تاريخ الطبري تاريخ الرسل والملوك وصلة تاريخ الطبري

. ذكر الخبر عن حج رسول الله ص
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ ابيه، عن جابر، ان النبي ص

(3/159)


حَجَّ ثَلاثَ حِجَجٍ: حَجَّتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرَ، وَحَجَّةً بَعْدَ مَا هَاجَرَ، مَعَهَا عُمْرَةٌ.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَان، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: اعْتَمَرَ رسول الله ص عُمْرَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عَائِشَةَ، فَقَالَتِ: اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ أَرْبَعَ عُمَرٍ، قَدْ عَلِمَ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، مِنْهُنَّ عُمْرَةٌ مَعَ حَجَّتِهِ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو حَمْزَةَ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عمر يقول: اعتمر رسول الله ص ثَلاثَ عُمَرٍ فَبَلَغَ عَائِشَةَ، فَقَالَتْ: لَقَدْ عَلِمَ ابْنُ عُمَرَ أَنَّهُ اعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرٍ، مِنْهَا عُمْرَتُهُ الَّتِي قَرَنَ مَعَهَا الْحَجَّةَ.
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا ابْنُ عُمَرَ جَالِسٌ عِنْدَ حُجْرَةِ عائشة، فقلنا: كم اعتمر النبي ص؟ فَقَالَ: أَرْبَعًا، إِحْدَاهُنَّ فِي رَجَبٍ، فَكَرِهْنَا أَنْ نُكَذِّبَهُ وَنَرُدَّ عَلَيْهِ، فَسَمِعْنَا اسْتِنَانَ عَائِشَةَ فِي الْحُجْرَةِ، فَقَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: يَا أُمَّهْ، يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، أَمَا تَسْمَعِينَ مَا يَقُولُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ! فَقَالَتْ: وَمَا يَقُولُ؟ قَالَ: يقول: ان النبي ص اعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرٍ: إِحْدَاهُنَّ فِي رَجَبٍ، فَقَالَتْ: يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ! مَا اعْتَمَرَ النَّبِيُّ عُمْرَةً إِلا وَهُوَ شَاهِدٌ، وَما اعْتَمَرَ فِي رَجَبٍ
. ذكر الخبر عن أزواج رَسُول الله ص
ومن منهن عاش بعده ومن منهن فارقه فِي حياته، والسبب الذي فارقه من أجله، ومن منهن مات قبله.
فَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص تزوج خمس

(3/160)


عَشْرَةَ امْرَأَةً، دَخَلَ بِثَلاثَ عَشْرَةَ، وَجَمَعَ بَيْنَ إِحْدَى عَشْرَةَ، وَتُوُفِّيَ عَنْ تِسْعٍ.
تَزَوَّجَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَهُوَ ابْنُ بِضْعٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى، وَهِيَ أَوَّلُ مَنْ تَزَوَّجَ، وَكَانَتْ قَبْلَهُ عِنْدَ عتيق بن عابد ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ، وَأُمُّهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ زَائِدَةَ بْنِ الأَصَمِّ بْنِ رَوَاحَةَ بْنِ حُجْرِ بْن مَعِيصِ بْنِ لُؤَيٍّ فَوَلَدَتَ لِعَتِيقٍ جَارِيَةً، ثُمَّ تُوُفِّيَ عَنْهَا وَخَلَفَ عَلَيْهَا أَبُو هَالَةَ بْنُ زُرَارَةَ بْنِ نُبَاشِ بْنِ زُرَارَةَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ سَلامَةَ بْنِ غَذِيِّ بْنِ جِرْوَةَ بْن أُسَيِّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ، وَهُوَ فِي بَنِي عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ.
فَوَلَدَتْ لأَبِي هَالَةَ هِنْدَ بْنَ أَبِي هَالَةَ، ثُمَّ تُوُفِّيَ عَنْهَا فَخَلَفَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ، وَعِنْدَهَا ابْنُ أَبِي هَالَةَ هِنْدٌ، فَوَلَدَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ ثَمَانِيَةً: الْقَاسِمُ، وَالطَّيِّبُ، وَالطَّاهِرُ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَزَيْنَبُ، وَرُقَيَّةُ، وَأُمُّ كُلْثُومٍ، وَفَاطِمَةُ.
قَالَ ابو جعفر: ولم يتزوج رسول الله ص فِي حَيَاتِهَا عَلَى خَدِيجَةَ حَتَّى مَضَتْ لِسَبِيلِهَا، فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ خَدِيجَةُ تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ بَعْدَهَا، فَاخْتُلِفَ فِيمَنْ بَدَأَ بِنِكَاحِهَا مِنْهُنَّ بَعْدَ خَدِيجَةَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَتِ الَّتِي بَدَأَ بِنِكَاحِهَا بَعْدَ خَدِيجَةَ قَبْلَ غَيْرِهَا عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ:
بَلْ كَانَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ وُدِّ بْنِ نَصْرٍ فَأَمَّا عَائِشَةُ فَكَانَتْ يَوْمَ تَزَوَّجَهَا صَغِيرَةً لا تَصْلُحُ لِلْجِمَاعِ، وَأَمَّا سَوْدَةُ فَإِنَّهَا كَانَتْ امْرَأَةً ثَيِّبًا، قَدْ كَانَ لها قبل النبي ص زَوْجٌ، وَكَانَ زَوْجَهَا قَبْلَ النَّبِيِّ السَّكْرَانُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ، وَكَانَ السَّكْرَانُ مِنْ مُهَاجِرَةِ الْحَبَشَةِ فَتَنَصَّرَ وَمَاتَ بِهَا، فَخَلَفَ عَلَيْهَا رسول الله ص وَهُوَ بِمَكَّةَ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَلا خِلافَ بَيْنَ جَمِيعِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِسِيرَةِ رَسُولِ اللَّهِ ص ان رسول الله ص بَنَى بِسَوْدَةَ قَبْلَ عَائِشَةَ.

ذكر السبب الذي كان في خطبه رسول الله ص عائشة وسودة
والرواية الواردة بأولاهما كان عقد عليها رَسُول اللَّهِ عقدة النكاح:

(3/161)


حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأُمَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَمَّا تُوُفِّيَتْ خَدِيجَةُ، قَالَتْ خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ الأَوْقَصِ، امْرَأَةُ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ وَذَلِكَ بِمَكَّةَ: أَيْ رَسُولَ اللَّهِ، أَلا تَزَوَّجُ؟ فَقَالَ:
وَمَنْ؟ فَقَالَتْ: إِنْ شِئْتَ بِكْرًا وَإِنْ شِئْتَ ثَيِّبًا، قَالَ: فَمَنِ الْبِكْرُ؟ قَالَتِ:
ابْنَةُ أَحَبِّ خَلْقِ اللَّهِ إِلَيْكَ عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: وَمَنِ الثَّيِّبُ؟ قَالَتْ:
سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ بْنِ قَيْسٍ، قَدْ آمَنَتْ بِكَ وَاتَّبَعَتْكَ عَلَى مَا أَنْتَ عَلَيْهِ قَالَ:
فَاذْهَبِي فَاذْكُرِيهِمَا عَلَيَّ فَجَاءَتْ فَدَخَلَتْ بَيْتَ أَبِي بَكْرٍ، فَوَجَدَتْ أُمَّ رُومَانَ، أُمَّ عَائِشَةَ، فَقَالَتْ: أَيْ أُمَّ رُومَانَ؟ مَاذَا أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ مِنَ الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ! قَالَتْ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَتْ: أَرْسَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ أَخْطُبُ عَلَيْهِ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
وَدِدْتُ! انْتَظِرِي أَبَا بكر، فانه آت، فجاء ابو بكر، قالت: يَا أَبَا بَكْرٍ، مَاذَا أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ مِنَ الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ! أَرْسَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ أَخْطُبُ عَلَيْهِ عَائِشَةَ، قَالَ: وَهَلْ تَصْلُحُ لَهُ، إِنَّمَا هِيَ ابْنَةُ أَخِيهِ! فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص، فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: ارْجِعِي إِلَيْهِ، فَقُولِي لَهُ: أَنْتَ أَخِي فِي الإِسْلامِ، وَأَنَا أَخُوكَ، وَابْنَتُكَ تَصْلُحُ لِي؟ فَأَتَتْ أَبَا بَكْرٍ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: انْتَظِرِينِي حَتَّى أَرْجِعَ، فَقَالَتْ أُمُّ رُومَانَ: إِنَّ الْمُطْعِمَ بْنَ عَدِيٍّ كَانَ ذَكَرَهَا عَلَى ابْنِهِ، وَلا وَاللَّهِ مَا وَعَدَ شَيْئًا قَطُّ فَأَخْلَفَ فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى مُطْعِمٍ، وَعِنْدَهُ امْرَأَتُهُ أُمُّ ابْنِهِ الَّذِي كَانَ ذكرها عليه، فقالت العجوز:
يا بن أَبِي قُحَافَةَ، لَعَلَّنَا إِنْ زَوَّجْنَا ابْنَنَا ابْنَتَكَ أَنْ تَصْبِئَهُ وَتُدْخِلَهُ فِي دِينِكَ الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ! فَأْقَبَلَ عَلَى زَوْجِهَا الْمُطْعِمِ، فَقَالَ: مَا تَقُولُ هَذِهِ؟ فَقَالَ: إِنَّهَا تَقُولُ ذَاكَ قَالَ: فَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ، وَقَدْ أَذْهَبَ اللَّهُ الْعِدَةَ الَّتِي كَانَتْ فِي نَفْسِهِ مِنْ عِدَتِهِ الَّتِي وَعَدَهَا إِيَّاهُ، وَقَالَ لِخَوْلَةَ: ادْعِي لِي رَسُولَ اللَّهِ، فَدَعَتْهُ فَجَاءَ فَأَنْكَحَهُ، وَهِيَ يَوْمَئِذٍ ابْنَةُ سِتِّ سِنِينَ قَالَتْ: ثُمَّ خَرَجْتُ فَدَخَلْتُ عَلَى سَوْدَةَ فَقُلْتُ: أَيْ سَوْدَةُ، مَاذَا أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَيْكِ مِنَ الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ! قَالَتْ: وَمَا ذَاكَ؟ قالت: أرسلني رسول الله يخطبك عَلَيْهِ، قَالَتْ: فَقَالَتْ:

(3/162)


وَدِدْتُ! ادْخُلِي عَلَى أَبِي فَاذْكُرِي لَهُ ذَلِكَ، قَالَتْ: وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ قَدْ تَخَلَّفَ عَنِ الْحَجِّ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَحَيَّيْتُهُ بِتَحِيَّةِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، ثُمَّ قُلْتُ:
إِنَّ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَرْسَلَنِي أَخْطُبُ عَلَيْهِ سَوْدَةَ، قَالَ: كُفْءٌ كَرِيمٌ، فَمَاذَا تَقُولُ صَاحِبَتُهُ؟ قَالَتْ: تُحِبُّ ذَلِكَ، قَالَ: ادْعِيهَا إِلَيَّ، فَدَعَيْتُ لَهُ، فَقَالَ: أَيْ سَوْدَةُ، زَعَمَتْ هَذِهِ أَنَّ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَرْسَلَ يَخْطُبُكِ وَهُوَ كُفْءٌ كَرِيمٌ، أَفَتُحِبِّينَ أَنْ أُزَوِّجَكَهُ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ:
فَادْعِيهِ لِي، فَدَعَتْهُ، فَجَاءَ فَزَوَّجَهُ، فَجَاءَ أَخُوهَا مِنَ الْحَجِّ، عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ، فَجَعَلَ يَحْثِي فِي رَأْسِهِ التُّرَابَ، فَقَالَ بَعْدَ أَنْ أَسْلَمَ: إِنِّي لَسَفِيهٌ يَوْمَ أَحْثِي فِي رَأْسِي التُّرَابَ أَنْ تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ! قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ:
فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، فَنَزَلَ أَبُو بَكْرٍ السُّنْحَ فِي بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، قَالَتْ:
فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ فَدَخَل بَيْتَنَا، فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ رِجَالٌ مِنَ الأَنْصَارِ وَنِسَاءٌ، فَجَاءَتْنِي أُمِّي وَأَنَا فِي أُرْجُوحَةٍ بَيْنَ عدقين يُرْجَحُ بِي، فَأَنْزَلَتْنِي ثُمَّ وَفَتْ جُمَيْمَة كَانَتْ لِي، وَمَسَحَتْ وَجْهِي بِشَيْءٍ مِنْ مَاءٍ، ثُمَّ أَقْبَلَتْ تَقُودُنِي، حَتَّى إِذَا كُنْتُ عِنْدَ الْبَابِ وَقَفَتْ بِي حَتَّى ذَهَبَ بَعْضُ نَفَسِي، ثُمَّ ادخلت ورسول الله جَالِسٌ عَلَى سَرِيرٍ فِي بَيْتِنَا قَالَتْ: فَأَجْلَسَتْنِي فِي حِجْرِهِ، فَقَالَتْ: هَؤُلاءِ أَهْلُكَ فَبَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيهِنَّ وَبَارَكَ لَهُنَّ فِيكَ! وَوَثَبَ الْقَوْمُ وَالنِّسَاءُ، فَخَرَجُوا، فَبَنَى بِي رَسُولُ اللَّهِ فِي بَيْتِي، مَا نُحِرَتْ جَزُورٌ وَلا ذُبِحَتْ عَلَيَّ شَاةٌ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ ابْنَةُ تِسْعِ سِنِينَ، حَتَّى أَرْسَلَ إِلَيْنَا سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ بِجَفْنَةٍ كَانَ يرسل بها الى رسول الله ص.
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ- وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي- قَالَ: حَدَّثَنَا أَبَانٌ الْعَطَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى عَبْدِ الملك ابن مَرْوَانَ: إِنَّكَ كَتَبْتَ إِلَيَّ فِي خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ تَسْأَلُنِي: مَتَى تُوُفِّيَتْ؟
وَإِنَّهَا تُوُفِّيَتْ قَبْلَ مخرج رسول الله ص مِنْ مَكَّةَ بِثَلاثِ سِنِينَ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ، وَنَكَحَ عَائِشَةَ مُتَوَفَّى خَدِيجَةَ، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ رَأَى عَائِشَةَ مَرَّتَيْنِ، يُقَالُ لَهُ: هَذِهِ امْرَأَتُكَ، وَعَائِشَةُ يَوْمَئِذٍ ابْنَةُ سِتِّ سِنِينَ

(3/163)


ثم ان رسول الله ص بنى بعائشة بعد ما قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَهِيَ يَوْمَ بَنَى بِهَا ابْنَةُ تِسْعِ سِنِينَ رجع الخبر إلى خبر هشام بن محمد ثم تزوج رسول الله ص عائشة بنت أبي بكر- واسمه عتيق بْن أبي قحافة، وهو عثمان- ويقال عبد الرحمن بن عثمان- بن عامر بن عَمْرو بن كعب بن سَعْدِ بْنِ تيم بن مرة تزوجها قبل الهجرة بثلاث سنين، وهي ابنة سبع سنين، وجمع إليها بعد أن هاجر إلى الْمَدِينَةِ وهي ابنة تسع سنين فِي شوال، فتوفى عنها وهي ابنه ثمان عشره، ولم يتزوج رسول الله ص بكرا غيرها، ثم تزوج رسول الله ص حفصة بنت عمر بن الخطاب ابن نفيل بْن عبد العزى بْن رياح بْن عبد الله بْن قرط بْن كعب- وكانت قبله عِنْد خنيس بْن حذافة بْن قيس بن عدى ابن سعد بْن سهم.
وَكَانَ بدريا، شهد بدرا مع رسول الله ص- فلم تلد لَهُ شيئا، ولم يشهد من بني سهم بدرا غيره
. ثُمَّ تزوج رَسُول الله ص أم سلمة، واسمها هند بنت أبي أمية بْن المغيرة بْن عبد الله بْن عمر بْن مخزوم، وكانت قبله عِنْد أبي سلمة ابن عبد الأسد بْن هلال بْن عبد الله بْن عمر بْن مخزوم، وشهد بدرا مَعَ رسول الله ص، وَكَانَ فارس القوم، فأصابته جراحة يوم أحد فمات منها، وَكَانَ ابن عمة رَسُول اللَّهِ ورضيعه، وأمه برة بنت عبد المطلب ولدت لَهُ عمر، وسلمة، وزينب، ودرة، [فلما مات كبر رسول الله ص على أبي سلمة تسع تكبيرات، فلما قيل: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أسهوت أم نسيت؟ قَالَ: لم أسه ولم أنس، ولو كبرت على أبي سلمة ألفا كان أهلا لذلك،] ودعا النبي ص لأبي سلمة بخلفه فِي أهله فتزوجها رَسُول الله ص قبل الأحزاب سنة ثلاث، وزوج سلمة بْن أبي سلمة ابنة حمزة بْن عبد المطلب

(3/164)


ثم تزوج رسول الله ص عام المريسيع جويرية بنت الحارث ابن أبي ضرار بْن حبيب بْن مالك بْن جذيمة- وهو المصطلق بْن سعد بْن عمرو- سنة خمس، وكانت قبله عِنْد مالك بْن صفوان ذي الشفر بْن أبي سرح بْن مالك بْن المصطلق، لم تلد لَهُ شيئا، فكانت صفيه رسول الله ص يوم المريسيع، فأعتقها وتزوجها، وسألت رَسُول اللَّهِ ص عتق ما فِي يده من قومها، فأعتقهم لها.
ثم تزوج رسول الله ص أم حبيبة بنت أبي سفيان بْن حرب، وكانت عِنْد عبيد الله بْن جحش بْن رئاب بن يعمر بن صبره بْن مرة بْن كبير بْن غنم بْن دودان بْن أسد- وكانت من مهاجرات الحبشة هي وزوجها، فتنصر زوجها وحاولها أن تتابعه فأبت وصبرت على دينها، ومات زوجها على النصرانية، فبعث رسول الله ص إلى النجاشي فيها، فَقَالَ النجاشي لأصحابه: من أولاكم بِهَا؟ قالوا: خالد بْن سعيد بْن العاص، قَالَ: فزوجها من نبيكم، ففعل وأمهرها أربعمائة دينار ويقال: بل خطبها رسول الله ص إلى عثمان بْن عفان، فلما زوجه إياها بعث إلى النجاشي فيها، فساق عنه النجاشي، وبعث بها الى رسول الله ص.
ثم تزوج رسول الله ص زينب بنت جحش بن رئاب ابن يعمر بْن صبرة، وكانت قبله عِنْد زيد بْن حارثة بْن شراحيل مولى رَسُول اللَّهِ ص، فلم تلد لَهُ شيئا، وفيها أنزل الله عز وجل: «وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ» إلى آخر الآية، فزوجها الله عز وجل إياه، وبعث فِي ذَلِكَ جبريل، وكانت تفخر على نساء النبي ص، وتقول: أنا أكرمكن وليا، وأكرمكن سفيرا.
ثُمَّ تزوج رسول الله ص صفية بنت حيي بْن أخطب بْن سعية بْن ثعلبة بْن عبيد بْن كعب بْن الخزرج بْن أبي حبيب بْن النضير،

(3/165)


وكانت قبله تحت سلام بْن مشكم بْن الحكم بْن حارثة بْن الخزرج بْن كعب بْن الخزرج، وتوفي عنها وخلف عليها كنانة بْن الربيع بْن أبي الحقيق، فقتله محمد بن مسلمه بأمر النبي ص، ضرب عنقه صبرا، فلما تصفح النبي ص السبي يوم خيبر، ألقى رداءه على صفية، فكانت صفية يوم خيبر، ثُمَّ عرض عليها الإسلام فأسلمت، فأعتقها، وذلك سنة ست.
ثُمَّ تزوج رسول الله ص ميمونه بنت الحارث بن حزن ابن بجير بْن الهزم بْن رويبة بْن عبد الله بْن هلال، وكانت قبله عِنْد عمير ابن عمرو، من بني عقدة بْن غيرة بْن عوف بن قسي- وهو ثقيف- لم تلد لَهُ شيئا، وهي أخت أم الفضل امرأة العباس بْن عبد المطلب، فتزوجها رسول الله ص بسرف فِي عمرة القضاء، زوجها إياه العباس ابن عبد المطلب، فتزوجها رَسُول اللَّهِ.
وكل هؤلاء اللواتي ذكرنا ان رسول الله ص تزوجهن إلى هذا الموضع، توفي رَسُول اللَّهِ وهن أحياء، غير خديجة بنت خويلد.
ثُمَّ تزوج رسول الله ص امرأة من بني كلاب بْن ربيعة، يقال لَهَا النشاة بنت رفاعة، وكانوا حلفاء لبني رفاعة من قريظة وقد اختلف فيها، وَكَانَ بعضهم يسمي هذه سنا وينسبها، فيقول: سنا بنت أسماء بْن الصلت السلمية وقال بعضهم: هي سبا بنت أسماء بْن الصلت من بني حرام من بني سليم وقالوا: توفيت قبل ان يدخل بها رسول الله ص، ونسبها بعضهم فَقَالَ: هي سنا بنت الصلت بْن حبيب بْن حارثة بْن هلال بْن حرام بْن سمال بْن عوف السلمي.
ثُمَّ تزوج رسول الله ص الشنباء بنت عمرو الغفارية.
وكانوا أيضا حلفاء لبني قريظة، وبعضهم يزعم أنها قرظية، وقد جهل نسبها لهلاك بني قريظة، وقيل أيضا إنها كنانية، فعركت حين دخلت

(3/166)


عليه، ومات إبراهيم قبل أن تطهر، فقالت: لو كان نبيا ما مات أحب الناس اليه، فسرحها رسول الله ص.
ثم تزوج رسول الله ص غزية بنت جابر من بني أبي بكر بْن كلاب، بلغ رَسُول اللَّهِ عنها جمال وبسطة، فبعث أبا أُسَيْدٍ الأنصاري، ثُمَّ الساعدي، فخطبها عليه فلما قدمت على النبي ص- وكانت حديثة عهد بالكفر فقالت: إني لم أستأمر فِي نفسي، إني أعوذ بالله منك! فقال النبي ص: امتنع عائذ الله وردها الى أهلها، يقال: إنها من كندة.
ثُمَّ تزوج رَسُول اللَّهِ ص أسماء بنت النعمان بن الأسود ابن شراحيل بْن الجون بْن حجر بْن معاوية الكندي، فلما دخل بِهَا وجد بِهَا بياضا فمتعها وجهزها وردها إلى أهلها، ويقال: بل كان النعمان بعث بِهَا إلى رَسُول اللَّهِ فسرحته، فلما دخلت عليه استعاذت منه أيضا، فبعث إلى أبيها، فَقَالَ لَهُ: أليست ابنتك؟ قَالَ: بلى، قَالَ لَهَا: ألست ابنته؟ قالت:
بلى، قَالَ النعمان: عليكها يَا رَسُولَ اللَّهِ، فإنها وإنها وأطنب فِي الثناء فَقَالَ: إنها لم تيجع قط، ففعل بِهَا ما فعل بالعامرية، فلا يدرى: ألقولها أم لقول أبيها: إنها لم تيجع قط.
وأفاء الله عز وجل على رسوله ريحانة بنت زيد، من بني قريظة.
وأهدي لرسول الله ص مارية القبطية، أهداها لَهُ المقوقس صاحب الإسكندرية، فولدت له ابراهيم بن رسول الله.
فهؤلاء ازواج رسول الله ص، منهن ست قرشيات.
قَالَ أبو جعفر: وممن لم يذكر هشام فِي خبره هذا ممن روى عن رسول الله ص أنه تزوجه من النساء: زينب بنت خزيمة- وهي التي يقال لَهَا أم المساكين- من بني عامر بْن صعصعة، وهي زينب بنت خزيمة بن الحارث ابن عبد الله بْن عمرو بْن عبد مناف بْن هلال بْن عامر بْن صعصعة، وكانت قبل رَسُول اللَّهِ عِنْد الطفيل بْن الحارث بْن المطلب، أخي عبيدة بْن الحارث، توفيت عند رسول الله ص بالمدينة

(3/167)


وقيل انه لم يمت عِنْد رَسُول اللَّهِ فِي حياته من أزواجه غيرها وغير خديجة وشراف بنت خليفة، أخت دحية بْن خليفة الكلبي، والعالية بنت ظبيان.
حَدَّثَنِي ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ ص الْعَالِيَةَ، امْرَأَةً مِنْ بَنِي أَبِي بَكْرِ بْنِ كِلابٍ فَمَتَّعَهَا، ثُمَّ فَارَقَهَا، وَقُتَيْلَةَ بِنْتَ قَيْسِ ابن معديكرب أُخْتَ الأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ، فَتُوُفِّيَ عَنْهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، فَارْتَدَّتْ عَنِ الإِسْلامِ مَعَ أَخِيهَا، وَفَاطِمَةَ بِنْتَ شُرَيْحٍ.
وَذُكِرَ عَنِ ابْنِ الْكَلْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: غَزِيَّةَ بِنْتِ جَابِرٍ، هِيَ أم شريك، تزوجها رسول الله ص بَعْدَ زَوْجٍ كَانَ لَهَا قَبْلَهُ، وَكَانَ لَهَا مِنْهُ ابْنٌ يُقَالُ لَهُ شَرِيكٌ، فَكُنِّيَتْ بِهِ، فلما دخل بها النبي ص وَجَدَهَا مُسِنَّةً، فَطَلَّقَهَا، وَكَانَتْ قَدْ أَسْلَمَتْ، وَكَانَتْ تَدْخُلُ عَلَى نِسَاءِ قُرَيْشٍ فَتَدْعُوهُنَّ إِلَى الإِسْلامِ.
وَقِيلَ: إِنَّهُ تَزَوَّجَ خَوْلَةَ بِنْتَ الْهُذَيْلِ بْنِ هُبَيْرَةَ بْنِ قَبِيصَةَ بْنِ الْحَارِثِ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَبِهَذَا الإِسْنَادِ أَنَّ لَيْلَى بِنْتَ الْخُطَيْمِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَوَادِ بْنِ ظفر ابن الحارث بن الخزرج، اقبلت الى النبي ص وَهُوَ مُوَلٍّ ظَهْرَهُ الشَّمْسَ، فَضَرَبَتْ عَلَى مَنْكِبِهِ، فَقَالَ: مَنْ هَذِهِ؟ قَالَتْ: أَنَا ابْنَةُ مُبَارِي الرِّيحَ، أَنَا لَيْلَى بِنْتُ الْخُطَيْمِ، جِئْتُكَ أَعْرِضُ عَلَيْكَ نَفْسِي فَتَزَوَّجْنِي، قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ، فَرَجَعَتْ إِلَى قَوْمِهَا، فَقَالَتْ: قَدْ تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالُوا: بِئْسَمَا صَنَعْتِ! أَنْتِ امْرَأَةٌ غَيْرَى، وَالنَّبِيُّ صَاحِبُ نِسَاءٍ، اسْتَقِيلِيهِ نَفْسَكِ، فَرَجَعَتْ إِلَى النَّبِيِّ ص، فَقَالَتْ: أَقِلْنِي، قَالَ: قَدْ أَقَلْتُكِ.
وَبِغَيْرِ هَذَا الاسناد ان النبي ص تَزَوَّجَ عَمْرَةَ بِنْتَ يَزِيدَ، امْرَأَةً مِنْ بَنِي رُؤَاسِ بْنِ كِلابٍ

(3/168)


ذكر من خطب النبي ص من النساء ثُمَّ لم ينكحهن
منهن أم هانئ بنت أبي طالب، واسمها هند، خطبها رسول الله ص ولم يتزوجها، لأنها ذكرت أنها ذات ولد.
وخطب ضباعة بنت عامر بْن قرط بْن سلمة بْن قشير بْن كعب بْن ربيعة بْن عامر بْن صعصعة إلى ابنها سلمة بْن هشام بْن المغيرة، فَقَالَ:
حَتَّى أستأمرها، فأتاها فقال: ان النبي ص خطبك، فقالت:
ما قلت لَهُ؟ قَالَ: قلت لَهُ حَتَّى أستأمرها! قالت: وفي النبي يستأمر! ارجع فزوجه، فرجع فسكت عنه النبي ص، وذلك أنه أخبر أنها قد كبرت.
وخطب- فيما ذكر- صفية بنت بشامة أخت الأعور العنبري، وَكَانَ أصابها سباء، فخيرها، فَقَالَ: إن شئت أنا وإن شئت زوجك، قالت:
بل زوجي، فأرسلها.
وخطب أم حبيب بنت العباس بْن عبد المطلب، فوجد العباس أخاه من الرضاعة، أرضعتهما ثويبة.
وخطب جمرة بنت الحارث بْن أبي حارثة، فَقَالَ أبوها- فيما ذكر:
بِهَا شيء، ولم يكن بِهَا شيء، فرجع فوجدها قد برصت
. ذكر سراري رَسُول اللَّهِ ص
وهي مارية بنت شمعون القبطية، وريحانة بنت زيد القرظية وقيل:
هي من بني النضير وقد مضى ذكر أخبارهما قبل
. ذكر موالي رسول الله ص
فمنهم زيد بْن حارثة وابنه أسامة بْن زيد، وقد ذكرنا خبره فيما مضى.
وثوبان- مولى رَسُول اللَّهِ، فأعتقه، ولم يزل معه حَتَّى قبض، ثُمَّ نزل حمص

(3/169)


وله بِهَا دار وقف، ذكر أنه توفي سنة أربع وخمسين فِي خلافة معاوية.
وقال بعضهم: بل كان سكن الرملة، ولا عقب لَهُ.
وشقران- وَكَانَ من الحبشة، اسمه صالح بن عدى، اختلف في امره قد ذكر عن عبد الله بْن داود الخريبي انه قال: شقران ورثه رسول الله ص عن أبيه وقال بعضهم: شقران من الفرس، ونسبه فقال: هو صالح بن حول ابن مهر بود.
نسب شقران مولى رسول الله ص فِي قول من نسبه إلى عجم الفرس زعم أنه صالح بْن حول بْن مهربوذ بْن آذر جشنس بْن مهربان بْن فيران بْن رستم بْن فيروز بْن ماي بْن بهرام بْن رشتهري، وزعم أنهم كانوا من دهاقين الري.
وذكر عن مصعب الزبيري أنه قَالَ: كان شقران لعبد الرحمن بْن عوف.
فوهبه للنبي ص وانه اعقب، وان آخرهم مئوبا، رجل كان بالمدينة من ولده، كان لَهُ بالبصرة بقية.
ورويفع- وهو أبو رافع مولى رسول الله ص، اسمه أسلم وقال بعضهم: اسمه إبراهيم واختلفوا فِي أمره، فَقَالَ بعضهم: كان للعباس بْن عبد المطلب، فوهبه لرسول الله ص، فأعتقه رَسُول اللَّهِ.
وقال بعضهم: كان أبو رافع لأبي أحيحة سعيد بْن العاص الأكبر فورثه بنوه، فأعتق ثلاثة منهم أنصباءهم منه، وقتلوا يوم بدر جميعا، وشهد أبو رافع معهم بدرا، ووهب خالد بْن سعيد نصيبه منه لرسول الله ص فأعتقه رَسُول اللَّهِ.
وابنه البهي- اسمه رافع.
وأخو البهي عبيد الله بْن أبي رافع- وَكَانَ يكتب لعلي بْن أبي طالب، فلما ولي عمرو بْن سعيد الْمَدِينَةَ دعا البهي، فَقَالَ: من مولاك؟ فَقَالَ: رَسُول اللَّهِ، فضربه مائة سوط، وقال: مولى من أنت! قَالَ: مولى رَسُول اللَّهِ، فضربه مائة سوط، فلم يزل يفعل به ذَلِكَ كلما سأله: مولى من أنت؟ قَالَ:
مولى رسول الله، حتى ضربه خمسمائة سوط، ثُمَّ قَالَ: مولى من أنت؟
قَالَ: مولاكم، فلما قتل عبد الملك عمرو بْن سعيد قَالَ البهي بْن أبي رافع:

(3/170)


صحَّت ولا شلَّت وضرّت عدوها ... يمين هراقت مهجه ابن سعيد
هو ابن ابى العاصي مرارا وينتمي ... إلى أسرة طابت لَهُ وجدود
وسلمان الفارسي- وكنيته أبو عبد الله من أهل قرية إصبهان، ويقال:
إنه من قرية رامهرمز، فأصابه أسر من بعض كلب، فبيع من بعض اليهود بناحية وادي القرى، فكاتب اليهودي، فأعانه رسول الله ص والمسلمون حَتَّى عتق وقال بعض نسابه الفرس: سلمان من كور سابور، واسمه ما به بْن بوذخشان بْن ده ديره وسفينة- مولى رسول الله ص، وَكَانَ لأم سلمة فأعتقته، واشترطت عليه خدمة رسول الله ص حياته، قيل: إنه أسود، واختلف فِي اسمه، فَقَالَ بعضهم: اسمه مهران، وقال بعضهم: اسمه رباح، وقال بعضهم: هو من عجم الفرس، واسمه سبيه بْن مارقيه، وأنسة يكنى أبا مسرح، وقيل: أبا مسروح كان من مولدي السراة، وكان يأذن على رسول الله ص إذا جلس، وشهد بدرا وأحدا والمشاهد كلها مع رسول الله ص وقال بعضهم: أصله من عجم الفرس، كانت أمه حبشية وأبوه فارسيا قَالَ: واسم أبيه بالفارسيه كردوى ابن أشرنيده بْن أدوهر بْن مهرادر بْن كحنكان من بني مهجوار بْن يوماست.
وأبو كبشة- واسمه سليم، قيل إنه كان من مولدي مكة، وقيل:
من مولدي أرض دوس، ابتاعه رسول الله ص فأعتقه، فشهد مَعَ رَسُولِ اللَّهِ بدرا وأحدا والمشاهد توفى في أول يوم استخلف فيه عمر بْن الْخَطَّاب، سنة ثلاث عشرة من الهجرة.
وأبو مويهبة- قيل: إنه كان من مولدي مزينة، فاشتراه رسول الله ص فأعتقه.
ورباح الأسود- كان يأذن لرسول الله ص.
وفضالة- مولى رسول الله ص نزل- فيما ذكر- الشام.
ومدعم- مولى رَسُول الله ص، كان عبدا لرفاعة

(3/171)


ابن زيد الجذامي، فوهبه لرسول الله، فقتل بوادي القرى، يوم نزل بهم رَسُول اللَّهِ، أتاه سهم غرب فقتله.
وأبو ضميرة- كان بعض نسابة الفرس زعم أنه من عجم الفرس، من ولد كشتاسب الملك، وأن اسمه واح بن شيرز بن بيرويس بن تاريشمه ابن ماهوش بن باكمهيز وذكر بعضهم أنه كان ممن صار فِي قسم رَسُول اللَّهِ فِي بعض وقائعه، فأعتقه، وكتب له كتابا بالوصية، وهو جد حسين بن عبد الله بْن أبي ضميرة، وأن ذَلِكَ الكتاب فِي أيدي ولد ولده وأهل بيته، وأن حسين بْن عبد الله هذا قدم على المهدي ومعه ذَلِكَ الكتاب، فأخذه المهدي فوضعه على عينيه، ووصله بثلاثمائة دينار.
ويسار- وَكَانَ فيما ذكر نوبيا، كان فيما وقع في سهم رسول الله ص فِي بعض غزواته فأعتقه، وهو الذي قتله العرنيون الذين أغاروا على لقاح رَسُول اللَّهِ.
ومهران- حدث عن رسول الله ص.
وكان له خصى يقال له مابور- كان المقوقس أهداه إليه مَعَ الجاريتين اللتين يقال لإحداهما مارية، وهي التي تسري بِهَا والأخرى سيرين وهي التي وهبها رسول الله ص لحسان بْن ثابت، لما كان من جناية صفوان بْن المعطل عليه، فولدت لحسان ابنه عبد الرحمن بْن حسان وَكَانَ المقوقس بعث بهذا الخصي مَعَ الجاريتين اللتين أهداهما لرسول الله ص ليوصلهما اليه، ويحفظهما من الطريق حتى متصلا إليه وقيل:
إنه الذي قذفت مارية به، فبعث رسول الله ص عليا وأمره بقتله، فلما رأى عليا وما يريد به تكشف حَتَّى تبين لعلي أنه أجب لا شيء معه مما يكون مَعَ الرجال، فكف عنه علي وخرج إليه من الطَّائِف- وهو محاصر أهلها- أعبد لهم أربعة، فاعتقهم ص، منهم ابو بكر

(3/172)