شذرات الذهب في أخبار من ذهب
سنة إحدى وخمسين
وثلاثمائة
فيها كما قال ابن الجوزي في «الشذور» وقع برد في الحامدة [1] كل بردة
رطل ونصف، ورطلان.
وفيها ورد الخبر بورود الرّوم عين زربة [2] في مائة وستين ألفا، فقتل
ملكهم الدّمستق خلقا كثيرا، وأوقع أربعين ألف نخلة، وهدم سور البلد
والجامع، وكسر المنبر، وورد إلى حلب بغتة ومعه مائتا ألف، فانهزم منه
سيف الدولة، فظفر بداره، فوجد فيها ثلاثمائة وسبعين بدرة دراهم،
فأخذها، وأخذ ما لا يحصى من السلاح، وأحرق الدار، وأخذ خلقا كثيرا
كانوا أسرى عند المسلمين، بضعة عشر ألف صبي وصبية، وأخذ من النساء ما
أراد، وعمد إلى جباب الزيت، فصبّ فيها الماء، حتّى فاض الزيت. انتهى.
وفيها كما قال في «العبر» [3] رفعت المنافقون رؤوسها ببغداد، وقامت
الدولة الرافضية، وكتبوا على أبواب المساجد لعنة معاوية، ولعنة من غصب
__________
[1] لعلها الجامدة، وهي قرية كبيرة جامعة من أعمال واسط بينها وبين
البصرة. انظر «معجم البلدان» (1/ 95) .
[2] في الأصل والمطبوع: «عين روية» وهو خطأ، والتصحيح من «تاريخ
الطبري» (8/ 320) و «العبر» (2/ 294- 295) و «غربال الزمان» ص (304) ،
وفي «معجم البلدان» (4/ 177) :
«عين زربي» بفتح الزاي، وسكون الراء، وباء موحدة، وألف مقصورة. وانظر
«النجوم الزاهرة» (3/ 331) .
[3] (2/ 295- 296) .
(4/268)
فاطمة حقّها [1] ، ولعنة من نفى أباذرّ،
فمحته أهل [2] السّنّة في الليل، فأمر معز الدولة بإعادته، فأشار عليه
الوزير المهلّبيّ، أن يكتب: ألا لعنة الله على الظالمين [لآل محمّد]
[3] ولعنة معاوية فقط. انتهى.
وفيها توفي أبو العبّاس أحمد بن إبراهيم بن جامع السكّري، بمصر.
روى عن علي بن عبد العزيز البغوي وطائفة [4] .
وفيها أبو بكر أحمد بن محمد بن أبي الموت المكّي. روى عن عليّ البغوي،
وأبي يزيد القراطيسي وطائفة، وعاش تسعين سنة.
وفيها أحمد بن محمد أبو الحسين النيسابوري، قاضي الحرمين، وشيخ الحنفية
في عصره. ولي قضاء الحجاز مدّة، ثم قدم نيسابور، وولي قضاءها. تفقّه
على أبي الحسن الكرخي، وبرع في الفقه، وعاش سبعين سنة.
قال في «العبر» [5] : وروى عن أبي خليفة الجمحي، وكان القاضي أبو بكر
الأبهري، شيخ المالكية يقول: ما قدم علينا من الخراسانيين أفقه من أبي
الحسين.
وفيها أبو إسحاق الهجيمي مصغرا- نسبة إلى بني الهجيم، بطن من
__________
[1] في «النجوم الزاهرة» (3/ 332) : «حقها من فدك» وجاء في حاشيته: فدك
بالتحريك. قرية بالحجاز، بينها وبين المدينة يومان، وقيل: ثلاثة،
أفاءها الله عزّ وجل على رسوله، صلى الله عليه وسلم، في سنة سبع صلحا،
وهي التي قالت فاطمة رضي الله عنها: إن رسول الله، صلى الله عليه وسلم،
نحلنيها. فقال أبو بكر، رضي الله عنه: أريد لذلك شهودا، وقد ردّها عمر،
رضي الله عنه، إلى ورثة رسول الله، صلى الله عليه وسلم ... وانظر «معجم
البلدان» (4/ 238- 240) .
[2] لفظة «أهل» سقطت من الأصل وأثبتها من المطبوع.
[3] ما بين حاصرتين سقط من الأصل والمطبوع واستدركته من «العبر» (2/
296) وانظر «النجوم الزاهرة» (3/ 333) .
[4] حصل في الأصل هنا بعض الخطأ، فتكررت بعض العبارات من الترجمة
التالية، وأبقيت النص كما جاء في المطبوع و «العبر» للذهبي مصدر
المؤلف.
[5] (2/ 297) .
(4/269)
تميم، وإلى محلة لهم بالبصرة- إبراهيم بن
علي البصري في آخر السنة، وقد قارب المائة. روى عن جعفر بن محمد بن
شاكر، والكديمي، وطائفة.
وفيها دعلج بن أحمد [بن دعلج] [1] أبو محمد السّجزي [2] المعدّل، وله
نيّف وتسعون سنة. رحل وطوّف، وأكثر، وسمع من هشام السّيرافي، وعلي
البغوي وطبقتهما.
قال الحاكم: أخذ عن ابن خزيمة مصنفاته، وكان يفتي [3] بمذهبه.
وقال الدارقطني: لم أر في مشايخنا أثبت من دعلج.
وقال الحاكم: لم يكن في الدّنيا أيسر منه، اشترى بمكة دار العباس [4]
بثلاثين ألف دينار، وكان الذهب في داره بالقفاف، وكان كثير المعروف
والصّلات، توفي في جمادى الآخرة. قاله في «العبر» [5] .
وقال ابن ناصر الدّين: دعلج بن أحمد بن دعلج، أبو محمد السجستاني ثم
البغدادي، أحد المشهورين بالبرّ، والصدقات، والأفضال.
قال الحاكم- وهو ممّن روى عنه-: لم يكن في الدّنيا أيسر منه، كان الذهب
بالقفاف في داره. انتهى.
وفيها أبو محمد عبد الله بن جعفر بن محمد الورد البغدادي، بمصر، راوي
«السّيرة» عن ابن البرقي في رمضان.
وفيها أبو الحسين عبد الباقي بن قانع بن مرزوق الحافظ، ببغداد،
__________
[1] زيادة من «العبر» مصدر المؤلف و «مختصر تاريخ دمشق» لابن منظور (8/
195- 198) بتحقيق صديقي الفاضل الأستاذ مأمون الصاغرجي، طبع دار الفكر
بدمشق، و «طبقات الحفاظ» ص (360) .
[2] تحرّفت في الأصل والمطبوع إلى «الشجري» والتصحيح من «العبر» .
[3] لفظة «يفتي» سقطت من الأصل وأثبتها من المطبوع و «العبر» .
[4] في «العبر» : «دار العباسية» .
[5] (2/ 297) .
(4/270)
في شوال، وله ست وثمانون سنة. سمع الحارث
بن أبي أسامة، وإبراهيم بن الهيثم البلدي، وطبقتهما وصنّف التصانيف.
قال الدارقطني: كان يخطئ ويصرّ على الخطأ.
وقال ابن ناصر الدّين: وثقه جماعة، واختلط قبل موته بنحو سنتين.
انتهى.
وفيها أبو أحمد الحبّيني [1] ، علي بن محمد المروزي. سمع سعيد بن مسعود
المروزي وطبقته، وكان صاحب حديث.
قال الحاكم: كان يكذب [2] .
والحبّيني: بالضم وكسر الموحدة المشددة وتحتية ونون، نسبة إلى سكة
حبّين بمرو.
وفيها أبو بكر النقّاش، محمد بن الحسن بن محمد بن زياد الموصلي ثم
البغدادي، المقرئ المفسّر، صاحب التصانيف، في التفسير والقراءات. روى
عن أبي مسلم الكجّي وطائفة، وقرأ على أصحاب ابن ذكوان، والبزّي، ورحل
ما بين مصر إلى ما وراء النهر، وعاش خمسا وثمانين سنة، ومع جلالته في
العلم ونبله فهو ضعيف متروك الحديث.
قال الذهبي في «المغني» [3] : مشهور، اتّهم بالكذب، وقد أتى في تفسيره
بطامّات وفضائح، وهو في القراءات أمثل. انتهى.
__________
[1] تنبيه: كذا وقع في الأصل والمطبوع و «العبر» (2/ 298) «الحبّيني»
وهو خطأ، صوابه «الحبيبي» انظر «الأنساب» (4/ 53) و «ميزان الاعتدال»
(3/ 155) و «المغني في الضعفاء» (2/ 455) .
قلت: وقد أبعد محقّق الجزء الثاني من «العبر» الأستاذ فؤاد سيد، فأكد
التحريف الذي حصل لناسخ «العبر» بل زاد على ذلك بإحالته على ضبط ابن
العماد في «الشذرات» وذلك من الخطأ المركب!!
[2] في «العبر» : «كان يكتب مثل السكر» .
[3] (2/ 570) .
(4/271)
وفيها أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم
الشّيباني الكوفي، مسند الكوفة في زمانه. روى عن إبراهيم بن عبد الله
القصّار، وأحمد بن أبي غرزة [1] وجماعة.
وفيها يحيى بن منصور القاضي، أبو محمد النيسابوري، ولي قضاء نيسابور
بضع عشرة سنة. روى عن علي بن عبد العزيز البغوي، وأحمد بن سلمة،
وطبقتهما.
__________
[1] في الأصل والمطبوع: «أحمد بن عرعرة» وهو خطأ والتصحيح من «العبر»
(2/ 299) و «تذكرة الحفاظ» (2/ 594) .
(4/272)
سنة اثنتين وخمسين
وثلاثمائة
فيها يوم عاشوراء، ألزم معز الدولة أهل بغداد بالنّوح والمآتم، على
الحسين، رضي الله عنه، وأمر بغلق الأسواق، وعلّقت عليها المسوح، ومنع
الطباخين من عمل الأطعمة، وخرجت نساء الرافضة منشّرات الشعور، مضمّخات
[1] الوجوه، يلطمن، ويفتنّ الناس، وهذا أول ما نيح عليه، اللهمّ ثبت
علينا عقولنا. قاله في «العبر» [2] .
وفيها في ثامن عشر ذي الحجة، عملت الرافضة عيد الغدير، [غدير] خمّ [3]
، ودقّت الكوسات، وصلّوا بالصحراء صلاة العيد. قاله في «العبر» أيضا
[4] .
وفيها بعث صاحب إرمينية إلى ناصر الدولة رجلين ملتصقين خلفة من جانب
واحد، فويق الحقو [5] إلى دوين الإبط، ولدا كذلك ولهما بطنان، وسرّتان،
ومعدتان، ولم يمكن فصلهما، وكان ربما يقع بينهما تشاجر،
__________
[1] تحرّفت في «العبر» إلى «مضخمات» فتصحح فيه. ومعنى مضمّخات: ملطخات.
انظر «لسان العرب» (ضمخ) ، وراجع الخبر في «غربال الزمان» ص (305) .
[2] (2/ 300) .
[3] غدير خم: بين مكة والمدينة. انظر «معجم ما استعجم» (2/ 510) و
«معجم البلدان» (4/ 188) .
[4] (2/ 300) .
[5] الحقو: الخصر. انظر «مختار الصحاح» (حقا) .
(4/273)
فيختصمان، ويحلف أحدهما لا يكلّم الآخر
أياما، ثم يصطلحان، فمات أحدهما قبل الآخر، فلحق الحيّ الغمّ من نتن
الرائحة، فمات. قاله في «الشذور» [1] .
وفيها توفي الوزير المهلّبي، أبو محمد الحسن بن محمد الأزدي، من ذرية
المهلّب بن أبي صفرة، وزير معز الدولة بن بويه. كان من رجال الدّهر
حزما، وعزما، وسؤددا، وعقلا، وشهامة، ورأيا. توفي في شعبان، وقد نيّف
على الستين، وكان فاضلا، شاعرا، فصيحا، حليما، جوادا، صادر معز الدولة
أولاده من بعده، ثم استوزر أبا الفضل بن الحسين [2] الشيرازي واسمه
العباس.
قال ابن خلّكان [3] : وكان الوزير المهلّبي قبل اتصاله بمعز الدولة في
شدة عظيمة من الضرورة والضائقة، وكان قد سافر مرّة، ولقي في سفره مشقة
صعبة، واشتهى اللّحم فلم يقدر عليه، فقال ارتجالا:
ألا موت يباع فأشتريه ... فهذا العيش ما لا خير فيه
ألا موت لذيذ الطّعم يأتي ... يخلّصني من العيش الكريه
إذا أبصرت قبرا من بعيد ... وددت بأنّني مما يليه
ألا رحم المهيمن نفس حرّ ... تصدّق بالوفاة على أخيه
وكان معه رفيق يقال له: أبو عبد الله الصوفي، وقيل: أبو الحسن
العسقلاني، فلما سمع الأبيات اشترى له بدرهم لحما وطبخه وأطعمه،
وتفارقا. وتنقلت بالمهلّبي الأحوال، وتولى الوزارة ببغداد لمعز الدولة،
وضاقت الأحوال برفيقه في السفر الذي اشترى له اللحم، وبلغه وزارة
__________
[1] وانظر الخبر برواية أخرى أكثر تفصيلا في «المنتظم» (7/ 16- 17) و
«النجوم الزاهرة» (3/ 334- 335) .
[2] تحرّفت في «العبر» إلى «الحسن» فتصحح فيه. وانظر «الكامل في
التاريخ» (8/ 547) .
[3] في «وفيات الأعيان» (2/ 124- 126) .
(4/274)
المهلّبي، فقصده وكتب إليه:
ألا قل للوزير فدته نفسي ... مقالة مذكّر ما قد نسيه
أتذكر إذ تقول لضنك عيش ... ألا موت يباع فأشتريه
فلما وقف عليها تذكر [1] وهزّته أريحيّة الكرم، فأمر له في الحال
بسبعمائة درهم، ووقّع في رقعته: مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ
أَمْوالَهُمْ في سَبِيلِ الله كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ
سَنابِلَ في كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَالله يُضاعِفُ لِمَنْ
يَشاءُ 2: 261 [البقرة: 261] ، ثم دعا به، فخلع عليه، وقلّده عملا
يرتفق به.
ولما ولي المهلّبي الوزارة بعد تلك الإضافة عمل:
رقّ الزمان لفاقتي ... ورثى لطول تحرّقي
فأنالني ما أرتجي ... هـ وحاد عمّا أتّقي
فلأصفحن عمّا أتا ... هـ من الذنوب السّبّق
حتّى جنايته بما ... فعل [2] المشيب بمفرقي
وكان لمعز الدولة مملوك تركي في غاية الجمال، يدعى تكين الجامدار، وكان
شديد المحبة له، فبعث سريّة لمحاربة بعض بني حمدان، وجعل المملوك
المذكور مقدّم الجيش، وكان الوزير المهلّبي يستحسنه ويرى أنه من أهل
الهوى لا من أهل مدد الوغى [3] ، فعمل فيه:
طفل يرقّ الماء في ... وجناته [4] ويرفّ عوده
ويكاد من شبه العذا ... رى فيه أن تبدو نهوده
__________
[1] في «وفيات الأعيان» : «تذكره» .
[2] في «وفيات الأعيان» : «صنع» .
[3] في «وفيات الأعيان» : «لا مدد الوغى» فتصحح العبارة فيه.
[4] في الأصل والمطبوع: «جنباته» وما أثبتناه من «وفيات الأعيان» ولفظ
البيت في «يتيمة الدهر» للثعالبي (2/ 267) طبع دار الكتب العلمية
ببيروت:
ظبي يرقّ الماء في ... وجناته ويرقّ عوده
(4/275)
ناطوا بمعقد خصره ... سيفا ومنطقة تؤوده
جعلوه قائد عسكر ... ضاع الرعيل ومن يقوده
وكان كذلك، فإنه ما أنجح [في تلك الحركة] [1] وكانت الكرة عليهم.
ومن شعره النادر في الرّقة قوله:
تصارمت الأجفان لمّا صرمتني ... فما تلتقي [2] إلّا على عبرة تجري
انتهى ما أورده ابن خلّكان ملخصا.
وفيها أبو القاسم خالد بن سعد الأندلسي القرطبي الحافظ، كان ينظّر
بيحيى بن معين، وكان أحد أركان الحديث بالأندلس. سمع بعد سنة ثلاثمائة
من جماعة، منهم: محمد بن فطيس، وسعيد بن عثمان الأعناقي. ومنه:
قاسم بن محمد وغيره، وكان إماما حجّة مقدّما على حفّاظ زمانه، عجبا في
معرفة الرجال والعلل، وقيل: كان يحفظ الشيء من مرّة، ورد أن المنتصر
بالله الحكم قال: إذا فاخرنا أهل المشرق بيحيى بن معين، فاخرناهم بخالد
بن سعد.
وفيها أبو بكر الإسكافي، محمد بن محمد بن أحمد بن مالك، ببغداد، في ذي
القعدة. روى عن موسى بن سهل الوشّاء وجماعة، وله جزء مشهور [3] .
وفيها أحمد بن محمد بن السّري بن يحيى بن السّري التميمي الكوفي، أبو
بكر بن أبي دارم.
قال ابن ناصر الدّين في «بديعته» :
__________
[1] ما بين حاصرتين سقط من الأصل والمطبوع واستدركته من «وفيات
الأعيان» .
[2] في «وفيات الأعيان» : «فما نلتقي» وما جاء في كتابنا موافق لما في
«يتيمة الدهر» (2/ 282) .
[3] قلت: وثّقه السمعاني، وضعّفه الذهبي. انظر «الأنساب» (1/ 245) و
«العبر» (2/ 301) .
(4/276)
ابن أبي دارم الضعيف ... شيعهم برفضه نحيف
أي كان رافضا، فضعّف بسبب رفضه.
روى عن إبراهيم بن عبد الله القصّار، وأحمد بن موسى الحمار، ومطين،
وعنه الحاكم، وابن مردويه وآخرون، وكان محدّث الكوفة وحافظها، وجمع في
الحطّ على الصحابة، وقد اتّهم في الحديث.
وفيها أحمد بن عبيد بن إسماعيل الحافظ الثقة أبو الحسن البصري
الصّفّار. روى عن الكديمي، ومحمد بن غالب تمتام. وروى عنه الدارقطني،
وابن جميع.
قال الدارقطني: ثقة ثبت ذكره ابن بردس [1] .
وفيها علي بن أحمد بن أبي قيس الرفاعي البغدادي، أبو الحسن [2] روى عن
زوج أمّه أبي بكر بن أبي الدّنيا، وهو ضعيف جدا [3] .
__________
[1] في الأصل والمطبوع: «ابن درباس» والصواب ما أثبته، وقد سبق لهذا
الاسم أن تحرّف في أكثر من موطن من قبل وقمت بالتنبيه على ذلك أكثر من
مرة.
[2] قوله: «وفيها علي بن أحمد بن أبي قيس الرفاعي البغدادي، أبو الحسن»
سقط من «العبر» فيستدرك فيه.
[3] انظر «ميزان الاعتدال» للذهبي (3/ 112) و «لسان الميزان» لابن حجر
(4/ 9194.
(4/277)
سنة ثلاث وخمسين
وثلاثمائة
فيها كما قال في «الشذور» بعث الهجريون [1] إلى سيف الدولة، فاستهدوا
حديدا، فقلع أبواب الرّقة، وأخذ كل ما يقدر عليه من الحديد، حتّى صنجات
البالوعة، فبعثها إليهم.
وفيها نازل الدّمستق المصّيصة وحاصرها، وغلت الأسعار بها، ثم ترحّل
عنها للغلاء الذي أصاب جيشه، ثم جاء لطرسوس.
وفيها توفي أبو سعيد بن أبي عثمان الحيري، واسمه أحمد بن محمد بن
الزاهد أبي عثمان سعيد الحيريّ النيسابوري، شهيدا بطرسوس، وله خمس
وستون سنة. روى عن الحسن بن سفيان وطبقته، وصنّف «التفسير الكبير» و
«الصحيح» على رسم مسلم، وغير ذلك.
قال ابن ناصر الدّين: كان حافظا، شجاعا، له «التفسير الكبير» و
«الصحيح» على [رسم] مسلم. خرج يعسكر للجهاد مريدا، فقتل بطرسوس شهيدا.
انتهى.
وفيها أبو إسحاق إبراهيم بن حمزة الحافظ، وهو إبراهيم بن
__________
[1] في «النجوم الزاهرة» (3/ 336) : «وفيها بعث القرامطة» وانظر الخبر
فيه برواية أخرى أطول من التي ساقها المؤلف.
(4/278)
محمد بن حمزة بن عمارة، بأصبهان، في رمضان،
وهو في عشر الثمانين.
قال أبو نعيم: لم ير بعد عبد الله بن مظاهر في الحفظ مثله، جمع الشيوخ
والسند.
وقال أبو عبد الله بن مندة الحافظ: لم أر أحفظ منه.
وقال ابن عقدة: قلّ من رأيت مثله.
روى عن مطين، وأبي شعيب الحرّاني.
وفيها أبو عيسى بكّار بن أحمد البغدادي، شيخ المقرئين في زمانه.
قرأ على جماعة من أصحاب الدّوري، وسمع من عبد الله بن أحمد بن حنبل،
وتوفي في ربيع الأول وقد قارب الثمانين.
وفيها جعفر بن محمد بن الحكم الواسطي المؤدّب. روى عن الكديمي وطبقته،
وكان من العارفين البارعين الخيّرين.
وفيها أبو علي بن السّكن، الحافظ الكبير، سعيد بن عثمان بن سعيد بن
السّكن المصري، صاحب التصانيف، وأحد الأئمة. سمع بالعراق، والشام،
والجزيرة، وخراسان، وما وراء النهر، من أبي القاسم البغوي وطبقته،
كالفربري، وابن جوصا. وممّن روى عنه ابن مندة، وعبد الغني بن سعيد،
وكان ثقة حجّة، توفي في المحرم، وله تسع وخمسون سنة.
وفيها أبو الفوارس شجاع بن جعفر الورّاق الواعظ ببغداد، وقد قارب
المائة. روى عن العطاردي، وأبي جعفر بن المنادي وطائفة، وكان أسند من
بقي.
وفيها أبو محمد عبد الله بن الحسن بن بندار المديني [1] الأصبهاني.
سمع أسيد بن عاصم، ومحمد بن إسماعيل الصائغ وجماعة.
__________
[1] في الأصل والمطبوع: «المدائني» وهو خطأ، والتصحيح من «أخبار
أصفهان» لأبي نعيم
(4/279)
وفيها أبو محمد الفاكهي، عبد الله بن محمد
بن العبّاس المكّي، صاحب أبي يحيى بن أبي ميسرة، وكان أسند من بقي
بمكّة.
وفيها أبو القاسم علي بن يعقوب بن أبي العقب الدمشقي المحدّث المقرئ.
روى عن أبي زرعة الدمشقي وطائفة. توفي في ذي الحجّة عن ثلاث وتسعين
سنة.
وفيها أبو علي محمد بن هارون بن شعيب الأنصاري الدمشقي الحافظ، أحد
الرحّالة. سمع بالشام، ومصر، والعراق، وأصبهان، وروى عن بكر بن سهل
الدمياطي، وأحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة، وطبقتهما.
قال عبد العزيز الكتّاني [1] : كان يتهم [2] . وعاش سبعا وثمانين سنة.
__________
(2/ 86) و «سير أعلام النبلاء» (16/ 44) و «العبر» (2/ 304) . فهو
منسوب إلى المدينة المنورة، وأما «المدائني» فنسبة إلى «المدائن» .
فائدة: قال ياقوت في «معجم البلدان» (5/ 82) : ذكر ابن طاهر بإسناده
إلى محمد بن إسماعيل البخاري قال: المديني: هو الذي أقام بالمدينة ولم
يفارقها، والمدني الذي تحوّل عنها وكان منها، والمشهور عندنا يعني عند
المحدّثين أن النسبة إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، مدنيّ مطلقا
وإلى غيرها من المدن مديني للفرق لا لعلة أخرى، وربما ردّه بعضهم إلى
الأصل، فنسب إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم أيضا مدينيّ.
[1] تصحفت نسبته في المطبوع إلى «الكناني» وهو عبد العزيز بن أحمد
التميمي الدمشقي، أبو محمد الكتّاني المتوفي سنة (466) وسوف ترد ترجمته
في المجلد الخامس إن شاء الله تعالى.
[2] انظر «ميزان الاعتدال» للحافظ الذهبي (4/ 57) و «لسان الميزان»
للحافظ ابن حجر (5/ 411) .
(4/280)
سنة أربع وخمسين
وثلاثمائة
فيها بنى الدّمستق نقفور مدينة بالرّوم، وسمّاها قيساريّة، وقيل:
قيصريّة [1] ، وسكنها [ليغير كل وقت] [2] ، وجعل أباه بالقسطنطينيّة،
فبعث إليه أهل طرسوس، والمصّيصة يخضعون له، ويسألونه أن يقبل منهم
القطيعة كل سنة، وينفذ إليهم نائبا له عليهم، فأجابهم، ثم علم ضعفهم
وشدّة القحط عليهم، وأن أحدا لا ينجدهم، وأن كلّ يوم يخرج من طرسوس
ثلاثمائة جنازة، فرجع عن الإجابة، وخاف إن تركهم حتّى تستقيم أحوالهم
أن يمتنعوا عليه، فأحرق الكتاب على رأس الرسول، فاحترقت لحيته، وقال:
امض، ما عندي إلّا السيف، ثم نازل المصّيصة، فأخذها بالسيف واستباحها،
ثم فتح طرسوس بالأمان، وجعل جامعها اصطبلا لخيله، وحصّن البلدين
وشحنهما [3] بالرجال.
وفيها توفي أبو بكر بن الحدّاد، وهو أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن عطية
البغدادي المصري [4] . مات بديار مصر. روى عن أحمد بن محمد بن يحيى بن
حمزة، وبكر بن سهل الدمياطي وطبقتهما.
__________
[1] قلت: وذلك ما جزم به الذهبي في «دول الإسلام» (1/ 220) .
[2] ما بين حاصرتين سقط من الأصل والمطبوع واستدركته من «العبر» و «دول
الإسلام» .
[3] في «العبر» (2/ 305) : «وحصن البلد وشحنها» ، وانظر «دول الإسلام»
فقد جاءت العبارة فيه كما في كتابنا.
[4] في الأصل والمطبوع: «البغدادي المصري البغدادي» وهو خطأ من النّساخ
والصواب
(4/281)
وفيها المتنّبيّ، شاعر العصر، أبو الطيب،
أحمد بن الحسين بن الحسن الجعفيّ الكوفيّ، في رمضان، بين شيراز
والعراق، وله إحدى وخمسون سنة.
قال في «العبر» [1] : وليس في العالم [أحد] أشعر منه أبدا، وأمّا مثله
فقليل.
وقال ابن الأهدل: قدم الشام في صباه، واشتغل بفنون الأدب [2] ، ومهر
فيها، وتضلع من علم اللغة. قال له أبو علي الفارسي، صاحب «الإيضاح» و
«التكملة» : كم لنا من الجموع على وزن فعلى؟ فقال له: المتنّبيّ سريعا:
حجلى وظربى، قال الفارسي: ففتشت كتب اللغة ثلاث ليال، فلم أجد لهما
ثالثا. حجلى جمع حجل، وهو الطائر المسمى بالقبج، وظربى جمع ظربان،
كقطران، وهي دابة منتنة الرائحة.
ومن الناس كثير يرجحون المتنبي على أبي تمام. ومن بعده. ورزق سعادة في
شعره، واعتنى العلماء بديوانه فشرحوه أكثر من أربعين شرحا.
مدح جماعة من الملوك، ووصله ابن العميد بثلاثين ألفا، وأتاه من عضد
الدولة صاحب شيراز مثلها.
وسمي المتنّبيّ لأنه ادّعى النبوّة في بادية السماوة، وتبعه خلق كثير
من كلب وأخرج [إليه] [3] لؤلؤ أمير حمص نائب الإخشيذية فأسره واستتابه،
وتفرّق أصحابه، وكان كافور الإخشيذي يقول لما هجاه: من ادّعى النبوّة،
أما يدعي الملك.
__________
ما أثبته، وإنما نسب إلى مصر لسكنه «تنّيس» . انظر «سير أعلام النبلاء»
(16/ 80) و «العبر (2/ 305 306) .
[1] (2/ 306) .
[2] في المطبوع: «في فنون الأدب» .
[3] لم ترد في الأصل وأثبتها من المطبوع.
(4/282)
وكان العلماء يحضرون مجلس سيف الدولة،
ويتناظرون كل ليلة، فوقع بين المتنبي وابن خالويه ليلة كلام، فوثب ابن
خالويه على المتنبي، فضرب وجهه بمفتاح فشجّه، فخرج ودمه يسيل على وجهه،
فغضب وخرج إلى كافور، فلما صدر منه قصد بلاد فارس بالمشرق، ومدح عضد
الدولة الديلمي، فأجزل جائزته، فلما رجع من عنده عرض له فاتك بن أبي
جهل، فقتل المتنبيّ، وابنه محسّد، وغلامه مفلح بالقرب من النّعمانية
على ميلين من دير العاقول.
ثم رأى المتنبيّ [1] الغلبة ففرّ، فقال له الغلام: لا يتحدث عنك بفرار
وأنت القائل:
الخيل واللّيل والبيداء تعرفني ... والطّعن والضّرب والقرطاس والقلم
فكرّ راجعا فقتل.
ويحكى أن المعتضد صاحب قرطبة أنشد يوما بيت المتنبي:
إذا ظفرت منك العيون بنظرة ... أثاب بها معيي المطيّ ورازمه [2]
وجعل يردده فأنشده ابن وهبون الأندلسي بديها:
لئن جاد شعر ابن الحسين فإنما ... تجيد العطايا واللها تفتح اللها
تنبّأ عجبا بالقريض ولو درى ... بأنك تروى شعره لتألّها
أي لادّعى الألوهية. انتهى ما أورده ابن الأهدل.
__________
[1] تنبيه: كذا الأصل والمطبوع وهو نص مقطوع مضطرب لا ينسجم مع ما جاء
قبله، ولقد ساق هذه الرواية ابن خلّكان في «وفيات الأعيان» (1/ 123)
نقلا عن كتاب «العمدة» لابن رشيق (1/ 45) وهي عنده على النحو التالي:
وذكر ابن رشيق في كتاب «العمدة» في باب منافع الشعر ومضاره، أن أبا
الطيب لما فرّ، حين رأى الغلبة، قال له غلامه ... إلخ.
[2] لفظ البيت في الأصل والمطبوع:
إذا ظفرت منك العيون بنظرة ... أبان لها معنى المطي ورازمه
وما أثبته من «نفح الطيب» للتلمساني (3/ 194) و «وفيات الأعيان» (1/
124) .
(4/283)
وروى له الشيخ تاج الدّين الكندي [1]
بالسند الصحيح بيتين لا يوجدان في «ديوانه» وهما:
أبعين مفتقر إليك نظرتني ... فأهنتني وقذفتني من حالق
لست الملوم أنا الملوم لأنني ... أنزلت آمالي بغير الخالق
ولما كان بمصر مرض، وكان له صديق يغشاه في علّته، فلما شفي، انقطع عنه،
فكتب إليه: وصلتني وصلك الله معتّلا وقطعتني مبلّا فإن رأيت أن لا
تحبّب العلة إليّ، ولا تكدر الصحة عليّ فعلت، إن شاء الله تعالى.
وقال الناميّ الشاعر: كان قد بقي من الشعر زاوية دخلها المتنبي، وكنت
أشتهي أن أكون قد سبقته إلى معنيين قالهما، ما سبق إليهما، أحدهما
قوله:
رماني الدّهر بالأرزاء حتّى ... فؤادي في غشاء من نبال
فصرت إذا أصابتني سهام ... تكسّرت النّصال على النّصال
والآخر قوله:
في جحفل ستر العيون غباره ... فكأنما يبصرن بالآذان
وقال أبو الفتح بن جني النحوي: قرأت ديوان أبي الطيب عليه، فلما بلغت
قوله في كافور القصيدة التي أولها:
أغالب فيك الشوق والشوق أغلب ... وأعجب من ذا الهجر والوصل أعجب
حتّى بلغت إلى قوله:
ألا ليت شعري هل أقول قصيدة ... ولا أشتكي فيها ولا أتعتّب
وبي ما يذود الشعر عني أقلّه ... ولكنّ قلبي يا ابنة القوم قلّب
__________
[1] قلت: والمؤلف ينقل هذا النقل عن «وفيات الأعيان» (1/ 121) .
(4/284)
فقلت: يعزّ عليّ، أن يكون [1] هذا الشعر في
مدح [2] غير سيف الدولة؟
فقال: حذرناه وأندرناه، فما نفع. ألست القائل فيه؟:
أخا الجود أعط النّاس ما أنت مالك ... ولا تعطينّ الناس ما أنا قائل
فهو الذي أعطاني كافورا بسوء تدبيره وقلة تمييزه.
مولد المتنبي بالكوفة في سنة ثلاث وثلاثمائة في محلة تسمى كندة، فنسب
إليها، وليس هو من كندة التي هي قبيلة، بل هو جعفي القبيلة من مذحج،
وقتل يوم الأربعاء لست بقين، أو ليلتين بقيتا، وقيل يوم الاثنين، لثمان
بقين من شهر رمضان.
وفيها العالم الحبر والعلّامة البحر، أبو حاتم محمد بن حبّان بن أحمد
بن حبّان بن معاذ التّميمي البستي الشافعي، صاحب «الصحيح» كان حافظا
ثبتا إماما حجة، أحد أوعية العلم، صاحب التصانيف. سمع أبا خليفة
الجمحي، والنسائي وطبقتهما، ومنه الحاكم وطبقته، واشتغل بخراسان،
والشام، والعراق، ومصر، والجزيرة. وكان من أوعية العلم في الحديث،
والفقه، واللغة، والوعظ، وغير ذلك. حتّى الطب، والنجوم، والكلام. ولي
قضاء سمرقند، ثم قضاء نساء، وغاب دهرا عن وطنه، ثم ردّ إلى بست، وتوفي
بها في شوال، وهو في عشر الثمانين.
قال الخطيب [3] : كان ثقة نبيلا.
وقال ابن ناصر الدّين: له أوهام أنكرت، فطعن عليه بهفوة منه بدرت ولها
محمل لو قبلت.
وقال الإسنوي [4] : أبو حاتم محمد بن حبّان- بكسر الحاء المهملة،
__________
[1] في «وفيات الأعيان» : «كيف يكون» .
[2] في «وفيات الأعيان» : «في ممدوح» .
[3] انظر «سير أعلام النبلاء» (16/ 94) وفيه: كان ثقة، نبيلا، فهما.
[4] انظر «طبقات الشافعية» له (1/ 418- 419) المطبوع ببغداد بتحقيق
الأستاذ عبد الله الجبوري.
(4/285)
بعدها باء موحدة، البستي، بباء موحدة
مضمومة وسين مهملة ساكنة، وبالتاء بنقطتين من فوق- الإمام الحافظ،
مصنّف «الصحيح» وغيره.
رحل إلى الآفاق. كان من أوعية العلم، لغة، وحديثا، وفقها، ووعظا، ومن
عقلاء الرجال. قاله الحاكم.
وقال ابن السمعاني: كان إمام عصره، تولى قضاء سمرقند مدة، وتفقه به
الناس، ثم عاد إلى نيسابور، وبنى بها خانقاه، ثم رجع إلى وطنه، وانتصب
بها لسماع مصنفاته، إلى أن توفي ليلة الجمعة لثمان بقين من شوال. انتهى
ما أورده الإسنويّ.
قلت: وأكثر نقّاد الحديث على أن «صحيحه» أصحّ من «سنن ابن ماجة» والله
أعلم.
وفيها أبو بكر بن مقسم المقرئ، محمد بن الحسن بن يعقوب بن مقسم
البغدادي العطّار، وله تسع وثمانون سنة. قرأ على إدريس الحداد، وسمع من
أبي مسلم الكجّي وطائفة، وتصدّر للإقراء دهرا. وكان علّامة في نحو
الكوفيين. سمع من ثعلب «أماليه» وصنّف عدة تصانيف، وله قراءة معروفة
منكرة، خالف فيها الإجماع، وقد وثّقه الخطيب [1] .
وفيها أبو بكر الشافعي، محمد بن عبد الله بن إبراهيم البغدادي البزّاز،
صاحب «الغيلانيات» في ذي الحجة، وله خمس وتسعون سنة، وهو صاحب
«الغيلانيات» . وابن غيلان آخر من روى عنه تلك الأجزاء، التي هي في
السماء علوّا. روى عن موسى بن سهل الوشاء، ومحمد بن شدّاد المسمعي،
وابن أبي الدّنيا، وأكثر. وعنه: الدارقطني، وعمر بن شاهين، وأبو طالب
بن غيلان، وخلق.
قال الخطيب: كان ثقة ثبتا [كثير الحديث] حسن التصنيف.
__________
[1] انظر «تاريخ بغداد» (2/ 206) .
(4/286)
وقال الدارقطني [1] : هو الثّقة المأمون،
الذي لم يغمز بحال.
وقال الخطيب أيضا [2] : لما منعت الدّيلم الناس من ذكر فضائل الصحابة،
وكتبوا السبّ على أبواب المساجد، كان يتعمد إملاء أحاديث الفضائل في
الجامع، والله أعلم.
__________
[1] انظر «سير أعلام النبلاء» (16/ 42) .
[2] انظر «تاريخ بغداد» (5/ 456- 457) وقد نقل المؤلف كلامه بتصرّف
تبعا للذهبي في «العبر» (2/ 307) .
(4/287)
سنة خمس وخمسين
وثلاثمائة
فيها أخذت بنو سليم ركب مصر والشام، وتمزقوا في البراري.
وفيها توفي الحافظ أبو بكر الجعابي، محمد بن عمر بن أحمد بن سلم
التميمي البغدادي. سمع يوسف بن يعقوب القاضي، ومحمد بن الحسن بن سماعة
وطبقتهما، ومنه الدارقطني، وابن شاهين، وأبو عبد الله الحاكم، وكان
حافظا مكثرا، وصنّف الكتب، وتوفي في رجب، وله اثنتان وسبعون سنة. وكان
عديم المثل في حفظه.
قال القاضي أبو عمر الهاشمي: سمعت الجعابي يقول: أحفظ أربعمائة ألف
حديث، وأذاكر ستمائة ألف حديث.
قال الدارقطني: ثم خلّط، ثم ذكر أنه كان شيعيا [1] . قيل: كان يترك
الصلاة، نسأل الله العفو.
وقال ابن ناصر الدّين: كان شيعيا، رمي بالشرب وغيره.
وقال ابن بردس [2] : كان حافظا مكثرا، غير أنه اتهم بقلة الدّين من ترك
الصلاة، وليس هذا موضع ذكره، لأن فيه كلاما كثيرا يضيق هذا الموضع عنه.
انتهى.
__________
[1] في الأصل والمطبوع: «ثم ذكر وهو شيعي» وما أثبته من «العبر» .
[2] تحرّف في الأصل إلى: «ابن برداس» وأثبت ما في المطبوع وهو الصواب.
(4/288)
وقال في «المغني» [1] : مشهور، محقق، لكنه
رقيق الدّين، تالف.
وفيها أبو الحكم، منذر بن سعيد البلّوطي، قاضي الجماعة بقرطبة.
سمع من عبيد الله بن يحيى اللّيثي، وكان ظاهريّ المذهب، فطنا، مناظرا،
ذكيا، بليغا، مفوّها، شاعرا كثير التصانيف. قوّالا بالحق، ناصحا للخلق،
عزيز المثل، له الخطب المفحمة الخالصة، الخارجة من قلب مخلص سليم، عاش
اثنتين وثمانين سنة.
وفيها ابن علّان، أبو الحسن، علي بن الحسن بن علّان الحرّاني [2] ،
الحافظ العالم، محدّث حرّان. روى عن أبي يعلى الموصلي وطبقته، وعنه أبو
عبد الله بن مندة، وتمام الرّازي وآخرون، وكان ثقة نبيلا.
وفيها محمد بن الحسن بن الحسين بن منصور، الحافظ الإمام، أبو الحسن،
النيسابوري التاجر. روى عن محمد بن إبراهيم البوشنجي وخلق، وحدّث عنه
أبوه وعمه، وأثنى عليه خلق، وهو من الثقات.
وفيها محمد بن معمر بن ناصح، أبو مسلم الذّهلي الأديب، بأصبهان. روى عن
أبي بكر بن أبي عاصم، وأبي شعيب الحرّاني وطائفة.
__________
[1] (2/ 620) .
[2] انظر «سير أعلام النبلاء» (16/ 20- 21) .
(4/289)
|