شذرات الذهب في أخبار من ذهب
سنة ست وثمانين
وستمائة
فيها توفي البرهان السّنجاري قاضي القضاة أبو محمد الخضر بن الحسن بن
علي الزّراري الشافعي [1] . ولي قضاء مصر وحدها مدّة في دولة الصّالح،
ثم آذاه الوزير بهاء الدّين ونكبه، فلما مات ولي الوزارة للملك
السّعيد، وبقي مدّة، ثم عزل، وضربه الشّجاعي، ثم ولي الوزارة ثانيا، ثم
عزل وأوذي، ثم ولي قضاء القضاة بالإقليم، فتوفي بعد عشرين يوما، فيقال:
إنه سمّ.
توفي في صفر، وولي بعده تقي الدّين بن بنت الأعزّ.
وفيها ابن بليمان [2] الأديب شرف الدّين سليمان بن بليمان [2] بن أبي
الجيش الإربلي. الشاعر المشهور. أحد الظّرفاء في العالم. توفي بدمشق
وقد كمّل التسعين.
__________
[1] انظر «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 143) .
[2] كذا في «آ» و «ط» و «نص مستدرك من العبر» ص (3) (حقّقه واستدرك فيه
النقص في طبعة الكويت ونشره في مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق صديقي
الفاضل الأستاذ رياض عبد الحميد مراد، نفع الله تعالى به، والسنوات
المستدركة فيه هي (686) و (687) و (695) و (696) و (697) و «النجوم
الزّاهرة» (7/ 372) : «بليمان» وفي «الوافي بالوفيات» (15/ 356) و
«فوات الوفيات» (2/ 57) .
(7/690)
وفيها- أو في سنة أربع وثمانين-[نجم
الأئمة] الرّضي [1] ، شارح «الكافية» الإمام المشهور.
قال السيوطي في «طبقات النّحاة» : [شرح «الكافية» لابن الحاجب، الشرح]
الذي لم يؤلّف عليها، بل ولا في غالب كتب النّحو مثله، جمعا، وتحقيقا،
وحسن تعليل، وقد [2] أكبّ النّاس عليه، وتداولوه، واعتمده شيوخ هذا
العصر فمن قبلهم في مصنّفاتهم ودروسهم، وله فيه أبحاث كثيرة مع
النّحاة، واختيارات جمّة، ومذهب ينفرد به [3] ، ولقّبه نجم الأئمة، ولم
أقف على اسمه ولا على شيء من ترجمته، إلّا أنه فرغ من تأليف هذا
«الشرح» سنة ثلاث وثمانين وستمائة.
وأخبرني صاحبنا المؤرخ شمس الدّين ابن عزم [4] بمكّة أن وفاته سنة
__________
[1] انظر «بغية الوعاة في طبقات اللّغويّين والنّحاة» للسّيوطي (1/
567- 568) وما بين الحاصرتين في الترجمة سقط من «آ» .
[2] في «ط» : «وقال» وهو خطأ.
[3] في «بغية الوعاة» : «ومذاهب ينفرد بها» .
[4] هو محمد بن عمر بن محمد بن أحمد بن عزم التميمي التونسي المكّي
المالكي. ولد بتونس في شوال سنة (816) ونشأ بها وأخذ العلم عن علمائها،
ثم ارتحل في مستهل سنة (837) فقدم الإسكندرية، فحضر بها مجلس الشيخ عمر
البسلقوني وغيره، ثم قدم القاهرة فأقام بها إلى أواخر سنة (839) وتوجه
إلى مكة في البحر فوصلها في أول سنة (840) فدام بها حتى حجّ، ثم توجه
في أوائل سنة (841) إلى المدينة المنورة فجاور بها بعض سنة، وسمع بها
على الجمال الكازروني، ثم غادرها في أثناء السنة فوصل القاهرة، فسمع
بها من الحافظ ابن حجر العسقلاني «المسلسل» ومجلسا من «صحيح مسلم» وكتب
عنه مجالس من أماليه، وتوجه منها في سنة (849) إلى البلاد الشامية،
وزار بيت المقدس، ثم رجع إلى القاهرة ثم إلى مكة، فقطنها وسمع بها من
مشايخها والقادمين إليها، وسافر منها إلى القاهرة، وتكسّب في كل منها
بالتجليد وكذا بالتجارة في الكتب. وسمع بالقاهرة من الحافظ السخاوي
ورافقه في سماع أشياء وقرأ عليه أخرى، ثم اشتدّ حرصه على تحصيل تصانيف
ابن عربي والتنويه بها وبمصنّفها. مات سنة (891) هـ. انظر «الضوء
اللّامع» (8/ 255- 256) و «الأعلام» (6/ 315) .
(7/691)
أربع وثمانين أو ست [وثمانين]- الشكّ مني-
وله شرح على «الشّافية» انتهى كلام السّيوطي.
وفيها ابن عساكر الإمام الزّاهد أمين الدّين أبو اليمن عبد الصّمد بن
عبد الوهاب بن زين الأمناء الدّمشقي [1] المجاور بمكة. روى عن جدّه،
والشيخ الموفق، وطائفة. وكان صالحا خيّرا، قوي المشاركة في العلم، بديع
النّظم، لطيف الشّمائل، صاحب توجّه وصدق.
ولد سنة أربع عشرة وستمائة، وجاور بمكة أربعين سنة، وتوفي في جمادى
الأولى رحمه الله.
وفيها عزّ الدّين أبو العزّ عبد العزيز بن عبد المنعم بن علي بن
الصّيقل، مسند الوقت الحرّاني [2] . روى عن أبي حامد بن جوالق، ويوسف
بن كامل، وطائفة. وأجاز له ابن كليب. فكان آخر من روى عن أكثر شيوخه،
وممن روى عنه الحافظ علم الدّين البرزالي. قال: حدّثنا الشيخ أبو العزّ
الحرّاني، قال: حدثني عبد الكافي بمصر- ووصفه بالصّلاح- قال:
خرجت في بعض الجنائز وتحت النّعش أسود، فصلينا على الميت، ووقف الأسود
لا يصلي، فلما أدخل الميت إلى القبر، نظر إليّ وقال: أنا عمله، وقفز
ودخل القبر، فنظرت في القبر فلم أر شيئا. انتهى.
وتوفي أبو العزّ هذا بمصر في جامع عمرو بن العاص في رابع عشر رجب وقد
نيّف على التسعين، وصلّى عليه ابن دقيق العيد.
__________
[1] انظر «نص مستدرك من كتاب العبر» ص (4) و «الإعلام بوفيات الأعلام»
ص (286) و «فوات الوفيات» (2/ 328- 330) و «البداية والنهاية» (13/
311) .
[2] انظر «نص مستدرك من كتاب العبر» ص (4- 5) و «الإعلام بوفيات
الأعلام» ص (286) و «البداية والنهاية» (13/ 310) .
(7/692)
وفيها- وقيل في التي قبلها كما جزم به
الإسنويّ وابن قاضي شهبة- قاضي القضاة وجيه الدّين [1] عبد الوهاب بن
الحسن المصري البهنسي الشّافعي [2] .
ولي قضاء مصر والقاهرة بعد موت القاضي تقي الدّين بن رزين، في رجب سنة
ثمانين [وستمائة] ، ثم أخذ منه قضاء القاهرة والوجه البحري وأعطي
للقاضي شهاب الدّين الجويني في جمادى الآخرة، سنة إحدى وثمانين، واستمر
الوجيه حاكما بمصر والوجه القبلي إلى أن توفي.
قال الإسنوي: كان إماما، كبيرا في الفقه.
وقال السّبكي: كان من كبار الأئمة.
وقال غيرهما: أخذ عن ابن عبد السّلام، ودرّس بالزاوية المحدثة بالجامع
العتيق بمصر، وكان فقيها، أصوليا، نحويا، متدينا، متعبدا، عالي الكلام
في المناظرة. حضر عند الشيخ شهاب الدّين القرافي مرّة في الدّرس وهو
يتكلم في الأصول، فناظره القرافي- وكلام الوجيه يعلو- فقام طالب يتكلم
بينهما فأسكته الوجيه، وقال: فروج يصيح بين الدّيكة.
توفي الوجيه- رحمه الله تعالى- في جمادى الأولى في عشر الثمانين.
وفيها ابن الحبوبي شهاب الدّين أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد بن حمزة
بن علي الثّعلبي الدمشقي الشّاهد [3] . روى عن [ابن] الحرستاني وغيره،
وأجاز له المؤيد الطّوسي، وابن الأخضر، وتوفي في رجب.
__________
[1] لفظة «الدّين» سقطت من «آ» .
[2] انظر «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 317- 318) و «طبقات الشافعية»
للإسنوي (1/ 283) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (2/ 236- 237) .
[3] انظر «نص مستدرك من كتاب العبر» ص (5) .
(7/693)
وفيها ابن القسطلّاني الإمام قطب الدّين
أبو بكر محمد بن أحمد بن علي المصري ثم المكّي [1] .
ولد سنة أربع عشرة وستمائة، وسمع من علي ابن البناء، والشّهاب
السّهروردي وجماعة [2] . وتفقّه في مذهب الإمام الشّافعي، وأفتى. ثم
رحل سنة تسع وأربعين، فسمع ببغداد، ومصر، والشام، والجزيرة. وكان أحد
من جمع بين [3] العلم والعمل، والهيبة والورع.
قال ابن تغري بردي: كان شجاعا، عالما، عاملا، عابدا، زاهدا، جامعا
للفضائل، كريم النّفس، كثير الإيثار، حسن الأخلاق، قليل المثل.
وكان بينه وبين ابن سبعين عداوة، وينكر عليه بمكة كثيرا من أحواله، وقد
صنّف في الطائفة الذين [4] يسلك طريقتهم ابن سبعين، وبدأ بالحلّاج،
وختم بالعفيف التّلمساني. وكان القطب هذا مأوى الفقراء، والواردين عليه
يبرهم ويعين كثيرا منهم.
ومن شعره:
إذا كان أنسي في التزامي خلوتي ... وقلبي عن كلّ البرية خالي
فما ضرّني من كان لي الدّهر قاليا ... ولا سرّني من كان في موالي
وقال الإسنوي: استقرّ بمكة، وكان ممن جمع العلم والعمل، والهيبة والورع
والكرم. طلب من مكة، وفوضت له مشيخة دار الحديث الكاملية بالقاهرة، إلى
أن توفي في شهر المحرّم.
__________
[1] انظر «نص مستدرك من كتاب العبر» ص (6) و «الإعلام بوفيات الأعلام»
ص (286) و «النجوم الزاهرة» (7/ 373) .
[2] لفظة «وجماعة» سقطت من «ط» .
[3] لفظة «بين» لم ترد في «ط» وعن «نص مستدرك من كتاب العبر» ومن
«العبر» طبع بيروت.
[4] في «آ» : «التي» .
(7/694)
ومن شعره:
إذا طاب أصل المرء طابت فروعه ... ومن غلط جاءت يد الشّوك بالورد
وقد يخبث الفرع الذي طاب أصله ... ليظهر صنع الله في العكس والطّرد
وفيها الدّنيسري الطّبيب الحاذق عماد الدّين أبو عبد الله محمد بن
عبّاس ابن أحمد الرّبعي [1] .
ولد بدنيسر سنة ست وستمائة، وسمع بمصر من علي بن مختار وجماعة، وتفقه
للشافعي، وصحب البهاء زهير مدّة، وتأدّب به، وصنّف، وقال الشعر. وبرع
في الطب والأدب.
ومن شعره:
فيم التّعلّل بالألحاظ والمقل ... وكم أشير إلى الغزلان والغزل
وكم أعرّض من فرط الغرام به ... عن قدّه بغصون البان في الميل
ما لذّة العيش إلّا أن أكون كما ... قد قيل فيما مضى من سالف المثل
صرّحت باسمك يا من لا شبيه له ... أنا الغريق فما خوفي من البلل
يا عاذلي كفّ عن عذلي فبي قمر ... قد حجبوه عن الأبصار بالأسل
معقرب الصّدغ في تكوين صورته ... معنى يجلّ عن الإدراك بالمقل
ومنه:
من يكن شافعي إلى حنبليّ ... هو والله مالكي لا محاله
حنفيّ بوصله عن كثب ... وعلى قتله أقام الدّلاله
بشهود من الجمال ثقات ... حسن القول منهم والعدالة
ناظر فاتر وطرف كحيل ... وجبين هاد ودمع أساله
__________
[1] انظر «نص مستدرك من كتاب العبر» ص (7) و «الوافي بالوفيات» (3/
200- 202) و «فوات الوفيات» (3/ 392- 394) و «البداية والنهاية» (13/
310) .
(7/695)
قد تذلّلت إذ تذلّل حتّى ... صرت أهوى
تذلّلي ودلاله
وطلبت الوصال منه فنادى ... مت بداء الهوى على كلّ حاله
قمر تخجل البدور لديه ... وغزال تغار منه الغزالة
رشأ بالجمال نبّئ فينا ... ثمّ أوحى إلى القلوب رسالة
أهيف بالجفون أسهر جفني ... كيف صبري وقد رأيت جماله
قد أمال القلوب قسرا لديه ... وإذا ماس فالنّسيم أماله
لامني فيه عاذلي وتعدّى ... أنا مالي وللعذول وماله
وتوفي في ثامن صفر.
وفيها البدر بن مالك أبو عبد الله محمد بن العلّامة جمال الدّين محمد
بن عبد الله بن مالك الطّائي [الجيّاني] الشافعي [1] ، شيخ العربية،
وقدوة أرباب المعاني والبيان. أخذ عن والده النّحو، واللّغة، والمنطق،
وسكن بعلبك مدّة، ثم رجع إلى دمشق، وتصدّر للإشغال [2] بعد موت والده.
وممن أخذ عنه القاضي بدر الدّين ابن جماعة، والشيخ كمال الدّين ابن
الزّملكاني.
قال الذّهبي: كان إماما، ذكيا، فهما، حادّ الذّهن، إماما في النحو،
إماما في علم [3] المعاني والبيان، والنظر، جيد المشاركة في الفقه
والأصول وغير ذلك. وكان عجبا في الذكاء والمناظرة وصحّة الفهم. وكان
مطبوع العشرة، وفيه لعب ومزاح.
__________
[1] انظر «نص مستدرك من كتاب العبر» ص (7) و «الوافي بالوفيات» (1/
204- 205) ولفظة «الجيّاني» مستدركة منهما، و «طبقات الشافعية الكبرى»
(8/ 98) و «النجوم الزاهرة» (7/ 373) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي
شهبة (2/ 257- 258) .
[2] في «آ» : «للاشتغال» وما جاء في «ط» موافق لما في «الوافي
بالوفيات» .
[3] لفظة «علم» لم ترد في «ط» .
(7/696)
وقال الشيخ تاج الدّين: كان قد تفرّد بعلم
[1] العربية، خصوصا معرفة كلام والده. وكان له مشاركات في العلوم، وكان
صحيح الذهن، جيد الإدراك، حديد النّفس.
توفي بدمشق في المحرم من قولنج كان يعتريه كثيرا.
قال الذهبي: ولم يتكهل.
وقال غيره [2] : توفي كهلا.
وقال ابن حبيب: توفي عن نيف وأربعين سنة، ودفن بباب الصغير.
ومن تصانيفه شرح «ألفية» والده، وهو شرح [3] في غاية الحسن، و «المصباح
في المعاني والبيان» وكتاب في العروض، وشرح غريب تصريف ابن الحاجب،
وشرح «لامية» والده التي في الصّرف.
وفيها أبو صادق جمال الدّين محمد بن الشيخ الحافظ رشيد الدّين أبي
الحسين [4] يحيى بن علي القرشي المصري العطّار [5] . سمع من محمد ابن
عماد، وابن باقا، وطائفة. وكتب، وخرّج «الموافقات» ، وتوفي في ربيع
الآخر عن بضع وستين سنة.
__________
[1] في «آ» : «في علم» .
[2] القائل السبكي في «طبقات الشافعية الكبرى» .
[3] لفظة «شرح» سقطت من «آ» .
[4] في «آ» : «الحسن» .
[5] انظر «نص مستدرك من كتاب العبر» ص (8) و «حسن المحاضرة» ص (1/ 383)
.
(7/697)
سنة سبع وثمانين
وستمائة
فيها توفي شرف الدّين أبو العبّاس أحمد بن أحمد بن عبيد الله بن أحمد
بن محمد بن قدامة المقدسي [1] الحنبلي الفرضي [2] بقية السّلف.
ولد في رابع عشر المحرّم سنة أربع عشرة وستمائة، وسمع من الشيخ الموفق،
وهو جدّه لأمّه وعمّ أبيه، ومن البهاء عبد الرحمن، وابن أبي لقمة، وابن
اللّتي [3] ، وابن صصرى، وغيرهم. وأجاز له ابن الحرستاني، وجماعة.
وتفقه على التّقي بن العزّ. وكان شيخا، صالحا، زاهدا، عابدا، ذا عفّة
وقناعة باليسير، وله معرفة بالفرائض، والجبر، والمقابلة. وله حلقة
بالجامع المظفّري بقاسيون يشغل بها احتسابا بغير معلوم. وانتفع به
جماعة، وحدّث وروى عنه جماعة، وتوفي ليلة الثلاثاء خامس المحرّم، ودفن
من الغد عند جدّه الموفق.
وفيها الشيخ إبراهيم بن معضاد أبو إسحاق الجعبريّ [4] الزّاهد الواعظ
المذكّر. روى عن السّخاوي، وسكن القاهرة، وكان لكلامه وقع في
__________
[1] لفظة «المقدسي» سقطت من «ط» .
[2] انظر «نص مستدرك من كتاب العبر» ص (8) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/
318- 319) .
[3] في «آ» و «ط» : «وابن البن» وهو خطأ، والتصحيح من «ذيل طبقات
الحنابلة» مصدر المؤلّف.
[4] انظر «نص مستدرك من كتاب العبر» ص (11) و «طبقات الشافعية الكبرى»
(8/ 123- 124) و «حسن المحاضرة» (1/ 523) و «طبقات الأولياء» ص (412-
413) .
(7/698)
القلوب لصدقه وإخلاصه، وصدعه بالحقّ. وكان
شافعيا.
قال السبكيّ في «الطبقات» : الشيخ الصّالح المشهور بالأحوال
والمكاشفات. تفقه على مذهب الشّافعي، وسمع الحديث بالشام من أبي الحسن
السّخاوي، وقدم القاهرة وحدّث بها، فسمع منه شيخنا أبو حيّان وغيره.
وكان يعظ الناس ويتكلم عليهم، ويحصل في مجلسه أحوال سنيّة.
وتحكى عنه كرامات باهرة.
وقال في «البدر السّافر» [1] : اشتهر عنه أنه قبيل وفاته ركب دابة وجاء
إلى موضع يدفن فيه، وقال: يا قبير جاءك دبير، ولم يكن به مرض ولا علّة.
فتوفي بعيد ذلك.
وتوفي- رحمه الله- في الرابع والعشرين من المحرّم وقد جاوز الثمانين،
ودفن بتربته بالحسينية.
وفيها الجمال ابن الحموي أبو العبّاس أحمد بن أبي بكر بن سليمان بن علي
الدّمشقي [2] . حضر ابن طبرزد، وسمع من الكندي، وابن الحرستاني. افترى
على الحاكم ابن الصائغ بشهادة فأسقط لأجلها، ومات بدويرة حمد [3] في ذي
الحجّة، وله سبع وثمانون سنة.
وفيها أبو إسحاق اللّوري [4] إبراهيم بن عبد العزيز بن يحيى الرّعيني
الأندلسي المالكي [5] .
__________
[1] واسمه الكامل: «البدر السافر وتحفة المسافر» في الوفيات للإمام
كمال الدّين جعفر بن تغلب الأدفوي، المتوفى سنة (729) هـ. انظر «كشف
الظنون» (1/ 230) .
[2] انظر «نص مستدرك من كتاب العبر» ص (9- 10) و «الوافي بالوفيات» (6/
269- 270) .
[3] ذكر الصّفدي في «الوافي بالوفيات» أنها بدمشق.
[4] تصحفت نسبته في «آ» و «ط» إلى «اللّوزي» والتصحيح من المصادر
المذكورة في التعليق التالي.
[5] انظر «نص مستدرك من كتاب العبر» ص (10- 11) و «الإعلام بوفيات
الأعلام» ص (287)
(7/699)
ولد سنة أربع عشرة وستمائة، وحجّ، فسمع من
ابن رواح وطبقته، وسكن دمشق، وقرأ الفقه، وتقدم في الحديث، مع الزّهد
والعبادة والإيثار والصّفات الحميدة، والحرمة والجلالة. وناب في
القضاء، ثم ولي مشيخة دار الحديث الظّاهرية، وتوفي في الرابع والعشرين
من صفر بالمنيبع [1] .
وفيها سعد الخير بن أبي القاسم عبد الرحمن بن نصر بن علي أبو محمد
النّابلسي ثم الدّمشقي الشّاهد [2] . سمع الكثير من ابن البنّ، وزين
الأمناء، وطبقتهما. وتوفي في جمادى الآخرة، وله سبعون سنة.
وفيها الأديب الفاضل الحسن بن شاور الكناني [3] . عرف بابن النّقيب،
الشّاعر المشهور.
من شعره:
أراد الظّبي أن يحكي التفاتك ... وجيدك قلت: لا يا ظبي فاتك
وفدّى [4] الغصن قدّك إذ تثنّى ... وقال: الله يبقي لي حياتك
فيا آس العذار فدتك نفسي ... وإن لم أقتطف بفمي نباتك
ويا ورد الخدود حمتك منّي ... عقارب صدغه فأمن [5] جناتك
ويا قلبي ثبتّ على التّجنّي ... ولم يثبت له أحد ثباتك
__________
و «مرآة الجنان» (4/ 204) و «النجوم الزاهرة» (7/ 378) .
[1] في «آ» و «ط» : «في الينبع» والتصحيح من «نص مستدرك من كتاب العبر»
وانظر التعليق عليه.
[2] انظر «نص مستدرك من كتاب العبر» ص (11- 12) .
[3] انظر «فوات الوفيات» (1/ 324- 331) و «الوافي بالوفيات» (12/ 44-
53) و «حسن المحاضرة» (1/ 569) وفيه: «محمد بن الحسن بن شاور» .
[4] في «آ» و «ط» : «وقد» والتصحيح من «فوات الوفيات» و «الوافي
بالوفيات» .
[5] في «آ» و «ط» : «فأمر» وهو خطأ والتصحيح من «فوات الوفيات» و
«الوافي بالوفيات» .
(7/700)
وله:
يا من أدار بريقه مشمولة ... وحبابها الثّغر النّقيّ الأشنب
تفّاح خدّك بالعذار ممسّك ... لكنّه بدم الخدود [1] مخضّب
وله:
وخود [2] دعتني إلى وصلها ... وعصر الشّبيبة عنّي ذهب
فقلت مشيبي ما ينطلي ... فقالت: بلى ينطلي بالذّهب
وله:
في النّاس قوم إذا ما أيسروا بطروا ... فأصلح الأمر أن يبقوا مفاليسا
لا تسأل الله إلّا في خمولهم ... فهم جياد إذا كانوا مناحيسا
وفيها ابن خطيب المزّة شهاب الدّين عبد الرحيم بن يوسف بن يحيى الموصلي
ثم الدمشقي [3] ، نزيل القاهرة ومسندها. سمع في الخامسة من حنبل، وابن
طبرزد. وكان فاضلا، ديّنا، ثقة. توفي في تاسع رمضان.
وفيها القطب خطيب القدس أبو الذّكاء عبد المنعم بن يحيى بن إبراهيم
القرشي الزّهري العوفي النّابلسي. الشّافعي [4] ، المفتي المفسّر.
سمع من داود بن ملاعب، وأبي عبد الله بن البناء، وأجاز له أبو الفتح
المندائي وطائفة، وتوفي في سابع رمضان، وله أربع وثمانون سنة.
وفيها ابن النّفيس العلّامة علاء الدّين علي ابن أبي الحزم القرشي
__________
[1] في «فوات الوفيات» و «الوافي بالوفيات» : «بدم القلوب» .
[2] تحرفت في «آ» إلى «وخدود» والخود: الفتاة الحسنة الخلق الشّابّة،
وقيل الجارية الناعمة.
انظر «لسان العرب» (خود) .
[3] انظر «نص مستدرك من كتاب العبر» ص (12) و «الوافي بالوفيات» (18/
399) .
[4] انظر «نص مستدرك من كتاب العبر» ص (12) .
(7/701)
الدمشقي الشّافعي [1] ، شيخ الطبّ بالدّيار
المصرية، وصاحب التصانيف، ومن انتهت إليه معرفة الطبّ، مع الذكاء
المفرط، والذّهن الخارق، والمشار إليه في الفقه، والأصول، والحديث،
والعربية، والمنطق.
قال الذهبي: ألّف في الطب كتاب «الشّامل» وهو كتاب عظيم تدل فهرسته على
أنه يكون ثلاثمائة مجلدة، بيّض منها ثمانين مجلدة [2] . وكانت تصانيفه
يمليها من حفظه ولا يحتاج إلى مراجعة لتبحّره في الفنّ.
وقال السّبكي: صنّف شرحا على «التنبيه» وصنّف في أصول الفقه، وفي
المنطق. وأما الطبّ فلم يكن على وجه الأرض مثله، قيل: ولا جاء بعد ابن
سينا مثله. قالوا: وكان في العلاج أعظم من ابن سينا.
وقال الإسنويّ: إمام وقته في فنّه شرقا وغربا بلا مدافعة، أعجوبة فيه
[3] ، وصنّف في الفقه وأصوله، وفي العربية، والجدل، والبيان، وانتشرت
عنه التلامذة.
وقال في «العبر» : توفي في الحادي والعشرين من ذي القعدة، وقد قارب
الثمانين، ووقف أملاكه وكتبه على المارستان المنصوري، ولم يخلّف بعده
مثله.
وفيها السيد الشّريف محمد بن نصير بن علي الحسيني [4] . كان فاضلا
بارعا.
__________
[1] انظر «نص مستدرك من كتاب العبر» ص (13) و «طبقات الشافعية الكبرى»
(8/ 305- 306) و «طبقات الشافعية» للإسنوي (2/ 506- 507) و «البداية
والنهاية» (13/ 313) و «الأعلام» (4/ 271- 272) .
[2] قال العلّامة الزركلي، رحمه الله تعالى، منه مجلد مخطوط ضخم في
الظاهرية بدمشق.
[3] في «آ» : «أعجوبة فنّه» وفي «ط» : «أعجوبة دهره» وما أثبته من
«طبقات الشافعية» .
[4] لم أقف على ترجمة له فيما بين يدي من المصادر والمراجع.
(7/702)
حكي عن عمر بن الحسن قال: رأيت إبليس في
النّوم على كركدن يقوده بأفعى، فقال لي: يا عمر بن الحسن! سلني حاجتك،
فدفعت إليه رقعة كانت معي فوقّع فيها:
ألم ير العاصي وأصحابه ... ما فعل الله بأهل القرى
بلى ولكن ليس من سفلة ... إلّا إذا استعلى أذلّ الورى
فليت أني متّ فيما مضى ... ولم أعش حتّى أرى ما أرى
وكلّ ذي خفض وذي رفعة ... لا بدّ أن يعلو عليه الثّرى
ثم ضرب كركدنّه ومضى لسبيله.
وروي عن الشّافعي، رضي الله عنه، قال: رأيت بالمدينة أربع عجائب، جدّة
عمرها إحدى وعشرون سنة [1] ورجلا فلّسه القاضي في مدين من النّوى،
وشيخا كبيرا يدور على بيوت القيان يعلّمهنّ الغناء، فإذا حضرت الصّلاة
صلّى قاعدا، ورجلا يكتب بالشّمال أسرع مما يكتب باليمين.
وفيها النّجيب أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن المؤيد بن علي
الهمذانيّ ثم المصريّ [2] المحدّث أجاز له ابن طبرزد، وعفيفة، والكبار.
وسمع من عبد القوي بن الحباب. وقرأ بنفسه على ابن باقا، ثم صار كاتبا
في أواخر عمره، ومات في ذي القعدة.
وفيها شرف الدّين أبو عبد الله محمد بن عبد الخالق بن طرخان الأمويّ
الإسكندرانيّ [3] . أجاز له أبو الفخر أسعد [بن سعيد] بن روح.
__________
[1] قلت: وذكر ذلك أيضا الإمام الرئيس المبارك بن الأثير الجزري. انظر
«جامع الأصول» (12/ 56) بتحقيقي وإشراف والدي الأستاذ الشيخ عبد القادر
الأرناؤوط حفظه الله تعالى.
[2] انظر «نص مستدرك من كتاب العبر» ص (13- 14) و «حسن المحاضرة» (1/
384) .
[3] انظر «الوافي بالوفيات» (3/ 219- 220) وما بين الحاصرتين زيادة
منه.
(7/703)
وسمع من علي بن البناء، والحافظ ابن
المفضّل وطائفة كثيرة، وعاش اثنتين وثمانين سنة.
وفيها الحاج ياسين المغربي الحجّام الأسود [1] . كان جرائحيا على باب
الجابية. وكان صاحب كشف وحال. وكان النّووي- رحمه الله- يزوره ويتّلمذ
له، وتوفي في ربيع الأول وقد قارب الثمانين.
__________
[1] انظر «نص مستدرك من كتاب العبر» ص (15) .
(7/704)
سنة ثمان وثمانين
وستمائة
في ربيع الأول نازل السلطان الملك المنصور مدينة طرابلس، ودام الحصار
والقتال ورمي المجانيق الكبار، وحفر [1] النّقوب ليلا ونهارا، إلى أن
افتتحها بالسّيف في رابع ربيع الآخر، وغنم المسلمون ما لا يوصف، وكان
سورها منيعا قليل المثل، وهي من أحسن المدائن وأطيبها، فخرّبها وتركها
خاوية على عروشها، ثم أنشؤوا مدينة على ميل من شرقيها، فجاءت رديئة
الهواء والمزاج.
وفيها توفي الشيخ العماد أحمد بن العماد إبراهيم بن عبد الواحد بن علي
بن سرور المقدسي الصالحي [2] .
ولد سنة ثمان وستمائة، وسمع من أبي القاسم ابن الحرستاني وجماعة،
واشتغل وتفقه، ثم تمفقر وتجرّد، وصار له أتباع ومريدون أكلة [سطلة]
بطلة. توفي يوم عرفة. قاله في «العبر» .
وفيها العلم ابن الصّاحب أبو العباس أحمد بن يوسف بن الصّاحب صفيّ
الدّين بن شكر المصري [3] اشتغل، ودرّس، وتميّز، ثم تمفقر وتجرّد،
__________
[1] تحرفت في «آ» و «ط» إلى «وحضر» والتصحيح من «العبر» .
[2] انظر «العبر» (5/ 357) وما بين الحاصرتين مستدرك منه و «الوافي
بالوفيات» (6/ 218- 219) و «نكت الهميان» ص (92- 93) .
[3] انظر «العبر» (5/ 357) و «البداية والنهاية» (13/ 314- 315) و
«النجوم الزاهرة» (7/ 387) .
(7/705)
وأرسل طباعه واشتلق على بني آدم وعاشر
الخمّارين [1] ، وله أولاد [2] رؤساء، ونوادره مشهورة، وزوائده حلوة.
توفي في ربيع الآخر وقد شاخ. قاله في «العبر» أيضا.
ومن شعره في الحشيشة [3] :
في خمار الحشيش معنى مرامي ... يا أهيل العقول والأفهام
حرّموها من غير عقل ونقل ... وحرام تحريم غير الحرام
وفيها أبو العبّاس أحمد بن أبي محمد بن عبد الرزاق [المغازي] [4] .
قال الذهبي: هو أخو شيخنا عيسى المغازي [5] . روى عن موسى بن عبد
القادر، والموفق وجماعة، وتوفي في ثاني ذي الحجّة عن ثمان وسبعين سنة.
انتهى.
وفيها زينب بنت مكّي بن علي بن كامل الحرّاني [6] الشيخة المعمّرة
العابدة، أمّ أحمد. سمعت من حنبل، وابن طبرزد، وستّ الكتبة، وطائفة.
وازدحم عليها الطلبة، وعاشت أربعا وتسعين سنة، وتوفيت في شوال.
وفيها الفخر البعلبكّي المفتي أبو محمد عبد الرحمن بن يوسف بن محمد بن
نصر الحنبلي [7] الفقيه المحدّث الزاهد.
__________
[1] تحرفت في «العبر» بطبعتيه إلى «الحمارى» فلتصحح من هنا.
[2] تحرفت في «ط» إلى «أولاء» .
[3] البيتان في «البداية والنهاية» (13/ 314) .
[4] انظر «العبر» (5/ 357- 358) .
[5] سترد ترجمته في وفيات سنة (704) من المجلد الثامن إن شاء الله
تعالى.
[6] انظر «العبر» (5/ 358) و «مرآة الجنان» (4/ 207) و «النجوم
الزاهرة» (7/ 382) .
[7] انظر «العبر» (5/ 358) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 319- 320) .
(7/706)
ولد سنة إحدى عشرة وستمائة ببعلبك، وقرأ
القرآن على خاله صدر الدّين عبد الرحيم بن نصر قاضي بعلبك.
وسمع الحديث من أبي المجد القزويني، والبهاء المقدسي، وابن اللّتي،
والنّاصح ابن الحنبلي، وخلائق.
وتفقه على تقي الدّين أحمد بن العزّ، وغيره. وحفظ كتاب «علوم الحديث»
وعرضه من حفظه على مؤلّفه الحافظ تقي الدّين بن الصّلاح. وقرأ الأصول
وشيئا من الخلاف على السّيف الآمدي، وقرأ النّحو على أبي عمرو بن
الحاجب وغيره، وصحب الشيخ الفقيه اليونيني، وإبراهيم البطائحي،
والنّووي، وغيرهم. وكان اليونيني يحبه ويقدّمه على أولاده.
وتخرّج به جماعة من الفقهاء. وكان دائم [1] البشر، يحب الخمول ويؤثره،
ويلازم قيام الليل من الثلث الأخير، ويتلو بين العشاءين، ويصوم الأيام
البيض، وستة من شوال، وعشر ذي الحجّة، والمحرّم، ولا يخلّ بذلك. ذكر
ذلك ولده الشيخ شمس الدّين [2] ، وقال: ولقد أخبر بأشياء فوقعت كما قال
لخلائق، ولقد قال لي في صحته وعافيته: أنا أعيش عمر الإمام أحمد، لكن
شتّان ما بيني وبينه، فكان كما قال.
وقال ابن اليونيني: كان رجلا، صالحا، زاهدا، عابدا، فاضلا، وهو من
أصحاب والدي، اشتغل عليه وقدّمه يصلي به في مسجد الحنابلة. رافقته في
طريق مكّة، فرأيته قليل المثل في ديانته، وتعبّده، وحسن أوصافه. وكان
من خيار الشيوخ علما، وعملا، وصلاحا، وتواضعا، وسلامة صدر وحسن سمت،
وصفاء قلب، وتلاوة قرآن وذكر.
__________
[1] في «ط» : «كثير» .
[2] في «ذيل طبقات الحنابلة» مصدر المؤلف: «عزّ الدّين» .
(7/707)
وقال البرزالي: كان من خيار المسلمين،
وكبار الصّالحين.
توفي ليلة الأربعاء سابع رجب بدمشق، ودفن بالقرب من قبر الشيخ موفق
الدّين.
وفيها الكمال بن النجّار محمد بن أحمد بن علي الدمشقي الشافعي [1] مدرس
الدّولعيّة [2] وكيل بيت المال. روى عن ابن أبي لقمة وجماعة، وكان ذا
بشر وشهامة. قاله في «العبر» .
وفيها شمس الدّين محمد ابن الشيخ العفيف التّلمساني سليمان بن علي [3]
الكاتب الأديب. كان ظريفا، لعّابا، معاشرا، وشعره في غاية الحسن، منه:
يا من حكى بقوامه ... قدّ القضيب إذا التوى
ماذا أثرت على القلو ... ب من الصّبابة والجوى
ما أنت عندي والقضي ... ب اللّدنّ في حال سوا
هذاك حرّكه النّسي ... م وأنت حرّكت الهوى
ومنه:
إنّي لأشكو في الهوى ... ما راح يفعل خدّه
ما كان يعرف ما الجفا ... حتّى تفتّح ورده
وله في ذم الحشيشة:
ما في الحشيشة [4] فضل عند آكلها ... لكنّه غير مصروف إلى رشده
__________
[1] انظر «العبر» (5/ 358) و «الدارس في تاريخ المدارس» (1/ 244) .
[2] تحرفت في «ط» إلى «الدولقية» .
[3] انظر «العبر» (5/ 359) و «البداية والنهاية» (13/ 315) و «الوافي
بالوفيات» (3/ 129- 136) و «فوات الوفيات» (2/ 72- 76) و «النجوم
الزاهرة» (7/ 381- 382) .
[4] في «البداية والنهاية» : «ما للحشيشة» .
(7/708)
حمراء في عينه خضراء في يده ... صفراء في
وجهه سوداء في كبده
توفي في رجب وله نحو ثلاثين سنة، ودفن بمقابر الصّوفية.
وفيها بن الكمال المحدّث الإمام شمس الدّين أبو عبد الله محمد بن عبد
الرحيم بن عبد الواحد بن أحمد [السّعديّ] المقدسي الحنبلي [1] .
ولد في ليلة الخميس حادي عشر ذي الحجّة سنة سبع وستمائة بقاسيون، وحضر
على ابن الحرستاني، والكندي، وسمع ابن ملاعب، والشيخ موفق الدّين،
وخلقا، ولازم عمّه الحافظ الضّياء، وتخرّج به، وكتب الكثير، وعني
بالحديث، وتمّم تصنيف «الأحكام» الذي جمعه عمّه الحافظ ضياء الدّين.
قال الذهبي: كان إماما، فقيها، محدّثا، زاهدا، عابدا، كثير الخير، له
قدم راسخ في التّقوى، ووقع في النّفوس. متقللا من الدنيا، من سادات
الشيوخ، علما، وعملا، وصلاحا، وعبادة.
حكي لي عنه: أنه كان يحفر مكانا في جبل الصّالحية لبعض شأنه، فوجد جرّة
مملوءة دنانير، وكانت زوجته معه تعينه على الحفر، فاسترجع وطمّ المكان
كما كان أولا، وقال لزوجته: هذه فتنة، ولعل لها مستحقين لا نعرفهم،
وعاهدها على أنها لا تشعر بذلك أحدا، ولا تتعرّض إليه. وكانت صالحة
مثله، فتركا ذلك تورّعا مع فقرهما وحاجتهما، وهذا غاية الورع والزّهد،
وحدّث- رحمه الله- بالكثير نحوا من أربعين سنة، وسمع منه خلق كثير،
وروى عنه جماعة من الأكابر.
وحدثنا عنه جماعة، منهم: ابن الخبّاز، وابن قيّم الضيائية.
__________
[1] انظر «العبر» (5/ 359) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 320- 322) ولفظة
«السّعدي» زيادة منه، و «النجوم الزاهرة» (7/ 382) .
(7/709)
وتوفي بعد العشاء الآخرة من ليلة الثلاثاء
تاسع جمادى الأولى بمدرسة عمّه بالجبل، ودفن من الغد عند الشيخ موفق
الدّين.
وفيها شمس الدّين الأصفهاني الأصوليّ المتكلم العلّامة أبو عبد الله
محمد بن محمود بن محمد بن عباد العجلي [1] ينتهي نسبه إلى أبي دلف
الشّافعي، نزيل مصر وصاحب التصانيف. شرح «المحصول» [2] وله كتاب
«الفوائد في العلوم الأربعة» الأصلين، والخلاف، والمنطق. وكتاب «غاية
المطلب» في المنطق، وله يد طولى في العربية والشعر.
ولد- رحمه الله- بأصفهان سنة ست عشرة وستمائة، وكان والده نائب السلطنة
بأصفهان، واشتغل بأصفهان في جملة من العلوم في حياة أبيه، بحيث إنه فاق
نظراءه، ثم لما استولى العدو على أصفهان. رحل إلى بغداد، فأخذ في
الاشتغال في الفقه على الشيخ سراج الدّين الهرقلي، وبالعلوم على الشيخ
تاج الدّين الأرموي، ثم ذهب إلى الرّوم إلى الشيخ أثير الدّين الأبهري،
فأخذ عنه الجدل والحكمة، ثم دخل القاهرة، وولي قضاء قوص خلافة عن
القاضي تاج الدّين ابن بنت الأعزّ، فباشره مباشرة حسنة. وكان مهيبا،
قائما في الحقّ، وقورا في درسه، ودرّس بالشافعي، ومشهد الحسين، وأخذ
عنه جماعة وتخرّج به المصريون، وقيل: إن ابن دقيق العيد كان يحضر درسه
بقوص.
وتوفى في العشرين من رجب، وله اثنتان وسبعون سنة.
__________
[1] انظر «العبر» (5/ 359- 360) و «البداية والنهاية» (13/ 315) و
«النجوم الزاهرة» (7/ 382) .
[2] هو «المحصول في أصول الفقه» للإمام فخر الدين محمد بن عمر الرّازي
المتوفى سنة (606) هـ. انظر «كشف الظنون» (2/ 1615) .
(7/710)
وفيها المهذّب بن أبي الغنائم [1] التّنوخي
العدل الكبير زين الدّين [2] ، كاتب الحكم بدمشق.
ولد سنة ثمان عشرة وستمائة، وقرأ على السّخاوي، وسمع من مكرم، وتفقه،
وانتهت إليه رئاسة الشروط ومعرفة عللها ودقائقها، وتوفي في رجب.
وفيها الملك المنصور محمود بن الملك الصّالح إسماعيل بن العادل أبي بكر
بن أيوب [3] سلطنه أبوه بدمشق، وركب في أبّهة السلطنة سنة أربعين
وستمائة، ولا زالت تتقلّب به الأحوال إلى أن صار يطلب بالأوراق.
قال ابن مكتوم: رأيته سلطانا ورأيته يستعطي، وكان شيخا مهيبا يلبس قباء
وعمامة مدورة.
وفيها الجرائدي تقيّ الدّين يعقوب بن بدران بن منصور المصري [4] ، شيخ
القراء. أخذ القراءات عن السّخاوي وغيره، وروى عن الزّبيدي وغيره،
وتصدّر للإقراء، وتوفي في شعبان.
__________
[1] في «آ» و «ط» : «المهذب أبو الغنائم» والتصحيح من المصادر المذكورة
في التعليق التالي.
[2] انظر «العبر» (5/ 360) و «النجوم الزاهرة» (7/ 382) .
[3] انظر «البداية والنهاية» (13/ 315) .
[4] انظر «العبر» (5/ 360) و «معرفة القراء الكبار» (2/ 690) و
«الإعلام بوفيات الأعلام» ص (287) و «حسن المحاضرة» (1/ 504) .
(7/711)
سنة تسع وثمانين
وستمائة
فيها توفي نجم الدّين بن الشيخ قاضي القضاة أبو العبّاس أحمد بن شيخ
الإسلام شمس الدّين عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة
المقدسي الصّالحي الحنبلي [1] .
ولد في شعبان سنة إحدى وخمسين وستمائة، وسمع الحديث، ولم يبلغ أوان
الرواية. وتفقه على والده، وولي القضاء في حياة والده بإشارته.
قال البرزالي: كان خطيب الجبل، وقاضي القضاة، ومدرّس أكثر المدارس،
وشيخ الحنابلة. وكان فقيها فاضلا، سريع الحفظ، جيد الفهم، كبير
المكارم، شهما، شجاعا. ولي القضاء ولم يبلغ ثلاثين سنة، فقام به [2]
أتم قيام.
وقال غيره: درّس بدار الحديث الأشرفية بالسفح، وشهد فتح طرابلس مع
السلطان الملك المنصور، وكان مليح البزّة، ذكيا، مليح الدروس. له قدرة
على الحفظ، ومشاركة جيدة في العلوم، وله شعر جيد، منه:
آيات كتب الغرام أدرسها ... وعبرتي لا أطيق أحبسها
لبست ثوب الضّنى على جسدي ... وحلّة الصّبر لست ألبسها
__________
[1] انظر «العبر» (5/ 360- 361) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 322- 323)
.
[2] لفظة «به» سقطت من «ط» .
(7/712)
وشادن ما رنا بمقلته ... إلّا سبى العالمين
نرجسها
فوجهه جنّة مزخرفة ... لكن بنبل الحتوف يحرسها
وريقه خمرة معتّقة ... دارت علينا من فيه أكؤسها
يا قمرا أصبحت ملاحته ... لا يعتريها عيب يدنّسها
صل هائما إن جرت مدامعه ... تلحقها زفرة تيبّسها
توفي يوم الثلاثاء ثاني عشر جمادى الأولى بمنزله بقاسيون، ودفن عند
أبيه وجدّه.
وفيها ابن عزّ القضاة فخر الدّين أبو الفداء إسماعيل بن علي بن محمد
الدمشقي الزّاهد [1] .
ولد سنة ثلاثين وستمائة، وخدم في الكتابة، وكان أديبا، شاعرا، ناسكا،
زاهدا، خاشعا، مقبلا على شأنه، حافظا لوقته.
توفي ليلة الأربعاء الحادي والعشرين من رمضان، وكانت له جنازة مشهودة.
وفيها خطيب المصلّى عماد الدّين أبو بكر عبد الله بن محمد بن حسّان بن
رافع العامريّ [2] المعدّل. روى عن ابن البنّ، وزين الأمناء، وطائفة.
وتوفي في صفر، وله ثلاث وسبعون سنة.
وفيها الشّمس عبد الرحمن بن الزّين أحمد بن عبد الملك بن
__________
[1] انظر «العبر» (5/ 361) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (288) و
«النجوم الزاهرة» (7/ 386) .
[2] انظر «العبر» (5/ 361) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (288) .
(7/713)
عثمان بن عبد الله بن سعد بن مفلح بن هبة
الله بن نمير المقدسي ثم الصّالحي [1] ، الحنبلي المحدّث الزّاهد.
ولد في ذي القعدة سنة ست وستمائة بقاسيون، وسمع بدمشق من الكندي، وابن
الحرستاني، وطائفة. وتفقّه بالموفق. ثم رحل. وأدرك الفتح بن عبد السلام
وطائفة فأكثر، وأجاز له ابن طبرزد وغيره.
قال الذهبي: كان فقيها زاهدا [2] ، ثقة نبيلا من أولي العلم والعمل
والصّدق والورع. حدّث بالكثير، وأكثر عنه ابن نفيس، والمزّي، والبرزالي
وطائفة.
وتوفي يوم الاثنين تاسع عشري ذي القعدة بالسفح، ودفن بالقرب من قبر
الشيخ أبي عمر.
وفيها خطيب دمشق جمال الدّين أبو محمد عبد الكافي بن عبد الملك بن عبد
الكافي الرّبعي الدمشقي الشّافعي المفتي [3] .
ولد سنة اثنتي عشرة وستمائة. وسمع من ابن الصبّاح، وابن الزّبيدي،
وجماعة. وناب في القضاء مدّة. وكان ديّنا، حسن السّمت للناس، فيه عقيدة
كبيرة. مات في جمادى الأولى.
وفيها النّور بن الكفتي أبو الحسن علي بن ظهير بن شهاب المصري [4] شيخ
الإقراء بديار مصر. أخذ القراءات عن ابن وثيق وأصحاب
__________
[1] انظر «العبر» (5/ 362) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 323- 324) .
[2] لفظة «زاهدا» سقطت من «آ» .
[3] انظر «العبر» (5/ 362) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (288) و
«النجوم الزاهرة» (7/ 386) .
[4] انظر «العبر» (5/ 362) و «غاية النهاية» (1/ 547) .
(7/714)
أبي الجود، وشهر بالاعتناء بالقراءات
وعللها، وسمع من ابن الجمّيزي وغيره، مع الورع، والتّقى، والجلالة.
توفي في ربيع الآخر.
وفيها الرّشيد الفارقي أبو حفص عمر بن إسماعيل بن مسعود الرّبعي
الشّافعي الأديب [1] .
ولد سنة ثمان وتسعين وخمسمائة، وسمع من الفخر ابن تيمية، وابن
الزّبيدي، وابن باقا. وكان أديبا، بارعا، منشئا، بليغا، شاعرا مفلقا،
لغويا محقّقا. درّس بالنّاصرية مدّة ثمّ بالظّاهرية، وتصدّر للإفادة.
كتب رقعة إلى علي بن جرير، وأرسلها إلى القاسميّة مع رجل اسمه علي:
حسدت عليّا على كونه ... توجّه دوني إلى القاسميّه
وما بي شوق إلى قربه ... ولكن مرادي ألقى سميّه
خنق في بيته في رابع المحرّم بالظّاهرية وأخذ ماله.
ودرّس بعده علاء الدّين ابن بنت الأعزّ.
وفيها السّلطان الملك المنصور سيف الدّين أبو المعالي وأبو الفتح
قلاوون التّركي الصّالحي النّجمي [2] . كان من أكبر الأمراء زمن
الظّاهر، وتملّك في رجب سنة ثمان وسبعين وستمائة، وكسر التتار على حمص،
وغزا الفرنج غير مرّة، وفتح طرابلس وما جاورها، وفتح حصن المرقب. وفي
سنة ثمان وثمانين عمل في القاهرة بين القصرين تربة عظيمة ومدرسة كبيرة
ومارستانا للمرضى، وكانت وفاته ظاهر القاهرة بالمخيّم، وقد عزم على
الغزاة، فتوفي في سادس ذي القعدة، ودفن بتربته بين القصرين.
__________
[1] انظر «العبر» (5/ 363) و «طبقات الشافعية» للإسنوي (2/ 286- 287) و
«الدارس في تاريخ المدارس» (1/ 351- 352) .
[2] انظر «العبر» (5/ 363) و «البداية والنهاية» (13/ 317- 318) .
(7/715)
وفيها سبط إمام الكلّاسة المحدّث المفيد
بدر الدّين محمد بن أحمد بن محمد بن النّجيب [1] شابّ ذكيّ، مليح
الخطّ، صحيح النّقل، حريص على الطلب، عالي الهمّة. سمع من ابن عبد
الدائم، وابن أبي اليسر، وحدّث، وتوفي في صفر.
وفيها شمس الدّين أبو الفضائل محمد بن عبد الرزاق الرّسعني [2]- نسبة
إلى رأس عين، بلد [3]- الحنبلي، كان شاعرا أديبا معدّلا. حدّث عن ابن
القبيطي وغيره، وكان أحد الشهود بدمشق ويؤم بمسجد الرّمّاحين.
ومن شعره:
ولو أنّ إنسانا يبلّغ لوعتي ... ووجدي وأشجاني إلى ذلك الرّشا
لأسكنته عيني ولم أرضها له ... ولولا لهيب القلب أسكنته الحشا
وله:
أآيس من برّ وجودك واصل ... إلى كلّ مخلوق وأنت كريم
وأجزع من ذنب وعفوك شامل ... لكلّ الورى طرّا وأنت رحيم
وأجهد في تدبير حالي جهالة ... وأنت بتدبير الأنام حكيم
وأشكو إلى نعماك ذلّي وحاجتي ... وأنت بحالي يا عزيز عليم
غرق- رحمه الله- بنهر الشّريعة من الغور [4] في جمادى الآخرة.
وفيها محمد بن عون الدّين يحيى بن شمس الدّين علي بن عز الدّين محمد بن
الوزير عون الدّين بن هبيرة [5] نزيل بلبيس بها، وكان
__________
[1] انظر «العبر» (5/ 363) .
[2] انظر «العبر» (5/ 364) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 324) .
[3] قوله: «نسبة إلى رأس عين بلد» سقط من «آ» .
[4] يعني غور الأردن.
[5] لم أجد له ترجمة فيما بين يدي من المصادر.
(7/716)
ناظرا على ديوانها. حدّث عن الدّاهري، ونصر
بن عبد الرزاق، وابن اللّتي.
وسمع من الحارثي، والمزّي، والبرزالي، وغيرهم. وكان فاضلا، له شعر حسن.
وفيها ابن المقدسي ناصر الدّين محمد بن العلّامة المفتي شمس الدّين عبد
الرحمن بن نوح الشّافعي الدمشقي [1] . تفقّه على أبيه، وسمع من ابن
اللّتي، ودرّس بالرّواحيّة، وتربة أمّ الصّالح، ثم داخل الدولة.
وولي وكالة بيت المال، ونظر الأوقاف فظلم وعسف، وعدا طوره. ثم اعتقل
بالعذراويّة فوجد مشنوقا بعد [أن] [2] ضرب بالمقارع وصودر.
توفي في ثالث شعبان، قاله في «العبر» .
__________
[1] انظر «العبر» (5/ 364) و «النجوم الزاهرة» (7/ 386) .
[2] سقطت من «آ» و «ط» واستدركتها من «المنتخب» لابن شقدة (196/ ب) و
«العبر» .
(7/717)
سنة تسعين وستمائة
فيها ولله الحمد والمنّة فتح ما كان بأيدي النّصارى من بلاد الشّام ولم
يبق لهم بها حصن ولا معقل.
وفيها توفي الشيخ الخابوري خطيب حلب ومقرئها ونحويّها الإمام شهاب
الدّين أحمد بن عبد الله بن الزّبير الحلبي [1] صاحب النّوادر والظّرف.
سمع بحرّان من فخر الدّين ابن تيميّة، وبحلب من ابن الأستاذ، وببغداد
من ابن الدّاهري، وبدمشق من ابن صباح، وقرأ القراءات على السّخاوي.
وتوفي في المحرّم وقد قارب التسعين.
وفيها السّويديّ الحكيم العلّامة شيخ الأطباء عزّ الدّين أبو إسحاق
إبراهيم بن محمد بن طرخان الأنصاري الدمشقي [2] .
ولد سنة ستمائة، وسمع من الشّمس العطّار، وابن ملاعب، وطائفة.
وتأدّب على ابن معطي، وأخذ الطبّ عن المهذب الدّخوار [3] وبرع في
الطبّ، وصنّف فيه، وفاق الأقران، وكتب الكثير بخطّه المليح، ونظر في
__________
[1] انظر «العبر» (5/ 365- 366) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (288) و
«النجوم الزاهرة» (8/ 33) .
[2] انظر «العبر» (5/ 366) و «الوافي بالوفيات» (6/ 123- 125) .
[3] هو عبد الرحيم بن علي بن حامد الدمشقي، المعروف بالمهذّب أو مهذّب
الدّين الدّخوار.
وقد مضت ترجمته في وفيات سنة (628) من هذا المجلد، ص (224) .
(7/718)
العقليات، وألّف كتاب «الباهر في الجواهر»
وكتاب «التذكرة» في الطب، وتوفي في شعبان.
وفيها أرغون بن أبغا بن هولاكو [1] ، صاحب العراق وخراسان وأذربيجان.
تملّك بعد عمّه الملك أحمد، وكان شهما مقداما، كافر النّفس، شديد
البأس، سفّاكا للدّماء، عظيم الجبروت. هلك في هذا العام، فيقال:
إنه سمّ، فاتهمت المغل وزيره سعيد الدولة اليهودي بقتله، فمالوا على
اليهود قتلا ونهبا وسبيا. قاله في «العبر» .
وفيها إسماعيل بن نور بن قمر الهيتي الصّالحي [2] . روى عن موسى بن عبد
القادر وجماعة، وتوفي في رجب.
وفيها سلامش الملك العادل بدر الدّين، ولد الملك الظّاهر بيبرس
الصّالحي [3] ، الذي سلطنوه عند خلع أخيه السعيد، ثم نزعوه بعد ثلاثة
أشهر، وبقي خاملا بمصر، فلما تسلطن الأشرف أخذه وأخاه الملك خضر
وأهلهم، وجهّزهم إلى مدينة اسطنبول بلاد الأشكري فمات بها وله نحو من
عشرين سنة. وكان مليح الصّورة، رشيق القدّ، ذا عقل وحياء.
وفيها التّلمساني عفيف الدّين سليمان بن علي بن عبد الله بن علي [4] .
الأديب الشّاعر، أحد زنادقة الصّوفية، وقيل له مرّة: أأنت نصيريّ [5] ؟
فقال: النّصيريّ بعض مني.
__________
[1] انظر «العبر» (5/ 366) و «البداية والنهاية» (13/ 324) وفي «آ» و
«ط» : «هلاكو» مكان «هولاكو» .
[2] انظر «العبر» (5/ 366- 367) .
[3] انظر «العبر» (5/ 367) و «البداية والنهاية» (13/ 326) .
[4] انظر «العبر» وما بين الحاصرتين زيادة منه (5/ 367) و «البداية
والنهاية» (13/ 326) .
[5] تحرفت في «ط» إلى «نصير» .
(7/719)
وأما شعره ففي الذّروة العليا من حيث
[البيان و] البلاغة لا من حيث الاتحاد.
توفي في خامس رجب، وله ثمانون سنة. قاله في «العبر» .
وقال الشيخ عبد الرّؤف المناوي: أثنى عليه ابن سبعين، وفضّله على شيخه
القونوي، فإنه لما قدم شيخه القونوي رسولا إلى مصر، اجتمع به ابن سبعين
لما قدم من المغرب، وكان التّلمساني مع شيخه القونوي، قالوا لابن
سبعين: كيف وجدته؟ - يعني في علم التوحيد- فقال: إنه من المحقّقين، لكن
معه شابّ أحذق منه، وهو العفيف التّلمساني.
والعفيف هذا من عظماء الطّائفة القائلين بالوحدة المطلقة.
وقال بعضهم: هو لحم خنزير في صحن صيني، وأنه يدرج السّمّ القاتل في
كلامه لمن لا فطنة له بأساس قواعده.
ورموه بعظائم من الأقوال والأفعال، وزعموا أنه كان على قدم شيخ شيخه
[1] في أنه لا يحرّم فرجا، وأن عنده إن ما ثم غيره ولا سوى بوجه من
الوجوه، وأن العبد إنما يشهد السوي إذا كان محجوبا، فإذا انكشف حجابه
ورأى أنّ ما ثم غيره تبين له الأمر، ولهذا كان يقول: نكاح الأم والبنت
والأجنبية واحد، وإنما هؤلاء المحجوبون قالوا حرام علينا، فقلنا حرام
عليكم.
وذكروا أنه دخل على أبي حيّان، فقال له: من أنت؟ قال: العفيف
التّلمساني، وجدّي من قبل الأم ابن سبعين، فقال: إي والله عريق أنت في
لإلهية يا كلب يا بن الكلب.
وأكثروا من نقل هذا الهذيان في شأنه وشأن شيخه وشيخ شيخه، ولم
__________
[1] في «ط» و «المنتخب» : «على قدم شيخه» .
(7/720)
يثبت عنهم شيء من ذلك بطريق معتبر. نعم هم
قائلون بأن واجب الوجود هو الوجود المطلق، ومبنى طريقهم على ذلك. انتهى
كلام المناوي ملخصا.
وقال غيره: له عدة تصانيف، منها «شرح أسماء الله الحسنى» و «شرح مواقف
النّفّري» [1] ، وشرح «النّصوص» وغير ذلك. وله ديوان شعر.
وقال الشيخ برهان الدّين بن الفاشوشة الكتبي: دخلت عليه يوم مات، فقلت
له: كيف حالك؟ قال: بخير، من عرف الله كيف يخاف، والله مذ عرفته ما
خفته وأنا فرحان بلقائه.
ومن شعره:
إن كان قتلي في الهوى يتعيّن ... يا قاتلي فبسيف طرفك أهون
حسبي وحسبك أن تكون مدامعي ... غسلي وفي ثوب السّقام أكفّن
عجبا لخدّك وردة في بانة ... والورد فوق البان ما لا يمكن
أدنته لي سنة الكرى فلثمته ... حتّى تبدّل بالشّقيق السّوسن
ووردت كوثر ثغره فحسبتني ... في جنّة من وجنيته أسكن
ما راعني إلّا بلال الخال من ... خدّيه في صبح الجبين يؤذّن
وفيها تاج الدّين الفركاح، فقيه الشام، شيخ الإسلام، أبو محمد عبد
الرحمن بن إبراهيم بن سباع الفزاري الدمشقي الشافعي [2] .
ولد في ربيع الأول سنة أربع وعشرين وستمائة، وسمع من ابن الزّبيدي،
وابن اللّتي، وابن الصّلاح، والسّخاوي، وخلائق.
__________
[1] تصحفت في «ط» إلى «النفزي» وهو محمد بن عبد الجبّار النّفّري، أبو
عبد الله، عالم متصوف. مات سنة (354) وكتاب «المواقف» مطبوع. انظر
«الأعلام» (6/ 184) الطبعة الرابعة.
[2] انظر «العبر» (5/ 367- 368) و «طبقات الشافعية» للإسنوي (2/ 287-
289) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (2/ 222- 226) .
(7/721)
وتفقه على الإمامين ابن الصّلاح، وابن عبد
السّلام.
وبرع في المذهب وهو شابّ، وجلس للإشغال وله بضع وعشرون سنة، وكتب على
الفتاوى وله ثلاثون سنة. وكانت الفتاوى تأتيه من الأقطار.
قال القطب اليونيني: انتفع به جمّ غفير، ومعظم قضاة الشّام وما حولها
وقضاة الأطراف تلامذته. وكان- رحمه الله- عنده من الكرم المفرط وحسن
العشرة، وكثرة الصّبر والاحتمال، وعدم الرغبة في التّكثّر من الدنيا،
والقناعة والإيثار، والمبالغة في اللّطف، ولين الكلمة والأدب، ما لا
مزيد عليه.
وقال الذهبي: فقيه الشام، درّس وناظر وصنّف، وانتهت إليه رئاسة المذهب
في الدّنيا، كما انتهت إلى ولده برهان الدّين. وكان من أذكياء العالم،
وممن بلغ رتبة الاجتهاد. ومحاسنه كثيرة، وهو أجلّ ممن [1] ينبّه عليه
مثلي.
وكان- رحمه الله- يلثغ بالراء، فسبحان من له الكمال. وكان لطيف
اللّحية، قصيرا، حلو الصّورة، مفركح السّاقين: ولهذا قيل له: الفركاح.
وقال ابن قاضي شهبة: كان أكبر من النّووي بسبع سنين، وكان أفقه نفسا،
وأزكى قريحة، وأقوى مناظرة، من الشيخ محيي الدّين [2] ، وأكثر محفوظا
منه. وكان قليل المعلوم كثير البركة، وكان مدرّس البادرائية، ولم يكن
بيده سواها.
وقال الذهبي: جمع تاريخا مفيدا، وصنّف التصانيف، رأيته وسمعت كلامه في
حلقة إقرائه مدّة، وكان بينه وبين النّووي- رحمهما الله- وحشة.
توفي بالبادرائية في خامس جمادى الآخرة ودفن بمقبرة باب الصغير.
__________
[1] ويقال أيضا: «وهو أجلّ من أن ... » .
[2] يعني النووي رحمه الله تعالى.
(7/722)
وفيها الأبهري القاضي، شمس الدّين، عبد
الواسع بن عبد الكافي بن عبد الواسع الشّافعي [1] .
ولد بأبهر- وهي بالباء الموحدة السّاكنة، مدينة نحو يوم من قزوين- سنة
تسع وتسعين وخمسمائة، وسمع من ابن روزبه وابن الزّبيدي، وطائفة.
وأجاز له أبو الفتح المندائي، والمؤيد ابن الإخوة، وخلق. وسمع منه
الحافظ المزّي.
وتوفي في شوال بدمشق بالخانقاه الأسدية.
وفيها الفخر بن البخاري مسند الدّنيا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبد
الواحد بن أحمد بن عبد الرحمن السّعدي المقدسي الصّالحي الحنبلي [2] .
ولد في آخر سنة خمس وتسعين وخمسمائة، وسمع من حنبل، وابن طبرزد،
والكندي، وخلق. وأجاز له أبو المكارم اللبّان، وابن الجوزي، وخلق كثير.
وطال عمره، ورحل الطلبة إليه من البلاد، وألحق الأسباط بالأجداد في علو
الإسناد. قاله في «العبر» .
وقال ابن رجب في «طبقاته» : تفرّد في الدّنيا بالرواية العالية. وتفقه
على الشيخ موفق الدّين، وقرأ عليه «المقنع» وأذن له في إقرائه، وصار
محدّث الإسلام وراويته. روى الحديث فوق ستين سنة، وسمع منه الأئمة
الحفّاظ المتقدّمون، وقد ماتوا قبله بدهر. وخرّج له عمّه [3] الحافظ
ضياء الدّين جزءا من عواليه. وحدّث به كثيرا، سمعناه من أصحابه.
وذكره عمر بن الحاجب في «معجم شيوخه» فقال: تفقه على والده،
__________
[1] انظر «العبر» (5/ 368) و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 316) .
[2] انظر «العبر» (5/ 368- 369) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 325- 329)
.
[3] في «آ» و «ط» : «عمّ» والتّصحيح من «ذيل طبقات الحنابلة» .
(7/723)
وعلى الشيخ موفق الدّين، قال: وهو فاضل،
كريم النّفس، كيّس الأخلاق، حسن الوجه، قاض للحاجة، كثير التّعصب- أي
للحقّ- محمود السّيرة.
سألت عمّه الشيخ ضياء الدّين عنه، فأثنى عليه ووصفه بالفعل الجميل [1]
والمروءة التّامّة.
وقال الفرضي في «معجمه» : كان شيخا، عالما، فقيها، زاهدا، عابدا،
مسندا، مكثرا، وقورا، صبورا على قراءة الحديث، مكرما للطلبة، ملازما
لبيته، مواظبا على العبادة، ألحق الأحفاد بالأجداد، وحدّث نحوا من ستين
سنة، وتفرّد بالرواية عن شيوخ كثيرة.
وقال الذهبي: كان فقيها، عارفا بالمذهب، فصيحا، صادق اللهجة، يردّ على
الطلبة، مع الورع والتّقوى والسّكينة والجلالة، زاهدا، صالحا، خيّرا،
عدلا، مأمونا. وقال [2] : سألت المزّي عنه فقال: أحد المشايخ الأكابر
والأعيان الأماثل، من بيت العلم والحديث، ولا نعلم أحدا حصل له من
الحظوة في الرّواية في هذه الأزمان مثل ما حصل له.
قال شيخنا ابن تيميّة: ينشرح صدري إذا أدخلت ابن البخاري بيني وبين
النّبيّ، صلى الله عليه وسلم، في حديث.
قلت: وقد دخل بيني وبين النّبيّ صلى الله عليه وسلم، في أحاديث لا
تحصى، منها:
الحديث المسلسل بالحنابلة الذي يقال له: «سلسلة الذّهب» [3] ولا يوجد
حديث أصحّ منه، وهو ما حدّثني به أستاذي الشيخ أيوب بن أحمد بن أيوب،
وكان حنبليا، ثم تحنّف، وهو سبط الشيخ موسى الحجاوي الحنبلي،
__________
[1] في «ذيل طبقات الحنابلة» : «بالخلق الجميل» .
[2] القائل الحافظ الذهبي.
[3] وقد جمع أحاديث سند هذه السلسلة الذهبية الإمام الحافظ ابن حجر
العسقلاني في جزء صغير، وقد حققه الدكتور عبد المعطي قلعجي ونشرته دار
المعرفة ببيروت سنة (1406) هـ.
(7/724)
قال: روينا عن الشيخ إبراهيم- يعني ابن
الأحدب- قال: روينا بعموم الإذن إن لم يكن سماعا عن النّجم بن حسن
الماتاني الحنبلي قال: ثنا أبو المحاسن يوسف بن عبد الهادي الحنبلي،
ثنا جدّي أحمد بن عبد الهادي الحنبلي «ح» قال: ابن الماتاني: وأنبأنا
أيضا محمد بن أبي عمر الحنبلي المعروف بابن زريق، ثنا عبد الرحمن بن
الطّحّان الحنبلي بقراءتي عليه، قالا: ثنا الصّلاح محمد بن أحمد بن أبي
عمر الحنبلي، ثنا علي ابن أحمد بن عبد الواحد الحنبلي المعروف بابن
البخاري، ثنا حنبل بن عبد الله البغدادي الحنبلي، ثنا محمد بن الحصين
الحنبلي، ثنا الحسن بن علي بن المذهب الحنبلي، ثنا أحمد بن جعفر
القطيعي الحنبلي، ثنا عبد الله بن الإمام أحمد الحنبلي، ثنا إمام
السّنّة وحافظ الأمّة الصّدّيق الثاني الإمام أحمد بن حنبل الشيباني،
إمام كل حنبليّ في الدّنيا، رضي الله عنه، ثنا محمد بن إدريس الشافعي،
ثنا مالك بن أنس، عن نافع عن ابن عمر، رضي الله تعالى عنهما أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم، قال: «لا يبع بعضكم على بيع بعض» [1] . «ونهى
عن النّجش» [2] و «نهى عن بيع حبل الحبلة» [3] و «نهى عن المزابنة» [4]
. والمزابنة: بيع الرّطب بالتّمر كيلا، وبيع الكرم بالزّبيب كيلا» .
انتهى، والله أعلم، وله الحمد والمنّة.
وقال الذهبي: وهو آخر من كان في الدنيا بينه وبين النّبيّ صلى الله
عليه وسلم، ثمانية رجال ثقات.
__________
[1] رواه البخاري رقم (2032) في البيوع، باب لا يبع على بيع أخيه،
ومسلم رقم (1412) في النكاح: باب تحريم الخطبة على الخطبة، من حديث عبد
الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وانظر «جامع الأصول» (1/ 535)
بتحقيقي.
[2] رواه البخاري ومسلم عن عبدان بن عمر رضي الله عنهما، وانظر «جامع
الأصول» (1/ 506) .
[3] رواه البخاري ومسلم عن عبدان بن عمر رضي الله عنهما، وانظر «جامع
الأصول» (1/ 488) .
[4] رواه البخاري ومسلم عن عبدان بن عمر رضي الله عنهما، وانظر «جامع
الأصول» (1/ 476) .
(7/725)
وقال ابن رجب: حدّث ببلاد كثيرة، بدمشق،
ومصر، وبغداد، والموصل، وتدمر، والرّحبة، والحديثة، وزرع.
وتكاثرت عليه الطلبة من نحو الخمسين وستمائة، وازدحموا عليه بعد
الثمانين، وروى عنه من الحفّاظ ما لا يحصى [1] ، منهم: ابن الحاجب،
والزّكي المنذري، والرّشيد العطّار، والدّمياطي، وابن دقيق العيد،
والحارثي، والشيخ تقي الدّين بن تيميّة. وبقيت طلبته وجماعته إلى نيّف
وسبعين وسبعمائة، وهذه بركة عظيمة.
ومن شعره:
تكررت السّنون عليّ حتّى ... بليت وصرت من سقط المتاع
وقلّ النّفع عندي غير أني ... أعلّل بالرّواية والسّماع
فإن يك خالصا فله جزاء ... وإن يك مانعا فإلى ضياع
وله:
إليك اعتذاري من صلاتي قاعدا ... وعجزي عن سعي إلى الجمعات
وتركي صلاة الفرض في كلّ مسجد ... تجمّع فيه النّاس للصّلوات
فيا ربّ لا تمقت صلاتي ونجّني ... من النّار واصفح لي عن الهفوات
وتوفي- رحمه الله تعالى- ضحى يوم الأربعاء ثاني شهر ربيع الآخر، وصلّي
عليه وقت الظهر بالجامع المظفّري، ودفن عند والده بسفح قاسيون، وكانت
له جنازة مشهودة، شهدها القضاة والأمراء والأعيان، وخلق كثير.
وفيها ابن الزّملكاني الإمام المفتي علاء الدّين أبو الحسن [2]
__________
[1] في «ط» : «من لا يحصى» .
[2] قوله: «أبو الحسن» سقط من «ط» .
(7/726)
علي بن العلّامة البارع كمال الدّين عبد
الواحد بن عبد الكريم الأنصاري السّماكي الدمشقي الشّافعي [1] مدرّس
الأمينية.
توفي في ربيع الآخر، وقد نيّف على الخمسين.
سمع من خطيب مراد، والرّشيد العطّار، ولم يحدّث. قاله في «العبر» .
وفيها الفخر الكرخي [2] أبو حفص عمر بن يحيى بن عمر الشّافعي [3] ولد
سنة تسع وتسعين وخمسمائة بالكرخ [4] . وتفقه بدمشق على ابن الصّلاح
وخدمه مدّة. وسمع من البهاء عبد الرحمن، وابن الزّبيدي وطائفة، وليس
ممن يعتمد عليه في الرّواية. توفي هو والفخر ابن البخاري في يوم واحد.
وفيها أبو محمد غازي الحلاوي بن أبي الفضل بن عبد الوهاب الدّمشقي [5]
. سمع من حنبل، وابن طبرزد، وعمّر دهرا، وانتهى إليه علو الإسناد بمصر،
وعاش خمسا وتسعين سنة. وتوفي في رابع صفر بالقاهرة.
وفيها الشّهاب بن مزهر الشيخ [6] أبو عبد الله محمد بن عبد الخالق بن
مزهر الأنصاري الدمشقي المقرئ [7] .
__________
[1] انظر «العبر» (5/ 369) و «طبقات الشافعية» للإسنوي (2/ 13) .
[2] تصحفت في «آ» و «ط» إلى «الكرجي» والتصحيح من مصادر الترجمة.
[3] انظر «العبر» (5/ 369) و «البداية والنهاية» (13/ 326) و «النجوم
الزاهرة» (8/ 33) .
[4] تصحفت في «آ» و «ط» إلى «الكرج» .
[5] انظر «العبر» (5/ 369) و «النجوم الزاهرة» (8/ 32) .
[6] لفظة «الشيخ» لم ترد في «ط» .
[7] انظر «العبر» (5/ 370) و «معرفة القراء الكبار» (2/ 706) .
(7/727)
قرأ القراءات على السّخاوي وأقرأها، وكان
فقيها، عالما، وقف كتبه بالأشرفية.
وفيها شمس الدّين أبو عبد الله محمد بن عبد المؤمن بن أبي الفتح
الصّوري الصّالحي [1] .
ولد سنة إحدى وستمائة، وسمع من الكندي، وابن الحرستاني [2] وطائفة،
وببغداد من أبي علي بن الجواليقي وجماعة. وأجاز له ابن طبرزد وجماعة.
وكان آخر من سمع من الكندي موتا.
توفي في منتصف ذي الحجّة.
وفيها ابن المجاور نجم الدّين أبو الفتح يوسف ابن الصّاحب يعقوب بن
محمد بن علي الشّيباني الدمشقي الكاتب [3] .
ولد سنة إحدى وستمائة، وسمع من الكندي، وعبد الجليل بن مندويه وجماعة،
وتفرّد برواية «تاريخ بغداد» عن الكندي.
وتوفي في الثامن والعشرين من ذي القعدة.
وكان ديّنا، ومصلّيا، إلّا أنه يخدم في المكس. قاله في «العبر» .
__________
[1] انظر «العبر» (5/ 370) و «النجوم الزاهرة» (8/ 33) .
[2] تحرفت في «ط» إلى «ابن الخرستان» .
[3] انظر «العبر» (5/ 370) و «النجوم الزاهرة» (8/ 33) .
(7/728)
|