شذرات الذهب في أخبار من ذهب
سنة إحدى وستين
ومائة
فيها أمر المهديّ ببناء القصور بطريق مكّة، واتخاذ المصانع، وتجديد
الأميال، وحفر الرّكايا [1] ، وزاد في جامع البصرة، وأمر بنزع
المقاصير، وتقصير المنابر، وتصييرها إلى المقدار الذي [كان] عليه منبر
رسول الله- صلّى الله عليه وآله سلّم- اليوم ففعل ذلك. قاله في
«الشذور» .
وفيها كان ظهور عطاء المقنّع السّاحر الملعون، الذي ادّعى الرّبوبية
بناحية مرو، واستغوى خلائق لا يحصون.
قال ابن خلّكان في «تاريخه» [2] : عطاء المقنّع الخراسانيّ لا أعرف اسم
أبيه. وكان مبدأ أمره قصّارا من أهل مرو [3] وكان يعرف شيئا من السّحر
والنّيْرجات، فادّعى الرّبوبية من طريق المناسخة، وقال لأشياعه والذين
اتبعوه: إن الله تعالى تحوّل إلى صورة آدم- عليه السلام- فلذلك قال
للملائكة: اسجدوا له، فسجدوا له إلا إبليس، فاستحقّ بذلك السخط، ثم
تحوّل من صورة آدم إلى صورة نوح، ثم إلى صورة واحد فواحد من الأنبياء-
عليهم السّلام- والحكماء حتّى حصل في صورة أبي مسلم الخراساني، ثم زعم
أنه انتقل منه إليه، فقبل قوم دعواه، وعبدوه، وقاتلوا دونه، مع ما
عاينوا
__________
[1] يعني الآبار. انظر «لسان العرب» (ركا) .
[2] يعني «وفيات الأعيان» (3/ 263- 265) .
[3] قوله: «وكان مبدأ أمره قصارا من أهل مرو» لم يرد في «وفيات
الأعيان» .
(2/271)
من عظيم ادّعائه وقبح صورته، لأنه كان
مشوّه الخلق، أعور [ألكن، قصيرا، وكان لا يسفر عن وجهه بل اتخذ وجها من
ذهب فتقنّع به، فلذلك قيل له:
المقنّع] [1] وإنما غلب على عقولهم بالتمويهات التي أظهرها لهم بالسّحر
والنيرجات، وكان في جملة ما أظهر لهم صورة قمر يطلع فيراه النّاس من
مسيرة [2] شهرين من موضعه، ثم يغيب، فعظم اعتقادهم فيه، وقد ذكر أبو
العلاء المعري هذا القمر في قوله:
أفق إنّما البدر المقنّع رأسه ... ضلال وغيّ مثل بدر المقنّع [3]
وإليه أشار ابن سناء الملك [4] بقوله:
إليك فلا بدر [5] المقنّع طالعا ... بأسحر من ألحاظ بدري المعمّم
ولما اشتهر أمر ابن المقفع وانتشر ذكره، ثار عليه النّاس، وقصدوه في
قلعته التي كان قد اعتصم بها، وحصروه، فلما أيقن بالهلاك جمع نساءه
وسقاهنّ سمّا فمتن [منه] [6] ثم تناول شربة من ذلك السّم فمات، ودخل
المسلمون قلعته فقتلوا من فيها من أشياعه وأتباعه، وذلك في سنة ثلاث
وستين ومائة، لعنه الله تعالى، ونعوذ بالله من الخذلان. انتهى ملخصا.
وقال ابن الأهدل بعد كلام طويل: كان لا يسفر عن وجهه لقبح صورته، ولذلك
قيل له: المقنّع، ثم اتخذ وجها من ذهب فتقنّع به، وعبده خلق كثير
وقاتلوا دونه، وانتدب لحربه سعيد الحرشي [7] ولما أحسّ بالغلبة
__________
[1] ما بين الحاصرتين زيادة من «وفيات الأعيان» .
[2] في «وفيات الأعيان» : «من مسافة» .
[3] البيت في «سقط الزند» لأبي العلاء المعرّي ص (165) .
[4] هو أبو القاسم هبة الله بن جعفر بن سناء الملك السعدي، المتوفى سنة
(608) هـ، وسوف ترد ترجمته في المجلد السابع من طبعتنا هذه إن شاء
الله.
[5] في «وفيات الأعيان» : «فما بدر» .
[6] لفظه «منه» زيادة من «وفيات الأعيان» .
[7] في الأصل، والمطبوع: «الجرشي» وهو تصحيف، والتصحيح من «تاريخ
الطبري»
(2/272)
استعمل سمّا وسقى نساءه، ثم شربه فماتوا
كلهم. انتهى ملخصا أيضا.
وفيها توفي أبو دلامة زند- بالنون- بن الجون صاحب النوادر، أنشد
المهديّ لما ورد عليه بغداد:
إني حلفت [1] لئن رأيتك سالما ... بقرى العراق وأنت ذا وفر [2]
لتصلّينّ على النّبيّ محمّد ... ولتملأنّ دراهما حجري [3]
فقال المهديّ: أما الأولى فنعم، فقال: جعلت فداك لا تفرّق بينهما، فملأ
له حجره دراهم.
واستدعى طبيبا لعلاج وجع فداواه على شيء معلوم، فلما برأ قال له أبو
دلامة: والله ما عندنا شيء ولكن ادع المقدار على يهودي وأشهد لك أنّا
وولدي، فمضى الطبيب إلى القاضي محمّد بن عبد الرّحمن بن أبي ليلى،
وقيل: عبد الله بن شبرمة، فادّعى الطبيب وأنكر اليهودي، فجاء بأبي
دلامة وابنه، وخاف أبو دلامة أن يطالبه القاضي بالتزكية، فأنشد في
الدهليز بحيث يسمعه القاضي:
إن النّاس غطّوني تغطّيت عنهم ... وإن بحثوا عنّي ففيهم مباحث
وإن نبشوا بئري نبشت بئارهم ... ليعلم قوم كيف تلك البثابث [4]
__________
(7/ 135) . قال ابن الأثير في «اللباب» (1/ 357) : الحرشي: هذه النسبة
إلى بني الحريش بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، ونزلوا البصرة ومنها
تفرقوا.
[1] كذا في الأصل، والمطبوع، و «مرآة الجنان» (1/ 358) : «إني حلفت»
وفي «الأغاني» : «إني نذرت» .
[2] في «مرآة الجنان» و «الأغاني» : «وأنت ذو فر» .
[3] البيتان في «الأغاني» (10/ 253) و «مرآة الجنان» (1/ 158) .
[4] البيتان في «مرآة الجنان» (1/ 359) وفيه: «البثائث» .
وروايتهما في «لسان العرب» (نبث) :
إن الناس غطوني تغطيت عنهم ... وإن بحثوني كان فيهم مباحث
(2/273)
فقال له القاضي: كلامك مسموع وشهادتك
مقبولة، ثم غرم القاضي المبلغ من عنده.
ونوادره كثيرة جدا، وهو مطعون فيه، وليست له رواية.
وفي شعبان منها، توفي الإمام أبو عبد الله سفيان بن سعيد الثّوري
الفقيه، سيّد أهل زمانه علما وعملا، وله ستّ وستون سنة. روى عن عمرو بن
مرّة، وسماك بن حرب، وخلق كثير.
قال ابن المبارك: كتبت عن ألف شيخ ومائة شيخ [1] ما فيهم أفضل من
سفيان.
وقال شعبة، ويحيى بن معين، وغيرهما: سفيان أمير المؤمنين في الحديث.
وقال أحمد بن حنبل: لا يتقدم على سفيان في قلبي أحد.
وقال يحيى القطّان: ما رأيت أحفظ من الثّوريّ، وهو فوق مالك في كل شيء.
وقال سفيان: ما استودعت قلبي شيئا قطّ فخانني.
وقال ورقاء [2] : لم ير الثّوريّ مثل نفسه.
__________
وإن نبثوا بئري نبثت بئارهم ... فسوف ترى ماذا ترد النبائث
[1] في «العبر» للذهبي (1/ 236) : «كتبت عن ألف ومائة» .
[2] هو ورقاء بن عمر اليشكري، أبو بشر، أصله من خوارزم، كان يسكن
المدائن مدّة، وبغداد زمنا، ومات بالمدائن على تيقظ فيه وإتقان. وكان
صدوقا صالحا. انظر ترجمته في «مشاهير علماء الأمصار» لابن حبّان ص
(175) ، و «تهذيب الكمال» (3/ 1460- 1461) مصوّرة دار المأمون للتراث،
و «الكاشف» للذهبي (3/ 206) ، و «تهذيب التهذيب» لابن حجر (11/ 113-
115) ، وسوف ترد ترجمته في صفحة (276) .
(2/274)
وكان سفيان كثير الحطّ على المنصور لظلمه،
فهمّ به وأراد قتله، فما أمهله الله، وأثنى عليه أئمة عصره بما يطول
ذكره، وكان أقسم بربّ البيت أنّ المنصور لا يدخلها- أي الكعبة- وفي
رواية قال: برئت منها- يعني الكعبة- إن دخلها منصور، ودخل على المهديّ
فسلّم عليه تسليم العامة، فأقبل عليه المهديّ بوجه طلق، وقال: تفر
هاهنا وهاهنا، أتظن أن لو أردناك بسوء لم نقدر عليك؟ فما عسى أن نحكم
الآن فيك؟ فقال سفيان: إن تحكم الآن في يحكم فيك ملك، قادر، عادل،
يفرّق بين الحق والباطل، فقال له الرّبيع مولاه: ألهذا الجاهل أن
يستقبلك بهذا؟ ائذن لي في ضرب عنقه، فقال المهديّ: ويلك اسكت، وهل يريد
هذا وأمثاله إلّا أن نقتلهم فنشقى بسعادتهم؟ اكتبوا عهده على قضاء
الكوفة، على أن لا يعترض عليه فيها حكم، فخرج فرمى بالكتاب في دجلة
وهرب، فطلب فلم يقدر عليه، وتولى قضاءها عنه شريك بن عبد الله
النّخعيّ، فقال فيه الشّاعر:
تحرّز سفيان ففرّ [1] بدينه ... وأمسى شريك مرصدا للدّراهم
ومات سفيان بالبصرة متواريا، وكان صاحب مذهب.
قال ابن رجب: وجد في آخر القرن الرابع سفيانيون.
ومناقبه تحتمل مجلدات، ورآه بعضهم بعد موته فسأله عن حاله فقال:
نظرت إلى ربّي عيانا فقال لي ... هنيئا رضائي عنك يا بن سعيد
لقد كنت قوّاما إذا أظلم الدّجى ... بعبرة مشتاق وقلب عميد
فدونك فاختر أيّ قصد أردته ... وزرني فإني منك [2] غير بعيد [3]
__________
[1] في «مرآة الجنان» (1/ 363) : «وفرّ» .
[2] في «مرآة الجنان» : «عنك» .
[3] الأبيات في «مرآة الجنان» (1/ 363) .
(2/275)
وفيها، في أولها، توفي أبو الصّلت زائدة بن
قدامة الثّقفيّ الكوفيّ الحافظ. روى عن زياد بن علاقة وطبقته. وقال أبو
حاتم: ثقة صاحب سنّة.
وقال الطّيالسي: كان لا يحضر صاحب بدعة.
وحرب بن شدّاد اليشكريّ البصريّ. روى عن شهر بن حوشب، والحسن، ويحيى بن
أبي كثير.
قال في «المغني» [1] : حرب بن شدّاد، عن ابن أبي كثير، ثقة، كان يحيى
القطّان لا يحدّث عنه.
وقال يحيى بن معين، صالح. انتهى.
وقد خرّج له الشيخان، وأبو داود، والترمذي، وغيرهم.
وفيها سعيد بن أبي أيوب المصريّ، وقد نيف على الستين. روى عن زهرة بن
معبد [2] وجماعة.
وفيها ورقاء بن عمر اليشكريّ الكوفيّ بالمدائن. روى عن عبيد الله [3]
بن أبي يزيد، ومنصور وطبقتهما.
قال في «المغني» [4] : ثقة ثبت.
قال القطّان: لا يساوي شيئا. انتهى.
قال أبو داود الطّيالسي: قال لي شعبة: عليك بورقاء فإنك لن تلقى مثله
حتّى ترجع.
وقال أحمد: كان ثقة صاحب سنّة.
وفيها هشام بن سعد.
__________
[1] (1/ 153) .
[2] في «العبر» (1/ 237) : «عن أبي زهرة» وهو خطأ فيصحّح فيه.
[3] في الأصل: «عن عبد الله» وهو خطأ، وأثبت ما في المطبوع وهو الصواب.
[4] (2/ 719) .
(2/276)
قال في «المغني» [1] : هشام بن سعد مولى
بني مخزوم. صدوق مشهور، ضعّفه النّسائيّ وغيره، وكان يحيى القطّان لا
يحدّث عنه.
وقال أحمد: ليس هو محكم للحديث.
وقال ابن عدي: مع ضعفه يكتب حديثه.
وقال ابن معين: ليس بذاك القوي.
قال الحاكم: روى له مسلم في الشواهد. انتهى.
وفيها داود بن قيس المدنيّ الفرّاء الدّبّاغ. روى عن المقبريّ، وطبقته.
وأبو جعفر الرّازيّ عيسى بن ماهان. روى عن عطاء بن أبي رباح، والرّبيع
بن أنس الخراساني، وكان زميل المهديّ إلى مكّة.
وفيها- قال ابن الأهدل: أو في سنة أربع وتسعين- إمام النّحو عمرو بن
عثمان المعروف ب سيبويه الحارثي مولاهم، أخذ النحو عن عيسى بن عمر،
واللغة عن أبي الخطّاب الأخفش الأكبر وغيره. قيل: ولم يقرأ عليه كتابه
قطّ، وإنما قرئ بعد موته على الأخفش.
قال ابن سلّام: سألت سيبويه عن قوله تعالى: فَلَوْلا كانَتْ قَرْيَةٌ
آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ 10: 98 [يونس: 98]
بأيّ شيء نصب قوم؟
قال: إذا كانت إلّا بمعنى لكن نصب.
قيل: وكان أعلم المتقدمين والمتأخرين بالنحو، ولم يصنّف فيه مثل كتابه.
وكان الخليل إذا جاءه سيبويه يقول: مرحبا بزائر لا يملّ.
وتناظر هو والكسائيّ في مجلس الأمين، فظهر سيبويه بالصواب، وظهر
الكسائيّ بتركيب الحجّة والتعصّب. انتهى كلام ابن الأهدل.
__________
[1] (2/ 710) .
(2/277)
وقال الشّمنّيّ في «حاشيته» على «المغني» :
أما سيبويه، فعمرو بن عثمان بن قنبر أبو بشر [1] طلب الآثار والفقه، ثم
صحب الخليل، وبرع في النحو، وهو مولى لبني الحارث بن كعب، ويكنى أيضا
أبا الحسن، وتفسير سيبويه بالفارسية: رائحة التفاح.
قال إبراهيم الحربي: سمي بذلك لأن وجنتيه كانتا كأنهما تفاحتان.
قال المبرّد: كان سيبويه، وحمّاد بن سلمة: أعلم بالنحو من النّضر بن
شميل، والأخفش.
وقال ابن عائشة: كنّا نجلس مع سيبويه في المسجد، وكان شابا جميلا نظيفا
قد تعلّق من كل علم بسبب مع حداثة سنّه.
وقال أبو بكر العبديّ النحويّ: لما ناظر سيبويه الكسائيّ ولم يظهر، سأل
من يرغب من الملوك في النحو؟ فقيل له: طلحة بن طاهر، فشخص إليه إلى
خراسان فمات في الطريق.
ذكر بعضهم أنه مات سنة ثمانين ومائة وهو الصحيح، كذا قال الذّهبيّ،
ويقال: سنة أربع وتسعين ومائة. انتهى كلام الشّمنّي.
وما قاله هو الصواب. وانظر تناقض ابن الأهدل، كيف ذكر موته سنة إحدى
وستين، وذكر أن ما جريته مع الكسائيّ في مجلس الأمين، وما أبعد هذا
التناقض، فلعله لم يتأمل.
وأما صاحب «مغني اللبيب عن كتب الأعاريب» فقد ذكر ذلك وذكر أن المناظرة
كانت عند يحيى بن خالد البرمكي، فلنورد عبارته بحروفها وإن كان فيها
طول، لما فيها من الفوائد، فنقول: قال ابن هشام في «المغني» [2] :
مسألة:
__________
[1] في الأصل: «ابن بشر» وهو خطأ، وأثبت ما في المطبوع وهو الصواب.
[2] ص (122- 123) ، طبع دار الفكر ببيروت، بتحقيق العالم الفاضل
الدكتور مازن المبارك والأستاذ الفاضل علي حمد الله.
(2/278)
قالت العرب: قد كنت أظنّ أن العقرب أشدّ
لسعة من الزّنبور، فإذا هو هي، وقالوا أيضا: فإذا هو إياها، وهذا هو
الوجه الذي أنكره سيبويه لمّا سأله الكسائيّ، وكان من خبرهما أنّ
سيبويه قدم على البرامكة، فعزم يحيى بن خالد على الجمع بينهما، فجعل
لذلك يوما، فلما حضر سيبويه تقدّم إليه الفرّاء، والأحمر [1] فسأله
الأحمر [1] عن مسألة فأجاب فيها، فقال له:
أخطأت، ثم سأله ثانية وثالثة، وهو يجيبه، ويقول له: أخطأت، فقال [له
سيبويه] [2] : هذا سوء أدب، فأقبل عليه الفرّاء، فقال [له] [3] : إن في
هذا الرجل حدّة وعجلة، ولكن ما تقول فيمن قال: هؤلاء أبون ومررت بأبين؟
كيف تقول على مثال ذلك من وأيت أو أويت، فأجابه، فقال: أعد النظر،
فقال: لست أكلّمكما حتّى يحضر صاحبكما، فحضر الكسائيّ، فقال له
[الكسائيّ] [4] : تسألني أو أسألك؟ فقال له سيبويه: سل أنت؟ فسأله عن
هذا المثال، فقال سيبويه: فإذا هو هي، ولا يجوز النصب، وسأله عن أمثال
ذلك نحو: خرجت فإذا عبد الله القائم، أو القائم، فقال [له] [5] : كلّ
ذلك بالرفع، فقال له الكسائيّ: العرب ترفع كلّ ذلك وتنصبه [6] فقال
يحيى: قد اختلفتما، وأنتما رئيسا بلديكما، فمن يحكم بينكما؟ فقال له
الكسائيّ: هذه العرب
__________
[1] في الأصل، والمطبوع: «وخلف» وهو خطأ تبع فيه المؤلف ابن هشام
والتصحيح من حاشية التحقيق في «مغني اللبيب» ، وقد جاء في «الحاشية»
أيضا «الأحمر» هو علي بن المبارك الكوفي تلميذ الكسائي المتوفى سنة
(194) هـ، وإنما تضمنت القصة ذكر لقبه فقط، فظن ابن هشام، وصاحب
«الإنصاف» ص (703) قبله أنه «خلف الأحمر» البصري المتوفى سنة (180) هـ،
والقصة في «مجالس العلماء» ص (8) .
[2] ما بين الحاصرتين زيادة من «مغني اللبيب» .
[3] زيادة من «مغني اللبيب» .
[4] زيادة من «مغني اللبيب» .
[5] زيادة من «مغني اللبيب» .
[6] في «مغني اللبيب» : «وتنصب» .
(2/279)
ببابك، قد سمع منهم أهل البلدين، فيحضرون
ويسألون، فقال يحيى، وجعفر [1] : أنصفت، فأحضروا، فوافقوا الكسائيّ،
فاستكان سيبويه، فأمر له يحيى بعشرة آلاف درهم، فخرج إلى فارس، فأقام
بها حتّى مات، ولم يعد إلى البصرة، فيقال: إن العرب [قد] [2] أرشوا [3]
على ذلك، أو إنهم علموا منزلة الكسائيّ عند الرّشيد، ويقال: [إنهم] [4]
إنما قالوا القول قول الكسائيّ، ولم ينطقوا بالنصب، وإنّ سيبويه قال
ليحيى: مرهم أن ينطقوا بذلك، فإنّ ألسنتهم لا تطوع به، ولقد أحسن
الإمام الأديب أبو الحسن [حازم] [5] بن محمّد الأنصاري [القرطاجنيّ]
[6] إذ قال في منظومته في النحو حاكيا هذه الواقعة والمسألة:
والعرب قد تحذف الأخبار بعد إذا ... إذا عنت فجأة الأمر الذي دهما
وربّما نصبوا بالحال بعد إذا ... وربّما [7] رفعوا من بعدها ربما
فإنّ توالى ضميران اكتسى بهما ... وجه الحقيقة من إشكاله غمما
لذاك أعيت على الأفهام مسألة ... أهدت إلى سيبويه الحتف والغمما
قد كانت العقرب العوجاء أحسبها ... قدما أشدّ من الزّنبور وقع حما
وفي الجواب عليها هل إذا هو هي ... أو هل إذا هو إيّاها قد اختصما
وخطّأ ابن زياد وابن حمزة في ... ما قال فيها أبا بشر وقد ظلما
__________
[1] في المطبوع: «جعفر، ويحيى» وما جاء في الأصل موافق لما في «مغني
اللبيب» .
[2] زيادة من «مغني اللبيب» .
[3] في مغني «اللبيب» : (رشوا) .
[4] زيادة من «مغني اللبيب» .
[5] لفظة «حازم» زيادة من «مغني اللبيب» .
[6] لفظة «القرطاجني» زيادة من «مغني اللبيب» .
[7] في الأصل، والمطبوع: «وبعد ما» وقد أثبت ما في «مغني اللبيب» .
(2/280)
وغاظ عمرا عليّ في حكومته ... يا ليته لم
يكن في أمره [1] حكما
كغيظ عمرو عليّا في حكومته ... يا ليته لم يكن في أمره حكما
وفجّع ابن زياد كلّ منتحب [2] ... من أهله إذ غدا منه يفيض دما
كفجعة ابن زياد كلّ منتحب [2] ... من أهله إذ غدا منه يفيض دما
فظلّ بالكرب مكظوما وقد كربت ... بالكرب أنفاسه أن يبلغ الكظما
قضت عليه بغير الحقّ طائفة ... حتّى قضى هدرا ما بينهم هدما
من كلّ أجور حكما من سدوم قضى ... عمرو بن عثمان مما قد قضى سدما
حسّاده في الورى عمّت فكلّهم ... تلفيه منتقدا للقول منتقما
فما النّهى ذمما فيهم معارفها ... ولا المعارف في أهل النّهى ذمما
فأصبحت بعده الأنفاس كامنة ... في كلّ صدر كأن قد كظّ أو كظما [3]
وأصبحت بعده الأنفاس باكية ... في كلّ طرس [4] كدمع سحّ وانسجما
وليّس يخلو امرؤ من حاسد أضم ... لولا التّنافس في الدّنيا لما أضما
والغبن في العلم أشجى محنة علمت ... وأبرح النّاس شجوا عالم هضما
انتهى كلام ابن هشام.
وقال شارحه الشّمنّي: ويقال: إن هذه الواقعة كانت سبب علّة سيبويه التي
مات بها. انتهى.
حتّى إن النّاس لا تعرف غيره، وربما تشير إليه أبيات حازم المتقدّمة،
والله أعلم.
__________
[1] في الأصل، والمطبوع: «أمرها» ، وأثبت ما في «مغني اللبيب» .
[2] في «مغني اللبيب» : «منتخب» .
[3] هذا البيت والأبيات الخمسة التي سبقته لم ترد في «مغني اللبيب»
الذي بين يدي.
[4] الطرس: الصحيفة، ويقال: هي التي محيت ثم كتبت. قاله في «مختار
الصحاح» ص (390) .
(2/281)
سنة اثنتين وستين
ومائة
فيها أمر المهديّ أن يجرى على المجذومين وأهل السجون في سائر الآفاق.
وفيها احتفل لغزو الرّوم، وسار لحربهم الحسن بن قحطبة في ثمانين ألفا
سوى المطوّعة [1] فأغار، وحرق، وسبى، ولم يلق بأسا.
وفيها ظهرت المحمّرة [2] ، ورأسهم عبد القهّار، واستولوا على جرجان
وقتلوا خلائق، فقصده عمر بن العلاء من طبرستان، فقتل عبد القهّار وخلق
من أصحابه.
وفيها توفي السيّد الجليل، والزّاهد النّبيل، أبو إسحاق إبراهيم بن
أدهم البلخيّ الزّاهد بالشّام. روى عن منصور، ومالك بن دينار، وطائفة.
قال في «العبر» [3] : وثّقه النّسائيّ، وغيره. وكان أحد السّادات.
انتهى.
__________
[1] المطوّعة: هم الذين كانوا يتطوّعون بالجهاد. انظر «مختار الصحاح» ص
(400) .
[2] قال الزبيدي في «تاج العروس» (حمر) : والمحمّرة، على صيغة اسم
الفاعل مشدّدة: فرقة من الخرّمية، وهم يخالفون المبيّضة والمسوّدة،
واحدهم محمّر. وفي «التهذيب» ويقال للذين يحمّرون راياتهم خلاف زيّ
المسوّدة من بني هاشم: المحمّرة، كما للحروريّة المبيّضة، لأن راياتهم
في الحروب كانت بيضاء.
[3] (1/ 238) .
(2/282)
قلت: في كلام «العبر» ما يشعر بأن هناك من
لم يوثّقه، ولهذا تعجب اليافعيّ [1] من نقل الذّهبي لتوثيقه عن واحد
وغيره، مع ظهور فضله، وكراماته، واجتهاده عند الخاص والعام، حتّى يقال:
إنه بلغ رتبة الاجتهاد، فقيل: له [لم] [2] لم تتكلّم في العلوم وتنفع
النّاس، فقال: «كلّما هممت بشيء من ذلك يمنعني أمور، منها: إذا قال
الله تعالى يوم القيامة: وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا
الْمُجْرِمُونَ 36: 59 [يس: 59] مع من أكون- في كلام يطول- وكان أول
انقطاعه إلى الله تعالى بعد أن كان أحد الملوك، أنه سمع هاتفا من قربوس
سرجه [3] .
وروي أنه قعد تحت رمانة ومعه محمّد بن المبارك الصّوري، فصليا تحتها،
فخاطبته الرّمّانة بأن يأكل منها شيئا، فأخذ رمّانتين، فأكل واحدة،
وناول صاحبه الأخرى، وكانت قصيرة حامضة، فعادت حلوة عالية، تثمر في كل
عام مرتين، وسميت رمّانة العابدين.
ومناقبه وكراماته لا تحصى، ومن شعره رحمه الله تعالى:
تركت الخلق طرّا في رضاكا ... وأيتمت العيال لكي أراكا
فلو قطّعتني في الحبّ إربا ... لما حنّ الفؤاد إلى سواكا [4]
والله أعلم [5] .
__________
[1] انظر كلامه في «مرآة الجنان» (1/ 364- 365) فهو مفيد.
[2] لفظة «لم» سقطت من الأصل، وأثبتها من المطبوع.
[3] قال ابن منظور: القربوس: حنو السّرج. وحنو السّرج: كل عود معوج من
عيدانه. انظر «لسان العرب» (قربس) و (حنا) .
[4] البيتان في «مرآة الجنان» لليافعي (1/ 365) .
[5] للتوسع في دراسة سيرة هذا الإمام الكبير راجع ترجمته ومصادرها في
«سير أعلام النبلاء» للذهبي (7/ 387- 396) تحقيق صديقي الفاضل الأستاذ
علي أبو زيد، بإشراف الأستاذ الشيخ شعيب الأرناؤوط، طبع مؤسسة الرسالة.
(2/283)
وفيها، وقيل: سنة ستين، داود بن نصير
الطّائيّ، الكوفيّ الزّاهد، وكان أحد من برع في الفقه، ثم اعتزل. روى
عن عبد الملك بن عمير وجماعة، وكان عديم النظير، زهدا وصلاحا. قاله في
«العبر» [1] .
ومن كلامه- رحمه الله تعالى-: صم عن الدّنيا واجعل فطرك الموت، وفرّ من
النّاس فرارك من الأسد.
وفيها قاضي العراق أبو بكر [2] بن عبد الله بن محمّد بن أبي سبرة
القرشيّ العامريّ المدنيّ، أخذ عن زيد بن أسلم وجماعة، وهو متروك
الحديث. ولي القضاء بعده القاضي أبو يوسف.
وفيها أبو المنذر زهير بن محمّد التميميّ المروزيّ الخراسانيّ، نزل
الشّام ثم الحجاز، وحدّث عن عمرو بن شعيب وطائفة. وخرّج له العقيلي.
قال في «المغني» [3] : زهير بن محمّد التميميّ المروزيّ. عن ابن
المنكدر، ثقة له غرائب، ضعّفه ابن معين.
وقال البخاريّ: روى أهل الشّام عنه مناكير. انتهى.
وفيها، أو قبلها، يزيد بن إبراهيم التّستريّ ثم البصريّ. روى عن الحسن،
وعطاء، والكبار، وكان عفّان يثني عليه ويرفع أمره.
قال في «المغني» [4] : يزيد بن إبراهيم التّستريّ، عن ابن سيرين، ثقة.
قال ابن معين: في قتادة ليس بذاك. انتهى.
__________
[1] (1/ 238) .
[2] قال الحافظ ابن حجر في «تهذيب التهذيب» (12/ 27) : قيل: اسمه عبد
الله. قال أبو أحمد- يعني ابن البريدي-، وأبو حاتم: اسمه محمد، وقيل:
إن محمدا أخ له، وقد ينسب إلى جده.
[3] (1/ 241- 242) .
[4] (2/ 747) .
(2/284)
وفيها شبيب بن شيبة المنقري البصري، كان
فصيحا، بليغا، أخباريّا.
روى عن الحسن، وابن سيرين، وخرّج له الترمذيّ.
قال في «المغني» [1] : ضعّفوه في الحديث. انتهى.
وأبو سفيان حرب بن سريج [2] المنقريّ البصريّ البزّار. روى عن ابن أبي
مليكة، وجماعة.
قال ابن عديّ: أرجو أنه لا بأس به [3] .
وأبو مودود عبد العزيز بن أبي سليمان المدنيّ القاصّ، عن سنّ عالية.
رأى أبا سعيد الخدري. وروى عن السائب بن يزيد وجماعة.
قال ابن سعد: كان من أهل الفضل والنّسك، يعظ ويذكّر.
قال في «العبر» [4] : وآخر من روى عنه كامل بن طلحة.
وفيها حريز بن عثمان بن جبر بن أسعد الرّحبيّ المشرقيّ الحمصيّ.
قال ابن ناصر الدّين: هو أحد الحفّاظ المشهورين، وهو معدود في صغار
التابعين، وهو من الأثبات، لكنه لسبيل النصب سالك.
وذكر أبو اليمان أنه كان ينال من رجل ثم ترك ذلك: انتهى.
وقال الذهبيّ في «المغني» [5] : هو تابعيّ صغير ثبت، لكنه ناصبيّ.
انتهى [6] .
__________
[1] (1/ 295) .
[2] في «العبر» للذهبي (1/ 239) : «حرب بن شريح» وهو تصحيف فيصحّح فيه.
[3] انظر ترجمته ومصادرها في «تهذيب الكمال» للمزّي (5/ 522- 524)
بتحقيق الأستاذ الدكتور بشّار عوّاد معروف، طبع مؤسسة الرسالة.
[4] (1/ 239) .
[5] (1/ 154) .
[6] انظر ترجمته ومصادرها في «تهذيب الكمال» للمزّي (5/ 568- 581) ،
وفيه قال المزيّ:
(2/285)
سنة ثلاث وستين
ومائة
فيها قتل المهديّ جماعة من الزّنادقة، وصرف همّته إلى تتبّعهم، وأتى
بكتب من كتبهم، فقطعت بحضرته بحلب.
وفيها توفي إبراهيم بن طهمان الخراسانيّ بنيسابور. روى عن عمرو بن
دينار وطبقته.
قال إسحاق بن راهويه: كان صحيح الحديث، [حسن الرّواية، كثير السّماع]
[1] ما كان بخراسان أكثر حديثا منه.
قال في «المغني» [2] : ثقة، مشهور، ضعّفه محمّد بن عبد الله بن عمّار.
قال أحمد: كان مرجئا [3] . انتهى.
وأرطاة بن المنذر الألهانيّ الحمصيّ. سمع سعيد بن المسيّب والكبار،
وكان ثقة، حافظا، زاهدا، معمّرا.
__________
مات سنة ثلاث وستين ومائة، وكذا أرّخه الذهبيّ في «العبر» (1/ 241) .
[1] ما بين حاصرتين زيادة من «تهذيب الكمال» للمزّي (1/ 111) طبع مؤسسة
الرسالة.
[2] (1/ 17) .
[3] الذي في «المغني في الضعفاء» للذهبي: «وقال الجوزجاني: فاضل يرمى
بالإرجاء» .
وانظر «أحوال الرجال» للجوزجاني ص (209) طبع مؤسسة الرسالة.
(2/286)
قال أبو اليمان: كنت أشبّه أحمد بن حنبل
بأرطاة بن المنذر.
وبكير بن معروف الدّامغانيّ المفسّر قاضي نيسابور بدمشق. روى عن أبي
الزّبير المكّي وجماعة.
قال النّسائيّ: ليس به بأس.
وفيها عيسى بن علي، عمّ المنصور. روى عن أبيه.
وقال ابن معين: ليس به بأس.
وشعيب بن أبي حمزة بن دينار الحمصيّ، مولى بني أميّة، وصاحب الزّهري.
قال أحمد بن حنبل: رأيت كتبه، وقد ضبطها وقيّدها. قال: وهو عندنا فوق
يونس، وعقيل.
وقال عليّ بن عيّاش [1] : كان عندنا من كبار النّاس، وكان من صنف آخر
في العبادة.
وفيها موسى بن علي بن رباح اللّخميّ المصريّ. [روى] [2] عن أبيه
وطائفة، ووليّ إمرة ديار مصر للمنصور ستة أعوام.
وهمّام بن يحيى العوذيّ مولاهم البصريّ. روى عن الحسن، وعطاء، وطائفة،
وكان أحد أركان الحديث ببلده.
قال أحمد: هو ثبت في كلّ مشايخه.
وفيها يحيى بن أيّوب الغافقيّ المصريّ. روى عن بكير بن الأشج، وجماعة،
وكان لا يحتجّ به.
__________
[1] في الأصل: «علي بن عبّاس» وهو تصحيف، وأثبت ما في المطبوع، وهو
الصواب.
[2] لفظة «روى» لم ترد في الأصل، والمطبوع، واستدركتها من «العبر»
للذهبي (1/ 242) .
(2/287)
وقال النّسائيّ: ليس بالقوي.
وقال الدّارقطنيّ: في بعض حديثه اضطراب، وقد ذكره ابن عديّ في «كامله»
[1] وقال: هو عندي صدوق. ومن غرائبه: حدّثنا ابن جريج عن أبي الزّبير،
عن جابر. قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلّم-: «لا تعلّموا العلم
لتباهوا به العلماء، ولا لتماروا به السّفهاء، ولا لتخيّروا [2] به
المجالس، فمن فعل ذلك فالنّار النّار» [3] . وهو معروف بيحيى بن أيّوب.
انتهى كلام «المغني» [4] .
وفيها، أو في حدودها، أبو غسّان محمّد بن مطرّف المدنيّ. روى عن محمّد
بن المنكدر وطبقته.
__________
[1] (7/ 2673) .
[2] في المطبوع: «لتجبروا» ، وفي «الكامل» لابن عدي: «لتحيروا» وكلاهما
خطأ.
[3] هو في «الكامل» (7/ 2672) ورواه أيضا ابن ماجة رقم (254) في
المقدمة، وابن حبّان في «صحيحه» رقم (90) «موارد» والحاكم في
«المستدرك» (1/ 86) وصححه ووافقه الذهبي عن جابر رضي الله عنه، وهو
حديث صحيح بشواهده.
[4] (2/ 731) .
(2/288)
سنة أربع وستين
ومائة
فيها أقبل ميخائيل البطريق، وطازاد [1] الأرمني- لعنهما الله- في تسعين
ألف، ففشل [2] عبد الكريم، ومنع المسلمين من الملتقى، وردفهم المهديّ
بضرب عنقه وسجنه. قاله في «العبر» [3] .
وفيها توفي أبو [محمّد] إسحاق [4] بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله
التّيميّ المدنيّ شيخ آل طلحة، عن سنّ عالية. روى عن عبد الله بن جعفر
بن أبي طالب، وعن عمّيه: موسى، وعيسى. وآخر من روى عنه بشر بن الوليد
الكنديّ، وهو متروك الحديث. قاله في «العبر» [5] .
وأبو معاوية شيبان النّحويّ [الكوفيّ] [6] . نزل بغداد، وروى عن الحسن،
وطائفة بعده، وكان كثير الحديث، عارفا بالنحو، صاحب حروف وقراءات، ثقة،
حجّة. قاله في «العبر» [7] .
__________
[1] في الأصل، والمطبوع: «وطاراد» وهو تصحيف، والتصحيح من «العبر»
للذهبي.
[2] في الأصل: «ففسل» وهو خطأ، وأثبت ما في المطبوع وهو الصواب.
[3] (1/ 243) .
[4] في الأصل، والمطبوع: «أبو إسحاق» وهو خطأ، والتصحيح من «تهذيب
الكمال» للمزّي (2/ 489) طبع مؤسسة الرسالة.
[5] (1/ 243) .
[6] لفظة «الكوفي» زيادة من «العبر» للذهبي.
[7] (1/ 243) .
(2/289)
وعبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة
الماجشون المدنيّ الفقيه. روى عن الزّهريّ وطبقته. وكان إماما، مفتيا،
صاحب حلقة.
قال ابن ناصر الدّين: كان من العلماء الربّانيّين والفقهاء المنصفين.
انتهى.
قال ابن خلّكان [1] : قال ابن الماجشون: عرج بروح أبي، فوضعناه على
سريره للغسل، [وقلنا للنّاس: نروح به] [2] فدخل غاسل، يغسله، فرأى عرقا
يتحرك في أسفل قدمه، فأقبل إلينا وقال: أرى عرقا يتحرك ولا أرى أن أعجل
عليه، فما غسلناه، واعتللنا على النّاس بالأمر الذي رأيناه، وفي الغد
جاءنا النّاس وغدا الغاسل عليه، فرأى العرق على حاله، فاعتذرنا إلى
النّاس، فمكث ثلاثا على حاله، ثم إنه استوى جالسا، فقال: ائتوني بسويق،
فأتي به فشربه، فقلنا [له] [3] : خبّرنا بما رأيت، قال: [نعم] [4] عرج
بروحي، فصعد بي الملك حتّى أتى سماء الدّنيا، فاستفتح، ففتح له، ثم
هكذا في السماوات حتّى انتهى [بي] [5] إلى السماء السابعة، فقيل له: من
معك؟
قال: الماجشون، فقيل له: لم يؤذن له بعد، بقي من عمره كذا وكذا سنة،
وكذا وكذا شهرا، وكذا وكذا يوما، وكذا وكذا ساعة. ثم هبط، فرأيت
النّبيّ- صلى الله عليه وسلّم- وأبا بكر عن يمينه، وعمر عن يساره، وعمر
بن عبد العزيز بين يديه، فقلت للملك [الذي معي] [6] : من هذا؟ فقال:
عمر بن عبد العزيز،
__________
[1] في «وفيات الأعيان» (6/ 376- 377) وقد نقل المؤلف عنه بتصرّف.
[2] ما بين حاصرتين زيادة من «وفيات الأعيان» .
[3] زيادة من «وفيات الأعيان» .
[4] زيادة من «وفيات الأعيان» .
[5] زيادة من «وفيات الأعيان» .
[6] زيادة من «وفيات الأعيان» .
(2/290)
قلت: إنه لقريب [1] المقعد من رسول الله-
صلى الله عليه وسلّم- قال: إنه عمل بالحق في زمن الجور، وإنهما- أي أبا
بكر، وعمر- عملا بالحق في زمن الحق. انتهى.
وعدّ الذّهبيّ في كتابه «العلو» الماجشون عبد العزيز هذا ممّن قال
بالجهة، وأقام الدليل والتعليل على ذلك فراجعه.
وفيها مبارك بن فضالة البصريّ، مولى قريش.
قال ابن ناصر الدّين: المبارك بن فضالة بن أبي أميّة، كان كثير
التدليس، فتكلّم فيه.
وذكر أبو زرعة، وغيره أن المبارك إذا قال: حدّثنا فهو ثقة مقبول.
انتهى.
وقال في «العبر» [2] : روى عن الحسن، وبكر المزنيّ وطائفة. وكان من
كبار المحدّثين والنّسّاك. وكان يحيى القطّان يحسن الثناء عليه.
وقال أبو داود: مدلّس. فإذا قال: حدثنا [3] فهو ثبت.
وقال مبارك: جالست الحسن ثلاث عشرة سنة.
وقال أحمد: ما رواه عن الحسن يحتجّ به. انتهى.
وخرّج له الترمذيّ، وأبو داود، والعقيليّ.
وفيها، أو في التي تليها، عبد الله بن العلاء بن زبر [4] الرّبعي
الدّمشقي. يروي عن القاسم، ومكحول، وكان من أشراف البلد. عمّر تسعين
سنة.
__________
[1] في الأصل، والمطبوع: «إنه قريب» وأثبت ما في «وفيات الأعيان» .
[2] (1/ 244) .
[3] في «العبر» : «حديثا» وهو تحريف فيصحّح فيه.
[4] في الأصل، والمطبوع: «ابن زيد» وهو تحريف، والتصحيح في «العبر»
للذهبي (1/ 244) .
(2/291)
سنة خمس وستين ومائة
فيها غزا المسلمون غزوة مشهورة وعليهم هارون الرّشيد وهو صبيّ أمرد،
وفي خدمته الرّبيع الحاجب، فافتتحوا ماجدة [1] من الرّوم، والتقوا
الرّوم، وهزموهم، ثم ساروا حتّى وصلوا خليج قسطنطينيّة، وقتلوا وسبوا،
وصالحتهم ملكة الرّوم على مال جليل، فقيل: إنه قتل من الرّوم في هذه
الغزوة المباركة خمسون ألفا، وغنم المسلمون ما لا يحصى، حتّى بيع الفرس
بدرهم، والبغل الجيّد بعشرة دراهم.
وفيها توفي سليمان بن المغيرة البصريّ. عالم أهل البصرة في وقته.
روى عن ابن سيرين، وثابت.
قال شعبة: هو سيّد أهل البصرة.
وقال الخريبيّ: ما رأيت بصريّا أفضل منه.
وقال أحمد: ثبت ثبت.
وعبد الرّحمن بن ثوبان الدّمشقيّ الزّاهد عن تسعين سنة. روى عن خالد بن
معدان وطبقته.
__________
[1] كذا في الأصل، والمطبوع، و «العبر» للذهبي (1/ 245) مصدر المؤلف، و
«تاريخ الطبري» (8/ 152) ، ولم أقف على ذكر لها في كتب البلدان التي
بين يدي.
(2/292)
قال أحمد بن حنبل: كان عابد أهل الشّام،
وذكر من فضله.
وقال أبو داود: كان مجاب الدّعوة، وكانت فيه سلامة، وما به بأس.
وقال أبو حاتم: ثقة.
ومعروف بن مشكان، قارئ أهل مكّة، وأحد أصحاب ابن كثير. وقد سمع من عطاء
وغيره.
وفيها وهيب بن خالد أبو بكر البصريّ الحافظ. روى عن منصور وطائفة
كثيرة.
قال عبد الرّحمن بن مهدي: كان من أبصر أصحابه بالحديث والرّجال.
وقال أبو حاتم: يقال: لم يكن بعد شعبة [1] أعلم بالرّجال منه.
وفيها خالد بن برمك، وزير السّفّاح، وجدّ جعفر البرمكيّ، عن خمس وسبعين
سنة، وكان يتّهم بالمجوسيّة. قاله في «العبر» [2] .
وفي آخر يوم منها أبو الأشهب العطارديّ جعفر بن حيّان بالبصرة. روى عن
أبي رجاء [3] العطارديّ، والكبار، وعاش خمسا وتسعين سنة.
__________
[1] في الأصل، والمطبوع: «شيبة» والتصحيح من «العبر» للذهبي.
[2] (1/ 246) .
[3] في الأصل، والمطبوع: «عن أبي رجب» وهو خطأ، والتصحيح من «العبر»
للذهبي (1/ 46) .
قال ابن الأثير في «اللباب» (2/ 346) واسم أبي رجاء عمران بن ملحان.
(2/293)
|