شذرات الذهب في أخبار من ذهب
سنة إحدى وتسعين
وأربعمائة
فيها خرج الفرنج في ألف ألف وحاصروا أنطاكية سبعة أشهر، وأخذوها [1]
عنوة، وخرج إليهم المسلمون وانكسروا، وتبعهم الفرنج إلى المعرّة،
وقتلوا، وفتكوا، وأقاموا بها، وقتلوا فيها مائة ألف مسلم، وبعد أربعين
يوما ساروا إلى حمص، فصالحهم أهلها، ثم توجهوا إلى القدس.
وفيها توفي أبو العبّاس أحمد بن عبد الغفّار بن أشته الأصبهاني.
روى عن علي بن ميلة، وأبي سعيد النقاش، وطائفة، وعاش اثنتين وثمانين
سنة.
وفيها سهل بن بشر، أبو الفرج الإسفراييني، ثم الدمشقي، الصّوفى
المحدّث. سمع بدمشق من ابن سلوان وطائفة، وبمصر من الطفّال وطبقته.
ولد ببسطام في سنة تسع وأربعمائة، ومات بدمشق في ربيع الأول.
وفيها أبو الفوارس، طرّاد بن محمد بن علي، النقيب الكامل، الهاشمي
العبّاسي الزّينبي البغدادي، نقيب النقباء، ومسند العراق. روى عن هلال
الحفّار، وابن رزقويه، وأبي نصر النّرسي، وجماعة، وأملى مجالس كثيرة،
وازدحموا عليه، ورحلوا إليه، وكان أعلى الناس منزلة عند الخليفة، توفي
في شوال، وله ثلاث وتسعون سنة.
__________
[1] في «آ» و «ط» : «وأخذوا» وما أثبته يقتضيه السياق.
(5/399)
وفيها أبو الحسن الكرجي [1] مكّي بن منصور
بن محمد بن علّان الرئيس [السّلّار] ، نائب [2] الكرخ ومعتمدها، توفي
بأصبهان في جمادى الأولى، عن بضع وتسعين سنة. رحل، وسمع من الحيري،
والصّيرفي، وأبي الحسين بن بشران، وجماعة، وكان محمود السيرة، وافر
الحرمة.
وفيها هبة الله بن عبد الرزاق، أبو الحسن الأنصاري البغدادي، رئيس،
جليل، خيّر، توفي في ربيع الآخر، عن تسع وثمانين سنة. روى عن هلال
وجماعة، وهو آخر من حدّث عن أبي الفضل عبد الواحد التميمي.
وفيها محمد بن الحسين بن محمد الجرمي أبو سعد المكّي، نزيل هراة، كان
إماما، حافظا، من العلماء، قدوة، معدودا من الأولياء.
قال ابن ناصر الدّين في «بديعته» :
محمد فتى الحسين الجرمي ... تم صلاح أمره الأشم
__________
[1] في «آ» و «ط» : «الكرخي» وهو تصحيف، والتصحيح من «العبر» (3/ 333)
و «سير أعلام النبلاء» (19/ 71) وما بين حاصرتين زيادة منهما.
[2] تحرفت في «آ» و «ط» إلى «باب» والتصحيح من «العبر» مصدر المؤلف.
(5/400)
سنة اثنتين وتسعين
وأربعمائة
فيها انتشرت دعوة الباطنية بأصبهان وأعمالها، وقويت شوكتهم، وأخذت
الفرنج بيت المقدس، بكرة الجمعة لسبع بقين من شعبان، بعد حصار شهر
ونصف.
قال ابن الأثير [1] : قتلت الفرنج بالمسجد الأقصى ما يزيد على سبعين
ألفا.
وقال ابن الجوزي في «الشذور» : أخذوا من عند الصخرة نيفا وأربعين
قنديلا فضة، كل قنديل وزنه ثلاثة آلاف وستمائة درهم، وأخذوا تنّور فضة
وزنه أربعون رطلا، وأخذوا نيفا وعشرين قنديلا من ذهب.
وفيها توفي أبو الحسين أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف البغدادي
اليوسفي. ثقة جليل القدر، روى عن ابن شاذان وطبقته، وتوفي في شعبان،
وله إحدى وثمانون سنة.
وفيها أبو القاسم الخليلي، أحمد بن [محمد] الدّهقان [2] ، عن مائة سنة
وسنة، حدّث ببلخ بمسند الهيثم بن كليب، عن أبي القاسم الخزاعي عنه،
وتوفي في صفر.
__________
[1] انظر «الكامل في التاريخ» (10/ 283) .
[2] تحرّفت في «ط» إلى «الداهقان» ولفظة «محمد» زيادة من «العبر» (3/
335) .
(5/401)
وفيها أبو تراب المراغي، عبد الباقي بن
يوسف، نزيل نيسابور.
قال السمعاني: عديم النظير في فنه، بهي النظر، سليم النفس، عامل بعلمه،
نفّاع للخلق، ففيه النفس، قوي الحفظ، تفقه ببغداد على القاضي أبي الطيب
[1] وسمع أبا علي بن شاذان، وكان شافعيا، وتوفي في ذي القعدة، وله إحدى
وتسعون سنة.
وفيها القاضي الخلعي، أبو الحسن، علي بن الحسن المصري، الفقيه الشافعي،
وله ثمان وثمانون سنة. سمع عبد الرحمن بن عمر النحّاس، وأبا سعيد
الماليني وطائفة، وانتهى إليه علو الإسناد بمصر.
قال ابن سكرة: فقيه له تصانيف، ولي القضاء، وحكم يوما واستعفى، وانزوى
بالقرافة، توفي في ذي الحجة.
وكان يوصف بدين وعبادة [2] .
وقال ابن قاضي شهبة [3] : ذكروا له كرامات وفضائل، وأنه كان لا يبالي
بالحرّ، ولا بالبرد، بسبب منام رآه.
قال ابن الأنماطي: قبره بالقرافة يعرف بإجابة الدعاء عنده، وخرّج له
أبو نصر الشيرازي عشرين جزءا وسمّاها «الخلعيات» ومن تصانيفه «المغني»
في الفقه، في أربعة أجزاء، وهو حسن.
وفيها- أو في التي قبلها، وجزم به ابن رجب- عبد الوهاب بن رزق الله بن
عبد الوهاب أبو الفضل التميمي.
__________
[1] في «آ» و «ط» : «تفقه ببغداد على أبي علي الطبري» والتصحيح من «سير
أعلام النبلاء» (19/ 170) .
[2] قاله الذهبي في «العبر» (3/ 336) وقد نقل المؤلف الترجمة بتمامها
عنه.
[3] انظر «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (1/ 294- 295) .
(5/402)
ذكره ابن السمعاني فقال: كان حنبليا،
فاضلا، متقنا، واعظا، جميل المحيا. سمع أبا طالب بن غيلان.
وذكر أبو الحسين في «الطبقات» [1] أنه كان يحضر بين يدي أبيه في مجالس
وعظه، بمقبرة الإمام أحمد، وينهض بعد كلامه قائما على قدميه، ويورد
فصولا مسجوعة [2] .
وفيها أبو الحسن علي بن الحسين بن علي بن أيّوب البزاز [3] ببغداد، في
يوم عرفة، عن اثنتين وثمانين سنة. روى عن أبي علي بن شاذان، والحرفي
[4] .
وفيها مكّي بن عبد السلام أبو القاسم بن الرّميلي المقدسي الحافظ، أحد
من استشهد بالقدس. رحل، وجمع، وعني بهذا الشأن، وكان ثقة، متحريا. روى
عن محمد بن يحيى بن سلوان المازني، وأبي عثمان بن ورقاء، وعبد الصمد بن
المأمون وطبقتهم، وعاش ستين سنة.
__________
[1] انظر «طبقات الحنابلة» (2/ 250) وقد نقل المؤلف عنه بتصرف.
[2] في «طبقات الحنابلة» : «مجموعة» .
[3] تصحفت في «آ» و «ط» إلى «البزار» والتصحيح من «العبر» (3/ 336) و
«سير أعلام النبلاء» (19/ 145) .
[4] تصحفت في «آ» و «ط» إلى «الحرقي» والتصحيح من «العبر» و «سير أعلام
النبلاء» .
(5/403)
سنة ثلاث وتسعين
وأربعمائة
فيها توفي العبّاداني، أبو طاهر جعفر بن محمد القرشي البصري.
روى عن أبي عمر الهاشمي أجزاء ومجالس، وكان شيخا، صالحا، أميّا،
معمّرا.
وفيها النّعالي، أبو عبد الله، الحسين بن أحمد بن محمد بن طلحة
البغدادي الحمّامي، رجل عاميّ من أولاد المحدّثين، عمّر دهرا، وانفرد
بأشياء، وروى عن أبي عمر بن مهدي، وأبي سعد الماليني، وطائفة، وتوفي في
صفر.
وفيها زياد [بن علي] بن هارون أبو القاسم الجيلي الفقيه الحنبلي [1] ،
نزيل بغداد.
سمع بها من أبي مسلم اللّيثي البخاري، وحدّث عنه بكتاب «الوجيز» لابن
خزيمة. سمعه منه أبو الحسن الزّعفراني [2] ، وأبو الحسين بن الأبنوسي،
وتوفي زياد هذا في طاعون.
وفيها سليمان بن عبد الله بن الفتى أبو عبد الله النّهرواني [3] النحوي
__________
[1] مترجم في «المنهج الأحمد» (2/ 206) بعناية نويهض، وما بين حاصرتين
استدركته منه.
[2] كذا في «آ» و «المنهج الأحمد» وفي «ط» : «الزاغوني» .
[3] انظر «إنباه الرواة» (2/ 26- 28) .
(5/404)
اللغوي، صاحب التصانيف، من ذلك كتاب
«القانون» في اللغة، عشر مجلدات، وكتاب في التفسير، تخرّج به أهل
أصبهان، وروى عن أبي طالب بن غيلان وغيره، وهو والد الحسن مدرّس
النظامية.
وفيها عبد الله بن جابر بن ياسين أبو محمد الحنّائي الحنبلي، تفقه على
القاضي أبي يعلى، وروى عن أبي علي بن شاذان، وكان ثقة نبيلا. قاله في
«العبر» [1] .
وفيها عبد الباقي بن حمزة بن الحسين الحداد الحنبلي الفرضي أبو الفضل.
ولد سنة خمس وعشرين وأربعمائة.
قال ابن السمعاني: شيخ صالح خيّر، كان قد قرأ الفقه، وكانت له يد في
الفرائض، والحساب. سمع أبا محمد الجوهري وغيره.
وقال ابن ناصر: هو ثقة خيّر، وروى عنه سعيد بن الرزّاز الفقيه، وسبط
الخيّاط، وغيرهم، وتوفي يوم السبت، رابع عشر شعبان، وله كتاب «الإيضاح»
في الفرائض، صنّفه على مذهب أحمد، وحرّر فيه نقل المذهب تحريرا جيدا،
ومما ذكر فيه في باب توريث ذوي الأرحام في ثلاث عمّات مفترقات المال
بينهم [2] على خمسة، قال: وهذا هو المنصوص عن أحمد.
وفيها عبد القاهر بن عبد السلام أبو الفضل العبّاسي النقيب المكّي
المقرئ. أخذ القراءات عن أبي عبد الله الكارزيني، وتصدّر للإقراء
ببغداد.
وفيها أبو الفضل عبد الكريم بن المؤمّل السّلمي الكفر طابي، ثم الدمشقي
البزاز. روى جزءا عن عبد الرحمن بن أبي نصر.
__________
[1] (3/ 338) .
[2] في «ط» : «بينهنّ» .
(5/405)
وفيها عميد الدولة أبو منصور، محمد بن فخر
الدولة محمد بن محمد بن جهير، الوزير ابن الوزير [وزر للمقتدي بالله
سنة اثنتين وسبعين، ثم عزل بعد خمس سنين بالوزير] [1] أبي شجاع، ثم وزر
سنة أربع وثمانين إلى أن مات، وكان رئيسا، كافيا، شجاعا، مهيبا، فصيحا،
مفوّها، أحمق، صودر قبل موته وحبس، ثم قتل سرّا. قاله في «العبر» [2]
وقد تقدم ذكره عند ذكر أبيه.
__________
[1] ما بين حاصرتين سقط من «آ» وأثبته من «ط» .
[2] (3/ 339) .
(5/406)
سنة أربع وتسعين
وأربعمائة
فيها كثرت الباطنية بالعراق والجبل، وزعيمهم الحسن بن صباح، فملكوا
القلاع، وقطعوا السبيل، وأهمّ النّاس شأنهم، واستفحل أمرهم لاشتغال
أولاد ملكشاه بنفوسهم.
وفيها حاصر كند فري [1]- الذي أخذ القدس- عكّا، فأصابه سهم فقتله.
وفيها توفي أبو الفضل أحمد بن علي بن الفضل بن طاهر بن الفرات
الدّمشقي. روى عن عبد الرحمن بن أبي نصر وجماعة، ولكنه رافضيّ معتزلي،
وله كتب موقوفة بجامع دمشق. قاله في «العبر» [2] .
وفيها أبو الفرج الزّاز- بالزاي المكررة- عبد الرحمن بن أحمد بن محمد
بن زاز بن حميد الأستاذ السرخسي، ثم المروزي، فقيه مرو، وتلميذ القاضي
حسين.
مولده سنة إحدى أو اثنتين وثلاثين وأربعمائة، وتفقه على القاضي حسين.
__________
[1] علّق الأستاذ فؤاد سيد على «العبر» (3/ 340) بقوله: كذا بالأصول
العربية، وهو الدوق جودفري LGodfrey
سيد بويون Bouillon وهي
مقاطعة صغيرة في بلجيكا، وكان يجمع بين صفات الجندي والراهب، شديد
التعصب لدينه، وكان على رأس الجيوش الصليبية الأولى عند غزوها للشرق
وبلاد الإسلام. «قصة الحضارة» المجلد الرابع ص (20- 21) .
[2] (3/ 341) .
(5/407)
قال ابن السمعاني في «الذيل» : كان أحد
أئمة الإسلام، وممّن يضرب به المثل في الآفاق في حفظ مذهب الشافعي،
رحلت إليه الأئمة من كل جانب، وكان ديّنا، ورعا، محتاطا في المأكول
والملبوس. قال: وكان لا يأكل الأرز لأنه يحتاج إلى ماء كثير، وصاحبه
قلّ أن لا يظلم غيره، ومن تصانيفه كتاب «الأمالي» .
قال الإسنوي في «المهمات» : إن غالب نقل الرافعي من ستة تصانيف غير
كلام الغزالي المشروح، «التهذيب» و «النهاية» و «التتمة» و «الشامل» و
«تجريد ابن كج» و «أمالي أبي الفرج السرخسي» يعني صاحب الترجمة.
وفيها أبو سعيد عبد الواحد بن الأستاذ أبي القاسم القشيري، كان صالحا،
عالما، كثير الفضل. روى عن علي بن محمد الطرازي وجماعة، وسماعه حضورا
في الرابعة من الطرازي، توفي في جمادى الآخرة.
وفيها أبو الحسن المديني علي بن أحمد بن الأخرم النيسابوري، المؤذن
الزاهد، أملى مجالس عن أبي زكريا المزكّي، وأبي عبد الرحمن السّلمي،
وأبي بكر الحيري، وتوفي في المحرم.
وفيها أبو المعالي عزيزي بن عبد الملك [1] بن منصور الجيلي، القاضي
المعروف بشيذلة، الفقيه الشافعي الواعظ. كان فقيها، فاضلا، واعظا،
ماهرا، فصيح اللسان، حلو العبارة، كثير المحفوظات، صنّف في الفقه،
وأصول الدّين، والوعظ، وجمع كثيرا من أشعار العرب، وتولى القضاء بمدينة
بغداد بباب الأزج، وكانت في أخلاقه حدّة، وسمع الحديث الكثير من جماعة
كثيرة، وكان يناظر بمذهب الأشعري، ومن كلامه: إنما قيل لموسى
__________
[1] كذا في «آ» و «ط» و «وفيات الأعيان» : (3/ 259) و «العبر» (3/ 341)
: «عزيزي بن عبد الملك» وهو الصواب وفي «مرآة الجنان» (3/ 157) و
«البداية والنهاية» (12/ 160) و «غربال الزمان» ص (393) : «عزيز بن عبد
الملك» وهو خطأ.
(5/408)
عليه السلام: لَنْ تَرانِي 7: 143، لأنه
لما قيل له: انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ 7: 143 نظر إليه، فقيل له:
يا طالب النظر إلينا لم تنظر إلى سوانا:
يا مدّعي بمقاله ... صدق المحبة والإخاء
لو كنت تصدق في المقا ... ل لما نظرت إلى سوائي
فسلكت سبل محبتي ... واخترت غيري في الصّفاء
هيهات أن يهوى الفؤا ... د محبتين على استواء
وقال أنشدني والدي عند خروجه من بغداد إلى الحج:
مددت إلى التّوديع كفّا ضعيفة ... وأخرى على الرمضاء فوق فؤادي
فلا كان هذا العهد آخر عهدنا ... ولا كان ذا التّوديع آخر زادي
وتوفي يوم الجمعة سابع عشر صفر. قاله ابن خلّكان [1] .
وفيها أبو الخطّاب نصر بن أحمد بن عبد الله بن البطر [2] البزّاز، مسند
بغداد. روى عن أبي محمد بن البيّع، وابن رزقويه، وطائفة، وتوفي في ربيع
الأول، عن ست وتسعين سنة، وكان صحيح السماع، انفرد برواية عن جماعة.
__________
[1] انظر «وفيات الأعيان» (3/ 259- 260) .
[2] في «آ» و «ط» : «النظر» وهو تصحيف، والتصحيح من «العبر» (3/ 342)
مصدر المؤلف، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 46) .
(5/409)
سنة خمس وتسعين
وأربعمائة
فيها توفي المستعلي بالله أبو القاسم، أحمد بن المستنصر صاحب مصر، ولي
الأمر بعد أبيه ثماني سنين، ومات في صفر وله تسع وعشرون سنة، وفي أيامه
انقطعت دولته من الشام، واستولى عليها الأتراك والفرنج، ولم يكن له مع
الأفضل حلّ ولا ربط، بل كان الأفضل أمير الجيوش، هو الكلّ، وفي أيامه
هرب أخوه نزار، الذي تنسب إليه الدعوة النّزارية بقلعة الألموت [1] ،
فدخل الإسكندرية وبايعه أهلها، وساعده قاضيها ابن عمّار، ومتولّيها
أفتكين، فنازلهم الأفضل، فبرز لحربه أفتكين وهزمه، ثم نازلهم ثانيا،
وظفر بهم، ورجع إلى القاهرة بأفتكين ونزار، فذبح أفتكين، وبنى على نزار
حائطا فهلك.
وفيها أبو العلاء صاعد بن سيّار الكنانيّ قاضي هراة [2] .
روى عن أبي سعيد الصّيرفي، والطرازي، وطائفة.
وفيها سعيد بن هبة الله أبو الحسن، شيخ الأطباء بالعراق، وكان صاحب
تصانيف في الفلسفة، والطب، والمنطق، وله عدة أصحاب.
وفيها عبد الواحد بن عبد الرحمن الزّبيري الوركي الفقيه.
قال السمعاني: عمر مائة وثلاثين سنة، وكتب إملاء عن أبي ذرّ
__________
[1] انظر «بلدان الخلافة الشرقية» ص (256) .
[2] في «العبر» : «قاضي القضاة بهراة» .
(5/410)
عمّار بن محمد، صاحب يحيى بن محمد بن صاعد،
وقال: زرت قبره بوركة على فرسخين من بخارى.
وقال الذهبي [1] : ما كان في الدنيا له نظير، في علو الإسناد، ولم
يضعّفه أحد. انتهى.
وفيها أبو عبد الله الكامخي، محمد بن أحمد بن محمد. روى عن أبي بكر
الحيري، وهبة الله اللّالكائي، وطائفة، وتوفي بها ظنا. قاله في «العبر»
[2] .
وفيها أبو ياسر الخيّاط [3] محمد بن عبد العزيز البغدادي، رجل خيّر.
روى عن أبي علي بن شاذان، وجماعة، وتوفي في جمادى الآخرة.
وفيها أبو الحجّاج يوسف بن سليمان الأعلم النحوي [4] . رحل إلى قرطبة،
وأخذ عن جماعة، ورحل إليه الناس من كل وجه، وممّن أخذ عنه أبو علي
الحسين بن محمد الغسّاني الجيّاني، وشرح «جمل الزجاجي» وشرح شعره شرحا
مفردا، وكفّ بصره في آخر عمره، وسمّي الأعلم لكونه مشقوق الشفّة
العليا، ويقال لمشقوق السفلى: أفلح، وكان عنترة العبسي المشهور يلقب
بالفلحاء لفلحة كانت به، وإنما أنّثوا لأنهم أرادوا الشفة، وكان سهيل
بن عمرو أعلم، ولذلك قال عمر: يا رسول الله، دعني أنزع ثنيته، فلا يقوم
عليك خطيبا بعده، لأنه كان مشقوق الشفة العليا، وإذا نزعت ثنيته تعذّر
كلامه مع الفصاحة. قاله ابن الأهدل.
__________
[1] انظر «العبر» (3/ 344) .
[2] (3/ 344) .
[3] في «آ» و «ط» : «الحناط» وهو خطأ، والتصحيح من «العبر» (3/ 344)
وانظر «سير أعلام النبلاء» (17/ 417) ضمن ترجمة شيخه ابن شاذان.
[4] قلت: الصواب أن وفاته كانت سنة (476) هـ- كما ذكرت في تعليقي على ص
(330) من هذا المجلد.
(5/411)
|