شذرات الذهب في أخبار من ذهب
سنة إحدى وخمسين
وفيها توفّي سعيد بن زيد القرشيّ العدويّ، أحد العشرة، المجاب الدّعوة،
دعا على أروى [1] لما كذّبت عليه فقال: اللهمّ إن كانت كاذبة فأعم
بصرها، واقتلها في أرضها [2] ، فعميت ووقعت في حفرة من أرضها فماتت، لم
يشهد بدرا هو ولا عثمان ابن عفّان، ولا طلحة بن عبيد الله، فأمّا عثمان
فاحتبس على مرض زوجته رقيّة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمّا
سعيد وطلحة، فبعثهما النبيّ صلى الله عليه وسلم يتجسّسان الأخبار في
طريق الشام، وضرب لهما النبيّ صلى الله عليه وسلم سهمهما من الغنيمة.
وفيها، وقيل: في التي تليها توفّي أبو أيوب الأنصاريّ خالد بن زيد
بالقسطنطينية [3] وهم محاصرون لها، وقبره تحت سورها يستسقى به،
__________
[1] هي أروى بنت أنيس.
[2] في «الإصابة» لابن حجر (4/ 189) ، فقال: اللهم إنها قد زعمت أنها
ظلمت، فإن كانت كاذبة فأعم بصرها، وألقها في بئرها، وأظهر حقي نورا بين
المسلمين إني لم أظلمها، قال (القائل: أبو نعيم) : فبينما هم على ذلك
إذ سال العقيق سيلا لم يسل مثله قط، فكشف عن الحدّ الذي كانا يختلفان
فيه، فإذا سعيد بن زيد في ذلك قد كان صادقا، ثم لم تلبث إلا يسيرا حتى
عميت، فبينما هي تطوف في أرضها تلك سقطت في بئرها.
[3] وهي المعروفة في أيامنا باستانبول.
(1/246)
ويتبرّك [1] وكان عقبيّا [2] كثير المناقب،
وموضع بيته الذي نزل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم مدرسة تعرف
بالشهابيّة [3] .
وفيه موضع يقال له: المبرك، يعنون مبرك ناقة رسول الله صلى الله عليه
وسلم [4] .
وفيها قتل حجر بن عديّ وأصحابه بمرج عذراء [5] من أرض الشام، قيل:
قتلوا بأمر معاوية، ولذا قال عليّ كرّم الله وجهه: حجر بن عديّ وأصحابه
كأصحاب الأخدود وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا
بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ 85: 8 [البروج: 8] ، فإن صحّ هذا عن
عليّ فيكون من باب الإخبار بالغيب، لأنه توفي قبل كما تقدّم [6] ، وكان
لحجر صحبة ووفادة [7] وجهاد وعبادة.
وفيها على الأصح توفّي جرير بن عبد الله البجليّ بقرقيسا [8] .
__________
[1] لا ينبغي أن يستسقى بالقبر ولا أن يتبرك به، وقد استسق عمر بن
الخطاب رضي الله عنه بالعباس بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه
وسلم، أي بدعائه وهو على قيد الحياة. (ع) .
[2] في الأصل: «عتيا» وهو خطأ، والصواب ما في المطبوع. والمعنى أنه كان
من أهل بيعة العقبة.
[3] ولا أثر لهذه المدرسة الآن، وقد بني في مكانها في هذا العصر
المتأخر دائرة لوزارة الأوقاف.
[4] ولا يوجد أثر لموضع مبرك الناقة اليوم فيه.
[5] قال ياقوت: عذراء قرية بغوطة دمشق من إقليم خولان معروفة، وإليها
ينسب مرج، وإذا انحدرت من ثنية العقاب وأشرفت على الغوطة فتأملت على
يسارك رأيتها أول قرية تلي الجبل، وبها منارة، وبها قتل حجر بن عدي
الكندي، وبها قبره، وقيل: إنه هو الذي فتحها. انظر «معجم البلدان» (4/
91) و (5/ 101) .
[6] بل لا يصح ذلك، لأن عليا رضي الله عنه لا يعلم الغيب، بل ورسول
الله صلى الله عليه وسلم لم يعلم الغيب، إلا بإخبار الوحي من السماء،
ولا وحي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. (ع) .
[7] في الأصل: «ووقارة» وما أثبتناه من المطبوع. يقال: وفد فلان على
الأمير، أي ورد رسولا، فهو وافد، والاسم الوفادة.
[8] يقال لها: قرقيساء بياء واحدة، وقرقيسياء، بياءين، معرب من
كركيسياء، وهو مأخوذ من كركيس، وهو اسم لإرسال الخيل، المسمى بالعربية
الحلبة، وهي كورة من كور ديار ربيعة، بين الجزيرة والشام. انظر «معجم
البلدان» (4/ 228، و 229) .
(1/247)
وفيها توفّيت أمّ المؤمنين ميمونة بنت
الحارث الهلاليّة، وقد تقدّمت ترجمتها في سنة تسع وثلاثين.
__________
وجرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه، أسلم أواخر السنة التاسعة من
الهجرة، وكان مع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وكان رضي الله
جميلا، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول عنه: يوسف هذه الأمة،
وقدّمه عمر رضي الله عنه في حروب العراق على جميع بجيلة، وكان لهم أمر
عظيم في فتح القادسية، ثم سكن جرير الكوفة، واعتزل الفتنة، وسكن
قرقيسيا حتى مات سنة (51 هـ) رضي الله عنه. (ع) .
(1/248)
سنة اثنتين وخمسين
فيها توفّي عمران بن حصين الخزاعيّ، كثير المناقب، ومن أهل السّوابق،
بعثه عمر يفقّه أهل البصرة، وتولّى قضاءها، وكان الحسن البصريّ يحلف
بالله، ما قدمها خير لهم من عمران بن حصين، وهو الرّاوي لحديث وصف
المتوكّلين الذين لا يرقون [1] ، ولا يسترقون، ولا يتطيّرون، وكان يسمع
تسليم الملائكة عليه حتى اكتوى بالنّار، فلم يسمعهم عاما، ثمّ أكرمه
الله بردّ ذلك، أسلم هو وأبو هريرة عام خيبر، واستقضاه عبد الله بن
عامر على البصرة، ثم استعفاه، فأعفاه.
وفيها توفي كعب بن عجرة الأنصاريّ الحديبيّ [2] ، وكان من فضلاء
الصحابة.
__________
[1] أقول: جاءت هذه الرواية في «صحيح مسلم» رقم (220) بلفظ: «لا يرقون»
كما ذكر المؤلف، وقد أنكرها شيخ الإسلام ابن تيمية، وذكر أنها غلط من
راويها، واعتل بأن الراقي يحسن إلى الذي يرقيه، فكيف يكون ذلك مطلوب
الترك، وانظر «فتح الباري» للحافظ ابن حجر (11/ 408) . (ع) .
[2] الحديبي، نسبة إلى عمرة الحديبية، فإنه شهدها، ونزلت في قصته
الفدية كما في «الصحيحين» من طرق، منها أن النبي صلى الله عليه وسلم
مرّ به وهو محرم والقمل يتناثر على وجهه، فقال له: «احلق رأسك، وأطعم
فرقا بين ستة مساكين» . ويقال له كما هو المشهور «كعب بن عجرة البلوي»
نسبة إلى بلي بن عمرو بن قضاعة. (ع) .
(1/249)
ومعاوية بن حديج [1] الكنديّ التّجيبيّ
الأمير، له صحبة ورواية.
وأبو بكرة نفيع بن الحارث، وقيل: ابن مسروح، تدلّى من حصن الطّائف
ببكرة للإسلام، فلذا كنّي بأبي بكرة.
وفيها، وقيل: في سنة إحدى أو أربع وخمسين، توفي سيّد بجيلة جرير ابن
عبد الله البجليّ الأمير، قال: ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم
منذ أسلمت، ولا رآني إلا تبسّم في وجهي، أسلم سنة عشر، وسكن الكوفة،
وبجيلة أمّ القبيلة، وقيل: هو أنمار أحد أجدادهم، وفيهم يقول الشّاعر:
لولا جرير هلكت بجيله ... نعم الفتى وبئست القبيلة [2]
قال عمر رضي الله عنه: ما مدح من سبّ قومه، ووجد عمر مرة من بعض جلسائه
رائحة، فقال: عزمت على صاحب هذه الرّيح إلا قام فتوضأ، فقال جرير: اعزم
علينا كلّنا فلنقم، فعزم عليهم، ثم قال: يا جرير ما زلت شريفا في
الجاهلية والإسلام، وسأله عمر عن النّاس، فقال: هم كسهام الجعبة، منها
القائم الرائش، والنّصل الطّائش.
__________
[1] في الأصل، والمطبوع: «معاوية بن خديج» بالخاء، وهو تصحيف.
[2] البيت في «الاستيعاب» لابن عبد البر على هامش «الإصابة» (2/ 142) .
(1/250)
سنة ثلاث وخمسين
فيها توفّي عبد الرّحمن بن أبي بكر الصّدّيق، وكان من الزّهّاد،
والشّجعان [1] ، قتل يوم اليمامة سبعة، شهد مع قريش بدرا وأحدا مشركا،
وأسلم في هدنة الحديبية، وله المشاهد الجميلة في نصر الإسلام، ولما
دعاه معاوية إلى البيعة ليزيد امتنع، فبعث إليه بمائة ألف درهم فردّها
وقال:
لا أبيع ديني بدنياي، وقصّته معهم مشهورة في «البخاريّ» ، وذلك أنّه
قام حين دعي للبيعة، فقال مروان [2] : هذا الّذي نزل فيه وَالَّذِي قال
لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما أَتَعِدانِنِي 46: 17 [الأحقاف: 17] الآية،
وذلك من كيد [3] مروان، وإنما أورده البخاريّ مرسلا لبيان أثر عائشة
الذي ردّت به على مروان، ولما بلغ عائشة خبر موته بمكّة ارتحلت حتى
وقفت على قبره وقالت:
وكنّا كندماني جذيمة حقبة ... من الدّهر حتى قيل لن يتصدّعا [4]
__________
[1] في المطبوع: «وكان من الزهاد الشجعان» .
[2] يعني مروان بن الحكم.
[3] في الأصل: «من كيس» وهو تحريف، وما أثبتناه من المطبوع.
[4] في الأصل، والمطبوع: «لن نتصدعا» والتصحيح من «الإصابة» لابن حجر،
و «الكامل» للمبرد، و «مختار الأغاني» لابن منظور.
(1/251)
فلمّا تفرّقنا كأني ومالكا ... لطول [1]
اجتماع لم نبت ليلة معا [2]
وفيها توفّي زياد بن أبيه [3] المستلحق، وكان يضرب بدهائه المثل، ولّاه
معاوية العراقين.
وفيها، أو في التي قبلها، توفي عمرو بن حزم الأنصاريّ الخزرجيّ، ولي
نجران [4] وله سبع عشرة سنة.
وفيها فيروز الديلميّ قاتل الأسود العنسيّ، له صحبة ورواية.
وفضالة [5] بن عبيد الأنصاريّ قاضي دمشق لمعاوية، وخليفته عليها.
__________
[1] في الأصل، والمطبوع «بطول» ، والتصحيح من «مختار الأغاني» ، و
«الكامل» ، و «الإصابة» .
[2] البيتان في «مختار الأغاني» لابن منظور (10/ 250) ، و «الكامل»
للمبرد (2/ 354) ، و «الإصابة» لابن حجر (9/ 83) ، وهما لمتمم بن نويرة
من قصيدة طويلة في رثاء أخيه مالك بن نويرة. ورواية البيت الثاني منهما
عند الحافظ ابن حجر في «الإصابة» :
«فلما تفرقنا كأني ومالكا ... لطول افتراق لم نبت ليلة معا»
[3] في المطبوع: «زياد بن أمه» .
[4] قال البكري: نجران: بفتح أوله، وإسكان ثانيه: مدينة بالحجاز من شقّ
اليمن معروفة، سميت بنجران بن زيدان بن يشجب بن يعرب، وهو أول من
نزلها، وأطيب البلاد: نجران من الحجاز، وصنعاء من اليمن، ودمشق من
الشام، والرّيّ من خراسان. «معجم ما استعجم» (4/ 1298، 1299) .
قلت: وفي «معجم ما استعجم» للبكري، و «الروض المعطار» للحميري أيضا ص
(573) : «نجران بن زيد» وهو خطأ، وفي «معجم البلدان» لياقوت (5/ 266) :
«نجران بن زيدان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان» وهو الصواب، وهو
موافق لما في «جمهرة أنساب العرب» لابن حزم ص (329، 330) ، و «القاموس
المحيط» للفيروزآبادي (2/ 144) .
[5] سقطت «الواو» من لفظة «وفضالة» في الأصل، وأثبتناها من المطبوع.
(1/252)
سنة أربع وخمسين
توفي فيها أسامة بن زيد الهاشميّ الكلبي حبّ رسول الله صلى الله عليه
وسلم وابن حبّه قدّمه النبيّ صلى الله عليه وسلم، وأمّره على فضلاء
الصّحابة، وجلّة المهاجرين والأنصار، على حداثة سنّه.
وثوبان [1] بن بجدد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وجبير [2] بن مطعم النّوفلي، وكان من سادات قريش وحلمائها، وقيل: توفي
سنة ثمان وخمسين.
وحسّان بن ثابت الأنصاريّ الشّاعر عن مائة وعشرين سنة مناصفة في
الجاهليّة والإسلام قيل: وكذلك أبوه وجدّه، وكان لسانه يصل إلى جبهته،
ومن قوله مخاطبا لأبي سفيان بن الحارث [3] :
__________
[1] سقطت «الواو» الأولى من الأصل، واستدركناها من المطبوع.
[2] سقطت «الواو» من الأصل، واستدركناها من المطبوع.
[3] هو المغيرة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي القرشي، أبو
سفيان، أحد الأبطال الشعراء في الجاهلية والإسلام، وهو أخو رسول الله
صلى الله عليه وسلم من الرضاعة، كان يألفه في صباهما، ولما أظهر النبيّ
صلى الله عليه وسلم الدعوة إلى الإسلام عاداه أبو سفيان، وهجاه، وهجا
أصحابه، واستمر على ذلك إلى أن قوي المسلمون وتداول الناس خبر تحرك
النبيّ صلى الله عليه وسلم لفتح مكة، فخرج من مكة ونزل بالأبواء- وكانت
خيل المسلمين قد بلغتها قاصدة مكة- ثم تنكّر وقصد رسول الله
(1/253)
أتهجوه ولست له بكفؤ ... فشرّكما لخيركما
الفداء [1]
قيل: وهذا أنصف [2] بيت قالته العرب.
وفيها على خلاف حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد القرشيّ الأسديّ ابن أخي
[3] خديجة [4] ، الشّريف الجواد، أعتق في الجاهليّة مائة رقبة، وحمل
على مائة بعير، وفعل مثل ذلك في الإسلام، وأهدى مائة بدنة وألف شاة،
وأعتق بعرفة مائة وصيف في أعناقهم أطواق الفضّة منقوش فيها «عتقاء الله
عن حكيم بن حزام» وباع دار النّدوة بمائة ألف وتصدّق بها، فقيل له:
__________
صلى الله عليه وسلم، فلما رآه أعرض عنه النبيّ صلى الله عليه وسلم،
فتحول أبو سفيان إلى الجهة التي حول إليها بصره، فأعرض، فأسلم ورسول
الله صلى الله عليه وسلم معرض عنه، وشهد معه فتح مكة ثم وقعة حنين
وأبلى بلاء حسنا، فرضي عنه النبيّ صلى الله عليه وسلم، ثم كان من
أخصائه، فكان يقال له بعد ذلك: «أسد الله» و «أسد الرسول» له شعر كثير
في الجاهلية هجاء بالإسلام، وفي الإسلام هجاء بالمشركين، مات بالمدينة
المنورة سنة (20 هـ) ، وصلى عليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه. انظر
«سير أعلام النبلاء» للذهبي (1/ 202- 205) ، و «أسد الغابة» لابن
الأثير (6/ 144- 147) ، و «مشاهير علماء الأمصار» لابن حبان ص (22) ، و
«الأعلام» للزركلي (7/ 276) .
[1] كذا في الأصل، والمطبوع: و «ديوان حسان بن ثابت» الذي بين أيدينا،
وفي «شرح أبيات المغني» للبغدادي (2/ 19) :
«أتهجوه ولست له بكفء ... فشرّكما لخيركما الفداء»
والبيت في ديوانه ص (18) من قصيدة طويلة ألقاها يوم فتح مكة.
[2] في الأصل: «وهذا نصف بيت قالته العرب» وهو خطأ، والتصحيح من
المطبوع.
[3] في الأصل: «ابن أبي خديجة» وهو خطأ، وما أثبتناه من المطبوع، وهو
الصواب.
[4] هي أمّ المؤمنين خديجة بنت خويلد القرشية الأسدية- زوج النبيّ صلى
الله عليه وسلم- تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل النبوة، ولها
أربعون سنة، وكانت أسن منه بخمس عشرة سنة، ولدت بمكة، ونشأت في بيت شرف
ويسار، ولم يتزوج عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ماتت، ولما
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاها إلى الإسلام، فكانت أول من
أسلم من الرجال والنساء، وأولاد رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم
منها، إلا إبراهيم، وهي التي آزرته على النبوة، وجاهدت معه، وواسته
بنفسها ومالها، وأرسل الله عزّ وجل إليها السلام مع جبريل عليه السلام،
وهذه خاصة لا تعرف لامرأة سواها، وماتت قبل الهجرة بثلاث سنين رضي الله
عنها وأرضاها. انظر «زاد المعاد» لابن القيم (1/ 105) ، و «الأعلام»
للزركلي (2/ 302) .
(1/254)
بعت مكرمة قريش، فقال: ذهبت المكارم.
ولدته أمّه بالكعبة [1] وعاش ستّين سنة في الجاهليّة، وستّين سنة في
الإسلام، ودفن في داره بالمدينة، وهو من مسلمة الفتح.
وفيها أبو قتادة [2] الأنصاريّ السّلمي فارس رسول الله صلى الله عليه
وسلم شهد أحدا وما بعدها.
ومخرمة بن نوفل الزّهريّ والد المسور، وكان من المؤلّفة قلوبهم.
وفيها غزا عبيد الله بن زياد فقطع نهر جيحون إلى بخارى، وافتتح بعض
البلاد، وكان أوّل عربي عدا النّهر.
وفيها على ما رجّحه الواقديّ [3] أمّ المؤمنين سودة بنت زمعة، وتقدّم
أنها ماتت في خلافة عمر، وهو الأصحّ.
وفيها توفي سعيد بن يربوع المخزوميّ من مسلمة الفتح، عاش مائة وعشرين
سنة.
وفيها عبد الله بن أنيس الجهنيّ حليف الأنصار، وكان أحد من شهد العقبة.
__________
[1] في المطبوع: «في الكعبة» .
[2] واسمه الحارث بن ربعي. انظر «سير أعلام النبلاء» للذهبي (2/ 449) ،
و «مشاهير علماء الأمصار» لابن حبان ص (14) ، و «أسد الغابة» لابن
الأثير (6/ 250) ، و «الإصابة» لابن حجر (11/ 302) ، و «الأنساب»
للسمعاني (7/ 114) بإشراف والدي الشيخ عبد القادر الأرناؤوط.
[3] هو محمد بن عمر بن واقد الأسلمي مولاهم الواقديّ، المدينيّ القاضي،
أبو عبد الله، صاحب التصانيف، و «المغازي» . قال فيه الذهبي: أحد أوعية
العلم على ضعفه المتفق عليه، وقال الحافظ ابن حجر: متروك مع سعة علمه،
وقال السمعاني: تكلموا فيه. انظر «سير أعلام النبلاء» للذهبي (9/ 454)
، و «تقريب التهذيب» لابن حجر (2/ 194) و «اللباب في تهذيب الأنساب»
لابن الأثير (3/ 350) .
(1/255)
سنة خمس وخمسين
فيها توفي أبو إسحاق سعد [1] بن أبي وقّاص القرشيّ الزّهريّ، أحد
العشرة، ومقدّم جيوش الإسلام في فتح العراق، وأوّل من رمى بسهم في سبيل
الله، مجاب الدّعوة، وفداه النبيّ صلى الله عليه وسلم بأبويه، وما دعا
قطّ إلا استجيب له، ومناقبه جمّة.
وأبو اليسر كعب بن عمرو الأنصاريّ السّلميّ، [وهو الذي] [2] أسر
العبّاس يوم بدر [3] .
والأرقم بن [أبي] الأرقم المخزوميّ، أحد السّابقين [4] ، وقيل:
توفي سنة ثلاث وخمسين [5] .
__________
[1] في الأصل: «سعيد» وهو خطأ.
[2] ما بين حاصرتين زيادة من «دول الإسلام» للذهبي (1/ 41) .
[3] في «تاريخ الإسلام» للذهبي (2/ 264) : «وأبو اليسر، وكعب بن عمرو
السلمي» وهو خطأ، فإن كعب بن عمرو مكنى بأبيّ اليسر، فيستدرك فيه.
[4] وهو الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يختفي في داره بمكة.
(ع) .
[5] قلت: وفيها عزل معاوية عبد الله بن عمرو بن غيلان عن البصرة،
وولاها عبيد الله بن زياد، فلم يزل واليا حتى مات، فأقره يزيد. انظر
«تاريخ خليفة بن خياط» ص (223) ، و «تاريخ الطبري» (5/ 300) ، و
«الكامل» لابن الأثير (3/ 501) ، وفيه سبب عزل عبد الله بن عمرو.
وفيها أقام الحج مروان بن الحكم. انظر «تاريخ خليفة بن خياط» ص (223) ،
و «تاريخ الطبري» (5/ 300) ، و «الكامل» لابن الأثير (3/ 502) .
(1/256)
|