شذرات الذهب في أخبار من ذهب

سنة ست وعشرين ومائتين
فيها كما قال في «الشذور» مطر أهل تيماء مطرا وبردا كالبيض، فقتل ثلاثمائة وسبعين إنسانا، وهدم دورا، وسمع في ذلك صوت يقول: ارحم عبادك، اعف عن عبادك، ونظر إلى أثر قدم طولها ذراع بلا أصابع، وعرضها شبران، من الخطوة إلى الخطوة خمسة أذرع أو ست، فاتبعوا الصوت، فجعلوا يسمعون صوتا ولا يرون شخصا.
وفيها غضب المعتصم على الأفشين وسجنه وضيّق عليه، ومنع من الطعام حتّى مات أو خنق، ثم صلب إلى جانب بابك وأتي بأصنام من داره اتّهم بعبادتها فأحرقت، وكان أقلف [1] متّهما [2] في دينه. وأيضا خافه المعتصم.
وكان من أولاد ملوك الأكاسرة، واسمه حيدر بن كاوس، وكان بطلا شجاعا مطاعا ليس في الأمراء أكبر منه.
وأيضا ظفر المعتصم بمازيار الذي فعل الأفاعيل بطبرستان وصلبه إلى جنب بابك والأفشين.
وفيها توفي أحمد بن عمرو الحرشيّ [3] النيسابوريّ. سمع مسلم بن
__________
[1] قال الفيروزآبادي في «القاموس المحيط» (قلف) : الأقلف الذي لم يختن.
[2] في الأصل: «متهم» وأثبت ما في المطبوع.
[3] في «العبر» : «الخرشي» وهو تصحيف. وانظر «الأنساب» للسمعاني (4/ 111) .

(3/118)


خالد الزّنجي وطبقته، ولزم محمد بن نصر المروزي فأكثر عنه.
قال الحاكم: كان إمام عصره في العلم والحديث والزهد، ثقة.
وإسحاق بن محمد الفرويّ المدني [1] الفقيه. روى عن مالك وطبقته [2] .
وإسماعيل بن أبي أويس [3] الحافظ أبو عبد الله الأصبحيّ المدنيّ.
سمع من خاله مالك وطبقته، وفيه ضعف لم يؤخره عن الاحتجاج به عند صاحبي «الصحيحين» .
وقال ابن ناصر الدّين: أثنى عليه أحمد، والبخاريّ وتكلم فيه النسائيّ وغيره. انتهى.
وفيها سعيد بن كثير بن عفير، أبو عثمان المصريّ الحافظ العلّامة قاضي الدّيار المصرية. روى عن اللّيث، ويحيى بن أيوب والكبار، وكان فقيها نسابة أخباريّا شاعرا، كثير الاطلاع، قليل المثل، صحيح النقل، ثقة، روى عنه البخاريّ وغيره.
وفيها محدّث الموصل غسّان بن الرّبعى الأزديّ. روى عن عبد الرّحمن بن ثابت بن ثوبان وطبقته، وكان ورعا كبير القدر، [لكن] [4] ليس بحجة.
وصدقة بن الفضل المروزيّ أبو الفضل، البحر في العلوم. روى عنه البخاريّ وغيره، وكان شيخ مرو على الإطلاق. قاله ابن ناصر الدّين [5] .
__________
[1] في «العبر» للذهبي (1/ 396) : «المديني» .
[2] انظر ترجمته ومصادرها في «سير أعلام النبلاء» (10/ 649- 651) .
[3] في «العبر» للذهبي: «ابن أويس» بفتح الهمزة وهو خطأ فيصحح فيه.
[4] لفظة «لكن» زيادة من «العبر» للذهبي (1/ 396) .
[5] انظر ترجمته ومصادرها في «سير أعلام النبلاء» للذهبي (10/ 489- 490) .

(3/119)


وحسين بن داود المصّيصي المحتسب أبو علي الحافظ، لقبه سنيد، وبه اشتهر، أحد أوعية العلم والأثر، تكلم فيه أحمد وغيره، ووثقه ابن حبّان والخطيب البغدادي. قاله ابن ناصر الدّين.
ومحمد بن مقاتل المروزيّ شيخ البخاري بمكّة. روى عن ابن المبارك وطبقته.
وفيها شيخ خراسان الإمام يحيى بن يحيى بن بكر التميميّ النيسابوريّ في صفر بنيسابور [1] .
قال ابن راهويه: ما رأيت مثل يحيى بن يحيى ولا أحسبه رأى مثل نفسه، ومات وهو إمام لأهل الدّنيا.
__________
[1] في المطبوع: «في نيسابور» .

(3/120)


سنة سبع وعشرين ومائتين
. فيها قدم على إمرة دمشق أبو المغيث الرافعيّ [1] فخرجت عليهم قيس لكونه صلب منهم خمسة عشر رجلا وأخذوا خيل الدولة من المرج، فوجّه أبو المغيث إليهم جيشا فهزموه، ثم استفحل شرّهم وعظم جمعهم، وزحفوا على دمشق وحاصروها، فجاء رجاء الحضاري [2] الأمير في جيش من العراق، ونزل بدير مرّان، والقيسية بالمرج. فوجه إليهم يناشدهم الطاعة، فأبوا إلّا أن يعزل أبو المغيث [3] فأنذرهم القتال يوم الاثنين، ثم كبسهم يوم الأحد بكفر بطنا، وكان جمهور القيسية بدومة، فوضع السيف في كفر بطنا، وسقبا، وجسرين، حتّى قتل ألفا وخمسمائة، وقتلوا الصبيان [وجرحت النساء] [4] ووقع النهب. قاله في «العبر» [5] .
وفيها توفي أحمد بن عبد الله بن يونس أبو عبد الله اليربوعيّ الكوفيّ الحافظ. سمع الثّوريّ وطبقته، وعاش أربعا وتسعين سنة.
__________
[1] في «العبر» للذهبي: «الرافقي» .
[2] في الأصل، والمطبوع: «رجاء الحصاري» وهو تصحيف، والتصحيح من «العبر» للذهبي (1/ 397) وانظر «تاريخ الطبري» (9/ 28) .
[3] في «العبر» : «فأبوا إلا أن يعزل أبا المغيث» .
[4] ما بين حاصرتين زيادة من «العبر» .
[5] (1/ 397- 398) .

(3/121)


قال أحمد بن حنبل لرجل سأله عمّن أكتب؟ قال: اخرج إلى أحمد بن يونس اليربوعي، فإنه شيخ الإسلام. انتهى [1] .
وهو من الثقات الأثبات.
وإبراهيم بن بشّار [2] الرّماديّ الزاهد، صاحب سفيان بن عيينة.
قال ابن عدي: سألت محمد بن أحمد الزريقي عنه، فقال: كان والله أزهد أهل زمانه.
وقال ابن حبّان: كان متقنا ضابطا.
وأبو النّضر إسحاق بن إبراهيم الدّمشقيّ الفراديسيّ، من أعيان الشيوخ بدمشق. روى عن سعيد بن عبد العزيز وجماعة.
قال في «المغني» [3] : إسحاق بن إبراهيم أبو النّضر [4] الفراديسيّ مشهور، ثقة.
قال ابن عديّ: له أحاديث غير محفوظة. انتهى.
وإسماعيل بن عمرو البجليّ محدّث أصبهان، وهو كوفيّ. روى عن مسعر [5] وطبقته. وثقه ابن حبّان وغيره، وضعفه الدّارقطنيّ، وهو مكثر عالي الإسناد.
وفيها الربّانيّ القدوة أبو نصر بشر بن الحارث المروزيّ الزاهد، المعروف ببشر الحافي. سمع من حمّاد بن زيد، وإبراهيم بن سعد، وطبقتهما، وعني بالعلم، ثم أقبل على شأنه، ودفن كتبه [6] . حدّث بشيء يسير.
وكان في الفقه على مذهب الثّوريّ، وقد صنف العلماء مناقب بشر وكراماته
__________
[1] يعني انتهى نقله عن «العبر» للذهبي.
[2] في «العبر» للذهبي (1/ 398) : «بشار بن إبراهيم» وهو خطأ فيصحح فيه، وانظر «الأنساب» للسمعاني (6/ 158) .
[3] «المغني في الضعفاء» (1/ 68) .
[4] في الأصل، والمطبوع: «ابن النّضر» وهو خطأ، والتصحيح من «المغني في الضعفاء» .
[5] في «العبر» للذهبي (1/ 399) : «مسهر» وهو خطأ فيصحح فيه.
[6] أقول: لا يجوز دفن الكتب إلا إذا كان فيها ضلال وإلحاد وكفر. (ع) .

(3/122)


رحمه الله، عاش خمسا وسبعين سنة، وتوفي ببغداد [1] في ربيع الأول. قاله في «العبر» [2] .
وقال السخاويّ [3] في «طبقات الأولياء» : قال ابن حبّان في «الثقات» : أخباره وشمائله في التقشّف وخفيّ الورع أشهر من أن يحتاج إلى الإغراق في وصفها. وكان ثوريّ المذهب في الفقه والورع جميعا.
وقال الخطيب [4] : وهو ابن عم علي [5] بن خشرم، وكان ممن فاق أهل عصره في الورع والزهد، وتفرد بوفور العقل، وأنواع الفضل، وحسن الطريقة [واستقامة المذهب] [6] وعزوف النفس، وإسقاط التكلف [7] ، والفضول.
وكان كثير الحديث، إلّا أنه لم ينصب نفسه للرّواية، وكان يكرهها، ودفن كتبه لأجل ذلك.
وقال ابن الجوزي: هو مروزيّ [8] الأصل، من قرية على ستة أميال من مرو، ويقال لها: ما ترسام بالتاء الفوقية [9] وكان من أبناء الرؤساء والكتبة.
وولد في سنة خمسين ومائة بمرو، ولم يملك بشر بغداد ملكا قطّ، وكان
__________
[1] لفظة «ببغداد» سقطت من الأصل، وأثبتها من المطبوع، و «العبر» للذهبي.
[2] (1/ 399) .
[3] في الأصل: «البخاري» وأبقيت ما في المطبوع. لكني لم أقف على ذكر لهذا الكتاب فيما عدده السخاوي من مؤلفاته في «الضوء اللامع» ولم أر أحدا من أصحاب كتب التراجم من المتأخرين عنه ذكره في عداد مصنفاته. وقد وقفت على هذا النقل في كتاب «الثقات» لابن حبان (8/ 143) المطبوع في الهند، وقد ذكر ابن حبان فيه بأن وفاته كانت سنة (229) .
[4] في «تاريخ بغداد» (7/ 67) وقد نقل المؤلف عنه باختصار وتصرف.
[5] لفظة «علي» سقطت من الأصل، وأثبتها من المطبوع و «تاريخ بغداد» .
[6] ما بين حاصرتين زيادة من «تاريخ بغداد» .
[7] لفظة «التكلف» لم ترد في «تاريخ بغداد» المطبوع.
[8] في الأصل: «مروي» ، وأثبت ما في المطبوع.
[9] كذا قال وهو خطأ، ولست أدري هل جملة «بالتاء الفوقية» لابن الجوزي، أم هي مما أضافه المؤلف تصرفا وتوضيحا فظن الفتحة التي فوق الباء نقطتان فوقع له هذا التحريف.
قال ياقوت في «معجم البلدان» (5/ 32) : مابرسام، بفتح الباء، وسكون الراء، وسين مهملة، وآخره ميم: قرية من قرى مرو، ويقال لها ميم سام.

(3/123)


لا يأكل من غلّة بغداد ورعا، لأنها من أرض السواد التي لم تقسم، وكان في حداثته [1] يطلب العلم ويمشي في طلبه حافيا حتّى اشتهر بهذا الاسم.
قال مسعر: من طلب الحديث فليتقشف وليمش حافيا.
وصح عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: من اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ في سَبِيلِ الله حَرَّمَهُمَا الله عَلَى النَّارِ [2] فرأى بشر أن طالب العلم يمشي في سبيل الله، فأحب تعميم قدميه بالغبار.
ولم يتزوج بشر قط، ولم يعرف النساء. قيل له: لم لا تتزوج؟ قال: لو أظلني زمان عمر وأعطاني كنت أتزوج. وقيل له: لو تزوجت تم نسكك.
قال: أخاف أن تقوم بحقي ولا أقوم بحقها. قال تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ 2: 228 [البقرة: 228] . وكان يعمل المغازل ويعيش منها حتّى مات. وكان لا يقبل من أحد شيئا عطية أو هدية سوى رجل من أصحابه ربما قبل منه.
وقال: لو علمت أن أحدا يعطي لله لأخذت منه، ولكن يعطي بالليل ويتحدث بالنهار.
وقال لابن أخته عمر: يا بني اعمل فإن أثره في الكفين أحسن من أثر السجدة بين العينين.
وقال ليس شيء من أعمال البرّ أحبّ إليّ من السخاء، ولا أبغض إليّ من الضيق وسوء الخلق.
وسئل أحمد بن حنبل عن مسألة في الورع فقال: أستغفر الله لا يحل لي أن أتكلم في الورع، أنا [3] آكل من غلة بغداد، ولو [4] كان بشر، صلح أن
__________
[1] في المطبوع: «في حدائته» وهو خطأ.
[2] رواه بهذا اللفظ البخاري رقم (907) في الجمعة: باب المشي إلى الجمعة، وقول الله جلّ ذكره: فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ الله 62: 9 [الجمعة: 9] ، وأحمد في «المسند» (3/ 479) من حديث أبي عبس رضي الله عنه، وهو أبو عبس بن جبر، واسمه عبد الرحمن، وليس له في «صحيح البخاري» سوى هذا الحديث الواحد. وانظر «جامع الأصول» (9/ 432- 432) .
[3] في المطبوع: «وأنا» .
[4] في المطبوع: «لو» .

(3/124)


يجيبك عنه، فإن كان لا يأكل من غلة بغداد ولا من طعام السواد، يصلح أن يتكلم في الورع.
وقال بشر: إذا قلّ عمل العبد ابتلي بالهمّ.
وقال: ما من أحد خالط لحمه ودمه ومشاشه حب النّبيّ- صلى الله عليه وسلم- فيرى النّار.
وقال: كانوا لا يأكلون تلذّذا ولا يلبسون تنعّما، وهذا طريق الآخرة والأنبياء والصالحين، فمن زعم أن الأمر غير هذا فهو مفتون.
ونظر إلى الفاكهة فقال: ترك هذه عبادة، ثم التفت إلى سجن باب الشام فقال: ما هذا؟ قالوا: سجن، فقال: هذه الشهوات أدخلت هؤلاء هذا المدخل.
وقال: الفكرة في أمر الآخرة تقطع حب الدّنيا وتذهب شهواتها.
وقال: من طلب الدّنيا فليتهيأ للذلّ.
قال جميع ذلك ابن الجوزي في «مناقبه» .
وأسند الخطيب [1] عنه أنه قال: لو لم يكن في القناعة شيء إلا التمتّع بعزّ الغنى [2] لكان ذلك يجزئ، ثم أنشد:
أفادتني القناعة أيّ عزّ ... ولا عزّ من القناعة
فخذ منها لنفسك رأس مال ... وصيّر بعدها التّقوى بضاعة
تحز حالين تغنى عن بخيل ... وتسعد [3] في الجنان بصبر ساعه
وأسند الخطيب [4] عن أحمد بن مسكين قال: خرجت في طلب بشر
__________
[1] في «تاريخ بغداد» (7/ 76) .
[2] تحرفت في «تاريخ بغداد» إلى «الغناء» فتصحح فيه.
[3] في المطبوع: «وتحظى» .
[4] في «تاريخ بغداد» (7/ 76- 77) .

(3/125)


[ابن الحارث] [1] من باب حرب، فإذا به جالس وحده، فأقبلت نحوه، فلما رآني مقبلا خطّ بيده على الجدار وولّى، فأتيت موضعه فإذا هو قد خط بيده.
الحمد لله لا شريك له ... في صبحه دائما وفي غلسه
لم يبق لي مؤنس فيؤنسني ... إلّا أنيس أخاف من أنسه
فاعتزل النّاس يا أخيّ ولا ... تركن إلى من تخاف من دنسه
قال عبد الله بن الإمام أحمد: مات بشر قبل المعتصم بستة أيام، وأسند عن أبي حسّان الزيادي قال: مات بشر سنة سبع وعشرين ومائتين عشية الأربعاء لعشر بقين من ربيع الأوّل وقد بلغ من السن خمسا وسبعين سنة، وحشد النّاس لجنازته، وكان أبو نصر التمّار [2] وعليّ بن المديني يصيحان في الجنازة: هذا والله شرف الدّنيا قبل شرف الآخرة.
وأخرجت جنازته بعد صلاة الصبح ولم يحصّل في القبر إلّا في الليل، وكان نهارا صائفا.
وقال عمر بن أخته: كنت أسمع الجن تنوح على خالي في البيت الذي كان فيه غير مرّة.
وعن القاسم بن منبّه قال: رأيت بشرا في النوم فقلت [3] : ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي، وقال: يا بشر قد غفرت لك ولكل من تبع جنازتك.
قال: فقلت: يا رب ولكل من أحبني. قال: ولكل من أحبك إلى يوم القيامة. انتهى ما أورده الخطيب مختصرا [4] .
وفيها أبو عثمان سعيد بن منصور الخراسانيّ الحافظ، صاحب
__________
[1] زيادة من «تاريخ بغداد» .
[2] سترد ترجمته في حوادث سنة (228) إن شاء الله تعالى.
[3] في الأصل: «فقال» وهو خطأ، وأثبت ما في المطبوع وهو الصواب.
[4] انظر «تاريخ بغداد» (7/ 79- 80) .

(3/126)


«السنن» [1] . روى عن فليح بن سليمان، وشريك، وطبقتهما. وجاور بمكة وبها مات في رمضان، وقد روى البخاري عن رجل عنه، وكان من الثقات المشهورين.
وسهل بن بكّار البصري. روى عن شعبة وجماعة.
وفيها محمد بن الصّبّاح البغداديّ البزاز المزنيّ مولاهم الدولابيّ أبو جعفر. روى عن شريك وطبقته، وله «سنن» صغيرة، وهو ثقة. روى عنه أحمد، والشيخان، وغيرهم.
وفيها أبو الوليد الطّيالسيّ هشام بن عبد الملك الباهليّ مولاهم البصريّ الحافظ، أحد أركان الحديث في صفر وله أربع وتسعون سنة. سمع عاصم بن محمد العمري، وهشام الدستوائي، والكبار.
قال أحمد بن سنان: كان أمير المحدّثين.
وقال أبو زرعة: كان إماما في زمانه جليلا عند النّاس.
وقال أبو حاتم: إمام، فقيه، عاقل، ثقة، حافظ. ما رأيت في يده كتابا قطّ.
وقال ابن وارة: ما أراني [2] أدركت مثله.
وفيها يحيى بن بشر [3] الحريريّ الكوفيّ. سمع بدمشق من معاوية ابن سلّام وجماعة، وعمّر دهرا، وهو مجهول [4] .
وفي ربيع الأول الخليفة المعتصم، أبو إسحاق محمد بن هارون
__________
[1] وقد نشر الموجود منه في دار الكتب العلمية ببيروت وقام بتحقيقه الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي حفظه الله تعالى.
[2] في الأصل: «ما أرى» وأثبت ما في المطبوع وهو موافق لما في «العبر» للذهبي (1/ 400) .
[3] في المطبوع: «يحيى بن بشير» وهو خطأ.
[4] قلت كذا جزم المؤلف- رحمه الله- بأنه مجهول. وهو معروف مصدق موثوق الرواية. انظر «سير أعلام النبلاء» للذهبي (10/ 647) ، و «تقريب التهذيب» لابن حجر (2/ 343) .

(3/127)


الرّشيد بن المهدي العباسي وله سبع وأربعون سنة. وعهد إليه بالخلافة المأمون، وكان أبيض أصهب اللحية طويلها، مربوعا، مشرق اللون، قويا إلى الغاية، شجاعا، شهما، مهيبا، وكان كثير اللهو مسرفا على نفسه، وهو الذي افتتح عموريّة من أرض الرّوم. وكان يقال له: المثمّن لأنه ولد سنة ثمانين ومائة في ثامن شهر فيها، وهو شعبان وتوفي أيضا في ثامن عشر رمضان، وهو ثامن الخلفاء من بني العبّاس، وفتح ثمان فتوح عموريّة، ومدينة بابك، ومدينة الزّط [1] وقلعة الأجراف [2] ، ومصر، وأذربيجان، وديار ربيعة، وإرمينية [3] .
ووقف في خدمته ثمان [4] ملوك: الأفشين، ومازيار، وبابك، وباطس ملك عمّورية، وعجيف ملك أشياحيج [5] ، وصول صاحب أسبيجاب، وهاشم ناحور ملك طخارستان، وكناسة ملك السّند، فقتل هؤلاء سوى صول وهاشم، واستخلف ثمان سنين وثمانية أشهر وثمانية أيام.
وخلّف ثمانية بنين وثماني بنات، وخلّف من الذهب ثمانية آلاف ألف دينار، ومن الدراهم ثمانية عشر ألف ألف درهم، ومن الخيل ثمانين ألف فرس، ومن الجمال والبغال مثل ذلك، ومن المماليك ثمانية آلاف [مملوك] [6] وثمانية آلاف جارية، وبنى ثمانية قصور.
__________
[1] في الأصل، والمطبوع: «ومدينة البط» وهو خطأ، والتصحيح من «العبر» (1/ 401) ، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 302) . وانظر «القاموس المحيط» ص (863) طبع مؤسسة الرسالة.
[2] في الأصل، والمطبوع: «قلعة الأحراف» ، وفي «العبر» للذهبي: «قلعة الأحزان» ، وما أثبته من «سير أعلام النبلاء» (10/ 302) .
[3] في المطبوع: «وأرمينية، وديار ربيعة» وفي «سير أعلام النبلاء» : «وعرب ديار ربيعة» ولم يرد ذكر لإرمينية فيه.
[4] في المطبوع: «ثمانية» .
[5] في «العبر» للذهبي (1/ 401) : «وعجيف ملك اسباخنج» ولم أقف على ذكر لها فيما بين يدي من المصادر والمراجع.
[6] زيادة من «العبر» للذهبي.

(3/128)


وكان له نفس سبعيّة إذا غضب لم يبال من قتل ولا ما فعل. وقام بعده ابنه الواثق. قال جميع ذلك في «العبر» [1] .
ومن عجيب ما اتفق له أنه كان قاعدا في مجلس أنسه والكأس في يده، فبلغه أن امرأة شريفة في الأسر عند علج من علوج الرّوم في عموريّة، وأنه لطمها على وجهها يوما فصاحت: وا معتصماه. فقال لها العلج: ما يجيء إليك إلّا على أبلق، فختم المعتصم الكأس وناوله للساقي، وقال: والله ما شربته إلا بعد فك الشريفة من الأسر وقتل العلج. ثم نادى في العساكر المحمدية بالرحيل إلى غزو عموريّة، وأمر العسكر أن لا يخرج أحد منهم إلّا على أبلق، فخرجوا معه في سبعين ألف أبلق، فلما فتح الله تعالى عليه بفتح عمّورية دخلها وهو يقول: لبيك لبيك، وطلب العلج صاحب الأسيرة الشريفة، وضرب عنقه، وفك قيود الشريفة، وقال للساقي: ائتني بكأسي المختوم، ففك ختمه وشربه، وقال: الآن طاب شرب الشراب، سامحه الله تعالى وجزاه خيرا.
__________
[1] (1/ 400- 402) .

(3/129)


سنة ثمان وعشرين ومائتين
فيها غلا السّعر بطريق مكّة، فبيعت راوية الماء بأربعين درهما، وسقطت قطعة من الجبل عند جمرة العقبة فقتلت عدة من الحجّاج.
وفيها توفي داود بن عمرو بن زهير بن عمرو بن جميل [1] الضبّيّ البغدادي. سمع نافع بن عمر الجمحي وطائفة، وكان صدوقا صاحب حديث.
قال ابن ناصر الدّين: كنيته أبو سليمان. حدّث عنه أحمد، ومسلم، وغيرهما. وكان ثقة مبرّزا على أصحابه، وكان أحمد بن حنبل إذا أراد أن يركب داود يأخذ له بركابه. انتهى.
وفيها حمّاد بن مالك الأشجعيّ الحرستاني [2] ، شيخ معمر، مقبول الرواية، روى عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، والأوزاعي.
وفيها أبو نصر التمّار، عبد الملك بن عبد العزيز الزاهد ببغداد، في أول العام. روى عن حمّاد بن سلمة وطبقته، وكان ثقة، ثبتا، عالما، عابدا، قانتا، ورعا، يعد من الأبدال.
وعبيد الله بن محمد العيشيّ البصريّ الأخباريّ، أحد الفصحاء الأجواد. روى عن حمّاد بن سلمة.
قال يعقوب بن شيبة: أنفق ابن عائشة على إخوانه أربعمائة ألف دينار في الله.
__________
[1] جاء في حاشية «الخلاصة» للخزرجي ص (110) ما نصه: كذا نسبه ابن سعد، والبغوي، وقال غيرهما: بالحاء المهملة المضمومة. وانظر تتمة كلامه هناك.
[2] في الأصل والمطبوع و «العبر» (1/ 402) : «الخراساني» وهو خطأ، والتصحيح من «معجم البلدان» (2/ 241) ، وانظر «الجرح والتعديل» (3/ 149) .

(3/130)


وعن إبراهيم الحربي قال: ما رأيت مثل ابن عائشة.
وقال ابن خراش [1] : صدوق.
وقال ابن الأهدل: أمه عائشة بنت طلحة.
ومن كلامه: جزعك في مصيبة صديقك أحسن من صبرك، وصبرك.
في مصيبتك أحسن من جزع. ووقف على قبر ابن له مات فقال:
إذا ما دعوت الصّبر بعدك والبكا ... أجاب البكا طوعا ولم يجب الصّبر
فإن ينقطع منك الرّجاء فإنّه ... سيبقى عليك الحزن ما بقي الدّهر [2]
وعنه [3] قال: ما أعرف كلمة بعد كلام الله ورسوله أخصر لفظا ولا أكمل وصفا [4] ولا أعم نفعا من قول علي- كرم الله وجهه-: قيمة كل امرئ ما يحسن.
ومن قوله: أول الفراعنة سنان بن علوان بن عبيد بن عوج بن عمليق، وهو صاحب القضية مع سارة وإبراهيم وأخدمها هاجر.
والثاني صاحب يوسف، ريان بن الوليد وهو خيرهم. يرجع نسبه إلى عمرو بن عمليق. يقال: إنه أسلم على يد يوسف.
والثالث فرعون موسى، الوليد بن مصعب بن معاوية، وهو أخبثهم، يرجع إلى عمرو بن عمليق أيضا.
والرابع نوفل الذي قتله بختنصّر حين غزا مصر.
والخامس كان طوله ألفي ذراع، وكان قصيراه جسر نيل مصر [5] . انتهى ما قاله ابن الأهدل.
__________
[1] في الأصل، والمطبوع: «ابن حراش» وهو تصحيف، والتصحيح من «تذكرة الحفاظ» (1/ 684) ، و «العبر» (1/ 403) ، و «طبقات الحفاظ» ص (297) .
[2] البيتان في «مرآة الجنان» لليافعي (2/ 95) .
[3] يعني عن عبيد الله بن محمد العيشي.
[4] في المطبوع: «ولا أكمل وضعا» ، وما جاء في الأصل موافق لما في «غربال الزمان» للعامري ص (214) .
[5] أقول: فيه مبالغة شديدة لا يقبلها العقل. (ع) .

(3/131)


وفيها علي بن عثّام بن علي العامريّ الكوفيّ، نزيل نيسابور. سمع مالكا وطبقته، وكان حافظا زاهدا فقيها أديبا كبير القدر، توفي مرابطا بطرسوس. روى مسلم في «صحيحه» عن رجل عنه.
وفيها أبو الجهم العلاء بن موسى الباهليّ ببغداد، وله جزء مشهور من أعلى المرويات، روى فيه عن اللّيث بن سعد وجماعة.
قال الخطيب [1] : صدوق.
وخرّج له الترمذي.
وقال في «المغني» : العلاء الباهلي الرّقّي.
قال البخاريّ وغيره: منكر الحديث.
فأما العلاء بن هلال البصري [عن شهر] [2] فما فيه تخريج. انتهى.
وفيها محمد بن الصّلت أبو يعلى الثوريّ ثم البصريّ الحافظ. سمع الدّراوردي وطبقته.
قال أبو حاتم: كان يملي علينا التفسير من حفظه.
وفيها العتبيّ الأخباريّ [الشاعر] [3] وهو أبو عبد الرّحمن محمد بن عبيد الله بن عمرو الأمويّ، أحد الفصحاء الأدباء من ذرية عتبة بن أبي سفيان ابن حرب، وكان من أعيان الشعراء بالبصرة. سمع أباه، وسمع أيضا من سفيان بن عيينة عدة أحاديث. والأخبار أغلب عليه. قال في «العبر» [4] .
وقال ابن الأهدل: روى عنه أبو الفضل الرّقاشي، وله عدة تصانيف، ومن قوله:
رأين الغواني الشّيب لاح بعارضي ... فأعرضن عنّي بالخدود النّواضر
وكنّ متى أبصرنني أو سمعنني ... سعين يرفّعن اللّوا بالمحاجر
__________
[1] انظر «تاريخ بغداد» (12/ 241) .
[2] ما بين حاصرتين زيادة من «المغني في الضعفاء» .
[3] زيادة من هامش الأصل.
[4] (1/ 403- 404) .

(3/132)


فإن عطفت عني أعنّة أعين ... نظرن بأحداق المها والجآذر
فإنّي من قوم كرام ثناؤهم ... لأقدامهم صيغة رؤوس المنابر
خلائف في الإسلام في الشّرك قادة ... بهم وإليهم فخر كلّ مفاخر [1]
وله وقد مات ولد له:
أضحت بخدّي للدّموع رسوم ... أسفا عليك وفي الفؤاد كلوم
والصّبر يحمد في المواطن كلّها ... إلا عليك فإنّه مذموم [2]
انتهى.
وفيها مسدّد بن مسرهد بن مسربل بن مغربل بن مرعبل بن مطربل ابن أرندل بن سرندل بن غرندل بن ماسك بن المستورد الأسديّ بالسكون، ويقال بالتحريك.
كان يحيى بن معين إذا ذكر نسب مسدّد قال: هذه رقية عقرب.
قال ابن الأهدل في شرحه للبخاري: نسب مسدّد إذا أضيف إليه بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ 1: 1 كانت رقية من العقرب، والخمسة الأول بصيغة المفعول، والثلاثة الأخيرة أعجمية. وكان [مسدد أحد الحفاظ الثقات، وهو ممن انفرد به البخاريّ دون مسلم. انتهى.
وقال في «العبر» [3]] [4] : مسدد بن مسرهد الحافظ، أبو الحسن البصري. سمع جويرية بن أسماء، وأبا عوانة، وخلقا. وله «مسند» في مجلد سمعت بعضه. انتهى.
وفيها نعيم بن حمّاد أبو عبد الله الفارض الأعور. منهم من وثقه، والأكثر منهم ضعفه.
__________
[1] الأبيات في «وفيات الأعيان» لابن خلكان (4/ 399) مع شيء من الخلاف الطفيف.
[2] البيتان في «وفيات الأعيان» لابن خلكان (4/ 399) .
[3] (1/ 404) .
[4] ما بين حاصرتين سقط من الأصل، وأثبته من المطبوع.

(3/133)


قال في «المغني» [1] : نعيم بن حمّاد أحد الأئمة. وثقه أحمد بن حنبل وغيره، وابن معين في رواية، وقال في رواية أخرى: يشبّه له فيروي ما لا أصل له.
وقال النسائيّ: ليس بثقة.
وقال الدارقطنيّ: كثير الوهم.
وقال أبو حاتم: محله الصدق.
[وقال أبو زرعة الدمشقي: وصل أحاديث يوقفها الناس] [2] .
وقال العبّاس بن مصعب: وضع كتبا في الرد على أبي حنيفة.
قال الأزديّ: كان يضع الحديث في تقوية السّنّة وحكايات مزوّرة في ثلب أبي حنيفة، كلها كذب، وكان من أعلم الناس بالفرائض. انتهى ملخصا.
وفيها نعيم بن الهيصم [3] الهرويّ ببغداد. روى عن أبي عوانة وجماعة، وهو من ثقات شيوخ البغوي.
وفيها أبو زكريا يحيى بن عبد الحميد الحمّانيّ الكوفيّ الحافظ أحد [4] أركان الحديث.
قال ابن معين: ما كان بالكوفة من يحفظ معه. سمع قيس بن الرّبيع وطبقته، وهو ضعيف.
[قلت] [5] : لكن وثقه ابن معين.
__________
[1] «المغني في الضعفاء» (2/ 700) .
[2] ما بين حاصرتين زيادة من «المغني في الضعفاء» .
[3] في الأصل والمطبوع و «العبر» (1/ 404) : «ابن الهيضم» وهو تصحيف، والتصحيح من «تاريخ بغداد» (13/ 305) ، و «السابق واللاحق» ص (350) .
[4] لفظة: «أحد» سقطت من الأصل، وأثبتها من المطبوع و «العبر» للذهبي.
[5] زيادة مني لتوضيح الكلام وفصله، لأن ما تقدم من الكلام نقله المؤلف عن «العبر» للذهبي،

(3/134)


سنة تسع وعشرين ومائتين
فيها توفي الإمام أبو محمد خلف بن هشام البزّار [1] شيخ القراء والمحدّثين ببغداد. سمع من مالك بن أنس وطبقته، وله اختيار خالف فيه حمزة في أماكن، وكان عابدا صالحا كثيرا العلم صاحب سنة، رحمه الله تعالى.
وعبد الله بن محمد الحافظ أبو جعفر الجعفيّ البخاريّ المسنديّ لقّب بذلك لأنه كان يتتبّع [2] المسند ويتطلّبه. رحل وكتب الكثير عن سفيان ابن عيينة وطبقته، وكان ثبتا.
روى عنه البخاريّ وغيره.
وفيها نعيم بن حمّاد الخزاعيّ المروزيّ الفرضيّ [3] الحافظ. أحد
__________
وقوله: «لكن وثقه ابن معين» ، إنما هو رأي المؤلف رحمه الله، وانظر: روايات توثيق ابن معين له في «سير أعلام النبلاء» للذهبي (10/ 536- 537) .
[1] في الأصل: «البزار» وهو تصحيف، وأثبت ما في المطبوع وهو الصواب. انظر: «الأنساب» للسمعاني (2/ 182) .
[2] في الأصل، والمطبوع: «يتبع» وهو خطأ، والتصحيح من «العبر» للذهبي (1/ 405) ، ومعنى كان يتتبع المسند، أي كان يتحرى في الرواية، رواية الأحاديث المسندة الموثوقة.
[3] في المطبوع: «الغرضي المروزي» وهو خطأ.
أقول: وقد تقدمت ترجمة نعيم بن حماد فيمن توفي سنة (228) انظر صفحة (134) في أعلاها. نعيم بن حماد أبو عبد الله الفارض الأعور، وهو نفسه الخزاعي المروزي الفرضي الذي هنا، وقد اختلف في وفاته (228) أو (229) هـ. (ع) .

(3/135)


علماء الأثر. سمع أبا حمزة السّكّري، وهشيما وطبقتهما، وصنف التصانيف، وله غلطات ومناكير مغمورة في كثرة ما روى. وامتحن بخلق القرآن فلم يجب [فحبس] [1] ، وقيّد ومات في الحبس، رحمه الله تعالى. قاله في «العبر» [2] .
وفيها يزيد بن صالح الفرّاء أبو خالد النّيسابوريّ العبد الصّالح.
روى عن إبراهيم بن طهمان، وقيس بن الرّبيع، وطائفة. وكان ورعا قانتا مجتهدا في العبادة.
قال في «المغني» [3] : يزيد بن صالح اليشكريّ النيسابوريّ الفراء، مجهول.
قلت [4] : بل مشهور صدوق. انتهى.
__________
[1] لفظة: «فحبس» سقطت من الأصل، والمطبوع، واستدركتها من «العبر» للذهبي.
[2] (1/ 405) .
[3] «المغني في الضعفاء» (2/ 750) .
[4] القائل الحافظ الذهبي في «المغني» .

(3/136)


سنة ثلاثين ومائتين
وفيها توفي إبراهيم بن حمزة الزّبيريّ المدنيّ الحافظ. روى عن إبراهيم بن سعد وطبقته ولم يلق مالكا.
وفيها سعيد بن محمد الجرميّ الكوفيّ. روى عن شريك، وحاتم ابن إسماعيل، وطائفة، وكان صاحب حديث.
خرّج له الشيخان، وأبو داود، [وغيرهم.
قال في «المغني» [1] : سعيد بن محمد الجرمي، عن حاتم بن إسماعيل، ثقة إلا أنه شيعي. ووثقه أبو داود] [2] وخلق. انتهى.
وفيها أمير المشرق أبو العبّاس عبد الله بن طاهر بن الحسين الخزاعيّ وله ثمان وأربعون سنة، وكان شجاعا، مهيبا، عاقلا، جوادا، كريما، يقال: إنّه وقّع مرّة على قصص [3] بصلات بلغت أربعة آلاف ألف درهم، وقد خلّف من الدراهم خاصة أربعين ألف درهم، وقد تاب قبل موته وكسر آلات اللهو [4] واستفك أسرى بألفي ألف درهم، وتصدق بأموال كثيرة،
__________
[1] «المغني في الضعفاء» (1/ 265) .
[2] ما بين حاصرتين سقط من الأصل، وأثبته من المطبوع و «المغني في الضعفاء» .
[3] جمع قصة. قال الزبيدي في «تاج العروس» (قصص) : القصّة الأمر. وفي «سير أعلام.
النبلاء» (10/ 685) : «وقّع مرة على رقاع» .
[4] في «العبر» للذهبي: «آلات الملاهي» .

(3/137)


وفيه يقول أبو تمام- وقد قصده من العراق- من قصيدته المشهورة:
أمطلع الشّمس تبغي أن تؤمّ بنا ... فقلت كلّا ولكن مطلع الجود [1]
وفي سفرة أبي تمام هذه ألّف كتاب «الحماسة» فإنه حكم عليه البرد هناك، ووقع على خزانة كتب فاختار منها «الحماسة» .
وفيها علي بن الجعد أبو الحسن الهاشميّ مولاهم البغداديّ الجوهريّ الحافظ. محدّث بغداد، في رجب، وله ست وتسعون سنة. روى عن شعبة، وابن أبي ذئب، والكبار، فأكثر، وكان يحدّث من حفظه.
قال البغويّ: أخبرت أنه مكث ستين سنة يصوم يوما ويفطر يوما.
وقال ابن ناصر الدّين: هو شيخ بغداد، وصاحب العالي من الإسناد.
خرّج عنه البخاريّ وغيره. وكان ثقة عجبا في حفظه، لم يرو عنه مسلم لبدعة وتجهّم كان فيه. انتهى.
وفيها علي بن محمد بن إسحاق أبو الحسن الطّنافسيّ الكوفيّ الحافظ محدّث قزوين، وأبو قاضيها الحسين. سمع سفيان بن عيينة وطبقته فأكثر.
وثقه أبو حاتم وقال: هو أحبّ إليّ من [أبي بكر] بن أبي شيبة في الفضل والصلاح.
وعون بن سلّام الكوفيّ وله تسعون سنة. سمع أبا بكر النّهشلي، وزهير بن معاوية.
قال في «المغني» [2] : صدوق وقد ليّن.
وفيها محمد بن إسماعيل بن أبي سمينة البصريّ الحافظ المجاهد.
روى عن معتمر بن سليمان وطبقته.
__________
[1] البيت في ديوانه « (2/ 132) بشرح الخطيب التبريزي، و «غربال الزمان» ص (216) .
[2] «المغني في الضعفاء» (2/ 495) .

(3/138)


وفيها الإمام الحبر أبو عبد الله محمد بن سعد الحافظ كاتب الواقدي وصاحب «الطبقات» و «التاريخ» ببغداد في جمادى الآخرة، وله اثنتان وستون سنة. روى عن سفيان بن عيينة، وهشيم، وخلق كثير.
قال أبو حاتم: صدوق.
قال ابن الأهدل: قيل: إنه مكث ستين سنة يصوم يوما ويفطر يوما.
وفيها أبو غسّان مالك بن عبد الواحد المسمعيّ البصريّ المحدّث.
روى عن معتمر بن سليمان وطبقته.
وفي حدود الثلاثين إبراهيم بن موسى الرّازيّ الفرّاء الحافظ أبو إسحاق، أحد أركان العلم. رحل وسمع أبا الأحوص، وخالد بن عبد الله الواسطي، وطبقتهما.
قال أبو زرعة الحافظ: كتبت عنه مائة ألف حديث، وهو أتقن من أبي بكر بن أبي شيبة وأصحّ حديثا.

(3/139)