شذرات الذهب في أخبار من ذهب
سنة إحدى وسبعين
ومائة
فيها أمر الرّشيد بإخراج الطالبيّين إلى مدينة الرّسول- صلى الله عليه
وسلّم- وخرجت الخيزران إلى مكّة في رمضان فأقامت بها إلى وقت الحج،
وحجّت. قاله ابن الجوزي في «الشذور» .
وفيها، على الأصحّ، توفي حبّان بن علي العنزي، أخو مندل، وكان من فقهاء
الكوفة وهو ضعيف. روى عن عبد الملك بن عمير وطبقته.
وأبو المنذر سلّام بن سلّام بن سليمان [1] المزنيّ البصريّ ثم الكوفيّ
النحويّ المقرئ، أخذ عن عاصم بن أبي النّجود، وأبي عمرو، وحدّث عن ثابت
البنانيّ وغيره، وهو شيخ يعقوب الحضرمي.
وفيها أبو عبد الرّحمن عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم العمريّ المدنيّ
أخو عبيد الله بن عمر. روى عن نافع وجماعة، وكان محدّثا صالحا.
قال أحمد: لا بأس به.
قال ابن الأهدل: كان آية في العلم، غاية في العبادة، واجه الرّشيد
بالإنكار والموعظة الغليظة في المسعى، فقال: يا هارون، قال: لبّيك يا
عمّ.
__________
[1] في الأصل، والمطبوع، و «العبر» : «سلام بن سليم» وهو خطأ، والتصحيح
من «وفيات الأعيان» (6/ 390) ، و «تقريب التهذيب» ص (261) .
(2/328)
قال: انظر، هل تحصيهم؟ يعني الحجيج- قال:
ومن يحصيهم؟ قال: اعلم أن كلّا منهم يسأل عن نفسه، وأنت تسأل عن كلّهم.
ثم قال: والله إن الرّجل ليسرف في ماله فيستحق الحجر، فكيف من يسرف في
أموال المسلمين. انتهى.
وفيها أبو شهاب [1] الحنّاط عبد ربّه بن نافع الكوفيّ. روى عن عاصم
الأحول وطبقته، وتوفي كهلا، وقيل: توفي في التي بعدها.
قال في «المغني» [2] : صدوق، وليس بذاك الحافظ. انتهى.
وخرّج له الشيخان.
وفيها، أو نحوها، مات الأمير يزيد بن حاتم بن قبيصة بن المهلّب بن أبي
صفرة المهلّبيّ البصريّ، أحد الشجعان المذكورين، ولي إمرة المغرب [3]
مدة طويلة، وولي إمرة مصر قبل ذلك سبع سنين.
وعبد الرّحمن بن سليمان بن عبد الله بن حنظلة بن الغسيل المدنيّ. رأى
سهل بن سعد، وروى عن عكرمة، والكبار، وكان كثير الحديث، ثقة جليلا.
__________
[1] في الأصل والمطبوع: «أبو الشهاب» وما أثبته من «العبر» و «المغني»
للذهبي، و «تقريب التهذيب» ص (648) .
[2] (1/ 370) .
[3] في المطبوع: «الغرب» وهو خطأ.
(2/329)
سنة اثنتين وسبعين
ومائة
فيها توفّيت الخيزران [1] زوجة المهديّ، وأمّ الهادي، والرّشيد، ولم
تلد امرأة خليفتين غير ثلاثة:
ولّادة بنت العبّاس العبسيّة، تزوجها عبد الملك بن مروان، فولدت له
الوليد، وسليمان، فوليا الخلافة.
والثانية: شافهر بنت فيروز بن يزدجرد، تزوجها الوليد بن عبد الملك
فولدت له يزيد، وإبراهيم، فوليا الخلافة.
والثالثة: الخيزران، اشتراها المهدي ثم أعتقها فولدت له الهادي،
والرّشيد، ووليا الخلافة.
ويلحق بهؤلاء خاتون جارية ملكشاه، فإنها ولدت محمدا، وسنجرا، وكلاهما
ولي السلطنة، وكان كبير القدر، قاله في «الشذور» .
ولما ماتت الخيزران خرج خلف جنازتها ولدها الرشيد وعليه جبة وطيلسان
أزرق، قد شدّ به وسطه، وهو آخذ بقائمة السرير حافيا يمشي في الطين،
حتّى أتى مقابر قريش، فغسل رجليه، وصلى عليها، ونزل قبرها.
__________
[1] انظر ترجمتها ومصادرها في «الأعلام» للزركلي (2/ 328) ، و «أعلام
النساء» لكحالة (1/ 395- 401) .
(2/330)
وفيها توفي الإمام أبو محمّد سليمان بن
بلال المدنيّ مولى [آل] [1] أبي بكر الصّدّيق. روى عن عبد الله بن
دينار وطبقته.
قال ابن سعد: كان بربريّا، حسن الهيئة، عاقلا، [و] كان يفتي بالمدينة
[2] ، وولي خراج المدينة. وكان من الثقات الأثبات.
وفيها أمير دمشق الفضل بن صالح بن عليّ العبّاسي ابن عمّ المنصور، وهو
الذي أنشأ القبّة الغربية التي بجامع دمشق وتعرف بقبة المال.
وفي جمادى الأولى مات صاحب الأندلس الأمير أبو المطرّف عبد الرّحمن بن
معاوية بن الخليفة هشام بن عبد الملك الأمويّ الدمشقيّ المعروف
بالداخل، فرّ إلى المغرب عند زوال دولتهم، فقامت معه اليمانية، وحارب
يوسف الفهري متولّي الأندلس وهزمه، وملك قرطبة في يوم الأضحى سنة ثمان
وثلاثين ومائة، وامتدت أيامه، وكان عالما حسن السيرة، عاش اثنتين وستين
سنة.
وولي بعده ابنه هشام، وبقيت الأندلس لعقبه إلى حدود الأربعمائة.
وفيها، أوفي في سنة ست وسبعين، صالح المرّي الزّاهد، واعظ البصرة. روى
عن الحسن وجماعة، وحديثه ضعيف.
قال عفّان: كان شديد الخوف من الله، إذا قصّ كأنّه ثكلى.
وخرّج له الترمذي.
قال في «المغني» [3] : صالح بن بشير [3] المرّي الزّاهد، عن الحسن،
تركه أبو داود، والنّسائي، وضعفه غيرهما. انتهى.
__________
[1] لفظة «آل» زيادة من «العبر» للذهبي (1/ 261) مصدر المؤلف. وانظر
«طبقات ابن سعد» (5/ 420) ، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 425- 427) .
[2] في «طبقات ابن سعد» : «كان يفتي بالبلد» ، والواو التي بين حاصرتين
زيادة منه.
[3] (1/ 302) ، وفي الأصل، والمطبوع: «صالح بن بشر» وهو خطأ، وما أثبته
من «المغني» .
(2/331)
ومهدي بن ميمون المعولي مولاهم البصريّ،
الناقد، الثقة. روى عن أبي رجاء العطاردي، وابن سيرين، والكبار.
والوليد بن أبي ثور- وهو ابن عبد الله- الهمدانيّ الكوفيّ. [روى] [1]
عن زياد بن علاقة وجماعة، وهو ضعيف.
وفي حدودها معاوية بن سلّام بن بأي سلّام [2] ، ممطور الأسود الحبشيّ،
ثم الشّاميّ. روى عن أبيه، والزّهري، وجماعة.
قال يحيى بن معين: أعدّه محدّث أهل الشّام، والله أعلم.
__________
[1] زيادة من «العبر» للذهبي (1/ 262) .
[2] في الأصل، والمطبوع: «معاوية بن سلام بن الأسود بن سلام» وهو خطأ،
والتصحيح من «الجرح والتعديل» (8/ 383) ، و «تهذيب الكمال» (3/ 1344)
مصورة دار المأمون للتراث.
وعلى هذا فيكون معطور الأسود الحبشي أبو سلام، جد معاوية.
(2/332)
سنة ثلاث وسبعين
ومائة
فيها، وقيل: سنة أربع، توفي إسماعيل بن زكريا الخلقانيّ الكوفيّ
ببغداد. روى عن العلاء بن عبد الرّحمن وطبقته، وعاش خمسا وستين سنة.
قال في «المغني» [1] : صدوق، شيعيّ.
قال الميمونيّ: قلت لأحمد بن حنبل: كيف هو؟ قال: أما الأحاديث المشهورة
التي يرويها فهو فيها مقارب الحديث، ولكنه ليس ينشرح الصدر له.
قال الميمونيّ: وسمعت ابن معين يضعفه.
وقال عبد الله بن أحمد، عن أبيه: حديثه مقارب.
وعن ابن معين أيضا: هو ثقة.
قال العقيليّ: حدّثنا [محمّد بن أحمد، حدّثنا] إبراهيم بن الجنيد،
حدّثنا أحمد بن الوليد بن أبان، حدّثني جدّي حسين بن حسن، حدّثني خالي
إبراهيم، سمعت إسماعيل الخلقاني يقول: الذي نادى من جانب الطور عبده
[2] عليّ بن أبي طالب.
__________
[1] (1/ 81) .
[2] في الأصل، والمطبوع: «عنده» وهو تصحيف، والتصحيح من «المغني في
الضعفاء» مصدر المؤلف، وما بين حاصرتين استدركته منه.
(2/333)
قال: وسمعته يقول: هو الأول والآخر،
[والظاهر والباطن] [1] : علي بن أبي طالب [2] .
قلت: هذا لم يثبت عن الخلقانيّ، وإن صحّ عنه فهو زنديق عدوّ الله.
انتهى ما قاله الذهبيّ في «المغني» .
وفيها أمير البصرة وفارس [3] ، محمّد بن سليمان بن علي ابن عمّ
المنصور، وله إحدى وخمسون سنة، وكان الرّشيد يبالغ في تعظيمه وإكرامه،
ولما مات احتوى الرّشيد على خزائنه وكانت خمسين ألف ألف درهم [4] .
وفي رجب، الإمام الكبير أبو خيثمة زهير بن معاوية الجعفيّ الكوفيّ،
نزيل الجزيرة ومحدّثها وحافظها. روى عن سماك بن حرب وطبقته، وكان أحد
الحفّاظ الأعلام، حتّى بالغ فيه شعيب بن حرب وقال: كان أحفظ من عشرين
[مثل] [5] شعبة.
وفيها أبو سعيد سلّام بن أبي مطيع البصريّ. روى عن أبي عمران الجوني،
وطائفة.
قال أحمد بن حنبل: ثقة صاحب سنّة.
وقال ابن حبّان: لا يجوز أن يحتجّ بما انفرد به.
وقال ابن عديّ: لا بأس به، وليس بمستقيم الحديث في قتادة خاصة،
__________
[1] زيادة من «ميزان الاعتدال» للذهبي (1/ 229) .
[2] قال الذهبي في «ميزان الاعتدال» : هذا السند مظلم، ولم يصح عن
الخلقاني هذا الكلام، فإن هذا من كلام زنديق.
[3] أي: هو أمير البصرة وأمير فارس. انظر «الأعلام» (6/ 148) .
[4] في «تاريخ الطبري» (8/ 237) : «وأصابوا له ستين ألف ألف» وفي
«البداية والنهاية» آلاف ألف دينار، ومن الدراهم ستة آلاف ألف» .
[5] زيادة من «العبر» للذهبي (1/ 263) .
(2/334)
وله غرائب، ويعدّ من خطباء أهل البصرة
[وعقلائهم] [1] .
وقال الحاكم: منسوب إلى الغفلة، وإلى سوء الحفظ. انتهى.
وقد خرّج له الشيخان وغيرهما.
وفيها نوح الجامع، وهو أبو عصمة نوح بن أبي مريم، الفقيه، قاضي مرو،
ولقّب بالجامع لأنه أخذ الفقه عن أبي حنيفة، وابن أبي ليلى، والحديث عن
حجّاج بن أرطاة، والمغازي عن ابن إسحاق، والتفسير عن مقاتل، وهو متروك
الحديث. قاله في «العبر» [2] .
وعبد الرّحمن بن أبي الموالي المدنيّ مولى آل عليّ رضي الله عنه.
روى عن أبي جعفر الباقر وطائفة، وضربه المنصور أربعمائة سوط على أن
يدلّه على محمد بن عبد الله بن حسن، فلم يدلّه، وكان من شيعته. قاله في
«العبر» [3] .
قال في «المغني» [4] : عبد الرّحمن بن أبي الموالي. ثقة مشهور [5] خرج
مع ابن حسن.
قال أحمد: حديثه في الاستخارة منكر.
قلت: خرّجه البخاريّ، وقد قال ابن عدي: رواه غير واحد [من الصحابة] [6]
كما رواه ابن أبيّ الموالي. انتهى.
وجويرية بن أسماء بن عبيد الضّبعيّ، البصريّ، روى عن نافع، والزّهري،
وكان ثقة كثير الحديث.
__________
[1] زيادة من «العبر» للذهبي (1/ 264) .
[2] (1/ 264) .
[3] (1/ 264) .
[4] (2/ 387- 388) .
[5] في المطبوع: «مشهور ثقة» وما في الأصل موافق لما في «المغني في
الضعفاء» .
[6] ما بين حاصرتين زيادة من «المغني في الضعفاء» .
(2/335)
سنة أربع وسبعين
ومائة
فيها حجّ الرّشيد، فبدأ بالمدينة فقسم فيها مالا عظيما، ووقع الوباء
بمكة فأبطأ في دخولها، ثم دخلها فقضى طوافه وسعيه، ولم ينزل مكّة. قال
في «الشذور» .
وفيها توفي في جمادى الآخرة الإمام أبو عبد الرّحمن عبد الله بن لهيعة
الحضرميّ قاضي مصر الحافظ. روى عن الأعرج وعطاء بن أبي رباح، وخلق
كثير.
قال أحمد بن صالح المصري: كان ابن لهيعة صحيح الكتاب، طلابة للعلم.
وقال زيد بن الحباب: سمعت سفيان الثوري يقول: عند ابن لهيعة الأصول
وعندنا الفروع.
وقال أحمد بن حنبل: من كان بمصر مثل ابن لهيعة في كثرة حديثه، وضبطه،
وإتقانه.
وقال ابن معين: ليس بذاك القويّ. انتهى.
وخرّج له الترمذيّ، وأبو داود، وغيرهما.
قال في «المغني» [1] : قال بعض النّاس: ما روى عنه مثل ابن وهب،
__________
[1] «المغني في الضعفاء» (1/ 352) .
(2/336)
وابن المبارك، فهو أجود وأقوى. انتهى.
وقال السّيوطيّ في «الحسن المحاضرة» [1] : ابن لهيعة، عبد الله بن عقبة
بن لهيعة الحضرميّ المصريّ أبو عبد الرّحمن الفقيه، قاضي مصر ومسندها.
عن عطاء، وعمرو بن دينار، والأعرج، وخلق.
وعنه الثّوريّ، والأوزاعيّ، وشعبة، وماتوا قبله، وابن المبارك، وخلق.
وثّقه أحمد وغيره، وضعّفه يحيى القطّان وغيره. انتهى.
وفيها بكر بن مضر المصريّ عن نيّف وسبعين سنة.
قال ابن ناصر الدّين: كان إماما حجّة من أفضل أهل زمانه، طويل الحزن،
خازنا للسانه. انتهى.
روى عن أبي قبيل المعافري وطائفة، وأكثر عنه قتيبة. وكنيته أبو عبد
الملك.
وفيها عبد الرّحمن بن أبي الزّناد المدنيّ ببغداد، وكان فقيها، مفتيا.
قال ابن معين: هو أثبت النّاس في هشام بن عروة.
قال في «العبر» [2] : قلت: وروى الكثير عن أبيه وطبقته، وفيه ضعف يسير.
انتهى.
وفيها يعقوب بن عبد الله الأشعريّ القمّيّ. رحل وحمل عن زيد بن أسلم،
وأكثر عن جعفر بن أبي المغيرة القمّي.
قال في «المغني» [3] : صالح الحديث، محدّث أهل قمّ، يروي عن
__________
[1] (1/ 301) .
[2] (1/ 265) .
[3] «المغني في الضعفاء» (2/ 758) .
(2/337)
جعفر بن أبي المغيرة، وليث.
قال النّسائيّ: ليس به بأس.
وقال الدّارقطنيّ: ليس بالقويّ. انتهى.
وفيها الأمير روح بن حاتم بن قبيصة بن المهلّب المهلّبيّ، أخو يزيد،
أحد القوّاد الكبار، ولي إمرة الكوفة وغيرها.
(2/338)
سنة خمس وسبعين
ومائة
فيها عقد الرّشيد للأمين، وهو ابن خمس سنين.
وفيها هاجت العصبيّة [والأهواء] [1] بين القيسيّة واليمنية بالشّام،
ورأس القيسية [يومئذ] [2] أبو الهيذام المرّي، وقتل بينهما بشر كثير،
واتصلت فتنتهما إلى زمننا هذا.
وفيها توفي شيخ الدّيار المصرية وعالمها أبو الحارث اللّيث بن سعد
الفهميّ، مولاهم، الفقيه، وأصله فارسيّ أصبهاني.
قال في «حسن المحاضرة» [3] : اللّيث بن سعد بن عبد الرّحمن الفهميّ أبو
الحارث المصريّ، أحد الأعلام ولد بقرقشندة [4] ؟ سنة أربع وستين.
وروى عن الزّهري، وعطاء، ونافع، وخلق. وعنه ابن شعيب، وابن المبارك،
وآخرون.
قال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث، صحيحه. وكان قد اشتغل
__________
[1] زيادة من «العبر» للذهبي (1/ 266) .
[2] زيادة من «العبر» للذهبي.
[3] (1/ 301) .
[4] كذا في الأصل، والمطبوع، و «معجم البلدان» (4/ 327) ، و «سير أعلام
النبلاء» (8/ 123) ، و «البداية والنهاية» (10/ 166) : «قرقشندة» ، وفي
«حسن المحاضرة» (1/ 301) ، و «وفيات الأعيان» (4/ 129) : «قلقشندة» .
(2/339)
بالفتوى في زمانه بمصر، وكان سريّا [1] من
الرّجال، نبيلا سخيّا، له ضيافته.
وقال يحيى بن بكير: ما رأيت أحدا أكمل من اللّيث، كان فقيه النفس،
عربيّ اللسان، يحسن القراءة [2] والنحو، ويحفظ الحديث والشعر، حسن
المذاكرة.
وقال الشّافعيّ: كان اللّيث أفقه من مالك، إلّا أنه ضيّعه أصحابه.
قال ابن كثير [3] : وقد حكى بعضهم أنه ولي القضاء بمصر وهو غريب.
وقال الذهبيّ في «العبر» [4] : كان نائب مصر وقاضيها من تحت أوامر
اللّيث، وإذا رابه من أحد [5] شيء كاتب فيه فيعزل، وقد أراد المنصور أن
يلي إمرة مصر فامتنع. مات يوم الجمعة رابع عشر شعبان سنة خمس وسبعين
ومائة. انتهى ما قاله السيوطي في «حسن المحاضرة» .
وقال ابن الأهدل: أراده المنصور لولاية مصر فأبى، وتولى قضاءها.
وروي أن الإمام مالكا أهدى له صينية رطبا، فأعادها مملوءة ذهبا. وكان
يتخذ لأصحابه الفالوذج، وكان يدخله في سنته ثمانون ألف دينار وما وجبت
عليه زكاة، وكان لا يتغدّى كل يوم حتّى يطعم ثلاثمائة وستين مسكينا.
انتهى.
ولعله أراد «يصبح على كلّ سلامي من أحدكم صدقة» الحديث [6] .
__________
[1] يعني شريفا. انظر «النهاية» لابن الأثير (2/ 363) .
[2] كذا في الأصل: «يحسن القراءة» ، وفي المطبوع، و «حسن المحاضرة» :
«يحسن القرآن» .
[3] «البداية والنهاية» (10/ 166) .
[4] «العبر في خبر من عبر» (1/ 267) .
[5] كذا في الأصل، والمطبوع، و «حسن المحاضرة» : «وإذا رابه من أحد» ،
وفي «العبر» للذهبي: «وإذا رابه من أحدهم» .
[6] رواه البخاري رقم (2707) في الصلح: باب فضل الإصلاح بين الناس
والعدل بينهم، و (2891) في الجهاد: باب فضل من حمل متاع صاحبه في
السفر، و (2989) باب من أخذ
(2/340)
وقال في «العبر» [1] : كان أتبع للأثر من
مالك.
وقال يحيى بن بكير: اللّيث أفقه من مالك، لكن الحظوة لمالك.
انتهى.
وفيها أبو عبد الله حزم بن أبي حزم القطعيّ أخو سهيل. روى عن الحسن
وجماعة.
قال أبو حاتم: هو من ثقات من تبقّى [2] من أصحاب الحسن.
وفيها داود بن عبد الرّحمن العطّار المكيّ. روى عن عمرو بن دينار
وجماعة.
قال الشافعيّ: ما رأيت أورع منه.
__________
بالرّكاب ونحوه. ومسلم رقم (1009) في الزكاة: باب أن بيان اسم الصدقة
يقع على كل نوع من المعروف، وأحمد في «المسند» (2/ 316) من حديث أبي
هريرة رضي الله عنه.
ولفظه عند مسلم «كل سلامي من الناس عليه صدقة، كل يوم تطلع فيه الشمس.
تعدل بين الإثنين صدقة، وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها، أو ترفع له
عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وكل خطوة تمشيها إلى الصلاة
صدقة، وتميط الأذى عن الطريق صدقة» . وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي في
«جامع العلوم والحكم» ص (226- 227) : هذا الحديث خرّجاه- يعني البخاري
ومسلم- من رواية همّام بن منبّه عن أبي هريرة- رضي الله عنه- وخرّجه
البزّار من رواية أبي صالح عن أبي هريرة عن النبيّ- صلى الله عليه
وسلم- قال: للإنسان ثلاثمائة وستون عظما، أو ستة وثلاثون سلامي، عليه
في كل يوم صدقة» قالوا: فمن لم يجد؟
قال: «يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر» قالوا: فمن لم يستطع؟ قال: «يرفع
عظما عن الطريق» قالوا: فمن لم يستطع؟ قال: «فليعن ضعيفا» قالوا: فمن
لم يستطع؟ قال: «فليدع الناس من شرّه» . قال: وخرج الطبراني من وجه آخر
عن ابن عباس يرفع الحديث إلى النبيّ- صلّى الله عليه وسلّم- قال: «على
كل سلامي أو على كل عضو من بني آدم في كل يوم صدقة، ويجزئ عن ذلك ركعتا
الضحى» .
[1] «العبر في خبر من عبر» (1/ 267) .
[2] في «العبر» : «من بقي» .
(2/341)
وفيها قاضي الكوفة أبو عبد الله القاسم بن
معن بن عبد الرّحمن بن عبد الله بن مسعود الهذليّ المسعوديّ. روى عن
عبد الملك بن عمير وطبقته.
قال أحمد: كان ثقة صاحب نحو، وشعر.
وقال أبو حاتم: كان أروى النّاس للحديث والشعر، وأعلمهم بالعربية
والفقه.
وقال ابن ناصر الدّين في شرحه ل «بديعة البيان» له: كان إماما، علّامة،
ثقة، قاضي الكوفة، لم يأخذ على القضاء رزقا مدة ولايته، وكان من أروى
النّاس للآثار، (وأعلمهم بالفقه والعربية والأشعار. انتهى.
(2/342)
|