شذرات الذهب في أخبار من ذهب
سنة إحدى وخمسين
ومائتين
فيها توفي إسحاق بن منصور الكوسج، الإمام الحافظ أبو يعقوب المروزيّ،
بنيسابور، في جمادى الأولى. سمع ابن عيينة وخلقا، وتفقه على أحمد،
وإسحاق، وكان ثقة نبيلا.
وفيها، بل في التي قبلها كما جزم به ابن خلّكان [1] وغيره، الحسين ابن
الضّحّاك بن ياسر، الشاعر البصريّ المعروف بالخليع، سمّي خليعا لكثرة
مجونه وخلاعته. كان مولى لولد سليمان بن ربيعة الباهلي الصحابي، رضي
الله عنه، وأصله من خراسان، وهو شاعر ماجن مطبوع حسن الافتنان في ضروب
الشعر وأنواعه، اتصل بمنادمة الخلفاء إلى ما لم يتصل إليه إسحاق
النديم، فإنه قاربه في ذلك وساواه، وأول من نادمه منهم محمد الأمين بن
هارون الرّشيد، ولم يزل مع الخلفاء بعده إلى أيام المستعين، وهو في
الطبقة الأولى من الشعراء المجيدين، وبينه وبين أبي نواس ماجريات لطيفة
ووقائع حلوة، ومن شعره قوله:
صل بخدّي خدّيك تلق [2] عجيبا ... من معان يحار فيها الضّمير
فبخدّيك للرّبيع رياض ... وبخديّ للدموع غدير
__________
[1] في «وفيات الأعيان» (2/ 168) .
[2] في الأصل، والمطبوع: «تلقى» وأثبت لفظ «وفيات الأعيان» .
(3/234)
وقوله:
إذا خنتم بالغيب عهدي فما لكم ... تدلّون إدلال المقيم على العهد
صلوا وافعلوا فعل المدلّ بوصله ... وإلّا فصدّوا وافعلوا فعل ذي صدّ
[1]
وعمّر نحو المائة.
وفيها حميد بن زنجويه، أبو أحمد النسائيّ الحافظ، صاحب التصانيف، منها
كتاب «الآداب النبوية» و «الترغيب والترهيب» وغيرهما، وكان من الثقات.
روى عن النّضر بن شميل وخلق بعده.
وفيها عمرو بن عثمان الحمصيّ، محدّث حمص. كان ثقة عدلا، روى عن إسماعيل
بن عيّاش، وبقيّة، وابن عيينة.
قال أبو زرعة: كان أحفظ من محمد بن مصفّى.
وفيها أبو التّقى هشام بن عبد الملك اليزنيّ الحمصيّ الحافظ الثقة
المتقن. روى عن إسماعيل بن عيّاش، وبقيّة، وكان ذا معرفة تامة.
__________
[1] البيتان في «وفيات الأعيان» (2/ 164) .
(3/235)
سنة اثنتين وخمسين
ومائتين
قتل المستعين بالله أبو العبّاس أحمد بن المعتصم محمد بن الرّشيد
العباسيّ، ولد سنة إحدى وعشرين ومائتين، وبويع بعد المنتصر، وكان أمراء
الترك قد استولوا على الأمر وبقي المستعين مقهورا معهم، فتحول من
سامراء إلى بغداد غضبان، فوجهوا يعتذرون إليه ويسألونه الرجوع فامتنع،
[فعمدوا [1] إلى الحبس] [2] فأخرجوا المعتزّ بالله وحلفوا له، وخلّفوه
[3] وجاء أخوه أبو أحمد لمحاصرة المستعين، فتهيأ المستعين ونائب بغداد
ابن طاهر للحرب، وبنوا سور بغداد، ووقع القتال، ونصبت المجانيق، ودام
الحصار أشهرا، واشتدّ البلاء، وكثرت القتلى [4] ، وجهد أهل بغداد، حتّى
أكلوا الجيف، وجرت عدة وقعات بين الفريقين، قتل في وقعة منها نحو
الألفين من البغاددة [5] إلى أن كلّوا وضعف أمرهم، وقوي أمر المعتز، ثم
تخلى ابن طاهر عن المستعين لمّا رأى البلاء، وكاتب المعتز، ثم سعوا في
الصلح على خلع المستعين،
__________
[1] في المطبوع: «فعهدوا» والتصحيح من «العبر» للذهبي (2/ 8) .
[2] ما بين حاصرتين سقط من الأصل، واستدركته من المطبوع، و «العبر»
للذهبي بتحقيق الأستاذ فؤاد سيد، طبع وزارة الإعلام في الكويت.
[3] لفظة «وخلّفوه» لم ترد في «العبر» ومعنى: «وخلّفوه» أي نصبوه
خليفة.
[4] في «العبر» : «وكثر القتل» .
[5] في المطبوع: «البغادنة» .
(3/236)
فخلع نفسه على شروط مؤكّدة في أول هذه
السنة، ثم أنفذوه إلى واسط، فاعتقل تسعة أشهر، ثم أحضر إلى سامراء
[فقتلوه بقادسية سامراء] [1] في آخر رمضان. قاله في «العبر» [2] .
وقال ابن الأهدل: اتفق الصلح على خلع المستعين، فخلع نفسه على شروط لم
تف، وشاور أصحابه في أي البلاد يسكن، فأشار عليه بعضهم بالبصرة، فقيل:
إنها حارّة، فقال: أترونها أحرّ من فقد الخلافة، فأقام حينئذ، ثم
استدعاه المعتز وقتله وهو ابن خمس وثلاثين سنة، وكانت مدته من يوم بويع
إلى أن خلع ثلاث سنين وأشهرا، وبين خلعه وقتله تسعة أشهر، وفيه يقول
حبيب [3] الكاتب المعروف بالحاسة [4] :
خلع الخليفة أحمد بن محمد ... وسيقتل التالي له أو يخلع
إيها بني العبّاس [5] إن سبيلكم ... في قتل أعبدكم سبيل مهيع
رقّعتم دنياكم فتمزّقت ... بكم الحياة تمزّقا لا يرقع [6]
وكان يقول في دعائه: اللهم إذ خلعتني من الخلافة فلا تخلعني من رحمتك
ولا تحرمني جنتك. انتهى.
وكان سبب قتله على ما ذكره ابن الفرات، أن المعتز بالله حين همّ بقتله،
كتب إلى محمد بن عبد الله بن طاهر، فوجه أحمد بن طولون التركي في جيش،
فأخرج المستعين، فلما وافى به القاطول [7] قتله عليه وحمل رأسه إلى
المعتز، وكفن ابن طولون جثته ودفنه.
__________
[1] ما بين حاصرتين زيادة من «العبر» للذهبي.
[2] (2/ 9) .
[3] في الأصل: «حسد» ، وفي المطبوع: «حينئذ» ، وأثبت ما في «غربال
الزمان» ص (234) .
[4] في «غربال الزمان» : «المعروف بالجابية» .
[5] في الأصل: «أيا بني العباس» وأثبت لفظ المطبوع، و «غربال الزمان» .
[6] الخبر والأبيات في «غربال الزمان» ص (234) .
[7] نهر كان في موقع سامراء قبل أن تعمّر. انظر «معجم البلدان» (4/
297) .
(3/237)
وقيل: بل كان أحمد بن طولون موكلا
بالمستعين، فوجه المعتز سعيد بن صالح في جماعة فحمله وقتله بالقاطول.
وقيل: إنه أدخله إلى منزله بسرّ من رأى فعذبه حتّى مات.
وقيل: بل ركّبه معه في زورق وشدّ في رجليه حجرا وأغرقه.
وقيل: بل وكلّ به رجلا من الأتراك، وقال له: اقتله، فلما أتى إليه
ليقتله، قال له: دعني حتّى أصلي ركعتين، فخلاه في الركعة الأولى، وضرب
رأسه، وأتي المعتز برأسه وهو يلعب بالشطرنج، فقيل له: هذا رأس المخلوع،
فقال: دعوه حتّى أفرغ من الدست، فلما فرغ دعا به ونظر إليه وأمر بدفنه،
وأمر لسعيد بن صالح بخمسين ألفا، وولاه البصرة. انتهى.
وكان المستعين ربعة خفيف العارضين، أحمر الوجه، مليحا، بوجهه أثر جدري،
ويلثغ في السين نحو الثاء، وكان مسرفا في تبذير الخزائن والذخائر،
سامحه الله تعالى.
وفيها إسحاق بن بهلول، أبو يعقوب التّنوخيّ الأنباريّ الحافظ.
سمع ابن عيينة وطبقته، وكان من كبار الأئمة. صنف في القراءات، وفي
الحديث، والفقه.
قال ابن صاعد: حدّث إسحاق بن بهلول بنحو [1] خمسين ألف حديث من حفظه،
وعاش ثمانيا وثمانين سنة.
وفيها أبو هاشم زياد بن أيوب الطّوسيّ ثم البغداديّ دلّويه، الحافظ.
سمع هشيما وطبقته، وحدّث عنه البخاريّ، وأحمد، وغيرهما، وكان ثقة ثبتا،
وكان يقال له: شعبة الصغير، لإتقانه ومعرفته.
وفيها بندار محمد بن بشّار بن عثمان بن داود بن كيسان العبديّ
__________
[1] في «العبر» للذهبي: «نحو» .
(3/238)
البصريّ، أبو بكر، الحافظ الثقة، في رجب.
سمع معتمر بن سليمان، وغندرا [1] وطبقتهما.
قال أبو داود: كتبت عنه خمسين ألف حديث.
وفيها محمد بن المثنّى بن عبيد بن قيس بن دينار، أبو موسى العنزي [2]
البصريّ الزّمن، في ذي القعدة، ومولده عام توفي حمّاد بن سلمة.
سمع معتمر بن سليمان، وسفيان بن عيينة، وطبقتهما. وروى عنه الأئمة
الستة، وابن خزيمة، وغيرهم، وكان حجة حافظا.
وفيها يعقوب بن إبراهيم بن كثير بن زيد بن أفلح بن منصور بن مزاحم، أبو
يوسف، العبديّ النّكريّ الدّورقيّ البغداديّ الحافظ الثقة الحجة.
سمع هشيما، وإبراهيم بن سعد، وطبقتهما. وروى عنه الستة وغيرهم.
وفيها، بل في التي قبلها، كما جزم به ابن ناصر الدّين، عليّ الأفطس بن
الحسن الذّهليّ.
قال في «المغني» [3] : علي بن الحسن الذّهليّ الأفطس النيسابوريّ.
عن ابن عيينة.
قال ابن الشرقي: متروك الحديث. انتهى.
__________
[1] في الأصل، والمطبوع: «وغندر» ، والتصحيح من «العبر» للذهبي (2/ 10)
.
[2] في الأصل والمطبوع: «العتري» وهو خطأ، والتصحيح من «الأنساب» (9/
76) .
[3] (2/ 445) .
(3/239)
سنة ثلاث وخمسين
ومائتين
فيها توفي أحمد بن سعيد بن صخر الحافظ، أبو جعفر الدّارميّ السّرخسيّ،
أحد الفقهاء والأئمة في الأثر. سمع النّضر بن شميل وطبقته، وكان ثقة.
روى عنه الأئمة إلّا النسائي.
وفيها أحمد بن المقدام، أبو الأشعث البصريّ العجليّ المحدّث، في صفر.
سمع حمّاد بن زيد وطائفة كثيرة.
قال في «المغني» [1] : ثقة ثبت، وإنما ترك أبو داود الرواية عنه
لمزاحه، كان بالبصرة مجّان يلقون صرة الدراهم ويرقبونها، فإذا جاء من
يرفعها، صاحوا به وخجّلوه، فعلّمهم أحمد أن يتخذوا صرة فيها زجاج، فإذا
أخذوا صرة الدراهم فصاح صاحبها، وضعوا بدلها صرة الزجاج.
وقال النسائيّ: ليس به بأس. انتهى كلام «المغني» .
وفيها السّريّ بن المغلّس السّقطيّ، أبو الحسن، البغداديّ، أحد
الأولياء الكبار، وله نيّف وتسعون سنة. سمع من هشيم وجماعة، وصحب
معروفا الكرخي [وله أحوال وكرامات.
قال ابن الأهدل: هو خال الجنيد، وأستاذه، وتلميذ معروف الكرخي] [2] .
__________
[1] «المغني في الضعفاء» (1/ 60) .
[2] ما بين حاصرتين سقط من الأصل، وأثبته من المطبوع.
(3/240)
قال الجنيد: دفع لي السريّ رقعة وقال: هذه
خير لك من سبعمائة فضة، فإذا فيها:
ولما ادعيت الحبّ قالت كذبتني ... فما لي أرى الأعضاء منك كواسيا
فما الحب حتّى يلصق الظهر بالحشا ... وتذبل حتّى لا تجيب المناديا
وتنحل حتّى لا يبقّي لك الهوى ... سوى مقلة تبكي بها وتناجيا [1]
انتهى.
وقال السخاويّ في «طبقات الأولياء» : هو إمام البغداديين في الإشارات،
وكان يلزم بيته ولا يخرج منه، لا يراه إلّا من يقصده إلى بيته.
انقطع عن الناس وعن أسبابهم، وأسند عن الجنيد قال: ما رأيت أعبد من
السّريّ، أتت عليه ثمان وتسعون سنة ما رؤي مضطجعا إلا في علة الموت.
وسئل عن المتصوف فقال: هو اسم لثلاثة معان، وهو الذي لا يطفئ نور
معرفته نور ورعه، ولا يتكلم بباطن ينقضه عليه ظاهر الكتاب، ولا تحمله
الكرامات من الله على هتك أستار محارم الله. انتهى ما ذكره السخاوي
ملخصا.
وفيها الأمير محمد بن عبد الله بن طاهر بن الحسين الخزاعيّ، نائب
بغداد. كان جوادا ممدّحا [عالما] [2] ، قوي المشاركة، جيد الشعر، مات
بالخوانيق.
وفيها وصيف التركي، كان [من] [3] أكبر أمراء الدولة، وكان قد استولى
على المعتز، واصطفى الأموال لنفسه، وتمكن ثم قتل [4] .
__________
[1] الأبيات في «غربال الزمان» للعامري ص (234) مع بعض الاختلاف في
ألفاظها.
[2] لفظة «عالما» سقطت من الأصل، والمطبوع، واستدركتها من «العبر»
للذهبي (2/ 11) مصدر المؤلف.
[3] لفظة «من» سقطت من الأصل، والمطبوع، واستدركتها من «العبر» .
[4] في «العبر» : «وتمكن حتى قتل» .
(3/241)
سنة أربع وخمسين
ومائتين
فيها قتل بغا الصغير الشّرابيّ، وكان قد تمرّد وطغى، وراح نظيره وصيف،
فتفرد واستبد بالأمور، وكان المعتز بالله يقول: لا أستلذ بحياة ما بقي
بغا، ثم إنه وثب فأخذ من الخزائن مائتي ألف دينار، وسار نحو السّنّ [1]
فاختلف عليه أصحابه وفارقه عسكره فذل وكتب يطلب الأمان وانحدر في مركب
فأخذته المغاربة وقتله وليد المغربي وأتى برأسه، فأعطاه المعتز عشرة
آلاف دينار.
وفيها أبو الحسن علي بن الجواد محمد بن الرضا علي بن الكاظم موسى بن
جعفر الصادق العلويّ الحسنيّ، المعروف بالهادي، كان فقيها إماما
متعبّدا، وهو أحد الأئمة الاثني عشر الذين تعتقد غلاة الشيعة عصمتهم
كالأنبياء. سعي به إلى المتوكل، وقيل له: إن في بيته سلاحا وعدة ويريد
القيام، فأمر من هجم [2] عليه [في] [3] منزله فوجده في بيت مغلق، وعليه
مدرعة من شعر، يصلي ليس بينه وبين الأرض فراش، وهو يترنّم بآيات من
__________
[1] في الأصل، والمطبوع: «السند» وهو خطأ، والتصحيح من «العبر» للذهبي
(2/ 12) ، وانظر «تاريخ الطبري» (9/ 379) ، و «الكامل» لابن الأثير (7/
186) .
قال ياقوت: السّنّ: يقال لها سنّ بارما، مدينة على دجلة فوق تكريت، لها
سور وجامع كبير، وفي أهلها علماء. «معجم البلدان» (3/ 268) ، وانظر
«بلدان الخلافة الشرقية» ص (120) .
[2] قال ابن منظور: هجم على القوم يهجم هجوما: انتهى إليهم بغتة. «لسان
العرب» (هجم) .
[3] زيادة من «غربال الزمان» ص (235) .
(3/242)
القرآن في الوعد والوعيد، فحمل إليه ووصف
له حاله، فلما رآه عظّمه وأجلسه إلى جنبه، وناوله شرابا، فقال: ما خامر
لحمي ولا دمي فاعفني منه، فأعفاه وقال له: أنشدني شعرا، فأنشده أبياتا
[1] أبكاه بها، فأمر له بأربعة آلاف دينار، وردّه مكرما.
وإنما قيل [له] [2] العسكري، لأنه [لما] [2] سعي به إلى المتوكل، أحضره
من المدينة- وهي مولده- وأقرّه بمدينة العسكر، وهي سرّ من رأى، سميت
بالعسكر لأن المعتصم حين بناها انتقل إليها بعسكره، فسميت بذلك، وأقام
بها صاحب الترجمة عشرين سنة، فنسب إليها.
وفيها محمد بن عبد الله بن المبارك المخرّميّ [3] ، الحافظ أبو جعفر
ببغداد. روى عن وكيع وطبقته. وعنه البخاري، وأبو داود، والنسائي،
وغيرهم، وكان من كبار الحفاظ الثقات المأمونين. لما قدم ابن المديني
بغداد قال: وجدت أكيس القوم هذا الغلام المخرّمي.
وفيها أبو أحمد المرّار بن حمّوية الثقفيّ الهمذانيّ الفقيه. سمع أبا
نعيم، وسعيد بن أبي مريم، وكان موصوفا بالحفظ وكثرة العلم [4] .
وفيها العتبيّ [5] صاحب «العتبيّة» [6] في مذهب مالك، واسمه محمد
__________
[1] انظرها في «غربال الزمان» ص (235) .
[2] زيادة من «غربال الزمان» .
[3] في الأصل: «المخزومي» وهو خطأ، وأثبت ما في المطبوع، ووهم الأستاذ
فؤاد سيد في ضبطها في «العبر» (2/ 12) فضبط نسبته بفتح الميم وسكون
الخاء وفتح الراء، نسبة إلى المسور بن مخرمة، وتبعه محقق «العبر»
المنشور في دار الكتب العلمية ببيروت. والصواب أنه منسوب إلى المخرم،
وهي محلة ببغداد. انظر «اللباب» لابن الأثير (3/ 178) .
[4] انظر ترجمته ومصادرها في «سير أعلام النبلاء» للذهبي (12/ 308-
311) .
[5] نسبة إلى عتبة بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس أخي
معاوية بن أبي سفيان. انظر «الأنساب» للسمعاني (8/ 379- 380) ، و
«اللباب» لابن الأثير (2/ 320) .
[6] انظر «كشف الظنون» (2/ 1124) .
(3/243)
ابن أحمد بن عبد العزيز بن عتبة الأمويّ
العتبيّ القرطبيّ الأندلسيّ الفقيه، أحد الأعلام [ببلده] [1] . أخذ عن
يحيى [بن يحيى] [2] ، ورحل فأخذ بالقيروان عن سحنون [3] ، وبمصر عن
أصبغ، وصنف «المستخرجة» [4] وجمع فيها أشياء غريبة عن مالك.
وفيها مؤمّل بن إهاب، أبو عبد الرحمن، الحافظ في رجب بالرّملة.
روى عن ضمرة [5] بن ربيعة، ويحيى بن آدم، وطبقتهما.
وفيها- على ما جزم به ابن ناصر الدّين- أبو عاصم خشيش بن أصرم بن
الأسود النسائي، أخذ العلم عن الكبار، وحدّث عنه عدة، منهم أبو داود،
والنسائي، وغيرهم، وكان ثقة [6] .
__________
[1] زيادة من «العبر» للذهبي (2/ 13) .
[2] ما بين حاصرتين سقط من الأصل، والمطبوع، واستدركته من «العبر» .
[3] ضبطه الأستاذ فؤاد سيد في «العبر» بضم السين وسكون النون «سحنون»
وهو خطأ فيصحح فيه.
[4] قلت: ولكن السمعاني ذكر في «الأنساب» بأن «المستخرجة» و «العتبية»
مصنف واحد لا مصنفين كما جاء في كتابنا، وفي «العبر» ، وفي «سير أعلام
النبلاء» (12/ 335) .
[5] ضبطه محقق «العبر» (2/ 13) طبع الكويت بضم الضاد، وهو خطأ، وتبعه
محقق «العبر» طبع بيروت، فيصحح فيهما.
[6] انظر ترجمته ومصادرها في «سير أعلام النبلاء» (12/ 250- 251) .
(3/244)
سنة خمس وخمسين
ومائتين
فيها فتنة الزّنج، وخروج العلويّ قائد الزّنج بالبصرة، خرج بالبصرة
فعسكر ودعا إلى نفسه، وزعم أنه عليّ بن محمد بن أحمد بن علي بن عيسى بن
الشهيد زيد بن علي [1] ولم يثبتوا نسبه، فبادر إلى دعوته عبيد أهل
البصرة السودان، ومن ثم قيل: الزّنج، والتف إليه كل صاحب فتنة، حتّى
استفحل أمره، وهزم جيوش الخليفة، واستباح البصرة وغيرها، وفعل
الأفاعيل، وامتدت أيامه إلى أن قتل إلى غير رحمة الله في سنة سبعين.
وفيها خرج غير واحد من العلوية، وحاربوا بالعجم وغيرها.
وفيها توفي الإمام الحبر، أبو محمد عبد الله بن عبد الرّحمن التميميّ
الدارميّ السمرقنديّ، الحافظ الثقة، صاحب «المسند» المشهور. رحل وطوّف،
وسمع النّضر بن شميل، ويزيد بن هارون، وطبقتهما.
قال أبو حاتم: هو إمام أهل زمانه.
وقال محمد بن عبد الله بن نمير: غلبنا الدّارميّ بالحفظ والورع.
وقال رجاء بن مرجّى [2] : ما رأيت أعلم بالحديث منه.
__________
[1] في الأصل، والمطبوع: «ابن الشهيد بن زيد بن علي» وأثبت ما في
«العبر» للذهبي.
[2] في الأصل، والمطبوع: «رجاء بن مرجا» والتصحيح من «العبر» للذهبي
(2/ 15) ، وانظر «تقريب التهذيب» ص (208) .
(3/245)
وفيها قتل [1] المعتز بالله أبو عبد الله
محمد بن المتوكل [على الله] [2] جعفر بن المعتصم محمد بن الرّشيد
العباسي، في رجب، خلعوه وأشهد على نفسه مكرها، ثم أدخلوه بعد خمسة أيام
إلى حمام فعطش حتّى عاين الموت، وهو يطلب الماء فيمنع، ثم أعطوه ماء
بثلج، فشربه وسقط ميتا، واختفت أمه قبيحة [3] وسبب قتله، أن جماعة من
الأتراك قالوا: أعطنا أرزاقنا، فطلب من أمه مالا فلم تعطه، وكانت ذات
أموال عظيمة إلى الغاية، منها جوهر، وياقوت، وزمرّد، قوّموه بألفي ألف
دينار، ولم يكن [بقي] [4] إذ ذاك في خزائن الخلافة شيء، فحينئذ أجمعوا
على خلعه، ورأسهم [5] حينئذ، صالح بن وصيف، ومحمد بن بغا، فلبسوا
السلاح، وأحاطوا بدار الخلافة، وهجم على المعتز طائفة منهم، فضربوه
بالدبابيس، وأقاموه في الشمس حافيا ليخلع نفسه، فأجاب، وأحضروا محمد بن
الواثق من بغداد، فأول من بايعه، المعتز بالله، وعاش المعتز ثلاثا
وعشرين سنة، وكان من أحسن أهل زمانه، ولقّبوا محمدا بالمهتدي بالله.
قاله في «العبر» [6] .
وقال ابن الفرات: كانت وفاته في شعبان من هذه السنة، وكان عمره اثنتين
وعشرين سنة وثلاثة أشهر، وكانت خلافته من يوم بويع له ببغداد- بعد خلع
المستعين بالله نفسه- ثلاث سنين وستة أشهر وأربعة وعشرين يوما، وأشهر
ولد المعتز عبد الله بن المعتز الشاعر، وبه كان يكنى. انتهى.
__________
[1] تحرفت في المطبوع إلى «قتل» .
[2] زيادة من «العبر» .
[3] في الأصل، والمطبوع: «صبيحة» وهو خطأ، والتصحيح من «العبر» للذهبي
(2/ 15) و «الكامل في التاريخ» (7/ 200) ، وفيه قال ابن الأثير: وكان
المتوكل سماها قبيحة لحسنها وجمالها، كما يسمى الأسود كافورا. وانظر
«أعلام النساء» لكحالة (4/ 184- 187) طبع مؤسسة الرسالة.
[4] زيادة من «العبر» للذهبي.
[5] في «العبر» : «ورئيسهم» .
[6] (2/ 15- 16) .
(3/246)
وفيها محمد بن عبد الرحيم، أبو يحيى،
البغداديّ الحافظ البزّاز، ولقبه صاعقة.
سمع عبد الوهاب بن عطاء الخفّاف وطبقته، وكان أحد الثقات [1] الأثبات
المجوّدين.
وفيها محمد بن كرّام، أبو عبد الله السجستانيّ، الزّاهد، شيخ الطائفة
الكرّامية، وكان من عبّاد المرجئة. قاله في «العبر» [2] .
وقال في «المغني» [3] : محمد بن كرّام السّجزي، العابد، المتكلم، شيخ
الكرامية. أكثر عن الجويباري [4] ، ومحمد بن تميم السعدي، وكانا
ساقطين.
قال ابن حبّان: خذل حتّى التقط من المذاهب أردأها، ومن الأحاديث
أوهاها.
وقال أبو العبّاس السرّاج [5] : شهدت البخاريّ ودفع إليه كتاب [من] [6]
__________
[1] لفظة «الثقات» سقطت من «العبر» للذهبي فتستدرك فيه.
[2] (2/ 16) .
[3] «المغني في الضعفاء» (2/ 627) .
[4] في الأصل والمطبوع: «الجويباري» وهو خطأ، والتصحيح من «الأنساب» .
وهو أحمد بن عبد الله بن خالد بن موسى بن فارس بن مرداس بن نهيك
التميمي القيسي الجويباري، نسبة إلى «جويبار» إحدى قرى هراة، قاله
السمعاني في «الأنساب» (3/ 381) . وقال ابن حبان في «المجروحين» (1/
142) : دجال من الدجاجلة كذاب، يروي عن ابن عيينة، ووكيع، وأبي ضمرة،
وغيرهم من الثقات أصحاب الحديث، ويضع عليهم ما لم يحدثوا، وقد روى عن
هؤلاء الأئمة ألوف حديث ما حدثوا بشيء منها، كان يضعها عليهم، لا يحل
ذكره في الكتب إلا على سبيل الجرح فيه. وقال النسائي في «الضعفاء
الصغير» ص (22) : كذاب. وقال الذهبي في «ميزان الاعتدال» (1/ 107) : هو
ممن يضرب المثل بكذبه. وقال ابن حجر في «لسان الميزان» (1/ 194) : قال
الخليلي: كذاب، يروي عن الأئمة أحاديث موضوعة، وكان يضع لابن كرّام
أحاديث مصنوعة، وكان ابن كرام يسمعها وكان مغفلا.
[5] في الأصل، والمطبوع: «سراج» والتصحيح من «المغني في الضعفاء» .
[6] زيادة من «المغني في الضعفاء» .
(3/247)
ابن كرّام، يسأله عن أحاديث، فيها [1]
الزّهري، عن سالم، عن أبيه، يرفعه «الإيمان لا يزيد ولا ينقص» . فكتب
أبو عبد الله على ظهر كتابه: من حدّث بهذا استوجب الضرب الشديد، والحبس
الطويل.
وقال ابن حبّان: جعل ابن كرّام الإيمان قولا بلا معرفة.
وقال ابن حزم: قال ابن كرّام: الإيمان قول باللسان، وإن اعتقد الكفر
بقلبه فهو مؤمن.
قلت [2] : هذه أشنع بدعة. وقوله في الرّبّ: جسم لا كالأجسام. انتهى ما
قاله الذهبيّ في «المغني في الضعفاء» .
وفيها موسى بن عامر المرّيّ الدّمشقيّ. سمع الوليد بن مسلم، وابن
عيينة، وكان أبوه أبو الهيذام [3] عامر بن عمارة سيد قيس وزعيمها
وفارسها، وكان طلب من الوليد بن مسلم فحدث ابنه هذا بمصنفاته.
قال في «المغني» [4] : موسى بن عامر المرّي صاحب الوليد بن مسلم، صدوق
تكلّم فيه بلا حجة، ولا ينكر له تفرده عن الوليد، فإنه يكثر عنه.
انتهى.
__________
[1] في «المغني في الضعفاء» : «منها» .
[2] القائل الحافظ الذهبي.
[3] في المطبوع: «أبو الهندام» وهو خطأ، وانظر «جمهرة أنساب العرب»
لابن حزم ص (252) .
[4] «المغني في الضعفاء» (2/ 684) .
(3/248)
|