تاريخ الطبري تاريخ الرسل والملوك وصلة تاريخ الطبري

ثم دخلت

سنه ست عشره وثلاثمائة
[أخبار متفرقة]
(ذكر ما دار في هذه السنه من اخبار بنى العباس) فيها اوقع سليمان الجنابى القرمطى باهل الرحبه، وقتل منهم مقتله عظيمه، ووجه سريه الى ديار ربيعه، فاوقعت ببوادى الاعراب واستباحتها، ثم عادوا الى الرحبه، واستاقوا خمسه آلاف جمل ومواشى كثيره، وزحف القرامطة الى الرقة للإيقاع بأهلها، فحاربوهم أشد محاربه، ورموهم من اعالى دورهم بالماء والتراب والاجر ورموهم بسهام مسمومه، فمات منهم نحو مائه رجل وانصرفوا عنها مفلولين.

ذكر القبض على على بن عيسى الوزير وولايه محمد بن على بن مقله الوزارة
وفي هذه السنه قبض على على بن عيسى، ووكل به في دار الخليفة يوم الثلاثاء لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الاول، وتوجه هارون بن غريب الخال الى ابى على محمد بن على بن الحسن بن عبد الله المعروف بابن مقله، فحمله الى دار المقتدر بعد مراسلات كانت بينهما وضمانات فقلده المقتدر وزارته، وفوض اليه أموره، وخلع عليه الوزارة يوم الخميس لأربع عشرة ليلة خلت من ربيع الأول، فاقر عبيد الله ابن محمد بن عبد الله الكلواذى على ديوان السواد، واقر الفضل بن جعفر بن محمد ابن موسى بن الفرات على ديوان المشرق، وانفذه ناظرا على اعمال فارس، وولى محمد ابن القاسم الكرخي ديوان المغرب- وكان قد قدم من ديار مضر- وقلد الوزير أخاه الحسن بن على ديوان الخاصة وديوان الدار الاصغر، الذى تنشأ منه الكتب بالزيادات والنقل، وقلد أخاه العباس بن على ديوان الفراتيه وديوان الجيش، واقر عثمان بن سعيد الصيرفى على ديوان الجيش الأصل، وابراهيم بن خفيف على ديوان النفقات،

(11/117)


واجرى الأمور احسن مجاريها، وامر الا يطالب احد بمصادره ولا غرم، ولا يعرض لصنائع احد، حتى اقر احمد بن جانى على ما كان يتقلده من ديوان اقطاع الوزراء، واجلس ابراهيم بن أيوب النصراني كاتب على بن عيسى بين يديه على رسمه، واقره على ديوان الجهبذه، وضمن امر الرجاله المصافيه الملازمين لدار الخليفة، وقد بلغت نوبتهم عشرين ومائه الف دينار في كل هلال فاستبشر الناس به، وسكنوا اليه، وأمنوا وانفسحت آمالهم، واتسعت هممهم، وتباشروا بأيامه ثم خلع في غره جمادى الاولى على ابى القاسم وابى الحسين وابى الحسن بنى ابى على محمد بن على الوزير لتقلد الدواوين، ثم خلع على محمد بن على بعد ذلك لتكنيه امير المؤمنين اياه.
قال الصولي: ولا اعلم انه ولى الوزارة احد بعد عبيد الله بن يحيى بن خاقان مدح من الاشعار باكثر مما مدح به محمد بن على قبل الوزارة، وفي الوزارة، وبعد ذلك لشهرته في الشعر، وعلمه به واثابته عليه وظهر من ذكاء ابنه ابى الحسين واستقلاله بالأعمال، وتصرفه في الآداب وحسن بلاغته وخطه ما تواصفه الناس، وكان اكثر ذلك في وزارته الثانيه، حين انفجر عليه الشباب، وزالت الطفوله عنه قال: وما رأينا وزيرا مذ توفى القاسم بن عبيد الله احسن حركه ولا اظرف اشاره ولا اصلح خطا، ولا اكثر حفظا، ولا اسلط قلما، ولا اقصد بلاغه، ولا آخذ بقلوب الخلفاء من محمد بن على وله بعد هذا كله علم بالاعراب وحفظ باللغة وشعر مليح وتوقيعات حسان وولى الوزير ابنه أبا القاسم ديوان زمام القواد مكان عبيد الله بن محمد، وقلد ابنه أبا عيسى ديوان الضياع المقبوضة عن أم موسى والموروثه عن الخدم، واقر إسحاق بن اسماعيل على ما كان ضامنا له من اعمال واسط، وغير ذلك.
وفي هذه السنه رجع القرمطى الى الكوفه، فخرج اليه نصر الحاجب محتسبا وانفق من ماله مائه الف دينار الى ما اعطاه السلطان، واعانه به واجتهد في لقاء القرمطى ونصحه الجيش الذين كانوا معه، وحسنت نياتهم في محاربه القرمطى.
فاعتل نصر في الطريق، ومات في شهر رمضان، فحمل الى بغداد في تابوت وولى الحجابه مكانه ابو الفوارس ياقوت مولى المعتضد، وهو إذ ذاك امير فارس، فاستخلف له ابنه ابو الفتوح الى ان يوافى ياقوت.

(11/118)


ذكر الحوادث التي أحدثها القرامطة بمكة وغيرها
وفي هذه السنه سار الجنابى القرمطى لعنه الله الى مكة، فدخلها واوقع بأهلها عند اجتماع الموسم واهلال الناس بالحج، فقتل المسلمين بالمسجد الحرام، وهم متعلقون باستار الكعبه، واقتلع الحجر، وذهب به، واقتلع أبواب الكعبه وجردها من كسوتها، وأخذ جميع ما كان فيها من آثار الخلفاء التي زينوا بها الكعبه وذهبوا بدره اليتيم، وكانت تزن- فيما ذكر اهل مكة- اربعه عشر مثقالا، وبقرطى مارية، وقرن كبش ابراهيم، وعصا موسى، ملبسين بالذهب مرصعين بالجوهر، وطبق ومكبه من ذهب وسبعه عشر قنديلا، كانت بها من فضه وثلاث محاريب فضه كانت دون القامة منصوبه في صدر البيت، ثم رد الحجر بعد اعوام ولم يرد من سائر ذلك شيء.
وقيل ان الجنابى لعنه الله صعد الى سطح الكعبه ليقلع الميزاب، وهو من خشب ملبس بذهب، فرماه بنو هذيل الاعراب من جبل ابى قبيس بالسهام حتى ازالوهم عنه، ولم يصلوا الى قلعه وظهر قرامطه يعرفون بالنفليه بسواد الفرات، ومعهم قوم من الاعراب من بنى رفاعة وذهل وعبس فعاثوا وأفسدوا، وكان عليهم رؤساء منهم يقال لهم عيسى بن موسى ابن اخت عبدان القرمطى ومسعود بن حريث من بنى رفاعة ورجل يعرف بابن الأعمى فاوقعوا وقائع عظيمه، وأخذوا الجزية ممن خالفهم على رسوم أحدثوها وجبوا الغلات، فانفذ المقتدر هارون بن غريب الى واسط فاوقع بهم، وقتل كثيرا منهم، وحمل منهم الى مدينه السلام مائتي اسير، فقتلوا وصلبوا.
4 وورد الخبر في شعبان بان الحسن بن القاسم الحسنى قام بالري ومعه ديلمى يقال له ما كان بن كاكى، وان العامل عليها هرب الى خراسان منه، ثم ورد الخبر في شوال باقبال ديلمى يقال له اسفار بن شيرويه من اصحاب الحسن بن القاسم الى الري أيضا، وان هارون بن غريب لقى اسفار هذا بناحيه قزوين، فهزمه اسفار وقتل اكثر رجاله وافلت هارون وحده، ثم تلاحق به من بقي من اصحابه وفيها ولى ابراهيم بن ورقاء اماره البصره وشخص إليها من بغداد، فما راى الناس في هذا العصر أميرا اعف منه

(11/119)


ولما صار هارون بن غريب الى الكوفه، قلد كور الجبل كلها وضم اليه وجوه القواد فقلد أبا العباس بن كيغلغ معاون همذان ونهاوند مكان محمد بن عبد الصمد، وقلد نحريرا الخادم الدينور مكان عبد الله بن حمدان، وخلع عليهما في دار السلطان، فاستوحش لذلك عبد الله بن حمدان، وكان هذا سبب معاونه عبد الله بن حمدان لنازوك عند ما احدثاه على المقتدر مما سيأتي ذكره.
وفي هذه السنه ولى ابو عبد الله احمد بن محمد بن يعقوب بن إسحاق البريدى خراج الاهواز بعد اعمال كثيره تصرف فيها هو واخواه ابو يوسف وابو الحسين، فحمدت آثارهم، وشاعت كفايتهم، وحرص السلطان على اصطناعهم وزيادتهم فعلت أحوالهم، وزادت مراتبهم، وظهر من استقلال ابى عبد الله احمد بن محمد بالأعمال وقرب ماخذها عليه والمعرفة بوجوه النظر والاجتهاد في إرضاء السلطان ما تعارفه الناس وعلموه، مع تخرق في الكرم والسودد، وحسن الرعاية لمن خدمه، واتصل به ولمن امله وقصده، حتى انه لا يرضى لكل واحد منهم الا بغناه، فأحب السلطان ان يلى هو واخواه اكثر الاعمال الدنيا، فلم يحبوا ذلك، واقتصر كل واحد منهم على دون ما يستحق من الاعمال.
وفيها ولى ابو الحسين عمر بن الحسن الأشناني قضاء المدينة مكان ابن البهلول إذ كبر واختلط عليه امره، ثم استعفى ابن الأشناني فاعفى، وولى الحسين بن عبد الله ابن على بن ابى الشوارب قضاء المدينة، وقلد ابو طالب محمد بن احمد بن إسحاق ابن البهلول قضاء الاهواز والأنبار، عوضا مما كان يليه أبوه من قضاء المدينة وفيها توفى ابو إسحاق بن الضحاك الخصيبى والليث بن على بالرقة.
وحج بالناس في هذه السنه من تقدم ذكره.

(11/120)


ثم دخلت

سنه سبع عشره وثلاثمائة
(ذكر ما دار في هذه السنه من اخبار بنى العباس)

فيها ثار بالمقتدر بعض قواده،
وخلعوه وهتك الجند داره، ونهبوا ماله ثم اعيد الى الخلافه، وجددت له البيعه، وذلك ان مؤنسا المظفر لما قدم من الرقة عند اخراجه الى القرامطة، وقرب من بغداد، لقيه عبد الله بن حمدان ونازوك الحاجب، فاغرياه بالمقتدر، واعلماه بانه يريد عزله عن الإمارة وتقديم هارون بن غريب مكانه، لما تقدم ذكره من عزل المقتدر لابن حمدان عن الدينور مع استفساده الى نازوك فعمل ذلك في نفس مؤنس، ودخل بغداد أول يوم من المحرم وعدل الى داره، ولم يمض الى دار الخليفة، فوجه اليه المقتدر أبا العباس ولده ومحمد بن مقله وزيره، فاعلماه تشوقه اليه ورغبته في رؤيته، فاعتذر بعلة شكاها، وان تخلفه لم يكن الا بسببها، فارجف الناس بتكرهه الاقبال اليه، وتجمعت الرجاله المصافيه الملازمة بالحضرة الى باب داره، فواثبهم اصحابه، ودافعوهم، ووقع بنفس مؤنس ان الذى فعله الرجاله انما كان عن امر المقتدر، فخرج من الدار، وجلس في طيار وصار الى باب الشماسيه، وعسكر وتلاحق به اصحابه وخرج اليه نازوك في جميع جيشه، فعسكر معه، وذلك يوم الأحد لتسع خلون من المحرم ولما بلغ المقتدر ذلك ارتاع له، ووعده باخراج هارون بن غريب الى الثغر، وبذل له كل ما رجا به استمالته واذهاب وحشته وكتب المقتدر الى مؤنس واهل الجيش كتابا كان فيه:
واما نازوك فلست ادرى سبب عتبة واستيحاشه، فو الله ما اعنت عليه هارون حين حاربه، ولا قبضت يده حين طالبه، والله يغفر له سوء ظنه واما عبد الله بن حمدان فلا اعرف شيئا احفظه الا عزله عن الدينور، وما كنا عرفنا رغبته فيها، وانما أردنا نقله الى ما هو اجل منها، وما لأحد عندي الا ما أحب لنفسه، فان اريد بي نقض البيعه، فانى مستسلم لامر الله، وغير مسلم حقا خصنى الله به، وافعل ما فعل

(11/121)


عثمان بن عفان رضى الله عنه ولا الزم نفسي حجه، لا آتى في سفك الدماء ما نهى الله عنه الا في المواطن التي حدها الله في الكافرين والبغاة من المسلمين ولست استنصر الا بالله، لما اؤمله من الفوز في الآخرة، وإِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ.
فلما قرئ كتاب المقتدر في العسكر وثب وجوه الجيش، وقالوا: نمضي الى دار الخليفة لنسمع منه ما يقول وبلغ ذلك المقتدر، فاخرج عن الدار كل من كان يحمل سلاحا، وجلس على سريره، وفي حجره مصحف يقرا فيه، واقام بنيه حوالى نفسه، وامر بفتح الأبواب، والا يمنع احد الدخول فلما علم ذلك مؤنس المظفر اقبل الى باب الخاصة ليعرف الحقيقة، ويستقرب مراسله الخليفة ثم كره ان يدخل عليه فيحدث من الأمر مالا يتلافاه فامر الحجاب بان يرجعوا الى الدار، والزم معهم قوما من اصحابه، وصرف الناس الى منازلهم على حال جميله، وكلهم مسرور بالسلامة، ورجع هو الى داره ليزيد بذلك في تسكين الناس وتطييب نفس الخليفة، وذلك يوم الاثنين لعشر خلون من المحرم.
فلما كان يوم الخميس لثلاث عشره خلت منه عاد اصحاب نازوك وسائر الفرسان الى الركوب في السلاح، وساروا الى دار مؤنس المظفر فاخرجوه عن كره منه الى المصلى العتيق، وغلبه نازوك على التدبير، واستأثر بالأمر، وباتوا في تلك الليلة على هذه الحال فلما اصبح نازوك ركب والناس معه في السلاح الى دار السلطان، فوجدوا الأبواب مغلقة، فاحرقوا بعضها ودخلوا الدار، وقد تكامل على بابها من الفرسان نحو اثنى عشر ألفا فلما سمع المقتدر نفيرهم دخل هو وولده داخل القصر، ونزل محمد بن مقله الى دجلة، فركب طيارة، وصار الى منزله، وتقحم نازوك واصحابه دخول الدار على دوابهم الى ان صاروا الى مجالس الخليفة، وهم يطلبونه ويكشفون عنه فلما راى مؤنس ذلك دخل الدار، وسال بعض الخدم عن المقتدر، فاعلمه بمكانه، فاحتال في اخراجه واخراج أمه وولده ووجه معهم ثقاته الى داره ليستتروا فيها، واخرج على بن عيسى من المكان الذى كان محبوسا فيه، فصرفه الى منزله، واخرج الحسين بن روح- وكان محبوسا أيضا بسبب مال طولب به-

(11/122)


فصرفه الى منزله، ونهب الجند الدار ومحوا رسوم الخلافه وهتكوا الحرمه، وصاروا من أخذ الجوهر والثياب والفرش والطيب الى مالا قدر له ثم وكل مؤنس اصحابه بالقصر وابوابه، واجمع راى نازوك وعبد الله بن حمدان على اقعاد محمد بن المعتضد للخلافة، واحضروه الدار ليله السبت، وحضر معهما مؤنس المظفر، ودعا لمحمد بن المعتضد بكرسي، وخاطبه ثم انصرف مؤنس الى داره، واقام نازوك في الدار إذ كان يتولى الحجابه مع الشرطه، وانصرف عبد الله بن حمدان الى منزله، ووجه نازوك بالليل من نهب دار هارون بن غريب الخال بنهر المعلى وداره بالجانب الغربي، واحرقنا جميعا، ونهبت دور الناس طول ليله السبت، فكانت من اشام الليالى على اهل بغداد، وافلت كل لص وجانى جناية ومقتطع مال، وفتقوا السجون التي كانوا فيها، وافلت من دار السلطان عبد الله صاحب الجنابى، وعيسى بن موسى الديلمى وغيرهما من اهل الجزائر.
ثم اصبح الناس على مثل ذلك الى ان ركب نازوك واظهر الانكار لما حدث من النهب، وضرب اعناق قوم وجد معهم امتعه الناس، فكف الأمر قليلا، وسمى محمد بن المعتضد القاهر بأمر الله، وسلم عليه بالخلافة، ووجه القاضى محمد بن يوسف وجماعه معه الى دار مؤنس المظفر ليجبروا المقتدر على الخلع، فامتنع من ذلك.
ثم ان الرجاله المصافيه طالبوا بست نوب وزياده دينار، وكان يجب لهم في كل نوبه مائه وعشرون الف دينار عين، إذ كانوا في عشرين الف راجل، وكان عدد الفرسان اثنى عشر ألفا، ومبلغ مالهم في كل شهر خمسمائة الف دينار فضمن نازوك ثلاث نوب للرجاله، ودافعهم عن الزيادة، فقالوا: لا نأخذ الا الست نوب والدينار الزائد، واخر نازوك إعطاء الجند، إذ لم يجتمع له المال، وألحوا في قبضه فلم يعطوا شيئا يوم السبت ولا يوم الأحد، وبكر الرجاله يوم الاثنين الى الدار للمطالبة بالمال، فدخل نازوك وخادمه عجيب الصقلبى الى الصحن المعروف بالشعيبى ودخل الرجاله الى الدهليز يشتمون نازوك، ويغلظون له، ويتواعدونه، لتاخيره العطاء والزيادة عنهم.
ثم انهم هجموا في الدار، وثاروا على نازوك لعداوتهم له وحربهم له في أول امارته فقتلوا عجيبا خادمه، وكان نازوك قد سد الطرق والممرات التي كانت في دار السلطان تحصينا على نفسه واستظهارا على امره فلما راى فعل الرجاله وايقن بالشر دخل

(11/123)


ليهرب من بعض الممرات، فوجدها مسدودة، ولحقه رجل من الرجاله اصفر يقال له مظفر وآخر يقال له سعيد بن يربوع، ويلقب بضفدع، فقتلاه ثم صلب جسده من وقته على بعض ادقال الستائر التي تلى دجلة، وصاحوا: لا نريد الا خليفتنا المقتدر بالله، ووثب القاهر مع جماعه من خدمه فخرج من بعض أبواب القصر، وجلس في طيار، ومضى الى موضعه في دار ابن طاهر.
قال الصولي: ونحن نرى ذلك كله من دجلة، ونهبت دار نازوك في ذلك الوقت، ودار بنى بن نفيس وقد قيل ان مؤنسا المظفر لما راى غلبه نازوك على الأمر وجه ليله الاثنين الى نقباء الرجاله فواطاهم على ما فعلوه، وكان لا يريد تمام خلع المقتدر، ولذلك ما ستره ولم يبت عنه منذ ادخله داره وكان عبد الله بن حمدان في الوقت الذى قتل فيه نازوك بين يدي القاهر وهو يراه خليفه، فلما هرب القاهر طلب ابن حمدان من بعض الغلمان جبه صوف كانت عليه، وضمن له مالا، فلبسها وبادر يريد بعض الأبواب، فندر به قوم من الغلمان والخدم، فما زالوا يرمونه بالنشاب حتى قتلوه واحتزوا راسه.