شذرات الذهب في أخبار من ذهب
سنة إحدى عشرة
ومائتين
وفيها أمر المأمون فنودي: برئت الذّمة ممن ذكر معاوية بخير، وأن أفضل
الخلق بعد النّبيّ- صلى الله عليه وسلم- عليّ رضي الله عنه [1] .
وفيها توفي [2] أبو الجوّاب أحوص بن جوّاب الكوفيّ. روى عن يونس بن أبي
إسحاق، وسفيان الثوري، وجماعة.
وخرّج له مسلم، وأبو داود، والترمذي، وغيرهم.
قال في «المغني» [3] : أحوص بن جوّاب صدوق.
وقال ابن معين: ليس بذاك القوي.
وقال أبو حاتم: صدوق. انتهى.
وأبو العتاهية إسماعيل بن القاسم العنزيّ الكوفيّ الشّاعر المشهور مولى
عنزة. مولده بعين التّمر بليدة بالحجاز بقرب [4] المدينة، وأكثر النّاس
ينسبونه إلى القول بمذهب الفلاسفة. وكان يقول بالوعيد وتحريم المكاسب،
ويتشيّع على مذهب الزيدية. وكان محيّرا وهو من مقدّمي المولّدين، ومن
__________
[1] قلت: هذا كلام لا يجوز إطلاقه على هذا النحو بأيّ حال.
[2] لفظة: «توفي» لم ترد في الأصل، وأثبتها من المطبوع.
[3] «المغني في الضعفاء» (1/ 63) .
[4] في المطبوع: «قرب» .
(3/52)
طبقة بشّار بن برد، وأبي نواس. أعطاه
المهديّ مرّة سبعين ألفا وخلع عليه.
ولما ترك الشعر حبسه في سجن الجرائم وحبس معه بعض أصحاب زيد الهاشمي،
حبس ليدل عليه فأبى، فضربت عنقه.
وقيل لأبي العتاهية: إن قلت الشعر وإلا فعلنا بك مثله. فقاله فأطلقوه.
ويقال: إن أبا نواس وجماعة من الشعراء معه، دعا [1] أحدهم بماء يشربه
فقال:
عذب الماء فطابا ثم قال: أجيزوا، فتردّدوا ولم يعلم أحد منهم ما يجانسه
في سهولته وقرب مأخذه، حتّى طلع أبو العتاهية، فقالوا: هذا، قال: وفيم
أنتم؟ قالوا:
قال أحدنا نصف بيت ونحن نخبط في تمامه. قال: وما الذي قال؟ قالوا:
عذب الماء فطابا فقال أبو العتاهية:
حبّذا الماء شرابا ومن رائق شعره قوله في عتبة جارية الخيزران- وكان
يهواها ويشبّب بها- وهو [2] :
بالله يا حلوة العينين زوريني ... قبل الممات وإلّا فاستزيريني
هذان أمران فاختاري أحبّهما ... إليك أو لا فداعي الموت يدعوني
إن شئت موتا [3] فأنت الدّهر مالكة ... روحي وإن شئت أن أحيا فأحيني
[4]
__________
[1] لفظة: «دعا» سقطت من الأصل، وأثبتها من المطبوع.
[2] في الأصل: «وهي» وأثبت ما في المطبوع.
[3] في الأصل، والمطبوع: «إن شئت مت» ، وأثبت ما في كتاب «أبو العتاهية
أشعاره وأخباره» .
[4] في الأصل، والمطبوع: «فتحييني» ، وأثبت ما في كتاب «أبو العتاهية
أشعاره وأخباره» .
(3/53)
يا عتب ما أنت إلّا بدعة خلقت ... من غير
طين وخلق النّاس من طين
إنّي لأعجب من حبّ يقرّبني ... ممّن يباعدني منه ويقصيني [1]
أمّا الكثير فلا أرجوه منك ولو ... أطمعتني في قليل كان يكفيني [2]
وقوله في تشبيه البنفسج:
ولاز ورديّة تزهو بزرقتها ... بين الرّياض على حمر اليواقيت
كأنّها ورقاق القضب تحملها ... أوائل النّار في أطراف كبريت [3]
قال الشريف العباسي في «شرح الشواهد» : كان أبو العتاهية في أول أمره
يتخنّث ويحمل زاملة المخنّثين، ثم كان يبيع الفخار، ثم قال الشعر فبرع
فيه وتقدّم.
ويقال: أطبع الناس بالشعر بشار، والسيد الحميري، وأبو العتاهية.
وحدّث خليل بن أسد النّوشجاني [4] : قال: أتى [5] أبو العتاهية إلى
منزلنا فقال: زعم الناس أني زنديق، والله ما ديني إلا التوحيد، فقلنا:
فقل شيئا نتحدث به عنك، فقال:
ألا إنّنا كلّنا بائد ... وأيّ بني آدم خالد
وبدؤهم كان من ربّهم ... وكلّ إلى ربّه [6] عائد
__________
[1] في الأصل، والمطبوع: «ويعصيني» ، والتصحيح من كتاب «أبو العتاهية
أشعاره وأخباره» .
[2] الأبيات في كتاب «أبو العتاهية أشعاره وأخباره» للدكتور شكري فيصل-
رحمه الله- ص (652- 653) وبين البيتين السادس والسابع بيتان هما:
لو كان ينصفني مما كلفت به ... إذا رضيت وكان النّصف يرضيني
يا أهل ودّي إنّي قد لطفت بكم ... في الحبّ جهدي ولكن لا تبالوني
[3] البيتان في كتاب «أبو العتاهية أشعاره وأخباره» ص (510- 511) .
[4] في الأصل: «النبرشجاني» ، وفي المطبوع: «الفرشجاني» وكلاهما خطأ،
والتصحيح من «الأغاني» (4/ 35) .
[5] في المطبوع: «أتانا» ، وفي «الأغاني» : «جاءنا» .
[6] في الأصل، والمطبوع: «ربهم» ، وأثبت ما في كتاب «أبو العتاهية
أشعاره وأخباره» .
(3/54)
فيا عجبا كيف يعصى الإل ... هـ أم كيف
يجحده الجاحد
وفي كلّ شيء له شاهد [1] ... يدلّ على أنّه واحد [2]
وكان من أبخل النّاس مع يساره وكثرة ما جمع من الأموال.
وأبو العتاهية لقب غلب عليه لأنه كان يحب الشهوة والمجون، فكني بذلك
لعتوه. انتهى ملخصا.
وفيها أبو زيد الهرويّ سعيد بن الرّبيع البصريّ، وكان يبيع الثياب
الهرويّة [3] . روى عن قرّة بن خالد وطائفة.
وفيها، أو في سنة عشر- وهو الصحيح- يحيى السّيلحيني بن إسحاق [4] .
والسّيلحين موضع بالحيرة [5] . كان ثقة صدوقا.
وطلق بن غنّام النخعيّ الكوفيّ كاتب حكم شريك القاضي. روى عن مالك بن
مغول وطبقته. وهو وأبو زيد الهروي أقدم من مات من شيوخ البخاري.
وفيها عبد الله بن صالح العجليّ الكوفيّ المقرئ المحدّث، والد الحافظ
أحمد بن عبد الله العجلي نزيل المغرب. قرأ القرآن على حمزة.
وسمع من إسرائيل وطبقته، وأقرأ وحدّث ببغداد.
وفيها عبد الرّزّاق بن همّام العلّامة الحافظ أبو بكر الصنعانيّ، صاحب
__________
[1] في كتاب «أبو العتاهية» : «له آية» .
[2] الأبيات في كتاب «أبو العتاهية أشعاره وأخباره» للدكتور شكري فيصل-
رحمه الله- ص (103- 104) وبين البيتين الثالث والرابع بيت آخر هو:
ولله في كل تحريكة ... علينا وتسكينة شاهد
[3] في الأصل: «الهرية» وهو خطأ، وأثبت ما في المطبوع.
[4] انظر: «الأنساب» للسمعاني (7/ 226) .
[5] انظر خبرها في «معجم البلدان» لياقوت (3/ 298) .
(3/55)
المصنفات. روى عن معمر، وابن جريج،
وطبقتهما. ورحل الأئمة إليه إلى اليمن. وله أوهام مغمورة في سعة علمه.
عاش بضعا وثمانين سنة، وتوفي في شوال.
قال ابن ناصر الدّين: وثقه غير واحد، لكن نقموا عليه التشيّع. انتهى.
وعليّ بن الحسين بن واقد، محدّث مرو، وابن محدّثها. روى عن أبيه، و
[عن] أبي حمزة السّكّري [1] .
وخرّج له الأربعة.
قال في «المغني» [2] : علي بن الحسين بن واقد المروزيّ صدوق وثق.
وقال أبو حاتم: ضعيف. انتهى.
ومعلّى بن منصور الرّازيّ الفقيه نزيل بغداد [3] . روى عن اللّيث بن
سعد وغيره.
روي أنه كان يصلي فوقع عليه كور الزنابير، فأتم صلاته، فنظروا فإذا
رأسه قد صار هكذا من الانتفاخ، وهو من الثقات.
__________
[1] في «العبر» للذهبي (1/ 361) : «السكوني» وهو خطأ فيصحح فيه. وانظر
«الأنساب» للسمعاني (7/ 95- 96) ، و «تقريب التهذيب» لابن حجر (2/ 212
و 414) .
[2] «المغني في الضعفاء» (2/ 446) .
[3] في المطبوع: «نزيل ببغداد» .
(3/56)
سنة اثنتي عشرة
ومائتين
فيها جهّز المأمون جيشا عليهم محمد بن حميد الطّوسيّ لمحاربة بابك
الخرّمي.
وفيها أظهر المأمون القول بخلق القرآن مع ما أظهر في العام الماضي من
التشيّع، فاشمأزت منه القلوب، وقدم دمشق فصام بها رمضان، ثمّ حجّ
بالنّاس.
وفيها توفي الحافظ أسد بن موسى الأمويّ نزيل مصر، ويقال له:
أسد السّنّة. روى عن شعبة وطبقته، ورحل في الحديث، وصنف التصانيف، وهو
أحد الثقات الأكياس.
والفقيه أبو حيّان إسماعيل بن حمّاد بن أبي حنيفة الإمام. روى عن مالك
بن مغول وجماعة. وولي قضاء الجانب الشرقي ببغداد، ثم ولي قضاء البصرة،
وكان موصوفا بالزهد، والعبادة، والعدل في الأحكام.
والحسين بن حفص الهمدانيّ الكوفيّ قاضي أصبهان ومفتيها. أكثر عن سفيان
الثّوري وغيره. وكان دخله في العام مائة ألف درهم، وما وجبت عليه زكاة.
وفيها المحدّث خلّاد بن يحيى الكوفيّ بمكة. روى عن عيسى بن طهمان
وطبقته، وهو من كبار شيوخ البخاري.
(3/57)
وزكريا بن عدي الكوفيّ. روى عن جعفر بن
سليمان وطائفة.
قال ابن عوف البزوريّ [1] : ما كتبت عن أحد أفضل منه، وحديثه في
«الصحيحين» .
وأبو عاصم النّبيل، الضّحّاك بن مخلد [2] الشيبانيّ محدّث البصرة، توفي
في ذي الحجة وقد نيّف على التسعين. سمع من يزيد بن أبي عبيد وجماعة من
التابعين. وكان واسع العلم. ولم ير في يده كتاب قطّ.
قال عمر بن شبّة [3] : ما رأيت مثله.
وقال البخاريّ: سمعت أبا عاصم يقول: ما اغتبت أحدا قطّ منذ عقلت أن
الغيبة حرام.
وروى عنه أحمد، والبخاريّ، وغيرهما، وهو ثقة متقن.
وفيها أبو المغيرة، عبد القدّوس بن حجّاج الخولانيّ الحمصيّ الحافظ
محدّث حمص. سمع الأوزاعيّ وطبقته، وأدركه البخاريّ وهو ثقة.
وفيها الفقيه أبو مروان عبد الملك بن عبد العزيز بن الماجشون صاحب
مالك. كان فصيحا مفوّها، وعليه دارت الفتيا في زمانه بالمدينة.
وفيها مفتي الأندلس عيسى بن دينار الغافقيّ، صاحب ابن القاسم، وكان
صالحا ورعا مجاب الدعوة، مقدّما [4] في الفقه على يحيى بن يحيى
__________
[1] في المطبوع: «البزوزي» وهو تصحيف.
قال السمعاني في «الأنساب» (2/ 198) : البزوري: هذه النسبة إلى البزور،
وهي جمع البزر، وعندنا يقال هذا لمن يبيع البزور للبقول وغيرها.
[2] في الأصل، «ابن مجلد» وهو تصحيف، وأثبت ما في المطبوع وهو الصواب.
[3] في الأصل، والمطبوع: «عمر بن شيبة» وهو خطأ، والتصحيح من «العبر»
للذهبي، وكتب الرجال التي بين يدي.
[4] في «العبر» للذهبي (1/ 363) : «متقدما» .
(3/58)
وفيها أبو عبد الله محمد بن يوسف الفريابيّ
الحافظ، في أول السنة بقيساريّة. أكثر عن الأوزاعيّ والثّوري. أدركه
البخاريّ، ورحل إليه الإمام أحمد فلم يدركه، بل بلغه موته بحمص، فتأسّف
عليه، وهو ثقة ثبت.
(3/59)
سنة ثلاث عشرة
ومائتين
فيها توفي أسد بن الفرات الفقيه أبو عبد الله المغربيّ، صاحب مالك،
وصاحب «المسائل الأسدية» التي كتبها عن ابن القاسم.
وخالد بن مخلد القطوانيّ، أحد الحفّاظ بالكوفة. رحل وأخذ عن مالك
وطبقته.
وقال أبو داود: صدوق شيعيّ.
وعبد الله بن داود الخريبيّ [1] الحافظ الزاهد. سمع الأعمش والكبار.
وكان من أعبد أهل زمانه. توفي بالكوفة في شوال وقد نيّف على التسعين،
وهو ثقة.
وأبو عبد الرّحمن المقرئ، عبد الله بن يزيد، شيخ مكّة وقارئها
ومحدّثها. روى عن ابن عون والكبار، ومات في عشر المائة، وقرأ القرآن
سبعين سنة.
وعمرو [2] بن عاصم الكلابيّ الثقة البصريّ. روى عن طبقة شعبة.
قال في «المغني» [3] : صدوق مشهور.
قال بندار: لولا شيء لتركته. انتهى.
__________
[1] في الأصل: «الحريثي» وهو خطأ، وأثبت ما في المطبوع وهو الصواب.
[2] في الأصل: «عمر» وهو خطأ، وأثبت ما في المطبوع وهو الصواب.
[3] «المغني في الضعفاء» (2/ 485) .
(3/60)
وفيها عبيد الله بن موسى العبسيّ [1]
الكوفيّ الحافظ. روى عن هشام بن عروة والكبار، وقرأ القرآن على حمزة،
وكان إماما في الفقه، والحديث، والقرآن. موصوفا بالعبادة والصلاح، لكنه
من رؤوس الشيعة.
وعمرو بن أبي سلمة التّنّيسيّ [2] الفقيه. وأصله دمشقي. روى عن
الأوزاعيّ وطبقته.
قال في «المغني» [3] : ثقة.
وقال أبو حاتم: لا يحتج به. انتهى.
ومحمد بن سابق البغداديّ. روى عن مالك بن مغول وجماعة.
وقيل: توفي في السنة الآتية.
ومحمد بن عرعرة بن البرند الشّاميّ البصريّ. روى عن شعبة وطائفة. توفي
في شوال.
وفيها الهيثم بن جميل البغداديّ الحافظ، نزيل أنطاكية. روى عن جرير بن
حازم وطبقته، وكان من ثقات المحدّثين وصلحائهم وأثباتهم [4] .
ويعقوب بن محمد الزّهريّ المدنيّ الفقيه الحافظ. روى عن إبراهيم بن سعد
وطبقته، وهو ضعيف يكتب حديثه.
وفيها قتل المأمون عليّ بن جبلة الشاعر العكوّك السمين، أحد المبرزين
من الموالي في الشعر، وكان ولد أعمى، وقيل: عمي صغيرا من الجدري [5] .
__________
[1] في الأصل: «العنشي» وهو خطأ، وأثبت ما في المطبوع وهو الصواب.
[2] في الأصل: «التنيشي» وهو تحريف، وأثبت ما في المطبوع وهو الصواب.
[3] «المغني في الضعفاء» (2/ 484) .
[4] راجع ترجمته في «تهذيب الكمال» للمزي (3/ 1454) مصورة دار المأمون
للتراث بدمشق.
[5] قلت: يحسن بالقارئ الكريم الرجوع إلى ديوان شعره الذي جمعه وحققه
وقدم له الدكتور حسين عطوان، ونشرته دار المعارف بمصر، ففي ذلك فائدة.
(3/61)
حكى المبرّد قال: أخبرني علي بن القاسم
قال: قال لي عليّ بن جبلة: زرت أبا دلف العجلي، فكنت لا أدخل إليه إلّا
تلقّاني ببشره، ولا أخرج عنه إلّا تلافاني ببرّه. فلما أكثر ذلك هجرته
أياما حياء منه، فبعث إليّ أخاه معقلا، فقال: يقول لك الأمير: هجرتنا
وقعدت عنا، فإن كنت رأيت تقصيرا فيما مضى فاعذر فإننا نتلافاه في
المستقبل ونزيد فيما يجب من برّك.
فكتبت إليه بهذه الأبيات:
هجرتك لم أهجرك من كفر نعمة ... وهل يرتجى نيل الزيادة [1] بالكفر
ولكنّني لمّا أتيتك زائرا ... فأفرطت في برّي عجزت عن الشّكر
فم الآن [2] لا آتيك إلّا مسلّما ... أزورك في الشّهرين يوما أو الشّهر
فإن زدتني برّا تزايدت جفوة ... فلا نلتقي طول الحياة إلى الحشر [3]
فلما نظر فيها معقل استحسنها- وكان أديبا شاعرا أشعر من أخيه أبي دلف-
فقال: جوّدت والله، وأحسنت، أما إن الأمير سيعجب بهذه الأبيات
والمعاني، فلما أوصلها إلى أبي دلف استحسنها وكتب إليّ بهذه الأبيات:
ألا ربّ ضيف [4] طارق قد بسطته ... وآنسته قبل الضيافة بالبشر
أتاني يرجّيني فما حال دونه ... ودون القرى من نائلي عنده ستري [5]
رأيت له [6] فضلا عليّ بقصده ... إليّ وبرّا لا يعادله شكري [7]
فلم أعد أن أدنيته وابتدأته ... ببشر وإكرام وبرّ على برّ
__________
[1] في الأصل: «نيل الزيارة» وهو خطأ، وأثبت ما في المطبوع وهو الصواب.
[2] كذا في الأصل، والمطبوع: «فم الآن» وفي «تاريخ بغداد» : «فملّان» ،
وفي «الأغاني» :
«فها أنا» .
[3] الأبيات في «الأغاني» (20/ 24) ، و «تاريخ بغداد» (9/ 488) منسوبة
إلى دعبل.
[4] في الأصل، والمطبوع: «ألا رب طيف» ، والتصحيح من «الأغاني» .
[5] في الأصل، والمطبوع: «مني ومن نائلي شرى» ، وأثبت ما في «الأغاني»
.
[6] في «الأغاني» : «وجدت له» .
[7] في «الأغاني» : «يستحق به شكري» .
(3/62)
وزوّدته مالا سريعا نفاده [1] ... وزوّدني
مدحا يدوم [2] على الدّهر [3]
ووجّه الأبيات مع وصيف وألف دينار، فلذلك قلت فيه قصيدتي الغرّاء التي
سارت واشتهرت في العجم والعرب:
إنما الدّنيا أبو دلف ... بين باديه ومحتضره
فإذا ولّى أبو دلف ... ولّت الدّنيا على أثره [4]
حدّث الزّعفرانيّ قال: لما بلغ المأمون قول عليّ بن جبلة في أبي دلف:
كلّ من في الأرض من عرب ... بين باديه إلى حضره
مستعير منك مكرمة ... يكتسيها يوم مفتخره [5]
استشاط غضبا وقال: ويل لابن الزانية، يزعم أنا لا نعرف مكرمة إلّا وهي
مستعارة من أبي دلف، وطلبه، فهرب، فكتب في طلبه وأخذه، فحمل إليه، فلما
مثل بين يديه قال: يا ابن اللّخناء [6] أنت القائل كيت وكيت؟ وقرأ
البيتين. أجعلتنا نستعير المكارم منه. فقال: عنيت أشكال أبي دلف، وأما
أنتم فقد أبانكم الله بالفضل عن سائر عباده لما اختصكم به من النّبوّة،
والكتاب، والحكمة، والملك، وما زال يستعطفه حتّى عفا عنه.
__________
[1] في «الأغاني» : «قليل بقاؤه» .
[2] في الأصل، والمطبوع: «يقيم» وأثبت لفظ «الأغاني» .
[3] الأبيات في «الأغاني» (20/ 25) .
[4] البيتان في «الورقة» ص (107) ، و «الأغاني» (20/ 15 و 25) ، و
«وفيات الأعيان» (3/ 351) ، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 192) .
[5] البيتان في «الأغاني» (20/ 41) ، و «وفيات الأعيان» لابن خلكان (3/
351) ، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 192- 193) .
[6] في الأصل: «يا ابن الخناء» وهو خطأ، وأثبت ما في المطبوع وهو
الصواب.
قال ابن منظور: اللّخن: قبح ريح الفرج، وامرأة لخناء. ويقال: اللّخناء
التي لم تختن.
«لسان العرب» (لخن) .
(3/63)
وقال بعض الرّواة: قتله، وقال: أما إني لا
أستحلّ دمك بهذا القول، ولكني أستحلّه بكفرك وجرأتك على الله سبحانه إذ
تقول في عبد ضعيف مهين تسوي بينه وبين ربّ العزّة:
أنت الذي تنزل الأيام منزلها ... وتنقل الدّهر من حال إلى حال
وما مددت مدى طرف إلى أحد ... إلّا قضيت بأرزاق وآجال [1]
ذاك الله- عزّ وجلّ- ثم أمر فسلّ لسانه من قفاه. والأول أصح، وأنه مات
حتف أنفه.
ومن مدح العكوّك لحميد بن عبد العزيز الطّوسي:
إنّما الدّنيا حميد ... وأياديه الجسام
فإذا ولّى حميد ... فعلى الدّنيا السّلام [2]
وفيها توفي إسحاق بن مرار النحويّ اللغويّ أحد الأئمة الأعلام.
أخذ عنه أحمد بن حنبل، وأبو عبيد القاسم بن سلّام، ويعقوب بن السّكّيت.
وقال في حقّه: عاش مائة وعشرين سنة، وكان يكتب بيده إلى أن مات رحمه
الله تعالى.
__________
[1] البيتان في «الأغاني» (20/ 42) ، و «وفيات الأعيان» (3/ 353) ، و
«سير أعلام النبلاء» (10/ 193- 194) .
[2] البيتان في «الورقة» ص (108) ، و «الأغاني» (20/ 37) ، و «وفيات
الأعيان» (3/ 352) .
(3/64)
سنة أربع عشرة
ومائتين
وفيها التقى محمد بن حميد الطّوسيّ وبابك الخرّمي، فهزمهم بابك وقتل
الطّوسيّ.
وفيها توجّه [1] عبد الله بن طاهر بن الحسين على إمرة خراسان.
وأعطاه المأمون خمسمائة ألف دينار. وكان عبد الله من آدب النّاس
وأعلمهم بأيام العرب. وسيأتي ذكره في سنة ثمان وعشرين ومائتين. عند ذكر
وفاته [2] .
وكان من أخصّائه وأخصاء والده عوف بن محلّم [3] الشاعر، اختصّه
بمنادمته طاهر بن الحسين، فلما مات طاهر اعتقد عوف أنه يخلص من قيد
الملازمة، فلوى عبد الله بن طاهر هذا يده عليه، وتمسّك به، واجتهد عوف
على التخلّص منه فلم يقدر، حتّى خرج عبد الله من العراق يريد خراسان
وعوف عديله يسامره ويحادثه، فلما شارفوا الرّيّ سحرة وقد أدلجوا، فإذا
بقمريّ [4] يغرّد على سروة بأشجى صوت وأرقّ نغمة، فالتفت عبد الله إلى
__________
[1] في «العبر» للذهبي (1/ 366) : «وجّه» .
[2] قلت: الصواب أنه ذكر فيمن توفي سنة (230) انظر ص (137) .
[3] قلت: وكنيته التي اشتهر بها: «أبو المنهال» ، انظر «الأعلام» (5/
96) .
[4] قال ابن منظور: القمريّ: طائر يشبه الحمام القمر البيض. وانظر تتمة
كلامه في «لسان العرب» (قمر) .
(3/65)
عوف فقال: ألا تسمع هذا الصوت ما أرقّه
وأشجاه، قاتل الله أبا كبير [1] الهذلي حيث يقول:
ألا يا حمام الأيك فرخك [2] حاضر ... وغصنك ميّاد ففيم تنوح [3]
فقال عوف: أيها الأمير أحسن والله أبو كبير [4] وأجاد، إنه كان في هذيل
أربعون شاعرا من المحسنين دون المتوسطين، وكان أبو كبير [4] من أشعرهم،
وأشهرهم، وأذكرهم، وأقدرهم.
قال عبد الله: أقسمت عليك إلا أجزت له هذا البيت، فقال: أصلح الله
الأمير، شيخ مسنّ وأحمل على [5] البديهة وعلى معارضة مثل أبي كبير [6]
وهو من قد علمت! فقال: سألتك بحق طاهر إلّا أجزته، فقال:
أفي كلّ عام غربة ونزوح ... أما للنّوى من ونية فيريح
لقد طلّح البين المشتّ ركائبي ... فهل أرينّ البين وهو طليح [7]
وأرّقني بالرّيّ شجو [8] حمامة ... فنحت وذو الشوق المشتّ [9] ينوح
على أنها ناحت ولم تذر عبرة [10] ... ونحت وأسراب الدموع سفوح
__________
[1] في الأصل، والمطبوع: «أبو كثير» وهو خطأ، والتصحيح من «الشعر
والشعراء» ص (420) ط. ليدن، و «تاج العروس» (كبر) (14/ 15) ، و
«الأعلام» للزركلي (3/ 250) ، واسمه عامر ابن الحليس.
[2] في «فوات الوفيات» : «إلفك» .
[3] البيت في «تاريخ بغداد» (9/ 486) . و «فوات الوفيات» (3/ 163) .
[4] في الأصل، والمطبوع: «أبو كثير» وهو خطأ، كما بينته في التعليق رقم
(1) .
[5] لفظة: «على» سقطت من الأصل، وأثبتها من المطبوع.
[6] في الأصل، والمطبوع: «أبو كثير» والصواب ما أثبته.
[7] في «فوات الوفيات» : «طريح» .
[8] في «فوات الوفيات» : «نوح» .
[9] في «فوات الوفيات» : «وذو البثّ الغريب» .
[10] في «فوات الوفيات» : «ولم تذر دمعة» .
(3/66)
وناحت وفرخاها بحيث تراهما ... ومن دون
أفراخي مهامه فيح
ألا يا حمام الأيك فرخك [1] حاضر ... وغصنك ميّاد ففيم تنوح
أفق لا تنح من غير شيء فإنني ... بكيت زمانا والفؤاد صحيح
ولوعا وشطّت غربة دار زينب ... فها أنا أبكي والفؤاد قريح
عسى جود عبد الله أن يعكس النّوى ... فتضحي [2] عصا التّطواف وهي طليح
فإنّ الغنى يدني الفتى من صديقه ... وعدم الفتى بالمقترين [3] طروح [4]
فاستعبر عبد الله ورقّ له لمّا سمع من تشوّقه إلى أولاده. وقال: يا أبا
محلّم ما أحسن ما تلطفت به لحاجتك، وإني والله بك لضنين وبقربك لشحيح،
ولكن والله لا جاوزت هذا حتّى ترجع إلى أهلك، وأمر له بثلاثين ألف درهم
نفقة، ورحّله وردّه من موضعه، فأدركته المنية قبل وصوله إلى أهله، ولما
ردّه عبد الله قال عوف:
يا بن الذي دان له المشرقان ... وألبس الأمن به [5] المغربان
إن الثمانين وبلّغتها ... قد أحوجت سمعي إلى ترجمان
وأبدلتني بالنّشاط [6] انحنا ... وكنت كالصّعدة تحت السّنان
وعوّضتني من زماع الفتى ... وهمّه همّ الهجين الهدان
وهمت بالأوطان وجدا بها ... وبالغواني أين مني الغوان
فقرّباني بأبي أنتما ... من وطني قبل اصفرار البنان
__________
[1] في «فوات الوفيات» : «إلفك» .
[2] في «تاريخ بغداد» : «فنلقي» .
[3] في «فوات الوفيات» : «بالمعسرين» .
[4] الأبيات في «فوات الوفيات» (3/ 163) عدا البيتين السابع والثامن،
وبعض الأبيات في «تاريخ بغداد» للخطيب (9/ 486- 487) .
[5] في الأصل: «منه» ، وأثبت ما في المطبوع وهو موافق لما في «فوات
الوفيات» .
[6] في «فوات الوفيات» : «وبدّلتني بالشطاط» وفي «معجم البلدان» :
«وبدلتني من نشاط» .
(3/67)
وقبل منعاي إلى نسوة ... أوطانها حوران
والرّقّتان
حيا قصور الشّاذياخ [1] الحيا ... من بعد عهدي وقصور المباني [2]
وهذه القصور التي ذكرها كلها بمرو، ونيسابور، وهي مساكن آل طاهر، وكان
عوف يألفها لكثرة غشيانه إيّاها ومقامه معهم فيها، فلذلك دعا لها.
ومن شعر عوف:
وكنت إذا صحبت رجال قوم ... صحبتهم وشيمتي [3] الوفاء
فأحسن حين يحسن محسنوهم [4] ... وأجتنب الإساءة إن أساءوا
وأبصر ما يريبهم بعين ... عليها من عيونهم غطاء [5]
وكان عوف من بلغاء الشعراء وفصحائهم واختصت به بنو طاهر ولزمهم لمزيد
ميلهم إليه وكثرة منحهم له كأبي الطّيب مع بني حمدان، غير أن عوفا لم
يلحقه طمع أبي الطيب الذي فارق له بني حمدان.
وفيها توفي أحمد بن خالد الذّهبيّ الحمصيّ راوي المغازي عن ابن إسحاق،
وكان مكثرا حسن الحديث.
وأبو أحمد حسين بن محمد المرّوذيّ [6] المؤدّب ببغداد، ونسبته
__________
[1] في الأصل، والمطبوع: «الشادباخ» وهو خطأ، وأثبت ما في «فوات
الوفيات» والشاذياخ: اسم نيسابور القديم. انظر «تاج العروس» (شذخ) .
[2] الأبيات في «معجم البلدان» (5/ 239- 240) وهي في «فوات الوفيات»
(3/ 164) عدا الثالث منها، وفي روايتها فيهما بعض الخلاف.
[3] في «فوات الوفيات» : «ونيّتي» .
[4] في المطبوع: «محسونهم» وهو خطأ.
[5] الأبيات في «فوات الوفيات» (3/ 164) مع بعض الخلاف فيها عنده.
[6] ويقال: المرو الرّوذي، انظر: «الأنساب» للسمعاني (11/ 253 و 255) ،
و «معجم البلدان» لياقوت (5/ 112) ، و «تاريخ بغداد» للخطيب (8/ 88) ،
و «تهذيب الكمال» للمزي (1/ 294) مصورة دار المأمون للتراث بدمشق.
قلت: وقد تحرفت نسبته في «السابق واللاحق» للخطيب ص (186) ، و «تهذيب
الكمال»
(3/68)
بفتح الميم وضم الراء مع سكون الواو ويليها
ذال مكسورة معجمة بعدها ياء النسبة، نسبة إلى مرو الرّوذ من أشهر مدن
خراسان، وكان من حفاظ الحديث الثقات. روى عن ابن أبي ذئب، وشيبان [1] ،
وأحمد بن حنبل [2] . وروى عنه أحمد أيضا وغيره.
وفيها الفقيه عبد الله بن عبد الحكم أبو محمد المصريّ وله ستون سنة.
وكان من جلّة [3] أصحاب مالك. أفضت إليه الرياسة بمصر بعد أشهب، وسمع
«الموطأ» على مالك.
يقال: إنه دفع للشّافعيّ عند قدومه ألف دينار، وأخذ له من تاجر ألفا،
ومن رجلين آخرين ألفا. وله مصنفات في الفقه، وهو مدفون إلى جانب
الشّافعيّ.
وفيها معاوية بن عمرو الأزديّ أبو عمرو البغداديّ الحافظ المجاهد.
روى عن زائدة وطبقته، وأدركه البخاريّ. وكان بطلا شجاعا معروفا
بالإقدام.
كثير الرّباط.
__________
(6/ 471) بتحقيق الأستاذ الدكتور بشار عواد معروف، و «العبر» للذهبي
(1/ 366) إلى «المروزي» فتصحح. فإن «المروزي» ينسب إلى «مرو الشاهجان»
وليس إلى «مرو الرّوز» كما هو معروف.
[1] في «العبر» للذهبي: «وسفيان» وهو خطأ، فيصحح فيه.
[2] لم أقف على ذكر له في عداد من روى عن الإمام أحمد فيما بين يدي من
المصادر والمراجع.
[3] في الأصل: «أجلة» ، وأثبت ما في المطبوع وهو موافق لما في «العبر»
للذهبي مصدر المؤلف.
(3/69)
سنة خمس عشرة
ومائتين
فيها دخل المأمون من درب المصّيصة إلى الرّوم، وافتتح حصن قرّة عنوة،
وتسلّم ثلاثة حصون بالأمان، ثم قدم دمشق.
وفيها توفي الحافظ إسحاق بن عيسى بن الطّباع البغداديّ نزيل أدنه. سمع
الحمّادين وطائفة.
وفيها مفتي أهل بلخ أبو سعيد خلف بن أيوب العامريّ صاحب أبي يوسف. سمع
من عوف الأعرابي وجماعة من الكبار، وكان زاهدا قدوة. روى عنه يحيى بن
معين والكبار.
وفيها العلّامة أبو زيد الأنصاري سعيد بن أوس البصريّ اللغويّ وله ثلاث
وتسعون سنة. روى عن سليمان التيمي، وحميد الطّويل، والكبار.
وصنف التصانيف.
قال بعض العلماء: كان الأصمعيّ يحفظ ثلث اللغة، وكان أبو زيد يحفظ ثلثي
اللغة، وكان صدوقا صالحا. وغلبت عليه النوادر كالأصمعيّ، مع أن
الأصمعيّ كان يقبّل رأسه ويقول: أنت سيدنا منذ خمسين سنة.
وكان سفيان الثّوري يقول: الأصمعيّ أحفظ [1] الناس، وأبو عبيدة أجمعهم،
وأبو زيد أوثقهم.
__________
[1] في المطبوع: «حفظ» وهو خطأ.
(3/70)
وكان النّضر بن شميل، وأبو زيد، واليزيديّ
في معاملة واحدة.
وصنف أبو زيد في اللغة نحو عشرين مصنفا. وضجر شعبة يوما من إملاء
الحديث، فرأى أبا زيد في أخريات الحلقة، فقال:
استعجمت دار ميّ ما تكلّمنا ... والدّار لو كلّمتنا ذات أخبار
ألا تعال يا أبا زيد، فجاءه، فتحادثا وتناشدا الأشعار، فقال له بعض
الحاضرين: يا أبا بسطام، نقطّع [1] إليك ظهور الإبل فتدعنا وتقبل على
الأشعار؟ فقال: أنا أعلم بالأصلح لي. أنا والله الذي لا إله إلا هو في
هذا أسلم مني في ذلك، كأنه يروّح قلبه عند السآمة.
ومثل هذا ما روي أن ابن عبّاس كان يقول لأصحابه: أحمضوا.
وكما قال أبو الدّرداء: إني لأجمّ [2] نفسي بشيء من الباطل لأستعين به
على الحق.
وفيها محمد بن عبد الله الأنصاريّ بن المثنى أبو عبد الله قاضي البصرة
وعالمها ومسندها. سمع سليمان التّيمي، وحميد، والكبار، وعاش سبعا
وتسعين سنة. وهو من كبار شيوخ البخاري، وهو ثقة مشهور.
وفيها محمد بن المبارك الصّوريّ أبو عبد الله الحافظ صاحب سعيد ابن عبد
العزيز.
قال يحيى بن معين: كان شيخ دمشق بعد أبي مسهر.
__________
[1] في الأصل، والمطبوع: «تقطع» وهو تصحيف، والتصحيح من «مرآة الجنان»
لليافعي (2/ 59) المطبوع في مطبعة دائرة المعارف النظامية في حيدر
أباد.
[2] في الأصل: «لأجع» ، وفي «مرآة الجنان» : «لأحم» وكلاهما خطأ، وأثبت
ما في المطبوع وهو الصواب.
قال ابن منظور: الجمام، بالفتح: الراحة ... ويقال: أجمّ نفسك يوما أو
يومين، أي أرحها. ويقال: إني لأستجم قلبي بشيء من اللهو لأقوى به على
الحق. «لسان العرب» (جمم) .
(3/71)
وقال أبو داود [1] : هذا رجل الشّام بعد
أبي مسهر.
وهو شيخ الإسلام. ومن كلامه السديد المتين: كذب من ادعى محبة الله ويده
في قصاع المترفين.
وفيها [أبو] السّكن [2] مكي بن إبراهيم البلخيّ الحافظ. روى عن هشام بن
حسّان والكبار، وهو آخر من روى من الثقات عن يزيد بن أبي عبيد [3] ،
عاش نيفا وتسعين سنة.
وفيها أبو عامر قبيصة بن عقبة السّوائيّ الكوفيّ العابد الثقة. أحد
الحفاظ. روى عن فطر بن خليفة [4] وطبقته، وأكثر عن الثّوري، وهو أحد
شيوخ الإمام أحمد.
قال إسحاق بن سيّار: ما رأيت شيخا أحفظ منه.
وقال آخر: كان يقال [له] : راهب الكوفة [5] .
وكان هنّاد بن السري إذا ذكره دمعت عيناه، وقال: الرجل الصالح [6] .
وفيها محدّث مرو علي بن الحسن [7] بن شقيق [8] . روى عن أبي
__________
[1] في الأصل: «ابن داود» وهو خطأ. وفي «العبر» : «كان رجل السّنّة بعد
أبي مسهر» .
[2] في الأصل، والمطبوع: «وفيها السكن» وهو خطأ، والتصحيح من «العبر»
للذهبي (1/ 368) .
و «تقريب التهذيب» (2/ 273) .
[3] في الأصل: «يزيد بن عبيد» وهو خطأ، وأثبت ما في المطبوع وهو
الصواب.
[4] في الأصل، والمطبوع: «قطر بن خليفة» وهو تصحيف، والتصحيح من
«العبر» للذهبي (1/ 368) ، وانظر: «تقريب التهذيب» (2/ 114) .
[5] في «العبر» للذهبي (1/ 368) : «كان يقال له: زاهد الكوفة» ، ولفظة:
«له» التي بين حاصرتين زيادة منه.
[6] قلت: كذا أرخ وفاته المؤلف، والذهبيّ في «سير أعلام النبلاء» (10/
135) ، وجزم السمعاني في «الأنساب» (7/ 183) بأن وفاته كانت سنة (225)
هـ.
[7] في الأصل، والمطبوع: «علي بن الحسين» وهو خطأ، والتصحيح من
«الأنساب» للسمعاني (7/ 95) ، و «تهذيب الكمال» للمزي (2/ 960) مصورة
دار المأمون للتراث، و «سير أعلام النبلاء» للذهبي (10/ 349) ، و
«العبر» للذهبي (1/ 368) .
[8] في «العبر» للذهبي: «ابن سفيان» وهو خطأ فيصحح فيه.
(3/72)
حمزة السّكّري وطائفة. وعنه البخاريّ
وغيره. وكان محدّث مرو. وكان حافظا كثير العلم، كثير الكتب. كتب الكثير
حتّى كتب التوراة، والإنجيل، وجادل اليهود والنصارى.
ويحيى بن حمّاد البصريّ الحافظ، ختن [1] أبي عوانة. سمع شعبة وطبقته.
وفيها الأخفش الأوسط سعيد بن مسعدة، إمام العربية، المجاشعيّ البصريّ.
كان يقول: ما وضع سيبويه في «كتابه» شيئا إلا وعرضه عليّ. وكان يرى أنه
أعلم به مني، وأنا اليوم أعلم به منه. وزاد في العروض بحرا على الخليل
[2] ، وكان أجلع [3]- وهو الذي لا تنضم شفتاه على أسنانه [4] ، والخفش:
صغر العينين مع سوء بصرهما- ومصنفاته بضعة عشر مصنفا.
وأما الأخفش الأكبر، فهو عبد الحميد بن عبد الحميد. أخذ عنه أبو عبيدة،
وسيبويه، وهو مجهول الوفاة.
وأما الأخفش الصغير، فهو عليّ بن سليمان البغداديّ النحويّ. قاله ابن
الأهدل [5] .
__________
[1] قال ابن منظور: ختن الرجل: المتزوج بابنته أو بأخته. قال الأصمعيّ
... : الختن أبو امرأة الرجل، وأخو امرأته، وكل من كان من قبل امرأته،
والجمع أختان، والأنثى ختنة. وخاتن الرجل الرجل: إذا تزوج إليه، وفي
الحديث: عليّ ختن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أي زوج ابنته.
«لسان العرب» (ختن) .
[2] يعني الخليل بن أحمد الفراهيدي صاحب كتاب «العين» .
[3] في الأصل: «أخلع» وهو تصحيف، وأثبت ما في المطبوع، وهو الصواب.
[4] انظر: «لسان العرب» (جلع) ، و (خفش) .
[5] انظر: «مرآة الجنان» (1/ 61 و 267- 268) فهو الأصل الذي اختصره ابن
الأهدل وزاد عليه.
(3/73)
وفيها كما قاله ابن ناصر الدّين، بدل بن
المحبّر [1] اليربوعيّ، حدّث عنه البخاريّ وغيره [2] .
__________
[1] في المطبوع: «ابن محبر» .
قال الزبيديّ في «تاج العروس» (حبر) (10/ 512) : المحبّر: من البراغيث
جلده، فبقي فيه حبر، أي آثار.
[2] انظر ترجمته ومصادرها في «تهذيب الكمال» للمزي (4/ 28- 31) طبع
مؤسسة الرسالة.
(3/74)
|