شذرات الذهب في أخبار من ذهب
سنة ست وعشرين
وستمائة
فيها سلّم الكامل القدس الشريف لملك الفرنج بعد أن كاتبه الأنبرور
ملكهم في العام الماضي يقول: أنا عتيقك وتعلم أني أكبر مغول الفرنج،
وأنت كاتبتني بالمجيء، وقد علم البابا والملوك باهتمامي، فإن رجعت
خائبا انكسرت حرمتي، وهذه القدس هي أصل دين النصرانية، وأنتم قد
خرّبتموها، وليس لها دخل طائل، فإن رأيت أن تنعم عليّ بقبضة البلد
ليرتفع رأسي بين الملوك، وأنا ألتزم بحمل دخلها لك. فلان له وسلّمه
إياها في هذا العام، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون. ثم أتبع فعله هذا
بحصار دمشق وأذيّة الرّعية. وجرت بين عسكره وعسكر النّاصر وقعات، وقتل
جماعة في غير سبيل الله، وأحرقت الخانات، ودام الحصار أشهرا، ثم وقع
الصّلح في شعبان، ورضي الناصر بالكرك ونابلس فقط، ثم سلّم دمشق إلى
أخيه الأشرف بعد شهر، وأعطاه الأشرف حرّان، والرّقّة، والرّها، وغير
ذلك.
وفيها توفي أبو القاسم بن صصرى، مسند الشام، شمس الدّين، الحسين بن هبة
الله بن محفوظ بن الحسن بن محمد التّغلبي الدّمشقي الشّافعي [1] .
__________
[1] انظر «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 240- 241) و «سير أعلام النبلاء»
(22/ 282- 284) و «تاريخ الإسلام» (63/ 228- 230) و «العبر» (5/ 105)
وقد تحرفت لفظة «الحسين» إلى «الحسن» في «آ» و «ط» وصححتها من المصادر
المذكورة في أعلى التعليق.
(7/208)
ولد سنة بضع وثلاثين، وسمع من جدّه لأبيه،
وجدّه لأمه عبد الواحد ابن هلال، وأبي القاسم بن البنّ، وخلق كثير.
وأجاز له علي بن الصبّاغ، وأبو عبد الله بن السلّال، وطبقتهما. ومشيخته
في سبعة عشر جزءا. توفي في الثالث والعشرين من المحرّم.
وفيها أمة الله بنت أحمد بن عبد الله بن علي بن الآبنوسي [1] . روت
الكثير عن أبيها، وتفرّدت عنه، وتوفيت في المحرّم أيضا، وتلقب بشرف
النساء، وكانت صالحة خيّرة.
وفيها ابن التّانرايا [2] موفق الدّين أبو المعالي، عبد الرحمن بن علي
ابن أحمد بن علي بن محمد البغدادي، الواعظ الفقيه، الحنبلي المعدّل، ثم
الحاكم، أبو محمد، ويقال: أبو الفضل، ويقال: أبو المعالي. سمع من عبد
الحق اليوسفي، وابن شاتيل، ونصر الله القزّاز، وابن المنّي، وابن
الجوزي، وغيرهم. وتفقه على ابن المنّي، وبرع، وناظر، وقرأ الوعظ على
ابن الجوزي ووعظ.
قال ابن النجار: كان حسن الأخلاق فاضلا.
[وقال المنذري: كان فقيها، فاضلا] [3] مناظرا. وله يد في الوعظ.
وقال ابن رجب: وقد حدّث، وسمع منه غير واحد، منهم: ابن النجّار، وأجاز
للمنذري، ولابن أبي الجيش. وقال عنه [4] : كان [أصله] من
__________
[1] انظر «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 239- 240) و «تاريخ الإسلام»
(63/ 227) و «النجوم الزاهرة» (6/ 273) .
[2] في «آ» و «ط» : «ابن البابرايا» وهو تصحيف والتصحيح من «التكملة
لوفيات النقلة» (3/ 246) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 173) .
[3] ما بين الحاصرتين مستدرك من «ذيل طبقات الحنابلة» مصدر المؤلف،
والقول موجود في «التكملة» .
[4] القائل عنه ذلك: الشيخ عبد الصمد كما في «ذيل طبقات الحنابلة» وما
بين الحاصرتين مستدرك منه.
(7/209)
العجم، وتوفي ليلة الاثنين الخامس والعشرين
من جمادى الآخرة فجأة، ودفن بمقبرة الإمام أحمد، رحمه الله.
وفيها بهاء الدّين أبو العبّاس أحمد بن نجم بن عبد الوهاب بن الحنبلي
الدمشقي، أخو الشهاب والنّاصح، وكان أكبر الإخوة.
ولد سنة تسع وأربعين وخمسمائة. وسمع من أبي الفضل بن الشّهرزوري، وحدّث
عن الحيص بيص الشّاعر، وأجاز للمنذري، وتوفي في حادي عشري ذي القعدة
بدمشق، ودفن بالجبل.
وفيها الحاجب عليّ [بن] حسام الدّين [1] ، نائب خلاط للملك الأشرف. كان
شهما، مقداما، موصوفا بالشجاعة، والسياسة، والحشمة، والبرّ، والمعروف.
قبض عليه الأشرف على يد مملوكه عز الدّين أيبك فلم يمهل الله أيبك،
ونازله خوارزم شاه، وأخذ خلاط، وأخذ أيبك وجماعة.
وفيها أبو الحسن محمد بن محمد بن أبي حرب بن النّرسي الكاتب الشاعر [2]
. روى عن أبي محمد بن المادح، وهبة الله الشّبلي، وله ديوان شعر. توفي
في جمادى الآخرة.
وفيها الملك المسعود أقسيس بن الكامل [3] ، وأقسيس بلغة اليمن موت.
__________
[1] انظر «العبر» (5/ 106) ولفظة «ابن» التي بين الحاصرتين مستدركة
منه.
[2] انظر «الوافي بالوفيات» (1/ 146) وقد أورد له الصفديّ أبياتا في
كتابه اخترت منها هذا البيت:
ليت العواذل للعذّال ما خلقوا ... كم عذّبوا بأليم اللوم مشتاقا
[3] انظر «سير أعلام النبلاء» (22/ 331- 332) و «الوافي بالوفيات» (9/
315- 316) و «مرآة الجنان» (4/ 93- 94) و «البداية والنهاية» (13/ 124)
و «غربال الزمان» ص (506) وقد تصحف «أقسيس» في «آ» و «ط» إلى «أفسيس»
بالفاء.
(7/210)
كان جبّارا عنيدا. حجّ مرّة، فكان يرمى
بالبندق، وكان غلمانه يدخلون الحرم، ويضربون الناس بالسيوف، ويقولون:
مهلا فإن الملك نائم سكران.
ونادى مرّة في بلاد اليمن: من أراد السّفر من التجار إلى الدّيار
المصرية والشامية صحبة السلطان فليتجهز، فجاء التجار من السّند والهند
بأموال الدنيا والجواهر، ولما تكاملت المراكب بزبيد قال: اكتبوا لي
بضائعكم لأحميها من الزكاة، فكتبوها له، فصار يكتب لكل تاجر برأس ماله
إلى بعض بلاد اليمن، ويستولي على ماله، فاستغاثوا وقالوا: فينا من له
عن أهله سنين، فلم يلتفت إليهم، فقالوا: خذ مالنا وأطلقنا، فلم يلتفت
إليهم أيضا، فعبّأ ثقله في خمسمائة مركب ومعه ألف خادم ومائة قنطار
عنبر، وعود ومسك، ومائة ألف ثوب، ومائة صندوق أموال وجواهر، وركب
الطريق إلى مكة، فمرض مرضا مزمنا، فوصل إلى مكّة وقد أفلج ويبست يداه
ورجلاه، ورأى في نفسه العبر، ثم مات فدفنوه في المعلّى، وضرب الهواء
بعض المراكب فرجعت إلى زبيد، فأخذها أصحابها.
وفيها نجم الدّين يعقوب بن صابر المنجنيقي [1] . كان فاضلا أديبا
شاعرا. برع على أهل صناعته في علم المنجنيق.
ومن شعره:
[و] كنت [2] سمعت أن النّجم عند اس ... تراق السّمع يقذف بالرّجوم
فلمّا أن علوت وصرت نجما ... رجمت بكلّ شيطان رجيم
__________
[1] انظر «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 242) و «وفيات الأعيان» (7/ 35-
46) و «سير أعلام النبلاء» (22/ 309- 310) و «تاريخ الإسلام» (63/ 248-
249) و «المستفاد من ذيل تاريخ بغداد» ص (440- 441) طبع مؤسسة الرسالة.
[2] أضفنا الواو لضرورة الوزن.
(7/211)
وله:
كلفت بعلم [1] المنجنيق ورميه ... لهدم الصّياصي [2] وافتتاح المرابط
وعدت إلى نظم القريض لشقوتي ... فلم أخل في الحالين من قصد خابط [3]
وله في الصّوفية:
قد لبسوا الصّوف لترك الصّفا ... مشايخ العصر لشرب العصير
وقصّروا للعشق أثوابهم ... شرّ طويل تحت ذيل قصير
وفيها أبو نصر المهذّب بن علي بن قنيدة الأزجي الخيّاط المقرئ [4] .
روى عن أبي الوقت وجماعة، وتوفي في شوال.
وفيها أبو الدّر [5] ياقوت بن عبد الله الرّومي الجنس، الحموي المولد،
البغدادي، الدار، الملقب شهاب الدّين [6] . أخذ من بلاده صغيرا،
وابتاعه ببغداد رجل تاجر يعرف بعسكر الحموي، وجعله في الكتّاب لينتفع
به في ضبط تجايره. وكان مولاه عسكر لا يحسن الخطّ ولا يعلم [شيئا] سوى
__________
[1] تحرفت في «آ» و «ط» إلى «بعسلم» وصححتها من «وفيات الأعيان» و «سير
أعلام النبلاء» .
[2] جاء في «لسان العرب» (صيص) : الصياصي: الحصون، وكل شيء امتنع به
وتحصّن به فهو صيصة.
[3] في «وفيات الأعيان» و «سير أعلام النبلاء» : «من قصد حائط» .
[4] انظر «العبر» (5/ 106) و «سير أعلام النبلاء» (22/ 313- 314) و
«تاريخ الإسلام» (63/ 243- 244) .
[5] أقول: أبو الدّر، هو ياقوت الرّومي، مهذّب الدّين، الشاعر، وقد
تقدم في الصفحة (184) وتوفي سنة (622) هـ.
وأما ياقوت الحموي المترجم هنا، فإنه شهاب الدّين أبو عبد الله، صاحب
«معجم البلدان» وهو من وفيات (626) هـ كما ذكر المؤلف. (ع) .
[6] انظر «وفيات الأعيان» (6/ 127- 139) و «العبر» (5/ 106) و «سير
أعلام النبلاء» (22/ 312- 313) و «تاريخ الإسلام» (63/ 244- 248) و
«المستفاد من ذيل تاريخ بغداد» ص (426- 427) طبع مؤسسة الرسالة.
(7/212)
التجارة، فشغله مولاه بالأسفار في متاجره،
فكان يتردد إلى [كيش] وعمان [1] والشام. وجرت بينه وبين مولاه نبوة [2]
أوجبت عتقه والبعد عنه، فاشتغل بالنسخ بالأجرة، وحصلت له بالمطالعة
فوائد. ثم إن مولاه بعد مديدة ألوى [3] عليه وأعطاه شيئا وسفّره إلى
كيش، ولما عاد كان مولاه قد مات. فحصّل شيئا مما كان في يده وأعطاه
أولاد مولاه وزوجته وأرضاهم به، وبقي بيده بقية جعلها رأس ماله. وسافر
بها وجعل بعض تجارته كتبا.
وكان متعصبا على عليّ- رضي الله عنه- وكان قد اطلع على شيء من كتب
الخوارج، فعلق في ذهنه منها طرف قويّ. وتوجه إلى دمشق في سنة ثلاث عشرة
وستمائة، وقعد في بعض أسواقها. وناظر بعض من يتعصب لعليّ- رضي الله
عنه- وجرى بينهما كلام أدّى إلى ذكر علي- رضي الله عنه- بما لا يسوغ،
فثار عليه الناس ثورة كادوا يقتلونه، فسلم منهم وخرج من دمشق منهزما
بعد أن بلغت القصة [4] إلى والي البلد، فطلبه فلم يقدر عليه، ووصل إلى
حلب خائفا يترقب، وخرج منها إلى الموصل، ثم انتقل إلى إربل، وسلك منها
إلى خراسان، ووصل إلى خوارزم، فصادف خروج التتار، فانهزم بنفسه كبعثته
[5] يوم الحشر من رمسه. وقاسى في طريقه من الضائقة [6]
__________
[1] تحرفت لفظة «وعمان» في «آ» و «ط» إلى «نعمان» والتصحيح من «وفيات
الأعيان» مصدر المؤلف ولفظة «كيش» التي بين الحاصرتين مستدركة منه.
وكيش جزيرة في الخليج العربي، و «كيش» تعجيم «قيس» صارت في المئة
السادسة مرفأ تجارة، وقد نسب المحدّثون إليها إسماعيل بن مسلم العبدي
الكيشي. انظر «معجم البلدان» (4/ 497- 498) و «بلدان الخلافة الشرقية»
ص (293) .
[2] أي: جفوة. انظر «لسان العرب» (نبا) .
[3] أي: عطف. انظر «مختار الصحاح» (لوي) .
[4] في «وفيات الأعيان» : «القضية» .
[5] في «ط» : «كبعثة» .
[6] في «وفيات الأعيان» : «من المضايقة» .
(7/213)
والتعب ما يكلّ اللّسان عن شرحه. ووصل إلى
الموصل وقد تقطعت به الأسباب، ثم انتقل إلى سنجار، وارتحل إلى حلب،
وأقام بظاهرها في الخان إلى أن مات. وكان قد تتبع التواريخ، وصنّف
كتابا سماه «إرشاد الألبّاء إلى معرفة الأدباء» يدخل في أربع مجلدات،
وهو في نهاية الحسن والإمتاع.
وكتاب «معجم البلدان» و «معجم الأدباء» و «معجم الشعراء» و «المشترك
وضعا المختلف صقعا» وهو من الكتب النافعة، و «المبدأ والمآل» في
التاريخ، و «الدول» و «مجموع كلام أبي علي الفارسي» و «عنوان كتاب
الأغاني» و «المقتضب في النسب» يذكر فيه أنساب العرب، و «أخبار
المتنبي» .
وكانت له همّة عالية في تحصيل المعارف.
قال ابن خلّكان: وكانت ولادته في سنة أربع وسبعين وخمسمائة ببلاد
الرّوم، وتوفي يوم الأحد العشرين من رمضان في الخان بظاهر مدينة حلب،
وقد كان أوقف كتبه على مسجد الزّيدي بدرب دينار ببغداد، وسلّمها إلى
الشيخ عز الدّين بن الأثير صاحب «التاريخ الكبير» . ولما تميّز ياقوت
واشتهر سمّى نفسه يعقوب.
ولقد سمعت الناس عقيب موته يثنون عليه ويذكرون فضله وأدبه، ولم يقدّر
لي الاجتماع به. انتهى ملخصا.
ومن شعره في غلام تركي رمدت عينه، فجعل عليها وقاية سوداء:
ومولّد للتّرك تحسب وجهه ... بدرا يضيء سناه بالإشراق
أرخى على عينيه فضل وقاية ... ليردّ فتنتها عن العشّاق
تالله لو أنّ السوابغ دونها ... نفذت فهل لوقاءة [1] من واق
__________
[1] في «وفيات الأعيان» : «فهل لوقاية» .
(7/214)
وفيها يوسف بن أبي بكر السّكّاكي [1] .
صاحب «المفتاح» [2] . أخذ عن شيخ الإسلام محمود بن صاعد الحارثي وعن
سديد بن محمد الخيّاطي [3] وكان حنفيا، إماما كبيرا، عالما، بارعا،
متبحرا في النحو والتصريف وعلم المعاني والبيان والعروض والشعر. أخذ
عنه علم الكلام مختار بن محمود الزّاهدي [4] صاحب «القنية» [5] . قاله
ابن كمال باشا في «طبقاته» .
__________
[1] انظر «تاريخ الإسلام» (63/ 250) و «الجواهر المضية» (2/ 225- 226)
طبع حيدر أباد.
[2] يعني «مفتاح العلوم» وقد تكلم عنه حاجي خليفة مطولا في «كشف
الظنون» (2/ 1762- 1768) فراجعه تجد فائدة عزيزة إن شاء الله تعالى.
[3] تحرفت في «آ» و «ط» إلى «الحناطي» والتصحيح من «الجواهر المضية»
وهو مترجم فيه (2/ 219) بتحقيق الدكتور عبد الفتاح الحلو.
[4] في «آ» و «ط» : «الزاهد» والتصحيح من «الجواهر المضية» .
[5] واسمه الكامل «قنية المنية على مذهب أبي حنيفة» انظر «كشف الظنون»
(2/ 1357) .
(7/215)
سنة سبع وعشرين
وستمائة
فيها خاف أهل الشّام وغيرها من الخوارزمية، وعرفوا أنهم إن ملكوا عملوا
بهم كل نحس، فاصطلح الأشرف وصاحب الرّوم علاء الدّين واتفقوا على حرب
جلال الدّين، وساروا فالتقوه في رمضان فكسروه واستباحوا عسكره، ولله
الحمد. وهرب جلال الدّين بأسوإ حال، ووصل إلى خلاط في سبعة أنفس، وقد
تمزق جيشه وقتلت أبطاله، فأخذ حريمه وما خفّ حمله وهرب إلى أذربيجان،
ثم أرسل إلى الملك الأشرف في الصّلح وذلّ وأمنت خلاط، وشرعوا في
إصلاحها.
قال الموفق عبد اللطيف: هزم الله الخوارزميّة بأيسر مؤونة بأمر ما كان
في الحساب، فسبحان من هدم ذاك الجبل الرّاسي في لمحة ناظر.
وفيها توفي أبو العبّاس أحمد بن فهد بن الحسين بن فهد العلثي [1]
الفقيه الحنبلي. سمع من أبي شاكر السقلاطوني، وشهدة، وغيرهما. وتفقه
على ابن المنّي. وكان حسن الكلام في مسائل الخلاف، وفيه صلاح وديانة.
وكان زيّه زي العوام في ملبسه، وحدّث وسمع منه جماعة، وتوفي ليلة
الثلاثاء ثاني عشر شعبان.
__________
[1] انظر «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 267- 268) و «ذيل طبقات
الحنابلة» (2/ 177) وفيه «أحمد بن نصر بن الحسين» فيصحح.
(7/216)
وفيها زين الأمناء أبو البركات الحسن بن
محمد بن الحسن بن هبة الله بن عساكر الدمشقي الشافعي [1] . روى عن أبي
العشائر محمد بن خليل [القيسيّ] [2] ، وعبد الرحمن الدّاراني، والفلكي،
وطائفة. وكان صالحا خيّرا، من سروات الناس. حسن السمت. تفقه على جمال
الأئمة علي بن الماسح، وولي نظر الخزانة والأوقاف، ثم تزهّد. عاش ثلاثا
وثمانين سنة، وتوفي في صفر.
وفيها أبو الذّخر خلف بن محمد بن خلف الكنّري البغدادي الحنبلي [3] .
ولد بكنّر من قرى بغداد سنة خمس وأربعين وخمسمائة، وحفظ بها القرآن،
وتفقه في المذهب. ثم سافر إلى الموصل واستوطنها، وسمع بها من الخطيب
أبي الفضل الطّوسي، ويحيى الثقفي، وغيرهما. وحدّث، وأقرأ القرآن، وكتب
عنه الناس. وكان متدينا، صالحا، حسن الطريقة. توفي في المحرّم بالموصل.
وفيها راجح بن إسماعيل الحلّي [4] ، الأديب شرف الدّين. صدر نبيل، مدح
الملوك بمصر والشام والجزيرة، وسار شعره. توفي في شعبان.
وفيها أبو الخير موفق الدّين سلامة بن صدقة بن سلامة بن الصّولي
الحرّاني [5] ، الفقيه الحنبلي الفرضي. سمع ببغداد من أبي السعادات
القزّاز وغيره، وتفقه بها.
__________
[1] انظر «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 258- 259) و «العبر» (5/ 108) و
«سير أعلام النبلاء» (22/ 284- 287) و «تاريخ الإسلام» (63/ 256- 257)
و «طبقات الشافعية» للإسنوي (2/ 220) .
[2] زيادة من «سير أعلام النبلاء» .
[3] انظر «معجم البلدان» (4/ 483) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 178) .
[4] انظر «العبر» (5/ 108) و «تاريخ الإسلام» (63/ 258) و «النجوم
الزاهرة» (6/ 275) وهو منسوب إلى «الحلّة» كما في «تاريخ الإسلام» .
[5] انظر «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 258) و «تاريخ الإسلام» (63/
258- 259) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 174) .
(7/217)
قال ابن حمدان: كان من أهل الفتوى، مشهورا
بعلم الفرائض، والحساب، والجبر، والمقابلة. سمعت عليه كثيرا من
«الطبقات» لابن سعد، وقرأت عليه ما صنّفه في الحساب والجبر والمقابلة،
وأجوبته في الفتوى غالبا: نعم أولا.
وقال ابن رجب: قال المنذري: لنا منه إجازة.
وقال [1] : الصّولي: بفتح الصاد المهملة، الإسكاف، هكذا تقوله أهل
بلده.
ورأيت على مقدمة من تصنيفه في الفرائض، ابن الصولية، ولم تضبط الصاد
بشيء. توفي في المحرّم بحرّان.
وفيها أبو بكر عبد الله بن معالي بن أحمد بن الرّيّاني [2] ، المقرئ
الفقيه الحنبلي. تفقه على أبي الفتح بن المنّي وغيره، وسمع منه ومن
شهدة وغيرهما. وحدّث.
قال ابن نقطة: سمعت منه أحاديث، وهو [3] شيخ حسن.
وقال ابن النجار: كان صالحا، حسن الطريقة. وشهد عند القضاة وحدّث
باليسير، وتوفي يوم الجمعة خامس جمادى الأولى، ودفن بمقبرة الإمام
أحمد.
وهو منسوب إلى الرّيّان، بفتح الراء المهملة وتشديد الياء آخر الحروف،
وبعد الألف نون، محلّة بشرقي بغداد [4] .
__________
[1] القائل المنذري في «التكملة» ونقله عنه ابن رجب في «الذيل» .
[2] انظر «تكملة الإكمال» لابن نقطة (2/ 755) و «التكملة لوفيات
النقلة» (3/ 262- 263) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 174- 175) .
[3] لفظة «وهو» لم ترد في «تكملة الإكمال» الذي بين يدي فتستدرك.
[4] انظر «معجم البلدان» (3/ 111) .
(7/218)
وفيها سليمان بن أحمد بن أبي عطّاف المقدسي
الحنبلي [1] ، نزيل حرّان. تفقه بها، وحدّث عن أبي الفتح بن أبي الوفاء
الفقيه، وتوفي بها في ثاني عشر جمادى الأولى.
وفيها أبو محمد عبد السلام بن عبد الرحمن ابن الشيخ العارف معدن الحكم
والمعارف أبي الحكم بن برجان اللّخمي المغربي ثم الإشبيلي [2] ، حامل
لواء اللغة بالأندلس. أخذ عن أبي إسحاق بن ملكون.
وتوفي في جمادى الأولى. قاله ابن الأهدل.
وفيها أبو محمد عبد الرحمن بن عتيق بن عبد العزيز بن صيلا الحربيّ
المؤدّب [3] .
روى عن أبي الوقت [السّجزي] وغيره، وتوفي في ربيع الأول.
وفيها عبد السلام بن عبد الرحمن بن الأمين علي بن علي بن سكينة علاء
الدّين الصّوفي البغدادي [4] .
سمع أبا الوقت، ومحمد بن أحمد البرمكي، وجماعة كثيرة. وتوفي في صفر.
وفيها أبو يحيى زكريا بن يحيى القطفتيّ [5]- بضمتين وسكون الفاء وفوقية
مثناة، نسبة إلى قطفتا محلّة ببغداد [6]-.
__________
[1] انظر «تاريخ الإسلام» (63/ 259) .
[2] انظر «تاريخ الإسلام» (63/ 262- 263) و «العبر» (5/ 109) و «مرآة
الجنان» (4/ 65) .
[3] انظر «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 262) و «تاريخ الإسلام» (63/
260- 261) و «سير أعلام النبلاء» (22/ 332) .
[4] انظر «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 259- 260) و «سير أعلام النبلاء»
(22/ 333) و «تاريخ الإسلام» (63/ 262) .
[5] انظر «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 263) و «تاريخ الإسلام» (63/
258) .
[6] انظر «معجم البلدان» (4/ 374) .
(7/219)
ولد سنة أربع أو خمس وأربعين وخمسمائة،
وتفقه في مذهب أحمد، وسمع من يحيى بن موهوب، وحدّث. وتوفي في جمادى
الأولى ببغداد، ودفن بمقبرة معروف. قاله المنذري في «وفياته» .
وفيها أبو الفتوح عبد الرحمن بن عربد الدّنيسري [1] محتسب دنيسر، بلدة
قرب ماردين، كان فصيحا شاعرا، فيه فضيلة تامة، حبسه صاحب ماردين، فمات
في السجن.
ومن شعره:
تزايد في هوى أملي جنوني ... وأورث مهجتي سقما شجوني
وصرت أغار من نظر البرايا ... عليه ومن خيالات الظّنون
ويعذب لي عذابي في هواه ... وهذا نصّ معتقدي وديني
فقل لللّائمين عليه جهلا ... دعوني لا تلوموني دعوني
وله:
لا والذي بيديه البرء والسّقم ... ما لي سوى وجنتيه في الهوى قسم
أحوى حوى السّحر في أجفانه وعلى ... خدّيه من مهجات المدنفين دم
مزنّر الخصر وا شوقي إلى خصر ... في فيه يقصر عنه البارد الشّبم
كالماء جسما ولكن قلبه حجر ... فما سباني إلّا وهو لي صنم
وفيها الصدر فخر الدّين أبو بكر محمد بن عبد الوهاب الأنصاري الدمشقي
[2] المعدّل. من بيت أمانة وصيانة ودين. كان أجمل أهل بيته وأحسنهم
خلقا [3] .
__________
[1] في «آ» و «ط» : «ابن عرند» والتصحيح من «تاريخ دنيسر» ص (153)
بتحقيق صديقي الفاضل الأستاذ إبراهيم صالح، طبع مجمع اللغة العربية
بدمشق.
[2] انظر «تاريخ دنيسر» ص (153- 155) و «الوافي بالوفيات» (18/ 153)
وكنيته فيهما «أبو محمد» .
[3] انظر «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 273) و «تاريخ الإسلام» (63/
269) و «العبر» (5/ 109) .
(7/220)
ولد سنة تسع وأربعين وخمسمائة. وسمع من
السّلفي، وابن عساكر.
وكان رئيسا سريّا، صاحب أخبار وتواريخ، ماجنا [1] ، خليعا، من غير ذكر
فاحشة، وكان متولعا بستّ الشام، يتولى أمر ديوانها، وفوضت إليه
أوقافها، وترك الولايات في آخر عمره. وكان له تجّار يسافرون في تجارته،
وله نظم، وعنده كتب كثيرة. توفي بدمشق، ودفن بالباب الصغير.
وفيها فخر الدّين بن شافع، محمد بن أحمد بن صالح بن شافع بن صالح بن
حاتم الجيلي ثم البغدادي المعدّل الحنبلي، أبو المعالي [2] .
ولد ببغداد ليلة الجمعة سادس عشري جمادى الآخرة، سنة أربع وستين
وخمسمائة. وتوفي والده [3] وله سنة وشهور، فتولاه خاله أبو بكر بن مشق،
وأسمعه الكثير من خلق، منهم: السّقلاطوني، وابن الرّحلة، وشهدة.
وقرأ القرآن بالرّوايات، وتفقه في المذهب.
قال ابن النجار: كان طيّب النغمة في قراءة القرآن والحديث، ويفيد الناس
إلى آخر عمره. وكان متدينا، صالحا، حسن الطريقة، جميل السيرة، وقورا،
صدوقا، أمينا. كتبت عنه ونعم الرجل.
وقال ابن نقطة: ثقة [مأمون] مكثر، حسن السمت.
وقال ابن السّاعي: ثقة، صالح، جميل الطريقة، من بيت العدالة والرواية.
وقال ابن النجار: توفي يوم الأحد رابع رجب، ودفن عند آبائه بدكة الإمام
أحمد.
__________
[1] في الأصل: «مجانا» وهو خطأ والصواب ما أثبتناه.
[2] انظر «تكملة الإكمال» (2/ 490) و «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 264-
265) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 175- 177) ولفظة «مأمون» مستدركة منه.
[3] تحرفت في «آ» إلى «ولده» .
(7/221)
سنة ثمان وعشرين
وستمائة
لما علمت التتار بضعف جلال الدّين خوارزم شاه، بادروا إلى أذربيجان،
فلم يقدم على لقائهم، فملكوا مراغة، وعاثوا، وبدّعوا [وفرّ هو إلى آمد]
[1] وتفرّق جنده، فبيّته التتار ليلة فنجا بنفسه. وطمع الأكراد
والفلّاحون وكلّ أحد في جنده وتخطّفوهم. وانتقم الله منهم، وساقت
التتار إلى ماردين يسبون ويقتلون، ودخلوا إلى إسعرد [2] فقتلوا نيفا
وعشرين ألفا، وأخذوا من البنات ما أرادوا، ووصلوا إلى أذربيجان ففعلوا
كذلك، واستقرّ ملكهم بما وراء النهر، وبقيت مدن خراسان خرابا لا يجسر
أحد يسكنها.
وفيها توفي أبو نصر بن النّرسي أحمد بن الحسين بن عبد الله بن أحمد بن
هبة الله البغدادي البيّع [3] روى عن أبي الوقت [السّجزي] وجماعة،
وتوفي في رجب.
وفيها الملك الأمجد مجد الدّين أبو المظفّر بهرام شاه بن فرّوخ شاه
__________
[1] ما بين الحاصرتين مستدرك من «العبر» (5/ 110) .
[2] ذكرت «إسعرد» غير مرة في «الكامل في التاريخ» لابن الأثير. وقال في
«بلدان الخلافة الشرقية» ص (145) مدينة «سعرت» أو «سعرد» أو «إسعرت»
كانت تعد في الغالب من أعمال أرمينية، وانظر «آثار البلاد وأخبار
العباد» ص (360) أثناء الكلام على «حيزان» .
[3] انظر «العبر» (5/ 110) و «سير أعلام النبلاء» (22/ 307- 308) و
«تاريخ الإسلام» (63/ 278- 279) .
(7/222)
ابن شاهنشاه بن أيوب بن شادي [1] ، صاحب
بعلبك. تملّكها بعد والده خمسين سنة، وكان جوادا [2] كريما شاعرا
محسنا، قتله مملوك له جميل بدمشق في شوال. وسببه أنه سرقت له دواة من
ذهب تساوي مائتي دينار، فظهرت عند هذا المملوك، فحبسه في خزانة في
داره، فلما كان ليلة الأربعاء ثامن شوال فتح الخزانة بسكين كانت معه
قلع بها رزة الباب، وأخذ سيف الأمجد، وكان يلعب بالشطرنج، فضربه فحلّ
[3] كتفه، وطعنه بالسيف في خاصرته فمات، وهرب المملوك، فثارت عليه
المماليك وقتلوه، ودفن الأمجد بتربة أبيه على الشرف الشمالي.
ومن شعره في مليح يقطع بانا:
من لي بأهيف قال حين عتبته ... في قطع كلّ قضيب بان رائق
تحكي شمائله الرّشاق إذا انثنى ... ريّان بين جداول وحدائق:
سرقت غصون البان لين معاطفي ... فقطعتها والقطع حدّ السّارق
ورؤي في المنام فقيل له: ما فعل الله بك؟ فقال:
كنت من ذنبي على وجل ... زال عنّي ذلك الوجل
أمنت نفسي بوائقها ... عشت لمّا متّ يا رجل
وفيها جلدك التقويّ الأمير [4] . ولي نيابة الإسكندرية، وسدّ [5]
الدّيار
__________
[1] انظر «مرآة الزمان» (8/ 441- 442) و «وفيات الأعيان» (2/ 453) و
«تاريخ الإسلام» (63/ 281- 282) و «النجوم الزاهرة» (6/ 275- 276)
وأورد له أبياتا أخرى من شعره يحسن بالقارئ الوقوف عليها.
[2] تحرفت في «ط» إلى «جودا» .
[3] في «آ» و «ط» : «حل» وما أثبته من «مرآة الزمان» .
[4] انظر «فوات الوفيات» (1/ 300- 301) و «العبر» (5/ 111) و «الوافي
بالوفيات» (11/ 174- 175) .
[5] في «العبر» بطبعتيه: «وشدّ» .
(7/223)
المصرية، وكان أديبا شاعرا. روى عن
السّلفي، ومولاه- هو صاحب حماة- تقي الدّين عمر. توفي في شعبان.
وفيها الزّين الكردي محمد بن عمر المقرئ [1] . أخذ القراءات عن
الشّاطبي، وتصدّر بجامع دمشق مع السّخاويّ.
وفيها المهذّب الدّخوار عبد الرحيم بن علي بن حامد الدّمشقي [2] ، شيخ
الطّب وواقف المدرسة التي بالصّاغة العتيقة على الأطباء [3] .
ولد سنة خمس وستين وخمسمائة، وأخذ عن الموفق بن المطران، والرّضي
الرّحبي [4] . وأخذ الأدب عن الكندي. وانتهت إليه معرفة الطب، وصنّف
التصانيف فيه، وحظي عند الملوك ولما تجاوز سنّ الكهولة عرض له طرف خرس
حتّى بقي لا يكاد يفهم كلامه. واجتهد في علاج نفسه فما أفاد، بل ولّد
له أمراضا. وكان دخله في الشّهر مائة وخمسون دينارا، وله أقطاع تعدل
ستة آلاف وخمسمائة دينار. ولما ثقل لسانه كان الجماعة يبحثون بين يديه
فيكتب لهم ما أشكل عليهم في اللوح، واستعمل المعاجين الحادة فعرضت له
حمّى قوية أضعفت قوته، وزادت إلى أن سالت عينه.
__________
[1] انظر «العبر» (5/ 111) .
[2] انظر «العبر» (5/ 111- 112) و «سير أعلام النبلاء» (22/ 316- 317)
و «تاريخ الإسلام» (63/ 292- 294) و «القلائد الجوهرية» (1/ 331- 333)
طبع مجمع اللغة العربية بدمشق.
[3] وقد تحولت مدرسته في هذه الأيام إلى متحف للطب العربي الإسلامي
القديم، وتقام فيها- على فترات متباعدة- بعض الندوات العلمية وتلقى
فيها المحاضرات في الأمسيات الصيفية غالبا، ومن جملة من حاضر فيها
محاضرة علمية إسلامية الشكل والمضمون قبل ثلاث سنوات، العالم الجزائري
الفاضل الدكتور أحمد عروة، تحدث فيها عن خلق الإنسان في القرآن الكريم،
وقد تنادى إلى حضورها أهل العلم والثقافة والأدب في دمشق في حينه.
[4] في «العبر» بتحقيق الأستاذ الدكتور صلاح الدين المنجد «الرّخي»
وتبعه محقّق «العبر» طبع بيروت، وهو خطأ.
(7/224)
وفيها ناصح الدّين أبو محمد عبد الوهاب بن
زاكي بن جميع الحرّاني [1] الفقيه الحنبلي. نزيل دمشق. سمع بحرّان من
عبد القادر الرّهاوي.
قال ابن حمدان: كان فاضلا في الأصلين، والخلاف، والعربية، والنثر،
والنظم، وغير ذلك. رحل إلى بغداد، وقرأت عليه «الجدل الكبير» لابن
المنّي، و «منتهى السول» وغير ذلك. وكان كثير المروءة والأدب، حسن
الصحبة.
وذكر المنذري: أنه حدّث بشيء من شعره. قال: وجميع: بضم الجيم وفتح
الميم. وتوفي خامس ذي القعدة، ودفن بسفح قاسيون.
وفيها الدّاهري أبو الفضل عبد السلام بن عبد الله بن أحمد بن بكران
البغدادي الحافظ [2] الخفّاف الخرّاز [3] . سمع من أبي بكر الزّاغوني،
ونصر العكبري، وجماعة. وكان عاميّا مستورا، كثير الرّواية. توفي في
ربيع الأول.
وفيها ابن رحّال العدل نظام الدّين علي بن محمد بن يحيى المصري [4] .
سمع من السّلفي وغيره، وتوفي في شوال.
وفيها أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الملك بن يحيى بن إبراهيم بن يحيى
الحميري الكتامي الفاسي القطّان [5] ، قاضي الجماعة. كان حافظا ثقة
مأمونا، لكن نقمت عليه أغراض في قضائه. قاله ابن ناصر الدّين.
__________
[1] انظر «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 292) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/
177- 178) .
[2] لفظة «الحافظ» لم ترد في «ط» .
[3] انظر «العبر» (5/ 112) و «سير أعلام النبلاء» (22/ 304- 306) و
«الإعلام بوفيات الأعلام» ص (259) .
[4] انظر «العبر» (5/ 112) و «تاريخ الإسلام» (63/ 297- 298) .
[5] انظر «تاريخ الإسلام» (63/ 296- 297) و «التبيان شرح بديعة البيان»
(175/ آ) .
(7/225)
وفيها القاسم بن القاسم الواسطي [1] ، شاعر
فاضل.
من نظمه:
لا ترد من خيار دهرك خيرا ... فبعيد من السرب السّراب
منطق [2] كالحباب يطفو على الكا ... س ولكن تحت الحباب الحباب
عذبت في اللقاء ألسنة القو ... م ولكن تحت العذاب العذاب [3]
وله:
ديباج خدّك بالعذار مطرّز ... برزت محاسنه وأنت مبرّز
وبدت على غصن الصّبا لك روضة ... والغصن ينبت في الرّياض ويغرز
وجنت على وجنات خدّك حمرة ... خجل الشقيق بها وحار القرمز
لو كنت مدّعيا ملاحة يوسف ... لقضى القياس بأن حسنك معجز
أو كان عطفك مثل عطفك ليّن ... ما كان منك تمنّع وتعزّز
وفيها ابن عصيّة أبو الرّضا محمد بن أبي الفتح المبارك بن عبد الرّحمن
الكندي الحربي [4] . روى عن أبي الوقت وغيره، وتوفي في المحرم.
وفيها ابن معطي النحوي الشيخ زين الدّين أبو الحسين يحيى بن عبد المعطي
بن عبد النّور الزّواوي- نسبة إلى زواوة قبيلة كبيرة بأعمال
__________
[1] انظر «معجم الأدباء» (16/ 296- 316) و «تاريخ الإسلام» (63/ 239) و
«فوات الوفيات» (3/ 192- 196) وقد ذكروا جميعا بأنه مات سنة (626)
فتنبه.
[2] في «فوات الوفيات» : «رونق» .
[3] رواية البيت في «فوات الوفيات» :
عذبت في النفاق ألسنة القو ... م وفي الألسن العذاب العذاب
[4] انظر «العبر» (5/ 112) و «تاريخ الإسلام» (63/ 300) و «الإعلام
بوفيات الأعلام» ص (259) .
(7/226)
إفريقية- الفقيه الحنفي [1] .
ولد سنة أربع وستين وخمسمائة، وأقرأ العربية مدّة بمصر ودمشق، وروى عن
القاسم بن عساكر وغيره، وهو أجلّ تلامذة الجزوليّ، وانفرد بعلم
العربية، وصنّف «الألفية» المشهورة [2] وغيرها، ومات في ذي القعدة بمصر
وقبره قريب من تربة الإمام الشّافعي.
__________
[1] انظر «وفيات الأعيان» (6/ 197) و «العبر» (5/ 112) و «سير أعلام
النبلاء» (22/ 324) و «تاريخ الإسلام» (63/ 303- 305) و «الإعلام
بوفيات الأعلام» ص (259) .
[2] انظر «كشف الظنون» (1/ 155- 156) .
(7/227)
سنة تسع وعشرين
وستمائة
فيها عاثت التتار لموت جلال الدّين ووصلوا إلى شهرزور، فأنفق [1]
المستنصر بالله في العساكر، وجهزهم مع قشتمر [2] النّاصري، فانضموا إلى
صاحب إربل، فتقهقرت التتار.
وفيها توفي السّمّذي- بكسرتين وتشديد الميم نسبة إلى السّمّذ وهو الخبز
الأبيض يعمل للخواص- أبو القاسم أحمد بن أحمد بن أبي غالب البغدادي
الكاتب [3] . روى «جزء» أبي الجهم عن أبي الوقت، وبعضهم سمّاه عليا.
توفي في المحرّم.
وفيها الشيخ شرف الدّين إسماعيل الموصلي ابن خالة القاضي شمس الدّين بن
الشيرازي [4] . كان ينوب عن ابن الزّكي الشّافعي في القضاء، وهو على
مذهب أبي حنيفة. وكان بيده تدريس مدرسة الطرخانية.
بعث إليه الملك المعظّم يقول له: أفت بإباحة الأنبذة، وما يعمل من
الرّمّان وغيره، فقال الشيخ شرف الدّين: لا أفتح على أبي حنيفة هذا
الباب! وأنا
__________
[1] تحرفت في «العبر» بطبعتيه إلى «فاتّفق» فتصحح.
[2] تحرفت في «آ» و «ط» إلى «قستم» والتصحيح من «العبر» و «تاريخ
الإسلام» (63/ 38) .
[3] انظر «العبر» (5/ 113) و «تاريخ الإسلام» (63/ 306- 307) .
[4] انظر «ذيل الروضتين» ص (161) و «النجوم الزاهرة» (6/ 278- 279) .
(7/228)
على مذهب محمد [1]- رضي الله عنه- في
تحريمها، وأبو حنيفة لم تتواتر الرواية عنه في إباحتها، وقد صحّ عن أبي
حنيفة أنه لم يشربها قطّ، فغضب المعظّم، وأخرجه من مدرسة طرخان، وولاها
لتلميذه الزّين بن العتّال، وأقام هو في بيته تتردد الناس إليه، لا
يغشى أحدا من خلق الله تعالى، قانعا باليسير إلى أن مات، رحمه الله
تعالى.
وفيها أبو علي الحسين بن المبارك الزّبيدي [2] . قدم بغداد وسكنها،
وكان خيّرا، عارفا بمذهب أبي حنيفة، عالي الإسناد. سمع أبا الوقت
[السّجزيّ] وغيره، ومنه الأبرقوهي.
وفيها أبو الرّبيع سلمان بن نجاح القوصي [الغمري] [3] . سكن دمشق وكان
بارعا في الأدب. ومن شعره:
أراك منقبضا عنّي بلا سبب ... وكنت بالأمس يا مولاي منبسطا
وما تعمّدت ذنبا أستحقّ به ... هذا الصّدود لعلّ الذّنب كان خطا
فإن يكن غلط [4] منّي على غرر ... قل لي لعلّي أن أستدرك الغلطا
وفيها السلطان جلال الدّين خوارزم شاه منكوبري بن خوارزم شاه علاء
الدّين محمد بن خوارزم شاه علاء الدّين تكش بن خوارزم شاه أرسلان ابن
خوارزم شاه أتسز [5] بن محمد الخوارزمي. أحد من يضرب به المثل في
الشجاعة والإقدام.
__________
[1] يعني محمد بن الحسن الشيباني تلميذ أبي حنيفة (ع) .
[2] انظر «العبر» (5/ 113) و «سير أعلام النبلاء» (22/ 357- 359) و
«البداية والنهاية» (13/ 133) وقد تحرفت «الحسين» إلى «الحسن» في
«العبر» بطبعتيه فتصحح.
[3] انظر «الوافي بالوفيات» (15/ 437- 438) ولفظة «الغمري» زيادة منه.
[4] في «الوافي بالوفيات» : «غلطة» .
[5] في «آ» و «ط» : «أنز» والتصحيح من «وفيات الأعيان» (2/ 428) و
«العبر» (5/ 114) وهو مترجم أيضا في «سير أعلام النبلاء» (22/ 326-
329) و «تاريخ الإسلام» (63/ 283- 287) .
(7/229)
قال الذهبي: لا أعلم في السلاطين أكثر
جولانا منه في البلدان، ما بين الهند إلى ما وراء النهر، إلى العراق،
إلى فارس، إلى كرمان، إلى أذربيجان، وإرمينية، وغير ذلك. وحضر مصافا،
وقاوم التتار في أول جدّهم [1] وحدّتهم. وافتتح غير مدينة، وسفك
الدماء، وظلم، وعسف، وغدر، ومع ذلك كان صحيح الإسلام. وكان ربما قرأ في
المصحف ويبكي.
وآل أمره إلى أن تفرّق [عنه] [2] جيشه وقلّوا، لأنهم لم تكن لهم إقطاع،
بل أكثر عيشهم من نهب البلاد. انتهى.
وقال غيره: انهزم من التتار فرآه فلاح من قرية يقال لها: عين دارا [3]
، راكبا على سرج مرصّعا باليواقيت، وعلى لجام فرسه الجواهر، فشره
الفلّاح إلى ما كان معه فأنزله فأطعمه، فلما نام ضربه بفأس فقتله وأخذ
ما معه ودفنه، فبلغ ذلك شهاب الدّين غازي صاحب ميّافارقين، فأحضر
الفلّاح وعاقبه، فأقر. وأحضر الفرس والسلاح، وكان جلال الدّين سدّا بين
المسلمين والكفّار. فلما مات انفتح السدّ. وكان يتكلم بالتّركية
والفارسية. انتهى.
وفيها أبو موسى الحافظ جمال الدّين عبد الله بن عبد الغني بن عبد
الواحد بن علي بن سرور المقدسي الحنبلي [4] ، الحافظ ابن الحافظ.
ولد في شوّال سنة إحدى وثمانين وخمسمائة، وسمع من عبد الرحمن
__________
[1] كذا في «آ» و «ط» : «في أول جدهم» وفي «العبر» : «في أول حدهم»
بالحاء المهملة.
[2] لفظة «عنه» مستدركة من «العبر» .
[3] عين دارا، لم أقف على من ذكرها بهذا الاسم عند أصحاب كتب البلدان
التي بين يدي، ولكن جاء في «معجم البلدان» (2/ 418) : دارا ... بلدة في
لحف جبل بين نصيبين وماردين ... ذات بساتين ومياه جارية.
[4] انظر «العبر» (5/ 114- 115) و «سير أعلام النبلاء» (22/ 317- 320)
و «تاريخ الإسلام» (63/ 316- 320) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 185-
187) .
(7/230)
ابن الخرقي بدمشق، ومن ابن كليب ببغداد،
ومن خليل الرّاراني [1] بأصبهان.
ومن الأرتاحي بمصر. ومن منصور الفراوي بنيسابور. وكتب الكثير، وعني
بهذا الشأن. وجمع وأفاد، وتفقه وتأدب وتميّز. مع الأمانة والدّيانة
والتقوى.
قال الضياء: اشتغل بالفقه والحديث، وصار علما من الأعلام، حافظا متقنا
ثقة.
وقال عمر بن الحاجب: لم يكن في عصره مثله في الحفظ والمعرفة والأمانة،
وكان كثير الفضل، وافر العقل، متواضعا، مهيبا، وقورا، جوادا، سخيّا، له
القبول التّام، مع العبادة والورع والمجاهدة.
وقال الذهبي: روى عنه الضياء، وابن أبي عمر، وابن النجار [2] ، وجماعة
كثيرون. ومع هذا فقد غمزه النّاصح بن الحنبلي، وسبط ابن الجوزي بالميل
إلى السلاطين.
قال ابن رجب: والعجب أن هذين الرجلين كانا من أكثر الناس ميلا إلى
السلاطين [3] والملوك، وتوصلا [4] إليهم، وإلى برّهم بالوعظ وغيره.
ولقد كان أبو موسى أتقى لله تعالى، وأورع، وأعلم منهما، وأكثر عبادة،
وأنفع للناس. وبنى الملك الأشرف دار الحديث بالسفح على اسمه، وجعله
شيخها. وقرّر له معلوما. فمات أبو موسى قبل كمالها.
توفي- رحمه الله- يوم الجمعة خامس رمضان ودفن بسفح قاسيون.
__________
[1] تصحفت في «آ» و «ط» إلى «الرّازاني» والتصحيح من «التكملة لوفيات
النقلة» (1/ 354) و (3/ 319) و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1408) وحوادث سنة
(596) في المجلد السادس ص (528) وتحرفت نسبته في «ذيل طبقات الحنابلة»
إلى «الداراني» فتصحح.
[2] تحرفت في «ذيل طبقات الحنابلة» إلى «وابن البخاري» .
[3] لفظة «السلاطين» لم ترد في «ذيل طبقات الحنابلة» .
[4] في «ذيل طبقات الحنابلة» : «والتوصل» .
(7/231)
وفيها عبد الغفّار بن شجاع المحلّي [1]
الشّروطي [2] . روى عن السّلفي وغيره، ومات في شوّال عن سبع وسبعين
سنة.
وفيها عبد اللّطيف بن عبد الوهّاب بن محمد بن الطّبري [3] . سمع من أبي
محمد بن المادح، وهبة الله بن الشّبلي، وتوفي في شعبان.
وفيها الموفق أبو محمد عبد اللّطيف بن يوسف العلّامة ذو الفنون
البغدادي [4] الشافعي النّحوي اللّغوي الطّبيب الفيلسوف، صاحب التصانيف
الكثيرة.
ولد سنة سبع وخمسين وخمسمائة، وسمع من جماعة كثيرين، منهم:
ابن البطّي، وأبو زرعة، وتفقه على أبي القاسم بن فضلان، وأقام بحلب،
وحفظ كتبا كثيرة، ومن تصانيفه «شرح مقدمة ابن باب شاذ» [5] في النحو، و
«شرح المقامات» [6] و «شرح بانت سعاد» و «الجامع الكبير» في المنطق
والطبيعي والإلهي في عشر مجلدات، و «الرد على اليهود والنصارى» و «غريب
الحديث» في ثلاث مجلدات، واختصره. و «شرح أحاديث ابن ماجة المتعلقة
بالطب» . وحدّث ببلدان كثيرة.
__________
[1] تصحفت في «العبر» بطبعتيه إلى «المجلّي» فتصحح.
[2] انظر «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 320- 321) و «العبر» (5/ 115) و
«سير أعلام النبلاء» (22/ 320) و «تاريخ الإسلام» (63/ 322) و «حسن
المحاضرة» (1/ 377) .
[3] انظر «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 315- 316) و «العبر» (5/ 115) و
«تاريخ الإسلام» (63/ 323- 324) .
[4] انظر «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 297- 298) و «العبر» (5/ 115-
116) و «سير أعلام النبلاء» (22/ 320- 323) و «تاريخ الإسلام» (63/
324) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (259) .
[5] في «تاريخ الإسلام» (63/ 328) : «شرح مقدمة بابشاد» .
[6] في «تاريخ الإسلام» : «الإنصاف بين ابن برّي وابن الخشّاب في
كلامهما على المقامات» .
(7/232)
قال الذهبي: كان أحد الأذكياء البارعين [1]
في اللغة، والآداب، والطبّ، وعلم الأوائل. لكن كثرة دعاويه أزرت به.
ولقد بالغ القفطيّ [2] في الحطّ عليه، وظلمه وبخسه حقّه.
سافر من حلب ليحجّ من العراق، فأدركه الموت ببغداد في ثاني عشر المحرم.
انتهى كلام الذّهبي.
وقال الدّبيثي: غلب عليه علم الطبّ والأدب، وبرع فيهما.
ومن كلامه: من لم يحتمل ألم التّعلّم، لم يذق لذّة العلم، ومن لم يكدح
لم يفلح.
وفيها الشيخ عمر بن عبد الملك الدّينوري [3] الزاهد، نزيل قاسيون.
كان صاحب أحوال ومجاهدات وأتباع، وهو والد جمال الدّين خطيب كفر بطنا.
وفيها عمر بن كرم بن أبي الحسن أبو حفص الدّينوري ثم البغدادي الحمّامي
[4] .
ولد سنة تسع وثلاثين وخمسمائة، وسمع من جدّه لأمه عبد الوهاب
الصّابوني، ونصر العكبري، وأبي الوقت [السّجزي] . وأجاز له الكروخي،
وعمر بن أحمد الصفّار الفقيه، وطائفة. انفرد عن أبي الوقت بأجزاء، وكان
صالحا. توفي في رجب.
__________
[1] في «تاريخ الإسلام» : «المتضلعين» .
[2] في «آ» : «القطيعيّ» وهو خطأ.
[3] انظر «العبر» (5/ 116) و «تاريخ الإسلام» (63/ 335- 336) .
[4] انظر «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 313) و «العبر» (5/ 116) و «سير
أعلام النبلاء» (22/ 325) و «تاريخ الإسلام» (63/ 336- 337) .
(7/233)
وفيها عيسى بن المحدّث عبد العزيز بن عيسى
اللّخمي الشّريشي ثم الإسكندراني المقرئ [1] .
سمع من السّلفي، وقرأ القراءات على أبي الطيّب عبد المنعم بن الخلوف،
ثم ادعى أنه قرأ على ابن خلف الدّاني وغيره، فاتّهم، وصار من الضعفاء،
وفجعنا بنفسه. توفي في سابع جمادى الآخرة. قاله في «العبر» .
وفيها الحافظ الرحّال أبو بكر محمد بن عبد الغني بن أبي بكر بن شجاع
البغدادي الحنبلي، المعروف بابن نقطة، ويلقب معين الدّين ومحب الدّين
أيضا [2] .
ولد في عاشر رجب سنة تسع وسبعين وخمسمائة، وسمع ببغداد من يحيى بن بوش،
وابن سكينة، وغيرهما. ورحل إلى البلدان، فسمع بواسط من أبي الفتح بن
المندائي [3] ، وبإربل من عبد اللّطيف بن أبي النّجيب السّهروردي.
وبأصبهان من عفيفة الفارفانية، وزاهر بن أحمد، وجماعات.
وبخراسان من منصور الفراوي، والمؤيد الطّوسي، وغيرهما. وبدمشق من أبي
اليّمن الكندي، وابن الحرستاني، وداود بن ملاعب، وغيرهم. وبمصر من ابن
الفخر الكاتب وغيره. وبالإسكندرية من جماعة من أصحاب السّلفي.
وبمكّة من يحيى بن ياقوت. وبحرّان من الحافظ عبد القادر [الرّهاوي] [4]
.
__________
[1] انظر «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 312) و «سير أعلام النبلاء» (22/
315) و «العبر» (5/ 116- 117) و «معرفة القراء الكبار» (2/ 614- 619) .
[2] انظر «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 300- 301) و «وفيات الأعيان» (4/
392- 393) و «العبر» (5/ 117) و «سير أعلام النبلاء» (22/ 347) و
«تاريخ الإسلام» (63/ 344- 346) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (259) و
«ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 182- 184) .
[3] تحرفت في «آ» و «ط» إلى «المنادي» وفي «ذيل طبقات الحنابلة» إلى
«المنداي» والتصحيح من «التكملة لوفيات النقلة» و «سير أعلام النبلاء»
و «تاريخ الإسلام» .
[4] تكملة من «تاريخ الإسلام» .
(7/234)
وبحلب من الافتخار الهاشمي. وبالموصل من
جماعة. وبدمنهور، ودنيسر، وبلاد أخر. وعني بهذا الشأن عناية تامّة،
وبرع فيه، وكتب الكثير. وحصّل الأصول. وصنّف تصانيف مفيدة.
ذكره عمر بن الحاجب في «معجمه» فقال: شيخنا هذا أحد الحفّاظ الموجودين
في هذا الزمان. طاف البلاد، وسمع الكثير، وصنّف كتبا حسنة في معرفة
علوم الحديث والأنساب، وكان إماما، زاهدا، ورعا، ثقة، ثبتا، حسن
القراءة، مليح الخطّ، كثير الفوائد، متحريا في الرواية، حجّة فيما
يقوله ويصنّفه ويجمعه من النقل. ذا سمت ووقار وعفاف، حسن السيرة، جميل
الظاهر والباطن، سخي النّفس، مع القلّة، قانعا باليسير، كثير الرغبة
إلى الخيرات. سألت الحافظ الضياء عنه فقال: حافظ ديّن ثقة، صاحب مروءة،
كريم النّفس، كثير الفائدة. مشهور بالثقة، حلو المنطق. وسألت البرزالي
عنه فقال: ثقة ديّن مفيد. انتهى.
وقال المنذري: الحافظ أبو بكر بن نقطة، سمعت منه وسمع مني بجيزة فسطاط
مصر وغيرها. وكان أحد المشهورين.
وقال ابن خلّكان: دخل خراسان وبلاد الجبل والجزيرة والشام ومصر، ولقي
المشايخ وأخذ عنهم، وكتب الكثير وعلّق التعاليق النافعة، وذيّل على
«الإكمال» لابن ماكولا في مجلدين. وله كتاب آخر لطيف في «الأنساب» [1]
وله كتاب «التقييد بمعرفة رواة السنن والمسانيد» وله غير ذلك.
وقال ابن رجب: روى عنه المنذري، والسيف بن المجد، وابن الأثري، وابنه
اللّيث بن نقطة، وغيرهم.
__________
[1] سماه «تكملة الإكمال» واشتهر ب «الاستدراك» وهو قيد الطبع الآن في
جامعة أم القرى في مكة المكرمة، وقد صدر المجلد الأول منه بتحقيق
الدكتور عبد القيوم عبد ربّ النبيّ، والمجلد الثاني بتحقيق الدكتور عبد
القيوم بالاشتراك مع الأستاذ محمد صالح عبد العزيز المراد. وقد صدر
المجلدان الثالث والرابع منه حديثا بتحقيق الدكتور عبد القيوم، نفع
الله تعالى به.
(7/235)
وذكر ابن الأنماطي أنه سأله عن نسبته فقال:
جارية ربّت جدّتي أمّ أبي اسمها نقطة عرفنا باسمها. توفي في سنّ
الكهولة بكرة يوم الجمعة ثاني عشري صفر ببغداد ودفن عند قبر أبيه.
وأبوه الزاهد أبو محمد عبد الغني [1] . كان من أكابر الزّهاد المشهورين
بالصلاح والإيثار، وله أتباع ومريدون، وبنت له أمّ الخليفة النّاصر
مسجدا حسنا ببغداد فانقطع فيه، وكان يقصده الناس فيتكلم عليهم، وزوّجته
بجارية من خواصها وجهزتها بنحو من عشرة آلاف دينار، فما حال الحول
وعندهم من ذلك شيء، بل جميع ذلك تصدق به. وكان يتصدق في [كلّ] [2] يوم
بألف دينار وأصحابه [3] صيام، لا يدّخر لهم عشاء. وقف عليه سائل يلح في
الطلب ويصف فقره وأنه منذ كذا لم يجد شيئا، فأخرج إليه الهاون، وقال:
خذ هذا كل به في ثلاثين يوما ولا تشنّع على الله عزّ وجل. وتوفي ببغداد
في رابع جمادى الآخرة سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة، رحمه الله.
وكان محمد بن نقطة ينشد:
لا تظهرنّ لعاذل أو عاذر ... حاليك في السّرّاء والضّرّاء
فلرحمة المتوجّعين مرارة ... في القلب مثل شماتة الأعداء
__________
[1] انظر «التكملة لوفيات النقلة» (1/ ترجمة 18) كما في فهرسه. قلت:
ولم أقف عليها في النسخة التي بين يدي فقد سقطت هي وغيرها أثناء الطبع
من طبعة مؤسسة الرسالة. و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 184) .
[2] سقطت من «آ» و «ط» واستدركتها من «ذيل طبقات الحنابلة» .
[3] يعني أهل بيته.
(7/236)
سنة ثلاثين وستمائة
فيها حاصر الملك الكامل آمد وأخذها من صاحبها الملك المسعود مودود،
ضربها بالمجانيق، فلما رأى المسعود الغلبة، خرج وفي رقبته منديل، فرسم
عليه وتسلّم منه البلد، وطلب منه تسليم القلاع، فسلّم الجميع إلّا حصن
كيفا، فعذّبه بأنواع العذاب، وكان يبغضه، وكان المسعود فاسقا يأخذ
الحرم غصبا، حتّى وجدوا في قصره خمسمائة حرّة من بنات النّاس.
وفيها توفي بهاء الدّين التّنوخي القاضي إبراهيم بن أبي اليسر شاكر ابن
عبد الله الشّافعي [1] الكاتب البليغ، والد تقي الدّين إسماعيل. روى
بالإجازة عن شهدة، وولي قضاء المعرّة في صباه خمس سنين، فقال:
وليت الحكم خمسا هنّ [2] خمس ... لعمري والصّبا في العنفوان
فلم [3] تضع الأعادي قدر شاني ... ولا قالوا فلان قد رشاني
توفي في المحرّم.
وفيها إدريس بن السلطان يعقوب بن يوسف أبو العلاء المأمون [4] .
__________
[1] انظر «العبر» (5/ 118) و «تاريخ الإسلام» (63/ 354- 356) .
[2] في «آ» و «ط» : «وهي» والتصحيح من «العبر» و «تاريخ الإسلام» .
[3] في «آ» و «ط» : «فكم» والتصحيح من «العبر» و «تاريخ الإسلام» .
[4] انظر «العبر» (5/ 118) و «سير أعلام النبلاء» (22/ 342- 343) و
«تاريخ الإسلام» (63/ 309- 310) .
(7/237)
بايعوه بالأندلس، ثم جاء إلى مرّاكش وملكها
وعظم شأنه وسلطانه. وكان بطلا شجاعا، ذا هيبة شديدة وسفك للدماء. قطع
ذكر ابن تومرت من الخطبة، ومات غازيا، والله يسامحه.
وفيها إسماعيل بن سليمان بن أيداش أبو طاهر الحنفي ابن السّلّار [1] .
حدّث عن الصائن هبة الله [بن عساكر] ، وعبد الخالق بن أسد، وتوفي في ذي
القعدة.
وفيها الأوهي- بفتحتين نسبة إلى أوه قرية بين زنجان وهمذان [2]- الزاهد
أبو علي الحسن بن أحمد بن يوسف. نزيل بيت المقدس. أكثر عن السّلفي
وجماعة، وكان عبدا صالحا قانتا لله، صاحب أحوال ومجاهدات، له أجزاء
يحدّث منها. توفي في عاشر صفر.
وفيها الحسن بن السّيّد الأمير علي بن المرتضى أبو محمد العلوي
الحسينيّ [3] . آخر من سمع من ابن ناصر، يروي عنه كتاب «الذّرّيّة
الطّاهرة»
__________
[1] انظر «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 351) و «العبر» (5/ 118) و
«تاريخ الإسلام» (63/ 356) و «الجواهر المضية» (1/ 408) و «الطبقات
السنية» (2/ 189) .
[2] قلت: كذا قيّد المؤلف نسبته «الأوهي» بفتح الهمزة والواو ثم هاء
وياء. وعند ياقوت في «معجم البلدان» (1/ 283) : «الأوقي» بفتح الهمزة
والواو، ثم قاف وياء، وقال: لقيته بالبيت المقدس تاركا للدنيا مقبلا
على قراءة القرآن، مستقبلا قبلة المسجد الأقصى ... وسألته عن نسبه
فقال: أنا من بلد يقال له «أوه» فقال لي السّلفيّ الحافظ: ينبغي أن
تزيد فيه قافا للنسبة، فلذلك قيل لي «الأوقي» وضبط في «سير أعلام
النبلاء» (22/ 349) و «تاريخ الإسلام» (63/ 357) و «الإعلام بوفيات
الأعلام» ص (260) و «توضيح المشتبه» (1/ 286) :
«الإوقي» بكسر الهمزة وفتح الواو ثم قاف مكسورة تليها ياء النسب، وقال
العلّامة الشيخ عبد الرحمن المعلمي اليماني في تعليقه على «الأنساب»
(1/ 388) : ليست- يعني القاف- بزيادة وإنما هي إبدال الهاء الساكنة في
آخر الكلمة الأعجمية قافا كنظائره.
[3] انظر «العبر» (5/ 119) و «سير أعلام النبلاء» (22/ 344- 345) و
«تاريخ الإسلام» (63/ 359) .
(7/238)
توفي في شعبان عن ست وثمانين سنة، وسماعه
في الخامسة من عمره. قاله في «العبر» .
وفيها صفي الدّين أبو بكر عبد العزيز بن أحمد بن عمر بن سالم بن محمد
بن باقا، العدل البغدادي الحنبلي [1] التاجر.
ولد في رمضان سنة خمس وخمسين وخمسمائة ببغداد، وقرأ القرآن، وسمع من
أبي زرعة، وابن بندار، وابن النّقور، وابن عساكر علي [البطائحي] [2] ،
وخلق.
وقرأ طرفا من الفقه على ابن المنّي، واستوطن مصر إلى أن مات، وشهد بها
عند القضاة. وحدّث بالكثير إلى ليلة وفاته، وكان كثير التلاوة للقرآن.
قال ابن النجار: كان شيخا جليلا، صدوقا أمينا، حسن الأخلاق، متواضعا.
وسمع منه خلق كثير من الحفّاظ وغيرهم، منهم: ابن نقطة، وابن النجّار،
والمنذري. وحدّث عنه خلق كثير، وتوفي سحر تاسع عشر رمضان بالقاهرة،
ودفن بسفح المقطّم.
وفيها القاضي أبو المعالي أحمد بن يحيى ابن قايد [3] الأواني، الحنبلي.
ولّاه أبو صالح الجيلي قضاء دجيل، وله نظم، حدّث ببعضه. توفي بأوانا في
جمادى الأولى، وكان ابن عمّ أبي عبد الله محمد بن أبي المعالي ابن قايد
[3] الأواني، وكان زاهدا قدوة، ذا كرامات، حكى عنه الشيخ شهاب الدّين
السّهروردي وغيره حكايات.
قال الناصح بن الحنبلي: زرته أنا ورفيق لي، فقدّم لنا العشاء وعنده
__________
[1] انظر «العبر» (5/ 119) و «سير أعلام النبلاء» (22/ 351- 352) و
«ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 188) و «شذرات من كتب مفقودة» ص (180) .
[2] زيادة من «سير أعلام النبلاء» و «ذيل طبقات الحنابلة» .
[3] في «آ» و «ط» : «قائد» وفي «ذيل طبقات الحنابلة» و «شذرات من كتب
مفقودة» : «فايد» وما أثبته-
(7/239)
جماعة كثيرة، ولم أر إلّا خبزا وخلّا
وبقلا، فتحدث على الطعام، ثم قال:
ضاف بعيسى، [1] ابن مريم أقوام، فقدم لهم خبزا وخلّا، وقال: لو كنت
متكلّفا لأحد شيئا لتكلفت لكم. قال: فعرفت أنه قد عرف حالي.
دخل عليه رجل من الملاحدة في رباطه وهو جالس وحده فقتله فتكا، رضي الله
عنه، ودفن في رباطه وقتل قاتله وأحرق.
وفيها سالم بن محمد بن سالم العامري اليمني.
قال المناوي في «طبقاته» : كان رفيع المجد، عليّ القدر، كثير التواضع،
سليم الصدر. أثنى الأكابر على لطفه وفضله، وجنى المريدون ثمار الإحسان
من تربيته وعطفه، وكان شريف النّفس، عالي الهمّة، صاحب كرامات. انتهى.
وفيها الملك العزيز عثمان بن العادل أبي بكر بن أيوب شقيق المعظم [2] ،
وهو صاحب بانياس [3] ، وتبنين [4] وهونين [5] وهو الذي بنى قلعة
الصّبيبة بين هؤلاء البلدان، وكان عاقلا ساكنا، اتفق موته بالنّاعمة
وهو بستان له ببيت لهيا من صالحية دمشق في عشر رمضان.
__________
[ (-) ] من «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 341) و «توضيح المشتبه» (1/
279) و «المنهج الأحمد» للعليمي الورقة (366) . وقيده المنذري بقوله:
«وقايد: بفتح القاف وبعد الألف ياء آخر الحروف ودال مهملة» .
[1] في «آ» و «ط» : «ضاف عيسى» وما أثبته من «ذيل طبقات الحنابلة» و
«شذرات من كتب مفقودة» .
[2] انظر «العبر» (5/ 119) و «تاريخ الإسلام» (63/ 367) .
[3] بانياس: بلدة من أعمال الجولان إلى الشمال الغربي من القنيطرة.
وانظر «الروض المعطار» ص (74) و «أطلب التاريخ العربي» ص (59) طبع دار
الفكر بدمشق، و «أطلس العالم» ص (15) طبع مكتبة لبنان.
[4] تبنين: بلدة في جبال بني عامر المطلة على بانياس بين دمشق وصور.
انظر «معجم البلدان» (2/ 14) .
[5] هونين: بلد في جبال عاملة مطلّ على نواحي حمص. انظر «معجم البلدان»
(5/ 420) و «تاج العروس» (9/ 368) الطبعة القديمة.
(7/240)
وفيها العلّامة عبيد الله بن إبراهيم جمال
الدّين العبادي المحبوبي البخاري [1] ، شيخ الحنفية بما وراء النهر،
وأحد من انتهى إليه معرفة المذهب. أخذ عن أبي العلاء عمر بن أبي بكر بن
محمد الزّرنجري، عن أبيه شمس الأئمة. وبرهان الأئمة [2] عبد العزيز بن
عمر بن مازة. وتفقه أيضا على قاضي خان فخر الدّين حسن بن منصور
الأوزجندي. وتوفي ببخارى في جمادى الأولى عن أربع وثمانين سنة.
وفيها علي [بن عبد الرحمن] بن الجوزي أبو الحسن [3] . ولد العلّامة
جمال الدّين أبي الفرج عبد الرّحمن بن علي البغدادي الناسخ. نسخ الكثير
بالأجرة، وكان معاشرا لعّابا. روى عن ابن البطّي، وأبي زرعة، وجماعة،
وتوفي في رمضان.
وفيها ابن الأثير الإمام عز الدّين أبو الحسن علي بن محمد بن محمد ابن
عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري [4] المؤرخ الشافعي، أخو مجد
الدّين صاحب «النهاية» [5] .
ولد صاحب الترجمة سنة خمس وخمسين وخمسمائة، واشتغل في بلاد متعددة،
وكان إماما، نسّابة، مؤرخا، أخباريّا، أديبا، نبيلا، محتشما. وصنّف
التاريخ المشهور ب «الكامل» على الحوادث والسنين في عشر مجلدات، وهو
__________
[1] انظر «العبر» (5/ 120) و «سير أعلام النبلاء» (22/ 345- 346) و
«تاريخ الإسلام» (63/ 366- 367) و «الجواهر المضية» (2/ 490) و
«الفوائد البهية» ص (108) وتصحفت «البخاري» في «تاريخ الإسلام» إلى
«النجاري» فتصحح.
[2] في «ط» و «تاريخ الإسلام» : «وبرهان الأئمة» .
[3] انظر «العبر» (5/ 120) و «سير أعلام النبلاء» (22/ 352- 353) .
[4] انظر «وفيات الأعيان» (3/ 348- 350) و «العبر» (5/ 120- 121) و
«سير أعلام النبلاء» (22/ 353- 356) و «تاريخ الإسلام» (63/ 369) .
[5] وصاحب «جامع الأصول» أيضا.
(7/241)
من خيار التواريخ، ابتدأ فيه من أول
الزّمان إلى سنة تسع وعشرين وستمائة.
واختصر «الأنساب» لأبي سعد السمعاني، وهذّبه وأفاد فيه أشياء، وهو في
مقدار نصف أصله وأقل [1] ، وصنّف كتابا حافلا في معرفة الصحابة، جمع
فيه بين كتاب ابن مندة، وكتاب أبي نعيم، وكتاب ابن عبد البرّ، وكتاب
أبي موسى، وزاد وأفاد، وسماه «أسد الغابة في معرفة الصحابة» [2] وشرع
في «تاريخ الموصل» .
قال ابن خلّكان: كان بيته بالموصل مجمع الفضلاء. اجتمعت به بحلب فوجدته
مكمّل الفضائل والتواضع وكرم الأخلاق، فترددت إليه.
وقال في «العبر» : كان صدرا، معظّما، كثير الفضائل، وبيته مجمع
الفضلاء. روى عن خطيب الموصل أبي الفضل [3] وغيره، وتوفي في
__________
[1] وسمّاه «اللباب في تهذيب الأنساب» وهو مطبوع متداول. قال ابن
خلّكان: استدرك فيه على السمعاني في مواضع، ونبّه على أغلاط، وزاد
أشياء أهملها السمعاني، وهو مفيد جدا.
[2] قلت: ولأخيه مجد الدّين المبارك بن محمد بن الأثير الجزري المتوفى
سنة (606 هـ) كلام في غاية النفاسة والإتقان عن رجال «الموطأ» للإمام
مالك، و «الصحيحين» و «سنن أبي داود» و «سنن الترمذي» و «المجتبى- أو
المجتنى- من السنن» للنسائي، بدأ فيه بالكلام عن سيرة النّبيّ صلى الله
عليه وسلّم، وسير الأنبياء عليهم السلام، وسير العشرة المبشرين بالجنة،
ثم الصحابة والتابعين وأتباعهم ممن ورد ذكرهم في الكتب المذكورة، وذلك
في القسم الأخير من كتابه الفذ «جامع الأصول في أحاديث الرسول صلى الله
عليه وسلّم» وهو القسم الذي لم يطبع بعد من الكتاب، وقد اقتسمت تحقيقه
مع الأستاذين الفاضلين رياض عبد الحميد مراد، ومحمد أديب الجادر، ويقوم
والدي الأستاذ الشيخ عبد القادر الأرناؤوط بالإشراف على تحقيقه وتخريج
الأحاديث الواردة فيه، وسوف يصدر هذا القسم قريبا في أربع مجلدات
يتبعها مجلد لفهارس هذا القسم.
وقد وهم الإمام محمد بن إبراهيم الوزير في «العواصم والقواصم» (1/ 412)
فنسب هذا القسم من «جامع الأصول» للإمام عز الدّين ابن الأثير- صاحب
الترجمة- ولم ينتبه لذلك محققه الأستاذ الشيخ شعيب الأرناؤوط، وعلّق
تعليقا أشار فيه إلى القسم المذكور من «جامع الأصول» دون التنبيه على
وهم ابن الوزير!.
[3] هو الإمام العالم الفقيه المحدّث، أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن
محمد الطّوسي ثم البغدادي، ثم الموصلي، المتوفى سنة (578 هـ) وقد تقدمت
ترجمته في المجلد السادس صفحة (430) .
(7/242)
الخامس والعشرين من شعبان عن خمس وسبعين
سنة.
وفيها الحافظ ابن الحاجب الرحّال عز الدّين أبو الفتح عمر بن محمد بن
منصور الأميني الدّمشقي [1] . سمع سنة ست عشرة بدمشق، ورحل إلى بغداد،
فأدرك الفتح بن عبد السلام، وخرّج لنفسه معجما في بضع وستين جزءا. توفي
في شعبان وقد قارب الأربعين، وكان فيه دين وخير، وله حفظ وذكاء وهمّة
عالية في طلب الحديث، قلّ من أنجب مثله في زمانه.
وفيها الملك مظفّر الدّين، صاحب إربل، الملك المعظم أبو سعيد كوكبوري
[2] بن الأمير زين الدّين علي كوجك التركماني [3] ، وكوجك بالعربي
اللّطيف القدر. ولي مظفّر الدّين مملكة إربل بعد موت أبيه في سنة ثلاث
وستين، وله أربع عشرة سنة، فتعصّب عليه أتابكه مجاهد الدّين قيماز وكتب
محضرا أنه لا يصلح للملك لصغره، وأقام أخاه يوسف، ثم سكن حرّان مدة، ثم
اتصل بخدمة السلطان صلاح الدّين، وتمكّن منه، وتزوّج بأخته ربيعة واقفة
مدرسة الصاحبة [4] بشرقي الصالحية، وشهد معه عدة مواقف أبان فيها عن
شجاعة وإقدام، وكان حينئذ على إمرة حرّان والرّها، فقدم أخوه يوسف
منجدا لصلاح الدّين، فاتفق موته على عكّا، فأعطى السلطان صلاح الدّين
لمظفّر الدّين إربل وشهرزور، وأخذ منه حرّان والرّها، ودامت
__________
[1] انظر «العبر» (5/ 121) و «سير أعلام النبلاء» (22/ 370- 371) و
«تاريخ الإسلام» (63/ 373- 375) .
[2] قال ابن خلّكان في «وفيات الأعيان» (4/ 121) : وكوكبوري: بضم
الكافين، بينهما واو ساكنة، ثم باء موحدة مضمومة، وواو ساكنة، بعدها
راء، وهو اسم تركي معناه بالعربي ذئب أزرق.
قلت: وضبطها محققو «العبر» بطبعتيه و «سير أعلام النبلاء» بسكون الكاف
فتصحح.
[3] انظر «وفيات الأعيان» (4/ 113- 121) و «العبر» (5/ 121- 122) و
«سير أعلام النبلاء» (22/ 334- 337) و «تاريخ الإسلام» (63/ 375- 380)
و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (260) و «النجوم الزاهرة» (6/ 282) .
[4] انظر «غوطة دمشق» للعلّامة الأستاذ محمد كرد علي ص (127- 128) .
(7/243)
أيامه إلى هذا العام. وكان من أدين الملوك
وأجودهم وأكثرهم برّا ومعروفا على صغر مملكته.
قال ابن خلّكان: وأما سيرته، فكان له في فعل الخير [1] عجائب، ولم نسمع
أن أحدا فعل في ذلك مثل ما فعله، لم يكن شيء في الدنيا أحبّ إليه من
الصّدقة، وكان له في كل يوم قناطير مقنطرة من الخبز يفرّقها على
المحاويج في عدة مواضع من البلد، وإذا نزل من الركوب يكون قد اجتمع جمع
كثير عند الدّار فيدخلهم إليه، ويدفع لكل واحد كسوة على قدر الفصل من
الصيف والشتاء وغير ذلك، ومع الكسوة شيء من الذهب، وكان قد بنى أربع
خانقاهات [2] للزّمنى والعميان، وملأها من هذين الصّنفين، وقرّرا لهم
ما يحتاجون إليه كل يوم وليلة [3] ، وكان يأتيهم بنفسه كل عصرية اثنين
وخميس ويدخل إلى كل واحد في بيته ويسأله عن حاله، ويتفقده بشيء من
النفقة، وينتقل إلى الآخر حتّى يدور عليهم جميعهم، وهو يباسطهم ويمزح
معهم ويجبر قلوبهم. وبني دارا للنساء الأرامل، ودارا للضعفاء، ودارا
للأيتام، ودارا للملاقيط، ورتّب بها جماعة من المراضع، وكل مولود يلتقط
يحمل إليهنّ فيرضعنه. وأجرى على أهل كل دار ما يحتاجون إليه في كل يوم،
وكان يدخل إليهم في كل يوم ويتفقد أحوالهم ويعطيهم النفقات زيادة على
المقرّر لهم، وكان يدخل إلى البيمارستان ويقف على مريض مريض ويسأله عن
مبيته وكيفية حاله وما يشتهيه، وكان له دار مضيف يدخل إليها كل قادم
على البلد من فقيه وفقير وغيرهما، وإذا عزم الإنسان على السفر أعطاه
نفقة تليق بمثله، ولم تكن له لذّة بسوى السماع، فإنه كان لا يتعاطى
المنكر ولا يمكّن من إدخاله البلد، وكان إذا طرب في السماع خلع شيئا من
ثيابه وأعطاه
__________
[1] في «وفيات الأعيان» : «في فعل الخيرات» .
[2] في «آ» و «ط» : «خانقات» والتصحيح من «وفيات الأعيان» .
[3] لفظة «وليلة» لم ترد في «ط» و «وفيات الأعيان» .
(7/244)
للناشد ونحوه. وكان يسيّر في كل سنة
دفعتين، جماعة من أصحابه وأمنائه إلى بلاد الساحل ومعهم جملة مستكثرة
من المال يفتكّ [1] بها أسرى المسلمين من أيدي الكفّار، فإذا وصلوا
إليه أعطى كلّ واحد شيئا، وإن لم يصلوا فالأمناء يعطوهم بوصية منه.
وكان يقيم في كل سنة سبيلا للحاج ويسيّر معهم جميع ما تدعو إليه حاجة
المسافر في الطريق، ويسيّر أمينا معه خمسة آلاف دينار ينفقها في
الحرمين على المحاويج وأرباب الرواتب، وله بمكّة- حرسها الله تعالى-
آثار جميلة، وهو أول من أجرى الماء إلى جبل عرفات [ليلة الوقوف] [2]
وغرم [3] عليه جملة كثيرة، وعمل [4] بالجبل مصانع للماء.
وأما احتفاله بمولد النّبيّ صلى الله عليه وسلّم، فإن الوصف يقصر عن
الإحاطة به [5] . كان يعمله سنة في الثامن من شهر ربيع الأول، وسنة في
الثاني عشر لأجل الاختلاف الذي فيه، فإذا كان قبل المولد بيومين أخرج
من الإبل، والبقر، والغنم شيئا كثيرا، يزيد على الوصف، وزفّها بجميع ما
عنده من الطّبول والمغاني والملاهي، حتى يأتي بها [إلى] الميدان، ثم
يشرعون في نحرها، وينصبون القدور ويطبخون الألوان المختلفة، فإذا كان
ليلة المولد عمل السماعات بعد أن يصلي المغرب في القلعة، ثم ينزل وبين
يديه من الشموع الموكبية التي تحمل كل واحدة على بغل، ومن ورائها رجل
يسندها، وهي مربوطة على ظهر البغل، فإذا كان صبيحة يوم المولد أنزل
الخلع والبقج ويخلع على كل واحد من الفقهاء، والوعاظ، والقرّاء،
والشعراء، ويدفع لكل
__________
[1] في «آ» و «ط» : «يفك» وما أثبته من «وفيات الأعيان» .
[2] زيادة من «وفيات الأعيان» .
[3] تصحفت في «آ» و «ط» إلى «عرم» . وغرم: استدان. انظر «لسان العرب»
(غرم) .
[4] في «وفيات الأعيان» : «وعمّر» .
[5] لفظة «به» سقطت من «ط» .
(7/245)
واحد نفقة وهدية وما يوصله إلى وطنه. انتهى
ما أورده ابن خلّكان مخلصا.
وقال ابن شهبة في «تاريخ الإسلام» بعد كلام طويل وثناء جميل: قال جماعة
من أهل إربل: كانت نفقته على المولد في كل سنة ثلاثمائة ألف دينار،
وعلى الأسرى مائتين ألف دينار، وعلى دار المضيف مائة ألف دينار، وعلى
الخانقاه مائة ألف، وعلى الحرمين والسّبيل وعرفات ثلاثين ألف دينار،
غير صدقة السّرّ.
مات في رمضان بقلعة إربل، وأوصى أن يحمل إلى مكّة فيدفن في حرم الله
تعالى، وقال أستجير به فحمل في تابوت إلى الكوفة، ولم يتفق خروج الحاج
في هذه السنة من التتار، فدفن عند أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، رضي
الله عنه. انتهى.
وفيها ابن سلّام المحدّث الزّكي أبو عبد الله محمد بن الحسن بن سالم بن
سلّام الدّمشقي [1] . سمع من داود بن ملاعب، وابن البنّ وطبقتهما، وكان
إماما، فاضلا، يقظا، متقنا، صالحا، ناكسا على صغره. كتب الكثير، وحفظ
«علوم الحديث» للحاكم. مات في صفر عن إحدى وعشرين عاما، وفجع [2] به
أبوه.
وفيها ابن عنين الصّدر شرف الدّين أبو المحاسن محمد بن نصر الله ابن
مكارم بن حسن بن عنين الأنصاري الدّمشقي [3] الأديب. له «ديوان» مشهور
وهجو مؤلم، وكان بارعا في معرفة اللغة، كثير الفضائل، يشتعل ذكاء، ولم
يكن في دينه بذاك. توفي في ربيع الأول وله إحدى وثمانون سنة. اتّهم
بالزّندقة. قاله في «العبر» .
__________
[1] انظر «العبر» (5/ 122) و «تاريخ الإسلام» (63/ 381) .
[2] في «آ» و «فجّ» وهو تحريف.
[3] انظر «وفيات الأعيان» (5/ 14- 19) و «العبر» (5/ 122- 123) و
«تاريخ الإسلام» (63/ 385- 388) .
(7/246)
وقال ابن خلّكان: الكوفي الأصل الدّمشقي
المولد، الشاعر المشهور، خاتمة الشعراء، لم يأت بعده مثله، ولا كان في
أواخر عصره من يقاس به، ولم يكن شعره مع جودته مقصورا على أسلوب واحد،
بل تفنن فيه، وكان غزير المادة من الأدب، مطلعا على معظم أشعار العرب،
ويكفي أنه كان يستحضر كتاب «الجمهرة» لابن دريد في اللغة. وكان مولعا
بالهجاء وثلب أعراض الناس، وله قصيدة طويلة جمع فيها خلقا من رؤساء
دمشق، سمّاها «مقراض الأعراض» .
أقول [1] منها:
سلطاننا أعرج وكاتبه ... ذو عمش والوزير منحدب
وصاحب الأمر خلقه شرس ... وناظر الجيش داؤه عجب
والدّولعيّ الخطيب منعكف ... وهو على قشر بيضة ثلب
ولابن باقا وعظ يغرّ به الن ... اس وعبد اللطيف محتسب
وحاكم المسلمين ليس له ... في غير غرمول جرجس أرب
عيوب قوم لو أنّها جمعت ... في فلك ما سارت به الشّهب
ثم قال ابن خلّكان: وكان قد نفاه السلطان صلاح الدّين من دمشق بسبب
وقوعه في الناس، فلما خرج منها عمل:
فعلا م أبعدتم أخا ثقة ... لم يجترم ذنبا ولا سرقا؟
أنفوا المؤذّن من بلادكم ... إن كان ينفى كلّ من صدقا؟
وطاف البلاد، من الشام، والعراق، والجزيرة، وأذربيجان، وخراسان، وغزنة،
وخوارزم، وما وراء النهر، ثم دخل الهند واليمن- وملكها يومئذ سيف
__________
[1] القائل هنا المؤلف ابن العماد، ولم أجد الأبيات في «ديوانه»
المطبوع بتحقيق الأستاذ خليل مردم بك في دار صادر ببيروت.
(7/247)
الإسلام طغتكين بن أيوب، أخو السلطان صلاح
الدّين- وأقام بها مدة ثم رجع إلى الحجاز والدّيار المصرية.
ثم قال: ولما مات السلطان صلاح الدّين وملك الملك العادل دمشق، كتب إلى
الملك العادل قصيدته الرائية يستأذنه في الدخول إليها ويصف دمشق ويذكر
ما قاساه في الغربة، ولقد أحسن فيها كل الإحسان، واستعطفه بها أبلغ
الاستعطاف، وأولها [1] :
ماذا على طيف الأحبّة لو سرى ... وعليهم لو سامحوني بالكرى
ومنها بعد وصف محاسن دمشق قوله [2] :
فارقتها لا عن رضا وهجرتها ... لا عن قلى ورحلت لا متخيّرا
أسعى لرزق في البلاد مشتّت [3] ... ومن العجائب [4] أن يكون مقتّرا
وأصون وجه مدائحي متقنّعا ... وأكفّ ذيل مطامعي متستّرا
ومنها يشكو الغربة وما قاساه [5] :
أشكو إليك نوى تمادى عمرها ... حتّى حسبت اليوم منها أشهرا
لا عيشتي تصفو ولا رسم الهوى ... يعفو، ولا جفني يصافحه الكرى
أضحى عن الأحوى المريع محلّئا [6] ... وأبيت عن ورد النّمير منفّرا
ومن العجائب أن يقيل بظلّكم ... كلّ الورى ونبذت وحدي بالعرا
__________
[1] انظر «ديوانه» ص (3) .
[2] انظر «ديوانه» ص (5) .
[3] في «ديوانه» : «مفرّق» .
[4] في «ديوانه» : «ومن البلية» .
[5] انظر «ديوانه» ص (8) .
[6] في «آ» و «ط» : «محولا» وأثبت لفظ «ديوانه» .
(7/248)
وهذه القصيدة من أحسن الشعر، وهي عندي خير
من قصيدة ابن عمّار الأندلسي التي أولها:
أدر الزّجاجة فالنّسيم قد انبرى [1] ...
فلما وقف عليها الملك العادل أذن له في الدخول إلى دمشق، فلما دخلها
قال [2] :
هجوت الأكابر في جلّق ... ورعت الوضيع بسبّ الرّفيع
وأخرجت منها ولكنّني ... رجعت على رغم أنف الجميع
وكان له في عمل الألغاز وحلّها اليد الطّولى، ومتى كتب إليه شيء منها
حلّه في وقته، وكتب الجواب أحسن من السؤال نظما، ولم يكن له غرض في جمع
شعره، فلهذا لم يدوّنه، فهو يوجد مقاطيع بأيدي الناس، وقد جمع له بعض
أهل دمشق ديوانا صغيرا لا يبلغ عشر ما له من النظم [3] ، ومع هذا ففيه
أشياء ليست له، وكان من أظرف الناس وأخفّهم روحا، وأحسنهم مجونا، وله
بيت عجيب من جملة قصيدة يصف فيها توجهه إلى المشرق وهو [4] :
أشقّق قلب الشّرق حتّى كأنّني ... أفتّش في سودائه عن سنا الفجر
__________
[1] صدر بيت له، عجزه:
... والنّجم قد صرف العنان عن السّرى
وقد تقدم البيت في المجلد الخامس صفحة (335) .
[2] انظر «ديوانه» ص (94) .
[3] وهو الذي بين يدي، وقد قام بتحقيقه الأستاذ خليل مردم بك في دمشق
سنة 1365 هـ- 1946 م معتمدا على عدد كبير من النسخ الخطية، وأضاف إليه
مستدركا صغيرا في آخره.
[4] انظر «ديوانه» ص (29) .
(7/249)
وكان وافر الحرمة عند الملوك، وتولى
الوزارة بدمشق في آخر دولة الملك المعظّم، ومدة ولاية الملك النّاصر بن
المعظّم، وانفصل منها لمّا ملكها الملك الأشرف، ولم يباشر بعدها خدمة،
وتوفي عشية نهار الاثنين العشرين من شهر ربيع الأول، ودفن من الغد
بمسجده الذي أنشأه بأرض المزّة، وقيل: بتربة باب الصغير. انتهى ملخصا.
وفيها أبو محمد المعافى بن إسماعيل بن الحسين الموصلي، ويعرف أيضا بابن
الحدوس الشّافعي [1] . كان إماما، فقيها، بارعا، جيدا، صالحا، ديّنا
[2] أديبا.
ولد بالموصل، وتفقه بها على ابن مهاجر ثم على القاضي الفخر السّهروردي،
ثم على العماد بن يونس. وسمع، وحدّث، وأفتى، وصنّف، وناظر.
ومن تصانيفه كتاب «الكامل في الفقه» كتاب مطوّل، و «أنس المنقطعين» وهو
مشهور، وتفسير يسمى «البيان» ، وكتاب «الموجز في الذكر» . وكان حسن
الشكل والملبس. توفي بالموصل في شعبان أو في رمضان. قاله الإسنوي.
__________
[1] انظر «تاريخ الإسلام» (63/ 389) و «طبقات الشافعية الكبرى» للسبكي
(8/ 374) و «طبقات الشافعية» للإسنوي (2/ 450- 451) و «طبقات الشافعية»
لابن قاضي شهبة (2/ 116- 117) .
[2] لفظة «دينا» لم ترد في «ط» و «طبقات الشافعية» للإسنوي.
(7/250)
|