شذرات الذهب في أخبار من ذهب
سنة إحدى وأربعين
وأربعمائة
فيها توفي أبو علي أحمد بن عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بن أبي نصر
التميمي الدمشقي المعدّل، أحد الأكابر بدمشق. روى عن يوسف الميانجي
وجماعة.
وفيها أبو الحسن العتيقي أحمد بن محمد بن أحمد البغدادي التاجر السفّار
المحدّث. روى عن علي بن محمد بن سعيد الرزّاز [1] ، وإسحاق بن سعد
النّسوي، وطبقتهما، وجمع، وخرّج على الصحيحين، وكان ثقة فهما، توفي في
صفر.
وفيها أبو العبّاس البرمكي، أحمد بن عمر بن أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل
الحنبلي. سمع أبا حفص بن شاهين وأبا القاسم بن حبابة.
قال الخطيب [2] : كتبت عنه وكان صدوقا، سألته عن مولده، فقال:
في ذي الحجة سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة، ومات في ليلة الخميس الثالث
والعشرين من جمادى الآخرة، ودفن في مقبرة إمامنا أحمد، وصحب أباه، وقرأ
على أبي عبد الله بن حامد [3] .
__________
[1] تحرّفت في «آ» إلى «الرازي» .
[2] انظر «تاريخ بغداد» (4/ 295- 296) .
[3] انظر «المنهج الأحمد» (2/ 124) .
(5/183)
وفيها أبو الحسن أحمد بن المظفر بن أحمد بن
مزداد [1] الواسطي العطّار، راوي «مسند» مسدّد عن ابن السقا، توفي في
شعبان.
وفيها أبو القاسم الإفليلي- وإفليل [2] قرية بالشام- ثم القرطبي
إبراهيم بن محمد بن زكريا الزّهري الوقّاصي، توفي في ذي القعدة بقرطبة،
وله تسع وثمانون سنة. روى عن أبي عيسى اللّيثي، وأبي بكر الزّبيدي،
وطائفة، وولي الوزارة لبعض أمراء الأندلس وكان رأسا في اللغة والشعر،
أخباريا، علّامة، صادق اللهجة، حسن الغيب، صافي الضمير، عني بكتب جمّة،
وشرح «ديوان المتنبي» شرحا جيدا، وهو مشهور.
وفيها أبو الحسن بن سختام، الفقيه علي بن إبراهيم بن نصرويه بن سختام
بن هرثمة الغزني [3] الحنفي السمرقندي المفتي. رحل ليحجّ، وحدّث ببغداد
ودمشق، عن أبيه، ومحمد بن أحمد بن متّ الإشتيخني، وجماعة، وحدّث في هذا
العام، وتوفي فيه أو بعده في عشر الثمانين.
وفيها ابن حمّصة، أبو الحسن علي بن عمر الحرّاني ثم المصري الصوّاف،
عنده مجلس واحد عن حمزة الكتّاني، يعرف بمجلس البطاقة، توفي في رجب.
قاله في «العبر» [4] .
وفيها قرواش بن مقلّد بن المسيّب، الأمير أبو المنيع، معتمد الدولة
__________
[1] في «العبر» : «ابن يزداد» .
[2] قال الحميري في «الروض المعطار» ص (50) : إفليل: مدينة برأس عين من
أرض الجزيرة ما بين دجلة والموصل، منها أبو القاسم إبراهيم بن محمد
الإفليلي، وفي «معجم البلدان» (1/ 232) «إفليلاء» وقال ياقوت: قال ابن
بشكوال: إفليلاء: قرية من قرى الشام ينسب إليها أبو القاسم إبراهيم بن
محمد بن زكريا بن مفرّج بن يحيى بن زياد بن عبد الله بن خالد بن سعد بن
أبي وقاص. انظر «الصلة» لابن بشكوال (1/ 93) .
[3] كذا في «آ» و «ط» : «الغزني» وفي «سير أعلام النبلاء» (17/ 604) :
«الغزّي» وانظر التعليق عليه.
[4] (3/ 198) .
(5/184)
العقيلي، صاحب الموصل. كانت دولته خمسين
سنة، وكان أديبا شاعرا نهّابا وهّابا، على دين الأعراب وجاهليتهم
وتقدّم الكلام عليه [1] .
وفيها أبو الفضل السعدي، محمد بن أحمد بن عيسى البغدادي الفقيه
الشافعي، تلميذ أبي حامد الإسفراييني، وراوي «معجم الصحابة» للبغوي عن
ابن بطّة، توفي في شعبان، وقد روى عن جماعة كثيرة بالعراق، والشام،
ومصر.
وفيها أبو عبد الله الصّوري، محمد بن علي بن عبد الله بن رحيم الساحلي
الحافظ، أحمد أركان الحديث، توفي ببغداد في جمادى الآخرة، وقد نيّف على
الستين. روى عن ابن جميع، والحافظ عبد الغني المصري [2] ولزمه مدة،
وأكثر عن المصريين والشاميين، ثم رحل إلى بغداد، فلقي بها ابن مخلد
صاحب الصفّار وهذه الطبقة.
قال الخطيب [3] : كان من أحرص الناس على الحديث، وأكثرهم كتبا له،
وأحسنهم معرفة [به] ، لم يقدم علينا [من الغرباء الذين لقيتهم] أفهم
منه، وكان دقيق الخط [صحيح النقل] يكتب ثمانين سطرا في ثم الكاغذ
الخراساني، وكان يسرد الصوم [ولا يفطر إلّا يومي العيدين، وأيام
التشريق] .
وقال أبو الوليد الباجي: هو أحفظ من رأيناه.
وقال أبو الحسين بن الطيوري: ما رأيت أحفظ من الصّوري، وكان بفرد عين،
وكان متفننا يعرف من كل علم، وقوله حجّة، وعنه أخذ الخطيب علم الحديث.
وله شعر فائق.
وقال ابن ناصر الدّين [4] : كان آية في الإتقان، مع حسن خلق ومزاح
__________
[1] انظر المجلد الرابع حوادث سنة (391) ص (490- 492) من هذا المجلد.
[2] يعني الحافظ عبد الغني بن سعيد الأزدي المصري المتوفى سنة (409)
وقد تقدمت ترجمته انظر ص (54) .
[3] انظر «تاريخ بغداد» (3/ 103) وما بين حاصرتين زيادة منه.
[4] في «التبيان شرح بديعة البيان» (1489/ آ) .
(5/185)
مع الطالبين، وكان خطه دقيقا مع التحرير
والمعرفة الزائدة. كتب «صحيح البخاري» في سبعة أطباق من الورق
البغدادي.
وفيها السلطان مودود، صاحب غزنة، ابن السلطان مسعود بن محمود بن
سبكتكين، وكانت دولته عشر سنين، ومات في رجب، وله تسع وعشرون سنة.
وأقاموا بعده ولده وهو صبي صغير، ثم خلعوه.
(5/186)
سنة اثنتين وأربعين
وأربعمائة
فيها عيّن ابن النّسوي لشرطة بغداد، فاتفقت الكلمة من [1] السّنّة
والشيعة، أنّه متى ولي نزحوا عن البلد، ووقع الصلح بهذا السبب بين
الفريقين، وصار أهل الكرخ يترحمون على الصحابة، وصلّوا في مساجد
السّنّة، وخرجوا كلهم إلى زيارة المشاهد، وتحابّوا وتواددوا [2] ، وهذا
شيء لم يعهد من دهر. قاله في «العبر» [3] .
وفيها أبو الحسين التُّوزيّ [4] أحمد بن علي البغدادي المحتسب.
روى عن ابن لؤلؤ وطبقته، وكان ثقة صاحب حديث.
وفيها الملك العزيز أبو منصور بن الملك جلال الدولة بن بويه، توفي
بظاهر ميّافارقين، وكانت مدته سبع سنين، وكان أديبا فاضلا له شعر حسن.
وفيها أبو الحسن بن القزويني، علي بن عمر الحربي، الزاهد القدوة، شيخ
العراق. روى عن أبي عمر بن حيّويه وطبقته.
__________
[1] في «العبر» : «في» .
[2] في «العبر» : «وتوادّوا» .
[3] (3/ 201) .
[4] في «آ» و «ط» : «الثوري» وهو خطأ، والتصحيح من «تاريخ بغداد» (4/
324) و «الأنساب» (3/ 104) و «العبر» (3/ 201) .
(5/187)
قال الخطيب [1] : كان أحمد الزهاد، ومن
عباد الله الصالحين، يقرئ ويحدّث، ولا يخرج [من بيته] إلّا إلى الصلاة،
وعاش اثنتين وثمانين سنة، توفي في شعبان، وغلّقت جميع بغداد يوم دفنه،
ولم أر جمعا أعظم من ذلك الجمع.
وقال المناوي في «طبقات الأولياء» : أخذ النحو عن ابن جنّي، وكان
شافعيا، تفقّه على الدّاركي، وسمع حديثا كثيرا، ومن كراماته أنّه سمع
الشاة تذكر الله تعالى، تقول: لا إله إلّا الله، وكان يتوضأ للعصر،
فقال لجماعته:
لا تخرج هذه الشاة غدا للمرعى، فأصبحت ميتة.
وقال بعضهم: مضيت لزيارة قبره، فحصل ما يذكر الناس عنه من الكرامات،
فقلت: ترى أيش منزلته عند الله، وعلى قبره مصحف، ففتحته، فإذا في أول
ورقة منه وَجِيهاً في الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ 3: 45 [آل عمران: 3] .
وقال الماوردي: صلّيت خلفه، وعليه ثوب مطرز، فقلت في قلبي:
أين المطرز من الزهد، فلما قضى صلاته قال: سبحان الله، المطرز لا ينقص
أحكام الزهد، وكرره ثلاثا.
وقال ابن هبة: صليت خلفه العشاء بالحربية، فخرج وأنا معه بالقنديل بين
يديه، فإذا أنا بموضع أطواف به مع جماعة، ثم عدنا إلى الحربية قبل
الفجر، فأقسمت عليه أين كنّا قال: إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا
عَلَيْهِ 43: 59 [الزّخرف: 59] ذلك البيت الحرام، وله حكايات كثيرة تدل
على أن الله أكرمه بطيّ الأرض.
وقال ابن الدلّال: كنت أقرأ على ابن فضلان، فقال- وقد جرى ذكر كرامات
القزويني-: لا تعتقد أنّ أحدا يعلم ما في قلبك، فخرجت فدخلت
__________
[1] انظر «تاريخ بغداد» (12/ 43) وقد نقل المؤلف كلامه عن «العبر»
للذهبي وهو بدوره نقل عن «تاريخ بغداد» بتصرف، وما بين حاصرتين زيادة
منه.
(5/188)
على القزويني، فقال: سبحان الله مقاومة
معارضة. روي عن المصطفى [صلّى الله عليه وسلّم] أنه قال: «إنّ تحت
العرش ريحا هفّافة تهبّ إلى قلوب العارفين» [1] . وروى عنه [صلّى الله
عليه وسلّم] : « [قد] كان فيمن مضى قبلكم محدّثون، فإن يكن في أمتي
[أحد] فعمر» [2] . وقال بعضهم: أصابتني ريح المفاصل، حتّى زمنت لأجلها،
فأمرّ القزوينيّ يده عليها من وراء كمّه، فقمت من ساعتي معافي.
وقال ابن طاهر: أدركت سفرا وكنت خائفا، فدخلت للقزويني أسأله الدعاء،
فقال- قبل أن أسأله-: من أراد سفرا ففزع من عدو أو وحش، فليقرأ
لِإِيلافِ قُرَيْشٍ 106: 1 [قريش: 1] فإنها أمان من كل سوء [3] ،
فقرأتها، فلم يعرض لي عارض حتّى الآن.
ولما مات أغلقت البلد لمشهده، ولم ير في الإسلام بعد جنازة أحمد بن
حنبل أعظم من جنازته. انتهى ما أورده الشيخ عبد الرؤوف المناوي ملخصا.
وفيها أبو القاسم الثمانيني- بلفظ العدد، نسبة إلى ثمانين، قرية
بالموصل، وهي أول قرية بنيت بعد الطوفان، سمّيت بعدد الجماعة الذين
خرجوا من السفينة مع نوح عليه السلام، فإنهم كانوا ثمانين، وهي عند
الجبل الجودي- عمر بن ثابت الضرير النحوي، أحد أئمة العربية بالعراق.
أخذ النحو عن أبي الفتح بن جنّي، وأخذ عنه الشريف أبو المعمر يحيى بن
__________
[1] ذكره السبكي في «طبقات الشافعية الكبرى» (5/ 264) مرفوعا إلى
النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ولم ينسبه لأحد من أصحاب المصادر.
[2] حديث صحيح تقدم تخريجه في المجلد الأول ص (177) فراجعه.
[3] قلت: أراد- رحمة الله تعالى- قرّاء السورة كلها، لأن قوله تعالى في
آخرها: فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ، الَّذِي أَطْعَمَهُمْ من
جُوعٍ وَآمَنَهُمْ من خَوْفٍ 106: 3- 4 هو بيت القصيد من وصيته، والله
أعلم.
(5/189)
محمد بن طباطبا العلوي الحسني، وكان هو
وأبو القاسم بن برهان والعوّام يقرؤون على الثمانيني، وتوفي في ذي
القعدة. انتهى ملخصا.
وفيها محمد بن عبد الواحد بن زوج الحرّة، أبو الحسن أخو أبي يعلى، وأبي
عبد الله، وكان أوسط الثلاثة. روى عن ابن لؤلؤ وطائفة.
وفيها أبو طاهر بن العلّاف، محمد بن علي بن محمد البغدادي الواعظ. روى
عن القطيعي وجماعة، وكان نبيلا وقورا [1] ، له حلقة للعلم بجامع
المنصور.
__________
[1] لفظة: «وقورا» سقطت من «آ» وأثبتها من «ط» و «العبر» .
(5/190)
سنة ثلاث وأربعين
وأربعمائة
فيها على ما قاله في «الشذور» ظهر كوكب له ذؤابة، غلب نوره على نور
الشمس، وسار سيرا بطيئا، ثم انقضّ.
وفيها كما قال في «العبر» [1] في صفر زال الأنس بين السّنّة والشيعة،
وعادوا إلى أشدّ ما كانوا عليه، وأحكم [2] الرافضة سوق الكرخ، وكتبوا
على الأبراج: محمد وعليّ خير البشر، فمن رضي فقد شكر، ومن أبي فقد كفر.
واضطرمت [3] الفتنة، وأخذت ثياب الناس في الطرق، وغلّقت الأسواق،
واجتمع للسّنّة جمع لم ير مثله، وهجموا [على] [4] دار الخلافة، فوعدوا
بالخير، وثار أهل الكرخ، والتقى الجمعان، وقتل جماعة، [ونهب باب
التّبن] [5] ونبشت عدّة قبول للشيعة [وأحرقوا] [5] ، مثل العوني،
والناشي [6] ، والجذوعي، وطرحوا النيران في التّرب [7] ، وتم على
الرافضة خزي عظيم،
__________
[1] (3/ 203) .
[2] تحرّفت في «ط» إلى «وأحكموا» .
[3] في «آ» : «واضطربت» .
[4] لفظة «على» سقطت من «آ» و «ط» واستدركتها من «العبر» .
[5] ما بين حاصرتين سقط من «آ» و «ط» واستدركته من «العبر» .
[6] في «آ» و «ط» : «الناسي» بالسين وهو تصحيف، والتصحيح من العبر»
وانظر «المنتظم» لابن الجوزي (8/ 150) .
[7] في «آ» و «ط» : «في التراب» وما أثبته من «العبر» وانظر «المنتظم»
.
(5/191)
فعمدوا إلى خان الحنفية فأحرقوه، وقتلوا
مدرّسهم أبا سعد [1] السرخسي رحمه الله.
وقال الوزير: إن وأخذنا الكلّ خربت البلد. انتهى.
وفيها توفي أبو علي الشّاموخي [2]- بضم الميم وخاء معجمة، نسبة إلى
شاموخ قرية بنواحي البصرة- الحسن بن علي المقرئ بالبصرة، وله جزء
مشهور، روى فيه عن أحمد بن محمد بن العبّاس صاحب أبي خليفة.
وفيها علي بن شجاع الشيباني أبو الحسن المصقلي- بفتح أوله والقاف، نسبة
إلى مصقلة [3] جدّ- الأصبهاني الصوفي، في ربيع الأول.
روى عن الدّارقطني وطبقته، وأسمع ولديه كثيرا.
وفيها أبو القاسم الفارسي، علي بن محمد بن علي، مسند الدّيار المصرية.
أكثر عن أحمد بن الناصح، والذهلي، وابن رشيق، وتوفي في شوال.
وفيها محمد بن عبد السلام بن سعدان، أبو عبد الله الدّمشقي. روى عن
[جمح بن القاسم، وأبي عمر بن فضالة، وجماعة، وتوفي يوم عرفة وعنده ستة
أجزاء.
وفيها أبو الحسن بن] [4] صخر الأزدي القاضي، محمد بن علي بن محمد
البصري، بزبيد، في جمادى الآخرة، عن سن عالية. أملى مجالس كثيرة عن
أحمد بن جعفر وخلق.
__________
[1] في «آ» : «أبو سعيد» وأثبت لفظ «ط» و «العبر» .
[2] انظر «غاية النهاية في طبقات القرّاء» لابن الجزري (1/ 226) .
[3] بلد بصقلية. انظر «معجم البلدان» (5/ 143) .
[4] ما بين حاصرتين سقط من «آ» وأثبته من «ط» و «العبر» .
(5/192)
سنة أربع وأربعين
وأربعمائة
فيها كما قال في «الشذور» كانت بأرّجان، والأهواز، وتلك النواحي زلازل،
انقلعت منها الحيطان، فحكى من يعتمد على قوله، أنه كان قاعدا في إيوان
داره، فانفرج حتّى رأى السماء من وسطه، ثم رجع إلى حاله.
وفيها توفي أبو غانم الكراعي، أحمد بن علي بن الحسين [المروزيّ. روى عن
أبي العبّاس عبد الله بن الحسين] [1] النّضري، صاحب الحارث بن أبي
أسامة، وكان حافظ خراسان ومسندها في وقته، وآخر من روى عنه حفيده.
وفيها أبو علي بن المذهّب، الحسن بن علي بن محمد التميمي البغدادي
الواعظ، راوية «المسند» لأحمد.
قال الخطيب [2] : كان سماعه للمسند من القطيعي صحيحا إلّا في أجزاء،
فإنه ألحق اسمه فيها، وعاش تسعا وثمانين سنة.
قال ابن نقطة [3] : لو بيّن الخطيب في أيّ مسند هي لأتى بالفائدة.
__________
[1] ما بين حاصرتين سقط من «آ» و «ط» واستدركته من «العبر» (3/ 207) .
[2] انظر «تاريخ بغداد» (7/ 390) .
[3] يغلب على الظن أن ابن نقطة قال كلامه هذا في كتاب «الاستدراك» وهو
كتاب قيّم، يقوم بتحقيقه الدكتور عبد القيوم عبد رب النّبي، ويجري طبعه
في السعودية بجامعة أم القرى.
(5/193)
وقال الذهبي [1] : توفي في تاسع عشري ربيع
الآخر.
وفيها رشأ [2] بن نظيف ابن ما شاء الله، أبو الحسن الدمشقي المقرئ
المحدّث. قرأ بدمشق، ومصر، وبغداد بالروايات، وروى عن أبي مسلم الكاتب،
وعبد الوهّاب الكلابي، وطبقتهما.
قال الكتّاني: توفي في المحرم، وكان ثقة مأمونا، انتهت إليه الرئاسة في
قراءة ابن عامر.
وفيها المحدّث أبو القاسم الأزجي، عبد العزيز بن علي الخيّاط.
روى عن ابن عبيد [3] العسكري، وعلي بن لؤلؤ وطبقتهما، فأكثر، توفي في
شعبان، وله ثمان وثمانون سنة، وكان صاحب حديث وسنّة.
وفيها أبو نصر السجزي- نسبة إلى سجستان- الحافظ عبيد الله بن سعيد بن
حاتم الوائلي البكري، نزيل مصر. توفي بمكة في المحرم، وكان متقنا
مكثرا، بصيرا بالحديث والسّنّة، واسع الرواية. رحل بعد الأربعمائة،
فسمع بخراسان، والعراق، والحجاز، ومصر. وروى عن الحاكم، وأبي أحمد
الفرضي، وطبقتهما.
قال الحافظ بن طاهر [4] : سألت الحبّال عن الصّوري، والسجزي
__________
[1] انظر «العبر» (3/ 207) .
[2] في «آ» و «العبر» : «ورشاء» وأثبت لفظ «ط» ، وانظر «معرفة القرّاء
الكبار» (1/ 401) .
[3] قلت: في «آ» : «عن أبي عبيد» وما جاء في «ط» موافق لما في «العبر»
ولكن يغلب على الظن أن ما جاء في «العبر» هو سبق قلم، فإن «ابن عبيد
العسكري» هو أبو عبد الله الحسين بن محمد بن عبيد ... الدقاق، المعروف
بابن العسكري كما في «الأنساب» (8/ 455) وهو غير الذي روى عنه المترجم،
وأن الصواب «عن أبي عبد الله» وهو الحسين بن علي بن العسكري كما جاء
مبيّنا في ترجمة المترجم في «الأنساب» (1/ 197) والله أعلم.
[4] انظر «الأنساب المتفقة» ص (164) وما بين حاصرتين مستدرك منه.
(5/194)
أيّهما [1] أحفظ؟ فقال: السجزي أحفظ من
خمسين [ومن ستين] مثل الصّوري، وله كتاب «الإبانة في القرآن» .
وفيها أبو عمرو الدّاني، عثمان بن سعيد القرطبي بن الصيرفي، الحافظ
المقرئ، أحد الأعلام، صاحب المصنفات الكثيرة، منها «التيسير» توفي
بدانية في شوال، وله ثلاث وسبعون سنة.
قال: ابتدأت بطلب العلم سنة ست وثمانين وثلاثمائة، ورحلت إلى الشمرق
سنة سبع وتسعين، فكتبت بالقيروان، ومصر.
قال الذهبي [2] : سمع من أبي مسلم الكاتب، وبمكّة من أحمد بن فراس،
وبالمغرب من أبي الحسن القابسي، وقرأ القراءات على عبد العزيز بن جعفر
الفارسي، وخلف بن خاقان، وطاهر بن غلبون، وجماعة.
وقال ابن بشكوال [3] : كان أحمد الأئمة في علم القرآن، روايته،
وتفسيره، ومعانيه، وطرقه، وإعرابه، وله معرفة بالحديث، وطرقه، ورجاله،
وكان جيد الضّبط، من أهل الحفظ [والعلم] والذكاء [والفهم] ، والتفنّن
[4] ، ديّنا، ورعا، سنّيا.
وقال غيره [5] : كان مجاب الدّعوة، مالكي المذهب.
وفيها أبو الفتح القرشي، ناصر بن الحسين العمري المروزي الشافعي، مفتي
أهل مرو، تفقّه على أبي بكر القفّال، وأبي الطيب
__________
[1] في «الأنساب المتفقة» : «أيّما» .
[2] انظر «العبر» (3/ 209) .
[3] انظر «الصلة» (2/ 406) وما بين حاصرتين زيادة منه.
[4] في «آ» و «ط» : «واليقين» وهو خطأ، والتصحيح من «العبر» مصدر
المؤلف في نقله.
[5] المقصود بقوله: «غيره» المغامي كما في «الصلة» .
(5/195)
الصّعلوكي، وروى عن أبي سعيد عبد الله
الرّازي، صاحب ابن الضّريس، وعبد الرحمن بن أبي شريح، وعليه تفقّه
البيهقي، وكان فقيرا، متعفّفا، متواضعا.
قال ابن شهبة [1] : صار عليه مدار الفتوى، والتدريس، والمناظرة، وصنّف
كتبا كثيرة. توفي بنيسابور في ذي القعدة.
__________
[1] انظر «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (1/ 250) .
(5/196)
سنة خمس وأربعين
وأربعمائة
فيها توفي تاج الأئمة، مقرئ الدّيار المصرية، أبو العبّاس، أحمد بن علي
بن هاشم المصري. قرأ على عمر بن عراك، وأبي عديّ، وجماعة، ثم رحل وقرأ
على أبي الحسن الحمامي، وتوفي في شوال في عشر التسعين.
قال السيوطي في «حسن المحاضرة» [1] : أقرأ الناس دهرا طويلا بمصر،
وحدّث عنه أبو عبد الله محمد بن أحمد الرّازي في مشيخته.
وفيها أبو إسحاق البرمكي، إبراهيم بن عمر البغدادي الحنبلي. روى عن
القطيعي، وابن ماسي، وطائفة.
قال الخطيب [2] : كان صدوقا، ديّنا، فقيها، على مذهب أحمد، له حلقة
للفتوى، توفي يوم التروية، وله أربع وثمانون سنة.
وقال ابن أبي يعلى في «طبقاته» [3] : له إجازة من أبي بكر عبد العزيز،
وصحب ابن بطة، وابن حامد.
قال إبراهيم البرمكي: أخبرنا علي بن عبد العزيز بن مردك، قال:
حدّثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم، قال: حدّثنا صالح بن أحمد بن حنبل،
قال- وذكره عنده، يعني [عند] أبيه رجل- فقال: يا بني، الفائز من فاز
غدا، ولم يكن لأحد عنده تبعة.
__________
[1] (1/ 493) .
[2] انظر «تاريخ بغداد» (6/ 139) .
[3] انظر «طبقات الحنابلة» (2/ 190- 191) .
(5/197)
ولد البرمكي في شهر رمضان سنة إحدى وستين
وثلاثمائة، وتوفي في ذي الحجة، ودفن في مقبرة إمامنا، وكانت حلقته
بجامع المنصور. انتهى ملخصا.
وفيها أبو سعد السمّان إسماعيل بن علي الرّازي الحافظ. سمع بالعراق،
ومكّة، ومصر، والشام، وروى عن المخلّص وطبقته.
قال الكتّاني: كان من الحفّاظ الكبار، زاهدا، عابدا، يذهب إلى
الاعتزال.
وقال الذهبي [1] : كان متبحّرا في العلوم، وهو القائل: من لم يكتب
الحديث، لم يتغرغر بحلاوة الإسلام، وله تصانيف كثيرة، يقال: إنه سمع من
ثلاثة آلاف شيخ، وكان رأسا في القراءات، والحديث، والفقه، بصيرا بمذهبي
أبي حنيفة، والشافعي، لكنه في رؤوس المعتزلة. انتهى كلام الذهبي [2] .
وفيها أبو طاهر الكاتب، محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الرحيم، مسند
أصبهان، وراوية أبي الشيخ، توفي في ربيع الآخر، وهو في عشر التسعين،
وكان ثقة، صاحب رحلة إلى أبي الفضل الزّهري وطبقته.
وفيها أبو عبد الله العلوي، محمد بن علي بن الحسن بن عبد الرحمن
الكوفي، مسند الكوفة، في ربيع الأول. روى عن البكّائي [3] وطائفة.
__________
[1] انظر «العبر» (3/ 211) وسير أعلام النبلاء 18/ 57.
[2] قلت: بل جاء في آخر كلام الذهبي: «وكان يقال: إنه ما رأى مثل نفسه»
.
[3] في «آ» و «ط» : «المكاي» وهو خطأ، والتصحيح من «العبر» (3/ 212) و
«سير أعلام النبلاء» (17/ 636) .
(5/198)
|