرِينَ مِنْ جَيْشِ أَبِيهِ:
وَقَدْ كَانَ يَحْيَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى لَمَّا قُتِلَ أَبُوهُ
أَقَامَ بَيْنَ الرَّيِّ وَهَمْدَانَ، فَكَانَ لا يَمُرُّ بِهِ أَحَدٌ
مِنَ الْمُنْكَسِرِينَ إِلا حَبَسَهُ عِنْدَهُ بِنَاءً مِنْهُ أَنَّ
الأَمِينَ يُوَلِّيهِ مَكَانَ أَبِيهِ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ الأَمِينُ
يَأْمُرُهُ بِالْمُقَامِ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَبْنَاوِيِّ.
فَلَمَّا سَارَ يَحْيَى إِلَى قُرْبِ هَمْدَانَ تَفَرَّقَ أَكْثَرُ
أَصْحَابِهِ.
تَرَاجُعُ الأَبْنَاءِ أَمَامَ طَاهِرِ بْنِ الْحُسَيْنِ:
وَأَمَّا طَاهِرٌ فَقَصَدَ مَدِينَةَ هَمْدَانَ وَأَشْرَفَ عَلَيْهِا.
فَالْتَقَى الْجَيْشَانِ وَصَبرَ الْفَرِيقَانِ وَكَثُرَتِ الْقَتْلَى.
ثُمَّ إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ الأَبْنَاوِيَّ تَقَهْقَرَ وَدَخَلَ
مَدِينَةَ هَمْدَانَ فَأَقَامَ بِهَا يَلُمُّ شَعَثَ أَصْحَابِهِ.
حِصَارُ طَاهِرٍ لِهَمْدَانَ:
ثُمَّ زَحَفَ إِلَى طَاهِرٍ، وَقَدْ خَنْدَقَ طَاهِرٌ عَلَى عَسْكَرٍ،
فَاقْتَتَلُوا قِتَالا شَدِيدًا. وَجَعَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ
يُحَرِّضُ أَصْحَابَهُ، وَيُقَاتِلُ بِيَدِهِ، وَحَمَلَ حَمَلاتٍ
مُنْكَرَةً مَا مِنْهَا حَمْلَةٌ إِلا وَهُوَ يُكْثِرُ الْقَتْلَ فِي
أَصْحَابِ طَاهِرٍ. فَشَدَّ رَجُلٌ عَلَى صَاحِبِ عَلَمٍ عَبْدَ
(13/17)
الرَّحْمَنِ فَقَتَلَهُ. وَحَمَلَ
أَصْحَابُ طَاهِرٍ حَمْلَةً صَادِقَةً حَتَّى أَلْجَأُوهُمْ إِلَى
مَدِينَةِ هَمْدَانَ، وَنَزَلَ طَاهِرٌ مُحَاصِرًا لَهَا.
طَاهِرٌ يُؤَمِّنُ الأَبْنَاوِيَّ:
وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَخْرُجُ كُلَّ يَوْمٍ فَيُقَاتِلُ عَلَى
بَابِ الْمَدِينَةِ. وَتَضَرَّرَ بِهِمْ أَهْلُ الْبَلَدِ وَجُهِدُوا،
فَطَلَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مِنْ طَاهِرٍ الأَمَانَ فَأَمَّنَهُ
وَوَفَى لَهُ.
ظُهُورُ أَبِي الْعُمَيْطِرِ السُّفْيَانِيِّ بِدِمَشْقَ:
وَفِيهَا ظَهَرَ بِدِمَشْقَ السُّفْيَانِيُّ أَبُو الْعُمَيْطِرِ
عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ
مُعَاوِيَةَ فَدَعَا إِلَى نَفْسِهِ، وَطَرَدَ عَنْهَا سُلَيْمَانَ
بْنَ أَبِي جَعْفَرٍ بَعْدَ حَصْرِهِ إِيَّاهُ بِالْبَلَدِ. وَكَانَ
عَامِلَ الأَمِينِ، فَلَمْ يُفْلِتْ مِنْهُ إِلا بَعْدَ الْيَأْسِ.
فَوَجَّهَ الأَمِينُ لِحَرْبِهِ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى
بْنِ مَاهَانَ فَلَمْ يَنْفُذْ إِلَيْهِ، وَلَكِنَّهُ وَصَلَ إِلَى
الرَّقَّةِ فَأَقَامَ بِهَا.
أَبُو الْعُمَيْطِرِ يَضْبِطُ دِمَشْقَ وَمَا حَوْلَهَا حَتَّى
السَّاحِلِ:
وَعَنْ صَالِحِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحِ بْنِ بَيْهَسٍ قَالَ:
ضَبَطَ أَبُو الْعُمَيْطِرِ دِمَشْقَ وَانْضَمَّتْ إِلَيْهِ
الْيَمَانِيَّةُ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ، وَبَايَعَهُ أَهْلُ الْغُوطَةِ
وَالسَّاحِلِ وَحِمْصَ وَقِنَّسْرِينَ، وَاسْتَقَامَ لَهُ الأَمْرُ؛
إِلا أَنَّ قَيْسًا لَمْ تُبَايِعْهُ وَهَرَبُوا مِنْ دِمَشْقَ.
وَجَاءَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ أَنَّهُ لَمَّا قَدِمَ
دِمَشْقَ قَالَ لِمُحَمَّدِ بْنِ حَنْظَلَةَ: عِنْدَكَ مِنْ عِظَامِ
أَبِي الْعُمَيْطِرِ شَيْءٌ؟ قَالَ: هُوَ أَقَلُّ عِنْدَنَا مِنْ
هَذَا. وَلَكِنْ هَرَبَ إِلَيْنَا وَخَلَعَ نَفْسَهُ فَسَتَرْنَاهُ.
غَلَبَةُ طَاهِرٍ عَلَى كُوَرِ الْجِبَالِ:
وَغَلَبَ طَاهِرُ بْنُ الْحُسَيْنِ عَلَى قَزْوِينَ وَطَرَدَ عَنْهَا
عَامِلَ الأَمِينِ وَغَلَبَ عَلَى سَائِرِ كُوَرِ الْجِبَالِ.
غَدْرُ الأَبْنَاوِيِّ بِجُنُودِ طَاهِرٍ:
وَذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ أَنَّ الأَمِينَ لَمَّا وَجَّهَ
عَبْدَ الرَّحْمَنِ الأَبْنَاوِيَّ إِلَى هَمْدَانَ أَتْبَعَهُ
بِعَبْدِ اللَّهِ وَأَحْمَدَ ابْنَيِ الْحَرَشِيِّ فِي جَيْشٍ مَدَدًا
لَهُ. فَلَمَّا خَرَجَ بالأمان هو
(13/18)
وَأَصْحَابُهُ، أَقَامَ يُرِي طَاهِرًا
وَجُنْدَهُ أَنَّهُ لَهُمْ مُسَالِمٌ رَاضٍ بِعُهُودِهِمْ، ثُمَّ
اغْتَرَّهُمْ وَهُمْ آمِنُونَ فَرَكِبَ فِي أَصْحَابِهِ، وَلَمْ
يَشْعُرْ طَاهِرٌ وَأَصْحَابُهُ بِهِمْ إِلا وَقَدْ هَجَمُوا
عَلَيْهِمْ فَوَضَعُوا فِيهِمُ السَّيْفَ. وَرَدَّتْ عَنْهُمْ
بِالأَثَرِ سُوءُ حَالَتِهِمْ حَتَّى أَخَذَتِ الْفُرْسَانَ عُدَّتَهَا
وَصَدَقُوهُمُ الْقِتَالَ حَتَّى تَقَطَّعَتِ السُّيُوفُ بَيْنَ
الْفَرِيقَيْنِ.
مَقْتَلُ الأَبْنَاوِيِّ:
ثُمَّ هَرَبَ أَصْحَابُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَتَرَجَّلَ هُوَ
وَجَمَاعَةٌ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ. وَوَصَلَ الْمُنْهَزِمَةُ إِلَى
عَسْكَرِ ابْنَيِ الْحَرَشِيِّ، فَدَاخَلَهُمُ الرُّعْبُ فَوَلَّوْا
مُنْهَزِمِينَ مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ حَتَّى أَتَوْا بَغْدَادَ.
طَاهِرٌ يُخُنْدِقُ عَلَى جُنْدِهِ قُرْبَ حُلْوَانَ:
وَسَارَ طَاهِرُ بْنُ الْحُسَيْنِ وَقَدْ خَلَتْ لَهُ الْبِلادُ حَتَّى
قَارَبَ حُلْوَانَ فعسكر بها وخندق على جنده1.
__________
1 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 309"، وتاريخ الطبري "8/ 389"، والكامل "6/
247"، والبداية "10/ 226"، وصحيح التوثيق "6/ 128".
(13/19)
أحداث سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ:
تُوُفِّيَ فِيهَا: الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى، قُتِلَ كَمَا
يَأْتِي، سَعْدُ بْنُ الصَّلْتِ، قَاضِي شِيرَازَ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
كَثِيرٍ الطَّوِيلُ الدِّمَشْقِيُّ، عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ صَالِحِ
بْنِ عَلِيٍّ الأَمِيرُ، عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ الْجَزَرِيُّ، فِي
قَوْلٍ، مُخَلَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، فِي قَوْلٍ، وَكِلاهُمَا مَرَّ،
مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ الْقَاضِي، الْوَلِيدُ بْنُ
خَالِدٍ بِالشَّامِ، قَالَهُ ابْنُ قَانِعٍ، أَبُو نُوَاسٍ الشَّاعِرُ،
هُوَ الْحَسَنُ بْنُ هَانِئٍ.
الْفَضْلُ بْنُ الرَّبِيعِ يَحُثُّ أَسَدَ بْنَ يَزِيدَ عَلَى نُصْرَةِ
الأَمِينِ:
وَفِيهَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَثَّابٍ قَالَ:
حَدَّثَنِي أَسَدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مَزْيَدٍ، أَنَّ الْفَضْلَ بْنَ
الرَّبِيعِ الْحَاجِبَ بَعَثَ إِلَيْهِ بَعْدَ مَقْتَلِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الأَبْنَاوِيِّ قَالَ: فَأَتَيْتُهُ فَوَجَدْتُهُ
مُغْضَبًا، فَقَالَ: يَا أَبَا الْحَارِثِ أَنَا وَإِيَّاكَ نَجْرِي
إِلَى غَايَةٍ إِنْ قَصَّرْنَا عَنْهَا ذُمِمْنَا، وَإِنِ اجْتَهَدْنَا
فِي بُلُوغِهَا انْقَطَعْنَا. وَإِنَّمَا نَحْنُ شَعْرَةٌ مِنْ أَصْلٍ،
إِنْ قَوِيَ قَوِينَا، وَإِنْ
(13/19)
ضَعُفَ ضَعُفْنَا، إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ،
يَعْنِي الأَمِينَ، قَدْ أَلْقَى بِيَدِهِ إِلَى الأُمَّةِ
الْوَكْعَاءَ، يُشَاوِرُ النِّسَاءَ وَيَعْتَرِضُ عَلَى الرُّؤَسَاءِ،
وَقَدْ أَمْكَنَ مَسَامِعَهُ مِنَ اللَّهْوِ وَالْجَسَارَةِ فَهُمْ
يُكَبِّدُونَهُ الظَّفَرَ. وَالْهَلاكُ أَسْرَعُ إِلَيْهِ مِنَ
السَّيْلِ إِلَى قِيعَانِ الرَّمْلِ، وَقَدْ خَشِيتُ وَاللَّهِ أَنْ
نَهْلِكَ بِهَلاكِهِ، وَنَعْطَبُ بِعَطَبِهِ، وَأَنْتَ فَارِسُ
الْعَرَبِ وَابْنُ فَارِسِهَا، قَدْ فَزِعَ إِلَيْكَ فِي لِقَاءِ هَذَا
الرَّجُلِ، وَأَطْمَعَهُ فِيمَا قَبْلَكَ أَمْرَانِ. أَمَّا
أَحَدَهُمَا فَصِدْقُ طَاعَتِكَ وَفَضْلُ نَصِيحَتِكَ، وَالثَّانِي
يُمْنُ نَقِيبَتِكَ وَشِدَّةُ بَأْسِكَ. وَقَدْ أَمَرَنِي بِإِزَاحَةِ
عِلَّتِكَ وَبَسْطِ يَدِكَ فِيمَا أَحْبَبْتَ، فَعَجِّلِ
الْمُبَادَرَةَ إِلَى عَدُوِّكَ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يُوَلِّيَكَ
اللَّهُ تَعَالَى شَرَفَ هَذَا الْفَتْحِ، ويلم بك شَعَثَ هَذِهِ
الْخِلافَةِ.
أَسَدُ بْنُ يَزِيدَ يَطْلُبُ نَفَقَةَ سَنَةٍ لِجُنْدِهِ:
فَقُلْتُ: أَنَا لِطَاعَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مُقْدِمٌ، وَلِكُلِّ
مَا أَدْخَلَ الْوَهَنَ وَالذُّلَّ عَلَى عَدُوِّهِ حَرِيصٌ. غَيْرَ
أَنَّ الْمُحَارِبَ لا يَعْمَلُ بِالْغَدْرِ، وَلا يَفْتَتِحُ أَمْرَهُ
بِالتَّقْصِيرِ وَالْخَلَلِ. وَإِنَّمَا مِلاكُ الْمُحَارِبِ
الْجُنُودُ، وَمِلاكُ الْجُنُودِ الْمَالُ. وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ
فَقَدْ مَلأَ فِي أَيْدِي مَنْ عِنْدَهُ مِنَ الْعَسْكَرِ، وَتَابَعَ
عَلَيْهِمْ بِالأَرْزَاقِ وَالصِّلاتِ. فَإِنْ سِرْتُ بِأَصْحَابِي
وَقُلُوبُهُمْ مُتَطَلِّعَةٌ إِلَى مَنْ خَلْفِهِمْ مِنْ إِخْوَانِهِمْ
لَمْ أَنْتَفِعْ بِهِمْ فِي لِقَاءٍ. وَقَدْ فَضُلَ أَهْلُ السِّلْمِ
عَلَى أَهْلِ الْحَرْبِ. وَالَّذِي أَسْأَلُهُ أَنْ يُؤْمَرَ
لِأَصْحَابِي بِرِزْقِ سَنَةٍ، وَيُحْمَلَ مَعَهُمْ أَرْزَاقُ سَنَةٍ،
وَلا أُسْأَلُ عَنْ مُحَاسَبَةِ مَا افْتَتَحْتُ مِنَ الْمُدُنِ.
فَقَالَ: قد اشتططت1، ولا بد مِنْ مَنَاظَرَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ.
حبْس الأمين لأسد بْن يزيد:
ثمّ ركب معي إِلَيْهِ فدخلتُ، فما دار بيني وبينه إلا كلمتان حتّى غضب
وأمر بحبسي.
اختيار أحْمَد بْن مَزْيد لقتال طاهر بْن الحسين:
وذكر زياد بْن عليّ قَالَ: ثمّ قَالَ الأمين: هَلْ في أهل بيت هذا مِن
يقوم مقامه؟ فأنا أكره أن أستفسدهم مع سابقتهم وطاعتهم.
__________
1 شط: شططًا: بعد في الأمر، وأمعن وجاوز الحد، واشتط في حكمه: جار،
المعجم الوجيز "ص/ 343".
(13/20)
قالوا: نعم، فيهم أحمد بن زيد عَمُّهُ؛
وأثنوا عَلَيْهِ، فاستقدمه عَلَى البريد.
قَالَ أحمد: فبدأت بالفضل بْن الربيع، فإذا عنده عَبْد الله بْن
حُمَيْد بْن قَحْطبة، وهو يريده عَلَى الشخوص إلى طاهر بْن الحسين؛
وعبد الله يشتطّ في طلب المال والإكثار مِن الرجال. فلمّا رآني رحّب بي
وصيّرني معه إلى صدر المجلس، فكلّمني ثمّ قام معي حتّى دخلنا عَلَى
الأمين، فلم يزل يأمرني بالدنو حتى كدت أُلاصقه، فقال: إنّه قد كثُر
عليّ تخليط ابن أخيك وتنكُّره، وطالَ خِلافهُ. وقد وُصفتَ لي بخير،
وأحببت أن أرفع قدرك وأُعْلي منزلتك. وأنّ أُوَلّيك جهاد هذه الفئة
الباغية.
فقلت: سأبذل في طاعتكم مهجتي.
وصيّة الأمين لأحمد بْن مزيد:
قَالَ: وانتخبت الرجال، فبلغ عدّة مِن صحّحتُ اسمَه ألف رَجُل، ثمّ سرت
بهم إلى حُلْوان. ودخلت عَلَيْهِ قبل ذَلِكَ وقلت: أوصِني. قَالَ:
إيّاك والبغي، فإنه عِقال النصر. ولا تُقدّم رجلا إلا بالاستخارة، ولا
تُشْهر سيفًا إلا بعد إعذار، ومهما قدرت عَلَيْهِ باللّين فلا تتعدّه
بالحرب، في كلام طويل. وأطلق لَهُ ابن أخيه أسدًا.
احتيال طاهر عَلَى جيوش الأمين حتى تقاتلوا وتفرّقوا:
وذكر يزيد بْن الحارث أنّ الأمين وجّه معه عشرين ألفًا مِن الأعراب،
ومع عَبْد الله بْن حُمَيْد عشرين ألفًا مِن الأبناء، وأمرهم أن ينزلوا
حُلْوان ويدفعوا طاهرًا عَنْهَا، وينصبا لَهُ الحرب. فنزلا في خانِقين،
فدَسّ طاهر العيون إلى عسكرهما، فكانوا يأتون الجيش بالأراجيف
ويخبرونهما أنّ الأمين قد وضَع العطاء لأصحابه، وقد أمر لهم بالأرزاق.
ولم يزل يحتال في وقوع الاختلاف والشغْب بينهم حتى اختلفوا، وانتفض
أمرهم وقاتلوا بعضهم بعضًا، ورجعوا.
تسليم ما احتواه طاهر إلى هَرْثَمَة بْن أَعْيَن:
ثمّ دخل طاهر حُلوان، وأتاه هَرْثَمَة بْن أَعْيَن بكتابي المأمون
والفضل بْن سهل يأمرانه بتسليم ما حوى مِن المدن إلى هَرْثَمَة،
والتَّوجُّه إلى الأهواز.
فسلّم ذَلِكَ إِلَيْهِ، وأقام هَرْثَمَة بحُلْوان فحصّنها وأحكم أموره.
ومضى طاهر إلى الأهواز.
(13/21)
تولية المأمون للفضل بْن سهل عَلَى جميع
المشرق:
ودعا المأمون الفضل بْن سهل فولاه عَلَى جميع المشرق مِن هَمَدان إلى
جَبَل سِقْينان والتَّبت طولا، ومن بحر فارس والهند إلى بحر الدَّيْلم
وجُرجان عرضًا، وقرّر لَهُ عُمالة ثلاثة آلاف ألف درهم، ولقّبه ذا
الرياستين.
تولية الحَسَن بْن سهل ديوان الخراج:
ثمّ ولّى أخاه الحَسَن بْن سهل ديوان الخراج.
إطلاق عَبْد المُلْك بْن صالح مِن الحبس:
وكان في حبْس الرشيد عَبْد المُلْك بْن صالح بْن عليّ، فأطلقه الأمين
وقرّبه، فدخل عَلَيْهِ أحد الأيام وقال: يا أمير المؤمنين إنّي أرى
الناس قد طمعوا فيك، وقد بذلت سماحتك، فإنْ بقيت عَلَى أمرك أبطَرْتهم،
وإنْ كَفَفْت عَنِ البذْل سخطْتَهم، ومع هذا فإنّ جُنْدك قد داخَلَهم
الرعبُ وأضْعَفَتْهُمُ الوقائع، وهابوا عدوَّهم. فإنْ سيّرتهم إلى طاهر
غلب بقليلِ مَنْ معه كثيَرهم.
وأهل الشام قوم قد مرّستهم الحرب وأَدَّبَتْهم الشدائد، وجُلُّهم
مُنْقادُ إليّ، مُسارعٌ إلى طاعتي. فإنْ وجّهتني أتّخذت لك منهم
جُنْدًا تعظُم نكايته في عدوّه. فولاه الشام والجزيرة واستحثّه عَلَى
الخروج.
فلمّا بلغ الرَّقّة أقام بها، وأنفذ رُسُلَه وكُتُبَه إلى رؤساء
الأجناد بجمع الأمداد والرجال والزواقيل1 والأعراب مِن كلّ فَجّ، وخلع
عليهم. ثمّ إنّ بعض جُنْده الخُراسانيّة نظر إلى فرسٍ كانت أُخِذت منه
في وقعة سليمان بْن أَبِي جعفر بالشام تحت بعض الزَّواقيل. فتعلق بها،
فتنازعا الفَرسَ، واجتمع الناس وتأهّبوا، وأعان كلٌ منهم صاحبه،
وتضاربوا بالأيدي. فاجتمعت بعض الأبناء إلى محمد بْن أَبِي خَالِد
الحربيّ وقالوا: أنت شيخنا، وقد ركب الزواقيلُ منّا ما سَمِعْتُ، فاجمع
أمرنا وإلا استذلّونا، فقال: ما كنت لأدخل في شَغْب، ولا أشاهدكم عَلَى
مثل هذه الحال. فاستعد الأبناء وأتوا الزواقيل وهم غارون، فوضعوا فيهم
السيف، وقتلوا منهم مقتلة عظيمة. فتنادى الزواقيل ولبسوا لأمَة الحرب.
ونشبت الحرب بينهم، فوجه عبد الملك رسولًا يأمرهم
__________
1 هم قوم بناحية الجزيرة وما وراءها.
(13/22)
بالكَفّ. فرموه بالحجارة. وكان عَبْد
المُلْك مريضًا مُدْنَفًا، وقال: واذُلاه! تُستضام العربُ في دُورها
وبلادها وتُقتل. فغضب مِن كَانَ أَمْسك عَنِ الشرّ مِن الأبناء، وتفاقم
الأمرُ. وقام بأمر الأبناء الحسين بْن عليّ بْن عيسى بْن ماهان، وأصبح
الزواقيل وقد جَيَّشوا بالرَّقّة، واجتمع الأبناء والخُراسانيّة
بالرافقة. وقام رجلٌ مِن أهل حمص فقال: يا أهل حمص، الهربُ أهون مِن
العَطب، والموت أهْوَن مِن الذُّلّ، النفير النفير قبل أن ينقطع الشمل
ويعسر المهرب.
ثمّ قام نمر بْن كلب فقال نحو ذَلِكَ، فسار معه عامّة أهل الشام
ورحلوا.
وأقبل نصر بْن شبت في الزّواقيل، وهو يَقُولُ:
فرسانَ قيسٍ اصبري للموت ... لا تُرْهِبُنّي عن لقاء الفَوْت
دعي التَّمنّي بعسى وليت
ثمّ حمل هو وأصحابه، فقاتل قتالا شديدًا، وكثُر القتل والبلاء في
الزّواقيل وحملت الأبناء فانهزمت الزّواقيل.
وفاة عَبْد المُلْك وعودة الرجّالة:
ثمّ تُوُفّي عَبْد المُلْك في هذه الأيام. فنادى الحسين بْن عليّ بْن
عيسى في الْجُنْد، وصَيّر الرَّجَّالَةَ في السفن، والفُرسان عَلَى
الظَّهْر، ووصّلهم حتى أخرجهم مِن بلاد الجزيرة في رجب، ودخل بغداد.
فلما كان في جوف الليل طلبه الأمين، فقال للرسول: ما أَنَا مُغَنّ ولا
مُسامِر ولا مُضْحك، ولا وُلِّيتُ لَهُ عملا، فلأيّ شيءٍ يريدني؟ انصرف
فَمِن الغد آتيه.
خطبة الحسين بْن عليّ في الأبناء:
قَالَ: فأصبح الحسين فوافى باب الجسر، واجتمع إِلَيْهِ النّاس، فأمر
بإغلاق الباب الَّذِي يخرج منه إلى عُبَيْد الله بْن عليّ وباب سوق
يحيى، وقال: يا معشر الأبناء، إنّ خلافة الله لا تُجاوَر بالبَطر،
وَنِعْمَةٌ لا تُسْتَصْحب بالتجبُّر، وإن محمدًا يريد أن يزيغ أديانكم،
وينكث بيعتكم، ويفرق أمركم. وتالله إنّ طالت يده، وراجعه مِن أمره
قوّة، ليَرجعّن وَبَالُ ذَلِكَ عليكم، ولتعرفّن ضرره. فاقْطعوا أثَره
قبل أن يقطع آثاركم، وَضَعُوا عزّه قبل أن يضع عزكم.
(13/23)
بيعة الحسين المأمون وخلعه الأمين:
ثمّ أمر الناس بعبور الجسر، فعبروا حتى صاروا إلى سكّة باب خُراسان،
واجتمعت الحربيّة وأهلُ الأرباض ممّا يلي بابَ الشام، فتسرّعت خيولٌ
مِن خيول الأمين مِن الأعراب وغيرهم إلى الحسين، فاقتتلوا قتالًا
شديدًا، ثمّ استظهر عليهم الحسين وتَفَرّقوا. فخلع الحسينُ محمدًا
لإحدى عشرة لَيْلَةً خَلَت مِن رجب، وبايع المأمونَ مِن الغد، ثمّ غدا
إلى محمد.
حبس الأمين وأمّه في قصر المنصور:
فوثب العبّاس بْن موسى بْن عيسى الهاشميّ فدخل قصر الخُلْد وأخرج منه
محمدًا إلى قصر المنصور، فحبسه هناك إلى الظهر. وأخرج أمّه، أمّ جعفر،
بعد أنْ أبت، وقنعها بالسَّوط وسَبَّها، وأُدخلت إلى قصر المنصور.
خطبة محمد بْن أبي خَالِد لاعتزال الحسين بْن عليّ:
فلمّا أصبح الناسُ مِن الغد طلبوا مِن الحسين بْن عليّ بْن عيسى بْن
ماهان الأرزاق، وقد ماج الناس بعضهم في بعض. وقام محمد بْن أَبِي
خَالِد كبير الأبناء بباب الشام فقال: أيّها الناس، والله ما أدري بأيّ
سبب تَأمّر الحسين علينا؟ والله ما هُو بأكبرنا سنّا، ولا أكرمنا
حسبًا، ولا أعظمنا منزلة وغَناء. وإنّ فينا مِن لا يرضي بالدَّنَيَّةِ،
ولا ينقاد بالمخالفة، وإني أوّلكُم نقض عهده، وأنكر فِعله، فمن كَانَ
رأيُه رأيي فلْيعتزلْ معي.
وقام أسد الحربيّ فقال نحو مقالته.
خطبة الشَّيْخ الكوفي وإخراج الأمين مِن حبسه:
وأقبل شيخ كبير مِن أبناء الكوفة فصاح: اسكتوا أيّها النّاس؛ فسكتوا
لَهُ، فقال: هَلْ تعتدون عَلَى محمدٍ بقطع أرزاقكم؟ قَالُوا: لا!
قَالَ: فهل قصّر بأحدٍ مِن أعيانكم؟ قَالُوا: ما عِلمْنا! قال: فهل
عُزِل أحدًا مِن قُوّادكم؟ قَالُوا: لا! قَالَ: فما بالكم خذلتموه
وأَعَنْتُم عدوّه عَلَى اضطّهاده وأسْره؟ والله ما قتل قوم خليفتهم إلا
سلَّط الله عليهم السيف. انهضوا إلى خليفتكم فادفعوا عَنْهُ، وقاتِلوا
مِن أراد خلعه. فنهضت الحربيّة، ونهض معهم عامّة أهل الأرباض، فقاتلوا
الحسين وأصحابه قتالا
(13/24)
شديدًا، وأكثروا في أصحابه الجراح، وأُسِر
الحسين. فدخل أسد الحربيّ عَلَى الأمين، فكسر قيودَه وأقعده في مجلس
الخلافة. فنظر محمد إلى قومٍ لَيْسَ عليهم لباس الْجُنْد، ولا عليهم
سلاح، فأمرهم فأخذوا مِن الخزائن حاجتهم مِن السلاح، ووعدهم ومَنّاهم.
الصفح عَنِ الحسين بْن عليّ:
وأحضروا الحسين، فلامَه عَلَى خِلافه وقال: ألم أقدّم أباك عَلَى
الناس، وأُشرّف أقداركم؟ قَالَ: بلى!.
قَالَ: فما الَّذِي استحققتُ بِهِ منك أن تخلع طاعتي، وتؤلّب النّاس
عَلَى قتالي؟ قَالَ: الثّقة بعفو أمير المؤمنين وحُسْن الظّنّ بصفحه.
قَالَ: فإنّي قد فعلت ذَلِكَ، وولَّيْتُك الطلب بثأر أبيك. ثمّ خلع
عَلَيْهِ وأمرَه بالمسير إلى حُلوان، فخرج.
هرب الحسين بْن عليّ وقتله:
فلمّا خفَّ النّاس قطع الجسر، وهرب في نفر مِن حَشَمه ومواليه. فنادى
الأمين في الناس فركبوا وأدركوه. فلما بُصر بالخَّيل نزل فصلّي ركعتين
ثمّ تهيّأ، فلقِيهم وحمل عليهم حملات في محلّها يهزمهم، ثمّ عثر بِهِ
فرسه فسقط فابتدره الناس فقتلوه، وذلك عَلَى فرسخ مِن بغداد لستّ من
رجب. وأتوا برأسه.
وقيل إنّ الأمين لما عفى عَنْهُ استوزره ودفع إِلَيْهِ خاتمه.
تجديد البيعة للأمين:
وصبيحة قتله جدّد الْجُنْد البيعة للأمين.
هرب الفضل بْن الربيع:
وليلة قتله هرب الفضل بن الربيع.
مسير طاهر بن الحسين يقتال بْن يزيد المهلّبي:
ولما سار طاهر إلى الأهواز بلغه أنّ محمد بْن يزيد بْن حاتم المهلَّبيّ
عامل الأمين عليها قد توجّه في جمع عازمًا النزول بجنديسابور وهو ما
بين حَدّ الأهواز، والجبل،
(13/25)
ليحمي الأهواز مِن أصحاب طاهر، فدعا طاهر
عدّة أمراء مِن جُنْده بأن يكمّشوا السير.
ثمّ سارت عساكره حتى أشرفوا عَلَى عسكر مُكْرَم، وبه محمد بْن يزيد،
فرجع ودخل الأهواز. ثمّ عبّى أصحابه عَلَى بابها والتقوا، وطال الحرب
بينهم.
مصرع محمد بْن يزيد وما قِيلَ في رثائه:
ثمّ نزل محمد بن يزيد هو وغلمانه عن خيلهم وعرقبوهم، وقاتل حتى طعنه
رَجُل برمح. وذكر بعضهم مصرعه ورثاه فقال:
سن ذاق طعم الرُّقاد مِن فرحٍ ... فإنّي قد أَضَرَّ بي سَهَري
وليّ فتى الرُّشْد فافتقدتُ بِهِ ... قلبي وسمعي وغرَّني بصْريّ
كَانَ غِياثًا لدى الْمُحُولِ فقد ... ولّي غمامُ الرّبيع والمطرِ
تولية طاهر العمال عَلَى البحرين وأخذ الطاعة مِن الكوفة والموصل
وغيرها:
وأقام طاهر بالأهواز، وولّي عمّاله عَلَى اليَمامة والبحرين. ثمّ أخذ
عَلَى طريق البَرّ متوجهًا إلى واسط، وبها يومئذٍ السّنْدي بْن يحيى
الحَرَشيّ. وجعلت المسالح كلّما قُرب طاهر من واحدة هرب مِن يحفظها.
فجمع السّنْديّ والهيثم بْن شُعبة أصحابهما وهَمّا بالقتال، ثمّ هربا
عَنْ واسط، فدخلها طاهر، ووجّه إلى الكوفة أحمد بْن المهلّب القائد،
وعليها يومئذٍ العبّاس بْن موسى الهادي، فبلغه الخبر، فخلع الأمين،
وكتب بالطّاعة إلى طاهر. ونزلت خيله واسط ثمّ فم النيل، وكتب عاملُ
البصرة، منصور بْن المهدي، إلى طاهر بالطّاعة. ثمّ نزل طاهر جرجرايا
وخندق عَلَيْهِ.
وكتب بالطّاعة أمير الموصل المطّلب بْن عَبْد الله بْن مالك للمأمون.
كلّ ذَلِكَ في رجب.
إقرار العمّال عَلَى أعمالهم:
ولمّا كتب هَؤلاءِ إلى طاهر بالطّاعة، أقرّهم عَلَى أعمالهم، واستعمل
على مكة والمدينة داوود بْن عيسى بْن موسى الهاشميّ، وعلي اليمن يزيد
بْن جرير القسْريّ.
(13/26)
هزيمة محمد البربريّ عند جسر صرصر:
ثمّ غلب طاهر عَلَى المدائن، ثمّ صار منها إلى نهر صَرْصَرٍ، فعقد
عَلَيْهِ جسرًا، فوجّه الأمين محمد بْن سليمان القائد، ومحمد بْن حمّاد
البربريّ ليُبيّتا يَزَكَ طاهر، فكانت بينهم وقعة شديدة، فانهزم محمد
القائد.
انهزام الفضل بْن موسى عَنِ الكوفة:
ووجّه الأمين عَلَى الكوفة الفضل بْن موسى بْن عيسى الهاشميّ وولاه
عليها، فالتقاه محمد بْن العلاء ببعض قوّاد طاهر، فاقتتلوا وانهزم
أصحاب فضل، وهمّ في أقفيتهم قتلا وأسرًا، فأسروا إسماعيل بْن محمد
الْقُرَشِيّ وجمهور النّجّاريّ.
إدبار أمر الأمين:
وبقي أمرُ الأمين كلّ يوم في إدبار، والناس معذورون في خلعه، لكون نكث
وخلع أخويه المأمون والمؤتمن. وأقام بَدَلَهما ابنه طفلا رضيعًا، مَعَ
ما هُوَ فيه مِن الانهماك عَلَى اللَّهو والجهل.
ذكر خبر خلع داوود بن عيسى الأمين:
وأما داوود بْن عيسى الهاشميّ فإنه كَانَ عَلَى الحرمين، فأسرع في خلع
الأمين. وبايع للمأمون وجوهُ أهل الحرمين، فاستخلف عليهما ولده سليمان،
وسار في حظيرة مِن أقاربه يريد المأمون بمَرْو. فلمّا قدِم عَلَيْهِ
تيمّن1 المأمون ببركة مكّة والمدينة، إذ كانوا أوّل مِن بايعه بعد
خراسان.
ووصل داوود بخمسمائة ألف درهم، ثمّ رجع مسرعًا ليقيم موسم الحجّ، ومعه
ابن أخيه الْعَبَّاسُ بْنُ مُوسَى بْنِ عِيسَى بْنُ مُوسَى بْنِ
مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، فمرّا بالعراق عَلَى طاهر، فبالغ في إكرامهما،
ووجّه معهما يزيد بْن جرير بْن يَزِيدَ بْنَ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ
اللَّهِ الْقِسْرِيَّ، وقد عقد لَهُ طاهر عَلَى ولاية اليمن.
__________
1 تيمن: تفاءل، واستبشر.
(13/27)
إقامة الموسم:
وأقام الموسم العبّاس بْن موسى المذكور.
وأحسن يزيد السيرة باليمن.
انهزام عليّ بن نهيك أمام هَرْثَمَة:
وفي شَعْبان عقد الأمين لعليّ بْن محمد بْن عيسى بْن نهيك الإمرة على
نحو أربعمائة قائد، وأمرَه بالمسير إلى هَرْثَمَة. فساروا بحُلوان في
رمضان، فهزمهم هَرْثَمَة وأسر أمير الجيش عليّ بْن محمد، وبعث بِهِ إلى
المأمون. وزحف هَرْثَمَة فنزل النهروان.
شغب الْجُنْد عَلَى طاهر وقتالهم لَهُ:
وأقام طاهر عَلَى نهر صَرْصَرٍ، فكان لا يأتيه جيش مِن جهة الأمين إلا
هزمه.
وأخذ الأمين يدسّ الجواسيس إلى قوّاد طاهر يعدهم ويمنّيهم، فشغبوا
عَلَى طاهر، واستأمَن خلقٌ إلى الأمين فأسنى عطاياهم، ثمّ كرّوا إلى
صَرْصَرٍ لحرب طاهر. فالتقوا ودام القتال.
تفريق الأمين الخزائن والذخائر عَلَى الناس:
ثمّ انهزم جيش بغداد، وانتهَب أصحاب طاهر أثقالهم وأموالهم. فبلغ
الأمينَ الخبرُ، فأخرج خزائنه وذخائره، وفرّق الصلات، وجمَع أهل
الأرباض. واعترض الناس عَلَى عينه، فكان لا يرى أحدًا وسيمًا حسن
الرّواء إلا خلع عَلَيْهِ وأمّره، وغلّف لحيته بالغالية، فسُمّوا قوّاد
الغالية.
وأعطى كل واحد خمسمائة درهم وقارورة غالية.
مكاتبة طاهر لقوّاد الأمين واستمالتهم:
ثمّ كاتب طاهرُ قوّادَ الأمين فاستمالهم، فشغبوا على الأمين، وذلك لست
خلون مِن ذي الحجّة. فشاور قوّاده، فقيل لَهُ: تدارك أمرهم. فبذل فيهم
بالعطا وأسرف. ونزل معسكرًا بالبستان، ففتح أهل السجونِ السجونَ
وخرجوا، ووثب على العامّة السواد، وساءت حال الناس وعظم الشر، وتواكل
الفريقان1.
__________
1 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 311"، وتاريخ الطبري "8/ 391"، والكامل "6/
250"، والبداية "10/ 228".
(13/28)
أحداث سنة سبَع وتسعين ومائة:
تُوُفّي فيها: أحمد بْن بشير، أبو بَكْر الكوفيّ، بقيّة بْن الوليد،
أبو يُحْمد الكلاعيّ، إبراهيم بْن عُيَيْنة، أخو سُفْيان، بهز بْن أسد،
مصريّ ثقة، ربعيّ بْن عُلَيّة، أبو الحَسَن أخو إسماعيل، الحَسَن بْن
حبيب بْن نَدْبه، بصْريّ، زيد بْن أَبِي الزرقاء المَوْصِليّ، سلامة
بْن رَوْح الأيليّ، عَنْ عُقيل، شُعَيْب بن حرب المدائني الزاهد، عبد
الله بن وهب، أبو محمد، بمصر، عَبْد العزيز بْن حمران الزُّهْرِيّ
الْمَدَنِيّ، الفضل بْن عَنْبَسَةَ الواسطيّ، ثقة، القاسم بْن يحيى بْن
عطاء بْن مقدّم، حدّث فيها، محمد بْن فُلَيْح بْن سليمان المدنيّ، هشام
بْن يوسف الصّنْعانيّ الفقيه، ورش المقرئ، واسمه عثمان بْن سَعِيد،
وكيع بْن الجرّاح الرّؤاسيّ الإمام، أبو سَعِيد مولى هاشم، هُوَ عَبْد
الرَّحْمَن.
التحاق المؤتمن ومنصور بالمأمون:
وفيها لحِق القاسم الملقّب بالمؤتمن، وهو أخو الأمين، ومنصور بْن
المهديّ بالمأمون.
شكوى المسلمين مِن أعمال زهير بْن المسيبّ:
وفيها نزل زُهير بْن المسيّب الضّبيّ بكَلْواذي، ونصب المجانيق، واحتفر
الخندق.
وجعل يخرج في الأوقات عند اشتغال الْجُنْد بحرب طاهر، فيرمي بالمجانيق
والعرّادات مِن أقبل وأدبر، ويعشّر أموال التّجار. وجعل يرمي المسلمين،
فأتوا طاهرًا يشكون منه. وبلغ ذَلِكَ هرثمة من أَعْيَن، فأمدّه
بالجنود.
اشتداد الحصار عَلَى الأمين ببغداد:
ثمّ نزل هَرْثَمَة نهر بين وبنى عَلَيْهِ حائطًا وخندقًا، وأعدّ
المجانيق، وأنزل عُبَيْد الله بْن الوضّاح الشمّاسيّة. ونزل طاهر بْن
الحسين البستان الَّذِي بباب الأبناء، فضاق
(13/29)
الأمين ذَرْعًا، وتفرّق ما كَانَ في يده
مِن الأموال العظيمة. فأمر ببيع ما في الخزائن مِن الأمتعة، وضربَ آنية
الذهب والفضّة دنانير ودراهم لينفقها.
دَرْس 1 محاسن بغداد:
ثمّ أمر برمي الحربيّة بالنَّفط والمجانيق، وهلك جماعة، وكثُر الخراب
والهدْم حتّى دُرست محاسن بغداد، وعُمِلت فيها المراثي.
تسلُّم طاهر لقصر صالح:
ولم يزل طاهر مُصابرًا للأمين وجنده، حتَّى مل أهل بَغْدَاد قتاله،
فاستأمن إلى طاهر الموكلون للأمين بقصر صالح، وسلّموا إِلَيْهِ القصر
بجميع ما فيه في جُمَادَى الآخرة في منتصفه. ثمّ استأمن إلى طاهر صاحب
شُرَطة الأمين محمد بْن عيسى. فضعُف ركن الأمين واستسلم.
مقتل جماعة في قصر صالح:
وقُتِل داخل قصر صالح: أبو العبّاس يوسف بْن يعقوب الباذغيسي وجماعة من
القوّاد، وقُتِل خلْق مِن أصحاب طاهر.
التحاق جماعة مِن القادة والعباسيين بطاهر:
ثمّ لحِق بطاهر عَبْد الله بْن حُمَيْد الطّائيّ، وإخوته، وابن الحَسَن
بْن قَحْطَبة، ويحيى بْن عليّ بْن ماهان، ومحمد بْن أَبِي العبّاس
الطّائيّ. وكاتَبهُ قوم في السّرّ مِن العباسيين.
إقبال الأمين على اللهو والشرب وسوء حال أهل بغداد:
ولما كانت وقعة يوم قصر صالح أقبل محمد عَلَى اللهو والشرب، ووكّل
الأمر إلى محمد بْن عيسى بْن نَهيك وإلى الهِرْش. فأقبل أصحاب الهِرْش
يؤذون الرعيّة وينهبونهم، فلجأ خلْق ولاذوا إلى طاهر، فرأوا مِن أصحابه
الأمن والخير. وبقي الناس في بغداد بأسوأ حال، وطال الأمر.
__________
1 درس ذهب.
(13/30)
ولبعضهم:
بكيتُ دمًا عَلَى بغداد لمّا ... فقدتُ غضارة العيش الأنيقِ
أصابتها مِن الحسّاد عينٌ ... فأفْنَتْ أهلها بالمنجنيق1
وهي طويلة.
قتال الغوغاء والعياريين والحرافيش عَنِ الأمين وما قِيلَ فيهم:
وبقي يقاتل عَنِ الأمين غوغاء بغداد والعيّارون والحرافشة وأنكوا في
أصحاب طاهر. وكانوا يقاتلون بلا سلاح، فقال بعض الشعراء:
خرّجت هذه الحروب رجالا ... لا لقحطانها ولا لنزارِ
مَعْشَرًا في جواشن الصوف يغدو ... ن إلى الحرب كالأُسود الضَّواري
وعليهمْ مَغٍافرُ الْخُوصِ تجزيـ ... ـهم عَنِ البِيض والتَّراسُ
الْبَوَارِي
لَيْسَ يدرون ما الفرار إذا الأبـ ... ـطال عاذوا مِن القَنا بالفرارِ
واحدٌ منهم يُشدّ على ألـ ... ـفين عُرْيَانُ ما لَهُ مِن إزارِ
كم شريفٍ قد أخملِتْهُ وكم قد ... رفعتْ مِن مُقامرٍ عيّارِ
وقال آخر في غوغاء البغاددة:
إذا حضروا قَالُوا بما يعرفونه ... وإن لم يروا شيئًا قبيحًا تخّرصوا
ترى البطلَ المشهورَ في كلّ بلدةٍ ... إذا ما رَأَى العريان يومًا
يُبَصْبِصُ
وقعة درب الحجارة:
ثمّ كانت بينهم وقعة درب الحجارة، وكانت لأصحاب محمد الأمين عَلَى
أصحاب طاهر، فقُتل فيها خلْق كثير.
وقعة باب الشّماسية:
ثمّ كانت وقعة باب الشّماسيّة، وأُسِر فيها هَرْثَمَة، وانتصر فيها
أصحاب محمد.
__________
1 المنجنيق: يشبه آلة المدفع اليوم.
(13/31)
وَأُسَرَ هَرْثَمَة رجلٌ مِن العُراة، ولم
يعرفه، فحمل بعض أصحاب هَرْثَمَة عَلَى الرجل فقطع يده وخلّصه، فمرّ
منهزمًا، وبلغ خبرهُ أهلَ عسكره فتقوضّ بما فيه، وهرب أهله نحو حُلوان.
وكان عَلَى العُراة حاتم بْن الصّقْر.
وقعة العُراة وما قِيلَ فيهم:
ثمّ نَجَدَ هَرْثَمَة وأصحابَه طاهرُ بنُ الحسين وأصحابُه، وقتلوا مِن
العُراة خلائق، فأيقن محمد بالهلاك، وهرب مِن عنده عَبْد الله بْن خازم
بْن خُزَيمة إلى المدائن في السُّفن بعياله.
وقيل في قتل العُراة:
كم قتيلٍ قد رأينا ... ما سألنا لأيش
دارعًا تلقاه وعريا ... ن بجهل وطيش
حبشيًّا يقتل النا ... س عَلَى قطعة خَيْش
مُرتدٍ بالشمس راضٍ ... بالمُنَى من كل عيش
يحمل الحملة لا يقـ ... ـتل إلا رأس الجيش
احذر الرمية يا طا ... هر من كف الجيش
ودام حصار بغداد خمسة عشر شهرًا، هكذا، فلا قّوة إلا بالله.
ظهور السفيانيّ بالشام:
وفيها أوفى السفياني بالشام، واستولى عَلَى سائرها باليَمانية، وهربت
القيسيّة مِن الغوطة.
حصار ابن بَيْهس لدمشق:
ثمّ إنّه توثّب عَلَيْهِ مسلمة بْن يعقوب الأموي المروانيّ، وقبض
عَلَيْهِ في أثناء السَّنَةِ، وقيده. واستبدّ بالأمر وبايع لنفسه، فلم
يبلع رِيقَه حتى حاصره ابن بَيْهَس بدمشق أيامًا، ثمّ نصب عَلَى السور
السلالم، كما يأتي1.
__________
1 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 313"، وتاريخ الطبري "8/ 400"، وصحيح التوثيق
"6/ 134-136".
(13/32)
أحداث سنة ثمانٍ وتسعين ومائة:
تُوُفّي فيها: إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ
السَّبِيعِيُّ، أيّوب بْن تميم التّميميّ المقرئ، بدمشق، سُفْيان بْن
عُيَيْنَة، أبو محمد الهلالّي، صَفْوان بْن عيسى الزُّهْرِيّ، والأصحّ
بعد ذَلِكَ، عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ، أبو سَعِيد، عُمَر بْن حفص
العبديّ، في قَوْل، عَمْرو بْن الهيثم، أبو قطن، بصْريّ ثِقة، عَنْبَسة
بْن خَالِد الأَيْليّ، مالك بْن سُعير بْن الخمس الكوفيّ، محمد بْن
شعيب بْن شابور، في قَوْل، محمد بْن معن الغِفَاريّ المدنيّ، تقريبًا،
مسكين بْن بُكَيْر الحرّانيّ الحدّاد، محمد بْن هارون الأمين الخليفة،
قُتِل، معن بْن عيسى القزاز المدنيّ، يحيى بْن سَعِيد القطّان، يحيى
بْن عبّاد الضُّبَعيّ البصْريّ، ببغداد.
ذكر استيلاء طاهر عَلَى بغداد:
وفيها الحصار كما هُوَ عَلَى بغداد، ففارق محمدًا خُزَيْمَة بْن خازم
مِن كبار قوّاده.
وقفز إلى طاهر بْن الحسين هُوَ ومحمد بْن عليّ بْن عيسى بْن ماهان،
فوثبا عَلَى جسر دِجلة في ثامن المحرَّم فقطعاه، وركّزا أعلامهما،
وخلعا الأمين، ودعيا للمأمون. فأصبح طاهر بْن الحسين وألحّ في القتال
عَلَى أصحاب محمد الأمين، وقاتل بنفسه. فانهزم أصحاب محمد، ودخل طاهر
قسْرًا بالسيف، ونادي مناديه: مِن لَزِم بيته فهو آمن.
ثمّ أحاط بمدينة المنصور، وبقصر زُبيدة، وقصر الخُلْد، فثبت عَلَى قتال
طاهر حاتم بْن الصَّقْر والهِرْش والأفارقة. فنصب المجانيق خَلَف
السّور وعلى القصرين ورماهم. فخرج محمد بأمّه وأهله مِن القصر إلى
مدينة المنصور، وتفرّق عامة جُنْده وغلمانه، وقلّ عليهم القُوت والماء،
وفنيت خزائنه عَلَى كثْرتها.
ذِكر غناء الجارية ضَعْف:
وذُكِر عَنْ محمد بْن راشد: أخبرني إبراهيم بْن المهديّ أنّه كَانَ
مَعَ محمد بمدينة المنصور في قصر باب الذهب، فخرج لَيْلَةً مِن القصر
مِن الضَّيق والضَّنك، فصار إلى قصر القرار فطلبني، فأتيتُ، فقال: ما
ترى طِيبَ هذه الليلة، وحُسن القمر، وضوءه في الماء، هَلْ لك في
الشراب؟ قلت: شأنك.
(13/33)
فدع برطلٍ مِن نبيذ فشرِبه، ثمّ سُقيتُ
مثله، وابتدأتُ أُغنّيه مِن غير أن يسألني، لِعِلمي بسوء خُلُقهِ،
فغنّيت. فقال: ما تَقُولُ فيمن يضرب عليك؟ فقلت: ما أحْوَجني إلى
ذَلِكَ.
فدعا بجاريةٍ اسمها ضَعْف، فتطيّرت مِن اسمها. ثمّ غَنَّتْ بشِعر
النّابغة الْجَعْديّ:
كُلَيْبٌ لَعَمْري كَانَ أكثَرَ ناصرًا ... وأيْسَرَ ذَنبًا منك ضُرّج
بالدَّم
فتطيّر مِن ذَلِكَ، وقال: غنّي غيرَ هذا، فغنّت:
أبكَى فِراقُهُمُ عينيِ فأرّقها ... إنّ التفرُّقَ للأحباب بَكّاءُ
ما زال يعدو عليهم رَيْبُ دهرهُم ... حتى تفانَوْا وريْبُ الدَّهْر
عَدَّاءُ
فاليوم أبكيهمُ جَهْدي وأندُبهم ... حتى أأوب وما في مُقلتي ماءُ
فقال لها: لعنكِ الله، أما تعرفين غير هذا؟ فقالت: ظننتُ أنّك تحبّ
هذا! ثمّ غنّت:
أما وَرَبّ السُّكُون والحَرَكِ ... إنّ المنايا كثيرةُ الشَّركِ
ما اختلف اللَّيْلُ والنهار ولا ... وارت نجومُ السماء في الفلكِ
إلا لنقل السلطان عَنْ ملْكٍ ... قد زال سلطانه إلى مَلَكِ
وَمُلْكُ ذيِ العرش دائمٌ أبدًا ... لَيْسَ بفانٍ ولا بمشتَركِ1
فقال لها: قومي لعنك الله. فقامت فَتَعثّرت في قدح بِلَّور لَهُ قيمة
فكسرته، فقال: ويحْك يا إبراهيم، أما ترى، والله ما أظنّ أمري إلا وقد
قرُب. فقلت: بل يُطيل الله عُمرك، ويُعز مُلكَك. فسمعتُ صوتًا مِن
دجلة: {قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ} [يوسف: 41] .
فوثب محمد مغتمّا، ورجع إلى موضعه بالمدينة، وقُتِل بعد لَيْلَةٍ أو
ليلتين.
حكاية المسعودي عَنْ مقرطة الأمين:
وحكى المسعودي في المروج قَالَ: ذكر إبراهيم بْن المهديّ قَالَ:
استأذنتُ على
__________
1 تاريخ الطبري "8/ 477"، والبداية والنهاية "10/ 240".
(13/34)
الأمين في شدّة الحصار، فإذا هُوَ قد قطع
دِجلة بالشِباك، وكان في القصرِ برْكة عظيمة، يدخُل مِن دجلة إليها
الماءُ في شُبّاك حديد. فسلّمتُ وهو مقيم عَلَى الماء، والخَدَم قد
انتشروا في تفتيش الماء، وهو كالوَالِه1، فقال: لا تؤذيني يا عمّ، فإنّ
مقْرطتي قد ذهبت مِن البركة إلى دجلة، والمقرطة سمكة كانت قد صيدت
لَهُ، وهي صغيرة، فقرطها بحلقتي ذَهَب، فيها جوهرتان، وقيل ياقوتتان،
فخرجت وأنا آيس مِن فَلاحه.
شدّة بطش الأمين:
وكان محمد فيما نقل المسعوديّ، في نهاية الشدّة والبطْش والحُسْن، إلا
أنّه كَانَ مَهينًا، عاجز الرأي، ضعيف التدبير.
وحُكى أنّه اصطبح يومًا، فأتي بسبْعٍ هائلٍ عَلَى جمل في قفص، فوُضع
بباب القصر، فقال: افتحوا القفص وخّلوه.
فقيل: يا أمير المؤمنين، إنّه سبعٌ هائل أسود كالثور، كثير الشّعْر.
قَالَ: خلّوا عَنْهُ.
ففعلوا، فخرج فزأر وضرب بذَنَبه الأرضَ، فتهارب الناس، وأغلقت الأبواب،
وبقي الأمين وحده غير مكترِث. فأتاه الأسد وقصَده ورفع يده، فجذبه
الأمين وقبض عَلَى ذنبه، وغمزه وهزّه ورماه إلى الخلف، فوقع السَّبْع
عَلَى عجزه ميتًا. وجلس الأمين كأنّه لم يعمل شيئًا. وإذا أصابعه قد
تخلّعت. فشقّوا بطن الأسد فإذا مرارته قد انشقّت عَلَى كبده.
الإشارة عَلَى الأمين بالخروج إلى الجزيرة والشام:
وعن محمد بْن عيسى الْجُلُودي قَالَ: دخل على محمد بْن زُبيدة: حاتمُ
بْن صقْر، ومحمد بْن الأغلب الإفريقيّ، وقوّاده، فقالوا: قد آلت حالُنا
إلى ما ترى، وقد رأينا أن تختار سبعة آلافِ رجلٍ مِن الْجُنْد فتحملهم
عَلَى هذه السبعة آلاف فَرَس التي عندك، وتخرج ليلا، فإنّ الّليل
لأهله، فتلحق بالجزيرة والشام، وتصير في مملكة
__________
1 الواله: المجنون.
(13/35)
واسعة يتسارع إليك الناس. فعزم عَلَى
ذَلِكَ، فبلغ الخبر إلى طاهر، فكتب إلى سليمان بْن المنصور، والى محمد
بْن عيسى بْن نَهِيك، والسّنْديّ بْن شاهك: لئن لم تَرُدُّوه عَنْ هذا
الرأي لا تركتُ لكم ضيعة. فدخلوا عَلَى محمد، وخوّفوه مِن الذين أشاروا
عَلَيْهِ أنّهم يأخذونه أسيرًا، ويتقرّبون بِهِ إلى المأمون. وضربوا
لَهُ الأمثال، فخاف ورجع إلى قبول ما يبذلونه لَهُ مِن الأَيْمان،
ويخرج إلى هَرْثَمَة.
النصح للأمين بالاستسلام لهَرْثَمَة:
وعن عليّ بْن يزيد قَالَ: وفارق محمدًا: سليمان بْن المنصور، وإبراهيم
بْن المهديّ ولحِق بعسكر المهديّ. وقوي الحصار عَلَى محمد يوم الخميس
والجمعة والسبت، وأشار عَلَيْهِ السّنْديّ بأنّه لَيْسَ لَهُ فرج إلا
عند هَرْثَمَة. فقال: وكيف لي بهَرْثَمَة وقد أحاط الموتُ بي مِن كلّ
جانب؟ فلمّا همّ بالخروج إِلَيْهِ مِن دون طاهر، اشتدّ ذَلِكَ عَلَى
طاهر وقال: هُوَ في جُنْدي، وأنا أخرجته بالحرب، ولا أرضي أن يخرج إلى
هَرْثَمَة دوني.
فقالوا لَهُ: هُوَ خائف منك، ولكن يدفع إليك الخاتم والقضيب والبُردة،
فلا يفسُد هذا الأمر. فرضي بذلك.
وقوع الأمين في الأسر:
ثمّ إنّ الهِرْش لمّا علم بذلك أراد التقرُّب إلى قلب طاهر، فقال في
كتاب إِلَيْهِ: الَّذِي قالوه لك مَكْرٌ، ولا يدفعون إليك شيئًا.
فاغتاظ وكَمَن حول قصر أمّ جعفر في السلاح والرجال، وذلك لخمسٍ بقين
مِن المحرّم. فلمّا خرج محمد وصار في الحرّاقة رموه بالنّشّاب
والحجارة، فانكفأت الحرّاقة، وغرِق محمد وهَرْثَمَة، ومن كَانَ بها.
فسبح محمد حتى صار إلى بستان موسى، فعرفه محمد بْن حُمَيْد الطّاهريّ،
فصاح بأصحابه، فنزلوا ليأخذوه، فبادر محمد الماء، فأُخذ برجْله
وَحُمِلَ عَلَى برْذَوْن، وخلْفه مِن يُمسكه كالأسير.
ما رُوِيَ حول أسر الأمين:
وعن خطّاب بْن زياد أنّ محمدًا وهَرْثَمَة لما غِرقا أتانا محمد بْن
حُمَيْد، فأسَرَّ إلى طاهر أنّه أسر محمدًا. فدعا بمولاه قريش
الدَّنْدانيّ، وأمره بقتل محمد.
(13/36)
وأمّا المدائنيّ فروى عَنْ محمد بْن عيسى
الْجُلُوديّ: أنّ محمدًا دعا بعد العِشاء بفَرَس أدهم كَانَ يسمّيه
الزُّهَيريّ، وقبّل وَلَدَيْه، ودمعت عيناه. ثم ركب وخرجنا بن يديه،
فرِكْبنا دوابَّنا، وبين يديه شمعة، وأنا أقِيه بيدي خوفًا مِن أن
تَجيئه ضربةُ سيف بغَتةً. ففُتح لنا باب خُراسان، وخرجنا إلى
المُشْرَعَة، فإذا حرّاقة هَرْثَمَة، فنزلنا ورجعنا بالفَرَس وغلّقنا
باب المدينة، ثمّ سمعنا الضّجّة، فصعدنا إلى أعلى الباب.
وذُكِر عَنْ أحمد بْن سلام صاحب المظالم قَالَ: كنت فيمن كان مع هرثمة
من القُوّاد في الحرّاقة، فلمّا دخل محمد الحرّاقة قمنا لَهُ، وجثا
هَرْثَمَة عَلَى رُكبتيه فقال: يا سيّدي، لم أقدر عَلَى القيام لمكان
النَّقْرس. ثمّ قّبل يديه ورِجْلَيه، وجعل يَقُولُ: يا سيّدي ومولاي،
وابن مولاي. وجعل يتصفَّح وجوهنا، ونظر إلى عُبَيْد الله بْن الوضّاح،
فقال: أيُّهم أنت؟ قَالَ: عُبَيْد الله. قَالَ: جزال الله خيرًا، فلما
أشكرني لِمَا كَانَ منك في أمر الثلج.
فشدّ علينا أصحاب طاهر في الزواريق والحرّاقات، وصَبّحوا، وتعلّق بعضهم
بالحرّاقة، وبعضهم يسوقها، وبعضهم يرمي بالآجُرّ والنّشّاب، فنُقبت
الحرّاقة، ودخلها الماء وغرِقت. فعلِق الملاح بشعر هَرْثَمَة، فأخرجه
وخرجنا. وشقّ محمد عَنْهُ ثيابه ورمى بنفسه. فطلعتُ فعلِق بي رجلٌ مِن
أصحاب طاهر، وذهب بي إليه، فقال: ما فعل محمد؟ قلت: قد رَأَيْته حين
شقّ ثيابَه وقذف بنفسه. فركِب، وأُخذتُ معهم وفي عنقي حبل، وأنا أعدو،
فتعبتُ. فقال الَّذِي يجنُبني: هذا لَيْسَ يُصَاد. فقال: انزل فجُزَّ
رأسه.
فقلت: جُعلتُ فِداك، وَلِمَ؟ وأنا رجلٌ مِن الله في نعمة، ولم أقدر
عَلَى الْعَدْوِ، وأنا أفدي نفسي بعشرة آلاف درهم.
فقال: وأين هِيَ؟
فقلت: حتى نُصبح أَنَا أرسلُ مِن ترى أنتَ إلى وكيلي في منزلتي بعسكر
المهديّ، فإنْ لم يأتِكَ بالعشرة آلاف فاقتلني.
فأمر بحملي فحُملت رِدفًا، وردّوني إلى منزلتهم. وبعد هُويّ مِن
اللَّيْلِ إذا نَحْنُ بحركة الْخَيْلِ، ثمّ دخلوا وهم يقولون: يُسَر
زُبيدة. فأُدخِل عليّ رجلٌ عُريان عَليْهِ سراويل وعمامة ملثَّم بها،
وعلى كِتَفْيه خرقة خَلقة، وصيّروه معي، ووكّلوا بنا. فلمّا
(13/37)
حسَر العمامة عَنْ وجهة إذا هُوَ محمد.
فاستعبرتُ واسترجعت في نفسي. ثمّ قَالَ: مِن أنت؟ قلت: أَنَا مولاك
أحمد بْن سلام.
فقال: أعرفكَ كنتَ تأتيني بالرَّقَّة.
قلت: نعم.
قَالَ: كنت تأتيني وتُلْطفني كثيرًا، لستَ مولاي بل أنتَ أخي ومنّي.
أُدْنُ مِنّي، فإنّي أجدُ وحشةً شديدة.
فضممته إليّ، ثمّ قَالَ: يا أحمد، ما فعل أخي؟ قلت: هُوَ حيّ.
قَالَ: قبّح الله صاحب البريد ما أكذبه، كَانَ يَقُولُ لي قد مات.
قلت: بل قبّح الله وزراءك.
قَالَ: لا تقُل، فما لَهُم ذنب، ولست أول مِن طلب أمرًا فلم يقدر
عَلَيْهِ.
ثمّ قَالَ: ما تراهم يصنعون بي؟ يقتلوني أو يَفُون لي بأمانهم؟ قلت: بل
يَفُون لك يا سيّدي.
وجعل يمسك الخِرْقة بعضُدَيْه، فنزعتُ مبطَّنةً عليّ وقلت: أَلْقِها.
فقال: ويْحك! دعني، فهذا مِن الله لي في هذا الموضع خير كثير.
ذكر خبر قتل الأمين:
ثمّ قمت أوتِر، فلمّا انتصف اللَّيْلُ دخل الدار قوم مِن العجم
بالسيوف، فقام وقال: إنّا لله وإنّا إِلَيْهِ راجعون، ذَهَبَتْ والله
نفسي في سبيل الله، أما مِن حيلةٍ، أما مِن مُغيث. فأحجموا عَنِ
التقدُّم، وجعل بعضهم يَقُولُ لبعض: تقدَّم، ويدفع بعضُهم بعضًا، فقمت
وصرتُ وراء الحُصُر المُلَفَّفة.
وأخذ محمدٌ بيده وسادة وقال: ويحكم إني ابن عم رسول الله، أَنَا ابن
هارون، أَنَا أخو المأمون، الله الله في دَمي. فوثب عَلَيْهِ خمارويه،
غلام لقريش الدنْدانيّ، فضربه بالسيف عَلَى مقدَّم رأسه، فضربه محمد
بالوسادة واتّكى عَلَيْهِ ليأخذ السيف مِن يده. فصاح خمارويه: قتلني
قتلني، فتكاثروا عَلَيْهِ فذبحوه مِن قفاه، وذهبوا برأسه إلى طاهر.
(13/38)
وذُكِر عَنْ أحمد بْن سلام في هذه القصّة
قَالَ: فلقَّنْته لما حدَّثته ذِكَر الله والاستغفارَ، فجعل يستغفر.
قَالَ: ونُصِب رأسه عَلَى حائط بستان. وأقبل طاهر يَقُولُ: هذا رأس
المخلوع محمد. ثمّ بعث بِهِ مَعَ البُرْد والقضيب والمصلّي، وهو مِن
سَعَفٍ مُبطّن، مَعَ ابن عمّه محمد بْن مُصْعَب، فأمر لَهُ بألف درهم.
ولما رَأَى المأمون الرأس سَجد.
رثاء إبراهيم بْن المهديّ للأمين:
ولما بلغ إبراهيم بن المهدب قتْلُ محمد، وأنّ جثته جُرَّت بحبلٍ بكى
طويلا، ثمّ قَالَ:
عُوجا بمغْنَى طلل داثرٍ ... بالخُلْد ذات الصخر والأجُرِ
والمَرْمَر المسنونِ يُطلَى بِهِ ... والبابِ باب الذَّهَب الناضرِ
وأبلِغا عنِّي مقالًا إلى الـ ... ـمولى عَنِ المأمور وَالآمِرِ
قولا لَهُ: يا ابنَ وليّ الهُدى ... طهّر بلاد الله مِن طاهرِ
لم يكفه أن جَزَّ أوداجَه ... ذَبْحَ الهدَايا بمُدَى الجازرِ
حتى أتى تُسحبُ أوصاله ... في شَطَنٍ يُفْني بِهِ السّائِرِ
قد برد الموتُ عَلَى جفنه ... فطرفُه منكسِرُ الناظرِ1
وبلغ ذَلِكَ المأمونَ فاشتدّ عَلَيْهِ.
وثوب الْجُنْد بطاهر:
ثمّ إنّ طاهرًا صلّي بالناس يوم الجمعة، وخطبهم خطبةً بليغة. ثمّ إنّ
الْجُنْد وثبوا بِهِ للأرزاق، ولم يكن في يديه مال، وضاق بِهِ أمره،
فخشي وهرب مِن البُستان، وانتهبوا بعض متاعه، وأحرق الْجُنْد باب
الأنبار، وحملوا السلاح يومهم. ومن الغد نادوا: موسى يا منصور. ثمّ
تعبّى طاهر ومَن معه لقتالهم، فأتاه الوجوه، واعتذروا بأنّ ما جرى مِن
فعل السُّفَهاء الأحداث، فأمر لهم برزق أربعة أشهر، ووصل البريد
__________
1 تاريخ الطبري "8/ 488"، والكامل "6/ 287".
(13/39)
إلى المأمون في ستّة عشر يومًا وهو بمَرْو.
ما قِيلَ في رثاء الأمين:
وممّا قِيلَ في الأمين:
لِمَ نُبَكّيك لماذا لِلطَّربْ ... يا أبا موسى وترْويج اللُّعَبْ
ولِتَرْك الخَمْس في أوقاتها ... حرصًا مِنك عَلَى ماء الْعِنَبْ
وشنَيفٍ أَنَا لا أبكى لَهُ ... وعلى كوثَر لا أخشى الْعَطَبْ
لم تكن تصلُح للمُلْك ولم ... تُعْطكَ الطّاعة بالمُلك الْعَرَبْ
لِمَ نُبَكّيك لما عرَّضْتَنا ... للمجانيق وَطَوْرًا للسَّلَبْ1
وساق ابن جرير عدّة قصائد في مراثيه.
ولخُزَيْمَة بْن الحَسَن عَلَى لسان أمّ جعفر قصيدة يَقُولُ فيها:
أتى طاهرٌ لا طهّر الله طاهرًا ... فما طاهرٌ فيما أتى بمُطهَّرِ
قد خرّجني مَكشوفَةَ الوجه حاسرًا ... وأَنْهَبَ أموالي وأحرق آدُري
يَعُزُّ عَلَى هارون ما قد لِقيتُهُ ... وما مرّ بي مِن ناقص الخلق
أعور
تَذَكَّرْ أميرَ المؤمنينَ قَرابتي ... فَدَيْتُكَ مِن ذي حُرمةٍ
مُتذكّرِ2
ذكر إسراف الأمين في اللهو والإنفاق:
قَالَ ابن جرير: ذُكِر عَنْ حُمَيْد بْن سَعِيد بْن بحر قَالَ: لما ملك
محمد، ابتاع الخِصْيان، وغالى بهم وصيّرهم لخلْوته، ورفض النّساء
والجواري.
وقال حُمَيْد: لما ملك وجَّه إلى البلدان في طل المُلهين، وأجرى لهم
الأرزاق، واقتني الوحوش والسباع والطيور، واحتجب عَنْ أهل بيته
وأمرائه، واستخفّ بهم. ومَحَقَ ما في بيوت الأموال، وضيّع الجواهر
والنفائس. وبنى عدّة قصور لِلَّهْوِ في
__________
1 تاريخ الطبري "8/ 500".
2 السابق "8/ 506".
(13/40)
أماكن. وعمل خمس حرّاقات عَلَى خِلْقة
الأسد والفيل والعُقاب والحيّة والفَرَس، وأنفق في عملها أموالا. فقال
أبو نُواس:
سَخَّر الله للأمين مطايا ... لم تُسخَّر لصاحب المحرابِ
فإذا ما رِكابُه سِرْنَ برًّا ... سار في الماء راكبًا ليث غابِ
أسدًا باسِطًا ذراعيه يهوي ... أهْرَتَ الشَّدْق1 كالحَ الأنيابِ
وعن الحسين بْن الضّحّاك قَالَ: ابتنى الأمين سقيفةً عظيمة، أنفق في
عملها نحو ثلاثة آلاف ألف درهم.
وعن أحمد بْن محمد البرمكيّ، أنّ إبراهيم بْن المهديّ غنّي محمد بْن
زُبيدة:
هجرتُكِ حتى قلتِ: لا يعرف الهوى ... وزُرْتك حتى قِيلَ: لَيْسَ لَهُ
صبرُ
فطرِب محمد وقال: أوقِروا لَهُ زَورقه ذَهَبًا.
وجاء عَنْهُ أخبار في مثل هذا، وكان كثير الأكل.
رجاء ابن حنبل الرحمة للأمين:
قَالَ أحْمَد بْن حنبل: إنّي لأرجو أن يرحم الله الأمين بإنكاره عَلَى
إسماعيل بن عُلَيَّة، فإنّه أُدخل عَلَيْهِ فقال لَهُ: يا ابنَ
الفاعلة، أنت الَّذِي تَقُولُ: كلام الله مخلوق؟!.
استيلاء ابن بَيْهَس عَلَى دمشق:
وفيها قوي محمد بْن صالح بْن بَيْهَس الكلابيّ، وظهر عَلَى السُّفيانيّ
الَّذِي خرج بدمشق، وحاصرها، ثمّ نصب عليها السلالم وتسوّرها2 أصحابه.
وكان قد تغلّب عَلَى دمشق مَسْلَمة بْن يعقوب الأُمويّ، فهربَ وعمد إلى
أَبِي العُمَيْطِر، وكان في حبْسه، ففكّ قيده، ثمّ خرجا بزيّ النّساء
في السرّ إلى المِزَّة. واستولى ابن بَيْهَس عَلَى البلد. ثمّ جرى بينه
وبين أهل المزرة ودَارَيّا حرب. وبقي حاكمًا عَلَى دمشق مدّة مِن جهة
المأمون إلى سنة ثمانٍ ومائتين.
__________
1 الشدق: جانب الفم مما تحت الخد، وكانت العرب تمتدح رحابة الشدقين،
لدلالتها على جهارة الصوت. المعجم الوجيز "ص/ 338".
2 تسورها: علاها وتسلقها.
(13/41)
ذكر خروج ابن الهِرش في سِفْلة الناس:
وفي ذي الحجّة خرج الحَسَن الهِرش في سِفْلة الناس وخلْق مِن الأعراب
يدعو إلى الرضا مِن آل محمد. وأتى النّيل، وجبى الخراج، وصادر
التّجّار، ونهب القرى والمواشي.
استعمال المأمون للحسن بْن سهل عَلَى جميع البلاد المفتوحة:
وفيها استعمل المأمون الحَسَن بْن سهل أخا الفضل عَلَى جميع ما افتتحه
طاهر بْن الحسين مِن كُوَر الجبال والعراق والحجاز واليمن.
ولاية طاهر الجزيرة والشام ومصر والمغرب:
وكتب إلى طاهر أن يسير إلى الرَّقَّةِ لحرب نصر بْن شبث، وولاه الجزيرة
والشام ومصر والمغرب.
وأمر هَرْثَمَة أن يردّ إلى خُراسان.
ذِكر ثورة أهل قُرْطُبَة:
وفي رمضان ثار أهل قُرْطُبَة بأميرهم الحَكَم بْن هشام الأمويّ وحاربوه
لجوره وفسْقه، وتُسمّى وقعة الرَّبَض. وخرج عَلَيْهِ أهل رَبَض البلد،
وشهروا السلاح، وأحاطوا بالقصر، واشتدّ القتال، وعظُم الخطْب،
واستظهروا عَلَى أهل القصر. فأمر الحَكَم أمراءه فحملوا عليهم، وأمر
طائفةً فَنَقبوا السُّور، وخرج منه عسكر، فأتوا القوم مِن وراء ظهورهم،
وقتلوا منهم مقتلةً عظيمة، ونهبوا الدُّور، وأسَروا وعملوا كلّ قبيح،
ثمّ لقوا الحَكَم، فانتقى مِن الأسرى ثلاثمائة مِن وجوه البلد، فصُلبوا
عَلَى النهر مُنَكَّسِين. وبقي النَّهْب والسَّلْب والحريق في أرباض1
قُرْطُبَة ثلاثة أيام ثمّ أمّنهم، فهجّ أهل قُرْطُبَة وتفرّقوا أيادي
سبأ في الطُّرُق، ومضى خلْق منهم إلى الإسكندرية فسكنها2.
__________
1 أنحاء أو أرجاء.
2 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 311"، تاريخ الطبري "8/ 527"، البداية "10/
240-261"، النجوم الزاهرة "2/ 231"، صحيح التوثيق "6/ 160".
(13/42)
أحداث سنة تسعٍ وتسعين ومائة:
تُوُفّي فيها: إِسْحَاق بْن سليمان الرّازيّ، أبو يحيى، إبراهيم بْن
عُيَيْنَة، في قَوْل، وقد مّر، حفص بْن عبد الرَّحْمَن قاضي نَيْسابور،
الحَكَم بْن عَبْد الله، أَبُو مطيع البلْخيّ، سليمان بْن المنصور
أَبِي جعفر، في صَفَر، سيّار بْن حاتم، شُعيب بْن اللَّيْثُ بْن سعْد،
في صَفَر، عَبْد الله بْن نُمَيْر الخارفي الكوفيّ، عُمَر بْن حفص
العبْديّ، بصْريّ، عَمْرو بْن محمد العنقزيّ الكوفي، محمد بْن شُعيب
بْن شابور، ببيروت، الهيثم بْن مروان العنْسيّ الدّمشقيّ، يونس بْن
بُكَيْر الكوفيّ، راوي المغازي.
وفيها قِدم الحَسَن بْن سهل مِن عند المأمون إلى بغداد، ففرّق عماله في
البلاد.
وجهّز أزهر بْن زهير بْن المسيّب إلى الهِرش في المحرَّم فقتل الهِرش.
خروج ابن طباطبا بالكوفة:
وفي جُمَادَى الآخرة خرج بالكوفة محمد بْن إبراهيم بْن طباطبا واسمه
إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ
عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِب يدعو إلى الرضا مِن آل محمد، والعمل بالكتاب
والسُّنَّة. وكان القائم بأمره أبو السرايا سريّ بْن منصور
الشَّيْبانيّ. فهاجت الفِتَن، وتسرّع الناس إلى ابن طباطبا، واستوسقت1
لَهُ الكوفة. وأتاه الأعراب وأهل النواحي، فجهّز الحَسَن بْن سهل لحربه
زهير بْن المسيّب في عشرة آلاف، فالتقوا، فَهُزِم زُهير واستباحوا
عسكره، وغنِموا السلاح والخيل، وقووا في ذَلِكَ في سلخ جُمَادَى
الآخرة.
ذكر أمر أَبِي السرايا:
فلمّا كَانَ مِن الغد أصبح محمد بن إبراهيم بن طباطبا ميتًا فجأة. وقيل
أنّ أبا السرايا سمّه لكون ابن طباطبا أحرز الغنيمة ولم يُحسن جائزة
أَبِي السرايا، أو لغير ذَلِكَ.
وأقام أبو السرايا في الحال مكانه شابا أمرد اسمه محمد بْنُ زَيْدِ
بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أبي طالب.
__________
1 استوسقت: وقعت تحت سيطرته.
(13/43)
ثمّ جهّز الحَسَن بْن سهل جيشًا، عليهم
عَبْدُوس بْن محمد المَرْوَرُوذيّ لحرب أَبِي السرايا. فالتقوا في رجب،
فقُتِل عَبْدُوس، وأُسِر عمّه هارون بْن أَبِي خَالِد، وقُتِل أكثر
جيشه وأُسِروا. وقوي الطالبيّون، وضربَ أبو السرايا عَلَى الدراهم:
{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا}
[الصف: 4] . الآية.
ثمّ سار أبو السرايا قُدُمًا حتى نزل بقصر ابن هُبَيرة، وجهّز جيوشًا
إلى البصرة وإلى واسط فدخلوها، وأوقعوا أمير واسط مِن جهة الحَسَن بْن
سهل فهزمه، وانحاز إلى بغداد، وعظُم ذَلِكَ عَلَى الحَسَن، فبعث بردّ
هَرْثَمَة بْن أَعْيَن مِن حلوان لحرب أَبِي السرايا، فامتنع، فأرسل
إِلَيْهِ ثانيًا يلاطفه، فرجع هَرْثَمَة، وعقد لَهُ الحَسَن بْن سهل
عَلَى حرب أَبِي السرايا، وجهّز معه منصور بْن المهديّ. فَعَسكر بنهر
صَرْصَرٍ بإزاء أَبِي السرايا، والنهر بينهما. ثمّ تقهقر أبو السرايا
فطلبه هَرْثَمَة، وقتل مِن تطرّف مِن جُنْده.
وقعة قصر ابن هبيرة:
ثمّ كانت وقعة عند قصر ابن هبيرة، قُتِل فيها خلْق مِن أصحاب أَبِي
السرايا، فتحيّز إلى الكوفة، وعمد محمد بْن محمد والطالبيّون إلى دُور
العباسيّين بالكوفة وضياعهم، فأحرقوا ونهبوا أموالهم، وأخرجوهم مِن
الكوفة.
توجيه أَبِي السرايا عمّاله عَلَى المدينة ومكة:
ثمّ وجّه أبو السرايا عَلَى المدينة محمد بن سليمان بن داوود بْن
الحَسَن بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فدخلها ولم
يقاتلْه أحد. ووجّه عَلَى مكّة والموسم حُسين بْن حسن الأفطس بْنِ
عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِب، فلمّا قرُب
توقّف عَنْ مكّة هيبة لمن فيها، وأميرها داوود بْن عِيسَى بْنُ مُوسَى
بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ العباسي، فلما بلغ أميرها داوود ذَلِكَ،
جمع موالي بني العباسي وعبيد حوائطهم.
ذكر خروج داوود بْن عيسى مِن مكّة:
وكان مسرور الخادم قد حجّ في تِلْكَ السُّنَّةِ في مائتي فارس، فقال
لداوود: أقِم لي شخصك أو شخص بعض ولدك، وأنا أكفيك قتالهم.
فقال داوود: لا أستحلٌ القتال في الحرم، ولئن دخلوا مِن هذا الفجّ
لأخرجنّ مِن
(13/44)
الفجّ الآخر. فقال: تُسلَّم مكّة وولايتك
إلى عدوك؟ فقال داوود: أيّ حال لي؟ والله لقد أقمت معكم حتى شختُ، فما
وُلِّيتُ ولايةً؛ حتى كبرتُ وفني عُمري، فولّوني مِن الحجاز ما فيه
القوت. وإنّما هذا المُلْك لك ولأشباهك، فقاتلْ عليه أو دع.
ثم انحاز داوود إلى جهة المُشاش بأثقاله، فوجّه بها عَلَى درب العراق،
وافتعل كتابًا مِن المأمون بتولية ابنه محمد بن داوود عَلَى صلاة
الموسم؛ وقال لَهُ: أخرج فَصَلّ بالناس بمِنى الظُّهر والعصر والمغرب
والعشاء، وبتْ بمنى، وصلَّ الصبح، ثمّ اركب دوابّك فانزل طريق عَرَفَة،
وخُذ عَلَى يسارك في شِعْب عَمْرو حتى تأخذ طريق المُشاش، حتى تلحقني
ببستان ابن عامر.
ففعل ذَلِكَ، فخاف مسرور وخرج في أثر داوود راجعًا إلى العراق، وبقي
الوفد بعرفة. فما زالت الشمس حضرت الصلاة، فتدافعها قوم مِن أهل مكّة،
فقال أحمد بْن محمد بْن الوليد الأزرقيّ، وهو المؤذّن وقاصُّ الجماعة:
إذا لم تحضر الوُلاة يا أهل مكّة، فليُصَلِ قاضي مكّة محمد بْن عَبْد
الرَّحْمَن المخزومي، ولْيخُطبْ بهم.
قَالَ: فلمن أدعو، وقد هرب هَؤلاءِ، وأطلّ هَؤلاءِ عَلَى الدخول؟
قَالَ: لا تَدْعُ لأحد.
قَالَ: بل تقدّم أنت.
دخول حسين بْن حسن مكّة وظُلم أهلها:
فأبي الأزرقيّ، حتى قدّموا رجلا فصلّي الصلاة بلا خطبة، ثمّ مضوا
فوقفوا بعَرَفَة. ثمّ دفعوا بلا إمام. وحسين بْن حسن متوقّف بسَرف،
فبلغه خلو مكة، وهروب داوود، فدخلها قبل المغرب في نحو عشرة، فطافوا
وَسَعَوْا، ومضوا بعد المغرب فأتوا عَرَفَة ليلا، فوقفوا ساعة، وأتى
مُزْدلفة فصلّي بالناس الفجر.
ثمّ إنه أقام بمكة وعسَف1 وظلم وصادر التجار، وكانت أعوانه تهاجم بيوت
التجار لأجل الودائع، فيتهمون البريء ويعذّبونه؛ وأخذ ما في خزائن
الكعبة مِن مال.
__________
1 عسف: تعامل بالعنف والقوة.
(13/45)
ذكر انهزام أَبِي السرايا:
وأما هَرْثَمَة فواقَع أبا السرايا ثانيًا فانكسر، ثمّ ثبت وانهزم
أصحاب أَبِي السرايا، ثمّ أخذ هَرْثَمَة يكاتب رؤساء الكوفة.
وثوب عليّ بْن محمد بالبصرة:
وفيها وثب عليّ بْن محمد بْن جعفر الصّادق بالبصرة، واستولى عليها مِن
غير حرب.
ظهور إبراهيم بْن عليّ باليمن:
وظهر باليمن إبراهيم بْن عليّ بْن موسى الرضا، فنفى عاملها عَنْهَا،
وسبي، وأخذ الأموال.
وكان يقال لَهُ الجزّار لكثرة ما قتل. والله أعلم1.
__________
1 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 313"، وتاريخ الطبري "8/ 597"، والكامل "6/
304".
(13/46)
أحداث سنة مائتين:
تُوُفّي فيها: أسباط بْن محمد الكوفيّ، في المحرَّم، أُمَيَّة بْن
خَالِد البصْريّ، أخو هدْبة، أيّوب بْن المتوكّل البصْريّ المقرئ، أنس
بن عِياض، أبو حمزة اللَّيْثي، سَلْم بْن قُتَيْبة الخُراسانيّ،
بالبصرة، سيّار بْن حاتم العَقديّ، فيها بخُلْف، صَفْوان بْن عيسى
الزُّهْرِيّ البصْريّ، عُمَر بْن عَبْد الواحد السُّلَميّ الدّمشقيّ،
عَبْد المُلْك بْن الصّبّاح المسمعيّ، بصْريّ، عِمارة بْن بِشْر، فيها،
حدّث بدمشق، قَتَادة بْن الفضيل الرَّهاوي، مبشّر بْن إسماعيل الحلبيّ،
محمد بْن إسماعيل بْن أَبِي فُدَيْك المدنيّ، محمد بْن الحَسَن الأسديّ
ابن التَّلّ، محمد بْن حُمَيْد السُّليحيّ الحمصيّ، محمد بْن شُعيب بْن
شابور، قاله دُحَيْم، مُعَاذ بْن هشام الدَّسْتُوائيّ، معروف الكرْخيّ
العابد، عَلَى الأصحّ، المغيرة بْن سَلَمَةَ المخزوميّ، بصْريّ، أبو
البَخْتَرِيّ القاضي وهْب بْن وهْب.
مقتل أَبِي السرايا:
وفيها هرب أبو السرايا والطالبيّون مِن الكوفة في المحرَّم إلى
القادسيّة، فدخلها
(13/46)
هَرْثَمَة ومنصور بْن المهديّ وأمّنوا
أهلها. ثمّ أتى أبو السرايا إلى ناحية واسط، ثمّ مضى حتى أتى السُّوس
وأنفق الأموال. فجاءهم الحَسَن بْن عليّ الباذغيسيّ فأرسل إليهم:
اذهبوا حيث شئتم، فلا حاجة لي في قتالكم، ولست بتابعكم. فأتى أبو
السرايا إلى قتاله، فالتقوا، فهزمهم الحَسَن واستباح عسكرهم، وجُرح أبو
السرايا، وهرب هُوَ ومحمد بْن محمد، وأبو الشوك، وطلبوا رأس العين
والجزيرة. فلمّا انتهوا إلى جَلُولا عثر بهم حمّاد الكُنْدُغُوش
فأخذهم، وجاء بهم إلى الحَسَن بْن سهل وهو بالنهْروان، فقتل أبا
السرايا في عاشر ربيع الأوّل، وبعث محمد بْن زيد بْن عليّ إلى مَرْو
إلى المأمون.
افتتاح البصرة واختفاء الطالبيين:
وسار عليّ بْن أبي سَعِيد إلى البصرة فافتتحها، وكان بها زيد بْن موسى
بْن جعفر أخو عليّ بْن موسى الرضا، وهو الَّذِي يقال لَهُ زيد النار،
لكثرة ما حرّق من دُور العباسيّين بالبصرة. وكان يأتي بالرجل مِن
المُسَوَّدَة فيحرّقه بالنار. وانتهب تُجّار البصرة، فأسره عليّ بْن
أَبِي سَعِيد، واختفى الطالبيّون.
ذكر ما فعله الأفطس بمكة:
وأما حُسين بْن حسن الأفطس فبدّع بمكة حتى تردّه طائفة مِن أهلها، فهدم
دُورهم، وأخذ أبناءهم، وجعل أصحابه يَحلّون ما عَلَى الأساطين مِن
الذَّهَب اليسير، ويقلعون الشبابيك. فبلغهم قتْلُ أَبِي السرايا، فأتى
حسين إلى محمد بْن جعفر الصّادق، وكان شيخًا فاضلا مُحبّبًا إلى الناس،
تاركًا للخروج، قد روى العلم عَنْ أَبِيهِ، فقال: قد تعلم ما لك في
الناس، فابرز نبايعك بالخلافة، فلا يختلف عليك اثنان، فأبى ذَلِكَ. فلم
يزل بِهِ ابنه عليّ وحسين بْن حسن حتى غلبا عَلَى رأيه، وأقاموه يوم
الجمعة في ربيع الآخر، فبايعوه، وحشروا الناسَ لمبايعته طَوْعًا
وكرهًا. فأقام كذلك أشهرًا.
ووثب حُسين عَلَى امرَأَة قُرَشِيّة بارعة الحُسن، فأخذها قهرًا مِن
بيت زوجها، وبقيت عنده أيامًا، ثمّ هربت.
ووثب علي بن محمد عليّ أمْرَدٍ بديع الجمال، فأخذه مِن دارهم، وأركبه
فَرَسه في السَّرْج، وركب عَلَى الكفل، وذهب بِهِ في السّوق حتى خرج
بِهِ إلى بئر ميمون
(13/47)
في طريق مِنى. فاجتمع أهل مكّة والمجاورون،
وأغلقت الأسواق، وأتوا محمد بْن جعفر وقالوا: والله لنخلعنّك،
ولنقتلنّك، أو لُتردنّ هذا الغلام الَّذِي أخذه ابنك جهرةً.
فقال: والله ما علمتُ.
وأمَرَ حُسَيْنًا أن يذهب إلى ابنه، فقال: إنّك والله لَتَعلم أنّي لا
أقوى عَلَى ابنك، وأخاف محاربته.
فقال محمد بْن جعفر لأهل مكّة: أمّنوني حتى أركب إِلَيْهِ، فأمنوه،
فركب حتى صار إلى ابنه وأخذ الغلام، فسلّمه إلى أهله.
وبعد قليل أقبل إِسْحَاق بْن موسى بْن عيسى بْن موسى بْن محمد
العبّاسيّ فارًا عَنِ اليمن، لِتَغَلُّب إبراهيم بْن موسى بْن جعفر
عليها، فنزل المُشَاش؛ فاجتمع العلويّون إلى محمد بْن جعفر فقالوا: قد
رأينا أن نُخَنْدِق علينا بأعلي مكّة. ثمّ حشدوا الأعراب، فقاتلهم
إِسْحَاق أيامًا، ثمّ كرِه الحربَ وطلب العراق. فلقِيه ورقاء بْن جميل
في جُنْدٍ، فقال: ارجعْ بنا إلى مكّة، فرجع.
واجتمع إلى محمد غَوْغاءَ أهل مكّة، وسُودان أهل المياه والأعراب،
فعَبّأهم ببئر ميمون، وأقبل ورقاء وإسحاق بْن موسى بمن معهم مِن
القُوّاد والْجُنْد فالتقوا وقُتِل جماعة. ثمّ تحاجزوا؛ ثمّ التقوا مِن
الغد، فانهزم محمد وأهل مكّة. وطلب محمد الأمان، فأجابوه إِلَيْهِ، ثمّ
نزح عَنْ مكّة، ودخلها إِسْحَاق ورقاء في جُمَادَى الآخرة.
ذكر تفرُّق الطالبيّين عَنْ مكّة:
وتفرّق الطالبيّون عَنْ مكّة كلّ قوم ناحية، فأخذ محمد ناحية جُدّة،
ثمّ طلب الْجُحْفة. فخرج عَليْهِ محمد بْن حكيم مِن موالي آل العباس.
وفد كَانَ الطالبيّون انتهبوا داره بمكة، وبالغوا في عذابه. فجمع
عبيدًا ولحِق محمدًا بقرب عُسفان، فانتهب جميع ما معه حتى بقي في وسط
سروايل. وهمّ بقتله، ثمّ رحِمَه وطرح عَليْهِ ثوبًا وعمامة، وأعطاه
دُريهمات. فمضى وتوصّل إلى بلاد جُهَينة عَلَى الساحل، فأقام هناك
أشهرًا يجمع الْجُمُوع، فكان بينه وبين والى المدينة هارون بْن المسيّب
وقعات عند الشجرة وغيرها. فهُزم محمد، وفُقئت عينه بسهم، وقُتِل خلْق
مِن أصحابه، ورُدّ إلى موضعه. ثمّ طلب الأمان مِن الْجُلُوديّ، ومن ابن
عمّ الفضل بْن سهم رجاء، ورُدّ إلى
(13/48)
مكّة في آخر السَّنَةِ. فصعد عيسى بْن يزيد
الْجُلُوديّ المنبرَ بمكة، وصعِد دونه محمد بْن جعفر، عَليْهِ قِباء
أسود؛ فخلع نفسه، واعتذر عَنْ خروجه بأنّه بلغه موت المأمون. وقد صحّ
عنده الآن أنّه حيّ، وخلع نفسه، واستغفر مِن فِعْله.
ثمّ خرج بِهِ عيسى الْجُلُوديّ إلى العراق، واستخلف عَلَى مكة ابنه
محمد بْن عيسى.
فبعث الحَسَن بْن سهل بمحمد إلى المأمون.
ذكر الحج هذا العام:
وأقام الحجّ أبو إِسْحَاق المعتصم بْن الرشيد.
مقتل هَرْثَمَة:
وأما هَرْثَمَة، فلمّا فرغ مِن حرب أَبِي السرايا سار نحو خُرَاسان،
فأتته الكتب مِن المأمون أن يرجع فيلي الشام أو الحجاز. فقال: لا أرجع
حتى آتي أمير المؤمنين. إدلالا منه عَليْهِ، وليُشافِهه بمصالح، وليؤذي
الفضل بْن سهل بأنّه لَيْسَ بناصح لَهُ. ففهم الفضل مُراده، فقال
للمأمون: إنّ هَرْثَمَة قد ظاهَرَ عليك عدوّك، وعادي وليك، وخالف كتبك.
وإن خلّيته كَانَ ذَلِكَ مفسدةً لغيره. فتوحّشَ عَليْهِ.
وأبطأ هَرْثَمَة، ثمّ قِدم في أواخر السَّنَةِ، فقال لَهُ المأمون:
مالأتَ علينا العلويّين، وداهَنْتَ، وحسّنت في السّرّ لأبي السرايا
الخروج؟ فذهب هَرْثَمَة ليتكلّم ويدفع عَنْ نفسه، فلم يُقبل منه.
وأُمِر بِهِ، فَوُجِئ عَلَى أنفه، ودِيس بطْنُه، وسُحِب وحُبس. ودسّ
الفضل إلى الأعوان الغِلْظَة عَليْهِ، ثمّ قتلوه، وقيل مات.
ذكر فتنة الْجُنْد ببغداد:
وفيها هاج الْجُنْد ببغداد، لكون الحسن بن سهل ولم ينصفهم في العطاء،
وبقيت الفتنة أيامًا.
رجاء بْن أَبِي الضحّاك لإشخاص عليّ الرضا:
وفيها وجّه المأمون رجاء بْن أبي الضحّاك، وهو الذي قِدم عَليْهِ محمد
بْن جعفر ومعه قرناس الخادم، لإشخاص عَلَى بْن موسى الرضا.
(13/49)
ذكر إحصاء ولد العبّاس:
وفيها أُحْصي وَلَدُ العبّاس، فبلغوا ثلاثة وثلاثين ألفًا ما بين ذكرٍ
وأنثى.
ذكر قتل الروم ملكهم اليون:
وفيها قتلت الروم ملكها اليون، وكان قد تملك عليهم سبْعٍ سنين ونصفًا.
ثمّ ملّكوا عليهم ميخائيل بْن جورجس ثانية.
ذكر قتل يحيى بْن عامر:
وفيها قتل المأمون يحيى بْن عامر بْن إسماعيل، لكونه أغلظ لَهُ وقال
له: يا أمير الكافرين1.
__________
1 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 311-312"، تاريخ الطبري "8/ 534-545"، الكامل
"6/ 320"، النجوم الزاهرة "1672"، صحيح التوثيق "6/ 151".
(13/50)
تراجم الأعيان في هذا العَشْر:
"حرف الألِف":
1- أحمد بن بشير الكوفي1.
أبو بكر مَوْلَى بني مخزوم عَنْ: هاشم بْن هاشم الزُّهْرِيّ، والأعمش،
وعبد الله بْن شُبْرُمة، ومجالد، وغيرهم.
وعنه: محمد بْن سلام البيكَنْديّ، وسلْم بْن جُنادة، والحسن بْن
عَرَفَة، وغيرهم.
تُوُفّي سنة سبْعٍ وتسعين.
2- أحمد بْن موسى بْن أَبِي مريم2.
أبو بَكْر، وقيل أبو عبد الله الخزاعي البصري اللّؤلؤيّ المقرئ.
سَمِعَ: ابن عَوَانة، وأبان بْن تغلب، وعامر الجحدري.
__________
1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 42"، والميزان "1/ 85".
2 الجرح والتعديل "2/ 75"، الثقات لابن حبان "6/ 3".
(13/50)
وروى القراءة عَنْ: عيسى بْن عَمْرو، وعاصم
الْجُحْدُريّ، وأبي عَمْرو بْن العلاء، وإسماعيل القسْط.
وروى عَنْهُ: رَوْح بْن عَبْد المؤمن، ومحمد بْن يحيى القطعيّ، وخليفة
بْن خيّاط، ونصر الجهضمي، ومحمد بن المثنى، وطائفة.
قال أبو زرعة الرازي: صدوق قدري.
وكنّاه مُسْلِم: أبا بَكْر.
3- إبراهيم بْن الأغلب بْن سالم التّميميّ القيرواني الشهيد أمير
المغرب1.
كَانَ مِن وجوه جنْد مصر، فوثب، بعد موت أبيه، هُوَ واثنا عشر رجلا
بمصر، فأخذوا مِن بيت المال مقدار أرزاقهم، لم يزيدوا عَلَى ذَلِكَ،
وهربوا فلحقوا بالزّاب مِن نواحي قيروان. فاعتقد إبراهيم بْن الأغلب
عَلَى مِن كَانَ في تِلْكَ الناحية مِن الْجُنْد وغيرهم الرياسة. وأقبل
بُهدي إلى هَرْثَمَة بْن أَعْيَن أمير القيروان يومئذٍ ويُلاطفه،
ويُعلمه أنّي عَلَى الطاعة، وأنّني ما دعاني إلا الحاجة ومطل الديون
لي. فاستعمله هَرْثَمَة عَلَى ناحية الزّاب، فكفاه أمرَها وضبطها.
وقِدم عَلَى المغرب محمد بْن مقاتل العكّي، فأساء إلى الناس وَظَلَمَ،
فقاموا عَليْهِ، فَنَجَدَه ابنُ الأغلب وأعاده إلى القيروان بعد أن
طردوه منها. ثمّ كاتبوا الرشيد يستقيلونه مِن ابن مقاتل. فاستعمل عليهم
ابن الأغلب لمّا رَأَى نهضته وحُسْن طاعته وانقيادَ اهل القيروان لَهُ.
وكان فقيهًا، دينًا، خطيبًا، شاعرًا، ذا رأي وحزم وبأس ونجدة، وسياسة،
وحُسن سيرة. قَلّ أنْ ولي أفريقيةَ أحدٌ مثله في العدل والسياسة.
وقد طلب العلم وأخذ عَنْ: اللَّيْثُ بْن سعْد، وغيره. وكان اللَّيْثُ
يكرمه، وأعطاه جارية حسناء هي أمّ ابنه زيادة الله.
وكان لَهُ بمصر أخ اسمه عَبْد الله، محتشم نبيل. وأرسل أولاده إلى عند
عمّهم إبراهيم.
وكان مما رفع منزلة إبراهيم بْن الأغلب عند الرشيد ظَفَرُهُ بإدريس بن
عبد الله بن
__________
1 وفيات الأعيان "2/ 193-194"، والسير "9/ 128-129".
(13/51)
حسن الحَسَنيّ نزيل المغرب وقتْله. وأشار
هَرْثَمَة بْن أَعْيَن عَلَى الرشيد أيضًا بتوليته. وبالغ في وصفه،
فولاه في أثناء سنة أربعٍ وثمانين ومائة.
وردّ محمد العَكّي إلى المشرق، وانقمع1 الشرّ بالمغرب، وحسُنت حال
إفريقية. وبني مدينة سمّاها العباسية. وكان يتولّى الصلاة بنفسه في
جامع القَيروان.
وكان عالمًا عاملا بعِلْمه، عَثَر يومًا في حصيرة المسجد، فدخل وقال
لرؤساء الدّولة: استنكهوني. ففعلوا. فقال: إنّي خشيت أن يقع لأحدكم
أنّي سَكْران.
وخرج عَليْهِ بتونس حمديس بْن عبد الرَّحْمَن الكِنْديّ، فحاربه وظفر
بِهِ، وقتل عشرة آلاف مِن عسكر حمديس في سنة ستٌّ وثمانين، وبعث برأس
حمديس إلى الرشيد.
وكان قائد جيوشه عِمران بْن مَخْلَد، وكان نازلا عنده في قصره، ثمّ خرج
عَلَى ابن الأغلب وحشد، واستولى عَلَى أكثر بلاد إفريقية. وخَنْدَق
إبراهيم عَلَى نفسه. وأقامت الحرب بينهما سنة، وهما كفَرسَي رهان،
فأمدّه الرشيد بخزانة مالٍ مَعَ جماعة قُوّاد. فقوي ابن الأغلب، وتقلّل
الْجُنْد عَنِ ابن مَخْلَد، والتفوا عَلَى ابن الأغلب لأخْذ أُعطياتهم.
تُوُفّي ابن الأغلب عَلَى إمرة المغرب لثمان بقين مِن شوّال سنة ستٌّ
وتسعين ومائة. وله ستٌّ وخمسون سنة. وولي بعده ابنه عَبْد الله، فأمّن
عِمران وأكرمه وصيّره معه في قصره. ثم خاف غائلته2 فقتله.
واشتغل الأمين والمأمون بأنفسهما واختبط أمر المغرب وغيرهما.
4- أبان بن عَبْد الحميد الرّقاشيّ3.
مولاهم البصْريّ الشّاعر الشهير.
مقدّم في الشّعْر والأدب، وله بَصَرٌ بالعِلم والفِقه. وكان ديّنًا
خيَّرًا متألهًا، متهجدًا.
__________
1 انقمع: انتهى أو توقف.
2 غائلته: غدره وخيانته.
3 انظر: تاريخ بغداد "7/ 44-45"، تاريخ الطبري "8/ 242".
(13/52)
نظم للبرامكة كتاب "كليلة ودِمْنَة"
أُرجوزة في أربعة آلاف بيت، فأجازه الوزير يحيى بْن خَالِد بعشرة آلاف
دينار، فتصدّق بنصفها.
أثنى عَليْهِ الخطيب، وذكره في تاريخه.
5- إبراهيم بْن صدقة.
أبو عامر الأنصاريّ1، بصْريّ، قليل الرواية.
سَمِعَ: قيس بْن عُبَيْد، وسُفْيان بْن حسين.
وعنه: محمد بْن الْمُثَنَّى العنْبريّ، وأحمد بْن نصر المقرئ.
6- إبْرَاهِيم بْن عَبْد العزيز بْن عَبْد المُلْك بْن أَبِي محذورة
الْجُمَحيّ الْمَكَّيّ2 عخ، ت، س. عَنْ: جَدّه، وأبيه.
وعنه: الشافعي، والحميدي، وجماعة.
7- إبراهيم بْن عُيَيْنَة بْن أَبِي عِمران الهلالّي3 -د. س. ق.
مولاهم الكوفيّ، أخو سُفْيان، وعِمران، وآدم، ومحمد. يُكَنَّى أبا
إِسْحَاق.
روى عَنْ: أبي حيّان يحيى بْن سَعِيد التَّيميّ، ومِسْعر بْن كَدَام،
وعَمرو بْن منصور الهمَدانيّ.
وعنه: أحمد بْن بُديل، ويحيى بْن مَعِين، وعليّ بْن محمد الطَّنَافسيّ،
والحسن بْن عليّ بْن عفّان العامريّ، وهو آخر أصحابه.
وتوفي سنة سبْعٍ وتسعين أيضًا.
قَالَ النَّسَائيّ: لَيْسَ بالقويّ.
8- إبراهيم بْن هُدْبة، أبو هُدْبة البصْريّ4.
يحدث عن أنس بالبواطيل.
__________
1 الجرح والتعديل "2/ 106"، والتهذيب "1/ 128".
2 الجرح والتعديل "2/ 113"، والتهذيب "1/ 141".
3 الجرح والتعديل "2/ 118-119"، والتهذيب "1/ 149".
4 الجرح والتعديل "2/ 143-144"، والميزان "1/ 71-72".
(13/53)
روى عَنْهُ: حُمَيْد بْن الربيع، ومحمد بْن
عُبَيْد الله بْن المنادي، وسَعْدان بن نصرة، والخضر بْن أبان، وله
عَنْهُ نسخة، ورُسْتَة.
قَالَ أبو نُعَيْم الحافظ: قِدم أصبهان فحدّث عَلَى المنبر، عَنْ أنس،
فرُفع ذَلِكَ إلى جرير بن عبد الحميد، فصدقه.
قال: وكن المأمون أيضًا يُصدّقه فيها.
وتصديقهما لا ينفعه، فإنّه ذاهب الحديث، مُتهمٌ عندَ الحُفّاظ بالكِذب.
ولمحمد بْن سُلَيْم المقرئ عَنْهُ نسخة.
قَالَ عَبَّاسٌ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ: قِدم أبو
هُدْبة، فاجتمع عَليْهِ الناس وقالوا لَهُ: اخْرِجْ رِجْلَك. خافوا أن
تكون رِجْلُه رجلَ حمار أو شيطان. وقال أحمد بْن سيّار القطّان:
سَمِعْتُ محمد بْن بلال الكِنْديّ يَقُولُ: كان أبو هدبة عدو الله
يحفل1 النغم عندنا بواسط.
وقال أبو حاتم الرّازيّ: كذّاب.
قلت: بقي إلى سنة مائتين.
9- إبراهيم بْن يزيد بْن مَرْدانبَة الكوفيّ2.
مولى عَمْرو بْن حُرَيْث.
عَنْ: رَقَبَة بْن مَصْقَلَة، وإسماعيل بْن أَبِي هالة.
وعنه: أبو كُرَيْب، وأبو سَعِيد الأشجّ، ومحمد بْن الْمُثَنَّى،
وجماعة.
10- إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُوسُفَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي إسحاق عَمْرو
بن عبد الله الهمجاني السَّبِيعيّ الكوفيّ3 -س. ت. ق.
عَنْ: أَبِيه وجده.
__________
1 حفل: اللبن في الضرع حفولًا: اجتمع، وحفل الشيء: جلاه، وأظهر حسنه.
المعجم الوجيز "ص/ 161".
2 انظر: الجرح والتعديل "2/ 145"، والتهذيب "1/ 179".
3 الجرح والتعديل "2/ 148"، والتهذيب "1/ 183-184".
(13/54)
وعنه: أبو كُرَيْب، وإسحاق بْن منصُور
السَّلُوليّ، وأبو عُبَيْدة بن أَبِي السَّفَر.
ضعّفه ابن مَعين.
وقال أبو حاتم: حسن الحديث.
وقال النَّسَائيّ: لَيْسَ بالقويّ.
قلت: حديثه في الصحيحْين.
وتُوُفّي في سنة ثمانٍ وتسعين.
11- أسامة بْن حفص المدنيّ1.
عَنْ: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، ويحيى بْن
سَعِيد.
وعنه: أبو ثابت محمد بْن عُبَيْد الله المدنيّ، وإبراهيم بْن حمزة
الزُّبَيْريّ، وغيرهما.
روى لَهُ الْبُخَارِيّ حديثًا، وأغفله في تاريخه، وكذا ابن أَبِي حاتم.
12- أسباط بْن محمد، أبو محمد بْن أَبِي عَمرو الكوفيّ2 -ع.
والد عُبَيْد بْن أسباط.
عَنْ: الأعمش، وأبي إسحاق الشيباني، وعمرو بْن قيس المُلائيّ، وزكريّا
بْن أَبِي زائدة.
وعنه: أحمد، وإسحاق، والحسن الزَّعْفرانيّ، والحسن بْن عليّ بْن عفّان.
وثقه ابن مَعِين.
تُوُفّي سنة مائتين في المحرَّم.
قَالَ ابن عمّار المَوْصِليّ: قَالَ لنا وكيع: إنّ لأسباط بْن محمد
الْقُرَشِيّ ألف حديث، فاسمعوا منه.
__________
1 انظر: الميزان "1/ 174"، التهذيب "1/ 206-207".
2 الجرح والتعديل "2/ 332-333"، والتهذيب "1/ 211".
(13/55)
13- إِسْحَاقَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ
مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ بْن الحسين الهاشميّ الحُسَينيّ الْمَدَنِيُّ1
-ت. ق.
عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جعفر المَخْرميّ، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي
بَكْر المليكيّ.
وعنه: إبراهيم بْن المنذر الحزاميّ، ويعقوب بْن حميد.
قَالَ ابن مَعِين: ما أراه إلا كَانَ صادقًا.
14- إسحاق بْن إسماعيل.
أبو يزيد الرّازيّ حيَّوَيْه2.
عَنْ: عَمْرو بن أبي قُبَيس، ونُعَيْم بْن مَيْسَرة، ونافع بْن عمر
الْجُمَحيّ.
وعنه: محمد بْن سَعِيد بْن الأصبهاني، وإبراهيم بْن موسى الفرّاء، وأبو
بكر بْن أبي شَيْبة، وأخوه عثمان، وآخرون.
قَالَ ابن مَعِين: أرجو أن يكون صادقًا.
15- إسحاق بْن الربيع العُصْفُري الكوفيّ3.
عَنْ: الأعمش، وداوود بْن أَبِي هند، ومِسْعَر، وأبي مالك النَّخَعيّ.
وعنه: محمد بن عمر بن الوليد الكندي، وأحمد بْن بُدَيْل، ومحمد بْن
إسماعيل الأحْمُسيّ، وغيرهما.
ولا جَرْح فيه.
16- إِسْحَاق بْن سليمان الرازي4 -ع.
أبو يحيى الكوفي. نزل الرَّيّ.
عَنْ: حنظلة بْن أَبِي سُفْيان، وابن أَبِي ذيب، وحَرِيز بْن عثمان،
وطبقتهم.
وعنه: محمد، وأحمد، ومحمد بْن رافع، وإسحاق الكوسج، وأحمد بن
__________
1 الجرح والتعديل "2/ 215"، والتهذيب "1/ 229".
2 انظر: الجرح والتعديل "2/ 212"، والثقات لابن حبان "8/ 110".
3 الجرح والتعديل "2/ 220"، والتهذيب "1/ 232".
4 الجرح والتعديل "2/ 223-224"، التهذيب "1/ 235".
(13/56)
الأزهر، وخِلْق آخرهم الحَسَن بْن مُكْرَم
البزّاز.
وكان سيّدًا صالحًا خاشعًا ثقة حُجّة.
قَالَ أحمد بْن الفُرات: رَأَيْته يروي حديثًا. فضحك غلام فأخرجه.
قَالَ: ويقال إنّه كَانَ مِن الأبدال.
تُوُفّي سنة تسعٍ وتسعين، وقيل سنة مائتين.
قَالَ إسحاق الكَوْسج: ما كَانَ أَبْيَنَ خشوعه. كَانَ يبكي كلّ ساعة.
17- إسحاق بن عيسى البغدادي1.
أبو هاشم سبط داوود بْن أبي هند.
سَمِعَ: الأعمش، وابن أَبِي ذيب، والثوري.
وعنه: الحسن بن الصباح البزار، وإسحاق بْن بُهْلُولٍ التّنُوخيّ.
قَالَ الخطيب: وكان ثقة. جاور بمكة.
18- إسحاق بْن نَجِيح المَلَطيّ2.
أبو صالح نزيل بغداد.
عَنْ: هشام بْن حسّان، وابن جُريْج، وجماعة.
وعنه: سُوَيد بْن سَعِيد، وعليّ بْن حجر.
قَالَ ابن مَعِين: كذّاب عدوّ الله.
وقال أبو حاتم بْن حيان: هُوَ دجّال مِن الدَّجاجلة.
وقال الفلاس: يضع الحديث.
19- إسحاق بن يوسف بن مرداس3 -ع.
أبو محمد القرشي الواسطي الأزرق الحافظ.
__________
1 الجرح والتعديل "2/ 230"، والتهذيب "1/ 245".
2 انظر: الجرح والتعديل "2/ 235، 236"، والميزان "1/ 200-202".
3 الجرح والتعديل "2/ 238"، والسير "9/ 171، 172".
(13/57)
عَنِ: الأعمش: وابن عَوْن، وفُضَيْل بْن
غَزْوان، ومِسْعَر.
وعنه: أحمد، وابن مَعِين، وأحمد بْن مَنِيع، ومحمد بْن الْمُثَنَّى،
وسَعْدان بْن نصر، وآخرون.
وكان ثقة ثَبْتًا مِن العابدين.
ولد سنة بضْعَ عشرة ومائة.
وقيل: إنّه مكث عشرين سنة لم يرفع رأسه إلى السماء.
تُوُفّي سنة خمسٍ وتسعين.
وكان أعلم الناس بشرِيك.
وقد قرأ القرآن عَلَى حمزة، وسمع الحروف مِن أَبِي بَكْر بْن عيّاش،
وله اختيار في القراءة يروي عَنْ جملة.
عَنْهُ: إسماعيل بْن هُود الواسطيّ، وعبد الله بْن هانس، وغيرهما.
20- إسماعيل بْن إبراهيم بْن مِقْسَم1 -ع.
أبو بشر الأسدي، مولاهم البصْريّ، الإِمَام ابن عُلَيّة، وهي أمّه.
أصله كوفيّ.
سَمِعَ: أيّوب السّخْتيانيّ، وإسحاق بْن سُوَيد العَدويّ، وحُمَيْد
الطويل، وعليّ بْن زيد، وعطاء بْن السّائب، ومحمد بْن المُنْكَدِر،
وعبد الله بْن أبي نَجِيح، ويونس بْن عُبَيْد، وسُهيل بْن أَبِي صالح،
والْجُريريّ، وأبا التّيّاح الضُّبعيّ، وعبد العزيز بْن صُهَيب، وليث
بْن أَبِي سُلَيْم، وابن عَوْن، وطائفة.
وعنه: شُعبة، وابن جُرَيج، وحمّاد بْن زيد وهم أكبر منه. وعبد
الرَّحْمَن بْن مهديّ، وأحمد، وإسحاق، وابن مَعِين، وعليّ بْن
المَدِينيّ، وبُنْدار، وخلْق كثير آخرهم موسى بْن سهل الوشّاء.
وكان حُجّة حافظًا فقيهًا.
ولد سنة عشرٍ ومائة.
__________
1 الجرح والتعديل "2/ 153-155"، والسير "9/ 107-120".
(13/58)
وكان يَقُولُ: مَن قَالَ ابن عُلَيّة فقد
اغتابني.
قَالَ مؤمّل بْن هشام: سمعته يَقُولُ: لقيت محمد بْن المُنْكَدِر،
وسَمِعْتُ منه أربعة أحاديث. فَقُلْتُ: ذا شيخ. فلمّا قدمت البصرة إذا
أيّوب يَقُولُ: ثنا محمد بْن المُنْكَدِر.
وقال غُنْدَر: نشأت في الحديث يوم نشأن وليس أحدٌ يُقَدَّم في الحديث
عَلَى ابن علية.
وقال أبو داوود: ما أحدٌ مِن المحدّثين إلا أخطأ، إلا ابن عُلَيَّة،
وبِشْر بْن الْمُفَضَّلِ، وقال ابن مَعِين: كَانَ ابن عُلَيَّة ثقة
ورِعًا تقيًا.
وقال يُونُس بْن بُكَيْر: سَمِعْت شُعْبَة يَقُولُ: ابْن علية سيد
المحدثين.
وقال عمرو بْن زُرارة: صحِبْتُ ابنَ عُلَيَّة أربَعَ عشرةَ سنة فما
رَأَيْته تبسّم فيها.
قَالَ عفّان: نا خَالِد بْن الحارث قَالَ: كنّا نُشبّه ابن عُلَيَّة
بيونس بْن عُبَيْد.
وقال إبراهيم بْن عَبْد الله الهروي: سَمِعْتُ يزيد بْن هارون يَقُولُ:
دخلت البصرة وما بها خلقٌ يفضل عَلَى ابن عُلَيَّة في الحديث.
وقال زياد بْن أيوب: ما رأيتُ لابن عُلَيَّة كتابًا قطّ.
وكان يُقال ابنُ عُلَيَّة يَعُدّ الحروف.
وقال حَمّاد بْن سَلَمََةَ: ما كُنَّا نُشبّه شمائل إسماعيل إلا بشمائل
يونس بْن عُبَيْد، حتى دخل فيما دخل فيه.
قلت: وقد ولي القضاء ولعث إِلَيْهِ ابن المبارك يُعنّفه بأبياتٍ حسنة
لدخوله في الصَّدَقات.
وروى الخطيب في تاريخه: إنّ الحديث الَّذِي أُخِذ عَليْهِ شيء يتعلّق
بالكلام في القرآن.
دخل عَلَى محمد بْن هارون الأمين فشتمه، فقال: أخطأت.
وكان حدَّث بهذا: تجيء البقرة وآل عِمران كأنّهما غمامتان يُحَاجّان
عَنْ صاحبهما. فقيل لابن عُلَيَّة: أَلَهُما لسان؟ قَالَ: نعم.
(13/59)
فقالوا: إنّه يَقُولُ القرآن مخلوق؛ وإنّما
غلط.
وقال الفضل بْن زياد: سَأَلت أحمد بْن حنبل عَنْ وُهيب وابن عُلَيَّة:
أيُّهما أحبّ إليك إذا اختلفا؟ قَالَ: وُهيب، ما زال إسماعيل وضيعًا
مِن الكلام الَّذِي تكلّم فيه إلى أن مات. قلتُ: أليس قد رجع وتاب على
رؤوس الناس؟ قَالَ: بلى، ولكنْ ما زال لأهل الحديث. بعد كلامه ذَلِكَ
مبغضًا وكان لا ينصف في الحديث كان يحدّث بالشفاعات1.
وكان معنا رجلٌ مِن الأنصار يختلف إلى الشيوخ فأدخلني عَليْهِ، فلمّا
رآني غضب، وقال: مَن أدخل هذا عليَّ؟
قَالَ أحمد: وبلغني أنّه أُدخِل عَلَى الأمين، فلمّا رآه زحف إليه
وقال: يا ابن -يا ابن تتكلَّم في القرآن؟ وجعل إسماعيل يَقُولُ: جعلني
الله فِداك، زَلَّةٌ مِن عالم.
ثمّ قَالَ أحمد: إنّ يغفر الله لَهُ فيها، يعني الأمين.
ثمّ قَالَ: وإسماعيل ثَبْت.
وقال الفضل بْن زياد: قلت يا أبا عَبْد الله إنّ عَبْد الوهاب قَالَ:
لا يحبّ قلبي إسماعيل أبدًا. لقد رَأَيْته في المنام وكان وجهه أسود.
فقال: عافي الله عَبْد الوهاب.
ثمّ قَالَ أحمد: لقد لزِمتُ إسماعيل عشرَ سِنين إلا أن أُغيب. ثمّ جعل
يحرّك رأسه كأنه يتلهَّف، ثمّ قَالَ: وكان لا يُنْصِف في التحديث،
ويحدّث بالشفاعات.
قَالَ المؤلّف: لا ينبغي إلا تعظيم ابن عُلَيَّة، فقد كانت منه هفوة
ثمّ تاب منها.
فكان ماذا؟ مات ابن عُلَيَّة في ذي القِعْدة سنة ثلاثٍ وتسعين.
وحديثه بعُلُوّ درجتين في الغيلانيّات.
21- إسماعيل بْن إبراهيم الكرابيسيّ البصْريّ2 -ق. صاحب القُوهيّ.
عَنْ: ابن عَوْن، وسُلَيْم القاصّ.
__________
1 تاريخ بغداد "6/ 239".
2 انظر: الميزان "1/ 214"، والتهذيب "1/ 280، 281".
(13/60)
وعنه: محمد بْن عَبْد الله بْن حفص
الأنصاري، وحفص بن عمرو الربالي، ومُثَنَّى بْن مُعَاذ.
تُوُفّي سنة أربعٍ وتسعين.
وثّقه حد.
22- إسماعيل بْن إبراهيم، أبو يحيى التَّيْميّ الكوفيّ الأحْوَل1 -ت.
ن.
عَنْ: عطاء بن السائب، والأعمش، ومخارق الأحمسيّ، ومطر، وطائفة.
وعنه: أبو سَعِيد الأشجّ، وأبو كُرَيْب، ومحمد بْن عُبَيْد المحاربيّ،
وآخرون.
ضعّفه ن، وغيره.
وقال ابن نُمَير: ضعيف جدّا.
23- إسماعيل بْن حكيم.
صاحب الزيّاديّ. بصْريّ2.
روى عن: محمد بن المنكدر، والفضل بن عيسى الرقاشي، والْجُرَيريّ،
وجماعة.
وعنه: عٌقبة بْن مُكْرَم، وأزهر بْن جميل، وعبد الرَّحْمَن بْن عُمَر
رسْتة. كذا ذكره ابن أَبِي حاتم ولم يُضعّفْه.
24- إسماعيل بن زياد -ت.
أو ابن زياد السكوني قاضي المَوْصِل3.
عَنْ: ثور بْن يزيد، وابن جُرِيج، والثَّوْريّ، وشُعْبَة.
وعنه: مسعود بْن جُوَيْرية، ونائل بْن نَجيح، ومحمد بْن الحسين
البُرْجُلانيّ، وآخرون.
قال ابن عدي: منكر الحديث.
__________
1 الجرح والتعديل "2/ 155"، والتهذيب "1/ 281".
2 الجرح والتعديل "2/ 165".
3 انظر: الميزان "1/ 230"، والتهذيب "1/ 298-301".
(13/61)
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لا يَحِلُّ
ذِكْرُهُ فِي الكُتُب إلا عَلَى سبيل القدْح فيه.
25- إِسْمَاعِيلَ بْنِ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زَيْدِ بْن ثابت، أبو
مُصْعَب الأنصاريّ1 نافلة كاتب الوحي -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
روى عَنْ: أَبِيه، وأبي حازم الأعرج.
وعنه: إبراهيم بْن حمزة الزُّبَيْريّ، وأبو بَكْر عَبْد الرحمن بْن
شَيبة الحزاميّ.
قَالَ أبو حاتم: مدنيّ ضعيف الحديث.
وقال غيره: إنّه عُمّر إحدى وتسعين سنة.
26- إسماعيل بْن محمد بْن جُحادة الكوفيّ العطّار الضّرير2.
عن: أبيه، وداوود بْن أَبِي هند، وأبي مالك الأشجعيّ، وغيرهم.
وعنه: الأشجّ، وسُفْيان بْن وكيع، ونصر الْجَهْضَميّ، وأحمد بْن
بُدَيْل، وجماعة.
قَالَ أبو حاتم: صَدُوق.
27- إسماعيل بْن يحيى بْن عُبَيْد الله التَّيميّ البكْريّ الكوفيّ3.
أبو عليّ.
عَنْ: إسماعيل بْن أَبِي خَالِد، وأبي حنيفة، وغيرهما.
وعنه: محمد بْن حرب النَّسَائيّ، وسَعْدان بْن نصر.
قَالَ صالح جزرة وغيره: كان يضع الحديث.
وقال ابن حبان: لا تحل الرواية عنه، ولا الاحتجاج بِهِ بحال.
وقال: يروي عَنْ مِسْعَر، وفِطْر بْن خليفة أيضا.
28- أشجع بن عمرو السلمي4.
الشاعر، بصري.
__________
1 المجروحين "1/ 127"، والميزان "1/ 245".
2 الجرح والتعديل "2/ 195"، والميزان "1/ 246".
3 الجرح والتعديل "2/ 203"، والميزان "1/ 253".
4 انظر: تاريخ بغداد "7/ 45"، وفيات الأعيان "1/ 221-222".
(13/62)
له نظم بديع، مدح الرشيد وغيره؛ وكان جعفر
البرمكي يجري عليه في الجمعة مائة دينار.
29- أشعث بن عبد الرحمن بن زبيد اليامي الكوفي1 -ت.
عن: مجالد، وعبيد الله بن عمر.
وعنه: أحمد بن منيع، وأبو سعيد الأشج، والحسن بن عرفة.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ.
وَقَالَ أَبُو حاتم: محله الصدق.
30- أشعث بن عبد الله الخراساني السجستاني2 -د.
نزيل البصرة.
عَنْ: إسماعيل بْن أَبِي خَالِد، وعوف، وشُعْبَة.
وعنه: محمد بْن أَبِي بَكْر المُقَدَّميّ، ومحمد بْن عُمَر
المُقَدَّميّ، ونصر بن علي الجهضمي، والفلاس.
وثقه أبو داوود.
روى له حديثًا.
31- أشعث بن شعبة -د.
أبو أحمد المصيصي3.
أصله خُرَاسانيّ، سكن الثَّغْر.
روى عَنْ: إبراهيم بن أدهم، وأرطأة بن المنذر، والمنهال بن خليفة،
وورقاء بن عمر.
وعنه: محمد بن عيسى بن الطباع، والمسيب بن وضاح، وأبو الطاهر بن السرح،
ويعقوب بن كعب الأنطاكي.
__________
1 الجرح والتعديل "2/ 274"، التهذيب "1/ 356".
2 الجرح والتعديل "2/ 274"، والتهذيب "1/ 356".
3 الجرح والتعديل "2/ 272، 273"، التهذيب "1/ 354".
(13/63)
قال أبو زرعة: لين.
وذكره ابن حبان في الثقات.
32- أمية بن خالد القيسي1 -م. د. ن.
أبو عبد الله، أخو هدبة. بصري، ثبت.
روى عن: شُعْبَة، والثَّوْريّ، وأبي الجارية العبْديّ، وطائفة.
وعنه: أبو حفص الفلاس، وبُنْدار، ومحمد بْن مُثَنَّى، وطبقتهم.
وثّقه أبو حاتم.
مات في آخر سنة مائتين عَلَى الصحيح.
قَالَ الأثرم: سَمِعْتُ أبا عَبْد الله يُسأل عَنْ أُمَيَّة بْن خَالِد
فلم أره يحمده في الحديث وقال: إنّما كَانَ يحدَّث مِن حِفْظه ولا
يُخْرِج.
33- أنس بن عياض الليثي2 -ع.
أبو ضمرة المدني، بقيّة المُسْنِدين الثَّقات.
ولد سنة أربعٍ ومائة.
وروى عَنْ: شَريك بْن أَبِي نَمِر، وَسُهَيْلِ بْن أَبِي صالح، وهشام
بْن عُرْوة، وأبي خازم الأعرج، وربيعة الرأي، وصَفْوان بْن سُلَيْم،
وطبقتهم مِن صغار التّابعين.
وعنه: أحمد بْن حنبل، وابن المَدِينيّ، وأحمد بْن صالح، ومحمد بْن
عَبْد الله بْن عَبْد الحَكَم، وخلْق كثير.
وروى عَنْهُ مِن أقرانه بقيّة بْن الوليد.
قَالَ أبو زُرعة، والنَّسَائيّ: لا بأس بِهِ.
وقَالَ يُونُس بْن عَبْد الأعلى: ما رَأَيْت أحدًا أحسنَ خُلُقًا من
أَبِي ضَمْرة، ولا أسمح بِعلْمه منه. قَالَ لنا: والله لو تهيّأ لي أن
أحدّثكم بكلّ ما عندي في مجلس لفعلت.
__________
1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 302"، والتهذيب "1/ 370".
2 الجرح والتعديل "2/ 289"، والتهذيب "9/ 375، 376".
(13/64)
قلت: مات سنة مائتين، وله ستٌّ وتسعون سنة.
34- أوس بْن عَبْد الله بْن بُريدة بْن الحُصَيْب الأسلميّ
المَرْوَزِيّ1.
روى عَنْ: أخيه سهيل، والحسين بْن واقد. ولم يدرك أَبَاهُ، لعلّه مات
وأوس حَمْل.
روى عَنْهُ: سليمان بْن عُبَيْد الله، ومحمد بْن مقاتل، والحسين بْن
حُرَيْث المَرْوَزِيُّون.
قَالَ أبو حاتم: سألنا المَرَاوِزة عَنْهُ فعرفوه وقالوا: تَقَادَمَ
موتُه.
35- أوس بْن عَبْد الله السَّلُوليّ البصْريّ2.
عَنْ: بُرَيْد بْن أَبِي مريم.
وَعَنْهُ: مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ،
ومُسَدّد، وغيرهم.
وهو قديم الوفاة.
36- أيّوب بْن تميم، أبو سليمان التّميميّ الدّمشقيّ3.
مقرئ أهل الشام.
قرأ عَلَى: يحيى الذَّماريّ، وأبي عَبْد المُلْك الذَّماريّ.
تلا عَليْهِ: ابن ذَكْوان، والوليد بْن عُتْبة.
وحمل عَنْهُ الحروف: أبو مُسْهٍر، وهشام بْن عمّار.
وقد روى الحديث عَنْ: الأوزاعيّ، وعثمان بْن أَبِي العاتكة، وغيرهما.
حدَّث عَنْه: هشام، ودُحَيْم، وآخرون.
وهو ثقة، في الحديث والقراءة.
مات بعد التّسعين ومائة.
__________
1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 305، 306"، والميزان "1/ 278".
2 الجرح والتعديل "2/ 350"، والثقات لابن حبان "6/ 73".
3 الجرح والتعديل "1/ 205"، والثقات لابن حبان "6/ 59".
(13/65)
37- أيّوب بْن حسّان الْجُرشيّ الدّمشقيّ1.
أبو حسّان.
عَنْ: هشام بْن عُرْوة، ويونس بْن يزيد، والأوزاعي، وثور بْن يزيد،
وطائفة.
وعنه: هشام بْن عمّار، ودُحَيْم، وسليمان الشُّرَحْبيليّ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعة الدّمشقيّ: مقارِب.
38- أيّوب بْن المتوكّل البصْريّ الصَّيْدلانيّ2.
المقرئ الإِمَام.
سَمِعَ: فَضَيْلَ بْن سليمان، وطبقته.
وتلا عَلَى: الكِسائيّ، وعلى: سلام الطّويل، وحُسين الْجُعْفيّ. واختار
لنفسه مَقْرءًا.
روى عَنْهُ: عليّ بْن المَدِينيّ، ويحيى بْن مَعِين، ومحمد بْن يحيى
القُطَعيّ.
وَأَجَلُّ مِن تلا عَليْهِ القُطَعيّ.
قَالَ ابن المَدِينيّ: نا أيّوب بْن المتوكّل، عَنْ عَبْد الرَّحْمَن
بْن مهديّ قَالَ: لا يكون إمامًا مِن أخذ بالشاذّ مِن العِلْم، ولا مِن
روى عَنْ كلّ أحد، ولا مِن روى كلّ ما سمِع.
ويقال: إنّ يعقوبَ الحضرميّ وقف عَلَى قبر أيّوب لما دُفِن، وقال:
يرحمك الله يا أيّوب، ما تركتَ خَلَفًا أعلم بكتاب الله منك.
وعن أيّوب قَالَ: ما غلبتُ يعقوبَ إلا بالأثر.
وقال إسحاق بْن إبراهيم الشهيديّ: دخلت الكوفة فأتيتُ ابنَ إدريس
الأَوْديّ، فأوّل ما سألني عَنْ أيّوب، ما فعل أيّوب؟ قلت: بخير،
قَالَ: يُقرئ؟ قلت: نعم! قال: ذاك أقرأ الناس.
__________
1 الجرح والتعديل "2/ 244".
2 انظر: الجرح والتعديل "2/ 459"، وتاريخ بغداد "7/ 7، 8".
(13/66)
وقال أحمد بْن سِنان القطّان: سَمِعْتُ
أيّوب بْن المتوكّل يَقُولُ: قرأت عَلَى يحيى القطّان، وطلب منّي كتاب
الحروف، فسمِعه منه.
قَالَ أبو حاتم السّجسْتانيّ: أيّوب بْن المتوكّل مِن أقرأ القرّاء
وأرواهم للآثار في القرآن.
قلت: وثّقه ابن المَدِينيّ.
ومات سنة مائتين كهْلا.
39- أيّوب بْن واصل البصْريّ1.
سَمِعَ: ابن عَوْن.
وعنه: إبراهيم بن المنذر، وعَبْد اللَّه بْن محمد المسِنديّ، ومحمد بْن
أسد الخشنيّ، وجماعة.
وهو قليل الحديث.
قَالَ أبو حاتم: يكتب حديثه.
40- أيوب بن واقد الكوفي2 -ت.
أبو الحسن، ويقال أبو سهل.
سكن البصرة وحدَّث عَنْ: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ
عَمْرٍو، وعثمان بْن حكيم.
وعنه: بِشْر بْن مُعَاذ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ
الْمُقَدَّمِيُّ، وَدَاهِرُ بْنُ نوح، وجماعة.
قَالَ أحمد: ضعيف الحديث.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ لا يُتابع عَليْهِ.
"حرف الباء":
41- بشّار بْن قيراط.
__________
1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 261"، والميزان "1/ 259".
2 الجرح والتعديل "2/ 260"، والميزان "1/ 259".
(13/67)
أبو نُعَيْم النَّيْسابوريّ نزيل الرَّيّ1.
وهو أخو حمّاد بْن قيراط.
روى عَنْ: هشام بْن حسّان، وابن جُرَيج، وبكر بن معروف، والثوري، وجعفر
بن محمد، وشعبة، وطبقتهم.
وعنه: عبد الله بن الوليد بن مهران، وعمرو بن رافع القزويني، ونوح بن
أنس.
قال أبو حاتم: لا يُحْتَجّ بِهِ.
وقال أبو زُرعة: يكذب، وأخوه حمّاد صَدُوق.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هُوَ إِلَى الضَّعْفِ أَقْرَبُ.
42- بَزِيع بْن حسّان.
أبو الخليل البصْريّ الخصّاف2.
عَنْ: الأعمش، وهشام بْن عُرْوة، وثابت البُنانيّ.
وعنه: عَبْد الرَّحْمَن بْن المبارك، وأزهر بْن جميل، ومحمد بْن بكّار،
ويحيى بْن سَعِيد العطّار، ومحمد بْن صدران.
وهو متروك، اتهمه ابن حيان، وغيره، أتى بعجائب لا تُحتَمل.
34- بِشْر بْن إبراهيم الأنصاريّ المفلوج3.
عَنْ: ثور بْن يزيد، والأوزاعي، وأبي مُرَّة الرّقاشيّ، ومبارك بْن
فَضَالَةَ.
وعنه: داهر بْن نوح، وعبد الله بْن يوسف الْجُبيريّ، ويوسف بْن بحر،
ومحمد بْن عبد الله بن بزيع، وجماعة.
ضعفه أبو حاتم، وغيره، وقال ابن عَدِيّ: هُوَ عندي ممّن يضع الحديث.
44- بِشْر بْن الحَسَن -ن.
أبو مالك البصري4، أخو حسين بن الحسن.
__________
1 الجرح والتعديل "2/ 417"، والميزان "1/ 310".
2 انظر: الجرح والتعديل "2/ 421"، والميزان "1/ 306".
3 الجرح والتعديل "2/ 351"، والميزان "1/ 311".
4 الجرح والتعديل "2/ 355"، والتهذيب "1/ 447".
(13/68)
عَنْ: ابن عَوْن، وأشعث بْن سوار، وابن
جرَيْج.
وعنه: عُمَر بْن شُعْبَة، وهارون الحمّال، وعثمان بْن أَبِي صفْوان،
ومحمد بْن عَبْد الله المخرميّ.
قَالَ هارون الحمّال: ثقة ثقة.
وقيل: كَانَ يحافظ عَلَى الصّفّ الأوّل خمسين سنة بجامع البصرة.
45- بشر بن السري -ع.
أبو عمرو البصري الواعظ العابد الملقَّب بالأَفْوَه1.
نزيل مكّة، سَمِعَ: مِسْعَرا، والثَّوْريّ، وزائدة، ومالكًا، وحمّاد
بْن سَلَمَةَ، وطائفة.
وعنه: أحمد بْن حنبل، وابن المَدِينيّ، والفلاس.
قَالَ أحمد بْن حنبل: كَانَ متقنًا للحديث عَجَبًا.
وقال أبو حاتم: ثَبْتُ صالح.
وقال يحيى بْن مَعِين: ثقة.
وقال ابن عدي: يقع في حديثه ما ينكر، وهو في نفسه لا بأس بِهِ.
وقال العُقَيْليّ: هُوَ في الحديث مستقيم.
حَدَّثَنَا أحمد الأبّار، نا عوّام قَالَ: قَالَ الحُمَيْديّ: كَانَ
بِشْر بْن السَّريّ جَهْميًا2، لا يحلّ أن يُكْتَب حديثه.
قلت: قد صحّ رجوعه عَنِ التجهُّم.
حَدَّثَنَا جعفر الفِرْيابيّ، ثنا أحمد بْن محمد المقدمي، ثنا سليمان
بْن حرب قَالَ: سَأَلَ بِشْر بْن السَّريّ حمّادَ بْن زيد فقال: الحديث
الَّذِي جاء أنّ الله ينزل إلى سماء الدنيا يتجوّل مِن مكان إلى مكان؛
فسكت حمّاد ثمّ قَالَ: هُوَ في مكانه يقربُ مِن خلقة كيف شاء.
__________
1 الجرح والتعديل "2/ 358"، والتهذيب "1/ 450".
2 الجهمية: إحدى الفرق الضالة وهي تنفي صفات الله تعالى.
(13/69)
قلت: كَانَ مِن حمّاد أن يزجر السائل
ويقول: الله ورسولُه أعلم، فإنّ الخوض في هذا لا ينبغي، بل تمرّ
الأحاديث كما جاءت ولا يُعترض عليها.
وقال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: سَمِعْتُ أَبِي
يَقُولُ: بِشْر بْن السَّريّ تكلّم بمكّة بشيء، فوثب عَليْهِ ابن
الحارث بْن عُمَير، يعني حمزة؛ فلقد ذُلّ بمكّة حتى جاء فجلس إلينا
ممّا أصابه مِن الذُّلِّ.
قَالَ عَبْد الله: يعني تكلّم في القرآن.
ثمّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: كَانَ الثَّوْريّ يستقله. قلتُ:
لِمَ؟ قَالَ: سأله عَنْ شيء، يعني عَنْ أطفال المشركين، فقال لَهُ
سُفْيان: ما أنت وذا يا صَبي؟ قلت: مات في سنة خمسٍ وتسعين ومائة، أو
سنة ستٌّ.
46- بِشْر بْن سَلْم بْن المسيّب البَجَليّ1.
كوفيّ، روى عَنْ: إسماعيل بْن خَالِد، ومِسْعَر.
وعنه: ابنه الحسن، وأحمد بن إبراهيم الدورقي.
قال أحمد بن حنبل: قد رأيته ولم أسمع منه.
47- بشر بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز بْن مروان
الأموي2.
روى عَنْ: عمّه عَبْد العزيز بْن عُمَر.
وعنه: محمد بْن معاوية الأنماطيّ، ويحيى بْن مَعِين.
وقال يحيى: لا بأس بِهِ.
48- بقيّة بْن الوليد بْن صائد3 -م. أ.
الحافظ، أبو يُحْمِد الكَلاعيّ الحِمْيَريّ الميْتميّ الحمصيّ. أحد
أعلام الحديث.
روى عَنْ: محمد بْن زياد الأَلْهانيّ، وبَحير بْن سعْد، وثور بْن يزيد،
وعبد الله بْن عُمَر، والزُّبَيْديّ، والأوزاعيّ، وابن جُرَيج، وصَفوان
بْن عَمرو، ويونس بْن
__________
1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 358"، وتاريخ بغداد "7/ 54".
2 انظر: التاريخ الكبير "2/ 77"، والجرح والتعديل "2/ 361".
3 الجرح والتعديل "2/ 434-436"، والسير "8/ 455، 469".
(13/70)
يزيد، وخلْق لا يُحصَون، تسعة أعشارهم
عامّة مجهولون.
وعنه: مِن شيوخه: الأوزاعي، وشُعْبَة.
ومن أقرانه: ابن المبارك، والوليد بْن مُسْلِم، وإسماعيل بْن عيّاش،
وطائفة.
وأبو مُسْهٍر، وحَيوة بْن شُرَيْح، وهشام بْن عمّار، ومحمد بْن
مُصَفَّى، وداوود بْن رُشَيْد، وكثير بْن عُبَيْد، وعَمْرو بْن عفّان،
وأبو عُتبة أحمد بْن الفَرَج الحجازيّ، وخلْق، فالحجازي آخرُهم موتًا.
قَالَ يحيى بْن مَعِين، وأبو زُرْعة، وغيرها: إذا روى عَنْ ثقة فهو ثقة
حُجّة.
وقال ابن المبارك: أعياني بقيّة، يسمّي الكَنى ويكنّي الأسامي.
وقال أبو حاتم: سَأَلت أبا مُسْهٍر عَنْ حديثٍ لبقيّة فقال:
احذَرْ حديثَ بقيّةْ
...
وكن منها عَلَى تقيّهْ
فإنّها غير نقيّهْ
وقال النَّسَائيّ: إذا قَالَ: ثنا وحَدَّثَنَا فهو ثقة، وإن قَالَ:
عَنْ، فلا. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ، عَنِ الْقَاسِمِ
الصَّفَّارِ، أَنَا هِبَةُ الرَّحْمَنِ القشيري، أنا عبد الحميد
البحتري، نَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْحَسَنِ، نَا أَبُو عَوَانَةَ،
ثَنَا عَطِيَّةُ بْنُ بَقِيَّةَ، وَسَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو
السَّكُونِيُّ، وَأَبُو عُتْبَةَ قَالُوا: ثَنَا بَقِيَّةُ، نا
الزُّبَيْدِيُّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "مَنْ دُعِيَ إِلَى عُرْسٍ
أَوْ نَحْوِهِ فَلْيُجِبْ" 1. خرجه مُسْلِمٌ، عَنْ إِسْحَاقَ، عَنْ
عِيسَى بْنِ الْمُنْذِرِ، عَنْ بَقِيَّةَ، وَلَيْسَ لَهُ فِي
الصَّحِيحِ عَنْ بَقِيَّةَ سِوَاهُ.
قَالَ يزيد بْن عَبْد ربّه: سَمِعْتُ بقيّة يَقُولُ: وُلدت سنة عشر
ومائة.
قَالَ ابن مَعِين: كَانَ شُعْبَة مبجَّلا لبقيّة حيث قِدم عَليْهِ.
وقال حَيوة بْن شُرَيْح: سَمِعْتُ بقيّة يَقُولُ: لما قرأت عليّ
شُعْبَة نسخة بَحير بْن سعْد، قَالَ لي: يا أبا يُحْمِد، لو لم أسمع
هذا منك لطرْت.
وقال زكريّا بْن عَدِيّ: قَالَ لنا أبو إِسْحَاق الفَزَاريّ: خُذوا
عَنْ بقيّة ما حدَّث عَنِ الثَّقات، ولا تأخذوا عَنْ إسماعيل بْن عيّاش
ما حدَّث عَنِ الثقات وغير الثقات.
__________
1 "حديث صحيح": أخرجه مسلم "1429"، وابن عساكر "3/ 276"، "3/ 288"،
"10/ 196"، كما في تهذيب تاريخ دمشق.
(13/71)
إبراهيم بْن موسى الفرّاء، عَنْ رباح، عَنِ
ابن المبارك، قَالَ: إذا اجتمع بقيّة وإسماعيل بْن عيّاش فبقيّة أحبّ
إليّ.
ورواه سُفْيان بْن عَبْد المُلْك، عَنِ ابن المبارك، وقال: كَانَ صدوق
الّلسان، ولكن يأخذ عمّن أقبل وأدبر.
وعن ابن المبارك: نعم الرجل بقيّة، لولا أنّه يُكنيّ الأسامي ويُسميّ
الكنَى. كَانَ دهْرًا يحدّثنا عَنْ أَبِي سَعِيد الوحاظيّ فنظرنا فإذا
هُوَ عَبْد القُدُّوس.
وقال أحمد بْن حنبل: بقية أحبّ إليّ مِن إسماعيل، وإذا حدّث عَنِ
المجهولين فلا تقبلوه.
وقال أحمد، روى بقيّة عَنْ عُبَيْد الله مناكير.
عثمان الدارميّ، عَنِ ابن مَعِين: بقيّة ثقة. قلت لَهُ: هُوَ أحبّ إليك
أو محمد بْن حرب؟ فقال: ثقة وثقة.
وقال أحمد العِجليّ، ويعقوب بْن شَيْبة: بقيّة ثقة عَنِ المعروفين.
وقال أبو إسحاق الجوزجاني: رحم اله بقيّة، ما كَانَ يبالي إذا وجد
خُرافة عمّن يأخذه. فإذا حدَّث عن الثقات فلا بأس.
قلت: شرط أن يصرّح بالإخبار ولا يَقُولُ: عَنْ فلان. فإنّه قد دلّس
عَنِ ابن جُرَيج، وعن الأوزاعي بطامّات.
وقال ابن عَدِيّ: ولبقيّة حديث صالح، وفي بعض رواياته يخالف الثقات.
وإذا روى عَنْ أهل الشام فهو ثَبْت، وإذا روى عَنْ غيرهم خلّط كإسماعيل
بْن عيّاش.
وقال أحمد بْن الحَسَن التَّرْمِذيّ، عَنْ أحمد بْن حنبل: لبقيّة
مناكير عَنِ الثقات.
وقال حجّاج بْن الشّاعر: سُئِل ابن عُيَيْنَة عَنْ حديثٍ مِن هذه
المُلَح، فقال: أبو العَجَب: أَنَا، أبَقيّةُ بنُ الوليد أَنَا!؟.
وقال ابن خُزَيْمَة: لا احتجّ ببقيّة.
قلت: وكان في بقيّة دُعابه وحُسن خلق.
قال أبو التقي اليزني: سمعت بقية ما يَقُولُ: ما أرحمني ليوم الثلاثاء
ما يصومه أحد.
(13/72)
وقال بركة بْن محمد الحلبي: كنّا عند بقيّة
في غُرْفة، فسمع الناس يقولون: لا لا، فأخرج رأسه مِن الطاقة وجعل يصيح
معهم: لا لا؛ فقلنا: يا أبا يُحمد، سبحان الله أنت إمام يُقتدَى بك.
قَالَ: أُسْكُتْ هذه سُنّة بلدنا.
وعن قَثَم بْن أَبِي قَتَادة قَالَ: سَمِعْتُ مِن يسأل بقيّة: كيف
يُقال للعروس إذا دخلت عَلَى زوجها؟ قَالَ: ما زلنا نسمع عجائز الحيّ
يقُلْن: ادخلي رجْلَك اليمني عَلَى المال والبنين.
وقال عطيّة بْن بقيّة: قَالَ أَبِي: دخلت على الرشيد، فقال لي: يا
بقيّة إنّي لأُحبّك؛ فقلت: ولأهل بلدي؟ قَالَ: لا، إنهم جُنْد سَوْءٍ،
لهم كذا وكذا غَدْرَة. ثمّ قَالَ: حَدَّثَنِي، فَقُلْتُ: ثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الأَلْهَانِيُّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَا سَابِقُ
الْعَرَبِ إِلَى الْجَنَّةِ، وَسَلْمَانُ سَابِقُ الْفُرْسِ،
وَصُهَيْبٌ سَابِقُ الرُّومِ، وَبِلالٌ سَابِقُ الْحَبَشَةِ"1.
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ
مَرْفُوعًا: "وَعَدَنِي رَبِّي أَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي
سَبْعِينَ أَلْفًا، مَعَ كُلِّ أَلْفٍ سَبْعِينَ أَلْفًا، وَثَلاثَ
حَثَيَاتٍ مِنْ حَثَيَاتِ رَبِّي" 2.
قَالَ: فامتلأ مِن ذَلِكَ فرحًا وقال: يا غلام ناولني الدَّوَاة. وكان
القيّم بأمره الفضل بْن الربيع ومرتبته بُعَيْدَة، فناداني وقال: يا
بقيّة ناوِلْ أمير المؤمنين الدَّواة بجانبك.
قلت: ناوِلْه أنت يا هامان.
فقال: سَمِعْتُ ما قَالَ لي يا أمير المؤمنين؟ قَالَ: اسكتْ، فما كنت
عنده هامان حتّى أكون عنده فرعون.
__________
1 "حديث ضعيف": أخرجه الطبراني "8/ 131" في الكبير، و"1/ 104" في
الصغير، وعبد الرزاق "20432" في مصنفه، والطبري "22/ 66"، في تفسيره،
وابن سعد "1/ 1/ 2"، في الطبقات الكبرى، وأبو نعيم "1/ 49" في تاريخ
أصفهان.
2 "حديث صحيح": أخرجه الترمذي "2437"، وابن ماجه "4286"، وابن أبي شيبة
"11/ 471"، وابن أبي عاصم "1/ 261"، والطبراني "7250" في الكبير.
(13/73)
قَالَ يعقوب الفَسَويّ: بقيّة يّذْكَر
بحِفْظ، إلا أنه يشتهي الملح والطرائف فيروي عن الضفعاء.
وروى عَبْد الرَّحْمَن بن الحَكَم بْن بشير، عَنْ وكيع قَالَ: ما
سَمِعْتُ أحدًا أجرأ عَلَى أَنْ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِن بقيّة.
قُلْتُ: قَدْ خَرَّجَ لَهُ مُسْلِمٌ حَدِيثًا تُوبِعَ فِيهِ،
وَاسْتَشْهَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ، وَلَهُ نُسْخَةٌ عَنِ ابْنِ
جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْهَا: "تَرِّبُوا
الْكِتَابَ"1.
وَمِنْهَا: "مَنْ أَدْمَنَ عَلَى حَاجِبِهِ الْمُشْطَ عوفي من
الوباء"2.
ومنها: "إذ جَامَعَ أَحَدُكُمْ زَوْجَتَهُ فَلا يَنْظُرْ إِلَى
فَرْجِهَا، فَإِنَّهُ يُورِثُ الْعَمَى"3.
قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: وَهَذِهِ النسخة كلها موضوعة. يشبه أن يكطون
بَقِيَّةُ سَمعِهَا مِنْ إِنْسَانٍ ضَعِيفٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ،
فَدَلَّسَ عَنْهُ.
وقال أبو حاتم: لا يُحْتَجّ ببقيّة.
قَالَ يزيد بْن عَبْد ربّه، وأحمد، وأبو عُبَيْد، وخليفة، وابن
مُصَفَّى، وابن سعْد: تُوُفّي سنة سبْعٍ وتسعين ومائة.
وقال الوليد بن عبتة: سنة ستٌّ، وقيل: سنة ثمانٍ.
49- بكّار بْن عَبْد اللَّه بْن مُصْعَب بْنُ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْن العوّام الأسَديّ4.
الأمير أبو بَكْر، وُلّي المدينةَ للرشيد اثنتي عشرة سنة وأشهُرًا.
وكان بِهِ مُعْجَبًا وعنده وجيهًا. أخرج عَلَى يديه أعطية جليلة ضخمة
لأهل المدينة في ثلاث مرّات، مجموع ذَلِكَ ألف ألف دينار ومائتا ألف
دينار.
وكان يكتب إليه: من عبد الله بن هارون، إلى أَبِي بَكْر بْن عبد الله.
ذكر هذا ولده الزبير بن بكار.
__________
1 "حديث ضعيف": أخرجه ابن ماجه "3774"، وابن أبي شيبة "9/ 33"، و"9/
34" في مصنفه.
2 "حديث موضوع": أخرجه ابن الجوزي "3/ 54" في الموضوعات، وابن حبان "1/
202" في المجروحين.
3 "حديث موضوع": أخرجه ابن عدي "2/ 507"، وابن حبان "1/ 202" في
المجروحين.
4 انظر: وفيات الأعيان "6/ 37".
(13/74)
ثم قال: وكن جوادًا ممدّحًا. قويّ الولاية،
متفقَّدًا لمصالح العوامّ، شديدا عَلَى المُبْتَدعَة. أمِنَت أعمالُ
المدينة في أيامه.
مات سنة خمسٍ وتسعين ومائة.
وقد طَوّل الزُّبَيْر ترجمة أَبِيه وبالَغَ فيه.
50- بكّار بْن عَبْد الله بْن عُبَيْدة الرَّبَذيّ1.
عَنْ: عمّه موسى بْن عُبَيْدة.
وعنه: أبو جعفر بْن نُفَيْلٍ، ومحمد بْن مِهْران الحمّال، وحفص بْن
عُمَر الْجَنَدِيّ، وأبو حُصَين الرّازيّ.
ذكره ابن أَبِي حاتم.
51- بَكْر بْن سليمان. أبو يحيى البصْريّ2.
عَنْ: ابن إسحاق، وغيره.
وعنه: خليفة بْن خيّاط، وشهاب بْن معمّر، ومحمد بْن عبّاد
الْهُذَلِيِّ.
قَالَ الْبُخَارِيّ: معروف.
وقال أبو حاتم: مجهول.
52- بَكْر بْن سُلَيْم الصّوافّ الطّائفيّ ثمّ المدنيّ3 -ق.
عَنْ: زيد بْن أسلم، وربيعة بْن أَبِي عَبْد الرَّحْمَن، وأبي طَوَالة،
وسُهيل، وابن المُنْكَدِر، وأبي صخر حُمَيْد بْن زياد.
وعنه: إسحاق الخَطْميّ، وإبراهيم بْن المنذر الحزاميّ، وأبو الطّاهر
أحمد بْن السرْح، وآخرون.
وعُمَّر دهرًا.
قَالَ أبو حاتم: يُكَتب حديثه.
__________
1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 409"، والميزان "1/ 341".
2 الجرح والتعديل "2/ 387"، والميزان "1/ 345".
3 الجرح والتعديل "2/ 386"، والميزان "1/ 345".
(13/75)
وذكره ابن حبان في الثقات.
وقال ابن عدي: ضعيف ينفرد بما لا يتباع عَليْهِ.
53- بَكْر بْن الشَّرُود.
وهو بَكْر بْن عَبْد الله بْن الشَّرُود الصّنعانيّ1.
عَنْ: مَعْمَر، وسفيان الثوري، ومالك، وعبد الله بن عمرو العُمريّ،
ويحيى بْن مالك بْن أنس، وغيرهم.
وعنه: محمد بن السري العسقلاني، وميون بْن الحَكَم، ومحمد بْن يحيى بْن
جَميل، وَآخَرُونَ.
قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ.
وَقَالَ النسائي، وغيره: ضعيف.
وقال ابن حِبّان: يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل.
54- بَكْر بْن يزيد الحمصيّ الطّويل2.
سكن بغداد، وحدّث عَنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ،
وأبي بَكْر بْن أَبِي مريم.
وعنه: عليّ بْن المَدِينيّ، وأحمد بْن حنبل، وأبو سَعِيد الأشج. صالح
الحديث.
55- بَكْر بْن النّطّاح.
أبو وائل الحنفيّ البصْريّ3.
شاعر بديع القول، مدح الرشيد، وغيره.
ولما تُوُفّي رثاه أبو العَتَاهية بأبيات.
56- بَكْر بْن يونس بْن بُكَير بن واصل الشيباني الكوفي4 -ت. ق.
__________
1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 388"، والميزان "1/ 346".
2 الجرح والتعديل "2/ 394"، والثقات لابن حبان "8/ 146".
3 تاريخ بغداد "7/ 90"، معجم الأدباء "3/ 92".
4 الجرح والتعديل "2/ 393"، والتهذيب "1/ 488".
(13/76)
عَنْ: موسى بْن عليّ بْن رباح، وعبد الله
بْن لَهِيعة.
وعنه: أبو كُرَيْب، وعُبَيْد بْن يَعِيش.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ لا يُتابع عَليْهِ.
57- بَهْز بْن أسد -ع.
أبو الأسود العمي البصري، أخو مُعَلَّى بْن أسد.
ثقة مشهور.
يروى عَنْ: شُعْبَة، ويزيد بْن إبراهيم التُّسْتَرِيّ، وأبي بَكْر بْن
النَّسَائيّ.
وعنه: أحمد بْن حنبل، وبُنْدار، وأحمد بْن سِنان، وعبد الرَّحْمَن بْن
هاشم الطُّوسيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن بِشْر العبْديّ، وآخرون.
قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن بِشْر: ما رَأَيْت رجلا خيرًا منه.
يقال: مات سنة سبع وتسعين ومائة.
"حرف التاء":
85- تَلِيد بْن سليمان المُحَاربيّ الكوفي2 -ن.
عن: أبي الجحاف داوود، وعبد المُلْك بْن عُمَير، وعطاء بْن السّائب،
وجماعة.
وعنه: أحمد بْن حنبل، وإسحاق بْن موسى، وابن نُمير، وأبو سَعِيد
الأشجّ. قَالَ: أحمد بْن حنبل: كَانَ مذهبه التشيّع، ولم نر به بأسًا.
وقال داوود وغيره: رافضي خبيث.
وقال يحيى بْن مَعِين: قَعَد مَعَ مولى لعثمان -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ،
فتذاكروا أمر عثمان، فتناوله تَلِيد، فقام إليه المولى فرماه مِن أعلى
سطحٍ، فانكسرت رِجْلُه، فكان يمشي عَلَى عصا.
وكان مقيمًا ببغداد. سَمِعْتُ منه وليس بشيء.
__________
1 الجرح والتعديل "2/ 431"، والميزان "1/ 353".
2 انظر: الجرح والتعديل "2/ 447"، والميزان "1/ 358".
(13/77)
وكذا ضعّفه ابن عَدِيّ.
وكذّبه الْجَوْزَجانيّ.
"حرف الجيم":
59- الجراج بن مليح ن. ت.
أبو عبد الرحمن البهراني الحمصي1.
عن: الزبيدي، وحجاد بْن أرطأة، وبكر بْن زُرْعة، وغيرهم.
وعنه: الحَسَن بْن خُمَير الحَرازيّ، وهشام بْن عمّار، وسليمان ابن
بِنْت شُرَحْبِيل، وموسى بْن أيّوب النَّصيبيّ، وَغَيْرُهُمْ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ.
وَقَالَ ابن مَعِين: لا أعرفه.
وقوّاه النَّسَائيّ.
"حرف الحاء":
60- الحارث بْن مرّة بْن مُجّاعة الحنفي اليماني2 -د.
أبو مرة.
قدِم بغداد، وحدَّث عَنْ: كُلَيْب بْن منفعة، ويزيد الرقاشيّ، وجماعة
فيهم نَكارة وجَهَالة.
وعنه: ابن المَدِينيّ، وأحمد، ونصر بْن عليّ، ويعقوب الدَّوْرقيّ،
ويحيى بْن أكثم، وَآخَرُونَ.
قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
قلت: روى لَهُ أبو داود حديثًا عَنْ كُلَيب، عَنْ جَدّه.
__________
1 الجرح والتعديل "2/ 523، 524"، والميزان "1/ 390".
2 انظر: الجرح والتعديل "3/ 90"، والتهذيب "2/ 156".
(13/78)
61- الحارث بْن عُبَيْدة.
أبو وهْب الكَلاعيّ الحمصيّ1، قاضي حمص.
روى عَنْ: هشام بْن عُرْوة، ومحمد بْن الوليد الزُّبَيْديّ، وسعيد بن
غزوان، والعلاء بن عتبة، وإسنماعيل بن رافع، وغيرهم.
وعنه: يزيد بن عبد ربه، وعبد الله بن الجبار الخبايري، وعمرو بن عثمان،
وآخرون.
وَقِيلَ أَنَّهُ رَوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ
خُثَيْمٍ. وقد فرق بينه وبين صاحب ابن خثيم أبو عَبْد الله
الْبُخَارِيّ.
وقال أبو حاتم: هما واحد.
قَالَ: وليس بالقويّ.
وقال الدّارَقُطْنيّ: ضعيف.
62- حَجَّاج بْن سليمان الرُّعَيْنيّ2.
أبو الأزهر الْمَصْرِيّ. ويُعرف بابن القَمْريّ.
روى عَنْ: حَرْملة بْن عِمران، وَاللَّيْثِ، ومالك، وابن لَهِيعَة.
وعنه: محمد بن سلمة المرادي، وغيره.
قال ابن يونس: في حديثه خطأ ومناكير.
توفي فجأة على حماره سنة سبع وتسعين ومائة.
63- حجاج بن سليمان الحضرمي المصري3.
أبو الأسود.
روى أيضا عَنْ: اللَّيْثُ، ومالك، وغيرهما.
وعنه: ابنه محمد.
__________
1 الجرح والتعديل "3/ 81، 82"، والميزان "1/ 438".
2 انظر: الجرح والتعديل "3/ 162"، والميزان "1/ 462، 463".
3 من علماء مصر الأفاضل، انظر "حسن المحاضرة" للسيوطي.
(13/79)
64- حُذيفة المَرْعشيّ1.
الزّاهد القُدْوَة، صاحب سُفْيان الثَّوْريّ.
سيأتي بعد المائتين.
65- الحسن بن حيب بن ندبة2 -ن.
أبو سعد البصري.
عَنْ: زكريّا بْن أَبِي زائدة، وأبي خَلْدة خَالِد بْن دينار، وهشام
بْن عُروة، وجماعة.
وعنه: يعقوب الدَّوْرقيّ، ومحمد بْن الْمُثَنَّى، وعليّ بْن الحسين
الدَّرْهميّ، وجماعة.
قَالَ أحمد: ما بِهِ بأس.
قلت: تُوُفّي سنة سبْعٍ وتسعين ومائة.
66- الحَسَن بْن عليّ بْن عاصم بْن صُهَيْب الواسطيّ3.
مات قبل والده، وقد أدرك التّابعين.
وروى عَنْ: أيمن بْن نابل، وعن الأوزاعيّ.
روى عنه: أخوه عاصم بن علي، وأحمد بن حنبل.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَرْجُو أَنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ.
67- الحَسَن بْن محمد البلْخيّ4.
الفقيه أبو محمد، قاضي مَرْو.
متروك الحديث.
روى عَنْ: حُمَيْد الطويل، وعوف الأعرابيّ، وهشام بن حسان.
__________
1 ستأتي الترجمة له.
2 الجرح والتعديل "3/ 8"، والميزان "1/ 261".
3 تاريخ بغداد "7/ 363"، والميزان "1/ 504".
4 انظر: الجرح والتعديل "3/ 35"، والميزان "1/ 519، 520".
(13/80)
وعنه: وراث بن الفضل، وإبراهيم بْن مهديّ،
وأحمد بْن عَبْد الله الفِرْيانانيّ. وغيرهم.
قَالَ ابن عَدِيّ: كل أحاديثه مناكير.
- الحَسَن بْن هانئ.
أبو نُوَاس، في الكنى.
68- الحَسَن بْن يحيى الخُشَنيّ الدّمشقيّ الغُوطيّ البَلاطيّ1.
أبو عبد المُلْك.
عَنْ: زيد بْن واقد وهشام بْن عُرْوة، وابن جُرَيج، وعمر بْن قيس،
والأوزاعي، وغيرهم.
وعنه: سليمان بن عَبْد الرَّحْمَن، وهشام بْن عمّار، والحكم بْن موسى،
وهشام بْن خَالِد الأزرق، وآخرون.
قَالَ دُحَيْم: لا بَأْسَ بِهِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ سيء الحِفْظ.
وقال النَّسَائيّ وغيره: لَيْسَ بثقة.
وقال الدّارَقُطْنيّ: متروك.
وقال ابن مَعِين: لَيْسَ بشيء.
قَالَ الْفِرْيَابِيُّ: نَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ثنا
الحسن بن يحيى، نا بِشْرُ بْنُ حَيَّانَ قَالَ: أَقْبَلَ وَاثِلَةُ
بْنُ الأَسْقَعِ حَتَّى وقَفَ عَلَيْنَا، وَنَحْنُ نَبْنِي مَسْجِدَنَا
هذا، يعني مسجد البلاط، فَقَالَ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا
بَنَى اللَّهُ له بيتًا في الجنة أفضل منه" 2.
__________
1 الجرح والتعديل "3/ 44"، والميزان "1/ 524".
2 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "1/ 122"، ومسلم "2984"، والترمذي "318"،
وابن ماجه "736".
(13/81)
69- الْحُسَيْنُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ
بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أبي طالب1 -ق.
أبو عبد الله العلوي الكوفي، أحد الأشراف النبلاء.
روى عَنْ: أَبِيه، وعن عمّه أَبِي جعفر الباقر، وإسماعيل بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وابن جُرَيج، وجعفر بْن
محمد.
وعنه: أبو مُصْعَب الزُّهْرِيّ، ونُعَيْم بْن حمّاد، وإسحاق بْن موسى
الخَطْميّ، وعبّاد بْن يعقوب، وسعيد بْن عَبْد الرَّحْمَن المخزومي.
قَالَ ابن عَدِيّ: وجدت في حديثه بعض النّكْرة، وأرجو أنّه لا بأس
بِهِ.
قلت: كَانَ شيخ الطالبيّة في عصره.
أحسبه عاش بضعًا وثمانين سنة.
70- حفص بْن نُبَيْلٍ المرْهبيّ الهمَدانيّ2 -د.
روى عَنْ: الثَّوْريّ، وزائدة، وداوود الطّائيّ.
وعنه: أبو كريب، وأحمد بن بديل، وجماعة.
محله الصدق.
71- حفص بن عبد الرحمن -ن.
الإمام أبو عمر البلخي الفقيه المشهور بالنَّيْسابوريّ3.
أحد الأعلام.
روى عَنْ: عاصم الأحول، وداوود بْن أَبِي هند، وابن عَوْن، وأبي حنيفة،
وابن أَبِي عَرُوبة، وسُفْيان الثَّوْريّ، وعيسى بْن طهمان، وإسرائيل،
وطائفة.
وعنه: الحسين بْن منصور، ومحمد بْن رافع القُشَيْريّ، وَسَلَمَةُ بْن
شبيب، ومحمد بْن عقيل الخُزاعيّ، ومحمد بْن يزيد السُّلَميّ، وإبراهيم
بْن عَبْد الله السَّعْديّ، وإسحاق بْن عَبْد الله بْن رَزِين، وعلي
بْن الحسن الذهلي، وخلق.
__________
1 انظر: الجرح والتعديل "3/ 53"، والتهذيب "2/ 339".
2 لم نقف عليه.
3 الجرح والتعديل "3/ 176"، والتهذيب "2/ 404، 405".
(13/82)
قَالَ الحاكم: كَانَ أَبُوهُ عَبْد
الرَّحْمَن بْن عمر بْن فَرُّوخ بْن فَضَالَةَ البلْخيّ قد وُلّي قضاء
نَيْسابور في أيام قُتَيْبة بْن مُسْلِم الباهليّ الأمير، وهو في
الكوفة.
وحفص هذا أفقه أصحاب أَبِي حنيفة الخُراسانيّة. وكان ولي القضاء ثمّ
ندم وأقبل عَلَى العبادة.
وكان ابن المبارك يزوره.
وقال فيه ابن المبارك: هذا اجتمع فيه الفقه، والوقار، والورع.
قَالَ الحاكم: سكّة حفص بنَيْسابور منسوبة إليه.
وكان أبو عبد الله الْبُخَارِيّ إذا قدِم نَيْسابور يحدّث في مسجده.
قلت: ثمّ ساق لَهُ الحاكم عدّة أحاديث غرائب وأفراد.
وقد احتجّ بِهِ النَّسَائيّ.
وقال أبو حاتم: مضطّرب الحديث.
قَالَ إبراهيم بْن حفص: مات أَبِي في ذي القعدة سنة تسعٍ وتسعين ومائة.
72- حفص بْن عمر.
الإمام أبو عِمران الرّازيّ الواسطيّ1، نزيل البصرة.
عَنْ: العَوّام بْن حَوْشَب، وَقُرَّةَ بْن خَالِد، وعبد الحميد بْن
جعفر، وابن المبارك.
وعنه: حفص الرَّبَاليّ، والعلاء بْن سالم الطبري.
قال أبو حاتم والدارقطني: ضعيف.
وقال الْبُخَارِيّ: يتكلّمون فيه.
قَالَ ابن عَدِيّ: لَيْسَ بِهِ حديث مُنْكَر المتن.
ومنهم مِن يفرّق بين الرّازيّ وبين الواسطي، ولا فرق.
73- حفص بن غياث بن طلق2 -ع.
__________
1 الجرح والتعديل "3/ 180، 181"، والتهذيب "2/ 413، 414".
2 انظر: الميزان "1/ 567، 568"، السير "9/ 22، 34".
(13/83)
الإمام أبو عمر النخعي القاضي. أحد
الأعلام.
مولده سنة سبْعَ عشرة ومائة.
وروى عَنْ: جَدّه طَلْق بْن معاوية، وعن عاصم الأحول، وليث بْن أَبِي
سُلَيْم، وهشام بن عروة، والأعمش، وداوود بْن أَبِي هند، وأبي إِسْحَاق
الشَّيْبانيّ، وأبن أَبِي خَالِد، وعُبَيْد الله بْن عُمَر، وخلْق
سواهم.
وعنه: ابنه عُمَر بْن حفص، وأحْمَد بْن حنبل، وإسحاق، وابن المَدِينيّ،
والحسن بْن حمّاد سَجّادة، وأبو بَكْر بْن أَبِي شيبة، وأخوه عثمان،
وعَمُرو الناقد، ومحمد بْن مُثَنَّى، ويعقوب الدَّوْرقيّ، ويحيى بْن
مَعِين، والحسن بْن عَرَفَة، وأحمد العُطارديّ، وخلْق.
وقد وُلّي قضاء الجانب الشرقيّ ببغداد، ثمّ بُعِث عَلَى قضاء الكوفة
بعد شَرِيك.
روى عَبَّاس، عَنِ ابن مَعِين: حفص أثبت مِن عَبْد الواحد بْن زياد،
وهو أثبت مِن عَبْد الله بْن إدريس.
وقال العِجْليّ، وغيره: ثقة، مأمون، فقيه.
وقال داوود بْن رُشَيد: حفص كثير الغلط.
وقال يعقوب بْن شَيْبة: هُوَ ثَبْتٌ إذا حدَّث مِن كتابه ويُتَّقَى بعض
حِفْظه.
وقال ابن عمّار: عِسرٌ في الحديث جدًّا.
روى سَعِيد بْن سعيد الجاري، عن طلْق بْن غنّام قَالَ: خرجت مَعَ حفص
بْن غِياث في زُقاق. فأتت امرَأَة حسناء. فقالت: أيها القاضي زوّجني
فإنّ إخوتي يضرّون بي. فالتفت إليّ فقال: يا طلْق اذهب فزوَّجْها إنّ
كَانَ الَّذِي يخطبها كَفُؤًا، فإن كَانَ يسكر مِن النّبيذ أو رافضيًا
فلا تزوّجْه. فإن الَّذِي يسكر يطلّق وهو لا يدري، والرافضي فالطلاق
عنده واحدة1.
وقيل: إنّ أبا يوسف القاضي قَالَ لأصحابه: تعالَوا نكتب نوادر حفص بْن
غياث في القضاء.
__________
1 تاريخ بغداد "8/ 193، 194".
(13/84)
فلمّا وردت أحكامُه عَلَى أَبِي يوسف قِيلَ
لَهُ: فأين النوادر التي زعمت؟ قَالَ: ويْحكم، إنّ حَفْصًا أراد الله
فوفّقه.
وقال أحمد بن زهير: نا محمد بْن زيد: سَمِعْتُ حفص بْن غياث قَالَ:
كُنَّا ببغداد يجيئنا أصحاب الحديث، فيقول لهم ابن إدريس: عليكم
بالشِّعْر والعربيّة. فقلت: ألا تتّقي الله؟ قوم يطلبون آثَارَ رَسُولِ
اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تأمرهم يطلبون هذا. لئن
عُدت لأسوءَنَّك1.
قَالَ بِشْر الحافي: قَالَ حفص بْن غِياث: لو رَأَيْت أني أُسُرٌ بما
أَنَا فيه لهلكت.
ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، نَا أَبِي قَالَ:
سَمِعْتُ عُمَر بْن حفص قَالَ: لما احتضر أَبِي بكيت، فقال: ما يُبكيك؟
قلت: لفراقك ولد خولك في هذا الأمر.
قَالَ: لا تبكِ، فما حللت سراويلي عَلَى حرام، ولا جلس إليّ خصمان
فباليت مِن توجّه لَهُ الحَكَم2.
قَالَ حفص: مرض أبي خمسة عشر يومًا، فردّ معي مائة درهم إلى العامل
وقال: هذه لا حظّ لي فيها، لم أحكم هذه الأيام.
قَالَ يحيى القطّان: هُوَ أوثق أصحاب الأعمش.
وقال ابن مَعِين: جميع ما حدَّث بِهِ حفص بْن غياث ببغداد وبالكوفة
إنّما هُوَ مِن حفظه، ولم يُخْرج كتابًا.
كتبوا عَنْه ثلاثة آلاف أو أربعة آلاف حديث.
وقال إبراهيم بْن مهديّ: سَمِعْتُ حفْصًا يَقُولُ لرجل يسأله عَنْ
مسائل القضاء: لعلك تريد أن تكون قاضيًا. لأن يُدخل الرجلُ إصبَعه
فيقلع عينه خيرٌ مِن أن يكون قاضيًا3.
قال أبو جعفر المسنديّ: كَانَ حفص بْن غياث مِن أسخى العرب.
وكان يَقُولُ: مِن لم يأكل طعامي لا أحدّثه.
وإذا كَانَ لَهُ يوم ضيافة لا يبقى رأس في الرواسين.
__________
1، 2 تاريخ بغداد "8/ 190".
2 السابق.
(13/85)
قَالَ الحَسَن سَجّادة: كَانَ يُقال: ختم
القُضاةَ حفصُ بْنُ غياث.
وقال حفص: والله مَا وُلِّيتُ الْقَضَاءَ حَتَّى حَلَّتْ لِيَ
الْمَيْتَةُ.
ومات وعليه تسعمائة درهم.
قَالَ أحْمَد بْن حنبل: رَأَيْت مقدَّم فم حفص، مضبَّبة أسنانُه
بذَهَب.
أَخْبَرَنَا المؤمّل البالِسيّ إجازة: أَنَا الكِنْديّ، أَنَا القزّاز،
أَنَا أَبُو بَكْر الخطيب، أَنَا العشامي، أَنَا عليّ بْن عُمَر، أَنَا
ابن مَخْلَد: سَمِعْتُ عَبْد الله بْن أحمد، سَمِعْتُ أبا مَعْمَر
يَقُولُ: لما جيء بحفص بْن غِياث وابن إدريس ووكيع إلى القضاء طرّي
حفصُ خضابَه حين قُرب إلى بغداد، فالتفت ابن إدريس إلى وكيع: أمّا هذا
فقد قَبِلَ.
قَالَ ابن أَبِي شيبة: ولي القضاء ببغداد سنتين، وولي بالكوفة ثلاث
عشرة سنة.
قال أبو داوود: كَانَ عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ لا يقدّم بعد الكِبار
مِن أصحاب الأعمش غير حفص بْن غِياث، وقال حفص.
قلت: مات في آخر سنة أربعٍ وتسعين ومائة. وفي هذا العام أرّخه أحمد بْن
عَبْد الجبّار، وجماعة.
قَالَ سَلْم بْن جنادة: سنة خمسٍ وتسعين، وقيل سنة ستٌّ، والأوّل
الصحيح.
74- الحَكَم بْن أيّوب العبْديّ1.
مولاهم الأصبهاني الفقيه، أبو محمد، مِن كبار أهل بلده.
روى عَنْ: سَعِيد بن أبي عروبة، والثوري، زفر بْن الهّذَيل، وإسرائيل
بْن يونس.
روى عَنْهُ: محمد بْن المغيرة، وغيره.
وحفيده هُوَ محمد بْن أحمد بْن الحَكَم الأصبهاني مِن مشيخة أبي
الشَّيْخ.
75- الحَكَم بْن بشير2 -ت. ق.
حدَّث عَنْ: أَبِيه، وعمرو بْن قيس المُلائي، وخلاد بن عيسى الصفار.
__________
1 تاريخ أصبهان "1/ 297".
2 الجرح والتعديل "3/ 114"، والتهذيب "2/ 424".
(13/86)
وعنه: إبراهيم بن موسى الفراء، ومحمد بن
زُنَيْج، وَمُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَمُوسَى بْنُ نَصْرٍ
الرَّازِيُّونَ.
وكان مِن علماء الرَّيّ.
قَالَ أبو حاتم: صدوق.
76- أبو مطيع البلْخيّ، هُوَ الحَكَم بْن عبد الله الفقيه1.
صاحب كتاب الفقه الأكبر. تفقَّه بأبي حنيفة وروى عَنْهُ.
وعن: ابن عَوْن، وهشام بْن حسّان، وعُبَيْد الله بْن عُمَر، وعبد
الرَّحْمَن بْن حَرْمَلَة، وأبي الأشهب جعفر العُطارِديّ، وإبراهيم بْن
طهمان، والحسن بْن دينار، وطبقتهم.
وتفقه بِهِ أهل خُرَاسان، وولى قضاء بلخ، وكان بصيرًا بالرأي، حافظًا
للمسائل.
كَانَ ابن المبارك يعظّمه ويُجلُّه.
روى عَنْهُ: أحمد بْن منيع، وأيّوب بْن الحَسَن الفقيه، وعقيق بْن
محمد، وعليّ بْن الحسين الذُّهْليّ، ونصر بْن زياد، والخُراسانيّون.
وقدِم بغدادَ مرّات.
قَالَ محمد بْن الفُضَيْل البلْخيّ: سَمِعْتُ حاتمًا السَّقَطيّ:
سَمِعْتُ ابن المبارك يَقُولُ: أبو مطيع لَهُ المنّة عَلَى جميع أهل
الدنيا.
قلتُ: حاتم لا يُعرف، وما اعتقد في ابن المبارك أنّه يُطلق مثل هذه
العبارة.
قَالَ محمد بْن الفُضَيْل البلْخيّ: وقال حاتم: قَالَ مالك بْن أنس
لرجل: مِن أَيْنَ أنت؟ قَالَ: مِن بلْخ.
قَالَ: قاضيكم أبو مطيع إنّه قام مقام الأنبياء2.
قَالَ محمد بْن الفُضَيْل: سَمِعْتُ عَبْد الله بْن محمد العابد
يَقُولُ: جاء كتابٌ، يعني مِن الخلافة، وفيه لوليّ العهد:
{وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} [مريم: 12] ليقرأ على الناس.
__________
1 انظر: الجرح والتعديل "3/ 121، 122"، والميزان "1/ 574".
2 تاريخ بغداد "8/ 224".
(13/87)
فسمع أبو مطيع فدخل عَلَى الوالي وقال: بلغ
مِن خطر الدنيا أنّا نكفر بسببها. وكرّر هذا مرارًا حتى أبكى الأمير
وقال له: إني معك ولكن لا أجتريء بالكلام، فتكلّم وكنْ منّي آمنًا1.
وكان أبو مطيع قاضيًا فذهب الناس إلى الجمعة. وذهب أبو مُعَاذ
متقلَّدًا سيفًا. وآخّر يوم الجمعة، فارتقى أبو مجيع المنبر فحمد الله
وأثنى عليه، ثمّ أخذ لحيته وبكى وقال: يا معشر المسلمين بلغ مِن خطر
الدنيا أن تجرّ إلى الْكُفْرِ. من قال: {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ
صَبِيًّا} لغير يحيى بْن زكريّا فهو كافر.
قَالَ: فرجّ أهل المسجد بالبكاء وهرب اللّذان أتيا بالكتاب.
وعن النضر بْن شُمَيْلٍ: قَالَ أبو مطيع: نزل الإيمان والإسلام في
القرآن عَلَى وجهين، وهو عندي عَلَى وجهٍ واحد. فقلت لَهُ: ممّن ترى
الغلط منك، أم مِن الرَّسُول عَليْهِ السلام، أو مِن جبريل، أو مِن
الله تعالى؟ فبقي باهتًا2.
وقد كَانَ أبو مطيع فيما نقل الخطيب من رؤوس المُرْجِئة.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْ أَبِي مطيع
فقال: لا ينبغي أن يُروى عَنْهُ. ذكروا عَنْهُ أنّه كَانَ يَقُولُ:
الجنّة والنّار خُلِقتا وسَتَفْنَيان، وهذا كلام جَهْم3.
وقال ابن مَعِين: هُوَ ضعيف.
وقال أبو داوود: تركوا حديثه، كَانَ جَهْميًا.
قلت: وممّن روى عنه: محمد بن القاسم البلخي، وخلاد بْن أسلم الصَّفّار،
ومحمد بْن يزيد السُّلَميّ.
ومات سنة تسعٍ وتسعين ومائة، وله أربعٌ وثمانون سنة.
77- الحَكَم بْن عَبْد الله -خ. م. ت. ن- أبو النعمان البصري4.
عن: سعيد بن أبي عروبة، وشعبة.
__________
1 نفس المصدر السابق.
2 تاريخ بغداد "8/ 225".
3 يعني: الضال المضل جهم بن صفوان قبحه الله.
4 انظر: الجرح والتعديل "3/ 122"، والتهذيب "2/ 429".
(13/88)
وعنه: أحمد بْن محمد البزّي، ومحمد بْن
المِنْهال، ومحمد بْن الْمُثَنَّى، وأبو قُدامة السَّرْخَسيّ، وغيرهم.
وكان ثِقةً من الحُفاظ.
مات سنة أربعٍ وتسعين ومائة.
78- الْحَكَمُ بنُ مروان الكوفيّ1. أبو محمد.
قَالَ الخطيب: حدَّث عَنْ: كامل أبي العلاء، وأزهر بْن سِنان، وفُرات
بْن السّائب، وزُهير بْن معاوية.
وعنه: أحمد بْن حنبل، وعبد الله بن محمد بْن أيّوب المخرميّ، والعبّاس
بْن الفضل، ورُشَيد الطَّبَريّ.
قَالَ أبو حاتم: لا بأس بِهِ.
وقال ابن مَعِين: ضرير لَيْسَ بِهِ بأس.
79- حَمَّاد بن خَالِد الخَيَّاط2 الْمَدَنِيّ -م. ع.
عن: ابن أَبِي ذئب، ومعاوية بن صالح، وأفلح بن حُمَيْد.
وَعَنْهُ: ابن معين، وَأَحْمَد بن حنبل، والحسن الزعفراني، وإسحاق بن
بهلول. وكان أميًا، لا يكتب، بل كَانَ يتحفظ. وَهُوَ صدوق.
قَالَ أحمد: كَانَ حافظا.
80- حَمَّاد بن دليل المدائني3 -د- قاضي المدائن.
نزل مَكَّة وترك القضاء وصار يتجر.
رَوَى عن: أَبِي حنيفة، وَالحَسَن بن عمارة، وسفيان الثوري.
وعنه: الحميدي، وأسد بن موسى، وأحمد بن أبي الحواري.
وثقه يحيى بن معين.
__________
1 الجرح والتعديل "3/ 129"، والميزان "1/ 579".
2 انظر: الجرح والتعديل "3/ 136"، والتهذيب "3/ 7".
3 الجرح والتعديل "3/ 136"، والتهذيب "3/ 8".
(13/89)
81- حماد بن واقد الصفار1 -ت- شيخ بصري.
عن: ثابت البناني، وابن التياح، وأبان بن أَبِي عَيَّاش، وَعَبْد
العزيز بن صهيب.
وَعَنْهُ: أحمد بن المقدام، وَبِشْر بن معاذ، وَعُمَر بن شبه، وحفص
الربالي، وَعَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر رُسْتة، وَمُحَمَّد بْن عَبْد
الله الأرزي، وابنه فطر بن حَمَّاد الصَّفَّار.
قَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ.
وَقَالَ يَحْيَى بْنُ معين: ضعيف.
82- حميد بن حماد بن خوار2 -د.
ويقال: ابن أبي الخُوَار، أبو الْجَهْم الكوفيّ.
عَنْ: حمّاد بْن أبي سليمان الفقيه، وسماك بْن حرب، والأعمش، وجماعة.
وعنه: زيد بْن الحُباب، وَأَبُو كُرَيْب، ومحمد بْن مَعْمَر
البَحْرانيّ، ومحمود بن غيلان.
ضعفه أبو داوود.
وقال أبو حاتم: يُكَتب حديثه.
83- حنان بْن سَدِير الصَّيْرفيّ3.
عَنْ: جعفر بْن محمد، وأُمَيّ الصَّيْرفيّ، وعَمْرو بْن قيس المُلائيّ،
ومحمد بْن طلحة بْن مُصَرَّف.
وعنه: العلاء بْن عَمْرو الحنفيّ، وعلي بْن محمد الطّنافسيّ، ومحمد بْن
ثواب الهبَّاريّ، وعيسى بْن سَعِيد الرّازيّ، ومحمد بن الجنيد العابد.
وثقه ابن حبان.
__________
1 الجرح والتعديل "3/ 150"، والتهذيب "3/ 21".
2 الجرح والتعديل "3/ 220"، والتهذيب "3/ 37".
3 انظر: الجرح والتعديل "3/ 299"، ولسان الميزان "2/ 367".
(13/90)
"حرف الخاء":
84- خالد بن حيان الرقي1 -ن.
أبو يزيد الكندي مولاهم الخراز. مُهْمَل الأوسط.
عَنْ: سالم بْن أَبِي المهاجر، وعليّ بْن عُرْوة الدّمشقيّ، وجعفر بْن
بُرْقان.
وعنه: أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وأبو كُرَيْب، وابن عَرَفَة.
قَالَ النَّسَائيّ: لَيْسَ بِهِ بأس.
مات بالرَّقَّة في ذي القِعْدة سنة إحدى وتسعين.
وقال أحمد: لم يكن به بأس. كتبت عنه غرائب.
ووثقه ابن معين.
وأما الفلاس فقال: ضعيف.
85- خَالِد بْن سليمان.
أبو مُعَاذ البلْخيّ2، فقيه أهل بلْخ.
مات سنة تسع وتسعين ومائة. كذا وجدته.
86- خَالِد بْن عَمْرو الْقُرَشِيّ الأمويّ الكوفيّ3.
أبو سَعِيد. أحد المتروكين.
عَنْ: هشام الدَّسْتُوائيّ، وسُفْيان الثَّوْريّ.
وعنه: يوسف بْن عَدِيّ، وأبو عُبَيْد القاسم.
قَالَ أحمد: متروك الحديث.
وقال صالح جَزْرَة: كَانَ يضع الحديث.
وقال ابن مَعِين: لَيْسَ بشيء.
__________
1 الجرح والتعديل "3/ 326"، والميزان "1/ 629"، والتهذيب "3/ 84، 85".
2 انظر: الجرح والتعديل "3/ 335"، والميزان "1/ 631".
3 الجرح والتعديل "3/ 343"، والميزان "1/ 635، 636".
(13/91)
وقال الْبُخَارِيّ: مُنْكَر الحديث.
وهو مذكور أيضًا بعد المائتين.
87- خَالِد بْن يزيد العَتَكّي.
أبو يزيد البصْريّ اللُّؤلؤيّ1.
عَنْ: أَبِي جعفر الرّازيّ، وورقاء اليشْكُريّ.
وعنه: أبو حفص الفلاس، ونصر الْجَهْضَميّ.
قَالَ أبو زُرْعَة: لَيْسَ بِهِ بأس.
88- خلف بن أيوب العامري البلخي2 -ت.
أبو سعيد. مِن علماء أهل بلْخ.
روى عَنْ: عوف الأعرابيّ، ومَعْمَر بْن راشد، وإسرائيل، وقيس بْن
الربيع.
وعنه: أحمد بْن حنبل، وزكريّا بْن يحيى اللؤلؤيّ، وأبو كُرَيْب، ومحمد
بْن مقاتل المَرْوَزِيّ، وطائفة.
ذكره ابن حِبّان في الثقات وقال: كَانَ مُرْجِئًا غاليًا يبغض مِن
ينتحل السُّنَن.
وقال ابن مَعِين: ضعيف.
قلت: هُوَ معَادٌ في طبقة مكّيّ بْن إبراهيم البلْخيّ. والذي تحر لي
أنّه يُحّول مِن هناك ومن هنا فيُقرَّر في طبقة الشّافعيّ رحمه الله.
89- الخليل بْن أحمد بْن بِشْر بْن المستنير السُّلَميّ البصْريّ3.
قليل الرؤية.
سَمِعَ: المستنير بْن أخضر بن معاوية بن قرة.
__________
1 الجرح والتعديل "3/ 361"، والسير "9/ 415".
2 الجرح والتعديل "3/ 370"، والتهذيب "3/ 147، 148".
3 انظر: الجرح والتعديل "3/ 380"، والتهذيب "3/ 164-166".
(13/92)
وعنه: محمد بْن أَبِي سمينة، وإبراهيم بْن
محمد بْن عَرْعَرَة، والعبّاس العنبريّ، وعبد الله بْن محمد
الْجُعْفيّ.
وثّقه ابن حِبّان.
90- خيران بْن العلاء الكَيْسانيّ الأصمّ1.
عَنْ: الأوزاعي، وحمّاد بْن سَلَمَةَ.
وعنه: عَبْد العزيز الأويْسيّ، وعليّ بْن حُجْر، وأحمد بْن عيسى
التُّسْتَرِيّ.
سكن مصر وروى اليسير.
"حرف الراء":
91- رِبْعيّ بْن إبراهيم الأسَديّ.
أبو الحَسَن البصْريّ2، أخو الإمام إسماعيل بن علية لأبويه.
عن: داوود بْن أَبِي هند، وسعيد بْن مسروق، ويونس بْن عُبَيْد، وعوف
الأعرابيّ.
وعنه: أحمد بْن حنبل، وأحمد بْن إبراهيم الدَّوْرقيّ، ومحمد بْن
الْمُثَنَّى، وعبد الرَّحْمَن بْن بِشْر النَّيْسابوريّ، والحسن
الزَّعْفرانيّ، وآخرون.
وحدَّث عَنْهُ مِن القدماء عَبْد الرحمن بْن مهديّ. وقال: كنّا
نَعُدُّه مِن بقايا شيوخنا.
وقال أحمد الدَّوْرقيّ: كَانَ يفضَّل عَلَى أخيه إسماعيل.
وقال يحيى بْن مَعِين: ثقة مأمون.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْفَرَّاءِ وَغَيْرُهُ قَالُوا: أَنَا
الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى الْكَاتِبُ، أَنَا ابْنُ رِفَاعَةَ، أَنَا
الْخُلَعِيُّ، أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ، أَنَا أَحْمَدُ
بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الأَعْرَابِيِّ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ
بْنِ الصَّبَّاحِ، نا ربعي بن علية، عن داوود بن أبي هند، عن عامر،
__________
1 الجرح والتعديل "3/ 405"، والميزان "1/ 669.
2 الجرح والتعديل "3/ 409، 410"، والتهذيب "3/ 336".
(13/93)
عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ:
جَاءَ بِي أَبِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يا رسول الله اشهد إِنِّي قَدْ نَحَلْتُ
النُّعْمَانَ مِنْ مَالِي كَذَا وَكَذَا. قَالَ: "كُلُّ بَنِيكَ
نَحَلْتَ مِثْلَ الَّذِي نَحَلْتَ النُّعْمَانَ"؟ قَالَ: لا.
قَالَ: "فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي، أَلَيْسَ يَسُرُّكَ أَنْ
يَكُونُوا إِلَيْكَ فِي الْبِرِّ سَوَاءً"؟ قَالَ: بَلَى! قَالَ: "فَلا
إِذًا"1.
هَذَا حَدِيثٌ مُخَرَّجٌ فِي الصِّحَاحِ، مِنْ طريق حصين، وداوود بْنِ
أَبِي هِنْدٍ، وَجَمَاعَةٍ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ.
مات رِبْعيّ سنة سبْعٍ وتسعين ومائة.
92- ريْحان بْن سَعِيد بْن الْمُثَنَّى الشاميّ2.
شيخ بصْريّ.
عَنْ: عبّاد بْن منصور.
وعنه: أبو خَيْثَمَة، وأبو بَكْر بْن أبي شيبة، وإبراهيم بْن سَعِيد
الجوهريّ.
قَالَ يحيى بْن مَعِين: ما أرى بِهِ بأسًا.
"حرف الزاي":
93- زاجر بْن الصَّلْت الطاحي النَّمِريّ3.
عَنْ: الحارث بْن مالك، وجماعة.
وعنه: أبو حفص الفلاس، ومحمد بْن مهران الجمال، وعثمن بْن أَبِي شَيبة،
ومحمد بْن مرزوق الْبَاهِلِيَّ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لا بَأْسَ بِهِ.
__________
1 "حديث صحيح": أخرجه مالك "752"، في الموطأ، والبخاري "3/ 206"، ومسلم
"1623"، والترمذي "2586"، وابن ماجه "2376"، وأحمد "4/ 271-273".
2 الجرح والتعديل "3/ 517"، والميزان "2/ 62".
3 انظر: الجرح والتعديل "3/ 620، 621"، والثقات لابن حبان "4/ 269".
(13/94)
94- زياد بْن الحَسَن بْن الفُرات
التّميميّ الكوفيّ القزّاز1 -ت.
روى عَنْ: جدّه فُرات القزّاز، وأبان بن تَغْلِب، ومِسْعَر.
وعنه: أبو سَعِيد الأشجّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
نُمَيْرٍ، وَعَبْدُ الله بْن بَرَّاد الأشعريّ، وجماعة.
ذكره ابن حِبّان في الثَّقات.
95- زياد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن زياد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن زهير
بْن ناشرة1.
الفقيه الأندلسيّ شَبَطُون اللَّخْميّ، عالم الأندلس، وتلميذ مالك.
كَانَ أول مِن أدخل مذهب مالك إلى الجزيرة الأندلُسيّة. وقبل ذَلِكَ
كانوا يتفقّهون للأوزاعي، وغيره.
قَالَ ابن القاسم الفقيه: سمعتُ زيادًا فقيه الأندلس يسأل مالكًا.
قلت: وعليه تفقّه يحيى بْن يحيى اللَّيْثي قبل أن يرحل.
وسمع زيادًا مِن معاوية بْن صالح وتزوّج بابنته، وحدث عنه، وعن: مالك،
والليث، وسليمان بْن بلال، ويحيى بْن أيّوب، وموسى بْن عليّ بْن رباح،
وأبي مَعْشَر السّنْديّ، وطبقتهم.
وكان أحد النُّسّاك الوَرِعين. أراده هشام صاحب الأندلس عَلَى القضاء
فأبى وهرب.
وكان هشام يُكْرمه ويحترمه ويسأله.
قَالَ: عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ: كُنَّا جُلُوسًا عَنْدَ
زِيَادٍ، إِذْ جَاءَ كِتَابٌ مِنْ بَعْضِ الْمُلُوكِ، فَكَتَبَ فِيهِ
وَخَتَمَهُ، فَذَهَبَ بِهِ الرَّسُولُ. فَقَالَ لَنَا زِيَادٌ: أتدرون
عما يسأل هذا؟ سأل عَنْ كِفَّتَيِ الْمِيزَانِ، أَمِنْ ذَهَبٍ هِيَ
أَمْ مِنْ فِضَّةٍ؟ فَكَتَبْتُ إِلَيْهِ هَذَا الْحَدِيثَ: ثَنَا
مَالِكٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ
مَا لَا يعنيه" 3.
__________
1 الجرح والتعديل "3/ 529"، والتهذيب "3/ 362".
2 انظر: وفيات الأعيان "6/ 143، 144".
3 "حديث صحيح": أخرجه مالك "1629"، والترمذي "9/ 24"، وابن ماجه
"3976".
(13/95)
وكان الأمير هشام
يَقُولُ: صحبتُ الناس وبَلَوْتُهُم، فما رَأَيْت رجلا يُسِرّ الزُّهْد
أكثر ممّا يُظْهِر إلا زياد بْن عَبْد الرَّحْمَن.
قَالَ ابن يونس: كنية زياد أبو عَبْد الله.
تُوُفّي سنة ثلاثٍ وتسعين ومائة.
قَالَ: وقيل مات سنة تسعٍ وتسعين ومائة.
96- زيد بْن الحسن القرشي الكوفي1 -ت.
أبو الحسين صاحب الأنماط.
روى: عَنْ جعفر بْن محمد، وعليّ بْن المبارك الهُنائيّ، ومعروف بْن
خَرَّبُوذ.
وعنه: عليّ بْن المَدِينيّ، وابن رَاهَوَيْه، ونصر الوشّاء،
وسَعْدُوَيْه.
قَالَ أبو حاتم: مُنْكَر الحديث.
وذكره ابن حِبّان في الثَّقات.
97- زيد بْن أبي الزرقاء الموصلي2 -د. ن.
أبو محمد.
روى عَنْ: جعفر بن بُرْقان، وعيسى بْن طَهْمان، وشُعْبَة، وعدّة.
وعنه: عليّ بْن سهل، وأبو عُمَير عيسى الرَّمليّان، ومحمد بْن عَبْد
الله بْن عمّار، وسعيد بن أسد بْن موسى، وابنه هارون بْن زيد.
قَالَ ابن مَعِين: لَيْسَ بِهِ بأس. كَانَ عنده جامع سفيان عنه.
قلت: سكن الرملة قبل موتع سنة. وكان أحد العُبّاد والنسّاك مِن أصدقاء
الُمَعافَى بْن عِمران.
ويُقال: إنّه غزا فأُسر ومات في الأسر.
مات سنة سبْعٍ وتسعين ومائة. وقيل مات سنة أربعٍ وتسعين ومائة.
__________
1 انظر: الجرح والتعديل "3/ 560"، والتهذيب "3/ 406".
2 الجرح والتعديل "3/ 575"، والسير "9/ 316، 317".
(13/96)
وقال ابن حِبّان في الثَّقات: يُغرب.
وقال ابن عمّار: لم أر في الفضل مثل زيد، والمعافى، وقاسم الجرمي.
وروى بِشْر الحافي، عَنْ زيد قَالَ: ما سألتُ إنسانًا شيئًا منذ خمسين
سنة.
وسمعتُ زيد بْن أَبِي الزَّرقاء يَقُولُ: إذا كَانَ للرجل عَيَّالٌ
وخاف عَلَى دينه فليهرُب.
وروى زيد، عَنِ اللَّيْثُ، عَنْ عَبْد الله بْن أبي جعفر قَالَ: خير
النّاس مِن كَانَ مِن نفسه في عَناء، والناسُ منه في راحة.
"حرف السين":
98- سالم بْن نوح العطّار البصْريّ1.
أبو سَعِيد.
عَنْ: يونس بْن عبيد، وسعيد الْجُرَيريّ، وعبد الله بْن عُمَر، وعمر
بْن عامر، وسعيد بْن أَبِي عَرُوبة.
وعنه: بَكْر بْن خَلَف، ومحمد بْن بشّار، وابن مُثَنَّى، وإسحاق بْن
إبراهيم الصّوافّ.
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: مَا أَرَى بِهِ بأسًا، وقد كتبت عَنْهُ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ وَلا يُحْتَجُّ به.
وقال أبو زُرْعة: صدُوق ثقة.
وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْس بِشَيْءٍ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ليس بالقوي.
وقال الدارَقُطْنيّ: فيه شيء.
99- سَبْرة بْن عَبْد العزيز بْن الربيع بْن سَبْرة الْجُهَني2 -د.
__________
1 انظر: الجرح والتعديل "4/ 188"، والسير "9/ 325".
2 الجرح والتعديل "4/ 296"، والتهذيب "3/ 452، 453".
(13/97)
أخو حَرْمَلَة بْن عَبْد العزيز.
يروى عَنْ: أَبِيه، وعمّه عبد الملك.
وعنه: ابن وهب، وهشام بن عمار، ويعقوب بن كاسب، والحكم بن موسى،
وآخرون.
وثق.
100- سعد بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ كَيْسَانَ الْمَقْبُرِيُّ
المدني1 -ق.
عَنْ: أخيه عَبْد الله، ولم يدرك أَبَاهُ.
وعنه: الحُمَيْديّ، وإبراهيم بْن المنذر، وإسحاق بْن موسى، والزُّبَيْر
بْن بكّار.
عداده في الضعفاء، وقد رُمي بالقَدر.
101- سعْد بْن الصَّلْت بْن بُرْد بْن أسلم البَجَليّ الكوفيّ2.
الفقيه قاضي شيراز.
ولاؤه لجرير بْن عَبْد الله البَجَليّ. سكن شيراز مدّة.
وروى عَنْ: هشام بْن عُرْوة، وأبان بْن تغلِب، ومُطَرَّف بْن طريف،
وطبقتهم.
وعنه: محمد بْن عَبْد الله الأنصاريّ، ويحيى الحِمّانيّ، وأبو بَكْر
بْن أَبِي شيبة، وسبْطه إِسْحَاق بْن إبراهيم شاذان الفارسيّ.
سَأَلَ عَنْهُ سُفْيان الثَّوْريّ فقال: ما فعل سعْد؟
قَالُوا: وُلّي قضاء شيراز.
قَالَ: دُرّة وقعت في الحُشّ.
قلت: ما رَأَيْت لأحدٍ فيه جرحًا فمحله الصدق.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَافِظُ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ
مُحَمَّدٍ الْمَحْمُودِيُّ، أَنَا أَبُو طَاهِرٍ السَّلَفِيُّ، أَنَا
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيُّ، ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ
الْبُرْجِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بن
__________
1 الجرح والتعديل "4/ 85"، والتهذيب "3/ 469، 470".
2 انظر: الجرح والتعديل "4/ 86"، السير "9/ 317-319.
(13/98)
حَفْصٍ، نَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ
شَاذَانُ، نَا سعيد بن الصلت، نا عِيسَى بْنُ عُمَرَ، نَا عَطَاءُ بْنُ
أَبِي رياح، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ حَجَّ عَنْ أَبَوَيْهِ
وَلَمْ يَحُجَّا جَزَأَ عَنْهُمَا وَعَنْهُ، وَنُشِرَتْ أَرْوَاحُهُمَا
فِي السَّمَاءِ وَكُتِبَ عَنْدَ اللَّهِ بَرًّا"1.
هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ فَرْدٌ، لا نَعْرِفُهُ إِلا بِهَذَا
الإِسْنَادِ. وَقَدْ حَدَّثَ بِهِ أَبُو الشَّيْخِ الْحَافِظُ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ، وَوَقَعَ لَنَا عَالِيًا.
وَعِيسَى بْنُ عُمَرَ هُوَ الْكُوفِيُّ الْمُقْرِئُ، صَدُوقٌ.
مات سعْد بْن الصَّلْت سنة ستٌّ وتسعين ومائة.
102- سَعِيد بْن زكريّا القرشي المدائني2 -ت. ن.
أبو عثمان.
عَنْ: الزُّبَيْر بْن سَعِيد الهاشميّ، وحمزة الزيات، وجماعة.
وعنه: أحمد بْن حنبل، والزَّعْفرانيّ، ومحمد بْن سَعِيد بْن غالب
العطّار، وطائفة.
وثّقه صالح جزْرة، وغيره.
وقد لُيّن.
103- سَعِيد بْن سالم القدّاح الْمَكَّيّ3.
أبو عثمان.
عَنْ: ابن جريج، وعبيد الله بْن عُمَر، ويونس بْن إسحاق، وسُفْيان
الثَّوْريّ.
وعنه: الحسين بْن حُرَيث، وأسد بْن موسى، وعليّ بْن حرب الطّائيّ.
وحدّث عَنْهُ مِن الكبار: بقيّة بْن الوليد، وسُفْيان بْن عُيَيْنَة،
والشافعيّ.
قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
وقال عثمان بْن سَعِيد الدّارميّ: ليس بذاك.
__________
1 "حديث ضعيف": أخرجه الطبراني "5083"، في الكبير، وفيه أحد المجهولين.
2 الجرح والتعديل "4/ 23"، والتهذيب "4/ 30، 31".
3 انظر: الجرح والتعديل "4/ 31"، والسير "9/ 319، 320".
(13/99)
وقال محمد بْن أَبِي عَبْد الرَّحْمَن
المقرئ: قد كتبت عَنْهُ. وكان مُرْجِئًا.
وقال الحُمَيْديّ: ثنا يحيى بْن سُلَيْم قَالَ: قَالَ سَعِيد بْن سالم
لابن عَجْلان: أرأيتَ إنّ أَنَا لم أرفع الأذى عَنِ الطريق أكون ناقص
الإيمان؟ فقَالَ ابن عَجْلان: مِن يعرف هذا؟ هذا مرجيء.
قَالَ يحيى: فلمّا قمنا عاتبته، فردّ عليّ القول. فقلت لَهُ: هَلْ لك
أن أقف أَنَا وأنت عَلَى الطَّواف، فتقول أنت: يا أهل الطَّواف إنّ
طوافكم لَيْسَ مِن الإيمان. وأقول أَنَا: طوافكم مِن الإيمان، فننظر ما
يصنعون؟ قَالَ: تُريدُ أن تُشَهَّرني؟ فقلت: ما تريدُ إلى قولٍ إذا أنت
أظهرته شهَّرك1.
104- سعيد بن سلمة بن عطية2 -ن.
عَنْ: مَعْمَر.
وعنه: محمد بْن عثمان بْن أَبِي صَفْوان.
وقال: كَانَ خير أهل زمانه.
قلت: خرّج لَهُ النَّسَائيّ في الاستعاذة.
105- سَعِيد بْن عبد الله بْن سعْد3.
الفقيه؛ مِن علماء المصريّين.
تفقَّه عَليْهِ: ابن وهب، وابن القاسم بمصر.
وكان معدودًا مِن زُهّاد الفقهاء.
قَالَ ابنُ شَعْبان: هُوَ الَّذِي أعان ابن وهب عَلَى تأليفه.
مات بالإسكندرية سنة ثلاثٍ وتسعين ومائة.
106- سعيد بن عمرو الزبيري4.
__________
1 الضعفاء الكبير "2/ 108"، للعقيلي.
2 أحد الضعفاء، كما في سنن الترمذي "8/ 258".
3 الجرح والتعديل "4/ 50، 51"، والثقات لابن حبان "8/ 264".
(13/100)
روى عَنْ: أَبِي الزَّناد.
وعنه: ابن أخيه محمد بن الوليد، وأحمد بن عبدة الضبي، وإبراهيم بن
المنذر، والزبير بن بكار.
قاله ابن أبي حاتم.
107- سعيد بن محمد الثقفي الوراق1 -ت. ق.
أبو الحسن الكوفي، نزيل بغداد.
روى عن: يحيى بْن سَعِيد، وموسى الْجُهَنيّ، وفضيل بن غزوان، وبسام
الصيرفي، وغيرهم.
وعنه: أحمد بن حنبل، وابن عرفة، وإبراهيم بن سعيد الجوهري، وعلي بن
حرب، وآخرون.
ضعفه جماعة.
وقال الدارقطني: متروك.
108- سفيان بن عبد الملك المروزي2 -د. ت.
صاحب ابن المبارك وتلميذه.
روى عَنْهُ: إسحاق بْن راهَوَيْه، وعَبْدان بْن عثمان مَعَ تقدّمه،
ووهْب بْن زمعة، وحِبّان بْن موسى المَرْوَزِيُّونَ.
قَالَ الْبُخَارِيّ: مات قبل المائتين.
109- سُفْيان بْن عُيَيْنَة بْن أَبِي عِمران3 -ع.
واسم أبي عِمران ميمون مولى محمد بْن مُزاحم الهلاليّ أخي الضحّاك
المفسّر. أبو محمد الكوفيّ ثمّ الْمَكَّيّ. الإمام شيخ الإسلام.
مولده سنة سبْعٍ ومائة، في نصف شعبان.
__________
1 الجرح والتعديل "4/ 58، 59"، والتهذيب "4/ 77".
2 الجرح والتعديل "4/ 230"، والتهذيب "4/ 116".
3 الحلية "7/ 270-318"، والسير "8/ 400-418".
(13/101)
وقيل: هُوَ مولى عَبْد الله بْن رُوَيْبة
الهلاليّ.
طلب الحديث وهو غلام. لقي الكبار، وسمع مِن: قاسم الرحّال في سنة عشرين
ومائة.
وسمع مِن: الزُّهْرِيّ، وعمرو بْن دينار، وزياد بْن علاقة، والأسود بْن
قيس، وعاصم بْن أَبِي النَّجُود، وأبي إسحاق، وزيد بْن أسلم، وعبد الله
بْن أَبِي نَجِيح، وسالم أَبِي النَّصْر، وعَبْدة بْن أَبِي لُبابة،
وعبد الله بْن دينار، ومنصور بْن المُعْتمر، وسُهيل بْن أَبِي صالح،
وخلْق كثير.
وانفرد بالرواية عَنْ أكثرهم. وَرُحِلَ إليه مِن الآفاق.
روى عَنْهُ: الأعمش، وابن جُرَيج، وشُعْبَة، وهم مِن شيوخه، وابن
المبارك، وابن مَهديّ، والشّافعيّ، وابن المَدِينيّ، والحُمَيْديّ،
وسعيد بْن منصور، ويحيى بْن مَعِين، وأحمد، وإسحاق، وأحمد بْن صالح،
وإسحاق الكَوْسَج، وأحمد بْن مَنِيع، وأبو خَيْثَمَة، وأبو بكر بن أبي
شَيْبَة، وابن نُمير، وأبو كُرَيْب، ويحيى بْن يحيى، والنُّفَيْليّ،
ومحمد بْن يحيى العَدنيّ، وعَمْرو النّاقد، والفلاس، وأحمد بْن شيبان،
وبِشْر بْن مطر، وزكريّا بْن يحيى المَرْوَزِيّ، وسَعْدان بْن نصر،
وعليّ بْن حرب، وعبد الرَّحْمَن بْن بِشْر، ومحمد بْن عاصم الثَّقَفيّ،
ومحمد بْن عيسى المدائني، والزَّعْفرانيّ، والزُّبَيْر بْن بكّار،
ويونس بْن عَبْد الأعلى، وأُمَم سواهم.
وقد كَانَ طلبة العِلْم يحجّون وما همّهم إلا لُقيّ سُفْيان، فيزدحمون
عَليْهِ في الموسم ازدحامًا عظيمًا إلى الغاية لإمامته وعُلُوّ إسناده
وحِفْظه، كَانَ مِن بُحور العِلْم.
قَالَ الشّافعيّ: لولا مالك وسُفْيان بْن عُيَيْنَة لذهب عِلم الحجاز.
وعنه قَالَ: تطلّبت أحاديث الأحكام، فوجدتها كلّها سوى ثلاثين حديثًا
عند مالك، ووجدتها كلّها سوى ستّة أحاديث عند ابن عُيَيْنَة.
وقال عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ: كَانَ ابن عُيَيْنَة مِن أعلم الناس
بحديث الحجاز.
وقال التَّرْمِذيّ: سمعتُ محمدًا، يعني الْبُخَارِيّ، يَقُولُ: ابن
عُيَيْنَة أحفظ مِن حمّاد بْن زيد.
(13/102)
وقال حَرْمَلَة: سَمِعْتُ الشّافعيّ
يَقُولُ: ما رَأَيْت أحدًا فيه مِن آله العِلْم ما في سُفْيان. وما
رَأَيْت أكفّ عَنِ الفُتيا منه. وما رأيتُ أحدًا أحسن لتفسير الحديث
منه.
وقال ابن وهْب: لا أعلم أحدًا أعلم بالتفسير مِن ابن عُيَيْنَة.
وقال أحمد: ما رَأَيْت أعلم بالسُّنَن منه.
قَالَ وكيع: كتبنا عَنِ ابن عُيَيْنَة أيّام الأعمش.
وقال ابن المَدِينيّ: ما في أصحاب الزُّهْرِيّ أتقن مِن سُفْيان.
قَالَ أحْمَد بْن حنبل: دخل سُفْيان بْن عُيَيْنَة عَلَى معن بْن زائدة
باليمن، ولم يكن سُفْيان تلطّخ بشيء بعدُ مِن أمر السلطان، فجعل
يعِظُه.
وقال سُفْيان بْن عُيَيْنَة: حجّ بي أَبِي وعطاء حيّ.
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ: كَانَ ابن عُيَيْنَة
ثبْتًا في الحديث، وكان حديثه نحوًا مِن سبعة آلاف، ولم يكن لَهُ كتب.
وقال بَهْز بْن أسد: ما رأيت مثل سُفْيان بْن عُيَيْنَة. فقيل لَهُ:
ولا شُعْبَة؟ قَالَ: ولا شُعْبَة.
وقال ابن مَعِين: هُوَ أثبت الناس في عَمْرو بْن دينار.
وقال ابن مهديّ: عند ابن عيينة مِن معرفته بالقرآن وتفسير الحديث ما لم
يكن عند سُفْيان الثَّوْريّ.
وقال عليّ بْن حرب الطّائيّ: سمعت أبي يَقُولُ: كنت أحبّ أن تكون لي
جارية في غُنْج ابن عُيَيْنَة إذا حدَّث.
وقال رباح بْن خَالِد، كوفيّ ثقة، إنّه سَأَلَ ابن عُيَيْنَة: يا أبا
محمد، أبو معاوية يحدّث عنك بشيء لَيْسَ تحفظ اليوم، وكذلك وكيع.
فقال: صدَّقْهم، فإنّي كنت قبل اليوم أحفَظَ منّي اليوم.
قَالَ محمد بْن المُثَنَّى: سَمِعْتُ ابن عُيَيْنَة يَقُولُ ذَلِكَ
لرباح في سنة إحدى وتسعين ومائة.
وقال حامد البلْخيّ: سَمِعْتُ ابن عُيَيْنَة يَقُولُ: رأيتُ كأنّ
أسناني سقطت،
(13/103)
فذكرتُ ذَلِكَ للزُّهْرِيّ، فقال: تموت
أسنانك وتبقى أنت، فمات أسناني وبقيتُ أَنَا. فجعل الله كلّ عُدُولي
محدثًا1.
قال غياث بن جعفر: سمع ابن عُيَيْنَة يَقُولُ: أول مِن أسندني إلى
أسطوانة مِسْعَر. فقلت: إنّي حَدَث. قَالَ: إنّ عندك الزُّهْرِيّ،
وعَمْرو بْن دينار.
وقال الرّامَهُرْمُزِيّ: نا موسى بْن زكريّا، نا زياد بْن عُبَيْد الله
بْن خُزاعي: سَمِعْتُ سفيان يَقُولُ: كَانَ أَبِي صيرفيًا بالكوفة،
فركبَه الدَّين، فحَمَلَنَا إلى مكّة، فصرتُ إلى المسجد، فإذا عَمْرو
بْن دينار، فحدَّثني بثمانية أحاديث. فأمسكتُ لَهُ حماره حتّى صلّي
وخرج، فعرضت الأحاديث عَليْهِ. فقال: بارك الله فيك.
وقال مجاهد بْن موسى: سَمِعْتُ ابن عُيَيْنَة يَقُولُ: ما كتبتُ شيئًا
إلا حفِظته قبل أن أكتبه.
قَالَ أحمد بْن حنبل: ما رَأَيْت أحدًا أعلم بالسُّنَن مِن سُفْيان بْن
عُيَيْنَة. رواها صالح، عَنْ أَبِيه.
وقال ابن المبارك: سُئل الثَّوْريّ، عَنْ سُفْيان بْن عُيَيْنَة فقال:
ذاك أحد الأَحَدين ما أغربه.
وقال ابن المَدِينيّ: قَالَ لي القطّان: ما بقي مِن مُعَلَّميَّ أحدٌ
غير سُفْيان بْن عُيَيْنَة. سُفْيان إمامٌ منذ أربعين سنة.
وقال ابن المديني: سمعت بشر بن المفضل يقول: ما بقي على وجه الأرض أحد
يشبه ابن عيينة.
وذكر حَرْمَلَة بْن يحيى أنّ ابن عُيَيْنَة قَالَ لَهُ وأراه خبز شعير:
هذا طعامي منذ ستين سنة2.
الحميدي: سَمِعْتُ سُفْيان يَقُولُ: لا تدخل هذه المحابرُ بيت رجلٍ إلا
أشقى أهلَه وولَده.
وقال سُفْيان لرجل: ما حاجتك؟ قَالَ: طلب الحديث! قال: بشر أهلك
بالإفلاس.
__________
1 تاريخ بغداد "9/ 178".
2 الحلية "7/ 272".
(13/104)
قَالَ أبو مسلم المُسْتَملي، عَنْهُ:
سَمِعْتُ مِن عُمَرو بْن دينار ما لبث نوح في قومه.
وقال علي بْن الْجَعْد: سَمِعْتُ ابن عُيَيْنَة يَقُولُ: مِن زيد في
عَقْله نقص مِن رزقه.
وروى سَعِيد بْن داود، عَنِ ابن عيينة قال: من كانت معصيته في الشهوة
فأرجِ لَهُ، ومن كانت معصيته في الكِبْر فأخش عَليْهِ. فإنّ آدم عصا
مشتهيًا فغُفر لَهُ، وإبليس عصا متكبّرًا فلُعن.
وقال ابن عُيَيْنَة: الزُّهْد: الصبر وارتقاب الموت.
وقال: العِلْم إذا لم ينفعك ضرّك.
قَالَ عثمان بْن زائدة: قلت للثَّوْريّ: ممّن أسمع؟ قَالَ: عليك زائدة
بْن قُدامة، وسُفْيان بْن عُيَيْنَة.
وقال ابن المبارك: سُئِل الثَّوْريّ، عَنِ ابن عُيَيْنَة، فقال: ذاك
أحد الأحَدَيْن يَقُولُ: لَيْسَ لَهُ نظير.
قَالَ نُعَيْم بن حماد: ما رأيت أحدًا أجمع لمُتَفَرَّقٍ مِن ابن
عُيَيْنَة.
وقال عليّ بن نصر الجهضمي: نا شُعْبَة قَالَ: رَأَيْت ابن عُيَيْنَة
غلامًا معه ألواح طويلة عند عَمْرو بْن دينار، وفي أُذُنه قِرْط، أو
قَالَ: شَنْف1.
ابن المَدِينيّ: سَمِعْتُ سُفْيان يَقُولُ: جالست عَبْد الكريم
الْجَزَريّ سنتين وكان يَقُولُ لأهل بلده: أُنظروا إلى هذا الغلام
يسألني وأنتم لا تسألوني.
وقال ذؤيب السَّهْميّ: سَأَلت ابن عُيَيْنَة: أسمعتَ مِن صالح مولى
التوءمة؟ قَالَ: نعم! هكذا وهكذا. وأشار بيديه، يعني كثرة.
وسمعتُ منه ولُعابه يسيل.
قَالَ أبو محمد بْن أَبِي حاتم: ولا نعلمه روى عَنْهُ شيئًا.
كَانَ منتقدًا للرُّواة.
قَالَ ابن المَدِينيّ: سَمِعْتُ سُفْيان يَقُولُ: كَانَ عَمْرو بْن
دينار أكبر مِن الزُّهْرِيّ، سَمِعَ مِن جَابِر، والزهري لم يسمع منه.
__________
1 شنف: ما يعلق في الأذن من الحلي.
(13/105)
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ
النَّيْسَابُورِيُّ: ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ مَطَرٍ قَالَ: كُنَّا
عَلَى بَابِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ فَاسْتأْذَنَّا عَلَيْهِ،
فَلَمْ يَأْذَنْ لَنَا. فَقُلْنَا: ادْخُلُوا حَتَّى نَهْجِمَ
عَلَيْهِ.
قَالَ: فَكَسَرْنَا بَابَهُ وَدَخَلْنَا، وَهُوَ جَالِسٌ، فَنَظَرَ
إِلَيْنَا فَقَالَ: سبحان الله، دخلتم داري بغي إِذْنِي، وَقَدْ
حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَهْلٍ أَنَّ رَجُلا اطَّلَعَ فِي
حُجْرٍ مِنْ بَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وَمَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِدْرَعًا
يَحُكُّ بِهِ رَأْسَهُ، فَقَالَ: "لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكَ تَنْظُرُنِي
لَطَعَنْتُ بِهَا فِي عَيْنِكَ. إِنَّمَا جُعِلَ الاسْتِئْذَانُ مِنْ
أَجْلِ النَّظَرِ" 1.
قَالَ: فَقُلْنَا لَهُ: ندمْنَا يَا أَبَا مُحَمَّدٍ. فَقَالَ:
ندمْتُمْ.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيُّ، عَنْ زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "النَّدَمُ تَوْبَةٌ"2. أخرجوا فقد
أخذتم رأس مال ابن عُيَيْنَة.
سليمان هُوَ أخو قتادة بْن مطر صدوق إنّ شاء الله.
وزياد هُوَ ابن أَبِي مريم.
قَالَ الفِريابيّ: كنت أمشي مَعَ سُفْيان بْن عُيَيْنَة، فقال لي: يا
أبا محمد ما يزهدني فيك إلا طلبُك الحديث.
قلت: أنت يا أبا محمد أيّ شيء كنتَ تعمل إلا طلب الحديث؟ قَالَ: كنت
إذْ ذاك صبيًا لا أعقِل.
قَالَ عَبْد الكريم بْن يونس: نا ابن عُيَيْنَة قَالَ: أول ما جالست
عَبْد الكريم أبو أمية، جالسته وأنا بن خمس عشرة سنة.
قَالَ: وقرأت القرآن وأنا ابن أربع عشرة سنة.
قَالَ يحيى بْن آدم: ما رأيتُ أحدًا يختصر الحديث إلا وهو يخطئ، إلا
سفيان بن عيينة.
__________
1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "8/ 66"، "9/ 13"، ومسلم "2156"،
والحميدي "924"، وعبد الرزاق "19431"، والترمذي "2709"، والنسائي
"القسامة/ 47"، وأحمد "5/ 330"، وابن أبي شيبة "8/ 569".
2 "حديث حسن": أخرجه ابن ماجه "4252"، وأحمد "1/ 376، 423"، والحاكم في
"4/ 243"، والحميدي "105"، والطبراني "1/ 33"، في الصغير، والطحاوي "4/
291" في شرح المعاني.
(13/106)
قَالَ أحمد بْن خَيْثَمَة: ثنا الحَسَن بْن
حماد الحضرمي، نا سفيان قَالَ: قَالَ حمّاد، يعني ابن أَبِي سليمان،
ولم نسمعه منه، إذا قَالَ لامرأته: أنتِ طالِق، أنتِ طالقِ، أنتِ
طالِق، بانت الأولى، وبطُلَت الاثنتين.
قَالَ ابن عُيَيْنَة: رَأَيْت حمّاد بن أَبِي سليمان جاء إلى طبيب
عَلَى فَرَس.
قَالَ إبراهيم بْن محمد الشّافعيّ: ربّما سَمِعْتُ ابن عُيَيْنَة وقد
بلغ إحدى وتسعين سنة، ولم أر فقيهًا أكثر تمثلا بالشِعّر منه، ينشد:
سَئِمتُ تكاليفَ الحياةِ ومَن يعشْ ... ثمانينَ عامًا لا أبًا لك
يَسْأمِ
وقال أبو قدامة السَّرْخَسِيّ: سَمِعْتُ ابن عُيَيْنَة كثيرًا ما
يَقُولُ:
ذهبَ الزّمان فُسدْتُ غير مُسَوَّد ... ومن العناء تفرّدي بالسؤددِ
قَالَ أبو حاتم: ابن عُيَيْنَة إمام ثقة. وكان أعلم بحديث عَمْرو بْن
دينار مِن شُعْبَة. وأثبت أصحاب الزُّهْرِيّ: مالك، وابن عُيَيْنَة.
وقال عَبْد الرزّاق: ما رَأَيْت بعد ابن جُرَيج مثل ابن عيينة في حسن
المنطق.
ورى الكَوْسج، عَنِ ابن مَعِين: ثقة.
وقال يحيى بْن سَعِيد القطّان: اشهدوا أنّ ابن عُيَيْنَة اختلط سنة
سبْعٍ وتسعين ومائة. فمن سَمِعَ منه في هذه السَّنَةِ فسَماعه لا شيء.
قلت: أَنَا أستبعد صحّة هذا القول. فإنّ القطّان مات في صَفَر سنة
ثمانٍ وتسعين بُعَيد قدوم الحَجّاج بقليل. فمن الَّذِي أخبره باختلاط
سُفْيان؟ ومتى لحق يَقُولُ هذا القول؟ فسُفيان حُجّة مطلقًا بالإجماع
مِن أرباب الصَّحاح.
وقد حجّ سُفْيان سبعين حَجّة، وكان يَقُولُ ليلة الموقف: اللهمّ لا
تجعله آخر العهد منك. فلمّا كَانَ عام موته لم يَقُلْ ذَلِكَ، وقال: قد
استحييت مِن الله تعالى.
وروى سليمان بْن أيوب، عَنْ سُفْيان قَالَ: سمعته يَقُولُ: شهدت ثمانين
موقفًا.
قلت: هذا أشبه.
قَالَ أحمد بْن عَبْدة الضّبّيّ: سَمِعْتُ ابن عُيَيْنَة يَقُولُ:
الزُّهْد في الدنيا هُوَ الصبر وارتقاب الموت.
(13/107)
وعن ابن عُيَيْنَة قَالَ: الورع طلب
العِلْم الَّذِي يُعرف بِهِ الورع.
وكان لَهُ تسعة إخوة، حدَّث منهم أربعة: عِمران، ومحمد، وآدم،
وإبراهيم.
قَالَ عليّ بْن المَدِينيّ: كَانَ سُفْيان لا يكاد يَقُولُ: حَدَّثَنَا
الزُّهْرِيّ.
قلتُ: ابن عُيَيْنَة معروف بالتدليس، لكنّه لا يدلّس إلا عَنْ ثقة.
وقد وقع لنا مِن عواليه جملة وافرة.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَافِظِ بْنُ بَدْرَانَ، وَيُوسُفُ بْنُ
غَالِيَةَ قَالا: أَنَا أَبُو نَصْرٍ مُوسَى بْنُ عَبْدِ الْقَادِرِ،
أَنَا سَعِيدُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، أَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُخْلِصُ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ
البغوي، نا عثمان بن أبي شيبة، نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ
دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
شَهِدْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ
يَقُولُ: "إنكم ملاقوا اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حُفَاةً عُرَاةً
غُرْلا" 1. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
تُوُفّي سُفْيان في جُمَادَى الآخرة، وقيل في شهر رجب سنة ثمانٍ وتسعين
ومائة.
قَالَ الواقدي: في أول رجب، رحمه الله.
110- سُقلاب بْن شُنَيْنَة.
أبو سَعِيد الْمَصْرِيّ المقرئ2.
قرأ عَلَى: نافع بْن أَبِي نُعَيْم.
أخذ عَنْهُ: يونس بْن عَبْد الأعلى، وغيره.
تُوُفّي سنة إحدى وتسعين ومائة.
وشُنَيْنَة: بشين معجمة.
11- السَّكَن بْن إسماعيل البصْريّ الأصمّ3.
عَنْ: يونس بْن عُبَيْد، وهشام بْن حسّان، وحُمَيْد الطويل، وطائفة.
وعنه: عليّ بْن المَدِينيّ، ومُسَدَّد، ويحيى بن مَعِين، وعمرو الناقد.
__________
1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "7/ 194"، ومسلم "2860"، وأحمد "1/ 220".
2 معرفة كبار القراء "1/ 160".
3 انظر: الجرح والتعديل "4/ 287، 288"، التهذيب "4/ 125، 126".
(13/108)
وثّقة أبو داود، ولم يُخرَّجوا لَهُ شيئًا.
112- سلامة بْن رَوْح الأَيْليّ -ن. ق.
روى عَنْ: عمّه عُقَيْلِ بْن خَالِد الأَيْليّ كتابه عَنِ الزُّهْرِيّ.
وحدَّث عَنْهُ: أحمد بْن صالح، وأبو الطّاهر بْن السَّرْح، ويونس بْن
عَبْد الأعرى، ومحمد بن عُزَيزي الأَيْليّ، وغيرهم.
ضعّفه أبو زرعة وقال: مُنْكَر الحديث.
وقال أبو حاتم: لَيْسَ بالقويّ. محلّه عندي محلّ الغَفْلة.
وقال أحمد بْن صالح: أخبرني ثقة بأيْلَة أنّ سلامة لم يسمع مِن عُقيل
بل حدّث عَنْ كتب عقيل.
له حديث منكر تفرد به.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُسَيْنٍ الْقُرَشِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ عَمَّارٍ، أَنَا ابْنُ رِفَاعَةَ، أَنَا الْخُلَعِيُّ، أَنَا
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَاجِّ، نَا أحمد بن محمد بن السندي
إملاء، نا مُحَمَّدُ بْنُ عُزَيْزٍ، نَا سَلامَةُ، نَا عُقَيْلٌ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَكْثَرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْبُلْهُ"2.
رَوَاهُ عَدَدٌ كَثِيرٌ، مِنْهُمُ ابْنُ عَدِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
سَلامَةَ.
ثُمَّ رَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ عَنِ اثْنَيْنِ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ
إِسْمَاعِيلَ الأَيْلِيِّ أَحَدِ مَشْيَخَةِ النَّسَائِيِّ، عَنْ
سَلامَةَ.
وَلِسَلامَةَ أَحَادِيثُ مَنَاكِيرُ مِنْهَا عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ
أَنَسٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"امْلِكُوا الْعَجِينَ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْبَرَكَةِ"3.
وَبِهِ إِنَّ جِبْرِيلَ قَالَ: "بَشِّرْ أُمَّتَكَ أَنَّ مَنْ قَالَ:
لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ"4.
__________
1 انظر: الجرح والتعديل "4/ 301"، والميزان "2/ 183".
2 "حديث منكر": أخرجه ابن عدي "3/ 1160"، وابن الجوزي "2/ 452"، في
العلل المتناهية، وانظر المجمع "8/ 79"، "10/ 264".
3 "حديث منكر": أخرجه ابن عدي "3/ 1160"، وانظر الميزان "3361".
4 "حديث حسن لغيره": أخرجه ابن عدي "3/ 1161"، وله شواهد، انظر:
السلسلة الصحيحة "2/ 338"، للألباني، والتمهيد "5/ 126"، لابن عبد
البر.
(13/109)
وَبِهِ: "إِنِّي وَالسَّاعَةُ
كَهَاتَيْنِ"1.
113- سلام بْن أبي خُبزة البصْريّ2.
عن: ثابت البُناني، وابن جدْعان، ويونس بْن عُبَيْد، ومحمد بْن
المُنْكَدِر، وعاصم القارئ، وجماعة.
وعنه: صالح بْن حرب، وإسحاق بْن أَبِي إسرائيل، وسعيد بْن محمد
الْجَرْميّ، وأبو كامل الجحدريّ، وعبد الرَّحْمَن بْن عُبَيْد الله
الحلبيّ، وآخرون.
وهو والد سَعِيد بْن سلام العطّار.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: متروك الحديث.
وقال الْبُخَارِيّ: سلام بْن أبي خُبزة أبو سَعِيد ضعّفه قُتَيْبة.
وقال ابن عَدِيّ: عامّة ما يرويه لَيْسَ يُتَابع عَليْهِ.
114- سَلَمَةُ بْن عَقَّار البغداديّ3.
عَنْ: حمّاد بْن زيد، وفضيل بْن عِياض.
وعنه: سَعْدان بْن يزيد، وأحمد وهو الدَّوْرقيّ.
وثّقه ابن مَعِين.
115- سَلَمَةُ بْن سليمان المَرْوَزِيّ4 -خ. م. س.
المؤدَّب أحد الأئمّة، وصاحب ابن المبارك.
أخذ عَنْهُ: ابن راهَوَيْه، ومحمد بْن عبد الله بن قهزاد، وجماعة.
وثقه النسائي.
__________
1 "حديث حسن لغيره": أخرجه ابن عدي "3/ 116"، وله شاهد أخرجه البخاري
"8/ 131"، ومسلم "الفتن/ 135"، والترمذي "2214"، والنسائي "3/ 189"،
وابن ماجه "4040"، وأحمد "3/ 124".
2 الجرح والتعديل "4/ 260، 261"، والميزان "2/ 174".
3 انظر: الجرح والتعديل "4/ 167"، وتاريخ بغداد "9/ 134".
4 الجرح والتعديل "4/ 163"، والسير "9/ 433".
(13/110)
قِيلَ: تُوُفّي سنة ستٌّ وتسعين ومائة.
116- سَلَمَةُ بن الفضل الأبرش الرازي1 -د. ت.
أبو عبد الله قاضي الريّ.
روى المغازي عَنِ: ابن إِسْحَاق.
وروى عَنْ: أَعْيَن بْن نابِل، وحَجّاج بْن أرطأة، وعَمْرو بْن أَبِي
قيس، وسُفْيان الثَّوْريّ، وغيرهم.
وعنه: عَبْد الله بْن محمد المُسْنَديّ، وعثمان بْن أَبِي شَيبة، ويحيى
بْن مَعِين، ويوسف بْن موسى القطّان، وابن حُمَيْد، وعدّة.
وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا يحتج بِهِ.
وقال الْبُخَارِيّ: عنده مناكير.
وضعّفه النَّسَائيّ.
وقال أبو زُرْعة: كَانَ أهل الرَّيّ لا يرغبون فيه لسوء رأيه وَظُلْمٍ
فيه.
وقال ابن مَعِين: كَانَ يتشيّع، وكان معلّم كُتّاب.
وقال أبو حاتم أيضًا: محلّه الصَّدْق. في حديثه إنكار لا يمكن أن أُطلق
لساني فيه بأكثر مِن هذا.
وقال محمد بْن سعْد: ثقة.
كَانَ يقال: إنّه مِن أخشع الناس في صلاته.
قلت: وورد عَنْهُ أنّه مِن الحُفّاظ الذين يحفظون الشيء عَلَى البديهة.
وقال عليّ بْن المَدِينيّ: ما خرجنا مِن الرَّيّ حتى رَمَينا بحديث
سَلَمَةَ الأبرش.
قلت: كَانَ قويًا في ابن إسحاق.
أتى عَليْهِ مائة وعشر سنين.
__________
1 الجرح والتعديل "4/ 168-170"، والسير "7/ 49، 50".
(13/111)
قلت: إنْ صحّ هذا فكان يمكنه لقاء الصحابة
وكبار التّابعين.
مات سَلَمَةَ بْن الفضل سنة إحدى وتسعين ومائة.
117- سَلْم بْن جعفر البكراوي الأعمى1 -د. ت.
روى عن: الْجُرَيْريّ، والحَكَم بْن أبان.
وعنه: يحيى بْن كثير العنْبريّ، ونُعَيْم بْن حمّاد.
ذكره ابن حِبّان في تاريخ الثَّقات.
118- سَلْم بْن سالم البلْخيّ2.
أبو محمد الزّاهد العابد.
حدَّث ببغداد عَنْ: عُبَيْد الله بْن عُمَر، وحُمَيْد الطويل، وابن
جُرَيج، وسُفْيان.
وعنه: أحمد بْن منيع، والحسن بْن عَرَفَة، وسَعْدان بْن نصر، وعليّ بْن
محمد الطّنافسيّ، وإبراهيم بْن موسى الفرّاء، وغيرهم.
وقال أبو مقاتل السَّمَرْقَنْديّ: سَلْم في زماننا كعمر بْن عَبْد
العزيز في زمانه.
وقال ابن سعْد: كَانَ أمّارًا بالمعروف، وكان مطاعًا، فأقدمه الرشيد
وحبسه، حتى مات الرشيد فأطلقوه.
قَالَ: وكان مُرْجِئًا ضعيفًا.
قَالَ الخطيب: كَانَ مذكورًا بالعبادة والزُّهْد، ويذهب إلى الإرجاء.
وقال يحيى بْن ماهان: سَمِعْتُ محمد بْن إسحاق اللّؤلؤيّ يَقُولُ:
رَأَيْت سَلْم بْن سالم مكث أربعين سنةً لم يرفع رأسه إلى السماء، ولم
يُر لَهُ فراش، ولم يُر مُفْطرًا إلا في العيد3.
وقيل: إنّ الرشيد إنّما حبسه لأنّه قَالَ: لو شئت أن أضرب الرشيد بمائة
ألف سيف لفعلت.
__________
1 انظر: الجرح والتعديل "4/ 265"، والميزان "2/ 184".
2 الجرح والتعديل "4/ 266"، والميزان "2/ 184".
3 تاريخ بغداد "9/ 141".
(13/112)
وعن سَلْم قَالَ: ما يَسُرّني أن ألقي الله
بعمل مِن مضى، وأن أقول: الإيمان قول وعمل.
وقال ابن المَدِينيّ: أخبرني أبو يحيى قَالَ: صحِبْت سَلْم بْن سالم في
طريق مكّة، فما رَأَيْته وضع جبينه في المحمل، إلا مرّة مدّ رِجْلَه
وجلس.
وقال أبو معاوية: دعاني الرشيد لأحدّثه، فقلت: سَلْم هَبةُ لي. فعرفت
منه الغضب، وقال: إنّ سَلْمًا لَيْسَ عَلَى رأيك ورأي أصحابك في
الإرجاء، وقد جلس في مكّة وقال: لو شئت أن أضرب أمير المؤمنين بمائة
ألف سيفٍ لَفَعَلْت.
قَالَ: فكلّمته فيه، فخفّف عَنْهُ مِن قيوده1.
وقال أحمد بْن حنبل: رأيته أتى أبا معاوية، وكان صديقًا لَهُ، وكان
عبدًا صالحًا ولم أكتب عَنْهُ. كَانَ لا يحفظ ويخطئ.
وقال النَّسَائيّ: ضعيف.
وقال ابن مَعِين: لَيْسَ بشيء.
أَخْبَرَنَا غَنَّامُ بْنُ مَحَاسِنَ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي
نَصْرٍ الْقَاضِي سَنَةَ عِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، أَنَا عِيسَى بْنُ
أَحْمَدَ الْهَاشِمِيُّ، أَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ
أَحْمَدَ، أنا عبد الله بن يحيى السكري، أن إِسْمَاعِيلُ الصَّفَّارُ،
نَا سَعْدَانُ، نَا سَلْمُ بْنُ سَالِمٍ الْبَلْخِيُّ، عَنْ عَلِيِّ
بْنِ عُرْوَةَ الدِّمَشْقِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنِ ابْنِ
عُمَرَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قال: "مَنْ قَادَ أَعْمَى أَرْبَعِينَ ذِرَاعًا وَجَبَتْ لَهُ
الْجَنَّةُ"2.
قُلْتُ: اتُّهِمَ بِهِ ابْنُ عُرْوَةَ.
ومات سَلْم سنة أربعٍ وتسعين ومائة.
119- سَلْم بْن قتيبة الخراساني الفريابي الشعيري3. -خ. ع.
أبو قتيبة نزيل البصرة.
__________
1 السابق "9/ 142".
2 سبق تخريجه.
3 انظر: الجرح والتعديل "4/ 266"، والتهذيب "4/ 133".
(13/113)
روى عَنْ: يونس بْن أَبِي إسحاق، وعيسى بْن
طَهْمان، وعِكْرمة بْن عمّار، وشُعبة، وطبقتهم.
وعنه: زيد بْن أَخْرم، وأبو حفص الفلاس، وبُنْدار، ومحمد بْن يحيى
الذُّهْليّ، وهارون بْن سليمان الأصبهاني، وآخرون.
وثّقه أبو دَاوُد.
تُوُفّي سنة مائتين.
120- سليمان بْن الخليفة أَبِي جعفر عبد الله بن محمد بن علي العباسي1.
أبو أيّوب. نائب دمشق للرشيد وللأمين. وقد وُلّي أيضًا البصْرة.
روى عن: أَبِيه.
وعنه: ابنته زينب، وابن أخيه إبراهيم بْن عيسى.
مات في صَفَر سنة تسعٍ وتسعين ومائة، وله خمسون سنة.
ذكره ابن عساكر مختصرًا.
121- سليمان بْن عامر الكِنْديّ المَرْوَزِيّ2.
عَنِ الربيع بْن أنس فقط.
وعنه: إسحاق بْن راهَوَيْه، وعَمْرو بْن رافع القَزْوينيّ، ومحمد بْن
يحيى بْن أيّوب الثَّقَفيّ، وغيرهم.
قَالَ أبو حاتم: صَدُوق حسن الحديث.
- سُلَيْم: هُوَ صاحب حمزة الزّيّات.
122- سُلَيْم بْن عيسى بْن سُلَيْم بْن عامر بْن غالب3.
أبو عيسى الحنفي، مولاهم الكوفيّ المقرئ، أحد الأعلام، وأخصّ تلامذة
حمزة به، والمقدم في الحذق بحروفه.
__________
1 وفيان الأعيان "3/ 195".
2 الجرح والتعديل "4/ 133، والتهذيب "4/ 203".
3 انظر: الجرح والتعديل "4/ 215"، والميزان "2/ 231".
(13/114)
مولده سنة ثلاثين ومائة، ومات سنة مائتين.
هكذا أرّخه محمد بْن سعْد.
وأما خَلَف القزّاز فقال: ولد سنة تسع عشرة ومائة، ومات سنة ثمانٍ
وثمانين ومائة. وهذا أشبه كما تقدّم.
123- سُلَيْم بْن مُسْلِم الجمحي الْمَكَّيّ الخشّاب1.
روى عَنْ: النَّضر بْن عربي، وابن أَبِي ليلى، وابن جُرَيج، ويونس بْن
يزيد الأَيْليّ، وموسى بْن عُبَيْدة.
وعنه: يحيى بْن حكيم المقدّم، وابن راهَوَيْه، ومحمد بْن مِهران
الجمّال، ويعقوب بْن كاسب، وجعفر بْن مِهْران، والمسيّب بْن واضح،
ومحمد بْن بحر البصْريّ.
قَالَ يحيى بْن مَعِين: جهْميٌ خبيث.
وقال النَّسَائيّ: متروك الحديث.
وقال أَبُو حاتم: ضعيف مُنْكَر الحديث.
124- سهل بْن زياد البصْريّ الطّحّان2.
عَنْ: سليمان التَّيميّ، وداود بْن أَبِي هند، وشَرِيك.
وعنه: أحمد بْن حنبل، ونُعَيْم بْن حمّاد، وحفص الرَّباليّ، وبِشْر بْن
يوسف. صَدُوق.
قَالَ أبو حاتم: تُكِلّم فيه، وما رأينا إلا خيرًا.
125- سهل بْن هاشم بْن بلال الحبشيّ الواسطيّ ثمّ البَيْروتيّ3 -ن.
عَنْ: الأوزاعيّ، وشُعْبَة، وسُفْيان، وجماعة.
وَعَنْهُ: مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّاطَرِيُّ، وَهِشَامُ بْنُ
عمّار، ودُحَيْم، وسليمان ابن بنت شرحبيل، وجماعة.
__________
1 الكامل "3/ 1165"، لابن عدي، والميزان "2/ 322".
2 الجرح والتعديل "4/ 197"، والميزان "2/ 237".
3 انظر: الجرح والتعديل "4/ 205"، والميزان "2/ 241".
(13/115)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ.
126- سهل بْن يوسف البصْريّ الأنماطيّ1 -خ. 4.
عَنْ: حُمَيْد الطَّوِيلِ، وعَوْف، والعَوَّام بْن حَوْشَب، وعدّة.
وعنه: أحمد، والفلاس، وبُنْدار، ونصر بْن عليّ.
قَالَ النَّسَائيّ: ثقة.
127- سُوَيْد بْن عَبْد العزيز بْن نمير -ت. ق.
أبو محمد السلمي، مولاهم الدّمشقيّ القاضي. وُلّي قضاء بَعْلَبَكّ،
وشارك في قضاء دمشق يحيى بْن حمزة في وقت.
وكان مِن كبار العلماء، قرأ القرآن عَلَى يحيى الذَّماريّ، وغيره.
أخذ عَنْهُ: أبو مُسْهٍر، وهشام، والربيع بْن ثعلب القراءة.
وقد روى الحديث عَنْ: أيّوب، وأبي الزُّبَيْر، وحسين بْن عَبْد
الرَّحْمَن، وثابت بْن عَجْلان، وعاصم الأحْوَل، وحميد الطويل، وطائفة.
وقرأ أيضا على الحسن بن عمران تلميذ عطية بن قيس، وقد قرأ عطيّة عَلَى
أمّ الدَّرْداء.
روى عَنْهُ: دُحَيْم، ومحمد بْن عائذ، وداود بْن رشيد، وابن ذَكْوان،
ومحمد بْن أَبِي السَّريّ، وعدة.
قال: أبو نعيم الحلبي: نا سُوَيْدٌ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، عَنْ
أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "نَهَى
عَنْ بَيْعِ السُّنْبُلِ حَتَّى يَيْبَسَ"3.
رَوَى دُحَيْمٌ، عَنْ سويد قال: ولدت سنة ثمان ومائة.
وقال ابْنُ مَعِينٍ: سُوَيْدٌ وَاسِطِيٌّ، انْتَقَلَ إِلَى دِمَشْقَ.
لَيْسَ حَدِيثُهُ بِشَيْءٍ، كَانَ يَقْضِي بَيْنَ النَّصَارَى.
__________
1 الجرح والتعديل "4/ 205"، والتهذيب "4/ 205"، والتهذيب "4/ 259،
260".
2 الجرح والتعديل "4/ 238"، والسير "9/ 18".
3 "حديث حسن": أخرجه الترمذي "1227"، وله شاهد عند مسلم "1535"، وأبي
داود "3368"، والترمذي "1245"، من حديث ابن عمر -رضي الله عنه.
(13/116)
وروى محمد بْن عوف، عنِ ابن مَعِين قَالَ:
سُوَيْد لا يجوز في الضحايا.
وقال أحمد: متروك.
وقال الْبُخَارِيّ: في حديثه نظر لا يُحتَمَل.
وقال النَّسَائيّ: لَيْسَ بثقة.
وقال أبو حاتم: لَيْسَ بالقويّ.
وقال الدّارَقُطْنيّ: يُعْتَبَر بِهِ.
قَالَ عليّ بْن حُجْر: قُلت لهُشَيْم: شيخ مِن أهل واسط بدمشق يُقال
لَهُ سُوَيْدة فأثني عَليْهِ.
وقال ابْن سعْد: أَنَا أبو عَبْد الله الشاميّ قَالَ: وُلّي سُوَيْد
قضاء بَعْلَبَكّ، وكان محتاجًا، فلقيه داود بْن أبي شَيْبان فقال: يا
أبا محمد وُلَّيت القضاء بعد العِلم والحديث؟ قَالَ: نعم، نَشَدْتُكَ
بالله أَتَحْت جُبّتك شِعار؟
فقال داود: نعم! فرفع سُوَيْد جُبّته فإنّما تحتها ثوب.
ثمّ قَالَ: أنْشُدُك الله هَلْ هذا الطَّيْلسان لك؟ قَالَ: نعم! قَالَ:
فوالله ما هذا الطَّيْلسان لي، أفلا ألي القضاء؟ فوالله لو وُلَّيت
بيتَ المال لوليته.
قلت: قد روى عَنْهُ من البعالكة: إبراهيم بْن النَّضْر، وعبد الحميد
بْن حمّاد الْقُرَشِيّ، وأبو سُلَيْم عَبْد الرَّحْمَن بْن ضحّاك،
ومحمد بْن هاشم.
وقد وثّقه دُحَيْم وحده.
مات سنة أربعٍ وتسعين ومائة.
128- سيّار بْن حاتم1 -ت. ن. ق.
أبو سلمة البصري العنزي العابد.
روى عَنْ: جعفر بْن سُليمان، وصَحِبه مُدة، وعن: الحارث بْن نَبْهان،
وعبد الواحد بن زياد، وطائفة.
__________
1 انظر: الجرح والتعديل "4/ 257"، والتهذيب "4/ 290".
(13/117)
ويغلب على حديثه القصص والرقاق.
روى عَنْهُ: أحمد بْن حنبل، وهارون الحمّال، وعليّ بْن مُسْلِم
الطُّوسيّ، ومؤمَّل بْن إهاب، وعبد الله بْن الحَكَم القَطَوانيّ،
وآخرون.
ذكره ابن حِبّان في الثَّقات.
وقيل: كَانَ مِن الصُّلَحاء السَّليمي الباطن.
قَالَ أبو داود: سَأَلت القواريريّ عَنْهُ فقال: لم يكن لَهُ عقل.
كَانَ معي في الدُّكّان. قلت: أيتهم بكَذِب؟ قَالَ: لا!.
وقال الحاكم: كَانَ عابد عصره. أكَثْرَ عَنْهُ أحمد بْن حنبل.
وقال الأزديّ: عنده مناكير.
قِيلَ: مات سنة تسعٍ وتسعين ومائة.
وقيل: سنة مائتين.
"حرف الشين":
129- شبيب بْن سُلَيْم الأُسَيديّ البصْريّ1.
رَأَى الحَسَن البصْريّ سَلْم واحدةً.
وروى عَنْ: مِقْسَم، وعن أَبِي هانئ.
وعنه: إبراهيم بْن مهديّ، والفلاس، ومحمد بْن المُثَنَّى، ونُعَيْم بْن
حمّاد، ورُسْتَه، ضعّفه الفلاس، والدارقطني.
130- شعيب بن حرب2 -خ. د. ن.
أبو صالح المدائني البغدادي الزّاهد العابد، نزيل مكّة.
روى عَنْ: عِكْرمة بْن عمّار، ومالك بْن مِغْوَلٍ، وشُعْبَة، وجماعة.
وعنه: أحمد بن حنبل، والحسن بن الصباح البزار، ويعقوب الدورقي، ومحمد
__________
1 انظر: الجرح والتعديل "4/ 359"، والميزان "21/ 262".
2 الجرح والتعديل "4/ 342"، والسير "9/ 188-191".
(13/118)
ابن عيسى المدائني، وطائفة سواهم.
وثقه أبو حاتم، وغيره.
وكان منعوتا بالعبادة والورع، أمارا بالمعروف.
أثنى عليه سري السقطي.
وقال أحمد: شعيب حمل على نفسه في الورع.
وقال عبد الله بن خبيق: سَمِعْتُ شعيب بْن حرب يَقُولُ: أكلتُ في عشرة
أيام أكلة.
وقال أبو حمدون الطَّيّب بْن إسماعيل: ذهبنا إلى شُعيب إلى المدائن وقد
بنى لَهُ كوخًا، وعنده خبز يابس يبلّه، وهو جلْد وعظْم.
وقد كان قرأ القرآن غير مرّة على حمزة الزّيّات وصحِبَه.
قال عَبْد الله بْن أيوب المخرميّ: قَالَ شُعيب بْن حرب: مِن طلب
الرئاسة ناطَحَتْه الكِباش. ومن رضي أن يكون ذَنَبًا أبى الله إلا أن
يجعله رأسًا1.
قلت: تُوُفّي سنة سبْعٍ وتسعين ومائة.
131- شُعَيْب بن العلاء الرازي2.
أَبُو مُحَمَّد السَّرَّاج، ولقبه أَبُو هُرَيْرَةَ.
رَوَى عن: حجاج بن أرطأة، وابن جريج، وجويبر، وسفيان الثوري.
وعنه: عمرو بن رافع، ومحمد بن عمرو زنيج.
صدوق.
132- شعيب بن الليث بن سعد الفهمي3 -م. د. ن.
مولاهم المصري.
__________
1 صفة الصفوة "3/ 10".
2 انظر: الجرح والتعديل "4/ 350"، والثقات لابن حبان "4/ 357".
3 الجرح والتعديل "4/ 351"، التهذيب "4/ 355".
(13/119)
عَنْ: أَبِيه، وموسى بْن عليّ بْن رباح.
وعنه: ولده عَبْد المُلْك، ويونس بْن عَبْد الأعلى، والربيع بْن
سُليمان، ومحمد بْن عَبْد الله بْن عَبْد الحَكَم، وغيرهم.
وكان إمامًا مُفْتيًا ثقة.
قَالَ ابن وهْب: ما رَأَيْت ابنًا لعالم أفضل مِن شُعيب بْن اللَّيْثُ.
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: مَاتَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ تسعٍ وتسعين ومائة،
وله أربعٌ وستّون سنة.
133- شقيق البلْخيّ.
هُوَ أبو عليّ شقيق بْن إبراهيم الأزديّ الزّاهد1، أحد الأعلام، صاحب
إبراهيم بْن أدهم.
حدَّث عَنْ: إسرائيل، وعبّاد بْن كثير، وكثير بْن عَبْد الله
الأَيْليّ.
وعنه: حاتم الأصم، وعبد الصمد بن يزيد مردويه، ومحمد بن أبان المستملي،
والحسين بن داود البلخي، وغيرهم.
عن علي بن محمد بن شقيق البلخي قال: كانت لجدي ثلاثمائة قرية، ثمّ مات
بلا كفن. وسيفه إلى الساعة يتبرّكون بِهِ.
وخرج إلى التُّرْك تاجرًا، فدخل عَلَى عَبَدة الأوثان، فرأى عالِمهم قد
حلق لِحْيته، فقال: هذا باطل، ولكم خالق وصانع قادر عَلَى كلّ شيء.
فقال لَهُ: لَيْسَ يوافق قولك فِعلك.
قَالَ: وكيف؟ قَالَ: زعمت أنّه قادر عَلَى كلّ شيء، وقد تعنّيت إلى هنا
تطلب الرزق، فلو كَانَ كما تَقُولُ، كَانَ الَّذِي يرزقك هنا يرزقك
هناك وتريح العناء.
قَالَ: فكان هذا سبب زهدي2.
وعن شقيق قَالَ: كنتُ شاعرًا فرزقني الله التوبة. وخرجت من ثلاثمائة
ألف
__________
1 انظر: الحلية "8/ 58-73"، والسير "9/ 313".
2 الحلية "8/ 59".
(13/120)
درهم، وكنتُ مُرابيًا. لبستُ الصُّوف عشرين
سنة وأنا لا أدري، حتى لقيت عَبْد العزيز بْن أَبِي رَواد فقال: لَيْسَ
الشأن في أكل الشعير ولبس الصوف. الشأن أن تعرف الله بقلبك لا تُشْرِك
بِهِ شيئًا.
والثانية: الرضى عَنِ الله، والثالثة: تكون بما في يدي الله أوثق منك
بما في أيدي الناس.
وعن شقيق قَالَ: عملت في القرآن عشرين سنة حتى ميّزت بين الدنيا
والآخرة، فأصبته في حرفين. قوله تعالى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ
فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الشورى: 46] ، {وَمَا عِنْدَ
اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [القصص: 60] .
وعن حاتم الأصمّ، عَنْ شقيق قَالَ: لو أن رجلا عاش مائتي سنة لا يعرف
هذه والأربعة لم يَنْجُ: أوّلها معرفة الله تعالى، الثاني: معرفة
النفس، الثالث: معرفة أمر الله ونهيه، الرابع معرفة عدّو الله وعدّو
النفس.
قَالَ أبو عقيد الرَّصافيّ: نا أحمد بْن عَبْد الله الزّاهد: سَمِعْتُ
شقيق بْن إبراهيم يَقُولُ: ثلاث خِصال هِيَ نتاج الزُّهْد: الأولى: أن
تميل عَنِ الهوى.
الثانية: تنقطع إلى الزُّهْد بقلب.
الثالث: أن يذكر إذا خلا كيف مدخله ومخرجه، كيف يدخل قبره؟ ويذكر
الجوع، والعطش والحساب والصراط والعري والفضيحة وطول القيام.
وقد ذُكِر عَنْ شقيق مَعَ انقطاعه وزُهده أنّه من كبار المجاهدين في
سبيل الله. وكذا فلْيكن زُهد الأولياء -رَضِيَ اللهُ عَنْهُم.
روى محمد بْن عِمران، عَنْ حاتم الأصمّ قَالَ: كنّا مَعَ شقيق ونحن
مُصافُّوا العدّو وَالتُّرْكَ، في يوم لا أرى فيه إلا رؤوسًا تندر،
وسيوفًا تُقطع، ورِماحًا تُقصف. فقال لي: كيف ترى نفسك؟ هِيَ مثل
الليلة التي زُفّت فيها إليك امرأتك؟ قلت: لا والله! قَالَ: ولكنّي أرى
نفسي كذلك. ثمّ نام بين الصَّفَّيْن ودَرَقَتُه تحت رأسه حَتَّى سمعت
غطيطُه. فأخذني يومئذ تركيّ وأضجعني للذَّبْح. فبينا هُوَ يطلب
السَّكّين مِن خُفّه إذ جاء. سهمٌ عائر، فذبحه وألقاه عني1.
__________
1 الحلية "8/ 64".
(13/121)
وعن حاتم، عَنْ شقيق قَالَ: مَثَلُ المؤمن
مثل رجلٍ غرس نخلةً فخاف أن تحمل شوكًا، ومثل المنفاق كَمَثل رجلٍ زرع
شوكًا يطمع أن يحمل تمرًا.. هيهات.
وعن شقيق قَالَ: لَيْسَ شيء أحبّ إلي مِن الضَّعيف لأنّ رُزْقه عَلَى
الله، وأجره لي.
وقال الحسين بْن داود: نا شقيق: الزّاهد في الدنيا الراغب في الآخرة،
المداوم عَلَى العبادة قَالَ: ثنا أبو هاشم الأَيْليّ فذكر حديثًا.
وعن شقيق قَالَ: لقِيت سُفْيان الثَّوْريّ فأخذت منه لباسَ الدون،
رَأَيْت لَهُ إزارًا ثمنه أربعة دراهم إذا جلس متربّعًا أو مدَّ
رِجْلَيه يخاف أن تبدو عورته.
وأخذت الخشوع مِن إسرائيل.
وقال محمد بْن أبان المستمليّ: سَمِعْتُ شقيقًا يَقُولُ: أخذت العبادة
من عباد بن كثير، والفِقْه مِن زُفَر.
قَالَ ابن أَبِي الدنيا: ثنا محمد بْن الحسين قَالَ: سُئِل شقيق: ما
علامة التوبة؟ قَالَ: إدمان البكاء عَلَى ما سلف مِن الذَّنوب، والخوف
المُقْلِق مِن الوقوع فيها، وهجران إخوان السُّوء، وملازمة أهل الخير1.
وقال ابن أَبِي الدنيا: نا أحمد بْن سَعِيد: قِيلَ لشقيق: ما علامة
العبد المباعَد المطرود؟ قَالَ: إذا رَأَيْته قد ضيّع الطاعة، واستوحش
قلبه منها؛ وحَلَتْ لَهُ المعصية، واستأنس بها؛ ورغِب في الدنيا وزهِد
في الآخرة2.
وعن شقيق قَالَ: ما للعبد صاحب خير مِن الخوف والهمّ فيما مضى مِن
ذنوبه وما ينزل بِهِ.
وعنه قَالَ: مِن شكا مصيبة نزلت بِهِ إلى غير الله، لم يجد حلاوة
الطاعة أبدًا.
قَالَ الحاكم في تاريخه: قِدم شقيق نَيْسابور عند خروجه راجلًا، في
ثلاثمائة مِن زُهّاد خُراسان معه، أيّام المأمون، يعني أيّام ولايته
خُراسان.
قَالَ: فطلب المأمون الاجتماع به، فامتنع حتى تشفع إليه المأمون.
__________
1، 2 طبقات الأولياء "ص/ 13" لابن الملقن.
(13/122)
روى عَنْهُ مِن أهل نَيْسابور: أيّوب بْن
الحَسَن الزّاهد، وعليّ بْن الحَسَن الأفطس، وغيرهما.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ، وَجَمَاعَةٌ
قَالُوا: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَا يَحْيَى بْنُ
ثَابِتٍ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي عُمَرَ البزاز عرف بابن الخال،
أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَحَامِلِيُّ سَنَةَ ثَمَانٍ
وَعِشْرِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ
عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيُّ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ دَاوُدَ
الْبَلْخِيُّ، نَا شَقِيقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَلْخِيُّ، نَا أَبُو
هَاشِمٍ الأَيْلِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا ابْنَ آدَمَ لا
تَزُولُ قَدَمَاكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ عَزَّ
وَجَلَّ حَتَّى تُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ: عُمْرُكَ فِيمَا أَفْنَيْتَهُ،
وَجَسَدُكَ فِيمَا أَبْلَيْتَهُ، وَمَالُكَ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبْتَهُ
وَأَيْنَ أَنْفَقْتَهُ"1. إِسْنَادُهُ وَاهٍ، وَمَعْنَاهُ صَحِيحٌ.
ذكر يعقوب القرّاب أنّ شقيق بْن إبراهيم رحِمه الله تعالى قُتِل في
غزوة كُولان سنة أربعٍ وتسعين ومائة.
"حرف الصاد":
134- صالح بْن بَيان الثَّقَفيّ2.
ويُقال العبْديّ، قاضي بلد سِيراف مِن أعمال فارس.
ويُعرف بالسّاحليّ.
حكى عَنْ: شعبة، وسفيان، وفُرات بْن السّائب.
وعنه: محمد بْن إسماعيل بْن أَبِي سمينة، وأحمد بْن مطهّر، وغيرهما.
قَالَ الدّارَقُطْنيّ: متروك الحديث.
135- صالح بْن مُوسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ
طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيميّ الطَّلْحيّ3 الكوفيّ -ت. ق.
عَنْ: عَبْدِ الْعَزِيزِ بْن رُفيع، وَسُهَيْلِ بْن أَبِي صالح،
ومعاوية بْن إِسْحَاق، وهشام بن عروة.
__________
1 "حديث صحيح لغيره": أخرجه الترمذي "2417"، والدارمي "1/ 135"،
والطبراني "11/ 102" في الكبير.
2 انظر: تاريخ بغداد "9/ 310"، والميزان "2/ 290".
3 الجرح والتعديل "4/ 415"، والسير "8/ 161".
(13/123)
وعنه: داود بن عمرو الضبي، وَسُوَيْدُ بْنُ
سَعِيدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمُحَارِبِيُّ.
قَالَ الْبُخَارِيّ: مُنْكَر الحديث.
وقال س: متروك الحديث.
136- صَعْصَعَةُ بنُ سلام.
ويقال ابن عَبْد الله الدّمشقيّ1.
روى عَنِ: الأَوْزَاعِيِّ، وَسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ،
وَمَالِكِ. ثمّ دخل الأندلس وصار عالِمها ومُفتيها، وولي خطابة
قُرْطُبَة.
حدَّث عَنْهُ: عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ أيّوب
القُرْطُبيّ، وموسى بْن ربيعة.
قال ابن يونس: كنْيته أبو عَبْد الله. وكان أول مِن أدخل الحديث
الأندلس.
قال: وتوفي سنة اثنتين وتسعين ومائة.
وقيل سنة ثمانين ومائة.
137- صُغْديُّ بْن سِنان.
أبو معاوية البصْريّ2.
عَنْ: يونس بْن عُبَيْد، وابن جُرَيج، وجعفر بْن الزُّبَيْر، ومحمد بْن
مضاء.
وعنه: محمد بْن صالح البغداديّ، وزيد بْن الحُرَيْش، والوليد بن عمرو
بْن سُكَين، ومحمد بْن هشام بْن أبي خيرة السُّدُوسيّ، وَآخَرُونَ.
قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ.
وَقَالَ غيره: ضعيف.
138- صَفْوان بْن عيسى، أبو محمد الزُّهْرِيّ البصْريّ القسّام3 -م. ع.
عَنْ: ثور بْن زيد، وابن عجلان، ويزيد بن أبي عبيد، ومعمر، وجماعة.
__________
1 الوافي بالوفيات "16/ 308، 309"، وشذرات الذهب "1/ 332".
2 انظر: الجرح والتعديل "4/ 453"، والميزان "2/ 316".
3 الجرح والتعديل "4/ 425"، السير "9/ 309".
(13/124)
وعنه: أحمد، وإسحاق، والفلاس، وأبو قُدامة
السَّرْخَسِيّ، ومحمد بن يحيى، وطائفة.
قَالَ ابن سعْد: كَانَ ثقة صالحًا.
وقال البخاريّ: مات سنة ثمانٍ وتسعين ومائة.
وقيل: سنة مائتين.
139- صِلةُ بنُ سليمان الواسطيّ العطّار1.
نزل بغداد وحدّث عَنْ: ابن جُرَيج، وهشام بْن حسّان، وأشعث بْن عَبْد
المُلْك.
وعنه: محمد بْن حرب النَّسَائيّ، وسليمان بن أحمد الواسطيّ، وصمدون بْن
عَبْد الله الطّحّان.
كذّبه ابْن مَعِين.
وقال أبو حاتم: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: لَيْسَ بِذَاكَ الْقَوِيِّ.
قَالَ سُلَيْمَانُ بن أحمد: نا صلة العطار، أنا ابن جريج، عن عطاء، عن
جابر بن مُعَاذٍ، سَمِعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَنْ أَمَّنَ رَجُلا ثُمَّ قَتَلَهُ وَجَبَتْ
لَهُ النَّارُ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ كَافِرًا"2.
وَيَرْوِي عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَمِقِ بِإِسْنَادٍ صَالِحٍ.
140- صَيْفيّ بْن رِبْعيّ الأنصاريّ3.
كوفيّ.
عَنْ: أبيه، وابن أبي ذئب، وشعبة، وطبقتهم.
__________
1 الجرح والتعديل "4/ 447"، والميزان "2/ 320".
2 "حديث حسن لغيره": أخرجه العقيلي "2/ 215"، في الضعفاء الكبير،
وأخرجه أحمد "5/ 223، 224، 437" وغيره عن عمرو بن الحمق -رضي الله عنه.
3 انظر: الجرح والتعديل "4/ 448"، والتهذيب "4/ 440، 441".
(13/125)
وعنه: أبو كُرَيْب، ومحمد بْن منصور
العِجْلي، والحسين بْن يزيد الطّحّان، وغيرهم.
قَالَ أبو حاتم: صالح الحديث ما أرى بحديثه بأسًا.
قلت: لَهُ حديث مُنْكر في التَّرْمِذيّ، عَنْ عَبْد الله بْن عُمَر
العُمريّ.
"حرف الضاد":
- ضمرة بْن ربيعة1.
شيخ الرملة.
سيأتي بعد المائتين.
"حرف العين":
141- عاصم بْن حُمَيْد الكوفيّ الحنّاط2.
عَنْ: سِماك بْن حرب، وأبي حمزة ثابت الثُّماليّ.
وعنه: يحيى بْن عبد الحميد، وابن نُمَيْر، ومحمد بْن مِهْران
الْجَمَّالُ.
وثّقه أبو زُرْعة.
142- عاصم بْن سليمان.
أبو محمد العبْديّ، ثمّ الكُوزيّ الحذّاء3.
شيخ بصْريّ، ضعيف.
عَنْ: عاصم الأحول، وداود بْن أَبِي هند، وهشام بْن حسّان.
وعنه: محمد بْن موسى الحَرشيّ، ومحمد بْن عيسى بْن الطّبّاع، والحَسَن
بن عرفة.
كذبه الفلاس.
__________
1 ستأتي الرجمة له.
2 انظر: الجرح والتعديل "6/ 342"، والتهذيب "5/ 41".
3 الجرح والتعديل "6/ 344"، والميزان "2/ 350".
(13/126)
وقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَرْوِي
الْمَوْضُوعَاتِ عَنِ الأَثْبَاتِ.
ابْنِ الطَّبَّاعِ: ثنا عَاصِمُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ
بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جابر: {وَمَقَامٍ
كَرِيمٍ} [الدخان: 26] قَالَ: الْمَنَابِرُ1.
143- عاصم بْن عَبْد العزيز الأشجعيّ2 -ت. ق.
المدنيّ، أبو عَبْد الرَّحْمَن.
عَنْ: الحارث بْن عبد الركم بْن أَبِي دياب، وهشام بْن عُرْوة، وسعد
بْن إِسْحَاق.
وعنه: إبراهيم بْن المنذر، وإسحاق بْن موسى الخطميّ، ومحمد بْن
المُثَنَّى وقال: هُوَ ثقة.
وقال النَّسَائيّ، والدارَقُطْنيّ: لَيْسَ بالقوي.
144- عامر بْن صالح بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ
الزُّبَيْرِ الأسَديّ المدنيّ3 -ت.
نزل بغداد، وحدّث عَنْ عمّ أبيه هشام بْن عُرْوة، وابن أَبِي ذئب،
ويونس بْن يزيد.
وعنه: أحمد بْن حنبل، والصَّلْت الْجَحْدَريّ، ويعقوب الدَّوْرقيّ،
ومحمد بْن حاتم الزَّمِّيَّ.
وكان فقيهًا إخباريًا علامة لكنّه واهٍ.
قَالَ أبو داود: قِيلَ ليحيى بْن مَعِين: إنّ أحمد بْن حنبل حدَّث عَنْ
عامر بْن صالح.
فقال: ما لهُ، جُنّ؟.
وضعّفه غير واحد.
وقال الدارقطني: يترك عندي.
__________
1 "خبر موضوع": وأخرجه العقيلي "3/ 337" في الضعفاء الكبير.
2 انظر: الجرح والتعديل "6/ 348"، والميزان "2/ 353".
3 الجرح والتعديل "6/ 324"، والتهذيب "5/ 70".
(13/127)
وَرَوَى أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، عَنِ
ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: كَانَ كذّابًا يروي عَنْ هشام كلّ حديث سمعه.
وقال أحمد بْن محمد بْن محرز، عن ابن معين: كذاب، عدو الله.
قَالَ لي حَجّاج: إنّ هذا أتاه، فكتب عَنْهُ حديث هشام بْن عُرْوة،
حدّثه بِهِ عَنِ اللَّيْثُ بْن سعْد، وابن لَهِيعَة، عنه.
وقال س: لَيْسَ بثقة.
وقال ابن عَدِيّ: عامّة حديثه مسروق مِن الثَّقات.
145- عامر بْن صالح بن رستم الخزاز1 -ت.
أبو بكر البصري.
وهو عامر بن أبي عامر.
روى عن: أَبِيه، ويونس بْن عُبَيْد، وأيّوب بْن موسى.
وعنه: عُبَيْد الله القواريريّ، وخَلَف البزَّار، ومحمد بْن أَبِي
بَكْر المُقَدَّمّي، والفلاس، وابن مُثَنَّى، ونصر بْن عليّ، وعدّة.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيّ: لم أر لَهُ حديثًا مُنكرًا.
146- عامر بْن عبد الله.
أبو وهْب الْمَصْرِيّ2.
عَنْ: عَمْرو بْن شراحيل المَعَافِريّ.
وعنه: سَعِيد بْن عُفَير، وأحمد بْن سَعِيد الهمَدانيّ.
مات سنة مائتين.
147- العبّاس بْن الأحنف.
شاعر زمانه، لَهُ أخبار كثيرة مَعَ الرشيد وغيره.
__________
1 انظر: الجرح والتعديل "6/ 324"، والتهذيب "5/ 70".
2 معجم الأدباء "12/ 40، 41"، وشذرات الذهب "1/ 334".
(13/128)
وكان طريفًا كيسًا حلو النادرة مجيدًا في
الغزل.
ومن شِعْره:
يا أيها الرجل المعذَّب نفسَهُ ... أقصِرْ فأنّ شفاءك الإقصارُ
نَزَف البكاءُ دموعَ عينك فاستَعٍرْ ... عينًا يُعينك دمعُها المِدرار
مِن ذا يُعيرك عينهُ تبكي بها ... أرأيت عينًا للبكاء تُعارُ1
ومن شِعْره:
وحدَّثْتني يا سعد عَنْهَا فزِدْتَني ... جُنُونًا فزِدْني مِن حديثك
يا سَعْد
هواها هويً لم يعرف القلبُ غيرَه ... فليس لَهُ قبلٌ وليس لَهُ بعدُ2
ومن شعره:
قد سحب الناسر أذيالِ الظُّنُون بنا ... وفرّق الناسُ فينا قولَهم
فِرقا
فكاذبٌ قد رمى في الحبّ غيركم ... وصادق لَيْسَ يَدْري أَنَّهُ صَدَقا3
مات العبّاس بْن الأحنف سنة ثلاثٍ وتسعين ومائة.
وقيل: مات سنة اثنتين وتسعين ومائة، قبل أَبِي نواس.
148- العبّاس بْن الحسين بْن عُبَيْد الله بن عباس ابْنِ أَمِيرِ
الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.
أبو الفضل العلويّ المدنيّ4.
قِدم بغدادَ في دولة الرشيد، وبقي في صحبته، ثمّ صحِب بعده ولدَه
المأمون. وكان شاعرًا بليغًا مفوّهًا حتّى قِيلَ إنّه أشعر آل أبي
طَالِب كلّهم.
149- العبّاس بْن الفضل بْن الربيع بن يونس5.
__________
1 وفيات الأعيان "3/ 20".
2 وفيات الأعيان "3/ 21".
3 السابق "3/ 24"، تاريخ بغداد "12/ 129".
4 انظر: تاريخ بغداد "12/ 126، 127".
5 الوافي بالوفيات "6/ 151".
(13/129)
مولى المنصور.
من كبار الأمراء، ولي حجاجة الأمين، وكان مِن الشعراء والفصحاء.
تُوُفّي في حياة أَبِيهِ.
150- عَبْد الله بْن الأجلح الكِنْديّ الكوفي1 -ت. ق.
أبو محمد.
روى عنه: أَبِيهِ، ومنصور بْن المعتمر، ويزيد بْن أبي زياد، وعاصم
الأحول، وعطاء بن السائب، والأعمش.
وعنه: أبو كريب، ويحيى بن جعفر البيكندي، وعبد الله بن عامر بن زرارة.
قال أَبُو حاتم: لا بأس بِهِ.
151- عَبْد اللَّه بْن إدريس بْن يزيد بْن عَبْد الرَّحْمَن3 -ع.
أبو محمد الأودي الكوفي.
أحد الأئمّة الأعلام. مولده سنة عشرين ومائة.
وروى عَنْ: أَبِيهِ، وسهيل بْن أَبِي صالح، وأبي إسحاق الشَّيْبانيّ،
وحُصين بْن عَبْد الرَّحْمَن، وهو أقدم شيخ لِقَيه، وهشام بْن عُرْوة،
وإسماعيل بْن أَبِي خَالِد، والأعمش، وابن جُرَيج، وطائفة.
وكان مِن جلّة المقرئين. قرأ عَلَى الأعمش، وعلى نافع.
وأقرأ القرآن.
روى عَنْهُ: مالك مَعَ تقدّمه، وابن المبارك، وأحمد، وإسحاق، وابن
مَعِين، وابنا أبي شَيبة، والحسن بْن عَرَفَة، وأحمد بْن عَبْد الجبّار
العُطارِديّ، وخلْق.
وقد أقدمه الرشيد ليُوَلّيه قضاء الكوفة فامتنع.
قَالَ بِشْر الحافي: ما شرب أحد ماء الفرات فَسَلِم إلا عَبْد الله بن
إدريس وقال أحمد بْن حنبل: كَانَ نسيج وحده.
__________
1 الجرح والتعديل "5/ 10"، والتهذيب "5/ 139، 140".
2 الجرح والتعديل "5/ 8، 9"، والسير "9/ 42، 48".
(13/130)
وقال يعقوب بْن شيبة: كَانَ عابدًا فاضلا.
كَانَ يسلك في كثير من فتاياه ومذاهبه مسلك أهل المدينة. يخالف
الكوفيّين، وكان بينه وبين مالك صداقة.
ثمَّ قَالَ: إنّ جميع ما يرويه مالك في الموطَّأ بلغني عَنْ عليّ
-رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فيرسلها أنّه سمعها مِن ابن إدريس.
قَالَ أبو حاتم الرّازيّ: هُوَ إمام مِن أَئمّة المسلمين، حُجّة.
وقيل: لم يكن بالكوفة أعبد لله مِنه.
قَالَ الحسن بن عرقة: لم أر بالكوفة أفضل منه.
وروى أبو داود، عَنْ إسحاق بْن إبراهيم، عَنِ الكِسائيّ قَالَ: قَالَ
لي الرشيد: مِن أقرأ الناس؟
قلت: عَبْد الله بْن إدريس!.
قَالَ: ثمّ مِن؟ قَالَ: قلتُ: حسين الْجُعْفيّ!.
قَالَ: ثمّ مَن؟ قلت: رَجُل آخر!.
وعن حسين العَنْقزيّ قَالَ: لما نزل بابن إدريس الموت بَكَت ابنتُه
فقال: لا تبكي يا بُنّية، فقد ختمت القرآن في هذا البيت أربعة آلاف
ختمة1.
قَالَ ابن عمّار: كَانَ ابن إدريس إذا لَحَن أحدٌ في كلامه لم يحدّثه.
وقال ابن مَعِين: سَمِعْتُ ابن إدريس يَقُولُ: عندي قَوْصَرَّة ملكاية،
وراوية مِن حوض الرّبّابين، ودبة زيت، ما أحد أغنيى منّي.
وكان ابن إدريس يحرّم النبيذ.
وقال: قلت لحفص بْن غِياث: اترك الجلوس في المسجد.
فقال: أنتَ قد تركتَ ذَلِكَ ولم تُتْرك.
قلتُ: يأتيني البلاء وأنا فارّ، أحبّ إلي من أن يأتيني وأنا متعرّض
لَهُ.
قَالَ أبو خَيْثَمَة: سَمِعْتُ ابن إدريس يَقُولُ: كلّ شرابٍ مُسْكِرٍ
كثيرُهُ فإنّه محرم يسيره، إني لكم منه نذير.
__________
1 تاريخ بغداد "9/ 421".
(13/131)
أبو بَكْر بْن أَبِي شيبة: سَمِعْتُ ابن
إدريس قَالَ: كتبت حديث أَبِي الحوراء، فخفتُ أن يتصحّف بأبي الجوراء،
فكتبت تحته: حورٌ عين.
وقال يعقوب السَّدُوسيّ: ثنا عُبَيْد بْن نعيم، ثنا الحسن بن الربيع
الثوراني قَالَ: قُرئ كتاب الخليفة إلى ابن إدريس وأنا حاضرٌ: مِن
عَبْد الله هارون أمير المؤمنين إلى عَبْد الله بْن إدريس.
قَالَ: فشهق ابن إدريس شهقة، وسقط بعد الظهر، فقمنا إلى العصر وهو
عَلَى حاله، وانتبه قُبَيْلَ المغرب، وقد صَبَبنا عَليْهِ الماء، فلا
شيء.
قال: إنها لله وإنّا إِلَيْهِ راجعون، صار يعرفني حتّى يكتب إليّ. أيّ
ذَنْبٍ بلغ بي هذا؟ قلت: وقد وثّقه ابن مَعِين، وعبد الرَّحْمَن بْن
خراش، والناس.
وقيل: بل ولد سنة خمس عشرة ومائة.
ووقع لي مِن عالي حديثه.
تُوُفّي في شهر ذي الحجّة سنة اثنتين وتسعين ومائة بالكوفة.
152- عَبْد الله بْن إسماعيل بْن خَالِد الكوفيّ1 -ت. ق.
عَنْ: أَبِيهِ، وسعيد بْن أَبِي عَرُوبة، ومُجالد.
وعنه: أبو كُرَيْب.
153- عَبْد الله بْن خِراش الشَّيْبانيّ الكوفيّ2 -ق.
أخو شهاب بْن خِراش.
عَنْ: عمّه العَوّام، وموسى بْن عُقْبَة.
وعنه: أبو سَعِيد الأشجّ، وزيد بْن الحُرَيش، والحَسَن بْن قَزَعَة،
وأحمد بْن المِقْدام، وقيس بْن حفص الدّلاميّ، وآخرون.
ضعّفوه.
قَالَ الْبُخَارِيّ: مُنْكَر الحديث.
__________
1 الجرح والتعديل "5/ 3"، والتهذيب "5/ 148".
2 انظر: الجرح والتعديل "5/ 45"، والميزان "2/ 413".
(13/132)
وقال الدّارَقُطْنيّ: ضعيف.
154- عَبْد الله بْن داود التمار1 -ت.
أبو محمد الواسطي.
عَنْ: ابن جُرَيج، وحَنْظلة بْن أَبِي سُفْيان، والحمَّادَيْن.
وعنه: محمد بْن المُثَنَّى، وأحمد بْن سِنان القطّان، وهارون بْن
سليمان الأصبهاني، وآخرون.
وكان صاحب سُنّة.
قَالَ أبو أحمد الحاكم: لَيْسَ بالمتين.
وقال الْبُخَارِيّ: فيه نظر.
قلت: روى أحاديث موضوعة فكأنّه آفَتها.
155- عَبْد الله بْن رجاء الْمَكَّيّ2 -م. د. ن. ق.
بصْريّ الأصل.
عَنْ: أيّوب السّخْتيانيّ، وإسماعيل بْن أُمَيَّة، وعُبَيْد الله بْن
عُمَر، وابن عَجْلان، وعبد الله بْن عثمان بْن خيثم، وموسى بْن عُقْبة،
وابن جُرَيج.
وما في هَؤلاءِ أحد أدركهم، عَبْد الله بْن رجاء الغُدّانيّ.
وعنه: أحمد، وإسحاق، وشُرَيح بْن يونس، والحسن بْن الصّبّاح البزّار،
وابن مَعِين، وبُنْدار، وعَمْرو النّاقد.
كنْيته أبو عِمران.
وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ.
156- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أبي رِفاعة راشد3.
أبو عَبْد الرَّحْمَن الخَوْلانيّ، مولاهم الْمَصْرِيّ الزّاهد القدوة.
__________
1 الجرح والتعديل "5/ 48"، والتهذيب "5/ 200، 201".
2 الجرح والتعديل "5/ 54، 55"، والسير "10/ 379، 380".
3 انظر "حسن المحاضرة" للسيوطي تراجم "حرف العين".
(13/133)
كَانَ يقال هُوَ أجلٌ أهل الإسكندرية.
مات سنة مائتين، وعاش ثمانيًا وستّين سنة.
ذكره ابن يونس مختصرًا.
157- عَبْد الله بْن سَعِيد -خ.
أبو بكير النخعي الكوفي1.
روى عَنْ العلاء بْن المسيّب، وأجلح بْن عَبْد الله، وحَجّاج بْن
أرطأة.
وعنه: ابن راهَوَيْه، وَأَبُو سَعِيد الأشجّ.
لم يذكره ابن أَبِي حاتم.
158- عَبْد الله بْن سُفْيان بْن عُقْبة اللَّيْثي2.
مولاهم المدنيّ، أبو سُفْيان.
عَنْ: جَدّه عُقْبة بْن أبي عَائِشَةَ، وأبي طُوَالَةَ، وغَنْم بْن
نِسْطاس، وجماعة.
وعنه: نُعَيْم بْن حمّاد، وإبراهيم بْن المنذر الحزامي، وأبو مُصْعَب،
وإسحاق بْن موسى.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
159- عَبْدُ الله بْن سَلَمَةَ.
أبو عَبْد الرحمن البصْريّ الأفطس3.
عَنْ: الأعمش، وفُضَيْل بْن غَزْوان، وابن أبي ليلى، وموسى بْن عُقْبة.
وعنه: الفلاس، وأبو كامل الْجَحْدَريّ، وعمر بْن شَبَّة، وآخرون.
قَالَ يحيى القطّان: لَيْسَ بثقة.
وقال أحمد بْن حنبل: تركوا حديثه.
__________
1 الجرح والتعديل "5/ 72"، والثقات لابن حبان "8/ 338".
2 الجرح والتعديل "5/ 66، 67"، والثقات لابن حبان "7/ 338".
3 الجرح والتعديل "5/ 69"، والميزان "2/ 431".
(13/134)
وقال ابن عدي: يكتب حديثه مع ضعفه.
قلت: كَانَ يستخف بالأئمّة، قَالَ: يكذِب سُفْيان. وتكلّم في غُنْدَر.
وقال عَنِ القطّان: ذاك الأحول. وكذا سُنّة الله في كلّ مِن ازدرى
العلماء بقي حقيرًا.
160- عَبْد الله بْن عَبْد القُدُّوس الكوفيّ ثمّ الرّازيّ1.
عَنْ: الأعمش، وغيره.
وعنه: محمد بْن حُمَيْد، وعبد الله بْن داهر، وعَبَّاد بْن يعقوب
الرَّواجنيّ.
قَالَ ابن مَعِين: لَيْسَ بشيء، رافضيّ خبيث.
وقال غير واحد: ضعيف.
161- عَبْد الله بْن عَبْد الله بْنِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ الهُذْليّ المسعوديّ الكوفيّ2.
أبو عَبْد الرَّحْمَن.
عَنْ: الحارث بْن حصيرة، والأعمش.
وعنه: أحمد بْن يعقوب، وهارون بْن حاتم، وآخرون.
لَمْ أَرَ بِهِ بَأْسًا.
162- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عيسى الخزاز3 -ت.
أبو خلف البصري الحريري.
روى عن: يحيى البكّاء، ويونس بْن عُبَيْد، وداود بْن أَبِي هند.
وعنه: عُقْبة بْن مُكْرَم، وعُمر بْن شَبَّة، وغيرهم.
لَهُ في جامع أبي عيسى حديث واحد.
وهو ضعيف عندهم.
__________
1 انظر: الجرح والتعديل "5/ 104"، والتهذيب "5/ 303، 304".
2 الجرح والتعديل "5/ 105"، والميزان "2/ 457".
3 الجرح والتعديل "5/ 127"، والميزان "2/ 470".
(13/135)
163- عَبْد الله بْن كثير الدّمشقيّ
الطّويل1.
المقرئ، إمام جامع دمشق.
روى عَنْ: الأوزاعيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن يزيد بْن جَابِر، وشَيبان
النَّحْويّ، وغيرهم.
وعنه: هشام بن عمار، وسليمان بن عبد الرحمن، ومحمود بن خالد، والعباس
بن الوليد الخلال.
قال محمد بن الفيض: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: صلّي بنا عَبْد الله بْن
كثير القارئ فقرأ {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ} [الزخرف: 26] فقَالَ:
إبراهام. فبعث إِليْهِ والى دمشق نصر بْن حمزة فخفقه بالدَّرَّة وعزله
عَنِ الصَّلاة.
قَالَ أبو زُرْعة الدّمشقيّ: كَانَ لا بأس بِهِ.
وقال أبو حفص بْن شاهين: تُوُفّي سنة ستٌّ وتسعين ومائة، روى بدمشق.
164- عَبْد الله بْن قُبَيْصة.
أبو قُبَيْصة الفَزَاريّ، كوفيّ2.
روى عَن: الأعمش، وهشام بْن عُرْوة، وغيرهما.
وعنه: أبو سَعِيد الأشجّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الْفَرَّاءُ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخ.
165- عَبْد اللَّه بْن كُلَيْب بْن كَيْسان المُراديّ الْمَصْرِيّ3.
أبو عَبْد المُلْك.
ولد سنة مائة، وعُمَّر دهرًا.
تفقه على ربيعة الرأي، وروى عن: يزيد بن أبي حبيب، وقيس بن الحجاج.
__________
1 انظر: الجرح والتعديل "5/ 144"، التهذيب "5/ 368".
2 الجرح والتعديل "5/ 142".
3 الجرح والتعديل "5/ 143، 144"، والتهذيب "5/ 370".
(13/136)
روى عَنْهُ: أبو صالح، ويحيى بْن بُكَيْر،
وعَمْرو بْن سَوّاد، ومحمد بْن سَلَمَةَ المراديّ، وأحمد بْن السَّرْح.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ.
قُلْتُ: مات سنة ثلاثٍ وتسعين ومائة.
166- عَبْد الله بْن مُعَاذ بْن نَشيط الصّنْعَانيّ1 -ت. ق.
نزيل مكّة.
عن: يونس بْن يزيد، ومَعْمَر بْن راشد.
وعنه: إبراهيم بْن المنذر، وأبو خَيْثَمَة، ومحمد بْن أَبِي عُمر
العَدَنيّ، والزُّبَيْر بْن بكّار، وجماعة.
وثّقه مُسْلِم، وغيره، حتى يحيى بْن مَعِين، وأمّا عَبْد الرّزّاق فكان
يكذَّبه.
قَالَ أبو حاتم: هُوَ أوثق مِن عَبْد الرّزّاق.
167- عَبْد الله بْن موسى بْن إبراهيم بْن طلحة التَّيْميّ الطَّلْحيّ
المدنيّ2 -ق.
عَنْ: صَفْوان بْن سُلَيم، وأسامة بْن زيد اللَّيْثي، وجماعة.
وعنه: إبراهيم بْن المنذر الحزاميّ، وأثنى عَليْهِ، ويعقوب بْن محمد،
ويعقوب بْن كاسب، وجماعة.
قَالَ ابن مَعِين: صَدُوق، كثير الخطأ.
وقال بعض الحُفّاظ: لَيْسَ بحُجَّة.
168- عَبْد الله بْن ميمون بْن داود القداح المخزومي3 -ت.
مولاهم المكي.
عن: يحيى بْن الأنصاريّ، وجعفر الصّادق، وعُبَيْد الله بن عمر.
__________
1 انظر: الجرح والتعديل "5/ 173"، والميزان "2/ 506".
2 الجرح والتعديل "5/ 166، 167"، والميزان "2/ 508".
3 الجرح والتعديل "5/ 206"، والميزان "2/ 512".
(13/137)
وعنه: إبراهيم الحزاميّ ومُؤمَّل بْن إهاب،
وأحمد بْن شَيْبان الرَّمْليّ، وأحمد بْن الأزهر، وعبد الوهّاب بْن
فُلَيح.
قَالَ الْبُخَارِيّ: ذاهب الحديث.
وقال أبو زُرْعة: واهي الحديث.
وقال أبو حاتم: متروك.
قلت: مات في حدود المائتين.
169- عبد الله بن نمير -ع.
أبو هشام الهمداني ثم الخارفي الكوفي الحافظ1.
روى عَنْ: هشام بْن عروة، والأعمش، وأشعث بْن سوار، وابن أَبِي خَالِد،
وزكريا بن أبي زائدة، وإبراهيم بن الفضل المخزومي، وعبيد الله بن عمر،
ويزيد بن أبي زياد، وطائفة كبيرة.
وعنه: أحمد، وابن معين، وإسحاق الكوسج، وأحمد بن الفرات، وعلي بن حرب،
والحسن بن علي بن عفان، وأبو عبيدة بن أبي السفر، وَآخَرُونَ.
وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ.
وَكَانَ مولده في سنة خمس عشرة ومائة. ومات سنة تسع وتسعين ومائة.
وقع لنا من عواليه.
170- عبد الله بن وهب بن مسلم2 -ع.
الإمام أبو محمد الفهري، مولاهم الْمَصْرِيّ. أحد الأعلام، وعالم
الديّار المصريّة.
قَالَ أبو سَعِيد بْن يونس: ولد سنة خمس وعشرين ومائة.
قَالَ: وقيل إنّه مِن موالي الأنصار.
طلب العِلْم وله سبْعٍ عشرة سنة، فعن ابن وهْب قَالَ: دعوت يونس بن
يزيد لوليمة عرسي.
__________
1 انظر: الجرح والتعديل "5/ 186"، والسير "9/ 244، 245".
2 الجرح والتعديل "5/ 189، 190"، والسير "9/ 223، 234".
(13/138)
قلت: روى عَنْ: يونس، وابن جُرَيج، وحبي بن
عبد الله المعافري، وحنظلة بن أبي سفيان، وعمرو بن الحارث، وأسامة بن
زيد الليثي، وعمر بن محمد العمري، وعبد الحميد بن جعفر، وأبي صخر حميد
بن زياد، وعبد الله بن عامر الأسلمي، وموسى بن علي، والليث، ومالك،
وخلائق.
وتفقه: بمالك، والليث.
وعنه قَالَ: رأيتُ عُبَيْد الله بْن عُمَر قد عَمي وقطع الحديث.
ورأيت هشام بْن عُرْوة جالسًا فِي مسجد النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقلت: آخذ عَنِ ابن سمعان وأصير إلى ابن هشام،
فلما فرغت قمتُ إلى منزل هشام فقالوا: قد نام. فقلت: أحجّ وأرجع،
فرجعتُ فوجدته قد مات.
قَالَ محمد بْن سَلَمَةَ: سَمِعْتُ ابن القاسم يَقُولُ: لو مات ابن
عُيَيْنَة لَضُرِبَت إلى ابن وهْب أكباد الإبل. ما دَوَّن العِلْم أحدٌ
تدوينهَ.
قَالَ يونس بْن عَبْد الأعلى، عَنِ ابن وهْب قَالَ: أقرأني نافع بْن
أَبِي نُعَيْم.
وقال أبو زُرْعة: نظرتُ في نحو ثلاثين ألف حديث لابن وهْب لا أعلم أنّي
رَأَيْت لَهُ حديثًا لا أصل لَهُ. وهو ثقة. وقد سَمِعْتُ يحيى بْن
بُكَيْر. يَقُولُ: هُوَ أفقه مِن عَبْد الرَّحْمَن بْن القاسم.
قلت: وله مُوَطَّأ كبير إلى الغاية، وله كتاب "الجامع"، وكتاب
"الْبَيْعَةِ"، وكتاب "المناسك"، وكتاب "المغازي"، وكتاب "الرّدّة"،
وكتاب "تفسير غريب الموطّأ"، وغير ذَلِكَ.
روى عَنْهُ: اللَّيْثُ بْن سعْد، وأصبغ بْن الفَرَج، وأبو صالح، وأحمد
بْن صالح، وحَرْمَلَة، والحارث بْن مِسْكين، ويحيى بْن أيّوب
المقابريّ، وبحر بْن نصر الخَوْلانيّ والربيع بْن سليمان المُراديّ،
ويونس بْن عَبْد الأعلى، وأبو الماهر بْن السَّرْح، وبحر بْن نصر، وعبد
اللَّه بْن مُحَمَّد بْن رُمْح، وعلي بن خشرم، وعمرو بْن سَوَّاد،
وعيسى بْن مَثْرُود، ومحمد بْن عبد الله بن عبد الحكم، وهارون بن سعيد
الأَيْليّ، وعبد المُلْك بْن شُعيب بْن اللَّيْثُ، وعيسى بْن أحمد
العسقلاني، وأحمد بْن عيسى التستري، وإبراهيم بن منقذ الخولاني، وسحنون
بْن سعْد القَيْروانيّ، وأحمد بْن عَبْد الرحمن بْن وهْب ابن أخيه،
وأَمَم سواهم.
(13/139)
وكان ثقة ثْبتًا مِن كبار الزُّهاد.
قَالَ أحمد بْن صالح: حدَّث ابن وهْب بمائة ألف حديث، ما رَأَيْت أحدًا
أكثر حديثًا منه. وقد وقع عندنا عَنْهُ سبعون ألف حديث.
وقال يحيى بْن بُكَيْر: ابن وهْب أفقه مِن ابن القاسم.
وقال عليّ بْن الجنيد: سمعت أبا مصعت يعظَّم ابنَ وهْب ويقول: مسائله
عَنْ مالك صحيحة.
وقال أبو حاتم: صالح الحديث، صدوق.
وقال ابن عَدِيّ في كامله: ابن وهْب مِن الثَّقات. لا أعلم لَهُ حديثًا
مُنْكَرا.
إذا حدَّث عَنْهُ ثقة.
وروى أبو طَالِب، عَنْ أحمد بْن حنبل: ابن وهْب يفصل السَّماعَ مِن
العرْض. ما أصحّ حديثه وأثبته. وقد كَانَ يُسيء الأخذ، لكن ما رواه
وحدّثه صحيحًا.
وقال ابن مَعِين: ثقة.
قَالَ خَالِد بْن خِداش: قُرئ عَلَى ابن وهْب كتاب "أهوال يوم القيامة"
-تأليفه- فخرّ مَغشيا عَليْهِ. فلم يتكلّم بكلمةٍ، حتى مات بعد أيّام،
رحمه الله.
وعن سُحْنُون قَالَ: كَانَ ابن وهْب قد قسّم دَهره أثلاثًا: ثُلُثًا في
المَرَابط، وَثُلُثًا يُعلّم الناس بمصر، وَثُلُثًا في الحجّ.
وقيل إنّه حجّ ستٌّا وثلاثين حجَّة.
وكان مالك يكتب إِلَيْهِ: إلى عَبْد الله بْن وهْب مفتي أهل مصر، ولم
يفعل هذا مَعَ غيره.
وقد ذُكر ابن وهْب وابن القاسم عند مالك، فقال مالك: ابن وهب عالم،
وابن القاسم فقيه.
وقال أحمد بْن سَعِيد الهمَدانيّ: دخل ابن وهْب الحمّام، فسمع قارئًا
يقرأ: {وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ} [غافر: 47] ، فغُشي
عَليْهِ.
قَالَ أبو زيد بْن أَبِي الغَمْر: كنّا نسمّي ابنَ وهْب: ديوان
العِلْم.
(13/140)
وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبا زرعة يَقُولُ:
نظرت في حديث ابن وهْب نحو ثمانين ألف حديث.
قلت: مرّ هذا. وقال: ثلاثين ألف حديث. فالله أعلم.
قَالَ أبو عُمَر بْن عَبْد البَرّ: جَدُّ ابن وهْب هُوَ مُسْلم مولى
رَيْحانة مولاة عَبْد الرَّحْمَن بْن يزيد بْن أنس الفِهْريّ.
وقال ابن أخي ابن وهْب: طلب عبّاد بْن محمد الأمير عمّي ليولّيه
القضاء، فتغّيب، فهدم عبّاد بعض دارنا. فقال الصّبّاحي لعبّاد: مَتَى
طمع هذا الكذا وكذا أن يلي القضاء؟ فبلغ ذلك عمي، فدع عَليْهِ
بالعَمَى، فعَمي بعد جمعة.
وقال حَجّاج بْن رِشْدِين: سَمِعْتُ ابن وهْب يتذمّر ويصيح، فأشرفت
عَليْهِ مِن غرفتي، فقلت: ما شأنك يا أبا محمد؟ قَالَ: يا أبا الحَسَن،
بينما أَنَا أرجو أن أُحشر في زُمْرة العلماء أحشرُ في زُمْرة القُضاة.
فتغّيب في يومه، فطلبوه1.
قَالَ ابن الطّاهر بْن عَمْرو: جاء نَعي ابن وهْب، ونحن في مجلس
سُفْيان، فقال: إنّا لله وإنّا إِلَيْهِ راجعون، أُصيبَ المسلمون بِهِ
عامّة، وأُصِبتُ بِهِ خاصّة.
وقال النَّسَائيّ: ابن وهْب ثقة، ما أعلمه روى عَنِ الثَّقات حديثًا
مُنْكَرا.
قلت: بعض الأئمّة تَمَعْقَل عَلَى ابن وهْب في أخْذه للحديث، وأنه
كَانَ يترخّص في الأخْذ. وابن وهْب فحُجّة باتفاق. يكفيه قولُ الإمامين
أَبِي زُرْعة والنَّسَائيّ فيه.
وما مَن يروي مائة ألف حديث ولا يستلحق عَليْهِ في شيء إلا وهو ثَبْت
حافظ. والله لو غلط في المائة ألف في مائتي حديث لما أثر ذَلِكَ في
ثقته.
قَالَ أحمد بْن صالح: كَانَ ابن وهْب يتساهل في المشايخ، ولو أخذ مأخذ
مالك في ذَلِكَ لكان خيرًا لَهُ.
قَالَ يونس بْن عَبْد الأعلى: مات في شَعْبان سنة سبْعٍ وتسعين ومائة.
قَالَ: وكانوا أرادوه عَلَى القضاء فتغيّب.
قلت: وقع لي جملة مِن عواليه.
__________
1 الانتقاء "ص/ 48" لابن عبد البر.
(13/141)
171- عَبْد الحكيم بْن منصور الخزاعيّ
الواسطيّ1 -ت.
عَنْ: عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَعَطَاءِ بْنِ السّائب.
وعنه: عَبْد الله بْن عَون الخرّاز، وإسحاق بْن شاهين، ومحمد بْن عَبْد
الله بْن بَزيع، ومحمد بْن حرب النَّشَاسْتجيّ، وآخرون.
وليس هُوَ بقويّ.
كذّبه يحيى بْن مَعِين، وقال مرةً: ليس حديثه بشيء.
وقال أبو داود: ضعيف.
وقال النَّسائيّ، وغيره: متروك الحديث.
172- عبد الخالق بْن زيد بْن واقد الدّمشقيّ2.
عَنْ: أَبِيهِ، والوضين بْن عطاء، وغيرهما.
وعنه: نُعَيْم بْن حمّاد، وصَفْوان بْن صالح، وسُليمان ابن بِنْت
شُرَحْبيل.
قَالَ الدّارَقُطْنيّ: متروك الْحَدِيثِ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ.
173- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْن سعْد بْن عمّار3.
ابن مؤذَّن النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سعْد القَرِظ،
أبو محمد الْقُرَشِيّ المخزومي المَدِينيّ المؤذّن.
روى عَنْ: أَبِيهِ، وأعمامه، وعن: صَفْوان بْن سُلَيْم، وأبي الزَّناد،
وغيرهم.
وعنه: إسحاق بن راهويه، وهشام بن عمار، والحميدي، ويعقوب بْن كاسب،
وإبراهيم بْن المنذر، وجماعة.
ضعّفه يحيى بْن مَعِين، وغيره، وصلّحه بعضهم.
174- عبد الرحمن بن سعيد الخزاعي4.
__________
1 انظر: الجرح والتعديل "6/ 35"، والميزان "2/ 537".
2 انظر: الجرح والتعديل "6/ 37"، والميزان "2/ 543".
3 الجرح والتعديل "5/ 237"، والتهذيب "6/ 183".
4 من علماء المالكية وأفاضلهم.
(13/142)
مولاهم الْمَصْرِيّ، أبو سعْد.
عَنْ: نافع بْن يزيد، ومالك، وَاللَّيْثِ.
مات كهْلا.
روى عَنْهُ: يحيى بْن بُكَيْر، ويونس بْن عَبْد الأعلى.
مات سنة تسعٍ وتسعين ومائة.
175- عَبْد الرَّحْمَن بْن سُليمان بْن أبي الْجَوْن العَنْسي
الدّارانيّ الدّمشقيّ1 -ق.
عَنْ: إسماعيل بْن أبي خَالِد، ويحيى بْن سَعِيد الأنصاريّ، ولَيث بْن
أَبِي سُلَيْم، ومحمد بْن صالح الْمَدَنِيّ، والأعمش، وراشد بْن سعْد
المقرئيِ.
وعنه: إسماعيل بْن عيّاش وهو أكبر منه، ومحمد بْن عائذ، وهشام بْن
عمّار، وصفوان بْن صالح، وعدّة.
قَالَ دُحَيْم: لا أعلمه إلا ثقة.
وذكره ابن حِبّان في "الثَّقات".
وَقَالَ أَبُو حاتم: لا يُحْتَج بِهِ.
قلت: هذا أكبر مِن زاهد الشام أبي سليمان الدّارانيّ.
176- عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الله.
أَبُو سَعِيد، مولى بني هاشم2.
سيأتي بكنيته.
177- عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الحميد المَهْريّ3 -د. ن.
مولاهم الْمَصْرِيّ، أبو رجاء المكفوف.
من فضلاء المصريين.
__________
1 الجرح والتعديل "5/ 240"، والتهذيب "6/ 188، 189".
2 انظر: أبا سعيد الهاشمي في الكنى.
3 الجرح والتعديل "5/ 261"، والتهذيب "6/ 219".
(13/143)
روى عن: عُقَيْل بْن خَالِد، وبكر بْن
عَمْرو المَعَافِريّ، وغيرهما.
وعنه: ابن أخته أبو الطّاهر بْن السَّرْح، وعبد الله بْن وهْب مَعَ
تقدَّمه، ويونس بْن عَبْد الأعلى.
وثقة أبو داود.
مات سنة اثنتين وتسعين ومائة.
187- عَبْد الرَّحْمَن بن عُثْمَان بن أُميّة بن عَبْد الرَّحْمَن بن
أبي بكرة. -د. ن. ق.
أبو يحيى، الثقفي البكراوي البصري1.
رَوَى عن: حُمَيْد الطويل، وحسين المعلم، وَدَاوُد بن أَبِي هند،
وَمُحَمَّد بن عَمْرو، وَمُحَمَّد بن السائب الكلبي، وطائفة.
وعنه: أبو بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة، وبُنْدار، ومحمد بْن المُثَنَّى،
ويحيى بْن حكيم، والفلاس، وخلْق كثير.
قَالَ ابن المَدِينيّ: كَانَ يحيى بْن سَعِيد حسن الرأي فيه. وحدَّث
عَنْهُ وأنا فلا أحدث عنه.
وقال ابن معين: ضعيف.
وقال: أحمد بن حنبل: طرح الناس حديثه. هكذا راويه عبد الله، عَنْ
أَبِيهِ.
وأمّا أبو داود فقال: سَمِعْتُ أحمد يَقُولُ: لا بأس بِهِ.
وقال النَّسَائيّ: ضعيف.
قَالَ الجرّاح بْن مَخْلَد: تُوُفّي في صَفَر أو المحرَّم سنة خمسٍ
وتسعين ومائة.
وقال ابن المَدِينيّ أيضًا: ذهبَ حديثه.
179- عَبْد الرحمن بْن القاسم بْن خَالِد بن جنادة2.
__________
1 الجرح والتعديل "5/ 264"، والميزان "2/ 578".
2 انظر: الجرح والتعديل "5/ 279"، والسير "9/ 120-125".
(13/144)
الإمام أبو عبد الله العتقي. مولاهم
الْمَصْرِيّ الفقيه. أحد الأعلام، وأكبر أصحاب مالك القائمين بمذهبه.
سَمِعَ منه ومن: نافع بْن أَبِي نُعَيْم، وعبد الرحمن بْن شُرَيح، وبكر
بْن مُضَر، وجماعة.
وعنه: أصْبَغ بْن الفَرَج، وأبو الطّاهر بْن السّرْح، والحارث بْن
مسكين، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، وعيسى بْن مَثْرُود، وآخرون.
وقد أنفق أموالا جمَّه في طلب العِلْم.
قَالَ النَّسَائيّ: ثقة مأمون. أحد الفقهاء.
وعن مالك أنّه ذُكر عنده ابن القاسم فقال: عافاة الله، مثله كمثل جراب
مملوءٍ مِسكًا.
وقيل إنّ مالكًا سُئل عَنِ ابن القاسم، وابن وهْب فقال: ابن وهْب رَجُل
علم، وابن القاسم فقيه.
وعن أسد بْن الفُرات قَالَ: كَانَ ابن الْقَاسِم يختم كل يوم وليلة
ختمتين، فنزل لي حين جئت إِلَيْهِ عن ختمة رغبة في إحياء العلم.
وبلغنا عن ابن الْقَاسِم أَنَّهُ قَالَ: خرجت إلى الحجاز اثنتى عشرة
مرة، أنفقت كل مرة ألف دينار.
وَرُوِيَ عن ابن الْقَاسِم أَنَّهُ كَانَ لا يقبل جوائز السُّلْطَان.
وكان يَقُولُ: لَيْسَ في قُرب الوُلاة ولا الدُّنُوَّ منهم خير.
قَالَ أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن وهْب: سَمِعْتُ عمّي يَقُولُ:
خرجت أَنَا وعبد الرَّحْمَن بْن القاسم بِضع عشرة سنة إلى مالك. سنةً
أسأل أَنَا مالكًا، وسنةً ابن القاسم.
فما سألت أَنَا، كَانَ عند ابن القاسم: سَمِعْتُ مالكًا. وما سأل هو،
كان عندي: سمعت مالكًا. إلا أن ابن القاسم ترك من قوله ما خالف الأصل،
وتركته أَنَا عَلَى حاله، أو كما قَالَ.
وقال الحارث بْن مسكين: أخبرني أَبِي قَالَ: كَانَ ابن القاسم وهو
حَدَث في العبادة أشهر منه في العلم.
(13/145)
قَالَ الحارث: كَانَ في ابن القاسم:
العبادة والسّخاء والشجاعة والعلم والورع والزُّهْد.
قَالَ ابن وضّاح: أخبرني ثقة ثقة.
عَنْ عليّ بْن مَعْبَد قَالَ: رَأَيْت ابن القاسم في النَّوم، فقلت:
كيف وجدت المسائل؟ فقال: أفٍ أُفٍ: قلت: فما أحسَنَ ما وجدتَ؟ قَالَ:
الرَّباط بالإسكندرية.
قَالَ: ورأيت ابن وهْب أحسن حالا منه.
وقد حدث سحنون أنّه رَأَى ابن القاسم فِي النَّوم، فَقَالَ: ما فعل
اللَّه بك؟ قَالَ: وجدت عنده ما أحببت! قَالَ: فأيّ عمل وجدت أفضل؟.
قَالَ: تلاوة القرآن!.
قَالَ: قلتُ: فالمسائل؟ فكان يُشِير بإصبعه يُكشّيها.
قَالَ: فكنتُ أسأله عَنِ ابن وهْب، فيقول: هُوَ في عِلَّيّين.
قَالَ أبو جعفر الطَّحاويّ: بَلَغَني عَنِ ابن القاسم أنّه قَالَ: ما
أعلم في فلان عَيْبًا إلا دخوله إلى الحُكّام، ألا اشتغل بنفسه؟.
قَالَ الحارث بْن مسكين: سَمِعْتُ ابن القاسم يَقُولُ في دعائه: الّلهم
امنع الدنيا منّي، وامنعني منها.
قَالَ الحارث: فكان في الورع والزُّهْد شيئًا عَجَبًا.
قَالَ أبو سَعِيد بْن يونس: ولد ابن القاسم سنة اثنتين وثلاثين ومائة،
وتوفي في صَفَر سنة إحدى وتسعين ومائة.
أَخْبَرَنَا يوسف بن أبي نصر، وجماعة، قالوا: أنا ابْنُ
الزُّبَيْدِيِّ، أَنَا أَبُو الْوَقْتِ السِّجْزِيُّ، أَنَا الداوودي،
أَنَا ابْنُ حَمُّوَيْهِ، أَنَا الْفَرَبْرِيُّ، ثنا الْبُخَارِيُّ، نا
سَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ، نا ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ بُكَيْرِ بْنُ مُضَرٍ،
عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ
شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ ح.
وَأنا أَحْمَدُ بْنُ الْعمَادِ عَالِيًا، وَهَذَا لَفْظُهُ: أَنَا
ابْنُ قُدَامَةَ، أَنَا ابْنُ الْبَطَّيِّ، أَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ
أَحْمَدَ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
عَمْرٍو، نا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ، نا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ
عَطَاءٍ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَن
أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ
(13/146)
اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ الْكَرِيمَ ابْنَ الْكَرِيمِ يُوسُفَ بْنَ
يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ". وَقَالَ: لَوْ لَبِثْتُ
فِي السِّجْنِ مِثْلَ مَا لَبِثَهُ يُوسُفُ، ثُمَّ جَاءَنِي الدَّاعِي
لأَجَبْتُهُ". وَقَالَ: "رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى لُوطٍ إِنْ كَانَ
لَيَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ، فَمَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا بَعْدُ
إِلا فِي ثَرْوَةِ قَوْمِهِ"1.
لَمْ يَذْكُرِ الْبُخَارِيُّ الْفَصْلَ الأَوَّلَ مِنْهُ، وَهُوَ:
إِنَّ الْكَرِيمَ. وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا.
وَمِنْ حَيْثُ الْعَدَدِ إِلَى أَبِي سَلَمَةَ، كَأَنَّ شَيْخًا لَقِيَ
الْفِرَبْرِيَّ، وَسَمِعَهُ مِنْهُ.
- عَبْد الرحمن بْن محمد المُحَاربيّ2 -ع.
ذُكر بنسبته.
180- عَبْد الرَّحْمَن بْن مسعود بْن أشرس الإفريقيّ.
مولى الأنصار.
روى عَنْ: مالك، وعبد الله بْن عُمَر.
وعنه: ابن وهب، وسعيد بن تليد، ومهدي بن جعفر، وعمران بن هارون.
لقوه بمصر.
181- عبد الرحمن بن مغراء3 -ع.
أبو زهير الدوسي الرازي.
عَنْ: إسماعيل بْن أَبِي خَالِد، والأعمش، وجماعة.
وعنه: محمد بْن عائذ الكاتب، وسليمان بْن عَبْد الرَّحْمَن، ومحمد بْن
حُمَيْد، وزُنَيْج، ويوسف بْن موسى القطّان، وإسحاق بْن الفَيْض
الأصبهاني، وعدّة.
وولي في أواخر عمره قضاء الأردنّ.
قال أبو زرعة: صدوق.
__________
1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "4/ 179، 183"، ومسلم "238"، وأحمد "2/
326، 350"، وابن ماجه "4026"، وأبو عوانة "1/ 79، 80".
2 سبق ذكره.
3 انظر: الجرح والتعديل "5/ 290، 291"، والسير "9/ 30، 31".
(13/147)
وضعّفه ابن عَدِيّ.
وفي حديثه عَنِ الأعمش مناكير.
وكان طلابةً للعِلْم، حسن الحديث.
مات قبل المائتين.
182- عبد الرحمن بن مهدي1 -ع.
ابن حسان بن عبد الرحمن العنبري، مولاهم.
وقيل مولى الأزد، أبو سَعِيد البصْريّ الّلؤلؤيّ الحافظ، أحد الأئمّةِ
الأعلام.
وُلِدَ سنة خمسٍ وثلاثين ومائة. قاله أحمد.
سمع: أيمن بْن نابل، وعمر بْن أَبِي زائدة، وهشام بْن أَبِي عَبْد
الله، ومعاوية بْن صالح، وإسماعيل بْن مسلم العبْديّ قاضي جزيرة قيس،
وعبد الله بْن بُدَيل الْمَكَّيّ، وعبد الجليل بْن عطيّة، وأبا خَلْدة
خَالِد بْن دينار السعّديّ، وشُعْبَة، وسُفْيان، والمسعوديّ، وخلقًا
كثيرًا.
وعنه: ابن المبارك، وابن وهْب، وأحمد، وإسحاق، وعليّ، ويحيى، وابن أبي
شَيبة، وأبو خَيْثَمَة، وبُنْدار، وأحمد بْن سِنان، وعبد الرَّحْمَن
رُسْتَة، والقَوَاريريّ، وأبو ثور، وأبو عُبَيد، وعبد الرَّحْمَن بْن
محمد بْن مَنْصُور الحارثيّ، ومحمد بْن يحيى الذُّهْليّ، وأُمم سواهم.
قَالَ أحمد بْن حنبل: هُوَ أفقه مِن يحيى بْن سَعِيد.
وقال: إذا اختلف هُوَ ووكيع، فابن مهديّ أثبت، لأنّه أقرب عْهدًا
بالكتاب.
واختلفا في نحو خمسين حديثًا للثَّوْريّ، فنظرنا، فإذا عامَّةُ
الصَّواب في يد عَبْد الرَّحْمَن.
وقال أيّوب بْن المتوكّل: كنّا إذا أردنا أن ننظر إلى الدُّنيا
والدَّين ذهبنا إلى دار عبد الرحمن بن مهدي.
__________
1 وفيات الأعيان "2/ 387"، والسير "9/ 192-209".
(13/148)
قَالَ إسماعيل القاضي: سَمِعْتُ ابن
المَدِينيّ يَقُولُ: أعلم الناس بالحديث عَبْد الرحمن بْن مهديّ.
قلت لَهُ: قد كنتَ كتبت حديث الأعمش، وكنتُ عند نفسي أنّي قد بلغت
فيها. فقلتُ: ومَن يفيدني عَنِ الأعمش؟.
قَالَ: فقال لي: مَن يفيدك عَنِ الأعمش؟ قلت: نعم! فأطرق، ثمّ ذكر
ثلاثين حديثًا ليست عندي. تتبّع أحاديث الشيوخ الذين لم ألقهم أَنَا لم
أكتب حديثهم نازلا.
قَالَ إسماعيل القاضي: أحفظ أنّ ممّن ذكره منصور بْن أَبِي الأسود.
وقال محمد بْن أبي بَكْر المُقَدَّميّ: ما رَأَيْت أحدًا أتقن لِما
سَمِعَ، ولما لم يسمع، ولحديث الناس مِن عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ.
إمام ثَبْت، أثبت مِن يحيى بْن سَعِيد، وأتْقن مِن وَكيع.
كَانَ عرض حديثه عَلَى سُفْيان.
قَالَ القواريريّ: أملي عليّ عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ عشرين ألف
حديث حفظًا.
وقال عبيد الله بن سعيد: سَمِعْتُ ابن مهديّ يَقُولُ: لا يجوز أن يكون
الرجل إمامًا حتى يعلم ما يصحّ مما لا يصحّ.
وقال ابن المَدِينيّ: كَانَ عِلم عبد الرحمن بن مهدي في الحديث
كالسَّحْر.
وقال أبو عُبَيْد: سمعت عَبْد الرَّحْمَن يَقُولُ: ما تركت حديث رَجُل
إلا دعوت الله لَهُ وأُسمّيه.
وقال إبراهيم بْن زياد سبلان: قلت لعبد الرَّحْمَن بْن مهديّ: ما
تَقُولُ فيمن يَقُولُ القرآن مخلوق؟ فقال: لو كان لي سلطان لقمت عَلَى
الجسر، فلا يمرّ بي أحد إلا سَأَلْتُهُ، فإذا قَالَ: مخلوق ضربت
عُنُقُه وألْقيته في الماء1.
وقال أبو داود السّخْتيانيّ: التقى وكيع وعبد الرَّحْمَن في الحَرَم
بعد العشاء، فتواقفا حتى سمعا أذان الصبح.
__________
1 الحلية "9/ 7".
(13/149)
وعن ابن مهديّ قَالَ: لولا أنّي أكره أن
يُعْصَى الله تعالى لَتَمنَّيت أن لا يبقى أحدٌ في المِصر إلا اغتابني.
وأيّ شيء أهنأ حَسَنَةً يجدها الرجل في صحيفته لم يعمل بها1.
وعنه قَالَ: كنت أجلس يوم الجمعة، فإذا كثر الخلق، فرحت، وإذا قَلُّوا
حزِنْت. فسألت بِشْر بْن منصور، فقال: هذا مجلس سوءٍ، فلا تعُد إليه،
فما عدت إِليْهِ.
قَالَ رُسْتَة: نا يحيى بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ أنّ أَبَاهُ
قام ليلةً، وكان يُحيي اللَّيْلَ كلّه. قَالَ: فلمّا طلع الفجر رمى
بنفسه عَلَى الفراش حتّى طلعت الشمس، ولم يُصلَّ الصُّبْحَ، فجعل عَلَى
نفسه أن لا يجعل بينه وبين الأرض شيئًا شهرين، فقرّح فخذاه جميعًا2.
قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر رُسْتَة: سَمِعْتُ ابن مهديّ يَقُولُ
لفتى مِن ولد الأمير جعفر بن سليمان: بلغني أنك تتكلم في الرب وتصفه
وتشبهه؟ قَالَ: نعم، نظرنا فلم نر مِن خلْق الله شيْئًا أحسن مِن
الإنْسَان. وأخذ يتكلّم في الصفة والقامة، فقال: رُوَيْدك يا بُنَيَّ
حتّى تتكلّم أول شيء في المخلوق، وإنّ عجزنا عَنْهُ، فنحن عَنِ الخالق
أعجز. أخبرني عمّا حدَّثني شُعْبَة، عَنِ الشَّيْبانيّ، عَنْ سَعِيد
بْن جُبير، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ
الْكُبْرَى} [النجم: 18] ؟ قَالَ: "رَأَى جبريل لَهُ ستّمائة جَناح"3.
ثمّ قَالَ عَبْد الرَّحْمَن: فصِفْ لي مخلوقًا لَهُ ستّمائة جناح؟ فبقي
الغلام ينظر، فقال: أَنَا أهون عليك، صِفْ لي خلْقًا بثلاثة أجنحة،
وركِب الجناحُ الثالث منه موضعًا حتّى أعلم؟
قَالَ: يا أبا سَعِيد، عجزنا عَنْ صفة المخلوق، فأشهِدُك أنّي قد عجزت
ورجعت.
قَالَ أبو حاتم: سُئل أحمد بْن حنبل عَنْ يحيى، وعبد الرَّحْمَن، فقال:
عبد الرحمن أكثر حديثًا.
__________
1 الحلية "9/ 11".
2 الحلية "9/ 12".
3 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "4856"، ومسلم "280"، "281"، والترمذي
"3277".
(13/150)
قال أحمد بن عبد الله العجلي: شرب عبد
الرحمن بن مهدي البلاذر، وكذا الطيالسي، فبرص عبد الرحمن، وجذم الآخر.
قال: وقال رَجُل لعبد الرَّحْمَن: لو قِيلَ لك: يُغفر لك ذنب أو تحفظ
حديثًا، أيّما أحبُّ إليك؟ قَالَ: أحفَظُ حديثًا!.
قَالَ أبو الربيع الزَّهْرانيّ: سَمِعْتُ جريرًا الرّازيّ يَقُولُ: ما
رَأَيْت مثل عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ، ووصف بصره بالحديث وحِفْظه.
وقال نُعَيْم بْن حمّاد: قلت لابن مهديّ: كيف تعرف الكذّاب؟ قَالَ: كما
يعرف الطبيب المجنون!.
قَالَ أبو حاتم: ثنا محمد بْن أبي صَفْوان: سَمِعْتُ عليّ بْن
المَدِينيّ يَقُولُ: لو أُخذتُ فِأحلفتُ بين الركن والمقام لحَلفْت
بالله أنّي لم أر أحدًا قط أعلم بالحديث مِن عَبْد الرَّحْمَن بْن
مهديّ.
قَالَ ابن المَدِينيّ: ثمّ كَانَ بعد مالك عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ
يذهب مذهب تابعي أهل المدينة، ويقتدي بطريقتهم.
وقال: نظرت فإذا الإسناد يدور عَلَى ستّة، ثمّ صار عِلمهم إلى اثني
عشر، ثمّ صار عِلْمهم إلى ستّة: يحيى بْن سَعِيد، وعبد الرَّحْمَن بْن
مهديّ، ويحيى بْن زكريّا بْن أَبِي زائدة، ووكيع، وابن المبارك، ويحيى
بْن آدم.
وقال عليّ: أوثق أصحاب سُفْيان يحيى القطّان، وعبد الرَّحْمَن.
وقال أحمد بْن حنبل: ابن مهديّ ثقة، خيار، مِن معادن الصَّدق، صالح،
مُسْلِم.
وقال ابن مهديّ: أبو الأسود يتيم عُرْوة، أخٌ لهشام بْن عُرْوة مِن
الرّضاعة.
وقد قَالَ هشام بْن عُرْوة: حدَّثني أخي عَبْد الرَّحْمَن بْن نوفل،
عَنْ أَبِي قَالَ: لَمْ يَزَلْ أَمْرُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُعْتَدِلا
حتى نشأ فيهم أبناء سبايا الأمم. فقالوا فيهم بالرأي، فضلّوا وأضلّوا.
قَالَ أيّوب بْن المتوكّل: كَانَ حمّاد بْن زيد إذا نظر إلى عَبْد
الرَّحْمَن بْن مهديّ في مجلسه تهلَّل وجهه.
(13/151)
قَالَ صدقة بْن الفضل المَرْوَزِيّ: أتيت
يحيى بْن سَعِيد أسأله، فقال لي: الْزَم عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ،
وأفادني عَنْهُ أحاديث. فسألت عَبْد الرَّحْمَن عَنْهَا، فحدَّثني بها.
أحمد بْن سنان قَالَ: سَمِعْتُ مهديّ بْن حسّان قَالَ: كَانَ عَبْد
الرَّحْمَن يكون عند سُفْيان عشرة أيام وخمسة عشر يومًا بالليل
والنّهار، فإذا جاءنا ساعةً جاء رسول سُفْيان في أثره يطلبه،
فَيَدَعُنا ويذهب إليه.
قَالَ أحمد بْن سنان: وسمعت ابن مهديّ يَقُولُ: أفتى سُفْيان في مسألة،
فرأى كأنّي أنكرتُ فُتْياه، فقال: أنت ما تَقُولُ؟ قلت: كذا وكذا، خلاف
قوله، فسكت.
عليّ بْن المَدِينيّ: ثنا عَبْد الرَّحْمَن. قَالَ: قَالَ لي سُفْيان:
لو أنّ عندي كُتُبي لأفدتك علمًا.
قَالَ أحمد بْن سِنان: كَانَ عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ لا يُتحدَّث
في مجلسه، ولا يُبرا قلم، ولا يُتبسّم، ولا يقوم أحد قائمًا كأن على
رؤوسهم الطّير، وكأنهم في صلاة. فإذا رَأَى أحدًا منهم تبسّم أو تحدّث،
لبس نَعْله وخرج.
قَالَ أحمد بْن سِنان: سَمِعْتُ عَبْد الرَّحْمَن يَقُولُ: عندي عَنِ
المغيرة بْن شُعْبَة في المسح على الخُفَّين ثلاثة عشر حديثًا.
وقال بندار: سمعت ابن مهدي: لو استقبلت مِن أمري ما استدبرت كتبتُ
تفسيرَ الحديث إلى جنبه، وَلأَتيتُ المدينةَ، حتّى أنظر في كتب قومٍ
سَمِعْتُ منهم.
قَالَ صاعقة: سَمِعْتُ عليّا يَقُولُ: وذكر الفقهاء السبعة فقال: كَانَ
أعلم الناس بقولهم وحديثهم ابن شهاب، ثمّ بعده مالك. ثمّ بعد مالك
عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ.
وقال أحمد بْن حنبل: إذا حدَّث عَبْد الرَّحْمَن عَنْ رَجُل فهو ثقة.
وقال عليّ: كَانَ وِرْد عَبْد الرَّحْمَن كلّ ليلة نصف القرآن.
وقال محمد بْن يحيى الذُّهْليّ: ما رَأَيْت في يد عَبْد الرَّحْمَن بْن
مهديّ كتابًا قط.
وقال رُسْتَة: سَمِعْتُ عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ يَقُولُ: كَانَ
يقال إذا لقى الرجلُ الرجلَ فوقه في العِلْم كَانَ يوم غنيمة، وإذا لقي
مَن هو مثله دارسَهُ وتعلَّم منه، وإذا لقي مِن هُوَ دونه تواضع لَهُ
وعلّمه. ولا يكون إمامًا في العِلْم مِن حدَّث بكلّ ما
(13/152)
سَمِعَ، ولا يكون إمامًا مِن حدَّث عَنْ
كلّ أحد، ولا مِن يحدّث بالشّاذّ. والحفظ الإتقان.
وقال ابن نُمَير: قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ: معرفة الحديث
إلهامٌ.
قَالَ يوسف بن الضحاك: سَمِعْتُ القواريريّ يَقُولُ: كَانَ ابن مهديّ
يعرف حديثه وحديث غيره.
وكان يحيى القطّان يعرف حديثُه.
وسمعت حمّاد بْن زيد يَقُولُ: إنْ عاش عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ
ليُخرجن رَجُل مِن أهل البصرة.
أبو بَكْر بْن أبي الأسود: سَمِعْتُ ابن مهديّ يَقُولُ ويحيى القطّان
جالس وذكر الْجَهْميّة فقال: ما كنت لأُناكِحهم ولا أصلّي خلفهم.
وقال عَبْد الرَّحْمَن رُسْتَة: سَمِعْتُ عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ
يَقُولُ: الْجَهْميّة يريدون أن ينفوا عَنِ الله الكلام، وأن يكون
القرآن كلام الله، وأنّ الله كلّم موسى، وقد وكده الله فقال:
{وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164] .
قَالَ رُسْتَة: سَأَلت ابن مهديّ عَنِ الرجل يبني بأهله، يترك الجماعة
أيامًا؟ قَالَ: لا، ولا صلاة واحدة.
وحضرت ابن مهديّ صبيحة بنى على ابنيه، فخرج فأذّن، ثمّ مشى إلى بابهما،
وقال للجارية: قولي لهما يخرجان إلى الصلاة. فخرج النّساء والجواري
فقلن: سُبحان الله، أيّ شيء هذا؟ فقال: لا أبرح حتّى يخرجا إلى الصلاة،
فخرجا بعدَ ما صلّي، فبعث بهما إلى مسجد خارج مِن الدَّرْب.
قلت: هكذا كَانَ السلف -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ.
قَالَ رُسْتَة: وكان عَبْد الرَّحْمَن يحجّ كلّ عام، فمات أَبُوهُ
وأوصى إِليْهِ، فأقام عَلَى أيتامه، فسمعته يَقُولُ: ابتُليت بهؤلاء
الأيتام، فاستقرضت من يحيى بن سعيد أربعمائة دينار احتجت إليها في
مصلحة أرضهم1.
وقد طوّل أبو نُعَيْم الحافظ ترجمة عَبْد الرَّحْمَن في "الحلية"، بحيث
أنه روى فيها
__________
1 الحلية "9/ 14".
(13/153)
مائتين وثمانين حديثًا ونيّفًا. وقال: أدرك
مِن التّابعين عدَّة منهم: المُثَنَّى بْن سَعِيد، وَأَبُو خلدة، ويزيد
بْن أَبِي صالح، وداود بْن قيس، وصالح بْن دِرهم، وجرير بْن حازم.
قلت: كَانَ قد ذهب إلى أصبهان في آخر عمره وحدّث بها.
تُوُفّي بالبصرة في شهر جُمَادَى الآخرة سنة ثمانٍ وتسعين ومائة.
183- عَبْد السّلام بْن عَبْد القُدُّوس بْن حبيب الوحاظي الشامي1 -ن.
أبو محمد.
عَنْ: هشام بْن عُرْوة، وثَوْر بْن يزيد، وإبراهيم بْن أبي عبلة.
وعنه: كثير بْن عُبَيْد، وأبو التَّقيّ هشام اليَزَنيّ، والعبّاس بْن
الخلال، وجماعة.
وهو ضعيف كأبيه.
قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: لا يُتابع عَلَى شيء مِن حديثه.
وقال ابن حِبّان: يروي الموضوعات.
184- عَبْد العزيز بْن عِمران بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ
عَبْدِ الرَّحْمَن بْن عوف الزُّهْرِيّ2 الأعرج -ت.
عَنْ: جعفر بْن محمد، وأفلح بْن سَعِيد، وعبد الله بن جعفر المخرمي،
وجماعة.
وعنه: أبو مُصْعَب، وإبراهيم بْن المنذر الخزاميّ، وأحمد بْن إسماعيل
السَّهْميّ، وآخرون.
وكان شاعرًا نَسابة.
وهو عَبْد العزيز بْن أبي ثابت.
اتّفقوا عَلَى تضعيفه.
وقال النَّسَائيّ: متروك الحديث.
__________
1 انظر: الجرح والتعديل "6/ 48"، والميزان "2/ 617".
2 انظر: الجرح والتعديل "5/ 390، 391"، والتهذيب "6/ 623".
(13/154)
وقال الْبُخَارِيّ: لا يُكْتب حديثه،
مُنْكَر الحديث.
وقال ابن مَعِين: لم يكن صاحب حديث، كَانَ نسّابة لم يكن بثقة.
وقال الخطيب: قِدم بغداد، واتّصل بصُحبة يحيى البرمكيّ، وكان ذا برٍ
وإفضال.
قلت: تُوُفّي سنة سبعٍ وتسعين ومائة.
185- عَبْد العزيز بْن أَبِي عثمان الكوفيّ1.
خَتَنُ عثمان بْن زائدة.
يروي عَنْ: موسى بْن عُبَيْدة، وسُفْيان الثَّوْريّ، وجماعة.
وعنه: زهير بن عباد، وعلي بن ميسرة، وهارون بن إسحاق الهمداني أبو هشام
الرفاعي.
وكان كبير الشأن.
قال الرفاعي: قَالَ لنا وكيع: اذهبوا فاسمعوا منه، فهو أثبت مِن بقي في
جامع سُفْيان.
وقال عَبْد الرَّحْمَن بْن الحكم بن بشير: ثنا عَبْد العزيز بن أَبِي
عثمان، ولم أر مثله.
وقال أبو حاتم: كَانَ ثقة.
186- عَبْد الكريم بْن محمد الْجُرجانيّ2.
الفقيه أبو سهل.
رَوَى عن: أَبِي حنيفة، والصَّلْت بْن دينار، وزُهير بْن محمد، وقيس بن
الربيع، وسليمان بْن هَوْذه، وجماعة.
وعنه: أبو يوسف القاضي مَعَ تقدّمه، والشافعيّ، وقُتَيْبة بْن سَعِيد.
وُلّي قضاء جُرْجان، ثمّ كرِه القضاء وتركه. وحج وجاور بمكة.
ذكره حمزة السَّهميّ في "تاريخه" ولم يذكر وفاةً.
__________
1 الجرح والتعديل "5/ 389، 390"، والثقات لابن حبان "8/ 395".
2 انظر: تاريخ جرجان "389" للجرجاني.
(13/155)
187- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ صَالِحِ بْنِ
عَلِيِّ بْنِ عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس بْن عَبْد المطّلب.
الأمير أبو عَبْد الرَّحْمَن الهاشميّ العباسيّ1.
وُلّي المدينة والصّوائف للرشيد. ثمّ ولي الشام والجزيرة للأمين.
وحدث عَنْ: أَبِيهِ، ومالك بْن أنس.
روى عَنْهُ: ابنه عليّ، والأصمعيّ، وفُلَيح بْن إسماعيل، وغيرهم
حكايات.
وقد كَانَ الرشيد بلغه أنّ عَبْد المُلْك عَلَى نيّة الخروج عَليْهِ،
فخاف منه وطلبه ثمّ حبسه. ثمّ لاح لَهُ بُطْلان ذَلِكَ، فأطلقه وأنعم
عَليْهِ.
وعن عَبْد الرَّحْمَن مؤدّب أولاد عَبْد المُلْك بْن صالح قَالَ: قَالَ
عَبْد الملك: لا تُطْريني في وجهي، فأنا أعلم بنفسي منك، ولا تعينني
على ما يقبح، ودع: كيف أصبح الأمير؟ وكيف أمسى؟. واجعل مكان التعريض لي
صواب الاستماع منيّ.
روى أسحاق بْن إبراهيم النّديم، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كنت بين يدي
الرشيد، والناسُ يعزُّونه في طفل، ويهنّونه بمولودٍ ولد تِلْكَ الليلة،
فقال عَبْد المُلْك بْن صالح: يا أمير المؤمنين آجَرَك الله فيما ساءك.
ولا ساءك فيما سرّك. وجعل هذه بهذه جزاءً للشاكر، وثوابًا للصابر.
الرياشيّ: ثنا الأصمعي قَالَ: كنتُ عند الرشيد، فأُتي بعبد المُلْك بْن
صالح يرفُل في قُيُوده، فلمّا مثُل بين يدي الرشيد، التفت الرشيد يحدّث
يحيى بْن خَالِد، وتمثّل ببيت عَمْرو بْن مَعْدِيّ كرب:
أريدُ حياتَه ويُريدُ قَتْلِي ... عَذيِرَكَ مِن خليك مِن مُراد
ثم قَالَ: يا عَبْد المُلْك، لَكأنّي، والله، أنظر إلى شُؤبُوبها قد
هَمَع، وإلى عارضها قد لمع، وكأنّي بالوعيد قد أوري نارًا، فأبرز عن
براجم بلا معاصم. ورؤوس بلا غلاصم، فمهلًا مهلًا بني هاشم بي. والله،
سَهُل لكم الوَعر، وصفا لكم الكدر، وألقت إليكم الأمور أزِمَّتَها، فيه
اربدادٌ لكم مِن حُلول داهية، أو خَبُوط باليد والرّجِل.
فقال: أتكلّم يا أمير المؤمنين؟ قال: قل!.
__________
1 انظر: وفيات الأعيان "1/ 330، 331"، "7/ 54، 55".
(13/156)
قَالَ: اتّقِ الله فيما ولاك، واحفظْه في
رعاياك الّتي استرعاك، ولا تجعل الكفرَ بموضع الشُّكر، والعقابَ بموضع
الثواب. فقد، والله، سهلت لك الوعور، وجُمعت عَلَى خوفك ورجائك
الصُّدُور.
وشددت أَوَاخي مُلكك بأوثق مِن رُكني يَلَمْلَم.
فأعاده إلى محبسه، ثمّ أقبل علينا وقال: والله لقد نظرت إلى موضع السيف
مِن عُنقه مرارًا، فمنعني مِن قتله إبقائي عَلَى مثله.
قَالَ: فأراد يحيى بْن خَالِد أن يضع مِن عَبْد المُلْك إرضاءً للرشيد،
فقال لَهُ: يا عَبْد المُلْك بلغني أنّك حقود. قَالَ: أيُّها الوزير
إنْ كَانَ الحِقْد هُوَ بقاء الخير والشّرّ، إنّهما لَبَاقيان في قلبي.
فقال الرشيد: ما رَأَيْت أحدًا أقبحَ للحقد بأحسن من هذا.
ويقال إنه إنما حبسه لمّا رآه نظيرًا لَهُ في أشياء مِن النُّبل
والفصاحة.
مات بالرَّقَّة سنة ستٍ وتسعين ومائة. قاله خليفة بْن خيّاط.
188- عَبْد المُلْك بْن الصّبّاح المسْمعيّ الصَّنْعانيّ ثمّ البصْريّ
-خ. م. ن. ت- أبو محمد.
عَنْ: ثور بْن يزيد، وابن عَون، وهشام بْن حسّان، وشُعْبَة، وجماعة.
وعنه: إسحاق بْن راهَوَيْه، وبُنْدار، ورُسْتَة، ومحمد بْن المُثَنَّى،
ومحمد بْن يحيى الذُّهْليّ، وآخرون.
مات سنة مائتين.
قَالَ أبو حاتم: صالح الحديث.
189- عَبْد المُلْك بْن عَبْد الرَّحْمَن الصَّنْعانيّ الذَّماريّ1 -د.
ن.
وذِمار من قُرى صنعاء.
روى عَنْ: إبراهيم بن أبي عبلة، وسفيان بْن سَعِيد، والأوزاعي، ومحمد
بن جابر السُّحَيْميّ.
__________
1 انظر: الميزان "2/ 657"، والتهذيب "6/ 400-402".
(13/157)
وعنه: أحمد، وإسحاق، وأحمد بْن صالح،
والفلاس، ونوح بْن حبيب القومسيّ.
وثّقه الفلاس.
وقال أبو حاتم. لَيْسَ بالقويّ.
وقال أبو داود: ضُربت عُنق عَبْد المُلْك الذَّماريَّ صَبْرًا. قَضَى
بقودٍ، فدخلت الخوارج فقتلته.
وقال ابن عديّ: كَانَ قد نزل البصرة.
وقال الْبُخَارِيّ: هُوَ شاميّ نزل البصْرة.
وأمّا إبراهيم بْن محمد بْن عَرْعَرَة، ونوح بْن حبيب فسَمَّياه عَبْد
المُلْك بن هشام، فلعلّهما اثنان.
190- عَبْد المُلْك بْن محمد البَرْسَميّ الصَّنْعانيّ الدّمشقيّ1 -د.
ن. ق.
عَنْ: ثابت بْن عَجْلان، ويحيى بْن سَعِيد الأنصاريّ، ومَعْمَر بْن
راشد، والأوزاعيّ، وأبي سَلَمَةَ العامليّ، وعدّة.
وعنه: زيد بْن المبارك الصَّنْعانيّ، وهشام بْن عمّار، وعَمرو بْن
عثمان الحمصيّ، وداود بْن رشيد، وسليمان بْن عَبْد الرَّحْمَن، وجماعة.
وثّقه سليمان بْن عَبْد الرَّحْمَن، وابنه دُحَيْم.
وقال أبو حاتم: يُكَتب حديثه.
191- عَبْد المُلْك بْن مهْران.
أبو هاشم الرفاعيّ المَوْصِليّ المَغَازِليّ2.
روى عَنْ: عَمْرو بْن دينار، وَسُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، وَزَيْدُ
بْنُ أَسْلَمَ، وجماعة.
وعنه: بقيّة، وأحمد بْن أَبِي الحَواريّ، وسُلَيمان بْن عَبْد
الرَّحْمَن، وموسى بْن أيّوب النصيبي.
__________
1 الجرح والتعديل "5/ 369"، والميزان "2/ 663".
2 الجرح والتعديل "5/ 370"، والميزان "2/ 665".
(13/158)
قال العقيلي: صاحب مناكير.
وقال ابن عَدِيّ: مجهول.
قلت: كذا ذكره أبو القاسم بْن عساكر.
192- عَبْد المنعم بْن نُعَيْم الأَسْواريّ البصْريّ1.
أبو سَعِيد صاحب السقاء.
عن: الجريري، ويحيى بْن مُسْلِم البَكَّاء.
وعنه: يونس بْن محمد المؤدَّب، ومحمد بْن أبي بَكْر المُقَدَّميّ،
وعُقْبة بْن مُكْرَم العمّي، وغيرهم.
قَالَ الْبُخَارِيّ: مُنْكَر الحديث.
وقال الدّارَقُطْنيّ: ضعيف.
193- عَبْد الواحد بْن سليمان الأزْديّ البصْريّ البرّاء2.
عَنْ: ابن عَوْن، وحُمَيْد الطّويل.
وعنه: مُسْلِم بْن إبراهيم، وعبد الصَّمد، ومحمد بْن جعفر المدائنيّ،
وإبراهيم بن عبد الله بن خَالِد المصَّيصيّ، والحسن بْن محمد
الزَّعْفرانيّ، وغيرهم.
محلُّه الصَّدْق.
قَالَ أبو حاتم: مجهول.
194- عَبْد الوهاب بْن حُمَيْد اليَحْصُبيّ3.
عَنْ: طلحة بْن عُمَر، وعبد الجليل بْن حُمَيْد.
وعنه: عِمران الصُّوفيّ، وأحمد بْن السَّرْح.
تُوُفّي قريبًا مِن سنة خمٍ وتسعين ومائة بمصر.
__________
1 الجرح والتعديل "6/ 67"، والميزان "2/ 669".
2 الجرح والتعديل "6/ 21"، والثقات لابن حبان "8/ 425".
3 من علماء مصر كما في "حسن المحاضرة".
(13/159)
195- عبد الوهاب الثقفي -ع.
هُوَ ابن عَبْد المجيد بْن الصَّلْت بْن عُبَيْد الله بْن الحَكَم بْن
أبي العاص.
أبو محمد البصري الحافظ1، أحد الأئمة.
روى عن: أيّوب السّخْتياني، وخالد الحذّاء، ومالك بْن دينار، وحُمَيْد
الطّويل، وطبقتهم.
وعنه: أحمد بْن حنبل، والشّافعيّ، وَأَبُو حفص الفلاس، وبُنْدار، وحفص
الرَّباليّ، والحسن بْن عَرَفة، وخلْق كثير.
رُوِيَ عَنِ الفلاس قَالَ: كانت غلّة عَبْد الوهاب الثَّقَفيّ في
السُّنَّةِ نحو أربعين ألفًا، يُنفقها كلّها عَلَى أصحاب الحديث.
وقال الحافظ: ذُكر عَبْد الوهاب الثَّقَفيّ عند النَّظّام فقال: هُوَ
والله أحلى مِن أمنٍ بعد خوف، وبرءٍ بعد سَقَم، وخِصْب بعد جَدْب،
وغِنى بعد فَقْر، ومن طاعة المحبوب، وفرج المكروب.
وقال عليّ بْن المَدِينيّ، وابن مَعين: ثقة.
وقال قُتَيْبة: ما رَأَيْت مثل هَؤلاءِ الفقهاء الأربعة. مالك،
وَاللَّيْثُ، وعبّاد بن عبّاد، وعبد الوهاب الثَّقَفيّ.
وقال ابن المَدِينيّ: لَيْسَ في الدُّنيا كتاب عَنْ يحيى بْن سَعِيد
أصحّ مِن كتاب عَبْد الوهّاب الثَّقَفيّ.
وقال أحمد العِجْليّ: ثقة.
وقال العُقَيْليّ: نا محمد بْن زكريّا، ثنا عُقْبة بْن مُكْرَم قَالَ:
كَانَ عَبْد الوهّاب الثَّقَفيّ قد اختلط قبل موته بثلاث سِنين أو
أربع.
قَالَ: وثنا الحسين بْن عَبْد الله الذارع، نا أَبُو دَاوُدَ. قَالَ:
جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ وَعَبْدُ الوهاب الثَّقَفيّ تغيرا، فحجب الناس
عنهم.
الْحُمَيْدِيُّ: نا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ جَعْفَرِ
بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ: أن
__________
1 انظر: الجرح والتعديل "6/ 71"، السير "9/ 237-240".
(13/160)
رسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ1.
قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: قَالَ مَالِكٌ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَسُلَيْمَانُ
بْنُ بِلالٍ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُطَّلِبِ،
وَالدَّرَاوَرْدِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَأَبُو ضَمْرَةَ،
وَيَحْيَى الْقَطَّانُ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ،
وَيَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، مُرْسَلا:
قُلْتُ: عَبْدُ الْوَهَّابِ ثِقَةٌ. وَالثِّقَةُ يَهِمُ فِي الشَّيْءِ
بَعْدَ الشَّيْءِ. وَأَمَّا اخْتِلاطُهُ فَمَا ضَرَّ حديثه، لأنه حجب،
فبقي بمنزلة من مات.
وكان مولده في سنة عشر ومائة، ومات في سنة أربعٍ وتسعين ومائة.
196- عُبَيْد الله بْن المهديّ بْن المنصور العباسيّ2.
وأُمّه رائطة بِنْت السّفّاح.
مات سنة أربعٍ أو خمسٍ وتسعين ومائة. وله عَقِب.
وكان عظيم الجلالة في دولة أخيه الرشيد.
197- عُبَيْد الله بْن سُهيل بْن صخر الغُدّانيّ3.
أبو صخر.
عَنْ: عُقْبة بْن أَبِي جُبيرة، وغيره.
وعنه: ابنه أحمد، وعليّ بْن المَدِينيّ، ومحمد بن يحيى القطعي. قاله
ابن أبي حاتم.
198- عُبَيْد بْن سَعِيد بْن أبَان.
أبو محمد الْقُرَشِيّ الأمويّ الكوفيّ4، أخو يحيى، وعَنْبَسَة، ومحمد،
وعبد الله.
حدَّث عَنْ: الأعمش، وكامل أبي العلاء، وسفيان، وشعبة.
__________
1 "حديث صحيح لغيره": أخرجه أحمد "3/ 305"، والترمذي "1359"، وابن ماجه
"2369" وله، شواهد كثيرة.
2 انظر: تاريخ بغداد "10/ 311"، وتاريخ الطبري "8/ 236".
3 الجرح والتعديل "5/ 318"، والثقات لابن حبان "8/ 404".
4 انظر: الجرح والتعديل "5/ 407"، والتهذيب "7/ 66".
(13/161)
وعنه: ابن راهويه، وابنا أبي شيبة، وأبو
كريب، وعلي بن محمد الطنافسي.
وثقه أبو حاتم.
وقال ابن حبان: مات سنة مائتين.
199- عبيد بن القاسم الأسدي الكوفي1 -ن.
عَنْ: هشام بن عروة، والأعمش، وإسماعيل بن أبي خَالِد.
وعنه: أحمد بْن حنبل، وابن مَعِين، وداود بْن رشيد، وأحمد بْن المقدام.
قَالَ ابن حِبّان: حدَّث عَنْ هشام بنسخة موضوعة.
وقال الْبُخَارِيّ: لَيْسَ بشيء، لا يُعرف.
ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ، نَا الصَّلْتُ بْنُ
مَسْعُودٍ، نَا عُبَيْدُ بْنُ الْقَاسِمِ، نَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ،
عَنْ عَائِشَةَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يَأْكُلُ مِنْ كُلِّ طعامٍ مِمَّا يَلِيهِ. فَإِذَا أُتِيَ
بِالتَّمْرِ جَالَتْ يَدُهُ"2.
قَالَ يحيى بْن مَعِين: سمعنا منه، وكان كذّابًا.
200- عُبَيْد بْن واقد القَيْسيّ3 -ت.
بصْريّ، يقال اسمه عبّاد.
حدَّث عَنْ: سَعِيد بْن عطيّة اللَّيْثي، وزَربيّ أَبِي يحيى، وجماعة
مِن الغرباء الذين لا يكادون يُعرفون.
وعنه: نصر بْن عليّ، وابن مُثَنَّى، وعَمْرو بْن شَبَّة، وعبد الله بْن
عُمَر الأصبهاني أخو رُسْتَة.
ضعّفه أبو حاتم.
201- عُتْبَة بْن حمّاد -ق.
__________
1 الجرح والتعديل "5/ 412"، والتهذيب 7/ 72، 73".
2 "حديث موضوع": وأخرجه ابن عدي "5/ 1987" في الكامل للضعفاء.
3 الجرح والتعديل "6/ 5"، والتهذيب "7/ 77، 78".
(13/162)
أبو خليد الحكمي الدمشقي القارئ1. إمام
جامع دمشق.
حدَّث عَنْ: الزُّبَيْديّ، والأوزاعيّ، وابن ثَوْبان، والوضين بْن
عطاء، وسعيد بْن عَبْد العزيز، ومنيب بْن مُدْرك.
وعنه: ابنه خُلَيْد، وسليمان بْن أحمد الواسطي، ومحمد بْن وهْب بْن
عطيّة.
وثّقه أبو عليّ النَّيْسابوريّ، وأبو بَكْر الخطيب.
وقال أبو حاتم: شيخ.
202- عَثَّام بْن عليّ بْن هُجَيْر الكلابيّ العامري الكوفي2 -خ. 4.
والد عليّ بْن عَثّام.
روى عَنْ: هشام بْن عُرْوة، والأعمش، وغيرهما.
وعنه: ابنه، وأبو سَعِيد الأشجّ، وأحمد بْن بُدَيْل، وخليفة بْن خيّاط،
وعليّ بْن حرب، وجماعة.
قَالَ أبو حاتم: صدوق.
وقَالَ غيره: مات سنة خمس وتسعين ومائة.
وقيل سنة أربع.
203- عثمان بن فرقد البصري العطار3 -خ- ت.
عَنْ: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ.
وعنه: ابن المَدِينيّ، وزيد بْن أخْزَم، ومحمد بْن المُثَنَّى، ومحمد
شيخ الْبُخَارِيّ. وكنيته أبو مُعَاذ.
وُثَّق، وقد ليَّنَه بعضهم يسيرًا.
204- عِراك بْن خَالِد بْن يزيد بْن صالح بْن قبيح المري4.
__________
1 الجرح والتعديل "6/ 370"، والتهذيب "7/ 95، 96".
2 انظر: الجرح والتعديل "7/ 44"، والتهذيب "7/ 105، 106".
3 الجرح والتعديل "6/ 164"، والتهذيب "3/ 52".
4 الجرح والتعديل "7/ 38"، والتهذيب "7/ 171، 172".
(13/163)
أبو الضّحّاك، الدّمشقيّ المقرئ.
قرأ عَلَى يحيى الذَّماريّ.
وحدَّث عَنْ: أبيه، وإبراهيم بْن أبي عَبْلَةَ، وعثمان بْن عطاء
الخُراسانيّ، وغيرهم.
وأقرأ النّاس مدّةً، فقرأ عَليْهِ: هشام بْن عمّار، والربيع بْن ثعلب.
وحدَّث عَنْهُ: ابن ذَكْوان، ومحمد بْن وهْب، وموسى بْن عامر
المُرَّيّ، وطائفة.
قَالَ الدّارَقُطْنيّ: لا بأس بِهِ.
وقال أبو حاتم: مُضْطَرب بالحديث.
قلت: روى لَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ الْقَدَرِ لَهُ.
205- عَرْعَرَة بن البرند بن النعمان بن علجة1 -ن.
أبو محمد القرشي السامي الناجي البصري، والد محمد، وسليمان، وإسماعيل.
روى عَنْ: خاله عبّاد بْن منصور، وهشام بْن عُروة، وابن عَوْن، ومحمد
بْن عَمرو بْن عَلْقمة.
وعنه: حفيده إبراهيم بْن محمد بْن عَرْعَرَة، وإسحاق بْن راهَوَيْه،
والفلاس، ومحمد بْن المُثَنَّى، وحُمَيْد بْن الربيع.
ضعّفه ابن المَدِينيّ، وقوّاه ابن حِبّان، وغيره.
مات سنة اثنتين وتسعين ومائة.
206- عِصمةُ بنُ محمد بْن فَضَالَةَ بْن عُبَيْد الأنصاريّ المدنيّ2.
عَنْ: موسى بْن عُقْبة، وسُهيل بْن أَبِي صالح، وهشام بْن عُرْوة،
ويحيى بْن سَعِيد الأنصاريّ، وجماعة.
وعنه: سَعِيد بْن سَلَمَةَ الأنصاريّ، ومحمد بن سعْد، وعبد الله بن
إبراهيم الغفاري، والسري بن عاصم.
__________
1 الجرح والتعديل "7/ 46"، والتهذيب "7/ 175، 176".
2 الجرح والتعديل "7/ 120"، والميزان "2/ 68".
(13/164)
قَالَ ابْن مَعِين: كذّاب.
وقال العُقَيْليّ: يحدّث بالبواطيل.
قُلْتُ: لَهُ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: "كُلُوا التَّمْرَ عَلَى الرَّيقِ فَإِنَّهُ
يَقْتُلُ الدُّودَ"1. هَذَا مَوْضُوعٌ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ.
207- عطاء بْن جَبَلَة الفَزَاريّ2.
شيخ بغدادي واهٍ، لَهُ عَنْ: عبّاد بْن منصور، والأعمش، وليث بْن أَبِي
سُلَيْم، وابن جُرَيج.
وعنه: محمد بْن الصّبّاح الجرجرائيّ، وإبراهيم بْن موسى الفرّاء،
وجماعة.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ.
وَقَالَ أَبُو حاتم: لَيْسَ بالقويّ.
208- عليّ بْن أبي بكر الرازي الأسفذني3 -ت. ق.
وأسْفَذْن بذال مُعْجَمَةٍ.
لَهُ عَنْ: فُضَيْل بْن مرزوق، ومحمد بْن إِسْحَاق، ومهديّ بْن ميمون،
وسُفْيان الثَّوْريّ.
وعنه: مخلد بن مالك الحمال، ومحمد بن حميد، ومحمد بن عبيد الهمداني،
وغيرهم.
وكان رجلا صالحا ورعًا.
وثقه أبو حاتم.
__________
1 "حديث موضوع": وأخرجه ابن عدي "5/ 2009"، في الكامل، والعقيلي "3/
340"، في الضعفاء الكبير، وابن الجوزي "3/ 25"، في الموضوعات، وانظر:
الفوائد المجموعة "180"، وتنزيه الشريعة "2/ 240".
2 انظر: الجرح والتعديل "6/ 331"، والميزان "3/ 69".
3 الجرح والتعديل "6/ 176"، والتهذيب "7/ 287".
(13/165)
وقال مخلد الحمال: ما رأيت أحدا أورع منه.
وقال القاسم بن زكريا: كان عند محمد بن حميد الرازي، عَنْ عليّ بْن
أَبِي بَكْر عشرة آلاف حديث.
وقيل كَانَ مِن الأبدال.
209- عليّ بْن حَرْمَلَة التَّيْميّ1.
تيم الرّباب. وُلّي قضاء القُضاة بعد محمد بْن الحَسَن. وكان مِن جِلّة
أصحاب أَبِي حنيفة، وأبي يوسف.
ذكره الخطيب.
210- عليّ بْن زياد.
الفقيه أبو الحَسَن السَّهْميّ مولاهم الإسكندرانيّ2، يُعرف بالمحتسب.
روى عَنْ: مالك وغيره.
وعنه: سَعِيد بْن أبي مريم، ويونس بْن عَبْد الأعلى.
وكان زاهدًا عابدًا.
قَالَ ابن عَبْد الحَكَم: قام عليُّ بْن زياد إلى الرشيد وهو يخطب
الناس بمكة، فقال: {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا
لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: 3] ، فأمر بِهِ، فضُرب مائة سَوْط. فكان في
البيت يتأوّه ويقول: الموت الموت. ثمّ أرسل إِليْهِ الرشيد يطلب أن
يُحالِلَه، فأَحَلّه.
وعن ابن وهْب قَالَ: ما تشبّه عليّ بْن زياد إلا بنوحٍ عَليْهِ السلام
في قومه، لا يَمَلّ ولا يَفْتَر مِن الموعظة والأمر بالمعروف والنهي
عَنِ المُنْكَر.
مات سنة ثلاثٍ وتسعين ومائة، رحمه الله تعالى.
211- عليّ بْن ظبيان أبو الحسن العبسي الكوفي3 -ق.
__________
1 تاريخ بغداد "11/ 415".
2 من كبار علماء الديار المصرية كما في "حسن المحاضرة".
3 الجرح والتعديل "6/ 191"، والتهذيب "7/ 341-343".
(13/166)
قاضي القُضاة للرشيد.
يقال وُلّي بعد موت محمد بْن الحَسَن، وقبل ذَلِكَ كَانَ عَلَى قضاء
الجانب الشرقيّ ببغداد.
روى عَنْ: إسماعيل بْنِ أَبِي خَالِدٍ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ
عُمَرَ، وأبي حنيفة، وعدّة.
وعنه: عليّ بْن المَدِينيّ، وداود بْن رشيد، وعثمان بْن أَبِي شَيْبَة،
وعليّ بْن مُسْلِم الطّوسيّ، ومحمد بْن قُدامة المَصَّيصيّ، ومحمد بْن
قُدامة الجوهريّ، وجماعة.
قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ليس بثقة.
وقال الخطيب: كَانَ جليلا دينًا متواضعًا فقيهًا مِن أصحاب الإمام أبي
حنيفة، محمود الأحكام.
تُوُفّي سنة اثنتين وتسعين، ومائة بقَرْمِيسين.
قَالَ الْبُخَارِيّ: مُنْكَر الحديث.
وَمِمَّا انْفَرَدَ بِهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ، عَنِ
ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا قَالَ: "الْمُدَبَّرُ مِنَ الثُّلُثِ"1.
أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ،
عَنْهُ: وَقَالَ: لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ.
وَقَدْ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ ظِبْيَانَ، فَلَمْ
يَرْفَعْهُ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ ابْنُ ظِبْيَانَ: كُنْتُ أَرْفَعُهُ،
فَقَالَ أَصْحَابُنَا: لَيْسَ بِمَرْفُوعٍ، فَوَقَفْتُهُ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: هُوَ وَاهِي الْحَدِيثِ جِدًّا.
وَرَوَى أَحْمَدُ بن محمد بن محرز، عن ابن معين قَالَ: كَذَّابٌ
خَبِيثٌ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: الضَّعْفُ عَلَى رِوَايَاتِهِ بَيِّنٌ.
وَأَمَّا الْحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُورِيُّ فَقَالَ: لا
بَأْسَ بِهِ.
212- عليّ بْن عيسى بن ماهان2.
__________
1 "حديث ضعيف جدًا": وأخرجه ابن ماجه "2514"، والخطيب "11/ 445"، في
تاريخه.
2 وفيات الأعيان "2/ 517، 518، 522".
(13/167)
الأمير، مِن كبار قُوّاد الدّولة، وهو
الَّذِي أشار عَلَى الأمين بخلع أخيه المأمون مِن ولاية العهد، فأمّره
الأمين عَلَى أصبهان والجبال، فسار في جيش لَجْبٍ، وقدّم جيش المأمون
عليهم طاهرَ بْن الحسين، فالتقى الجمعان، فكان عليّ بْن عيسى أول قتيل.
وذلك في سنة خمسٍ وتسعين ومائة. وكان قد شاخ. وكان مقتله بظاهر
الرَّيّ.
213- عليّ بْن القاسم الكِنْديّ الكوفيّ1.
عَنْ: عاصم الأحول، وعاصم بْن رجاء بْن حَيْوَة، ومعروف بْن خَرَّبُوذ.
وعنه: سَعِيد بْن محمد الْجَرْميّ، وأبو سَعِيد الأشجّ، وعبيد بْن
إسحاق العطّار.
قَالَ أبو حاتم: لَيْسَ بالقويّ.
214- عليّ بْن المبارك الأحمر2.
شيخ العربيّة وتلميذ الكِسائيّ.
كَانَ مؤدّب الأمين بتعيين الكِسائيّ لَهُ.
جرت بينه وبين سِيَبَويْه مناظرة.
قَالَ ثعلب: كَانَ الأحمر يحفظ سوى ما يحفظ أربعين ألفَ بيتٍ مِن
الشعر. شاهدًا في النّحو.
وقال الأحمر: قعدتُ ساعة، فوصل إليّ فيها ثلاثمائة ألف درهم.
وَقِيلَ إِنَّهُ كَانَ في أَوَّل أمره من رجالة النوبة بباب الخلافة،
وكان يتوقَّد ذكاء. فرأى الكِسائيّ يغدو ويروح، فأحبّ العربيّة، ولزِم
الكِسائيّ إلى أن برع، وصيّره الكِسائيّ يعلم أولاد الرشيد عوضا عَنْ
نفسه.
وللحمر عدّة تلامذة.
أخذ عَنْهُ: إسحاق النّديم، وَسَلَمَةُ بْن عاصم.
وقيل: إنّ محمد بْن الْجَهْم أدركه، فقال: كنّا إذا أتينا الأحمر
تلقّانا الْخَدَمُ، فندخل قصرًا مِن قصور الملوك، ثمّ يخرج لنا،
عَليْهِ ثياب الملوك، ينفح مِنه المسك
__________
1 الجرح والتعديل "6/ 201"، والميزان "3/ 151".
2 تاريخ بغداد "12/ 104"، السير "9/ 92، 93".
(13/168)
وهو يبتسم. ونصير إلى الفَرّاء، فيخرج
إلينا مُعَّبسًا، فيجلس عَلَى بابه، ونجلس عَلَى الأرض بين يديه، فيكون
أحلى عندنا مِن الأحمر.
وقال سَلَمَةُ بْن عاصم: كَانَ الفرّاء بينه وبين الأحمر متباعدًا.
فمات الأحمر بطريق مكّة، فاسترجع الفرّاء وتوجّع لَهُ.
تُوُفّي سنة أربعٍ وتسعين ومائة.
ويقال: اسمه عليّ بْن الحَسَن، فالله أعلم.
215- عُمارةُ بْن بِشْر الدّمشقيّ1 -ن.
عن: الأوزاعي، وعبد الرحمن بن يزيد بن جَابِر.
وعنه: عليّ بْن سهل الرمليّ، ونُصَير بْن الفرج.
ويوسف بْن سَعِيد بْن مُسْلِم.
حدَّث عام مائتين.
216- عُمر بْن حفص العبْديّ البصْريّ2.
عَنْ: ثابت البُنانيّ، ومالك بْن دينار، ومطر الورّاق.
وعنه: العلاء بْن سالم، وأحمد بْن بشّار.
ضعّفه مُسْلِم، وغيره.
مات سنة ثمانٍ وتسعين ومائة. وقيل سنة تسعٍ وتسعين.
217- عُمَر بْن حفص بْن عُمَر بْن ثابت الأنصاريّ3.
أبو سعْد.
عَنْ: أَبِيهِ، وأبي حُمَيْد السّاعديّ.
وعنه: يعقوب بْن كعب الحلبيّ، وداود بْن رشيد، وهشام بْن عمّار. كنّاه
الحاكم.
__________
1 انظر: الميزان "3/ 173"، والتهذيب "7/ 411، 412".
2 الجرح والتعديل "6/ 103"، والميزان "3/ 189، 190".
3 انظر: الجرح والتعديل "6/ 102"، والثقات لابن حبان "8/ 439".
(13/169)
218- عُمَر بْن حفص المعيطيّ1.
عَنْ: أَبِي حَيّان التَّيْميّ، وهشام بْن عُرْوة، وعبد المُلْك بْن
أَبِي سليمان.
وعنه: أحمد بْن حنبل، وَغَيْرِهِ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ.
219- عُمَر بْن زُرْعة الخارَفيّ2.
عن: محمد بْن سالم، وعيسى بْن عُمَر.
وعنه: قُتَيْبة، وأبو بَكْر بْن أبي شَيْبَة، وابن نُمَير، وأبو سَعِيد
الأشجّ.
220- عُمَر بْن صالح بْن أبي الزّاهرية الأزْديّ البصْريّ الأوقص3.
نزيل دمشق.
عَنْ: أَبِي جَمْرَة الضُّبَعيّ، وأيّوب السّخْتيانيّ، ومالك بْن
دينار.
وعنه: داود بْن رشيد، وسليمان بْن عَبْد الرَّحْمَن، ومحمد بْن
مُصَفَّى، وموسى بْن عامر.
قَالَ أبو حاتم: ضعيف.
وقال النَّسَائيّ: متروك.
221- عمر بن عبد الواحد بن قيس -د. ن. ق.
أبو حفص السلمي الدمشقي4.
عَنْ: يحيى بْن الحارث الذَّماريَّ وتلا عَليْهِ كتاب الله.
وروى عَنْ: الأوزاعي، وعمر بْن محمد العُمريّ، وعبد الرحمن بن ثوبان،
والنعمان بن المنذر، وجماعة.
__________
1 الجرح والتعديل "6/ 103".
2 الجرح والتعديل "6/ 110".
3 الجرح والتعديل "6/ 116"، والميزان "3/ 205".
4 الجرح والتعديل "6/ 126"، والتهذيب "7/ 479".
(13/170)
قرأ عليه هشام بن عمار، وروى عنه: هو،
ودحيم، وإسحاق بن راهويه، ومحمود بن خالد، وموسى بن عامر، وأبو عتبة
الحجازي، وعدة.
وثقه أحمد العجلي، وغيره.
ولد سنة ثمان عشرة ومائة، وتوفي سنة مائتين.
ولم يلحق الأخذ عَنْ والده، مات قديمًا.
222- عُمَر بن هارون البلخي1 -ت. ق.
أبو حفص الثقفي مولاهم.
عَنْ: جعفر بْن محمد، وابن جُرَيج، وأسامة بْن زيد، وأيمن بْن نَابِلٍ،
وطائفة.
وعنه: قُتَيْبة، وعثمان بْن أَبِي شَيبة، وأبو سَعِيد الأشجّ، وشُرَيْح
بْن يونس، ومحمد بْن حُمَيْد الرّازيّ، وأحمد بْن حنبل، ويحيى بْن
موسى، ونصر بْن عليّ الْجَهْضميّ، وجماعة سواهم.
وكان قد جاور بمكة، وتزوّج ابن جُرَيج بأخْته فيما قِيلَ.
ضعّفه ابن مَعِين، والنّاس.
وقال النَّسَائيّ، وجماعة: متروك؛ وبعضهم كذَّبَه.
قَالَ محمد بْن عَمْرو زُنَيْج: قَالَ عُمَر بْن هارون: ألقيتُ مِن
حديثي سبعين ألفًا لأبي جُزْءٍ عشرين ألفًا، ولعثمان البُرَّيّ كذا
وكذا.
فسئل زُنَيْج عَنْهُ فقال: قَالَ بَهْز: لدى يحيى بْن سَعِيد القطّان
خسارة. قَالَ: أكثر عَنِ ابن جُرَيج، مِن يلازم رجلا اثنتي عشرة سنة لا
يريد أن يُكثر عَنْهُ؟.
قَالَ زُنَيْج: وبلغني أنّ أُمّه كانت تُعينه عَلَى الكتاب.
قلت: قد طوّل شيخنا أبو الحجاج ترجمته، وهو مَعَ ضَعفه حافظ وإمام
مُقرئ مُكْثِر.
قَالَ فيه قُتَيْبة: كَانَ شديدًا عَلَى المُرْجِئَة؛ مِن أعلم الناس
بالقراءات.
وقال غيره: مات ببلْخ في أوّل يومٍ مِن رمضان سنة أربع وتسعين ومائة.
__________
1 انظر: الجرح والتعديل "6/ 140، 141"، والسير "9/ 267-276".
(13/171)
وَمِنْ مَنَاكِيرِهِ: قَالَ هَنَّادٌ
السَّرِيُّ: نَا عُمَرُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ،
عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنّ
النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَانَ يَأْخُذُ مِنْ
لِحْيَتِهِ مِنْ طُولِهَا وَعَرْضِهَا"1. فَهَذَا لا يُعْرَفُ إِلا
بِهِ.
وَيُخَالِفُهُ مَا ثَبَتَ من قوله -صلى الله عليه وسلم: "أَعْفُوا
اللِّحَى" 2.
قَالَ ابن سعْد: كتب عَنْهُ الناس كثيرًا وتركوا حديثه.
وقال أحمد بْن سيار: كَانَ أبو رجاء، يعني قُتَيْبة، يُطْريه ويُوثَّقه
ويقول: كَانَ شديدًا عَلَى المُرْجِئَة، وكان مِن أعلم الناس
بالقراءات. كَانَ القرّاء يقرأون عَليْهِ ويختلفون إِليْهِ في الحروف،
فسألت عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ عَنْهُ وقلت: قد أكثر عَنْهُ، وبلغنا
أنّك تذكره. فقال: أعوذ بالله ما قلت فيه إلا خيرًا. ما هو عندنا
بمتهم.
وقال ابن الجنيد: سمعت ابن مَعِين يَقُولُ: كذّاب، قدِم مكّة وقد مات
جعفر بْن محمد، فحدّث عَنْهُ.
223- عِمران بْن عُيَيْنَة بْن أَبِي عِمران.
أبو الحَسَن الهلاليّ الكوفيّ3، أخو سُفْيان الإمام.
روى عَنْ: حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَطَاءِ بْنِ السّائب،
وأبي إسحاق السَّبِيعيّ، وعبد المُلْك بْن عُمَير.
وعنه: زيد بْن الحراش، وعبده بْن عَبْد الرحيم المَرْوَزِيّ، وأبو
سَعِيد الأشجّ، وعَمرو بْن عليّ الباهليّ، وآخرون.
قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ.
وَقَالَ أبو حاتم: لا يُحْتَجّ بِهِ، يأتي بالمناكير.
وقال العُقَيْليّ: لَهُ وهْم وخطأ.
وضعفه أبو زرعة، وقواه غيره.
__________
1 "حديث ضعيف جدًا": أخرجه الترمذي "2762"، وأبو الشيخ "282"، في أخلاق
النبي -صلى الله عليه وسلم.
2 "حديث صحيح": أخرجه مسلم "52"، وأبو داود "4199"، والترمذي "2763".
3 انظر: الجرح والتعديل "6/ 302"، والتهذيب "8/ 136، 137".
(13/172)
224- عَمْرو بْن بَكْر السَّكْسَكيّ
الشاميّ1.
عَنْ: إبراهيم بْن أَبِي عَبْلَةَ، وابن جُرَيج، وثور بْن يزيد.
وعنه: إبراهيم بْن محمد الفِرْيابيّ، وأبو الدرداء هاشم بْن محمد
المَقْدِسيّان.
اتهمه ابن حِبّان بالوضع.
225- عَمْرو بْن حُمران2.
شيخ بصْريّ نزل الرَّيّ.
لَهُ عَنْ: عوف، وهشام بْن حسّان، وابن عَوْن.
وعنه: يوسف بن موسى القطان، ومحمد بن عيسى الدامغاني، وآخرون.
قال أبو حاتم: صالح الحديث.
226- عمرو بن خليفة البكراوي3.
أخو هوذة، يكنى أبا عثمان. شيخ بصري صدوق.
روى عَنْ: محمد بْن عَمْرو، وأشعث الحُمْرانيّ.
وعنه: محمد بن المثنى، ومحمد بن بشار، وغيرهما.
227- عمرو بن مجمع الكوفي4.
عن: إسماعيل بن أبي خالد، ويونس بن خباب، وغيرهما.
وعنه: أحمد بن أبي شريح، وأبو كريب، ومحمد بن هشام المروزي،
وَآخَرُونَ.
قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ.
وَقَالَ الدارقطني: ضعيف.
228- عمرو بن محمد العنقزي5 -م. 4.
__________
1 انظر: الجرح والتعديل "6/ 222"، والميزان "3/ 247".
2 الجرح والتعديل "6/ 227".
3 الثقات لابن حبان "7/ 229".
4 الجرح والتعديل "6/ 265"، والميزان "3/ 286".
5 الجرح والتعديل "6/ 262"، والتهذيب "8/ 98، 99".
(13/173)
أبو سعيد الكوفي.
محدّث مشهور، والعَنْقَز: هُوَ المرْزَنْجوشَ.
حدَّث عَنْ: ابن جُرَيج، وأبي حنيفة، وحنظلة بْن أبي سُفْيان، وعيسى
بْن طهمان، والثَّوْريّ، وإسرائيل.
وعنه: قُتَيْبة، وابن راهَوَيْه، وأبو سَعِيد الأشجّ، ومحمد بْن يحيى
الذُّهْليّ، وجماعة.
وثّقه أحمد بْن حنبل، وغيره.
مات سنة تسعٍ وتسعين ومائة.
229- عمرو بن هاشم الجنبي1 -د. ن.
أبو مالك الكوفي.
عن: هشام بن عُرْوة، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَأَشْعَثُ
بْنُ سَوَّارٍ، وابن إِسْحَاق، وطبقتهم.
وعنه: يحيى بْن مَعِين، وإسحاق بْن موسى الحَكَميّ، والحسن بْن حمّاد،
والحضْرميّ، وعبد الله بْن الوضّاح، ومحمد بْن أَبِي السَّريّ، ويعقوب
الدَّوْرقيّ.
قَالَ ابن عَدِيّ: هُوَ صَدُوق إنّ شاء الله.
وقال ابن حِبّان: كَانَ ممّن يقلب الأخبار. لا يجوز الاحتجاج بِهِ.
وقال أحمد: صدوق.
وقال النَّسَائيّ: لَيْسَ بالقويّ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْمَعَالِي الأَبَرْقُوهِيُّ، أَنَا الْفَتْحُ بْنُ
عَبْدِ السَّلامِ، أَنَا هِبةَ اللَّهِ الْحَاسِبَ، أَنَا أَبُو
الْحُسَيْنِ بْنُ النَّقُّورِ، نَا عِيسَى بْنُ عَلِيٍّ، إِمْلاءً
قَالَ: قُرِئَ عَلَى يَحْيَى بْنِ صَاعِدٍ وَأَنَا أَسْمَعُ:
حَدَّثَكُمُ الْحَسَنُ بْنُ حَمَّادٍ سَجَّادَةٌ، وعبد الله بن الوضاح
اللؤلؤي قالا: ثنا عَمْرُو بْنُ هَاشِمٍ أَبُو مَالِكٍ الْجَنْبِيُّ،
عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ
قَالَ: كَانَتِ امْرَأَةٌ تَأْتِي قَوْمًا فَتَسْتَعِيرُ مِنْهُمُ
الْحُلِيَّ، ثُمَّ تُمْسِكُهُ، فَرُفِعَ ذَلِكَ إلى النبي
__________
1 انظر: الجرح والتعديل "6/ 267"، والتهذيب "8/ 111، 112".
(13/174)
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
فَقَالَ: "لِتَتُبْ هَذِهِ الْمَرْأَةُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى
رَسُولِهِ وَتَرُدُّ عَلَى النَّاسِ مَتَاعَهُمْ، قُمْ يَا فُلانُ
فَاقْطَعْ يَدَهَا"1.
هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنَ الْعَوَالِي أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، عن
عثمان بن عبد الله بن خرزاذ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ حَمَّادٍ، فَوَقَعَ
بَدَلا عَالِيًا بِدَرَجَتَيْنِ.
- عَمْرو بْن الهيثم2 -م. 4.
أبو قَطَن. يأتي بالكنية.
230- عُمير بْن عَبْد المجيد.
أبو المغيرة الحنفيّ3- هُوَ أخو أَبِي بَكْر الحنفيّ.
روى عَنْ: عَبْد الحميد بْن جعفر.
وعنه: أبو خَيْثَمَة، وبُنْدار، ومحمد بْن مَعْمَر، وَآخَرُونَ قَالَ
أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
231- عَنْبَسة بنُ خَالِد بْن يزيد الأَيْليّ4 -د. خ مقرونًا.
عَنْ: عمّه يونس، وابن جُرَيج، ورجاء بْن جميل.
يُكنيّ أبا عثمان.
روى عَنْهُ: ابن وهْب مَعَ تقدَّمه، ومحمد بْن مهديّ الأصمعيّ، وأحمد
بْن صالح الْمَصْرِيّ.
قَالَ أبو داود: عَنْبَسة أحبُّ إلينا مِن اللَّيْثُ، كأنّه يعني في
يونس بْن يزيد خاصّة.
قلت: غمزه يحيى بْن بُكَيْر، وقال: ما كَانَ أهلا للأخذ عَنْهُ.
وقال أبو حاتم: كَانَ على الخراج، فكان يعلق النساء بالثدي.
__________
1 "حديث حسن": أخرجه النسائي "8/ 71"، والخطيب "4/ 326" في تاريخ
بغداد.
2 ستأني ترجمته.
3 انظر: الجرح والتعديل "6/ 377"، والثقات لابن حبان "8/ 509".
4 الجرح والتعديل "6/ 402"، والتهذيب "8/ 154".
(13/175)
مات سنة ثمانٍ وتسعين ومائة.
232- عَوْن بْن عَبْد الله بْن عَوْن بْن عُتْبَة بْن مسعود الهُذْليّ
الكوفيّ1.
وُلّي القضاء ببغداد في أيّام المهديّ، ويقال في أيّام الرشيد.
أخذ عن: الأعمش، وغيره.
ولا يُحفظ عَنْهُ شيء مُسْنَد.
قَالَ الخطيب: مات سنة ثلاثٍ وتسعين ومائة.
233- عَوْن بن كَهْمَس بْن الحَسَن البصْريّ التَّيْميّ2.
عَنْ: أَبِيهِ، وسليمان التَّيْميّ، وهشام بْن حسّان.
وعنه: خَلَف بْن خليفة، ومحمد بْن بشّار، وأحمد، وعبد الله بْن ميمون،
وآخرون.
قَالَ أبو داود: لم يبلغني إلا خير.
234- العلاء بن الحصين الكوفي الوضين3.
الفقيه، قاضي الري.
روى عَنْ: عائذ بْن شُرَيْح، والثَّوْريّ، وَاللَّيْثُ، وخالد بْن
إياس، وطائفة.
وعنه: عَبْد الله بْن الْجَهْم، ويوسف بْن واقد، ومحمد بْن الحَسَن بْن
المختار، ومحمد بْن حُمَيْد الحافظ.
وكان يقضي بحصن الأردان.
قَالَ أبو حاتم: كوفيّ، صالح الحديث.
235- عيسى بْن شُعيب4.
أبو الفضل البصري النحوي الضرير.
__________
1 الجرح والتعديل "6/ 384"، والتهذيب "8/ 171".
2 انظر: الجرح والتعديل "6/ 388"، والتهذيب "8/ 173، 174".
3 الجرح والتعديل "6/ 354"، والثقات لابن حبان "8/ 503".
4 الجرح والتعديل "6/ 278"، والتهذيب "8/ 213".
(13/176)
عَنْ: مطر الورّاق، وسعيد بْن أبي عَرُوبة،
وأبو مُرَّة واصل، ورَوْح بْن القاسم.
وعنه: عَمْرو الفلاس، ومحمد بْن المُثَنَّى، ومحمد بْن موسى الحَرَشيّ،
وعبّاس بْن يزيد البحْرانيّ، وآخرون.
صدَّقه الفلاس، وتركه غيره.
قَالَ ابن حِبّان: فَحُشَ خطؤه فاستحقّ التَّرْك.
قلت: وممّا نقموا عَلَى عيسى بْن شُعيب حديث: "قُدّس الْعَدَسُ عَلَى
لسان سبعين نبيًا" وهذا باطل1. سمعه منه عُبَيْد بْن سَعِيد.
ولم أجد لَهُ ذِكرًا في كثير مِن كُتُب المجروحين. وما ذكره
العُقَيْليّ بل ذكر آخر، قَالَ:
236- عيسى بْن شعيب بْن ثَوْبان المدنيّ2.
عَنْ: فُلَيْح، لا يُتَابع عَلَى حديثه.
رواه عَنْهُ إبراهيم بْن المنذر الخزاميّ، ثمّ ساق لَهُ العُقَيْليّ
خبرًا منكرًا.
"حرف الغين":
237- الغازي بْن قيس3.
أبو محمد الأندلسيّ، أحد الأئمّة المشاهير. ارتحل إلى المشرق، وروى
عَنْ: ابن جُرَيج، والأوزاعي، ومالك وأخذ عَنْهُ الموطّأ وحفِظه.
وكان كبير الشأن، مُجاب الدَّعوة. وكان يَقُولُ: ما كذبت منذ احتلمت.
روى عَنْهُ: عَبْد المُلْك بْن حبيب صاحب "الواضحة".
وقال القاضي عِياض: كَانَ مِن أفقه أهل إفريقيّة. قرأ القرآن عَلَى
نافع.
حدَّث عَنْهُ: عثمان بْن أيّوب، وأَصْبغ بن خليل، وغيرهما.
__________
1 "حديث باطل": أخرجه ابن حبان "2/ 120"، في المجروحين، وابن الجوزي
"2/ 295" في الموضوعات، وانظر: الفوائد المجموعة "161".
2 انظر: الجرح والتعديل "6/ 278"، التهذيب "8/ 214، 215".
3 ترتيب المدارك "1/ 347"، وبغية الوعاة "2/ 240".
(13/177)
وعن أصْبَغ قَالَ: سَمِعْتُ الغازي
يَقُولُ: والله ما كذبتُ كِذبةً قطّ منذ اغتسلت، ولولا أنّ عُمَر بْن
عَبْد العزيز رحِمه الله قاله ما قلته.
قَالَ أبو عُمَرو الدالي: الغازي بْن قيس الأمويّ القُرْطُبيّ، قرأ
عَلَى نافع وضبط عَنْهُ اختياره، وسمع مِن ابن أبي ذئب، وهو أول مِن
أدخل قراءة نافع وموطّأ مالك الأندلس.
وعنه قَالَ: عرضت مُصْحَفي هذا، مُصْحَف نافع بْن أبي نُعَيْم ثلاث
عشرة مرّة.
روى عَنِ الغازي القراءة: ابنُه عَبْد الله.
وكان صالحًا عابدًا كثير التهجُّد بالليل، رحمه الله.
مات الغازي سنة تسعٍ وتسعين ومائة.
238- غالب بْن فائد الأسديّ الكوفيّ المقرئ1.
عرض عَلَى حمزة.
وسمع مِن: سُفْيان، وإسرائيل.
وعنه: أبو سَعِيد الأشجّ، وسهل بْن عثمان، وغيرهما.
قَالَ أبو حاتم: لَيْسَ بِهِ بأس.
239- غسّان بْن عُبَيْد المَوْصِليّ الأزْديّ2.
عَنْ: ابن أَبِي ذئب، وعِكْرِمة بْن عمّار، وغيرهما.
وعنه: عَبْد الجبّار بْن عاصم، وسعدان بْن نصر، وغيرهما.
ضعّفه أحمد.
واختلف قول ابن مَعِين فيه.
وقال الدارَقُطْنيّ: صالح.
وقال ابن عمّار: كَانَ يعالج الكيمياء.
قلت: هذا يدل على قلة ورعه.
__________
1 الجرح والتعديل "7/ 49".
2 انظر: الجرح والتعديل "7/ 51"، والميزان "3/ 334".
(13/178)
240- غسّان بْن مُضَر الأزْديّ البصْريّ1
-ن.
سَمِعَ مِن: سعيد بْن يزيد حديثًا واحدًا.
رواه عَنْهُ: أحمد بْن حنبل، وخليفة بْن خيّاط، وأبو حفص الفلاس، ومحمد
بْن يحيى القطعيّ.
وثّقوه.
"حرف الفاء":
241- الفُراتُ بْن خالد الرّازيّ2 -ع.
والد الحافظ أحمد.
روى عَنْ: أسامة بْن زيد اللَّيْثي، ومِسْعَر بْن كُدام، ومالك بْن
مِعْوَلٍ، ويونس بْن أبي إسحاق.
وعنه: إبراهيم بْن موسى الفرّاء، ومحمد بْن حُمَيْد.
وثّقه أبو حاتم. وما أحسب ابنه أدرك الأخذ عَنْهُ.
242- فرج بْن سَعِيد بْن عَلْقَمة3 -د. ن.
أبو روح المأربي السبأي اليماني.
عَنْ: عمّ أَبِيهِ ثابت بْن سَعِيد بْن أبيض بن جمال، وخالد بْن سَعِيد
الأُمويّ.
وعنه: الحُمَيْديّ، ومحمد بْن يحيى العدنيّ، وسهل بْن عاصم.
قَالَ أبو زُرْعة: لا بأس بِهِ.
243- الفضل بْن حبيب المدائني السَّرَّاج4.
عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَلَاءِ بْنِ زَبْرٍ، وجماعة.
__________
1 الجرح والتعديل "7/ 51"، والميزان "3/ 335".
2 الجرح والتعديل "7/ 80"، والتهذيب "8/ 258".
3 الجرح والتعديل "7/ 86"، والتهذيب "8/ 260".
4 انظر: الجرح والتعديل "7/ 60".
(13/179)
وعنه: ابن مَعِين، ويزيد بْن عُمَر
المدائنيّ.
قال ابن مَعِين: لم يكن به بأس.
244- الفضل بْن عَبْد الصّمد الرّقاشيّ البصْريّ1.
مِن فُحُولِ الشُّعَراء، مدح الخلفاء الكِبار، وكان بينه وبين أبي نواس
مهاجات ومباسطات.
245- الفضل بن العلاء -ن. خ. مقرونًا.
أبو العباس الكوفي2، نزيل البصرة.
عَنْ: لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّة،
وأشعث بْن سَوّار، وجماعة.
وعنه: أحمد بن حنبل، وخليفة بْن خيّاط، والفلاس، ومحمد بْن عَبْد الله
الرُّزّيّ، وجماعة.
أخرج لَهُ الْبُخَارِيّ مقرونًا بآخر.
وقال النَّسَائيّ: لَيْسَ بِهِ بأس.
246- الفضلُ بْن عنبسة الواسطي الخزاز3 -خ. س.
أبو الحسن.
عن: شُعْبَة، ويزيد بْن إبراهيم، وهُشَيْم.
وعنه: عليّ بْن المَدِينيّ، وأحمد بْن سِنان القطّان، ومحمد بْن عَبْد
الله المخرميّ، وجماعة.
قرنه الْبُخَارِيّ بآخر.
وقال فيه أحمد بْن حنبل: ثقة مِن كبار أصحاب الحديث.
قلت: مات سنة سبعٍ وتسعين ومائة.
وقيل سنة ثلاثٍ ومائتين.
__________
1 الشعر والشعراء "2/ 695"، تاريخ بغداد "12/ 345".
2 الجرح والتعديل "7/ 65"، والتهذيب "8/ 282، 283".
3 الجرح والتعديل "7/ 65"، والتهذيب "8/ 281".
(13/180)
247- الفضل بْن مساور البصْريّ1 -خ.
خَتَن أَبِي عَوَانة.
روى عَنْ: أَبِي عوانة، وعوف الأعرابيّ، وحجاج بن أرطأة.
وعنه: محمد بن المثنى، وبندار، وجماعة.
صدوق.
248- الفضل بن موسى -ع.
أبو عبد الله السيناني المروزي2، أحد الأئمة الأعلام.
وسينان: من قرى مرو.
رحل وسمع من: هشام بن عروة، وخثيم بْن عِراك، وإسماعيل بْن أَبِي
خَالِد، ومحمد بْن عَمْرو بْن عَلْقَمة، وحسين المعلّم، ومَعْمَر بْن
راشد، وآخرين.
وعنه: إِسْحَاق بْن راهَوَيْه، وعليّ بْن حُجْر، ويحيى بْن أكثم،
والحسين بْن حُرَيْث، وعليّ بْن خَشْرم، ومحمود بْن غَيْلان، ومحمود
بْن آدم، وطائفة سواهم.
قَالَ أبو نُعَيْم: هُوَ أثبت مِن ابن المبارك.
وقال وكيع: أعرفه ثقة، صاحب سُنّة.
وقال الأبّار: ثنا عليّ بْن خشرم، نا الفضل بْن موسى قَالَ: كَانَ
علينا عامل بمَرْو، وكان نَسَّاء، فقال: اشتروا لي غلامًا وسمّوه
بحضرتي حتى لا أنسى اسمه. وقال: ما سمَّيتموه؟ قَالُوا: واقد.
قَالَ: فَهَلا اسْمًا لا أنساه أبدًا، قم يا فرقد.
قَالَ الحسين بْن حُرَيْث: سَمِعْتُ السَّينَانيّ يَقُولُ: طلبُ الحديث
حِرْفةُ المَفَاليس. ما رَأَيْتُ أذلَّ مِن أصحاب الحديث.
قَالَ إِسْحَاق بْن راهَوَيْه: كتبتُ العِلْم، فلم أكتب لأحدٍ أوثق في
نفسي مِن هذين: الفضل بْن موسى، ويحيى بْن يحيى.
__________
1 انظر: الجرح والتعديل "7/ 68"، والتهذيب "8/ 285".
2 انظر: الجرح والتعديل "8/ 68، 69"، والسير "9/ 103-105".
(13/181)
قَالَ غيره: مولد الفضل سنة خمس عشرة
ومائة.
وقال محمد بْن حَمْدَوَيْه المَرْوَزِيّ: مات ليلة دخل هَرْثَمَة بْن
أَعْيَن واليًا عَلَى خُراسان، لإحدى عشرة ليلة مِن ربيع الأوّل سنة
اثنتين وتسعين ومائة.
249- الفضل البَرْمَكيّ1.
هُوَ الفضل بْن يحيى بْن خَالِد بْن برمك البغداديّ الوزير. أحد رجال
الدّهر سُؤْدُدًا وحزْمًا وعزمًا وخبرةً ورأيًا. وُلّي الأعمال الجليلة
مِن الوزارة والإمارة بخُراسان وغيرها لهارون الرشيد. فلمّا قتل أخاه
جعفر بْن يحيى سجن هذا وأباه حتّى تُوُفِّيَا في الحبْس.
قِيلَ: إنّ الفضل بْن يحيى كَانَ أندى كفّا، وأسمح مِن جعفر، لكنّه
كَانَ ذا كبرٍ مُفْرِط، وتيهٍ زائد.
رُوِيَ أنّه مر بعَمْرو بْن جميل التَّيْميّ وهو يُطعم الناسَ، فلمّا
نزل قَالَ: ينبغي أن نعين عَمْرًا عَلَى مروءته، فبعث إِليْهِ بألف
درهم. فعطايا هذا الرجل كانت مِن هذا النَّحو.
وكان أخًا للرشيد مِن الرَّضاعة.
مولده سنة سبعٍ وأربعين ومائة، وأُمُّه بربريةّ اسمُها زُبَيدة، مِن
مولّدات المدينة النبويّة.
مات في آخر سنة اثنتين وتسعين ومائة.
250- فَيَّاض بْن محمد الرَّقَّيّ2.
عَنْ: جعفر بْن بُرقان، وأبي جنَاب الكلبيّ، ومحمد بْن إِسْحَاق.
وعنه: أحْمَد بْن حنبل، وأبو يوسف محمد بْن أحمد بْن الحجاج الرقي،
وغيرهما.
__________
1 انظر: وفيات الأعيان "4/ 27-36"، تاريخ بغداد "12/ 334-339".
2 الجرح والتعديل "7/ 87"، والثقات لابن حبان "9/ 11".
(13/182)
فأمّا.
- فيّاض بْن محمد البصْريّ الرّاوي1.
عَنْ يحيى بْن أبي كثير، ففيه جَهَالة.
"حرف القاف":
251- القاسم بن مالك المزني2 -خ. م. ت. ن. ق.
أبو جعفر الكوفي.
عَنْ: حُصَين بْن عَبْد الرَّحْمَن، وعاصم بْن كُلَيب، والمختار بْن
فلفل، وأيّوب بْن عائذ.
وعنه: أحمد، وأبو خَيْثَمَة، وعَمْرو النّاقد، وسعيد الْجَرْميّ،
ويعقوب الدَّوْرقيّ، والحسن بْن عَرَفَة، وجماعة.
وَثَّقَهُ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا يُحْتَج بِهِ.
وضعّفه السّاجيّ.
252- القاسم بْن يحيى بن عطاء بن مقدم3 -خ.
أبو محمد الهلالي المقدمي الواسطي.
روى عَنْ: أيّوب بْن خُوط، وعن: داود بْن أَبِي هند، وسُليمان الأعمش،
وعُبَيْد الله بْن عُمر.
وعنه: ابن أخيه مقدَّم بْن محمد، ومحمد بْن موسى الدُّولابيّ.
حدَّث في سنة سبعٍ وتسعين.
__________
1 انظر: الجرح والتعديل "7/ 87"، والميزان "3/ 366".
2 الجرح والتعديل "7/ 121"، والسير "9/ 324".
3 التهذيب "8/ 340، 341".
(13/183)
253- القاسم بْن يزيد الجرمي الموصلي1 -ن.
العابد الزّاهد، أحد العلماء.
روى عَنْ: أفلح بْن حُمَيْد، وابن أبي ذئب، وثور بْن يزيد، وإبراهيم
بْن نافع، وجرير بْن عثمان، وَشِبْلِ بْن عَبَّاد، وسُفيان الثَّوْريّ.
وعنه: صالح وعبد الله ابنا عَبْد الصّمد بْن أَبِي خِداش، وأحمد وعليّ
ابنا حرب الطّائيّ، ومحمد بْن عَبْد الله بْن عمّار المَوَاصِلَة.
وثّقه أبو حاتم.
وقال يزيد بْن محمد الأزديّ في تاريخه: كنيته أبو يزيد.
قال: وكان زاهدًا ورعًا مِن أصحاب سُفْيان. رحل وكتبَ عمّن لحِق مِن
الحجازييّن والكوفييّن والبصْريّين والشاميّين والمَوَاصلَة.
وكان حافظًا للحديث متفقّهًا.
قَالَ بِشْر بْن الحارث: كَانَ يقال إنّ قاسمًا الْجَرْميّ مِن
الأبدال، كانَ لا يشبههم في الزّيّ، يعني أنّ لباسه وحاله دون حال
الُمَعافَى بْن عِمْران، وزيد بْن أبي الزَّرقاء.
قَالَ عليّ بْن حرب: دخلت منزل قاسم بْن يزيد، فرأيتُ خَرْنُوبًا في
زاوية البيت كَانَ يتقوَّت منه، وسيفًا وَمُصْحَفًا.
قَالَ: ورأى قاسمُ الْجَرْميّ في النَّوم كأنّ المَوْصِل عَلَى كتفه،
قد أخذها مِن عَلَى كِتف فتح المَوْصِليّ، ففسّرها قاسم عَلَى رجلٍ
فقال: المَوْصِل تقوم بفتح فيموت، وتقوم بك بعد.
قَالَ بِشْر الحافي: كان قاسم يحفظ المسائل والحديث. قَالَ لنا
المعافى: اسمعوا منه فإنّه الأمين المأمون.
وقال يزيد الأزْديّ: نا عَبْد الله بْن المغيرة مولى بني هاشم، عن
بِشْر الحافي، أنّه ذُكر عنده أصحاب سُفْيان، فأجمعوا عَلَى تفضيل
المعافى. فقال بِشْر: رُزق المعافى شهرةً، وما رأت عيناي مثل قاسم
الْجَرْميّ، رحمه الله.
__________
1 الجرح والتعديل "7/ 123"، السير "9/ 281-283".
(13/184)
وقال هشام بْن بَهْرام: سمعتُ قاسمًا
الْجَرْميّ يقول: القرآن كلام الله غير مخلوق.
وقال: عليّ الخوّاصّ: تُوُفّي قاسم الْجَرْميّ سنة أربعٍ وتسعين ومائة.
ولم أشهد جنازته.
قلت: وقع لنا مِن عَوَاليه.
254- قبيصة بْن اللَّيْثُ الأَسَديّ1 -ت.
أبو عيسى الكوفي.
عَنْ: عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي زياد، ومطَرَّف
بْن طريف، وإسماعيل بْن أَبِي خَالِد، وغيرهم.
وعنه: عثمان بْن أبي شَيبة، وسعيد بْن محمد الْجَرْميّ، وأبو كُرَيْب،
ومحمد بْن عُبَيْد المُحَاربيّ.
قَالَ أبو حاتم: شيخ محلُّه الصَّدق.
قلت: لَهُ في الجامع فرْدُ حديث.
255- قَتَادة بْن الفُضَيْل الرُّهاويّ2.
أبو حُمَيْد.
عَنْ: الأعمش، وثور بْن يزيد، وإبراهيم بْن أَبِي عبلة.
وعنه: عليّ بْن بحر القطّان، وأحمد بْن سليمان الرُّهَاوِيُّ.
قَالَ أبو حاتم: شيخ.
قِيلَ: مات سنة مائتين.
وذكره ابن حبان في الثقات.
__________
1 انظر: الجرح والتعديل "7/ 126"، والتهذيب "8/ 349، 350".
2 انظر: الجرح والتعديل "7/ 135"، والتهذيب "8/ 356".
(13/185)
"حرف الكاف":
256- كُرَيْد بْن رَوَاحة القَيْسيّ1.
شيخ بصْريّ.
عن: شُعْبَة، وأبي هِلالٍ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمٍ، وَهِشَامُ بْنُ
حَسَّانَ.
وعنه: حسّان بْن إبراهيم، والهيثم بْن المهلّب البلديّ والد إبراهيم،
وعبد الغفّار بْن عَبْد الله شيخ أَبِي يَعْلَى.
قَالَ ابن عَدِيّ: في أحاديثه غرائب إفرادات. ثمّ ساق لَهُ عَنْ
شُعْبَة، عَنْ قتادة، عَنْ عِكْرمة قَالَ: كَانَ ابن عَبَّاس يَحدُر
سَوْرَة البقرة وهو جُنُب يَقُولُ: القرآن في جوفي. رواه حسّان بْن
إبراهيم، عَنْهُ.
"حرف الميم":
257- مالكُ بنُ سُعَيْر بْن الخِمْس التّميميّ الكوفيّ2 -ت. ن. ق.
عَنْ: هشام بْن عُرْوة، وابن أَبِي ليلى، والأعمش.
وعنه: زياد بْن الأزهر، وعبد الرحمن بْن بِشْر العبْديّ، وآخرون.
قَالَ أبو زُرْعة: صدوق.
قلت: خرّج لَهُ الْبُخَارِيّ متابعةً.
وضعّفه أبو داود.
مات سنة ثمانٍ وتسعين ومائة.
258- مبشر بن إسماعيل الحلبي3 -م. 4. خ مقرونًا.
أبو إسماعيل مولى بني كلب.
__________
1 الميزان "3/ 411".
2 انظر: الجرح والتعديل "8/ 209، 210"، والتهذيب "10/ 17".
3 الجرح والتعديل "8/ 343"، والسير "9/ 301، 302".
(13/186)
عَنْ: جعفر بْن بَرْقان، وتمّام بْن
نَجِيح، وحسّان بْن نوح، والأوزاعيّ، وحريز بْن عثمان.
روى عَنْهُ: أحمد بْن حنبل، والحسن بْن الصّبّاح البزّار، ودُحَيْم،
وعبد الرَّحْمَن بْن محمد بن سلام، وطائفة.
قال ابن سعد: كان ثقة مأمونًا.
قَالَ: ومات سنة مائتين.
قلت: تكلّم فيه بعضهم بلا حُجّة.
259- محرزُ بْن الوضّاح المَرْوَزِيّ1 -ن.
عَنْ: إسماعيل بْن أُمَيَّة، ومحمد بْن ثابت قاضي مَرْو.
وعنه: محمد بْن عليّ بْن حرب المَرْوَزِيّ، ومحمد بْن يحيى بْن أيّوب،
ومحمود بْن غَيْلان المَرَاوِزة.
وَثَّقَهُ ابن حبان.
260- محمد بْن إسماعيل بْن مسلم بْن أَبِي فُدَيْك دينار الدّيليّ2 -ع.
مولاهم المدنيّ الحافظ، أبو إسماعيل.
عَنْ: سَلَمَةَ بْن ورْدان، وابن أبي ذئب، والضحّاك بْن عثمان،
وإبراهيم بْن الفضل المخزومي، وجماعة.
وعنه: إبراهيم بْن المنذر، وأحمد بْن الأزهر، وَسَلَمَةَ بْن شبيب،
وعبد بْن حُمَيْد، وأبو عُتْبَة أحمد بْن الفَرَج، ومحمد بْن عَبْد
الله بْن الحَكَم، وهارون بْن عَبْد الله الحمّال، والحسين بْن عيسى
البسْطاميّ، ومحمد بْن مُصَفَّى. وخلْق سواهم.
وكان ثقة صاحب حديث، لكنّه لا رحلة لَهُ.
قَالَ أبو داود: قد سَمِعَ مِن محمد بْن عَمْرو بْن عَلْقَمة حديثًا
واحدًا.
قال ابن سعد وحده: ليس بحجة.
__________
1 التهذيب "10/ 58".
2 السير "9/ 486"، التهذيب "9/ 61".
(13/187)
قال: وتوفي سنة تسعٍ وتسعين ومائة.
وقال الْبُخَارِيّ: تُوُفّي سنة مائتين.
261- محمد بْن إِسْحَاق بْن إبراهيم الأَسَديّ العُكاشيّ1.
عَنْ: يحيى بْن سَعِيد الأنصاريّ، وإبراهيم بْن أَبِي عَبْلَةَ،
والأوزاعي، وجعفر بْن بُرقان، وابن زياد الإفريقيّ.
وعنه: هاشم بْن القاسم الحَرّانيّ، وسليمان بْن سَلَمَةَ الخبايريّ،
وغيرهما.
كذّبه أبو حاتم، وغيره.
لَهُ أحاديث بواطيل.
262- محمد بن ثور الصنعاني2 -د. ت.
أبو عبد الله العابد.
عَنْ: عوف الأعرابيّ، ومَعْمَر، وابن جُرَيج.
وعنه: نُعَيْم بْن حمّاد، ومحمد بْن عَبْد الأعلى، ومحمد بْن عُبَيْد
المُحَاربيّ، ومحمد بْن عُبَيْد بْن حساب، وطائفة.
وثّقه ابن مَعِين، وغيره.
وكان صوّامًا قوّامًا قانتًا لله.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْهُ فَقَالَ: الفضلُ
والعبادة والصّدق، رحمه الله.
263- محمد بْن جعفر -ع.
أبو عبد الله بن غندر البصري التّاجر الكرابيسيّ الطّيالسيّ الحُجّة
الثَّبْت، مولى هذيل، أحد الحُفّاظ الأعلام.
سَمِعَ: حُسَيْنًا المعلّم، وابن أَبِي عَرُوبة، وعبد الله بْن سَعِيد
بْن أَبِي هند، وعوفًا الأعرابيّ، ومعمر بْن راشد، وابن جريج، وشعبة،
فأكثر عنه.
__________
1 انظر: الجرح والتعديل "7/ 194"، والتهذيب "9/ 430".
2 الجرح والتعديل "7/ 217، 218"، والسير "9/ 302".
3 انظر: الجرح والتعديل "7/ 221، 222"، والسير "9/ 98، 102".
(13/188)
روى عَنْهُ: أحمد، وابن المَدِينيّ،
وإسحاق، وابن مَعِين، وَأَبُو خَيْثَمَة، والفلاس، وابن شَيبة،
وبُنْدار، ومحمد بْن المُثَنَّى، ومحمد بْن الوليد البُسْريّ، وخلْق
سواهم.
قَالَ يحيى بْن مَعِين: كَانَ أصحّ الناس كتابًا.
وأراد بعض الناس أن يُخَطِّئَ غُنْدَرا فلم يقدر.
وقال أحمد بْن حنبل: قَالَ غُنْدَر: لزِمتُ شُعْبَة عشرين سنة.
قلت: وابن جُرَيج هُوَ الَّذِي سمّاه غُنْدَرًا لكونه شغب عَلَى ابن
جُرَيج أهل الحجاز. وذلك لأنّ ابن جُرَيج تعنّت في الأخذ.
قَالَ ابن مَعِين؛ أخرج إلينا غُنْدَر ذات يوم جُرابًا فيه كُتُب وقال:
اجْهدوا أن تُخْرجوا فيه خطأ. فما وجدنا فيه شيئًا.
وكان يصوم يومًا ويُفطر يومًا منذ خمسين سنة.
قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ: كنّا نستفيد مِن كتب غُنْدَر في
حياة شُعْبَة.
قلت: وكان يتّجِر في الطَّيالسة والكرابيس، وكان مِن خيار المحدّثين،
عَلَى تغفلٍ فيه في غير العِلم.
قَالَ الحسين بْن منصور النَّيْسابوريّ: سَمِعْتُ عليّ بْن هشام
يَقُولُ: أتيت غُنْدَرًا فذُكر من فضله وعِلمه بحديث شُعْبَة. فقال:
هاتِ كتابك، فأبيت إلا أن يُخرج كتابه، فأخرج وقال: يزعم النّاس أنّي
اشتريت سمكًا فأكلوه ولطّخوا بِهِ يدي وأنا نائم، فلمّا استيقظت طلبته،
فقالوا: أكلت فشُمّ يدك. أفما كان يدلني بطني؟.
قَالَ ابن عَثّام: وكان مغفَّلا.
وقال ابن المَدِينيّ: هُوَ أحبّ إليّ في شُعْبَة مِن ابن مهديّ.
وقال ابن مهديّ: غُنْدَر في شُعْبَة أثبت منّي.
وروى سَلَمَةُ بْن سليمان، عَنِ ابن المبارك قَالَ: إذا اختلف الناس في
شُعْبَة فكتاب غُنْدَر حكم بينهم.
وقال أبو حاتم: كان غُنْدَر صَدُوقًا مؤدّبًا، وفي حديث شُعْبَة ثقة.
وقال: في غير حديث شُعْبَة، يُكْتَب حديثه ولا يُحْتَجّ بِهِ.
(13/189)
وقال عَبَّاس، عَنِ ابن مَعِين: كَانَ
غُنْدَر يجلس عَلَى رأس المنارة يفرّق زكاته.
فقيل لَهُ: لِمَ تفعل هذا؟ قَالَ: أُرَغّبّ الناسَ في إخراج الزّكاة.
واشترى سمكًا وقال لأهله: أصْلِحُوه، ونام، فأكل عياله السّمك ولطَّخوا
يده. فلمّا انتبه قَالَ: هاتوا السّمّك. قَالُوا: قد أكلت! قَالَ: لا.
قَالُوا: فشٌمّ يدك. ففعل ثمّ قَالَ: صدقتم ولكنْ ما شبِعت.
وقال الدَّيَنَوريّ: ثنا جعفر بْن أَبِي عثمان: سَمِعْتُ يحيى بْن
مَعِين يَقُولُ: دخلنا عَلَى غُنْدَر فقال: لا أحدّثكم بشيء حتى تجيئوا
معي إلى السّوق، فيراكم الناس فيُكرِموني.
قَالَ: فمشينا خلفه إلى السّوق، فجعل الناس يقولون: مِن هَؤلاءِ يا أبا
عَبْد الله؟ فيقول: هَؤلاءِ أصحاب الحديث جاءوني مِن بغداد يكتبون
عنّي.
قَالَ يحيى بْن مَعِين: والتفت يومًا إليّ فقال: اعلم أنّي منذ خمسين
سنة أصوم يومًا وأُفطِر يومًا.
قلت: تُوُفّي رحمه الله في ذي القِعْدة سنة ثلاثٍ وتسعين ومائة في
عَشْر الثمانين.
264- محمد بْن الحارث بْن زياد الحارث1 -ت.
شيخ بصْريّ.
روى عَنْ: أَبِي الزَّناد، ومحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن البيلمانيّ.
وعنه: عفان، وسويد بن سعيد، وعمر بن شبة، وبندار.
قال أبو زرعة: متروك.
وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ.
وَقَالَ ابْنُ عدي: عامة ما يرويه غير محفوظ.
265- محمد بن حرب الخولاني الحمصي الأبرش -ع.
__________
1 انظر: الجرح والتعديل "7/ 231"، والتهذيب "9/ 105".
(13/190)
كاتب الزُّبَيْديّ، يُكَنَّى أبا عَبْد
الله.
حدّث عَنْ: الزُّبَيْديّ، وبُجَيْر بْن سعْد، ومحمد بْن زياد
الألهانيّ، وعمر بن روبة، والأوزاعي، وصفوان بن عمرو، وعدة.
وعنه: أبو مسهر، ومحمد بن وهب بن عطية، وإسحاق بن راهويه، وكثير بن
عبيد، ومحمد بن مصفى، وأبو التقي هشام بن عبد الملك، وأبو عتبة أحمد بن
الفرج، وخلق.
ذكر ابن سعد أنّه وُلّي قضاء دمشق.
وثّقه ابن مَعِين، وغيره.
قَالَ يزيد بْن عَبْد ربّه: مات سنة أربعٍ وتسعين ومائة.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ.
266- مُحَمَّدُ بْنُ الحسن بن الزبير الأسدي الكوفي1 -خ. ن. ق.
ويقال له ابن التل، بمُثَنَّاة.
عَنْ: أبان بْن عَبْد الله البَجَليّ، ومَطَر بْن خليفة، وسُفْيان،
وإبراهيم بْن طَهْمان، وطائفة.
وعنه: ابنه عُمَر، وأبو بَكْر، وعثمان ابنا أبي شَيبة، وجماعة.
قَالَ أبو حاتم: شيخ.
وذكره ابن عَدِيّ في "الكامل" وقال: لم أر بحديثه بأسًا.
وقال العقيلي: لا يُتَابع عَلَى حديثه.
وروى عبّاس، عَنْ يحيى قَالَ: قد أدركته وحدّثنا، وليس بشيء.
وقال الْبُخَارِيّ: مات سنة مائتين أو نحوها.
قلت:
267- ومحمد بن الحسن الأسدي2.
__________
1 الجرح والتعديل "7/ 225"، والتهذيب "9/ 117، 118".
2 تاريخ ابن معين "2/ 511".
(13/191)
عَنِ الأعمش، وعنه: داود بْن عَمْرو
الضّبّيّ.
قال فيه ابن معين أيضًا: ليس بشيءٍ.
268- محمد بْن الحَسَن بْن أَبِي سارة1.
أبو جعفر الرؤاسي الكوفي المقرئ.
روى عَنْ: أَبِي عَمْرو حروفه، وله في القراءات اختيار.
وسمع مِن: الأعمش، وغيره.
أخذ عَنْهُ: الكسائي، ويحيى الفراء، وخلاد بْن خَالِد، وعليّ بْن محمد
الكِنْديّ.
ذكره أبو عَمْرو الدّانيّ في طبقات المقرئين.
ولم يذكره ابن أَبِي حاتم؛ وهو شيخ.
269- محمد بْن الحَسَن بْن عِمران المزني الواسطي2 -خ. ت. ق.
قاضي واسط.
روى عَنْ: إسماعيل بْن أَبِي خَالِد، والعوَّام بْن حَوْشَب، وفُضَيْل
بْن غَزْوان، وعوف الأعرابيّ، وجماعة.
وعنه: أحمد، ومحمد بْن سلام البِيكَنْديّ، وزيد بْن الْحُرَيْشِ، ومحمد
بْن إسماعيل الأَحمسيّ، ومحمد بْن إسماعيل الحسّانيّ، وآخرون.
وثّقه ابن مَعِين.
270- محمد بْن الحَسَن بْن أبي يزيد الهمَدانيّ الكوفيّ3 -ت.
نزيل واسط.
عَنْ: الأعمش، وثور بْن يزيد، وجعفر بْن محمد، وعمرو بْن قيس الملائيّ.
وعنه: أحمد بْن منيع، وشُرَيْح بْن يونس، والحسن بْن حمّاد، وعمرو بْن
زُرارة، وجماعة.
__________
1 الوافي بالوفيات "2/ 334".
2 الجرح والتعديل "7/ 226"، والسير "9/ 303، 304".
3 الجرح والتعديل "7/ 225"، والتهذيب "9/ 120، 121".
(13/192)
قَالَ النَّسَائيّ، وغيره: متروك.
وقال ابن مَعِين: كَانَ يكذب.
وقال غير واحد: ضعيف.
271- محمد بْن حمزة.
أبو وهْب الأسَديّ الرَّقَّيّ1، وَيُعْرَفُ بختن حبيب بن أبي مرزوق.
حدث عَنْ: الخليل بْن مُرّة، وجعفر بْن بُرْقان، وزيد بْن رُفَيع،
والثَّوْريّ.
وعنه: بقيّة وهو مِن أقرانه، وداود بْن رُشيد، وسليمان بْن عُمَر
الأقطع، وسعيد بْن يحيى الأمويّ، وموسى بْن أيّوب، وآخرون.
قَالَ أبو عَبْد الله بْن مَنْدَه: في حديثه مناكير.
272- محمد بْن حِمْيَر بْن أنيس السليحي الحمصي2 -خ. ن. ق.
وسليح بطن مِن قُضَاعة. يُكَنّى أبا عَبْد الله. وقيل: كنيته أبو عَبْد
الحميد.
روى عَنْ: محمد بْن زياد الألهانيّ، وثابت بْن عَجْلان، وعَمْرو بْن
قيس الكِنْديّ، والزُّبَيْديّ، إبراهيم بْن أَبِي عبلة، وطائفة.
وعنه: حطّان بْن عثمان، ومحمد بْن مُصَفَّى، وهشام بْن عمّار، وكثير
بْن عُبَيْد، وأحمد بْن الفَرَج، وطائفة.
وقد حدَّث عَنْهُ مِن شيوخه عَبْد الله بْن لَهِيعة.
وثّقه دُحَيْم، ويحيى بْن مَعِين.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
وَقَالَ أَبُو حاتم: لا يُحْتَجّ بِهِ. بقيّة أحبُ إليّ منه.
وقال يعقوب الفَسَويّ: لَيْسَ بالقويّ.
قُلْتُ: انْفَرَدَ بِحَدِيثِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ
أَبِي أُمَامَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"مَنْ
__________
1 انظر: الجرح والتعديل "7/ 236"، والميزان "3/ 529".
2 الجرح والتعديل "7/ 239"، والسير "9/ 234، 235".
(13/193)
قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ دُبُرَ كُلِّ
صَلاةٍ مَكْتُوبَةٍ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ دُخُولِ الْجَنَّةِ
إِلا أَنْ يَمُوتَ" 1.
رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ.
قلت: مات في صَفَر سنة مائتين.
- محمد بْن خازم -ع- أبو معاوية2. سيأتي.
273- محمد بْن خَالِد بْن محمد الوَهْبيّ الكِنْديّ الحمصيّ3 -د. ت.
أخو أحمد بْن خَالِد.
روى عَنْ: إسماعيل بْن أبي خَالِد، وابن جُرَيج، وأبي حنيفة، وعبد
العزيز بْن عُمَر بْن عَبْد العزيز، وطائفة.
وعنه: محمد بْن مُصَفَّى، وعَمْرو بْن عثمان، وكثير بن عبيد، وعمر بْن
أيّوب الحمصيّون.
قِيلَ: إنّه مات قبل بقيّة بقليل.
قَالَ أبو داود: لا بأس بِهِ.
274- محمد بْن خَالِد الْجَنَديّ الصَّنْعانيّ4 -ق.
مؤذّن الْجَنَد.
روى عَنْ: أبان بْن صالح، وعبد الصّمد بْن معقل، وشبل بْن عبّاد المكي.
وعنه: الشافعي، وزيد بن السكن، ومنصور بن البلخي العابد.
قال أبو الفتح الأزدي: منكر الحديث.
وقال الحاكم: مجهول.
قلت: هو صاحب ذاك الحديث المنكر: "لا مهديّ إلا عيسى بن مريم"5.
__________
1 "حديث حسن": أخرجه الطبراني "8/ 134"، في الكبير، وابن السني "120"
في عمل اليوم والليلة.
2 ستأتي ترجمته في "الكنى".
3 انظر: الجرح والتعديل "7/ 243"، والتهذيب "9/ 143".
4 الميزان "3/ 535"، التهذيب "9/ 143-145".
5 "حديث باطل": أخرجه الحاكم "4/ 441"، والخطيب "4/ 221"، في تاريخ
بغداد، وانظر الفوائد
المجموعة "51".
(13/194)
275- محمد بْن ربيعة الكلابيّ الرّؤاسيّ
الكوفيّ1 -4.
أبو عَبْد الله ابن عمّ وكيع.
روى عَنْ: الأعمش، وهشام بْن عُرْوة، وابن أَبِي خَالِد، وكامل أبي
العلاء.
وعنه: أحمد بن حنبل، وابن معين، وزياد بن أيوب، وإبراهيم بن سعيد
الجوهري، وأحمد بن حرب الطائي، والحسين بن محمد بن أبي معشر.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ.
276- مُحَمَّدُ بْنُ الزبرقان -خ. م. د. ن.
أبو همام الأهوازي2.
طوّف الأقاليم ولقي الكبار.
وحدّث عن: سليمان التَّيْميّ، وابن عَوْن، وموسى بْن عُقْبة، وثور بْن
يزيد.
وعنه: زُهير بْن حرب، وخلاد بْن أسلم، وزيد بْن الحُرَيْش، وعبد الله
بن محمد المسندي، وبندار، ومحمد بن المثنى، وآخرون.
وهو ثقة.
277- محمد بْن سعْد الأنصاريّ الأشهليّ الْمَدَنِيّ3.
نزل بغداد.
عَنْ: ابن عَجْلان، وغيره.
وعنه: محمد بْن عَبْد الله المخرميّ.
وثّقه ابن مَعِين.
وقال الْبُخَارِيّ: مات قبل المائتين.
279- محمد بن سعد المقدسي4.
__________
1 انظر: الجرح والتعديل "7/ 252"، والميزان "3/ 545".
2 انظر: الجرح والتعديل "7/ 260"، والتهذيب "9/ 166".
3 الجرح والتعديل "7/ 261"، والتهذيب "9/ 184".
4 الجرح والتعديل "7/ 262"، والميزان "3/ 560".
(13/195)
عَنْ: ابن لَهِيعة، ورُديح بْن عطيّة.
وعنه: صَفْوان بْن صالح.
قَالَ أبو حاتم: مجهول.
قلت: لَيْسَ ذِكر هذا مِن شرط كتابنا.
279- مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبَانٍ الأُمَوِيُّ الْكُوفِيُّ1.
حدَّث ببغداد عَنْ: عَبْد المُلْك بْن عُمير، وأبي إِسْحَاق الشيباني؛
وكان مصاحبًا للدولة، فَقَلّ مِن كتب عَنْهُ.
روى عَنْهُ: ابن أخيه سَعِيد بْن يحيى، وله عدّة إخوة.
قَالَ يحيى بْن سَعِيد، وغيره: مات سنة ثلاثٍ وتسعين ومائة عَنْ إحدى
وثمانين سنة.
280- محمد بْن سَلَمَةَ الحراني2 -ت. م.
أبو عبد الله محدّث حَرَّان.
روى عَنْ: خاله أَبِي عَبْد الرحيم خَالِد بْن أبي يزيد، وعن ابن
عَجْلان، وابن إِسْحَاق، وخصيف، وهشام بْن حسّان.
وعنه: النُّفَيْليّ، وأحمد بْن حنبل، ومحمد بْن الصّبّاح الْجَرجرائيّ،
وَخَلْقٌ كَثِيرٌ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةٌ، فاضلا.
تُوُفّي في آخر سنة إحدى وتسعين.
وقال النُّفَيْليّ: مات في أول سنة اثنتين وتسعين ومائة.
281- محمدُ بنُ شُجاع بْن نَبْهان المَرُّوذِيّ3.
عَنْ: حسن المعلّم، وزيد العَمّيّ، وأبي هارون العبْديّ.
وعنه: عيسى غُنْجار، ونُعَيْم بْن حماد، وهدبة بن عبد الوهاب، وغيرهم.
__________
1 الجرح والتعديل "7/ 264"، والثقات لابن حبان "7/ 426".
2 انظر: الجرح والتعديل "7/ 276"، السير "9/ 49".
3 الجرح والتعديل "7/ 286"، التهذيب "9/ 219".
(13/196)
قَالَ الْبُخَارِيّ: سكتوا عَنْهُ.
وقال ابن المبارك: لَيْسَ بشيء.
وقال غير واحد: متروك.
288- محمد بْن شُعيب بْن شابور1. 4.
أبو عَبْد الله الدّمشقيّ، أحد علماء الحديث؛ مِن موالي بْني أُمَيَّة.
سكن بيروت.
روى عَنْ: عُرْوة بْن رُوَيْم، ويحيى بْن الحارث الذَّماريَّ، ويحيى
بْن أبي عمرو السيباني، وعثمان بْن أَبِي العاتكة، والأوزاعي، وعبد
الرَّحْمَن بْن حسّان الكِنانيّ، وشَيْبان النَّحْويّ، وعمر مولى
عَفْرة، ويزيد بْن أَبِي مريم السّاميّ، وَقُرَّةَ بْن جبريل، وعَمرو
بْن الحارث الْمَصْرِيّ، وطائفة.
وعنه: سليمان ابن بِنْت شُرَحْبيل، ودُحَيْم، وكثير بْن عُبَيْد، ومحمد
بْن مُصَفَّى، ومحمد بْن هاشم البعليّ، ومحمود بْن خَالِد السُّلَميّ،
وخلْق سواهم.
وثَّقه دُحَيْم.
وقال أحمد: ما أرى بِهِ بأسًا. كَانَ رجلا عاقلا.
وقال أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ: أَخَذَ الْقِرَاءَةَ عَرْضًا عَنْ
يحيى الذَّماريَّ، وكان يفتي في مجلس الأوزاعيّ.
قَالَ ابن مُصَفَّى: مات سنة تسعٍ وتسعين ومائة.
وقال هشام بْن عمّار: سنة ثمانٍ.
وقال دُحَيْم: سنة مائتين.
283- محمد بْن طلحة بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن طلحة التَّيْميّ
الْقُرَشِيّ المدنيّ2.
أبو عَبْد الله، ويقال لَهُ ابن الطَّوِيلِ.
__________
1 الجرح والتعديل "7/ 286"، السير "9/ 376-378".
2 انظر: الجرح والتعديل "7/ 292"، والتهذيب "9/ 237".
(13/197)
يروي عَنْ: عَبْد الرَّحْمَن بْن ساعدة،
وأبي شُمَيْلٍ نافع بْن مالك، وعبد الله بْن مُسْلِم بْن جندب.
وعنه: الحُمَيْديّ، وعليّ بْن المَدِينيّ، ودُحَيْم، وأحمد بْن صالح
الْمَصْرِيّ.
قَالَ أبو حاتم: محلُّه الصَّدق يُحْتَجّ بِهِ.
وذكره ابن حِبّان في "الثَّقات"، ولكنّه غلط في تاريخ موته حيث قَالَ:
تُوُفّي سنة ثمانين ومائة.
284- محمد بْن عَبْد الله الكوفيّ1.
المقرئ. لقبُه داهرْ.
سكن الرَّيّ، وحدَّث عَنْ: ليث بْن أَبِي سُلَيْم، وعَمْرو بْن شَمِر،
والأعمش.
وعنه: ابنه عَبْد الله بْن داهر، ومحمد بْن عَمْرو زُنَيْج، ومحمد بْن
حُمَيْد.
لَهُ مناكير. تكلّم فيه أبو حاتم.
285- محمد بْن عَبْد الله بْن رزين2.
الشّاعر المشهور، الملقَّب بأبي الشّيص، وهو ابن عمّ دِعْبِل
الخُزَاعيّ الشّاعر.
وهو صاحب تيك القصيدة التي أوّلها:
أبقى الزمانُ بِهِ نُدوبَ عِضَاضِ ... ورمى سوادَ قرونهِ ببياضِ
286- محمد بْن عيسى المَرْوَزِيّ3.
رحل وسمع مِن: ثور بْن يزيد، وهمّام بْن يحيى، وابن عَوْن، وشعبة، وعبد
الملك بن أبي سليمان، وطبقتهم.
وعنه: حامد بْن آدم، ومحمد بْن عَبْدُوَيْه، ومحمد بْن تميم، وغيرهم.
ذكره محمد بْن حمدويه.
__________
1 الجرح والتعديل "7/ 310"، الميزان "3/ 603".
2 انظر: وفيات الأعيان "6/ 207"، الوافي بالوفيات "3/ 302".
3 أحد علماء مرو المستورون.
(13/198)
287- محمد بْن عثمان بْن صَفْوان
الْجُمَحيّ1 -ق.
عَنْ: حُمَيْد الأعرج، وهشام بْن عُرْوة.
وعنه: الحُمَيْديّ، ونُعَيْم بْن حمّاد، ومحمد بْن مقاتل المروزي،
ومحمد بن مهران الحمال.
ضعّفه أبو حاتم.
288- محمد بْن أَبِي عَدِيّ السُّلَميّ2 -ع.
مولاهم البصْريّ الحافظ. يُكَنَّى أبا عَمْرو.
وقيل: هُوَ محمد بْن إبراهيم بْن أَبِي عَدِيّ، وقيل: أبو عَدِيّ هُوَ
إبراهيم.
روى عن: حُمَيْد الطّويل، وابن عَوْن، وداود بْن أَبِي هند، وعوف
الأعرابيّ، وحُسين المعلّم، وعدّة.
وعنه: أحمد بْن حنبل، والفلاس، والحسن بن محمد الزعفراني، وبندار،
ومحمد بْن المُثَنَّى، وجماعة.
وثّقه أبو حاتم، وغيره.
مات سنة أربعٍ وتسعين ومائة.
289- محمد بن عيسى بن القاسم ابن سُميع الأُمويّ3 -د. ن. ق.
مولاهم الدّمشقيّ المحدَّث.
عَنْ: حُمَيْد الطّويل، وهشام بْن عُرْوة، والأوزاعي، وغيرهم.
وعنه: هشام بْن عمّار ووثّقه، وهارون بْن محمد بْن بكّار، والعبّاس بْن
الوليد الخلال، وجماعة.
قَالَ أبو حاتم: لا يُحْتَجّ بِهِ.
وذكره ابن عَدِيّ في الكامل وقال: لا بأس به.
__________
1 الجرح والتعديل "8/ 24، 25"، والتهذيب "9/ 337".
2 الجرح والتعديل "7/ 186"، والسير "9/ 220، 221".
3 انظر: الميزان "3/ 677"، والتهذيب "2/ 198".
(13/199)
290- محمد بْن عيسى الوابشيّ1.
عَنْ: شَرِيك القاضي، وابن الأحْوَص، ووالده.
وعنه: يزيد بْن عَبْد الرَّحْمَن المفتي، وشهاب بْن عبّاد، وأحمد بْن
إبراهيم الدَّوْرقيّ، وآخرون.
صُوَيْلح.
- محمد بْن الفضل بْن عطيّة.
قد ذُكِر.
291- محمد بْن فُضَيْل بن غزوان2 -ع.
أبو عبد الرحمن الضبي، مولاهم الكوفيّ الحافظ.
عَنْ: أَبِيهِ، وإبراهيم الهَجَريّ، وبيان بن بشر، وحبيب بْن أَبِي
عَمْرة، وعاصم الأحول، وحُصين بْن عبد الرَّحْمَن، وعمارة بْن
القَعْقاع، وخلْق كثير.
وعنه: أحمد، وإسحاق، وأحمد بْن بُدَيل، وعليّ بْن حرب، وأخوه أحمد بْن
حرب، وأحمد بن سنان القطان، والحسن بْن عَرَفَة، والأشجّ، وأبو
كُرَيْب، وأبو حفص الفلاس، وأحمد بْن عَبْد الجبّار العُطَارِديّ،
وخلْق كثير.
وكان مِن أجلاس3 الحديث.
وَثَّقَهُ ابْنُ مَعيِنٍ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: حسن الحديث شيعيّ.
وقال أبو داود: كَانَ شيعيًا منحرفًا.
قلت: إنّما كَانَ متواليًا فقط، مبجِلا للشيخين، وقد قرأ القرآن عَلَى
حمزة. ودخل عَلَى منصور بْن المعتمر فوجده مريضًا، فسماعاته مِن هذا
الوقت.
قَالَ ابن سعْد: بعضهم لا يحتج به.
__________
1 الجرح والتعديل "8/ 37".
2 انظر: الجرح والتعديل "8/ 57، 58"، السير "9/ 173-175".
3 أجلاس: المرتفع من كل شيءٍ.
(13/200)
وكان أبو الأحوص يَقُولُ: أنشدُ الله رجلا
يجالس محمد بْن فُضَيْل، وعَمْرو بْن ثابت أن يُجالسنا.
وقال يحيى الحِمّانيّ: سَمِعْتُ فُضَيْل أو حدّثت عَنْهُ، قَالَ: ضربتُ
أَبِي البارحَة إلى الصّبّاح أن يترحَّم عَلَى عثمان -رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ- فأبى عليّ.
وقال الحَسَن بْن عيسى بْن ماسرجس: سألتُ ابن المبارك عَنْ أسباط وابن
فُضَيْل، فسكت. فلما كان بعد ثلاثة أيام قَالَ: يا حسن صاحبيك لا أرى
أصحابنا يرضونهما.
قلتُ: مات سنة خمسٍ وتسعين ومائة.
وقيل: سنة أربعٍ.
292- محمد بْن فليح بن سليمان1 -خ. ن. ق.
أبو عبد الله المدني.
عَنْ: أَبِيهِ، وموسى بْن عُقْبة، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَعُبَيْدِ
اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وجماعة.
وعنه: إبراهيم بْن المنذر الحزاميّ، وهارون بْن موسى الفرّاء، ومحمد
بْن إِسْحَاق المسْلي.
قَالَ أبو حاتم: ما بِهِ بأس، لَيْسَ بذاك القويّ.
وروى مُعَاوِيَة بْن صالح، عَن يحيى بْن مَعِين قَالَ: لَيْسَ بثقة ولا
ابنه.
وقال العُقَيْليّ: لا يُتَابع عَلَى بعض حديثه.
قلت: كثير مِن الثَّقات قد تفردوا، فيصحّ أن يقال فيهم: لا يُتابَعُون
عَلَى بعض حديثهم.
قَالَ الْبُخَارِيّ: مات سنة سبعٍ وتسعين ومائة.
293- محمد بْن القاسم الأسَديّ الكوفيّ2 -ت.
عَنْ: ثور بْن يزيد، وجعفر بْن محمد بْن برقان، وموسى بن عبيدة،
والأوزاعي.
__________
1 انظر: الجرح والتعديل "8/ 59"، والتهذيب "9/ 406، 407".
2 انظر: الجرح والتعديل "8/ 65"، والتهذيب "9/ 407، 408".
(13/201)
وعنه: إبراهيم بْن موسى الفرّاء، والحسين
بْن عيسى البَسْطاميّ، وعُبَيْد بْن يَعِيش، ومحمد بْن مَعْمَر
البحرانيّ، وجماعة.
ضعّفه أحمد، وابن عديّ.
وكنّاه العُقَيْليّ أبا إبراهيم وقال: لا يتابع عَلَى حديثه.
وقال أحمد أيضًا: أحاديثه أحاديث سوءٍ، موضوعة.
وقال الْبُخَارِيّ: مات سنة سبعٍ ومائتين، يُعَرف ويُنْكر.
294- محمد بْن مروان العُقَيْليّ1 -ت.
أبو بكر.
شيخ بصْريّ يُعرف بالعِجْليّ.
لَهُ عَنْ: سَعِيد المَقْبُريّ إنْ صحّ، وعن: داود بْن أَبِي هند،
وعَمْرو بْن قيس المُلائيّ، وهشام بْن حسّان.
وعنه: يعقوب، وأحمد ابنا الدَّوْرقيّ، والفلاس، ونصر بْن عليّ، ويحيى
بْن مَعِين، وطائفة.
صدوق.
295- محمد بْن معن الغِفاريّ المدنيّ2 -خ. د. ت. ق.
عَنْ: جَدّه محمد بْن معن بْن نضلة، وعن أَبِيهِ، وربيعة بْن أَبِي
عَبْد الرَّحْمَن، ويحيى بْن سَعِيد، وداود بْن خالد.
وعنه: ابن المَدِينيّ، وإبراهيم بْن المنذر الحزاميّ، وأبو مُصْعَب،
ويونس بْن عَبْد الأعلى، وجماعة.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً، قَلِيلَ الْحَدِيثِ.
مات سنة ثمانٍ وتسعين ومائة.
__________
1 الجرح والتعديل "8/ 85، 86"، والتهذيب "9/ 435".
2 الجرح والتعديل "8/ 99، 100"، والتهذيب "9/ 468".
(13/202)
296- محمد بْن ميمون الزَّعْفرانيّ الكوفيّ
المفلوج1 -د.
عَنْ: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وحنظلة بْن
أَبِي سُفْيان.
وعنه: إبراهيم بْن موسى الفرّاء، وأبو كُرَيْب، ويعقوب الدَّوْرقيّ.
وثّقه أبو داود، وغيره.
ووهّاه ابن حِبّان.
297- محمد الأمين2.
أمير المؤمنين، أبو عبد الله بْن الرشيد هارون بْنُ الْمَهْدِيِّ
مُحَمَّدِ بْنِ الْمَنْصُورِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ
عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ
الْمُطَّلِبِ الْهَاشِمِيُّ العباسيّ البغداديّ.
كَانَ وُلّي عهد أَبِيهِ، فولي الخلافة بعد موت أَبِيهِ. وكان مِن أحسن
الشباب صورة، أبيض، طويلا، جميلا، ذا قوّة مُفْرِطة وبطْش وشجاعة
معروفة، وفصاحة، وأدب، وفضيلة، وبلاغًا.
لكن كَانَ يسيء التدبير، كثير التبذير، ضعيف الرأي، أرعن، لا يصلُح
للإمارة.
ومن شدّته قِيلَ إنّه قتل مرّةً أسدًا بيديه، وهذا شيء عجيب.
وَوَرَد أنّه كتب بخطّهِ رُقعة إلى طاهر بْن الحسين فيها: يا طاهر، ما
قام لنا منذ قمنا قائم بحقّنا، فكان جزاؤه عندنا إلا السيف، فانظر
لنفسك أو دَعْ.
قَالَ: فلم يزل طاهر يتبيّن موقع الرُّقعة منه.
قلت: وكان طاهر قد انتُدب لحربه مِن جهة أخيه المأمون، فكتب لَهُ هذه
الورقة، وهي غاية في التخذيل، لأنه لوّح فيها بأبي مُسْلِم وأمثاله
الذين بذلوا نفوسهم في النُّصْحِ، فكان مآلُهُم إلى القتل.
قَالَ المسعوديّ: إلى وقتنا هذا، ما وُلّي الخلافة هاشميّ ابن هاشميّة،
سوى عَلِيِّ بْن أَبِي طَالِب -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه- ومحمد بن زبيدة،
يعني الأمين.
__________
1 انظر: الجرح والتعديل "8/ 80، 81"، والتهذيب "9/ 485".
2 تاريخ بغداد "3/ 336، 342"، السير "9/ 334، 339".
(13/203)
وقد مرّ في الحديث دولة الأمين وحروبه وما
صار إِليْهِ.
وكنّاه بعضهم أبا موسى.
عاش سبْعًا وعشرين سنة. وآخر أمره خُلِع ثمّ أُسِر وقُتِل صبرًا في
المحرَّم سنة ثمانٍ وتسعين ومائة بظاهر بغداد، وطيف برأسه.
الصُّوليّ: ثنا أبو العَيناء: حدَّثني محمد بْن عَمْرو الرُّوميّ
قَالَ: خرج كوثر خادم الأمين ليرى الحرب فأصابته رجمة في وجهه، فجلس
يبكي، وجعل الأمين يمسح الدم عَنْ وجهه ثمّ قَالَ:
ضربوا قُرَّةَ عيني ... مِن أجلي ضربوه
أخذ الله لقلبي ... مِن أناسٍ احرقوه
قَالَ: ولم يؤاته طبعه لزيادة، فأحضر عَبْد الله بْن أيّوب التَّيْميّ
الشّاعر، وقال لَهُ: قلَّ عليهما. فقال:
ما لمن أهوى شَبيهُ ... فَبِهِ الدنيا تتيهُ
وَصْلُهُ حلوٌ ولكن ... هجرهُ مرٌّ كريهُ
مَنْ رَأَى الناسُ لَهُ ... فضلا عليهم حسدوه
مثل ما حسد القا ... ئم بالمُلْك أَخُوهُ
فقال الأمين: أحسنَت والله. بحياتي يا عبّاسيّ، أنظر، فإنْ كَانَ جاء
عَلَى ظهرٍ فأوقره لَهُ، وإن كَانَ جاء في زورق فأوقره له.
قال: فأوقر له ثلاثة أبغال دراهم.
وقيل: إنّ سليمان بْن منصور رفع إلى الأمين أنّ أبا نواس هجاه، فقال:
يا عمّ، أأقتله بعد قوله:
أهدي الثَّناء إلى الأمينِ محمدٍ ... ما بعده بتجارةٍ متربَّصُ
صَدَقَ الثَّناءُ عَلَى الأمين محمدٍ ... ومِن الثناء تكذّبٌ وتخرُّصُ
قد يَنْقُصُ البدرُ المنيرُ إذا اسْتَوَى ... وبهاءُ نورِ محمدٍ ما
ينقُصُ
وإذا بُنوا المنصورِ عُدّ حَصَاهُم ... فمحمدٌ ياقوتُها المتخلّص
(13/204)
فغضب سليمان، فقال الأمين: فكيف يا عمّ
أعمل بقوله، ثمّ أنشده أبياتًا أخَر، ثمّ أبياتًا، ثمّ أرضى سليمان
بحبْس أَبِي نُواس.
وكانت خلافته أربع سنين وأيامًا.
298- مَخْلَد بْن الحسين1 -ن. م. س.
أبو محمد الأزدي المهلبي البصري، نزيل المصَّيصة. وكان أحد أوعية
العِلْم.
روى عَنْ: موسى بْن عُقْبة، وهشام بْن حسّان، ويونس الأَيْليّ،
والأوزاعي، وعدة.
وعنه: حجاج الأعور، والحسن بن الربيع البوراني، وأبو صالح محبوب
الفراء، والمسيب بن واضح، وموسى بن أيوب النصيبي، وجماعة.
قال أحمد العجلي: ثقة، رجل صالح عاقل.
وقال أبو داود: كان أعقل أهل زمانه.
وروي أنّ هارون الرشيد قَالَ لَهُ: ما قرابة بينك وبين هشام بْن حسّان؟
قَالَ: هُوَ والد إخوتي، يعني لم يَقُلْ زوج أمّي.
قَالَ سُنيد بْن داود: سَمِعْتُ مَخْلَد بْن الحسين يَقُولُ: ما ندب
الله العباد إلى شيء إلا اعترض فيه إبليس بأمرين، ما يبالي بأيّهما
أُظْفِر: إمّا غُلُوٌّ فيه، وإمّا تقصيرٌ عَنْهُ.
مات مَخْلَد سنة إحدى وتسعين ومائة.
وعن بعضهم أنّه تُوُفّي سنة ستٌّ وتسعين ومائة.
299- مَخْلَد بْن يزيد الحراني2 -خ. م. د. ن. ق.
عَنْ: يحيى بْن سَعِيد الأنصاريّ، وابن جُرَيْج، وجعفر بْن بُرْقان،
وحنظلة بْن أبي سُفْيان، والأوزاعي.
وعنه: أحمد، وإسحاق، وابنا أَبِي شَيبة، وابن نُمَير، ومحمد بْن سلام
البيكندي، وآخرون.
__________
1 الجرح والتعديل "8/ 347"، السير "9/ 236".
2 انظر: الجرح والتعديل "8/ 347"، والتهذيب "10/ 77".
(13/205)
قَالَ أبو حاتم: صدوق.
قلت: مُجْمَعٌ عَلَى ثقته.
مات سنة ثلاثٍ وتسعين ومائة.
300- مُرَجّي بن وداع الراسبيّ البصْريّ1.
عَنْ: عطاء السُّلَميّ الزّاهد، وغالب القطّان، وأيّوب بْن وائل،
وجماعة.
وعنه: سيَّار بْن حاتم، وعارم، وأحمد بْن حنبل، وعليّ بْن الحسين
الدَّرهميّ، وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ.
وقال ابن مَعِين: ضعيف.
301- مروان بْن معاوية بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَسْمَاءَ بْنِ خَارِجَةَ
بْنِ عُيَيْنَة بْن حصن الفَزَاري2 الحافظ -ع.
أبو عبد الله الكوفي نزيل مكّة، ثمّ دمشق. وهو ابن عم الإمام أَبِي
إِسْحَاق الفَزَاريّ.
روى عَنْ: حُمَيْد الطّويل، وعاصم الأحول، وابن أَبِي خَالِد، وأبي
مالك سعْد بْن طارق الأشجعيّ، ومحمد بْن سُوقة، وموسى الْجُهَنّي،
وخلْق كثير فيهم عدد من المجاهيل، فإنه كان طلابة للحديث، يكتب عَنْ كل
واحد.
روى عَنْهُ: أحمد بْن حنبل، وإسحاق، وابن خَيْثَمَة، والحسين بْن
حُرَيْث، والحسن بْن عَرَفَة، ودُحَيْم، وأبو كُرَيْب، ومحمد بْن هشام
بْن ملاس، وأُمم سواهم.
قَالَ أحْمَد بْن حنبل: ثَبْت حافظ، كَانَ يحفظ حديثه كله.
وقال ابن المديني: ثقة فيما روى عن المعروفين.
وقال غيره: أكثر عَنِ المجهولين، فينبغي أن يُتَأمّل حال شيوخه، وهو في
نفسه ثقة.
__________
1 الجرح والتعديل "8/ 412، 413"، والميزان "7/ 87".
2 انظر: الجرح والتعديل "8/ 272، 273"، والسير "9/ 51-53".
(13/206)
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
نُمَيْرٍ: كَانَ يلتقط الشيوخ مِن السَّكك.
وقال يحيى بْن مَعِين: وجدت عند مروان بخطّه: وكيع رافضيّ. فقلت لَهُ:
وكيع خيرٌ منك. فسبَّني.
وقيل: كَانَ مروان فقيرًا مُعِيلا، كَانَ الناس يَبُرُّونه.
قِيلَ: مات فجأة في عشر ذي الحجّة سنة ثلاث وتسعين ومائة.
302- مُزاحم بْن زُفَر التَّيْميّ الكوفيّ1.
أخو عثمان بْن زُفَر.
روى عَنْ: فِطْر بْن خليفة، وشُعْبَة، وأيّوب بْن خُوط.
وعنه: أبو مُسْهِر، وإبراهيم بْن المنذر الحزاميّ، وهارون بْن موسى،
وأبو الربيع الزّهْرانيّ.
وكان من أشراف أهل الكوفة.
حدَّث بدمشق، ولا رواية لَهُ في الكُتُب السّتّة.
وقد وثّقه ابن حِبّان.
وله سَميٌّ وهو: مزاحم بْن زُفَر.
مِن طبقة صغار التابعين، قد ذُكِر.
303- مَسْعَدة بْن اليَسَع الباهليّ البصْريّ2.
أحد الضعفاء.
عَنْ: بَهْز بْن حكيم، وجعفر بْن محمد، ومحمد بْن حُمَيْد.
وعنه: عُمَر بْن حفص، والحسن بْن عَرَفَة، وأحمد بْن أَبِي الحواريّ،
ومُغيرة بْن أحمد، ومحمد بْن وزير الواسطيّ.
قَالَ أحْمَد بْن حنبل: خرقنا حديثه مِن دهرٍ.
__________
1 التهذيب "10/ 100، 101".
2 الجرح والتعديل "8/ 370، 371"، والميزان "4/ 98، 99".
(13/207)
روى ذَلِكَ الْبُخَارِيّ عَنْ أحمد.
وقال أبو حاتم: يكذب عَلَى جعفر بْن محمد.
وكذا كذّبه أبو داود، ومحمد بْن وزير.
نَا مَسْعَدَةُ بْنُ الْيَسَعَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ
أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
كَسَا عَلِيًّا عِمَامَةً يُقَالُ لَهَا السَّحَابُ، فَأَقْبَلَ وَهِيَ
عَلَيْهِ، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلامُ: "هَا عَلِيٌّ قَدْ أَقْبَلَ فِي
السَّحَابِ"1. قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: قَالَ أَبِي:
فَحَرَّفَهَا هَؤُلاءِ وَقَالُوا: عَلِيٌّ فِي السَّحَابِ.
304- مسكين بْن بكير الحراني الحذاء -ع.
أبو عبد الرحمن.
عَنْ: ثابت بْن عَجْلان، وأرطأة بْن المنذر، وجعفر بْن بُرْقان،
والأوزاعيّ، وشُعْبَة.
وعنه: العُقَيْليّ، وأحمد بْن حنبل، وأحمد بْن شُعيب الحرّانيّ، وولده
الحَسَن بْن أحمد، ومحمد بْن وهْب بْن أبي كريمة، وموسى بْن أيّوب
النَّصيبيّ، وَآخَرُونَ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ، صالح الحديث.
وقال غير واحد: صدوق.
وقيل: لَهُ عَنْ شُعْبَة ما يُنكر.
وقال أبو أحمد الحاكم: لَهُ مناكير كثيرة، كذا قَالَ.
قِيلَ: مات سنة ثمانٍ وتسعين ومائة.
305- مُسْلِم بْن الوليد.
صريع الغّواني3، شاعر.
مولى الأنصار أبو الوليد. أحد فُحُولِ الشُّعَراء. مدح الرشيد وآل
برمك، وسار شعره.
__________
1 "حديث موضوع": أخرجه ابن عدي "6/ 2386" في الكامل للضعفاء.
2 الجرح والتعديل "8/ 329"، والسير "9/ 209".
3 انظر: الأغاني "19/ 31-72"، السير "9/ 323، 324".
(13/208)
ويُقال إنّ الرشيد هُوَ الَّذِي لقّبه
بصريع الغواني لقوله:
أديرا عليّ الكأسَ لا تَشْربا قبلي ... ولا تَطْلُبا مِن عند قاتلتي
ذَحْلي
هَلِ العيشُ إلا أن تَرُوح مَعَ الصَّبا ... وَتَغْدُو صريعَ الكأس
والأَعْيُنِ النُّجْلِ1
وهو القائل:
أرادو لِيُخْفُوا قبره عَنْ عدوّهِ ... فطِيبُ تُرابِ القبرِ دلّ عَلَى
القبرِ2
ومن هجائه ما قَزَع:
أمّا الهجاءُ فَدَقَّ عِرضك دونَه ... والمدحُ فيك كما علمتَ قليلُ
فاذْهَبْ فأنت طليقُ عِرْضك إنّه ... عرضُ عَزَزْتَ بِهِ وأنت ذليلُ
قَالَ الخطيب: ومسلم بْن الوليد كوفيّ نزل بغداد، وكان مدّاحًا
مفوَّهًا بليغًا.
قَالَ بعضهم: لمسلم ثلاثة أبيات: أرثَى بيت، وأمدح بيت، وأهجي بيت.
فالأول: أرادوا ليُخْفُوا قبَره.
والبيت الثاني، وهو أمدح بيت، قوله:
يجود بالنَّفسِ إذ ضنّ البخيلُ بها ... والْجُودُ بالنَّفس أقصى غايةِ
الْجُود
والثالث قوله:
قَبُحَتْ مَنَاظِرُهُ، فحِين خبْرتُهُ ... حُسنَتْ مَنَاظِرُهُ لقُبْح
المُخبرِ
وله في الشّيب:
أكره شَيْبيْ وآسَى أن يُزَايِلَني ... أعجبُ بشيءٍ عَلَى البغضاء
مودودِ
وله يمدح يزيد بْن مَزْيَد الشَّيْبانيّ مِن قصيدة:
يكسو السُّيُوفَ نفوس النّاكثين بها ... ويجعل الهام تِيجان القنا
الُّذبُل
إذا انتضى سيفَه كانت مسالكُهُ ... مسالكَ الموت في الأبدان والقلل
__________
1 تاريخ بغداد "13/ 97".
2 السابق.
(13/209)
كالّليث إنْ هجَّهُ فالموتُ راحتُهُ ... لا
يستريح إلى الأيّام والدُّوَلِ
قد عوَّد الطَّيْرَ عاداتٍ وثِقْنَ بها ... فهنَّ يَصْحَبْنَه في كلّ
مُرْتحَلِ
لله مِن هاشمٍ في أرضه جبلُ ... وأنت وابنُك رُكْنا ذَلِكَ الجبلِ1
وله في جعفر البرمكيّ:
كأنّه قمر أو ضيغمٌ هصرٌ ... أو حيّةٌ ذكرٌ أو عارضٌ هَطِلُ
لا يضحك الدَّهر إلا حين تسألُه ... ولا يُعبَّسُ إلا حين لا يُسَلُ
306- مسروح. أبو شهاب الكوفيّ2.
عَنْ: الحَسَن بْن عُمارة، وسُفيان الثَّوْريّ، وعَمْرو بْن خَالِد.
وعنه: يزيد بْن مَوْهب الرَّمليّ، وعمر بْن زُرَارة الحَدَثيّ.
قَالَ أبو أحمد الحاكم: لَيْسَ حديثه بالقائم.
307- مَسْلَمة بْن يعقوب بْن مَسْلَمة بْن عَبْد المُلْك بْن مروان
الأُمويّ3.
أحد أشراف الشاميّين. كَانَ أحد مِن خرج عَلَى الدّولة العباسية.
وذلك أنّ أبا العُميطر الأُمويّ السُّفْيانيّ لمّا ظهر وغلب عَلَى دمشق
في سنة خمسٍ وتسعين ومائة، وبعدها تمكّن مَسْلَمة هذا مِن الأمور، وعمل
عَلَى أَبِي العُميطر وقبض عَليْهِ، لأنّ أبا العُميطر كَانَ شيخًا
كبيرًا، فقيّده ودعا لنفسه وبايعوه. ثمّ قام عَليْهِ محمد بْن صالح بْن
بَيْهس الكلابيّ أمير العرب، فأخذ منه دمشق. فبادر مَسْلَمة وفَكّ قيد
أَبِي العُميطر، وخرجا هاربَيْن بزيّ النَّساء إلى المِزّة.
ثمّ إنّ مسلمة جاءه الموت بالمِزّة، فصلّي عَليْهِ أبو العُميطر، ثمّ
مات بعده بقليل، وعَمّوا قبَره لئلا يُنبش، وذلك في حدود المائتين.
308- مُسْهِر بْن عَبْد المُلْك بْن سَلَع الهمَدانيّ الكوفيّ4.
__________
1 الأغاني "19/ 35-40".
2 لم نقف عليه.
3 انظر: الجرح والتعديل "8/ 410"، والتهذيب "10/ 149".
(13/210)
روى عَنْ: أَبِيهِ، وعن: الأعمش، وعيسى بْن
عُمَر القارئ.
وعنه: إِسْحَاق بْن راهَوَيْه، والحسن بْن عليّ الحلوانيّ، ومحمد بْن
عَبْد الله المخرميّ، وجماعة.
قَالَ الْبُخَارِيّ: فيه بعض النظر.
309- مطرف بن مازن1.
قاضي صنعاء.
روى عَنْ: ابن جُرَيج، ومَعْمَر.
وعنه: الشافعيّ، وداود بْن رشيد.
وكان من الأخيار الصُّلحاء، لكنّه واهٍ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: كذاب.
وأسقطه ابن حِبّان، وضعّفه آخرون.
وأما أبو أحمد بْن عَدِيّ فقال: لم أر لَهُ شيئًا مُنْكَرا.
وسمعتُ عُمَر بْن سِنان: نا حاجب بْن سليمان قَالَ: كَانَ مطرَّف بْن
مازن قاضي صنعاء، وكان رجلا صالحًا، فأتاه رجلٌ وقال: حلفتُ بطلاق
امرأتي ثلاثًا أنّي أخرا عَلَى رأسك. فقام ودخل ووضع عَلَى رأسه
منديلا، ثمّ قَالَ للرجل: اصعد واقلل، أو كما قَالَ.
310- مُطَهَّرُ بنُ الهيثم الطّائيّ البصْريّ2 -ق.
روى عَنْ: عَلْقَمة بْن أَبِي حمزة الضُّبَعيّ، وموسى بْن عليّ بْن
رباح.
وعنه: عَبّاد بْن الوليد الغُبْريّ، ومحمد بْن المُثَنَّى، وعبد
الرَّحْمَن بْن محمد بن منصور كزبران، وجماعة.
__________
1 الجرح والتعديل "8/ 314"، والميزان "4/ 125، 126".
2 الجرح والتعديل "8/ 396"، والميزان "4/ 129".
(13/211)
قَالَ ابن حِبّان: مُنْكَر الحديث.
وقال ابن يونس: متروك.
311- مُعَاذ بْن مُعَاذ بْن نصر بن حسان -ع.
الإمام أبو المثنى العنبري التيمي البصري الحافظ، قاضي البصرة1.
روى عَنْ: حُمَيْد، وسليمان التَّيْميّ، وابن عَوْن، وبَهْز بْن حكيم،
وعوف، ومحمد بْن عَمْرو، وشُعْبَة، وآخرون.
وعنه: ابناه عُبَيْد الله والمثني، وأحمد، وإسحاق، وبُنْدار، وإسحاق
بْن موسى، وعبد الله بْن هاشم الطّوسيّ، وسَعدان بْن نصر، وخلْق كثير.
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: إِلَيْهِ الْمُنْتَهَى فِي التَّثَبُّت
بالبصرة. ما رأينا أحدًا أعقل منه.
وقال يحيى بْن سَعِيد القطّان: ما بالبصرة ولا بالكوفة ولا بالحجاز
أثبت مِن مُعَاذ بْن مُعَاذ.
قلت: كَانَ مِن أقران القطّان.
قَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ ثَبْتٌ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ، وأبو حاتم: ثقة.
قلت: يحيى القطّان أسنّ منه بشهرين.
قَالَ أحمد بْن حنبل: ولد مُعَاذ بْن مُعَاذ سنة ستٌّ عشرة ومائة.
وقال المدائني: كان جده نصر واليًا لخالد القسر بإصْطَخْر، ومُعَاذ بْن
نصر مات في حياة نصر سنة تسع عشرة ومائة.
قلت: مات مُعَاذ بْن مُعَاذ في ربيع الآخر سنة ستٌّ وتسعين ومائة.
312- مُعَاذ بْن هشام بْن أبي عبد الله الدستوائي2 -ع.
البصري الحافظ.
__________
1 انظر: تاريخ بغداد "3/ 131، 134"، السير "9/ 54-57".
2 الجرح والتعديل "8/ 294، 250"، والسير "9/ 372-374".
(13/212)
عَنْ: أَبِيهِ، وابن عَوْن، وأشعث بْن
عَبْد المُلْك، وغيرهم.
وعنه: أحمد بْن حنبل، وإسحاق، وبُنْدار، وابن المَدِينيّ، ومحمد بْن
إسماعيل بْن أَبِي سُمَينة، وعمرو الفلاس، وأبو سَعِيد الأشجّ، ومحمد
بْن المُثَنَّى، وإسحاق الكَوْسج، ويزيد بْن سِنان البصْريّ، وجماعة.
قَالَ ابن عَدِيّ: ربّما يغلط وأرجو أنّه صدوق.
وروى عبّاس، عَنِ ابن مَعِين: صَدُوق، وليس بحجّة.
وقال عَبَّاس بْن عَبْد العظيم الحافظ: كَانَ عنده، عَنْ أَبِيه، عشرة
آلاف حديث.
قلت: وفاته في ربيع الآخر سنة مائتين.
313- معروف الكَرْخيّ1.
هُوَ زاهد العراق، وشيخ الوقت.
أبو محفوظ معروف بْن الفَيْرزان، وقيل ابن فَيْروز، مِن أهل كرْخ
بغداد.
وقيل: كنيته أبو الحَسَن.
وكان أَبُوهُ مِن أعمال واسط مِن الصّابئة.
وعن أَبِي عليّ الدّقّاق قَالَ: كَانَ أبواه نَصْرانيّين فاسلماه إلى
مؤدّب نَصرانيّ، فكان يَقُولُ لَهُ: قل ثالث ثلاثة، فيقول معروف: بل
هُوَ الواحد. فيضربه. فهرب، فكان أبواه يقولان: ليته رجع. ثمّ أسلم
أبواه2.
وذكر السُّلَميّ أن معرومًا داود الطّائيّ ولم يصحّ.
أَنْبَأَنَا الْمُسْلِمُ بْنُ عِلانَ، وَمُؤَمَّلٌ الْبَالِسِيُّ
قَالا: أَنَا الْكِنْدِيُّ، أَنَا الشَّيْبَانِيُّ، أَنَا الْخَطِيبُ،
أَنَا ابْنُ رِزْقٍ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا يَحْيَى بْنُ
أَبِي طَالِبٍ، أَنَا مَعْرُوفٌ الْكَرْخِيُّ: حَدَّثَنِي الرَّبِيعُ
بْنُ صُبَيْحٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَوْ
أَدْرَكْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مَا سَأَلْتُ اللَّهَ إِلا العفو
والعافية3.
__________
1 انظر: الحلية "8/ 360"، والسير "9/ 339-345".
2 صفة الصفوة "2/ 318، 319".
3 "صحيح مرفوع، ضعيف موقوف": أخرجه الترمذي "3743" وابن ماجه "3850"،
وأحمد "6/ 183"، والحاكم "1/ 530" مرفوعًا، وهو صحيح.
وأخرجه الخطيب "3/ 199" موقوفًا، وسنده ضعيف، فيه عنعنة الحسن البصري،
وهو من المدلسين، وابن صبيح من الضعفاء.
(13/213)
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ
السُّلَمِيُّ، أَنَا الْبَهَاءُ عَبْد الرَّحْمَن بْن إبراهيم، أنا
تجنّي الوَهْبانيّة، أنا الحسين بْن طلحة، أَنَا أبو الحَسَن بْن
رزقوْية، أَنَا إسماعيل الصَّفّار، نا زكريّا بْن يحيى بْن أسد
المَرْوَزِيّ، ثنا معروف الكَرْخيّ قَالَ: قَالَ بَكْر بْن خُنَيْس: إن
في جهنم لواديا تتعوذ جهنم من ذَلِكَ الوادي كل يوم سبع مرات. وإنّ في
الوادي لَجُبًّا يتعوّذ الوادي وجهنّمُ مِن ذَلِكَ الْجُبّ كلّ يوم
سبْع مرّات. وإن في الجب لحية يتعوذ الجب والوادي وجهنم من تِلْكَ
الحية كل يوم سبع مرات. يُبدأ بِفَسَقة حَمَلَة القرآن، فيقولون: أيْ
ربّ بُديء بنا قبل عَبَدَة الأوثان؟! قِيلَ لهم: لَيْسَ من يعلم كمن لا
يعلم.
وقد روى معروف عَنْ بَكْر بْن خُنَيْس، وابن السّمّاك شيئًا يسيرًا،
وعن: الربيع بْن صُبَيْح.
روى عَنْهُ: خَلَف البزّار، وزكريّا بْن يحيى المَرْوَزِيّ، ويحيى بْن
أَبِي طَالِب، وغيرهم.
وقد ذُكِر معروف عند أحمد بْن حنبل فقالوا: قصير العِلْم. فقال للقائل:
أمسِكْ، وهل يُراد مِن العِلْم إلا ما وصل إليه معروف؟.
قَالَ إسماعيل بْن شدّاد: قَالَ لنا سُفْيان بْن عُيَيْنَة: ما فعل
ذَلِكَ الْحَبْرُ الَّذِي فيكم ببغداد؟.
قُلْنَا: مَن هُوَ؟.
قَالَ: أبو محفوظ، معروف!.
قلنا: بخير.
قَالَ: لا يزال أهل تِلْكَ المدينة بخيرٍ ما بقي فيهم.
وقال السَّرَّاج، أَنَا أبو بَكْر بْن أَبِي طَالِب قَالَ: دخلت مسجد
معروف، فخرج وقال: حيّاكم الله بالسّلام، ونَعِمْنا وإيّاكم بالأحزان.
ثمّ أذّن، فارتعد ووقف شِعْره، وانحنى حتّى كاد يسقط.
(13/214)
وعن معروف قَالَ: إذا أراد الله بعبدٍ شرًا
أغلق عَنْهُ باب العمل، وفتح عَليْهِ باب الجدل.
وقال جُشَم بْن عيسى: سَمِعْتُ عمّي معروف بْن الفيرُزان يَقُولُ:
سَمِعْتُ بَكْر بْن خُنَيْس يَقُولُ: كيف تتّقي وأنت لا تدري ما تتّقي؟
رواها أحمد الدَّوْرقيّ عَنْ معروف قَالَ: ثمّ يَقُولُ معروف: إذا كنت
لا تُحسن تتّقي أكلت الرَّبا، ولقيت المرأة فلم تغَضّ طَرْفَك، ووضعت
سيفك عَلَى عاتقك، إلى أن قَالَ: ومجلسي هذا ينبغي أن يُتّقى، ومجيئكم
معي مِن المسجد ينبغي لنا أن نتّقيه، فإنّه فتنةٌ للمتبوع، وذلةٌ
للتابع1.
وعن معروف، وبعث إليه رَجُل بعشرة دنانير فلم يأخذها. ومرّ سائل
فأعطاها لَهُ.
وقيل: كَانَ يبكي ثمّ يَقُولُ: يا نفس كم تبكين، أَخْلِصي تَخْلُصي.
وقيل: سأله رَجُل: يا أبا محفوظ كيف تصوم؟ فبقي يغالطه ويقول: صوم
نبينا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ كذا، وصوم داود كَانَ
كذا. فألحّ عَليْهِ فقال: أصبح دهري صائمًا، فمن دعاني أكلت، ولم أقل
إنّي صائم.
وقيل: قصّ إنسان شاربَ معروف وهو يُسبَّح فقال: كيف أقصّ وأنت تسبّح؟
فقال: أنت تعمل وأنا أعمل.
وقال رَجُل: حضرتُ معروفًا، فاغتاب رجلٌ رجلا عنده، فقال: أذكر القُطْن
إذا وُضع عَلَى عَيْنَيْك.
وعنه قَالَ: ما أكثر الصالحين، وما أقلّ الصّادقين.
وعنه قَالَ: مِن كابر الله صَرَعه، ومن نازعه قَمَعه، ومن ماكَرَه
خَدَعه، ومن توكَّل عَليْهِ مَنَعه، ومن تواضَعَ لَهُ رَفَعه وعنه:
كلام العبد فيما لا يعنيه خِذْلان مِن الله.
وقيل جاءه ملهوف وقال: ادع لي أن يرد الله علي كيسي، سرق منه ألف
دينار.
__________
1 الحلية "8/ 365".
(13/215)
فقال: ماذا أدعو ما زَوَيْتَه عَنْ أنبيائك
وأوليائك، فردّه عَليْهِ.
وقيل: إنّه أنشد مرّة في السَّحَر:
ما يضرّ الذُّنوب لو اعتقتني ... رحمةً لي، فقد علاني المَشِيب1
وعنه قَالَ: مَن لعن إمامَهُ حُرِمَ عَدْلَهُ.
وعن محمد بْن منصور الطّوسيّ قَالَ: قعدت مرّة إلى جنب معروف، فلعلّه
قَالَ: وَاغَوْثاه بالله عشرة آلاف مرّة. وتلا: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ
رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ} [الأنفال: 9] .
وعن ابن شِيرَوَيْه: قلت لمعروف: بلغني أنّك تمشي عَلَى الماء. قَالَ:
ما وقع هذا، ولكنْ إذا هَممتُ بالعُبور جُمع لي طرفًا النَّهر
فأتخَطَاه.
أبو العبّاس بْن مسروق: نا محمد بْن منصور الطّوسيّ قَالَ: كنت عند
معروف، ثمّ جئت وفي وجهه أثر. فسأله رجلٌ عَنِ الأثر فقال: سلْ عمّا
يعنيك عافاك الله. فألحّ عَليْهِ وأقسم عَليْهِ، فتغيّر ثمّ قَالَ:
صلَّيت البارحة هنا، واشتهيت أن أطوف بالبيت، فمضيت إلى مكّة فطفتُ،
وجئت لأشرب مِن زمزم، فزلقتُ، فأصاب وجهي هذا2.
وقال ابن مسروق: نا يعقوب ابن أخي معروف قَالَ: قَالُوا لمعروف: استسقِ
لنا، وكان يومًا حارًا، فقال: ارفعوا ثيابكم. قَالَ: فما استتمُّوا
رفْعَ ثيابهم حتّى مُطِروا. وقد استجاب الله لمعروف في غير ما قضية.
وقد أفرد ابن الجوزيّ كتابًا في مناقبه.
وقال عُبَيْد بْن محمد الورّاق: مرّ معروف وهو صائم بسقّاء يَقُولُ:
رحم الله مِن شرب، فشربَ رجاء الرحمة.
وقد حكى السلمي شيئًا منكرًا، وهو أنّ معروفًا كَانَ يحجب عليّ بْن
موسى الرّضا، قَالَ: فكسروا ضلْع معروفٍ فمات.
فهذا إنْ صحّ، يكون حاجبٌ اسمُهُ باسم معروف.
__________
1 صفة الصفوة "2/ 321".
2 تاريخ بغداد "13/ 201".
(13/216)
وعن إبراهيم الحربيّ قَالَ: قبر معروف
التّرياق المجرَّب.
يُريد الدّعاء عنده، لأن البقاع المباركة يستجاب فيها الدعاء. كما أن
الدعاء في المساجد وفي السَّحَر أفضل. ودعاء المُضطَّر مجابٌ في كلّ
مكان.
قَالَ محمد بْن عُبَيْد الله بْن المنادي، وثعلب: مات معروف سنة
مائتين.
وقال عَبْد الرّزّاق بْن منصور: سنة إحدى ومائتين.
وشدّ يحيى بْن أَبِي طَالِب فقال: مات سنة أربعٍ ومائتين.
وقال أبو بَكْر الخطيب: الصحيح سنة مائتين، رحمه الله ورضي عنه.
314- معمر بن سليمان الرقي1 -د. ت. ن. ق.
أبو عبد الله النخعي.
عَنْ: خُصَيف، وإسماعيل بْن أَبِي خَالِد، وحَجّاج بْن أرطأة، وزيد بْن
حبان الرَّقَّيّ، وطائفة.
وعنه: أبو عُبَيْد، وأحمد بْن حنبل، وأبو بَكْر بْن أَبِي شَيبة، وعليّ
بْن حُجْر، وَأَبُو سَعِيد الأشجّ، وسَعدان بْن نصر، وجماعة.
وثّقه ابن مَعِين.
وذكره أحمد فذكر مِن فضله وهيبته.
وقال أبو عُبَيْد: كَانَ مِن خير من رَأَيْت.
قلت: مات في شَعْبان سنة إحدى وتسعين ومائة.
وقع لي مِن عواليه.
315- معن بْن عيسى بْن يحيى بْن دينار بْن عَبْد الله الأشجعيّ2 -ع.
مولاهم الْمَدَنِيّ القزّاز الحافظ أبو يحيى، أحد الأعلام.
كَانَ صاحب حانوت وأُجَراء ينسجون لَهُ الْقَزَّ.
__________
1 انظر: الميزان "4/ 156"، والسير "9/ 210".
2 انظر: الجرح والتعديل "8/ 277، 278"، والسير "9/ 304-306".
(13/217)
روى عَنْ: ابن أَبِي ذئب، ومالك، وأُبَيّ
بْن عَبَّاس بْن سهل، وأبي الغصن ثابت بْن قيس، وزُهير بْن محمد، وسعيد
بْن السّائب الطّائفيّ، وهشام بْن سعْد، ومعاوية بْن صالح، وموسى بْن
عليّ، وإبراهيم بن طَهْمان، وطبقتهم.
ولزِم مالكًا زمانًا، وكان مِن خيار أصحابه ومتقنيهم ومُفتيهم.
روى عَنْهُ: أحمد بْن خالد، وإبراهيم بْن المنذر الحزاميّ، وأبو
خَيْثَمَة، وهارون الحمّال، ويونس بْن عَبْد الأعلى، وخلْق سواهم.
قَالَ أبو حاتم: هُوَ أوثق أصحاب مالك وأثبتهم.
وقال ابن سعْد: كَانَ يعالج القزّ بالمدينة، وله غلمان حاكة.
وقيل: كَانَ مالك يتّكيء عَلَى يده في خروجه إلى المسجد، حتّى كان يقال
لَهُ: عصا مالك.
وقال أبو حاتم أيضا: هو أحب إلي مِن ابن وهْب.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ،
وَالْفَتْحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ
الْعَاصِي، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ النَّقُّورِ، أَنَا
عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَرْبِيُّ، نَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ
الصُّوفِيُّ، نَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، نَا مَعْنٌ، عَنْ مَالِكٍ،
عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:
"إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ
يَكُنْ يُصَافِحُ امْرَأَةً قَطُّ"1. أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي
كِتَابِ مَالِكٍ مِنْ تَأْلِيفِهِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ،
عَنِ ابْنِ مَعِينٍ. فَوَقَعَ لَنَا عَالِيًا جِدًّا.
تُوُفّي معن في شوّال سنة ثمانٍ وتسعين ومائة.
316- المغيرة بن سلمة -م. د. ن. ق.
أبو هشام المخزومي البصري2.
عَنْ: أبان العطّار، ونافع بْن عمر، والقاسم بن المفضل الحداني.
__________
1 "حديث صحيح": وأخرجه بنحوه ابن سعد "1/ 8" في طبقاته، وأحمد "2/
213"، وانظر: السلسلة الصحيحة "530" للألباني.
2 الجرح والتعديل "8/ 223"، والتهذيب "10/ 261".
(13/218)
وعنه: إِسْحَاق بْن راهَوَيْه، وإسحاق
الكَوْسج، وبُنْدار، وعلي بن المديني، ومحمد بن عبد الله المخرمي.
قَالَ ابن المَدِينيّ: ما رَأَيْت قُرَشيًا أفضل منه، ولا أشدّ
تَوَاضُعًا. أخبرني بعض جيرانه: كَانَ يصلّي طول اللَّيْلِ، -رَضِيَ
اللهُ عنه.
قلت: مات سنة مائتين.
أرخه البخاري، واستشهد به في "الصحيج".
وقال يعقوب بن شيبة: كان ثقة ثبتا.
317- المفضّل بْن صالح الكوفيّ1.
أبو جميلة الدّلال النّخّاس.
عَنْ: زياد بْن عِلاقة، وابن المنكدر، وعمرو بْن دينار، وجماعة.
وعنه: محمد بْن عُمَر بْن الوليد الكِنْديّ، ومحمد بْن إسماعيل
الأحمسيّ، وأحمد بْن بُديل، ومحمد بْن عُبَيْد المُحَاربيّ، وآخرون.
وعُمَّر دهرًا.
قَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يروي المقلوبات عَنِ الثَّقات حتى يتّهمه
القلبُ.
وقال التَّرْمِذيّ: لَيْسَ بذاك الحافظ.
318- منصور بْن عَبْد الحميد بْن راشد2.
أبو رياح.
عَنْ: أنس بْن مالك، وابن عمر، وأبي أمامة.
وعن: طاووس اليَمَانيّ، وعدّة.
حدَّث بمَرْو عَنْهُمْ قُبَيْلَ المائتين.
__________
1 الجرح والتعديل "8/ 316، 317"، والتهذيب "10/ 271، 272".
2 انظر: الجرح والتعديل "8/ 175".
(13/219)
وعنه: مُعَاذ بْن أسد، وسلمة بْن سليمان
المَرْوَزِيّان، ويحيى بْن خالد البلْخيّ، وعبد الله بْن مُثَنَّى
الحلميّ، وغيرهم.
لَيْسَ بثقة. وهّاه ابن حِبّان.
وقال ابن عساكر في سُباعيّاته: ذكر هبة الله بن فاخر السحزي هذا، وأنّ
الرواية لا تحلّ عَنْهُ.
319- منصور بْن عمّار بْن كثير.
أبو السَّريّ السُّلَميّ الخُراساني1.
ويُقال إنّه بصْريّ.
كَانَ زاهدًا، واعظًا، كبير الشأن.
روى عَنْ: اللَّيْثُ، وابن لهيعة، والمنكدر بن محمد، ومعروف الخياط،
والهقل بن زياد، وبشير بن طلحة، وآخرين.
وعنه: ابناه سليم، وداود، وزهير بن عباد الرؤاسي، ومحمد بن جعفر
الأحول، وأحمد بن منيع، وعلي بن خشرم، ومنصور بن الحارث، وعبد الرحمن
بن يونس الرقي، وغيرهم.
وكان إليه المنتهى في بلاغة الموعظة وتحريك القلوب إلى الله.
أقام ببغداد مدة، ووعظ بها وبالشام ومصر. وسار ذكره وبعد صيته.
قال أبو حاتم: صاحب مواعظ لَيْسَ بالقويّ.
وقال ابن عَدِيّ: مُنْكَر الحديث.
وقال الدّارَقُطْنيّ: لَهُ أحاديث لا يُتَابع عليها.
قَالَ ابن يونس: قصّ بمصر عَلَى النّاس، وسمعه اللَّيْثُ فأعجبه ووصله
بألف دينار.
وقد حدّث عَنْهُ أيضًا: يحيى بْن بُكَيْر، وسعيد بْن عُفَير.
ما قصّ عَلَى الناس أحدٌ مثله.
__________
1 الحلية "9/ 325"، والسير "9/ 93-98".
(13/220)
أبو شُعيب الحرّانيّ: نا عليّ بْن خشرم:
قَالَ منصور بْن عمّار: لما قدِمتُ مصر كانوا في قَحْط، فلمّا صلّوا
الجمعة ضجّوا بالبكاء والدعاء. فحضرتني نيةٌ، فصرت إلى الصح وقلت: يا
قوم تقرَّبوا إلى الله بالصَّدَقة، فما تُقرَّب إليه بأفضل منها. ثمّ
رميت بكِسائي وَقُلْتُ: الّلهمّ هذا كسائيِ وهو جَهْدي. فتصدّقوا حتى
جعلت المرأة تُلقي خُرْصَها، حتى فاض الكِساء مِن أطرافه، ثمّ هطلت
السماء ومُطِرنا. فخرج الناس في الطّين والمطر، فَدُفِعَت، يعني
الصدقات، إلى الليث وابن لهيعة، فنظرا إلى كثرة المال فقال أحدهما
لصاحبه: لا يُحَرَّك. ووكّلوا بِهِ الثَّقات حتى أصبحوا. فرحتُ أَنَا
إلى الإسكندريّة، فبينا أَنَا أطوف عَلَى حصنها إلى رجلٌ يرمقني، فقلت:
ما لك؟ قَالَ: أنت المتكلّم يوم الجمعة؟ قلت: نعم! قَالَ: إنّك صرت
فتنة. قَالُوا: ذاك الخَضِر دعا، فاستُجيب لَهُ.
قلت: بل أَنَا العبد الخاطئ. فقدِمتُ مصر، فلقيت اللَّيْثُ فلمّا نظر
إلى قَالَ: أنت المتكلّم يوم الجمعة؟ قلت: نعم!.
فأقطعني خمسة عشر فَدَّانًا، وصرت إلى ابن لهيعة فأقطعني خمسة فدادين1.
عليّ بْن خَشْرم: نا منصور ح وأبو داود، عَنْ قُتَيْبة، عَنْ منصور
قَالَ: قدِمت مصر وبها قحط، فتكلّمتُ، فبذلوا صدقات كثيرة. فأُتيّ بي
إلى اللَّيْثُ فقال: ما حملك على أن تكلّمت ببلدنا بغير أمرنا.
قلتُ: أصلحك الله، أعرضُ عليك، فإن كَانَ مكروهًا نهيتني.
قَالَ: تكلّم. فتكلَّمت، فقال: قم، لا يحلّ أن أسمع هذا وحدي.
قَالَ: وأخرج إليّ بعد هذا حلية قيمتها ثلاثمائة دينار.
ثمّ لمّا خرج النّاس ناولني كيسًا فيه ألف دينار، وقال: لا تُعْلِم
بِهِ ابني فتهون عَليْهِ2.
وقال أبو حاتم: نا سُلَيْم بْن منصور، نا أَبِي قَالَ: أعطاني
اللَّيْثُ ألف دينار.
قَالَ عليّ بْن خَشْرَم: سمعت منصورًا يَقُولُ: المتكلّمون ثلاثة:
الحَسَن البصْريّ، وعمر بْن عَبْد العزيز، وعون بْن عَبْد الله. قلت:
فأنت الرابع.
__________
1 تاريخ بغداد "13/ 72، 73".
2 السابق "13/ 73، 74".
(13/221)
وقيل: إنّ الرشيد لمّا سَمِعَ وعظه قَالَ:
مِن أَيْنَ تعلّمت هذا؟ قَالَ: تَفَلَ في فيَّ النَّبِيَّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النَّوْمِ وقال: "يا منصور قُلْ"1.
السَّرَّاج: نا أحمد بن موسى الأنصاري قَالَ: قَالَ منصور بْن عمّار:
حججتُ فَبِتّ بالكوفة، فخرجت في الظَّلْماء فإذا بصارخٍ يَقُولُ: إلهي
وعزّتك ما أردتُ بمعصيتي مخالفتك، ولقد عصيتك وما أَنَا بنَكالِك جاهل،
ولكنْ خطيئة عرضت أعانني عليها شقائي، وغرّني سَتْرُك، والآن مِن
ينقذني؟ فتلوت هذه الآية {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا
وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم: 6] فسمعت دكدكةً، فلمّا
كَانَ مِن الغد مررتُ هناك، فإذا بجنازةٍ، وإذا عجوز تَقُولُ: مرّ
البارحة رجلٌ فَتَلا آية، فتفطّرت مرارته، فوقع مَيْتًا2.
قَالَ أبو بَكْر، وعثمان ابنا أبي شَيبة: كنا عند ابن عُيَيْنَة فجاء
منصور بْن عمار فسأله عَنِ القرآن، فزبره وأشار بالعكاز إليه. وانتهره.
فقيل: يا أبا محمد إنّه عابد.
قَالَ: ما أرى إلا شيطانًا.
قَالَ منصور: دخلت عَلَى سُفْيان بْن عُيَيْنَة، فحدَّثني ووعظته،
فلمّا أثارت الأحزان دموعه رفع رأسه وردها في عينيه، فقلت: هلا أسبلتها
إسبالا، وتركتها تجري سجالا.
قَالَ: إنّ الدمعة إذا بقيت كَانَ أبقى للحزن في الجوف.
قَالَ سُلَيْم بْن منصور: كتب بِشْر المريْسي إلى أَبِي: أخبرني عَنِ
القرآن. فكتب إليه: عافانا الله وإيّاك، وجعلنا مِن أهل السُّنَّةِ،
فإن يفعل فأعظم بها منّه، وإلا فهي الهلكة. نَحْنُ نرى أنّ الكلام في
القرآن بدعة تشارك فيها السّائل والمجيب. تعاطى السائل ما ليس له،
وتكلف المجيب ما لَيْسَ عَليْهِ. وما أعرفُ خالقًا إلا الله، وما دونه
مخلوق، والقرآن كلام الله. فانْتَهِ بنفسك وبالمختلفين فيه معك إلى
أسمائه الّتي سمّاه الله بها، ولا تُسَمَّ القرآن باسمٍ مِن عندك،
فتكون مِن الضّالّين3.
رواها أبو الحسن الميمونيّ، وغيره، عَنْ سُلَيْم.
__________
1 السابق.
2 الحلية "1/ 328، 329".
3 الحلية "9/ 326".
(13/222)
أبو عليّ الكوكبيّ: نا حريز بْن أحمد بْن
أَبِي داود: حدَّثني سلمويه بْن عاصم قَالَ: كتب بِشْر إلى منصور بْن
عمار يسأله عَنْ قوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5]
كَيْفَ اسْتَوَى؟.
فكتب إليه: استواؤه غير محدود، والجواب فيه تكلف، مساءلتك عَنْهُ بدعة،
والإيمان بجملة ذَلِكَ واجب.
عَنْ عَبْدَك العابد قَالَ: قِيلَ لمنصور بْن عمّار: تتكلّم بهذا
الكلام، ونرى منك أشياء؟ قَالَ: احسبوني دُرّة وجدتموها عَلَى كناسة.
وعن بِشْر الحافي أنّه كتب إلى منصور بْن عمّار أنِ اكتب إليَّ بما
منَّ الله علينا.
فكتب إليه: يا أخي، قد أصبحنا في نعمٍ لا نُحصيها في كثرة ما نعصي. فلا
أدري كيف أشكره بجميل ما نَشَرَ، أو قبيح ما سَتَر.
قلت: ساق ابن عَدِيّ لمنصور تسعة أحاديث منكرة.
وَرُوِيَ أنّه رُئي بعد موته فَقِيلَ: ما فعل اللَّه بك؟.
قَالَ: غُفِر لي وقال: يا منصور قد غفرتُ لك عَلَى تخليطك، إلا أنّك
تحوش1 الناس إلى ذكري2.
وقيل هذا لأبي العتاهية:
إنّ يومَ الحسابِ يومٌ عسيرٌ ... لَيْسَ للظّالمين فيه مجير
فاتّخذ عدّةً لمطلع القبـ ... ـر وَهَوْلِ الصَّراط يا منصور3
320- منصور بن وردان الأسدي الكوفي4.
عَنْ: أبان بْن تَغْلِب، وعليّ بْن عَبْد الأعلى الثعلبي.
__________
1 تحوش: تجمع.
2 الحلية "9/ 325، 326".
3 تاريخ بغداد "13/ 76".
4 الجرح والتعديل "8/ 180"، والتهذيب "10/ 316".
(13/223)
وعنه: أحمد بْن حنبل، وعليّ بْن محمد
الطّنافسيّ، وابن نُمَير، والحسن بْن محمد الزَّعْفرانيّ.
وثقه أحمد.
وله سَمِيّ في طبقة منصور بْن المعتمر.
وقال بعض الحُفَّاظ: إنّ صاحب الترجمة لا يُحْتَجّ بِهِ، بل هُوَ
صُوَيْلح.
321- مؤرَّجُ بْن عَمْرو السَّدُوسيّ البصْريّ النَّحْويّ1.
أبو فَيْد، أحد أئمّة العربية واللُّغة.
أخذ عَنْ: أَبِي عَمْرو بْن العلاء، وشُعْبَة، والخليل بْن أحمد.
وسكن نَيْسابور وبثّ بها علومه، وأخذ عَنْهُ أهلُها، وصنّف غريب
القرآن.
أخذ عَنْ: أحمد بْن خَالِد الذُّهْليّ، وخليل بْن أسد، وغيرهما.
وكان يَقُولُ: اسمي وكنيتي غريبان. تَقُولُ العرب: أرّتّ بين القوم،
إذا حَرّشت بينهم.
والفَيْد وَرْدُ الزَّعْفران، وفاد الرجل فَيْدًا: مات.
تُوُفّي أبو فَيْد سنة خمسٍ وتسعين ومائة.
322- موسى بْن إبراهيم بْن كثير الأنصاريّ الحزامي المدني2 -ت. ق.
عَنْ: طلحة بن خِراش، ويحيى بْن عَبْد الله بْن أبي قَتَادة.
وعنه: إبراهيم بْن المنذر الحَزاميّ، وعَبده بْن عَبْد اللَّه
الصَّفّار، وعلي بْن المَدِينيّ، ودُحَيْم، ويحيى بْن حبيب بْن عربيّ.
صدوق، مُقِلّ.
323- موسى بن طارق -ن.
أبو قرة الزبيدي3، قاضي زبيد وعالمها.
__________
1 الجرح والتعديل "8/ 443"، والسير "9/ 309، 310".
2 تاريخ بغداد "3/ 258".
3 التهذيب "10/ 349، 350"، والسير "9/ 346".
(13/224)
روى عَنْ: عُبَيْد الله بْن عُمَير، وموسى
بْن عُقْبة، وابن جُرَيج، وأيمن بن نابل، وأخذ القراءة عن: نافع بن أبي
نعيم.
وصنّف السُّنَن.
روى عَنْهُ: أحمد، وإسحاق، وصامت بْن مُعَاذ، وأبو جُمّة محمد بْن يوسف
الزُّبَيْديّ.
قَالَ أبو حاتم: محلُّه الصَّدْق.
324- موسى بْن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيّ
بْن أَبِي طَالِب.
أبو الحَسَن الهاشميّ العلويّ المدنيّ1.
أخو محمد وإبراهيم اللّذين حاربا المنصور.
روى عن: أبيه.
وعنه: عَبْد العزيز الدَّرَاوَرْديّ مَعَ تقدُّمه، ومروان بْن محمد
الطَّاطَريّ، وإبراهيم بْن عَبْد الله الهَرَويّ، وَسَلَمَةُ بْن
بِشْر، وولده عَبْد الله بْن موسى.
اختفى مدّةً بالبصْرة بعد قتل أخَوَيه، ثمّ أُخِذَ فَحُمِلَ إلى
المنصور، فضربه سبعين سَوْطًا، ثمّ عفا عَنْهُ.
قَالَ أبو بَكْر الخطيب: روى شيئًا كثيرًا عَنْ أبيه.
وقال يحيى بْن مَعِين: قد رَأَيْته وهو ثقة.
وقال الْبُخَارِيّ: فيه نظر.
وقيل: إنّه امتنع مِن التحديث، وله شِعْر حسنٌ سائر.
325- موسى بْن يحيى بْن خَالِد بْن بَرْمَك2.
مِن كبار أمراء الدّولة، ولاه الرشيد إمرة الشام في أيام فتنة أَبِي
الهيذام، فقدِم وأصلح بين القيسية واليمانية.
__________
1 انظر: الجرح والتعديل "8/ 150"، والميزان "4/ 211".
2 وفيات الأعيان "6/ 220-222".
(13/225)
وكان شابًا شجاعًا كافيًا ذا دَهاء ورأي.
عزم المأمون أن يولّيه ثغر السَّند لشجاعته.
حكى عَنْهُ: ابنه هارون، والأصمعيّ، وعليّ بْن المَدِينيّ.
ولا أعلم مَتَى تُوُفّي.
326- مؤمّل بْن عبد الرَّحْمَن بْن العبّاس البصْريّ1.
أبو العبّاس.
حدَّث بمصر عَنْ: حُمَيْد الطّويل، وعَوْن، وابن عَجْلان، وأبي
أُمَيَّة بْن يَعْلَى.
وعنه: أبو يحيي الوتّار، وعبد الغني بْن عبد العزيز العسّال، وعمرو بْن
سَوّار، ومحمد بْن عَبْد الله بْن ميمون، وآخرون.
عِداده في الضًّعفاء.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ضَعِيفٌ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عامّة حديثه غير محفوظ.
327- مَيْسَرةُ بنُ عَبْد ربّه التُّسْتَرِيّ2.
عَنْ: سُفْيان الثَّوْريّ، وموسى بْن عُبَيْدة، وابن جُرَيج.
وعنه: يحيى بْن يزيد الخوّاص، وعمر بْن مطر السَّكسكيّ.
قَالَ الْبُخَارِيّ: يُرمى بالكِذب.
وقال النَّسَائيّ: متروك الحديث قلت: هُوَ واضع كتاب العقل، وقد تقدّم
ذِكره أيضًا.
"حرف النون":
328- نَصْر بْن باب.
أبو سهل الخراساني3.
__________
1 انظر: الجرح والتعديل "8/ 374، 375"، والتهذيب "10/ 382".
2 الجرح والتعديل "8/ 254"، والميزان "4/ 230-232".
3 الجرح والتعديل "8/ 469"، والميزان "4/ 250".
(13/226)
سَمِعَ: أبا إِسْحَاق السَّبِيعيّ،
وإسماعيل بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ.
وعنه: عليّ بْن المَدِينيّ، وأحْمَد بْن حنبل، ومحمد بْن رافع، ومحمد
بْن يزيد السُّلَميّ، وعليّ بْن سَلَمَةَ، وأهل نَيْسابور.
وثّقه أحمد.
وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ.
وَقَالَ ابْنُ حِبّان: لا يُحْتَجّ بِهِ.
وقال الْبُخَارِيّ: يرمونه بالكذب.
وقال غير واحد: متروك.
329- النضر بن كثير -د. ن.
أبو سهل البصري العابد1.
عَنْ: عَبْد الله بْن طاوس، وداود بْن أَبِي هند، ويحيى بْن سَعِيد،
وجماعة.
وعنه: أحمد بْن حنبل، وعُقبة بْن مُكْرَم، وأحمد بْن إبراهيم
الدَّوْرقيّ، وعمر بْن شَبَّه.
وقال الفلاس: كَانَ يُعَدّ مِن الأبدال.
وقال أحْمَد: ضعيف الحديث.
وقال الْبُخَارِيّ: عنده مناكير.
"حرف الهاء":
330- هارون بْن أَبِي عيسى2 -ن.
روى السّيرة النَّبويَّة عَنِ ابن إسحاق.
قَالَ الْبُخَارِيّ: يخطئ عَنْ غير ابن إسحاق.
قلت: حدَّث عَنْهُ ابنه عَبْد الله، وَمُعَلَّى بْن أسد.
__________
1 انظر: الجرح والتعديل "8/ 478"، التهذيب "10/ 443".
2 الجرح والتعديل "9/ 93"، الميزان "4/ 285".
(13/227)
331- هارون الرشيد1.
أمير المؤمنين أبو جعفر بْن محمد المهديّ بن المنصور أَبِي جعفر عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عبد الله بْن عباس العبّاسيّ
البغداديّ.
استُخْلِف بعهدٍ مِن أبيه سنة سبعين ومائة عند موت أخيه الهادي.
حدَّث عَنْ: أَبِيهِ، وجدّه المنصور، ومبارك بن فضالة.
روى عنه: ابنه المأمون، وغيره.
وكان من أميز الخلفاء، وأجل ملوك الدنيا.
وكان كثير الغزو والحج كما قيل فيه:
فمن يطلب لقاك أو يرده ... فبالحرمين أو أقصى الثغور
مولده بالري حين كان أبوه أميرا عليها وعلى خراسان، في سنة ثمانٍ
وأربعين ومائة. وأمه أُمّ ولد اسمها الخَيْزُران.
وكان أبيض طويلا جميلا مليحًا، مُسمَّنًا، فصيحًا، لَهُ نظر في العِلْم
والآداب، وقد وَخَطَه الشَّيْب.
أغزاه والده أرضَ الروم وهو ابن خمس عشرة سنة.
وبلغني أنّه كَانَ يصلّي في خلافته في اليوم مائة ركعة إلى أن مات.
ويتصدّق كلَّ يوم مِن صُلْب ماله بألف درهم، فالله أعلم.
وكان يحبّ العِلْم وأهله، ويُعظَّم حُرُمات الإسلام، ويبغض المِراء في
الدّين، والكلام في معارضة النَّصّ.
وكان يبكي عَلَى نفسه وعلى إسرافه وذنوبه، سيّما إذا وُعِظ.
وكان يحبّ المديح ويُجيز عَليْهِ الأموال الجزيلة الجليلة.
وله: شعرٌ يروق.
دخل عَليْهِ مرّةً ابن السّمّاك الواعظ، فبالَغَ في احترامه، فقال لَهُ
ابن السّمّاك: تواضُعك في شرفك أشرفُ مِن شَرَفك. ثمّ وعظه فأبكاه.
__________
1 الحلية "8/ 105-108"، السير "9/ 286-295".
(13/228)
وقد وعظه الفُضَيْل بْن عياض حتى جعل يشهق
بالبكاء. وكان هُوَ أتى بنفسه إلى بيت الفُضَيْل.
ومن محاسنه أنّه لمّا بلغه موتُ ابن المبارك جلس للعزاء، وأمر الأعيان
أن يُعَزُّوه في ابن المبارك.
قَالَ نِفْطَوَيْه في تاريخه: حكى بعض أصحاب الرّشيد أنّ الرشيد كَانَ
يصلّي في اليوم مائة ركعة، لم يتركها إلا لِعلّة. وكان يقتفي آثار جدّه
أَبِي جعفر، إلا في الحرْص وَالْبُخْلِ.
قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ: مَا ذَكَرْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ يَدَيِ الرَّشِيدِ إِلا قَالَ:
صَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِي. وَحَدَّثْتُهُ بِحَدِيثِهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَدِدْتُ أَنِّي أُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ
اللَّهِ فَأُقْتَلُ ثُمَّ أَحْيَى ثُمَّ أُقْتَلُ، فَبَكَى حَتَّى
انْتَحَبَ1.
وعن خُرَّزاذ القائد قَالَ: كنت عند الرشيد، فدخل أبو معاوية الضّرير،
وعنده رَجُل مِن وجوه قريش، فذكر أبو معاوية حديث: "احتجّ آدمُ وموسى"
2، فقال الْقُرَشِيّ: فأين لِقيه؟ فغضب الرشيد وقال: النَّطْع والسيّف،
زنديق يطعن في حديث النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فما
زال أبو معاوية يُسَكَّنه ويقول: يا أمير المؤمنين كانت منه بادرة،
حتّى سكن3.
وعن أَبِي معاوية قَالَ: أكلت مَعَ الرشيد يومًا، ثمّ صَبَّ عَلَى يديّ
رجلٌ لا أعرفه. ثمّ قَالَ الرشيد: تدري مِن يصبّ عليك؟ قلت: لا!.
قَالَ: أَنَا، إجلالا للعِلم.
وقال منصور بْن عمّار: ما رَأَيْت أغزر دمعًا عَنِ الذّكِر مِن ثلاثة:
الفُضَيْل بْن عِياض، والرشيد، وآخر.
وقال عُبَيْد الله القَواريريّ: لمّا لقي الرشيد فضيلا قَالَ لَهُ: يا
حَسَن الوجه، أنت المسؤول عن هذه الأمة.
__________
1 "حديث صحيح": متفق عليه.
2 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "8/ 157"، ومسلم "2652"، وأبو داود
"4701"، وأحمد "2/ 268، 269".
3 تاريخ بغداد "14/ 7، 8".
(13/229)
ثنا ليث، عَنْ مجاهد: {وَتَقَطَّعَتْ
بِهِمُ الْأَسْبَابُ} [البقرة: 199] قَالَ: الْوُصَلُ التي كانت بينهم
في الدنيا. فجعل هارون يبكي ويشهق.
قَالَ الأصمعيّ: قَالَ لي الرشيد: يا أصمعيّ، ما أغفلك عنّا، وأجفاك
لنا؟
قلت: والله يا أمير المؤمنين، ما ألاقَتْني بلادٌ بعدك حتّى أتيتك.
فسكتَ، فلمّا تفرّق الناسُ قَالَ: اجلس، فلم يبق سوى الغِلمان، ما
ألاقتني؟.
فقال الأصمعيّ:
كفاك كفّ ما تُليق بدرهم ... جودًا وأخرى تُعْطِ بالسّيف الدّما
فقال: أحسنتَ، وهكذا فكنْ، وقَّرْنا في المَلأ، وعَلَّمْنا في الخلاء.
وأمر لي، بخمسة آلاف دينار. رواها أبو حاتم عَنْهُ.
قَالَ الثعالبيّ في كتاب لطائف المعارف: قَالَ الصُّوليّ: خَلَف الرشيد
مائة ألف ألف دينار.
قَالَ الثعالبيّ: وحكى غيره أنّ الرشيد خَلَف مِن الأثاث والعَين
والوَرِق والجواهر والدّوابّ ما قيمته مائة ألف ألف دينار وخمسة وعشرون
ألف دينار.
وفي مروج المسعوديّ قَالَ: رام الرشيد أن يوصل ما بين بحر الروم وبحر
القُلْزُم ممّا يلي الفَرَما، فقال لَهُ يحيى بْن خَالِد البرمكيّ:
كَانَ يختطف الرومُ الناسَ مِن المسجد الحرام وتدخل مراكبهم إلى
الحجاز، فتركه.
وَرُوِيَ عَنْ إسحاق المَوْصِليّ أنّ الرشيد أجازه مرّة بمائتي ألف
درهم.
وعن العبّاس بْن الأحنف أنّ الرشيد قَالَ في خطية لَهُ مِن أشعاره:
أَمَا يَكْفِيكِ أَنَّكِ تَمْلِكِينِي ... وَأَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ
عَبِيدِي
وَأَنَّكِ لَوْ قَطَعْتِ يَدِي وَرِجْلِي ... لَقُلْتُ مِن الهوى أحسنت
زِيدي1
قَالَ عَبْد الرّزّاق بْن همّام: كنتُ مَعَ الفُضَيْل بمكّة، فمرّ
هارون، فقال فُضَيْل: النّاسُ يكرهون هذا، وما في الأرض أعزّ عليّ منه،
لو مات لرأيت أمورًا عظامًا.
قَالَ الجاحظ: اجتمع للرشيد ما لم يجتمع لغيره: وزراؤه البرامكة،
وقاضيه أبو
__________
1 تاريخ بغداد "14/ 12".
(13/230)
يوسف، وشاعره مروان بْن أَبِي حفصة، ونديمه
العبّاس بْن محمد عمّ أَبِيهِ، وحاجبه الفضل بْن الربيع أَتْيَه الناسِ
وأعظمهم، ومغّنيه إبراهيم المَوْصِليّ، وزوجته زُبَيدة1.
ويُروَى أنّ الرشيد أعطى سُفْيان بْن عُيَيْنَة مرّة مائة ألف. وأخبارُ
الرشيد يطول شرحها. ومحاسنها جَمَّة، وله أخبار في الّلهْو واللَّذّات
المحظورة والغناء، والله يسامحه.
قَالَ أبو محمد بْن حزم: أُراه كَانَ لا يشرب النّبيذ المختلف فيه إلا
الخمر المتَّفق عَلَى تحريمها، ثمّ جاهر بها جهارًا قبيحًا.
قلت: تُوُفّي في الغزو بمدينة طُوس مِن خُراسان في ثالث شهر جُمَادَى
الآخرة سنة ثلاثٍ وتسعين ومائة، وصلّي عَليْهِ ابنه صالح، ودُفِن بطوس،
رحمه الله.
عاش خمسًا وأربعين سنة.
332- هاشم بْن أَبِي بَكْر بْن عَبْد الرَّحْمَن الْقُرَشِيّ
التَّيْميّ البكْريّ2.
أبو بَكْر المدنيّ الفقيه.
وُلّي قضاء مصر، فقدِمَها بعد انفصال العُمريّ عَنْهَا.
ولاه الأمين في سنة أربع وتسعين ومائة.
وكان قد تفقَّه بالكوفة عَلَى مذهب أَبِي حنيفة، وكان يتناول النّبيذ
ولم تطل ولايته.
ومات في المحرَّم سنة ستٍ وتسعين ومائة.
333- هاشم بْن القاسم التَّيْميّ الكوفيّ3.
روى عَنِ: الأعمش.
وعنه: حُمَيْد بْن الربيع، والعباس بن يزيد البحراني.
__________
1 السابق "14/ 11".
2 الولاة والقضاة "417" للكندي.
3 لم نقف عليه.
(13/231)
334- هُذَيْلُ بْن ميمون الْجُعْفيّ
الكوفيّ1.
عَنْ: يحيى بْن أبي أنيسه، ومطرح الشّاميّ.
وعنه: محمد بْن الصّبّاح الجرجرائيّ، وأحمد بْن حنبل.
335- هشام بْن سليمان بْن عِكرمة بْن خَالِد المخزوميّ الْمَكَّيّ -م.
ق.
عَنْ: هشام بْن عُرْوة، وابن جُرَيج، ويونس بْن يزيد الأَيْليّ.
وعنه: إبراهيم بْن المنذر، وسعيد بْن عَبْد الرَّحْمَن المخزومي،
وسُوَيد بْن سَعِيد، ومحمد العَدَنيّ.
صَدْوق فيه أدنى شيء، وله أثر في البيوع مِن الْبُخَارِيّ.
336- هشام بْن عَبْد الله بْن عِكْرمة بْن خالد المخزوميّ الْمَكَّيّ1.
ابن عم الَّذِي قبله من نبلاء الشرفاء.
صحب هشام بن عُرْوَة، وَكَانَ من خاصته، فأكثر عَنْهُ، إلا أَنَّهُ لم
يحدث.
وَكَانَ جليل القدر يحتسب، ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر. ذكر هَذَا
ابن سَعْد، ثُمَّ قَالَ: دخل على الرشيد، فدعا لَهُ، -وكلمه بكلامٍ
أعجبه، ووعظه، فولاه قضاء المدينة، وأجازه بأربعة آلاف دينار.
وَكَانَ سخيا، وصولا لرحمه.
قُلْتُ: كنيته أَبُو الوليد. وقد غمزه ابن حبان لأجل الحديث الذي
أخبرناه أحمد بن محمد الْحَافِظُ، وَجَمَاعَةٌ قَالُوا: أَنَا أَبُو
الْمُنَجَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ. ح، وَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ
الْمُؤَيَّدِ، أَنَا زَكَرِيَّا الْعُلِيُّ قَالا: أَنَا أَبُو
الْوَقْتِ، أَنَا يُبْنَى الْهَرْثَمِيَّةُ، أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ، ثَنَا الْبَغَوِيُّ، نا مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ إِمْلاءً سَنَةَ ثمانٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ: حَدَّثَنِي
هِشَامُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ الْمَخْزُومِيِّ، عَنْ
هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ
__________
1 الجرح والتعديل "8/ 113".
2 الطبقات الكبرى "5/ 442"، والميزان "4/ 300".
(13/232)
عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "الْتَمِسُوا الرِّزْقَ فِي
خَبَايَا الأَرْضِ"1. هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، تَفَرَّدَ بِهِ مُصْعَبٌ،
عَنْ هِشَامٍ.
قَالَ عَبْد الملك بن حبيب الفقيه: قَالَ لي مُطَرِّف بن عَبْد الله:
أتى هشام بن عَبْد الله وَهُوَ قاضي المدينة، ومن صالح قضاتها برجلٍ
خبيثٍ معروف باتباع الصبيان، قد لصق بصبي في زحمةٍ حَتَّى أفضى. فجلده
أربعمائة سوط وسجنه، فما لبث أن مات.
337- هشام بن يوسف الصنعاني الفقيه2 -خ. 4.
أبو عبد الرحمن قاضي صنعاء وعالمها.
روى عَنْ: ابن جُرَيج، ومَعْمَر، والثَّوْريّ، والقاسم بْن فياض،
وجماعة.
وعنه: ابن المَدِينيّ، وإبراهيم بْن موسى الفرّاء، وإسحاق بْن
راهَوَيْه، وابن مَعِين، وعبد الله بْن محمد المُسنْديّ، وجماعة.
قَالَ ابن مَعِين: هُوَ أثبت من عبد الرزاق في ابن جُرَيج.
وقال أبو حاتم: ثقة متقنّ.
وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ
بعض أصحابنا قَالَ مرةً: قَالَ يحيى بْن مَعِين: كتب لي عَبْد الرّزّاق
إلى هشام قَالَ: إنّك تأتي رجلا إنّ كَانَ غيّره السلطان، فإنّه لم
يغيّر حديثه.
وقال يحيى: مكثنا عَلَى باب هشام بْن يوسف خمسين يومًا، لا يحدّثنا
بحديث، نذهب معه إلى باب الأمير.
وقال أحمد: سَمِعْتُ عَبْد الرّزّاق قَالَ: أتاه، يعني يحيى، فأجزره
شاةً، وفعل به وفعل.
قال أحمد: هشام ألأم مِن أن يُذْبَح لَهُ.
قلت: توفي سنة سبعٍ وتسعين ومائة.
__________
1 "حديث منكر": أخرجه ابن حبان "3/ 91"، في المجروحين، وانظر: كشف
الخفاء "1/ 202، 361".
2 انظر: الجرح والتعديل "7/ 70، 71"، والسير "9/ 580-582".
(13/233)
قَالَ إبراهيم بْن موسى الفرّاء: سَمِعْتُ
هشام بْن يوسف يَقُولُ: قدِم الثَّوْريّ اليمنَ، فقال: اطلبوا لي
كاتبًا سريع الخطّ. فارتادوني، فكنت أكتب.
قَالَ أبو زُرْعة: هشام أصحّ اليَمانيّين كتابًا.
وقال عبد الرّزّاق: إنْ حدّثكم القاضي فلا عليكم أن لا تكتبوا عَنْ
غيره.
338- الهيثم بْن مروان العَنْسيّ1.
أبو الحَكَم الدّمشقيّ.
عَنْ: يونس بْن مَيْسَرة.
وعنه: هشام بْن عمّار، ومحمود بْن خَالِد، وأبو همام السكوني، وجماعة.
وعمر دهرًا، لم أرد لأحدٍ فيه كلامًا.
محلُّه الصَّدْق.
مات سنة تسعٍ وتسعين ومائة.
"حرف الواو":
339- والبة بْن الحُباب.
أبو أسامة الكوفيّ2.
شاعر مشهور، مُحِسن النَّعْت للغزل والخمر عَلَى منهاج الشُّعَراء.
وكان بينه وبين أَبِي العَتَاهية مُهَاجاة. وكان أبو نُواس يُثْني
عَلَى شِعْره.
ولما مات والبة رثاه أبو نُواس.
340- وَرْش المقرئ3.
عثمان بْن سَعِيد بْن عَبْد الله بْن عَمْرو بْن سليمان.
__________
1 انظر: التهذيب "11/ 99".
2 وفيان الأعيان "2/ 95، 96".
3 الجرح والتعديل "6/ 153"، والسير "9/ 295-299".
(13/234)
وقيل: عثمان بْن سَعِيد بْن عَدِيّ بْن
غَزْوان بْن داود بْن سابق القبطيّ الْمَصْرِيّ المقرئ.
إمام القراء أبو سعيد، ويقال: أو عمرو، ويقال: أبو القاسم.
أصله مِن القَيْروان، وعِدادُه في مَوَالِي آل الزُّبَيْر بْن العوّام.
ويقال لَهُ الرّآس.
وشيخه نافع هُوَ الَّذِي لقّبه بِورْش لشدّة بياضه.
والوَرْش: شيء يُصنع مِن اللَّبن.
وقيل: بل لقبه وَرْشان، باسم طائر معروف. فكان يُعجبه هذا الَّلقب
ويقول: أستاذي نافع سمّاني بِهِ. ويفتخر بذلك.
وكان في حداثته رأسًا في ما قِيلَ، ثمّ اشتغل وبرع في التلاوة، وانتهت
إليه رئاسة الإقراء بالدّيار المصرية.
وكان بصيرًا بالعربية. وكان أبيض أشقر أزرق، سمينًا مربوعًا، يلبس
ثيابًا، قصارًا.
مولده سنة عشر ومائة، وكذا أرّخه الأهوازي. وكانت قراءته عَلَى نافع في
سنة خمسٍ وخمسين ومائة.
قَالَ أبو عَمْرو الدّانيّ: تلا عَلَى نافع ختْمات كثيرة، ثمّ رجع إلى
مصر.
قلتُ: قرأ عَليْهِ: أبو يعقوب الأزرق، وأحمد بْن صالح، وداود بْن أَبِي
طيْبة، وأبو الأزهر عبد الصمد بْن عَبْد الرَّحْمَن العتَقيّ، ويونس
بْن عَبْد الأعلى، وطائفة سواهم.
وقد وقع لي إسناد القرآن العظيم مِن طريقه في غاية العُلُوّ: تلوتُ
كتابَ الله عَلَى سُحْنُون الفقيه، عَنْ قراءته عَلَى ابن
الصَّفْراويّ، عَنِ ابن عطية، عَنِ ابن الفحّام، عَنِ ابن نفيس، عَنْ
أَبِي عَدِيّ، عَنْ أَبِي بَكْر بْن سيف، عَنِ الأزرق، عَنْ وَرْش،
عَنْ نافع، عَنْ خمسةٍ مِن أصحاب أُبيّ بْن كعب، وزيد، عَنِ النَّبِيّ
-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقد استوفيت أخبار وَرْش في "طبقات القرّاء".
وهو ثَبْت حُجّة في القراءة.
مات بمصر في سنة وتسعين ومائة؛ ولا أعلمه روى حديثًا.
(13/235)
341- وكيع بن الجراح بن مليح1 -ع.
الإمام أبو سفيان الرؤاسي الأعور الكوفي.
أحد الأعلام. ورُؤاس بطنٌ مِن قيس عَيْلان.
ولد سنة تسعِ وعشرين ومائة، وأصله مِن خُراسان.
سَمِعَ مِن: الأعمش، وهشام بْن عُرْوة، وإسماعيل بْن أَبِي خَالِد،
وابن عَوْن، وابن جُرَيج، وداود بْن يزيد الأوْديّ، وأسود بْن شيبان،
ويونس بن أبي إسحاق، وهشام بْن الغاز، والأوزاعي، وشُعْبَة،
والثَّوْريّ، وإسرائيل، وجعفر بن برقان، وحنظلة بْن أَبِي سُفيان،
وزكريا بْن أَبِي زائدة، وطلحة بْن عَمْرو الْمَكَّيّ، وطلحة بْن يحيى
التَّيْميّ، وفضيل بْن غزوان، وموسى بْن عليّ، وهشام الدَّسْتُوائيّ،
وأبي جِناب الكلبيّ، وخلْق.
وعنه: ابن المبارك وهو أكبر منه، وعبد الرَّحْمَن بْن مهديّ، ويحيى بْن
آدم، والحُمَيْديّ، ومُسددَّ، وأحمد بْن حنبل، وإسحاق، وابن
المَدِينيّ، وابن مَعِين، وأبو خَيْثَمَة، وابنا أَبِي شَيبة، وأبو
كُرَيْب، وعبد الله بْن هاشم الطّوسيّ، وإبراهيم بْن عَبْد الله
القصّار، وأُمَم سواهم.
وكان رأسًا في العِلْم والعمل.
وكان أَبُوهُ الجرّاح بن مليح بن عدي بن فرس بن جُمجمة ناظرًا عَلَى
بيت المال بالكوفة.
وقد أراد الرشيد أن يُوليّ وكيعًا القضاءَ فامتنع.
قال يحيى بن يمان: لما مات الثوري، جلس وكيع موضعه.
قال القعنبي: كنا عند حماد بن زيد، فلما خرج وكيع قَالُوا: هذا راوية
سُفْيان.
فقال حمّاد: إنّ شئتم قلت: أرجح مِن سُفْيان.
وعن يحيى بْن أيّوب المَقَابِريّ قَالَ: ورث وكيع مِن أمّه مائة ألف
درهم.
وقال الفضل بْن محمد الشّعرانيّ: سَمِعْتُ يحيى بْن أكثم يَقُولُ:
صحِبْت وكيعًا في الحَضَر والسَّفَر، وكان يصوم الدَّهر، ويختم القرآن
كل ليلة.
__________
1 انظر: الجرح والتعديل "90/ 37-39"، والسير "9/ 140-168".
(13/236)
قَالَ يحيى بْن مَعِين: وكيع في زمانه
كالأوزاعي في زمانه.
وقال أحمد بْن حنبل: ما رَأَيْت أوعى للعِلم ولا أحفظ مِن وكيع.
وقال أحمد بْن سهل بْن بحر النَّيْسابوريّ الحافظ: دخلت عَلَى أحمد بْن
حنبل بعد المحنة، فسمعته يَقُولُ: كَانَ وكيع إمام المسلمين في وقته.
وروى نوح بْن حبيب، عَنْ عَبْد الرّزّاق قال: رأيت الثوري ومَعْمَرا
ومالكًا، فما رأت عيناي مثل وكيع قط.
وقال ابن معين: ما رأيت أفضل من وكيع. كان يحفظ حديثه، ويقوم الليل،
ويسرد الصوم، ويفتي بقول أبي حنيفة.
وكان يحيى القطان يفتي بقول أبي حنيفة أيضًا.
وقال قتيبة: سَمِعْتُ جريرًا يَقُولُ: جاءني ابن المبارك.
فقلت: مِن رَجُل الكوفة اليوم؟ فسكت عنّي ثمّ قَالَ: رَجُل المصْرَين
ابن الجرّاح، يعني وكيعًا.
قَالَ سَلْم بْن جُنادة: جالستُ وكيعًا سبْعٍ سنين، فما رَأَيْته
بَزَق، ولا مسّ حَصاةً، ولا جلس مجلسًا فتحرّك. ولا رَأَيْته إلا
استقبل القِبلة، وما رَأَيْته يحلف بالله.
وقد روى غير واحدٍ أنّ وكيعًا كَانَ يترخّص في شُرب النَّبيذ.
قَالَ إسحاق بْن بُهْلُولٍ الحافظ: قِدم علينا وكيع، يعني الأنبارَ،
فنزل في المسجد عَلَى الفُرات.
فصِرت إِليْهِ لأسمع منه. فطلب منّي نبيذًا، فجئته بِهِ، فأقبل يشرب
وأنا أقرأ عَليْهِ. فلمّا نفذ أطفأ السراج، فقلت: ما هذا؟.
قال: لو زدتنا لزدناك!.
وقال أبو سَعِيد الأشجّ: كنّا عند وكيع، فجاءه رَجُل يدعوه، إلى عُرْسٍ
فقال: أثَمَّ نبيذ؟ قَالَ: لا! قَالَ: لا نحضُر عرسًا لَيْسَ فيه نبيذ.
قَالَ: فإنيّ آتيكم بِهِ. فقام.
قَالَ ابن مَعِين: سال رَجُل وكيعًا أنّه شربَ نبيذًا، فرأى في النّوم
كأن رجلا يقول
(13/237)
له: إنّك شربت خمرًا. فقال وكيع: ذاك
الشيطان1.
وقال نُعَيْم بْن حمّاد: سمعتُ وكيعًا يَقُولُ: هُوَ عندي أحلّ مِن ماء
الفُرات.
ويُروى عَنْ وكيع أنّ رجلا أغلظ لَهُ، فدخل بيتًا فعقر وجهه ثمّ خرج
إلى الرجل وقال: زد وكيعًا بذنْبه. فلولاه ما سُلَّطت عَليْهِ.
وقال إبراهيم بْن شِمَاس: لو تمنّيت كنت أتمني عقل ابن المبارك وورعه،
وزُهد فُضَيْل ورِقَّته، وعِبادة وكيع وحِفظه، وخشوع عيسى بْن يونس،
وصبر حُسين الْجُعْفيّ.
وقال نصر بْن المغيرة البخاريّ: سَمِعْتُ إبراهيم بْن شِماس يَقُولُ:
رَأَيْت أفقه الناس وكيعًا، وأحفظ الناس ابن المبارك، وأورع الناس
فُضَيْل بْن عِياض.
وقال مروان بن محمد الطّاطَريّ: ما رأيتُ فيمن رَأَيْت أخشع مِن وكيع.
وما وُصفَ لي أحدٌ قطّ إلا رَأَيْته دون الصّفة، إلا وكيعًا، فإنّي
رَأَيْته فوق ما وُصِفَ لي.
قَالَ سَعِيد بْن منصور: قِدم وكيع مكّة، وكان سمينًا، فقال له الفضيل
بن عياض: ما هذال السُّمْن وأنت راهبُ العراق؟.
قَالَ: هذا مِن فرحي بالإسلام! فأفحمه.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ: ما كان بالكوفة
في زمان وكيع أفقه ولا أعلم بالحديث منه.
وقال أبو داود: ما رُؤي لوكيع كتاب قط، ولا لهُشَيم، ولا لحمّاد، ولا
لمَعْمَر.
قَالَ أحمد بْن حنبل: ما رأت عيني مثل وكيع قطّ. يحفظ الحديث، ويذاكر
بالفقه، فيحسن مع ورع واجتهاد. ولا يتكلّم في أحد.
قَالَ حمّاد بْن مَسْعَدة: قد رَأَيْت سُفْيان الثَّوْريّ، فما كَانَ
مثل وكيع.
وقال أحمد أيضًا: ما رَأَيْت أوعى للعلم مِن وكيع. كَانَ حافظًا.
وقال ابن أَبِي خَيْثَمَة، وغيره: سمعنا يحيى بْن مَعِين يَقُولُ: مِن
فضّلَ عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ على وكيع فعليه، وذكر اللعنة2.
__________
1 تاريخ بغداد "13/ 472".
2 تاريخ بغداد "13/ 478".
(13/238)
قلت: ما أدري ما عُذر يحيى في هذا اللعن.
وقال أبو حاتم: وكيع أحفظ مِن ابن المبارك.
وقال أحمد بْن حنبل: عليكم بمُصَنَّفات وكيع.
وقال عليّ بْن المَدِينيّ: كان وكيع يلحن، ولو حَدّثت عَنْهُ بألفاظه
لكان عجبًا.
كَانَ يَقُولُ: عَنْ عَيْثة.
وروى أبو هشام الرفاعيّ، وغيره، عَنْ وكيع قَالَ: مَن زعم أنّ القرآن
مخلوق فقد كفر.
قَالَ وكيع: الجهر بالبسملة بِدْعة. سمعها أبو سَعِيد الأشجّ منه.
قَالَ أحمد بْن زُهير: نا محمد بْن يزيد: حدَّثني حُسين أخو زيدان
قَالَ: كنتُ مَعَ وكيع، فأقبلنا جميعًا مِن المصَّيصة أو طَرَسُوس
فأتينا الشامَ. فما أتينا بلدًا، إلا استقبلنا واليها، وشهدْنا الجمعة
بدمشق. فلمّا سلّم الإمام أطافوا بوكيع، فما انصرف إلى أهله. فحدّثت
بِهِ مليحًا ولدهُ فقال: رأيتُ في جسده آثارًا خضراء مما زُحِم.
قَالَ الفضل بْن عَنْبَسة: ما رَأَيْت مثل وكيع مِن ثلاثين سنة.
محمود بْن غَيْلان: سمعتُ وكيعًا يَقُولُ: اختلفتُ إلى الأعمش سنتين.
قَالَ ابن راهَوَيْه: حِفْظي وحِفْظ ابن المبارك تكلُّف. وحفظ وكيع
أصلي. قام وكيع واستند وحدث بسبعمائة حديث حفظًا.
وقال محمود بْن آدم: تذاكر بِشْر بْن السَّريّ ووكيع ليلة وأنا أراهما
مِن العشاء، إلى أن نُودي بالصبُّح. فقلت لبِشْر: كيف رَأَيْته؟.
قَالَ: ما رأيت أحفظ منه.
وكذا قَالَ سهل بْن عثمان: ما رأيت أحفظ مِن وكيع.
وقال عَبْد الله بْن أحمد: سمعتُ أَبِي يَقُولُ: وكيع مطبوع الحفظ، كان
حافظًا حافظًا، كَانَ أحفظ مِن عَبْد الرَّحْمَن بكثير.
وقال ابن نُمَير: كانوا إذا رأوا وكيعًا سكتوا. يعني في الحِفظ
والإجلال.
(13/239)
وقال أبو حاتم: سُئِل أحمد عَنْ وكيع،
ويحيى، وابن مهديّ فقال: كَانَ وكيع أسردهم.
قَالَ أبو زُرعة الرّازيّ: سَمِعْتُ أبا جعفر الجمّال يَقُولُ: أتينا
وكيعًا، فخرج بعد ساعة وعليه ثياب مغسولة، فلمّا بصُرنا بِهِ فزعنا مِن
النّور الَّذِي رأينا يتلألأ مِن وجهه. فقال رجل بجنبي: أهذا مَلَك؟
فتعجّبنا مِن ذَلِكَ النّور.
قَالَ أحمد بْن سِنان القطّان: رأيتُ وكيعًا إذا قام في الصلاة لَيْسَ
يتحرّك منه شيء، لا يزول ولا يميل عَلَى رِجلٍ دون الأخرى.
وقال أحمد بْن أَبِي الحواريّ: سمعتُ وكيعًا يَقُولُ: ما نعيش إلا في
سُترة، ولو كُشِف الغطاء لكُشِف عَنْ أمرٍ عظيم.
وسَمِعْتُهُ يَقُولُ: الصَّدْق النِّيّة.
قَالَ صالح بْن أحمد: قلت لأبي: أيهُّما أصلح، وكيع أو يزيد؟.
فقال: ما منهما والحمد لله إلا كلّ، ولكنّ وكيع لم يختلط بالسلطان.
قَالَ الفلاس: ما سَمِعْتُ وكيعًا ذاكرًا أحدًا بسوءٍ قط.
وقال ابن عمّار: أحْرَمَ وكيع مِن بيت المقدس.
وقال ابن سعْد: كَانَ وكيع ثقة مأمونًا رفيعًا كثير الحديث حُجّة.
وقال محمد بْن خَلَف التَّيْميّ: أَنَا وكيع قَالَ: أتيتُ الأعمش فقلت:
حدَّثني.
قَالَ: ما اسمك؟.
قلت: وكيع!.
قَالَ: اسمٌ نبيل، وما أحسب إلا سيكون لك نبأ. أَيْنَ تنزل مِن
الكوفة؟.
قلت: في بني رؤاس!.
قال: ابن من منزل الجراح؟.
قلت: هو أبي. وكان عَلَى بيت المال.
قَالَ: اذهب فجئني بعطائي، وتعال حتى أحدثك بخمسة أحاديث.
(13/240)
فجئت أب فقال: خذ نصف العطاء واذهب. فإذا
حدّثك بالخمسة فخذ النصف الآخر، حتّى تكون عشرة. فأتيته بذلك، فأملي
عليّ حديثين، فقلت: وعدتني خمسة. قَالَ: فأين الدراهم كلّها؟ أحسب أن
أباك درّبك بهذا ولم يدرِ أنّ الأعمش مدرَّب قد شهد الوقائع.
قَالَ: فكنت إذا جئته بالعطاء في كلّ شهر حدَّثني بخمسة.
قَالَ قاسم الحَرَميّ: كَانَ سُفْيان يتعجبّ مِن حفظ وكيع ويقول: تعال
يا رُؤاسي، ويتبسَّم1.
قَالَ ابن عمّار: سمعتُ وكيعًا يَقُولُ: ما نظرت في كتابٍ منذ خمس عشرة
سنة، إلا في صحيفة يومًا.
فقلت لَهُ: عَدّوا عليك بالبصرة أربعة أحاديث غلطت فيها.
قَالَ: وحدثتهم بعبادان بنحو من ألف وخمسمائة حديث. أربعة ما هِيَ
كثيرة في ذَلِكَ.
قَالَ ابن مَعِين: سمعتُ وكيعًا يَقُولُ: ما كتبتُ عَنِ الثَّوْريّ:
حَدَّثَنَا قطّ. إنّما كنت أحفظ، فإذا رجعتُ كتبتها.
قَالَ يحيى بْن يَمَان: نظر سُفيان في عينيّ وكيع فقال: لا يموت هذا
حتى يكون لَهُ شأن. فمات سُفْيان وجلس وكيع مكانه.
قَالَ سليمان الشاذكونيّ: قَالَ لنا أبو نُعَيْم: ما دام هَذَا
التَّنَّين حيًا ما يُفلح أحدٌ معه. يعني وكيعًا.
وقال يحيى بْن أيّوب العابد: حدَّثني صاحب لوكيع أنّ وكيعًا كَانَ لا
ينام حتّى يقرأ ثُلُث القرآن، ثمّ يقوم في آخر اللَّيْلِ فيقرأ
المفصَّل، يجلس فيأخذ في الاستغفار حتى يطلع الفجر.
قَالَ إبراهيم بْن وكيع: كَانَ أَبِي يصلّي اللَّيْلَ، فلا يبقي في
دارنا أحدٌ إلا صلّي، حتى جارية لنا سوداء.
ابن مَعِين: سمعتُ وكيعًا يقول: أي يوم لنا من الموت.
__________
1 تاريخ بغداد "13/ 475".
(13/241)
وأخذ وكيعًا في قراءة كتاب الزُّهْد، فلمّا
بلغ حديثًا منه قام فلم يحدّث، وكذا فعل مِن الغد. وهو حديث: "كن في
الدنيا كأنّك غريب" 1.
الدّارَقُطْنيّ: نا القاضي أبو الحَسَن محمد بْن علي بْن أمّ شيبان،
عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عَبْد الرَّحْمَن بْن سُفيان، عَنْ وكيع،
عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ أَبِي يجلس لأصحاب الحديث مِن بكرة إلى
ارتفاع النهار، ثمّ ينصرف فيقبل، ثمّ يصلّي الظهر، ويقصد طريق المشرعة
التي يصعد منها أصحاب الزوايا، فيريحون نواضحهم، فيعلّمهم مِن القرآن
ما يؤدّون بِهِ الْفَرْضَ إلى حدود العصر، ثمّ يرجع إلى مسجده، فيصلّي
العصر، ثمّ يجلس يتلو ويذكر الله إلى آخر النهار. ثمّ يدخل منزله
فيُفْطر عَلَى نحو عشرة أرطال نبيذ، فيشرب منها، ثمّ يصلّي وِرده،
كلّما صلّي ركعتين شرب منها حتّى ينفذها ثمّ ينام2.
قَالَ نُعَيْم بْن حمّاد: تعشَّينا عند وكيع، فقال: أيّ شيء تريدون
أجيئكم بنبيذ الشيوخ أو نبيذ الفتيان؟ فقلت: تتكلّم بهذا؟!.
قَالَ: هُوَ عندي أحلّ مِن ماء الفُرات.
قلت: ماء الفرات لم يُختلف فيه، وقد اختُلف في هذا.
وقال الفسَويّ: قد سُئل أحمد إذا اختلف وكيع وعبد الرَّحْمَن فقال:
عَبْد الرَّحْمَن يوافق أكثر خاصّة في سُفْيان. وعبد الرَّحْمَن كَانَ
يسلّم عَليْهِ السَّلَف ويجتنب المسكِر، ولا يرى أن يزرع في أرض
الفرات.
وقال عَبَّاس: قلت لابن مَعِين: إذا اختلف وكيع وأبو معاوية في حديث
الأعمش، قالَ: يوقف حتى يجيء مِن يتابع أحدهما.
ثمّ قَالَ: كانت الرحلة إلى وكيع في زمانه.
قَالَ ابن مَعِين: لقيت عند مروان بْن معاوية لوحًا فيه: فلان رافضيّ،
وفلان كذا، ووكيع رافضيّ، فقلت لمروان: وكيع خيرٌ منك. فبلغ وكيعًا
ذَلِكَ، فقال: يحيى صاحبنا. وكان بعد ذَلِكَ يعرف لي ويُرَحَّب.
__________
1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "8/ 110"، والترمذي "2333"، وابن ماجه
"4114"، والطبراني "1/ 30" في الصغير.
2 تاريخ بغداد "13/ 471".
(13/242)
قَالَ أحمد بن سنان: كَانَ وكيع يكونون في
مجلسه كأنّهم في صلاة. فإن أنكر مِن أحدٍ شيئًا قام.
وكان عَبْد الله بْن نُمَير يغضب ويصيح، وإذا رَأَى مِن يبري قلمًا
تغيّر وجهه غضبًا.
قَالَ تميم بْن محمد الطّوسيّ: سَمِعْتُ أحمد يَقُولُ: عليكم
بمُصَنَفَّات وكيع.
وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيهِ قال: أخطأ وكيع في
خمسمائة حديث.
قَالَ أبو هشام الرفاعيّ: سمعتُ وكيعًا يَقُولُ: مَن زعم أنّ القرآن
مخلوق فقد زعم أنّه مُحدَث، ومن زعم أنّ القرآن مُحدَث فقد كفر.
فيقول: احتجّ بعض المبتدعة بقول الله تعالى: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ
ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ} [الأنبياء: 2] مُحْدَث، وبقوله تعالى: {لَعَلَّ
اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: 1] ، وهذا قَالَ فيه
علماء السلف معنا، وأنّه أحدث إنزاله إلينا، وكذا في الحديث الصحيح:
"إنّ الله يُحدِث مِن أمره ما شاء" 1. وإنّ ممّا أحدث أن لا تكلّموا في
الصلاة.
فالقرآن العظيم كلام الله ووحيه وتنزيله، وهو غير مخلوق.
قَالَ أحمد بْن الحواري: ذكرت لابن مَعِين وكيعًا، فقال: وكيع عندنا
ثَبْت.
وقال عَبْد الرَّحْمَن بْن الحَكَم بْن بشير: وكيع، عَنْ سُفْيان غاية
الإسناد، لَيْسَ بعده شيء. ما أعدل بوكيع أحدًا.
فقيل لَهُ: أبو معاوية، فنفَر مِن ذَلِكَ.
نوح بْن حبيب: نا وكيع، ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ قَالَ: حضرت
موت سُفْيان، فكان عامّة كلامه: ما أشدّ الموت.
قَالَ نوح: فأتيتُ ابن مهديّ وقلتُ: حَدَّثَنَا وكيع عنك، وحَكيت لَهُ
الكلام، وكان متَّكئًا فقعد وقال: أَنَا حدّثت أبا سُفْيان؟ جزى الله
أبا سُفْيان خيرًا، ومن مثل أَبِي سُفْيان، وما يقال لمثل أبي سفيان.
__________
1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "9/ 187"، أبو داود "924"، والنسائي "3/
19"، والطيالسي "485"، وأحمد "1/ 463".
(13/243)
عليّ بْن خَشْرم: نا وكيع، عَنْ إسماعيل
بْن أَبِي خَالِد، عَنْ عَبْد الله البهيّ، أنّ أبا بَكْر الصديق جَاءَ
إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعد وفاته،
فأكبّ عَليْهِ فقبّله وقال: بأبي أنت وأميّ، ما أطيب حياتك ومماتك1.
ثمّ قَالَ البهيّ: وكان النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
تُرِك يومًا وليلة حتى ربَا بطنُه، وأنثنت خِنْصراه.
قَالَ ابن خشرم: فلمّا حدّث وكيع بهذا بمكة اجتمعت قريش وأرادوا
صَلْبه، ونصبوا خشبة ليصلبوه، فجاء ابن عُيَيْنَة، فقال لهم: الله، هذا
فقيه أهل العراق وابن فقيهه، وهذا حديث معروف.
قَالَ: ولم أكن سمعته، إلا أنّي أردت تخليص وكيع.
قَالَ ابن خشرم: سمعته مِن وكيع بعدما أرادوا صلبه. فتعجّبت مِن
جسارته.
وأُخْبِرتُ أنّ وكيعًا احتجّ فقال: إنّ عِدّةً مِن الصحابة منهم عُمَر
قَالُوا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
لم يمت، فأحبّ الله أن يُريهم آية الموت.
رواها أحمد بْن محمد بْن عليّ بْن رَزِين الباشانيّ، عَنْ عليّ بْن
خشرم.
ورواها قُتَيْبة، عَنْ وكيع.
وَهَذِهِ هفوة مِن وكيع، كادت تَذهب فيها نفسه. فما لَهُ ولرواية هذا
الخبر المنكرَ المنقطع؛ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُحَدِّثَ
بِكُلِّ مَا سَمِعَ"2.
ولولا أنّ الحافظ ابن عساكر وغيره ساقوا القصّة في تواريخهم لتركتها
وَلَمَا ذكرتها، ولكنْ فيها عِبرة.
قَالَ الفَسويّ في تاريخه: وفي هذه السَّنَةِ حدَّث وكيع بمكة عَنْ
إسماعيل، عَنِ البهيّ، وذكر الحديث.
قَالَ: فرُفِع إلى العثماني فحبَسه، وعزم عَلَى قتله، ونُصِبت خشبته
خارج الحرم. وبلغ وكيعًا وهو محبوس.
قَالَ الحارث بْن صِدّيق: فدخلت عَليْهِ لمّا بلغني، وقد سَبقَ إليه
الخبر.
__________
1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "1341"، "1342"، والنسائي "4/ 11"، وأحمد
"6/ 220".
2 "حديث صحيح": وأخرجه مسلم "المقدمة/ 5"، وابن أبي شيبة "8/ 408"،
وأبو داود "4992".
(13/244)
قَالَ: وكان بينه وبين سُفْيان بْن
عُيَيْنَة يومئذ تَبَاعد فقال: ما أرانا إلا قد اضطُّررنا إلى هذا
الرجل واحتجْنا إليه، يعني سُفْيان.
فقلت: دعْ هذا عنك، فإنْ لم يُدرك قُتِلْتَ.
فأرسل إليه وفزع إليه. فدخل سُفْيان عَلَى العثمانيّ فكلّمه فيه.
والعثماني يأبى عَليْهِ، فقال لَهُ سُفْيان: إنّي لك ناصحُ. إنّ هذا
رجل مِن أهل العِلْم، وله عشيرة، وولده بباب أمير المؤمنين، فَتُشخَص
لمناظرتهم.
قَالَ: فعمل فيه كلام سُفْيان، وأمر بإطلاقه. فرجِعتُ إلى وكيع
فأخبرته. وأُخرِجَ، فركب حمارًا، وحملناه ومتاعه، فسافر.
فدخلت عَلَى العثمانيّ مِن الغد وقلت: الحمد لله الَّذِي لم تُبْلَ
بهذا الرجل، وسلَّمك الله.
قَالَ: يا حارث ما ندمت على شيء ندامتي على تخيلته. خطر ببالي هذه
الليلة حديث جَابِر بْن عبد الله قَالَ: حوّلت أَبِي والشهداء بعد
أربعين سنة فوجدناهم رِطابًا يُثبتون، لم يتغيّر منهم شيء1.
قَالَ الفسويّ: فسمعت سَعِيد بْن منصور يَقُولُ: كنّا بالمدينة، فكتب
أهل مكّة، إلى أهل المدينة بالذي كَانَ مِن وكيع، وقالوا: إذا قِدم
عليكم فلا تتّكلوا عَلَى الوالي، وارجموه حتى تقتلوه.
قَالَ: ففرضوا عليَّ ذَلِكَ، وبلَغنا الَّذِي هُمْ عَليْهِ. فبعثنا
بريدًا إلى وكيع أن لا يأتي المدينة، ويمضي عَنْ طريق الرَّبَذَة، وكان
قد جاور مفرق الطريقين. فلمّا أتاه البريد ردَّ ومضى إلى الكوفة.
وقد ساق ابن عدي هذه الواقعة في ترجمة عَبْد المجيد بن أَبِي روّاد،
ونقل أَنَّهُ هُوَ الَّذِي أفتى بقتل وكيع.
وقال: أَخْبَرَنَا محمد بْن عيسى المَرْوَزِيّ فيما كتب إليّ، ثنا أبو
عيسى محمد، نا العبّاس بنُ مُصْعَب، نا قُتَيْبة، نا وكيع، نا ابن
أَبِي خَالِد، فساق الحديث.
ثمّ قَالَ قُتَيْبة: حدَّث وكيع بهذا سنة حجّ الرشيد، فقدموه إليه،
فدعا الرشيد
__________
1 المعرفة "1/ 175، 176" للفسوي.
(13/245)
سُفْيان بْن عُيَيْنَة وعَبْد المجيد.
فأمّا عَبْد المجيد فإنّه قَالَ: يجب أن يُقْتَلَ، فإنّه لم يروِ هذا
إلا مِن في قلبه غشٌّ للنَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقال سُفْيان: لا قتْلَ عَليْهِ، رجلٌ سَمِعَ حديثًا فرواه. المدينة
شديدة الحرّ. تُوُفّي النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
فَتُرِك ليلتين لأنّ القوم كانوا في إصلاح أمر الأمّة. واختلفت قريش
والأنصار، فمن ذَلِكَ تغيَّر.
قَالَ قُتَيْبة: فكان وكيع إذا ذَكَر فعل عَبْد المجيد قَالَ: ذاك
جاهلٌ سمعَ حديثًا لم يَعرف وجهه، فتكلَّم بما تكلّم.
عَنْ مليح، عَنْ وكيع قَالَ: لما نزل بأبي الموت أخرج يديه وقال: يا
بُنيّ ترى يديى ما ضربتُ بها شيئًا قطّ.
قَالَ مليح: فحدَّثني داود بْن يحيى بْن يَمَان قَالَ: رَأَيْتُ
رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النَّوم،
فَقُلْتُ: يَا رسول الله مِن الأبدال؟.
قَالَ: الذين لا يضربون بأيديهم شيئًا، وإنّ وكيعًا منهم قلتُ: بل مَن
ضربَ بيديه في سبيل الله فهو أفضل1.
قال عليّ بْن عَثّام: مرض وكيع فدخلنا عَليْهِ، فقال: إنّ سُفْيان
أتاني فبشّرني بجواره، فأنا مبادرٌ إِليْهِ.
غُنْجار في تاريخه: نا أحمد بْن سهل: سمعتُ قيس بْن أنيف: سَمِعَت يحيى
بْن جعفر: سَمِعْتُ عَبْد الرّزّاق يَقُولُ: يا أهل خُرَاسان، إنّه
نُعِيَ لي إمام خُرَاسان، يعني وكيعًا.
قَالَ: فاهتممنا لذلك. ثمّ قَالَ: بُعْدًا لكم يا معشر الكلاب، إذا
سمعتم مِن أحدٍ شيئًا اشتهيتم موته.
قُلْتُ: ومن جسارة وكيع كونه حج بعد تيك المحنة.
قال أبو هشام الرفاعيّ: مات وكيع سنة سبْعٍ وتسعين ومائة يوم عاشوراء
وَدُفِنَ بفَيْد، يعني راجعًا مِن الحجّ.
وقال أحمد: حجّ وكيع سنة ستٌّ وتسعين ومائة، ومات بفيد.
__________
1 الحلية "8/ 371".
(13/246)
342- الوليد بْن عُقْبة بْن المغيرة
الشَّيْبانيّ الطّحّان الكوفيّ1 -د.
أخو محمد.
روى عَنْ: حنظلة بْن أَبِي سُفْيان، وحمزة الزّيّات، وزائدة.
وعنه: أحمد، وإسحاق، وعليّ بْن محمد الطنافسيّ، ومحمد بْن رافع،
وجماعة.
قَالَ أبو حاتم: صَدُوق.
وقَالَ أبو داود: لَيْسَ بِهِ بأس.
343- الوليد بْن كثير المُزَنّي المدنيّ2 -ن.
نزيل الكوفة.
روى عَنْ: ربيعة الرأي، وعُبَيْد الله بْن عُمَر، والضّحّاك بْن عثمان.
وعنه: أبو سَعِيد الأشجّ، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن عمّار، ويوسف بْن
عَدِيّ، وأخوه زكريّا.
قَالَ أبو حاتم. يكتب حديثه.
344- الوليد بن مسلم3 -ع.
الإمام أبو العبّاس الأُموي، مولاهم الدّمشقيّ، أحد الأعلام.
قرأ القرآن عَلَى يحيى الذَّماريَّ، وحدَّث عَنْهُ، وعن: ثور بْن يزيد،
وابن جُرَيج، وابن عَجْلان، وَالْمُثَنَّى بْن الصّبّاح، ويزيد بْن أبي
مريم، وصَفْوان بْن عَمْرو، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلاءِ بْنِ
زَبْرٍ، وَالأَوْزَاعِيُّ، والثَّوْريّ، ومالك، والليث، وعبد
الرَّحْمَن بْن يزيد بْن جَابِر، وأبي بَكْر بْن مريم، وعُفَير بْن
مَعْدان، ومروان بْن جَناح، وعثمان بْن أَبِي العاتكة، وخلْق.
وعنه: اللَّيْثُ بْن سعْد شيخه، وبقيّة، وابن وهب، وأحمد بن حنبل،
ودحيم،
__________
1 انظر: الجرح والتعديل "9/ 12"، والتهذيب "11/ 144".
2 الجرح والتعديل "9/ 14"، التهذيب "11/ 147".
3 الجرح والتعديل "9/ 16، 17"، والسير "9/ 211، 220".
(13/247)
وأبو خَيْثَمَة، وعليّ بْن محمد
الطّنافسيّ، وإسحاق بْن موسى الخطْميّ، وموسى بْن عامر المُرّيّ، ومحمد
بْن مُصَفَّى، ومحمود بْن غَيْلان، وعَمرو بْن عثمان، وخلْق كثير.
وصنّف التصانيف.
قَالَ محمد بْن سعْد: كَانَ الوليد ثقة كثير الحديث والعلم. حجّ سنة
أربعٍ وتسعين ومائة، ثمّ رجع فمات بالطريق.
وقال دُحَيْم: مولده سنة تسع عشرة ومائة.
قَالَ ابن عساكر: قرأ عَليْهِ: هشام بْن عمّار، والربيع بْن ثعلب.
وقال الفسويّ: سَأَلت هشام بْن عمّار عَنِ الوليد، فأقبل يصف عِلمَه
وورعه وتواضُعه. وقال: كَانَ أَبُوهُ مِن رقيق الإمارة، وتفرّقوا عَلَى
أنهم أحرار.
وكان للوليد أخ جلِف متكبّر يركب الخيل، ويركب معه غلمان كثير
ويتصَيَّد. وقد حُمَّلَ الوليد دِيةً فأدى ذَلِكَ في بيت المال،
أَخْرَجَهُ عَنْ نفسه إذ اشتبه عَليْهِ أمرُ أَبِيهِ. قَالَ: فوقع بينه
وبين أخيه في ذَلِكَ شغب وجفاء وقطيعة. وقال: فضحتنا، ما كَانَ حاجَتُك
إلى ما فعلت؟.
وقال أبو التُّقَى الحمصيّ، ثنا سَعِيد بْن مَسْلَمة الْقُرَشِيّ
قَالَ: أَنَا أعتقتُ الوليد بْن مسلم، كَانَ عبدي.
وقال ابن سعْد، عَنْ رجلٍ إنّ الوليد كَانَ مِن الأخماس فصار لآل
مَسْلَمة بْن عَبْد المُلْك، فلمّا قِدم بنو هاشم في دولتهم قبضوا رقيق
الأخماس وغيره، فصار الوليد وأهل بيته لصالح بْن عليّ، فوهبهم لابنه
الفضل فأعتقهم.
ثمّ إنّ الوليد اشترى نفسه منهم، فأخبرني سَعِيد بْن مَسْلَمة قَالَ:
جاءني الوليد فأقرّ لي بالرّقّ، فأعتقته.
وكان للوليد أخ اسمه جَبَلَة، كَانَ لَهُ قَدْرٌ وجاه.
قَالَ أحمد: لَيْسَ أحد أروى لحديث الشاميّين مِن الوليد، وإسماعيل بْن
عيّاش.
إبراهيم بْن المنذر: قدِمتُ البصرة، فجاءني عليّ بْن المَدِينيّ فقال:
أول شيء أطلب، أخرجْ إليَّ حديث الوليد بْن مُسلم.
(13/248)
فقلت: يا ابنَ أُمّ، سُبحان الله، وأين
سماعي مِن سماعك؟ فجعلتُ أأبى ويُلِحّ، فقلتُ لَهُ: أخبرني عَنْ إلحاحك
ما هُوَ؟.
قَالَ: أُخْبِرك؛ الْوَلِيدُ رجلُ أهل الشام، وعنده علم كثير، ولم
أستمكن منه، وقد حدّثكم بالمدينة في المواسم، ورفع عندكم الفوائد، لأنّ
الحُجّاج يجتمعون بالمدينة مِن الآفاق، فيكون مَعَ هذا بعض فوائده، ومع
هذا شيء.
قَالَ: فأخرجت إِليْهِ، فتعجب مِن كتابه، كاد أن يكتبه عليّ.
...."؟ " سمعنا1 الْفَسَوِيَّ بْن إبراهيم: قَالَ أبو اليَمان: ما
رَأَيْتُ مثل الوليد بْن مُسْلِم.
وقيل لأبي زُرْعة: الوليد أفقه أم وكيع؟ فقال: الوليد بأمر المغازي،
ووكيع بحديث العراقيّين.
وقال أبو مُسْهِر: كَانَ الوليد مِن حُفّاظ أصحابنا.
وقال أبو حاتم: صالح الحديث.
وقال أبو محمد بْن عَدِيّ: الثَّقات مِن أهل الشام مثل الوليد بْن
مُسْلِم.
وقال ابن مؤمن: لم نزل فسمع أنّه مِن كتب مصنّفات الوليد صَلُح أن يلي
القضاء.
ومصنّفاته سبعون كتابًا.
قلت: الكتاب منها جزء صغير، وجزء كبير، ونحو ذَلِكَ.
الفَسَويّ: سمعتُ الحُمَيْديّ يَقُولُ: خرجتُ يوم القَدَر والوليد في
مسجد مِنى وعليه زِحام كثير.
وجئت في آخر الناس فوقفت بالبُعد، وعليّ بْن المَدِينيّ بجنْبه، فجعلوا
يسألونه ويحدّثهم ولا أفهم. فجمعتُ جماعةً مِن المكّيّين وقلت لهم:
جلّبوا وأفسِدوا عَلَى من بالقرب منه. فجعلوا يصيحون ويقولون: لا نسمع.
وجعل ابن المَدِينيّ يَقُولُ: اسكتوا نُسمعكم. فاعترضتُ وَصِحْتُ، ولم
أكن بعد
__________
1 هكذا بالأصل.
(13/249)
حَلَقْتُ، فنظر ابن المَدِينيّ إليّ ولم
يثبتني وقال: لو كَانَ فيك خير لم يكن شعرك على ما رأى.
قَالَ: فتفرّقوا ولم يحدّثهم بشيء.
قلت: وكان الوليد مَعَ حفظه وثقته قبيح التدليس. يحملُ عن أناس كذابين
وتلفى عَنِ ابن جُرَيج، وغيره، ثمّ يُسْقِط الَّذِي سمع منه ويقول:
عَنِ ابن جُرَيج. قَالَ أبو مُسْهِر: كَانَ الوليد يأخذ مِن ابن أَبِي
السَّفَر حديث الأوزاعيّ، وكان ابن أَبِي السفر كذّابًا، وهو يَقُولُ
فيها: قَالَ الأوزاعيّ.
قَالَ صالح جَزرة: سَمِعْتُ الهيثم بْن خارجة يَقُولُ: قلت للوليد: قد
أفسدتَ حديث الأوزاعيّ.
قَالَ: وكيف؟ قلت: تروي عَنِ الأوزاعي، عَنْ نافع، وعن الأوزاعيّ، عَنِ
الزُّهْرِيّ، وعنه، عَنْ يحيى. وغيرك يُدخل بين الأوزاعيّ، ونافع،
عَبْد الله بْن عامر الأسلميّ، وبينه وبين الزُّهْرِيّ مرّة وغيره. فما
يحملك عَلَى هذا؟.
قَالَ: أُنْبلُ الأوزاعيّ أن يروي عَنْ مثل هَؤلاءِ.
قلت: فإذا روى الأوزاعيّ عَنْ هَؤلاءِ الضُّعفاء مناكير، فأسقطتهم أنتَ
وصيّرتها مِن رواية الأوزاعيّ عَنِ الثَّقات ضعّفت الأوزاعيّ؛ فلم
يلتفت إلى قولي.
قَالَ أحمد بْن حنبل: ما رَأَيْت في الشّاميّين أعقل مِن الوليد.
وقال ابن المَدِينيّ: ما رَأَيْت في الشّاميّين مثل الوليد. وقد أغرب
أحاديث صحيحة لم يَشْرُكْه فيها أحد.
وقال صدقة بن الفضل المَرْوَزِيّ: ما رَأَيْت رجلا أحفظ للحديث الطويل
وأحاديث الملاحم من الوليد بن مسلم. وكان يحفظ الأبواب.
وقال أبو مُسْهِر: ربّما دَلّسَ الوليد عَنِ الكذّابين.
قلت: إذا قَالَ: حَدَّثَنَا، فهو ثقة. وصاحبا الصحيح ينقّبان حديثه إذا
أخرجا لَهُ.
قَالَ حَرْمَلَة بْن عبد العزيز الْجُهَنّي: نزل عليَّ الوليد بْن
مُسْلِم بِذِي المَرْوَة قافلا مِن الحجّ، فمات عندي بِذِي المَرْوَة.
(13/250)
قَالَ محمد بْن مُصَفَّى، وغيره: تُوُفّي
في المحرَّم سنة خمسٍ وتسعين ومائة، رحمه الله.
345- وَهْبُ بنُ عثمان المخزوميّ المدنيّ1.
عَنْ: أَبِي حازم الأعرج، وموسى بن عقبة.
وعنه: إبراهيم بْن حمزة، وإبراهيم بْن المنذر الحزاميّ، ويعقوب بْن
كاسب.
وهو صَدُوق مُقِل.
استشهد بِهِ الْبُخَارِيّ.
"حرف الياء":
346- يحيى بْن زكريّا بْن إبراهيم بْن سُوَيْد النَّخَعيّ2.
عَنْ: عَبْد المُلْك بْن أبي سليمان، والحسن بْن الحَكَم النَّخَعيّ.
وعنه: عثمان بْن أبي شَيبة، وموسى بْن عَبْد الرَّحْمَن المسروقيّ،
وَأَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِهِ بأس.
347- يحيى بن سعيد الأموي3 -ع.
هُوَ ابن سَعِيدُ بْنُ أَبَانِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بْنِ
سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ بْن عَبْد شمس. أبو أيّوب
الْقُرَشِيّ الأمويّ الكوفيّ الحافظ. وله عدة إخوة.
روى عَنْ: بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، ويحيى
بْن سَعِيد الأنصاريّ، وهشام بْن عُرْوة، والأعمش، وابن أَبِي خَالِد،
والثَّوْريّ، وخلْق.
وحمل المغازي عن ابن إسحاق.
حدَّث عَنْهُ: أحمد بْن حنبل، وشُرَيْح بْن يونس، وحُمَيْد بْن الربيع،
وابنه سَعِيد بْن يحيى، وجماعة كثيرة.
__________
1 انظر: الجرح والتعديل "9/ 28"، والتهذيب "11/ 165".
2 الجرح والتعديل "9/ 145"، والثقات لابن حبان "9/ 256".
3 الجرح والتعديل "9/ 151، 152"، والسير "9/ 139".
(13/251)
قَالَ أحمد بْن حنبل: عنده عَنِ الأعمش
غرائب، وليس بِهِ بأس.
وكذا قَالَ غير واحد: إنه لا بأس بِهِ.
وروى أحمد بْن أَبِي خَيْثَمَة، عَنِ ابن مَعِين: ثقة.
قلت: سكن بغداد، وكانوا يلقّبونه جَمَلايا.
مات سنة أربعٍ وتسعين ومائة وهو في عشر الثمانين.
ومات أخوه محمد بْن سَعِيد قبله بعام.
وأخوهما عُبَيْد بْن سَعِيد، يروي عَنْ: إسرائيل، وعدّة.
وأخوهم عَبْد الله بْن سَعِيد فَعَالِم باللُّغة والشّعْر.
وأخوهم الخامس عَنْبَسة بْن سَعِيد روى عَنْ: ابن المبارك، وطائفة، وهو
أصغرهم ولهم أخ سادس سَمِعَ: زهير بْن معاوية، ومفضّل بن صدقة.
ذكرهم الدارقطني.
348- يحيى القطان -ع.
هو يحيى بن سعيد بن فروخ، مولى بني تميم1.
الحافظ العِلْم أبو سَعِيد البصْريّ القطّان الأحول.
أحد الأئمّة الكبار. مولده في أول سنة عشرين ومائة.
روى عَنْ: سليمان التَّيْميّ، وهشام بْن عُرْوة، وعطاء بْن السائب،
وحُسين المعلّم، وخيثم بْن عِراك، وحُميد الطويل، ويحيى بْنُ سَعِيدٍ
الأَنْصَارِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، والأعمش، وعُبَيْد
الله بْن عُمَر، وسُفْيان، وشُعْبَة، وخلْق كثير.
وعنه: عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ، وعفّان، ومسدّد، وأحمد، وإسحاق،
وابن المَدِينيّ، ويحيى بْن مَعِين، وأبو حفص الفلاس، وبُنْدار، وإسحاق
الكَوْسج، ويعقوب الدَّوْرقيّ، ومحمد بْن شدّاد المُسْمِعيّ، وأمم
سواهم.
وكان يقول: لزمت شعبة عشرين سنة.
__________
1 انظر: الجرح والتعديل "9/ 150، 151"، والسير "9/ 175".
(13/252)
قَالَ ابن عمّار: روى عَبْد الرَّحْمَن بْن
مهديّ في تصانيفه ألفي حديث عَنْ يحيى القطّان، فحدّث بها عَنْهُ ويحيى
حيٌّ.
قَالَ أحمد بْن حنبل: ما رَأَيْت بعيني مثل يحيى بْن سعيد القطّان.
وقال ابن المَدِينيّ: ما رأيتُ أحدًا أعلم بالرجال مِن يحيى بْن
سَعِيد.
وقال بُنْدار: ثنا يحيى بْن سَعِيد إمام أهل زمانه.
وقال أحمد بْن الحَسَن التَّرْمِذيّ: سمعتُ أحمد، وَسُئِلَ عَنْ يحيى
بْن سَعِيد ووكيع فقال: ما رأيت بعيني مثل يحيى.
وقال ابن عمار: كنت إذا نظرت إلى يحيى القطان ظننت أنّه لا يُحسن شيئًا
بزيّ التّجّار، فإذا تكلّم أنصتَ لَهُ الفقهاء.
وقال أحْمَد بْن محمد بْن يحيى القطّان: لم يكن جدّي يمزح ولا يضحك إلا
تَبَسُّمًا، ولا دخل حمّامًا. وكان يَخْضِب.
وقال يحيى بْن مَعِين: أقام يحيى بْن سَعِيد عشرين سنةً يختم القرآن في
كلّ ليلة.
وعن عليّ بْن المَدِينيّ: كَانَ يحيى يختم كلّ ليلة.
وقال بُنْدار: اختلفتُ إليه عشرين سنةً، فما أظنّ أنّه عصى الله قطّ.
قَالَ عليّ بْن المَدِينيّ: كنّا عند يحيى بْن سَعِيد، فقرأ رَجُل
سَوْرَة الدُّخان، فَصُعِقَ يحيى وغُشيَ عَليْهِ.
قَالَ أحمد بْن حنبل: لو قدر أحدٌ أن يدفع هذا عن نفسه لدفعه يحيى،
يعني الصَّعق.
قَالَ أحمد بْن محمد بْن يحيى بْن سَعِيد القطّان: ما أعلم أنّ جدّي
قهقه قطّ، ولا دخل حمّامًا قطّ، ولا اكتحل ولا ادَّهنَ. وكان يخضبُ
خضابًا حَسَنًا.
وروى عَبَّاس، عَنْ يحيى بْن مَعِين قَالَ: كَانَ يحيى القطّان إذا
قُرئ عنده القرآن سقط حتى يصيب وجهه الأرض.
وقال: ما دخلتُ كنيفًا قطّ إلا ومعي امرَأَة، يعني مِن ضعف قلبه.
(13/253)
قَالَ ابن مَعِين: وجعل جارٌ لَهُ يشتمه
ويقع فيه ويقول: هذا الخوزيّ، ونحنُ في المسجد. قَالَ: فجعل يحيى يبكي
ويقول: صَدق، ومَن أَنَا وما أَنَا.
قَالَ ابن مَعِين: كَانَ يحيى يجيء معه بمسباح، فيدخل يده في ثيابه
فيُسبّح.
قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ: اختلفوا يومًا عند شُعْبَة فقالوا:
اجعل بيننا وبينك حكمًا.
قَالَ: قد رضيت بالأحول، يعني القطّان. فجاء فقضى عَلَى شُعْبَة.
فقال شُعْبَة: ومن يطيق نقدَك أصول.
وقال ابن سعْد: كَانَ ثقة مأمونًا رفيعًا حُجّة.
وقال النَّسَائيّ: أُمناء الله عَلَى حديث رسوله: شُعْبَة، ومالك،
ويحيى القطّان.
وقال محمد بْن بُنْدار الْجُرْجانيّ: قلت لابن المَدِينيّ: مَن أنفع
مِن رَأَيْت للإسلام وأهله؟.
قَالَ: يحيى بْن سَعِيد القطّان.
قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر رُسْتَة: سمعتُ عليّ بْن عَبْد الله
يَقُولُ: كُنَّا عند يحيى بْن سَعِيد، فلمّا خرج مِن المسجد خرجنا معه،
فلمّا صار بباب داره قام وقمنا معه، فانتهى إليه الروبيّ، فقال يحيى
لما رآه: ادخلوا. فدخلنا.
فقال للروبيّ: اقرأ. فَلَمَّا أخذ في القراءة نظرتُ إلى يحيى يتغيّر
حتى بلغ: {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ} [الدخان:
40] صُعِق يحيى وغُشي عَليْهِ، وارتفع صوته. وكان ببابٍ منه، فانقلب
فأصاب الباب فقِار ظهره وسال الدَّم. فصرخ النّساء وخرجنا، ووقفنا
بالباب حتّى أفاق بعد كذا وكذا. ثمّ دخلنا عَليْهِ، فإذا هُوَ نائم
عَلَى فراشه، وهو يقول: {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ
أَجْمَعِينَ} . فما زالت به بتلك القُرْحة حتى مات1.
وروى أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن العَنْبريّ، عَنْ زُهير البابيّ قَالَ:
رَأَيْت يحيى بْن سَعِيد في النَّوم، عَليْهِ قميص بين كتفَيه مكتوب:
بسم الله الرَّحْمَن الرحيم، كتابٌ مِن الله العزيز العليم ببراءة
ليحيى بن سعيد القطان من النار2.
__________
1 الحلية "8/ 382".
2 تاريخ بغداد "14/ 142".
(13/254)
وَرَوَى أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلادٍ
الْبَاهِلِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ قَالَ: كُنْتُ
إِذَا أَخْطَأْتُ قَالَ لِي سُفْيَانُ: أَخْطَأْتَ يَا يَحْيَى.
فَرَوَى يَوْمًا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ
عُمَرَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"الَّذِي يَشْرَبُ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ إِنَّمَا
يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جهنم" 1.
فقلت: أخطأت يا با عَبْدِ اللَّهِ.
قَالَ: وَكَيْفَ هُوَ؟.
قُلْتُ: عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ
اللَّهِ، عنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّ
سَلَمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ!.
فَقَالَ لي: صدقت يا يحيى، اعرض عليّ كُتُبَك.
قلت: تريد أن ألقى مثل ما لقي زائدة؟.
قَالَ: وما لقي زائدة؟ أصلحت لَهُ كتبَه وذكَرته حديثه.
وقال أحمد: إلى يحيى القطّان المنتهى في الثبت.
قَالَ محمد بْن أَبِي صَفْوان: كَانَ يحيى القطّان نفقته مِن غلّته.
إنْ دخل مِن غلّته حنطة أكل حنطة، وإن دخل شعير أكل شعيرًا، وإن دخل
تمر أكل تمرًا.
قَالَ ابن معين: إنّ يحيى بْن سَعِيد لم يَفُتْه الزوال في المسجد
أربعين سنة.
وقال عفّان: رَأَى رَجُل ليحيى بْن سعيد قبل موته: أنْ بِشْر يحيى بْن
سَعِيد بأمانٍ مِن الله يوم القيامة.
وقال أحمد: ما رَأَيْت أحدًا أقلَّ خطأ مِن يحيى بْن سَعِيد. ولقد أخطأ
في أحاديث.
ثمّ قَالَ: ومَن يُعَرَّى مِن الخطأ والتصحيف؟.
قَالَ أحمد العِجْلي: كَانَ يحيى بْن سَعِيد نقيّ الحديث، لا يحدّث إلا
عَنْ ثقة.
قَالَ أبو قُدامة السَّرْخَسِيّ: سَمِعْتُ يحيى بْن سَعِيد يَقُولُ:
أدركت الأئمة يقولون: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص.
__________
1 "حديث صحيح": أخرجه مسلم "2065"، وابن ماجه "3413".
(13/255)
وسَمِعْتُهُ يَقُولُ: أخافُ أن يضيق عَلَى
الناس تتّبع الألفاظ، لأنّ القرآن أعظم حُرمةً، وَوَسِعَ أن يُقرأ
عَلَى وجوه إذا كَانَ المعنى واحدًا.
قَالَ شاذي بْن يحيى: قَالَ يحيى بْن سعيد: مَن قَالَ: أنْ قُلْ هُوَ
الله أحد، مخلوق، فهو زِنديق والله الَّذِي لا إله إلا هُوَ.
قَالَ الفلاس: كَانَ هجير يحيى بْن سَعِيد إذا سكت ثمّ تكلّم يَقُولُ:
يحيي ويميت إليه المصير.
وقلتُ لَهُ في مرضه: يعافيك الله إنّ شاء الله.
فقال: أحبُّه إليَّ أحبُّه إلى الله.
وقال أبو حاتم: إذا اختلف ابن المبارك والقطّان وابن عُيَيْنَة في
حديث، أُخِذَ بقول يحيى بْن سَعِيد.
ابن المديني: سألتُ يحيى بْن سَعِيد، عَنْ أحاديث عِكرِمة بْن عمّار،
عَنْ يحيى بْن أبي كثير، فقال: ليست بصحاح.
الفلاس: سَمِعْتُ يحيى يَقُولُ: كنتُ أَنَا وخالد بْن الحارث، ومعاذ
بْن مُعَاذ، وما تقدّماني في شيء -يعني مِن العِلْم- كنتُ أذهب معهما
إلى ابن عون، فيقعدان ويكتبان، وأجيء أَنَا فأكتبها في البيت.
قَالَ محمد بْن يحيى بْن سَعِيد: قَالَ أَبِي: كنتُ أخرج مِن البيت
أطلب الحديث، فلا أرجع إلا بعد العتمة.
قَالَ عَبْد الله بْن قَحْطبة: نا عبّاس العنبريّ: سمعتُ ابن مهديّ
يَقُولُ: لما قِدم سُفْيان الثَّوْريّ البصرة قَالَ لي: جئني بمَن
أُذاكره، فأتيته بيحيى بْن سَعِيد. فلمّا خرج قَالَ: قلتُ لك جئني
بإنسان جئتني بشيطان!
وقال ابن مَعِين: قَالَ لي يحيى بْن سَعِيد: لو لم أروِ إلا عمّن أرضى،
ما رويت إلا عَنْ خمسة.
قَالَ ابن مَعِين: وروى يحيى عَنِ الأوزاعيّ حديثًا واحدًا.
قلت: تفقَّه يحيى بْن سَعِيد في هذا الشأن بشُعْبَة، وسُفْيان. ولزِم
شُعْبَة دهْرًا. وأخصّ أصحاب يحيى بْن سَعِيد بِهِ عليّ بْن المديني.
وإذا وثَّق يحيى بْن سَعِيد شيخًا
(13/256)
فَتَمَسَّك بِهِ، أمّا إذا ليّن أحدًا
فتأنَّ في أمره، فإنّ الرجل متعنَّت جدًا. وقد ليّن مثل إسرائيل، وغيره
مِن رجال الصّحيح. ولم أقِف عَلَى كتابه في الضُّعفاء، لكن يقع مِن
كلامه في أسئلة ابن المَدِينيّ، والفلاس، وابن مَعِين أشياء نافعة.
وكان رأسًا في معرفة الْعِلَلِ. أخذ ذَلِكَ عَنْهُ ابن المديني، وأخذ
ذَلِكَ عَنِ ابن المَدِينيّ أبو عَبْد الله الْبُخَارِيّ.
قَالَ عُتْبَة: وأخذ عَنِ الْبُخَارِيّ التَّرْمِذيّ عِلله الكبرى.
وَأَعْلَى شَيْءٍ يَقَعُ مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى مَا وَقَعَ فِي
الْغَيْلانِيَّاتِ، أَنْبَأْنَاهُ جَمَاعَةٌ: أَنَا عُمَرُ بْنُ
مُحَمَّدٍ، أَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ، أَنَا ابْنُ غَيْلانَ، أَنَا
أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَدَّادٍ، نَا
يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ: ثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ قَيْسِ
بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ جَرِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "لا رَحِمَ اللَّهُ مَنْ لا يَرْحَمُ
النَّاسَ" 1.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدَةَ الْعَنْقَزِيُّ:
سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ خَالِدَ بْنَ
الْحَارِثِ فِي النَّوْمِ، فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ؟.
قَالَ: غُفر لي عَلَى أنّ الأمر شديد.
قلت: فما فعل يحيى القطّان.
قَالَ: نراه كما يُرى الكوكب الدُّرّي في أُفق السماء.
قلت: قَالُوا مات يحيى بْن سَعِيد في صَفَر سنة ثمانٍ وتسعين ومائة.
قبل موت ابن عُيَيْنَة وابن مهديّ بأربعة أشهر، رحمهم الله.
349- يحيى بْن سَعِيد الأنصاريّ الحمصيّ العطّار2.
أبو زكريّا المحدّث.
روى عَنْ: يونس بْن يزيد الأَيْليّ، وحَرِيز بْن عثمان، ويحيى بْن
أيّوب الْمَصْرِيّ، وفُضَيْل بْن مرزوق، والمسعوديّ، ومحمد بْن عبد
الرَّحْمَن بْن عرق اليَحْصُبيّ، وأبي غسّان محمد بْن مطرَّف، وطائفة
كبيرة بالحجاز والشام والعراق ومصر.
__________
1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "8/ 9، 12"، ومسلم "2318"، وأحمد "2/
241، 514"، وأبو داود "الأدب/ 157"، وابن أبي شيبة "3/ 392، 393".
2 انظر: الجرح والتعديل "9/ 152"، والتهذيب "11/ 220".
(13/257)
وعنه: عَبْد الوهاب بْن نجدة، والوليد بْن
شجاع، ومحمد بْن مصفى، وَأَبُو تقيّ هشام بْن عَبْد المُلْك، ومحمد بْن
عَمْرو بْن حِبّان، وجماعة.
وثّقه ابن مُصَفَّى وحده.
وضعّفه ابن مَعِين، والدّارَقُطْنيّ، وغيرهما.
وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: لا يُحْتَجُّ بِهِ.
وَقَالَ ابن عدي. له مصنّف في حفظ اللّسان.
وهو بيّن الضعف.
قلت: بقي إلى حدود المائتين، وسيُعاد بعد المائتين.
350- يحيى بْن سَعِيد السعيديّ البصْريّ1.
عَنِ: ابن جُرَيج.
وعنه: الحسن بْن عَرَفَة، ومحمد بْن غالب تمتام، وجماعة.
واهٍ، وهو الأمويّ، والعبْشَميّ.
قَالَ ابن حِبّان: يروي المقلوبات والمُلْزَقات، لا يجوز الاحتجاج بِهِ
إذا انفرد.
وهو غير:
351- يحيى بْن سَعِيد التّميميّ المدنيّ2.
وغير:
352- يحيى بْن سَعِيد قاضي شيراز3، وقيل التّميميّ هُوَ قاضي شيراز.
أحد الضُّعفاء.
353- يحيى بْن سلام البصري4.
عن: فطر بن خليفة، وشعبة، والمسعودي، وابن أبي عروبة، والثوري.
__________
1 انظر: المجروحين "3/ 129"، لابن حبان.
2 الجرح والتعديل "9/ 152"، والميزان "4/ 378".
3 المجروحين "3/ 118".
4 الجرح والتعديل "9/ 155".
(13/258)
وعنه: بحر بْن نصر، ومحمد بْن عبد الله بن
عبد الحكم.
قال أبو حاتم: صدوق.
قلت: سيُعاد بعد المائتين. ثمّ ظفِرت بموته في صَفَر سنة مائتين.
نزل إفريقية ونشر بها العِلْم.
354- يحيى بْن سُلَيْم الْقُرَشِيّ الطائفي الخرّاز الحذّاء1 -ع.
نَزِيلُ مَكَّةَ.
روى عن: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عثمان بن خيثم، وعُبَيْد الله بْن عُمَر،
وإسماعيل بْن أُمَيَّة الْقُرَشِيّ، وموسى بن عقبة، وابن جريج.
وعنه: الشافعي، وإسحاق، والحسن الزعفراني، والحسن بن عرفة، وكثير بن
عبيد، ومحمد بن يحيى العدني، وآخرون.
روى أحمد بن حنبل عنه حديثا واحدا.
قال ابن سعد: ثقة كثير الحديث.
وعن الشافعي قَالَ: كَانَ رجلا فاضلا، وكنّا نُعدّه مِن الأبدال. وكان
إذا ركب حمارًا أو دابةً لا يقول له أُغْدُ إنّما يَقُولُ: لا إله إلا
الله.
وقال النَّسَائيّ: لَيْسَ بالقويّ.
وقال أحمد: رَأَيْته يخلط في الأحاديث فتركته.
وقال ابن مَعِين: ثقة.
وقال البزّي المقرئ: مات يحيى بْن سُلَيْم سنة خمسٍ وتسعين ومائة.
355- يحيى بْن الضريس بن يسار2 -م. ت.
أبو زكريّا البَجَليّ، مولاهم الرّازيّ الحافظ، قاضي الرَّيّ.
عَنْ: ابن جُرَيج، وابن إِسْحَاق، وعكرمة بْن عمّار، والثَّوْريّ، وأبي
جعفر الرّازيّ، وزائدة، وجماعة.
__________
1 الجرح والتعديل "9/ 156"، السير "9/ 307، 308".
2 الجرح والتعديل "9/ 158، 159"، والسير "9/ 449، 500".
(13/259)
وعنه: ابن مَعِين، وإسحاق، ومحمد بْن
حُمَيْد، وأبو غسّان زُنَيْج، وإسحاق بْن الفيض، وجماعة.
وكان محدّث الرَّيّ في زمانه.
وثّقه ابن مَعِين.
وقال أبو حاتم: كَانَ عنده عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَشَرَةُ آلافِ
حَدِيثٍ.
وَقَالَ وكيع: يحيى بْن ضُرَيْس مِن حفّاظ الناس، لولا أنّه خلط في
حديثين.
وقال إبراهيم بْن موسى الفرّاء: تعلّمنا علم الحديث مِن يحيى بْن
ضُرَيْس.
356- يحيى بْن عَبَّاد الضُّبَعيّ البصري1 -خ. م. ت. ن.
أبو عباد، نزيل بغداد.
روى عَنْ: هشام الدَّسْتُوائيّ، ويونس بْن أَبِي إِسْحَاق، وشُعْبَة،
والحَمَّادَيْن، وجماعة.
وعنه: أحمد بْن حنبل، وأبو ثَور، ومحمد بْن حاتم السّمين، والحسن بْن
محمد الزَّعْفرانيّ، وهارون بْن سليمان الأصبهاني، وآخرون.
قَالَ ابن مَعِين: لم يكن بذاك، وكان صدوقًا.
وضعّفه زكريّا السّاجيّ، لكن احتجّ بِهِ الشيخان.
مات سنة ثمانٍ وتسعين ومائة.
357- يحيى بْن كثير.
صاحب البصْريّ. يُكَنَّى أبا النَّضْر2.
مذكور في "تهذيب الكمال": إنّه روى عَنْ: عطاء بْن أَبِي رباح، وهذا
بعيد، وأحسبه سقط مِن بينها.
وروى عَنْ: أيّوب، وعطاء بْن السّائب، وعاصم الأحول، ومحمد بن عمرو،
ويزيد الرقاشي، وسليمان التيمي، والجريري.
__________
1 الجرح والتعديل "9/ 173"، والتهذيب "11/ 235، 236".
2 انظر: الجرح والتعديل "9/ 182، 183"، والتهذيب "11/ 276".
(13/260)
وعنه: شيبان بن فروخ، وحشيش بن أصرم، ومحمد
بن يحيى القطعي، وعباس بن أبي طالب، وولده أبو مالك كثير بن يحيى صاحب
البصْريّ.
قَالَ أبو زُرْعة، وغيره: ضعيف الحديث.
وقال الدّارَقُطْنيّ: متروك.
358- يحيى بْن المتوكّل الباهليّ1.
عَنِ: ابن جُرَيج، وعن: عَبْد العزيز بْن أَبِي رواد.
وعنه: سليمان الشّاذْكُونيّ، ومحمد بْن حرب النَّسَائيّ، ويعقوب بْن
كعب الحلبيّ، ومحمد بْن سَعِيد بْن غالب العطّار، والحسن بْن الصّبّاح
البزّار، وطائفة.
ما علمت بِهِ بأسًا.
وهو أصغر مِن أَبِي عقيل يحيى بْن المتوكّل صاحب بهيّة.
359- يحيى بْن محمد بن قيس3 -ت. ن. ق. م.
أبو زكير المدني ثم البصري.
مؤدَّب جعفر بْن سليمان الأمير.
طال عُمره وعَمي.
حدّث عَنْ: زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَصَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، والعلاء
بْن عَبْد الرَّحْمَن، وأبي حازم، وهشام بْن عُرْوة، وطائفة.
وعنه: عليّ بْن المَدِينيّ، والفلاس، وبُنْدار، وحفص الرباليّ، وعبد
الرَّحْمَن بْن عُمَر رُسْتَة، وآخرون.
قَالَ أبو حاتم: يُكتب حديثه. لَهُ حديث مُنْكَر في أكل البلح.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ. لا يُحْتَجُّ بِهِ.
وَقَالَ غيره: صدوق.
وروى الكَوْسج، عَنْ يحيى: ضعيف.
__________
1 الجرح والتعديل "9/ 190"، والتهذيب "11/ 271".
2 انظر: الجرح والتعديل "9/ 184"، والتهذيب "11/ 274".
(13/261)
وقال الفلاس: لَيْسَ بمتروك.
قُلْتُ: تَفَرَّدَ عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ
مَرْفُوعًا: "كُلُوا الْبَلَحَ بِالتَّمْرِ"1، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
وَرَوَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَنَسٍ
سَمِعَهُ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "لَسْتُ مِنْ ددٍ وَلا الدَّدُ مِنِّي".
قُلْتُ: خَرَّجَ لَهُ مُسْلِمٌ مُتَابَعَةً.
360- يحيى بْن محمد بْن عبّاد بْن هاني الشجريّ المدنيّ2.
عَنْ: ابن إِسْحَاق، وابن أخي الزُّهْرِيّ، وموسى بْن يعقوب الزّمعيّ.
وعنه: ابنه إبراهيم، ومحمد بْن عَبْد الله بْن سَعِيد المساحقيّ، ومحمد
بْن منذر القابوسيّ. قَالَ أبو حاتم: ضعيف الحديث.
- يحيى بْن واضح.
أبو تُميلة.
سيأتي بكنيته.
361- يحيى بْن يَزِيدُ بْنُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمُغِيرَةِ بْنُ
نَوْفَلِ بْنِ الحارث بْن عَبْد المطَّلب الهاشميّ النَّوفليّ
المدنيّ3.
روى عَنْ: أَبِيهِ.
روى عَنْهُ: أحمد بْن حنبل، والهيثم بْن خارجة، ودُحَيْم، ومحمد بْن
إِسْحَاق المسيبيّ، وإبراهيم بْن سَعِيد الجوهريّ، وغيرهم.
قَالَ أبو حاتم: مُنْكَر الحديث.
وقال ابن عَدِيّ: ضعيف.
قلت: أبوه يروي عن سعيد المقبري.
__________
1 سبق تخريجه.
2 انظر: الجرح والتعديل "9/ 185"، والتهذيب "11/ 273".
3 انظر: الجرح والتعديل "9/ 198"، والميزان "4/ 414".
(13/262)
362- يزيد بْن سَمْرة الرّهاويّ1.
أبو هِزّان.
يروي عَنْ: عطاء الخُراساني، وأبي زُرْعة، ويحيى السّيبانيّ.
روى عَنْهُ: أبو مُسْهِر، ومحمد بْن عائذ، ويحيى بْن بُكَير.
قَالَ أبو سَعِيد بْن يونس: لم يذكروه بجرْح.
قلت: ويُحتمل أن يُصيَّر في رجال الطبقة الماضية.
363- يعقوب بْن إسحاق2.
أبو عُمارة.
بصْريّ نزل الرَّيّ.
عَنْ: يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، وَدَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، وابن
عَوْن.
وعنه: عَمْرو بْن رافع، وعيسى بْن إبراهيم البركيّ، ومحمد بْن حُمَيْد،
والحسن بْن عَرَفَة.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَا أَرَى بِحَدِيثِهِ بَأْسًا.
وقال ابن عَدِيّ: روى ما لا يُتابع عَليْهِ.
364- يعقوب بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ الأَنْصَارِيُّ
الْمَدَنِيُّ3.
روى القراءة عَنْ: نافع بْن أَبِي نُعَيْم.
وعنه: حمزة بْن القاسم، ومحمد بْن سَعْدَان، وأبو عَمرو الدوريّ،
وغيرهم.
365- يَمَان بْن عَدِيّ الحضرمي الحمصي4.
عَنْ: الزبيدي، وبردة بن سنان، وسفيان الثوري.
__________
1 الجرح والتعديل "9/ 268"، واللسان "6/ 288".
2 الجرح والتعديل "9/ 203"، والكامل "7/ 2609".
3 غاية النهاية "2/ 389".
3 الجرح والتعديل "9/ 311"، والتهذيب "11/ 406".
(13/263)
وعنه: إبراهيم بْن موسى الفرّاء، وعمرو بْن
عثمان الحمصيّ، وأخوه يحيى بْن عثمان، وموسى بْن أيّوب، وآخرون.
قَالَ أبو حاتم: صدوق.
وضعّفه أحمد، والدارَقُطْنيّ.
366- يوسف بْن أسباط الزّاهد1.
أحد مشايخ القوم لَهُ مواعظ وحِكَم.
روى عَنْ: مُحِلّ بْن خليفة، وسُفْيان الثَّوْريّ، وزائدة، وطائفة
سواهم.
روى عنه: المسيب بن وضاح، وعبد الله بن خبيق الأنطاكي، وغيرهما.
وكان مرابطا بالثغور الشامية.
قال المسيب: سألته عَنِ الزُّهْد فقال: أن تزهد في الحلال، فأمّا ما
حرّم الله فإنِ ارتكبته عذَّبَك.
وقال تميم بْن سَلَمَةَ: سالت يوسف بْن أسباط: ما غاية التواضع؟ قَالَ:
أن تخرج مِن بيتك فلا تلقى أحدًا إلا رَأَيْت لَهُ الفضل عليك.
وقال ابن خُبيق: قَالَ يوسف: خرجت مِن فأتيتُ المصَّيصةَ وجرابي عَلَى
عُنقي، فقام ذا مِن حانوته يسلّم عليّ، وقام ذا يسلّم عليّ، فدخلت
المسجد أركع، فأحدقوا بي، فتطلّع رَجُل في وجهي، فقلت في نفسي: كم بقاء
قلبي عَلَى هذا؟ فرجعتُ بِعَرَقي إلى، فما رجع إلى قلبي إلى سنتين2.
وقال يوسف بْن أسباط: للصّادق ثلاث خصال: الحلاوة، والملاحة، والمهابة.
وعنه قَالَ: خلْق الله القلوبَ مساكن للذَّكْر، فصارت مساكن
للشَّهَوات، لا يمحوا الشهوات مِن القلوب إلا خوف مزعج، أو شوق
مُغْلِق.
وعنه قَالَ: الزُّهْد في الرئاسة أشدّ مِن الزُّهْد في الدنيا.
وقال ابن خُبَيق: قلت ليوسف: مالك لم تأذن لابن المبارك يسلم عليك؟.
__________
1 الجرح والتعديل "9/ 218"، والسير "9/ 169-171".
2 الحلية "8/ 244".
(13/264)
قَالَ: خشيت أن لا أقوم بحقّه وأنا أحبّه.
وقال لي: إنّي أخاف أن يعذّب الله الناس بذنوب العلماء.
قَالَ: ونظر يومًا إلى رَجُل في يده كتاب، فقال: تزيّنوا بما شئتم، فلن
يزيدكم الله إلا اتّضاعًا.
وقال أحمد بْن يوسف بْن أسباط: قلت لأبي: أكان مَعَ حذيفة المَرْعَشيّ
علمٌ؟.
قَالَ: كَانَ معه العِلْم الأكبر: خشية الله.
وقال يوسف: سَمِعْتُ الثَّوْريّ يَقُولُ: لم يفقه من لم يعُدّ البلاء
نعمة، والرخاء مصيبة.
وعن يوسف: إذا رَأَيْت الرجل قد أشِر وبطِر فلا تَعِظْه، فليس للعِظة
فيه موضع.
وعن يوسف قَالَ: لي أربعون سنة، ما حلّ في صدري شيء إلا تركته.
قَالَ شُعيب بْن حرب: ما أقدّم على يوسف بْن أسباط أحدًا.
وقال سهل أبو الحَسَن: سَمِعْتُ يوسف بْن أسباط يَقُولُ: يُجزي قليل
الورع مِن كثير العمل، وقليل التواضع مِن كثير الاجتهاد.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الأَسَدِيُّ: أَنَا ابْنُ خَلِيلٍ، أَنَا
اللَّبَّانُ، عَنِ الْحَدَّادِ: أَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: نَا مُحَمَّدُ
بْنُ عَلِيِّ بْنِ حُبَيْشٍ، نَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى الْمَرْوَحِيُّ،
نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خُبَيْقٍ، نَا يُوسُفُ بْنُ أَسْبَاطٍ، عَنْ
حَبِيبِ بْنِ حَسَّانٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ
قَالَ: ثَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ: "إِنَّ خَلْقَ أَحَدِكُمْ يُجْمَعُ
فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً" 1. وذكر الحديث.
قلت: يوسف وثَّقه يحيى بْن مَعِين.
وقَالَ أَبُو حاتم: لا يحتج بِهِ.
وقال الْبُخَارِيّ: كَانَ قد دَفَنَ كُتُبه، فكان لا يجيء حديثُه كما
ينبغي.
__________
1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "4/ 161"، "9/ 165"، ومسلم "القدر/ 1"،
وعبد الرزاق "20093".
(13/265)
367- يوسف بْن السَّفْر بْن الفَيْض1.
أبو الفيض الدّمشقيّ، كاتب الأوزاعي.
روى عَنْهُ: الأوزاعيّ، وبكر بْن خُنَيْس، ومالك بْن أنس.
وعنه: هشام بْن عمّار، وموسى بْن أيّوب، ومحمد بْن وزير، ومحمد بْن
مُصَفَّى، والعبّاس بْن الوليد البيروتيّ، وعدّة.
وحدّث عَنْهُ: بقيّة وهو أكبر منه.
قَالَ النَّسَائيّ: لَيْسَ بثقة.
وقال الدّارَقُطْنيّ: متروك يكذب.
وقال ابن عديّ: روى أحاديث بواطيل.
وقال البَيْهَقيّ: هُوَ في عِداد مِن يضع الحديث.
وقال أبو بِشْر الدُّولابيّ: كذّاب.
وقال يحيى بْن مَعِين، قَالَ أبو مُسْهِر: كَانَ ابن أبي السَّفْر
كذّابًا: قُلْتُ: وَمِنْ بَلايَاهُ، وَسَمِعَهُ مِنْهُ أَبُو هَمَّامٍ
السَّكُونِيُّ، وَغَيْرُهُ: عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ،
عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا: "مَا جُبِلَ وليٌ لِلَّهِ
إِلا عَلَى السَّخَاءِ وَحُسْنِ الْخُلُقِ"2.
368- يوسف بْن الغَرِق بْن لُمازة3.
قاضي الأهواز.
عَنْ: سُكَين بْن أَبِي سراح، وأبي شَيبة إبراهيم بْن عثمان العبْسيّ،
وعثمان التَّيْميّ، والدَّسْتُوائيّ.
وعنه: مروان الرَّقَّيّ، ومحمود بْن خِداش، وأحمد بْن أَبِي سُرَيْج.
ذكره ابن عدي، وما رأيته ضعفه.
__________
1 انظر: الجرح والتعديل "9/ 223"، والميزان "4/ 466".
2 "حديث موضوع": أخرجه ابن عدي "11/ 191"، وابن الجوزي "2/ 179"، في
الموضوعات: وانظر: الفوائد المجموعة "76"، والسلسلة الضعيفة "622".
3 انظر: الجرح والتعديل "9/ 227"، والميزان "4/ 471".
(13/266)
وبلغني عَنْ بعضهم تكذيبه، ولا أحقّق الآن
مِن هُوَ.
وأمّا أبو حاتم فقال: لَيْسَ بالقويّ.
369- يوسف بْن قاضي القضاة أَبِي يوسف يعقوب بْن إبراهيم الفقيه1.
وُلّي القضاء بالجانب الغربيّ مِن بغداد في أيّام والده، وروى عَنْ:
يوسف بْن أَبِي إِسْحَاق، وغيره.
وعنه: أحمد بْن منيع، والحسن بْن شبيب.
مات سنة اثنتين وتسعين ومائة.
370- يونس بْن بُكَيْر بن واصل2 -م. ع. ت. د. ق.
الحافظ أبو بكر الشيباني الكوفي الحمال، صاحب المغازي.
روى عَنْ: الأعمش، وابن إِسْحَاق، وهشام بْن عُرْوة، وكَهْمَس، وعمر
بْن ذَرّ الهمَدانيّ، وأقرانهم.
وعنه: ولده عبد الله، ويحيى بن معين، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَأَبُو
كُرَيْبٍ، وَأَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، ومحمد بن عثمان بن كرامة، وأحمد
بن عبد الجبار، وطائفة.
قال ابن معين: صدوق.
وقال أو حاتم: محله الصدق.
وسئل أبو زرعة عنه فقال: أما في الحديث فلا أعلم، فما ينكر عليه.
وقال أبو داود: ليس بحجة عندي. سَمِعَ وهو وزياد البكّائيّ من ابن
إسحاق بالري.
قلت: ومما ينقم عليه التشيع.
ورواية مسلم له، ففي الشواهد لا في الأُصُولِ.
وقال يحيى بْن مَعِين: هُوَ ثقة، إلا أنه مرجيء.
__________
1 تاريخ بغداد "14/ 296".
2 الجرح والتعديل "9/ 236"، السير "9/ 245-248".
(13/267)
وقال النَّسَائيّ. لَيْسَ بالقويّ.
وقال أحمد العِجْلي: ضعيف الحديث عند بعضهم.
وقال النَّسَائيّ في مكان آخر: ضعيف.
قلت: وقد استشهد الْبُخَارِيّ بِهِ.
وأرّخ مُطَيَّن موته في سنة تسعٍ وتسعين ومائة.
"الْكُنَى":
371- أبو البَخْتَرِيّ.
القاضي وهْب بْن وهْب بْن كثير بْن عَبْد الله الْقُرَشِيّ المدنيّ
الفقيه1.
روى عَنْ: هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ،
وجعفر بْن محمد، وجماعة.
وعنه: جابر بن سهل الصنعاني، ونوح بن هيثم، والربيع بن ثعلب، والمعافي
بن سليمان بن واضح، وعبد الله بن محمد الأدرمي، وآخرون.
سكن بغداد، وولاه هارون الرشيد القضاء بعسكر المهدي، ثم عزله.
ليس بثقة، وقد مدحه شاعرٌ مرةً، فوصلة بخمسمائة دينار.
قال يحيى بن معين: كان عدو الله، يَكْذِبُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقال عثمان بْن أَبِي شَيبة: أرى أنّه يُبعث يوم القيامة دجّالا.
وَهُوَ الَّذِي رَوَى حَدِيثَ: "لا سَبْقَ إِلا فِي خفٍ أَوْ حَافِرٍ"
2. فَزَادَ فِيهِ: أَوْ جَنَاحٍ، لِيُسَرَّ بِذَلِكَ الْخَلِيفَةُ.
عَنْ أَبِي سَعِيد العُقَيْليّ قَالَ: لما قِدم الرشيد المدينة أعظم أن
يَرْقى منبر النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في قِباء
أسود ومِنْطَقة، فقال أبو البَخْتَرِيّ: ثنا جعفر بْن محمد، عَنْ
أَبِيهِ قَالَ: نزل جبريل عَلَى النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- في قباء أسود، ومنطقة، مُحتَجزًا، فيها خنجر. فقال المعافى
التيمي:
__________
1 تاريخ بغداد "13/ 451-457"، السير "9/ 374، 375".
2 "حديث صحيح": أخرجه أحمد "2/ 256، 358"، وأبو داود "2574"، والترمذي
"22"، والنسائي "6/ 227"، وابن ماجه "2878"، وابن أبي شيبة "12/ 502"،
والشافعي "349".
(13/268)
ويلٌ وعولٌ لأبي البَخْتَرِيّ ... إذا
تَوَافَى الناسُ للمحشرِ
مِن قوله الزُّور وإعلانه ... بالكذِب في الناس عَلَى جعفرِ
والله ما جالسَه ساعةً ... للفِقه في بدوٍ ولا مَحْضَرِ
يزعم أنّ المصطفى أحمدًا ... أتاه جبريل التّقيّ السَّريّ
عَليْهِ خفٌّ وقِبا أسود ... مُمَنْطَقًا في الْحَقْو بالخنجرِ1
عمر بن الحسن الأشناني -وليس بثقة: ثنا جعفر الطَّيالسيّ، عَنْ يحيى
بْن مَعِين أنّه وقف عَلَى حلقة أَبِي البَخْتَرِيّ، فإذا هُوَ يحدّث
بهذا الحديث، فقال لَهُ: كذْبت يا عدو الله. فأخذني الشُّرَط، فقلت
لهم: هذا يزعم أنّ رسول ربّ العالمين جبريل نزل عَلَى النَّبِيّ
-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وعليه قِباء. فقالوا لي: هذا والله
قاضٍ كذّاب. وأفرجوا عنّي.
قَالَ أحْمَد بْن حنبل: سَمِعْتُ أبا عَبْد الله يَقُولُ: ما أشكّ في
كذب أَبِي البَخْتَرِيّ. إنّه يضع الحديث.
وقال الكَوْسج: قَالَ أحمد بْن حنبل: أبو البَخْتَرِيّ أكذب الناس.
وقال أبو زُرْعة، وغيره: كذّاب وقال الْبُخَارِيّ: سكتوا عَنْهُ.
قَالَ ابن عساكر: هو وهْب بْن وهْب بْن كثير بْن عَبْد اللَّه بْن
زَمْعةَ بْن الأسود بْن المطَّلب بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى
بْنِ قُصَيٍّ بْن كلاب الأسَديّ.
وقال ابن سعْد: تحوّل مِن المدينة إلى الشام، ثمّ قِدم بغداد فوُلي
القضاء بعسكر المهديّ. ثمّ وُلّي المدينة بعد والد الزُّبَيْر بْن
بكار. ثمّ عُزل وقدم بغداد، فسكنها حتى مات سنة مائتين.
قَالَ المبَّرد: روى لنا رَجُل باد الهيئة، ودخل عَلَى قوم يشربون
فحطّوا مرتبته في الشراب، فقال:
نبيذان في مجلسٍ واحدٍ ... لإيثار مثرٍ عَلَى مُقْتِرِ
ولو كنت تفعل ذا في الطعام ... لزِمت قياسَك في المسكر
__________
1 تاريخ بغداد "13/
(13/269)
ولو كنتً تفعلُ فعل الكرامِ ... سلكتَ
سبيلَ أَبِي البَخْتَرِيّ
تتبَّعَ أصحابَه في البلاد ... فأغْنَى المقلّ عن المكثر1
قال: فبعث إليه أبو البَخْتَرِيّ بألف دينار.
372- أبو بَكْر بْن عيّاش بن سالم الأسدي الحناط2، بالنون. -خ. م.
الكوفيّ، المقرئ، العابد، أحد الأئمّة الكبار.
مولى واصل الأحدب.
في اسمه عدّة أقوال أشهرها: شعبة.
قال: أنا هشام الرفاعيّ، وحسين بْن عَبْد الأوّل سألاه عَنِ اسمه فقال:
شُعْبَة. وسأله يحيى بْن آدم وغيره فقال: اسمي كنيتي.
وقال النَّسَائيّ: اسمه محمد؛ وقيل: مُطَرَّف؛ وقيل: رُؤبة، وعتيق،
وسالم، وغير ذَلِكَ.
وقال هارون بْن حاتم: سَأَلْتُهُ عَنْ مولده، فقال: سنة خمسٍ وتسعين.
قلت: هُوَ أنبل أصحاب عاصم. قرأ القرآن عَلَى عاصم ثلاث مرات، وسمع
منه، ومن: إسماعيل السُّدّيّ، وأبي إِسْحَاق، وأبي حُصين عثمان بْن
عاصم، وَحُصَيْنَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ
عُمير، وصالح بْن أَبِي صالح مولى عَمْرو بْن حُرَيْث حدّثه عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ.
ونقل أبو عمرو الدّانيّ أنّ أبا بَكْر عرض القرآن أيضًا عَلَى: عطاء
بْن السّائب، وأسلم المنقريّ.
وقرأ عطاء، عَلَى أَبِي عَبْد الرَّحْمَن السُّلَميّ. ولكنْ ما رأينا
مِن يُسٍند قراءة أبي بَكْر في مصنَّفات القراءات إلا عَنْ عاصم لَيْسَ
إلا.
قرأ عَليْهِ: الكِسائيّ، ويحيى العُليميّ، ويعقوب الأعشى.
وحدّث عَنْهُ: ابن المبارك، وأبو داود الطَّيَالِسيّ، وأحمد، وإسحاق،
وابن نمير،
__________
1 تاريخ بغداد "13/ 452".
2 الحلية "8/ 303-313" السير "8/ 435-446".
(13/270)
وَأَبُو كُرَيْب، والحسن بْن عَرَفَة،
وعليّ بْن محمد الطّنافسيّ، وأبو هشام الرّفاعيّ، وأحمد بْن عَبْد
الجبّار العُطَارِديّ، وبَشَر كثير. فإنّه عُمّر دهرًا حتّى قارب
المائة. وساء حِفظه قليلا ولم يختلط.
قال أحمد بْن حنبل: ثقة، ربما غلط. وهو صاحب قرآن وخير.
وقال ابن المبارك: ما رَأَيْت احدًا أسرع إلى السُّنَّةِ مِن أَبِي
بَكْر بْن عيّاش.
وقال عثمان بْن أَبِي شَيبة: أحضر الرشيد أبا بَكْر مِن الكوفة ومعه
وكيع، فدخل وكيع يقوده لضعف بصره، فأدناه الرشيد وقال لَهُ: يا أبا
بَكْر، أدركت أيام بني أُمَيَّة وأيامنا، فأينا خير؟ قَالَ: أولئك
كانوا أنفع للناس، وأنتم أقْوَم بالصلاة.
قَالَ: فصرفه الرشيد، وأجازه بستّة آلاف دينار. وأجاز وكيعًا بثلاثة
آلاف دينار. رواها محمد بْن عثمان، عنْ أَبِيهِ.
وعن أَبِي بَكْر بْن عياش قال: الدخول في هذا الأمير يسير، والخروج منه
إلى الله شديد. رواها أيّوب بْن الأصبهاني الحافظ، عَنْهُ.
قَالَ أبو هشام الرّفاعيّ: سَمِعْتُ أبا بَكْر يَقُولُ: أَبُو بَكْر
الصِّدِّيق خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فِي القرآن. لأن الله يَقُولُ: {لِلْفُقَرَاءِ
الْمُهَاجِرِينَ} ، إلى قوله، {أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحشر:
8] . فمن سماه الله صادقًا ليس يكذب. وهم قالوا: يا خليفة رسول الله،
يعني أنّهم اتّفقوا عَلَى خطابه بذلك.
قَالَ يعقوب بْن شَيبة: كَانَ أبو بَكْر بْن عيّاش معروفًا بالصّلاح
البارع. وكان لَهُ فِقْه وعلم بالأخبار. في حديثه اضّطراب.
وقال أبو نُعَيْم: لم يكن في شيوخنا أكثر غلطًا مِن أَبِي بَكْر.
وأمّا أبو داود فقال: ثقة.
وقال يزيد بْن هارون: كَانَ أبو بَكْر خيَّرًا فاضلا، لم يضع جنْبه إلى
الأرض أربعين سنة.
وقال يحيى بْن مَعِين: لم يُفرش لَهُ فراش خمسين سنة.
وقال يحيى الحِمّانيّ: حدَّثني أبو بَكْر بْن عيّاش قَالَ: جئتُ ليلةً
إلى زمزم، فاستقيت منها دلْوًا لبنًا وعسلا.
(13/271)
وقد جاء مِن غير وجه، عَنْ أَبِي بَكْر
أنّه مكث أربعين عامًا يختم القرآن في كلّ يوم وليلة مرّة1.
قَالَ أبو العبّاس بْن مسروق: نا يحيى الحماني قَالَ: لما حضرت أبا
بَكْر الوفاةُ بكت أخته، فقال لها: ما يُبكيك؟ أنظري إلى تِلْكَ
الزّاوية، ختمت فيها ثماني عشرة ألف ختمة2.
وروى بِشْر بْن الوليد عَنْهُ أنّه استقى دلْوًا فطلع فيه عسل ولبن.
وقال يحيى الحمّانيّ: سمعته يَقُولُ: الخلْق أربعة: معذور، ومخبور،
ومجبور، ومثبور، فالمعذور: البهائم. والمخبور: ابن آدم.
والمجبور: الملائكة. والمثبور: إبليس.
وعن أَبِي بَكْر قَالَ: أدني نفع السكوت السلامة، وكفى بها عافية.
وأدنى ضر المنطق الشهرة، وكفى بها بليّة.
وقال أبو بَكْر: القرآن كلام الله، غير مخلوق.
وقال أبو داود: ثنا حمزة بْن سَعِيد المَرْوَزِيّ قَالَ: سَأَلت أبا
بَكْر بْن عيّاش عَنِ القرآن فقال: مِن زعم أنّ القرآن مخلوق فهو عندنا
كافر زِنْديق.
وعن أَبِي بَكْر قَالَ: إمامُنا يَهْمِز: مؤصدة فأشتهي أن أسُدّ أذني
إذا هَمَزَها.
أحمد بْن يونس: قلت لأبي بَكْر بْن عيّاش: لي جار رافضيّ قد مرض.
قَالَ: عُدْهُ مثلما تعود اليهوديّ والنصْرانيَّ، لا تنوي فيه الأجر.
وقال يوسف بْن يعقوب الصَّفّار: سَمِعْتُ أبا بَكْر يَقُولُ: وُلدت سنة
سبعٍ وتسعين، وأخذت رزق عُمَر بْن عَبْد العزيز، ومكثت خمسة أشهر ما
شربت ماء، ما أشرب إلا النّبيذ.
وقال يوسف: ومات في جُمَادَى الأولى سنة ثلاثٍ وتسعون ومائة.
قلت: مناقبه كثيرة، وقد سُقْتُ منها في "طبقات القراء".
وكان قد قطع الإقراء قبل موته بنحو عشرين سنة، لكنه كان يروي الحروف.
__________
1، 2 الحلية "8/ 303، 304".
(13/272)
وأثبت مِن حمل عَنْهُ قراءاته: يحيى بْن
آدم. وعليه دارت قراءاته، مَعَ أنها سماع للحروف فقط، تلا بها عَلَى
يحيى شعيب الصّريفيّ، وغيره.
وأعلى ما يقع حديثه اليوم فِي جزء ابن عَرَفَة، والله أعلم.
قَالَ يعقوب بْن شَيبة: سَمِعْتُ أبا عَبْد الله المُعيطيّ يَقُولُ:
رَأَيْت أبا بَكْر بْن عيّاش بمكة، فأتاه ابن عُيَيْنَة وبرك بين يدي
أبي بَكْر، فجعل يَقُولُ: يا سُفْيان كيف أنت، وكيف عائلة أبيك؟ فجاء
رَجُل سَأَلَ سُفْيان عَنْ حديث فقال: لا تسألني ما دام هذا الشيخ
قاعدًا.
373- أبو تميلة -ع.
يحيى بن واضح المروزي الحافظ1.
حدَّث عَنْ: موسى بْن عُبَيْدة، ومحمد بْن إسحاق، وأبي طيبة عَبْد الله
بْن مُسْلِم، وحسين بْن واقد، والأوزاعيّ، وطبقتهم.
وعنه: أحمد، وإسحاق، وسعيد بْن محمد الْجَرميّ، وزياد بْن أيّوب، ومحمد
بْن عَمْرو زُنَيْج، والحسن بْن عَرَفَة، وعدد كثير.
قَالَ أحمد: لَيْسَ بِهِ بأس إن شاء الله، كتبنا عَنْهُ عَلَى باب
هُشَيم.
وقال ابن مَعِين: ثقة.
وقال ابن الجوزيّ في الضُّعفاء لَهُ: قد أدخله البخاري في كتاب
الضعفاء.
قلت: لا، ما هُوَ في الضعفاء، فعندي كتابا الْبُخَارِيّ في الضعفاء وما
هُوَ فيهما.
وأيضًا فقد احتجّ بِهِ الْبُخَارِيّ في صحيحه.
وقيل: كان أديبًا شاعرًا أيضًا نعمْ. وكذا وهم أبو حاتم حيث حكى أنّ
الْبُخَارِيّ تكلّم في أَبِي تُمَيلة.
374- أبو سَعِيد -خ. ن. ق.
مولى بني هاشم.
__________
1 انظر: الجرح والتعديل "9/ 194"، السير "9/ 210".
(13/273)
هُوَ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الله. شيخ
بصْريّ حافظ1.
جاور بمكة.
سَمِعَ: قُرّة بْن خَالِد، وشُعْبَة، وزائدة، وصخر بْن جُوَيْرية،
وأبان بْن وهب.
وعنه: أحمد بْن حنبل، وعليّ بْن محمد الطّنافسيّ، وأبو قُدامة عُبَيْد
الله بْن سَعِيد، ومحمد بْن يحيى العَدَنيّ، وآخرون.
وثّقه أحمد، وغيره.
مات في سنة سبعٍ وتسعين ومائة.
375- أمّ عُمَر.
بِنْت أَبِي الغُصْن حسّان بن زيد الثَّقفيّة2.
عَنْ: أبيها، عَنْ عليّ. وعن: زوجها سعيد بْن يحيى بْن قيس الثقفي.
وعنها: أحمد بْن حنبل، ومحمد بْن الصّبّاح الجرجرائيّ، وأبو إبراهيم
التّرجمانيّ، وإبراهيم بْن عبد الله الهَرَويّ، وعليّ بْن مُسْلِم
الطّوسيّ.
قَالَ أحمد: عجوز صدوق.
وروى أحمد بْن محمد بْن محرز، عَنِ ابن مَعِين قَالَ: قد سَمِعْتُ منها
وليست بشيء.
وكناها محمد بن الصّبّاح أمّ عَمْرو، والأول أصحّ.
376- أبو العُمَيْطر.
هُوَ الأمير عليّ بْن خَالِد بْن الخليفة يزيد بْن معاوية بْن أَبِي
سُفْيَان الأمويّ3 السُّفيانيّ.
وأُمُّه هِيَ نفيسة بِنْت عُبَيْد الله بن عباس ابْنِ أَمِيرِ
الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. ولذلك كَانَ يفتخر ويقول:
أَنَا ابن شَيْخَيْ صِفّين. أَنَا ابن العِير والنَّفير.
__________
1 الجرح والتعديل "5/ 254"، التهذيب "6/ 309، 210".
2 الميزان "4/ 613".
3 انظر: البداية "10/ 227".
(13/274)
وكان يسكن قرية المِزّة. وداره بدمشق
غَربيّ الرَّحبة.
خرج بالمِزّة طالبًا المُلْك، وقد كبُر وشاخ، فبُويع بالخلافة، وغلب
عَلَى دمشق في دولة الأمين، وتخلخلها في سنة خمسٍ وتسعين ومائة.
وكان خيّرًا في نفسه، دينًا، محمود الطريقة، معتزلا للدولة. وقد كتب
العِلْم فأفسدوه. وما زالوا به حتّى خرج.
وكان الَّذِي نهض بأعباء دولته خَطَّاب بْن وَجْه الفَلْس الدّمشقيّ،
والقُرَشيّون والعرب اليَمَانية.
وكاد أن يتم لَهُ الأَمر. وبقي مُديدة، فانتُدب لحربه محمد بْن صالح
بْن بَيْهس الكلابيّ الأمير في المُضَريّة، وحاصروا دمشق في آخر سنة
سبعٍ وتسعين ومائة. ثمّ تسوّروا البلد وهجموه، وتخاذل الناسُ عَنْ نصر
أَبِي العُميطر السُّفيانيّ، فبادر ولبس زيّ امرَأَة، وخرج بين الحُرمُ
مِن الخضراء، وذهب إلى المِزّة.
ثمّ جرت بينه وبين ابن بَيْهس حروب، وقام معه المِزّيّون وغيرهم.
ومات في حدود المائتين، وقد جاوز الثمانين.
قَالَ موسى بْن عامر: سَمِعْتُ الوليد بْن مُسْلِم غير مرّة يَقُولُ:
لو لم يبق مِن سنة خمسٍ وتسعين ومائة إلا يوم لخرج السُّفيانيّ.
قَالَ موسى: فخرج أبو العُميطر فيها.
ورواه هشام بْن عمّار عَنِ الوليد.
وكان الوليد رأسًا في الملاحم ومعرفتها. ولعلّه ظفر بأثر في ذَلِكَ.
وعن أحمد بْن حنبل أنّه قَالَ للهيثم بْن خارجة: كيف كَانَ مُخَرَّج
السُّفيانيّ؟ فوصفه بهيئة جميلة واعتزالٍ للشرّ، ثمّ وصفه حين خرج
بالظُّلم، وقال: أرادوه عَلَى الخروج مِرارًا ويأبى، فحفرَ لَهُ
خَطَّاب سَرَبًا تحت الأرض إلى تحت بيته. ثمّ دخلوا ونادوه في
اللَّيْلِ: أخرج فقد آن لك.
فقال: هذا شيطان.
ثمّ أتوه ثاني ليلة، فوقع في نفسه.
(13/275)
وأتوه ثالث ليلة فخرج.
فقال الإمام أحمد: أفسدوه.
قَالَ أحمد بْن تبوك بْن خَالِد السُّلَميّ: نا أَبِي قَالَ: خرج أبو
العُميطر إلى قرية الْجُرجُلّة فأحرقها، وقتل في بني سُلَيْم. ثمّ
كَانَ القُرَشيّون في أصحابه واليَمانية يمرّون بالدّار مِن دُور دمشق
فتقول: ريح قيسي تشم من ههنا، فيضربونها بالنّار.
377- أبو القاسم بْن أَبِي الزناد1 -ق.
عبد الله بن ذكوان المدني.
لم يلحق أَبَاهُ، فربّاه أخوه عَبْد الرَّحْمَن.
يروي عَنْ سَلَمَةَ بْن وردان، ونوح بْن نُمَير، وإسحاق بن خازم.
وعنه: أحمد بْن حنبل، ويعقوب بْن محمد الزُّهْرِيّ، وإبراهيم بْن
المنذر، وعبد الرَّحْمَن بْن يونس الرَّقَّيّ.
قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
قَالَ سعيد بن يحيى الأموي: سألته عَنْ أسمه فقال: اسمي كنيتي.
378- أبو قَطَن عَمْرو بْن الهيثم القُطَعيّ2 -م. ع.
شيخ بصْريّ.
لَهُ عَنْ: حمزة الزيّات، ومالك بْن مِغْوَلٍ، وأبو حُرّة واصل،
وشُعْبَة، وطائفة.
وعنه: أحمد، وأبو ثور، وبندار، وأحمد بْن سِنان القطّان، ونصر الوشّاء.
قَالَ أبو حاتم: صدوق، صالح الحديث.
وقال ابن معين: ثقة.
قِيلَ: مات سنة ثمانٍ وتسعين ومائة.
379- أبو مسعود الزجاج3.
__________
1 الجرح والتعديل "9/ 427"، والتهذيب "2/ 203".
2 الجرح والتعديل "6/ 268"، والتهذيب "8/ 114، 115".
3 انظر: الجرح والتعديل "5/ 227"، والميزان "2/ 556".
(13/276)
هُوَ عَبْد الرَّحْمَن بْن حسن التّميميّ
المَوْصِليّ.
روى عن: معمر، وأبي سعد البقّال، وسُفْيان الثَّوْريّ.
وعنه: يحيى بْن آدم، ويحيى الحمّانيّ، وعبد الله بْن عُمَر بْن أبان،
وأبو هاشم محمد بْن أَبِي خِداش، وابن عمّار، وعليّ بْن حرب، وإسحاق
بْن راهويه، وغيرهم.
صالح الأمر، وقال أبو حاتم: لا يحتج به.
380- أبو معاوية -ع.
هو محمد بن خازم الكوفي الضرير الحافظ1. أحد أئمة الأثر.
روى عَنْ: هشام بْن عُرْوة، والأعمش، وليث بْن أَبِي سُلَيْم، وأبي
إِسْحَاق الشَّيْبانيّ، وإسماعيل بْن أَبِي خَالِد، وعاصم الأحول،
وطبقتهم.
وعنه: أحمد بْن حنبل، وابن مَعِين، وأبو خَيْثَمَة، والحسن بْن
عَرَفَة، وأحمد بْن أبي الحواريّ، ويعقوب الدَّوْرقيّ، وسَعْدان بْن
نَصْر، والحَسَن بْن محمد الزَّعْفرانيّ، وأحمد بن عبد الجبار
العطاردي، وخلق كثير.
مولده سنة ثلاث عشرة ومائة.
قَالَ أبو نعيم: سَمِعْتُ الأعمش يَقُولُ لأبي معاوية: أمّا أنتَ فقد
ربطت رأس كيسَك.
وكان شُعْبَة إذا حدَّث بحضرة أَبِي معاوية يراجعه في حديث الأعمش
ويقول: أليس كذا، أليس كذا؟.
وقال أبو نُعَيْم: لزِم أبو معاوية الأعمش عشرين سنة؛ كذا قَالَ أبو
نُعَيْم، ولعلّه أراد عشر سنين.
قَالَ أحمد: كَانَ أبو معاوية إذا سئل عَنْ حديث الأعمش يَقُولُ: قد
صار في فمي علْقمًا.
قَالَ أحمد: وكان والله حافظًا للقرآن، وكان يضطّرب في غير الأعمش.
قَالَ ابن المَدِينيّ: كتبنا عَنْ أَبِي معاوية، عن الأعمش ألفًا
وخمسمائة حديث.
__________
1 تاريخ بغداد "5/ 242-245"، السير "9/ 73-78".
(13/277)
وقال جرير بْن عَبْد الحميد: كنّا نرفع
الحديث عند الأعمش، ثم نخرج، فلا يكون أحفظ منّا لَهُ مِن أبي معاوية.
وكان الرشيد يُبَجَّل أبا معاوية ويُحضره فيسمع منه.
أَخْبَرَنَا المؤمّل بْن محمد في كتابه: أَنَا الكِنْديّ، أَنَا أبو
منصور القزّاز، أَنَا الخطيب، أَنَا ابن رزق، أَنَا الصّوافّ: نا عبد
الله بن أحمد: سمعت أبي يقول: كَانَ أبو معاوية إذا سئل عَنْ حديث
الأعمش يقول: قد صار في فمي علقما، لكثرة ما يُرددّ عَليْهِ1.
قَالَ يحيى بْن مَعِين: كَانَ عند أَبِي معاوية عَنِ الأعمش ألف
ومائتان.
وَرَوَى أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: وأبو
معاوية إذا جاز حديث الأعمش كثر خطأه. يخطيء عَلَى هشام بْن عُرْوة،
وعلى إسماعيل، وعُبَيْد الله بْن عمر.
وكذا قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن يوسف بْن خِراش.
وروى عَبَّاس، عنِ ابن مَعِين قَالَ: روى عَنْ عُبَيْد الله مناكير.
وقال أحمد بْن داود الحدّانيّ: سمعتُ أبا معاوية يَقُولُ: البُصَراء
كانوا عليّ عيالا عند الأعمش.
وقال أحمد بْن الحسن السُّكّريّ: أبو معاوية أعرف مِن سُفْيان ومن
شُعْبَة بالأعمش.
وقال عليّ بْن حسن: قَالَ لي وكيع: إنْ تركتَ أبا معاوية ذهب علم
الأعمش، على أنه مرجيء.
فقلت: قد دعاني إلى الإرجاء.
وعن ابن المبارك: أبو معاوية مرجيء كبير.
وقال يعقوب بْن شَيبة: أبو معاوية مِن الثَّقات، وربّما دلّس، وكان يرى
الإرجاء.
قَالَ: فيقال إنّ وكيعًا ما حضر جنازته لذلك.
__________
1 تاريخ بغداد "5/ 245".
(13/278)
قَالَ الجماعة: مات سنة خمسٍ وتسعين ومائة؛
وقيل: سنة أربع.
381- أبو معاوية الأسود1.
أحد الزهّاد، صحِب إبراهيم بْن أدهم والثَّوْريّ، وكان منقطعًا إلى
العبادة.
حكى عَنْهُ: أحْمَد بْن أَبِي الحواريّ، وقاسم الجوعيّ، ومحمد بْن
إِسْحَاق العكّاويّ، وغيرهم.
قَالَ قاسم الجوعيّ: اسمه يَمَان.
وقال يحيى بْن يحيى النَّيْسابوريّ: إنّ كَانَ بقي أحد مِن الأبدال
فحُسين الْجُعْفيّ، وأبو معاوية الأسود. وكان بطَرَسُوس.
وقال ابن مَعِين: رأيته يلتقط الخرق ويغسلها ويلبسها.
وأغلظ لَهُ رَجُل فقال: أستغفر الله مِن ذنبٍ سلّطَكَ بِهِ عليّ.
قلت: ومن قول الفقراء: مِن جُنيَ عَليْهِ فليستغفر.
وفي الكرامات للالكائي أن أبا معاوية الأسود ذهبَ بصره، فكان إذا أراد
أن يقرأ في المصحف ردّ الله عَليْهِ بصره2.
قَالَ ابن أَبِي الحواري: جاء جماعة إلى أَبِي معاوية الأسود فقالوا:
ادْعُ لنا.
فقال: اللهم ارحمني بهم ولا تجرمهم بي.
عَبْد الرَّحْمَن بْن عفّان: سَمِعْتُ أبا معاوية يَقُولُ: مِن كانت
الدنيا همّه طال في القيامة غمّه؛ ومن خاف الوعيد لها عَنِ الدنيا عمّا
يريد؛ إنّ كنتَ تريد لنفسك الجزيل فلا تنم بالليل ولا تُقيل؛ بادِرْ
بادر قبل أن ينزل بك ما تحاذر؛ أوه مِن يومٍ يتغّير فيه لوني، ويتلجلج
فيه لساني، ويقلّ فيه زادي3.
382- أبو نُواس4.
هُوَ شاعر العصر أبو عليّ الحَسَن بْن هانئ، وقيل الحَسَن بْن وهْب
الحكمي.
__________
1 انظر: الحلية "8/ 271-273"، والسير "9/ 78-79".
2 صفة الصفوة "4/ 272".
3 الحلية "8/ 272، 273".
4 انظر: الأغاني "20/ 61-73"، السير "9/ 279-281".
(13/279)
مولده بالأهواز، ونشأ بالبصرة.
وسمع مِن: حمّاد بْن زيد، وعبد الواحد بْن زياد. وعرض القرآن عَلَى
يعقوب الحضرميّ.
وأخذ اللُّغة عَنْ أَبِي زيد الأنصاريّ، وأبي عُبَيْدة، ثم سكن بغداد
فمدح الخلفاء والوزراء.
وكان رأسا في اللغة، وشعره في الذروة.
قال شيخه أبو عبيدة: أبو نواس للمحدثين مثل امريء القيس للمتقدمين.
وعن محمد بن مسعر قَالَ: كنّا عند سُفْيان بْن عُيَيْنَة، فتذاكروا
شِعْر أَبِي نُواس، فقال ابن عُيَيْنَة: أنشدوني لَهُ. فأنشدوه.
ما هوًى إلا لهُ سببُ ... يبتدي منه وينشعبُ
فَتَنَتْ قلبي محبّتهُ ... وجهُها بالحُسْنِ مُنْتِقِبُ
تُركت والحُسنُ تأخذه ... تنتقي منه وتنتخِبُ
فاكتستْ منه طرائِفه ... واستزادتْ بعضَ ما تهبُ1
فقال ابن عُيَيْنَة. آمنت بالذي خلقها.
ولقب أبو نواس بهذا لذؤابتين كانتا تنوس عَلَى عاتقيه، أي تضطّرب.
وهو مِن موالي الجرّاح بْن عَبْد الله الحَكَميّ الأمير.
ومن شِعْره:
خلّ حبيبك لرامي ... وامضِ عَنْهُ بسلام
مت بداء الصمت خيـ ... ـر لك مِن داء الكلام
إنّما العاقل مِن ... ألجَمَ فاهُ بلجام
شبْتَ يا هذا وما ... تترك أخلاقَ الغلام
والمنايا آكلاتٌ ... شاربات للأنام2
__________
1 تاريخ بغداد "7/ 438".
2 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 276".
(13/280)
ومن شِعْره:
سبحان ذي الملكوت أيَّةُ ليلةٍ ... مَخَضَت صبيحتُها بيوم الموقفِ
لو أنّ عينًا وَهَّمتْها نفسُها ... ما في المعاد مُحَصَّلا لم
تَطْرفِ1
قَالَ الجمّاز: كَانَ أبو نواس نجلس معه في حلقة يونس، فينتصف منّا في
النحو.
وقال أبو عمرو الشيباني: لولا أنّ أبا نواس أفسدَ شِعره بهذه الأقذار،
يعني الخمور، لاحتججنا بِهِ في كُتُبنا.
ومن شِعْر أَبِي نواس:
يا قمرًا أبْصَرتُ في مأتمٍ ... يَنْدُب شَجْوًا بين أترابِ
تبكي فتُذْري الدُّرَّ مِن نرجسٍ ... وتلطم الوردَ بعُنّابِ
فقلت: لا تبكي عَلَى هالكٍ ... وآبكِ قتيلا لكِ بالبابِ
لا زال موتًا دأب أحبابه ... ولم تزل رؤيته دأبي2
ومن شِعْره في عليّ بْن موسى الرضا -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:
قِيلَ أنت أشعرُ الناسِ طُرّا ... في رويٍّ تأتي بِهِ وبَدِيهِ
فلماذا تركتَ مدحَ ابنِ موسَى ... والخلال التي تجمّعن فيه
قلت: لا أهتدي لمدح إمامٍ ... كَانَ جبريل خادمًا لأبيه
وله:
ألا كلّ حيّ هالكُ، وابنُ هالكٍ ... وذو نَسَب في الهالكين عريقِ
إذا امتحنَ الدُّنيا لبيب تكشَّفَت ... لَهُ عَنْ عدوٍّ في ثياب صديقِ3
وله:
فتًى يشتري الثناء بماله ... ويعلم أنّ الدائرات تدور
__________
1 السابق "4/ 278".
2 الأغاني "20/ 68، 69".
3 تاريخ بغداد "7/ 443".
(13/281)
فما جزاه جودٌ ولا حلٌّ دونه ... ولكن
يصيرُ الجودُ حيثُ يصير1
مات أبو نُواس سنة ثمانٍ وتسعين ومائة.
وقيل: سنة ستٍ؛ وقيل: سنة خمس.
وترجمته سبْعٍ ورقات في تاريخ بغداد.
وأفرد لَهُ أبو العبّاس بْن شاهين جزءًا في أخباره.
383- المحاربي -ع.
عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بْن زياد2.
أبو محمد الكوفي الحافظ.
عَنْ: عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَلَيْثِ بْنِ أبي سُلَيْم،
وإسماعيل بْن أَبِي خَالِد، وفُضَيْل بْن غَزْوان، وطبقتهم.
وعنه: أحمد بْن حنبل، وأبو كُرَيْب، وهنّاد، والحسن بْن عَرَفَة،
والأشجّ، وعليّ بْن حرب، وخلْق.
قَالَ وكيع: ما كَانَ أحفظه للطوال.
وقال ابْن معين: ثقة.
وقال أَبُو حاتم: صدوق.
وقال أبو داود: ابنه عبد الرحيم المُحَاربيّ أحفظ منه.
وقال أبو نُعَيْم: كنّا نكون عند الثَّوْريّ، فإذا مرّ حديث مِن أحاديث
الزُّهْد قَالَ: أَيْنَ المُحَاربيّ؟ خُذ إليك هذا مِن بَابتِك.
وقال أبو حاتم أيضًا: يروي عَنِ المجهولين.
وقال العُقَيْليّ: نا عَبْد الله بْن أحمد قَالَ: بَلَغَنا أنّ
المُحَاربيّ كَانَ يدلّس، ولا نعلم أنّه سَمِعَ مِن مَعْمَر شيئًا.
وأنكر أَبِي روايته عَنْ مَعْمَر.
__________
1 ديوان أبي نواس "ص/ 481".
2 الجرح والتعديل "5/ 282"، والسير "9/ 136-138".
(13/282)
قَالَ: قِيلَ لأبي إنّ المُحَاربيّ روى
عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ جَرِيرٍ حديث: "تُبنى مدينة
بين دجلة ودجيل"1. فقال أبي: كَانَ المُحَاربيّ جليسًا لسيف بْن محمد
ابن أخت الثَّوْريّ، وكان سيف كذّابًا. وأظنّ المُحَاربيّ سَمِعَ هذا
منه.
قلت: ما بين عبد الله وبين المُحَاربيّ منقطع، فما صحّ عَنِ
المُحَاربيّ هذا.
وقد مات المُحَاربيّ رحمه الله سنة خمسٍ وتسعين ومائة.
__________
1 سبق تخريجه.
(13/283)
الفهرس العام للكتاب:
الطبقة العشرون:
"سنة إحدى وتسعين ومائة":
الصفحة الموضوع
3 الوفيات هذه السنة.
3 خروج ثروان بن سيف بحولايا.
3 خروج أبي النداء بالشام.
3 استغلاظ أمر رافع بن الليث عيسى من ولد علي.
3 ولاية حمويه بَرِيدَ خُرَاسَانَ.
4 غَزْوَةُ يَزِيدَ بْنِ مَخْلَدٍ الرُّومَ.
4 تولية هرثمة بن أعين الصائفة.
4 مضي الرشيد إلى درب الحدث.
4 عزل علي بن عيسى.
5 حج هذا العام.
5 امتناع الصائفة.
"سنة اثنتين وتسعين ومائة":
5 المتوفون هذه السنة.
5 شخوص هرثمة إلى خراسان.
6 توجه الرشيد لحرب رافع.
6 تحرك الخرمية.
7 قتل أبي النداء.
7 تحرك ثروان الحروري.
7 حبس علي بن عيسى.
"سنة ثلاث وتسعين ومائة":
7 المتوفون هذه السنة.
7 موافاة الرشيد جرجان.
7 الْوَقْعَةُ بَيْنَ هَرْثَمَةَ وَأَصْحَابِ رَافِعِ بْنِ اللَّيْثِ.
8 غلط جبريل بن بختيشوع وتطبيب الرشيد.
(13/285)
الصفحة الموضوع
8 الرشيد يقتفي أخلاق المنصور.
8 إجازة الرشيد ومروان بن أبي حفصة.
8 صحبة ابن أبي مريم المضحاك للرشيد.
9 موعظة ابن السماك للرشيد.
9 البيعة للأمين.
9 مسير رجاء الخادم بالخلع إلى الأمين.
9 بناء الأمين لميدان الكرة.
9 المأمون يهدي الأمين التحف.
10 ذدخول هرثمة سمرقند.
10 مقتل نقفور ملك الروم.
"سنة أربع وتسعين ومائة":
10 المتوفون هذه السنة.
10 ثورة أهل حمص بعاملهم.
10 عزل الأمين لأخيه القاسم عن الولايات.
11 الأمر بالدعاء لموسى ابن الأمين.
11 تنكر الأمين للمأمون.
11 الْفَضْلُ بْنُ الرَّبِيعِ يُؤَلِّبُ الأَمِينَ عَلَى الْمَأْمُونِ.
11 التحاق رافع بن الليث بالمأمون.
11 قدوم هرثمة على المأمون.
11 إرسال الأمين وجوهًا إلى المأمون.
12 مبايعة العباس بن موسى المأمون سرًا.
12 إسقاط اسم المأمون من ولاية العهد.
12 إِرْسَالُ الْمَأْمُونِ الرَّسُولَ بِالْبَقَاءِ عَلَى عَهْدِهِ
لِلأَمِينِ.
12 نصائح أولي الرأي للأمين.
12 بيعة الأمين لابنه موسى بولاية العهد.
12 وثوب الروم على ملكهم.
"سنة خمس وتسعين ومائة":
13 المتوفون هذه السنة.
13 بَعْضُ الشِّعْرِ الَّذِي قِيلَ فِي وِلايَةِ الْعَهْدِ لموسى.
13 تسمية المأمون بإمام المؤمنين.
14 عقد الأمين الولايات لعلي بن عيسى.
(13/286)
الصفحة الموضوع
14 جَمْعُ الأَمِينِ أَهْلَ بَغْدَادَ لِقِرَاءَةِ الْعَهْدِ لابْنِهِ.
14 شُخُوصُ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى لِلْقَبْضِ عَلَى الْمَأْمُونِ.
14 استعمال ابن حُمَيد على همدان.
14 لِقَاءُ جَيْشِ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى بِجَيْشِ طَاهِرِ بن الحسين.
15 رفع نسخة البيعة على الرمح.
15 مقتل علي بن عيسى.
15 انهزام البخارية.
15 التسليم بالخلافة للمأمون.
16 انشغال الأمين بصيد السمك.
16 شعر في مقتل علي بن عيسى.
16 توجيه الأمين للأبناوي.
16 قلة تدبير الأمين مع كثرة الجيش.
16 مقتل علي بن عيسى بسهم.
17 شغب الجند ببغداد على الأمين.
17 حَبْسُ يَحْيَى بْنِ عَلِيٍّ لِلْمُنْكَسِرِينَ مِنْ جَيْشِ أبيه.
17 تراجع الأبناء أمام طاهر بن الحسين.
17 حصار طاهر لهمدان.
18 طاهر يؤمن الأبناوي.
18 ظهور أبي العميطر السفياني بدمشق.
18 أَبُو الْعُمَيْطِرِ يَضْبِطُ دِمَشْقَ وَمَا حَوْلَهَا حَتَّى
الساحل.
18 غلبة طاهر على كور الجبال.
18 غدر الأبناوي بجنود طاهر.
19 مقتل الأبناوي.
19 طاهر يخندق على جنده قرب حلوان.
"سنة ست وتسعين ومائة":
19 المتوفون هذه السنة.
19 الْفَضْلُ بْنُ الرَّبِيعِ يَحُثُّ أَسَدَ بْنَ يَزِيدَ على نصرة
الأمين.
20 أَسَدُ بْنُ يَزِيدَ يَطْلُبُ نَفَقَةَ سَنَةٍ لِجُنْدِهِ.
20 حبس الأمين لأسد بن يزيد.
20 اختيار أحْمَد بْن مَزْيد لقتال طاهر بْن الحسين.
21 وصية الأمين لأحمد بن مزيد.
(13/287)
الصفحة الموضوع
21 احتيال طاهر عَلَى جيوش الأمين حتى تقاتلوا.
21 تسليم ما احتواه طاهر إلى هَرْثَمَة بْن أعين.
22 تولية المأمون للفضل بْن سهل عَلَى جميع المشرق.
22 تولية الحَسَن بْن سهل ديوان الخراج.
22 إطلاق عَبْد الملك بن صالح من الحبس.
23 وفاة عبد الملك وعودة الرجالة.
23 خطبة الحسين بن علي في الأبناء.
24 بيعة الحسين المأمون وخلعه الأمين.
24 حبس الأمين وأمه في قصر المنصور.
24 خطبة محمد بْن أبي خَالِد لاعتزال الحسين بن علي.
24 خطبة الشَّيْخ الكوفي وإخراج الأمين مِن حبسه.
25 الصفح عن الحسين بن علي.
25 هرب الحسين بن علي وقتله.
25 تجديد البيعة للأمين.
25 هرب الفضل بْن الربيع.
25 مسير طاهر بْن الحسين لقتال محمد بن يزيد المهلبي.
26 مصرع محمد بْن يزيد وما قِيلَ في رثائه.
26 تولية طاهر العمال على البحرين.
26 إقرار العمال على أعمالهم.
27 هزيمة محمد البربري عند جسر صرصر.
27 انهزام الفضل بن موسى عن الكوفة.
27 إدبار أمر الأمين.
27 ذكر خبر خلع دَاوُد بْن عيسى الأمين.
28 إقامة الموسم للحج.
28 انهزام علي بن نهيك أمام هرثمة.
28 شغب الجند على طاهر وقتالهم له.
28 تفريق الأمين الخزائن والذخائر على الناس.
28 مكاتبة طاهر لقواد الأمين واستمالتهم.
"سنة سبع وتسعين ومائة":
29 المتوفون هذه السنة.
29 التحاق المؤتمن ومنصور بالمأمون.
(13/288)
الصفحة الموضوع
29 شكوى المسلمين مِن أعمال زهير بْن المسيبّ.
29 اشتداد الحصار على الأمين ببغداد.
30 درس محاسن بغداد.
30 تسلم طاهر لقصر صالح.
30 مقتل جماعة في قصر صالح.
30 التحاق جماعة من القادة والعباسيين بطاهر.
30 إقبال الأمين على اللهو والشرب وسوء حال أهل بغداد.
31 قتال الغوغاء والعيارين والحرافيش عن الأمين.
31 وقعة درب الحجارة.
31 وقعة باب الشماسية.
32 وقعة العراة وما قيل فيهم.
32 ظهور السفياني بالشام.
32 حصار ابن بيهس لدمشق.
"سنة ثمان وتسعين ومائة":
33 المتوفون هذه السنة.
33 ذكر استيلاء طاهر على بغداد.
33 ذكر غناء الجارية ضعف.
34 حكاية المسعودي عن مقرطة الأمين.
35 شدة بطش الأمين.
35 الإشارة عَلَى الأمين بالخروج إلى الجزيرة والشام.
36 النصح للأمين بالإستسلام لهرثمة.
36 وقوع الأمين في الأسر.
36 ما روي حول أسر الأمين.
38 ذكر خبر قتل الأمين.
39 رثاء إبراهيم بن المهدي للأمين.
39 وثوب الجند بطاهر.
40 ما قيل في رثاء الأمين.
40 ذكر إسراف الأمين في اللهو والإنفاق.
41 رجاء ابن حنبل الرحمة للأمين.
41 استيلاء ابن بيهس على دمشق.
42 ذكر خروج ابن الهِرش في سِفْلة الناس.
(13/289)
الصفحة الموضوع
42 استعمال المأمون للحسن بن سهل.
42 ولاية طاهر الجزيرة والشام ومصر والمغرب.
42 ذكر ثورة أهل قرطبة.
"سنة تسع وتسعين ومائة":
43 المتوفون هذه السنة.
43 خروج ابن طباطبا بالكوفة.
43 ذكر أمر أبي السرايا.
44 وقعة قصر ابن هبيرة.
44 توجيه أَبِي السرايا عمّاله عَلَى المدينة ومكة.
44 ذكر خروج داود بْن عيسى مِن مكّة.
45 دخول حسين بْن حسن مكّة وظُلم أهلها.
46 ذكر انهزام أبي السرايا.
46 وثوب علي بن محمد بالبصرة.
46 ظهور إبراهيم بن علي باليمين.
"سنة مائتين":
46 المتوفون هذه السنة.
46 مقتل أبي السرايا.
47 افتتاح البصرة واختفاء الطالبيين.
47 ذكر ما فعله الأفطس بمكة.
48 ذكر تفرق الطالبيين عن مكة.
49 ذكر الحج هذا العام.
49 مقتل هرثمة.
49 ذكر فتنة الجند ببغداد.
49 ذكر توجيه رجاء بْن أَبِي الضحّاك لإشخاص علي الرضا.
50 ذكر إحصاء ولد العباس.
50 ذكر قتل الروم ملكهم اليون.
50 ذكر قتل يحيى بن عامر.
(13/290)
"تراجم الأعيان في هذا العَشْر":
الصفحة الموضوع
"حرف الألف":
50 1- أحمد بْن بشير الكوفي.
50 2- أحمد بْن موسى بن أبي مريم الخزاعي اللؤلؤي المقرئ.
51 3- إبراهيم بن الأغلب بن سالم القيرواني الأمير.
52 4- أبان بن عبد الحميد الرقاشي البصري الشاعر.
53 5- إبراهيم بن صدقة الأنصاري البصري.
53 6- إبْرَاهِيم بْن عَبْد العزيز بْن عَبْد الملك الجمحي المكي.
53 7- إبراهيم بْن عُيَيْنَة بْن أَبِي عِمران الهلالّي.
53 8- إبراهيم بن هدبة البصري.
54 9- إبراهيم بن يزيد بن مردانبة الكوفي.
54 10- إبراهيم بن يوسف بن إسحاق السبيعي الكوفي.
55 11- أسامة بن حفص المدني.
55 12- أسباط بن محمد الكوفي.
56 13- إسحاق بن جعفر بن محمد الهاشمي.
56 14- إسحاق بن إسماعيل الرازي حيويه.
56 15- إسحاق بن الربيع العصفري الكوفي.
56 16- إسحاق بن سليمان الرازي.
57 17- إسحاق بن عيسى البغدادي.
57 18- إسحاق بن نجيح الملطي.
57 19- إسحاق بن يوسف بن مرداس الواسطي الأزرق.
58 20 إسماعيل بن إبراهيم بن مِقْسم الأسدي.
60 21- إسماعيل بن إبراهيم الكرابيسي.
61 22- إسماعيل بن إبراهيم التيمي الكوفي.
61 23- إسماعيل بن حكيم صاحب الزيادي.
61 24- إسماعيل بن زياد السكوني قاضي الموصل.
62 25- إِسْمَاعِيلَ بْنِ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زَيْدِ الأنصاري.
62 26- إسماعيل بْن محمد بْن جُحَادة الكوفيّ العطّار.
62 27- إسماعيل بْن يحيى بْن عُبَيْد الله التَّيميّ البكري.
62 28- أشجع بن عمرو السلمي "الشاعر".
63 29- أشعث بن عبد الرحمن بن زُبَيد اليامي الكوفي.
(13/291)
الصفحة الموضوع
63 30- أشعث بن عبد الله الخراساني السجستاني.
63 31- أشعث بن شعبة.
64 32- أمية بن خالد القيسي.
64 33- أنس بن عياض الليثي.
65 34- أوس بن عبد الله بن بريدة بن الحصيب الأسلمي.
65 35- أوس بن عبد الله السلولي البصري.
65 36- أيوب بن تميم التميمي الدمشقي.
66 37- أيوب بن حسان الجرشي الدمشقي.
66 38- أيوب بن المتوكل البصري الصيدلاني.
67 39- أيوب بن واصل البصري.
67 40- أيوب بن واقد الكوفي.
"حرف الباء":
67 41- بشار بن قيراط النيسابوري.
68 42- بزيع بن حسان الخصاف.
68 34- بشر بن إبراهيم الأنصاري المفلوج.
68 44- بشر بن الحسن البصري.
69 45- بشر بن السري الواعظ الأفوه.
70 46- بشر بن سلم بن المسيب البجلي.
70 47- بشر بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن عَبْد العزيز الأموي.
70 48- بقية بن الوليد بن صائد الطلاعي الحميري.
74 49- بكّار بْن عَبْد اللَّه بْن مُصْعَب بْن ثابت الأسدي.
75 50- بكّار بْن عَبْد الله بْن عُبَيْدة الرَّبَذيّ.
75 51- بكر بن سليمان البصري.
75 52- بكر بن سليم الصواف الطائفي.
76 53- بكر بن الشرود الصنعاني.
76 54- بكر بن يزيد الحمصي الطويل.
76 55- بكر بن النطاح الحنفي البصري.
76 56- بكر بن يونس بن بكير الشيباني.
77 57- بهز بن أسد العمي.
"حرف التاء":
77 58- تَلِيد بن سليمان المحاربي.
(13/292)
الصفحة الموضوع
"حرف الجيم":
78 59- الجراج بن مليح البهراني الحمصي.
"حرف الحاء":
78 60- الحارث بْن مرّة بْن مُجّاعة الحنفي اليماني.
79 61- الحارث بن عبيدة الكلاعي الحمصي.
79 62- حجاج بن سليمان الرعيني "ابن القمري".
79 63- حجاج بن سليمان الحضرمي المصري.
80 64- حذيفة المرعشي "الزاهد".
80 65- الحسن بن حيب بن ندبة البصري.
80 66- الحَسَن بْن عليّ بْن عاصم بْن صُهَيْب الواسطي.
80 67- الحسن بن محمد البلخي الفقيه قاضي مرو.
81 *- الحسن بن هانئ الشاعر أبو نواس.
81 68- الحسن بن يحيى الخشني الغوطي البلاطي.
82 69- الْحُسَيْنُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ
عَلِيِّ بْنِ أبي طالب.
82 70- حفص بن نبيل المرهبي الهمداني.
82 71- حفص بن عبد الرحمن البلخي الفقيه.
82 72- حفص بن عمر الرازي الواسطي.
83 73- حفص بن غياث بن طلق النخعي القاضي.
83 74- الحكم بن أيوب العبدي الأصفهاني الفقيه.
86 75- الحكم بن بشير.
86 76- الحَكَم بْن عَبْد الله أَبُو مطيع البلْخيّ الفقيه.
87 77- الحكم بن عبد الله أبو النعمان البصري.
88 78- الحكم بن مروان الكوفي.
89 79- حماد بن خالد الخياط المدني.
89 80- حماد بن دُلَيل المدائني.
90 81- حماد بن واقد الصفار.
90 82- حُمَيد بن حماد بن خَوَار الكوفي.
90 83- حنان بن سَدِير الصيرفي.
"حرف الخاء":
91 84- خالد بن حيان الرقي الكِنْدي الخراز.
91 85- خالد بن سليمان البلْخي فقيه بلخ.
(13/293)
الصفحة الموضوع
91 86- خالد بن عمرو القرشي الأموي الكوفي.
92 87- خالد بن يزيد العتكي اللؤلؤي.
92 88- خلف بن أيوب العامري البلخي.
92 89- الخليل بْن أحمد بْن بِشْر بْن المستنير السلمي.
93 90- خيران بن العلاء الكيساني الأصم.
"حرف الراء":
93 91- ربعي بن إبراهيم الأسدي.
94 92- ريحان بن سعيد بن المثنى الشامي.
"حرف الزاي":
94 93- زاجر بْن الصَّلْت الطاحي النَّمِريّ.
95 94- زياد بن الحسن بن الفرات التميمي القزاز.
95 95- زياد بن عبد الرحمن بن زياد الفقيه الأندلسي "شبطون اللخمي".
96 96- زيد بن الحسن القرشي الكوفي صاحب الأنماط.
96 97- زيد بن أبي الزرقاء الموصلي.
"حرف السين":
97 98- سالم بْن نوح العطّار البصْريّ.
97 99- سبرة بن عبد العزيز بن الربيع الجهني.
98 100- سعد بن سعيد بن كيسان المقبري.
98 101- سعْد بْن الصَّلْت بْن بُرْد بْن أسلم البجلي قاضي شيراز.
99 102- سعيد بن زكريا القرشي المدائني.
99 103- سعيد بن سالم القداح المكي.
100 104- سعيد بن سلمة بن عطية.
100 105- سَعِيد بْن عبد الله بْن سعْد الفقيه المصري.
100 106- سعيد بن عمرو الزبيري.
101 107- سعيد بن محمد الثقفي الوراق.
101 108- سفيان بن عبد الملك المروزي.
101 109- سفيان بن عيينة بن أبي عمران الهلالي.
108 110- سُقلاب بن شنينة المصري المقرئ.
108 11- السكن بن إسماعيل البصري الأصم.
109 112- سلامة بن روح الأيلي.
110 113- سلام بن أبي خبزة البصري.
(13/294)
الصفحة الموضوع
110 114- سلمة بن عقار البغدادي.
110 115- سلمة بن سليمان المروزي.
111 116- سلمة بن الفضل الأبرش الرازي قاضي الري.
112 117- سلم بن جعفر البكراوي الأعمى.
112 118- سلم بن سالم البلخي الزاهد.
113 119- سلم بن قتيبة الخراساني الفريابي الشعيري.
114 120- سليمان بن الخليفة أبي جعفر العباسي نائب دمشق.
114 121- سليمان بن عامر الكندي المروزي.
114 *- سليم صاحب حمزة الزّيّات.
114 122- سُلَيْم بْن عيسى بْن سليم الحنفي المقرئ.
115 123- سليم بن مسلم الجمحي المكي الخشاب.
115 124- سهل بن زياد البصري الطحان.
115 125- سهل بْن هاشم بْن بلال الحبشيّ الواسطيّ البيروتي.
116 126- سهل بن يوسف البصري الأنماطي.
116 127- سويد بن عبد العزيز بن نمير قاضي بعلبك.
117 128- سيار بن حاتم البصري العنزي العابد.
"حرف الشين":
118 129- شبيب بْن سُلَيْم الأُسَيديّ البصْريّ.
118 130- شعيب بن حرب المدائني البغدادي الزاهد.
119 131- شعيب بن العلاء الرازي السراج.
119 132- شعيب بن الليث بن سعد الفهمي المصري.
120 133- شقيق البلخي الزاهد.
"حرف الصاد":
123 134- صالح بن بيان الثقفي العبدي قاضي سيراف.
123 135- صالح بن موسى بن عبد الله التيمي الطلحي الكوفي.
124 136- صعصعة بن سلام الدمشقي.
124 137- صغدي بن سنان البصري.
124 138- صفوان بن عيسى الزهري البصري القسام.
125 139- صلة بن سليمان الواسطي العطار.
125 140- صيفي بن ربعي الأنصاري الكوفي.
(13/295)
الصفحة الموضوع
"حرف الضاد":
126 * ضمرة بن ربيعة الرملي.
"حرف العين":
126 141- عاصم بْن حُمَيْد الكوفيّ الحنّاط.
126 142- عاصم بن سليمان العبدي الكوزي الحذاء.
127 143- عاصم بن عبد العزيز الأشجعي المدني.
127 144- عامر بن صالح بن عبد الله الأسدي المدني.
128 145- عامر بن صالح بن رستم الخزاز.
128 146- عامر بن عبد الله المصري.
128 147- العباس بن الأحنف الشاعر.
129 148- العباس بن الحسين بن عبيد الله العلوي المدني.
129 149- العباس بن الفضل بن الربيع الأمير الحاجب الشاعر.
130 150- عبد الله بن الأجلح الكندي الكوفي.
130 151- عبد الله بن إدريس بن يزيد الأودي الكوفي.
132 152- عَبْد الله بْن إسماعيل بْن خَالِد الكوفيّ.
132 153- عبد الله بن خراش الشيباني الكوفي.
133 154- عبد الله بن داود التمار الواسطي.
133 155- عبد الله بن رجاء المكي البصري.
133 156- عبد الله بن أبي رفاعة الخولاني المصري الزاهد.
134 157- عبد الله بن سعيد النخعي الكوفي.
134 158- عَبْد الله بْن سُفْيان بْن عُقْبة اللَّيْثي المدني.
134 159- عبد الله بن سلمة البصري الأفطس.
135 160- عبد الله بن عبد القدوس الكوفي الرازي.
135 161- عبد الله بن عبد الله بن أبي عبيدة الهذلي المسعودي الكوفي.
135 162- عبد الله بن عيسى الخزاز البصري الحريري.
136 163- عَبْد الله بْن كثير الدّمشقيّ الطّويل المقرئ إمام جامع
دمشق.
136 164- عبد الله بن قبيصة الفزاري الكوفي.
136 165- عَبْد الله بْن كُلَيْب بْن كَيْسان المُراديّ المصري.
137 166- عَبْد الله بْن مُعَاذ بْن نَشيط الصّنْعَانيّ.
137 167- عبد الله بن موسى بن إبراهيم التيمي الطلحي المدني.
137 168- عبد الله بن ميمون بن داود القداح المخزومي المكي.
(13/296)
الصفحة الموضوع
138 169- عبد الله بن نمير الهمداني الخارفي الكوفي.
138 170- عبد الله بن وهب بن مسلم الفهري المصري.
142 171- عبد الحكيم بن منصور الخزاعي الواسطي.
142 172- عبد الخالق بن زيد بن واقد الدمشقي.
142 173- عبد الرحمن بن سعد بن عمار.
142 174- عبد الرحمن بن سعيد الخزاعي المصري.
143 175- عَبْد الرَّحْمَن بْن سُليمان بْن أبي الْجَوْن العنسي
الدّارانيّ.
143 176- عَبْد الرَّحْمَن بْن عبد الله أبو سعيد.
143 177- عبد الرحمن بن عبد الحميد المهري المصري المكفوف.
144 178- عَبْد الرَّحْمَن بن عُثْمَان بن أُميّة بن الثقفي البكراوي
البصري.
144 179- عبد الرحمن بن القاسم بن خالد العتقي المصري الفقهي.
147 *- عبد الرحمن بن محمد المحاربي.
147 180- عَبْد الرَّحْمَن بْن مسعود بْن أشرس الإفريقيّ.
147 181- عبد الرحمن بن مغراء الدوسي الرازي.
148 182- عبد الرحمن بن مهدي بن حسان العنبري.
154 183- عَبْد السّلام بْن عَبْد القُدُّوس بْن حبيب الوحاظي الشامي.
154 184- عَبْد العزيز بْن عِمران بْن عَبْد العزيز الأعرج.
155 185- عبد العزيز بن أبي عثمان الكوفي.
155 186- عبد الكريم بن محمد الجرجاني.
156 187- عبد الملك بن صالح بن علي الهاشمي العباسي الأمير.
157 188- عبد الملك بن الصباح المسمعي الصنعاني البصري.
157 189- عَبْد المُلْك بْن عَبْد الرَّحْمَن الصَّنْعانيّ الذَّماريّ.
158 190- عَبْد المُلْك بْن محمد البَرْسَميّ الصَّنْعانيّ الدّمشقيّ.
158 191- عبد الملك بن مهران الرفاعي الموصلي المغازلي.
159 192- عبد المنعم بن نعيم الأسواري البصري السقاء.
159 193- عَبْد الواحد بْن سليمان الأزْديّ البصْريّ البرّاء.
159 194- عبد الوهاب بن حميد اليحصبي.
160 195- عبد الوهاب الثقفي.
161 196- عُبَيْد الله بْن المهديّ بْن المنصور العباسيّ.
161 197- عُبَيْد الله بْن سُهيل بْن صخر الغُدّانيّ.
161 198- عبيد بن سعيد بن أبان القرشي الأموي.
(13/297)
الصفحة الموضوع
162 199- عبيد بن القاسم الأسدي الكوفي.
162 200- عبيد بن واقد القيسي.
162 201- عتبة بن حماد الحكمي الدمشقي القارئ.
163 202- عَثَّام بْن عليّ بْن هُجَيْر الكلابيّ العامري الكوفي.
163 203- عثمان بن فرقد البصري العطار.
163 204- عراك بن خالد بن يزيد المري الدمشقي المقري.
164 205- عرعرة بن البرند بن النعمان القرشي السامي الناجي.
164 206- عصمة بن محمد بن فضالة الأنصاري المدني.
165 207- عطاء بن جبلة الفزاري.
165 208- علي بن أبي بكر الرازي الأسفذني.
166 209- علي بن حرملة التيمي قاضي القضاة.
166 210- علي بن زياد.
166 211- عليّ بْن ظَبْيان أبو الحَسَن العَبْسيّ الكوفيّ القاضي.
167 212- علي بن عيسى بن ماهان الأمير.
168 213- علي بن القاسم الكندي الكوفي.
168 214- علي بن المبارك الأحمر النحوي المؤدب.
169 215- عمارة بن بشر الدمشقي.
169 216- عمر بن حفص العبدي البصري.
169 217- عمر بن حفص بن عمر الأنصاري.
170 218- عمر بن حفص المعيطي.
170 219- عمر بن زرعة الخارفي.
170 220- عُمَر بْن صالح بْن أبي الزّاهرية الأزْديّ البصري الأوقص.
170 221- عمر بن عبد الواحد بن قيس السلمي الدمشقي.
171 222- عمر بن هارون البلخي الثقفي.
172 223- عمران بْنُ عُيَيْنَةَ بْنً أَبِي عِمْرَانَ الْهِلالِيُّ
الْكُوفِيُّ.
173 224- عمرو بن بكر السكسكي الشامي.
173 225- عمرو بن حمران البصري.
173 226- عمرو بن خليفة البكراوي.
173 227- عمرو بن مجمع الكوفي.
173 228- عمرو بن محمد العنقزي الكوفي.
174 229- عمرو بن هاشم الجنبي الكوفي.
(13/298)
الصفحة الموضوع
175 *- عمرو بن الهيثم أبو قطن.
175 230- عمير بن عبد المجيد الحنفي.
175 231- عنبسة بن خالد بن يزيد الأيلي.
176 232- عون بن عبد الله بن عون الهذلي الكوفي.
176 233- عَوْن بن كَهْمَس بْن الحَسَن البصْريّ التَّيْميّ.
176 234- العلاء بن الحصين الكوفي الوضين.
176 235- عيسى بن شعيب البصري النحوي الضرير.
177 236- عيسى بن شعيب بن ثوبان المدني.
"حرف الغين":
177 237- الغازي بن قيس الأندلسي.
178 238- غالب بن فائد الأسدي الكوفي المقرئ.
178 239- غسان بن عبيد الموصلي الأزدي.
179 240- غسان بن مضر الأزدي البصري.
"حرف الفاء":
179 241- الفرات بن خالد الرازي.
179 242- فرج بن سعيد بن علقمة المأربي السبأي.
179 243- الفضل بن حبيب المدائني السراج.
180 244- الفضل بن عبد الصمد الرقاشي البصري الشاعر.
180 245- الفضل بن العلاء الكوفي.
180 246- الفضل بن عنبسة الواسطي الخزاز.
181 247- الفضل بن مساور البصري.
181 248- الفضل بن موسى السيناني المروزي.
182 249- الفضل بن يحيى بن خالد البرمكي الوزير.
182 250- فياض بن محمد الرقي.
183 *- فياض بن محمد البصري.
"حرف القاف":
183 251- القاسم بن مالك المزني الكوفي.
183 252- القاسم بن يحيى بن عطاء الهلالي المقدمي الواسطي.
184 253- القاسم بن يزيد الجرمي الموصلي الزاهد.
185 254- قبيصة بن الليث الأسدي الكوفي.
185 255- قتادة بن الفضيل الرهاوي.
(13/299)
الصفحة الموضوع
"حرف الكاف":
186 256- كريد بن رواحة القيسي البصري.
"حرف الميم":
186 257- مالكُ بنُ سُعَيْر بْن الخِمْس التميمي الكوفي.
186 258- مبشر بن إسماعيل الحلبي.
187 259- محرز بن الوضاح المروزي.
187 260- محمد بن إسماعيل بن مسلم الديلي المدني.
188 261- محمد بْن إِسْحَاق بْن إبراهيم الأَسَديّ العُكاشيّ.
188 262- محمد بن ثور الصنعاني.
188 263- محمد بن جعفر البصري التاجر الكرابيسي الطيالسي.
190 264- محمد بن الحارث بن زياد الحارثي.
190 265- محمد بن حرب الخولاني الحمصي الأبرش الكاتب.
191 266- محمد بن الحسن بن الزبير الأسدي الكوفي.
191 *- 267- ومحمد بن الحسن الأسدي.
192 268- محمد بن الحسن بن أبي سارة الرؤاسي المقري.
192 269- محمد بْن الحَسَن بْن عِمران المزني الواسطي القاضي.
192 270- محمد بْن الحَسَن بْن أبي يزيد الهمَدانيّ الكوفي.
193 271- محمد بن حمزة الأسدي الرقي.
193 272- محمد بْن حِمْيَر بْن أنيس السليحي الحمصي.
194 *- محمد بن خازم أبو معاوية.
194 273- محمد بْن خَالِد بْن محمد الوَهْبيّ الكِنْديّ الحمصي.
194 274- محمد بن خالد الجندي الصنعاني المؤذن.
195 275- محمد بن ربيعة الكلابي الرؤاسي الكوفي.
195 276- محمد بن الزبرقان الأهوازي.
195 277- محمد بن سعد الأنصاري الأشهلي المدني.
195 279- محمد بن سعد المقدسي.
196 279- مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبَانٍ الأُمَوِيُّ
الْكُوفِيُّ.
196 280- محمد بن سلمة الحراني.
196 281- محمد بن شجاع بن نبهان المروذي.
197 288- محمد بن شعيب بن شابور الدمشقي البيروتي.
197 283- محمد بن طلحة بن عبد الرحمن التيمي القرشي المدني.
(13/300)
الصفحة الموضوع
198 284- محمد بن عبد الله الكوفي المقرئ "داهر".
198 285- محمد بْن عَبْد الله بْن رزين الشّاعر أبو الشيص.
198 286- محمد بن عيسى المروزي.
199 287- محمد بن عثمان بن صفوان الجمحي.
199 288- محمد بن أبي عدي السلمي البصري.
199 289- محمد بن عيسى بن القاسم الأموي الدمشقي.
200 290- محمد بن عيسى الوابشي.
200 *- محمد بن الفضل بن عطية
200 291- محمد بن فضيل بن غزوان الضبي.
201 292- محمد بن فليح بن سليمان المدني.
201 293- محمد بن القاسم الأسدي الكوفي.
202 294- محمد بن مروان العقيلي العجلي.
202 295- محمد بن معن الغفاري المدني.
203 296- محمد بن ميمون الزعفراني الكوفي المفلوج.
203 297- محمد الأمين بن هارون الرشيد الخليفة.
205 298- مخلد بن الحسين الأزدي المهلبي البصري.
205 299- مخلد بن يزيد الحراني.
206 300- مرجى بن وداع الراسبي البصري.
206 301- مروان بن معاوية بن الحارث الفزاري.
207 302- مزاحم بن زفر التيمي الكوفي.
208 *- مسعدة بن البيسع الباهلي البصري.
208 303- مسكين بن بكير الحراني الحذاء.
208 304- مسلم بن الوليد الشاعر صريع الغواني.
210 305- مسروح الكوفي.
210 306- مسلمة بن يعقوب بن مسلمة الأموي الشريف.
210 307- مُسْهِر بْن عَبْد المُلْك بْن سَلَع الهمَدانيّ.
211 308- مطرف بن مازن قاضي صنعاء.
211 309- مطهر بن الهيثم الطائي البصري.
212 310- معاذ بن معاذ بن نصر العنبري التيمي قاضي البصرة.
212 311- مُعَاذ بْن هشام بْن أَبِي عَبْد الله الدستوائي.
213 312- معروف الكرخي الزاهد.
(13/301)
الصفحة الموضوع
217 313- معمر بن سليمان الرقي النخعي.
217 314- معن بن عيسى بن يحيى الأشجعي القزاز.
218 315- المغيرة بن سلمة المخزومي البصري.
219 316- المفضل بن صالح الكوفي الدلال النخاس.
219 317- منصور بن عبد الحميد بن راشد.
220 318- منصور بن عمار بن كثير السلمي الخراساني.
223 319- منصور بن وردان الأسدي الكوفي.
224 320- مؤرج بن عمرو السدوسي البصري النحوي.
224 321- موسى بْن إبراهيم بْن كثير الأنصاريّ الحزامي المدني.
224 322- موسى بن طارق الزبيد قاضي زبيد.
225 323- موسى بن عبد الله بن حسن الهاشمي العلوي.
225 324- موسى بْن يحيى بْن خَالِد بْن بَرْمَك الأمير.
226 325- مؤمّل بْن عبد الرَّحْمَن بْن العبّاس البصْريّ.
226 326- ميسرة بن عبد ربه التستري.
"حرف النون":
226 327- نصر بن باب الخراساني.
227 328- النضر بن كثير البصري العابد.
"حرف الهاء":
227 329- هارون بن أبي عيسى.
228 330- هارون الرشيد الخليفة.
231 331- هاشم بْن أَبِي بَكْر بْن عَبْد الرَّحْمَن القرشي البكري
الفقيه.
231 332- هاشم بن القاسم التيمي الكوفي.
232 333- هذيل بن ميمون الجعفي الكوفي.
232 334- هشام بن سليمان بن عكرمة المخزومي المكي.
232 335- هشام بن عبد الله بن عكرمة المخزومي.
233 336- هشام بن يوسف الصنعاني الفقيه.
234 337- الهيثم بن مروان العنسي الدمشقي.
"حرف الواو":
234 338- والبة بن الحباب الكوفي.
234 339- وَرْش المقرئ "عثمان بْن سَعِيد بْن عبد الله".
236 340- وكيع بن الجراح بن مليح الرؤاسي الأعور.
(13/302)
الصفحة الموضوع
247 341- الوليد بْن عُقْبة بْن المغيرة الشَّيْبانيّ الطّحّان.
247 342- الوليد بن كثير المزني المدني.
247 343- الوليد بن مسلم الأموي الدمشقي.
251 344- وهب بن عثمان المخزومي المدني.
"حرف الياء":
251 345- يحيى بْن زكريّا بْن إبراهيم النخعي.
251 346- يحيى بن سعيد الأموي.
252 347- يحيى بن سعيد بن فروخ القطان الأحول.
257 348- يحيى بن سعيد الأنصاري الحمصي العطار.
258 349- يحيى بن سعيد السعيد البصري.
258 350- يحيى بن سعيد التميمي المدني.
258 351- يحيى بن سعيد قاضي شيراز.
258 352- يحيى بن سلام البصري.
259 353- يحيى بْن سُلَيْم الْقُرَشِيّ الطائفي الخرّاز الحذّاء.
259 354- يحيى بن الضريس بن يسار البجلي قاضي الري.
260 355- يحيى بن عباد الضبعي البصري.
260 356- يحيى بن كثير.
261 357- يحيى بن المتوكل الباهلي.
262 358- يحيى بن محمد بن قيس المدني البصري المؤدب.
262 359- يحيى بْن محمد بْن عبّاد بْن هاني الشجري المدني.
262 360- يحيى بن واضح "أبو تميلة".
262 *- يحيى بن يزيد بن عبد الملك الهاشمي النوفلي.
263 361- يزيد بن سمرة الرهاوي.
263 362- يعقوب بن إسحاق.
263 363- يعقوب بْن جعفر بْن أَبِي كثير الأنصاريّ.
263 364- يمان بن عدي الحضرمي الحمصي.
264 365- يوسف بن أسباط الزاهد.
266 366- يوسف بن السفر بن الفيض الدمشقي الكاتب.
266 367- يوسف بْن الغَرِق بْن لُمازة قاضي الأهواز.
267 368- يوسف بن يعقوب بن إبراهيم الفقيه القاضي.
267 369- يونس بْن بُكَير بْن واصل الشَّيْبانيّ الكوفي الحمال.
(13/303)
الصفحة الموضوع
"الكنى":
268 370- أبو البختري وهب بن وهب القاضي الفقيه.
270 371- أبو بَكْر بْن عيّاش بْن سالم الأسَديّ الحناط المقرئ العابد.
273 372- أبو تميلة يحيى بن واضح المروزي.
273 373- أبو سعيد "عبد الرحمن بن عبد الله".
274 374- أم عمر الثقفية بنت أبي الغصن.
274 375- أبو العميطر "علي بن خالد" الأمير السفياني.
276 376- أبو القاسم بن أبي الزناد المدني.
276 377- أبو قطن عمرو بن الهيثم القطعي.
276 378- أبو مسعود الزجاج "عبد الرحمن بن حسن التميمي الموصلي".
277 379- أبو معاوية "محمد بن خازم الكوفي الضرير".
279 380- أبو معاوية الأسود الزاهد.
279 381- أبو نواس "الحسن بن هاني" الشاعر.
282 382- المحاربي "عبد الرحمن بن محمد الكوفي".
285 فهرس الموضوعات.
(13/304)
|